You are on page 1of 104

‫‪ ‬ملخص مادة أصول الفقه (املقرر كامال)‬

‫‪ ‬إعداد الطالبة‪ :‬مريم اسعيدي‬ ‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬


‫‪ ‬املراجع‪:‬‬
‫ا الدي‬ ‫على شييرا الالل‬ ‫‪ -‬حا شييية العالمة البنا‬
‫حممد ب أمحد احملل على منت مجع الوامع‪.‬‬
‫‪ -‬الشرا الديد على مجع الوامع‪ ،‬تأليف العالمة الدبان‬
‫التكرييت البغدادي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د صالا ساير فرحان العبيدي‬

‫﴿مسالك العلة﴾‬

‫‪ :‬النص ال صيري ‪ ،‬مثل‪ :‬العلة كذا‪ ،‬فل سيب ‪ ،‬فم‬ ‫العلة) األول‪ :‬اإلمجاع‪ .‬الثا‬ ‫(م سيال‬
‫‪ )1‬املسلك األول‪ :‬اإلمجاع‪.‬‬ ‫أ جيل‪ ،‬فنحو‪ :‬ك وإذن‪ ،‬وال ظيارر‪ :‬كيالال اياررة فم قيدرة‪ ،‬حنو‪ :‬أن كيان كيذا‪ .‬فيال بيا ‪،‬‬
‫‪ )2‬املسلك الثاين‪ :‬النص‪.‬‬ ‫فالفا يف كال الشارع‪ ،‬فالراوي الفقيه‪ ،‬فغريه‪ ،‬ومنه‪ :‬إن وإذ وما مضى يف احلروف‪.‬‬

‫❖ مسالك العلة‪:‬‬
‫ك‪ ،‬ومسلك على وزن َمفعل ‪-‬مصدر ميمي ظرف مكان‪ ،-‬لكون‬
‫ك يَ ْسلُ ُ‬
‫‪( -‬املسالك)‪ :‬مجع مسلَك من َسلَ َ‬
‫مضارعه على وزن يفعُ ُل‪ .‬واملسلك‪ :‬الطريق‪.‬‬
‫‪( -‬العلة)‪:‬‬
‫‪ )1‬يف اللغة‪:‬‬
‫قال القرايف‪" :‬العلة ابعتبار اللغة مأخوذة من ثالثة أشياء‪:‬‬
‫• العرض املؤثر‪ :‬كعلة املرض‪ ،‬وهو الذي يؤثر فيه عادة‪.‬‬
‫• والداعي لألمر‪ :‬من قوهلم (علة إكرام زيد لعمرو علمه وإحسانه)‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬من الدوام والتكرار‪ :‬ومنه العلل للشرب بعد الري‪ .‬يقال‪ :‬شرب علال بعد هنل"‪[ .‬نفائس األصول‪،‬‬
‫‪.]3217/7‬‬
‫‪ )2‬يف االصطالح‪ :‬اختلف العلماء يف تعريف العلة على أقوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أهنا الوصف املؤثر يف احلكم ال بذاته‪ ،‬بل جبعل الشارع‪[ .‬وهو قول الغزايل]‬ ‫أ‪-‬‬
‫أهنا املؤثر يف احلكم بذاهتا ال جبعل هللا‪[ .‬وهو قول املعتزلة] (وهذا على بناء قاعدهتم يف التحسني‬ ‫ب‪-‬‬
‫والتقبيح العقلي)‬

‫‪1‬‬
‫أهنا الوصف الباعث على احلكم‪ ،‬أي مشتملة على حكمة صاحلة تكون مقصودة للشارع يف شرع‬ ‫ت‪-‬‬
‫احلكم‪[ .‬وهو قول اآلمدي]‪( .‬وهذا بناء على تعليل أفعال الرب ابألغراض)‬
‫أهنا الوصف املعرف للحكم بوضع الشارع‪[ .‬وهو اختيار الرازي والبيضاوي‪ ،‬وهو أظهر األقوال]‬ ‫ث‪-‬‬
‫‪ -‬للعلة أمساء خمتلفة‪ ،‬فهي تسمى‪ :‬السبب‪ ،‬واألمارة‪ ،‬والداعي‪ ،‬واملستدعي‪ ،‬والباعث‪ ،‬واحلامل‪ ،‬واملناط‪ ،‬والدليل‪،‬‬
‫واملقتضي‪ ،‬واملوجب‪ ،‬واملؤثر‪.‬‬
‫‪( -‬مسالك العلة)‪ :‬الطرق الدالة على علية الوصف‪ .‬وهي عند املصنف عشرة مسالك‪ :‬النص‪ /‬اإلمجاع‪ /‬اإلمياء‪/‬‬
‫السرب والتقسيم‪ /‬املناسبة‪ /‬الشبه‪ /‬الدوران‪ /‬الطرد‪ /‬تنقيح املناط‪ /‬إلغاء الفارق‪.‬‬

‫❖ ملاذا قدم املصنف ‪-‬رمحه هللا‪ -‬اإلمجاع على النص؟‬


‫قدم املصنف اإلمجاع على النص الصريح تبعا البن احلاجب‪ ،‬وتقدمي النص أوىل‪.‬‬
‫فمن قدم اإلمجاع على النص علل بكون اإلمجاع فيه النص وزايدة‪ ،‬ومنهم من علل أبن اإلمجاع مقدم على النص‬
‫عند التعارض على األصح‪.‬‬
‫ومن قدم النص على اإلمجاع علل بكون النص أوىل‪.‬‬

‫❖ املسلك األول‪ :‬اإلمجاع‪.‬‬


‫✓ أول الطرق الدالة على علية احلكم هو‪ :‬اإلمجاع‪.‬‬
‫‪ -‬وعرفه العلماء أبنه‪:‬‬
‫[إمجاع األمة يف عصر من األعصار على كون الوصف اجلامع علة حلكم األصل إما قطعا أو ظنا]‪،‬‬
‫كإمجاعهم على كون الصغر علة على ثبوت الوالية على الصغري يف قياس والية النكاح على والية املال‪( .‬وهو‬
‫قول اجلمهور من السادة املالكية والشافعية واحلنفية واحلنابلة)‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫ش ُّوش ِ‬
‫الفكر‪ ،‬فقاسوا عليه كل ما يشوش الفكر‬ ‫‪ -‬اإلمجاع على أن علة النهي عن حكم احلاكم وهو غضبان هي تَ َ ُ‬
‫كاجلوع والعطش واألمل وغريها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫❖ املسلك الثاين‪ :‬النص‪:‬‬
‫‪ -‬وهو على قسمني‪ :‬النص الصريح ‪ /‬النص الظاهر‪.‬‬

‫✓ النص الصريح‪ :‬هو النص الذي ال حيتمل غري العلية‪ ،‬فهو قطعي يف الداللة على العلية‪.‬‬
‫وعرفوه أبنه‪ :‬هو ما دل بوضعه على العلية من غري احتياج إىل نظر واستدالل‪.‬‬
‫أي‪ :‬داللة الكتاب والسنة على أن الوصف علةٌ‪.‬‬

‫✓ أمثلته على الرتتيب‪:‬‬


‫العلةُ كذا‪ /‬لعلة كذا‪ :‬وهو عزيز الوجود يف الكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فلم يذكر فيه اللفظ هكذا‪ ،‬وأما‬ ‫أ‪-‬‬
‫السنة فاهلل أعلم‪.‬‬
‫لسبب كذا‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ِ ِ‬
‫ك َكتَ ْب نَا َعلَى بَِن إ ْس َرائ َ‬
‫يل﴾‪[ .‬املائدة ‪]32‬‬ ‫من أجل كذا‪ :‬مثل قوله تعاىل‪ِ ﴿ :‬م ْن أَ ْج ِل ذَلِ َ‬ ‫ت‪-‬‬
‫ني ْاألَ ْغنِيَ ِاء ِم ْن ُك ْم﴾ [احلشر ‪]7‬‬
‫َك ْي‪ :‬مثل قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ك ْي َال يَ ُكو َن ُدولَة بََْ‬ ‫ث‪-‬‬
‫ات﴾ [اإلسراء ‪]75‬‬ ‫ف الْمم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اك ِ‬ ‫إذا‪ :‬مثل قوله تعاىل‪﴿ :‬إِذا َألَذَقْ نَ َ‬
‫ف ا ْحلَيَاة َوض ْع َ َ َ‬ ‫ض ْع َ‬ ‫ج‪-‬‬

‫• ف (كي) و(إذن) من احلروف اليت ال تفيد غري العلية‪ .‬أما غريها من احلروف اليت حتتمل معىن العلية وغري العلية‪،‬‬
‫فتدخل يف النص الظاهر كما سيأيت‪.‬‬

‫• ويف عطف املصنف ابلفاء فيما تقدم وفيما أييت إشارة إىل أن كل واحد أنزل داللة مما قبله‪.‬‬

‫وغري العلية احتماال مرجوحا‪.‬‬


‫✓ النص الظاهر‪ :‬وهو الذي حيتمل الداللة على العلية احتماال راجحا‪َ ،‬‬
‫وهو يف احلروف اليت حتتمل معان كثرية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫✓ أمثلته على الرتتيب‪:‬‬
‫ات إِ َىل النُّوِر﴾ [إبراهيم ‪.]1‬‬ ‫ك لِتُ ْخ ِرج الناس ِمن الظُّلُم ِ‬ ‫اب أَنْ َزلْنَاهُ إِلَْي َ‬ ‫ِ‬
‫الالم الظاهرة‪ :‬مثل‪﴿ :‬كتَ ٌ‬ ‫أ‪-‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫الالم املقدرة‪ :‬مثل قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَال تُط ْع ُكل َحالف َم ِهني﴾ إىل قوله‪﴿ :‬أَ ْن َكا َن ذَا َمال َوبَنِ َ‬
‫ني﴾‬ ‫ب‪-‬‬
‫[القلم‪ ]14-10 :‬أي‪ :‬ألن كان‪.‬‬
‫ت َهلُ ْم﴾ [النساء‪،]160:‬‬ ‫ادوا َحرْمنَا َعلَْي ِه ْم طَيِبَات أُ ِحل ْ‬
‫ين َه ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الباء‪ :‬مثل قوله تعاىل‪﴿ :‬فَبظُْلم م َن الذ َ‬ ‫ت‪-‬‬
‫أي‪ :‬منعناهم عنها لظلمهم‪.‬‬
‫الفاء‪ :‬بشرط أن ترد يف كالم الشارع‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫وتكون يف‪:‬‬
‫• احلكم‪ :‬مثل قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬والسا ِر ُق َوالسا ِرقَةُ فَاقْطَ ُعوا أَيْ ِديَ ُه َما﴾ [املائدة ‪.]38‬‬
‫• الوصف‪ :‬مثل حديث الصحيحني يف احملرم الذي وقصته انقته‪" :‬ال متسوه طيبا وال ختمروا‬
‫رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا"‪.‬‬
‫الفاء يف كالم الراوي الفقيه‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫• وال تدخل إال على احلكم‪:‬‬
‫مثل قول عمران بن حصني‪" :‬سها رسول هللا ﷺ فسجد"‪[ .‬رواه أبو داود وغريه]‪.‬‬
‫‪- o‬وقال سعد الدين التفتازاين يف حاشيته على شرح العضد على املختصر (‪ :)234/2‬إهنا‬
‫تكون يف الوصف فقط‪ ،‬أي دون احلكم‪ ،‬ألن الراوي حيكي ما كان يف الوجود‪– .‬‬
‫إِن‪ :‬املكسورة اهلمزة املشددة النون‪ ،‬كقوله تعاىل على لسان نوح عليه السالم‪َ ﴿ :‬ر ِ‬
‫ب َال تَ َذ ْر َعلَى‬ ‫ح‪-‬‬
‫اد َك وَال يلِ ُدوا إِال فَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْاألَر ِ ِ‬
‫اجرا َكفارا﴾ [نوح ‪-26‬‬ ‫ك إِ ْن تَ َذ ْرُه ْم يُضلُّوا عبَ َ َ َ‬
‫ين َدايراَ إِن َ‬
‫ض م َن الْ َكاف ِر َ‬ ‫ْ‬
‫‪ ،]27‬أي‪ :‬ألنك‪.‬‬
‫إِ ْذ‪ :‬مثل‪ :‬ضر ُ‬
‫بت العب َد إذ أساء‪ ،‬أي‪ :‬إلساءته‪.‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫(قوله‪ :‬وما مضى من احلروف) أي ومن قبيل الظاهر كذلك ما مضى من احلروف الواردة للتعليل‬ ‫د‪-‬‬
‫أحياان‪ ،‬مما مل يذكره هنا‪ ،‬ك [حىت‪ /‬على‪ /‬بَ ْي َد‪ /‬يف‪ /‬من‪ ]..‬على ما تقدم يف مبحث احلروف‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الثالث‪ :‬اإلميا ‪ ،‬ورو اقرتان الوصف امللفوا‪ ،‬قيل‪ :‬أو املستنبط‪ ،‬حبكم‪ ،‬ولو مستنبطا لو مل يك‬
‫‪ )1‬املسلك الثالث‪ :‬اإلمياء‪.‬‬ ‫للتعليل رو أو ظريه كان بعيدا‪ ،‬كحكمه بعد مساع و صيف‪ ،‬وكذكره يف احلكم و صيفا لو مل يك‬
‫علية مل ي فيد‪ ،‬وكتفري قيه بني حكمني ب صي فية مع ذكرر ميا‪ ،‬أو ذكر أحيدر ميا‪ ،‬أو ب شيير ‪ ،‬أو غيايية‪ ،‬أو‬
‫احلكم على الو صييف‪ ،‬وكمن عيه ايا قيد يفول املطلوب‪ .‬وال‬ ‫ا سييتثنيا ‪ ،‬أو ا سيتيدرا ‪ ،‬وكرتت ي‬
‫يشرت مناسبة املومى إليه عند األكثر‪.‬‬

‫❖ املسلك الثالث‪ :‬اإلمياء‬


‫✓ اإلمياء‪ :‬اقرتان الوصف حبكم‪ ،‬لو مل يكن هو أو نظريه للتعليل‪ ،‬لكان بعيدا‪.‬‬
‫✓ من العلماء من أدرج اإلمياء يف النص ‪-‬النص غري الصريح‪ -‬يشري إليه وال يقول إنه علة‪ ،‬لكن املصنف مل جيعل‬
‫اإلمياء من قبيل النص ألنه جعله قسما اثلثا‪.‬‬
‫✓ وابن احلاجب يف خمتصره قال‪ :‬التنبيه واإلمياء ‪-‬جعل التنبيه إمياء‪.‬‬
‫✓ الوصف قد يكون ملفوظا ‪-‬مذكورا‪ ،‬ومستنبطا‪ .‬واحلكم كذلك قد يكون ملفوظا وقد يكون مستنبطا‪.‬‬
‫✓ الراجح عند ابن السبكي أن الوصف يكون ملفوظا‪ ،‬مث أتى بصيغة التضعيف (قيل‪ :‬أو املستنبط)‬
‫مثل‪ :‬العلة يف األطعمة الربوية ‪-‬مينع فيها التفاضل‪ ،-‬مل يذكر الشارع وصفا يعترب علة‪ ،‬وإمنا استنبطه العلماء‪ ،‬فمنهم‬
‫من اعتربه الطعمية‪ ،‬ومنهم من اعتربه الكيل والوزن‪ ،‬ومنهم من اعتربه االقتيات واالدخار‪.‬‬

‫✓ املفهوم من كالم املصنف أن احلكم والوصف يكوانن‪:‬‬


‫منصوصني ‪-‬ملفوظني‪ :-‬وهذا من قبيل اإلمياء اتفاقا‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫مستنبطني‪ :‬فلم يقل أحد إنه من اإلمياء‪ ،‬فهو متفق على رده‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫الوصف مذكورا واحلكم مقدرا‪ :‬خمتلف فيه‪ ،‬والراجح أنه من قبيل اإلمياء‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫احلكم مذكورا والوصف مقدرا‪ :‬اختلفوا يف رجحانه يف اإلمياء‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫‪ -‬واقرتان الوصف ابحلكم يكون لتعليل احلكم‪ ،‬واقرتان نظري الوصف يكون تعليال لنظري احلكم‪ .‬حيث يشار‬
‫ابلوصف واحلكم إىل نظريمها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫• مثال النظري‪:‬‬
‫حديث الصحيحني‪" :‬إن امرأة قالت‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم‬
‫عنها؟ فقال‪ :‬أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فصومي عن أمك"‪.‬‬
‫ظريه‪ ،‬وهو َدين اآلدمي‪ .‬فنبه بذلك على التعليل به‪.‬‬
‫سألته عن دين هللا‪ ،‬ف َذ َك َر نَ َ‬

‫❖ أقسام اإلمياء‪:‬‬
‫قسم املصنف اإلمياء إىل مخسة أقسام‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ُ :‬حكم الشارع بعد مساعه وصفا‪.‬‬
‫‪ ‬اثنيا‪ :‬أن يَذكر الشارع وصفا يف احلكم لو مل يكن علة مل يُِف ْد‪.‬‬
‫‪ ‬اثلثا‪ :‬التفريق بني حكمني أبمور‪ ،‬مع ذكر احلكمني أو أحدمها‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬ترتيب احلكم على الوصف‪.‬‬
‫‪ ‬خامسا‪ :‬م ْنع الشارع ِ‬
‫الف ْع َل املَُف ِو َ‬
‫ت للمطلوب‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬حكم الشارع بعد مساعه وصفا‪:‬‬


‫"واقعت أهلي يف هنار رمضان‪ ،‬فقال‪ :‬أعتق رقبة"‪[ .‬رواه ابن ماجه واصله يف الصحيحني]‬
‫ُ‬ ‫كما يف حديث األعرايب‪:‬‬
‫✓ فأ ََمره ابإلعتاق عند ذكر الوقاع يدل على أنه علة له‪ ،‬وإال خلال السؤال عن اجلواب‪ ،‬وذلك بعيد‪ ،‬فيقدر السؤال يف‬
‫وقعت فأعتِ ْق‪.‬‬
‫َ‬ ‫اجلواب‪ ،‬فكأنه قال‪:‬‬

‫‪ ‬اثنيا‪ :‬أن يَذكر الشارع وصفا يف احلكم لو مل يكن علة مل يُِف ْد‪.‬‬

‫مثل قول رسول هللا ﷺ‪" :‬ال حيكم أحد بني اثنني وهو غضبان"‪[ .‬رواه الشيخان]‬

‫✓ فتقييده املنع من احلكم حبالة الغضب املشوش للفكر يدل على أنه علة له‪ ،‬وإال خلال ذكره عن الفائدة وذلك بعيد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬اثلثا‪ :‬التفريق بني حكمني أبمور‪ ،‬مع ذكر احلكمني أو أحدمها‪.‬‬

‫مع ذكر أحدمها‬ ‫مع ذكر احلكمني‬


‫حديث الرتمذي‪" :‬القاتل ال يرث"‪ .‬أي خبالف غريه املعلوم‬ ‫ما ورد يف حديث الصحيحني‪" :‬أنه ﷺ جعل‬
‫أنه يرث‪ ،‬فالتفريق بني عدم اإلرث املذكور وبني اإلرث‬ ‫للفرس سهمني‪ ،‬وللرجل سهما"‪ .‬فتفريقه بني‬
‫املعلوم بصفة القتل املذكور مع عدم اإلرث‪ ،‬لو مل يكن‬ ‫احلكمني بصفة (أي‪ :‬جبنس صفة‪ ،‬ألن املذكور‬
‫أ‪ .‬ابلصفة‪:‬‬
‫لعليته لكان بعيدا‪.‬‬ ‫هنا صفتان مها الفروسية والرجولية) يدل على‬
‫(ذكر وصفا واحدا وحكما واحدا ليبني التفريق بني الذي‬ ‫العلية‪ ،‬ولو مل يكن داال على ذلك لكان بعيدا‬
‫يرث‪ ،‬الذي ال يرث)‬ ‫عن فصاحة الشارع‪.‬‬
‫ْرب‪َ ،‬والش ِعريُ ِابلش ِع ِري‪َ ،‬والت ْم ُر ِابلت ْم ِر‪،‬‬ ‫ب‪َ ،‬وال ِْفضةُ ِابل ِْفض ِة‪َ ،‬وال ُُّ‬
‫ْرب ِابل ُِ‬ ‫ب ِابلذ َه ِ‬ ‫ما ورد يف صحيح مسلم‪« :‬الذ َه ُ‬
‫ف ِشئْ تُ ْم‪ ،‬إِذَا َكا َن يَدا‬ ‫اف‪ ،‬فَبِيعُوا َك ْي َ‬
‫َصنَ ُ‬ ‫ْح‪ِ ،‬مثْال ِِبِثْل‪ ،‬سواء بِسواء‪ ،‬يدا بِيد‪ ،‬فَِإذَا ا ْخت لَ َف ْ ِ ِ‬ ‫ْح ِابل ِْمل ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َهذه ْاأل ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََ َ َ‬ ‫َوالْمل ُ‬ ‫ب‪ .‬الشرط‪:‬‬
‫بِيَد» فالتفريق ابلشرط ‪-‬وهو قوله‪( :‬فإذا اختلفت)‪ -‬بني منع بيع هذه األشياء متفاضلة‪ ،‬وبني جوازه عند‬
‫اختالفها‪ ،‬دل على العلية‪.‬‬
‫ث أ ََم َرُك ُم اّللُ"‪ .‬فالطهارة هي العلة‪ ،‬واحلكم‬ ‫وهن ِم ْن َح ْي ُ‬ ‫وهن َحىت يَط ُْه ْر َن فَِإذَا تَطَه ْر َن فَأْتُ ُ‬
‫قوله تعاىل‪َ " :‬وَال تَ ْق َربُ ُ‬
‫جواز قرب الزوجة‪ ،‬وهو مستنبط‪.‬‬
‫ت‪ .‬الغاية‪:‬‬
‫وقالوا‪ :‬احليض ليس علة وإمنا ذُكر أن الولد يف فرتة احليض فيه اضرار‪ ،‬وإمنا العلة هي الطهارة أو عدم الطهارة‪.‬‬
‫(فالطهارة وصف ُم َف ِر ٌق بني حكمني)‪.‬‬
‫ضتُ ْم إِال أَ ْن يَ ْع ُفو َن"‪ .‬الوصف‪ :‬هو العفو‪ ،‬واحلكم حمذوف وهو‪ :‬انتفاء النصف‪.‬‬
‫ف َما فَ َر ْ‬ ‫قوله تعاىل‪ " :‬فَنِ ْ‬
‫ص ُ‬
‫فالتفريق ابالستثناء وهو قوله‪( :‬إال ان يعفون) بني ثبوت النصف للمطلقات ‪-‬قبل الدخول‪ ،-‬وبني انتفائه‪ ،‬دل‬ ‫ث‪ .‬االستثناء‪:‬‬
‫على العلية‪.‬‬
‫َكن ي َؤ ِ‬
‫اخ ُذ ُك ْم ِِبَا َعق ْد ُُتُ ْاأل َْميَا َن"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعاىل‪َ " :‬ال يُ َؤاخ ُذ ُك ُم اّللُ ِابللغْ ِو ِيف أ َْميَان ُك ْم َول ْ ُ‬
‫(عقدُت) هي العلة يف احلكم الذي هو (املؤاخذة)‪ .‬فالتفريق بني املؤاخذة وعدمها ابالستدراك‪ ،‬وهو قوله‪:‬‬ ‫ج‪ .‬االستدراك‪:‬‬
‫[ولكن يؤاخذكم] دل على العلية‪.‬‬

‫‪ ‬رابعا‪ :‬ترتيب احلكم على الوصف‪:‬‬


‫✓ وضابطه أن تكون هناك عالقة تالزمية بني احلكم والوصف‪( ،‬كمبتدأ وخرب‪ ،‬وشرط وجواب‪ )..‬دون تفرقة حبرف علة‬
‫ك (الفاء)‪.‬‬
‫مثاله‪[ :‬أَك ِرِم العلماءَ]‪ .‬العلة‪ :‬العلم‪ /‬احلكم‪ :‬اإلكرام‪.‬‬
‫✓ فرتتيب اإلكرام على العلم‪ ،‬لو مل يكن لعلية العلم لكان بعيدا‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫املفوت للمطلوب‪:‬‬
‫َ‬ ‫الفعل‬
‫‪ ‬خامسا‪ :‬منع الشارع َ‬
‫ِبعىن‪ :‬إذا منعه الشارع يعترب ذلك علة‪.‬‬
‫✓ مثل قوله تعاىل‪ " :‬فَاسعوا إِ َىل ِذ ْك ِر ِ‬
‫اّلل َوذَ ُروا الْبَ ْي َع"‪.‬‬ ‫ْ َْ‬
‫فالبيع فِ ْع ٌل ُم َف ِو ٌ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فمنع البيع ألنه علةٌ يف التفويت للسعي إىل ذكر هللا‪.‬‬
‫فاملنع من البيع وقت نداء اجلمعة الذي قد يفوهتا‪ ،‬لو مل يكن ملظنة تفويتها لكان بعيدا‪.‬‬

‫❖ هل يشرتط أن تكون هناك مناسبة بني احلكم والوصف؟‬

‫• يف الظاهر‪- :‬ندركها أو ال ندركها‪ -‬فليس شرطا وجود مناسبة بينهما‪.‬‬


‫• يف نفس احلكم‪ :‬ال بد أن يكون للحكم حكمة يقتضيها الشرع‪.‬‬
‫✓ وعند ابن احلاجب‪ :‬ال يشرتط وجود مناسبة إال إذا كانت العلة ابعثة‪ ،‬وأما إذا كانت معرفة فال يشرتط‪.‬‬
‫‪ -‬فال يشرتط يف اإلمياء أن يكون الوصف املوما إليه مناسبا للحكم عند أكثر العلماء‪ .‬وهذا مبن على أن العلة هي‬
‫ِ‬
‫املعرف ال الباعث‪[ .‬وهو قول اجلمهور]‬
‫‪ -‬وقيل‪ :‬يشرتط ذلك بناء على أهنا الباعث‪[ .‬ذكره ابن احلاجب يف خمتصره]‬

‫‪8‬‬
‫الرابع‪ :‬السي والتقسييم‪ ،‬ورو حصير األوصياف يف األصل وإبطال ما ال يصل ‪ ،‬فيتعني الباق ‪ ،‬ويكف قول‬
‫املسلك الرابع‪ :‬السرب والتقسيم‪.‬‬ ‫فلم أجيد‪ ،‬واأل صييل عيد ميا سييواريا‪ ،‬واجملتهيد يرجع إىل انيه‪ ،‬يفإن كيان احل صيير‬ ‫امل سيتيدل‪ :‬حبيث‬
‫واإلب طيال قطع ييا فقطع ‪ ،‬وإال فظين‪ ،‬ورو ح جية لل نياار وامل نياار ع نيد األكثر‪ ،‬و ثيالث هيا‪ :‬إن أمجع على‬
‫احلكم وعليه إما احلرمني‪ ،‬ورابعها‪ :‬للناار دون املناار‪ ،‬فإن أبدى املعرتض و صييفا ئاادا‬ ‫تعليل ذل‬
‫‪ .1‬تعريف السرب والتقسيم‪.‬‬
‫مل يكلف بيان صيالحيته للتعليل‪ ،‬وال ينقطع امل سيتدل حتى يعج ع إبطاله وقد يتفقان على إبطال ما‬
‫‪ .2‬حجية السرب والتقسيم‪.‬‬
‫عدا و صييفني فيكف امل سييتدل الرتديد بينهما‪ ،‬وم طرق اإلبطال بيان أن الو صييف طرد ولو يف ذل‬
‫‪ .3‬طرق اإلبطال‪.‬‬ ‫قول‬ ‫احلكم كيا ليذكورة واأل و ثية يف العتق‪ ،‬ومن هيا أن ال تظهر م نيا سي بية ا حمليذوف للحكم‪ ،‬ويكف‬
‫فليا للم سيتدل‬ ‫فلم أجد مورم منا سيبة‪ ،‬فإن ادعى املعرتض أن امل سيتبقى كذل‬ ‫امل سيتدل‪ :‬حبث‬
‫بيان مناسبته‪ ،‬أل ه ا تقال ولك يرج س ه مبوافقة التعدية‪.‬‬

‫❖ املسلك الرابع‪ :‬السرب والتقسيم‪.‬‬


‫‪ )1‬تعريف السرب والتقسيم‪:‬‬
‫يف اللغة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪ ‬السرب‪ :‬االختبار‪.‬‬
‫‪ ‬التقسيم‪ :‬قسم الشيء وجزأه وحصره وشيأَهُ‪.‬‬
‫ب‪ -‬يف اصطالح األصوليني‪:‬‬
‫هو‪[ :‬حصر األوصاف املوجودة يف األصل‪ ،‬وإبطال ما ال يصلح للعلية منها]‪.‬‬
‫الرب يف الربوية‪ :‬إن األوصاف ميكن أن تكون يف ابدئ‬‫‪ o‬مثاله‪ :‬أن يقال للقياس على ُ‬
‫فيتعني للعلية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الرأي‪ :‬الطُّعم والقوت والكيل‪ ،‬مث يبطل ما عدا الطعم مثال‪،‬‬
‫• السرب والتقسيم امسان لشيء واحد يف اصطالح األصوليني ملسلك من مسالك العلة‪ .‬وقال احملقق التفتازاين يف‬
‫حاشيته على شرح املختصر‪( :‬وعند التحقيق احلصر راجع إىل التقسيم‪ ،‬والسرب راجع إىل اإلبطال)‪.‬‬
‫‪ o‬السرب‪ :‬اإلبطال‪.‬‬
‫‪ o‬التقسيم‪ :‬احلصر‪ .‬وهو عملية عقلية‪( ،‬كأن تقول‪ :‬األحكام العقلية واجبة أو جائزة‬
‫أو مستحيلة‪ ،‬فال ميكن أن تزيد على هذه‪ / .‬وكقولك‪ :‬العامل حادث أو قدمي‪)..‬‬
‫لكن‪ ،‬من انحية شرعية قد يكون‪ ،‬لكن يصعب‪ ،‬فإن كان فال بد من أن يكون‬
‫هناك إمجاع على أن االوصاف هي كذا وكذا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫• يف تعليل تقدمي السرب على التقسيم يف العبارة‪:‬‬
‫قيل‪ :‬لكون السرب أهم‪ ،‬والتقسيم هو مقدمة‪ ،‬أ ِ‬
‫ُخ َر‪ ،‬ألن العرب يقدمون األهم يف الكالم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬السرب يقع مرتني‪ ،‬يف املرحلة األوىل (التفتيش عن األوصاف)‪ ،‬مث أييت التقسيم‪ ،‬مث السرب (اختيار وتفحص ما‬
‫يصلح للعلية وما ال يصلح)‪.‬‬

‫• الناظر واملناظر‪:‬‬
‫الباحث عن العلة قد يكون انظرا (جمتهد لنفسه)‪ ،‬وقد يكون مناظرا (يريد إثبات علية هذا الوصف للمخالف)‪ ،‬ويف‬
‫هذه احلالة الثانية‪ ،‬ال بد من مستدل (الذي يقوم بعملية السرب)‪ ،‬ومعرتض (حياول الطعن يف االجتهاد يف السرب‬
‫والتقسيم)‪.‬‬
‫‪ ‬قوله‪( :‬ويكفي قول املستدل حبثت فلم أجد‪ ،‬واألصل عدم ما سواها)‬
‫يكفي يف املناظرة أن يقول املستدل‪:‬‬
‫(كأن يقول له املعرتض‪ :‬كيف توصلت إىل أن األوصاف ثالثة ال غري‪ ،‬ملاذا ال تكون‬ ‫حبثت فلم أجد غري هذه األوصاف‪،‬‬ ‫‪o‬‬
‫أكثر؟ فيقول املستدل‪ :‬حبثت فلم أجد‪- .‬دون أن يعلل‪.)-‬‬

‫‪ o‬أو أن األصل عدم ما سواها ‪-‬عدم ما سوى هذه األوصاف‪ ،-‬أي أن األصل أال تكون هناك‬
‫أوصاف‪.‬‬
‫(عدل)‪ ،‬وأنه (من أهل النظَ ِر)‪ .‬ويُفهم من ذلك أن العدالة‬
‫وإمنا يكون قوله ذاك كافيا‪ ،‬ألن املفروض أنه ٌ‬ ‫✓‬

‫واألهلية ال بد منها لقبول قوله‪.‬‬

‫‪ ‬قوله‪( :‬واجملتهد يرجع إىل ظنه)‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجملتهد الناظر لنفسه (اجملتهد لنفسه)‪ ،‬يَ ْرج ُع يف حصر األوصاف إىل ظنه‪ ،‬فيَأْ ُخ ُذ به‪ ،‬وال يُكاب ُر َ‬
‫نفسه‪[ .‬وهو‬
‫قول اجلمهور]‪.‬‬
‫فيلتزم بظنه‪ ،‬فما وصل إليه من األوصاف أهنا علل يلتزم هبا‪ .‬وال جيوز للمجتهد لنفسه أن يرجع إىل قول‬
‫غريه بعدما تبني له قول آخر‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ )2‬حجية السرب والتقسيم‪:‬‬
‫‪ ‬قوله‪( :‬فإن كان احلصر واإلبطال قطعيا فقطعي)‪:‬‬
‫قطعي‪ ،‬وهو حجة أمجع العلماء على جواز التعليل‬
‫إن كان كلٌّ من احلصر واإلبطال قطعيا‪ ،‬فهذا املسلك ٌّ‬
‫به‪.‬‬
‫(وقطعية احلصر واإلبطال‪ ،‬أبن كانت األوصاف حمصورة عقال‪ ،‬وكان اإلبطال عقليا‪ ،‬فما يتوصل إليه فهو قطعي)‪.‬‬

‫‪ ‬قوله‪( :‬وإال فظن)‪:‬‬


‫فإن مل يكن كما تقدم‪ ،‬فهو ظن‪ ،‬سواء كان‪:‬‬
‫‪ o‬كان كل منهما ظنيا‪.‬‬
‫‪ o‬أو كان أحدمها ظنيا واآلخر قطعيا‪.‬‬
‫✓ حكم العمل به‪:‬‬
‫أ) قيل‪ :‬هو حجة مطلقا‪ .‬وهو رأي أكثر العلماء‪ ،‬أن الظن حجةٌ للناظر لنفسه‪ ،‬وللمناظر لغريه‪ .‬ألن‬
‫العمل ابلظن واجب‪[ .‬وهو قول مجهور األصوليني والفقهاء عدا السادة احلنفية]‬
‫ب) وقيل‪ :‬ليس حجة مطلقا‪ ،‬ال للناظر وال للمناظر‪ ،‬بسبب جواز بطالن الباقي من األوصاف‪[ .‬وهو قول‬
‫السادة احلنفية]‬
‫ت) وقيل‪ :‬هو حجة للناظر واملناظر بشرط أن يكون ذلك احلكم مما أ ِ‬
‫ُمجع على تعليله‪ ،‬أي‪ :‬أمجع على أنه‬
‫من األحكام املعللة يف األصل‪ .‬أما ما كان كاألحكام التعبدية‪ ،‬فال‪[ .‬وعلى هذا إمام احلرمني]‬
‫(إن كان يلزم ظنه فال‬ ‫ث) وقيل‪ :‬هو حجة للناظر لنفسه دون املناظر غريه‪[ .‬وهو اختيار اآلمدي يف اإلحكام]‪.‬‬
‫غريه‪ ،‬قال العلماء‪ :‬االحتكام إىل الظن واجب‪ .‬وليس املراد أن يُل ِزم غريه بظنه‪ ،‬فظنك حجة لك ال لغريك‪ ،‬وفُ ِسر أبن‪ :‬املقصود أبن‬
‫يُلزم به َ‬
‫الظن معترب‪( ).‬وألن عندهم أن العمل ابلظن واجب‪ ،‬لكن الظن مراتب‪ ،‬والعقول تتفاوت‪ ،‬ومدارك العلماء ختتلف‪ ،‬هلذا شككوا يف ذلك‬
‫أي الظن هو املقصود؟)‬
‫فقالوا‪ُّ :‬‬

‫‪ ‬قوله‪( :‬فإن أبدى املعرتض وصفا زائدا مل يكلف بيان صالحيته ابلتعليل)‬
‫ُّ‬
‫املستدل‪ ،‬مل يُكلف ‪-‬املعرتض‪-‬‬ ‫يف احلصر الظن‪ ،‬إذا أبدى املع ِرتض وصفا زائدا على األوصاف اليت ذكرها‬
‫بيان صالحية ِ‬
‫وصفه للعلية‪ ،‬ل أن إبطال احلصر إببداء وصف زائد عليه كاف يف االعرتاض‪ ،‬وعلى املستدل‬
‫حينئذ أن يدفع ذلك إببطال التعليل ابلوصف الذي أورده املعرتض‪( .‬ألن مما ال جيوز يف املناظرة انتقال املعرتض‬
‫إىل مستدل‪ ،‬واملستدل إىل معارض‪).‬‬

‫‪11‬‬
‫وال ينقطع املستدل ‪-‬ال تنقطع املناظرة‪ -‬حىت يعجز عن إبطاله‪[ .‬وهو قول اجلمهور]‪.‬‬
‫وله أن يدافع عن نفسه‪ ،‬ألنه مل يبطل دليله كامال‪ ،‬وإمنا أبطل مقدمة من املقدمات‪.‬‬

‫‪ ‬قوله‪( :‬وقد يتفقان على إبطال ما عدا وصفني‪ ،‬فيكفي املستدل الرتديد بينهما)‪:‬‬
‫قد يتفق املستدل واملعرتض على إبطال األوصاف احملصورة إال وصفني منها يقول أبحدمها املستدل‪ ،‬ويقول‬
‫جائز أن تكون ذاك‬
‫ابلثاين املعرتض‪ .‬فيكفي املستدل يف مثل هذا أن يقول‪" :‬العلة إما هذا‪ ،‬أو ذاك‪ ،‬ال ٌ‬
‫ِ‬
‫لسبب كذا فيتعني اآل َخ ُر للعلية‪( .‬والتحديد ابلوصفني دون الوصف الواحد‪ ،‬ألهنما إذا اتفقا على علية الوصف‬
‫الواحد‪ ،‬انتهت املناظرة وانتهى اخلالف)‬

‫‪ )3‬طرق إبطال الوصف‪:‬‬


‫‪ ‬قوله‪( :‬ومن طرق اإلبطال بيان أن الوصف طرد‪ِ ....‬بوافقة التعدية)‪.‬‬
‫‪ )1‬بيان أنه طَْرٌد‪:‬‬
‫أي من جنس ما ُعلم أن الشارع ألغاه والطرد اقرتان الوصف ابحلكم من غري مناسبة‪.‬‬
‫فبيان أن الوصف كذلك يبطل أن يكون علة سواءٌ كان ذلك يف‪:‬‬
‫‪ o‬احلكم وحده‪ :‬كوصف الذكورة واألنوثة يف العتق‪.‬‬
‫‪ o‬أم كان يف أحكام أخرى‪ :‬كالتعليل ابلطول أو القصر‪ ،‬فإهنما مل يعتربا يف القصاص‪ ،‬والكفارة‪،‬‬
‫حكم أصال‪.‬‬
‫واإلرث‪ ،‬والعتق‪ ،‬وغريها‪ ..‬فال يعلل هبما ٌ‬
‫‪ )2‬أال تظهر بعد البحث مناسبةٌ بني الوصف واحلكم‪:‬‬
‫لوجوب وجود املناسبة يف السرب والتقسيم‪.‬‬
‫حذفت هذا الوصف؟)‪ ،‬مل حيتج يف ذلك إىل دليل‪ ،‬بل يكفيه أن‬
‫َ‬ ‫ض على املستدل‪( :‬ملاذا‬ ‫فإذا ُِ‬
‫اعرت َ‬
‫حبثت فلم أجد ما يوهم مناسبة‪( .‬قوله‪ :‬موهم‪ :‬أي يف الذهن‪ ،‬مل أجد ما يوقع يف الذهن مناسبة)‪.‬‬
‫يقول‪ُ :‬‬
‫ُّ‬
‫املستدل مل تظهر مناسبته للحكم أيضا‪ ،‬فليس للمستدل أن‬ ‫فإن ادعى املعرتض أن الوصف الذي أبقاه‬
‫ِ‬
‫يبني املناسبة‪ ،‬ألن ذلك انتقال من طريق السرب إىل طريق املناسبة‪ ،‬وهذا يؤدي إىل انتشار الكالم احملذور‬
‫يف اجلدل ‪-‬املناظرة‪ .-‬ولكن‪ ،‬يرجح سربُ املستدل ملوافقة سربه لتعدية احلكم على سرب املعرتض الذي‬
‫نفى علية ذلك الوصف‪ ،‬ألن التعدية أكثر فائدة‪ِ( .‬بعىن أن املستدل يرجح سربه أبنه وصف متعد‪ ،‬وما ذكره‬
‫وصف قاصر‪ .‬ويف ابب الرتجيح‪ :‬إذا تعارض الوصف املتعدي مع الوصف القاصر فريجح الوصف املتعدي)‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫املعرتض‬

‫‪12‬‬
‫اخلاما‪ :‬املنا سيبة واإلخالة‪ :‬وي سيمى ا سيتخراجها يريا املنا ‪ ،‬ورو تعيني العلة بإبدا منا سيبة‬
‫املسلك اخلامس‪ :‬املناسبة واإلخالة‪.‬‬ ‫مع االقرتان وال سييال مية ع القوادا كياإل سي كيار‪ ،‬ويتحقق اال سييتقالل ب عيد ميا سييواه بيال سي ‪.‬‬
‫فعا أو يدفع ضيررا‪ ،‬وقال أبو ئيد‪ :‬ما لو‬ ‫املالام ألفعال العقال عادة‪ ،‬وقيل‪ :‬ما جيل‬ ‫س‬
‫واملنا ي‬

‫‪ .1‬تعريف ختريج املناط‪.‬‬ ‫احلكم‬ ‫ضبط حي صييل عقال م ترتي‬


‫عرض على العقول لتلقته بالقبول‪ ،‬وقيل‪ :‬و صييف اارر من ي‬

‫‪ُّ .2‬‬
‫حتق ُق استقالل الوصف ابلعلية‪.‬‬ ‫عليه ما ي صيل كو ه مق صيودا لل شيارع م ح صيول م صيلحة أو دفع مف سيدة‪ ،‬فإن كان خفيا أو غري‬
‫شيرع احلكم يقينا‪ ،‬أو انا‪ ،‬كالبيع‬ ‫ضبط اعت مالئمه ورو املظنة‪ .‬وقد حي صيل املق صيود م‬
‫من ي‬
‫‪ .3‬تعريف املناسبة‪.‬‬
‫ص‬
‫‪ ،‬وقد يكون حمتمال سيوا ‪ ،‬كحد اخلمر‪ ،‬أو فيه أرج ‪ ،‬كنكاا اآليسية للتوالد‪ ،‬واأل ي‬ ‫والقصيا‬
‫‪ .4‬أقسام املناسبة‪.‬‬
‫احلنفية‪ :‬يعت ‪،‬‬ ‫جوائ التعليل بالثالث والرابع‪ ،‬كجوائ الق صيير للمرتفه‪ ،‬فإن كان فااتا قطعا‪ ،‬فقال‬
‫‪ .5‬أقسام املناسب ابعتبار حصول‬
‫امل شيرق باملغربية‪ ،‬وما فيه تعبد‪ ،‬كا سيت ا‬ ‫ص ‪ :‬ال يعت ‪ ،‬سيوا ما ال تعبد فيه‪ ،‬كلحوق يس‬
‫واأل ي‬
‫املقصود من شرع احلكم‪.‬‬
‫جارية اشرتارا بااعها يف اجمللا‪.‬‬

‫❖ املسلك اخلامس‪ :‬املناسبة واإلخالة‪.‬‬

‫ومنَاسبَة الوصف للحكم‪ُ ،‬مسيت ابإلخالة إذا هبا ُُيال‪ ،‬أي‪:‬‬


‫‪ ‬اخلامس من مسالك العلة‪ :‬املناسبةُ واإلخالة‪ُ ،‬‬
‫يُظن أن ذلك الوصف علةٌ للحكم‪ .‬فعطف اإلخالة على املناسبة من عطف االسم على املسمى‪.‬‬

‫✓ الفرق بني املناسبة يف مسلك السرب والتقسيم‪ ،‬واملناسبة يف مسلك املناسبة واإلخالة‪:‬‬
‫• يف السرب والتقسيم‪ :‬ينفي املناسبة‪.‬‬
‫• يف املناسبة‪ :‬يثبت املناسبة‪.‬‬

‫‪ )1‬ختريج املناط‪:‬‬
‫‪ -‬استخراج الوصف وبيا ُن أنه صاحل للعلة لكونه مناسبا‪ ،‬هو ختريج املناط‪ ،‬وهو تعيني املناط‪ .‬ألنه إبداء ما ُربط به‬
‫احلكم من الوصف‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫✓ فتخريج املناط إذا هو‪:‬‬

‫‪ ‬تعيني ِ‬
‫العلة إببداء مناسبَتها للحكم مع االقرتان بينهما والسالمة من القوادح‪.‬‬
‫▪ ففي ذلك ثالثة قيود‪:‬‬
‫أ) املناسبة‪.‬‬
‫ب) االقرتان‪.‬‬
‫ت) السالمة من القوادح‪.‬‬
‫✓ ومساه ابن احلاجب هبذا االسم ‪-‬ختريج املناط‪ ،-‬كما يف املختصر‪ ،‬وعبارته فيه‪" :‬الرابع‪ :‬املناسبة واإلخالة‪ ،‬وتسمى‬
‫ختريج املناط‪ ،‬وهو تعيني العلة ِبجرد إبداء املناسبة من ذاته ال بنص وال غريه‪ ،‬كاإلسكار يف التحرمي"‪.‬‬

‫✓ مثاله‪ :‬يف حديث مسلم‪" :‬كل مسكر حرام"‪.‬‬


‫▪ ختريج املناط فيه‪ :‬كو ُن اإلسكا ِر علة للتحرمي‪.‬‬
‫▪ وبيان مناسبته لذلك‪ :‬أبنه مزيل للعقل املطلوب حفظُه‪.‬‬
‫▪ وقد اقرتن الوصف ابحلكم يف النص املذكور‪.‬‬
‫وسلِ َم من القوادح‪.‬‬
‫▪ َ‬

‫‪ )2‬حتقق استقالل الوصف ابلعلية‪:‬‬


‫ِِ ِ‬
‫✓ يتحقق استقالل الوصف ابلعلية بعدم ما سواه ب (الس ِرب)‪ ،‬ال بقول املستدل‪( :‬حبثت فلم أجد َ‬
‫غريه)‪ ،‬كما‬
‫تقدم يف السرب‪ ،‬ألن املقصود هنا اإلثبات‪ ،‬وهناك النفي‪.‬‬
‫ووجدت أنه كذا وكذا‪.)..‬‬
‫ُ‬ ‫(س َْربتُهُ‬
‫فيقول‪َ :‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ )3‬تعريف املناسبة‪:‬‬

‫يف املقصود ابملناسب املالئم األقوال التالية‪:‬‬


‫ِ‬
‫ابلغرض)‪.‬‬ ‫أ) املُالئم ألفعال العقالء‪( :‬وهذا تعريف من ال يعلِ ُل أفعال هللا تعاىل‬
‫فمعىن مناسبة الوصف للحكم املرتتب عليه موافقتُه له يف نظر العقالء‪.‬‬

‫يدفع ضررا‪( :‬وهذا قول املعتزلة ألهنم يعللون األحكام ابملصاحل واملفاسد‪ ،‬وهو أيضا قول‬
‫ب) ما جيلُب نفعا أو ُ‬
‫القاضي البيضاوي يف املنهاج‪ ،154 :‬والقرايف يف شرح التنقيح‪.)391:‬‬
‫(ما جيلب نفعا)‪ :‬اللذة وما ينشأ عنها‪.‬‬
‫(ما يدفع ضررا)‪ :‬األمل وما ينشأ عنه‪.‬‬

‫ت) ما لو ُعرض على العقول لتلقته ابلقبول‪( .‬وهو قول أيب زيد الدبوسي احلنفي)‪.‬‬
‫وهذا تعريف يصلح يف غري املناظرة‪ ،‬كونه ال ينفع يف املناظرة‪.‬‬
‫يقول‪ :‬ال يَ ْقبَ لُه عقلِي"‪.‬‬
‫قال العالمة العضد‪" :‬هذا ال ميكن إثباتُه‪ ،‬إ ْذ لِلخصم أن َ‬
‫ِ‬
‫ابلقبول‪ ،‬غريُ قادح"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخلصم‪ :‬ال يتلقاهُ عقلي‬ ‫"وقول‬
‫ُ‬ ‫وقال احمللي يف الشرح‪:‬‬
‫عقول أكثر الناس ابلقبول‪ .‬وإال فقد يعاند فرد يف عدم قبوله‪ ،‬أو يدعي فرٌد‬
‫والظاهر أن املقصود‪ :‬ما تتلقاه ُ‬
‫قبولَه‪.‬‬

‫رع احلكم‪،‬‬
‫ضِ‬ ‫ث) هو وصف ظاهر منضبط حيصل من ترتيب احلكم عليه حكمةٌ تصلح أن تكون مقصودة للشارع يف َ‬
‫من حصول منفعة أو دفع مفسدة‪( .‬وهذا قول ابن احلاجب)‪.‬‬
‫(وصف)‪ :‬غري ذات‪( / .‬ظاهر)‪ :‬غري خفي‪( /‬منضبط)‪ :‬غري مضطرب‪( /‬حيصل عقال)‪ :‬ال عادة‪( /‬ما يصلح كونه‬
‫مقصودا للشارع)‪ :‬أي حصول حكمة‪.‬‬
‫✓ وأضاف إىل ذلك‪:‬‬
‫ط‪ ،‬وهو مظنتُه فيكون هو العلة‪".‬‬
‫الظاهر املنضب ُ‬
‫ُ‬ ‫" فإن كان خفيا‪ ،‬أو غري منضبط‪ ،‬اعتُرب ُمال ِزُمه‬
‫‪ o‬فالتخفيف يف السفر حلصول املشقة فيه‪ .‬وهذه خفية وغري منضبطة‪ ،‬الختالفها ابختالف األحوال‬
‫واألشخاص واألزمان‪ .‬فربط الرتخص ِبظنتها وهو السفر‪ ،‬وهو ظاهر منضبط‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ )4‬أقسام املناسبة‪:‬‬
‫✓ بعد أن انتهى املصنف رمحه هللا‪ ،‬من بيان املناسب يف اصطالح األصوليني‪ ،‬شرع يف بيان أقسامه‪ ،‬وهي‬
‫ثالثة‪:‬‬
‫‪ ‬األول‪ :‬ابعتبار حصول املقصود من شرع احلكم‪.‬‬
‫‪ ‬الثاين‪ :‬ابعتبار نفس املقصود‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث‪ :‬ابعتبار اعتبار الشارع له‪.‬‬

‫‪ )1‬القسم األول‪ :‬أقسام املناسب باعتبار حصول املقصود من شرع احلكم‪:‬‬

‫ما حيصل مقصوده يقينا‪( .‬التعليل به جائز اتفاقا)‬ ‫‪-1‬‬


‫ما حيصل مقصوده ظنا‪ ( .‬التعليل به جائز اتفاقا)‬ ‫‪-2‬‬
‫ما يكون مقصوده وعدمه متساويني‪( .‬التعليل به جائز يف األصح)‬ ‫‪-3‬‬
‫ما يكون حصول مقصوده مرجوحا‪( .‬التعليل به جائز يف األصح)‬ ‫‪-4‬‬
‫ما يكون حصول مقصوده معدوما‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫✓ وبيان أمثلة األقسام اخلمسة كالتايل‪:‬‬


‫ما حيصل مقصوده – املقصود من تشريع احلكم‪ -‬يقينا‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كما يف حصول امللك يف البيع الصحيح النافذ‪.‬‬

‫ما حيصل مقصوده ظنا‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫كالقصاص لالنزجار عن القتل‪ ،‬فإن املمتنعني عن القتل أكثر من املقدمني عليه‪.‬‬

‫ما يكون مقصودة وعدمه متساويني‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫كما يف حد املسكر‪ ،‬فإن عدد املمتنعني عنه يكاد يكون مساواي بعدد املقدمني عليه‪.‬‬

‫ما يكون حصول مقصوده مرجوحا‪- :‬أي انتفاء حصول املقصود أرجح من حصوله‪-‬‬ ‫‪-4‬‬
‫كنكاح اآليسة للتوالد‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫ما يكون حصول مقصوده معدوما‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫▪ إن كان املقصود من تشريع احلكم فائتا قطعا‪ ،‬فهل يعترب املقصود فيه‪ ،‬فيثبت احلكم‬
‫املرتتب عليه أم ال يعترب فال يثبت؟ فيه خالف‪.‬‬

‫‪ ‬قالت احلنفية‪ :‬نعم يعترب ويثبت احلكم‪.‬‬


‫‪ ‬اجلمهور (املالكية‪ ،‬الشافعية‪ ،‬احلنابلة)‪ :‬ال يُعترب‪( .‬وهو األصح)‪.‬‬

‫▪ وسواء يف ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬ما ال تعبد فيه‪:‬‬
‫عدم التقائهما‪ ،‬فإذا ولدت ولدا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫مشرقي ِبغربية‪ ،‬وقد ُعل َم قطعا ُ‬
‫ٌّ‬ ‫كما إذا تزوج‬
‫بزوج املرأةِ‪.‬‬
‫لحق نسبُه ِ‬ ‫‪ -‬فعند احلنفية‪ :‬يُ َ‬
‫‪ -‬وعند اجلمهور‪ :‬ال يلحق به‪.‬‬

‫‪ ‬وما فيه تعبد‪:‬‬


‫كما إذا ابع رجل جاريته لشخص‪ ،‬واشرتاها منه يف نفس اجمللس‪ ،‬وقبل أن يتصل‬
‫هبا أح ٌد يقينا‪.‬‬
‫‪ -‬فعند احلنفية وغريهم‪ :‬جيب استرباء اجلارية‪.‬‬
‫‪ -‬لكن هذا عند غري احلنفية حيصل تقديرا‪.‬‬
‫‪ -‬وعند اجلمهور حيصل تعبدا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫س ‪ :‬ضيروري فحاج فتح سييين‪ ،‬وال ضيروري‪ :‬كحفظ الدي ‪ ،‬فالنفا‪ ،‬فالعقل‪ ،‬فالن سي ‪،‬‬
‫واملنا ي‬
‫املسلك اخلامس‪ :‬املناسبة واإلخالة‪.‬‬ ‫فاملال والعرض‪ .‬ويلحق به مكمله‪ :‬كحد قليل املسكر‪ .‬واحلاج ‪ :‬كالبيع فاإلجارة‪ ،‬وقد يكون‬

‫‪ .6‬أقسام املناسب ابعتبار املقصود من‬ ‫ضييرورييا‪ :‬كياإل جيارة لرتبيية الط فيل‪ .‬ومكمليه‪ :‬كخييار البيع‪ .‬والتح سيييين‪ :‬غري م عيارض القوا عيد‪:‬‬
‫س ‪ :‬إن اعت بنص أو إمجاع عني‬
‫العبد أرلية ال شيهادة‪ .‬واملعارض‪ :‬كالكتابة‪ .‬ثم املنا ي‬ ‫ك سيل‬
‫شرع احلكم‪.‬‬
‫احلكم على وفقه ولو باعتبار‬ ‫الو صييف يف عني احلكم‪ :‬فاملؤثر‪ .‬فإن مل يعت بهما؛ بل برتتي‬
‫‪ .7‬أقسام املناسب ابعتبار اعتبار الشرع‬
‫جن سييه يف جن سييه‪ :‬فاملالام‪ .‬وإن مل يعت ‪ ،‬فإن دل الدليل على إلغااه‪ :‬فال يعلل به‪ .‬وإال فهو‪:‬‬
‫له‪.‬‬ ‫مطل قيا‪ ،‬و كياد إ ميا احلرمني يواف قيه مع م نياداتيه عل ييه بيالنكري‪ .‬ورده‬ ‫املر سييل‪ .‬و قيد قبليه ميايل‬
‫‪ .8‬املصلحة الضرورية الكلية القطعية‪.‬‬ ‫األكثر مطلقا‪ .‬وقو يف العبادال‪ .‬وليا منه م صيلحة ضيرورية كلية قطعية أل ها اا دل الدليل‬
‫على اعتبياررا فه حق قطعيا‪ .‬وا شييرتطها الغ ال للقطع بالقول به‪ ،‬ال أل صييل القول به‪ ،‬قال‪:‬‬
‫م القطع كالقطع"‪.‬‬ ‫"والظ القري‬

‫‪ )2‬القسم الثاني‪ :‬أقسام املناسب باعتبار املقصود من شرع احلكم‪:‬‬


‫‪ -‬املناسب من حيث املقاصد اليت تشرع هلا األحكام‪ :‬ضروري‪ /‬غري ضروري (حاجي وحتسين)‪.‬‬
‫‪ )1‬ضروري‪ :‬وهو أعلى املراتب‪ .‬وهو ما تصل احلاجة إليه إىل حد الضرورة‪.‬‬
‫وهو ‪-‬على الرتتيب‪:-‬‬
‫أ‪ .‬حفظ الدين‪ :‬و ُشرع حلفظه‪ :‬قتل الكفار‪ ،‬وعقوبة الداعني إىل البِ َد ِع الضالة‪.‬‬
‫ب‪ .‬حفظ النفس‪ :‬وشرع حلفظ النفس‪ :‬القصاص‪.‬‬
‫ت‪ .‬حفظ العقل‪ :‬وشرع حلفظه‪ :‬حد السكر‪.‬‬
‫ث‪ .‬حفظ النسب‪ :‬وشرع له حد الزان‪.‬‬
‫ج‪ .‬حفظ املال والعرض‪:‬‬
‫املال‪ :‬شرع حلفظه‪ :‬حد السرقة‪.‬‬
‫العرض‪ :‬شرع حلفظه‪ :‬حذ القذف‪.‬‬
‫و(العرض) زاده املصنف كالطويف‪ ،‬وعطفه ابلواو (فاملال والعرض)‪ ،‬إشارة إىل أنه يف رتبة املال‪ ،‬وعطف كال‬
‫من األربعة قبله ابلفاء إلفادة أنه دون ما قبله يف الرتبة‪( .‬وهذه الضرورايت اخلمس مراعاة يف كل ملة)‪.‬‬
‫✓ ويلحق ابلضروري مكمله فيكون يف رتبته‪.‬‬
‫كاحلد على شرب قليل املسكر ألنه جير إىل كثريه‪ ،‬فيكون فيه فوات حفظ العقل الضروري‪ .‬فبولغ يف حفظه ابملنع‬
‫من القليل‪ ،‬واحلد عليه كالكثري‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ )2‬غري الضروري‪ :‬ومنه‪:‬‬

‫أ) احلاجي‪ :‬وهو ما ُحيتاج إليه‪ ،‬وال يصل إىل حد الضرورة‪.‬‬


‫• (كالبيع فاإلجارة) املشروعني للملك احملتاج إليه‪ ،‬وال يفوت بفواته لو مل يشرعا شيء من الضرورايت‬
‫السابقة‪ .‬وكذلك املعامالت األخرى املشاهبة من حيث احلاجة كالقراض والرهن‪.‬‬
‫وعطف اإلجارة ابلفاء ألن احلاجة إليها دون احلاجة إىل البيع‪.‬‬
‫✓ وقد يكون احلاجي يف األصل ضروراي‪ ،‬فيكون واجبا‪ ،‬كما يف اإلجارة لرتبية طفل ال أم له تُرضعه‪ ،‬ففي هذه‬
‫اإلجارة حفظ نفس الطفل‪ .‬وذلك أن ملك املنفعة فيها وهي تربيته يفوت بفواته لو مل تشرع اإلجارة حفظ‬
‫نفس الطفل‪.‬‬
‫للرت ِوي والسالمة من الغنب‪.‬‬
‫✓ ويلحق ابحلاجي مكمله‪ ،‬كخيار البيع املشروع َ‬

‫ب) التحسين‪ :‬وهو ما استحسن عادة من غري احتياج إليه‪.‬‬


‫وهو قسمان‪:‬‬
‫معارض للقواعد‪ :‬كمكاتبة الرقيق‪ ،‬فإهنا غري حمتاج إليها لكنها مستحسنة يف العادة‪ ،‬إذ يُتوسل هبا‬ ‫‪-1‬‬
‫إىل فك الرقاب‪ ،‬فهي جائزة مع أهنا خمالفة للقواعد اليت متنع بيع الشخص بعض ماله ببعض آخر‬
‫من ماله‪.‬‬
‫غري املعارض‪ :‬كسلب العبد أهلية الشهادة‪ ،‬فإن هذا السلب غريُ ُحمتاج‪ .‬ولو ثبت أهلية العبد‬ ‫‪-2‬‬
‫للشهادة مل يضر‪ ،‬لكنه استحسن عادة عدم قبول شهادته لنقصه عن هذا املنصب‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ )3‬القسم الثالث‪ :‬أقسام املناسب باعتبار اعتبار الشرع له‪:‬‬
‫‪ -‬الوصف املناسب من حيث اعتباره وجودا وعدما‪ ،‬أقسام هي‪:‬‬
‫املؤثر‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫املالئم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ما مل يعترب بنص أو إمجاع‪ ،‬وال برتتيب احلكم على وفقه‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫املرسل‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬املؤثر‪:‬‬
‫ِ‬
‫الوصف يف عني احلكم‪.‬‬ ‫عني‬
‫• وهو ما اعتربهُ الشارع‪ ،‬بنص أو إمجاع‪َ ،‬‬
‫مسي ابملؤثر لظهور أتثريه ِبا اعتُِ َ‬
‫رب به من النص أو اإلمجاع‪.‬‬
‫✓ مثال ما اعترب بنص‪:‬‬
‫تعليل نقض الوضوء ِبس الذكر‪ ،‬فإنه مستفاد من حديث الرتمذي‪ ،‬وغريه‪" :‬من مس ذكره فليتوضأ"‪.‬‬
‫✓ مثال ما اعتبار إبمجاع‪:‬‬
‫تعليل والية املال على الصغري ابلصغر‪ ،‬فإنه ُْجم َم ٌع عليه‪.‬‬

‫‪ ‬اثنيا‪ :‬املالئم‪:‬‬
‫• وهو ما مل يعترب بنص أو إمجاع‪ ،‬بل بسبب ترتيب احلكم على وفقه‪ ،‬وذلك بثبوته معه‪.‬‬
‫ُِمسي ابملالئم ملالءمته للحكم ابجمليء على وفقه‪.‬‬
‫‪ ‬وهذا يشمل ثالث صور‪ ،‬هي‪:‬‬
‫عني الوصف يف جنس احلكم‪:‬‬
‫‪ ‬األوىل‪ :‬ما اعترب ُ‬
‫‪ -‬مثل‪ :‬ثبوت والية النكاح ابلصغر‪ ،‬كما ثبتت به والية املال‪ .‬فالوصف ابلصغر واح ٌد‪ ،‬واحلكم ابلوالية جنس‬
‫يشمل والية املال‪ ،‬ووالية النكاح‪.‬‬
‫‪ ‬الثانية‪ :‬ما اعتُرب جنس الوصف يف عني احلكم‪:‬‬
‫جنس‬
‫‪ -‬مثل‪ :‬جواز مجع الصالة يف املطر قياسا على جوازها يف السفر‪ ،‬جبامع احلرج‪ .‬فالوصف‪ ،‬وهو احلرج‪ٌ ،‬‬
‫يشتمل احلرج ابلسفر‪ ،‬واحلرج ابملطر‪ .‬واحلكم‪ :‬اجلمع‪ ،‬وهو واحد‪.‬‬
‫‪ ‬الثالثة‪ :‬ما اعتُِ َ‬
‫رب جنس الوصف يف جنس احلكم‪:‬‬
‫قتل عم ٌد عدوا ٌن‪ .‬فالقتل‪ :‬جنس يشمل القتل ِبحدود‪ ،‬والقتل‬
‫‪ -‬مثل‪ :‬تعليل القصاص يف القتل ِبُثَقل أبنه ٌ‬
‫ِبثقل‪ ،‬وكذلك القصاص‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ ‬اثلثا‪ :‬ما مل يعترب بنص أو إمجاع‪ ،‬وال برتتيب احلكم على وفقه‪.‬‬
‫‪ -‬فهذا‪ :‬إما‪:‬‬
‫أ) أن يدل الدليل على إلغائه‪.‬‬
‫ب) أو مل يدل الدليل على إلغائه‪.‬‬

‫مالك؛ أي مالك جارية أو أمة‪ .‬أو حنوه يف هنار‬


‫حكم‪ ،‬كما لو واقع ٌ‬
‫• فإن مل يدل الدليل على إلغائه فال يعل ُل به ٌ‬
‫رمضان‪ ،‬فإن الكفارة جتب عليه كما جتب على غريه بنفس الرتتيب‪.‬‬
‫وقد أفىت بعضهم ألن على املَلِك وحنوه ممن يَ ْس ُه ُل عليهم العِتق أن يصوم شهرين متتابعني ليمتنع عن فعله‪.‬‬
‫✓ فهذا املناسب مل يعتربه الشارع‪ ،‬ومل يدل عليه نص‪ ،‬وال إمجاع فيلغى‪.‬‬
‫✓ ومساه الشارح (احمللي) ابلغريب‪ ،‬لبعده عن االعتبار‪ .‬والصواب تسميته ب (امللغى)‪ ،‬ألنه مردود ابتفاق العلماء‪.‬‬

‫✓ أما الغريب‪ ،‬فهو‪ :‬أن يعترب الشارع خصوص الوصف يف خصوص احلكم يف ترتيب حكم عليه‪ ،‬من غري أن يظهر‬
‫اعتبار عينه يف جنس ذلك احلكم يف أصل آخر متفق عليه‪ ،‬وال جنسه يف عني ذلك احلكم‪ ،‬وال جنسه يف جنسه‪ ،‬وال‬
‫نص وال إمجاعٌ‪ ،‬ال بصرحيه وال إميائه‪ .‬وذلك كتوريث املرأة املبتوت طالقها يف مرض املوت ابلفعل‬
‫دل على كونه علة ٌّ‬
‫احملرم لغرض فاسد‪ ،‬قياسا على قاتل مورثه‪ ،‬حيث مل يرثه جبامع ارتكاب فعل حمرم‪ .‬ويف ترتيب احلكم عليه مصلحة‪،‬‬
‫لكن مل يشهد له أصل ابالعتبار بنص أو إمجاع‪.‬‬

‫‪ ‬وقد اختلف العلماء يف قبوله على مذهبني‪:‬‬


‫‪ -‬أحدمها‪ :‬القبول‪ ،‬وهو قول السادة الشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪.‬‬
‫‪ -‬واآلخر‪ :‬الرد‪ ،‬وهو قول السادة احلنفية‪ ،‬واملالكية‪.‬‬
‫‪ -‬وادعى ابن احلاجب االتفاق عليه‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬املرسل‪:‬‬
‫• وهو ما مل يعترب بنص أو إمجاع‪ ،‬وال برتتيب احلكم على وفقه‪ ،‬ولكن مل يَ ُدل الدليل على إلغائه‪.‬‬
‫مسي هذا ب ‪:‬‬
‫‪ -‬املرسل‪.‬‬
‫‪ -‬املصاحل املرسلة‪.‬‬

‫إلرساله‪ ،‬أي إطالقه عما يدل على االعتبار أو اإللغاء‪.‬‬

‫‪ ‬حكمه‪:‬‬
‫• قبله اإلمام مالك مطلقا‪ ،‬رعاية للمصلحة‪.‬‬
‫ويقول املصنف (احمللي)‪" :‬إن إمام ا حلرمني كاد يوافق اإلمام مالكا يف ذلك‪ ،‬مع أنه شدد النكري على اآلخذ ابملرسل‬
‫املذكور"‪.‬‬
‫• والواقع أن إمام احلرمني اشرتط لقبوله أن تكون املصلحة مشبهة ملا علم أن الشارع اعتربه‪.‬‬
‫املناسب‬
‫ُ‬ ‫املقبول هو املعىن‬
‫ُ‬ ‫االستدالل‬
‫ُ‬ ‫عبارة إمام احلرمني‪ ،‬تدل على أنه قد وافق اإلمام مالكا يف ذلك‪ .‬إذ قال‪" :‬مث‬
‫الذي ال ُيالف مقتضاه أصال من أصول الشريعة"‪[ .‬الربهان]‪.‬‬
‫‪ -‬واحلقيقة أن اإلمام مالكا مل يقل ابملصلحة املرسلة على إطالقها‪ ،‬بل قال ابملصلحة املناسبة اليت عرب عنها إمام‬
‫احلرمني ب (املعىن املناسب)‪.‬‬
‫ولذا قال الزركشي والقرايف‪" :‬وصرح إمام احلرمني بقبوله أيضا مع تشديده اإلنكار على مالك يف ذلك"‪.‬‬
‫املرسل أكثر العلماء‪.‬‬
‫َ‬ ‫• وقد رد‬
‫• ورده بعضهم يف العبادات فقط خبالف املعامالت‪ ،‬ألن العبادات ال نَظَر فيها للمصلحة‪.‬‬

‫✓ وخالصة القول هي أن املصاحل املرسلة مقبولة ابتفاق الصحابة والتابعني واألئمة األربعة‪ ،‬فليس من املهم بعد اتفاقهم‬
‫إنكار بعض املنكرين‪ ،‬كالظاهرية‪ ،‬أو بعض األصوليني كالقاضي الباقالين‪ ،‬واآلمدي‪ ،‬وعلى املصاحل املرسلة عمل‬
‫مجهور الفقهاء يف زماننا‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ )4‬املصلحة الضرورية الكلية القطعية‪:‬‬
‫✓ ليس من قبيل املرسل‪ :‬املصلحة الضروريةُ الكلية القطعيةُ‪ ،‬ألن املرسل ما مل يدل الدليل على اعتباره وال‬
‫على إلغائه‪ .‬أما هذه فقد دل الدليل على اعتبارها‪.‬‬
‫أهم من حفظ البعض‪.‬‬
‫ظ ال ُكل ُّ‬
‫‪ -‬وهي يف املثال اآليت حف ُ‬
‫• وهناك ثالثة قيود‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تكون املصلحة ضرورية‪ ،‬ال حاجية‪ ،‬وال حتسينية‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون كلية ال جزئية‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تكون قطعية ال ظنية‪.‬‬
‫✓ وقد اشرتط اإلمام الغزايل تلك األمور للقطع ابلعمل املرسل أو املصاحل املرسلة‪ ،‬ال لقبول أصل القول هبا‪.‬‬
‫وقال‪" :‬إن الظن القريب من القطع كالقطع يف ذلك"‪[ .‬املستصفى]‬
‫✓ مثاله‪:‬‬

‫إذا ترتس الكفار ِبسلمني‪ ،‬فإنه حيل لنا رمي الكفار‪ ،‬ولو حصل عنه قتل املسلمني‪ ،‬إذا قطعنا أو ظننا ظنا قريبا من القطع أننا‬
‫إن مل نرمهم استأصلوان‪.‬‬

‫فإن مل يكن األمر كذلك مل ِحيل لنا رميهم‪ ،‬وهلذا لو ترتس الكفار ِبسلمني يف قلعة مل جيز لنا رميهم‪ ،‬ألن فتح القلعة ليس‬
‫ضروراي فوراي إىل تلك الدرجة‪ .‬وألن احملذور من استئصالنا من قبل الكفار غري مقطوع به‪ ،‬وغري مظنون ظنا قريبا من القطع‪.‬‬

‫مسألة ‪:‬‬
‫املسلك اخلامس‪ :‬املناسبة واإلخالة‪.‬‬
‫راجحة أو مساوية‪ .‬خالفا لإلما ‪.‬‬ ‫املناسبة تنخر مبفسدة تل‬
‫مسألة‪ :‬املناسبة تنخرم ابملفسدة‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫✓ القول املختار أن املناسبة تبطل إذا اخنرمت‪.‬‬


‫س َدة ُمساوية للمصلحة‪ ،‬أو راجحة عليها‪ ،‬إذ ال‬
‫حصول َم ْف َ‬
‫ُ‬ ‫صلَ ِحي على وجه يَل َْزُم منه‬
‫كأن يثبت احلكم ملناسب َم ْ‬
‫مصلحة مع مفسدة تساويها أو تزيد عليها‪.‬‬
‫✓ وقال اإلمام الرازي‪" :‬تبقى املناسبة ولكن ال يثبت احلكم‪ ،‬لوجود املانع املذكور"‪[ .‬احملصول]‬

‫‪23‬‬
‫بالتبع‪ .‬وال ي صيار‬ ‫س‬
‫والطرد‪ ،‬وقال القا ضي ‪ :‬رو املنا ي‬ ‫س‬
‫‪ :‬ال شيبه‪ ،‬من لةٌ بني املنا ي‬ ‫ال سياد‬
‫املسلك السادس‪ :‬الشبه‬ ‫العلية‪ ،‬إمجاعا‪ ،‬يفإن تعيذرل‪ :‬فقيال ال شييافع ‪ :‬حجية‪ .‬وقال ال صييرييف‬ ‫إلييه مع إمكيان قييا‬
‫‪ .1‬تعريف مسلك الشبه‪.‬‬ ‫غلبة األ شييباه يف احلكم وال صييفة‪ ،‬ثم ال صييوري‪ .‬وقال‬ ‫وال شييريائي‪ :‬مردود‪ .‬وأعاله قيا‬

‫‪ .2‬مىت يُصار إىل قياس الشبه؟‬ ‫اإلما ‪ :‬املعت حصول املشابهة لعلة احلكم أو مستل مها‪.‬‬

‫‪ .3‬مراتب الشبه‪.‬‬

‫‪ )1‬تعريف الشبه‪:‬‬
‫السادس من مسالك العلة‪( ،‬الشبه)‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫أ) ذو منزلة بني الطرد واملناسب‪ ،‬فإنه يشبه الطرد من حيث عدم مناسبته ابلذات‪ ،‬ويشبه املناسب من حيث‬
‫التفات الشارع إليه يف اجلملة‪- .‬عرب هنا ابلطرد تبعا إلمام احلرمني‪.-‬‬
‫• كالذكورة واألنوثة يف بعض األحكام كالشهادة‪ ،‬واإلرث‪ ،‬وعدم التفاته إليه يف العتق يف الكفارة‪ ،‬مثال‪.‬‬
‫وسيأيت يف مسلك الطرد‪.‬‬
‫ب) وقال القاضي الباقالين‪ :‬هو املناسب ابلتبع‪.‬‬
‫• كالطهارة الشرتاط النية‪ ،‬فإهنا إمنا تناسبها بواسطة أهنا عبادة‪ .‬خبالف املناسب ابلذات كاإلسكار للخمر‬
‫(نقله عنه اإلمام الرازي يف احملصول‪.)201/5 :‬‬
‫ت) ومن ذلك قول بعضهم‪ :‬هو الذي ال تثبت مناسبته إال بدليل منفصل‪.‬‬
‫ث) وقول بعضهم‪ :‬هو ما يوهم مناسبة‪.‬‬
‫‪ )2‬مىت يُصار إىل قياس الشبه؟‬
‫‪ -‬إذا أمكن يف مسألة من املسائل قياس العلة ‪-‬أي املشتمل على املناسب ابلذات‪ -‬فال يُصار إىل الشبه‬
‫إمجاعا‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا تعذرت العلة وال يوجد غري قياس الشبه‪:‬‬
‫▪ فقال اإلمام الشافعي‪ :‬يُصار إليه‪ .‬وهو حينئذ حجة نظرا إىل شبهه ابملناسب‪( .‬وهو قول‬
‫السادة املالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ .‬بل قال ابن عقيل من احلنابلة‪" :‬ال عربة ابملخالف")‪.‬‬
‫▪ وقال أبو بكر الصرييف‪ ،‬وأبو إسحاق الشريازي‪ :‬هو مردود‪ .‬نظرا إىل َشبَهه ابلطرد‪.‬‬
‫✓ وال ُيفى أنه يلزم على قوهلما تعطل احلكم حينئذ‪ ،‬إذ املفروض عدم إمكان غري‬
‫قياس الشبه‪ ،‬فاألوىل ما قاله اإلمام الشافعي رمحه هللا تعاىل‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ )3‬مراتب الشبه‪:‬‬
‫‪ -‬مراتب الشبه (على القول حبجيته)‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬قياس غلبة األشباه يف احلكم والصفة‪:‬‬
‫وهو ما إذا كان فرعٌ ُم َرددا بني أصلني‪ ،‬فيلحق ابلغالب شبهه به يف احلكم والصفة‪.‬‬
‫‪ o‬ومثلوا هلذا إبحلاق العبد ابملال يف احلكم والصفة‪ ،‬ألن شبهه ابملال أكثر من شبهه ابحلُر فيهما‪.‬‬
‫فالفرع‪ :‬العبد‪ /‬واألصالن‪ :‬املال واحلُُّر‪.‬‬
‫‪ -‬والعبد يشبه املال‪:‬‬
‫✓ يف وصفه‪ :‬من تفاوت قيمته حبسب تفاوت أوصافه‪.‬‬
‫✓ ويف حكمه‪ :‬من جواز البيع وغريه‪.‬‬
‫‪ -‬ويشبه احلر‪:‬‬
‫✓ يف وصفه‪ :‬بكونه إنساان‪.‬‬
‫✓ ويف حكمه‪ :‬بوجوب حنو الصالة عليه‪.‬‬

‫‪ ‬اثنيا‪ :‬القياس الصوري‪:‬‬


‫‪ o‬كقياس اخليل على البغال واحلمري يف عدم وجوب الزكاة فيهما‪ ،‬للشبه الصوري‪.‬‬
‫‪ -‬وقال اإلمام الرازي‪" :‬املعترب حصول املشاهبة بني الشيئني لعلة احلكم‪ ،‬أو ما يستلزمها‪ ،‬سواء كانت‬
‫املشاهبة يف الصورة‪ ،‬أم يف احلكم"‪[ .‬احملصول‪ .]203/5 :‬فتكون الصورة أو احلكم هي العلة‪،‬‬
‫واملشاهبة فيهما‪.‬‬
‫‪ -‬قال شيخ اإلسالم زكراي األنصاري‪" :‬القائل بقياس الشبه يف الصورة‪ :‬ابن ُعلَيةَ‪ ،‬كما يف احملصول‪،‬‬
‫ونقل ابن برهان وغريه‪ :‬أن الشافعي ال يقول به‪ .‬وهو كذلك‪ ،‬وإن قال به بعض أصحابه يف صور‪،‬‬
‫منها على األصح‪ :‬إحلاق اهلرة الوحشية يف التحرمي ابإلنسية‪ ،‬لكن حيتمل أن يكون التحرمي فيها ليس‬
‫لإلحلاق‪ ...‬فنقل املصنف‪ ،‬يقصد اتج الدين السبكي‪ ،‬عن الشافعي أن قياس الشبه حجة حممول‬
‫على قياس غري الصوري"‪[ .‬النجوم اللوامع‪.]431/2 :‬‬

‫‪25‬‬
‫(خالصة) قياس الشبه له مخس درجات‪:‬‬

‫اخلامسة‪:‬‬ ‫الرابعة‪:‬‬ ‫الثالثة‪:‬‬ ‫الثانية‪:‬‬ ‫األوىل‪:‬‬


‫قياس ما له أصل واحد‪.‬‬
‫قياس غلبة‬ ‫قياس غلبة‬ ‫قياس غلبة‬ ‫كأن يقال يف إزالة اخلبث‪" :‬طهارة للصالة يتعني فيها املاء كطهارة اخلبث"‪،‬‬
‫القياس‬
‫األشباه يف‬ ‫األشباه يف‬ ‫األشباه يف‬ ‫فطهارة اخلبث تشبه الطردي من حيث عدم ظهور املناسبة بينها وبني تعيني‬
‫الصوري‪.‬‬
‫الصفة‪.‬‬ ‫احلكم‪.‬‬ ‫احلكم والصفة‪.‬‬ ‫املاء‪ .‬وتشبه املناسب ابلذات من حيث أن الشرع اعترب طهارة احلدث ابملاء‬
‫يف الصالة وغريها‪.‬‬

‫ال سيابع‪ :‬الدوران‪ ،‬ورو أن يوجد احلكم عند وجود و صيف وينعد عند عدمه‪ .‬قيل‪ :‬ال‬
‫املسلك السابع‪ :‬الدوران‪.‬‬ ‫امل سيتيدل بيان ف ما رو‬ ‫يفييد‪ .‬وقييل‪ :‬قطع ‪ .‬واملختيار وفاقا لأكثر‪ :‬اين‪ .‬وال يل‬

‫تعريفه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫امل سيتدل بالتعدية‪ .‬وإن كان‬ ‫أوىل منه‪ .‬فإن أبدى املعرتض و صيفا آخر‪ ،‬ترج جا‬
‫الرتجي ‪.‬‬ ‫ضرَّ عند ما ع العلتني‪ .‬وإىل فرع آخر‪ :‬طل‬
‫متعديا إىل الفرعِ‪َ :‬‬
‫إفادة الدوران العلية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫االستدالل ابلدوران‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪ )1‬تعريف الدوران‪:‬‬
‫[وهي تسمية اإلمام اآلمدي يف اإلحكام‪ ،‬وابن احلاجب يف املختصر]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والعكس‪.‬‬ ‫السابع من مسالك العلة‪( :‬الدوران)‪ ،‬ومساه بعضهم ابلط ْرِد‬ ‫✓‬

‫‪ ‬وهو‪ :‬أن يوجد احلكم عند وجود وصف‪ ،‬وينعدم عند عدمه‪.‬‬
‫فيكون كليا طردا وعكسا‪ .‬خبالف الطرد الذي سيأيت بعده‪ .‬فإنه كلي طردا ال عكسا‪.‬‬
‫‪ )2‬إفادة الدوران العلية‪:‬‬
‫✓ يف إفادة الدوران العلية أقوال‪:‬‬
‫املختار عند ابن احلاجب‪ :‬أنه ال يفيد العلية ال قطعا وال ظنا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫جلواز أن يكون الوصف الدائر مالزما للعلية ال نفسها‪.‬‬
‫• كالرائحة املخصوصة للخمر‪ ،‬فإهنا معدومة قبل التخمر ومعدومة بعد التخلل‪ ،‬وموجودة مالزمة‬
‫إذا ختمر‪ ،‬مع أهنا ليست علة لتحرميه اتفاقا‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬يفيد العلية قطعا‪ .‬وهو قول ال دليل عليه‪( .‬وهو قول بعض أصحاب الشافعي)‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫القول الذي اختاره املصنف‪ ،‬وفاقا لألكثرين‪ :‬أنه يفيد العلية ظنا ال قطعا‪ ،‬لقيام االحتمال املذكور‬ ‫‪-3‬‬
‫يف القول األول‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ )3‬االستدالل ابلدوران‪:‬‬

‫من استدل ابلدوران يف شيء‪ ،‬ال يلزمه أن يُثبت ما هو أوىل منه‪.‬‬


‫وإذا كان وصف املعرتض متعداي إىل فرع‬ ‫فإن كانت كل من علة املستدل واملعرتض‬
‫فإن أبدى املعرتض وصفا آخر قاصرا‪:‬‬
‫آخر‪:‬‬ ‫متعدية إىل نفس الفرع‪:‬‬
‫املستدل لتَ َع ِد ِيه إىل غري حمل‬
‫ِ‬ ‫فالراجح وصف‬
‫فالرتجيح ال بد منه أيضا‪.‬‬ ‫فال يطلب الرتجيح‪.‬‬
‫احلكم‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬أن يقول املستدل‪ :‬حيرم الراب يف الرب‬ ‫مثاله‪ :‬أن يقول املستدل‪ :‬حيرم الراب يف‬ ‫مثاله‪ :‬أن يقول املستدل‪ :‬علة الراب يف الذهب‬
‫لعلة االقتيات‪ ،‬ويقيس عليه الشعري مثال‪.‬‬ ‫التفاح لعلة الطعم‪ ،‬فيقيس عليه اجلوز‬ ‫هي النقدية‪.‬‬
‫ويقول املعرتض‪ :‬بل العلة يف الرب هي‬ ‫مثال‪.‬‬ ‫فيقول املعرتض‪ :‬بل هي كونه ذهبا‪.‬‬
‫الطعم‪ ،‬ويقيس عليه التفاح‪.‬‬ ‫فيقول املعرتض‪ :‬بل العلة يف التفاح الوزن‪،‬‬ ‫ومعلوم أن العلتني يدور معهما احلكم وجودا‬
‫فعلة املستدل تتعدى إىل فرع‪ ،‬وعلة‬ ‫فيقيس عليه اجلوز‪.‬‬ ‫وعدما‪ ،‬لكن علة املستدل هنا متعديةٌ إىل غري‬
‫املعرتض إىل فرع آخر‪ .‬فيكون االختالف‬ ‫فكل من العلتني متعدية إىل نفس الفرع‬ ‫الذهب‪ ،‬كالفضة‪ .‬خبالف علة املعرتض‬
‫يف حكم الشعري والتفاح‪.‬‬ ‫الذي هو اجلوز‪.‬‬ ‫القاصرة على الذهب‪.‬‬
‫لذلك يطلب الرتجيح‪.‬‬ ‫ففي مثل ذلك ال يطلب الرتجيح‪.‬‬ ‫لذلك ترجح علة املستدل لتعديها‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الثيام ‪ :‬الطرد‪ ،‬ورو‪ :‬م قيارية احلكم الو صييف‪ .‬واألكثر على رده‪ .‬قيال عل مياايا‪ :‬قييا‬
‫املسلك الثامن‪ :‬الطرد‪.‬‬ ‫املعنى مناس ‪ ،‬والشبه تقري ‪ ،‬والطرد حتكم‪ .‬وقيل‪ :‬إن قار ه فيما عدا صورة الن اع‬
‫‪ .1‬تعريف الطرد‪.‬‬
‫‪ .2‬مثاله‪.‬‬ ‫امل قيار ية يف صييورة‪ .‬و قيال الكرخ ‪ :‬يف ييد‬ ‫أ فياد‪ .‬وعل ييه اإل ميا وكثري‪ ،‬وق ييل‪ :‬تكف‬
‫‪ .3‬االختالف يف قبول الطرد ورده‪.‬‬ ‫املناار دون الناار‪.‬‬

‫‪ )1‬تعريف الطرد‪:‬‬
‫هو مقارنة احلكم لوصف من غري مناسبة بينهما‪.‬‬
‫‪ ‬املقارنة ثالثة أنواع‪:‬‬
‫الثالث‪:‬‬ ‫الثاين‪:‬‬ ‫األول‪:‬‬
‫أن تكون يف مجيع الصور‪.‬‬
‫املقارنة يف صورة واحدة‪.‬‬ ‫املقارنة يف ما سوى النزاع‪.‬‬
‫وبه بدأ املصنف والشارح تبعا له‪.‬‬

‫‪ )2‬مثاله‪:‬‬
‫✓ مثلوا له ِبا لو قال قائل يف كون اخلَ ِل غري ُمطَ ِهر للنجاسة‪ ،‬هو ٌ‬
‫مائع ال تُبىن القنطرة على جنسه‪ ،‬فال تُزال به النجاسة‪.‬‬
‫• فإن بناء القنطرة وعدم بنائها ال يناسب إزالة النجاسة‪.‬‬

‫‪ )3‬االختالف يف قبول الطرد ورده‪:‬‬


‫يف قبول الطرد وعدم قبوله األقوال التالية‪:‬‬
‫قال الكرخي‪:‬‬ ‫قال بعضهم‪:‬‬ ‫قال مجاعة منهم اإلمام الرازي‪:‬‬ ‫قول أكثر العلماء‪:‬‬
‫هو مردود‪ ،‬النتفاء املناسبة‪.‬‬
‫الطرد يفيد من انظر‬ ‫إن كان احلكم مقاران للوصف‬ ‫قال علماء الشافعية‪ :‬قياس املعىن‬
‫غريه دون الناظر لنفسه‪،‬‬ ‫تكفي املقارنة يف‬ ‫يف مجيع الصور عدا صورة‬ ‫مناسب‪ ،‬الشتماله على املناسب‬
‫ألن األول يف مقام دفع‬ ‫صورة واحدة‬ ‫النزاع أفاد العلية يف صورة‬ ‫ابلذات‪ ،‬وقياس الشبه تقريب‪ ،‬لتقريبه‬
‫اخلصم‪ ،‬والثاين يف مقام‬ ‫لالعتداد به‪.‬‬ ‫النزاع أيضا‪ ،‬وإال فال‪.‬‬ ‫الفرع من األصل‪ ،‬وقياس الطرد‬
‫اإلثبات‪.‬‬ ‫[احملصول‪.]221/5 :‬‬ ‫حتكم‪ ،‬إذ ال مناسبة فيه وال تقريب‪.‬‬
‫[قاله السمعاين يف قواطع األدلة‪.]141/2 :‬‬

‫‪28‬‬
‫التا سيع‪ :‬تنقي املنا ‪ ،‬ورو‪ :‬أن يدل ااررا على التعليل بو صيف‪ ،‬فيحذف خ صيو صيه‬
‫املسلك التاسع‪ :‬تنقيح املناط‪.‬‬ ‫فيإث بيال الع لية يف آ حياد‬ ‫بيال بياق ‪ .‬أ ميا حتقيق امل نيا‬ ‫ع االعت بيار بياالجت هياد‪ ،‬وي نيا‬

‫تعريفه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫صوررا‪ ،‬كتحقيق أن النباش سارق‪ .‬ويرجيه مر‪.‬‬

‫حتقيق املناط‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪ )1‬تعريف تنقيح املناط‪:‬‬


‫✓ هو أن يدل ظاهر على التعليل بوصف‪ ،‬فيحذف ابالجتهاد خصوصه ويربط احلكم ِبا يعم ذلك الوصف وغريه‪.‬‬
‫• مثاله‪:‬‬
‫ما ورد يف حديث الصحيحني من مواقعة األعرايب يف هنار رمضان‪.‬‬
‫فإن مالكا‪ ،‬وأاب حنيفة حذفا خصوص املواقعة وربطا احلكم‪ ،‬وهو وجوب الكفارة ابإلفطار املتعمد‪ ،‬سواء‬
‫كان ذلك ابملواقعة أو بغريها‪.‬‬
‫✓ أو تكون له أوصاف يف حمل احلكم‪.‬‬
‫• ففي املسألة املذكورة‪:‬‬
‫حذف الشافعي األوصاف اليت ال تناسب احلكم‪ ،‬ككون املواقع أعرابيا‪ ،‬وكون املرأة زوجته‪ ،‬وربط احلكم‬
‫ابملواقعة‪ ،‬سواء حصلت من أعرايب‪ ،‬أم من غريه‪ ،‬وسواء كانت املرأة زوجته أم غريها‪.‬‬

‫‪ )2‬حتقيق املناط‪:‬‬
‫✓ هو إثبات العلة يف إحدى صورها‪.‬‬
‫‪ -‬واملراد‪ :‬إثبات وجود العلة يف صورة َخ ِفيَ ْ‬
‫ت فيها‪.‬‬
‫• مثاله‪:‬‬
‫كتحقيق أن النباش سارق‪ ،‬وذلك ببيان أنه أخ ُذ ِ‬
‫مال الغ ِري ُخفية‪ ،‬فهو سرقة‪ ،‬فيجب قطع يده‪.‬‬
‫‪ -‬وخالف يف ذلك أبو حنيفة‪.‬‬
‫➢ أما ختريج املناط فقد مر الكالم عنه يف حبث املناسبة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫العاشر‪ :‬إلغا الفارق‪ ،‬كإحلاق األمة بالعبد يف السراية‪ ،‬ورو‪ ،‬والدوران‪ ،‬والطرد‪ ،‬ترجع‬
‫املسلك العاشر‪ :‬إلغاء الفارق‪.‬‬ ‫ل الظ َّ يف الملة‪ ،‬وال تتعني جهة املصلحة‪.‬‬
‫ص ُ‬
‫ح ِّ‬
‫شَب ٍه‪ ،‬إذ تُ َ‬
‫ب َ‬
‫إىل ضَرْ ِ‬

‫تعريفه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫مثاله‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪ )1‬تعريفه‪:‬‬
‫العاشر من مسالك العلة‪( :‬إلغاء الفارق) ببيان عدم أتثريه‪ ،‬فيَثبت احلكم لِ َما اشرتكا فيه‪.‬‬

‫‪ )2‬مثاله‪:‬‬
‫كإلغاء الفارق بني األمة والعبد يف ِسر ِ‬
‫اية العتق الثابتة حبديث الصحيحني‪" :‬من أعتق شركا له يف عبد فكان له مال‬
‫يبلغ مثن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد‪ ،‬وإال فقد عتق عليه ما أعتق"‪.‬‬
‫وملا كان الفارق بني العبد واألمة‪ ،‬أي الذكورة واألنوثة مما ال أتثري له يف منع السراية‪ ،‬أُ ْحلَِق ِ‬
‫ت األََمةُ يف ذلك‪.‬‬

‫وإلغاء الفارق‪ ،‬والدوران‪ ،‬والطرد‪ ،‬كلها ترجع إىل نوع مشاهبة للعلة احلقيقية‪ ،‬وليست ِعلال حقيقية‪ ،‬ولكن حيصل هبا غَلَبَةُ‬
‫ني جهة املصلحة من تشريع احلكم‪ ،‬فإن هذه ال تدرك بواحد من الثالثة املذكورة‪.‬‬ ‫الظ ِن يف بعض األحوال‪ .‬كذلك هي ال تُ َع ِ ُ‬
‫ص ُل الظن‪[ .‬شرح احمللي‪.]257/2:‬‬ ‫وحتَ ِ‬
‫خبالف املناسبة فإهنا تعني جهة املصلحة‪ُ ،‬‬

‫‪30‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫خامتة‪.‬‬
‫ليا تَ َأ ِّت القيا ِ ِب ِع ِّلَي ِة وصفٍ‪ ،‬وال العج ُ ع إفسادِه دليلَ ِع ِّليَّ ِت ِه على األص فيهما‪.‬‬

‫‪ ‬قيل‪ :‬هناك مسلكان للعلة غريُ ما سبق‪ .‬وهذان املسلكان ضعيفان‪ ،‬فال يؤخذ هبما على األصح‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إذا استدل ِ‬
‫مستدل على أن هذا الوصف علة هلذا‬
‫األول‪ :‬إذا أتتى لنا أن نقيس شيئا على شيء بِ ِعلِ ِية وصف‪.‬‬
‫احلكم‪ ،‬وعجزان عن إفساد كونه علة له‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هو دليل على ذلك‪ ،‬ألن‬
‫وقيل‪ :‬إنه دليل عليها‪ ،‬ألن عجز‬
‫القياس إمنا هو إحلا ُق فرع أبصل‬
‫املعارض عن إبطال ذلك دليل على‬ ‫فليس عجزان عن‬
‫[وهو قول األستاذ أيب‬ ‫جبامع‪ ،‬وقد حصل‪.‬‬ ‫فليس ذلك دليال‬
‫صحته يف نفس األمر‪.‬‬ ‫ذلك دليال على أن‬
‫إسحاق الشريازي من الشافعية]‬ ‫على علية الوصف‬
‫العلة هي اليت‬
‫واجلواب‪ :‬أن هذا القول لو صح‬ ‫واجلواب‪ :‬أن املقصود ابجلامع الوارد‬ ‫املذكور‪.‬‬
‫ذكرها املستدل‪.‬‬ ‫يف ِ‬
‫القتضى أن تكون كل صورة عجزان‬ ‫حد القياس هو اجلامع الذي تُظَ ُّن‬
‫عن إبطاهلا صحيحة‪ ،‬وهذا بعيد‪.‬‬ ‫صحتُّه‪ ،‬ال اجلامع كيفما كان‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫﴿القوادح﴾‬

‫القادح‪ :1‬ختلف احلكم عن العلة‪.‬‬

‫و مسياه "النقض"‪ ،‬و قيا لي‬ ‫(القوادا) من هيا يلف احلكم ع الع لية و فيا قيا لل شييافع‬
‫‪ )3‬القوادح‪.‬‬ ‫احلنفية‪ :‬ال يقدا‪ ،‬ومسوه "ي صيييص العلة"‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يف امل سييتنبطة‪ ،‬وقيل عك سييه‪،‬‬

‫‪ )4‬ختلف احلكم عن العلة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬يقدا إال أن يكون ملا ع أو فقد شيير ‪ ،‬وعليه أكثر فقهاانا‪ .‬وقيل‪ :‬يقدا إال أن‬

‫‪ )5‬اختالفهم يف كون التخلف‬ ‫كيالعراييا‪ ،‬وعل ييه اإل ميا ‪ .‬وق ييل‪ :‬ي قيدا يف ا حلياارة‪ ،‬وق ييل‪:‬‬ ‫يرد على مجيع ا مليذا ري‬
‫يف املن صيو صية إال بظارر عا ‪ ،‬واملسيتنبطة إال ملا ع فقد شير ‪ ،‬وقال اآلمدي‪ :‬إن كان‬
‫قادحا‪.‬‬
‫من صيو صية مبا ال يقبل‬ ‫التخلف ملا ع أو فقد شير ‪ .‬أو يف معرض اال سيتثنا ‪ ،‬أو كا‬

‫التأويل مل يقدا‪.‬‬

‫❖ ‪ .1‬القوادح‪:‬‬
‫‪ -‬القوادح هي ما يقدح يف الدليل من حيث العلة أو غريها‪.‬‬

‫❖ ‪ .2‬ختلف احلكم عن العلة‪:‬‬


‫‪ -‬ختلف احلكم عن العلة أبن توجد العلةُ يف صورة‪ ،‬وال يوجد احلكم‪.‬‬
‫• كما لو قيل‪ :‬علة الراب يف الرب هي الطعم‪ ،‬فيقال‪ :‬وجد الطعم يف الرمان مع أنه غري ربوي‪.‬‬

‫❖ ‪ .3‬اختالفهم يف كون التخلف قادحا‪:‬‬


‫‪ -‬يف كون التخلف قادحا أقوال‪:‬‬
‫ض"‪ ،‬وكذلك مساه‬
‫‪ )1‬اختار املصنف قول اإلمام الشافعي أبن ذلك قادح يف العلية‪ ،‬ومساه الشافعي‪" :‬الن ْق َ‬
‫أصحابه‪ ،‬وأصحاب مالك وأمحد‪.‬‬

‫‪ )2‬قول احلنفية‪ :‬إنه غري قادح‪ ،‬ومسوه‪" :‬ختصيص العلة"‪ .‬أي‪ :‬أن العلة اثبتة يف غري صورة التخلف‪.‬‬
‫ففي املثال املذكور يقال‪ :‬العلة الطعم إال يف الرمان‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ )3‬قيل‪ :‬هو قادح يف العلة إذا كانت منصوصة ال مستنبطة‪ .‬ألن دليل املنصوصة هو النص الشامل جلميع‬
‫الصور‪ ،‬فانتفاء احلكم يف صورة يُوقِ ُفهُ عن العمل به حىت يوجد ُم َرِج ٌح‪.‬‬
‫أما املستنبطة فليس التخلف فيها قادحا‪ ،‬ألن دليلها اقرتان احلكم هبا‪ ،‬فإذا ختلف يف صورة دل على عدم‬
‫العلية يف تلك الصورة فقط‪.‬‬
‫✓ واجلواب عن هذا أبن عدم اقرتان احلكم فيها يدل على عدم العلية يف مجيع الصور‪ ،‬فهو كدليل‬
‫املنصوصة يف الشمول‪ ،‬فال فرق بينهما‪.‬‬

‫‪ )4‬قال بعضهم‪ :‬هو قادح يف املستنبطة دون املنصوصة ألن الشارع له أن يطلق العام ويريد به اخلاص‪ ،‬خبالف‬
‫ض قوله أن يقول‪ :‬أردت غري هذا‪[ .‬حكاه إمام احلرمني عن بعض العلماء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫غري الشارع فإنه ليس له إذا نُق َ‬
‫كما يف الربهان‪]102/2 :‬‬

‫‪ )5‬قول البعض‪ :‬هو قادح يف امل نصوصة واملستنبطة إال إذا كان التخلف لوجود مانع‪ ،‬أو فقد شرط من شروط‬
‫احلكم‪.‬‬
‫• مثال التخلف لوجود مانع‪:‬‬
‫ختلف القصاص عن القتل العمد العدوان يف صورة قتل األب ابنه‪ .‬فالتخلف فيه إمنا هو ملانع األبوة‪.‬‬
‫(وهو مذهب كثري من الشافعية‪ ،‬ومجهور احلنفية)‪.‬‬
‫• مثال التخلف لفقد شرط‪:‬‬
‫ختلف وجوب الزكاة عن علته اليت هي ملك النصاب إذا مل يتم احلول الذي هو شرط لوجوب الزكاة‪.‬‬
‫(وعلى هذا القول أكثر الفقهاء من الشافعية)‪.‬‬

‫‪ )6‬قول بعضهم‪ ،‬ومنهم اإلمام الرازي‪ :‬هو قادح إال إذا جاء التخلف يف صورة وهو خمالف جلميع املذاهب‪.‬‬
‫• كما يف العرااي‪ ،‬وهي بيع الرطب والعنب قبل القطع بتمر أو زبيب‪ ،‬فإن جوازه وارد على كل قول يف‬
‫علة حرمة الراب من الطعم والقوت والكيل‪ ،‬فالتخلف يف هذه الصورة ال يقدح‪.‬‬
‫• وقال بعض احملققني‪ :‬العرااي رخصة ابإلمجاع‪ ،‬والرخصة ما شرع لعذر مع قيام املانع‪ ،‬فال متنع العليةُ يف‬
‫غريها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ )7‬قول آخرين‪ :‬هو قادح يف العلة احلاظرة دون املبيحة‪ ،‬ألن احلظر على خالف األصل‪ ،‬فتقدح فيه اإلابحة‪.‬‬
‫أما املبيحة فإهنا أصل‪ ،‬لقوهلم‪ :‬األصل يف األشياء اإلابحة‪ ،‬فنفيها عارض‪ ،‬فال يُ ُّ‬
‫عتد به‪.‬‬
‫• مثال احلاظرة أن يقال‪ :‬حيرم الراب يف الرب لكونه مكيال‪ ،‬فيقال‪ :‬هذا منقوض ابجلبس‪ ،‬فإنه مكيل‪،‬‬
‫وليس بربوي‪.‬‬
‫• ومثال املبيحة أن يقال‪ :‬ال راب يف التفاح ألنه موزون‪ ،‬فيقال‪ :‬هذا منقوض ابلتمر‪ ،‬فإنه موزون‪ ،‬وهو‬
‫ربوي اتفاقا‪.‬‬

‫‪ )8‬قول البعض‪ :‬هو قادح يف العلة املنصوصة إذا ثبتت بنص قاطع‪ ،‬أو إمجاع‪ .‬أما إذا ثبتت بظاهر عام فإن‬
‫التخلف غري قادح حينئذ‪ ،‬ألن هذا قابل للتخصيص خبالف القاطع‪[ .‬وهو اختيار ابن احلاجب وغريه]‪.‬‬

‫‪ )9‬قال اآلمدي‪ :‬ال يقدح التخلف إذا كان ملانع أو فقد شرط‪ ،‬أو كان يف معرض االستثناء كالعرااي‪ ،‬أو كانت‬
‫منصوصة ِبا ال يقبل التأويل‪ .‬كما لو قيل‪ :‬حيرم الراب يف كل مطعوم‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫واخلالف معنوي ال لفظ ‪ ،‬خالفا الب احلاج ‪ ،‬وم فروعه‪:‬‬
‫‪ -4‬اخلالف يف كون التخلف قادحا أو غري‬
‫التعليل بعلتني‪ ،‬واال قطاع‪ ،‬واخنرا املناسبة مبفسدة‪ ،‬وغريُرا‪.‬‬
‫قادح‪ ،‬هل هو خالف معنوي أو لفظي؟‬

‫❖ اخلالف يف كون التخلف قادحا أو غري قادح؛ خالف لفظي أم معنوي؟‬


‫خالف معنوي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬اخلالف يف كون التخلف املذكور قادحا‪ ،‬أو غري قادح‪،‬‬
‫‪ -‬خالفا البن احلاجب حيث قال‪ :‬إنه لفظي‪.‬‬

‫وقال‪ :‬هو راجع إىل أن العلة إن فُ ِس َر ْ‬


‫تب‪:‬‬
‫أ) ابألمر الذي يلزم من وجوده وجود احلكم‪ :‬كان التخلف قادحا‪.‬‬
‫غري قادح‪.‬‬ ‫ب) ابلباعث‪ ،‬أو ِ‬
‫املعرف‪ :‬كان َ‬

‫✓ وعليه يكون اخلالف لفظيا‪.‬‬


‫✓ واملصنف يرى أن اخلالف معنوي تنبن عليه فروع‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪-2‬أن املستدل ينقطع إذا قلنا‪ :‬إلن ‪-3‬اخنرام املناسبة بني الوصف واحلكم‬ ‫ممتنع على القول‬
‫‪-1‬أن التعليل بعلتني ٌ‬
‫ِبفسدة‪ ،‬إن قلنا أبن التخلف قادح‪.‬‬ ‫التخلف قادح لبطالن دليله ابلقدح‬ ‫أبن التخلف قادح‪ ،‬وإال فال ميتنع‪.‬‬
‫وعدم اخنرامها إن مل نقل بذلك‪.‬‬ ‫فيه‪ .‬وإن مل نقل أبنه قادح فاملستدل‬
‫قال الشارح احمللي‪" :‬هذا نشأ عن َسهو‪،‬‬
‫ف العلة عن ِ‬
‫احلكم‪ ،‬ال ينقطع‪ ،‬لبقاء دليله‪ ،‬لعدم القدح ويكون التخلف حينئذ لوجود مانع‪.‬‬ ‫فإنه إمنا يتأتى يف َختَلُّ ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫عكس ِه"‪.‬‬
‫والكالم يف ِ‬
‫ُ‬
‫أمور أخرى غري ما تقدم‪ ،‬كتخصيص العلة إن قدح التخلف‪ ،‬وعدمه إن مل يقدح‪.‬‬
‫وينبن على كون اخلالف معنواي‪ٌ ،‬‬

‫‪35‬‬
‫وجوابه منع وجود العلة‪ ،‬أو ا تفا احلكم‪ ،‬إن مل يك ا تفااه مذر‬
‫‪ -5‬جواب املستدل عند االعرتاض عليه‬ ‫املستدل‪ ،‬وعند م يرى املوا عَ بيا ُها‬
‫بتخلف احلكم عن العلة‪.‬‬

‫‪ -‬سبق أن مثلنا لتخلف احلكم عن العلة ِبا لو قيل‪ :‬علة الراب يف الرب هي الطعم‪ .‬فيقدح املعرتض أبن الطعم موجود‬
‫يف الرمان وهو غري ربوي اتفاقا‪.‬‬
‫✓ فاجلواب‪:‬‬
‫إما أن يثبت املستدل أن الطعم غري موجود يف الرمان‪.‬‬
‫أو أن يثبت أن الرمان ربوي‪.‬‬
‫أي‪ :‬أن العلة غري موجودة‪ ،‬أو أن احلكم اثبت‪.‬‬

‫(هذا إذا مل يكن مذهب املستدل عدم ربوية الرمان‪ ،‬ألنه إذا كان مذهبه ذلك مل يتأت له إثبات ربويته كما هو واضح)‪.‬‬

‫‪ -‬أما من يرى املوانع غري قادحة‪ ،‬كأن يرى أن التخلف غري قادح إذا كان ملانع‪.‬‬
‫✓ فجوابه بياهنا أو بيان واحد منها على األقل‪.‬‬

‫وليا للمعرتض االستدالل على وجود العلة عند األكثر لال تقال‪ ،‬وقال‬
‫‪ -6‬اعرتاض املعرتض بتخلف احلكم عن‬ ‫اآلمدي‪ :‬ما مل يك دليل أوىل بالقدا‬
‫العلة‪.‬‬

‫‪ -‬إذا قال املستدل‪ :‬إن العلة غري موجودة يف صورة التخلف‪.‬‬


‫كأن يقول يف املثال السابق‪ :‬الطعم غري موجود يف الرمان‪.‬‬
‫✓ فليس للمعرتض أن يورد دليال على وجوده يف الرمان‪ ،‬ألن ذلك يؤدي إىل انتقال املعرتض من مقام‬
‫االعرتاض إىل مقام االستدالل‪ ،‬وهذا غري جائز عند أكثر النظار‪.‬‬
‫✓ وقال اآلمدي‪ :‬للمعرتض ذلك‪ ،‬إال إذا كان عنده دليل آخر أوىل ابلقدح من االعرتاض ابلتخلف‪.‬‬
‫كأن يقول فيما تقدم‪ :‬نص احلديث على أن علة الراب هي الطعم مثال‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ولو دل على وجودرا مبوجود يف حمل النقض‪ ،‬ثم منع‬
‫‪ -7‬استدالل املستدل على وجود العلة‬
‫وجودرا‪ ،‬فقال ينتقض دليل ‪ ،‬فالصواب أ ه ال يسمع ال تقاله‬
‫بدليل موجود يف صورة النقض مث منعه وجودها‬
‫قض العلة إىل قض دليلها‪ ،‬وليا له االستدالل على‬ ‫م‬
‫يف تلك الصورة‪.‬‬
‫يلف احلكم‪ ،‬وثالثها إن مل يك طريق أوىل‪.‬‬

‫‪ -‬لو استدل املستدل على وجود العلة (وفيما علله هبا) بدليل موجود يف صورة النقض‪ ،‬مث منع (أي املستدل)‬
‫وجودها يف تلك الصورة‪.‬‬
‫‪ -‬فقال له املعرتض‪ :‬ينتقض دليلك على وجود العلة‪ ،‬ألن هذا الدليل قد وجد يف حمل النقض دوهنا‪.‬‬
‫✓ فالصواب‪:‬‬
‫أنه ال يُسمع قول املعرتض‪ ،‬ألنه بذلك ينتقل من نقض العلة إىل نقض دليلها‪ ،‬واالنتقال ممنوع عندهم‪.‬‬
‫✓ وقال ابن احلاجب‪:‬‬
‫يف القول بعدم السماع نظر‪ .‬ألن القدح يف الدليل قدح يف املدلول‪ .‬فال يكون االنتقال ممتنعا‪.‬‬
‫‪ ‬مثال ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أن يثبت املستدل كون الرب مطعوما بدليل كونه يدار ابلفم وميضغ مثال‪ ،‬فيكون ربواي‪.‬‬
‫‪ -‬فيقول املعرتض‪ :‬ما ذكرت من علية الطعم ينتقض ابلتفاح‪ ،‬فإنه مطعوم وليس ربواي‪.‬‬
‫‪ -‬فيقول املستدل‪ :‬ال أسلم أن التفاح مطعوم‪.‬‬
‫ذكرت من الدليل على مطعومية الرب موجود يف التفاح‪ ،‬فإنه يدار ابلفم إخل‪ ،‬وعليه ينتقض‬
‫َ‬ ‫‪ -‬فيقول املعرتض‪ :‬ما‬
‫دليلك‪.‬‬
‫• وإذا ادعى املعرتض أن احلكم متخلف عن العلة اليت ذكرها املستدل‪:‬‬
‫✓ فليس له االستدالل على ختلفه عنها‪ ،‬ولو بعد أن مينع املستدل ذلك التخلف‪ ،‬ألن استدالل املعرتض‬
‫على ذلك ينقله من االعرتاض إىل االستدالل مما يؤدي إىل انتشار الكالم‪ ،‬وهذا ممنوع عند النظار‪[ .‬أي‬
‫عند املالكية والشافعية واحلنابلة]‪.‬‬
‫✓ وقيل‪ :‬له ذلك إال إذا كان عنده دليل أوىل ابلقدح من التخلف‪[ .‬قاله بعض األصوليني‪ ،‬وحكاه اآلمدي‬
‫يف اإلحكام]‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫االحرتائ منه على املناار مطلقا وعلى الناار إال فيما‬ ‫وجي‬
‫‪ -8‬هل جيب على املستدل أن يذكر يف‬
‫مطلقا‪ ،‬وقيل‬ ‫اشتهر م املستثنيال فصار كاملذكور‪ ،‬وقيل جي‬
‫صلب االستدالل ما حيرتز به من التخلف؟‬
‫إال يف املستثنيال مطلقا‪،‬‬

‫❖ هل جيب على املستدل أن يذكر يف صلب االستدالل ما حيرتز به من التخلف‪ ،‬أبن يذكر قيدا ُيرجه‪ ،‬أو ال جيب‬
‫ذلك؟ فيه أقوال‪:‬‬
‫جيب االحرتاز على املناظر سواء كان من املستثنيات أم من غريها‪ .‬وعلى الناظر لنفسه‪ ،‬إال فيما اشتهر‬ ‫أ‪-‬‬
‫من املستثنيات كمسألة العرااي‪ ،‬ألن هذه ابشتهارها صارت كأهنا مذكورة‪ ،‬فال حاجة إىل االحرتاز منها‪.‬‬
‫[وهو قول الشافعية]‪.‬‬
‫جيب االحرتاز على املناظر والناظر مطلقا‪ ،‬أي فيما استثن وغريه‪ .‬وليس املشهورة كاملذكورة‪ ،‬فيجب‬ ‫ب‪-‬‬
‫االحرتاز عنها كغري املشهورة‪[ .‬وهو قول احلنابلة]‪.‬‬
‫جيب االحرتاز على املناظر والناظر إال يف املستثنيات‪ ،‬سواء كانت مشهورة أم ال‪ ،‬للعلم أبن املستثنيات‬ ‫ت‪-‬‬
‫غري مرادة‪[ .‬عزاه الزركشي إىل الغزايل‪ ،‬كما يف البحر احمليط]‪.‬‬
‫مل يذكر املصنف قوال رابعا مشهورا‪ ،‬وهو الذي اختاره ابن احلاجب‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫أبنه ال جيب االحرتاز مطلقا‪[ .‬وهبذا الرأي قال املالكية واحلنفية]‪ .‬واستدل على ذلك أبن املطلوب من‬
‫املستدل‪ :‬بيا ُن دليل العلية‪ ،‬وليس من ذلك بيان نفي املعارض ابالحرتاز‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ودعوى صورة معينة‪ ،‬أو مبهمة‪ ،‬أو فيِها ينتفض باإلثبال أو النف‬
‫‪ -9‬النقض ابلنفي العام وابإلثبات العام‪.‬‬
‫العامني وبالعكا‪.‬‬

‫اإلثبات العام‬ ‫النفي العام‬


‫دعوى نفي صورة مبهمة‬ ‫دعوى نفي صورة معينة‬ ‫دعوى ثبوت صورة مبهمة‬ ‫دعوى ثبوت صورة معينة‬
‫إنسان ما ليس بكاتب‬ ‫مثل‪ :‬زيد ليس بكاتب‬ ‫مثل‪ :‬إنسان ما كاتب‬ ‫مثل‪ :‬زيد كاتب‬
‫النقض فيهما ابإلثبات العام‪ ،‬فيقال‪ :‬كل إنسان كاتب‪ ،‬ألن‬ ‫ينتقض ابلنفي العام‪ .‬فيقال‪ :‬ال شيء من اإلنسان بكاتب‪،‬‬
‫نقيض السالبة اجلزئية هو املوجبة الكلية‪ .‬كما هو مقرر يف‬ ‫ألن املقرر يف علم املنطق أن نقيض املوجبة اجلزئية هو‬
‫املنطق أيضا‪.‬‬ ‫السالبة الكلية‪.‬‬
‫س‪:‬‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫ك ال‬ ‫ذل‬ ‫وك‬
‫ودعوى اإلثبات العام مثل‪ :‬كل إنسان كاتب‪ ،‬ينتقض بنفي‬
‫فدعوى النفي العام ينتقض إبثبات صورة معينة أو مبهمة‪.‬‬
‫صورة معينة أو مبهمة‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫القادح‪ :2‬الكسر‬

‫و صيف م العلة‬ ‫ومنها الك سير قادا على ال صيحي أل ه قض املعنى‪ ،‬ورو إ سيقا‬
‫تعريف الكسر‬ ‫‪-1‬‬ ‫أداارا كاألم‬ ‫ق ضياارا‪ ،‬فيج‬ ‫إما مع ابداله كما يقال يف اخلوف صيالة جي‬

‫اخلالف يف كون الكسر قادحا‬ ‫‪-2‬‬ ‫ال صيالة ملغ فليبدل بالعبادة‪ ،‬ثم ينقض ب صيو احلااض‬ ‫فيعرتض بأن خ صيو‬

‫إسقاط الوصف‬ ‫‪-3‬‬ ‫ق ضييااه يؤدى‪،‬‬ ‫جي‬


‫ق ضييااريا‪ ،‬وليا كيل ميا ي‬ ‫أو ال يبيدل فال يبقى علية إال جيي‬

‫دليله احلااض‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف الكسر‬
‫‪ -‬هو إسقاط وصف من العلة ببيان أنه ملغى‪ ،‬لوجود احلكم مع انتفاء ذلك الوصف‪[ .‬تعريف املصنف]‬
‫‪ -‬وعرفه بعضهم أبنه‪ :‬عدم أتثري أحد جزئي العلة‪ ،‬مث نقض اجلزء اآلخر‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬اخلالف يف كون الكسر قادحا‪:‬‬


‫‪ -‬من القوادح (الكسر)‪ ،‬فإنه قادح على الصحيح‪ .‬ألنه نقض املعىن املعلل به إبلغاء ِ‬
‫بعضه‪[ .‬احلنفية والشافعية]‪.‬‬
‫‪ -‬ليس بقادح‪[ .‬املالكية واحلنابلة]‪.‬‬

‫❖ ‪ -3‬إسقاط الوصف‪:‬‬
‫‪ -‬إسقاط الوصف إما مع إبداله بوصف آخر‪ ،‬أو مع عدم إبداله‪.‬‬
‫مثاله مع عدم اإلبدال‬ ‫مثاله مع اإلبدال‬
‫إلغاء خصوص الصالة فيما تقدم من غري إبدال‪،‬‬ ‫أن يقال يف إثبات وجوب أداء الصالة يف حالة اخلوف‪ :‬هي‬
‫فالباقي من العلة‪( :‬جيب قضاؤها)‬ ‫صالة جيب قضاؤها إذا فاتت‪ ،‬فهي كالصالة يف حالة األمن‪.‬‬
‫والكسر يف هذا أن يقول املعرتض‪ :‬إن خصوص الصالة يف‬
‫ذلك ملغى‪ ،‬إذ جيب ما تقدم يف احلج أيضا‪ .‬فليبدل خصوص‬
‫فيتجه االعرتاض أبنه ليس كل ما جيب قضاؤه جيب‬
‫الصالة ِبا يعمها وغريها‪ .‬فيقال‪ :‬عبادة جيب قضاؤها‪ ،‬فال جيب‬
‫أداؤه‪ ،‬فإن احلائض جيب عليها قضاء الصوم وال‬
‫أداؤها يف الوقت‪.‬‬
‫جيب عليها أداؤه اتفاقا‪.‬‬
‫فينقض املعرتض ذلك بصوم احلائض فإنه عبادة جيب قضاؤها‬
‫وال جيب أداؤها اتفاقا‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫القادح ‪ :3‬العكس‬

‫م قيابليه فيأبلغ‪ ،‬و شيياريده‬ ‫ومن هيا العكا ورو ا ت فيا احلكم ال ت فيا العلية‪ ،‬يفإن ثبي‬

‫تعريف العكس‪.‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫إذا وضعها يف احلالل‬ ‫قوله ﷺ أرأيتم لو وضعها يف حرا أكان عليه وئر‪ ،‬فكذل‬

‫كون العكس قادحا‪.‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫كان له أجر يف جواب أيأت أحد ا شيهوته وله فيها أجر‪ ،‬ويلفه قادا عند ما ع‬

‫صور العكس‪.‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫عيد ا ليدل ييل عيد‬ ‫م‬ ‫علتني‪ ،‬و عين بيا ت فيا ايه ا ت فيا العلم أو الظ إذ ال يل‬

‫املدلول‪.‬‬
‫على صحة االستدالل ابنتفاء‬ ‫‪-4‬‬
‫العلة على انتفاء احلكم‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف العكس‪:‬‬
‫‪ -‬من القوادح (العكس)‪ ،‬وهو‪ :‬انتفاء احلكم بسبب انتفاء العلة‪.‬‬
‫✓ والواقع يف احلقيقة أن القادح هو ختلف العكس كما سيذكر املصنف‪ ،‬أما العكس فدليل على صحة‬
‫العلية‪ ،‬فكما نقول ثبوت احلكم لثبوت العلة‪ ،‬نقول انتفاء احلكم النتفاء العلة‪.‬‬
‫❖ ‪ -2‬كون العكس قادحا‪:‬‬
‫‪ -‬عند مانعي التعليل بعلتني‪ :‬إذا ختلف العكس كان قادحا يف صحة العلية‪.‬‬
‫‪ -‬عند جموزي التعليل بعلتني‪ :‬ليس ختلف العكس قادحا‪ ،‬إذ جيوز أن يكون ثبوت لعلة أخرى‪.‬‬
‫❖ ‪ -3‬صور العكس‪:‬‬

‫وقد يكون يف مجيع الصور‪ ،‬وهو أبلغ‬ ‫العكس قد يكون يف بعض الصور قادحا‬
‫ويسمى ب ‪ :‬الط ْرِد‬
‫أبن يثبت احلكم مع انتفاء العلة يف صورة‪.‬‬
‫أي‪ :‬كلما ثبت احلكم ثبتت العلة‪ ،‬وملا انتفى انتفت‪.‬‬

‫❖ ‪ -4‬الشاهد على صحة االستدالل ابنتفاء العلة على انتفاء احلكم‪:‬‬


‫قول بعض الصحابة للنيب ﷺ‪" :‬أأييت أحدان شهوته وله فيها أجر؟ فقال‪ :‬أرأيتم‬
‫‪ -‬ما ورد يف صحيح مسلم‪ ،‬وهو‪ُ :‬‬
‫لو وضعها يف حرام‪ ،‬أكان عليه وزر؟ قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فكذلك إذا وضعها يف احلالل كان له أجر"‪.‬‬
‫✓ فيستنتج من ثبوت احلكم يف احلرام االنتفاء يف احلالل‪ .‬وهذا يسمى‪[ :‬قياس العكس]‪ ،‬وسيأيت‪.‬‬
‫✓ واملقصود ابالنتفاء‪ :‬انتفاء العلم أو الظن به‪ ،‬ال االنتفاء يف واقع األمر‪ ،‬إذ ال يلزم من انتفاء الدليل‬
‫انتفاء املدلول‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫القادح ‪ :4‬عدم التأثري‬

‫ومنها عد التأثري أي أن الوصف ال مناسبة فيه وم ثم اختص بقيا‬


‫‪ -1‬تعريف عدم التأثري‪.‬‬ ‫املعنى‪ ،‬وباملستنبطة املختلف فيها‪ ،‬ورو أربعة‪:‬‬
‫‪ -2‬حمله‪.‬‬
‫‪ -3‬أقسامه‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف عدم التأثري‪:‬‬


‫‪ -‬عدم التأثري‪ :‬كون الوصف ال مناسبة فيه للحكم‪[ .‬تعريف املصنف]‬
‫‪ -‬أي‪ :‬كون الوصف (طرداي ال أثر له)‪ ،‬ال مناسبة فيه (بذاته)‪ ،‬للحكم نفيا وإثباات‪.‬‬
‫‪ -‬وعرفه الباجي والبيضاوي وغريمها‪ :‬أن يعدم الوصف وال يُعدم احلكم‪.‬‬
‫✓ وهو على قادح عند اجلمهور من األئمة األربعة‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬حمله‪:‬‬
‫‪ -‬من أجل نفي املناسبة فيه‪ ،‬اختص القدح به ب ‪:‬‬
‫أ‪ .‬قياس املعىن‪ :‬الشتماله على املناسب دون غريه كقياس الشبه‪.‬‬
‫ب‪ .‬العلة املستنبطة املختلف فيها‪ :‬دون املنصوصة‪ ،‬ودون املستنبطة املتفق عليها‪ .‬فال يتأتى القول بعد التأثري يف‬
‫هاتني‪ ،‬إذ ال بد من وجود املناسبة فيها‪.‬‬

‫❖ ‪ -3‬أقسامه‪:‬‬
‫‪ -‬عدم التأثري أربعة أقسام‪ ،‬ألنه إما أن يكون معارضة‪:‬‬
‫‪ o‬يف الوصف‪.‬‬
‫‪ o‬أو يف األصل‪.‬‬
‫‪ o‬أو يف احلكم‪.‬‬
‫‪ o‬أو يف الفرع‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ورو أربعة‪ :‬يف الوصف بكو ه طرديا‪،‬‬

‫عترب اتفاقا‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التأثري يف الوصف ببيان أنه طردي‪ ،‬فال يُ َ‬
‫✓ مثاله‪ :‬ما لو قيل يف صالة الصبح‪ :‬ال تقصر فال يقدم أذاهنا على وقته كاملغرب‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬ال مناسبة بني عدم القصر‪ ،‬وعدم تقدمي األذان‪.‬‬

‫ويف األصل مثل مبيع غري مرا فال يص كالطري يف اهلوا ‪ ،‬فيقول ال أثر لكو ه غري مرا ‪ ،‬فإن العج‬
‫ع التسليم كاف‪ ،‬وحاصله معارضته يف األصل‬

‫‪ -‬عدم التأثري يف األصل‪ :‬أبن يبدي املعرتض علة حلكمه‪.‬‬


‫يصح‪ ،‬كبيع الطري يف اهلواء‪.‬‬
‫✓ كما لو قيل يف عدم صحة بيع الغائب‪ :‬هو مبيع غري مرئي فال ُّ‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬ال أثر لكونه غري مرئي يف األصل‪ ،‬فإن العجز عن تسليمه كاف يف عدم الصحة‪.‬‬
‫‪ -‬وحاصل ذلك معارضة يف األصل إببداء غري ما أبداه املستدل‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ويف احلكم ورو أضرب‪ ،‬أل ه إما أن ال يكون لذكره فاادة‪ ،‬كقوهلم يف املرتدي ‪ :‬مشركون أتلفوا ماال يف دار احلرب‬
‫الضمان أوجبه وإن مل يك يف دار‬ ‫فال ضمان كاحلرب ودار احلرب عندرم طردي فال فاادة لذكره‪ ،‬إذ م أوج‬
‫بتأثري كو ه يف دار احلرب أو يكون له فاادة ضرورية كقول معت‬ ‫فاه فريجع إىل األول أل ه يطال‬ ‫احلرب‪ ،‬وكذا م‬
‫العدد يف االستجمار باألحجار‪ :‬عبادة متعلقة باألحجار مل يتقدمها معصية فاعت فيها العدد كالمار‪ ،‬فقوله‪ :‬مل يتقدمها‬
‫معصية عديم التأثري يف األصل والفرع لكنه مضطر إىل ذكره لئال ينتقض بالرجم‪ ،‬أو غري ضرورية فإن مل تغفر الضرورية‬
‫مل تغفر‪ ،‬وإال فرتدد‪ .‬مثاله المعة صالة مفروضة مل تفتقر إىل إذن اإلما كالظهر فإن مفروضة حشو إذ لو حذف مل‬

‫الفرع م األصل بتقوية الشبه بينهما إذ الفرض بالفرض أشبه‪.‬‬ ‫لكنه ذكر لتقري‬ ‫ينتقض بش‬

‫وصف ال أتثري له يف احلكم املعلل‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫‪ -‬عدم التأثري يف احلكم‪ :‬وهو أن يُذكر‬
‫‪ -‬وهو على ثالثة أضرب‪ ،‬ألنه إما‪:‬‬

‫الوصف الذي اشتملت عليه العلة‪:‬‬


‫وإما أن تكون له فائدة‬
‫إما أال يكون لذكره فائدة‬
‫أو غري ضرورية‬ ‫ضرورية‬

‫‪ )1‬ما ال يكون لذكر الوصف فائدة فيه‪:‬‬


‫✓ كقول احلنفية يف عدم تضمني املرتدين الذين أتلفوا شيئا من أموالنا يف دار احلرب‪ :‬هم مشركون أتلفوا‬
‫ماال يف دار احلرب فال ضمان عليهم‪ ،‬كما ال يضمن احلريب إذا أتلف ماال لنا‪.‬‬
‫ودار احلرب ال يؤثر فهو طردي‪ ،‬فال فائدة من ذكره‪ ،‬ألن‪:‬‬
‫‪ o‬الشافعية الذين أوجبوا الضمان يف ذلك أوجبوه سواء كان اإلتالف يف دار احلرب أم يف دار‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫‪ o‬وكذلك احلنفية الذين نفوا الضمان فيه‪ ،‬فإهنم نفوه وإن كان اإلتالف يف دار اإلسالم‪.1‬‬
‫‪ -‬ويرجع االعرتاض يف ذلك إىل القسم األول‪ ،‬ألن املعرتض يطالب املستدل ببيان أتثري كون اإلتالف يف دار‬
‫احلرب‪.‬‬

‫‪ 1‬اتفق العلماء على أن الحربي ال يضمن ما أتلفه‪ ،‬ولكنهم اختلفوا في المرتد‪ ،‬هل يضمن أو ال؟ فهم على مذهبين‪:‬‬
‫األول‪ :‬ال يضمن‪ .‬وهو مذهب الحنفية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يضمن‪ .‬وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ )2‬ما تكون له فائدة ضرورية‪:‬‬
‫✓ كقول من ُّ‬
‫يعتد ابلعدد يف أحجار االستنجاء‪( :‬عبادةٌ متعلقةٌ ابألحجار مل يتقد ْمها َمعصيةٌ فيجب االلتزام‬
‫فيها ابلعدد)‪.‬‬
‫فالتعليل بكوهنا عبادة متعلقة ابألحجار مع زايدة قيد عدم تقدم معصية‪.‬‬
‫هذه الزايدة عدمية التأثري لكنه ذكرها لئال ينتقض برجم الزاين فإنه متعلق ابألحجار‪ ،‬ومل يعتربوا فيه عذرا‪،‬‬
‫خبالف رمي اجلمار يف احلج‪.‬‬

‫‪ )3‬ما تكون له فائدة لكنها غري ضرورية‪:‬‬


‫‪ -‬وسبق أن الضرورية يصح االعرتاض على الوصف الذي اشتملت عليه العلة‪ ،‬وإن كان ذكره ضروراي فلذلك ال‬
‫يُغت َفر‪.‬‬
‫وإذا كانت الضرورية كذلك كانت غري الضرورية أوىل أبن ال تغتفر‪.‬‬
‫وإذا اغتفرت الضرورية ففي غري الضرورية حمل تردد‪ :‬فقيل‪ :‬تغتفر‪ .‬وقيل‪ :‬ال تغتفر‪.‬‬

‫✓ مثال غري الضرورية‪:‬‬


‫أن يقال يف قياس إقامة صالة اجلمعة على إقامة صالة الظهر‪ :‬اجلمعة صالة مفروضة فإقامتها ال تفتقر‬
‫إىل إذن اإلمام كإقامة فرض الظهر‪.‬‬
‫كر (مفروضة) يف التعليل حشو‪ ،‬ولو حذف مل ينتقض بشيء كما ينتقض يف الضرورية‪ ،‬لكن املستدل‬ ‫ِ‬
‫فذ ُ‬
‫ذكره لتقريب الفرع من األصل‪ ،‬أي‪ :‬لتقريب املشاهبة بني صالة اجلمعة وصالة الظهر‪ ،‬إذ الفرض‬
‫ِ‬
‫ابلفرض أشبهُ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫إذ ال أثر للتقييد‬ ‫ورو كالثا‬ ‫فسها بغري كفئ‪ ،‬فال يص كما لو ئوج‬ ‫الرابع يف الفرع مثل ئوج‬
‫بغري الكفئ ويرجع إىل املناقشة يف الفرض ورو يصيص بعض صور الن اع بإحجاج واألص جوائه‪،‬‬
‫وثالثها بشر البنا ‪ :‬أي بنا غري حمل الفرض عليه‪،‬‬

‫‪ -‬عدم ال تأثري يف الفرع‪ :‬وهو أن يكون الوصف املذكور يف الدليل ال يطرد يف مجيع صور النزاع‪ ،‬وإن كان مناسبا‪.‬‬
‫يصح‪ .‬كما ال‬
‫ت نفسها بغر كفء فال ُّ‬
‫✓ كأن يقال يف االستدالل على صحة تزويج املرأة نفسها‪ :‬زو َج ْ‬
‫يصح لو زوجها وليها بغري كفء‪ .‬فالتقييد بقوله‪( :‬بغري كفء) ال أتثري له‪ .2‬إذ املطلوب إثبات عدم‬
‫صحة تزويج املرأة نفسها‪ ،‬سواء كان بكفء أم بغريه‪.‬‬
‫وهذا القيد كالقيد املذكور يف القسم الثاين من كون املبيع غري مرئي‪ .‬إال أن عدم التأثري هنا يف الفرع‪.‬‬
‫وهنا‪ :‬أي يف مسألة البيع‪ ،‬يف األصل‪.‬‬
‫‪ -‬ويرجع هذا إىل املناقشة فيما فرض أنه حمل النزاع‪ ،‬وهو ختصيص بعض صور النزاع ابحلجاج بني اجلانبني كما مر‬
‫يف القسم الثاين‪.‬‬

‫فاملدعى هنا عدم صحة تزويج املرأة نفسها مطلقا‪ ،‬واالستدالل على منعه بغري كفء‪.‬‬
‫القول الرابع‪:‬‬ ‫القول الثالث‪:‬‬ ‫القول الثاين‪:‬‬ ‫القول األول‪:‬‬
‫األصح جواز الفرض مطلقا ألنه‬
‫جيوز بشرط بناء غري حمل النزاع عليه‬
‫املنع إن كان اجملعول‬ ‫يستفاد منه غرض صحيح‪ ،‬وهو‬
‫كأن يقاس عليه جبامع‪ ،‬أو يقال‪ :‬ثبت‬ ‫ال جيوز مطلقا‪..‬‬
‫يف الفرض طردا‪ ،‬وإال‬ ‫دفع االعرتاض يف بعض الصور‪،‬‬
‫احلكم يف بعض الصور‪ ،‬فليثبت يف‬
‫قُبِ َل‪.‬‬ ‫حيث ال يساعد الدليل على دفعه‬
‫ابقيها‪ ،‬إذ ال قائل ابلفرق‪.‬‬
‫يف كل الصور‪.‬‬
‫وبه قال ابن فورك‬
‫وهو قول املالكية‬ ‫وهو اختيار مجاعة من األصوليني‬ ‫وهو قول الشافعية واحلنابلة‬
‫من الشافعية‬

‫‪[ 2‬وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة‪ ،‬وقال الحنفية‪ :‬إنه مثل الثالث‪ ،‬ال الثاني]‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫القادح ‪ :5‬القلب‬

‫الوجه عليه ال‬ ‫ورو دعوى أن ما استدل به يف املسألة على ذل‬ ‫ومنها القل‬
‫‪ -1‬تعريفه‬ ‫له إن ص ‪ ،‬وم ثم أمك معه تسليم صحته‪ ،‬وقيل رو تسليم للصحة مطلقا‪،‬‬
‫‪ -2‬حكمه‬ ‫وقيل إفساد مطلقا‪ ،‬وعلى املختار فهو مقبول معارضة عند التسليم قادا عند‬
‫‪ -3‬أقسامه‬
‫وعلي ‪،‬‬ ‫عدمه‪ ،‬وقيل شارد ئور ل‬
‫‪ -4‬قلب املساواة‬

‫❖ ‪ -1‬تعريفه‪:‬‬
‫القلب‪ ،‬وهو‪ :‬دعوى املعرتض أن ما استدل به املستدل يف املسألة املتنازع عليها إن صح فهو على‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬من القوادح‪:‬‬
‫املستدل وليس له‪.‬‬
‫(هذا إذا كان الوجه الذي استدل به املستدل نفس الوجه الذي اعرتض به املعرتض‪ ،‬ال إذا اختلف الوجهان‪،‬‬
‫كأن يكون االستدالل بطريق احلقيقة واالعرتاض بطريق اجملاز مثال)‪.‬‬
‫❖ ‪ -2‬حكمه‪:‬‬

‫هو إفسا ٌد ملا استدل به املستدل مطلقا‪ ،‬ألن‬


‫القلب تسليم بصحة ذلك‬ ‫من أجل أن استدالل املستدل إن‬
‫املعرتض الغالب مل يوافق على أن ذلك للمستدل‪،‬‬
‫مطلقا‪ ،‬أي‪ :‬سواء صح أم‬ ‫أمكن مع‬ ‫ِ‬
‫فكأنه قال للمستدل‪ :‬استداللك فاسد‪ .‬سواء‬ ‫صح يكون عليه ال لَهُ‪َ ،‬‬
‫مل يصح‪.‬‬ ‫سلِ َم املعرتض بصحة‬
‫القلب أن يُ َ‬
‫كان فاسدا يف الواقع أم ال‪.‬‬
‫[قاله بعض األصوليني]‬ ‫استدالل املستدل‪.‬‬
‫[قاله أبو إسحاق الشريازي]‬

‫✓ وعلى القول املختار من إمكان التسليم مع القلب‪ ،‬فهو‪:‬‬


‫ٌ‬
‫مقبول معارضة عند التسليم‪ ،‬قادح عند عدمه‪[ .‬وهو قول املالكية والشافعية واحلنابلة]‪،‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫ومعلوم أن املعارضة دليل يثبت به خالف املستدل‪ ،‬والقلب نوع من أنواع املعارضة‪.‬‬
‫كشاهد زور يشهد لك‪ ،‬ويشهد عليك‪[ .‬وهو ٌ‬
‫قول لبعض الشافعية]‬ ‫ِ‬ ‫ب‪ .‬وقيل‪ :‬القلب‬
‫وجعلَه على املستدل‪ ،‬كأنه شهد يف شيء واحد ابإلثبات‪ ،‬مث‬
‫ألن الغالب ملا َسل َم ابالستدالل َ‬
‫ابلنفي‪ .‬وهذا ابطل بطالن شهادة الزور‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫❖ ‪ -3‬أقسامه‪:‬‬

‫املستدل صرحيا كما يقال يف بيع الفضول ‪:‬‬ ‫املعرتض إما مع إبطال مذر‬ ‫ورو قسمان‪ :‬األول لتصحي مذر‬
‫عقد يف حق الغري بال والية فال يص كالشرا ‪ ،‬فيقال عقد فيص كالشرا أو ال مثل لبث فال يكون بنفسه قربة كوقوف‬
‫املستدل بالصراحة‪ :‬عضو وضو ‪ ،‬فال يكف أقل ما‬ ‫إلبطال مذر‬ ‫عرفة فيقال فال يشرت فيه الصو كعرفة‪ .‬الثا‬
‫ينطلق عليه االسم كالوجه‪ ،‬فيقال فال يتقدر غسله بالربع كالوجه أو بااللت ا ‪ :‬عقد معاوضة فيص مع الهل‬

‫باملعوض‪ ،‬كالنكاا‪ ،‬فيقال‪ :‬فال يشرت خيار الراية كالنكاا‪،‬‬

‫‪ -‬القلب قسمان‪:‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬ما كان إلبطال مذهب املستدل‬ ‫القسم األول‪ :‬ما كان لتصحيح مذهب املعرتض‬
‫مع إبطال مذهب املستدل‬ ‫مع إبطال مذهب املستدل‬
‫التزاما‬ ‫صراحة‬
‫التزاما‬ ‫صراحة‬
‫مثاله‪:‬‬ ‫مثاله‪:‬‬ ‫مثاله‪:‬‬ ‫مثاله‪:‬‬
‫أن يقول املستدل احلنفي يف‬ ‫كأن يقول املستدل احلنفي‬ ‫أن يقول احلنفي الذي‬ ‫ما لو استدل الشافعي على‬
‫صحة بيع الغائب‪:‬‬ ‫الذي يقول بوجوب مسح ما‬ ‫يشرتط الصوم لالعتكاف‪:‬‬ ‫عدم صحة بيع الفضويل ملال‬
‫ال يقل عن ربع الراس يف‬ ‫غريه بال إذنه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫فيصح مع‬
‫ُّ‬ ‫هو عقد معاوضة‬ ‫الوضوء‪:‬‬ ‫ث فال يكون ِبجرده قربة‬
‫ل ُْب ٌ‬
‫اجلهل ابملعوض كالنكاح‪،‬‬ ‫عضو وضوء فال يكفي أقل‬
‫ُ‬ ‫كالوقوف بعرفة الذي ال‬ ‫عقد يف حق الغري بال والية‬
‫حيث يصح مع عدم رؤية‬ ‫ما ينطلق عليه اسم املسح‪،‬‬ ‫يكون قربة إال مع اإلحرام‪.‬‬ ‫يصح‪ ،‬كما لو‬
‫عليه‪ ،‬فال ٌّ‬
‫الزوجة‪.‬‬ ‫إذ هو كالوجه الذي ال‬ ‫اشرتى شيئا لغريه‪.‬‬
‫يكفي فيه ذلك‪.‬‬
‫فيقول املعرتض الشافعي‪:‬‬ ‫فيقول املعرتض الشافعي‪:‬‬ ‫فيقول املعرتض الشافعي‪:‬‬ ‫فيقول املعرتض احلنفي‪:‬‬
‫هو عضو وضوء فال يتقدر‬ ‫لبث فال يشرتط فيه الصوم‬ ‫فيصح‪ ،‬كالشراء‬
‫ُّ‬ ‫هو عقد‬
‫فال يشرتط فيه خيار الرؤية‬ ‫غسله ابلربع كالوجه فإنه ال‬ ‫كالوقوف بعرفة‪.‬‬ ‫الذي يصح‪ ،‬ولكنه ينعقد‬
‫كالنكاح‪ .‬ونفي اشرتاط‬ ‫يتقدر بذلك اتفاقا‪.‬‬ ‫له‪ ،‬أي للفضويل‪ ،‬وتلغو‬
‫اخليار يلزم منه نفي صحته‬ ‫ففي هذا إبطال ملذهب‬ ‫تسميته لغريه‪.‬‬
‫اليت يقول هبا احلنفي‪ .‬فهذا‬ ‫ففي هذا إبطال ملذهب‬ ‫املستدل الذي مل يصرح به‪،‬‬
‫إبطال له اباللتزام‪.‬‬ ‫وهو اشرتاط الصوم لصحة املستدل الذي يقول بوجوب‬
‫مسح الربع فأكثر‪.‬‬ ‫االعتكاف‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫❖ ‪ .-4‬قلب املساواة‪:‬‬

‫فيها النية كالنجاسة‪ ،‬فتقول فيستوي‬ ‫املساواة مثل طهارة باملااع‪ ،‬فال جت‬ ‫ومنه خالفا للقاض قل‬
‫جامدرا ومااعها كالنجاسة‪،‬‬

‫‪ -‬قلب املساواة عند األصوليني هو‪ :‬أن يكون يف األصل حكمان‪ ،‬واحد منهما منتف يف الفرع ابتفاق اخلصمني‪،‬‬
‫اعرتض اخلصم عليه بوجوب التسوية بينهما يف‬
‫َ‬ ‫واآلخر منازعٌ فيه‪ .‬فإذا أراد إثباته يف الفرع ابلقياس على األصل‬
‫الفرع على األصل‪ ،‬فيلزم عدم ثبوته فيه‪.‬‬

‫‪ -‬وهو مقبول عند اجلمهور من املالكية والشافعية واحلنفية واحلنابلة‪.‬‬


‫‪ -‬خالفا للقاضي الباقالين‪ ،‬وقد انقش إمام احلرمني أدلة القاضي الباقالين وردها يف الربهان ‪.132-131/2‬‬

‫✓ مثال قلب املساواة‪:‬‬


‫كما لو قال احلنفي يف عدم وجوب النية يف الوضوء‪ :‬طهارةٌ ابملائع‪ ،‬فال جتب فيها النية‪ ،‬كإزالة النجاسة‬
‫فإهنا ال جتب فيها النية اتفاقا‪.‬‬
‫فيقول املعرتض الشافعي‪ :‬هي طهارة يستوي فيها اجلامد واملائع‪ ،‬كإزالة النجاسة يستوي فيها اجلامد‬
‫كالرتاب‪ ،‬واملائع كاملاء‪ ،‬فإذا وجبت النية يف التيمم وجبت يف الوضوء‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫َ‬
‫القادح ‪ :6‬القول باملوجب‬

‫ومنها القول باملوج ‪ ،‬وشارده‪" :‬وهلل الع ة ولرسوله" [ املنافقون‪ ] 8‬يف جواب‪:‬‬
‫ابملوجب‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف القول َ‬ ‫"ليخرج األع منها األذل" [ املنافقون ‪ ،]8‬ورو تسليم الدليل مع بقا الن اع كما‬

‫ابملوجب‪.‬‬ ‫كاإلحراق‪ ،‬فيقال سلمنا عد‬ ‫يقال يف املثقل قتل مبا يقتل غالبا فال ينايف القصا‬
‫‪ -2‬أوجه القول َ‬
‫يقتضيه‪ ،‬وكما يقال التفاول يف الوسيلة ال مينع القصا‬ ‫املنافاة ولك مل قل‬
‫م إبطال ما ع ا تفا ووجود الشرااط‬ ‫كاملتوسل إليه فيقال مسلم‪ ،‬وال يل‬
‫واملقتض ‪ ،‬واملختار تصديق املعرتض يف قوله‪ :‬ليا رذا مأخذي‪ ،‬ورمبا سك‬

‫املستدل ع مقدمة غري مشهورة خمافة املنع فريد القول باملوج ‪.‬‬

‫ابملوجب‪:‬‬
‫❖ ‪ -1‬تعريف القول َ‬
‫‪ -‬من القوادح‪( :‬القول ابملوجب)‪ ،‬أي‪ :‬القول ِبقتضى الدليل‪.‬‬
‫دليل املستدل‪ .‬وال ُيتص ابلقياس‪ ،‬وهو قادح يف العلة عند‬
‫واملوجب بفتح اجليم‪ ،‬ما اقتضاه‪ ،‬أي أوجبه‪ُ ،‬‬
‫اجلمهور‪.‬‬
‫✓ وشاهده‪:‬‬
‫قوله تعاىل‪" :‬وهلل العزة ولرسوله"‪ ،‬يف جواب ما حكاه من قول بعض املنافقني‪" :‬ليخرجن األعز منها‬
‫واألعز هللاُ ورسولُه‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫األذل"‪ .‬أي‪ :‬صحيح ذلك‪ .‬لكنهم هم ُّ‬
‫األذل‪،‬‬
‫‪ -‬والقول ابملوجب يف تعريفه العام هو‪ :‬تسليم الدليل مع إظهار أنه ال يستلزم حمل النزاع‪.‬‬
‫وهو على ثالثة أوجه كما سيأيت‪.‬‬

‫ابملوجب‪:‬‬
‫❖ ‪ -2‬أوجه القول َ‬
‫• الوجه األول‪ :‬أن يستنتج من الدليل ما يتوه ُم أنه حمل النزاع‪ ،‬أو مالزمه مع أنه ليس كذلك‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫ما يقال من جانب الشافعية إلثبات وجوب القصاص ابلقتل ابملثقل‪ :‬وهو القتل ِبا يقتل غالبا‪ ،‬فال ينايف‬
‫القصاص‪ ،‬كما أن اإلحراق ال ينافيه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫فيقول املعرتض من جانب احلنفية‪ :‬سلمنا عدم املنافاة بني القتل ِبثقل والقصاص‪ ،‬ولكن مل قلتم إنه‬
‫يقتضي القصاص؟ وهذا هو حمل النزاع‪ .‬ودليلكم ال يستلزمه‪ ،‬فإن عدم املنافاة لوجوب القصاص ال‬
‫تقتضي ثبوت وجوبه الذي هو املتنازع فيه‪.‬‬

‫• الوجه الثاين‪ :‬أن يستنتج من الدليل إبطال ما يتوهم أنه مأخذ املعرتض‪ .‬واملعرتض مينع أن يكون ذلك مذهبه‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫يف مسألة القتل ِبثقل أيضا‪ ،‬أن يقول املستدل يف كونه يوجب القصاص كالقتل ِبحدد‪ :‬التفاوت يف‬
‫الوسيلة من وسائل القتل ال مينع القصاص‪ ،‬كما أن املتوسل إليه من القتل والقطع وغريمها ال مينع‬
‫القصاص‪.‬‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬هذا مسل ٌم‪ ،‬أي‪ :‬كون التفاوت املذكور غري مانع من القصاص‪ ،‬ولكن ال يلزم من انتفاء‬
‫مانع انتفاء مجيع املوانع ووجود الشرائط وقيام املقتضي للحكم‪ .‬وثبوت احلكم كالقصاص يتوقف على‪:‬‬
‫انتفاء مجيع املوانع‪ ،‬ووجود مجيع الشرائط‪.‬‬

‫✓ والقول املختار‪ :‬تصديق املعرتض إذا قال للمستدل‪ :‬ليس هذا الذي نفيتَه من التفاوت مأخذي يف نفي‬
‫القصاص‪[ .‬اجلمهور]‬
‫آخر‪.‬‬
‫✓ وقيل‪ :‬ال يصدق إال إذا بني مأخذا َ‬

‫• الوجه الثالث‪ :‬أن يسكت املستدل عن مقدمة غري مشهورة خمافة أن مينعها املعرتض‪ .‬فإذا سكت عنها َوَر َد القول‬
‫ابملوجب‪.‬‬
‫َ‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫أن يقال يف االستدالل على وجوب النية يف الوضوء‪ :‬ما هو قربة يشرتط فيه النية كالصالة‪ .‬ويسكت عن‬
‫املقدمة الصغرى وهي‪ :‬الوضوء قربة كالغسل‪ .‬ألنه لو صرح هبذه ملنعها اخلصم‪.‬‬
‫أما عند اكتفائه ابلكربى‪ ،‬فاخلصم يقول‪ :‬هذا مسل ُم‪ ،‬ولكن ال يلزم منه اشرتاط النية للوضوء‪.‬‬
‫أما السكوت عن مقدمة مشهورة فال يرد عليه ذلك‪ ،‬ألن املشهورة كاملذكورة عند الكثريين‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ُ‬
‫القادح ‪ :7‬القدح يف املناسبة‬

‫ومنها القدا يف املناسبة ويف صالحية إفضا احلكم إىل املقصود ويف‬
‫‪ -1‬بيا ُن القدح يف املناسبة‬ ‫اال ضبا والظهور وجوابها بالبيان‪.‬‬
‫‪ -2‬جوابُه‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬بيان القدح يف املناسبة‪:‬‬


‫‪ -‬من القوادح‪ :‬القدح يف مناسبة الوصف املعلل به للحكم‪ ،‬ويف صالحية احلكم إبفضائه إىل املقصود من تشريعه‪،‬‬
‫ِ‬
‫السالمة منها‪.‬‬ ‫ويف كون الوصف منضبطا ظاهرا‪ ،‬وجواب ذلك يكون ِ‬
‫ببيان‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫أن يقال يف الفسخ يف اجمللس‪ :‬وجد سبب الفسخ فيوجد الفسخ‪ ،‬وهو دفع ضرر احملتاج إليه من املتعاقدين‪.‬‬
‫فيقدح فيه املعارض بقوله‪ :‬إنه معارض بضرر اآلخر‪.‬‬
‫فيجاب عنه‪ :‬أبن اآلخر جيلب نفعا‪ ،‬وهذا يدفع الضرر‪ ،‬ودفع الضرر مقدم على جلب النفع‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬جوابه‪:‬‬

‫ولو قدح يف الظهور‪ ،‬كأن‬ ‫ولو قدح يف عدم االنضباط‬


‫ولو قدح يف صالحية احلكم‬ ‫فلو قدح يف املناسبة‬
‫يقال يف علة انعقاد البيع‬ ‫كما لو قيل‪ :‬العلة يف قصر‬
‫بكونه ال يفضي إىل املقصود‬ ‫إببداء مفسدة حتصل‬
‫مثال هي املراضاة وهي غري‬ ‫الصالة للمسافر املشقة‪ ،‬وهي‬
‫من تشريعه‬ ‫منها مثال‬
‫ظاهرة‬ ‫غري منضبطة‪.‬‬
‫فاجلواب‬ ‫فاجلواب‬ ‫فاجلواب‬ ‫فاجلواب‬
‫ببيان إفضائه إىل ذلك‪ ،‬أي‬
‫أن الصيغة الدالة على‬ ‫أن العلة هي السفر‪ ،‬وهو‬ ‫يكون برجحان‬
‫يكون ببيان سالمة الوصف‬
‫املراضاة ظاهرة‪.‬‬ ‫منضبط‪.‬‬ ‫املصلحة‪.‬‬
‫فيها عن ذلك القدح‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫َ ْ ُ‬
‫القادح ‪ :8‬الفرق‬

‫ومنها الفرق ورو راجع إىل املعارضة يف األصل أو الفرع‪ ،‬وقيل إليهما‪،‬‬
‫‪ -1‬تعريف الفرق‪.‬‬ ‫والصحي أ ه قادا‪ ،‬وإن قيل إ ه سؤاالن وأ ه ميتنع تعدد األصول‬
‫‪ -2‬مرجع املعارضة يف الفرق‪.‬‬ ‫لال تشار وإن جوئ علتان قال اجملي ون ثم لو فرق بني الفرع وأصل منها‬
‫‪ -3‬تعدد األصول لفرع واحد‪.‬‬
‫كفى‪ ،‬وثالثها إن قصد االحلاق مبجموعها‪ ،‬ثم يف اقتصار املستدل على‬
‫جواب أصل واحد قوالن‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف الفرق‪:‬‬
‫‪ -‬من القوادح‪ :‬الفر ُق بني األصل والفرع‪ ،‬وعرفه القرايف بقوله‪:‬‬
‫"وهو إبداء معىن مناسب للحكم يف إحدى الصورتني مفقود يف األخرى"‪.‬‬
‫‪ -‬ويسميه بعض األصوليني (سؤال املعارضة)‪ ،‬أو (سؤال املزامحة)‪ ،‬وهو‪ :‬إبداء وصف يف األصل‪ ،‬يصلح أن يكون‬
‫علة مستقلة للحكم‪ ،‬أو جزء علة‪ .‬وهو معدوم يف الفرع‪ ،‬أبن جيمع املستدل بني األصل والفرع أبمر مشرتك‬
‫بينهما‪ ،‬فيفرق املعرتض بينهما بوصف يف علة حكم األصل‪ ،‬أو ِبانع يف الفرع‪ ،‬أو هبما معا‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬مرجع املعارضة يف الفرق‪:‬‬


‫‪ -‬الفرق راجع إىل املعارضة يف‪:‬‬
‫• األصل‪ :‬إببداء خصوصية فيه تكون شرطا للحكم‪( .‬إبداء خصوصية يف األصل ُجت َعل شرطا للحكم)‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫أن يقول الشافعي‪ :‬النية يف الوضوء واجبة كما هي يف التيمم‪ ،‬فإهنا واجبة فيه اتفاقا‪.‬‬
‫فيعرتض احلنفي‪ :‬أبن العلة يف األصل الذي هو التيمم هي الطهارة ابلرتاب‪ ،‬فهي خاصة ابلتيمم‪.‬‬
‫• الفرع‪ :‬إببداء خصوصية فيه مانعة من احلكم‪( .‬إبداء خصوصية يف الفرع ُجت َعل مانعا من احلكم)‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫أن يقول احلنفي‪ :‬يقاد املسلم ابلذمي كغري املسلم جبامع القتل العمد العدوان‪.‬‬
‫فيعرتض عليه الشافعي‪ :‬أبن اإلسالم يف الفرع مانع من القول املذكور‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫❖ ‪ -3‬تعدد األصول لفرع واحد‪:‬‬
‫‪ -‬هناك قوالن حول تعدد األصول لفرع واحد‪ ،‬أي‪ :‬أبن يقاس على كل من تلك األصول‪.‬‬
‫ممتنع‪ ،‬سواء جوزان التعليل بعلتني أم ال‪ ،‬ألن التعدد يسبب انتشار‬
‫• القول األول‪ :‬الذي صححه املصنف‪ :‬أن التعدد ٌ‬
‫الكالم وذلك ممنوع عند النظار‪ .‬فيجب اقتصار املستدل على معىن واحد‪.‬‬
‫• القول الثاين‪ :‬ما صححه ابن احلاجب من جواز التعدد مطلقا‪ ،‬ألنه يقوي الظن بصحة إحلاق الفرع‪.‬‬

‫❖ على ا لقول جبواز التعدد هل يكفي املعرتض أن يقتصر على معارضة أصل واحد أم ال؟ يف ذلك ثالثة أقوال‪:‬‬

‫يكفي إن قصد املستدل إحلاق فرع ِبجموع تلك‬ ‫ال يكفي مطلقا‪.‬‬ ‫يكفي ذلك مطلقا‪.‬‬
‫األصول‪ ،‬إذ ابلتفريق بواحد حيصل القدح يف‬ ‫وعلله الشارح احمللي أبنه‬ ‫وعلله الشارح احمللي كفاية‬
‫اجملموع‪ .‬وإن قصد اإلحلاق بكل أصل من تلك‬ ‫بسبب استقالل كل‬ ‫ذلك مطلقا أبنه يبطل مجعها‬
‫األصول فال بد من القدح يف كل منها‪.‬‬ ‫منها‪.‬‬ ‫املقصود‪.‬‬
‫عزاه الزركشي إىل صفي الدين اهلندي من‬ ‫وهو قول لبعض‬ ‫وهو قول املالكية والشافعية‬
‫الشافعية‪.‬‬ ‫األصوليني‪.‬‬ ‫واحلنابلة وغريهم‪.‬‬

‫❖ فإن أجاب املستدل بصحة اإلحلاق أبصل واحد‪:‬‬

‫وقيل‪ :‬ال يكفي ذلك‪ ،‬ألن املستدل التزم اجلميع فال بد‬ ‫قيل‪ :‬ذلك كاف حلصول املقصود ابلدفع عن أصل‬
‫من الدفع عن اجلميع‪.‬‬ ‫واحد‪.‬‬
‫[وهو القول الراجح عند الشافعية]‬ ‫[وهو قول احلنابلة]‬

‫‪54‬‬
‫ُ‬
‫القادح ‪ :9‬فساد الوضع‬

‫احلكم‪ ،‬كتلق‬ ‫ومنها فساد الوضع بأن ال يكون الدليل على اهليئة الصاحلة العتباره يف ترتي‬
‫‪ -1‬تعريف فساد الوضع‪.‬‬ ‫التخفيف م التغليظ والتوسيع م التضييق واإلثبال م النف ‪ ،‬مثل‪ :‬القتل جناية عظيمة فال‬

‫‪ -2‬أقسام فساد الوضع‪.‬‬ ‫اعتباره بنص أو إمجاع يف قيض احلكم‪ ،‬وجوابهما‬ ‫يكفر كالردة‪ ،‬ومنه كون الامع ثب‬

‫بتقرير كو ه كذل ‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف فساد الوضع‪.‬‬


‫الدليل على اهليئة الصاحلة العتباره يف ترتيب احلكم عليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬من القوادح‪( :‬فساد الوضع)‪ ،‬أبن ال يكون‬

‫❖ أقسام فساد الوضع‪:‬‬


‫‪ -‬فساد الوضع‪ ،‬قسمان‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬أن ال يكون الدليل على هيئة صاحلة لرتتيب احلكم‪ ،‬بل هو صاحل لضد احلكم‪ ،‬أو نقيضه‪.‬‬
‫(وهو على وجوه)‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬ ‫الوجه الثاين‪:‬‬ ‫الوجه األول‪:‬‬
‫تلقي اإلثبات مما يقتضي النفي‬ ‫تلقي التوسيع من مواضع التضييق‪،‬‬ ‫تلقي التخفيف من مواضع التغليظ‬
‫كأن يقول ِممن يرى صحة انعقاد البيع‬ ‫أي استنباط التوسيع مما يقتضي التضييق‪.‬‬ ‫كالقول بعدم الكفارة على القتل‬
‫ابملعاطاة‪ ،‬أي بدون صيغة اإلجياب‬ ‫كأن يقال‪ :‬الزكاة وجبت على وجه‬ ‫العمد‪ ،‬كما يقول احلنفية‪ :‬القتل جناية‬
‫والقبول‪ :‬هو بيع مل توجد فيه صيغة‬ ‫االرتفاق لدفع احلاجة‪ ،‬فكانت على‬ ‫عظيمة فال يُ َكف ُر عنها‪ .‬أي‪ :‬ال جتب‬
‫فينعقد يف األمور احملقرة‪.‬‬ ‫الرتاخي كالدية على العاقلة‪.‬‬ ‫فيها الكفارة‪.‬‬
‫واالعرتاض على ذلك أبن دفع احلاجة‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬انتفاء الصيغة يناسب‬ ‫واالعرتاض عليه أبن عظم اجلناية‬
‫يقتضي التضييق إبجياب الفورية‪ ،‬ال‬
‫انتفاء االنعقاد ال إثباته‪.‬‬ ‫يستوجب تغليظ احلكم ال ختفيفه‪.‬‬
‫التوسيع برتاخي دفعها‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬أن يكون اجلامع بني األصل والفرع يف قياس املستدل قد ثبت بنص أو إمجاع يف نقيض احلكم الذي استنتجه‬
‫املستدل‪.‬‬
‫مثال ما ثبت نقيضه إبمجاع‬ ‫مثال ما ثبت نقيضه بنص‬
‫قول الشافعية يف مسح الرأس يف الوضوء‪ :‬يستحب تكراره‬ ‫أن يقول احلنفي‪ :‬اهلرة سبُع ذو انب فيكون سؤرها ِجنسا‬
‫كاالستجمار ابحلجر حيث يستحب اإليتار فيه‪.‬‬ ‫كالكلب‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬إن الشارع اعترب السبُعِيةَ علة للطهارة ال للنجاسة‪ ،‬فيقال‪ :‬املسح على اخلف ال يستحب تكراره ابإلمجاع‪ .‬فجعل‬
‫كما يف احلديث الذي رواه اإلمام أمحد‪" :‬أن النيب ﷺ املسح جامعا بني مسح الرأس‪ ،‬واملسح ابألحجار فاسد‪ ،‬ألنه‬
‫ثبت ابإلمجاع عدم استحباب تكرار مسح اخلف‪ .‬ونفي‬ ‫كلب فامتنع‪ ،‬وإىل أخرى فيها سنور‬ ‫ِ‬
‫ُدع َي إىل دار فيها ٌ‬
‫االستحباب نقيض االستحباب كما هو واضح‪.‬‬ ‫فأجاب‪ .‬فقيل له يف ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬السنور َسبُع"‪.‬‬

‫بقسمْي ِه يكون بتقرير كون الدليل صاحلا للحكم‪ ،‬وكون اجلامع معتربا يف ذلك‪ ،‬وأن‬ ‫وجواب فساد الوضع َ‬
‫ُ‬ ‫✓‬
‫ختلفه يف مثل مسح اخلف مثال إمنا هو ملانع‪ ،‬وهو خشية تَلَ ِف ِه ابلتكرار‪.‬‬

‫ُ‬
‫القادح ‪ :10‬فساد االعتبار‬

‫ومنها فساد االعتبار بأن خيالف صا أو إمجاعا‪،‬‬


‫‪ -1‬تعريف فساد االعتبار‪.‬‬ ‫ورو أعم م فساد الوضع وله تقدميه على‬
‫‪ -2‬أمثلة فساد االعتبار‪.‬‬ ‫املنوعال وتأخريه وجوابه الطع يف سنده أو‬
‫‪ -3‬الفرق بني فساد االعتبار وفساد الوضع‪.‬‬
‫املعارضة‪ ،‬أو منع الظهور‪ ،‬أو التأويل‪.‬‬
‫‪ -4‬جواب االعرتاض بفساد االعتبار‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف فساد االعتبار‪:‬‬


‫خمالف لنص من كتاب أو سنة‪ ،‬أو خمالف إلمجاع‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫املستدل‬ ‫‪ -‬من القوادح‪ :‬فساد االعتبار‪ ،‬ببيان أن ما استدل به‬

‫‪56‬‬
‫❖ ‪ -2‬أمثلة فساد االعتبار‪:‬‬

‫مثال ما ُيالف اإلمجاع‪:‬‬ ‫مثال ما ُيالف السنة‪:‬‬ ‫مثال ما ُيالف نص الكتاب‪:‬‬


‫أن يقال‪ :‬ال يصح القرض يف‬
‫أن يقال‪ :‬ال جيوز للرجل أن‬ ‫احليوان‪ ،‬لعدم انضباطه‪ ،‬فهو‬
‫أن يقال يف وجوب تبييت نية صوم رمضان من الليل‪:‬‬
‫يغسل زوجته امليتة حلرمة‬ ‫كاألشياء املخلوطة من املعاجني‬
‫صوم مفروض‪ ،‬فال يصح بنية من النهار كالقضاء‪.‬‬
‫النظر إليها كاألجنبية‪.‬‬ ‫وحنوها‪ ،‬للجهل ِبقدار األجزاء‬
‫املتباينة فيها‪.‬‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬هذا خمالف لقوله تعاىل‪" :‬والصائمني‬
‫فيقال‪ :‬هذا خمالف لإلمجاع‬ ‫فيقال‪ :‬هذا خمالف للحديث الذي‬
‫والصائمات"‪ ،‬فإنه رتب األجر العظيم على الصوم‬
‫رواه مسلم‪" :‬أن النيب ﷺ استلف السكويت على أن عليا غسل‬
‫وما بعده من غري تعرض لتبييت النية‪ /‬كذا قالوا‪.‬‬
‫بكرا ورد ُرابعيا"‪ .‬أي‪ :‬اقرتض ثنِيا فاطمة رضي هللا عنهما‪ ،‬ومل‬
‫وفيه أن ذلك ليس خمالفا لآلية أصال‪ ،‬ألهنا ليست‬
‫ينكر عليه ذلك أح ٌد من‬ ‫فرد بدله بعريا دخل يف‬
‫من اإلبل‪َ ،‬‬ ‫مسوقة لبيان أحكام الصوم‪ ،‬بل لبيان أجر الصائمني‪.‬‬
‫الصحابة‪.‬‬ ‫السنة السابعة‪.‬‬
‫وال يؤخذ منها ما يقتضي التبييت أو عدمه‪.‬‬

‫❖ ‪ -3‬الفرق بني فساد االعتبار وفساد الوضع‪:‬‬


‫‪ -‬فساد االعتبار أعم من فساد الوضع من بعض الوجوه‪ ،‬فإنه يشمل ما مل يكن على اهليئة الصاحلة من الدليل كما‬
‫يشمل غريه‪.‬‬
‫‪ -‬وللمعرتض بفساد االعتبار أن ِ‬
‫يقد َمه على املنوعات األخرى كما أن له أن يؤخره عنها‪ ،‬إذ ال مانع من ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬وِبا أنه أقوى بسبب دليل النص أو اإلمجاع‪ ،‬فإذا قدمه على املنوعات األخرى ففي ذكر هذه املنوعات أتييد‬
‫النقل ابلعقل‪ ،‬والعكس ابلعكس‪.‬‬

‫❖ ‪ -4‬جواب االعرتاض بفساد االعتبار‪:‬‬


‫‪ -‬وجواب االعرتاض بفساد االعتبار‪:‬‬

‫ابملوجب‪،‬‬
‫وقد يقال ابلقول َ‬ ‫أو ببيان أن النص غري‬ ‫أو ببيان أن النص الذي أورده‬ ‫أن يطعن املعرتض يف سند‬
‫أي‪ :‬بتسليم أن النص ظاهر‬ ‫ظاهر يف ما أراده‬ ‫معارض بنص آخر‪،‬‬
‫املعرتض َ‬ ‫النص‪ ،‬كأن يكون موقوفا‪،‬‬
‫يف ذلك‪ ،‬ولكنه ال ينايف‬ ‫املعرتض أو بتأويله‬ ‫فيتساقط النصان ويسلم الذي‬ ‫أو مرسال‪ ،‬أو مقطوعا‪ ،‬وحنو‬
‫حكم قياس املستدل مثال‪.‬‬ ‫بدليل‪.‬‬ ‫أورده املستدل أوال‪.‬‬ ‫ذلك‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫القادح ‪ :11‬منع علية الوصف‬

‫ومنها منع علية الوصف‪ ،‬ويسمى املطالبة بتصحي‬


‫‪ -1‬تعريف منع علية الوصف‪.‬‬
‫العلة‪ ،‬واألص قبوله وجوابه بإثباته‪،‬‬
‫‪ -2‬حكمه‪.‬‬
‫‪ -3‬جواب االعرتاض ِبنع علية الوصف‪.‬‬
‫‪ -4‬مثاله‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف منع علية الوصف‪:‬‬


‫ِ‬
‫املستد ُّل علة للحكم‪.‬‬ ‫‪ -‬من القوادح‪ ،‬منع علية الوصف‪ :‬أي منع كون الوصف الذي ذكره‬
‫‪ -‬وهذا يسمى ابملطالبة بتصحيح العلة‪.‬‬
‫❖ ‪ -2‬حكمه‪:‬‬
‫• األصح أنه مقبول‪ ،‬إذ لو مل يقبل ألدى ذلك إىل متسك املستدل ِبا شاء من األوصاف‪ ،‬ألمنه حينئذ من أن مينع‬
‫من قبل املعرتض‪[ .‬اجلمهور]‪.‬‬
‫ُّ‬
‫املستدل‬ ‫• وقيل‪ :‬ال يقبل‪ ،‬ألن املطالبة بذلك تؤدي إىل انتشار الكالم إذا اشتغل املعرتض ِبنع كل وصف يدعي‬
‫عليتَه‪.‬‬
‫❖ ‪ -3‬جواب االعرتاض ِبنع علية الوصف‪:‬‬
‫‪ -‬وجواب منع علية الوصف يكون‪ :‬إبثبات كونه علة ِبسلك من مسالكها املتقدمة يف موضعها‪.‬‬
‫❖ ‪ -4‬مثاله‪:‬‬
‫الرب جبامع الطُّعم‪ ،‬فيمنع املعرتض عليةَ الطُّعم‪ .‬وجييبه املستدل‬
‫‪ -‬أن يقول املستدل‪ :‬حيرم الراب يف األرز قياسا على ُِ‬
‫أبن عليته اثبتة بقول النيب ﷺ‪" :‬الطعام ابلطعام راب"‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ومنه منع وصف العلة‪ ،‬كقولنا يف إفساد الصو بغري الماع‪ :‬الكفارة لل جر ع الماع‬
‫‪ -5‬منع وصف العلة‪.‬‬ ‫اختصاصها به كاحلد‪ ،‬فيقال بل ع اإلفطار احملذور فيه‪،‬‬ ‫احملذور يف الصو فوج‬

‫‪ -6‬منع حكم األصل‪.‬‬ ‫وجوابه تبيني اعتبار اخلصوصية‪ ،‬وكأن املعرتض ينق املنا واملستدل حيققه ومنع‬

‫‪ -7‬هل منع حكم األصل قطع‬ ‫ثالثها قال األستاذ‪ :‬إن كان ااررا‪،‬‬ ‫حكم األصل‪ ،‬ويف كو ه قطعا للمستدل مذار‬
‫وقال الغ ال ‪ :‬يعت عرف املكان ‪،‬وقال أبو إسحاق الشريائي‪ :‬ال يسمع‪ ،‬فإن دل عليه‬
‫للمستدل؟‬
‫مل ينقطع املعرتض على املختار‪ ،‬بل له أن يعود ويعرتض‪،‬‬

‫❖ ‪ -5‬منع وصف العلة‪:‬‬


‫‪ -‬هنا أخذ املصنف بذكر املنع مطلقا‪ ،‬كمنع وصف العلة‪ ،‬ومنع حكم األصل‪.‬‬
‫‪ -‬واملقصود ِبنع وصف العلة‪ :‬منع أن هذا الوصف معترب فيها‪.‬‬

‫جواب منع وصف العلة‬ ‫مثال منع وصف العلة‬


‫واملستدل مينع ذلك ببيان اختصاص الوصف ابلعلة‪،‬‬ ‫جواب هذا املنع‬ ‫كقولنا‪ :‬إن إفساد الصوم بغري اجلماع ال‬
‫كأن يقول‪ :‬إن الشارع رتب الكفارة على الوقاع‪،‬‬ ‫أن يقول املعرتض‪:‬‬ ‫يوجب الكفارة‪ ،‬ألن الكفارة للزجر عن‬
‫بل هي للزجر عن حيث أجاب من قال إنه واقع زوجته يف هنار رمضان‪،‬‬ ‫اجلماع احملذور يف الصوم‪ .‬فوجب أن ختتص‬
‫بقوله‪" :‬أعتق رقبة‪ ...‬إىل آخر احلديث"‪.‬‬ ‫اإلفطار احملذور‪.‬‬ ‫خمتص ابجلماع هنا‪.‬‬
‫به كما أن احلد ٌّ‬

‫‪ -‬واملعرتض ابعرتاضه املذكور كأنه ينقح املناط حبذف خصوص الوصف عن االعتبار‪ .‬واملستدل حيقق املناط ببيان‬
‫اعتبار اخلصوصية‪.‬‬
‫‪ -‬وقول املصنف‪" :‬كأنه ينقح املناط"‪ :‬ألن االعرتاض املذكور ليس من تنقيح املناط حقيقة‪ ،‬ألن تنقيحه يكون‬
‫اجتهادا منه كما سبق‪ ،‬وما هنا ليس اجتهادا‪ ،‬أو تعيينا‪ ،‬بل منع وصف العلة فقط‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫❖ ‪ -6‬منع حكم األصل‪:‬‬
‫‪ -‬ومن املنوعات‪ :‬منع حكم األصل الذي قاس عليه املستدل‪.‬‬
‫‪ -‬وهو مسموع ومعمول به عند اجلمهور‪.‬‬

‫جواب منع حكم األصل‬ ‫مثال منع حكم األصل‬


‫فيمنع املعرتض كون النكاح يبطل ابملوت‪ ،‬بل ينتهي به‪ ،‬كما‬ ‫كأن يقول احلنفي‪ :‬اإلجارة عقد على منفعة فتبطل‬
‫تنتهي الصالة ابلفراغ منها‪ ،‬وليس ذلك إبطاال هلا‪.‬‬ ‫ابملوت كما يبطل النكاح به‪.‬‬

‫❖ ‪ -7‬هل منع حكم األصل قطع للمستدل؟‬


‫‪ -‬يف كون املنع املذكور قطعا للمستدل أو غري قطع‪ ،‬مذاهب‪:‬‬

‫وهو قول ذهب إليه بعض األصوليني‬ ‫هو قطع له مطلقا‬ ‫أوال‪:‬‬
‫وهو قول اجلمهور من املذاهب األربعة‬ ‫غري قطع مطلقا‬ ‫اثنيا‪:‬‬
‫وهو قول األستاذ أيب إسحاق‬ ‫هو قطع إن كان منع حكم األصل معروفا عند أكثر الفقهاء‪ ،‬وإال‬
‫اثلثا‪:‬‬
‫االسفرايين‪ ،‬ونقله اآلمدي يف اإلحكام‬ ‫فال‬
‫يعترب عرف املكان الذي جيري فيه البحث‪ ،‬فإن كان العرف فيه‬
‫قاله الغزايل‬ ‫رابعا‪:‬‬
‫القطع فهو قطع‪ ،‬وإال فال‬
‫وهو قول أيب إسحاق الشريازي‪ ،‬حكاه‬
‫ال يسمع قول املعرتض ألنه مل يعرتض على املقصود الذي هو الفرع‬
‫عنه ابن احلاجب‪ ،‬كذا فعل املصنف‬
‫خامسا‪:‬‬
‫سمع‪ .‬قال الشارح احمللي‪" :‬على أن‬
‫ونقل بعضهم‪ :‬أن الشيخ الشريازي ذكر يف بعض كتبه أنه ‪-‬املعرتض‪ -‬يُ َ‬
‫املوجود يف (امللخص)‪ ،‬و(املعونة) للشيخ‪ ،‬كما قال املصنف‪ :‬السماعُ"‪.‬‬

‫‪ ‬وعلى القول بعدم انقطاع املعرتض إذا أتى املستدل بدليل على حكم األصل‪:‬‬
‫✓ فالقول املختار‪ :‬أن املعرتض َِحي ُّق له أن يعود فيعرتض على دليل املستدل‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫فيه‪ ،‬سلمنا‪ ،‬وال سلم أ ه‬ ‫وقد يقال‪ :‬ال سلم حكم األصل‪ ،‬سلمنا‪ ،‬وال سلم أ ه اا يقا‬
‫‪ -8‬املنوعات السبعة‪.‬‬ ‫معلل‪ ،‬سلمنا‪ ،‬وال سلم أن رذا الوصف علته‪ ،‬سلمنا‪ ،‬وال سلم وجوده فيه‪ ،‬سلمنا‪ ،‬وال‬

‫‪ -9‬حكم إيراد هذه املنوعات‪.‬‬ ‫سلم أ ه متعد‪ ،‬سلمنا‪ ،‬وال سلم وجوده يف الفرع‪ ،‬سلمنا‪ ،‬فيجاب بالدفع مبا عرف م‬
‫وع وكذا م أ واع‪ ،‬وإن كا‬ ‫الطرق‪ ،‬وم ثم عرف جوائ إيراد املعارضال م‬

‫مرتبة‪ :‬أي يستدع تاليها تسليم متلوه ألن تسليمه تقديري‪ ،‬وثالثها التفصيل‪.‬‬

‫❖ ‪ -8‬املنوعات السبعة‪:‬‬

‫ب بعضها على بعض‪:‬‬ ‫ِ‬


‫‪ -‬ذكر املصنف سبعة منوع مرتت ٌ‬
‫• تتعلق الثالثة األوىل حبكم األصل‪.‬‬
‫• والرابع واخلامس ابلعلة مع األصل‪.‬‬
‫• والسادس ابلعلة فقط‪.‬‬
‫• والسابع ابلعلة مع الفرع‪.‬‬

‫‪ -‬فإذا استنتج املستدل حكما على شيء قياسا على شيء آخر لعلة معينة فقد يقال له‪:‬‬
‫‪ -‬ال نسلم أن حكم األصل هو ما ذكرته‪.‬‬
‫‪ -‬سلمنا ذلك لكن ال نسلم أنه من األحكام اليت يقاس عليها‪.‬‬
‫‪ -‬سلمنا وال نسلم انه معلل‪ ،‬مل ال يقال هو تعبدي‪.‬‬
‫‪ -‬سلمنا أنه معلل‪ ،‬وال نسلم أن هذا الوصف هو علته‪.‬‬
‫‪ -‬سلمنا أنه علته‪ ،‬ولكن ال نسلم وجود هذا الوصف يف األصل‪.‬‬
‫‪ -‬سلمنا وجوده يف األصل ولكن ال نسلم أنه متعد‪ ،‬إذ قد يكون قاصرا‪.‬‬
‫‪ -‬سلمنا أنه متعد وال نسلم وجوده يف الفرع‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫‪ -‬ومثل له الشيخ البناين يف احلاشية ِبا خالصته‪:‬‬
‫‪ o‬يقول املستدل‪ :‬النبق ربوي لعلة الكيل كالتمر‪.‬‬
‫‪ o‬فيقول املعرتض‪ :‬ال نسلم أن التمر ربوي‪.‬‬
‫‪ o‬سلمنا ربويته‪ ،‬لكن ال نسلم أن هذا احلكم من اليت جيري فيها القياس‪.‬‬
‫‪ o‬سلمنا أنه مما جيري فيه القياس‪ ،‬ولكن ال نسلم أنه معلل‪.‬‬
‫‪ o‬سلمنا أنه معلل‪ ،‬ولكن ال نسلم أن علته الكيل‪.‬‬
‫‪ o‬سلمنا أن العلة الكيل‪ ،‬ولكن ال نسلم وجودها يف التمر‪.‬‬
‫‪ o‬سلمنا وجودها فيه‪ ،‬ولكن ال نسلم أهنا متعدية‪.‬‬
‫‪ o‬سلمنا أهنا متعدية‪ ،‬ولكن ال نسلم وجودها يف الفرع‪ ،‬وهو النبق يف املثال املذكور‪.‬‬

‫‪ُ -‬جياب املعرتض بتلك املنوعات ِبا عرف من طرق الدفع‪ .‬وقد يكتفى بدفع األخري منها‪ ،‬ألهنا مرتتبة‪ ،‬أي كل منها‬
‫مرتتب على فرض تسليم ما قبله‪.‬‬

‫‪ -9‬حكم إيراد املنوعات املتقدمة‪:‬‬ ‫❖‬


‫من أجل ما فُ ِه َم مما تقدم من جواز إيراد تلك املنوعات‬
‫والقول الثالث‪ :‬جيوز يف غري‬
‫وقيل‪ :‬ال جيوز إال إذا كانت‬ ‫عرفنا جواز إيرادات من نوع واحد اتفاقا‪ ،‬ومن أنواع‬
‫املرتتبة ال يف املرتتبة‪.‬‬
‫من نوع واحد‪.‬‬ ‫ت‬
‫خمتلفة‪ ،‬كالنقض‪ ،‬واملعارضة‪ ،‬وعدم التأثري‪ .‬سواء تَ َرت بَ ْ‬
‫حبيث يستدعي اتليها تسليم ما قبله‪ ،‬أم ال‪.‬‬
‫ألن ما قبل األخري يف املرتتبة‬ ‫ألن غري الواحد يؤدي إىل‬ ‫ألن ذلك التسليم تقديري‪ ،‬أي‪ :‬على تقدير التسليم هبذا‪،‬‬
‫مسل ٌم‪ ،‬فذكره ضائع‪.‬‬ ‫االنتشار‪.‬‬ ‫ال نُسلم ما بعده‪ ،‬فليس ذلك تسليما يف الواقع‪.‬‬
‫[وهو قول احلنابلة وأكثر‬ ‫[وهو قول أهل مسرقند من‬
‫[وهو قول اجلمهور من املذاهب األربعة]‬
‫اجلدليني]‬ ‫اجلدليني]‬

‫‪62‬‬
‫القادح ‪ :12‬اختالف الضابط‬

‫ومنها اختالف الضابط يف األصل والفرع لعد الثقة بالامع وجوابه‬


‫تعريف اختالف الضابط‪.‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫بأ ه القدر املشرت أو بأن اإلفضا سوا ال إلغا التفاول‬
‫مثاله واجلواب عنه‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف اختالف الضابط‪:‬‬


‫‪ -‬الضابط‪ :‬هو الوصف املشتمل على احلكمة املقصودة‪[ .‬تعريف العضد]‬
‫‪ -‬من القوادح‪( :‬اختالف الضابط) يف األصل والفرع‪ ،‬أبن يكون الوصف املعلل به غري موثوق به أن يكون علة أو‬
‫جامعا بني الفرع واألصل‪( .‬عدم الثقة بوجود اجلامع‪ ،‬أو ِبساواته)‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬مثاله واجلواب عنه‪:‬‬

‫كأن يقول املستدل على وجوب القصاص على من شهدوا زورا ابلقتل‪ :‬تسببوا يف القتل فيجب عليهم القصاص‪ ،‬كما جيب‬
‫على من أكره غريه على القتل فقتل‪.‬‬
‫قيل‪ :‬سلمنا أن كال منهما مفض‪ ،‬لكنهما غري متساويني‪ ،‬إذ‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬الضابط هو اإلكراه‪ ،‬ويف الفرع الشهادة‬
‫هو يف اإلكراه على القتل أشد منه يف شهادة الزور‪ ،‬وشرط‬
‫فأين اجلامع بينهما؟ فإن قيل إهنما اشرتكا يف اإلفضاء إىل‬
‫القياس مساواة الفرع لألصل يف علة حكمه‪ ،‬وإذا مل تسا ِو‬
‫املقصود‪ ،‬فاجلامع هو التسبب يف ذلك‪.‬‬
‫الضابط يف األصل والفرع لزم عدم املساواة بينهما يف العلة‪.‬‬
‫واجلواب عن نفي املساواة يكون‪:‬‬ ‫واجلواب عن نفي وجود اجلامع يكون‪:‬‬
‫ببياهنا‪ ،‬كأن يقال يف ذلك‪ :‬إن احلكم يف كل منهما يفضي‬ ‫ببيان وجوده‪ ،‬كأن يقال يف املثال السابق هو القدر املشرتك‬
‫إىل املقصود وهو حفظ النفوس‪.‬‬ ‫بني الضابطني وهو التسبب‪.‬‬

‫✓ وال يكفي اجلواب إبلغاء التفاوت بني الضابطني‪ ،‬كأن يقال‪ :‬التفاوت بينهما ملغى يف احلكم‪ ،‬ألن هذا القول‬
‫ال حيصل اجلواب به‪ .‬فإن التفاوت قد يلغى يف بعض األحكام‪ ،‬كما يف العامل يقتل جاهال‪ ،‬وقد ال يلغى كما‬
‫يف احلر يقتل رقيقا‪ ،‬فإنه ال يقتل به على األرجح‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ذكر‬ ‫واالعرتاضال راجعة إىل املنع ومقدمها االستفسار ورو طل‬
‫مرجع االعرتاضات‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫معنى اللفظ حيث غرابة أو إمجال‪ ،‬و األص أن بيا هما على‬
‫االعرتاض ابالستفسار‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫املعرتض‪ ،‬وال يكلف بيان تساوي احملامل‪ ،‬ويكفيه أن األصل عد‬
‫من يلزمه بيان الغرابة واإلمجال؟‬ ‫‪-5‬‬
‫تفاوتها‪ ،‬فيبني املستدل عدمهما أو يفسر اللفظ مبحتمل‪ ،‬قيل وبغري‬
‫املعرتض ابإلمجال‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫حمتمل‪ ،‬ويف قبول دعواه الظهور يف مقصده دفعا لإلمجال لعد‬
‫‪ -7‬ادعاء املستدل أن اللفظ ظاهر يف املعىن املقصود‪.‬‬
‫الظهور يف اآلخر خالف‪.‬‬

‫❖ ‪ -3‬مرجع االعرتاضات‪:‬‬
‫‪ -‬املنع‪ :‬طلب الدليل على مقدمة من مقدمات املستدل‪.‬‬
‫أ) واالعرتاضات كلها راجعة إىل املنع‪[ .‬على رأي املصنف]‪.‬‬
‫ب) وقال [ابن احلاجب يف املختصر]‪" :‬االعرتاضات راجعة إىل منع أو معارضة"‪.‬‬
‫عدم االلتزام‪،‬‬
‫✓ قال العضد يف شرحه‪" :‬ألن غرض املستدل اإللزام إبثبات ُمدعاهُ بدليله‪ ،‬وغرض املعرتض ُ‬
‫وذلك ِبنعه عن إثبات دليله‪ .‬واإلثبات يكون بصحة مقدماته‪ ،‬وبسالمته عن املعارض‪ ،‬ليرتتب احلكم‪.‬‬
‫فالدفْ ُع يكون هبدم أحدمها‪ .‬فهدم الدليل ابلقدح يف صحته‪ ،‬وذلك ِبنع مقدمة من مقدماته وطلب الدليل‬
‫عليها‪ ،‬وهدم نفاذ داللة الدليل ابملعارضة ِبا يقاومها ومينع حكمها"‪ .‬اه ‪ ،‬بتصرف‪.‬‬

‫❖ ‪ -4‬االعرتاض ابالستفسار‪:‬‬
‫‪ -‬مقدم االعرتاضات االستفسار‪.‬‬
‫✓ ألن املستدل يلزمه أوال تفهيم ما يقول‪ ،‬وألن االستفسار وارد على مجيع التقادير واألدلة‪ ،‬فال سؤال أعم‬
‫منه‪.‬‬
‫‪ -‬واملقصود ابالستفسار طلب بيان معىن اللفظ إذا كان فيه غرابة أو إمجال‪.‬‬

‫ومثال اإلمجال‪:‬‬ ‫مثال الغرابة‪:‬‬


‫ض‪ ،‬فال حتل‬
‫أيل مل يُ َر ْ‬
‫ما لو قال املستدل حول صيد الكلب‪ٌ :‬‬
‫ما لو قيل‪ :‬تعتد املطلقة ابإلقراء‪.‬‬
‫فريسته كالسيد‪.‬‬
‫فيقال له‪ :‬ما األيل؟ وما معىن مل يرض؟ وما السيد؟‬
‫فيقال‪ :‬ما اإلقراء؟ أي‪ :‬ما مقصودك به؟ ألن القرء يطلق على الطهر‬
‫وعلى املستدل أن يبني ذلك كأن يقول‪ :‬األيل كلب‪ ،‬ومعىن مل يرض‬
‫وعلى احليض‪.‬‬
‫مل يُ َعلم‪ ،‬والسيد الذئب‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫❖ ‪ -5‬من يلزمه بيان الغرابة واإلمجال؟‬
‫أ) األصح أن إثبات كون الكالم فيه غرابة أو إمجال إمنا هو على املعرتض‪.‬‬
‫✓ ألنه الذي ادعى ذلك‪ ،‬واألصل عدمهما‪.‬‬
‫ب) وقيل‪ :‬على املستدل بيان عدم الغرابة واإلمجال يف كالمه‪.‬‬

‫❖ ‪ -6‬املعرتض ابإلمجال‪:‬‬
‫‪ -‬ال يكلف من اعرتض ابإلمجال بيا َن تساوي حمامل اللفظ اجململ‪ ،‬بل يكفي أن يقول األصل عدم التفاوت بني‬
‫احملامل‪ ،‬وعلى املستدل أن ينفي الغرابة واإلمجال عن كالمه‪ ،‬وذلك ابلنقل عن أهل اللغة أو العرف العام أو‬
‫اخلاص أو ابلقرائن‪.‬‬
‫✓ مثال‪:‬‬

‫لو قال املستدل‪ :‬الوضوء قربة فلتجب فيه النية‪.‬‬


‫فقال املعرتض‪ :‬الوضوء جممل‪ ،‬ألنه يطلق على النظافة وعلى الوضوء الشرعي‪.‬‬
‫كفى املستدل أن‪:‬‬
‫وقيل‪:‬‬
‫يقول‪:‬‬
‫له أن يفسره ِبا ال حيتمله‪ ،‬ويدعي أن ذلك اصطالح له‪.‬‬
‫الوضوء ظاهر يف املعىن الشرعي‪ ،‬فال إمجال‪.‬‬
‫(وال ُيفى البعد يف هذا القول)‪،‬‬
‫أو يفسر اللفظ ِبا يصلح له لغة أو عرفا‪.‬‬
‫وإن قال الكثريون‪ :‬ال مشاحة يف االصطالح‪.‬‬

‫❖ ‪ -7‬ادعاء املستدل أن اللفظ ظاهر يف املعىن املقصود‪:‬‬


‫‪ -‬هناك خالف يف قبول وعدم قبول ادعاء املستدل أن اللفظ ظاهر يف املعىن الذي قصده دون املعىن اآلخر‪.‬‬
‫• فقيل‪ :‬يقبل‪ ،‬دفعا لإلمجال الذي هو خالف األصل‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬ال يقبل‪ ،‬ألن ادعاء الظهور ال أثر له بعد اعرتاض املعرتض ابإلمجال‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫القادح ‪ :13‬التقسيم‬

‫ومنها التقسيم ورو كون اللفظ مرتددا بني أمري ‪ :‬أحدرما انوع‬
‫تعريف التقسيم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫واملختار وروده وجوابه أن اللفظ موضوع ولو عرفا أو اارر ولو‬
‫ورود التقسيم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫بقرينة يف املراد‪،‬‬
‫اجلواب عن االعرتاض ابلتقسيم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف التقسيم‪:‬‬
‫‪ -‬من القوادح‪( :‬التقسيم) وهو كون اللفظ الوارد يف دليل املستدل مرتددا بني أمرين أحدمها ممنوع‪ .‬خبالف األمر‬
‫اآلخر الذي هو مراد املستدل‪.‬‬
‫[ج‪ ،8‬ص‪.]3474:‬‬ ‫قال القرايف يف نفائس األصول‪" :‬التقسيم أبن يردد اللفظ بني معنيني‪ ،‬أحدمها ممنوع واآلخر مسلم"‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫✓ مثاله‪:‬‬
‫أن يقال يف الصحيح املقيم إذا فقد املاء‪ :‬وجد السبب بتعذر املاء فساغ التيمم‪.‬‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬السبب تعذر املاء‪ ،‬أو تعذر املاء يف السفر؟ األول ممنوع‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬ورود التقسيم‪:‬‬
‫‪ -‬على القول املختار‪ :‬التقسيم وارد‪ ،‬ألن املستدل ال يتم دليله مع ورود التقسيم عليه‪.‬‬
‫‪ -‬وقيل‪ :‬ال يرد‪ ،‬ألن املعرتض مل مينع املراد‪ ،‬بل منع غريه‪[ .‬قال به اآلمدي يف اإلحكام]‪.‬‬

‫❖ ‪ -3‬اجلواب عن االعرتاض ابلتقسيم‪:‬‬


‫‪ -‬اجلواب عن االعرتاض ابلتقسيم هو أن يتبني املستدل أن اللفظ موضوع للمراد لغة أو عرفا‪ ،‬أو هو ظاهر يف‬
‫املراد‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ثم املنع ال يعرتض احلكاية بل الدليل‪ ،‬إما قبل متامه ملقدمة منه أو بعده‪ ،‬و األول إما‬
‫‪ -4‬اعرتاض الدليل‪.‬‬ ‫كذا لو كان كذا ورو‬ ‫جمرد أو مع املستند‪ ،‬كال سلم كذا ومل ال يكون كذا أو إمنا يل‬

‫‪ -5‬االعرتاض قبل متام الدليل‪.‬‬ ‫إما مع منع‬ ‫ال يسمعه احملققون‪ ،‬والثا‬ ‫املناقضة‪ ،‬فإن احتا ال تفا املقدمة فغص‬

‫‪ -6‬االعرتاض بعد متام الدليل‪.‬‬ ‫الدليل بنا على يلف حكمه فالنقض اإلمجال أو مع تسليمه‪ ،‬واالستدالل مبا ينايف‬
‫مستدال‪،‬‬ ‫ثبول املدلول فاملعارضة فيقول ما ذكرل‪ ،‬وإن دل فعندي ما ينفيه وينقل‬
‫وعلى املمنوع الدفع بدليل‪ ،‬فإن منع ثا يا فكما مر وركذا ورلم اىل إفحا املعلل‬

‫إن ا قطع باملنوع أو إل ا املا ع إن ا تهى إىل ضروري أو يقيين مشهور‪.‬‬

‫❖ ‪ -4‬اعرتاض الدليل‪:‬‬
‫‪ -‬املنع أو مطلق االعرتاض ال يعرتض حكاية املستدل ألقوال ينقلها‪ ،‬فال مينع املعرتض نقلها‪ ،‬بل يعرتض الدليل‪.‬‬
‫✓ وهذا االعرتاض إما قبل متام الدليل أو بعد متامه‪.‬‬

‫❖ ‪ -5‬االعرتاض قبل متام الدليل‪:‬‬

‫االعرتاض قبل متام الدليل إما أن يكون‪:‬‬


‫منعا مع مستَ نَد‬ ‫منعا ُجمَردا‬
‫ومع املستند أن يقول‪ :‬ال نسلم كذا‪ ،‬ومل ال يكون كذا‪ .‬أو‬
‫ال نسلم كذا‪ ،‬فإنه إمنا يلزم لو كان األمر كذا‪.‬‬ ‫فاجملرد أن يقول‪ :‬هذا ممنوع‪.‬‬
‫(فهو يضيف ما يقوي َم ْن َعهُ وليس استدالال)‬ ‫(أعرتض‪ ،‬أمنع)‬
‫منعه‪.‬‬
‫و(السند) ‪ :‬ما يذكره املانع معتقدا أنه يقوي َ‬

‫ضةَ)‪.‬‬
‫✓ واملنع بقسميه املذكورين يسمى‪( :‬املُنَاقَ َ‬
‫✓ فإن احتج النتفاء املقدمة اليت منعها‪ ،‬أي‪ :‬إذا منع املعرتض مقدمة‪ ،‬وأخذ يقيم الدليل على انتفائها‪ ،‬فهذا‬
‫ب)‪ ،‬ألن املعرتض غصب مقام املستدل‪ ،‬فال يسمع عند احملققني من النظار‪ ،‬وال‬
‫صَ‬‫يسميه الباحثون‪( :‬الغَ ْ‬
‫يستحق جوااب‪ ،‬الستلزامه اخلبط يف البحث‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫❖ ‪ -6‬االعرتاض بعد متام الدليل‪:‬‬

‫املنع بعد متام الدليل إما‪:‬‬


‫وإما مع تسليم الدليل واالستدالل ِبا ينايف ثبوت املدلول‪.‬‬ ‫إما منع الدليل ببيان ختلفه‬
‫كأن يقول املعرتض للمستدل‪ :‬ما ذكرت من الدليل‪ ،‬وإن‬
‫كأن يقول املعرتض للمستدل‪ :‬ما ذكرت من الدليل غري‬
‫دل على ما قلت فعندي ما ينفي قولك‪ .‬ويذكر ذلك‪.‬‬
‫صحيح لتخلف احلكم عنه يف احلالة الفالنية‪.‬‬
‫وحينئذ ينقلب املعرتض مستدال‪.‬‬
‫ض ا ِإل ْمجَ ِايل)‪ ،‬ألن جهة املنع غري معينة‪.‬‬
‫وهذا يسمى (الن ْق َ‬
‫ض ِة)‪.‬‬
‫ار َ‬
‫وهذا من (املَُع َ‬ ‫صيلِيِ) الذي هو منع مقدمة معينة من‬ ‫ض الت ْف ِ‬
‫خبالف (الن ْق ِ‬
‫الدليل‪.‬‬

‫✓ وعلى املستدل أن يدفع ابلدليل ما ذكره املعرتض‪ ،‬فإن اعرتض مرة أخرى أو أكثر فهو كما لو منع الدليل قبل متامه‪،‬‬
‫وقد مر ذلك‪ .‬إىل أن ينتهي البحث إما‪:‬‬
‫• إبفحام املستدل بعجزه وانقطاعه ابملنوع‪.‬‬
‫• أو حيصل من جانب املستدل إلزام املعرتض ابملانع إن انتهى احلال إىل ضروري‪ ،‬أو يقين مشهور‪.‬‬

‫مثال ما ينتهي إىل يقين مشهور‬


‫مثال ما ينتهي إىل ضروري‪:‬‬
‫(وهو ما َْحي ُكم به العقل العرتاف العقالء به)‬
‫أن يقول املستدل‪ :‬هذا ضعيف‪ ،‬وكل ضعيف ينبغي مواساته‬
‫ما لو قال املستدل‪ :‬العامل حادث‪ ،‬وكل حادث له صانع‪.‬‬
‫ابلتصدق عليه مثال‪.‬‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬ال أسلم الكربى‪ ،‬أي قولك‪( :‬كل‬ ‫فيقول املعرتض‪ :‬ال أسلم الصغرى‪ ،‬أي قولك‪( :‬العلم‬
‫ضعيف‪...‬إخل)‬ ‫حادث)‪.‬‬
‫فيقول املستدل‪ :‬العامل متغري‪ ،‬وكل متغري حادث‪.‬‬
‫فيقول املعرتض‪ :‬ال أسلم الصغرى‪ ،‬أي قولك‪( :‬العامل متغري)‬
‫فيقول املستدل‪:‬‬
‫فيقول املستدل‪ :‬تغري العامل اثبت ابلضرورة‪ ،‬ألنه إما أعراض‬
‫مساعدة الضعيف حممودة عند مجيع الناس‬
‫أو أجسام‪ .‬وتغري األعراض مشاهد كاحلركة والسكون‪،‬‬
‫واألجسام مالزمة لألعراض‪ ،‬ومالزم احلادث حادث‪.‬‬
‫✓ تنبيه‪:‬‬
‫وقول املصنف‪( :‬إىل يقين مشهور) فيه تساهل‪ ،‬ألن املركب من اليقين وغريه ال يكون يقينيا‪[ .‬شرح احمللي]‬

‫‪68‬‬
‫خامتة القياس‪:‬‬

‫م الدي ‪ ،‬وثالثها حيث يتعني‪ ،‬وم أصول الفقه‪ ،‬خالفا‬ ‫القيا‬


‫‪ -1‬هل القياس من الدين؟‬ ‫‪ :‬يقال إ ه دي اهلل‬ ‫إلما احلرمني‪ ،‬وحكم املقيا‪ ،‬قال السمعا‬
‫‪ -2‬القياس من أصول الفقه‪.‬‬ ‫فرض كفاية يتعني‬ ‫وشرعه‪ ،‬وال جيوئ أن يقال‪ :‬قاله اهلل‪ ،‬ثم القيا‬
‫‪ -3‬حكم املقيس‪.‬‬
‫على جمتهد احتاج إليه‪.‬‬
‫‪ -4‬حكم القياس‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬هل القياس من الدين؟‬


‫‪ -‬هل القياس من الدين؟ يف ذلك خالف‪.‬‬

‫وقال‪ :‬أبو علي اجلبائي املعتزيل‪:‬‬ ‫وقال‪ :‬حممد بن اهلُذيل املعتزيل‪ ،‬املعروف ابلعالف‪:‬‬ ‫قال كثريون‪[ :‬اجلمهور]‬
‫إنه من الدين إذا تعني لالستدالل على‬
‫ليس من الدين‬ ‫هو من الدين‬
‫مسألة ال دليل على حكمها غريه‪.‬‬
‫خبالف ما إذا مل يتعني‪ ،‬لعدم احلاجة‬ ‫ألن الدين اثبت مستمر‪ ،‬والقياس وإن كان اثبتا‬ ‫ألنه مأمور به بقوله تعاىل‪:‬‬
‫إليه حينئذ‪.‬‬ ‫لكنه غري مستمر‪ ،‬إذ قد ال حيتاج إليه‪.‬‬ ‫"فاعتربوا اي أويل األبصار"‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬القياس من أصول الفقه‪:‬‬

‫وقال إمام احلرمني‪:‬‬ ‫قول اجلمهور‪:‬‬


‫ليس من أصول الفقه‪ ،‬ولكنه يبحث فيه يف كتب أصول الفقه‪ ،‬لتوقف‬ ‫القياس من أصول الفقه‪ ،‬أي من أدلة الفقه‬
‫غرض االصويل على إثبات حجيته اليت يتوقف عليها بيان الفقه‪.‬‬ ‫اإلمجالية‪.‬‬

‫❖ ‪ -3‬حكم املقيس‪:‬‬
‫‪ -‬أما حكم املقيس كحرمة النبيذ قياسا على حرمة اخلمر‪:‬‬
‫✓ فقال السمعاين‪ :‬ال جيوز أن يقال فيه‪ :‬قال هللا‪ ،‬أو قال رسول هللا‪ ،‬إذ ال يقال ذلك إال للمنصوص عليه يف الكتاب‬
‫أو السنة‪ ،‬وحكم املقيس مستنبط من ال منصوص‪ .‬ولكن يصح أن يقال إنه دين هللا‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫❖ ‪ -4‬حكم القياس‪:‬‬
‫‪ -‬القياس فرض كفاية على اجملتهد‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يكون فرض عني إذا حصلت واقعة مل يتوصل إىل حكمها إال ابلقياس‪.‬‬

‫ورو جل وخف ‪ ،‬فالل ما يقطع فيه بنف الفارق أو كان احتماال‬


‫‪ -5‬القياس اجللي‪.‬‬ ‫ضعيفا‪ ،‬واخلف خالفه‪ ،‬وقيل الل رذا واخلف الشبه والواض‬
‫‪ -6‬القياس اخلفي‪.‬‬ ‫بينهما‪ ،‬وقيل األوىل‪ ،‬والواض املساوي‪ ،‬واخلف األدون‪،‬‬
‫‪ -7‬ما قيل يف أقسام القياس‪.‬‬

‫❖ ‪ -5‬القياس اجللي‪:‬‬
‫‪ -‬القياس اجللي هو‪ :‬ما قطع بنفي الفارق بني األصل والفرع‪ ،‬أو ما كان الفارق بينهما ضعيفا‪.‬‬

‫ومثال الثاين‪:‬‬ ‫مثال األول‪:‬‬


‫قياس العمياء على العرجاء يف عدم اإلجزاء يف األضحية‪ ،‬ففي‬
‫حديث أصحاب السنن‪" :‬أربع ال جتزئ يف األضاحي‪ :‬العوراء‬ ‫قياس األمة على العبد يف أحكام العتق‪.‬‬
‫ِ‬
‫البني َع َوُرها" إىل آخر احلديث‪.‬‬
‫وجه الفارق أن يقال‪ :‬إن العمياء ترشد إىل املرعى احلسن‪،‬‬
‫خبالف العوراء‪ ،‬فإهنا توكل على بصرها الناقص فال تسمن‪.‬‬ ‫فقد عُلِ َم قطعا أن الذكورة واألنوثة مل يعتربمها الشارع يف‬
‫وجواب هذا أن ذلك فارق ضعيف‪ ،‬ألن املنظور إليه يف‬ ‫األحكام املذكورة‪.‬‬
‫األضحية متام اخللقة ال السمن‪.‬‬

‫❖ ‪ -6‬القياس اخلفي‪:‬‬
‫‪ -‬القياس اخلفي هو‪ :‬ما كان احتمال الفارق بني األصل والفرع قواي‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫قياس النبيذ على اخلمر يف احلرمة‪.‬‬
‫فهناك احتمال قوي أن تكون خصوصية اخلمر معتربة‪ ،‬ولذلك اختلف فيه الفقهاء‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫❖ ‪ -7‬ما قيل يف أقسام القياس‪:‬‬
‫➢ وقيل‪ :‬القياس ثالثة أقسام‪:‬‬
‫اجللي‪ ،‬وهو ما سبق‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫اخلفي‪ ،‬قياس الشبه‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫الواضح‪ ،‬وهو بينهما‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫➢ وقيل‪ :‬اجللي القياس ابألوىل‪ ،‬والواضح املساوي‪ ،‬واخلفي ابألَ ْد َو ِن‪( .‬وقد سبق يف حبث املنطوق واملفهوم ما يوضح ذلك)‪.‬‬

‫الداللة ما مجع فيه بالئمها‬ ‫العلة ما صرا فيه بها‪ ،‬وقيا‬ ‫وقيا‬
‫‪ -8‬أقسام القياس من حيث العلة‪.‬‬ ‫يف معنى األصل المع بنف الفارق‪.‬‬ ‫فأثررا فحكمها‪ ،‬والقيا‬

‫❖ ‪ -8‬أقسام القياس من حيث العلة‪.‬‬


‫‪ -‬ينقسم القياس من حيث العلة إىل ثالثة اقسام‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫القياس يف معىن األصل‬ ‫قياس الداللة‬ ‫قياس العلة‬


‫أي القياس الذي هو ِبنزلة األصل‪،‬‬ ‫وهو ما صرح‬
‫وهو ما كان اجلامع فيه‪:‬‬
‫ويسمى ابجللي أيضا‪.‬‬ ‫فيه ابلعلة‬
‫وصبِ ِه يف املاء‬
‫كقياس البول يف إانء َ‬ ‫كما لو قيل‪ :‬النبيذ كاخلمر جبامع الرائحة املشتدة‪.‬‬ ‫الزم‬
‫الراكد على البول فيه رأسا‬ ‫(وهذه ليست على بل الزمة هلا)‪.‬‬ ‫العلة‬
‫كما يف قياس القتل ِبثقل على القتل ِبحدد جبامع‬ ‫كأن يقال‪:‬‬
‫أثر العلة‬
‫جبامع أنه ال فرق بينهما يف املقصود من‬ ‫اإلمث يف كل منهما‪( .‬واإلمث أثر العلة)‪.‬‬ ‫النبيذ كاخلمر‬
‫املنع الثابت حبديث الصحيحني‪" :‬أن‬ ‫كما يف قطع أيدي مجاعة اشرتكوا يف قطع يد واحد‪،‬‬ ‫يف اإلسكار‬
‫حكم‬
‫بال يف املاء الراكد"‪.‬‬
‫النيب ﷺ هنى أن يُ َ‬ ‫قياسا على ما إذا اشرتكوا يف قتله جبامع وجوب‬
‫العلة‬
‫الدية‪ ،‬ووجوب الدية حكم العلة‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫﴿الكتاب اخلامس يف االستدالل﴾‬

‫‪ -‬األدلة اليت تستنبط منها األحكا الشرعية ثالثة أقسا ‪:‬‬

‫قسم خمتلَف فيه‬ ‫قسم احتج به أكثر األئمة اجملتهدين‬ ‫قسم مت َفق على االحتجاج به‬
‫االستحسان‪ ،‬واملصاحل املرسلة‪ ،‬والعرف‪،‬‬
‫والقياس‬
‫ُ‬ ‫اإلمجاعُ‬ ‫والسنة‬
‫الكتاب ُّ‬
‫وشرع من قبلنا‪ ،‬ومذهب الصحايب‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫✓ وقد سبق البحث يف الكتاب والسنة واإلمجاع والقياس‪ .‬وهنا سنبحث االستدالل الذي يشمل الباقيات‪.‬‬

‫واالستثناا‬ ‫‪ ،‬فيدخل االقرتا‬ ‫يف االستدالل‪ :‬ورو دليل ليا بنص وال إمجاع وال قيا‬

‫‪ )1‬تعريف االستدالل‪.‬‬ ‫العكا وقولنا الدليل يقتض أن ال يكون كذا خولف يف كذا ملعنى مفقود يف صورة‬ ‫وقيا‬
‫الن اع فتبقى على األصل‪ ،‬وكذا ا تفا احلكم ال تفا مدركه‪ ،‬كقولنا احلكم يستدع دليال‪،‬‬
‫‪ )2‬ما يدخل يف االستدالل‪.‬‬
‫تكليف الغافل‪ ،‬وال دليل بالس أو األصل‪ ،‬وكذا قوهلم وجد املقتضى أو املا ع أو فقد‬ ‫واال ل‬
‫الشر خالفا لأكثر‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف االستدالل‪:‬‬
‫‪ -‬االستدالل لغة‪ :‬طلب الدليل‪.‬‬
‫‪ -‬ويُطلق عرفا على ذكر أدلة ليست نصوصا‪ ،‬وال إمجاعا‪ ،‬وال قياسا‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬ما يدخل يف االستدالل‪:‬‬


‫‪ -‬بناء على ما تقدم من تعريف االستدالل‪ ،‬فيدخل فيه ما أييت‪:‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬القياس االقرتاني‪ ،‬والقياس االستثنائي‪( .‬ومها نوعان من القياس املنطقي)‬
‫ت لزم عنها قول آخر‪ ،‬والقول اآلخر هو‪ :‬النتيجة‪.‬‬‫ف من قضيتني فأكثر مىت َسلِ َم ْ‬ ‫‪ -‬والقياس املنطقي‪ٌ :‬‬
‫قول مؤل ٌ‬

‫القياس االقرتاني‬ ‫القياس االستثنائي‬


‫وهو ما مل تذكر فيه النتيجة وال نقيضها‪.‬‬ ‫ضه مذكورا ابلفعل‪.‬‬
‫وهو ما كان فيه الالزم (النتيجة)‪ ،‬أو نقي ُ‬
‫مثاله‪:‬‬ ‫مثاله‪:‬‬
‫أو إن كان النبيذ مباحا فهو ليس‬
‫كل نبيذ مسكر‪ ،‬وكل مسكر حرام‪ ،‬ينتج كل نبيذ حرام‪.‬‬ ‫إن كان النبيذ مسكرا فهو حرام‬
‫ِبسكر لكنه مسكر ينتج فهو ليس‬
‫وهو مذكور فيه ابلقوة ال ابلفعل‪.‬‬ ‫لكنه مسكر ينتج فهو حرام‪.‬‬
‫ِبباح‪.‬‬
‫يسمى القياس ابالقرتاين القرتان أجزائه‪.‬‬ ‫يسمى القياس ابالستثنائي الشتماله على حرف االستثناء (لكن)‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬قياس العكس‪.‬‬
‫‪ -‬وهو إثبات عكس حكم شيء ِبثله‪ ،‬لتعاكسهما يف العلة‪.‬‬
‫✓ مثاله‪ :‬كما يف حديث مسلم‪" :‬أرأيتم لو وضعها يف حرام‪ ،‬أكان عليه وزر؟ قالوا‪ :‬نعم"‪.‬‬
‫ففي هذا إثبات األجر الذي هو عكس الوزر‪ ،‬فيما لو وضعها يف حالل‪ .‬واحلكمان مها احلرمة واحلِ ُّل‪ ،‬والعلة الوضع‬
‫يف احلرام‪ ،‬والوضع يف احلالل‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬قول العلماء‪ :‬الدليل يقتضي أن ال يكون كذا‪ ،‬ولكنه خولف يف كذا ملعىن مفقود يف صورة‬
‫النزاع‪.‬‬
‫✓ مثاله أن يقال‪ :‬الدليل يقتضي أن ال تزوج املرأة ال إبذهنا وال إبذن وليها‪ ،‬ملا يف ذلك من تعريضها لإلذالل بطاعة‬
‫ف يف جواز تزوجيها إبذن وليها‪ ،‬إذ املفروض كمال اهتمامه هبا‪ .‬وعليه يبقى‬ ‫الزوج مثال‪ ،‬لكن هذا الدليل قد ُخولِ َ‬
‫تزوجيها بغري إذن وليها ممنوعا‪ِ ،‬بقتضى الدليل املذكور‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬انتفاء احلكم النتفاء مدركه‪.‬‬
‫‪ -‬أي انتفاء احلكم‪ ،‬النتفاء الدليل الذي يدرك به احلكم‪.‬‬
‫• فإذا فحص اجملتهد فحصا دقيقا مل جيد دليال على احلكم بشيء‪ ،‬دل ذلك على عدم احلكم فيه‪( .‬على‬
‫دليل يُظَ ُّن به انتفاءُ احلكم‪ ،‬أو أن األصل عدم الدليل)‬
‫الرأي الذي رجحه املصنف من أن عدم الدليل ٌ‬
‫• وقال بعضهم‪ :‬ليس ذلك دليال على انتفاء احلكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ُ‬
‫ضي وجد فيه احلكم‪ ،‬وما وجد فيه املانع انتفى عنه احلكم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫ق‬ ‫امل‬ ‫فيه‬ ‫جد‬ ‫‪ ‬خامسا‪ :‬قول الفقهاء‪ :‬ما و‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫وكلما ف ِقد الشرط ف ِقد املشروط‪( .‬قاله اآلمدي يف اإلحكام)‬
‫‪ -‬وقال كثريون‪ :‬ليس بدليل‪ ،‬بل هو دعوى دليل‪[ .‬وهو قول اجلمهور]‪ .‬وال يكون دليال إال إذا تعني املقتضي‬
‫واملانع والشرط وتبني وجود ذلك‪ .‬قال احمللي‪ :‬وهذا القول بعيد‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫﴿االستقراء﴾‬

‫مسألة‪ :‬االستقرا بال ا على الكل إن كان تاما أي بالكل إال صورة‬

‫‪ -1‬تعريف االستقراء‪.‬‬ ‫الن اع فقطع عند األكثر‪ ،‬أو اقصا أي بأكثر ال ايال فظين‪ ،‬ويسمى‬
‫إحلاق الفرد باألغل ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنواع االستقراء‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف االستقراء‪:‬‬
‫‪ -‬االستقراء لغة‪ :‬التتبع‪.‬‬
‫‪ -‬واصطالحا‪ :‬تَتَ بُّ ُع أموز جزئية ليُح َكم حبكمها على ما يشمل تلك اجلزئيات وغريها‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬أنواع االستقراء‪:‬‬

‫االستقراء التام‬
‫ورو‪ :‬ما كان التتبع فيه لميع ال ايال إال صورة الن اع‪.‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫وقيل‪:‬‬ ‫عند أكثر العلماء‪:‬‬
‫ليس بقطعي‪ ،‬الحتمال أن تكون صورة النزاع وحدها‬ ‫قطعي على ثبوت احلكم يف صورة النزاع أيضا‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫خمالفة ملا قد استق ِرئ‪.‬‬ ‫قال الزركشي وشيخ اإلسالم وابن النجار‪" :‬هذا هو القياس‬
‫وقد ذكره الشارح احمللي يف شرحه‪ ،‬وأجاب عليه أبنه‬ ‫القطعي املنطقي املفيد للقطع عند األكثرين"‪ .‬وزاد الزركشي‪:‬‬
‫منز ٌل منزلة العدم‪.‬‬ ‫"قال اهلندي‪ :‬وهو حجة بال خالف"‪.‬‬

‫االستقراء الناقص‬
‫ورو‪ :‬ما كان التتبع فيه ألكثر ال ايال‪.‬‬
‫تسميته‪:‬‬ ‫حكمه‪:‬‬
‫وإثبات احلكم ابالستقراء الناقص يسمى‪:‬‬ ‫وهو دليل ظن‪ ،‬الحتمال أن تكون اجلزئيات غري املستقرأة‬
‫(إحلا َق ِ‬
‫الفرد ابألغلب)‪.‬‬ ‫خمالفة ملا قد استقرئ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫﴿االستصحاب﴾‬

‫مسألة‪ :‬قال علماا ا استصحاب العد األصل والعمو أو النص إىل ورود املغري وما دل الشرع على‬

‫ثبوته لوجود سببه حجة مطلقا‪ ،‬وقيل يف الدفع دون الرفع‪ ،‬وقيل بشر أن ال يعارضه اارر مطلقا‪،‬‬
‫‪ -1‬تعريف االستصحاب‬
‫ليخرج بول وقع يف ما كثري فوجد متغريا‪ ،‬واحتمل‬ ‫وقيل اارر غال ‪ ،‬وقيل‪ :‬مطلقا‪ ،‬وقيل‪ :‬ذو سب‬
‫‪ -2‬أقسام االستصحاب‬ ‫كون التغري به واحلق سقو األصل إن قرب العهد واعتماده إن بعد‪ ،‬وال حيتا باستصحاب حال‬
‫‪ -3‬حجية االستصحاب‬ ‫والصرييف واب سريا و اآلمدي‪ ،‬فعرف أن االستصحاب‬ ‫اإلمجاع يف حمل اخلالف‪ ،‬خالفا للم‬

‫لثبوته يف األول لفقدان ما يصل للتغيري‪ ،‬أما ثبوته يف األول لثبوته يف الثا‬ ‫ثبول أمر يف الثا‬
‫‪ -4‬استصحاب حال اإلمجاع‬
‫اليو ثابتا أما‪ ،‬لكان غري ثاب ‪ ،‬فيقتض استصحاب أما‬ ‫فمقلوب‪ ،‬وقد يقال فيه لو مل يك الثاب‬
‫‪ -5‬االستصحاب املقلوب‬ ‫بأ ه اآلن غري ثاب ‪ ،‬وليا كذل ‪ ،‬فدل على أ ه ثاب ‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف االستصحاب‪:‬‬
‫‪ -‬سيأيت أن االستصحاب‪ ،‬أو استصحاب احلال‪ :‬هو ثبوت أمر يف الزمن الثاين لثبوته يف الزمن األول‪.‬‬
‫كل ما كان كذلك فهو مظنون‬
‫عدمه‪ ،‬و ُّ‬
‫‪ -‬قال العضد‪" :‬معىن استصحاب احلال‪ :‬أن احلكم الفالين قد كان‪ ،‬ومل يُظَن ُ‬
‫البقاء"‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬أقسام االستصحاب‪:‬‬

‫أي‪ :‬حكم العقل ابلرباءة األصلية قبل ورود الشرع‪،‬‬


‫وهو انتفاء ما نفاه العقل ومل يثبته الشرع‪.‬‬ ‫‪ 1‬استصحاب العدم األصلي‬
‫كنفي وجوب صوم رجب مثال‪.‬‬

‫‪ 2‬استصحاب العموم أو النص إىل ورود مغري‬

‫كثبوت امللك ابلشراء‪.‬‬ ‫‪ 3‬استصحاب ما دل الشرع على ثبوته‪ ،‬لوجود سببه‬

‫‪75‬‬
‫❖ ‪ -3‬حجية االستصحاب‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬استصحاب العدم األصلي‪ ،‬والقسم الثاني‪ :‬استصحاب العموم أو النص إىل ورود مغري‪:‬‬
‫أكثر احلنفية‬ ‫الشافعية‬
‫على عدم االحتجاج ابالستصحاب‪ .‬قالوا‪ :‬إن األدلة الشرعية‬
‫حجة عند الشافعية جزما‪.‬‬
‫منحصرة يف النص واإلمجاع والقياس‪.‬‬
‫فيعمل هبما إىل أن يرد مغري من خمصص للعموم أو‬
‫وأجاب الشافعية عن ذلك أبن األدلة الشرعية إلثبات احلكم ابتداء‪.‬‬
‫انسخ للنص‪.‬‬
‫أما احلكم ابلدوام فباالستصحاب‪.‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬استصحاب ما دل الشرع على ثبوته‪ ،‬لوجود سببه‪.‬‬


‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫هو حجة بشرط أن‬ ‫هو حجة بشرط أن ال‬ ‫هو حجة بشرط أن ال‬
‫ال يعارضه ظاهر‬ ‫يعارضه ظاهر غالب‪ ،‬سواء‬ ‫ظاهر مطلقا‪،‬‬
‫يعارضه ٌ‬ ‫هو حجة يف الدفع دون‬ ‫هو حجة‬
‫ذو سبب‪ ،‬فإن‬ ‫كان ذا سبب أو ال‪ .‬فإن‬ ‫أي سواء كان الظاهر‬
‫الرفع‬ ‫مطلقا‬
‫عارضه ظاهر ذو‬ ‫عارضه هذه قدم الظاهر‬ ‫غالبا أم ال‪ .‬فإن عارضه‬
‫سبب قدم عليه‪.‬‬ ‫الغالب‪.‬‬ ‫الظاهر قدم الظاهر‪.‬‬
‫قال به مجع من احلنفية منهم‬ ‫وهو قول‬
‫نقله الزركشي يف‬
‫نقله الشارح احمللي يف شرحه‬ ‫أبو زيد الدبوسي‪ ،‬ومشس‬ ‫املالكية‬
‫التشنيف‪.‬‬
‫األئمة السرخسي وغريهم‬ ‫والشافعية‬
‫والتقييد بذي السبب‪:‬‬ ‫مثاله‪:‬‬ ‫واحلنابلة‬
‫إلخراج مثل بول وقع يف ماء كثري ووجد املاء متغريا‪،‬‬ ‫قاله‬ ‫وطائفة من‬
‫كاستصحاب حياة املفقود (قبل‬
‫واحتمل أن يكون التغيري ابلبول كما احتمل أن يكون‬ ‫الزركشي‬ ‫احلكم ِبوته)‪ ،‬فإن استصحاب‬ ‫احلنفية‬
‫بطول املكث‪.‬‬ ‫يف‬ ‫حياته يقتضي بقاء ملكه‬ ‫السمرقنديني‬
‫ففي ذلك تعارض األصل وهو الطهارة‪ ،‬والظاهر وهو‬
‫تشنيف‬ ‫ألمواله‪ ،‬فال يرثه غريه‪ ،‬ولكن‬ ‫واختاره‬
‫النجاسة ابلبول‪ ،‬فيعترب جنسا أخذا ابلظاهر‪ ،‬وقيل‪ :‬يعترب‬
‫املسامع‬ ‫ذلك ال يثبت له ملكا جديدا‪،‬‬
‫الرازي‬
‫املكث‪ ،‬وال طاهرا‪ ،‬أخذا ابألصل‪.‬‬
‫للشك يف حياته‪ ،‬فال يرث غريه‪.‬‬
‫واآلمدي‬
‫واحلق‪ :‬التفصيل‪ ،‬وهو أن يسقط األصل وهو الطهارة إن‬ ‫بل توقف حصته إىل أن يتبني‬
‫احلال‪ .‬فاملدفوع إرث غريه له‪،‬‬
‫وابن‬
‫قرب العهد‪ ،‬إذ يضعف حينئذ احتمال التغري ابملكث‪ .‬وال‬
‫يسقط إن طال العهد لقوة احتمال التغري بطول املكث‪.‬‬ ‫واملرفوع إرثه لغريه‪.‬‬ ‫احلاجب‬

‫‪76‬‬
‫❖ ‪ -4‬استصحاب حال اإلمجاع‪:‬‬
‫‪ -‬إذا حصل إمجاع على حكم يف حال واختلف فيه يف حال أخرى‪ ،‬فهل حيتج ابستصحاب اإلمجاع فيحكم على‬
‫احلال الثانية ِبا حكم به على احلال األوىل؟ يف ذلك خالف‪( .‬احتج به احلنابلة‪ ،‬وأكثر الشافعية‪ ،‬واختاره‬
‫الغزايل‪ ،‬واملصنف هنا‪ ،‬والشارح احمللي‪ ،‬والزركشي‪ ،‬وشيخ اإلسالم)‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫اإلمجاع على أن اخلارج النجس من غري السبيلني ال ينقض الوضوء‪ ،‬قبل خروجه‪ ،‬أما إذا خرج ففيه خالف‪.‬‬
‫• القائلون ابستصحاب اإلمجاع قالوا‪ :‬ال ينقض الوضوء استصحااب حلالته قبل خروجه الذي أمجعوا على أنه‬
‫غري انقص‪( .‬ومن القائلني هبذا املزين‪ ،‬والصرييف‪ ،‬وابن سريج‪ ،‬واآلمدي)‪.‬‬
‫• ورجح املصنف القول بعدم االحتجاج بذلك‪.‬‬

‫❖ ‪ -5‬االستصحاب املقلوب‪:‬‬
‫➢ ُعرف مما تقدم أن االستصحاب‪ :‬ثبوت أمر يف الزمن الثاين‪ ،‬لثبوته يف الزمن األول‪ ،‬عند فقدان ما يصلح مغريا له‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫احلول من عشرين دينار انقصة تروج رواج الكامل‪ ،‬وذلك عمال ابستصحاب‬
‫حال عليه ُ‬
‫قول الشافعية‪ :‬ال زكاة يف ما َ‬
‫ما قبل احلول ملا بعده‪ ،‬فإهنا مل تكن واجبة‪ ،‬واألصل بقاء ذلك‪.‬‬

‫➢ أما قول بعضهم‪ :‬إن من االستصحاب ثبوت أمر يف الزمن األول لثبوته يف الزمن الثاين‪ ،‬أي‪ :‬االستدالل ابحلال على‬
‫املاضي‪ ،‬فهو استصحاب مقلوب‪.‬‬
‫✓ مثاله‪:‬‬
‫ما لو قيل يف املكيال املوجود اآلن كان نفسه على عهد النيب ﷺ‪.‬‬
‫وقد يقال يف توجيه ذلك‪ :‬لو مل يكن الثابت اليوم اثبتا أمس لكان غري اثبت‪ ،‬إذ ال واسطة بني الثبوت وعدم الثبوت‪،‬‬
‫فيقتضي ذلك أبننا لو أخذان ابستصحاب ما كان أمس وهو عدم الثبوت ألدى ذلك إىل عدم الثبوت اآلن‪ ،‬مع أن‬
‫املفروض ثبوته اآلن‪ ،‬فدل على أنه اثبت أمس أيضا‪ ،‬بناء على األخذ ابالستصحاب املقلوب‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫به يف‬ ‫النايف بالدليل إن ادعى علما ضروريا‪ ،‬وإال فيطال‬ ‫مسألة‪ :‬ال يطال‬
‫‪ -6‬ادعاء العلم الضروري‪ ،‬أو العلم النظري‪،‬‬ ‫باألخف أو األثقل‬ ‫األخذ بأقل املقول وقد مر‪ ،‬ورل جي‬ ‫األص ‪ ،‬وجي‬

‫ابنتفاء شيء‪.‬‬ ‫؟ أقوال‪.‬‬ ‫ش‬ ‫فيه أو ال جي‬

‫❖ ‪ -6‬ادعاء العلم الضروري‪ ،‬أو العلم النظري‪ ،‬ابنتفاء شيء‪:‬‬


‫‪ -‬من ادعى علما ضروراي ابنتفاء شيء‪ ،‬مل يطالب ابلدليل على ذلك‪ ،‬ألن املفروض أنه عدل صادق يف دعواه‪.‬‬
‫والضروري ال يشتبه حىت يطلب الدليل عليه‪ .‬هذا مفهوم قول املصنف‪.‬‬

‫‪ -‬أما من ادعى علما نظراي ابالنتفاء‪ ،‬فإنه مطالب ابلدليل على األصح (اختاره الزركشي)‪ ،‬وجيب األخذ أبقل‬
‫املقول‪ .‬وقد مر يف حبث اإلمجاع أن التمسك أبقل ما قيل َحقٌّ‪.‬‬

‫‪ -‬وهل جيب األخذ ابألخف يف شيء‪ ،‬أو ابألثقل‪ ،‬فيه أقوال‪:‬‬

‫الثالث‪ :‬ال جيب شيء‬ ‫الثاين‪ :‬األخذ ابألثقل‬ ‫أحدها‪ :‬األخذ ابألخف‬
‫لقوله تعاىل‪" :‬يريد هللا بكم اليسر وال‬
‫ألن األصل عدم الوجوب‪.‬‬ ‫ملا فيه من االحتياط‪.‬‬
‫يريد بكم العسر"‪.‬‬

‫• ومناسبة ذكر هذه املسألة هنا هي ما فيها من استصحاب النفي يف األخذ ابألقل‪ .‬والرباءة األصلية يف الثالث‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫﴿شرع من قبلنا﴾‬

‫مسألة‪ :‬اختلفوا رل كان املصطفى ﷺ متعبدا قبل النبوة بشرع‪ ،‬واختلف املثب‬

‫‪ -1‬هل كان النيب ﷺ متعبدا بشرع؟‬ ‫أ ه شرع أقوال‪ ،‬واملختار الوقف‬ ‫فقيل وا وإبراريم وموسى وعيسى‪ ،‬وما ثب‬
‫تأصيال وتفريعا‪ ،‬وبعد النبوة املنع‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬هل كان النيب ﷺ متعبدا بشرع؟‬


‫‪ -‬أي‪ :‬مكلفا بشرع‪:‬‬
‫أ‪ -‬قبل النبوة‬
‫منهم من أثبته‬ ‫منهم من نفاه‬
‫[احلنفية واحلنابلة واختاره ابن احلاجب]‬ ‫[املالكية ومجهور املتكلمني واختاره أبو احلسني البصري]‬

‫واملثبتون‪:‬‬
‫والقول املختار‪:‬‬ ‫وقال بعضهم‪:‬‬ ‫قال بعضهم‪:‬‬
‫عدم القطع بشيء من ذلك‬ ‫كان مكلفا ابتباع ما ثبت أنه‬ ‫كان مكلفا بشرع نوح‪ ،‬أو إبراهيم (اختاره الشوكاين)‪،‬‬
‫أتصيال عن النفي واإلثبات‪،‬‬ ‫شرع من غري تعيني‪.‬‬ ‫أو موسى‪ ،‬أو عيسى (قال به األستاذ االسفرايين)‪.‬‬
‫وتفريعا عن تعيني الشريعة‪.‬‬ ‫[احلنفية واحلنابلة واختاره شيخ اإلسالم]‬ ‫صلوات هللا وسالمه عليهم أمجعني‪.‬‬

‫ب‪ -‬بعد النبوة‬


‫(املالكية واحلنفية واحلنابلة)‬ ‫القول الثاين‪:‬‬ ‫(مجهور الشافعية‪ ،‬واالشاعرة‪ ،‬واملعتزلة)‬ ‫القول املختار‪:‬‬
‫أنه مكلف ِبا مل ينسخ من تلك الشرائع‪ .‬وقال هؤالء‪:‬‬
‫املنع من التعبد بشرع من قبله‪ ،‬ألن له شرعا ُيصه‪،‬‬
‫إن شرع من قبلنا شرع لنا إن مل يرد يف شرعنا ما‬
‫ولالتفاق على أن شريعته انسخة ملا قبلها من الشرائع‪.‬‬
‫ُيالفه‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫مسألة‪ :‬حكم املنافع واملضار قبل الشرع مر‪ ،‬وبعده الصحي أن أصل املضار‬

‫‪ -2‬حكم املنافع واملضار قبل ورود الشرع‬ ‫التحريم‪ ،‬واملنافع احلل‪ .‬قال الشيخ اإلما إال أموالنا لقوله ﷺ‪" :‬إن دمااكم‬
‫وأموالكم عليكم حرا "‪.‬‬
‫وبعده‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬حكم املنافع واملضار قبل ورود الشرع وبعده‪.‬‬

‫ِ‬
‫واملضار قبل ورود الشرع (أي البعثة)‪ ،‬حيث قيل‪" :‬وال حكم قبل‬ ‫‪ -‬مر يف أوائل الكتاب البحث يف حكم املنافع‬
‫الشرع بل األمر موقوف إىل وروده"‪.‬‬

‫‪ -‬أما بعد ورود الشرع‪ ،‬فهناك أقوال‪:‬‬


‫‪ o‬قول ابلتحرمي‪.‬‬
‫‪ o‬وقول ابإلابحة‪.‬‬
‫‪ o‬والصحيح‪ :‬أن أصل املضار التحرمي‪ ،‬وأصل املنافع اإلابحة‪.‬‬
‫قال هللا تعاىل‪" :‬خلق لكم ما يف األرض مجيعا"‪ .‬وروى ابن ماجه وغريه‪ ،‬احلديث‪" :‬ال ضرر وال ضرار"‪،‬‬
‫أي‪ :‬يف ديننا‪ .‬يعن‪ :‬ال تضروا أنفسكم‪ ،‬وال تضروا غريكم‪.‬‬

‫‪ ‬وقال الشيخ والد املصنف‪( :‬إال أموالنا فإن الظاهر فيها التحرمي)‪ ،‬ملا يف الصحيحني أن النيب ﷺ قال‪" :‬إن دماءكم‪،‬‬
‫وأموالكم‪ ،‬وأعراضكم عليكم حرام"‪( .‬رواه البخاري ومسلم)‬
‫✓ واملقصود‪ :‬أن دماء واموال وأعراض بعضكم حرام على البعض اآلخر‪.‬‬

‫‪ ‬وغري والد املصنف سكت عن هذا االستثناء‪ ،‬ألن الكالم هنا يف املنافع واملضار ابلنظر إىل ذواهتا‪.‬‬
‫واألموال ابلنظر إىل ذاهتا من مجلة املنافع اليت األصل فيها احلل‪ .‬أما التحرمي يف بعضها فعارض‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫﴿االستحسان﴾‬

‫مسألة‪ :‬االستحسان قال به أبو حنيفة وأ كره الباقون‪ ،‬وفسر بدليل ينقدا يف فا اجملتهد تقصر عنه‬

‫‪ -1‬القائلون ابالستحسان‬ ‫أقوى‪ ،‬وال خالف فيه‪ ،‬أو ع الدليل إىل العادة‬ ‫عبارته‪ ،‬ورد بأ ه إن حتقق فمعت و بعدول ع قيا‬
‫أ ها حق فقد قا دليلها وإال ردل‪ ،‬فإن حتقق استحسان خمتلف فيه‪ ،‬فم قال به فقد‬ ‫ورد بأ ه إن ثب‬
‫‪ -2‬تفسريات االستحسان‬
‫شرع‪ ،‬أما استحسان الشافع التحليف على املصحف واحلط يف الكتابة وحنورما فليا منه‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬القائلون ابالستحسان‪:‬‬
‫‪ -‬قال ابالستحسان اإلمام أبو حنيفة‪ ،‬وأنكره الباقون‪.‬‬
‫قال العضد‪" :‬واحلق أنه ال يتحقق استحسا ٌن ُُيتلف فيه‪ ،‬ألهنم ذكروا يف تفسريه أمورا ال تصلح حمالًّ للخالف‪،‬‬
‫ألن بعضها مقبول اتفاقا‪ ،‬وبعضها ُم َرد ٌد بني ما هو مقبول اتفاقا‪ ،‬وما هو مردود اتفاقا"‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬تفسريات االستحسان‪:‬‬
‫‪ -‬ذكر املصنف أن هلم ثالثة تفسريات لالستحسان‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫الثالث‪:‬‬ ‫الثاين‪:‬‬ ‫األول‪:‬‬


‫هو عدول عن‬ ‫دليل ينقدح يف نفس اجملتهد‬
‫هو عدول من الدليل إىل العادةِ للمصلحة‪.‬‬
‫قياس إىل‬ ‫تقصر عنه عبارته‪.‬‬
‫[وهذا التعريف جزء من تعريف مجهور احلنفية لالستحسان]‪.‬‬
‫قياس أقوى‪.‬‬ ‫[ذكره اآلمدي يف اإلحكام]‬

‫مثاله‪ :‬كشرب املاء من السقاء من غري تعيني املقدار‪ .‬وكدخول احلمام من‬
‫غري تعيني مقدار املاء الذي يستعمله‪ ،‬وال مدة املكث فيه‪ .‬فإن أمثال‬
‫ورد هذا أبن الدليل الذي‬
‫ُ‬
‫ذلك جرت به العادة على خالف الدليل للمصلحة‪.‬‬ ‫وهذا مقبول‬
‫ينقدح يف نفس اجملتهد إن‬
‫ورد هذا أبنه إن كان جاراي يف زمن النيب ﷺ‪ ،‬أو يف عهد الصحابة‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫بال خالف‪،‬‬
‫حتق َق يف نفسه‪ ،‬فهو مقبول‬
‫التابعني‪ ،‬ومل ينكروه‪ ،‬فقد قام دليله ابلسنة أو اإلمجاع‪ .‬وإن مل تثبت تلك‬ ‫ألن أقوى‬
‫اتفاقا‪ ،‬وال أثر لعجزه عن‬
‫العادة يف تلك األزمان فهي مردودة‪ .‬ويف مثل هذا قال اإلمام الشافعي‪:‬‬ ‫القياسني‬
‫التعبري عنه‪ .‬وإن مل يتحقق‬
‫"من استحسن فقد شرع"‪ .‬أي‪ :‬وضع شرعا من قِبَل نفسه‪.‬‬ ‫مقدم‪.‬‬
‫فهو مردود‪.‬‬
‫وابلنسبة للمقبول يكون اإلنكار على احلنفية إمنا هو يف تسمية ذلك‬
‫استحساان‪ ،‬ال لكونه قوال بال دليل‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫التحليف على املصحف‪ ،3‬واحلط يف بعض أقساط مكاتبة األ ِرق ِاء‪ ،4‬وحنو ذلك‪ :‬فليس من‬
‫َ‬ ‫❖ أما استحسان الشافعي‬
‫قبيل االستحسان املبحوث عنه هنا‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬هو استحسان لغوي [قاله البناين يف حاشيته على احمللي]‪ ،‬أي َع ُّد الشيء َح َ‬
‫سنا‪.‬‬

‫﴿مذهب الصحابي﴾‬

‫مسألة‪ :‬قول الصحاب على صحاب غري حجة وفاقا وكذا على غريه‪ ،‬قال الشيخ اإلما إال يف‬

‫‪ -1‬حجية مذهب الصحايب‪.‬‬ ‫‪ ،‬فإن‬ ‫التعبدي‪ ،‬ويف تقليده قوالن الرتفاع الثقة مبذربه إذ مل يدون‪ ،‬وقيل حجة فوق القيا‬
‫اختلف صحابيان فكدليلني‪ ،‬وقيل دو ه‪ ،‬ويف يصيصه العمو قوالن‪ ،‬وقيل حجة إن ا تشر‪،‬‬
‫‪ -2‬تقليد غري الصحايب للصحايب‪.‬‬
‫تقري ‪ ،‬وقيل قول الشيخني فقط‪ ،‬وقيل‬ ‫‪ ،‬وقيل إن ا ضم إليه قيا‬ ‫وقيل إن خالف القيا‬
‫اخللفا األربعة‪ ،‬وع الشافع إال عليا‪ ،‬أما وفاق الشافع ئيدا يف الفرااض فلدليل ال تقليدا‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬حجية مذهب الصحايب‪:‬‬


‫‪ِ -‬من املتفق عليه‪ :‬أن مذهب الصحايب ليس حجة على صحايب آخر‪.‬‬

‫أما على التابعني فمن بعدهم فاألصح أنه ليس حجة كذلك‪ ،‬ألن مذهبه ليس من األدلة الشرعية املستقلة‪.‬‬ ‫✓‬
‫[وبه قال األشاعرة‪ ،‬واملعتزلة‪ ،‬ومجهور أصحاب الشافعي‪ ،‬وبعض احلنفية‪ ،‬واختاره الغزايل‪ ،‬والرازي واآلمدي‪ ،‬وابن احلاجب وغريهم‪ .‬ولإلمام‬
‫الشافعي يف حجية قول الصحايب‪ ،‬قوالن‪ :‬قدمي وجديد‪ ،‬فالقدمي على أنه حجة‪ ،‬واجلديد على أنه ليس حبجة‪ ،‬وهو املشهور عنه‪].‬‬

‫✓ وقال الشيخ والد املصنف‪ :‬إال يف األحكام التعبدية‪ ،‬فإن قول الصحايب حجة فيها‪ ،‬ألن الظاهر أنه مل يقله إال‬
‫بتوقيف من النيب ﷺ‪ ،‬إذ ال جمال يف مثل ذلك للرأي واالجتهاد‪.‬‬

‫ع ْم ٍد فيها قَ َودٌ‪ ،‬ما كانت‪ ،‬أو ح ّداً‪ ،‬أو طالقا‪ ،‬حلف الحالف بمكة بين البيت والمقام‪،‬‬
‫الحق عشرين دينارا‪ ،‬أو قيمتها‪ ،‬أو جراحةَ َ‬
‫ُّ‬ ‫‪ 3‬قال اإلمام الشافعي‪ ،‬رحمه هللا‪" :‬وإذا كان‬
‫وإن كان بالمدينة فعلى منبر رسول هللا ﷺ‪ ،‬وإن كان في بيت المقدس ففي مسجدها‪ ،‬أو ببلد ففي مسجده‪ ،‬وأُحِ بُّ لو حلف بعد العصر‪ ،‬وقد كان من ُح َّكام اآلفاق من‬
‫س ٌن"‪[ .‬كتاب األم‪ ،237/7 :‬كتاب األقضية‪ ،‬باب‪ :‬االمتناع من اليمين]‪.‬‬ ‫يستحلف على المصحف‪ ،‬وذلك عندي َح َ‬
‫‪ 4‬ذهب الشافعي‪ ،‬وأحمد‪ ،‬واصحابهما إلى أنه يجب على سيد العبد المكاتب أن يحط عن نجوم وأقساط الكتابة شيئا‪ ،‬أو يدفع إلى عبده ماالً يستعين به على األداء‪ .‬وذهبوا‬
‫الحط أولى لفعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪[ .‬ينظر‪ :‬األم‪ ،348/9 :‬والمغني‪ ،442/14 :‬وتحفة المحتاج‪]549/13 :‬‬ ‫َّ‬ ‫إلى أن‬
‫‪82‬‬
‫❖ ‪ -2‬تقليد غري الصحايب للصحايب‪:‬‬
‫أما تقليد غري الصحايب للصحايب‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ميتنع ذلك‪ ،‬ألن مذهبه مل يُ َدون‪ ،‬فال يوثق ِبا نقل عنه‪ ،‬خبالف املذاهب املدونة‪ ،‬كاملذاهب األربعة‪.‬‬
‫قال احملققون‪:‬‬ ‫‪1‬‬
‫[وبه قال إمام احلرمني‪ ،‬والغزايل‪ ،‬واآلمدي‪ ،‬وابن الصالح‪ ،‬والشارح احمللي وغريهم]‬
‫هو حجة‪ ،‬فيقدم على القياس عند التعارض [وبه قال املالكية واحلنفية واحلنابلة]‪.‬‬
‫وقيل‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫والقائلون هبذا قالوا‪ :‬إذا اختلف صحابيان فكدليلني‪ ،‬فال بد من الرتجيح‪.‬‬
‫هو حجة دون القياس‪ .‬والقائلون هبذا اختلفوا هل ُيصص به العموم؟‬
‫• قال بعضهم‪ :‬نعم‪ ،‬إذ هو كغريه من احلجج‪.‬‬ ‫وقيل‪:‬‬ ‫‪3‬‬
‫• وقال آخرون ال ُيصص به‪ ،‬ألن الصحابة كانوا يرتكون أقواهلم إذا بلغهم النص العام‪.‬‬
‫هو حجة إذا انتشر بني الناس ومل يظهر له خمالف‪.‬‬ ‫وقيل‪:‬‬ ‫‪4‬‬
‫هو حجة إذا ورد خمالفا للقياس [وهو اختيار ابن برهان يف الوجيز]‪ ،‬ألنه مل ُيالفه إال لدليل‪ ،‬خبالف ما مل ُيالفه‬
‫وقيل‪:‬‬ ‫‪5‬‬
‫الحتمال أن مذهبه انشئ عن قياس قاسه هو‪.‬‬
‫هو حجة إن انضم إليه قياس تقريب [حكاه املاوردي قوال للشافعي‪ ،‬وذكره الزركشي يف التشنيف]‪ ،‬وقياس التقريب‪ :‬ما‬
‫يقرب القول املخالف من قياس التحقيق‪.‬‬
‫✓ مثاله‪ :‬قول عثمان رضي هللا عنه يف بيع احليوان بشرط الرباءة من كل عيب‪ :‬إن البائع يربأ من البيع‬ ‫وقيل‪:‬‬ ‫‪6‬‬
‫اخلفي الذي ال يعلمه‪ ،‬ألن احليوان كما قال الشافعي‪ :‬متقلب بني الصحة والسقم‪ ،‬وقلما ُيلو من‬
‫عيب ظاهر أو خفي‪ .‬فهذا قياس تقريب‪ ،‬قرب القول املخالف إىل قياس التحقيق‪.‬‬
‫قول الشيخني أيب بكر وعمر حجة دون غريمها‪.‬‬ ‫وقيل‪:‬‬ ‫‪7‬‬
‫قول اخللفاء األربعة‪ ،‬وروي عن الشافعي‪ :‬إال عليا‪.‬‬
‫• قال القفال‪ :‬ليس ذلك لنقص اجتهاد علي رضي هللا عنه‪ ،‬بل ألنه ملا آل األمر إليه خرج إىل الكوفة‪،‬‬
‫وقيل‪:‬‬ ‫‪8‬‬
‫ومات كثري من الصحابة الذين كان يستشريهم اخللفاء قبله‪ ،‬رضي هللا عنهم أمجعني‪.‬‬
‫• قال الشارح الدابن‪ :‬ولعل من أسباب ذلك كثرة ما نسب إىل علي رضي هللا عنه من األقوال املوضوعة‪.‬‬

‫‪ ‬أما موافقة الشافعي لزيد يف الفرائض فليس تقليدا لزيد‪ ،‬بل وافق اجتهاده اجتهاد زيد‪.‬‬

‫• مالحظة‪:‬‬
‫مل يبحث املصنف هنا يف املصاحل املرسلة مع أن هذا موضعها‪ ،‬وقد ذكرها يف حبث املناسب من القياس‪ ،‬وقد تقدم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫﴿اإلهلام﴾‬

‫يثلا له الصدر خيص به اهلل‬ ‫يف القل‬ ‫مسألة‪ :‬اإلهلا إيقاع ش‬


‫‪ -1‬تعريف اإلهلام‪.‬‬ ‫تعاىل بعض أصفيااه‪ ،‬وليا حبجة لعد ثقة م ليا معصوما‬
‫‪ -2‬حجية اإلهلام‪.‬‬ ‫خبواطره‪ ،‬خالفا لبعض الصوفية‪.‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعريف اإلهلام‪:‬‬
‫‪ -‬اإلهلام‪ :‬أن يوقع هللا تعاىل شيئا يف قلب املؤمن يطمئن به قلبه ويثلج به صدره‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬حجية اإلهلام‪:‬‬
‫‪ -‬يرى بعض الصوفية أنه حجة‪.‬‬

‫‪ -‬والصحيح‪ :‬أنه ليس حبجة‪ ،‬ألن من مل يكن معصوما ال أيمن أن يقع يف قلبه بعض الوساوس واألوهام‪.‬‬
‫أبيح بغري‬
‫✓ قال أهل السنة واجلماعة‪ :‬إن اإلهلام خيال ال جيوز العمل به إال عند فقد احلجج كلها يف ابب ما َ‬
‫علم‪ .‬وخالفهم بعض اجلربية‪.‬‬
‫كفر"‪.‬‬
‫✓ وقال يف الغيث اهلامع‪" :‬قال أبو بكر الدقاق‪ :‬كل حقيقة ال تتبع الشريعة فهي ٌ‬
‫‪ -‬قال أبو حفص النسفي عن اإلهلام‪" :‬ليس من أسباب املعرفة بصحة الشيء عند أهل احلق"‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫﴿خامتة حبث االستدالل﴾‬

‫قال القاض احلسني‪ :‬مبنى الفقه على أن‬


‫‪ -1‬اليقني ال يزول ابلشك‪.‬‬
‫‪ -2‬الضرر يُزال‪.‬‬ ‫اليقني ال يرفع بالش ‪ ،‬والضرر ي ال‪ ،‬واملشقة‬

‫‪ -3‬املشقة جتلب التيسري‪.‬‬ ‫التيسري‪ ،‬والعادة حمكمة‪ ،‬وقيل‪ :‬واألمور‬ ‫جتل‬


‫‪ -4‬العادة حمَكمة‪.‬‬ ‫مبقاصدرا‪.‬‬
‫‪ -5‬األمور ِبقاصدها‪.‬‬

‫‪ -‬هذه خامتة كتاب االستدالل‪ ،‬فيها قواعد تشبه األدلة فناسب كوهنا خامتة له‪.‬‬
‫‪ -‬قال القاضي حسني املروزي‪ :‬مبىن الفقه على أربعة قواعد‪ ،‬هي‪:‬‬

‫القاعدة الرابعة‪:‬‬ ‫القاعدة الثالثة‪:‬‬ ‫القاعدة الثانية‪:‬‬ ‫القاعدة األوىل‪:‬‬


‫العادة حمكمة‬ ‫املشقة جتلب التيسري‬ ‫الضرر يزال‬ ‫اليقني ال يزول ابلشك‬

‫❖ ‪ -1‬اليقني ال يزول ابلشك‪:‬‬


‫ت‪ .‬فال ينصرف حىت يسمع‬
‫أح َدثْ َ‬
‫‪ -‬ورد يف حديث مسلم‪" :‬إن الشيطان ليأيت أحدكم‪ ،‬وهو يف صالته فيقول له‪ْ :‬‬
‫صوات‪ ،‬أو جيد رحيا"‪.‬‬
‫✓ ومن مسائل هذه القاعدة‪:‬‬
‫• من تيقن الطهارة وشك يف احلدث فهو متطهر‪ .‬ومن تيقن احلدث وشك يف الطهارة فهو ُْحم ِدث‪.‬‬
‫‪ -‬وقد استثىن العلماء من هذه القاعدة مسائل مسطورةٌ يف مواضعها‪.‬‬

‫❖ ‪ -2‬الضرر يزال‪:‬‬
‫‪ -‬روى البيهقي‪ ،‬والدارقطن‪ ،‬وابن ماجه‪" :‬ال ضرر وال ضرار"‪.‬‬
‫ج على هذه القاعدة مسائل‪ ،‬منها‪:‬‬
‫✓ ويت َخر ُ‬
‫وجوب ِ‬
‫رد املغصوب‪ ،‬وضمان املتلفات‪ ،‬والرد ابلعيب‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪85‬‬
‫❖ ‪ -3‬املشقة جتلب التيسري‪:‬‬
‫‪ -‬قال هللا تعاىل‪" :‬يريد هللا بكم اليسر"‪.‬‬
‫‪ -‬وروى الشيخان‪" :‬يسروا وال تعسروا"‪.‬‬
‫✓ ويتخرج على هذه القاعدة مجيع الرخص والتسهيالت‪ ،‬كالفطر‪ ،‬وقصر الصالة للمسافر‪.‬‬

‫❖ ‪ -4‬العادة ُحمَك َمة‪:‬‬


‫✓ ومن مسائل هذه القاعدة حتديد أقل مدة احليض والنفاس‪ ،‬ومنها بيع املعاطاة‪ ،‬واحلكم بغالب نقد البلد‪،‬‬
‫وغري ذلك‪.‬‬

‫❖ ‪ -5‬األمور ِبقاصدها‪:‬‬
‫‪ -‬وأضاف بعضهم قاعدة خامسة وهي‪" :‬األمور ِبقاصدها"‪.‬‬
‫‪ -‬قال النيب ﷺ‪" :‬إمنا األعمال ابلنيات" ‪-‬رواه الشيخان‪ ،-‬وقال كثري من أهل العلم‪" :‬إن هذا احلديث ثُلث‬
‫العِلم"‪[ .‬عزاه ابن رجب احلنبلي يف جامع العلوم واحلكم إىل اإلمام الشافعي]‬

‫‪ ‬وقال بعضهم‪ :‬إن مسائل الفقه ترجع إىل قاعدة واحدة‪ ،‬وهي‪" :‬اعتبار املصاحل ودرء املفاسد"‪.‬‬
‫‪ ‬وقال بعضهم‪ :‬ترجع إىل‪" :‬اعتبار املصاحل"‪ ،‬فإن درء املفاسد راجع إىل اعتبار املصاحل‪.‬‬
‫‪ ‬والواقع أن مسائل الفقه ال ميكن إرجاعها إىل األمور املذكورة إال بتكلف وتعسف‪ .‬ولإلمام السيوطي (ت‪911‬ه)‬
‫مستفيض يف ذلك يف صدر كتابه (األشباه والنظائر) الفقهية‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫حبث‬
‫رمحه هللا‪ٌ ،‬‬

‫‪86‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫﴿التعادل والرتاجيح﴾‬

‫ميتنع تعادل القاطعني وكذا األمارتني يف فا األمر على الصحي ‪ ،‬فإن تورم التعادل‬
‫فالتخيري أو التساقط أو الوقف أو التخيري يف الواجبال والتساقط يف غريرا أقوال‪.‬‬
‫تعادل القاطعني واألمارتني‬ ‫‪)1‬‬

‫❖ ‪ -1‬تعادل القاطعني واألمارتني‪:‬‬


‫تعاد ُل‪ ،‬أي‪ :‬تقابُ ُل القاطعني‪ ،‬كأن يدل أحدمها على ما ينايف داللة اآلخر‪ ،5‬ألن كال منهما يفيد العلم‬
‫‪ ‬ميتنع ُ‬
‫صوُر التعارض يف القطعيات‪ ،‬سواء كانت عقلية‪ ،‬أم نقلية‪ ،‬إال ابعتبار أن أحدمها انسخ لآلخر‪.‬‬
‫القاطع‪ ،‬وال يُتَ َ‬

‫‪ ‬وصحح املصنف امتناع تعادل األمارتني من غري ترجيح‪.‬‬


‫‪ -‬والذي عليه اجلمهور أن ذلك جائز‪ ،‬إذ لوكان ممتنعا لكان امتناعه لدليل‪ ،‬واملفروض التعادل بدون دليل‪.‬‬
‫• قال ابن احلاجب يف املختصر‪" :‬تقابُ ُل الدليلني العقليني ُحمَ ٌ‬
‫ال"‪.‬‬

‫‪ ‬وأما تقابل األمارتني الظنيتني وتعادهلما‪ ،‬فاجلمهور أنه جائز‪.‬‬

‫‪ ‬فإن وقع يف ذهن اجملتهد تعادل أمارتني‪ ،‬ومل جيد مرجحا ألحدمها ففي ذلك أقوال‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫• أوهلا‪ :‬التخيري بينهما يف العمل‪[ .‬املالكية واحلنفية]‬
‫• الثاين‪ :‬تساقطهما‪ ،‬والرجوع إىل غريمها‪.‬‬
‫• الثالث‪ :‬الوقف‪ ،‬كما يف تعارض البينتني‪[ .‬احلنابلة]‬
‫• الرابع‪ :‬التخيري يف الواجبات‪ ،‬كما يف خصال الكفارة‪ .‬أما يف غري الواجبات فالتساقط‪[ .‬اختاره شيخ اإلسالم]‬

‫‪ 5‬ذهب جمهور األصوليين من المالكية والشافعية والحنابلة‪ ،‬إلى امتناع تعادل دليلين قطعيين نقليين أو عقليين‪ ،‬أو أحدهما نقلي واآلخر عقلي‪ ،‬ألنه اجتماع نقيضين أو‬
‫ارتفاعهما‪ ،‬وترجيح أحدهما على اآلخر محال‪ .‬وذهب أبو حنيفة إلى جريان التعادل بين قطعيين‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫وإن قل ع جمتهد قوالن متعاقبان فاملتأخر قوله‪ ،‬وإال فما ذكر فيه املشعر برتجيحه وإال فهو‬
‫مرتدد‪ ،‬ووقع للشافع يف بضعة عشر مكا ا‪ ،‬ورو دليل علو شأ ه علما ودينا‪.‬‬
‫تعاقب قولني عن اجملتهد‬ ‫‪)2‬‬

‫❖ ‪ -2‬تعاقب قولني عن اجملتهد‪:‬‬


‫‪ -‬إن نُقل عن جمتهد يف مسألة‪:‬‬
‫• قوالن متعاقبان‪ ،‬فاملتأخر منهما هو قوله املعمول به‪.‬‬
‫• وإن مل يكوان متعاقبني‪ ،‬فالعمل ابلقول الذي يتضمن إشعارا برتجيحه‪.‬‬
‫• فإن مل يتضمن واحد منهما دل على أن اجملتهد قد تردد بينهما‪ ،‬أي مل يظهر له وجه للرتجيح‪.‬‬

‫✓ وقد وقع مثل ذلك لإلمام الشافعي يف بضعة عشر مكاان‪ ،‬قيل‪ :‬ستة عشر‪ ،‬وقيل‪ :‬سبعة عشر‪ .‬وذلك دليل على علو‬
‫شأنه علما ودينا‪ ،‬ألن تردده مل حيصل إال بعد إمعان النظر الدقيق‪ ،‬فتحرج رضي هللا عنه أن يقول قوال مل يَتَ يَ ق ْنهُ‪ ،‬أو‬
‫يرتجح عنده‪.‬‬

‫➢ إضافة‪:‬‬
‫• وأبن املواضع سبعة عشر موضعا جزم الشيخ أبو إسحاق الشريازي يف اللمع‪ ،‬واإلمام الرازي يف احملصول‪،‬‬
‫واإلمام اآلمدي يف اإلحكام‪ ،‬واإلسنوي يف هناية السول‪.‬‬

‫• وجعلها إمام احلرمني مثانية عشر موضعا‪ ،‬فقال يف الربهان‪" :‬والشافعي بعد ما رد َد األقوال استقر رأيه على‬
‫قول واحد يف ُجل ِة املسائل‪ ،‬ومل َ‬
‫يبق على الرتدد إال يف مثاين عشر صورة‪ ،‬فليس هو كثري الرتدد"‪.‬‬

‫• ونقل احمللي يف شرحه‪ :‬أن القاضي أاب حامد املروزي الشافعي تردد فيه أيضا‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ثم قال الشيخ أبو حامد‪ :‬خمالف أب حنيفة منهما أرج م موافقه‪ ،‬وعكا‬
‫القفال‪ ،‬واألص الرتجي بالنظر‪ ،‬فإن وقف فالوقف‪ ،‬وإن مل يعرف للمجتهد قول‬
‫‪ )3‬ما خالف فيه الشافعي أاب حنيفة‬
‫يف مسألة لك يف ظريرا فهو قوله املخرج فيها على األص ‪ ،‬و األص ال ينس‬
‫‪ )4‬قول اجملتهد يف نظري املسألة‬ ‫إليه مطلقا بل مقيدا‪ ،‬وم معارضة ص آخر للنظري تنشأ الطرق‪.‬‬
‫‪ )5‬نشأة الطرق يف املذهب‬

‫❖ ‪ -3‬ما خالف فيه الشافعي أاب حنيفة‪:‬‬


‫أرجح مما وافقه‪ ،‬فإن الشافعي مل‬
‫‪ -‬مث قال الشيخ أبو حامد اإلسفرايين‪ :‬ما خالف فيه اإلمام الشافعي أاب حنيفة ُ‬
‫ُيالفه إال لدليل‪.‬‬
‫‪ -‬أما القفال فقال بعكس ذلك‪ ،‬أي برتجيح ما وافق أاب حنيفةَ‪ ،‬لقوته بتعدد القائل‪[ .‬وصححه اإلمام النووي يف‬
‫اجملموع]‬
‫‪ -‬واعرتض بعضهم أبن القوة إمنا تنشأ من قوة الدليل‪ ،‬فلذلك قال املصنف‪" :‬األصح الرتجيح ابلنظر‪ ،‬فإن وقف‬
‫النظر عن الرتجيح فالوقف"‪[ .‬اختاره الزركشي يف التشنيف‪ ،‬وشيخ اإلسالم يف لب األصول]‬

‫❖ ‪ -4‬قول اجملتهد يف نظري املسألة‪:‬‬


‫ج يف‬ ‫قول يف مسألة‪ ،‬لكن ُع ِر َ‬
‫ف قوله يف نظريها‪ ،‬فاألصح أن قوله يف هذه هو قوله املُ َخر ُ‬ ‫ف للمجتهد ٌ‬
‫‪ -‬وإن مل يُ ْع َر ْ‬
‫ب إليه مطلقا‪ ،‬بل مقيدا‪ ،‬فيقال‪" :‬هو قول اجملتهد امل َخ ِر ِج"‪.‬‬
‫س ُ‬
‫تلك‪ .‬ولكن ال يُ ْن َ‬
‫جييب الشافعي حبكمني خمتلفني يف صورتني متشاهبتني‪ ،‬ومل يَظهر ما‬
‫• والتخريج كما يف املغن والنهاية‪ :‬أن َ‬
‫األصحاب‪ 6‬جوابه يف كل صورة منهما إىل األخرى‪ ،‬فيحصل يف كل صورة‬
‫ُ‬ ‫يصلح للفرق بينهما‪ ،‬فينقل‬
‫ج‪ .‬املنصوص يف هذه هو املخرج يف تلك‪ ،‬واملنصوص يف تلك هو املخرج‬
‫وخمَر ٌ‬
‫منصوص‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫منهما قوالن‪:‬‬
‫يف هذه‪ ،‬فيقال‪ :‬فيهما قوالن ابلنقل‪ ،‬والتخريج‪.7‬‬

‫❖ ‪ -5‬نشأة الطرق يف املذهب‪:‬‬


‫‪ -‬وتنشأ الطرق يف املذهب من معارضة نص آخر للنظري‪.‬‬

‫ض ِبطوا بالزمن‪ ،‬وهم من األربع مئة‪ ،‬ومن عداهم ال يسمون بالمتقدمين وال بالمتأخرين‪.‬‬
‫‪ 6‬المراد باألصحاب المتقدمين‪ :‬هم أصحاب األوجه غالبا‪ ،‬و ُ‬
‫‪ 7‬ينظر في قضية التخريج عند أصحاب الوجوه‪ :‬المذهب الشافعي‪ ،‬دراسة عن أهم مصطلحاته‪ ،‬محمد طارق مغربية‪ ،222 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫أبن ينص اجملتهد يف مسألة نصا‪ ،‬وينص فيما يشبهها نصا آخر خمالفا لألول‪ ،‬فيختلف أصحابه يف املسألتني‪،‬‬
‫‪ o‬فمنهم من يقرر النصني فيهما ويفرق بينهما‪.‬‬
‫نص كل منهما يف األخرى‪ ،‬فيحكي يف كل واحدة قولني‪ :‬أحدمها منصوص والثاين‬ ‫‪ o‬ومنهم من ِ‬
‫ُيرج َ‬
‫خمرج‪ .‬وعلى هذا فتارة يرجح يف كل منهما نصها‪ ،‬ويفرق بينهما‪ ،‬واترة يرجح يف واحدة نصها‪ ،‬ويف‬
‫األخرى املخرج‪.‬‬

‫والرتجي تقوية أحد الطريقني‪ ،‬والعمل بالراج واج ‪ ،‬وقال القاض ‪ :‬إال ما رج انا إذ ال‬
‫ترجي بظ عنده‪ ،‬وقال البصري‪ :‬إن رج أحدرما بالظ فالتخيري‪ ،‬وال ترجي يف‬
‫تعريف الرتجيح‬ ‫‪)6‬‬
‫القطعيال لعد التعارض‪ ،‬واملتأخر اسخ وإن قل املتأخر باآلحاد عمل به ألن دوامه‬
‫حكم العمل ِبقتضى الراجح‬ ‫‪)7‬‬ ‫مظنون‪ ،‬واألص الرتجي بكثرة األدلة والرواة‪ ،‬وأن العمل باملتعارضني ولو م وجه أوىل‬
‫العمل ابملتعارضني‬ ‫‪)8‬‬ ‫م إلغا أحدرما ولو سنة قابلها كتاب‪ ،‬وال يقد الكتاب على السنة وال السنة عليه خالفا‬

‫تعذر اجلمع بني املتعارضني‬ ‫‪)9‬‬ ‫ل اعميهما‪ ،‬فإن تعذر وعلم املتأخر فناسخ‪ ،‬وإال رجع إىل غريرما‪ ،‬وإن تقار ا فالتخيري إن تعذر‬
‫المع والرتجي وإن جهل التاريخ وأمك النسخ رجع اىل غريرما‪ ،‬وإال خيري الناار إن تعذر‬
‫المع والرتجي ‪ ،‬فإن كان أحدرما أعم فكما سبق‪.‬‬

‫❖ ‪ -6‬تعريف الرتجيح‪:‬‬
‫‪ -‬الرتجيح يف اللغة‪ :‬جعل الشيء راجحا‪.‬‬
‫‪ -‬ويف االصطالح‪ :‬تقويةُ أحد الدليلني بوجه من وجوه الرتجيح اليت ستأيت‪.‬‬

‫❖ ‪ -7‬حكم العمل ِبقتضى الراجح‪:‬‬


‫وقال أبو عبد هللا البصري‪:‬‬ ‫وقال القاضي الباقالين‪:‬‬ ‫اجلمهور‪:‬‬
‫إمنا جيب العمل ِبا كان رجحانه قطعيا‪،‬‬
‫جيب العمل ابلراجح مطلقا‪ .‬أما ما كان‬ ‫العمل ِبقتضى الراجح واجب‪ ،‬سواء‬
‫أما الظن فال جيب العمل به‪ .‬ذلك ألن‬
‫رجحانه ظنيا فالتخيري ال الوجوب‪.‬‬ ‫كان الرجحان قطعيا أم ظنيا‪.‬‬
‫القاضي ال يعترب الرتجيح ابلظن‪.‬‬
‫‪ -‬وقد سبق أن تعارض القطعيني ممتنع‪ .‬أما ما يظهر من التعارض يف بعض ذلك فهو يف ما كان أحدمها انسخا‬
‫لآلخر‪ ،‬واملتأخر انسخ للمتقدم‪ ،‬سواء نقل التأخر تواترا أم آحادا‪.‬‬
‫وال يلزم من ذلك إسقاط القطعي ابآلحاد الذي هو ظن‪ ،‬ألن دوام القطعي مظنون‪ .‬والقطع إمنا هو يف ثبوته ال‬
‫يف دوامه‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫❖ ‪ -8‬العمل ابملتعارضني‪:‬‬
‫وقيل‪( :‬احلنفية)‬ ‫األصح‪( :‬اجلمهور)‬
‫ال ترجيح بذلك كما يف البينتني حيث ال تقدم شهادة األربعة أو الثالثة مثال‬
‫الرتجيح بكثرة األدلة والرواة‬
‫ُ‬
‫على شهادة االثنني‪.‬‬
‫واجلواب‪ :‬أبن هناك فرقا بني الشهادة والرواية‪ ،‬كما هو مبني يف موضعه‪.‬‬ ‫ألن الكثرة تفيد قوة الظن‪.‬‬

‫‪ -‬وقد سبق أن العمل ابلراجح واجب‪ ،‬ولكن لو أمكن العمل هبما‪ ،‬ولو من وجه فذلك أوىل من إلغاء أحدمها‪.‬‬
‫"أميا إِهاب ُدبِ َغ فقد ُ‬
‫طهر"‪ ،‬مع حديث أيب داود والرتمذي‪" :‬ال تنتفعوا من امليتة إبهاب‬ ‫✓ مثال ذلك‪ :‬حديث الرتمذي‪ُّ :‬‬
‫صب"‪ .‬فهذا شامل للمدبوغ وغريه‪ ،‬فجمعوا بينهما حبمل الثاين على غري املدبوغ‪ ،‬مجعا بني الدليلني‪ .‬واحلديث‬
‫وال َع َ‬
‫اإلهاب فقد طهر"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األول رواه مسلم أيضا بلفظ‪" :‬إذا ُدبغ‬

‫‪ ‬التعارض بني الكتاب والسنة‪:‬‬


‫وخالفا ملن زعم تقدمي السنة‬ ‫خالفا ملن زعم تقدمي الكتاب‬ ‫فإن العمل هبما‪ ،‬ولو من وجه‪ ،‬أوىل‪.‬‬
‫استنادا إىل ما رواه أبو داود من‬
‫استنادا إىل قوله تعاىل‪" :‬لتبني للناس ما‬ ‫وهلذا قالوا‪ :‬األصح عدم تقدمي الكتاب‬
‫حديث معاذ املشهور الذي يدل على‬
‫نزل إليهم"‪.‬‬ ‫على السنة‪ ،‬وال السنة على الكتاب‪.‬‬
‫تقدمي الكتاب‪ ،‬فإن مل جيد فبالسنة‪.‬‬
‫✓ من أمثلة ذلك قوله تعاىل‪" :‬قل ال أجد فيما أوحي إيل حمرما"‪ ،‬إىل قوله تعاىل‪" :‬أو حلم خنزير"‪.‬‬
‫واحلديث الذي رواه أبو داود وغريه‪ ،‬أن رسول هللا ﷺ قال يف البحر‪" :‬هو الطهور ماؤه احلل ميتته"‪.‬‬
‫• فكل من اآلية واحلديث شامل خلنزير البحر‪ ،‬اآلية تشمله ابحلرمة‪ ،‬واحلديث ابحلِل‪،‬‬
‫فجمعوا بينهما ِحبَ ْم ِل ما يف اآلية على اخلنزير الربي‪.‬‬
‫❖ ‪ -9‬تعذر اجلمع بني املتعارضني‪:‬‬
‫وعلِ َم املتأخر منهما‪ :‬فهو انس ٌخ للمتقدم‪.‬‬
‫‪ -‬إن تعذر اجلمع بني املتعارضني‪ُ ،‬‬
‫‪ -‬وإن مل يُعلم التاريخ‪ :‬وجب الرجوع إىل دليل آخر‪.‬‬
‫‪ -‬وإن وردا معا‪:‬‬
‫• فإن أمكن اجلمع بينهما أو ترج َح أحدمها عُ ِم َل بذلك‪.‬‬
‫• وإن مل ميكن اجلمع‪ ،‬وال الرتجيح‪ ،‬فالتخيري بينهما يف العمل‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫‪ -‬وإن ُجهل التاريخ وأمكن النسخ أبن مل يكوان من العقائد‪ :‬وجب الرجوع إىل دليل آخر‪.‬‬
‫ري الناظر بينهما بشرط تعذر اجلمع والرتجيح‪.‬‬
‫وإال َختَ َ‬
‫فاحلكم كما سبق يف آخر التخصيص‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬فإن كان أحدمها أعم من اآلخر‬

‫✓ اخلالصة‪:‬‬
‫‪ -‬إذا تعارض دليالن‪ ،‬وتعذر العمل بكل منهما ابجلمع‪ ،‬أو أبحدمها ابلرتجيح‪ ،‬فله أربع حاالت‪:‬‬
‫الرابعة‪:‬‬ ‫الثالثة‪:‬‬ ‫الثانية‪:‬‬ ‫األوىل‪:‬‬
‫أن ُْجي َه َل التاريخ‪،‬‬ ‫أن يُعلَم التاريخ‪،‬‬
‫أن ُجيهل التاريخ‪ ،‬ومل ميكن النسخ‬ ‫أن يُعلَم التاريخ ويكون دليالن‬
‫وأمكن النسخ بينهما‪،‬‬ ‫ويكون أحدمها‬
‫بينهما‬ ‫متقاربني يف الورود‪:‬‬
‫فَرتك دليالن إىل غريمها‬ ‫متأخرا عن اآلخر‪،‬‬
‫فقال املالكية‬ ‫ويرتكهما‬ ‫فيتخري اجملتهد يف العمل‬ ‫فاملتأخر انسخ‬
‫وقال الشافعية‪:‬‬
‫واحلنفية‪:‬‬ ‫إىل غريمها‬ ‫واإلفتاء أبيهما شاء‬ ‫للمتقدم‬
‫يتخري ابلعمل‬ ‫ابالتفاق‬
‫يرتكهما إىل‬ ‫عند‬ ‫عند املالكية‪،‬‬
‫واإلفتاء أبيهما‬ ‫ابالتفاق‬
‫غريمها‬ ‫احلنفية‬ ‫والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‬
‫شاء‬

‫‪92‬‬
‫مسألة‪ :‬يرج بعلو اإلسناد وفقه الراوي ولغته وحنوه وورعه وضبطه وفطنته‪ ،‬ولو روى املرجوا‬
‫باللفظ ويقظته وعد بدعته وشهرة عدالته وكو ه م كى باالختبار أو أكثر م كني ومعروف‬

‫‪ )10‬املرجحات‬ ‫قيل ومشهورة وصري الت كية على احلكم بشهادته والعمل بروايته وحفظ املروي‪،‬‬ ‫النس‬
‫وذكر السب ‪ ،‬والتعويل على احلفظ دون الكتابة‪ ،‬واهور طريق روايته‪ ،‬ومساعه م غري‬
‫حجاب‪ ،‬وكو ه م أكابر الصحابة‪ ،‬وذكرا خالفا لأستاذ‪ ،‬وثالثها يف غري أحكا النسا ‪ ،‬وحرا‬
‫ومتأخر اإلسال ‪ ،‬وقيل متقدمه‪ ،‬ومتحمال بعد التكليف‪ ،‬وغري مدلا‪ ،‬وغري ذي امسني‪،‬‬
‫الواقعة‪ ،‬وراويا باللفظ ومل ينكره راوي األصل‪ ،‬وكو ه يف الصحيحني‪.‬‬ ‫ومباشرا‪ ،‬وصاح‬

‫❖ ‪ -10‬املرجحات‪:‬‬
‫كقياس ْني‪ ،‬وبني منقول ومعقول كنص وقياس‪.‬‬ ‫منقولني كنَص ْ ِ‬
‫ني‪ ،‬وبني معقولني َ‬ ‫ْ‬ ‫‪ -‬املرجحات كثرية جدا‪ ،‬وتكون بني‬
‫‪ -‬ويقع الرتجيح يف السند‪ ،‬واملنت‪ ،‬واملدلول‪ ،‬وما ينضم إىل ذلك من خارج‪.‬‬
‫وما من‬ ‫وما يف‬ ‫وما يف‬ ‫وما يف‬ ‫وما يف‬ ‫وما يف‬ ‫وما يف السند‬
‫وما يف املنت‪:‬‬
‫اخلارج‪:‬‬ ‫املدلول‪:‬‬ ‫املروي عنه‪:‬‬ ‫املروي‪:‬‬ ‫الرواية‪:‬‬ ‫الراوي‪:‬‬ ‫يكون‪:‬‬
‫بتقدمي ِ‬
‫مفهوم‬ ‫كرتجيح ما مل‬ ‫يكون بكثرة‬ ‫يف الراوي‪،‬‬
‫كتقدمي ما‬
‫كتقدمي احلظر‬ ‫املوافقة على‬ ‫ينكره راوي‬ ‫ككونه‬ ‫كالتواتر‪،‬‬ ‫الرواة‪ ،‬وفقه‬ ‫والرواية‪،‬‬
‫يوافق دليال‬
‫على اإلابحة‬ ‫مفهوم‬ ‫ابلسماع مثال‪ .‬األصل على ما‬ ‫وغريه‪.‬‬ ‫الراوي‪ ،‬وغري‬ ‫واملروي‪،‬‬
‫آخر‪.‬‬
‫املخالفة‪.‬‬ ‫أنكره‪.‬‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫واملروي عنه‪.‬‬

‫‪ -‬وذكر املصنف طائفة من املرجحات‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫‪ )1‬علو اإلسناد‪ ،‬أي‪ :‬ما كانت مراتب الرواة فيه أقل‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )2‬فقه الراوي‪ ،‬ومعرفته ابللغة والنحو‪ ،‬لقلة احتمال الغلط ممن كان متصفا بذلك‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )3‬ورعه‪ ،‬وضبطه‪ ،‬وفطنته‪ ،‬ويقظته‪ ،‬ألن الوثوق ِبَن كان كذلك أكثر‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )4‬كونه ُمزكى ابالختبار ال ابألخبار‪ ،‬ألن املعاينة أقوى داللة‪( .‬املالكية والشافعية)‬
‫‪ )5‬من كان ُم َزُّكوهُ أكثر (اجلمهور خالفا للحنفية)‪ ،‬أو كانت تزكيته صرحية‪ ،‬فإنه يقدم على من كان مزكوه‬
‫أقل‪ ،‬أو كانت تزكيته غري صرحية‪ ،‬كاحلكم بشهادته‪ ،‬والعمل ِبر ِويِ ِه‪ ،‬ألن احلكم والعمل قد يبنيان على‬
‫الظاهر من غري تزكية‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ )6‬اخلرب الذي حيفظه راويه على ما اعتمد فيه على الكتابة‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )7‬اخلرب الذي طريق روايته ظاهرة كالسماع‪ ،‬فإنه يقدم على ما كان ابإلجازة مثال‪.‬‬
‫‪ )8‬خرب من روى من غري حجاب بينه وبني شيخه‪ ،‬لبعده عن االشتباه‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫‪ )9‬خرب أكابر الصحابة‪ ،‬ملالزمتهم النيب ﷺ‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫‪ )10‬خرب الذكر على خرب األنثى‪ ،‬ألن الذكر أضبط غالبا (وبه قال املصنف وتبعه الشارح احمللي)‪.‬‬
‫• وقال األستاذ أبو إسحاق اإلسفرايين‪ :‬ال تَ َر ُّج َح بذلك (واختاره الزركشي أيضا)‪.‬‬
‫• والقول الثالث‪ :‬يرجح خرب الذكور إال ما كان يف أحوال النساء فإهنن أعرف بذلك (قال به‬
‫احلنفية)‪.‬‬
‫‪ )11‬رواية احلر على رواية الرقيق‪ ،‬الحرتاز احلر مما قد ال حيرتز منه الرقيق (وبه قال املصنف وتبعه الشارح‬
‫احمللي)‪.‬‬
‫‪ )12‬من أتخر إسالمه‪ ،‬لظهور أتخر خربه (اجلمهور)‬
‫• وقيل‪ :‬يقدم السابق يف اإلسالم‪ ،‬ألنه أشد حترزا يف الغالب ممن أتخر إسالمه (نقله املصنف يف‬
‫رفع احلاجب)‬
‫‪ )13‬رواية من حتملها بعد البلوغ على من حتملها قبله‪ ،‬ألن األوىل يقل احتمال الغلط فيها ابلنسبة إىل‬
‫الثانية‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )14‬رواية غري املدلس على رواية املدلس‪ ،‬ألن الوثوق ابألوىل أكثر‪( .‬الشافعية)‬
‫‪ )15‬رواية من كان له اسم واحد على من كان له امسان فأكثر‪ ،‬الحتمال االشتباه يف الثانية‪( .‬الشافعية)‬
‫‪ )16‬رواية من كان مباشرا ملا رواه (اجلمهور)‪ ،‬أو صاحب الواقعة اليت ورد فيها اخلرب (اجلمهور)‪ ،‬فإنه‬
‫أعرف هبا من غريه‪.‬‬
‫‪ )17‬اخلرب املروي ابللفظ على املروي ابملعىن‪ ،‬لسالمة األوىل من احتمال اخللل‪ .‬إال إذا كان الراوي أفقه‬
‫أو أفطن‪ ،‬أو أورع‪ ،‬كما تقدم‪( .‬املالكية والشافعية)‬
‫‪ )18‬رواية من مل ينكر شيخه الرواية عنه‪ ،‬ألن الظن بصحتها أقوى مما أنكرها‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )19‬اخلرب الوارد يف الصحيحني البخاري ومسلم‪ ،‬أو يف أحدمها‪ ،‬على ما ورد يف غريمها‪ ،‬ألن األمة‬
‫تلقتهما ابلقبول سلفا وخلفا‪( .‬اجلمهور خالفا للحنفية)‬

‫‪94‬‬
‫واملشعر‬ ‫والقول فالفعل فالتقرير فالفصي ال ئااد الفصاحة على األص واملشتمل على ئيادة والوارد بلغة قريش واملد‬
‫وما فيه تهديد‬ ‫بعلو شان النيب ﷺ‪ ،‬واملذكور فيه احلكم مع العلة‪ ،‬واملتقد يف ذكر العلة على احلكم‪ ،‬وعكا النقشوا‬

‫أو تأكيد‪.‬‬

‫‪ )1‬يُقدم اخلرب الناقل لقول النيب ﷺ على الناقل لفعله‪ ،‬والناقل لفعله على الناقل لتقريره‪ ،‬ألن القول أقوى داللة من‬
‫الفعل‪ ،‬والفعل أقوى داللة من التقرير‪.‬‬
‫‪ )2‬يقدم اخلرب الفصيح على غري الفصيح‪ ،‬ألن هذا حيتمل أن يكون مرواي ابملعىن (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬أما زائد الفصاحة‬
‫فال يقدم على الفصيح‪ ،‬ألن النيب ﷺ قد ُياطب من ال يفهم الزائد يف الفصاحة‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬يقدم األفصح على الفصيح‪ ،‬ألن النيب ﷺ أفصح العرب‪ ،‬فيبعد نطقه بغري األفصح‪ ،‬فيكون مرواي‬
‫ابملعىن‪ ،‬فيتطرق إليه اخللل‪.‬‬
‫✓ وردهُ العلماء أبنه ال بعد يف نطق ا لنيب ﷺ بغري األفصح‪ ،‬ال سيما إذا خاطب به من ال يعرف غريه‪ ،‬وقد كان عليه‬
‫الصالة والسالم ُياطب العرب بلغاهتم‪.‬‬
‫‪ )3‬يقدم ما ورد بلغة قريش‪ ،‬ألهنا لغة النيب ﷺ‪( .‬نقله الزركشي يف التشنيف)‬
‫‪ )4‬يقدم اخلرب املدين على املكي‪ ،‬لورود األول متأخرا‪( .‬نقله الزركشي)‬
‫‪ )5‬يقدم املشتمل على زايدة على ما مل يشتمل عليها‪ ،‬ملا يف األول من زايدة علم‪( .‬املالكية‪ ،‬والشافعية)‬
‫‪ )6‬يقدم اخلرب املُ ْشعِ ُر بعلو شأن النيب ﷺ‪ ،‬لتأخره عما ال يُشعر بذلك‪ ،‬وألن النيب ﷺ مل يزل ابزدايد‪.‬‬
‫‪ )7‬يقدم املشتمل على احلكم والعلة على ما فيه احلكم فقط‪.‬‬
‫✓ مثلوا لذلك حبديث البخاري‪" :‬من بدل دينه فاقتلوه"‪ ،‬وحديث الصحيحني‪" :‬أنه ﷺ هنى عن قتل النساء‬
‫والصبيان"‪ .‬فقد اشتمل األول على احلكم‪ ،‬وهو‪ :‬القتل‪ ،‬والعلى‪ :‬وهي الردة‪ .‬واشتمل الثاين على احلكم فقط وهو‬
‫النهي عن القتل‪.‬‬
‫➢ وإذا تعارض خربان يف كل واحد منهما حكم وعلة‪ ،‬فالراجح ما تقدمت فيه العلة‪ ،‬ألنه ُّ‬
‫أدل على ارتباطهما‪.‬‬
‫ت النفس إىل العلة‪.‬‬ ‫• وقال النقشواين‪ :‬الراجح ما تقدم فيه احلكم‪ ،‬ألن احلكم إذا ذُكِر تَ َ‬
‫شوقَ ِ‬
‫‪ )8‬ويقدم اخلرب املشتمل على هتديد‪ ،‬أو أتكيد‪ ،‬على ما مل يشتمل على ذلك‪ ،‬ألن املشتمل يدل على اهتمام الشارع به‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫والعا الشرط على النكرة املنفية على األص ور على الباق‬ ‫إال يف السب‬ ‫وما كان عموما مطلقا على ذي السب‬

‫والمع املعرف على ما وم والكل على النا املعرف الحتمال العهد قالوا وما مل خيص‪ .‬وعندي عكسه‪ ،‬واألقل يصيصا‪،‬‬

‫تمل أن يكون مقصورا‬


‫‪ )1‬يقدم اخلرب العام عموما مطلقا على العام ذي السبب (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬ألن ذا السبب ُحي َ‬
‫على السبب‪ ،‬خبالف املطلق فإنه أقوى يف داللته على العموم إال يف صورة السبب‪ ،‬ألهنا قطعية الدخول عند‬
‫األكثرين كما سبق‪.‬‬
‫(م ْن)‪ ،‬و(ما) الشرطيتني يقدم على النكرة املنفية على األصح‪ .‬ألن‬
‫‪ )2‬واخلرب الذي فيه عام شرطي (اجلمهور)‪ ،‬مثل‪َ :‬‬
‫األول يفيد التعليل‪ ،‬خبالف الثاين‪.‬‬
‫• وقيل ابلعكس‪.‬‬
‫• وتقدم النكرة املنفية على ابقي صيغ العموم‪.‬‬
‫(من)‪ ،‬و(ما) غري الشرطيتني‪ ،‬كاالستفهاميتني (نقله الزركشي يف‬
‫‪ )3‬يقدم اجلمع املعرف ابلالم‪ ،‬أو ابإلضافة‪ ،‬على َ‬
‫التشنيف)‪ ،‬ألن اجلمع املعرف أقوى يف إفادة العموم‪ ،‬إذ ميتنع ختصيصه إىل الواحد خبالفهما‪.‬‬
‫(من) و(ما) غري الشرطيتني على اجلنس املعرف‪ ،‬الحتمال العهد يف هذا‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )4‬يقدم ما كان عمومه ب َ‬
‫‪ )5‬وقال بعضهم‪ :‬يُقدم العام الذي مل ُيصص على ما ُخصص‪ ،‬ألن الثاين خمتلف يف حجيته‪ ،‬خبالف األول (اجلمهور)‬
‫• لكن قال املصنف‪ :‬عندي عكس هذا‪ .‬أي‪ :‬يقدم ما ُخصص على ما مل ُُيصص‪ ،‬ألن ما خصص من العام‬
‫هو الغالب‪ ،‬والغالب أوىل من غريه‪.‬‬
‫‪ )6‬ويقدم ما قل ختصيصه على ما كثر ختصيصه‪ ،‬لضعف الثاين‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫واالقتضا على اإلشارة و اإلميا ‪ ،‬ويرجحان على املفهومني‪ ،‬واملوافقة على املخالفة‪ ،‬وقيل‬

‫عكسه‪ ،‬والناقل ع األصل عند المهور‪،‬‬

‫‪ )1‬يقدم ما دل ابالقتضاء على ما دل ابإلشارة أو اإلمياء (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬ألن املدلول عليه ابالقتضاء يتوقف‬
‫صد ُق الكالم‪ ،‬أو صحته‪ ،‬خبالف ما بعده‪ ،‬فإن املدلول ابإلشارة غري مقصود‪ ،‬وال يتوقف عليه الكالم‪،‬‬ ‫عليه ِ‬
‫واملدلول ابإلمياء مقصود‪ ،‬لكنه ال يتوقف عليه ما تقدم‪.‬‬
‫‪ )2‬ويُ َرج ُح ما دل ابإلشارة‪ ،‬أو اإلمياء‪ ،‬على ما دل ابملفهوم موافقة أو خمالفة (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬ألن الداللة ابإلشارة‬
‫واإلمياء يف حمل النُّطق‪ ،‬خبالف املفهومني‪.‬‬
‫‪ )3‬ويرجح ما دل ابملوافقة على ما دل ابملخالفة‪ ،‬لالختالف يف حجية الثاين‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫• وقيل‪ :‬يرجح ما دل ابملخالفة‪ ،‬ألنه يفيد أتسيسا‪( .‬اختاره صفي الدين اهلندي من الشافعية)‬

‫على النايف‪ ،‬وثالثها سوا ‪ ،‬ورابعها إال يف الطالق والعتاق‪ ،‬والنه على األمر‪ ،‬واألمر على اإلباحة‪ ،‬واخل على األمر والنه‬ ‫واملثب‬
‫وخ احلظر على اإلباحة‪ .‬وثالثها سوا ‪ ،‬والوجوب والكرارة على الندب‪ ،‬والندب على املباا يف األص ‪ ،‬و ايف احلد خالفا لقو ‪.‬‬

‫‪ )1‬يرجح اخلرب املثبت لشيء على اخلرب النايف له‪ ،‬الشتمال املثبت على زايدة علم‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫• وقيل ابلعكس‪ ،‬ألن النايف اعتضد ابألصل‪( .‬احلنفية)‬
‫• والقول الثالث‪ :‬مها سواء‪ ،‬لتساوي مرجحيهما‪( .‬القاضي عبد اجلبار من املعتزلة)‬
‫• والقول الرابع‪ :‬إال يف الطالق والعتاق‪ ،‬فريجح النايف هلما‪ ،‬ألن األصل عدمهما‪.‬‬
‫ِ‬
‫"واملوجب للطالق والعتاق‪ ،‬ملوافقة النفي"‪ .‬قال العضد يف الشرح‪" :‬يقدم املوجب‬ ‫وقال ابن احلاجب يف املختصر‪:‬‬
‫والرقِية"‪.‬‬
‫عدم الزوجية‪ِ ،‬‬
‫عدمهما‪ ،‬ألنه مؤي ٌد ابألصل‪ ،‬إذ األصل ُ‬
‫للطالق والعتق على ما يوجب َ‬

‫‪97‬‬
‫‪ )2‬يقدم ما دل على هني على ما دل على أمر‪ ،‬ألن األول لدفع املفسدة‪ ،‬والثاين جللب املصلحة‪ ،‬واعتناءُ العقالء‬
‫ابألول أشد‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫حمظور‬
‫ٌ‬ ‫‪ )3‬يقدم ما دل على أمر على ما دل على إابحة (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬لالحتياط يف الطلب‪ ،‬وألن ترك األمر‬
‫خبالف ترك املباح‪.‬‬
‫‪ )4‬يقدم اخلرب املتضمن تكليفا على ما تضمن ذلك بصيغة أمر أو هني (الشافعية واحلنابلة)‪ ،‬ألن التعبري عن الطلب‬
‫بصورة اخلرب يدل على أمهيته‪.‬‬
‫‪ )5‬يقدم اخلرب الدال على حظر على ما دل على إابحة‪ ،‬لالحتياط يف االمتناع‪ ،‬كما يف تقدمي األمر على اإلابحة‬
‫لالحتياط يف االمتثال‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫• وقيل‪ :‬ابلعكس‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬مها سواء‪( .‬وبه قال أبو هاشم اجلبائي من املعتزلة‪ ،‬وعيسى بن اابن من احلنفية‪ ،‬والغزايل من الشافعية)‬
‫‪ )6‬يقدم ما دل على وجوب أو كراهة‪ ،‬على ما دل على ندب‪ ،‬لالحتياط يف امتثال الواجب‪ ،‬ولدفع اللوم يف اجتناب‬
‫املكروه‪( .‬اجلمهور)‬
‫‪ )7‬يقدم ما دل على ندب على ما دل على إابحة‪ ،‬لالحتياط‪( .‬اجلمهور إال املالكية)‬
‫• وقيل‪ :‬ابلعكس‪ ،‬ألن املباح مواف ٌق لألصل يف عدم الطلب‪.‬‬
‫‪ )8‬يقدم اخلرب النايف لوجوب ِ‬
‫احلد على اخلرب املُثبت له‪ ،‬ألن درء احلدود ابلشبهات مأمور به (اجلمهور إال املالكية)‪،‬‬
‫وألن فيه تيسريا وهو مطلوب‪.‬‬
‫• وخالف املتكلمون يف ذلك فقالوا‪ :‬يرجح املثبت للحد على النايف له‪ ،‬ألن املثبت يفيد أتسيسا‪ ،‬خبالف‬
‫النايف‪.‬‬
‫• وهناك مذهب اثلث‪ ،‬وهو التسوية بينهما‪( .‬اختاره مجاعة من الشافعية منهم الغزايل‪ ،‬ومجاعة من احلنابلة‪،‬‬
‫ومجاعة من املعتزلة منهم القاضي عبد اجلبار)‬

‫‪98‬‬
‫واملعقول معناه‪ ،‬والوضع على التكليف يف األص ‪ ،‬واملوافق دليال آخر وكذا مرسال‪ ،‬أو صحابيا‪ ،‬أو أرل املدينة‪ ،‬أو‬
‫األكثر يف األص ‪ ،‬وثالثها يف موافق الصحاب إن كان حيث مي ه النص‪ ،‬ك يد يف الفرااض‪ ،‬و رابعها إن كان أحد‬
‫الشيخني مطلقا‪ ،‬وقيل إال أن خيالفهما معاذ يف احلالل واحلرا ‪ ،‬أو ئيد يف الفرااض وحنورما‪ .‬قال الشافع ‪ :‬وموافق ئيد‬

‫يف الفرااض‪ ،‬فمعاذٍ فعل ٍ ومعاذٍ يف أحكا غري الفرااض فعل ٍّ‪.‬‬

‫‪ )1‬يرجح اخلرب املعقول معناه على غريه (الشافعية)‪ ،‬ألن املعقول معناه أدعى إىل االنقياد‪ ،‬وأفْ يَ ُد إلمكان القياس عليه‪.‬‬
‫خرب آخر على‬
‫ط لكذا‪ ،‬ويدل ٌ‬
‫‪ )2‬األصح ترجيح الوضعي على التكليفي (الشافعية)‪ ،‬كأن يدل خربٌ على أن شيئا شر ٌ‬
‫النهي عن فعل ذلك الشيء مثال‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬يرجح التكليفي (احلنفية واملالكية)‪ ،‬لرتتب الثواب عليه دون الوضعي‪.‬‬
‫‪ )3‬يرجح ما وافق دليال آخر على ما مل يكن كذلك (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬ألن الظن ابألول أقوى‪ .‬وسبق الرتجيح بكثرة‬
‫األدلة‪.‬‬
‫‪ )4‬األصح ترجيح ما وافق خربا مرسال أو قول صحايب (الزركشي يف التشنيف)‪ ،‬أو عمل أهل املدينة (اجلمهور خالفا‬
‫للحنفية)‪ ،‬أو أكثر العلماء (الشافعية واحلنابلة)‪ ،‬لقوة الظن يف ما ذُكر‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬ال ترجيح بذلك‪ ،‬ألهنا ليست حججا‪.‬‬
‫• والقول الثالث‪ :‬يُ َرج ُح ما وافق صحابيا َمي َزهُ النص بباب من أبواب الفقه‪ ،‬كزيد يف الفرائض‪ ،‬ومعاذ ابحلالل‬
‫واحلرام‪ ،‬وعلي ابلقضاء‪( .‬ذكر الزركشي أن إمام احلرمني نسبه إىل اإلمام الشافعي)‬
‫• والقول الرابع‪ :‬يرجح ما وافق أحد الشيخني‪ :‬أيب بكر وعمر‪ ،‬مطلقا‪ ،‬أي‪ :‬يف مجيع أبواب الفقه‪( .‬قال به أبو‬
‫أيوب السختياين‪ ،‬وابن النجار احلنبلي)‬
‫• وقيل‪ :‬إال إذا خالفهما معاذ يف احلالل واحلرام‪ ،‬وزيد يف الفرائض‪ ،‬وعلي يف القضاء‪ ،‬ألن هؤالء ميزهم النص‬
‫ِبعرفة هذه األبواب‪.‬‬
‫فعلي‪ ،‬رضوان هللا عليهم أمجعني‪.‬‬
‫• وقال اإلمام الشافعي‪ :‬يرجح زيد يف الفرائض‪ .‬أما يف غريها فريجح معاذ‪ُّ ،‬‬

‫‪99‬‬
‫واإلمجاع على النص‪ ،‬وإمجاع الصحابة على غريرم‪ ،‬وإمجاع الكل على ما خالف فيه العوا ‪ ،‬واملنقرض‬

‫عصره‪ ،‬وما مل يسبق خبالف على غريرما‪ ،‬وقيل املسبوق أقوى‪ ،‬وقيل سوا ‪،‬‬

‫‪ )1‬يرجح الثابت ابإلمجاع على الثابت ابلنص (اجلمهور)‪ ،‬ألن النص حيتمل النسخ خبالف اإلمجاع‪.‬‬
‫أعدل‪ ،‬وأعلم ابلدين‪( .‬الشافعية واحلنابلة)‬
‫‪ )2‬يرجح إمجاع الصحابة على غريهم‪ ،‬ألن الصحابة ُ‬
‫‪ )3‬يرجح إمجاع الكل الشامل للعوام على ما خالف فيه العوام‪ ،‬لضعف الثاين ابالختالف يف حجيته‪( .‬الشافعية‬
‫واحلنابلة)‬
‫‪ )4‬يرجح اإلمجاع الذي انقرض عصره‪ ،‬واإلمجاع الذي مل يسبقه خالف‪ ،‬على مقابلهما (الشافعية واحلنابلة)‪ ،‬ألن ما مل‬
‫ينقرض عصره وما سبقه خالف خمتلف يف حجيتهما‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬املسبوق خبالف أقوى ملا فيه من زايدة االطالع على املأخذ‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬مها سواء‪.‬‬

‫واألص تساوي املتواتري م كتاب وسنة‪ ،‬وثالثها تقد السنة لقوله‪" :‬لتبني"‪،‬‬

‫‪ )1‬يرجح الثابت األصح تساوي املتواترين من كتاب وسنة (الشافعية واحلنابلة)‪ ،‬فال يرجح أحدمها على اآلخر‪.‬‬
‫واملقصود املتواتران اللذان داللتهما ظنية‪ ،‬أما إذا كانت داللتهما قطعية فال ميكن التعارض بينهما‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬يقدم الكتاب على السنة املتواترة‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬تقدم السنة ألهنا مبيِنة للكتاب (احلنفية)‪ ،‬قال هللا تعاىل‪" :‬لتبني للناس ما نزل إليهم"‪[ .‬النحل‪]44:‬‬

‫‪100‬‬
‫‪ ،‬أي فرعه م جنا أصله‪ ،‬والقطع بالعلة أو الظ األغل ‪،‬‬ ‫بقوة دليل حكم األصل‪ ،‬وكو ه على سن القيا‬ ‫ويرج القيا‬
‫‪ ،‬ألن احلكم باحلكم أشبه‪،‬‬ ‫وكون مسلكها أقوى‪ ،‬وذال أصلني على ذال أصل‪ ،‬وقيل ال‪ ،‬و ذاتية على حكمية‪ ،‬وعكا السمعا‬
‫وكو ها أقل أوصافا‪ ،‬وقيل عكسه‪ ،‬واملقتضية احتياطا يف الفرض وعامة األصل‪ ،‬واملتفق على تعليل أصلها واملوافقة األصول‬
‫على موافقة أصل واحد‪ ،‬قيل واملوافقة علة أخرى إن جوئ علتان‪،‬‬

‫قياس على قياس بقوة دليل حكم األصل أي املقيس عليه‪ ،‬لقوة األصل بقوة الدليل‪ .‬فيقدم ما دل ابملنطوق‬
‫‪ )1‬يرج ُح ٌ‬
‫مثال على ما دل ابملفهوم‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫‪ )2‬يرجح القياس اجلاري على سننه‪ ،‬أبن كان فرعه من جنس أصله (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬فقياس ْأر ِ‬
‫ش ما دون املوضحة‬
‫على املوضحة مقدم على قياس أرشها بغرامات األموال‪.‬‬
‫العظم‪ ،‬فهي موضحة‪.‬‬
‫َ‬ ‫أوضحت الشجة ابلرأس‪ :‬إذا كش َفت‬
‫ْ‬ ‫تكشف العظم‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫✓ واملوضحة‪ :‬هي جنايةٌ على الرأس‬
‫وال قصاص يف شيء من الشجاج إال يف املوضحة‪ ،‬بل فيها األرض]‬
‫‪ )3‬يرجح ما قطع بوجود العلة فيه‪ ،‬وكذا ما غلب الظن بوجودها‪ ،‬على ما مل يكن كذلك‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫‪ )4‬يرجح ما كان مسلك العلة فيه أقوى (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬وقد سبق بيان مسالكها‪.‬‬
‫‪ )5‬يرجح ما كانت علته ذات أصلني على ما كانت ذات أصل واحد‪.‬‬
‫✓ مثاله‪ :‬قياس العارية يف الضمان على ابب السوم والغصب‪ ،‬جبامع األخذ لغرض النفس‪ ،‬يرج ُح على قياسها على‬
‫الذي علتُه األخذ للتملك‪ ،‬فال ضمان‪.‬‬
‫‪ )6‬يرجح ما كانت علته ذاتية‪ ،‬كاإلسكار يف اخلمر‪ ،‬على ما كانت علته حكمية كالنجاسة‪.‬‬
‫• وقال السمعاين‪ :‬ترجيح احلكمية‪ ،‬ألن احلكم ابحلكم أشبه‪.‬‬
‫‪ )7‬يرجح ما كانت علته أقل أوصافا‪ ،‬ألن االعرتاض عليها أقل (الشافعية)‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬ابلعكس‪ ،‬ألن األكثر أكثر شبها‪.‬‬
‫‪ )8‬يرجح ما كانت علته تقتضي احتياطا يف الفرض على ما كانت ال تقتضيه (الشافعية)‪.‬‬
‫✓ مثاله‪ :‬تعليل نقض الوضوء ِبالمسة النساء بشهوة ودوهنا‪ ،‬فإنه أحوط من تعليله ابملالمسة بشهوة‪ ،‬ألن األول فيه‬
‫احتياط للفرض كالصالة‪.‬‬
‫‪ )9‬يرجح ما كانت علته عامة األصل‪ ،‬أبن توجد يف أكثر اجلزئيات‪ ،‬ألهنا أكثر فائدة مما ال تَعُ ُّم‪.‬‬
‫✓ كالتعليل ابلطعم يف الربوايت‪ ،‬فإنه يشمل القليل والكثري خبالف التعليل ابلكيل‪.‬‬
‫يرجح ما اتفق على تعليل األصل فيه على ما اختلف يف تعليله‪.‬‬ ‫‪)10‬‬
‫يرجح ما كانت علته موافقة ألكثر من أصل على ما اختلف يف تعليله‪.‬‬ ‫‪)11‬‬
‫‪101‬‬
‫يرجح ما كانت علته موافقة ألكثر من أصل على املوافقة ألصل واحد‪ ،‬لقوة األوىل بكثرة ما يؤيدها‪.‬‬ ‫‪)12‬‬
‫✓ مثاله‪ :‬مسح الرأس يف الوضوء‪ ،‬فالقائلون أبنه ال يسن تثليثه قاسوه على التيمم ومسح اخلف‪ ،‬والقائلون ابلتثليث‬
‫قاسوه على غسل األعضاء‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬يرجح ما كانت علته موافقة لعلة أخرى‪ ،‬بناء على جتويز علتني‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬ال ترجح بذلك‪ ،‬وهي كاخلالف يف الرتجيح بكثرة األدلة‪.‬‬

‫علته باإلمجاع‪ ،‬فالنص‪ ،‬القطعيني فالظنيني‪ ،‬فاإلميا ‪ ،‬فالس ‪ ،‬فاملناسبة‪ ،‬فالشبه‪ ،‬فالدوران‪ ،‬وقيل النص‪ ،‬فاإلمجاع‪،‬‬ ‫وما ثبت‬
‫عليه إن قبل‪ ،‬وعكا األستاذ‪،‬‬ ‫املعنى على الداللة‪ ،‬وغري املرك‬ ‫وقيل الدوران‪ ،‬فاملناسبة‪ ،‬وما قبلها وما بعدرا‪ ،‬وقيا‬
‫والوصف احلقيق فالعريف فالشرع الوجودي فالعدم البسيط فاملرك ‪.‬‬

‫‪ )1‬يرجح القياس الذي ثبتت علته ابإلمجاع القطعي‪ ،‬فبالنص القطعي‪ ،‬فباإلمجاع الظن‪ ،‬فبالنص الظن‪.‬‬
‫ِ‬
‫فالشبه (اجلمهور إال املالكية)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فاملناسبة (اجلمهور إال املالكية)‪،‬‬ ‫يلي ذلك ما ثبت ابإلمياء‪ ،‬فالس ِرب (اجلمهور)‪،‬‬
‫فالدوران‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬يقدم ما ثبت ابلنص على ما ثبت ابإلمجاع‪( .‬وبه قال األرموي والبيضاوي)‬
‫ِ‬
‫فالشبه‪( .‬عزاه الزركشي إىل بعض‬ ‫ِ‬
‫فاإلمياء‪ ،‬فالسرب‪،‬‬ ‫• وقيل‪ :‬يقدم ما كان ابلدوران على ما كان ابملناسبة‪،‬‬
‫ضع َفه)‬
‫األصوليني‪ ،‬و َ‬
‫✓ وهذا الرتتيب مفهوم من العطف ابلفاء‪.‬‬
‫‪ )2‬يرجح قياس املعىن على قياس الداللة‪ ،‬الشتمال األول على املعىن املناسب‪ ،‬خبالف الثاين املشتمل على مالزمه‪.‬‬
‫‪ )3‬يرجح القياس غري املركب على املركب‪ ،‬لضعف املركب ابالختالف يف قبوله‪.‬‬
‫• وعكس األستاذ االسفرايين‪ :‬فرجح املركب على غريه‪.‬‬
‫‪ )4‬يرجح ما كان الوصف الوجودي فيه حقيقيا (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬مث ما كان عرفيا (الشافعية‪ ،‬وقال احلنفية بعكسه)‪،‬‬
‫مث ما كان شرعيا‪.‬‬
‫يلي ذلك الوصف العدمي البسيط‪ ،‬يليه العدمي املركب‪ ،‬لضعف العدمي ابلنسبة إىل الوجودي‪ ،‬واملركب ابلنسبة إىل‬
‫البسيط للخالف فيهما‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫والباعثة على األمارة واملطردة املنعكسة ثم املطردة فقط على املنعكسة فقط‪ ،‬ويف املعتدية والقاصرة أقوال ثالثها‬

‫سوا ‪ ،‬ويف األكثر فروعا قوالن‪.‬‬

‫‪ )1‬يرجح ما كانت علته ابعثة على ما كانت أمارة (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬ألن األوىل مناسبتها ظاهرة خبالف الثانية‪.‬‬
‫‪ )2‬يرجح ما كانت علته مطردة منعكسة على املطردة فقط (اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬مث املطردة فقط على املنعكسة فقط‬
‫(اجلمهور إال احلنفية)‪ ،‬ألن ضعف املنعكسة بعدم االطراد أشد من املطردة فقط‪.‬‬
‫‪ )3‬عند تعارض املتعدية والقاصرة‪ ،‬فهناك أقوال‪:‬‬
‫• أحدها‪ :‬ترجيح املتعدية‪( .‬اجلمهور إال احلنفية)‬
‫• الثاين‪ :‬ترجيح القاصرة‪( .‬الغزايل‪ ،‬االسفرايين)‬
‫• الثالث‪ :‬مها سواء (أبو بكر الباقالين)‪ ،‬لتساويهما فيما تنفرد به كل واحدة منهما‪ ،‬وهو اإلحلاق يف املتعدية‪،‬‬
‫وقلة اخلطأ يف القاصرة‪.‬‬
‫‪ )4‬عند تعارض املتعديتني‪:‬‬
‫• قيل‪َ :‬ترج ُح ما كانت أكثر فروعا‪( .‬املالكية والشافعية واحلنابلة خالفا للغزايل)‬
‫• وقيل‪ :‬ابلعكس‪.‬‬

‫واألعرف م احلدود السمعية على األخفى‪ ،‬والذات على العرض ‪ ،‬والصري واألعم وموافقة قل السمع واللغة‬
‫ورجحان طريق اكتسابه‪ ،‬واملرجحال ال تنحصر ومثاررا غلبة الظ ‪ ،‬وسبق كثري فلم عده‪.‬‬

‫أعرف على األخفى‪ ،‬ألن األعرف أفضى إىل مقصود‬


‫‪ )1‬عند تعارض احلدود الشرعية‪ ،‬كحدود األحكام‪ ،‬يُ َرج ُح ما كان َ‬
‫التعريف‪.‬‬
‫‪ )2‬يرجح الذايت على العرضي‪ ،‬ألن األول يفيد كنه احلقيقة‪.‬‬
‫‪ )3‬يرجح الصريح على غريه‪ ،‬لتطرق اخللل إىل غري الصريح‪.‬‬
‫‪ )4‬يرجح األعم على األخص‪ ،‬لكثرة ما يشمله التعريف ابألعم‪.‬‬
‫• وقيل‪ :‬يرجح األخص‪ ،‬أخذا ابحملقق‪.‬‬
‫‪ )5‬يرجح املوافق للمنقول مسعا ولغة‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫‪ )6‬يرجح احلد الذي طريق اكتسابه راجح على ما مل يكن كذلك‪ ،‬ألن الظن ابألول أقوى‪.‬‬

‫‪ ‬واملرجحات كثرية جدا‪ ،‬والعمدة فيها غلبةُ الظن ابلرجحان‪ ،‬وقد سبق كثري منها‪ ،‬فال حاجة إىل إعادته‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫ت قدمي بعض مفاهيم املخالفة على بعض‪ ،‬وبعض ما ُيل ابلفهم كاإلضمار‪ ،‬واجملاز‪ ،‬واالشرتاك‪ .‬وتقدمي املعىن الشرعي‬
‫على العريف‪ ،‬والعريف على اللغوي‪ ،‬إىل غري ذلك‪.‬‬

‫وصلى هللا وسلم وابرك على سيدان حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫‪104‬‬

You might also like