Professional Documents
Culture Documents
تسوية منازعات عقود الاستهلاك
تسوية منازعات عقود الاستهلاك
السنة 1الجامعية
2021/2020
الئحة المختصرات
الطبعة ط
مطبعة مط
2
مقدمة:
إن األهمية التي أصبحت توليها التشريعات الحديثة لظاهرة االستهالك ،أدركت ضرورة
توفير الحماية الالزمة للمستهلك من أجل تشجيعه على المساهمة في التنمية االقتصادية أخذا
بعين االعتبار مركزه التعاقدي وحجم االلتزامات التعاقدية المفروضة عليه من طرف
المهني.1
ومما ال يدع مجاال للشك فإن حماية المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في عالقته مع
المرود كما كان لزاما إيجاد قواعد قانونية تحدد كيفيات تسوية منازعات عقود االستهالك
وذلك بغية إقرار نوع من التوازن بين مصلحتي المستهلك والمورد وتتم تسوية المنازعات
االستهالكية إما من خالل قضاء الدولة "القضاء الرسمي" وإما من خالل الوسائل الموازية
لحل المنازعات وذبك كله من أجل تحقيق األمن القضائي باعتباره الغاية االولى واألخيرة
التي يسعى إلى تحقيقها المشرع المغربي من مختلف النصوص القانونية ذات الصلة.
وال يستقيم الحديث عن موضوع وسائل تسوية منازعات عقود االستهالك دون الغوص في
السياقات التاريخية والمحطات التي مر منها الموضوع ،فالعالقات بين المورد أو المهني
والمستهلك كانت تخضع لقانون االلتزامات والعقود والنزاعات التي كانت تنشأ في هذا
اإلطار يفصل فيها طبقا للقواعد للتقاضي دون منح أي امتياز للمستهلك .وبفعل التحوالت
االقتصادية واالجتماعية وتنامي عمليات وتغير أنماطها ،فرض على المشرع إيجاد قانون
لحماية المستهلك وهو ما تم بإصدار القانون 31.08القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك
الذي حاول المشرع من خالله إعادة التوازن العقدي وتعزيز مكانة المستهلك في العالقة
التعاقدية خاصة في الحالة التي تنشأ فيها نزاعات بخصوص عقود االستهالك كحيث مكن
المشرع المستهلك من سلوك مسطرة التقاضي أمام القضاء الرسمي كما يمكن أيضا اتباع
الوسائل الموازية لحل النزاعات طبقا للقانون 08.05وما يصبغ ذلك من خصوصيات.
ويكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة إن على المستوى النظري وتتجسد في ندرة الكتابات
وقلة األعمال التي همته ،أما على المستوى العملي فتتجلي في مواكبة النصوص القانونية
المنظمة للفصل في المنازعات االستهالكية للتطورات االجتماعية خاصة أمام الثورة
التكنولوجية ،وكذا من خالل رصد خصوصيات البت في هذه المنازعات سواء أمام القضاء
العادي أو الموازي.
ويثير هذا الموضوع مجموعة من المشاكل والتساؤالت:
1نورالدين الرحالي ،التطبيقات العملية الحديثة في قضايا االستهالك ،مكتبة الرشاد سطات ،ص.5:
3
• ماهي الضمانات القانونية التي أوردها المشرع حماية للمستهلك سواء أمام القضاء الرسمي
أو أمام القضاء المكمل؟
• ما هي خصوصيات الوساطة والتحكيم في تسوية منازعات عقود االستهالك؟
• ما مدى كفاية النصوص اإلجرائية المتبعة لتسوية منازعات عقود االستهالك في توفير
الحماية االزمة للمستهلك؟
وتتبلور عن هذه التساؤالت إشكالية محوية :ما مدى نجاح المشرع من خالل المزاوجة بين
الوسائل الرسمية والوسائل الموازية لتسوية منازعات عقود االستهالك في تحقي األمن
القضائي وحماية حقوق المستهلك؟
وكإجابة عن اإلشكالية يمكن القول أمن المشرع استهدف من وراء المزاوجة بين الوسائل
المتبعة للفصل في المنازعات تمكين المستهلك من جهة ممارسة حقه في اختيار الجهة التي
يمكن أن تفصل في النزاع ومن جهة أخرى توفير المرونة االزمة التي تتماشى والعقود
االستهالكية.
وكفرضية لهذ الموضوع يبدو أن المقتضيات القانونية التي نظم من خاللها المشرع وسائل
تسوية منازعات عقود االستهالك غير كافية لتحقيق الحماية المرجوة من ورائها.
ولتحليل هذا الموضوع واإلجابة التساؤالت التي يطرحها سيتم تقسيمه إلى:
أوال :التسوية القضائية لمنازعات عقود االستهالك
ثانيا :التسوية الودية لمنازعات عقود االستهالك
4
أوال :التسوية القضائية لمنازعات عقود االستهالك
إذا كان المشرع قد وضع عراقيل حقيقية أمام جمعيات حماية المستهلك في طريق دفاعها
عن هذا األخير ،إال أنه ال يمكن إغفال الحديث عن دورها في الدفاع عن المستهلك أمام
القضاء (ب) ،لكن قبل ذلك سيتم الوقوف على بعض المقتضيات المتعلقة بالتسوية القضائية
لنزاعات االستهالك الفردية (أ) ،دون نسيان في األخير تناول بعض األليات الحمائية
للمستهلك من طرف القضاء (ج).
أ -التسوية القضائية لنزاعات االستهالك الفردية
سيتم التطرق في هذه الفقرة للمحكمة المختصة بالبت في نزاعات االستهالك ( ،)1إلى
جانب بعض القواعد المسطرية لتسوية نزاعات االستهالك (.)2
-1المحكمة المختصة بالبت في نزاعات االستهالك
في إطار الحديث عن االختصاص ،سيتم التمييز بين االختصاص النوعي ()1-1
واالختصاص المحلي (.)2-1
-1-1االختصاص النوعي
بالرجوع للفقرة األولى من المادة 202من قانون تدابير حماية المستهلك ،والتي طرأ عليها
تغيير مهم بموجب القانون رقم 78.02الصادر ،2020بحيث تنص على أنه "في حال
نزاع بين المورد والمستهلك ،ورغم وجود أي شرط مخالف ،فإن االختصاص القضائي
النوعي ينعقد حصريا للمحكمة االبتدائية" .وبذلك ومن خالل هذا التعديل يكون المشرع قد
وضع حد للفراغ الذي كان قد تركه في السابق ،بحيث كان الوقوف عند مقتضيات ق ح م
المغربي رقم 31.08ال يسعف في تحديد المحكمة المختصة نوعيا في نزاعات االستهالك
كون المشرع المغربي لم يراعي خصوصيات نزاعات االستهالك التي تقتضي وضع قواعد
قانونية كفيلة بحماية المستهلك.2
وما يالحظ في هذا اإلطار ،االنسجام بين المادة 18من ق ح م التي منعت بشكل قطعي
اسناد االختصاص فيما يتعلق بالبيوعات خارج المحالت التجارية ،والمادة 202التي
حددت االختصاص النوعي.
-2-1االختصاص المحلي
طبقا للفقرة الثانية من المادة 202من ق ح م فإنه "تعتبر المحكمة المختصة مكانيا ،محكمة
موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المتسبب في الضرر
باختيار هذا األخير" .فأصبح االختصاص المحلي ينعقد لمحكمة موطن أو إقامة المستهلك
وما يالحظ على هذه النصوص أنها جاءت لحماية المستهلك فبعد أن كانت القواعد المتعلقة
2المهدي العزوزي ،تسوية نزاعات االستهالك ،ط ،1مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2013 ،ص.28:
5
باالختصاص المحلي تنص على صيغة المدعى عليه لتحديد المحكمة المختصة محليا ،جاء
ق ح م لينص على كون االختصاص يرجع لمحكمة موطن أو إقامة "المستهلك" أو
"المقترض" سواء كان مدعيا أو مدعى عليه.
جاءت بصيغة عامة قابلة للتطبيق على كافة أنواع النزاعات المتعلقة بقانون حماية
المستهلك ،سواء أكانت ذات بعد مدني ،مختلط ،إداري ،وبغض النظر عن المحكمة
المختصة في النزاع ،على اعتبار أنها قواعد جاءت عامة في نص خاص يقدم على النص
العام.3
تهدف إلى معالجة إحدى أهم اإلشكاالت المطروحة على المحاكم المغربية واألجنبية والتي
لطالما تركت معالجتها لنظرية البنود التعسفية ،غير أن التساؤل الذي يطرح نفسه بهذا
الصوص فإنه يتمحور باألساس حول ما إذا كانت قواعد االختصاص المحلي هاته تعد من
خلفيات النظام العام.
إن صياغة المادة 111من ق ح م جاءت بصيغة الوجوب "يجب" مما يدل على كون االمر
يتعلق بقاعدة آمرة وليست مملة تراعي المصلحة العامة على المصلحة الفردية ،وهو ما
يؤكده المشرع المغربي في المادة 151من قانون حماية المستهلك عندما أقر صراحة بأن
مقتضيات المادة 111من النظام العام ،غير أن صياغة مقتضيات المادة 202لم تكن بنفس
الوضوح والدقة التي كانت عليها صياغة المادة 111فيما يتعلق بالوجوب من عدمه ،وإن
كانت تدل على قاعدة آمرة هي األخرى ،وهو ما يتضح من خالل الصياغة "في حالة نزاع
بين المورد والمستهلك ،ورغم وجود أي شرط مخالف.4
-2القواعد المسطرية لتسوية نزاعات االستهالك
في إطار الحديث عن هذه الفقرة ،سيتم الوقوف على اإلثبات في نزاعات االستهالك (-2
،)1القادم في نزاعات االستهالك ( )2-2ثم حول قواعد التبليغ في نزاعات االستهالك (-2
.)3
-1-2االثبات في نزاعات االستهالك:
إن قواعد االثبات تعد إحدى أهم القواعد المسطرية الجوهرية التي من شأنها المساهمة في
تحقيق حماية فعالة للمستهلك ،لذلك سيتم التطرق لنقطتين أساسيتين في هذا اإلطار.
❖ عبئ االثبات في نزاعات االستهالك:
تشكل طرق االثبات وقواعده أهم العوائق التي تواجه المستهلك عند وقوفه أمام القضاء
مدعيا أو مدعى عليه ،فمتى كان مدعيا كان ملزما بإثبات دعواه ،وهو أمر قد يكون في
3أنس المدن ،التدخل القضائي في المادة االستهالكية ،مقال منشور على الموقع االلكتروني COM.MAROC2DROIT.WWWتم االطالع عليه
بتاريخ 30ماي 2021على الساعة .19:30
4أنس المدن،التدخل القضائي في المادة االستهالكية ،م س.
6
غاية الصعوبة خاصة وأن المستهلك يتعامل مع شخص محترف غالبا ما يحرص على أال
يترك بين يد ي المستهلك أي دليل يمكنه الرجوع إليه ،لذا يكون من الصعب على المستهلك
أن يثبت تعيب إرادته ،أثناء التعاقد كما هو الشأن حينما يقف المستهلك في موقع المدعي فإن
الصورة تكون معكوسة تماما حينما يقف المستهلك في موقع المدعى عليه ،ذلك أنه يكون
في مواجهة شخص محترف يحرص على حماية حقوقه عن طريق الحرص على اثباتها
والحصول على وسائل إثباتها هنا يجد المستهلك نفسه مطالبا بإثبات العكس كما هو الحال
بالنسبة لفواتير الهاتف مثال وفواتير استهالك مادتي الماء والكهرباء.5
غير أنه وأمام الصعوبات التي يواجهها المستهلك في إثبات بعض الحاالت ،تدخل المشرع
المغربي من خالل ق ح م لينص على بعض االستثناءات التي من خاللها تم قلب عبء
االثبات بجعله على المهني سواء أكان مدعيا أو مدعى عليه وهي كالتالي:
-1الشروط التعسفية :إذ نص المشرع المغربي في المادة 18من ق ح م في فقرتها
األخيرة على أنه "في حالة وقوع نزاع حول عقد يتضمن شرطا تعسفيا يجب على
المورد اإلدالء بما يثبت الطابع غبر التعسفي للشرط موضوع النزاع نظرا لتعلق
المعامالت في الغالب بمسائل تقنية يصعب توفر الوسائل التي من خاللها يمكن
للمستهلك أن يثبت تعسفية الشرط المتضمن في العقد ،وفي نفس السياق فإن المشرع
المغربي من خالل ق ح م قد نص بمقتضى المادة 20منه على أنه "تعتبر أحكام
هذا الباب من النظام العام" ال يمكن مخالفتها باتفاقات األفراد ،كما يجب على
القاضي إثارتها تلقائيا حماية لمصالح الطرف الضعيف الذي هو المستهلك في هذه
النزاعات ،وهو ما من شأنه تعزيز الحما ية المخولة للمستهلك بغية ضمان تسوية
منصفة لنزاعات االستهالك التي تتسم بوجود أطراف غير متكافئة.6
-2العقود عن بعد :نفس المقتضى جاء به المشرع المغربي في المادة 34من ق ح م
والمتعلق بالعقود عن بعد والذي على أنه "في حالة حدوث نزاع بين المورد
والمستهلك ،يقع عبء اإلثبات على المورد خاصة فيما يتعلق بالتقديم المسبق
للمعلومات المنصوص عليها في المادة 29وتأكيدها واحترام اآلجال وكذا قبول
المستهلك يعتبر كل اتفاق مخالف باطال وعديم األثر" وفي نفس السياق نجد بأن
المشرع أكد من خالل مقتضيات لمادة 44من نفس القانون على كون المادة السابقة
من النظام العام إلقاء عبء االثبات في العقود المبرمة عن بعد على عاتق المستهلك
يعد مشرطا غير قانوني لمخالفة النظام العام ولمساسه بالحقوق المخولة صراحة
للمستهلك كطرف ضعيف في هذه العالقة التعاقدية.7
7
❖ وسائل اإلثبات في نزاعات االستهالك:
بالرجوع للمادة من مدونة التجارة والتي تنص على" اذا كان العمل تجاريا بالنسبة
ألحد المتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد االخر ،طبقت قواعد القانون التجاري في مواجهة
الطرف الذي كان العمل بالنسبة له تجاريا ،وال يمكن أن يواجه بها الطرف الذي كان
العمل بالنسبة اليه مدنيا ،مالم ينص مقتضى خاص على خالف ذلك.
وكذلك المادة 20من نفس القانون -مدونة التجارة -بحيث تنص على أنه " يجوز ألغيار
أنم يحتجوا ضد التاجر بمحتوى محاسبته ولو لم تكن ممسوكة بصفة منتظمة".
وعليه يمكن للمستهلك االستفادة من األوراق المحاسبية للتاجر كوسائل لإلثبات ،فين
حين أنه ال يمكن أن تطبق ضده مقتضيات القانون التجاري.
كما يستحسن أن يتم تجهيز المحالت التجارية بتكنولوجيا المراقبة ،حتى يمكن االستعانة
بها كوسائل اثبات سريعة تمكن المستهلك الستفادة منها بشكل سريع.8
-2-2التبليغ في نزاعات عقود االستهالك
إن ماهو منصوص عليه في اطار القواعد العامة كفيل بحماية حقوق الطرف
الضعيف ،ويساهم في تسريع المساطر ويدعم فاعليتها ،اال أنه ينبغي من الفقه ايجاد
حلول اضافية في مجال التبليغ أكثر حداثة وتماشيا مع التطبيقات العملية لقانون
االستهالك.9
-3-2التقادم في نزاعات عقود االستهالك
التقادم هو طريق الكتساب أو انقضاء حق معين ،بمرور مدة زمنية أو أجل خاصة
يحددها القانون وقد تضمن ق ل ع مبدأ عاما لتقادم االلتزامات يقضي بتقادم كل
الدعاوى الناشئة عن االلتزام بمضي 15سنة كاملة حسب التعبير الذي جاء في الفصل
387ق ل ع ،باستثناء ماورد في الفصول 388الى 392من نفس القانون ،حيث
تتقادم بعض الدعاوى بمرور 5سنوات والبعض األخر بمرور سنتين أو سنة واحدة أو
غير ذلك .
ان العالقة التي تجمع بين المهني و المستهلك تدخل في اطار ما يعرف باألعمال
المختلطة على اعتبار أن الطرف األول غالبا ما يكون تاجرا بينما لطرف الثاني وهو
المستهلك يكون طرفا مدنيا ،لذلك أقر المشرع في المادة الخامسة من م ت" تتقادم
8محمد العروصي ،قانون تدابير حماية المستهلك في احدى الحصص التأطيرية لسلك الماستر لسنة 2021-2020
9نورالدين الرحالي ،التطبيقات العملية الحديثة في قضايا االستهالك ،ط -1مكتبة الرشاد السطات ،2014ص 187
8
االلتزامات الناشئة بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم و بين غير التجار بمضي
خمس سنوات ،مالم توجد مقتضيات خاصة مخالفة ".
فاذا كان األصل في االعمال المختلطة كما سبق و أن تم التطرق في االثبات تخضع
لنظام قانوني مزدوج ،فان من بين االستثناءات التي ترد على هذا المبدأ مسألة التقادم
التي تخضع لنظام موحد وهو التقادم الخماسي .
ان الوقوف عند مقتضيات المادة 5من م ت ،يدل على أ ،المشرع المغربي لم ينص
على أن مقتضياتها تتعلق بالنظام العام مما يطرح التساؤل حول مدى امكانية االتفاق
على مخالفتها.10
ان صياغة المادة توحي بإمكانية اتفاق األطراف على مخالفة مدة الخمس السنوات
المنصوص عليها ،فاذا كان األمر كذلك فيما يتعلق بتحديد أجل الخمس السنوات على
اعتبار أنه يطرح مشكال كبيرا للمستهلك خصوصا ،و ان المشرع المغربي يسمح بذلك
شريطة أن ال يتجاوز هذا التمديد خمسة عشرة سنة كما تنص على ذلك المادة 375ق
ل ع ،وبالرغم من عدم وجود نص قانوني صريح بضرورة عدم فتح الباب امام
تخفيض مدة التقادم على اعتبار أن ذلك ليس في مصلحة المستهلك الذي سيجد نفسه أمام
مدة تقادم قصيرة تؤدي الى سقوط حقه في مقاضاة المهني قصد المطالبة بحقوقه.
وتبقى الحالة الوحيدة التي نص عليها المشرع في اطار ق ح م في ما يتعلق بأجل
السقوط هي الواردة في المادة 111التي جاء فيها" يجب ان تقام دعاوى المطالبة
باألداء أمام المحكمة التابع لها موطن أو محل إقامة المقترض خالل السنتين المواليتين
للحدت الذي ادى إلى إقامتها تحت طائلة سقوط حق المطالبة بالفوائد.
ويسري هذا األجل ابتداء من التاريخ الذي أصبح فيه قسط الذين موضوع نزاع طبقا
للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بشأن مؤن تغطية الديون غير
المؤداة".
فمتى كان االمر يتعلق بدعوى المطالبة باالداءات غير المؤدات مع فوائدها اال وتوجب
احترام قواعد التقادم الخاصة المنصوص عليها في ق ح م أي مدة سنة واحدة لكن
بالمقابل اذا لم يتم احترام مدة السنة فإن حق المطالبة بالفوائد يسقط ويبقى حق المطالبة
باالداءات غير المؤدات خاضعا لتقادم الخماسي المنصوص عليه في مدونة التجارة.
يمكن القول ان المشرع النص من خالل ق ح م على اجال التقادم تراعي مصلحة
المستهلك من خالل توضيف السقوط في مواجهة المهني ،وجعل هذه المقتضيات تتسم
بطابع النظام العام حتى التقبل التمديد أو التخفيض.
9
بل األكثر من ذلك فإنه يتوجب القاء عبء اخبار المستهلك باالحكام المتعلقة بالتقادم
على المهني عن طريق ايرادها كبيان في العقود المبرمة بين الطرفين ،حتى ال يفاجئ
المستهلك بسقوط حقه بفوات ألجل.11
ب -دور جمعيات حماية المستهلك
مادام أن الحديث عن جمعيات حماية المستهلك في اطار المرحلة القضائية فلن نخوض
في شروط حصولها على صفة المنفعة العامة ،هذه األخيرة التي تعتبر بمثابة قطع
للجسر بين جمعيات حماية المستهلك ودورها في الدفاع عن مصالح المستهلكين لذلك سا
ينصب الحديث عن الدعاوى التي تمارسها جمعيات حماية المستهلك من خالل الدعاوى
التي تهدف الى المصلحة الجماعية للمستهلكين( )1ثم تدخل الجمعيات لدعم مركز
المستهلك امام القضاء (.)2
-1الدعاوى التي تهدف الى المصلحة الجماعية للمستهلكين
بالرجوع الى المادة 157والمادة 162من القانون ، 31.08يظهر على أن المشرع
المغربي خول للجامعة الوطنية او جمعيات حماية المستهلك ممارسة مجموعة من
الدعاوى االلقضائية للدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين ،ومن اهم هذه الدعاوى
نجد الدعوى المدنية ( )1-1وكذا دعوى الغاء الشروط التعسفية ( .)2-1
-1-1الدعوى المدنية
بالرجوع الى القانون المغربي نجده لم يكن يتضمن مقتضيات خاصة لتنظيم المنازعات
االستهالكية واالعتراف للجمعيات بالحق في التقاضي بمعنى تمثيل المستهلكين لكن هذه
الوضعية تغيره بصدور قانون حرية االسعار المنافسة 99.06والذي عدل بموجب
القانون رقم ،104.12بحيث أن هذا القانون نص في المادة 99منه على أنه يحق
للجمعيات أن تنتصب كطرف مدني او تحصل على تعويضات عن الضرر الالحق
بالمستهلكين بناء على دعوى مدنية مستقلة ،وقد كان المشر نص على نسخ المادة 99
من القانون ،99.06وذلك بموجب الفقرة األخيرة من المادة 201ق ح م الصادر سنة
،2011وقد خول المشرع بموجب المادة 157ق ح م لجمعيات حماية المستهلك الحق
في رفع دعوى قضائية.
لكن يجب االشارة الى فكرة اساسية وهي ان جمعيات حماية المستهلك مسثتنات من
احكام الفقرة الثانية من قانون المسطرة الجنائية ،وبرجوع الى احكام هذه الفقرة نجدها
تنص على ان" يمكن للجمعيات المعلن انها دات منعة عامة ان تنتصب طرفا مدنيا ادا
10
كانت قد تأسست بصفة قانونية مند اربة سنوات على االقل من ارتكاب الفعل
الجرمي."...
بمعنى أن الجمعيات حماية المستهلك يمكن لها أن ترفع جعاوى قضائية ولو لم يمر على
تأسيسها أربع سنوات.12
-2.1دعوى الغاء الشروط التعسفية
ينص الفصل 162من ق ح م على انه" يمكن للجامعة الوطنية او جمعية حماية
المستهلك المشار اليها في المادة 157ان تطلب من المحكمة التي تنظر في الدعوى أو
الدعاوى التابعة ،ان تأمر المدعى عليه او الضنين بإيقاف التصرفات غير المشروعة او
حذف الشرط غير المشروع او تعسفه في العقد او نمودج العقد المقترح او الموجه الى
المستهلك ،ويكون الحكم الصادر مقرونا بغرامة تهديدية تحددها المحكمة ومشموال
بالنفاد المعجل.
خولت هذه المادة لجمعيات حماية المستهلك الية مهمة ومستجدة لدفاع عن المصالح
الجماعية للمستهلكين وهي دعوى الغاء الشروط التعسفية التي تكون في العقد او في
نموذج العقد الموجه الى المستهلك ،والمقصود بدعوى حذف الشرط التعسفي من تلك
الدعوى لتي ترفعها جمعيات حماية المستهلك من أجل الحذف المادي للشرط التعسفي
من العقد أو النموذج.
تدخل الجمعيات لدعم مركز المستهلك أمام القضاء : -2
ال يخفى أن موضوع تمثيل جمعيات حماية المستهلك أمام القضاء له أهمية كبرى بحكم
اتساع التنظيم التشريعي ،الذي اهتم بهذا الجانب ،و للدور الذي تلعبه هذه الجمعيات في
الدفاع عن حقوق المستهلكين من خالل منحها صفة التقاضي ،و نظرا لما تتوافر
لجمعيات حماية المستهلك من قدرات مالية و خبرات قانونية و إعالمية تمكنها من تمثيل
المستهلكين أحسن تمثيل ،هذا األمر خلف أثرا هاما في دعم موقف المستهلكين و
مشاركة المجتمع المدني في دعم حماية المستهلك أمام القضاء عالمة أساسية على
حيوية النسيج اإلجتماعي و اإلقتصادي للدولة و عليه سيتم توضيح الشروط الواجب
توافرها في المستهلكين ( )1-2إلى جانب الشروط الواجب توافرها في الجمعية (.)2-2
12صاحب المقال مجهول ،جمعيات حماية المستهلك ،مقال منشور بالموقع االلكتروني ،www,lawmorocco,comاطلع عليه بتاريخ
2021/06/05على الساعة العاشرة صباحا.
11
-2-1الشروط الواجب توافرها في المستهلكين :
فقد حددت قوانين اإلستهالك مجموعة من الشروط الواجب توافرها في المستهلكين و
هي كالتالي :
✓ إن دعوة تمثيل المشترك ال يمكن ممارستها إال لفائدة المستهلكين حسب المفهوم
المحدد في المادة 2ق ح م ،أي أن كل شخص طبيعي يقتني أو يستعمل لتلبية
حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة إلستعماله الشخصي أو
العائلي ،أما المهنيون الذين يتعاقدون خارج نطاق تخصصهم لكن من أجل
مشاريعه م فإنهم ال يستفيدون من هذه الدعوى ،كما هو الشأن بالنسبة للمستهلك
عندما يكون شخص معنوي ،مما يدفع إلى التساؤل حول الغاية من وراء استبعاد
الشخص المعنوي بالرغم من كون المادة 2ق ح م اعتبرته مستهلكا شريطة أن
يتعامل خارج إطار مهنته و لحسابه الشخصي.
✓ يجب أن يوجد عدة مستهلكين في مركز قانوني وتحد متماثل أي لحق كل منهم
ضرر تسبب عن فعل واحد ،هو فعل نفس المهني ،13كأن يشتري عدد من
األشخاص جهازا من األجهزة االلكترونية ثم يكتشفوا أن عيبا في الصناعة يوجد
بكل األجهزة.
-2-2الشروط الواجب توفرها في الجمعية
فقد حددت قوانين االستهالك مجموعة من الشروط الواجبة توفرها في الجمعيات وهي
كالتالي :
✓ ان قبول دعوى التمثيل المشترك يفرض على الجمعية التعريف بالمستهلكين
الذين تنوب عليهم ،كما هو واضح من المادة 158ق ح م التي بينت ذلك ،بحيث
يجب على األقل التعريف بالمستهلكين ،حتى وان كان عدد المستهلكين
المتضرريين يفوق ذلك بكثير ،وذلك تسهيال المكانية جديدة في حماية المستهلك،
خصوصا الحاالت التي يكون فيها عدد المستهلكين المتضررين ليسوا من منطق
مختلفة.14
✓ حسب نص المادة 158من قانون تدابير حماية المستهلك ،فان يجب على
ا لجمعية أن تكون موكلة من قبل مستهلكين اثنين على األقل من المستهلكين
المعنيين باالمر ،اضف الى ذلك أن التوكيل يجب ان يعطى كتابة ،ولذلك فان
الجمعية ال تمثل اال من وكلها ،أما المستهلكين االخرين الذين اصابهم نفس
محمد الهيني ،الحماية القانونية والقضائية للمؤمن له ،أشار له المهدي العزوزي ،م س ،ص 183 13
12
الضرر ولم يمنحوا الجمعية توكيال فيحتفظونبحقهم في مباشرة الدعوى الفردية
التي يرفعها كل منهم على حدة.
واذا توفرت الشروط السابقة كان للجمعية رفع الدعوى للمطالبة بالتعويض عن
األضرار التي لحقت بالمستهلكين الذين قامت بتمثيلهم.15
ج -بعض اآلليات الحمائية للمستهلك من طرف القضاء.
هناك مجموعة من اآلليات التي يتدخل القضاء من خاللها لحماية المستهلك ،ولكن
سنركز الحديث في هذه الفقرة على االمهال القضائي كآلية لتفعيل الحماية القضائية
للمستهلك( )1وكذا قاعدة تأويل العقد لفائدة المستهلك()2
-1االمهال القضائي كألية لتفعيل الحماية القضائية للمستهلك
من حسنات القانون موضوع الدراسة ،أنه خول للقاضي سلطة منحه للمقترض نظرا
لظروف منعته من تنفيذ التزاماته بأداء اقساط الدين عند حلول اجلها ،مهلة كي يتسنى له
ايجاد مصادر لتجاوز معيقاته والبحث عن مصادر لتجاوز معيقاته ،والبحث عن مصادر
جديدة للتمويل وأداء ماترتب في ذمته من ديون ،مع حيلولة دون أن يؤدي التوقف
المؤقت اللى تراكم الفوائد وذلك مانصت عليه المادة 159من قانون حماية المستهلك.
ويطرح االشكال ،على الرغم من تحديده في الفقرة االولى للجهة التي تثبث في طلب
منح االمهال التي حددها في رئيس المحكمة.
وتتمثل شروط اجراء هذه المسطرة ،ام في التوقف عن األداء الناتج عن الفعل عن
العمل أو التوقف عن األداء سبب حالة اجتماعية غير متوقعة.
تتحدد في سنتين وفقا لما نصت عليه المادة 149ق ح م. 16
كما أن مدة االمهال
-2قاعدة تأويل العقد لفائدة المستهلك
ان بعض العقود التي يوقع عليها المستهلك قد يشوبها الغموض أو يتطرق اليها الشك
حول المقصود منها ،فيتمسك كل طرف بالتفسير الذي يخدم مصالحه ،وهذا الغموض قد
يكون بالجهل بتقنية تحرير العقود أو عدم االلمام بضوابط تحرير الوثائق ،وقد يكون
السبب غير ذلك ،وبتعبير أخر أ] يكون اللبس واللتباس مقصود للتدليس على المستهلك
أو التغرير به وعند نشوب النزاع بين الطرفين وعدم تحقيق الوسائل الرضائية لحل
متوافق عليه ،يتم اللجوء الى المحاكم التي تحاول جهدها في استخالص النية التي
انصرفت اليها ،ارادة المتعاقدين من خالل االستعانة بظروف التعاقد ومالبساته ،
15المرجع أعاله
16عبد الحفيظ مشماشي ،دور القضاء في حماية المستهلك ،ع ،24مجلة القانون واالعمال ،2018ص 116-132
13
وايضا السترشاد لما حصل أثناء المفاوضات التي جرت بين الطرفين ،والى المستندات
االعالنية ومراسلة االطراف ،فان اعياها ذلك ولم تصل الى استقصاء ارادة الطرفين
فانها تلجأ الى اعمال المعنى اال كثر فائدة للملتزم طبقا للفصل 427ق ل ع وهو المبدأ
ذاته الذي اعاد مشرع ق 31.08صياغته في المادة التاسعة منه على أنه "وفي حالة
الشك حول مدلول احد الشروط يرجح تاويل االكثر فائدة بالنسبة للمستهلك".
14
ثانيا :التسوية الودية لمنازعات عقود اإلستهالك
إذا كان القضاء هو الجهة التي تفصل في الخصومات والنزاعات ،و أن هذا الفصل ظل
محتكرا من طرف جهاز رسمي للدولة و هو جهاز القضاء ،فإن أساليب التسوية القضائية و
اإلعتماد على التنظيم القضائي لحل النزاعات لم يعد كافيا لمواجهة و مواكبة العديد من
المستجدات و التحوالت التي طرأت على المجتمعات .لذلك فاإلتجاه الحديث يسير نحو
تخليص المحاكم من النزاعات الصغرى لكونها أجهزة ضخمة و بطيئة و مكلفة للنظر في
النزاعات البسيطة –نزاعات عقود االستهالك ،-مقابل تعزيز آليات التسوية الودية لنزاعات
االستهالك وفق ضوابط قانونية ملزمة تعمل على حماية مصالح المستهلكين كطرف
ضعيف في العالقة التعاقدية.17
و بالنظر لألهمية القصوى التي تلعبها الطرق الموازية للقضاء في فض منازعات عقود
االستهالك ،صدر القانون رقم 1808.05القاضي بنسخ و تعويض الباب الثامن بالقسم
الخامس من قانون المسطرة المدنية ،لذلك يمكن الحديث عن دور التحكيم في تسوية
منازعات عقود االستهالك ( ب) ،بعد إبراز دور الوساطة االتفاقية في تسوية منازعات
عقود االستهالك (أ).
أ -دور الوساطة في تسوية منازعات عقود اإلستهالك
تعتبر الوساطة من أهم طرق تسوية النزاعات خاصة النزاعات المتعلقة بعقود
االستهالك ،في الوقت الذي أصبح فيه اللجوء إلى المحاكم و التحكيم يأخذ و قتا طويال و
يستنزف جهدا كبيرا ،إذ تتجه معظم الدول إلى تنظيم هذه الوسيلة لما أثبتته من قبول لدى
أطراف النزاع .19لذلك ال يمكن للوساطة كطريق موازي لفض نزاعات عقود االستهالك
أن تنجح إال إذا استنفدت الشروط القانونية سواء الشروط الموضوعية أو الشكلية (،)1
عالوة على أن سلوك هذه المسطرة في نزاعات االستهالك يرتب حقوق لفائدة المستهلك ،و
هو ما يفتح المجال لتقييم دور الوساطة في حماية حقوق المستهلك(.)2
-1النظام القانوني للوساطة اإلتفاقية في عقود اإلستهالك
يقصد بالوساطة تدخل طرف ثالث محايد بين طرفي النزاع ،من أجل الوصول إلى
صيغة نهائية لتسوية النزاع .و الوساطة على نوعين إما وساطة بسيطة يلعب فيها الوسيط
دور الموصل فقط لعرض األطراف ،و إما وساطة فعالة و إيجابية ال يكتفي فيها الوسيط
15
بتوصيل اقتراحات األطر اف ،و إنما يكون له صالحية إنشاء و اقتراح صيغة للتسوية و
يسعى للحصول على موافقة األطراف عليها .20و يقصد باتفاق الوساطة حسب مقتضيات
الفصل 56-327من ق م م هو العقد الذي يتفق األطراف بموجبه على تعيين وسيط
بتسهيل إبرام صلح إلنهاء نزاع نشأ أو قد ينشأ فيما بعد .و هذا االتفاق إما يكون على شكل
عقد الوساطة أو على شكل شرط االتفاق ،لذلك ال يمكن للوساطة أن تقوم صحيحة كطريق
لتسوية نزاعات عقود اإلستهالك إال بتوفر شروط معينة ،إذ يجب توفر شروط موضوعية
( ،)1ثم شروط شكلية (.)2
-1-1الشروط الموضوعية إلتفاق الوساطة في عقود االستهالك
سواء أبرم الطرفين اتفاق الوساطة في شكل عقد الوساطة أو في شكل شرط الوساطة ،فإنه
يشترط توفر مجموعة من الشروط العامة و المتمثلة في وجوب كتابة االتفاق متضمن
لبيانات تختلف حسب العقد أو شرط الوساطة ،و أن يحترم الوسيط آجال الوساطة ،ثم عدم
وقوع االتفاق في المجاالت المستثناة من الوساطة.
• الكتابة:
بالرجوع إلى الفصل 58-327من ق م م ،نجد أن المشرع أوجب أن يبرم اتفاق
الوساطة كتابة إما في عقد رسمي أو عرفي و إما بمحضر يحرر أمام المحكمة إذا كان
النزاع جاريا أمامها .فقط أن المشرع وضح النطاق الذي من خالله يمكن إبرام اتفاق
الوساطة خالله ،فإما في اإلتفاق األصلي أي قبل وقوع النزاع و سمى حينئذ شرط
الوساطة ،أو بعد نشوء النزاع و يسمى حينئذ عقد الوساطة.
و قد تساهل المشرع المغربي في هذا الشأن مع األطراف و ذاك بتوسيع دائرة الكتابة
التي تعتبر صحيحة إلبرام اتفاق الوساطة ،21حيث اعتبر توفر شرط الكتابة إذا ورد في
وثيقة موقعة من األطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة
أخرى من وسائل اإلتصال و التي تعد بمثابة االتفاق تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات
الطلب أو الدفاع التي يدع فيها أحد الطرفين بوجود اتفاق الوساطة دون أن ينازعه الطرف
اآلخر في ذلك.22
األكثر من هذا ،اعتبر المشرع المغربي في الفقرة الثالثة من الفصل 58-327من ق م
م أن اإلحالة في عقد ما إلى وثيقة تتضمن شرط وساطة بمثابة اتفاق وساطة على أن يكون
العقد المذكور قد أبرم كتابة و أن يكون من شأن اإلحالة أن تجعل من الشرط جزءا ال
التباس فيه من العقد.
-20محمد األيوبي ،التسوية اإللكترونية لمنازعات التجارة اإللكترزنية ،مقال منشور بمجلة المناظرة ،العدد، 18ب م 18 ،
يونيو ، 2016ص.162:
-21محمد أطريف ،الوساطة اإلتفاقية على ضوء القانون رقم ، 08.05م س ،ص.29 :
-22الفقرة الثانية من الفصل 58-327من ق م م.
16
غير أنه يصعب عمليا تصور اتفاق وساطة غير مكتوب ،خاصة و أن قوانين و أنظمة
الوساطة الداخلية و الدولية تلزم بتقديم محضر الصلح إلى القضاء مرفقا بنسخة من اتفاق
الوساطة –سواء شرط أو عقد -و ذلك بغية تذييله بالصيغة التنفيدية و أن غياب أو بطالن
شرط أو عقد وساطة يكون مبررا لعدم قبول طلب التذييل .و هذا التوجه تبنته المحكمة
التجارية بالرباط حين رفضت بتاريخ 2008/03/18قبول طلب التذييل بالصيغة التنفيذية
لمحضر الصلح المنجز بين الطرفين في إطار قانون 08.05المتعلق بالوياطة االتفاقية
طبقا للفصل 69.327من ق م م.23
• تحديد آجال الوساطة :
نص المشرع في الفصل 65-327من ق م م ،على أن لألطراف أن يحددوا
للوسيط 24مدة مهمته دون أن تتجاوز أجل ثالثة أشهر من التاريخ الذي قبل فيه الوسيط
مهمته ،كما أنه لألطراف تمديد األجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة
إلبرام اتفاق الوساطة.
على أن المالحظ من خالل هذا الفصل أن المشرع لم يحدد مدة تمديد الوساطة
المذكورة على خالف المشرع الفرنسي الذي سمح بإمكانية تجديد مهمة الوسيط مرة
واحدة لنفس الفترة المتمثلة في ثالثة أشهر.25
• بيانات عقد الوساطة:
باعتبار عقد الوساطة اتفاق يبرم بعد نشوء النزاع بين طرفين ،فإنه بموجب
الفصل 327.60يجب أن يتضمن عقد الوساطة تحت طائلة البطالن موضوع النزاع،
و تثيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه.
باإلضافة إلى هذه البيانات يمكن تضمين أجل الوساطة ،أو أتعاب الوسيط و غيرها
من البيانات االختيارية.
-23قضت المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 2008/03/18في الملف عدد 2008/1/1146بأنه ":حيث لئن أجاز
المشرع في الفصل 327-55لألطراف االتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح ينهي النزاع ،فإن الفقرة
الثانية من نفس الفصل اشترطت تحرير شرط الوساطة كتابة في االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل إليه و أن يتضمن إما
تعيين الوسيط أو الوسطاء و إما التنصيص على طريقة تعيينهم.
و حيث أن الطالب لم يدل بعقد الوساطة ،و ال يفيد اتفاق األطراف على عرض النزاع على وسيط معين أو اتفاقهم على
تعيين السيد( )...وسيطا إذ أن عقد الوساطة الذي يتم بمقتضاه تعيين الوسيط هي الوثيقة التي يستمد منها هذا األخير
صالحيته المتمثلة في تسهيل إبرام صلح إلنهاء النزاع مما يبقى معه الطلب مخالفا لمقتضيات الفصل 62.327من ق م م
و يتعين التصريح برفضه".
محمد أطريف ،الوساطة اإلتفاقية على ضوء القانون رقم ، 08.05م س ،ص.30 :
-24بمقتضى الفصل 327.67من ق م م ،يعهد بالوساطة إلى شخص طبيعي أو معنوي.
25- L ‘artivle 131-3 : ’’ La durée initiale de la médiation ne peut excéder trois mois. Cette
mission peut être renouvelée une fois, pour une même durée à la demande du médiateur’’.
17
• بيانات شرط الوساطة:
عرف المشرع شرط الوساطة بكونه اتفاق يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على
الوساطة النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور ،26لذلك فالمشرع أوجب في الفصل
327.62من ق.م.م أن يحرر شرط الوساطة كتابة في االتفاق األصلي أو في وثيقة
تحيل إليه ،عالوة على أن يتضمن شرط الوساطة إما تعيين الوسيط أو الوسطاء وإما
التنصيص على طريقة تعيينهم ،و ذلك كل تحت طائلة البطالن.
• المجاالت المستثناة من الوساطة:
نصت الفقرة الثانية من الفصل 327.56من ق م م على أنه ":ال يجوز أن يشمل
اتفاق الوساطة مع التقيد بمقتضيات الفصل 62من ق.ل.ع المسائل المستثناة من نطاق
تطبيق الصلح ،و ال يجوز إبرامه إال مع مراعاة التحفظات أو الشروط أو الحدود
المقررة لصحة الصلح بموجب الفصوص 1099إلى 1104من نفص الظهير".
لذلك ،يتبين من خالل هذا الفصل أن إبرام اتفاق الوساطة يستوجب عدم مخالفة
الفصل 62من ق ل ع 27أي أن اتفاق الوساطة يجب أن يكون مبنيا على سبب مشروع
غير مخالف للنظام العام و االخالق الحميدة أو للقانون .و كذلك بالرجوع للفصل
1100من ق ل ع يجب أن ال يشمل االتفاق المسائل المستثناة من الصلح و المتعلقة
بالحياة الشخصية أو بالنظام العام أو بالحقوق الشخصية الخارجة عن دائرة التعامل.
-2-1الشروط الشكلية إلتفاق الوساطة في عقود االستهالك
نظم المشرع المغربي في الفصل 327.68من القانون رقم 08.05اإلجراءات
المحددة لمسطرة الوساطة ،و التي يمكن القول أنها تنقسم إلى مرحلتين ،مرحلة إعداد
الوساطة و تشمل افتتاح هذه المسطرة و دراسة النزاع ،ثم مرحلة االتفاق و تسوية النزاع
بعد التفاوض.28
عمال بمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 327.67من القانون رقم ،08.05يتعين على
الوسيط بمجرد قبول مهمته أن يخبر األطراف بذلك إما عن طريق رسالة مضمونة مع
إشعار بالتوصل أو بواسطة مفوض قضائي ،يطلعهم فيها عن تاريخ بدأ عملية الوساطة.29
و الغاية من هذه الرسالة باإلضافة إلى اإلخبار ببدأ عملية الوساطة ،هي شرح مسار
الوساطة و توضيح التزامات الوسيط و األطراف و تحديد األهداف و بيان القواعد التي
18
تح كم سير جلسات الوساطة ،إذ يجب على الوسيط مراعاة مركز المستهلك كطرف ضعيف
في العقود االستهالكية و ذلك بإخباره بجميع الحقوق و المزايا التي يمكنه الحصول عليها .
بعد ذلك يتم افتتاح الوساطة و الشروع فيها باستقبال األطراف و عقد جلسات لتبادل
النقاش سواء بحضور فردي لألطراف أو جماعي ،و تقديم وجهة نظر مل منهما ،مع
إمكانية حضور محاميهم .بحيث يسعى الوسيط بعد االستماع إلى األطراف إلى تحديد
مواضيع االتفاق و االختالف بين طرفي النزاع.
ثم تأتي مرحلة دراسة النزاع و التفاوض ،بحيث يقوم الوسيط بإعداد األرضية المناسبة
للتفا وض من أجل الوصول إلى الحل المناسب للنزاع ،طبعا بعد أن يحدد طلباته و مواقفه و
فهم جيد لمصالح المستهلك.
و في المرحلة النهائية ،تعقد جلسة يستعرض فيها الوسيط نتائج مهمته ،فإذا ما انتهت
هذه المهمة باتفاق الطرفين على حل حبي ،فإن هذه الجلسة تخصص للتوقيع على وثيقة
صلح كتابية ،تتضمن أسماء األطراف ،و وقائع النزاع و كيفية حله ،و ما اتفق عليه
األطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم و يتفق مع القانون المنظم للوسطة.
أما عندما تكون النتيجة سلبية ز يتعذر الوصول إلى حل حبي للنزاع فالوسيط يقوم بتسليم
وثيقة ع دم الصلح التي تحمل توقيعه لألطراف ،مع تأكيده على سرية كل ما راج في كافة
مراحل الوساطة ،و عدم إمكانية التمسك به أمام المحكمة في حالة لجوء األطراف إلى
القضاء.30
و بموجب الفصل 327.69من ق م م ،يكتسي الصلح بين األطراف قوة الشيئ
المقضي به ،و يمكن أن يذيل بالصيغة التنفيذية .و لهذه الغاية ،فإن رئيس المحكمة المختصة
محليا للبت في موضوع النزاع هو المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية .و بذلك يبقى الصلح
المتفق عليه مجرد مشروع اتفاق ،و هو ما أقرته محكمة النقض -المجلس األعلى سابقا-
بتاريخ ،2009/01/21إذ اعتبرت أن" الصلح المجرى أمام الخبير القضائي المبرم بين
أطراف النزاع شخصيا أو بواسطة وكالئهم في حدود ما تسمح به وكالتهم ،ال ينتج أثره
القانوني إال إذا صادقت عليه المحكمة بعد أن يعرب هؤالء األطراف عن موافقتهم
الصريحة أو الضمنية له أمامها".31
-30محمد سالم ،الطرق البديلة لحل النزاعات ،التجربة األمريكية نمودجا ،مقال منشور بمجلة الطرق البديلة لتسوية
المنازعات ،العدد ،2مطبعة الفضالة المحمدية ،الرباط ،2004 ،ص.83 :
-31قرار محكمة النقض عدد 31صادر بتاريخ 2009/01/21ملف عدد .2000/1/2/17أورده المهدي العزوزي،
تسوية نزاعات االستهالك ،م س ،ص.85 :
19
و من بين اإلشكاالت التي تطرح بخصوص مسطرة الوساطة ،هي اللجوء إلى القضاء
رغم اتفاق الوساطة ،فقد نص القانون 32على حلول قانونية واضحة في هذا السياق،بحيث
يجب التمييز بين حالتين:
-1حالة اللجوء إلى القضاء قبل عرض النزاع على الوساطة :إذا كان النزاع لم
يعرض بعد على الوسيط .و رغم ذلك تم رفع القضية إلى القضاء ،فإنه يجب على
المحكمة أن تصرح بعدم قبول الدعوى.
هذه اإلمكانية تكون في الحالة التي لم يثبت للمحكمة كون اتفاق الوساطة باطال ،فإنها
تستمر في نظر الدعوى النعدام موجب عدم القبول.
و في هذه الحالة الثانية ،يتعين كذلك أن يثير الطرف المعني الدفع بعدم القبول ،و ال
يجوز للمحكمة أن تصرح بعدم القبول تلقائيا.
-2اللجوء إلى القضاء أثناء سريان مسطرة الوساطة :يجب على المحكمة المحال عليها
نزاع في مسألة أبرم األطراف في شأنها اتفاق وساطة ،أن تصرح بعدم قبول
الدعوى إلى حين استنفاد مسطرة الوساطة ،أو بطالن اتفاق الوساطة.
و يتعين أن يثير الطرف المعني الدفع بعدم القبول ،و ال يجوز للمحكمة أن تصرح
33
بعدم القبول تلقائيا.
-2أثار الوساطة اإلتفاقية في مجال تسوية عقود اإلستهالك
بقدر ما تحمل مسطرة الوساطة اإلتفاقية من آثار إيجابية على الطرفين
المتنازعين ،فإنها تحمل أيضا آثارا تهدد حماية حقوق المستهلك خصوصا أمام غياب إطار
قانوني محكم لها يراعي خصوصيات نزاعات االستهالك ،لذلك سيتم الحديث أوال على
حقوق المستهلك في مسطرة الوساطة( ،)1-2ثم ثانيا محدودية الوساطة في حماية المستهلك
(.)2-2
-1-2حقوق المستهلك في مسطرة الوساطة
بالرجوع إلى القانون رقم 31.08القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك ،نجد أن
المشرع لم ينص فيه على الوساطة كطريق موازي لتسوية منازعات عقود االستهالك
باستثناء المادة 111منه ،لكن هذا ال يمنع من القول بأن خصوصيات هذا القانون المكرسة
في عقود االستهالك تطبق كذلك على الوسائل الموازية لفض منازعات عقود االستهالك ،
خاصة الحق في اختيار هذه الوسائل الموازية ،و الحق في التفكير و الحق في النصح
غيرها من الحقوق.
20
-1-2-1حق المستهلك في االختيار
يعتبر حق المستهلك في التقاضي أهم توجهات قانون ، 31.08الذي أحاط المستهلك
بحما ية إجرائية ،ال سيما على مستوى حق التمثيلية و االختصاص القضائي و ذلك في عدة
محطات كحد أدنى لتقريب المستهلك للعدالة ،34غير أن التوجه الحديث في مجال نزاعات
االستهالك يسير إلى فض هذه النزاعات عن طريق الوسائل الموازية لتسوية النزاعات و
خاصة الوساطة االتفاقية.
و بالرجوع إلى القانون رقم 31.08المومأ إليه أعاله ،ال نجده يقرر الوساطة االتفاقية
اللهم تنصيصه على إلزامية الوساطة في إطار المادة 111منه ،غير أن هذا ال يعني منعه
الوساطة االتفاقية لحل النزاع مادام لم يمنعها بنص صريح .35لذلك يمكن ألطراف عقد
اإلستهالك حق اختيار الوسيلة المالئمة في نظرهم لحل النزاع بطريقة طوعية و غير
ملزمة لحل النزاعات الخاصة باإلستهالك.36
و يتمتع المستهلك بحق اختيار هذه الوسيلة المتعلقة بالوساطة من أجل تسوية النزاع
القائم بينه و بين المهني ،كما يمكنه اختيار الوسيط المالئم انطالقا من نص الفصل
327.55من ق م م الذي يكرس قاعدة توافق األطراف على تعيين الوسيط ،ليكرس مبدأ
الشفافية في اإلختيار بعيدا عن انفراد أحد األطراف باختيار الجهة التي تقوم بدور الوساطة.
غير أنه يمكن تكييف شرط أو عقد الوساطة بأنه شرط تعسفي إذا لم يحترم حق
المستهلك في اإلختيار ،بدليل أن المادة 18من القانون رقم 31.08تنص في البند 17
على أنه ":مع مراعاة تطبيق النصوص التشريعية الخاصة أو تقدير المحاكم أو هما معا ،و
على سبيل الحصر ،تعتبر شروط تعسفية إذا كانت تتوفر فيها شروط المادة ،15و يكون
الغرض منها أو يترتب عليها ما يلي....:
-17إلغاء أو عرقلة حق المستهلك في إقامة دعاوى قضائية أو اللجوء إلى طرق الطعن ،و
ذلك بالحد بوجه غير قانوني من وسائل اإلثبات المتوفرة لديه أو إلزامه بعبء اإلثبات الذي
يقع عادة على طرف آخر في العقد ،طبقا للقانون المعمول به".
-34هشام بلخنفر ،الوساطة االتفاقية لحل نزاعات االستهالك ،أية حماية للمستهلك؟ ،المجلة المغربية للدراسات و
االستشارات القانونية ،ب ط ،ب م ،ب س ،ص.57:
-35هشام بلخنفر ،الوسائل البديلة لحل نزاعات االستهالك الوساطة نمودجا ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص
تخصص المقاولة و القانون ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات ،
،2013/2012ص.71 :
-36بنسالم اوديجا ،إدماج الوساطة في النظامين القانوني و القضائي بالمغرب ،السياق العام ،اإلشكاليات المطروحة،أي
دور للمحاميفي التجربة ،ندوة االحتفال بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس األعلى،مطبعة األمنية ،الرباط ،2017 ،ص:
.375
21
لذلك فال وساطة اإلتفاقية تمنح فرصا أكبر في اختيار جهة فض النزاع ،عكس ما هو
عليه األمر بالنسبة للقضاء الرسمي حيث ال سلطة لألطراف في تعيين القاضي.37
-2-2-1حق المستهلك في النصح
تمكن مسطرة الوساطة المستهلك من المشاركة في وضع القرار و التوصل إلى حل ،و
ذلك عن طريق الحوار و التفاوض المباشر أو غير المباشر مع المهني ،بإشراف الوسيط
الذي يكون ملزما بتقديم النصح ،38هذا اإللتزام األخير يعتبر مهما إلى درجة قصوى بالنسبة
للمستهلك الذي يعد طرفا ضعيفا في العالقة التعاقدية ،حيث إنه فضال عن إلتزام الوسيط
بإعالم األطراف المتنازعة بقبول المهمة المسندة إليه بموجب الفصل 327.76من ق م م،
يجب عليه كذلك تقديم النصح الكافي للطرفين ،و خاصة الطرف المستهلك في العقد ،و
بالتالي يعد هذا اإللتزام من أهم مميزات الوسيط مقارنة مع المحكم أو القاضي ،إذ هؤالء
ينظرون في النزاع دون الحاجة إلى تقديم أي نصح أو إرشاد.39
و بالرجوع لقانون المسطرة المدنية المنظم للوساطة االتفاقية ال نجده ينص على هذا
اإللتزام ،بل حتى قانون 31.08القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك ال ينص على هذا
اإللتزام ،و نظرا ألهميتة هذا اإللتزام ،يمكن اعتبار الفصل 83من ق ل ع 40أساس هذا
اإللتزام ،إذ أنه من واجب الوسيط أن يقدم النصيحة بحكم وظيفته.
-3-2-1حق المستهلك في التفكير
من خالل مكنة النصح و الحوار التي يستفيد منها المستهلك في هذه الوسيلة الموازية
لتسوية نزاع االستهالك ،يعرف المستهلك مركزه القانوني و مصلحته و اآلثار التي يمكن
أن تترتب عن الصلح .لذلك فالمستهلك يملك حق التفكير في مواصلة المسطرة أو االنتقال
إلى التحكيم أو القضاء.
على غرار حق المستهلك في النصح ،لم يتطرق المشرع سواء في قانون الوساطة
االتفاقية أو القانون رقم 31.08القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك لمبدأ حق األطراف
37-Mohammed Ouzeroual, Comment choisir un médiateur ? Les critères cleés a prendre en
compte dans le choix d’un médiateur, Revue marocaine de médiation et d’arbitrage, N²4,
2eme Ed ; 2009, p :118.
-38رشيد الوردي ،الوساطة اإلتفاقية من خالل القانون رقم ،08.05رسالة لنيل شهادة الماستر تخصص القانون المدني،
جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بفاس ،2008-2007 ،ص.32 :
-39رشيد الوردي ،الوساطة اإلتفاقية من خالل القانون رقم ،08.05م س ،ص.33 :
-40ينص الفصل 83من ق ل ع على أن ":مجرد النصيحة أو التوصية ال تترتب عليها مسؤولية صاحبها ،إال في
الحاالت اآلتية:
-1إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف اآلخر.
-2إذا كان بسبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته ،قد ارتكب خطأ جسيما ،أي خذأ ما كان ينبغي أن يرتكبه شخص في
مركزه ،و نتج عن هذا الخطأ ضرر للطرف اآلخر.
-3إذا ضمن نتيجة المعاملة.".
22
في ا لتفكير قبل قبول الحل ،غير أنه تظهر أهمية إقرار هذا المبدأ باالستناد إلى منع الرجوع
في عقد الصلح بموجب الفصل 1106من ق.ل.ع.41
أمام هذا الفراغ القانوني لتنظيم حقوق المستهلك في إطار وسيلة الوساطة االتفاقية ،كان
حريا بالمشرع المغربي أن يفرض إلتزام النصح لمصلحة المستهلك و أن يخول هذا األخير
حق االختيار و حق التفكير ،ألنه بوجه عام تتكون العقود االستهالكية من طرف مهني
محترف و قوي اقتصاديا ،و طرف ضعبف هو المستهلك ،و لهذا فالغاية من سلوك
مسطرة الوساطة هي حماية الطرف المستهلك و كذلك قض هذه النزاعات بشكل سريع
تأكيدا لخاصية السرعة التي تطغى في المجال التجاري.
-2-2محدودية الوساطة في حماية المستهلك
بقدر ما تحمل الوساطة من آثار إيجابية على الطرفين ،فإنها قد تحمل أيضا آثارا
تهدد حماية حقوق المستهلك ،خصوصا أمام غياب إطار قانوني محكم لها يراعي
خصوصيات نزاعات االستهالك ،فّإذا كانت إيجابيتها تتمثل في تقديم المهني خاللها
مجموعة من التنازالت خوفا من التشهير السلبي به ّأمام القضاء و الجرائد ،فإن المستهلك
عندما يكون في موقف ضعف قد يقدم تنازالت أو ينشأ التزامات قد تضر بمصالحه ،أمام
محدودية القضاء في الرقابة عليها. 42
ل ذلك تتمظهر هذه محدودية الوساطة بين المهني و المستهلك في حاالت متعددة أهمها
استغالل جهل المستهلك لحقوقه ،ثم ضعف الرقابة القضاائية على هذه المسطرة.
-1-2-2استغالل جهل المستهلك لحقوقه
ال مراء أن المستهلك يعتبر طرف ضعيف في إطار المساطر الودية لتسوية النزاع،
خاصة أنه أمام جهله لحقوقه قد يكون عرضة للتطاول عليه ،و هو المعبر عنه بنظرية
استغالل ضعف و جهل المستهلك لحقوقه في المادة 59من القانون رقم 31.08القاضي
بتحديد تدابير حماية المستهلك.43
لذلك ،و بما أن الوساطة تنتهي بعقد الصلح الذي قد يتضمن إنشاء إلتزامات جديدة أو
تقديم تنازالت ،فإنه في الحالة األولى التي يتضمن فيها عقد الصلح إلتزامات جديدة تلقي
أعباء تقيلة على المستهلك و التي ال شك تتنافى مع األحكام العامة المقررة لحمايته ،ال
يمكن الدفع بالغلط في في عقد الصلح ألنه ممنوع بموجب الفصل 1112من ق ل ع ،و
تبعا لذلك تكون حقوق المستهلك على المحك حيث ال يجوز له الرجوع عن عقد الصلح
-41هشام بلخنفر ،الوساطة االتفاقية لحل نزاعات االستهالك ،أية حماية للمستهلك ،م س ،ص.63 :
- -42هشام بلخنفر ،الوساطة االتفاقية لحل نزاعات االستهالك ،أية حماية للمستهلك ،م س ،ص.65 :
-43تنص المادة 59من القانون رقم 31.08على أنه ":يقع باطال بقوة القانون كل التزام نشأ بفعل استغالل ضعف أو
جهل المستهلك مع حفظ حقه في استرجاع المبالغ المؤداة من طرفه و تعويضه عن األضرار الالحقة".
23
لكونه يخضع لمقتضيات المادة 230من ق ل ع /و هو ما أكدته محكمة النقض في قرار
لها بتاريخ .442002/02/27
و حتى طرق الطعن في الصلح المنصوص عليها في الفصل 1111من ق.ل.ع تبقى
قاصرة وعاجزة على حماية المستهلك خاصة لصعوبة إثباتها ،لذلك يمكن التأكيد على
محدودية أحكام الوساطة المنصوص عليها في ق م م في حماية المستهلك في منازعات
عقود االستهالك .
-2-2-2ضعف الرقابة القضائية
إن مراقبة القضاء للوساطة تبدأ أوال من تقرير اللجوء إلى هذه األخيرة إراديا من قبل
طرفي النزاع وفق أحكام المادتين 53و 54من القانون رقم ،08.05إذ أنه ال يمكن
اعتماد هذه المسطرة إال إذا ورد ذلك كتابة إما بعقد رسمي أو عرفي أو بموجب محضر
يحرر أمام المحكمة إذا ما كانت المسطرة القضائية جارية و في هذه الحالة يرفع إلى علم
المحكمة في أقرب اآلجال و يترتب عليه وقف المسطرة.
ثم تشمل المراقبة القضائية مدى احترام مقتضيات الفصل 62من ق.ل.ع .المتعلق
بالسبب الذي ينص على أن اإللتزام الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد
كأن لم يكن و يعد السبب غير مشروع إذا كان مخالفا للنظام أو القانون أو األخالق الحميدة.
و في األخير تنظر المحكمة في طلب تذييل الصلح الناتج عن الوساطة بالصيغة
التنفيذية ،بحيث تكون لها السلطة الكاملة في مراقبة مدى احترام االتفاق شكال و موضوعا
للقوانين النافذة بالمغرب خاصة ما يتعلق منها بالنظام العام الدولي و الوطني حسب طبيعة
العقد أة االتفاق المبرم.45
بالرغم من وجود مظاهر المراقبة القضائية هذه ،إال أنه مع ذلك تبقى هذه المراقبة
محدودة ال تكرس أدنى حماية قانونية للمستهلك ،األكثر من ذلك و في ظل التطورات
التقنية المستحدثة يتوجب تمكين الجهاز القضائي من آليات الرصد و المراقبة لإلتفاقات و
التسويات التي تتم في إطار المجال االفتراضي.
-44قرار محكمة النقض -المجلس األعلى سابقا -عدد 724بتاريخ 2002/02/27ملف مدني عدد ، 99/2/1/114جاء
فيه أن ":عقد الصلح يعتبر التزاما بإرادة الطرفين ،ال يجوز الرجوع فيه و أن المحكمة لما ذهبت عكس هذا االتجاه تكون
قد خرقت مقتضيات الفصل 230من ق.ل.ع".
أورده هشام بلخنفر ،م س ،ص.67 :
-45عبد الحميد كميرو ،الوساطة في حل المنازعات ،دراسة في ضوء القانون رقم رقم ، 08.05رسالة بحث نهاية
تدريب الملحقين القضائيين ،المعهد العالي للقضاء بالرباط ،2009/2007 ،ص.69 :
24
ب -دور التحكيم في تسوية منازعات عقود اإلستهالك
يعتبر التحكيم نظام موازي لتسوية النزاعات ،و الهدف منه عدم عرض النزاع على
القضاة الذين تعينهم الدولة للنظر فيه ،و إنما يتم عرضه بشكل إرادي من قبل األطراف
على محكم أو عدة محكمين يباشرون نفس األدوار التي يقوم بها القاضي ،و لكن بصورة
خاصة .46غير أنه في الوقت الذي لم ينص المشرع في القانون رقم 31.08المتعلق بتحديد
تدابير حماية المستهلك على إمكانية اللجوء إلى التحكيم في نزاعات االستهالك ،يرى
البعض عدم قابلية عقود االستهالك للتسوية عن طريق التحكيم ،باالستناد على الفصل 308
و 309من ق.م.م ،ورغم أن هذا التوجه له ما يبرره ،47فإننا نرى بجواز اللجوء إلى
التحكيم كطريق موازي لتسوية نزاعات عقود االستهالك ،استنادا إلى المادة 308من ق م
م ،و التي تجيز لجميع األشخاص ذوي االهلية الكاملة أن يبرمو اتفاق التحكيم في الحقوق
التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود و اإلجراءات المنصوص عليها قانونا .لذلك
يمكن الحديث عن قواعد مسطرة التحكيم في نزاعات عقود االستهالك ( ،)1ثم ثانيا أثار
سلوك هذه المسطرة).(2
-1قواعد مسطرة التحكيم
يراد بالتحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من األطراف مهمة الفصل
في النزاع بناء على اتفاق تحكيم حسب الفصل 306من ق م م ،أما اتفاق التحكيم هو التزام
األطر اف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة قانونية معينة،
تعاقدية أو غير تعاقدية ،و الذي يكتسي شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم .48و اشترط
المشرع قواعد للجوء إلى التحكيم( )1-1بحيث يجب أن تتوفر شروط معينة في األطراف،
-46و يتمتع المحكم باختصاص الفصل في النزاع و إعطاء كل ذي حق حقه ،دون أن تكون له سلطة إلجبار أحد األطراف
على تنفيذ قرار التحكيم ،الذي يحمل صفة الحكم ألنه يصدر بناء على مقتضيات النصوص القانونية الجاري به العمل ،و
بالتالي يصير قابال للتنفيذ ،بعد استصدار أمر من المحكمة المختصة.
انظر المهدي العزوزي ،تسوية نزاعات االستهالك ،م س ،ص78 :
-47سلمى مبتكر ،الوساطة و التحكيم في المنازعات االستهالكية ،أية حماية ،مقال منشور بجلة القانون و األعمال الدولية،
منشور بالموقع التالي ،www.droitetentreprise.com:اطلع عليه بتاريخ 2021/06/05على الساعة العاشرة
صباحا.
باإلطالع على الفصل 308و 309من ق م م ،يتبين أن نطاق التحكيم هو الحقوق المالية و عقود التجارة التي تدخل في
اختصاص المحاكم التجارية ،و أنه ال يجوز أن يبرم اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة األشخاص و
أهلستهم أو الحقوق الشخصية .
و ال يخفى أن عقود االستهالك تعد من العقود المختلطة ،فهي تجارية إذا نظرنا إليها من جانب المهني و مدنية إذا نظرنا
إليها من جانب المستهلك ،و بالتالي تخرج عن نطاق التحكيم و تدخل في اختصاص قضاء الدولة ،لكن األمر يختلف
بالنسبة لعقد التحكيم الذي يقع صحيحا ألنه يأتي في مرحلة الحقة لنشوء النزاع ،و يوفر حماية للمستهلك و يكرسه حقه في
االختيار ،خالفا لشرط التحكيم الذي يرد في العقد بشكل مسبق أثناء التعاقد و ال يتوقف على إرادة المستهلك ،و يعتبر بذلك
شرطا تعسفيا باطال.
25
و شروط معينة في االتفاق التحكيمي ،فضال عن طريقة تشكيل الهيئة التحكيمية و إصدار
الحكم التحكيمي (.)2-1
-1-1قواعد اللجوء إلى التحكيم
عند اللجوء إلى التحكيم يشترط توفر مجموعة من القواعد ،منها ما يتعلق باألشخاص(-1
)1-1و منها ما يتعلق باالتفاق التحكيمي(.)2-1-1
-1-1-1القواعد المتطلبة في األشخاص
ينص الفصل 308من ق م م على أنه" :يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية
الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون
حرية التصرف ،"...لذلك يجب أن يتوفر عنصر الرضا لدى الطرفين و خاصة لدى
المستهلك ،وذلك العتبار التحكيم يتم اللجوء إليه قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة
تعاقدية معينة كما هو الحال بالنسبة لعقود االستهالك.
كما أن المالحظ من مقتضيات النص أعاله ،أن المشرع استلزم توفر الشخص الذي
يرغب في اللجوء إلى التحكيم على األهلية،بمعنى يجب أن يتفر المستهلك على األهلية
الالزمة ،غير ّأنه لم يحدد نوع هذه األهلية التي يتعين توافرها ،هل هي للتصرف أم
لإلدارة فقط ،لكن ما دام التحكيم تصرفا قد ينقل الحقوق ،و يؤثر سلبا على الذمة المالية
للمحتكم ،فإن أهلية التصرف هي المتطلبة.49
و باإلضافة إلى األهلية ،فإنه ينبغي التوفر على ملكية التصرف في الحق موضوع
التحكيم اطالقا من مقتضيات الفصل 308أعاله ،فصاحب حق التصرف –المستهلك -هو
الذي يمكن له االتفاق في عقد التحكيم.
-2-1-1القواعد المتطلبة في االتفاق التحكيمي
يتطلب في االتفاق التحكيمي وجود شرط الكتابة ،باإلضافة إلى اختيار المحكم.
-شرط الكتابة :بالرجوع إلى الفصل 313من ق م م ،نجد أن المشرع أوجب تحرير
اتفاق التحكيم كتابة سواء بعقد رسمي أو عرفي أو عن طريق محضر ينجز أمام
الهيئة التحكيمية ،كما يعتبر التحكيم مكتوبا إذا ورد في وثيقة موقعة من األطراف أو
في رسائل متبادلة من وسائل االتصال.
وقد تضمن القانون رقم 08.05صورة جديدة التفاق التحكيم حيث نصت الفقرة
األخيرة من الفصل 313على شرط التحكيم باإلحالة ،و هو كل إحالة في عقد
-49عبد الكريم الطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،ط ،1مطبعة النداح الجديدة ،الدار البيضاء،2015 ،
ص.300:
26
مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية ،أو إلى أي وثيقة أخرى تتضمن
شرطا تحكيميا إذا كانت اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزء من العقد.50
-اختيار المحكم :بداية المحكم قد يكون شخصا ذاتيا أو معنويا ،و في حالة تعيين
الشخص المعنوي فإن هذا الشخص ال يتمتع بصالحية تنظيم التحكيم و ضمان سيره
على النحو الذي أشارت إليه الفقرة األخيرة من الفصل 320من ق م م ،و هناك
عدة شروط ينبغي أن توافرها في المحكم عندما يكون شخصا ذاتيا:
-1أن يكون كامل األهلية ،فال يصح أن يكون المحكم ناقص األهلية أو عديمها،
حيث إن ناقص األهلية غير أهل إلبرام تصرفاته الشخصية و من باب أولى
التحكيم في تصرفات الغير.
-2أال يكون قد سبق الحكم عليه بحكم نهائي باالدانة في جريمة مخلة بالشرف أو
صفات االستقامة و االداب العامة.
-3أال يكون صدر ضده حكم نهائي بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة.
-4أال يكون صدر ضده حكم نهائي بالحرمان من أي حق من حقوقه المدنية.
-2-1الهيئة التحكيمية و الحكم التحكيمي
فضال عن قواعد اللجوء إلى مسطرة التحكيم ،تجب اإلشارة إلى أن المشرع خصص
الفصول من 327.2إلى 327.38من ق م م إلى كل من الهيئة التحكيمية ،و
الحكم التحكيمي.
-1-2-1الهيئة التحكيمية
تطرق المشرع المغربي لموضوع تشكيل الهيئة التحكيمية من خالل الفصل 327.2
على النحو التالي:
األصل أو الحد األدنى لعدد المحكمين هو محكم واحد. -
إمكانية تعدد المحكمين. -
تعدد المحكمين مشروط بأن يكون العدد وترا ،كأن يكون العدد ثالثة أو خمسة أو -
أكثر ،و ذلك تجت طائلة تابطالن.
تعيين المحكمين يكون باالتفاق ،أو بالخضوع لنظام المؤسسة المشرفة على التكيم إذا -
كان التحكيم مؤسساتيا.
في حالة عدم اتفاق األطراف على عدد المحكمين يكون العدد ثالثة بحكم القانون.51 -
-50أسماء عبيد ،التحكيم في التشريع المغربي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم
القانونية و االجتماعية و االقتصادية سال جامعة محمد الخامس ،2009/2008 ،ص.20 :
-51أشرف فايز اللمساوي ،موسوعة قانون المسطرة المدنية ،الجزء ،3ط ،1الشركة المغربية لتوزيع الكتاب ،الدار
البيضاء ،2015 ،ص.24 :
27
و قد بين المشرع اإلجراءات الواجب اتباعها في حالة عدم تعيين الهيئة التحكيمية
مسبقا من قبل األطراف 52بموجب الفصل 327.6من ق م م ،حيث ربطها بقبول المحكم
أو المحكمين للمهمة المعهود إليهم بها.
كما أوجب المشرع في الفصل 327.9من ذات القانون " على الهيئة التحكيمية ،قبل
النظر في الموضوع ،أن تبت إما تلقائيا أو بطلب من أحد األطراف ،في صحة أو حدود
اختصاصاتها ،أو في صحة اتفاق التحكيم و ذلك بأمر غير قابل للطعن وفق نفس شروط
النظر في الموضوع و في الوقت."...
كما خول القانون رقم 08.05للهيئة التحكيمية القيام بكل إجراءات التحقيق من استماع
للشهود أو تعيين خبراء بناء على الفصل ،327.11فضال على أن القانون المذكور خول
للهيئة التحكيمية صالحية األمر باإلجراءات التحفظية ،و ذلك من خالل الفصل ،327.15
حيث لدعيم فعالية هذا اإلجراء يجوز للطرف الذي صدر األمر لصالحه اإللتجاء إلى رئيس
المحكمة المختصة بقصد استدار أمر بالتنفيذ.
-2-2-1الحكم التحكيمي
بعد استنفاد المراحل السابقة ،يمكن للهيئة التحكيمية أن تصدر حكم تحكيمي بأغلبية
أصوات المحكمين ،و الذي يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط المنصوص عليها في
الفصل 327.23من ق م م حيث يصدر الحكم التحكيمي كتابة ويجب أن يشار فيه إلى
اتفاق التحكيم وأن يتضمن عرضا موجزا للوقائع وادعاءات األطراف ودفوعاتهم على
التوالي والمستندات وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي وكذا منطوقا
لما قضي به ،و يجب أن يكون معلال ما لم يتفق األطراف على غير ذلك .و قد خصص
الفصل 327.2453للبيانات التي يجب أن يتضنها هذا الحكم.
-52ينص الفصل 327.6على أنه ":ال يعتبر تشكيل الهيئة التحكيمية كامال إال إذا قبل المحكم أو المحكمون المعينون
المهمة المعهود إليهم بها.
ويجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبوله عن أي ظروف من شأنها إثارة شكوك حول حياده
واستقالله .
يثبت قبول المهمة كتابة بالتوقيع على اتفاق التحكيم أو بتحرير عقد ينص على الشروع في القيام بالمهمة.
يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها.
وال يجوز له ،تحت طائلة دفع تعويضات أن يتخلى عنها دون سبب مشروع بعد قبولها ،وذلك بعد إرساله إشعارا يذكر
فيه أسباب تخليه".
-53ينص الفصل 327.24على أن" :يجب أن يتضمن الحكم التحكيمي بيان ما يلي:
-أسماء المحكمين الذين أصدروه وجنسياتهم وصفاتهم وعناوينهم؛ 2 -تاريخ صدوره؛
-مكان إصداره؛
-األسماء العائلية والشخصية أللطراف أو عنوانهم التجاري وكذا موطنهم أو مقرهم االجتماعي
-وإن اقتضى الحال ،أسماء المحامين أو أي شخص مثل األطراف أو آزرهم
يتعين أن يتضمن حكم التحكيم تحديد أتعاب المحكمين ونفقات التحكيم وكيفية توزيعها بين األطراف ،وإذا لم يتم االتفاق
بين األطراف والمحكمين على تحديد أتعاب المحكمين فيتم تحديدها بقرار مستقل من هيئة التحكيم ويكون قرارها بهذا
الشأن قاب ل للطعن أمام رئيس المحكمة المختصة الذي يكون قراره في هذا الموضوع نهائيا غير قابل ألي طعن".
28
أما بخصوص حجية الحكم التحكيمي ،فإنه يكتسب بمجرد صدوره حجية الشيئ المقضي
به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه ،إال في حالة وجود شخص معنوي عام فينبغي
ضرورة تخويله الصيغة التنفيذية حتى يكتسب حجيته.
و ال ينفذ الحكم التحكيمي إال بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس
المحكمة الصادر في دائرتها الحكم التحكيمي.54
-2أثار التحكيم في تسوية منازعات عقود اإلستهالك
بعد الحديث عن األحكام والقواعد العامة لمسطرة التحكيم كما هي منظمة في قانون
المسطرة المدنية ،و في ظل غياب تنظيم قانوني لهذه المسطرة خاص بمنازعات عقود
االستهالك ،يمكن الحديث عن محدودية دور التحكيم في تسوية منازعات عقود االستهالك
.بعد إدراك خطورة هذه المسطرة على حقوق المستهلك.
إن شرط التحكيم الذي يمكن أن يدرج في عقد االستهالك إلى جانب الشروط العقدية
األخرى ليس كباقي الشروط ألنه يتعلق بالجهة التي يتم االحتكام إليها لتسوية النزاعات الني
يمكن أن تنشأ بين األطراف ،و بالتالي إذا وضع بدون رضا المستهلك قهو يعتبر شرط
تعسفي محض.
و إن كان المشرع نص في البند 17من المادة 18من قانون حماية المستهلك أنه يعتبر
شرطا تعسفيا " :إلغاء أو عرقلة حق المستهلك في إقامة دعاوى قضائية أو اللجوء إلى
طرق الطعن ،"...فهذا الفصل لم يتحدث عن الوسائل الموازية للقضاء في تسوية منازعات
االستهالك ،بل اقتصر على القضاء الرسمي.
و هناك عدة اعتبارات تعضض محدودية مسطرة التحكيم في فض منازعات عقود
االستهالك :
-إن المحكم ال يضع اقتراحات كما هو الشأن بالنسبة للوسيط في شرط الوساطة ،ألن
قرار التحكيم يعد واجب التنفيذ و ملزن للطرفين ،إذ على المستهلك الخضوع لقرار
التحكيم كيفما كانت نتيجته ،األكثر من ذلك المهني هو الذي ينفرد بصياغة شروط
العقد ،و كذا اختيار المحكم للبت في النزاع.55
-القر ار التحكيمي محصن من الطعن باستثناء الطعن بإعادة النظر (الفصل 327.34
من ق.م.م) و الطعن بتعرض الخارج عن الخصومة ( الفصل 327.35من ق.م.م)
و الطعن بالبطالن ( الفصل 327.36من ق.م.م).
29
-نظام التحكيم ال يستجيب للحاجات الملحة للمستهلكين ،كونه يرهق المستهلك بالتكلفة
ا لعالية إللتماس العدالة ،فهذه التكلفة ال تتناسب البتة مع ثمن الثالجة أو جهاز
التكييف أو السيارة الخاصة العادية ...و بذلك تبقى إمكانية اقتضاء حقه-المستهلك-
مسألة نظرية .و في الوقت الذي يعجز فيه المستهلك على تفعيل نظام التحكيم ،فإن
الطرف المهني سوف يحرص على تضمين هذه العقود لشرط التحكيم ،و مع مرور
الوقت سيتحول إلى شرط نمطي ،مما يجعل المهني في مأمن ضد أية مطالبات
قضائية من المستهلكين.56
و حتى القضاء المغربي يتجه ّإلى حماية الطرف الضعيف في هذه العالقات التعاقدية ،
ففي قرار لمحكمة النقض – المجلس األعلى سابقا -بتاريخ 2005/07/09اعتبر أن "
الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيمي يعد دفعا من نوع خاص ،و اللجوء
للقضاء لمناقشة موضوع الدعوى أمامه ،يعد تنازال ضمنيا عن التوجه للتحكيم لفض
النزاع الناشئ بين الطرفين ،مادام األصل هو التقاضي أمام قضاء الدولة الرسمي ،و
االستثناء هو المثول أمام جهة تحكيمية".57
لذلك ،و رغبة في حماية المستهلك في منازعات عقود االستهالك ،حبذا لو تدخل
المشرع و نظم مسطرة التحكيم في نص خاص مثل القانون رقم 31.08المتعلق بتحديد
تدابير حماية المستهلك مع األخذ بعين االعتبار خصوصيات منازعات االستهالك ،و
إال يجب اعتبار شرط التحكيم شرطا تعسفيا باطل أسوة بالتشريعات المقارنة ،ألن
مجرد قبول المستهلك لشرط التحكيم ال يكفي بحيث غالبا ما يدعن بهذا الشرط عن علم
أو بدونه .و بذلك تبقى وسيلة التحكيم المنصوص عليها في القانون رقم 08.05غير
فعالة في تسوية منازعات عقود االستهالك.
30
خاتمة:
ختاما يمكن القول أن المشرع من خالل تنظيمه لوسائل تسوية منازعات عقود
اإلستهالك حاول أن يخلق نوع من التوازن بين مصلحة المستهلك والمهني أو المورد
،وذلك عبر تحديد مجموعة من اإلجراءات التي يتعين اتباعها من أجل الفصل في
النزاعات التي قد تنشأ بينهم لكن ذلك ليس كافيا لتحقيق األهداف المنشودة
31
الئحة منابع العرض
الكتب
32
➢ عبد الحميد كميرو ،الوساطة في حل المنازعات ،دراسة في ضوء القانون رقم رقم
، 08.05رسالة بحث نهاية تدريب الملحقين القضائيين ،المعهد العالي للقضاء بالرباط،
،2009/2007
oأسماء عبيد ،التحكيم في التشريع المغربي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية و االجتماعية و االقتصادية سال جامعة محمد
الخامس2008/2009 ،
-المقاالت:
مجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد 2009 ،71 ➢
أنس المدن ،التدخل القضائي في المادة االستهالكية ،مقال منشور على الموقع ➢
االلكتروني COM.MAROC2DROIT.WWWتم االطالع عليه بتاريخ 30ماي
2021على الساعة .19:30
هشام بلخنفر ،الوساطة االتفاقية لحل نزاعات االستهالك ،أية حماية ➢
للمستهلك؟ ،المجلة المغربية للدراسات و االستشارات القانونية ،ب ط ،ب م ،ب س،
سلمى مبتكر ،الوساطة و التحكيم في المنازعات االستهالكية ،أية حماية ،مقال ➢
بالموقع منشور الدولية، األعمال و القانون بجلة منشور
التالي ،www.droitetentreprise.com:اطلع عليه بتاريخ 05/06/2021على
الساعة العاشرة صباحا.
محمد األيوبي ،التسوية اإللكترونية لمنازعات التجارة اإللكترزنية ،مقال ➢
منشور بمجلة المناظرة ،العدد، 18ب م 18 ،يونيو ، 2016
محمد سالم ،الطرق البديلة لحل النزاعات ،التجربة األمريكية نمودجا ،مقال ➢
منشور بمجلة الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،العدد ،2مطبعة الفضالة المحمدية،
الرباط،2004 ،
محمد أطريف ،الوساطة اإلتفاقية على ضوء القانون رقم ، 08.05مقال ➢
منشور بسلسلة دراسات و أبحاث ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط،2013 ،
عبد الحفيظ مشماشي ،دور القضاء في حماية المستهلك ،مجلة القانون ➢
واالعمال ع 24،2018
صاحب المقال مجهول ،جمعيات حماية المستهلك ،مقال منشور بالموقع ➢
االلكتروني ،www,lawmorocco,comاطلع عليه بتاريخ 05/06/2021على
الساعة العاشرة صباحا.
33
الفهرس
مقدمة3 ................................................................................................... :
أوال :التسوية القضائية لمنازعات عقود االستهالك 5 ...............................................
أ-التسوية القضائية لنزاعات االستهالك الفردية 5 ................................................
1-المحكمة المختصة بالبت في نزاعات االستهالك 5 .............................................
1-1-االختصاص النوعي 5 ...........................................................................
1-2-االختصاص المحلي 5 ...........................................................................
2-القواعد المسطرية لتسوية نزاعات االستهالك 6 ...............................................
2-1-االثبات في نزاعات االستهالك6 .............................................................. :
-2-2التبليغ في نزاعات عقود االستهالك 8 .......................................................
-3-2التقادم في نزاعات عقود االستهالك 8 .....................................................
ب -دور جمعيات حماية المستهلك 10 ............................................................
1-الدعاوى التي تهدف الى المصلحة الجماعية للمستهلكين 10 .............................
-1-1الدعوى المدنية 10 ..............................................................................
-2.1دعوى الغاء الشروط التعسفية11 ............................................................
2-تدخل الجمعيات لدعم مركز المستهلك أمام القضاء 11 ...................................... :
2-1-الشروط الواجب توافرها في المستهلكين 12 .............................................. :
-2-2الشروط الواجب توفرها في الجمعية 12 ..................................................
ج -بعض اآلليات الحمائية للمستهلك من طرف القضاء13 .................................. .
-1االمهال القضائي كألية لتفعيل الحماية القضائية للمستهلك 13 ............................
-2قاعدة تأويل العقد لفائدة المستهلك 13 ........................................................
ثانيا :التسوية الودية لمنازعات عقود اإلستهالك 15 ...............................................
أ-دور الوساطة في تسوية منازعات عقود اإلستهالك15 ........................................
-1النظام القانوني للوساطة اإلتفاقية في عقود اإلستهالك 15 ...................................
1-1-الشروط الموضوعية إلتفاق الوساطة في عقود االستهالك 16 ........................
34
1-2-الشروط الشكلية إلتفاق الوساطة في عقود االستهالك 18 ..............................
2-أثار الوساطة اإلتفاقية في مجال تسوية عقود اإلستهالك 20 ..............................
2-1-حقوق المستهلك في مسطرة الوساطة 20 ................................................
1-2-1-حق المستهلك في االختيار 21 ..............................................................
1-2-2-حق المستهلك في النصح 22 .............................................................
1-2-3-حق المستهلك في التفكير 22 .............................................................
2-2-محدودية الوساطة في حماية المستهلك 23 ..................................................
-1-2-2استغالل جهل المستهلك لحقوقه 23 ....................................................
-2-2-2ضعف الرقابة القضائية 24 ..............................................................
ب-دور التحكيم في تسوية منازعات عقود اإلستهالك 25 .....................................
1-قواعد مسطرة التحكيم25 .......................................................................
1-1-قواعد اللجوء إلى التحكيم 26 ...............................................................
1-1-1-القواعد المتطلبة في األشخاص 26 .....................................................
1-1-2-القواعد المتطلبة في االتفاق التحكيمي 26 .............................................
1-2-الهيئة التحكيمية و الحكم التحكيمي 27 ....................................................
1-2-1-الهيئة التحكيمية 27 .......................................................................
1-2-2-الحكم التحكيمي 28 ........................................................................
-2أثار التحكيم في تسوية منازعات عقود اإلستهالك 29 ........................................
خاتمة31 .................................................................................................. :
35