You are on page 1of 435

‫جميل حمداوي‬

‫العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‬


‫( التخطيط ‪ -‬التدبير‪ -‬التقويم )‬

‫‪1‬‬
‫املؤلف‪ :‬جميل حمداوي‬

‫الكتاب‪ :‬العملية التعيمية‪ -‬التعلمية‬

‫الطبعة الثالثة ‪2222‬‬

‫منشورات املركز املتوسطي للدراسات واألبحاث ‪ ،‬سلسلة ملفات تربوية تكوينية‪ ،‬رقم‪،47:‬‬
‫الناظور‪ -‬طنجة‪ /‬املغرب‪.‬‬

‫‪ISBN : 978-9920-9199-1-3‬‬

‫الهاتف‪2333366642/2337327363 /2342637660:‬‬

‫حقوق الطبع محفوظة للمؤلف‬

‫‪2‬‬
‫اإله ـ ــداء‬

‫نهدي هذا الكتاب إلى جميع املدرسين بدون استثناء‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفه ــرس‬
‫اإله ــداء‬

‫الفهرس‪7....................................................................................................................................‬‬

‫مقدم ــة‪3.....................................................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم البيداغوجيا والديدكتيك‪4..................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مقاربات التدريس باملغرب‪27..........................................................................‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التخطيط الديدكتيكي‪04...............................................................................‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬التدبير الديدكتيكي‪324..................................................................................‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬املنهاج التربوي ومصطلحاته‪337.................................................................‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬مكونات العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪232..................................................‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬التقويم الديدكتيكي‪274................................................................................‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬الدعم التربوي والديدكتيكي‪234...................................................................‬‬

‫الفصل التاسع‪ :‬الوضعيات الديدكتيكية‪260........................................................................‬‬

‫الفصل العاشر‪ :‬بناء الوضعيات التقويمية واإلدماجية‪632.................................................‬‬

‫خاتم ــة‪720 ................................................................................................................................‬‬

‫ثبت املصادرواملراجع‪732........................................................................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدم ـ ـ ــة‬
‫من املعلوم أن املدرس هو أس العملية التعليمية‪ -‬التعلمية الناجحة‪ .‬واليمكن الحديث‬
‫بتاتا عن درس ديدكتيكي‪( 1‬تعليمي) حقيقي في غياب املدرس‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم املدرس‬
‫بوظائف مهنية وتربوية وتعليمية عدة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬اليمكن الحديث كذلك عن مدرس يفتقد‬
‫الكفايات وامللكات والقدرات التأهيلية التي تسعفه في أداء مهمته على أحسن وجه ‪.‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬تتحقق هذه الكفايات لدى املدرس عبر عمليات التكوين‪ ،‬والتأطير‪ ،‬والتأهيل‪،‬‬
‫والتدريب‪ ،‬واملمارسة‪ ،‬والتتبع‪ ،‬واملصاحبة‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫وينبني التفاعل التدريس ي على عناصر ثالثة هي‪ :‬املدرس‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬واملعرفة‪ .‬و قد كانت‬
‫التربية التقليدية تركز على املدرس واملعرفة على أساس أن املدرس مالك للمعرفة املطلقة‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬تغيب املتعلم على مستوى التواصل التفاعلي‪ ،‬وتجعله كائنا سلبيا يتلقى املعلومات‬
‫فقط دون مناقشتها أو محاورة صاحبها‪ .‬في حين‪ ،‬تتميز املقاربة بالكفايات بالتركيز على‬
‫التفاعل اإليجابي بين أقطاب ثالثة‪ :‬املعلم‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬واملعرفة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تتحول املعرفة‪ ،‬في املقاربة الكفائية‪ ،‬إلى وضعيات إجرائية تطبيقية في شكل مشاكل‬
‫معقدة ومركبة تستوجب الحلول الناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تنطلق هذه املعرفة من املقررات‬
‫واملحتويات واملضامين في ضوء مجموعة من الكفايات األساسية عبر وضعيات‪ -‬مشكالت‪.‬‬
‫ويعني هذا أن املعرفة مرتبطة بالكفاية والوضعية‪.‬‬

‫أما املعلم‪ ،‬أو املدرس‪ ،‬أو املدبر‪ ،‬فتتمثل مهمته التربوية في تحضير الوضعيات التي تجعل‬
‫املتعلم يستضمر قدراته الذاتية ملواجهة هذه الوضعيات املركبة واملعقدة‪.‬‬

‫‪ -1‬تعني كلمة الديدكتيك(‪ )Didactique/Didactic‬العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬أو ما يسمى أيضا بالتربية‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬يبدو أن للمدرس أهدافا ثالثة‪ :‬فهو يساعد املتعلم على تحديد املشكلة‬
‫أو موضوع الوضعية‪ ،‬ثم يوجهه إلى املوارد التي ينبغي استثمارها في حل هذه املشكلة‪ ،‬ثم‬
‫يساعده على تنظيم موارده بكيفية الئقة وهادفة‪ .‬ويعني هذا أن دور املدرس توجيهي‬
‫وإرشادي ومنهجي وكفائي وتحفيزي ليس إال‪ .‬ومن هنا‪ ،‬لم تعد املعرفة ملكا للمدرس‪ ،‬بل هي‬
‫من مكتسبات املتعلم‪ .‬أي‪ :‬أضحت املعرفة مجموعة من املوارد التي يمتلكها املتعلم‪ .‬وتتكون‬
‫هذه املعرفة من مهارات‪ ،‬ومعارف‪ ،‬ومواقف‪ ،‬وإنجازات‪ ،‬وكفايات معرفية وثقافية‬
‫ومنهجية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالكفاية هي مجموعة من املعارف املختلفة التي يستعملها املتعلم‬
‫ويحركها عندما يواجه موقفا أو وضعية سياقية جديدة‪.‬‬

‫أما املتعلم ‪ ،‬فهو البطل الحقيقي في سيرورة التعلم؛ إذ يساعده املدرس على حل‬
‫الوضعيات السياقية املتدرجة في البساطة والتعقيد بتوظيف قدر ممكن من مكتسباته‬
‫الكفائية واملنهجية ‪ ،‬واستعمال موارده بطريقة الئقة وهادفة‪ .‬بمعنى أن كفاياته معرفية‪،‬‬
‫ووجدانية انفعالية‪ ،‬وحسية حركية‪ .‬ويعني هذا أن هذه البيداغوجيا تنمي الفكر املهاري‬
‫لدى املتعلم‪ ،‬وتقوي إدراكاته املنهجية والتواصلية‪ .‬في حين‪ ،‬يهتم التدريس السلوكي بتعليم‬
‫شرطي آلي محدود‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهو تعليم قياس ي وكمي‪ .‬بينما تساعد املقاربة الكفائية املتعلم‬
‫على البحث املنهجي اعتمادا على الذات‪ ،‬وحل املشاكل املستعصية‪ ،‬ومواجهة الظروف‬
‫الصعبة واملعقدة‪ ،‬والتأهب دائما لالعتماد على الذات لحل جميع املشاكل املختلفة التي‬
‫يواجهها في محيطه الخارجي‪ .‬ويعني هذا أن الكفايات طريقة دينامكية هادفة ‪ ،‬تساعد على‬
‫اكتساب الفكر املهاري والتعلم املنهجي للوصول إلى هدف ناجع‪.‬‬

‫وما يهمنا في هذا الكتاب هو التوقف عند مجمل املراحل والعمليات التي يقوم هها املدرس‬
‫داخل الفضاء التعليمي‪ ،‬وهذه العمليات هي‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫مفهوم البيداغوجيا والديدكتيك‬
‫أو مفهوم علم التربية وعلم التدريس‬

‫‪7‬‬
‫قبل الخوض في مواضيع الديدكتيك العامة والخاصة‪ ،‬البد من التوقف عند بعض‬
‫املفاهيم اإلجرائية املهمة‪ ،‬مثل‪ :‬التربية‪ ،‬والبيداغوجيا‪ ،‬والديدكتيك الخاصة‪ ،‬والديدكتيك‬
‫العامة على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬مفه ــوم التربية ‪:‬‬


‫تعني التربية (‪ ، )Education‬في دالالتها اللغوية‪ ،‬الحفظ‪ ،‬والعناية‪ ،‬والرعاية‪ ،‬والتنشئة‪،‬‬
‫واإلصالح‪ ،‬والتنمية‪ ،‬وتهذيب الطفل ذهنيا‪ ،‬ووجدانيا‪ ،‬وحركيا؛ بتأديبه‪ ،‬وتأطيره‪ ،‬وتكوينه‪،‬‬
‫وتربيته‪ .‬وأكثر من هذا فالتربية لها تاريخ طويل ؛ ألنها " عبارة عن تراكمات من الخبرات‪،‬‬
‫حملها الكبار‪ ،‬ونقلوها للصغار‪ ،‬وهي بالتالي سلوكات رض ي عنها الجماعة ‪ ،‬ورضيت هها‬
‫أسلوبا لحياتها ‪ ،‬وتفاعلها مع بعضها البعض‪ ،‬ومع ذلك فهي ليست حكرا على أحد‪ ،‬وال هي‬
‫مهمة إنسان دون آخر‪ ،‬فقد يقوم هها األب‪ ،‬واألم‪ ،‬واملعلم‪ ،‬والسائق‪ ،‬والبائع‪ ،‬أو أي مخلوق‬
‫قد تأهل لذلك‪ ،‬فعرف قيم مجتمعه‪ ،‬ونظمه‪ ،‬وتقاليده‪ ،‬كما عرف ما يصلح ألمته وينهض‬
‫هها‪.‬‬

‫يتضح ‪ ،‬مما تقدم‪ ،‬أن العملية التربوية عملية هامة لبني البشرية ‪ ،‬وأهميتها تكمن في كونها‬
‫الطريق املنظم لنقل التراث‪ ،‬واستمرار بقائه لكل األمم‪.‬‬

‫إن جذور التربية قديمة‪ ،‬عتيقة‪ ،‬وفروعها مستحدثة‪ ،‬متجددة‪ ،‬وثمارها مستمرة‪ ،‬طيبة‪،‬‬
‫وهي بالتالي شجرة باسقة الطول‪ ،‬جذورها في أعماق األرض‪ ،‬وفروعها الخضراء الندية‬
‫العطرة‪ ،‬صاعدة دائمة في أعالي السماء‪"2.‬‬

‫‪ - 2‬إبراهيم ناصر‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان؛ مكتبة الرائد العلمية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫ص‪.62:‬‬
‫‪8‬‬
‫ويعني هذا أن التربية عملية إنسانية قديمة ظهرت مع ظهور اإلنسان الذي كان يربي نفسه‬
‫على العمل والخالل الفاضلة وعبادة هللا وحده‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬كان يرعى أبناءه وأفراد‬
‫أسرته رعاية حسنة ومتكاملة‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬فالتربية عملية ضرورية لتنشئة األبناء وتعليمهم وتأهيلهم وتكوينهم من‬
‫أجل أن يتكيفوا مع الواقع من جهة‪ .‬ويتأقلموا مع وضعياته الصعبة واملعقدة واملركبة من‬
‫جهة ثانية‪ .‬وكذلك من أجل أن يواجهوا الطبيعة بتسخريها وتغييرها والتحكم فيها‪ ،‬وكذلك‬
‫من أجل الحصول على املكانة الالئقة ههم‪ ،‬ونيل الفالح في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يبدو أن التربية " عملية ضرورية ملواجهة الحياة ومتطلباتها‪ ،‬وتنظيم السلوكيات‬
‫العامة في املجتمع من أجل العيش بين الجماعة عيشة مالئمة‪ ،‬وضرورتها لكل من الفرد‬
‫واملجتمع معا‪ ،‬أما ضرورتها للفرد اإلنسان‪ ،‬فتكون للمحافظة على جنسه‪ ،‬وتوجيه غرائزه‪،‬‬
‫وتنظيم عواطفه‪ ،‬وتنمية ميوله‪ ،‬ونقل التراث الثقافي إليه‪ ،‬وأنماط السلوك التي ترض ى‬
‫عنها الجماعة‪ ،‬وكل ذلك البد من اكتسابه على مر األيام‪ ،‬ألن فترة الطفولة اإلنسانية طويلة‬
‫بطبيعتها‪ ،‬والحياة البشرية معقدة‪ ،‬وكثيرة التبديل والتغيير‪.‬وبنقل النمط السلوكي والتراث‬
‫لألفراد يحتفظ املجتمع بثقافته من الضياع‪ ،‬وليس هذا فقط‪ ،‬بل إن التراث عند نقله‬
‫اليكتفى باملحافظة على التراث كما هو أو كما نقل من األجداد لآلباء‪ ،‬ومكن اآلباء لألبناء‪،‬‬
‫بل إن دور التربية هنا يظهر بإضافة أو حذف ما هو غير مناسب من التراث‪ ،‬ولهذا نقول ‪:‬‬
‫إن ضرورة التربية لكل من املجتمع واألفراد تظهر في نقل التراث الثقافي واالحتفاظ به‬
‫وتنقيته من الشوائب وتعديله‪ ،‬وبالتالي استمراره وازدهاره وتطوره وبقائه‪3".‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتضح لنا أن التربية عملية أساسية في بناء الذات واألسرة واملجتمع واألمة‬
‫واإلنسانية جمعاء‪.‬‬

‫‪ - 3‬إبراهيم ناصر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.64-63:‬‬


‫‪9‬‬
‫و للتربية وظائف عدة تتمثل في تهذيب اإلنسان ورعايته والعناية به‪ ،‬وتكوينه وتأهيله مهاريا‬
‫وتربويا وعمليا‪ ،‬وتنميته معرفيا‪ ،‬ووجدانيا‪ ،‬وحسيا وحركيا‪.‬‬

‫ومن وظائفها األخرى" نقل األنماط السلوكية للفرد من املجتمع؛ ونقل التراث الثقافي من‬
‫األجيال السابقة لألجيال الالحقة؛ وتعديل التراث الثقافي‪ ،‬وتغيير مكوناته بإضافة ما يفيد‬
‫وحذف ما اليفيد؛ واكتساب الفرد خبرات اجتماعية نابعة من قيم ومعتقدات ونظم‬
‫وعادات وتقاليد وسلوك الجماعة التي يعيش بينها؛ وتنوير الفرد باملعلومات الحديثة التي‬
‫تغزو الحياة اليومية في املجتمع‪4".‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تهدف التربية إلى بناء اإلنسان بناء متكامال‪ ،‬والسمو به معرفيا وعاطفيا ومهاريا‪،‬‬
‫وتطهيره أخالقيا‪ ،‬ومساعدته على الحفاظ على قيم األجداد‪ ،‬ونقل قيمهم وعاداتهم‬
‫وثقافتهم وتراثهم من جيل إلى آخر في إطار ما يسمى بالتطبيع االجتماعي‪ .‬وتقوم التربية‬
‫بوظيفة التنشئة االجتماعية‪ .‬عالوة على وظيفة املحافظة على املجتمع أو تغييره جزئيا أو‬
‫كليا‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تستند التربية إلى مجموعة من األسس الفلسفية‪ ،‬والنفسية‪،‬‬
‫والثقافية‪،‬‬ ‫والدينية‪،‬‬ ‫واالقتصادية‪،‬‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬والتاريخية‪ ،‬والديدكتيكية‪،‬‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬فللتربية عالقة عالقة وثيقة بالفلسفة ‪ ،‬مادامت تهدف إلى تنوير‬
‫اإلنسان وتكوينه عقليا وذهنيا الستخدام عقله في تأمل الكون‪ ،‬وتحصيل الحقائق‪ ،‬وتمثل‬
‫القيم الصادقة‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن ثالثة اتجاهات فلسفية في مجال التربية وهي‪:‬‬

‫‪‬االتجاه التسلطي التقليدي الذي يركز على املدرس باعتباره سيد املعرفة؛‬
‫‪ - 4‬إبراهيم ناصر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.64:‬‬
‫‪10‬‬
‫‪‬االتجاه التقدمي الديمقراطي الذي يعترف بمكانة املتعلم في إطار مقاربة تشاركية‬
‫تجمع بين املدرس واملتعلم؛‬

‫‪‬االتجاه التحرري الطبيعي الذي يمثله روسو وكارل روجرز ‪ .‬وينبني هذا التصور على‬
‫تحرير املتعلم‪ ،‬ومساعدته على التعلم من الطبيعة ‪ ،‬ويبقى املدرس مستشارا أو موجها إذا‬
‫طلب منه ذلك‪.‬‬

‫في حين‪ ،‬يتمثل األساس التاريخي في ربط املاض ي بالحاضر؛ حيث تعرفنا التربية بماض ي‬
‫األجداد واآلباء‪ ،‬واستجالء مظاهر القوة والضعف في هذا التاريخ‪ ،‬ودراسته بشكل جيد من‬
‫أجل االعتبار به تمثال‪ ،‬واقتداء‪ ،‬وتطبيقا‪.‬‬

‫واليمكن الحديث عن التربية إال إذا ربطناها بعلم النفس؛ ألن التربية تتعامل مع األطفال‬
‫واملراهقين‪.‬وهنا‪ ،‬البد من معرفة مشاعرهم ورغباتهم وميولهم‪ ،‬وتفهم حاجياتهم‬
‫ومشاكلهم‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة لعالجهم شعوريا والشعوريا‪.‬‬

‫كما للتربية عالقة باألساس االجتماعي ؛ألن التربية تشمل جميع مؤسسات املجتمع من‬
‫األسرة‪ ،‬والشارع‪ ،‬وروض األطفال‪ ،‬واملدرسة‪ ،‬واإلعدادية‪ ،‬والثانوية‪ ،‬والجامعة‪ ،‬والنقابة‪،‬‬
‫والحزب‪...‬؛ حيث تحضر التربية في هذه الحقول واملجاالت وامليادين كلها‪ .‬والهدف منها هو‬
‫تكوين مواطن صالح لنفسه‪ ،‬وأسرته‪ ،‬ووطنه‪ ،‬وأمته‪.‬‬

‫وتستند التربية أيضا إلى أسس ثقافية ؛ إذ ينتقل اإلنسان من كائن بيولوجي إلى كائن ثقافي‬
‫بواسطة التربية والتعليم باكتساب مجموعة من املهارات الكفائية‪ ،‬وتملك التقنيات التي‬
‫تساعده على تطوير قدراته وابتكاراته ومؤهالته‪ ،‬وخلق ثقافته الخاصة به‪ .‬و"الصلة هنا‬
‫بين الثقافة والتربية كبيرة جدا‪ ،‬إذ إن مادة التربية هي الثقافة والتراث الثقافي املتراكم على‬
‫مر األجيال‪ ،‬ومادامت التربية عملية تكيف مع املجتمع املحيط الذي يعيش بطريقة معينة‬
‫نابعة من تراثه الذي أحبه‪ ،‬وتوارثه وأراد أن ينقله ويستمر في ممارسته وهو بالتالي ثقافته‬
‫‪11‬‬
‫فإن ذلك يعني أن أساس التربية هو الثقافة‪ ،‬وموضوعها األساس ي الذي تبنى عليه كل‬
‫املواضيع األخرى هو الثقافة ‪ ،‬ثقافة املجتمع املحيط‪ .‬وأي صلة أكثر من هذا؟"‪5‬‬

‫كما تسعفنا التربية ‪ -‬دينيا‪ -‬في اختيار املعبود األوحد‪ ،‬ونبذ عبادة األصنام واألوثان‬
‫والتماثيل‪ ،‬وتوحيد هللا‪ ،‬وتمثل القيم الدينية ‪ ،‬والتعرف إلى أوامر هللا ونواهيه‪ .‬لذلك‪ ،‬تقوم‬
‫التربية بدور مهم في تهذيب األبناء قيميا‪ ،‬وتنشئتهم دينيا وأخالقيا؛ إذ تعرفهم بالعقيدة‬
‫الصحيحة‪ ،‬وتقرههم إلى خالقهم األوحد واألكمل واألعظم واألجل‪ ،‬وتنورهم بدورهم‬
‫الحقيقي في الحياة العاجلة بغية الظفر باآلجلة‪.‬‬

‫أما عالقة التربية باالقتصاد‪ ،‬فالتربية عملية اقتصادية بامتياز؛ إذ يتحسن مستوى معيشة‬
‫اإلنسان بالتربية والتعليم‪ .‬ويحصل على مكاسب وامتيازات مادية ومعنوية عن طريق‬
‫التربية والتعليم‪ ،‬وتملك الشهادات‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فالعالقة بين االقتصاد والتربية " عالقة وثيقة‪ ،‬فمستوى املعيشة يرتبط باملستويات‬
‫الثقافية والعل مية التي يصل إليها أفراد املجتمع‪ ،‬فوجود أعداد كبيرة من األميين يؤدي إلى‬
‫التخلف‪ ،‬وكلما ارتفع املستوى االقتصادي وزاد الدخل القومي كلما ازداد التعليم وزاد عدد‬
‫الطالبين للعلم‪.‬‬

‫وتتضح صلة التربية باألسس االقتصادية فيما لو نظرنا إلى التربية كقوة ضاغطة في يد‬
‫طبقة اجتماعية مسيطرة تتحكم بوسائل اإلنتاج وتنمية املهارات والقدرات لدى الفئات‬
‫املتعلمة‪ ،‬فالتعليم يزيد من القدرة على االبتكار ‪ ،‬ويسهم في تحسين السلوك‪ ،‬ويطور في‬
‫اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ - 5‬إبراهيم ناصر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.73-77:‬‬


‫‪12‬‬
‫أما عن تأثير التربية في النمو االقتصادي‪ ،‬فيتضح بقوة رأس املال املادي وتأثيره وارتباطه‬
‫بقدرات األفراد ومهاراتهم‪ ،‬وملا كان التعليم هو السبيل إلى تكوين املهارات والقدرات عند‬
‫األفراد‪ ،‬فإنه يعتبر األساس في التقدم االجتماعي واالقتصادي وفي أحداث التنمية‪...‬‬

‫إن التربية عملية اقتصادية ألنها تعد كل فرد ليقوم بأداء مهنة معينة تكون مصدرا لدخله‪،‬‬
‫وكلما تعلم املهارات الالزمة ملهنته وأتقنها‪ ،‬زاد دخله‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬كلما أتقن األفراد‬
‫مهنهم على اختالف أنواعها‪ ،‬أدى ذلك إلى زيادة دخل الفرد‪ .‬وبالتالي زاد دخل املجتمع"‪. 6‬‬

‫وللتربية عالقة وطيدة بالسياسة؛ إذ يتاثر كل عنصر باآلخر‪.‬بمعنى أن املدرسة تعبير عن‬
‫صراعات طبقية واجتماعية‪ ،‬وتعبير عن صراعات سياسية‪ ،‬ونقابية‪ ،‬وإيديولوجية‪ .‬عالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬فثمة أنظمة سياسية تجعل من التربية وسيلة للحفاظ على العادات والتقاليد‬
‫والقيم التي يدافع عنها النظام السياس ي‪ ،‬كما يبدو ذلك واضحا في الدول االشتراكية‬
‫واألنظمة الديكتاتورية(النازية والفاشية)‪ .‬وهناك أنظمة تريد أن تجعل من التربية أداة‬
‫للتغيير‪ ،‬ووسيلة ناجعة للقضاء على األمية بكل أنواعها (األلفبائية‪ ،‬والوظيفية‪،‬‬
‫واإلعالمية)‪ ،‬بتطوير املجتمع كما في الدول الديمقراطية‪.‬‬

‫أما فيما يخص األسس البيداغوجية والديدكتيكية‪ ،‬فللتربية عالقة وثيقة باملدرس‬
‫واملتعلم؛ بل تنفتح على اإلدارة واألسرة واملحيط الخارجي الذي يؤثر في املدرسة‪ .‬وقد تعني‬
‫التربية مجموعة من الطرائق والتصرفات والخبرات والتجارب التي تهدف إلى تنشئة املتعلم‬
‫في مختلف جوانبه السلوكية‪ ،‬والتعلمية‪ ،‬والتثقيفية‪...‬‬

‫وبناء على ماسبق‪ ،‬فالتربية فعل تربوي وتهذيبي وأخالقي بامتياز‪ ،‬تهدف إلى تنشئة املتعلم‬
‫تنشئة اجتماعية صحيحة وسليمة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تسهم التربية في الحفاظ على قيم‬
‫املجتمع وعاداته وتقاليده‪ ،‬وتسعى جادة إلى تكوين املواطن الصالح‪ .‬وكذلك تسعى إلى تغيير‬

‫‪ -6‬نفسه‪ ،‬ص‪.72:‬‬
‫‪13‬‬
‫املجتمع بالتدريج‪ ،‬والدفع به نحو طريق التقدم واالزدهار بتحقيق الديمقراطية التشاركية‪،‬‬
‫والعدالة االجتماعية‪ ،‬واملساواة املثلى‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬فالتربية هي التي تنش ئ املجتمع نشأة‬
‫أخالقية‪ ،‬وترفع من مكانته وشأنه ومستواه التنموي‪ ،‬وتوصله إلى مصاف الدول املتقدمة‬
‫واملزدهرة‪ .‬وتسعى التربية جادة إلى إدماج الفرد في املجتمع تكيفا‪ ،‬وتأقلما‪ ،‬وتصالحا‪،‬‬
‫وتغييرا‪ .‬كما تسعى إلى" اإلنماء الكامل لشخصية اإلنسان‪ ،‬وتعزيز حقوق اإلنسان‬
‫والحريات األساسية‪ .‬يعني تكوين أفراد قادرين على االستقالل الفكري واألخالقي‪ ،‬ويحترمون‬
‫هذا االستقالل لدى اآلخرين‪ ،‬طبقا لقاعدة التعامل باملثل التي تجعل هذا االستقالل‬
‫مشروعا بالنسبة إليهم‪7".‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فالتربية هي وسيلة لتحقيق اإلبداع واالبتكار‪ ،‬وطريقة في االستكشاف‬


‫والتأويل والبحث ودمقرطة املجتمع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهي ترتكز على الحرية‪ ،‬واملبادرة الفردية‪،‬‬
‫وسيادة النقاش الهادف ‪ ،‬وتمثل النقد البناء والحوار السليم من أجل بناء مجتمع متقدم‬
‫واع‪ ،‬يسهم في خلق الحداثة وبنائها‪ ،‬وإثراء العوملة بما لديه من طاقات منتجة‪ ،‬واختراعات‬
‫ومكتشفات‪ ،‬ومستجدات نظرية‪ ،‬وتقنية‪ ،‬وعلمية‪ ،‬ومعلوماتية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يقول‬
‫محمد لبيب النجيحي ‪:‬‬

‫" وملا كان هدف التربية األساس ي هو تنمية التفكير واستغالل الذكاء ‪ ،‬فمعنى هذا أن التربية‬
‫تعمل من أجل الحرية اإلنسانية‪ .‬فالتأكيد على نمو الطفل إنما هو تأكيد على تحرير‬
‫قدراته العقلية من قيودها‪ ،‬وإتاحة الفرصة لها لالنطالق حتى تستطيع أن تستخدم‬
‫بطريقة فعالة إمكانيات البيئة التي يعيش فيها‪ .‬ويصبح املجتمع الحر هو املجتمع الذي‬
‫يشترك أفراده أيضا في تطويره وتوجيه التغيير االجتماعي الحادث له‪.‬‬

‫‪ - 7‬جان بياجي‪ :‬التوجهات الجديدة للتربية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد الحبيب بلكوش‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪3660‬م‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪14‬‬
‫وعندما يتمتع أفراد املجتمع بالحرية‪ ،‬فتكون التربية بذلك قد أسهمت في بناء مجتمع‬
‫مفتوح‪ .‬ونعني باملجتمع املفتوح املجتمع الذي يسعى عن قصد وتصميم في سبيل تطوره‪ ،‬وال‬
‫يعمل فقط على املحافظة على الوضع الراهن‪ .‬وهذا املجتمع هو مجتمع قد نظم تنظيما‬
‫يدخل في اعتباره حقيقة التغيير في األمور اإلنسانية‪ .‬وهو مجتمع يقبل التغير على أنه‬
‫وسيلة للقضاء على الفساد واالنحالل‪ ،‬وأن الذكاء اإلنساني واملجهود التعاوني من جميع‬
‫أفراد املجتمع تؤدي جميعا إلى نمو اإلنسانية وتقدمها‪8".‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أن التربية تحقق مجموعة من الوظائف الجوهرية كالتعليم‪ ،‬والتثقيف‪،‬‬
‫والتطهير‪ ،‬والتهذيب‪ ،‬والتنوير‪ ،‬وتحرير الفكر من قيود األسطورة والخرافة والشعوذة‪،‬‬
‫والسمو باإلنسان نحو آفاق إيجابية ومثالية‪.‬‬

‫ثانيا‪،‬مفهوم البيداغوجي ــا ‪:‬‬


‫تعني البيداغوجيا (‪ ، )La pédagogie‬في دالالتها اللغوية‪ ،‬تهذيب الطفل تهذيبا شامال‪،‬‬
‫بتأديبه‪ ،‬وتأطيره‪ ،‬وتكوينه‪ ،‬وتربيته‪ .‬وقد تعني الذي يرافق املتعلم إلى املدرسة‪ .‬وتدل أيضا‬
‫على التربية العامة‪ ،‬أو فن التعليم‪ ،‬أو فن التأديب‪ ،‬أو نظرية التربية التي تنصب على جميع‬
‫الطرائق والتطبيقات التربوية التي تمارس داخل املؤسسة التعليمية‪.‬‬

‫وقد يكون املقصود هها أيضا ذلك العلم الذي يتناول التربية في أبعادها الفيزيائية‪،‬‬
‫والثقافية‪ ،‬واألخالقية؛ أو يدل على مجموعة من العلوم التربوية النظرية والتطبيقية كعلم‬
‫النفس التربوي‪ ،‬وعلم االجتماع التربوي‪ ،‬وعلم التخطيط التربوي‪ ،‬وعلم االقتصاد التربوي‪،‬‬
‫وعلم اإلحصاء التربوي‪ ،‬وعلم مناهج البحث‪ ،‬والسياسة التربوية‪ ،‬وفلسفة التربية‪،‬‬
‫والديدكتيك‪...‬‬

‫‪ - 8‬محمد لبيب النجيحي‪ :‬مقدمة في فلسفة التربية‪ ،‬دار النهضة العربي للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة‪3662‬م‪ ،‬ص‪.272:‬‬
‫‪15‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يبدو أن كلمة البيداغوجيا " إغريقية األصل‪ ،‬وكانت تدل على العبد الذي يرافق‬
‫الطفل في تنقالته‪ ،‬وبخاصة من البيت إلى املدرسة‪ .‬ولقد تطور استعمال الكلمة‪ ،‬وأصبح‬
‫يدل على املربي (‪ .)Pédagogue‬والبيداغوجيا هي جملة األنشطة التعليمية‪ -‬التعلمية التي‬
‫تتم ممارستها من قبل املعلمين واملتعلمين‪".9‬‬

‫وتعد البيداغوجيا نظرية تربوية علمية عامة ذات بعد نظري‪ ،‬وتطبيقي‪ ،‬وتوجيهي‪ ،‬لها‬
‫عالقة وثيقة باملدرس واملتعلم؛ بل تنفتح على اإلدارة واألسرة واملحيط الخارجي الذي يؤثر‬
‫في املدرسة‪ .‬وقد تعني البيداغوجيا تلك النظرية التربوية التي تهتم باملتعلم في مختلف‬
‫جوانبه السلوكية‪ ،‬والتعلمية‪ ،‬والتثقيفية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تقدم مجموعة من النظريات التي‬
‫تسعف املتعلم في تعلمه‪ ،‬وتكوينه‪ ،‬وتأطيره‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالبيداغوجيا متعددة االختصاصات‪.‬‬
‫تنفتح على علوم عدة‪ ،‬مثل‪ :‬علم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬والبيولوجيا‪،‬‬ ‫كما‬
‫والديموغرافيا‪ ،‬واإلحصاء‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والسياسة‪ ،‬وعلم التخطيط‪ ،‬وعلم‬
‫التوجيه‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والسيميوطيقا‪ ،‬وعلم التدبير‪ ،‬وعلم اإلدارة‪ ،‬وعلم اإلعالم‪...‬‬

‫وتنبني البيداغوجيا على ثالثة عناصر رئيسة هي‪ :‬املعلم‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬واملعرفة‪ .‬أي‪ :‬إن املعلم‬
‫هو الذي ينقل املعرفة إلى املتعلم عبر املضامين واملحتويات‪ ،‬والطرائق البيداغوجية ‪،‬‬
‫والوسائل الديدكتيكية‪...‬‬

‫ويعني هذا أن ثمة مرتكزات تربوية ثالثة‪ :‬املعلم‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬واملعرفة‪ .‬فاملعلم هو الذي يقوم‬
‫بمهمة تكوين املتعلم ضمن عالقة بيداغوجية‪ .‬وما يعلمه املعلم من معارف وأفكار‬
‫ومحتويات ومضامين وخبرات وتجارب يدخل ذلك ضمن عالقة ديدكتيكية تدريسية‬
‫وتعليمية ‪ .‬أما ما يحصله املتعلم من معارف ومعلومات يدخل ضمن عالقات التعلم‪.‬‬
‫والجامع بين املرتكزات الثالثة يسمى بالفضاء أو الوسط البيداغوجي‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يتضمن‬

‫‪ -9‬أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية ‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.332:‬‬
‫‪16‬‬
‫هذا الفضاء التربوي ثالث عالقات أساسية هي‪ :‬العالقة الديدكتيكية (املعلم‪‬‬
‫التعليم‪ ‬املعرفة)‪ ،‬والعالقة البيداغوجية (املعلم‪ ‬التكوين ‪‬املتعلم)‪ ،‬وعالقة‬
‫التعلم(املتعلم‪ ‬التعلم ‪‬املعرفة)‬

‫ثالثا‪ ،‬مفه ــوم الديدكتي ــك‪:‬‬


‫إذا كانت البيداغوجيا تخصصا نظريا عاما يتحكم في العالقة التي تكون بين املعلم‬
‫واملتعلم‪ ،‬فإن الديدكتيك (‪ 10)La didactique‬هو تخصص عملي تطبيقي يتعلق بتدريس‬
‫مادة معينة؛ إذ نقول‪ :‬ديدكتيك العربية‪ ،‬وديدكتيك الفرنسية‪ ،‬وديدكتيك الرياضيات‪،‬‬
‫وديدكتيك العلوم‪.....‬ويعني هذا إذا كانت البيداغوجيا مرتبطة باملتعلم ونظريات التعلم‪،‬‬

‫‪ -10‬الديدكتيك لفظ يوناني (‪ )didaktikόs‬يعني التعليم‪ ،‬ويشتق من فعل ( ‪ )didáschein‬الذي يدل على التثقيف‬
‫والتعليم والتكوين‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫فإن الديدكتيك لها حيز ضيق‪ ،‬يتعلق بمجال دراس ي معين‪ ،‬أو ما يمكن تسميته كذلك‬
‫بالتربية الخاصة‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تتميز الديدكتيك بطابعها اإلبستمولوجي(‪ )Epistémologique‬الذي يعنى بطبيعة‬


‫املعارف واملعلومات املدرسة من جهة‪ ،‬وبطابع مضامينها املتعددة التخصصات ( ‪Des‬‬
‫‪.)contenus disciplinaires‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يمكن تقسيم الديدكتيك إلى قسمين رئيسين هما‪:‬‬

‫‪ ‬الديدكتيك العامة (‪ )La didactique générale‬التي تعنى بالدروس واملمارسة الصفية‪،‬‬


‫واالهتمام باألنشطة الدراسية الفردية والجماعية‪ ،‬وتبيان الكيفية التي يوظف هها املتعلم‬
‫املقرر الدراس ي والكتاب املدرس ي ‪.‬أي‪ :‬تهتم الديدكتيك العامة بطرائق التدريس بصفة‬
‫عامة‪.‬‬

‫‪ ‬الديدكتيك الخاصة (‪ )La didactique spéciale‬التي تتعلق بمادة تدريسية على حدة‬
‫أو مستوى دراس ي معين‪.‬‬

‫وإذا كان مصطلح البيداغوجيا قد ظهر قديما مع اليونان‪ ،‬وكان يعني تهذيب الطفل‬
‫وتأديبه‪ ،‬فإن مصطلح الديدكتيك قد ظهر في منتصف القرن العشرين ‪ ،‬و" استخدم‬
‫بمعنى فن التدريس أو فن التعليم (‪.)Art d’enseigner‬هذا هو التعريف الذي قدمه‬
‫قاموس (‪ )Le Robert‬سنة ‪ 3633‬وقاموس(‪ )Le Littré‬سنة ‪.3632‬وابتداء من هذا التاريخ‪،‬‬
‫أصبح املصطلح لصيقا بميدان التدريس‪ ،‬دون تحديد دقيق لوظيفته‪.‬وهناك من منظري‬
‫علوم التربية من اعتبر هانس إبلي (‪ )Hans Aebeli‬أول من اقترح عام ‪ 3633‬م إطارا عمليا‬

‫‪18‬‬
‫ملوضوع الديدكتيك‪ ،‬في مؤلفه (‪ ،)La didactique psychologie‬حيث نظر إلى الديداكتيك‬
‫كمجال تطبيقي لنتائج السيكولوجيا التكوينية‪11".‬‬

‫وهناك من يثبت أن مصطلح الديدكتيك قد استعمل في القرن السادس عشر امليالدي ‪،‬‬
‫وبالضبط سنة ‪3337‬م‪ .‬في حين‪ ،‬هناك من يرجعه ‪ -‬حسب الكتابات القديمة ‪ -‬إلى‬
‫الفالسفة اليونانيين وحضارات الشرق األوسط‪ ،‬والسيما الصينيين‪ .‬وقد تعددت نظريات‬
‫الديدكتيك وتنوعت وتشعبت من القرن الثامن عشر إلى القرن العشرين بسبب تطور علم‬
‫النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬واإلعالميات‪ ،‬ونظريات التعلم والتحفيز‪ ،‬إلخ‪...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬نعني بالديدكتيك طريقة التدريس أو ما يسمى بالعملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬وتجمع‬
‫هذه العملية بين طرفين أساسين هما‪ :‬املعلم واملتعلم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تنبني العملية الديدكتيكية‬
‫على املدخالت‪ ،‬والعمليات‪ ،‬واملخرجات‪ ،‬والتغذية الراجعة‪.‬وقد تكون املدخالت أهدافا أو‬
‫كفايات أو ملكات أو غيرها من التصورات التربوية الجديدة املعترف هها رسميا‪ .‬وتستهدف‬
‫هذه املدخالت تسطير مجموعة من الكفايات املزمع تحقيقها في شكل أهداف إجرائية‬
‫سلوكية قبل الدخول في مسار تعلمي‪ ،‬أو تنفيذ مجزوءة دراسية‪ .‬ويحقق ذلك بوضع‬
‫امتحان تشخيص ي قبلي في شكل وضعيات إدماجية أو ديدكتيكية‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن مجموعة من الباحثين الغربيين الذين اهتموا بالديدكتيك في مختلف‬


‫العلوم أمثال‪ :‬بروسو (‪ ،12)G. Brousseau‬وكاليسر(‪ ،13)G. Glaeser‬وشوفاالر( ‪Y.‬‬

‫‪ -11‬أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪ ، ،‬ص‪.372:‬‬


‫)‪12 -Brousseau G. (1998‬‬ ‫‪Théorie des situations didactiques. Grenoble : La Pensée Sauvage.‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪-Glaeser G. (1999) Une introduction à la didactique expérimentale des mathématiques.‬‬


‫‪Grenoble : La Pensée Sauvage.‬‬
‫‪19‬‬
Goéry ( ‫ ودوالكوت‬،)J.-P. Bronckart(‫ وبرونكار‬،)J.-F. Halté( ‫ وهالتي‬،14)Chevallard
‫ وجيوردان‬،16)et L. Viennot(‫ وفيينو‬،)J.L. Malgrange( ‫ ومالكرانج‬،15)Delacôte
(‫ وروتر‬،19)Terrisse A.( ‫ وتيريس‬،18)Narcy-Combes( ‫ ونارس ي كومب‬،17 )Giordan A(
...‫ وآخرين‬،20 )Reuter

‫ وعلي أحمد‬،21‫ومن أهم الباحثين العرب الذين اهتموا بفن التدريس عبد العليم إبراهيم‬
‫ وعبد الكريم‬،25‫ وأحمد أوزي‬،24‫ ومحمد الدريج‬،23‫ ومحمد حسين آل ياسين‬،22‫مدكور‬

14-Chevallard Y. (1985) La transposition didactique. Grenoble : La Pensée Sauvage. (Nouvelle


édition augmentée de « Un exemple de la transposition didactique » avec M.-A. Johsua).

15- Delacôte G. (1996) Savoir apprendre: les nouvelles méthodes. Paris : Odile Jacob.

16-Viennot L. (2003) Raisonner en physique: La part du sens commun. De Boeck Université.

17 -Giordan A. (1999) Une didactique pour les sciences expérimentales. Paris : Belin.

18- Narcy-Combes M.-F. (2005) Précis de didactique, devenir professeur de langues. Ellipses.

19 -Terrisse A. (2000) Didactique des disciplines. Les références au savoir. De Boeck Université.

20- Reuter Y. dir. (2007/2010) Dictionnaire des concepts fondamentaux des didactiques.
Bruxelles: De Boeck.

.‫ الطبعة السادسة‬،‫ دار املعارف بمصر‬،‫ املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية‬:‫ عبد العليم إبراهيم‬-21
.‫م‬2232 ‫ الطبعة الثانية‬،‫ األردن‬،‫ عمان‬،‫ دار املسيرة‬،‫ طرق تدريس اللغة العربية‬:‫ علي أحمد مدكور‬-22
،‫ لبنان‬،‫ بيروت‬،‫ منشورات دار القلم‬،‫ املبادئ األساسية في طرق التدريس العامة‬:‫ محمد حسين آل ياسين‬-23
.‫ العراق‬،‫ بغداد‬،‫ومكتبة الشعب‬
‫ الطبعة األولى‬،‫ املغرب‬،‫ الدار البيضاء‬،‫ مطبعة النجاح الجديدة‬، ‫ تحليل العملية التعليمية‬:‫ محمد الدريج‬-24
.‫م‬3606 ‫سنة‬
20
‫غريب‪ ،26‬ولحسن مادي‪ ،27‬وعبد الواحد أوالد الفقيهي‪ ،28‬ومحمد أمزيان‪ ،29‬وأحمد‬
‫شبشوب‪ ،30‬والحسن اللحية‪ ،31‬وعبد الرحمن التومي‪ ، 32‬وجميل حمداوي‪...،33‬‬

‫وتنطلق العملية التعليمية‪ -‬التعلمية من مدخل أساس ي يتمثل في تحديد األهداف اإلجرائية‬
‫أو الكفايات النوعية من أجل التثبت من تحقيقها‪ .‬لذا‪ ،‬البد أن يختار املدرس املحتويات‬
‫املناسبة‪ ،‬والطرائق البيداغوجية الكفيلة بالتبليغ وتسهيل االكتساب واالستيعاب‪ .‬ثم‬
‫هناك الوسائل الديدكتيكية التي يستعين هها املدرس لتقديم درسه وتوضيحه بشكل جيد‪.‬‬
‫أما املخرجات‪ ،‬فتقترن بقياس األهداف والقدرات والكفاءات لدى املتعلم على مستوى‬
‫األداء واملمارسة واإلنجاز‪ .‬ويتحقق هذا القياس عبر محطات التقويم التشخيص ي‪،‬‬
‫واملرحلي‪ ،‬والنهائي‪.‬‬
‫‪ -25‬أحمد أوزي‪ :‬التعليم والتعلم بمقاربة الذكاءات املتعددة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫طبعة ‪3666‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬عبد الكريم غريب والبشير اليعقوبي‪ :‬التدريس بواسطة املجزوءات‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ -27‬لحسن مادي‪ :‬تكوين املدرسين‪ ،‬نحو بدائل لبناء الكفايات‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار اليضاء‪،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -28‬عبد الواحد أوالد الفقيهي‪ :‬الذكاءات املتعددة ‪ :‬التأسيس العلمي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬محمد أمزيان ‪ :‬بيداغوجيا املعرفة‪،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬أحمد شبشوب‪ :‬املدخل إلى الديدكتيك العامة‪ ،‬منشورات رمسيس‪ ،‬دفاتر في التربية ‪ ،‬العدد‪3664/2‬م‪.‬‬
‫‪ -31‬الحسن اللحية‪ :‬بيداغوجيا التعاقد‪ ،‬منشورات املعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬عبد الرحمن التومي‪ :‬الجامع في ديدكتيك اللغة العربية‪ ،‬مطبعة املعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬جميل حمداوي ‪ :‬ديدكتيك األنشطة التربوية في التعليم األولي‪،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2233‬م؛ األقسام املشتركة في التعليم االبتدائي املغربي‪،‬منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م؛ محطات العمل الديدكتيكي‪،‬‬
‫منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م؛‬
‫نحو تقويم تربوي جديد (التقويم اإلدماجي)‪ ،‬منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫واليمكن الحكم على الهدف أو الكفاية إال بالتقويم الذي قد يكون تشخيصيا‪ ،‬أو قبليا‪ ،‬أو‬
‫تكوينيا‪ ،‬أو إجماليا‪ ،‬أو إشهاديا‪ ،‬أو مستمرا‪ ،‬أو إدماجيا‪...‬وبعد ذلك‪ ،‬نلتجئ إلى التغذية‬
‫الراجعة(الفيدباك ‪ ،) Feed back‬والدعم‪ ،‬واملعالجة الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫ويعني هذا كله أن الديدكتيك‪ ،‬أو التربية الخاصة‪ ،‬تعتمد على األهداف أو الكفايات من‬
‫ناحية أولى‪ ،‬واملضامين والطرائق والوسائل الديدكتيكية من ناحية ثانية‪ ،‬والتقويم‬
‫والفيدباك من ناحية ثالثة‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬الفرق بين البيداغوجيا والديدكتيك‪:‬‬


‫البد من التمييز بين البيداغوجيا والديدكتيك‪ ،‬فاألولى عبارة عن نظرية عامة تعنى بتربية‬
‫الطفل وقضايا التعليم ومشاكله بصفة عامة‪ ،‬أو تهتم بالتعليم أو الفعل التربوي‪ .‬بينما‬
‫تهتم الثانية باملمارسات والتطبيقات الصفية‪ ،‬والتركيز على املتعلم ونظريات التعلم وتبليغ‬
‫املعارف‪ ،34‬والعناية بالتدريس فنا وعلما‪ ،‬وتتخذ طابعا تطبيقيا خاصا‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يتميز الديدكتيك بطابعه اإلبستمولوجي (امليتامعرفي) من جهة ‪ ،‬مادام يهتم‬
‫بمناهج التدريس‪ ،‬والتركيز على طرائق التعليم‪ ،‬وتبيان آليات اكتساب املعرفة ‪ ،‬واستجالء‬
‫اإلجراءات والتطبيقات واملمارسات املختلفة املستعملة في ذلك‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يتخذ‬
‫طابعا موسوعيا لكونه يدرس فن التدريس في مختلف التخصصات والعلوم‪.‬ومن هنا‪ ،‬يهتم‬
‫الديدكتيك بأسئلة التدريس والتكوين‪ ،‬وبناء املعرفة لدى املتعلم‪ ،‬والتعرف إلى مختلف‬
‫مناهج التعليم بأسسها‪ ،‬وأهدافها‪ ،‬وآلياتها‪ ،‬ونجاعتها‪ .‬وقد تطورت مناهج الديدكتيك منذ‬
‫سنوات السبعين من القرن املاض ي في مختلف املواد املتعلقة بالعلوم اإلنسانية والتجريبية‬
‫والدقيقة‪.‬‬

‫‪34 -A regarder : Pédagogie générales, Nancy, MAFPEN, 1987.‬‬

‫‪22‬‬
‫وعلى الرغم من الفوارق املوجودة بين البيداغوجيا والديدكتيك‪ ،‬فإنهما يشتركان في دراسة‬
‫الظواهر التربوية والتعليمية‪ ،‬ويهدفان إلى معرفة التعلمات ونظرياتها وتطبيقاتها‪.‬‬

‫خامسا‪،‬عالقة الديدكتيك بالعلوم األخرى‪:‬‬


‫يالحظ أن للديدكتيك عالقات وثيقة ووطيدة بمجموعة منن العلنوم والتخصصنات املعرفينة‬
‫كعالقتهننا بالفلسننفة‪ ،‬واإلبسننتمولوجيا‪ ،‬وعلننم النننفس السننلوكي‪ ،‬وعلننم النننفس املعرفنني‪ ،‬وعلننم‬
‫االجتماع‪ ،‬والبيداغوجيا‪ ،‬واإلعالميات‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬ونظريات التعلم‪ ،‬والبيولوجيا‪...‬‬

‫ويعننني هننذا كلننه أن للدينندكتيك صننلة وثيقننة بعلننم النننفس ‪ ،‬فكثيننر مننن قضننايا التربيننة والتعلننيم‬
‫لهن ننا أصن ننول سن ننيكولوجية‪ ،‬مثن ننل‪ :‬سن ننيكولوجية الطفن ننل واملراهن ننق‪ ،‬ونظرين ننات النمن ننو والن ننتعلم‪،‬‬
‫والسيكولوجيا املعرفية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يعد علم النفس عبارة عن خطاب ميتامعرفي يطنرح أسنئلة‬
‫جوهرينة وعميقننة حنول النننفس اإلنسننانية ومشناعرها الروحيننة وانفعاالتهنا الوجدانيننة‪ .‬أضننف‬
‫إلننى ذلننك أن علننم النننفس هننو الننذي ينندرس الحنناالت الذهنيننة والعمليننات الفكريننة عننند الفننرد‪،‬‬
‫مث ن ننل‪ :‬التفكي ن ننر‪ ،‬والت ن ننذكر‪ ،‬والنس ن ننيان‪ ،‬واالنتب ن نناه‪ ،‬وال ن ننتعلم‪ ،‬وال ن ننذكاء‪ ،‬والحف ن ننظ‪ ،‬واكتس ن نناب‬
‫اللغ ن ن ننة‪...‬إلى جان ن ن ننب دراس ن ن ننة دواف ن ن ننع اإلنس ن ن ننان‪ ،‬وغرائ ن ن ننزه‪ ،‬وانفعاالت ن ن ننه‪ ،‬وحاجيات ن ن ننه‪ ،‬وميول ن ن ننه‬
‫النفسية‪...‬‬

‫ث ننم الننسن ن ى العالق ننات الت نني توج نند ب ننين الدي نندكتيك والفس ننيولوجيا‪ ،‬والبيولوجي ننا‪ ،‬والط ننب‪،‬‬
‫وعل ن ننم األخ ن ننالق‪ ،‬واملنط ن ننق‪ ،‬والرياض ن ننيات‪ ،‬وعل ن ننم اإلحص ن نناء‪ ،‬وعل ن ننم املن ن نناهج (امليتودولوجي ن ننا)‪،‬‬
‫واآلداب‪ ،‬وعلم الفن والجمال‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬ومناهج البحث العلمي والتربوي‪...‬‬

‫ويعننني هننذا كلننه أن سننلوك الفننرد ظنناهرة مركبننة ومعقنندة‪ ،‬تننتحكم فيننه مجموعننة مننن العوامننل‬
‫السياس ننية ‪ ،‬واالجتماعين ننة‪ ،‬واالقتصن ننادية‪ ،‬والثقافين ننة‪ ،‬والتاريخين ننة‪ ،‬والدينين ننة‪ ،‬والحضن ننارية‪،‬‬
‫والبيولوجية‪ ،‬والعرقية‪ ،‬والفلسفية‪ ،‬واألخالقية‪ ،‬والتربوية‪...‬‬

‫‪23‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا أن مادة الديدكتيك هي علم التدريس ‪ ،‬أو فنن التعلنيم‪ ،‬أو التربينة‬
‫الخاصة‪ ،‬أو مناهج املواد التعليمية‪...‬‬

‫ومن ننن هن ن ننا‪ ،‬تن ن نندرج م ن ننادة الدين نندكتيك ض ن ننمن العل ن ننوم اإلنس ن ننانية علن ننى غ ن نرار عل ن ننم االجتم ن نناع‪،‬‬
‫واألنتروبولوجي ن ننا‪ ،‬واإلثنولوجي ن ننا‪ ،‬والتاريخ‪...‬بي ن نند أن علميته ن ننا نس ن ننبية لوج ن ننود مجموع ن ننة من ن ننن‬
‫العوائن ننق التن نني تحن ننول دون تحقين ننق العلمين ننة املوضن ننوعية الحقيقين ننة الصن ننارمة‪ ،‬مثن ننل‪ :‬مشن ننكل‬
‫الذاتيننة‪ ،‬ومشننكل التجريننب‪ ،‬ومشننكل الحتميننة‪ ،‬ومشننكل القننانون‪ .‬ناهيننك عننن كننون اإلنسننان‬
‫ظنناهرة مركبننة ومعقنندة ومتشننعبة‪ ،‬وظنناهرة حيننة‪ ،‬ومتغيننرة‪ ،‬وإنسننانية‪ ،‬وحننرة‪ ،‬ومسننتقلة‪ .‬ومننن‬
‫هن ننا‪ ،‬يص ننعب دراس ننتها دراس ننة علمي ننة موض ننوعية ك ننالعلوم التجريبي ننة الوض ننعية‪ .‬ولك ننن يمك ننن‬
‫الحد من الذاتية نسبيا باتباع املنناهج الكيفينة والكمينة‪ ،‬واسنتخدام اإلحصناء‪ ،‬واالرتكنان إلنى‬
‫دراسة الحالة‪ ،‬وتمثل التجريب االرتباطي بدل االرتباط السببي‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مقاربات التدريس باملغرب‬

‫(املضامين‪ -‬األهداف‪ -‬الكفايات)‬

‫‪25‬‬
‫لقد عرف تخطيط املنهاج التربوي املغربي ثالث محطات كبرى‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬محطة املضامين واملحتويات‪ :‬يعتمد املنهاج على موضوعات أو تيمات أو محاور أو‬
‫وحدات أو مفاهيم معينة‪ ،‬مثل‪ :‬الدراسة‪ ،‬والطفولة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والسفر‪ ،‬ووسائل‬
‫النقل‪ ،‬واملدينة‪ ،‬والبادية‪... .‬وقد امتدت هذه املرحلة من الستينيات إلى الثمانينيات من‬
‫القرن املاض ي‪.‬‬

‫‪‬محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن العشرين‪ ،‬فقد قسمت األهداف‬
‫التربوية إلى أهداف وغايات عامة‪ ،‬وأهداف وسطى‪ ،‬وأهداف إجرائية خاصة ‪ ،‬في ضوء‬
‫منظور السيكولوجيا السلوكية(واطسون‪ ،‬وبافلوف‪ ،‬وسكينر)‪.‬‬

‫‪‬محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد األول من األلفية الثالثة لربط‬
‫التعليم بواقع الشغل واملهننة‪ .‬وقد انبنت هذه النظرية الجديدة على مجموعة من‬
‫التصورات اإلبستمولوجية‪ ،‬مثل‪ :‬النظرية املعرفية‪ ،‬والنظرية التوليدية التحولية (نوام‬
‫شومسكي)‪ ،‬والنظرية البنائية التكوينية (جان بياجي)‪ ،‬وكل النظريات السياقية التي تربط‬
‫الذات باملحيط أو السياق الخارجي‪ .‬دون أن ننس ى النظريات التربوية القائمة على التعلم‬
‫الذاتي‪ ،‬ومراعاة الفوارق الفردية (البيداغوجيا الالتوجيهية‪ ،‬والبيداغوجيا املؤسساتية‪،‬‬
‫وديناميكية الجماعات‪ ،‬وبيداغوجيا التفريدية‪ ،‬وبيداغوجيا األخطاء‪)...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فقد عرف النظام التربوي املغربي ثالث محطات رئيسة على مستوى التعليم‬
‫والتدريس‪ ،‬فقد كان األستاذ يدرس وفق املضامين‪ ،‬أو وفق األهداف‪ ،‬أو وفق الكفايات‪.‬‬
‫وهذا‪ ،‬ماسوف نعرفه في الفصول التالية‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬التدريس باملضامين‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫ارتبطت العملية التعليمية‪ -‬التعلمية باملغرب بثالث مقاربات رئيسة هي‪ :‬املقاربة باملضامين‪،‬‬
‫واملقاربة باألهداف‪ ،‬واملقاربة بالكفايات‪ .‬فقد كانت املقاربة األولى مقترنة باملدرسة التربوية‬
‫التقليدية إلى حد كبير‪.‬في حين‪ ،‬ارتبطت املقاربة الثانية باملدرسة النفسية السلوكية‪.‬بينما‬
‫تحيل املقاربة بالكفايات على النفس املعرفي املعاصر‪.‬‬

‫‪ /1‬مفهوم املقاربة باملضامين وسياقها التاريخي‪:‬‬


‫تمثل النظام التربوي املغربي منذ الستينيات من القرن املاض ي إلى غاية سنوات الثمانين من‬
‫القرن نفسه املقاربة املضمونية التي تركز على املحتويات واملعارف واملعلومات الكمية‪.‬‬
‫ومازال كثير من املدرسين املغاربة‪ ،‬إلى يومنا هذا ‪ ،‬ينهجون هذه املقاربة بكل خصائصها‬
‫ومواصفاتها وإجراءاتها‪ ،‬على أساس أنها مقاربة تدريسية ناجحة‪ ،‬وناجعة‪ ،‬ومثمرة‪ ،‬ومفيدة‪.‬‬

‫بمعنى أن املقاربة باملضامين هي تقديم مجموعة من املعارف لحشو رؤوس املتعلمين هها من‬
‫أجل حفظها بغية استرجاعها عند االمتحان‪.‬لذلك‪ ،‬كان التعليم املغربي في تلك الفترة كميا‬
‫إلى حد كبير‪.‬بمعنى أنه كان يقيس املعلومات والقدرات املعرفية‪ ،‬واليهتم بالكيف‪،‬‬
‫والتقنيات‪ ،‬والدرايات‪ ،‬واملهارات ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬كان املدرس هو رمز السلطة‪.‬في حين‪ ،‬كان‬
‫التلميذ متلقيا سلبيا‪ ،‬اليستطيع أن يشارك في بناء الدرس وتفعيله‪.‬ومن ثم‪ ،‬فقد كانت‬
‫العالقة التفاعلية املوجودة بين املدرس واملتعلم عالقة عمودية بامتياز‪.‬‬

‫تهتم هذه املقاربة التي تطبقها املدرسة التقليدية بتقديم املعارف املوسوعية ‪ ،‬والتركيز على‬
‫املدرس دون املتعلم‪ ،‬واالهتمام بالكم على حساب الكيف‪ ،‬والعناية بالتعليم دون التعلم‪،‬‬
‫وتقديس املعرفة واملدرس على حساب املتعلم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون الهدف من هذه املقاربة‬
‫املضمونية هو تكوين متعلم يحافظ على قيم املجتمع وعاداته وأعرافه وتقاليده‪ ،‬وينصهر‬
‫في املجتمع كباقي املواطنين اآلخرين‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يتبين لنا أن هذه املقاربة عبارة عن نسق‬

‫‪27‬‬
‫تربوي ذي بعد معارفي‪ ،‬تولي أهمية كبرى ملركزية املدرس‪ ،‬ومركزية املعرفة‪ ،‬ومركزية الحفظ‬
‫واالستظهار‪ ،‬والرغبة في إدماج املتعلم في مجتمع محافظ‪.‬‬

‫‪ /2‬مقومات املنهاج التقليدي‪:‬‬


‫ينبني املنهاج التقليدي على فعل التدريس املحض‪ ،‬وليس على بناء التعلمات بطريقة‬
‫تكوينية‪ .‬ناهيك عن االهتمام باملعرفة الكمية‪ ،‬و العناية باملدرس على حساب املتعلم‪،‬‬
‫وتغييب اللعب على أساس أنه مضعية للوقت‪.‬ومن ثم‪ ،‬يصبح املتعلم متلقيا سلبيا‪،‬‬
‫اليحاور واليبدي خياراته واقتناعاته وأسئلته التي تحيره‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينبني املنهاج التقليدي‬
‫على فلسفة العقاب‪ ،‬وعدم األخذ بالتصميم والتخطيط وفلسفة التدبير‪ ،‬وعدم االستهداء‬
‫بعلم النفس وعلم االجتماع‪ ،‬وعدم ربط التعليم بالحياة واألنشطة والحرية‪ .‬وكان الهدف‬
‫الرئيس من هذا التدريس هو شحن عقول املتعلمين باملعرفة واستظهارها وحفظها ‪،‬‬
‫وتقويم املتعلمين في مدى تمكنهم من تلك املعارف املوسوعية‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فاملنهاج التقليدي هو ذلك املنهج الذي يركز على املضامين واملحتويات واملعلومات‪.‬‬
‫وهو الذي ينطلق من مقاربة املضامين في شكل مقررات دراسية ضيقة النطاق دون احترام‬
‫خصائص املتعلمين النمائية‪ ،‬والبيولوجية‪ ،‬والفيزيولوجية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬
‫ومتطلبات الحياة العملية واليدوية واملهنية على حد سواء‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يبدو أن املنهاج‪ ،‬بمفهومه التقليدي‪ -‬حسب حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين‬
‫املفتي‪ " -‬عبارة عن مجموعة من املعلومات والحقائق واملفاهيم التي تعمل املدرسة على‬
‫إكساهها للتالميذ ههدف إعدادهم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق اإلملام بخبرات اآلخرين‬
‫واالستفادة منها‪ ،‬وقد كانت هذه املعلومات والحقائق واملفاهيم تمثل املعرفة بجوانبها‬
‫املختلفة‪ ،‬أي‪ :‬إنها كانت تتضمن معلومات علمية ورياضية ولغوية وجغرافية وتاريخية‬
‫وفلسفية ودينية وفنية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫وحيث إن هذه املعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على مراحل‬
‫الدراسة وسنواتها‪ .‬فمعنى ذلك أن املنهاج بمفهومه التقليدي هو مجموعة املواد الدراسية‬
‫التي يتولى املتخصصون إعدادها ويقوم التالميذ بدراستها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬أصبحت كلمة منهاج‬
‫مرادفة لكلمة مقرر دراس ي وبمرور الوقت أصبح استخدام كلمة منهاج أعم وأشمل من‬
‫استخدام كلمة مقرر حتى أصبحنا نسمع بمنهاج الجغرافيا ومنهاج التاريخ ومنهاج‬
‫العلوم‪...‬إلخ‪ .‬وكان املدرسون أكثر الفئات استخداما لكلمة منهاج باملعنى الذي أشرنا إليه‬
‫والدليل على ذلك أنهم كانوا يكتبون في أول صفحة من دفتر تحضير دروس املادة "توزيع‬
‫املنهاج على أشهر وأسابيع العام الدراس ي" ‪ .‬واملقصود باملنهاج هنا هو املقرر الدراس ي للمادة‪.‬‬

‫وبكل أسف فإن هذا املفهوم التقليدي للمنهاج مازال مستخدما حتى اآلن لدى عامة‬
‫الشعب بل ولدى الكثير من القائمين بالعملية التعليمية بالرغم من أن هذا املفهوم قد‬
‫تغير تغييرا جوهريا كما سنرى فيما بعد‪"35.‬‬

‫إذا‪ ،‬يقوم املنهاج التقليدي على النظرة الكمية‪ ،‬وحشو رؤوس املتعلمين بمعارف ومعلومات‬
‫كثيرة دون االستهداء بعلم النفس ومبادئه وقوانينه‪ .‬عالوة على اإلشادة بسلطة املعلم‬
‫باعتباره مصدر املعلومة‪ .‬أما املتعلم‪ ،‬فهو يتلقى املعلومات فقط دون محاولة بنائها أو‬
‫تكوينها ذاتيا‪ ،‬أو املشاركة في مناقشة املدرس والحوار معه عموديا‪ ،‬أو الحوار مع زمالئه‬
‫أفقيا‪.‬‬

‫‪ /3‬التعليم املوسوعي‪:‬‬
‫يستند التعليم املوسوعي إلى تجميع املعلومات والبيانات واملعطيات‪ ،‬والتركيز على الحفظ‬
‫واالستظهار‪ ،‬والتوسع في مجموعة من املعلومات واملعارف والتخصصات‪ .‬ويتميز املقرر‬

‫‪ -35‬الوكيل حلمي أحمد‪ ،‬املفتي محمد أمين‪ ،‬أسس بناء املناهج وتنظيماتها‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫طبعة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪29‬‬
‫الدراس ي بكونه مقرر املضامين واملحتويات ‪ ،‬وليس مقرر أهداف‪ ،‬وقدرات‪ ،‬وكفايات‪،‬‬
‫ومهارات‪ ،‬ودراسات‪ ،‬وتقنيات‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يرى الحسن اللحية أن املقرر الدراس ي " هو مرادف‬
‫املواد أو الدروس‪ ،‬وهو نفسه بالنسبة لجميع التالميذ ‪ .‬يحدد املقرر ما ينبغي أن يتعلمه‬
‫التالميذ في كل سنة دراسية وفي كل مادة من املواد املدرسة في السنة‪"36.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فاملقرر الدراس ي عبارة عن الئحة أو فهرس من املواد واملحتويات الواجب تعلمها‬
‫وتدريسها‪ .‬ويمكن القول‪ :‬إن املقرر الدراس ي هو تفصيل للدروس واألنشطة املصحوبة‬
‫بالتوزيع السنوي‪.37‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملقرر الدراس ي هو عبارة عن مواد ومحتويات ومضامين وتيمات موضوعاتية‬


‫وموارد دراسية في شكل عناوين مترابطة ومتسلسلة‪ ،‬أو هو جملة من النصوص واملعارف‬
‫واملعلومات واملهارات واملوارد واملواقف والحقائق واملفاهيم واملصطلحات التي يختارها‬
‫مجموعة من الخبراء واملدرسين واملفتشين واللجان التربوية لتكون رهن إشارة املتعلمين وفي‬
‫خدمتهم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تخدم ميول املتعلمين الذهنية والوجدانية والحسية الحركية‪ ،‬وتراعي‬
‫اتجاهاتهم النفسية‪ ،‬وتلبي حاجياتهم املختلفة واملتنوعة‪.‬‬

‫ويرد املقرر في شكل مواضيع ودروس وموارد ومواقف ومهارات ووحدات ومحتويات وخبرات‬
‫وتجارب تكسب املتعلمين ما يحتاجونه من معارف ومعلومات وحقائق مهمة الستضمارها‬
‫بغية توظيفها في مجاالت الحياة املختلفة‪ .‬بيد أن املقرر الدراس ي في التعليم التقليدي يعنى‬
‫باملضامين واملحتويات والحقائق اليقينية واملعلومات املهمة‪ .‬بيد أن هذه املعلومات نسبية‬
‫وغير حقيقية‪ ،‬وتتغير في الزمان واملكان‪.‬‬

‫‪ - 36‬الحسن اللحية‪ :‬االمتحانات املهنية (علوم التربية)‪ ،‬منشورات املعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2233‬م‪ ،‬ص‪.272:‬‬
‫‪ - 37‬نفسه ‪ ،‬ص‪.272:‬‬
‫‪30‬‬
‫ويرتكز التعليم املوسوعي على املدرس باعتباره صاحب سلطة معرفية يقدمها للتلميذ‬
‫جاهزة بواسطة مجموعة من األسئلة التي تستوجب الحفظ‪ ،‬والتقليد‪ ،‬واملحاكاة‪ ،‬والتكرار‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه‪ ،‬اليستطيع أن يواجه ما يتعرضه من املواقف‬
‫املستجدة‪ ،‬أو يلبي طلبات املقاوالت الحديثة ؛ ألنه اليملك الكفاءات واملهارات املهنية‬
‫واملنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية؛ بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن التأقلم‬
‫والتكيف مع مستجدات الواقع االقتصادي الجديد ‪.‬ومن ثم‪ ،‬تبقى معارفه نظرية مجردة‬
‫غير وظيفية تنقصها املمارسة والخبرات التجريبية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يكون االهتمام ‪ ،‬في التعليم املوسوعي‪ ،‬بالكم على حساب الكيف‪ ،‬ويلتجئ املدرس‬
‫إلى التحفيز السلوكي امليكانيكي من خالل االسترشاد بثنائية الحافز واالستجابة لتوجيه دفة‬
‫القسم؛ مما ينتج عنه ردود أفعال التالميذ السلبية‪ ،‬ونفورهم من القسم النعدام األنشطة‬
‫الذاتية والخبرات الفردية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينكمشون على أنفسهم خوفا أو خجال أو جهال بما‬
‫يعطى لهم من دروس ومعارف كمية يصعب اإلحاطة هها في سنة كاملة‪.‬‬

‫و لم يظهر نموذج الوحدات في ميدان التدريس ووضع املناهج التربوية إال رد فعل على‬
‫املنهاج التقليدي الذي كان يدرس املواد الدراسية بطريقة منفصلة دون توفرها على وحدة‬
‫معرفية شمولية‪ ،‬ودون مراعاة األسس النفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والديدكتيكية‪ ،‬والتربوية ‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬اتسم املنهج التقليدي بكثير من العيوب‪ ،‬وفي مقدمتها أنه كان يلتزم بالحدود‬
‫الفاصلة بين املواد وبين موضوعات املادة الواحدة‪.‬وقد أدى ذلك إلى تفكك الدراسة وضياع‬
‫وحدتها‪.‬‬

‫كما أن االهتمام بجانب املعلومات دون غيرها من بقية أهداف التربية قد أدى بكثير من‬
‫املدرسين في ظل املناهج التقليدية إلى إهمال ربط الدراسة بالحياة‪ ،‬واالعتماد في تقديم‬
‫الحقائق إلى التالميذ على التلقين؛ مما أدى ‪ -‬بدوره ‪ -‬إلى إهمال النشاط‪ ،‬واملساهمة في‬
‫سلبية التلميذ‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫ومما يؤخذ على املناهج التقليدية كذلك عدم وضوح األهداف سواء بالنسبة للمدرس أم‬
‫التلميذ‪ ،‬وقد أدى ذلك إلى سيادة هدف واحد في ظل الدراسة التقليدية هو تحقيق الهدف‬
‫الكمي بتحصيل املادة املدرسة‪ ،‬واالستعداد لالمتحان‪ ،‬وترجيح كفة الكتاب املدرس ي‬
‫وتغليبه على جميع املكونات التعليمية األخرى‪.‬‬

‫‪ /4‬املقاربة باملضامين بين املواد املنفصلة واملتصلة‪:‬‬


‫بعد االستقالل مباشرة‪ ،‬تمثل التعليم املغربي نظرية الوحدة والفروع على املستوى‬
‫البيداغوجي والديدكتيكي؛ إذ انتقل من نظرية الوحدة كما يتجلى ذلك واضحا في‬
‫‪Bien lire et‬‬ ‫كتاب(اقرأ( ألحمد بوكماخ ‪ ،‬وكتاب الفرنسية (‬
‫‪ ، )comprendre/H.Tranchart‬ليتبنى ‪ -‬بعد ذلك‪ -‬نظرية الفروع‪ .‬ومن املعلوم أن نظرية‬
‫الوحدة هي تدريس مادة ما كأن تكون اللغة العربية أو اللغة الفرنسية على أنها وحدة‬
‫مترابطة ومتكاملة من خالل مراعاة األسس التربوية والنفسية واللغوية‪ ،‬كأن نستثمر نص‬
‫القراءة – مثال‪ -‬في التعبير‪ ،‬والتذوق‪ ،‬واإلنشاء‪ ،‬والشكل‪ ،‬والنحو‪ .‬بمعنى أن نظرية الوحدة‬
‫أو املنهج املحوري ‪ -‬حسب عبد العليم إبراهيم ‪ -‬هي" أن ننظر إلى اللغة على أنها وحدة‬
‫مترابطة متماسكة‪ ،‬وليست فروعا مفرقة مختلفة‪ ،‬ولتطبيق هذه النظرية في تعليم اللغة‬
‫يتخذ املوضوع أو النص محورا تدور حوله جميع الدراسات اللغوية‪ ،‬فيكون هو موضوع‬
‫القراءة‪ ،‬والتعبير‪ ،‬والتذوق‪ ،‬والحفظ‪ ،‬واإلمالء‪ ،‬والتدريب اللغوي‪ ...‬وهكذا‪ ،‬وقد كانت هذه‬
‫الطريقة هي السائدة في العهود األولى تدريسا وتأليفا‪ ،‬وكتاب (الكامل) للمبرد يعد مثاال‬
‫للتأليف على هذه الطريقة؛ ففيه يعرض النص‪ ،‬ويعالج من الناحية اللغوية والنحوية‬
‫والصرفية وغيرها‪ .‬وطبيعي أن نظرية الوحدة التعترف بتخصيص حصص معينة لنوع من‬
‫أنواع الدراسات اللغوية"‪.38‬‬

‫‪ -38‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫‪3646‬م‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪32‬‬
‫ويضاف إلى ذلك أن املدارس العتيقة واألصيلة باملغرب ‪ ،‬كجامع القرويين‪ ،‬كانت تتخذ هذا‬
‫املنهج في التعليم والتدريس؛ حيث يستثمر النص أو الكتاب املنطلق ليكون وثيقة للدراسة‬
‫الشاملة والكلية‪.‬‬

‫أما نظرية الفروع‪ ،‬أو ما يسمى أيضا بمنهج املواد املنفصلة‪ ،‬فاملقصود هها تدريس اللغة‬
‫العربية أو اللغات األجنبية بطريقة فرعية مستقلة‪ .‬بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة‬
‫من اللغة العربية ‪ -‬مثال‪ -‬على أنها فروع مستقلة في منهاجها وبنياتها الديدكتيكية‬
‫والبيداغوجية‪ .‬ويرى عبد العليم إبراهيم أن املراد هها في تعليم اللغة " أننا نقسم اللغة‬
‫فروعا‪ ،‬لكل فرع منهجه وكتبه وحصصه‪ ،‬مثل‪ :‬املطالعة‪ ،‬واملحفوظات‪ ،‬والتعبير‪،‬‬
‫والقواعد‪ ،‬واإلمالء‪ ،‬واألدب‪ ،‬والبالغة‪.‬‬

‫ولتطبيق هذه النظرية يعالج كل فرع من هذه الفروع على أساس منهجه املرسوم في‬
‫ي‪39".‬‬ ‫حصصه املقررة في الجدول الدراس‬

‫وقد تبنى املغرب هذه الطريقة منذ سنوات السبعين من القرن العشرين في السلك‬
‫اإلعدادي‪ ،‬فقد كان هناك كتاب للقواعد‪ ،‬وكتاب للقراءة‪ ،‬وكتاب للمحفوظات‪ ،‬وكتاب‬
‫للتاريخ‪ ،‬وكتاب للجغرافيا‪ ،‬وكتاب للتربية الوطنية‪ ،‬وكتاب للتربية اإلسالمية‪ .‬وكانت لكل‬
‫مادة طريقتها في التدريس والتوجيه‪ ،...‬وعلى الرغم من ذلك فقد كان املنهاج تقليديا‬
‫ومضمونيا بامتياز‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يمكن الحديث عن أنواع عدة من املناهج الدراسية والتربوية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬منهاج املواد املنفصلة‪ :‬يقصد به ذلك املنهاج الذي يقوم على تدريس املواد التعليمية‬
‫بطريقة منفصلة‪ ،‬والعناية بكل مادة دراسية مجزأة على حدة " بتنظيم املعلومات واملهارات‬
‫املطلوب إمداد التالميذ هها في صورة مواد دراسية مستقلة " تاريخ‪ .‬جغرافية‪.‬لغة‪.‬رياضة‪"...‬‬

‫‪ -39‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية‪ ،‬ص‪.33-32:‬‬


‫‪33‬‬
‫وقد يكون طابع هذا املنهاج املغاالة في الفصل بين هذه املواد‪ ،‬وقد يالحظ فيه ش يء من‬
‫الربط بينها‪.‬‬

‫ومن خواص هذا املنهاج أن كل مادة تعتبر مستقلة استقالال تاما أو نسبيا عن غيرها من‬
‫املواد الدراسية‪ ،‬وأن لكل مادة منهجا معينا‪ ،‬ووقتا محددا‪ ،‬وكتابا خاصا‪ ،‬وأن لكل مادة‪-‬‬
‫كذلك‪ -‬أهدافا ووسائل‪.‬‬

‫ومما يؤخذ على هذا املنهاج أنه يغفل ميول التالميذ؛ ألنهم قد يدرسون أشياء التميل إليها‬
‫نفوسهم‪ ،‬ومن عيوبه أيضا أن فيه تفريقا وتنافرا بين املعلومات في أذهان التالميذ‪ ،‬فتصبح‬
‫هذه املعلومات غير وظيفية‪ ،‬أي عاجزة عن حل املشكالت الحيوية‪ ،‬كما أن املغاالة في األخذ‬
‫ههذا املنهج قد تدعو إلى إهمال األحداث الجارية والحياة املعاصرة‪ ،‬وقد يطغى اهتمام‬
‫املدرس باملادة على حق التلميذ من املشاركة اإليجابية‪"40.‬‬

‫وعليه ‪ ،‬يدرس هذا املنهاج الخبرات التعليمية في شكل مجزوءات ووحدات ومواد منفصلة‪،‬‬
‫على الرغم من انصهارها ضمن الكل‪.‬والهدف من ذلك هو تبسيط املعلومات واملعارف‬
‫واملحتويات‪ ،‬وتسهيلها على مستوى األداء واإلنجاز والتبليغ‪ ،‬والتمييز بين مختلف املكونات‬
‫املستقلة‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فمنهاج املواد املنفصلة هو" املنهاج التقليدي املعروف املكون من مواد دراسية منفصلة‬
‫موزعة على سنوات الدراسة املختلفة والتاريخ والجغرافيا والعلوم والحساب والهندسة‬
‫والرسم واألشغال‪ ،‬وفي هذا املنهاج ال توجد أية رابطة بين مادة دراسية وبين باقي املواد ‪،‬‬
‫فالخبرة فيه مفككة واملواد حسب منطق الكبار واملتخصصين في املواد املختلفة‪ ،‬و البعد‬
‫عن سيكولوجية األطفال‪ ،‬كما أن املواد املختلفة املستوى التالميذ بل إنها في العادة فوق‬

‫‪ -40‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫‪3646‬م‪ ،‬ص‪.64:‬‬
‫‪34‬‬
‫مستواهم وذلك يرجع الى نظرية امللكات التي كانت مسيطرة على فلسفة التربية والتي ترى‬
‫أن العقل مقسم إلى ملكات‪ ،‬وأن كل مادة من مواد الدراسة تدرب إحدى هذه امللكات‪،‬‬
‫فالشعر يدرب ملكة الخيال‪ ،‬والحساب يدرب ملكة التفكير الى غير ذلك‪ ،‬وكلما زادت املواد‬
‫الدراسية في الصعوبة كليا أدى ذلك إلى تدريب أقوی وأعمق أثرا مللكات العقل‪ .‬كما أن هذا‬
‫النوع من املناهج يعتبر بعيدا كل البعد عن مواقف الحياة العادية بسبب التقسيم‬
‫املصطنع مما يؤدي إلى عدم اهتمام التالميذ به‪ ،‬والی اتباع طريقة التلقين والتقرير في‬
‫توصيله إلى أذهانهم‪41".‬‬

‫ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الفروع التي يقصد هها تدريس اللغة العربية أو اللغات‬
‫األجنبية بطريقة فرعية مستقلة‪ .‬بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة من اللغة العربية ‪-‬‬
‫مثال‪ -‬على أنها فروع مستقلة في منهاجها وبنياتها الديدكتيكية والبيداغوجية‪.‬‬

‫وقد تبنى املغرب هذه الطريقة إبان سنوات السبعين من القرن العشرين في االبتدائي‪،‬‬
‫واإلعدادي‪ ،‬والثانوي‪ .‬فقد كان هناك كتاب للقواعد‪ ،‬وكتاب للقراءة‪ ،‬وكتاب للمحفوظات‪،‬‬
‫وكتاب للتاريخ‪ ،‬وكتاب للجغرافيا‪ ،‬وكتاب للتربية الوطنية‪ ،‬وكتاب للتربية اإلسالمية‪ .‬وكانت‬
‫لكل مادة طريقتها في التدريس‪ ،‬والتقويم‪ ،‬والتوجيه‪...‬‬

‫‪ ‬منهاج املواد املترابطة‪ :‬يشبه منهاج املواد املنفصلة في املنهاج التقليدي‪ ،‬ولكن هناك‬
‫ترابط شكلي طفيف بين بعض املواد دون األخرى كدراسة تاريخ املغرب‪ ،‬وجغرافيا املغرب‪،‬‬
‫وأدب املغرب‪ ،‬دون أن يمتد الترابط إلى باقي املواد األخرى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬مازالت فكرة االنفصال‬
‫باقية ‪ ،‬ولم يحقق الترابط دوره اإليجابي في توحيد املواد الدراسية كلها‪.‬‬

‫‪ ‬منهاج املواد املتشابهة أو املتسعة‪ :‬يعتمد هذا املنهاج على تدريس املواد املتشاههة أو‬
‫املتسعة كما في التعليم االبتدائي املغربي‪:‬‬

‫‪ -41‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬املوجزفي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العربية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.43-43 :‬‬
‫‪35‬‬
‫أ‪ -‬قطب اللغات ‪:‬اللغة العربية‪ ،‬واللغة الفرنسية‪ ،‬واللغة األمازيغية؛‬

‫ب‪ -‬قطب الرياضيات‪:‬الجبر‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والقياس‪ ،‬إلخ‪...‬؛‬

‫ج‪ -‬قطب مواد التفتح‪ :‬التربية التشكيلية‪ ،‬والنشاط العلمي‪ ،‬والتربية البدنية‪ ،‬والتربية‬
‫اإلسالمية‪...،‬؛‬

‫وهكذا‪ " ،‬يعتبر هذا النوع محاولة أخرى إلدماج املواد الدراسية بعضها في بعض وهو أقرب‬
‫إلى التكامل من منهاج املواد املرتبطة‪ ،‬وفيه تدمج كل مجموعة من املواد ذات عالقة‬
‫ببعضها في مادة واحدة‪ ،‬فال تكون هناك مادة للتاريخ‪ ،‬وأخرى للجغرافيا‪ ،‬وثالثة للتربية‬
‫الوطنية أو األخالق‪ ،‬وإنما وال منها مادة واحدة هي العلوم االجتماعية وكذلك في املواد‬
‫العلمية والرياضية والفنية‪".42‬‬

‫ويعني هذا خلق توأمة بين الدروس واملواد املتشاههة كتقسيمها إلى مواد العلوم االجتماعية‬
‫(التاريخ‪ ،‬والجغرافيا ‪ ،‬والتربية الوطنية)‪ ،‬والعلوم اإلنسانية(األدب‪ ،‬والفلسفة‪ ،)...‬واملواد‬
‫العلمية (الرياضيات‪ ،‬والفيزياء‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والعلوم الطبيعية‪.)...‬‬

‫‪‬املنهاج املحوري أو املتمركز(‪ :)Concentré‬يقصد به ذلك املنهاج الذي تتمحور حوله‬


‫املواد الدراسية في إطار وحدة مترابطة ومتكاملة ؛ حيث تنصهر فيه جميع الوحدات‬
‫واملجزوءات التعليمية في بوتقة محورية متسلسلة ومتسقة ومنسجمة ‪ .‬أي‪ :‬إنه" املنهاج‬
‫الذي يقوم على الترابط والتكامل بين املواد الدراسية‪ ،‬بحيث تتخذ إحدى هذه املواد محورا‬
‫تدور حوله سائر الخبرات األخرى‪ ،‬على أن يتجه السير ههذا املنهاج نحو مشكالت الحياة‬
‫واملجتمع "‪.43‬‬

‫‪ - 42‬أمينة اللوه‪ :‬نفسها‪ ،‬ص‪.44-43:‬‬


‫‪ -43‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.66:‬‬
‫‪36‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يعد املنهاج املحوري " خطوة موفقة نحو ترابط الخبرة وتكاملها ‪ ،‬ونظام املنهاج‬
‫املحوري باتخاذ إحدى املواد الدراسية نواة أو محورا تدور حوله باقي املواد الدراسية‬
‫األخرى‪ ،‬وقد اتخذ التاريخ كنواة في بداية األمر بحيث يكون أساسا لدراسة الجغرافيا‬
‫واألدب والتعبير اللغوي‪ .‬كما أن دروس التعبير الفني كانت تدور حول رسم اآلثار‬
‫والشخصيات التاريخية وعمل نماذج لها‪ ،‬ثم عدل عن التاريخ‪ ،‬وحلت محله الجغرافيا ‪ ،‬ثم‬
‫عدل عنها إلى العلوم‪ ،‬ولكن وجد أنه ليس من املمكن أن تترابط جميع املواد حول مادة‬
‫واحدة بطريقة طبيعية دون تكلف أو افتعال‪ ،‬ولهذا أصبح املحور يقوم على مشكلة مشتقة‬
‫من املواد الدراسية أو من مواقف الحياة العامة‪44" .‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تنطلق املقاربة املحورية أو املركزية أو البؤرية " من مبدأ كلية املعارف واملواد والتداخل‬
‫فيما بينها ‪ ،‬بحيث اليمكن عزلها وتجزيئها إال بالتخلي عن طابعها التكاملي املتناسق‪.‬لذا تؤكد‬
‫هذه املقاربة على أنه ينبغي أن الننطلق من املواد لبناء البرنامج أو املنهاج‪ ،‬بل ينبغي أن‬
‫ننطلق من معايير أخرى تلتقي عندها جميع املواد‪.‬ولقد أكد تطور األبحاث العلمية اليوم‬
‫على الطابع املتداخل واملتكامل للعلوم‪ .‬فتفسير ظاهرة كيميائية مثال اليمكن أن يتم في‬
‫معزل عن الفيزياء والبيولوجيا ‪ ،‬كما أن النظريات العلمية أصبحت تبحث عن نماذج‬
‫تفسيرية للظواهر تتسم بتعدد أبعادها ‪ ،‬وعدم اقتصارها على مجال علمي واحد‪ .‬وكذلك‬
‫في التعليم وجهت الدعوة إلى إزالة الحواجز بين املواد‪ ،‬والتركيز على األنشطة واإلنجازات‬
‫التي تتميز بتداخل املعارف واملهارات‪45".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فاملنهاج املحوري هو الذي يركز على تداخل املعارف وتشاههها وتكاملها ضمن‬
‫نسق تربوي منفتح ومتعدد‪.‬‬

‫‪ -44‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.44:‬‬


‫‪ 45‬عبد اللطيف الفارابي وآخران‪ :‬البرامج واملناهج‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪،‬‬
‫ص‪.66:‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ /5‬نظريــة يوهان فريدريش هربارت ‪:‬‬
‫لقد تبنى التعليم املغربي ‪ ،‬عن وعي أو عن غير وعي‪ ،‬الطريقة التدريسية املضمونية التي‬
‫فصلها الفيلسوف واملربي األملاني يوهان فريدريش هربارت(‪،) Johann Friedrich Herbart‬‬
‫وقد عاش ما بين ‪ 1776‬و‪1841‬م‪ .‬وتنحصر خطواته التدريسية في خمس خطوات إجرائية‬
‫هي‪ :‬التمهيد‪ ،‬والعرض‪ ،‬والربط‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬و االستنتاج واالستنباط‪ .‬ومازالت نظريته‬
‫تطبق‪ ،‬بشكل من األشكال‪ ،‬في أوروبا وأمريكا الشمالية‪.‬‬

‫وقد ربط هربارت نظريته التربوية باألخالق وعلم النفس‪ .‬وقد اهتم كثيرا بالترابط املعرفي‪،‬‬
‫وتنمية رغبة االهتمام لدى املتعلم تحفيزا‪ ،‬وتشويقا‪ ،‬وتشجيعا من خالل مراعاة ميول‬
‫التالميذ النفسية واالجتماعية واألخالقية‪ ،‬والربط بين األفكار القديمة والجديدة في أثناء‬
‫عرض الدرس وتفصيله اعتمادا على التشابه‪ ،‬والتماثل‪ ،‬واملقايسة‪ ،‬واملقارنة‪.‬‬

‫وقد خلف لنا يوهان هربارت فردريش مجموعة من الكتب الفلسفية والتربوية والنفسية‪،‬‬
‫مثل‪( :‬املدخل إلى الفلسفة‪3036/‬م )‪ ،‬و(الفلسفة العملية العامة‪3020/‬م)‪ ،‬و(امليتافيزيقا‬
‫العامة‪3026-3020/‬م) ‪ ،‬و(التربية العامة‪3023/‬م)‪،‬و(خطة محاضرات في علم‬
‫ً‬
‫التربية‪3063/‬م)‪ ،‬و(السيكولوجية علما‪3027/‬م)‪.‬‬

‫ويمكن تفصيل خطوات هربارت التربوية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -3‬التمهيد (‪.)Introduction‬‬

‫‪ -2‬العرض(‪.)Présentation‬‬

‫‪ -3‬الربط واملوازنة (‪.)Association‬‬

‫‪ -4‬التطبيق(‪.)Application‬‬

‫‪ -5‬التعميم والتلخيص (‪.)Généralisation‬‬


‫‪38‬‬
‫ومن أهم مزايا طريقة هربارت أنها طريقة منظمة ومتسلسلة في عرض املادة العلمية ‪،‬‬
‫وتعتمد على عنصر التشويق قبل العرض ‪ ،‬وتساعد على ترسيخ املعلومات وتثبيتها في‬
‫أذهان الطالب‪ .‬وتسعف الطالب في التفكير والكشف عن الحقائق‪ ،‬واالعتماد على النفس‪.‬‬

‫ببعضها‪.‬‬ ‫املوضوعات‬ ‫ربط‬ ‫على‬ ‫تساعد‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫ناحية‬ ‫ومن‬


‫أما عن عيوب هذه الطريقة‪ ،‬فتتمثل في اهتمام هربارت باألمور الحسية أكثر من عنايته‬
‫بتربية الخيال والتفكير املستقل‪ .‬كما تصلح هذه الطريقة في دروس استيعاب املعرفة‪ .‬أما في‬
‫دروس كسب املهارة‪ ،‬فإنه يصعب اتباعها‪ .‬كما تحد هذه الطريقة‪ ،‬بخطواتها املحددة‬
‫الصارمة‪ ،‬من عملية التفنن في العملية التعليمية‪ .‬وفي األخير‪ ،‬تهمل طريقة هربارت الدوافع‬
‫الداخلية للفرد وكل ما يتعلق باستعداداته ونواحيه النفسية واالنفعالية ‪ ،‬وترى أن املربي‬
‫يكون الدوافع‪ ،‬ويبني العواطف‪ ،‬ويوجه السلوك‬ ‫يستطيع عن طريق املعلومات واألفكار أن ّ‬

‫‪ /6‬إيجابيات املنهاج املضموني وسلبياته‪:‬‬


‫يبدو أن املنهاج التقليدي سلبي من بعض الجوانب‪ .‬فهو يعنى أكثر بالحفظ والتكرار‬
‫واالجترار فقط‪ ،‬وال يعنى بنمو الطفل من النواحي الذهنية والعقلية والوجدانية والحسية‬
‫الحركية‪ ،‬وال يعطي أهمية للعب أو مستجدات علم النفس والسوسيولوجيا‪ ،‬وال يأخذ‬
‫بالطرائق الحديثة و املعاصرة في التدريس‪ ،‬ويهمل حاجات املتعلم وميوله واتجاهاته‬
‫ومشاكله الذاتية واملوضوعية‪ ،‬ويغفل عن توجيه سلوكه نحو األفضل‪ .‬ويركز كثيرا على‬
‫الكم على حساب الكيف‪ ،‬واليراعي الفوارق الفردية‪ .‬كما يعد األخطاء التعلمية عيبا ومهانة‬
‫وجريرة التغتفر ‪ ،‬والينظر إليها على أنها طريقة مهمة ومفيدة في التعلم‪ .‬ويهمل أيضا تكوين‬
‫العادات واالتجاهات اإليجابية لدى التالميذ‪.‬ناهيك عن تضخم املقررات الدراسية‪ ،‬وعدم‬
‫ترابط املواد فيما بينها لتشكل نسقا كليا‪ .‬ويهمل كذلك الجانب العملي و األنشطة الصفية‬
‫الفردية والجماعية‪ ،‬واليهتم بالتعلم الذاتي‪ ،‬وتوجيه املتعلم توجيها صحيحا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬جاء امليثاق الوطني للتربية والتكوين سعيا وراء" تجاوز الحياة املدرسية الرتيبة‬
‫املنغلقة على نفسها‪ ،‬والتي تعتمد على تلقين املعارف‪ ،‬وحشو الرؤوس باألفكار ومحتويات‬
‫املقررات والبرامج السنوية‪ ،‬وتهمل التنشيط املدرس ي‪ ،‬إلى حياة مدرسية نشطة‪ ،‬يتوفر فيها‬
‫املناخ التعليمي‪ /‬التعلمي القائم على مبادئ املساواة والديمقراطية واملواطنة‪ ،‬حياة‬
‫مدرسية متميزة بالفعالية والحرية واالندماج االجتماعي‪ ،‬تثير في املتعلم مواهبه‪ ،‬وتخدم‬
‫ميوله‪ ،‬وتكون شخصيته‪ ،‬وتنشطها نشاطا تلقائيا وحرا في وسط اجتماعي قائم على التعاون‬
‫ال على اإلخضاع‪46".‬‬

‫وتنص املادة التاسعة‪ ،‬من القسم األول من امليثاق‪ ،‬على هوية مدرسة جديدة‪ ،‬هي مدرسة‬
‫الحياة أو الحياة املدرسية التي ينبغي أن تكون‪ -‬حسب امليثاق‪:‬‬

‫"أ‪ -‬مفعمة بالحياة‪ ،‬بفضل نهج تربوي نشيط‪ ،‬يتجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى‬
‫اعتماد التعلم الذاتي‪ ،‬والقدرة على الحوار واملشاركة في االجتهاد الجماعي‪".‬‬

‫"ب‪ -‬مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار املجتمع في قلب املدرسة‪،‬‬
‫والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن‪ ،‬مما يتطلب نسج عاقات جديدة بين‬
‫املدرسة وفضائها البيئي واملجتمعي والثقافي واالقتصادي‪47".‬‬

‫وفيما يخص التقويم‪ ،‬إذا كان التقويم التقليدي يهتم بقياس املعارف ‪ ،‬واالهتمام بالكم‪،‬‬
‫والتثبت من قدرات الحفظ واالستيعاب لدى املتعلم؛ فإن التقويم الهادف يركز على‬
‫األهداف السلوكية الخاصة واإلجرائية بقياسها عمليا في آخر الحصة الدراسية ‪.‬في حين‪،‬‬
‫يهتم التقويم الكفائي أو اإلدماجي بتقويم القدرات الكفائية لدى املتعلم بوضعه أمام‬
‫وضعيات إشكالية صعبة ومعقدة من أجل أن يجد لها حلوال ناجعة‪ ،‬وتكون تلك‬

‫‪ -46‬جان بياجي‪ :‬التوجيهات الجديدة للتربية ‪ ،‬ترجمة محمد الحبيب بلكوش‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪،3600‬ص‪.36:‬‬
‫‪ -47‬وزارة التربية الوطنية املغربية‪ :‬امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬طبعة‪2223-2222‬م ص‪.33:‬‬
‫‪40‬‬
‫الوضعيات مستمدة من الحياة اليومية أو الواقعية أو الحياة املدرسية‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫املتعلم يتعلم الحياة عبر الحياة ذاتها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالتقويم اإلدماجي هو السبيل املنهجي‬
‫للحكم على املتعلم املتمكن أو الكفء أو املؤهل‪ ،‬والحكم أيضا على املنظومة التربوية‬
‫والديدكتيكية‪ ،‬وتقويم مستوى التعليم في وطننا العربي مقارنة بالتعليم في الدول الغربية‬
‫أو الدول املتقدمة والنامية ‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اليمكن الحديث عن التقويم اإلدماجي إال بالحديث‬
‫عن املقاربة البيداغوجية بالكفايات‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬التدريس باألهداف‪:‬‬


‫اليمكن فهم التدريس باألهداف إال بالتوقف عند مجموعة من املحطات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬مفهــوم املقاربة باألهــداف‪:‬‬


‫عرف قطاع التربية والتعليم في املغرب‪ ،‬وبالضبط في سنوات الثمانين من القرن العشرين‪،‬‬
‫مقاربة تربوية جديدة تسمى بنظرية األهداف‪ .‬والغرض من هذه النظرية أو هذه املقاربة هو‬
‫عقلنة العملية التعليمية‪ -‬التعلمية تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪ ،‬وتسييرا‪ ،‬وتقويما‪ ،‬بأجرأة الفلسفة‬
‫التربوية التعليمية الفضفاضة في شكل أهداف عامة وخاصة‪ .‬والغرض من ذلك كله هو‬
‫تقويم املنظومة التربوية بصفة عامة‪ ،‬والبحث عن مواطن الضعف والقوة بصفة خاصة‪.‬‬
‫فضال عن تحفيز املدرسين وتشجيعهم على تقديم الدروس بطريقة علمية هادفة‪ ،‬وواعية‪،‬‬
‫ومركزة‪ ،‬ومخططة‪ ،‬في ضوء تسطير مجموعة من األهداف اإلجرائية السلوكية الخاصة‬
‫بانتقاء املعايير الكفيلة بالتقويم‪ ،‬واملالحظة‪ ،‬والرصد‪ ،‬والقياس‪ ،‬واالختبار‪ .‬ومن ثم‪ ،‬العمل‬
‫على تقويم مدى تحقق النتيجة أو الهدف في آخر الحصة الدراسية؛ ألن ذلك هو الذي‬
‫يحكم على الدرس بالنجاح أو اإلخفاق‪ .‬وإذا تحقق الهدف املسطر في بداية الدرس‪ ،‬فقد‬
‫تحقق نجاح العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ .‬وإذا لم يتحقق ذلك‪ ،‬فقد أخفق املدرس في‬
‫عمليته التعليمية‪ -‬التعلمية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فما عليه سوى أن يعيد الدرس من جديد‪ ،‬بتمثل‬
‫‪41‬‬
‫التغذية الراجعة منهجا وقائيا‪ ،‬ومعيارا تشخيصيا‪ ،‬ومؤشرا تقويميا لسد النواقص‬
‫الكائنة‪ ،‬ودرء الشوائب غير املتوقعة‪ ،‬والحد من أسباب التعثر الدراس ي بتصحيح كل‬
‫األخطاء التي ارتكبها في أثناء تقديم مقاطع الدرس في مختلف مراحلها الثالث‪:‬‬
‫االستكشافية‪ ،‬والتكوينية‪ ،‬والنهائية‪.‬‬

‫وقد أخذت املؤسسات التربوية املغربية ههذه املقاربة التربوية الجديدة مع بداية الثمانينيات‬
‫من القرن املاض ي‪ .‬بيد أنها سرعان ما تخلت عنها بدون روية أو تفكير أو عمق ليجد‬
‫املدرسون أنفسهم أمام مقاربات تربوية مرتجلة أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬تطبيق دليل الحياة املدرسية‪،‬‬
‫واألخذ بفلسفة الشراكة واملشروع‪ ،‬وتمثل تربية الجودة‪ ،‬واألخذ باملقاربة بالكفايات‬
‫واإلدماج‪ ،‬واالستفادة من مدرسة النجاح‪ ،‬أو االستهداء بامليثاق الوطني للتربية والتكوين‪...‬‬
‫بمعنى أن املغرب قد أصبح حقال للتجارب التربوية الغربية بامتياز؛ حيث عرف تقلبات‬
‫بيداغوجية عدة‪ ،‬وتعرض كذلك الهتزازات تربوية مجتمعية مرات ومرات؛ بسبب تذبذب‬
‫وزارة التربية الوطنية سياسة‪ ،‬وتدبيرا‪ ،‬وتخطيطا؛ وعجزها عن اختيار إستراتيجية تربوية‬
‫واضحة ودقيقة وناجعة‪ .‬وربما يكون هذا التقلب راجعا إلى عوامل ذاتية ومزاجية‪ ،‬أو نتيجة‬
‫لعوامل سياسية ومجتمعية داخلية‪ ،‬أو يكون ذلك نتاجا لعوامل خارجية تتمثل في ضغوط‬
‫املؤسسات الدولية‪ ،‬والسيما املؤسسات املالية والبنكية التي تفرض على املغرب شروطا‬
‫معينة في تدبير قطاع التربية والتعليم مقابل االستفادة من املنح‪ ،‬والقروض‪ ،‬واالمتيازات‪.‬‬

‫وإذا كانت املقاربة بالكفايات تعنى بتحديد الكفايات والقدرات األساسية والنوعية لدى‬
‫املتعلم في أثناء مواجهته ملختلف الوضعيات‪ -‬املشكالت في سياق ما‪ ،‬فإن املقاربة باألهداف‬
‫هي مقاربة تربوية تشتغل على املحتويات واملضامين في ضوء مجموعة من األهداف‬
‫التعليمية‪ -‬التعلمية ذات الطبيعة السلوكية سواء أكانت هذه األهداف عامة أم خاصة‪.‬‬
‫ويتم ذلك التعامل أيضا في عالقة مترابط ة مع الغايات واملرامي البعيدة للدولة وقطاع‬

‫‪42‬‬
‫التربية والتعليم‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬تهتم بيداغوجيا األهداف بالدرس الهادف تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪،‬‬
‫وتقويما‪ ،‬ومعالجة‪.‬‬

‫‪ /2‬أن ــواع األه ــداف‪:‬‬

‫من املعروف أن الهدف مصطلح عسكري يعني الدقة والتحديد والتركيز في اإلصابة‪ .‬ويعني‬
‫اصطالحا وضع خطة أو إستراتيجية معينة على أساس التخطيط والتدبير والتسيير بغية‬
‫الوصول إلى نتيجة معينة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يخضع الهدف للتقويم‪ ،‬والرصد‪ ،‬والقياس‪ ،‬واالختبار‪،‬‬
‫والتغذية الراجعة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ثمة مجموعة من األهداف‪ ،‬مثل‪ :‬الغايات‪ ،‬واألغراض‪ ،‬واألهداف العامة‪ ،‬واألهداف‬
‫الخاصة‪ ،‬ويمكن توضيحها على النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الغــايات‪:‬‬

‫هي مجموعة من األهداف العامة‪ ،‬أو هي التوجهات واملرامي واألغراض البعيدة التي تريدها‬
‫الدولة من التربية‪ .‬بتعبير آخر‪ ،‬الغايات هي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم‪،‬‬
‫وتتجسد في املنهاج والبرامج الدراسية واملقررات التعليمية ومحتويات الدروس‪ ،‬مثل‪ :‬عبارة‬
‫"أن يكون مواطنا صالحا"‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالغايات هي مجموعة من املرامي الفلسفية‬
‫والطموحات املستقبلية البعيدة التي تتسم بالغموض‪ ،‬والتجريد‪ ،‬والعمومية‪ .‬ويعرفها‬
‫محمد الدريج بقوله‪:‬‬

‫" إن الغايات هي غايات ألهداف تعبر عن فلسفة املجتمع‪ ،‬وتعكس تصوراته للوجود‬
‫والحياة ‪ ،‬أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة‪ ،‬مثل قولنا‪":‬‬
‫على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية" أو "على املدرسة أن تكون مواطنين‬
‫مسؤولين" أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية‪..."...‬إلخ‪ .‬فهذه أهداف عامة‬

‫‪43‬‬
‫تتموضع على املستوى السياس ي والفلسفي العام ‪ ،‬وتسعى إلى تطبيع الناشئة بما تراه‬
‫مناسبا للحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية‪"48.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فالغايات هي أهداف تربوية كبرى تختلط بالسياسة العامة للدولة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما‬
‫تكون أهدافا عامة‪ ،‬ومجردة‪ ،‬وفضفاضة‪.‬‬

‫ب‪ /‬األهداف العامة أو األغراض‪:‬‬

‫يقصد باألغراض‪ ،‬أو األهداف العامة‪ ،‬توجهات التربية والتعليم‪.‬أي‪ :‬تتعلق بأهداف قطاع‬
‫التربية والتعليم في مجاالت التكوين‪ ،‬والتأطير‪ ،‬والتدريس‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فللتعليم االبتدائي‬
‫أهدافه العامة‪ ،‬وللتعليم اإلعدادي والثانوي أهدافه العامة‪ ،‬وللتعليم الجامعي أهدافه‬
‫العامة‪ ،‬وللتكوين املنهي كذلك أهدافه ومراميه وأغراضه‪ .‬ويعني هذا أن األغراض أقل‬
‫عمومية من الغايات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ترتبط بفلسفة قطاع التربية والتعليم‪ .‬في حين‪ ،‬ترتبط‬
‫الغايات بسياسية الدولة العامة كأن نقول ‪ -‬مثال‪ -‬يهدف التعليم املنهي إلى تكوين مهنيين‬
‫محترفين في مجال التكنولوجيا والصناعة‪.‬‬

‫ج‪ /‬األهداف الوسطى‪:‬‬

‫تتموقع األهداف الوسطى بين األهداف العامة واألهداف الخاصة‪ .‬بمعنى أنها أقل عمومية‬
‫وتجريدا من األهداف العامة‪ ،‬وأقل إجرائية وتطبيقا من األهداف الخاصة‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫فالصنافات املعرفية واالنفعالية والحسية الحركية عبارة عن مجموعة من املراقي املتدرجة‬
‫في العمومية‪ .‬بيد أنها تقترب من الخصوصية‪ ،‬مثل‪ :‬أن يعرف التلميذ أخوات كان‪،‬‬
‫ويستظهر القصيدة الشعرية‪ ،‬و يتذوق الشعر‪ ،‬ويقفز بالزانة‪...‬‬

‫د‪ /‬األهداف الخاصة‪:‬‬

‫‪ -48‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪3606‬م‪ ،‬ص‪.63:‬‬
‫‪44‬‬
‫يقصد باألهداف الخاصة األهداف السلوكية أو األهداف اإلجرائية‪ .‬ونعني باألهداف‬
‫اإلجرائية تلك األهداف التعليمية القابلة للمالحظة‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتقييم‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما تصاغ‬
‫في شكل أفعال مضارعة محددة بدقة (أن يراجع التلميذ درسه السابق في النحو)‪ .‬ويعني‬
‫هذا أن الهدف اإلجرائي هو إنجاز فعلي خاضع للقياس واملالحظة املوضوعية‪ ،‬وقد يكون‬
‫هدفا معرفيا‪ ،‬أو هدفا وجدانيا ‪ ،‬أو هدفا حسيا حركيا‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬نقيس سلوك‬
‫املتعلم‪ ،‬ال سلوك املدرس‪ ،‬بأفعال مضارعة محددة بدقة قياسية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يقول‬
‫محمد الدريج‪:‬‬

‫" يمكن أن نالحظ بأن صياغة األهداف الخاصة تكون دائما صياغة واضحة ‪ ،‬وتكون‬
‫لكلماتها معاني واحدة غير قابلة للتأويل‪ .‬إن صياغة الهدف الخاص يجب أن تتجنب‬
‫العبارات الضبابية التي توحي بعدد كبير من التأويالت التي قد يفرضها تباين األشخاص‪،‬‬
‫واختالف املواقف؛ مما قد يؤدي إلى تعطل التواصل بين املدرس والتالميذ وبينه وبين‬
‫زمالئه في الفصل‪.‬‬

‫ثم إن ما يميز األهداف الخاصة هو كونها تصف سلوكا قابال للمالحظة‪...‬ثم إن األهداف‬
‫الخاصة تحدد شروط ظهور السلوك‪49"...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاألهداف الخاصة أو اإلجرائية هي أهداف سلوكية تعليمية معرفية‪ ،‬وانفعالية‪،‬‬


‫وحسية حركية‪ ،‬تقيس إنجازات املتعلم بعبارات واضحة ودقيقة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تكون قابلة‬
‫للمالحظة‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتقييم‪.‬‬

‫‪ /3‬السي ــاق التاريخ ــي للمقاربة باألهداف‪:‬‬


‫تبلورت نظرية األهداف في الواليات املتحدة األمريكية في سنة ‪3670‬م ملناقشة أسباب‬
‫الفشل الدراس ي في املؤسسات التعليمية‪ ،‬وقد انعقد االجتماع في بوسطن بمناسبة تنظيم‬

‫‪ -49‬محمد الدريج‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.60:‬‬


‫‪45‬‬
‫مؤتمر الجمعية األمريكية للسيكولوجيا‪ ،‬وقد ترتب عن ذلك قرار باإلجماع لتوصيف‬
‫السلوك التربوي‪ ،‬وتحديد استجابات املتعلمين في ضوء سلوك إجرائي محدد بدقة لقياسه‬
‫إجرائيا‪ .‬بمعنى أن املؤتمرين قد وصلوا إلى أن ترقية التعليم وتطويره‪ ،‬والحد من ظاهرة‬
‫اإلخفاق‪ ،‬سببه غياب األهداف اإلجرائية‪.‬أي‪ :‬إن املدرس ال يسطر األهداف التي يريد‬
‫تحقيقها في الحصة الدراسية‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فقد آن األوان للتفكير في صنافات األهداف املعرفية والوجدانية والحسية‬
‫الحركية لوصف مختلف استجابات املتعلم من خالل صياغتها في عبارات سلوكية محددة‬
‫ودقيقة‪ ،‬وتصنيفها في مراق متراكبة تتدرج من السهولة إلى الصعوبة والتعقيد‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫خرج املؤتمر السيكولوجي بنظرية تربوية جديدة تسمى بنظرية األهداف أو الدرس الهادف‬
‫الذي يقوم على تحديد مجموعة من األهداف السلوكية املرصودة واملالحظة سواء أكانت‬
‫أهدافا عامة أم خاصة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ارتبطت نظرية األهداف بجماعة شيكاغو‪ ،‬وقد كان‬
‫رالف تيلر( ‪ )Ralph Tyler‬سباقا إلى تحديد مجموعة من األهداف باعتبارها مداخل‬
‫أساسية لتطوير التعليم ‪ ،‬والرفع من مستواه ‪ .‬بمعنى أن رالف تايلر كان سباقا منذ سنة‬
‫‪3663‬م إلى عقلنة العملية اإلنتاجية انطالقا من تحديد مجموعة من األهداف ‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬يقول محمد الدريج‪:‬‬

‫" والحقيقة أن الفضل يعود في الدرجة األولى إلى رالف تايلر(‪ ، )Ralph Tyler‬إذ كان من أبرز‬
‫الداعين إلى تعيين األهداف التي يجب أن يرمي إليها التعليم‪ ،‬وخاصة في كتيب له تحت‬
‫عنوان (أساسيات املناهج)‪ ،‬والذي نقله إلى العربية أحمد خيري كاظم وجابر عبد الحميد‬
‫جابر منذ سنة ‪3632‬م‪.‬‬

‫وقد انطلق تايلر من أن التحقق من صحة أساليب التعليم وأساليب االمتحان‪ ،‬ال يتم‬
‫بالرجوع إلى نصوص الكتب املدرسية واملناهج املقررة‪ ،‬إنما بالرجوع إلى األهداف التي وراء‬
‫هذه النصوص واملناهج؛ ألن النصوص واملناهج في نظره‪ ،‬يمكن أن تدرس بطرق متعددة‪،‬‬
‫‪46‬‬
‫ً‬
‫ولتحقيق غايات كثيرة‪ ،‬فهي التصلح إذا أن تكون املرجع للتحقق من صحة التعليم‬
‫وسالمته أو صدق االمتحانات‪ ،‬ولذلك فمن الضروري أن يكون ضبط األهداف سابقا‬
‫للنشاط التعليمي‪.‬‬

‫وقد وجدت نظرية تايلر صدى كبيرا في األوساط التربوية والتعليمية‪ ،‬وستظهر مصنفات‬
‫كثيرة في االتجاه نفسه‪ ،‬ومتأثرة بآرائه‪ .‬ومن أهمها املصنف الذي سبقت اإلشارة إليه‪،‬‬
‫والذي نشرته لجنة القياس واالمتحانات(مجموعة شيكاغو)‪ -‬وجل أعضائها من تالميذ‬
‫تايلر‪ -‬والتي شددت على األهداف التعليمية كأساس لتنظيم التربية‪50".‬‬

‫وقد نتج عن هذا املؤتمر ‪ -‬الذي سلف ذكره ‪ -‬مجموعة من الصنافات تعنى بتنميط‬
‫األهداف اإلجرائية في مجموعة من املراقي املتدرجة‪ ،‬مثل‪ :‬مصنف بلوم الذي‬
‫عنوانه(تصنيف األهداف التربوية‪ ،‬املجال العقلي املعرفي) ‪ ،‬و قد نشر سنة ‪3633‬م‬
‫بإشراف بنيامين بلوم (‪ ، )B.Bloom‬وأعقبه الجزء الثاني بعنوان (تصنيف األهداف‬
‫التربوية‪ ،‬املجال االنفعالي العاطفي) بإشراف كراثهول (‪.)D.Krathwohl‬‬

‫وقد انتشرت نظرية األهداف في أمريكا وأوروبا منذ الستينيات من القرن املاض ي‪ ،‬وأصبحت‬
‫موضة تربوية معاصرة أكثر انتشارا في سنوات السبعين‪ .‬وقد أخذ املغرب ههذه املقاربة‬
‫الجديدة منذ سنوات الثمانين من القرن املاض ي‪ ،‬بعد أن أرسلت بعثة من أساتذة كلية‬
‫علوم التربية بالرباط إلى بلجيكا للتكوين والتدريب على نظرية األهداف التربوية‪ ،‬بما فيها‪:‬‬
‫الباحث محمد الدريج صاحب كتاب(التدريس الهادف)‪51‬‬

‫‪ -50‬نفسه‪ ،‬ص‪.66:‬‬
‫‪ -51‬محمد الدريج‪ :‬التدريس الهادف ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪3662‬م‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫وعليه‪ ،‬ترتبط نظرية األهداف التربوية بالنظرية السلوكية القائمة على ثنائية املثير‬
‫واالستجابة؛ ألن بيداغوجيا األهداف تسعى إلى قياس السلوك التعليمي الخارجي‪ ،‬ورصده‬
‫مالحظة‪ ،‬وقياسا‪ ،‬وتقويما‪.‬‬

‫‪ /4‬شــروط صياغــة اله ــدف‪:‬‬


‫تستوجب صياغة الهدف التعليمي الذي يرتبط بسلوك املتعلم اإلنجازي ‪ -‬حسب ماجر‬
‫(‪ – )Mager‬شروطا أساسية ثالثة هي‪:‬‬

‫‪ ‬أن تتضمن صياغة الهدف النتائج التي سيحصل عليها التلميذ‪ .‬بمعنى أن يحدد املدرس‬
‫سلوك املتعلم بدقة ووضوح‪.‬‬

‫‪ ‬أن تتضمن الصياغة توصيفا للظروف السياقية للسلوك املنجز من قبل املتعلم‪.‬‬

‫‪ ‬أن تشتمل صياغة الهدف على تحديد دقيق للمستوى األدنى للنجاح الذي يحيلنا على‬
‫تحقق قدر معين من الهدف‪.52‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يذهب غانيي(‪ )Gangné‬إلى أن الهدف اإلجرائي الخاص يتميز بمجموعة‬
‫من السمات التالية‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪ ‬إن الهدف الغامض يسبب الغموض وتعدد االحتماالت والتأويالت‪ .‬بمعنى أن يكون‬
‫الهدف واضحا بدقة ومحددا بالشكل الكافي‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون الهدف صادقا ‪ .‬بمعنى أن يفهمه اثنان باملعنى نفسه ويتفقان حوله‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون قابال للتحقق واإلنجاز‪ ،‬فال يمكن تقويم هدف مرتبط بسلوك مستحيل‪ ،‬أو‬
‫صعب تحقيقه‪.‬‬

‫‪52‬‬ ‫‪- A regarder Mager,Robert: Comment definer des objectifs pédagogiques,Traduction‬‬


‫‪G.Décote.Gauthier-Villars, Paris, 1981.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪ ‬أن تكون األهداف متدرجة ومتنوعة على مستوى املراقي‪ .‬بمعنى أن تكون األهداف‬
‫متدرجة في السهولة والصعوبة‪ ،‬فنبدأ بالبسيط لنتدرج حتى املركب واملعقد‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون األهداف املرجوة تعبيرا صادقا عن فلسفة التربية املعتمدة‪ .‬بمعنى أن تكون‬
‫جزءا ال يتجزأ من فلسفة الدولة وغاياته البعيدة املحصلة من فعل التربية والتعليم‪.53‬‬

‫‪ /5‬تصنيف األه ــداف التربوية‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن أنواع ثالثة من األهداف هي‪ :‬األهداف املعرفية‪ ،‬واألهداف الوجدانية‪،‬‬
‫واألهداف الحسية الحركية‪.‬‬

‫أ‪ -‬صنافة األهداف املعرفية‪:‬‬

‫الهدف املعرفي هو الذي يهدف إلى نقل املعلومات واستقبالها‪ ،‬ويركز على الجوانب املعرفية‬
‫ومراقيها‪ .‬أو بتعبير آخر‪ ،‬إنه يركز على اإلنتاجية واملردودية‪ .‬ويسعى هذا الهدف إلى نقل‬
‫الخبرات والتجارب إلى املتلقي‪ ،‬وتعليمه طرائق التركيب‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتحليل‪،‬‬
‫والتقويم‪ .‬إنه يهدف إلى تزويد املتلقي باملعرفة واملعلومات الهادفة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم هذا‬
‫الهدف على تبادل اآلراء‪ ،‬ونقل املعارف وتجارب السلف إلى الخلف‪.‬‬

‫وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل املعرفي كصنافة بلوم(‪ )Bloom‬التي تم االنتهاء‬
‫منها سنة ‪3633‬م‪ .‬وتتضمن ستة مراق هي‪ :‬املعرفة‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬والتحليل‪،‬‬
‫والتركيب‪ ،‬والتقييم‪ .‬وتتميز هذه املراقي الستة بالتدرج‪ ،‬والترابط‪ ،‬والتكامل الوظيفي‪ .‬ويعني‬
‫هذا أن هذه املراقي تتجرد من البسيط نحو املعقد‪ ،‬وتترابط على مستوى العمليات الذهنية‬
‫من أبسط فعل ذهني هو املعرفة إلى أعقد عملية تتمثل في التقييم‪ ،‬والنقد‪ ،‬واملناقشة‪.‬‬

‫ب‪ -‬صنافة األهداف الوجدانية‪:‬‬

‫‪ -53‬نقال عن محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬ص‪.73:‬‬


‫‪49‬‬
‫يقصد بالهدف الوجداني في مجال التربية اكتساب امليول واالتجاهات والقيم‪ ،‬وتقدير‬
‫جهود اآلخرين من خالل تفاعل املتعلم مع املادة املدروسة‪ ،‬واكتسابه للخبرات بأنواعها‬
‫املباشرة وغير املباشرة‪ .‬وقد خصص للمجال الوجداني صنافات بيداغوجية‪ ،‬ومن بين‬
‫املهتمين ههذا املجال ( كراتهول‪ )Krathwol/‬الذي خصها بصنافة سنة ‪3637‬م ‪ ،‬تتكون من‬
‫خمسة مستويات ذات صلة وثيقة باملواقف والقيم واالهتمامات واالنفعاالت واألحاسيس‬
‫والتوافق واملعتقدات واالتجاهات‪ :‬فكرية كانت أو خلقية‪ .‬وهذه املستويات هي ‪ :‬التقبل‪،‬‬
‫واالستجابة‪ ،‬والحكم القيمي‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتمييز بواسطة قيمة أو بواسطة منظومة من‬
‫القيم‪.‬‬

‫ج‪ -‬صنافة األهداف الحسية الحركية‪:‬‬

‫يمكن الحديث عن الهدف الحس ي الحركي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني‪ .‬ويظهر‬
‫هذا التواصل في مجال السبرينطيقا‪ ،‬واآللية ‪ ،‬واملسرح امليمي ‪،‬والرياضة الحركية‪...‬‬

‫ويتضمن هذا الهدف في املجال التربوي مجموعة متسلسلة من األهداف املتدرجة التي‬
‫تعمل على تنمية املهارات الحركية والجسدية والتواصلية‪ ،‬واستعمال العضالت والحركات‬
‫الجسمية‪ .‬ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي صنافة هارو( ‪ ) Harrow‬التي وضعها‬
‫صاحبها سنة ‪3642‬م‪ .‬وتتكون هذه الصنافة من ستة مراق أساسية هي‪ :‬الحركات‬
‫االرتكاسية‪ ،‬والحركات الطبيعية األساسية‪ ،‬واالستعدادات اإلدراكية‪ ،‬والصفات البدنية‪،‬‬
‫واملهارات الحركية لليد‪ ،‬والتواصل غير اللفظي‪.‬‬

‫‪/6‬تخطي ــط الــدرس اله ــادف‪:‬‬

‫يخضع التدريس أو الدرس الهادف ملجموعة من املحطات اإلجرائية التي تتمثل في تحديد‬
‫املداخل األولية بتسطير مجموعة من األهداف العامة والخاصة املتعلقة بدرس معين؛‬
‫حيث نبدأ بتحديد الهدف العام‪ ،‬ثم نتبعه باألهداف السلوكية اإلجرائية حسب طبيعتها‪:‬‬
‫‪50‬‬
‫معرفية‪ ،‬ووجدانية ‪ ،‬وحسية حركية‪ ،‬كما يظهر ذلك جليا في األمثلة التالية التي تتعلق‬
‫بدرسنا االفتراض ي (املبتدأ والخبر)‪.‬‬

‫الهدف العام‪:‬‬

‫أن يستوعب املتعلم درس املبتدأ والخبر‪.‬‬

‫األهداف اإلجرائية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يعرف التلميذ الجملة الفعلية في مستهل الدرس‪.‬‬

‫‪ ‬أن يذكر التلميذ قاعدة املبتدإ والخبر في أثناء املرحلة التكوينية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يحدد التلميذ أنواع الخبر في أثناء املرحلة التكوينية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يذكر التلميذ خمس جمل اسمية فيها مبتدأ وخبر في آخر الحصة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يحدد املدرس‪ ،‬بمعية املتعلم‪ ،‬األهداف األولية املرتبطة باملقطع التعليمي‬
‫التمهيدي الذي يرتبط باألنشطة املكتسبة‪ ،‬وعملية املراجعة واالستكشاف‪ .‬ثم يحدد‬
‫األهداف الوسيطة في أثناء مرحلة املقطع الوسطي أو التقويم التكويني‪ .‬لينتهي الدرس‬
‫باألهداف النهائية مع اختتام الدرس‪ .‬ويعني هذا أن الدرس عبارة عن مجموعة من املحطات‬
‫واألنشطة التعليمية‪ -‬التعلمية سواء أتعلقت بأنشطة املدرس أم بأنشطة املتعلم التي‬
‫تتالءم مع أنواع ثالثة من األهداف‪ :‬أهداف أولية‪ ،‬وأهداف وسيطة‪ ،‬وأهداف نهائية‪.54‬‬

‫‪ /7‬مزايا الــدرس الهادف وعيوب ــه‪:‬‬


‫من املعلوم أن للدرس الهادف مجموعة من النقط اإليجابية واملزايا الحميدة‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -54‬انظر مادي لحسن‪ :‬األهداف والتقييم في التربية‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.330-333:‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ ‬العقلنة‪ :‬ويعني أن األهداف اإلجرائية تعقلن العملية التعليمية‪ -‬التعلمية تخطيطا‪،‬‬
‫وتدبيرا‪ ،‬وتقويما‪ .‬وبذلك‪ ،‬يتجاوز الدرس الهادف العفوية واالرتجال والعشوائية التي كان‬
‫يتسم هها الدرس التقليدي‪.‬‬

‫‪ ‬األجرأة‪ :‬تسعى األهداف الخاصة إلى تحويل األهداف العامة إلى أهداف سلوكية‬
‫إجرائية قابلة للمالحظة‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتقويم؛ بتفتيت املحتويات إلى أهداف صغرى وأكثر‬
‫تجزيئا‪.‬‬

‫‪ ‬البرمجة‪ :‬ويقصد هها خضوع العملية التعليمية لخطة مبرمجة لها مداخل‪ ،‬وعمليات‪،‬‬
‫ومخارج‪ .‬بمعنى أن تحقيق الهدف يمر عبر عمليات وسطى إلى أن تتحقق النتيجة النهائية‬
‫عبر مؤشرات التقويم والقياس‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬تعني البرمجة تنظيم مختلف العمليات‬
‫التدريسية من أجل الوصول إلى هدف معين‪ ،‬عبر خطة مفصلة دقيقة وموضوعية ومقننة‪.‬‬

‫ويرى محمد الدريج‪ ،‬في كتابه (تحليل العملية التعليمية)‪ ،‬أن لألهداف اإلجرائية فوائد‬
‫كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ ‬إن الهدف اإلجرائي هدف واضح وشفاف ال يخفي شيئا‪.‬‬

‫‪ ‬تشدد النظريات التربوية املعاصرة على ضرورة تحديد األهداف املتعلقة بالتعليم‬
‫املبرمج‪ ،‬أو في تسطير البرامج واملناهج واملقررات الدراسية‪.‬‬

‫‪ ‬يساعد وضوح األهداف املدرس في اختيار املحتويات والطرائق البيداغوجية والوسائل‬


‫التدريسية ومعايير التقويم املناسبة‪.‬‬

‫‪ ‬يسهم تحديد املعايير واألهداف بوضوح ودقة في تحصيل تقويم أفضل لعمل املتعلم‪.‬‬

‫‪ ‬تمكن األهداف املدرس من تقويم درسه عبر توظيف التغذية الراجعة أو الفيدباك‬
‫لسد النواقص وتشخيص مواطن القوة والضعف‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫‪ ‬تسهم الصياغة اإلجرائية لألهداف في تجويد العملية التدريسية بصفة خاصة‪،‬‬
‫وتطوير املنظومة التربوية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة إطالع املتعلمين على األهداف اإلجرائية في بداية كل حصة دراسية لكي يركزوا‬
‫انتباههم على العناصر الضرورية والجوهرية‪ ،‬وتحييد العناصر العرضية أو الثانوية‪.‬‬

‫بيد أن للدرس الهادف عيوبا وسلبيات‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬تتسم نظرية األهداف بالنزعة السلوكية والنظرة التقنية على حساب النظرة الشمولية‪.‬‬
‫كما تخضع لثنائية املثير واالستجابة‪.‬‬

‫‪ ‬تعطي نظرية األهداف أهمية كبرى لتجزيء املحتويات وتفتيتها بشكل مبالغ فيه‪.‬‬

‫‪ ‬تعنى نظرية األهداف كثيرا باملحتوى‪ ،‬وتغض الطرف عن الطرائق واملناهج والوسائل‬
‫التعليمية‪.‬‬

‫‪ ‬تقسيم الذات اإلنسانية ‪ -‬حسب الصنافات‪ -‬إلى مستويات مستقلة هي‪ :‬الجانب‬
‫املعرفي ‪ ،‬و الجانب الوجداني ‪ ،‬والجانب الحس ي الحركي‪ .‬في حين‪ ،‬إن اإلنسان وحدة نفسية‬
‫وعضوية مركبة ومترابطة ومتكاملة‪.‬‬

‫‪ ‬إن كثيرا من املدرسين ذوي الخبرة قد نجحوا في دروسهم كل النجاح دون أن‬
‫يستندوا‪ ،‬بحال من األحوال‪ ،‬إلى نظرية األهداف‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬تعد املقاربة باألهداف نظرية تربوية جديدة قائمة على العلم ‪،‬‬
‫والعقالنية‪ ،‬والتخطيط‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬والتحقق املوضوعي‪ .‬وقد انتشرت هذه‬
‫النظرية في املغرب في سنوات الثمانين من القرن العشرين‪ ،‬وقد كانت ‪ -‬فعال‪ -‬بديال للدرس‬
‫الهربارتي التقليدي الذي كان يقوم على مجموعة من املراحل ‪ ،‬مثل‪ :‬املراجعة ‪ ،‬والشرح‪،‬‬
‫وبناء القاعدة‪ ،‬والربط‪ ،‬واالستنتاج‪ ،‬والتطبيق‪ .‬وكان هذا الدرس يقدم في غياب أهداف‬
‫‪53‬‬
‫مسطرة‪ ،‬فقد كان املدرس يلقي درسه بطريقة غير واعية وغير مخططة بدقة؛ مما يوقعه‬
‫ذلك في صعوبات جمة على مستوى التقويم‪ ،‬والتصحيح‪ ،‬واملعالجة‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬جاءت املقاربة باألهداف لتنظيم العملية التدريسية وعقلنتها وعلمنتها تخطيطا‪،‬‬
‫وتدبيرا‪ ،‬وتسييرا‪ ،‬وتقويما‪ .‬بل أصبحت هذه النظرية معيارا إجرائيا لقياس الحصيلة‬
‫التعليمية‪ -‬التعلمية لدى املتعلم واملدرس معا‪ ،‬ومحكا موضوعيا لتشخيص مواطن قوة‬
‫املنظومة التربوية على مستوى املردودية‪ ،‬واإلنتاجية‪ ،‬واإلبداعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد أضحت‬
‫أداة ناجعة لتبيان نقط ضعفها وفشلها وإخفاقها‪ .‬وتعد كذلك آلية فعالة في مجال‬
‫التخطيط والتقويم وبناء الدرس الهادف‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬التدريس بالكفايات‪:‬‬


‫من املعلوم أن الكفايات هي مقاربة تربوية وتدريسية جديدة ومعاصرة ‪ ،‬تهدف إلى تسليح‬
‫املتعلم بمجموعة من الكفايات األساسية ملواجهة الوضعيات الصعبة واملركبة التي‬
‫يصادفها املتعلم في واقعه الدراس ي أوالشخص ي أواملوضوعي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالكفايات هي بمثابة‬
‫معارف ومهارات ومواقف وكفايات معرفية وتواصلية ومنهجية وثقافية يستضمرها املتعلم‬
‫لحل مجموعة من املشاكل أو الوضعيات ‪ -‬املشكالت بغية التكيف أو التأقلم مع املحيط‪،‬‬
‫أو االستجابة ملتطلبات سوق الشغل‪ ،‬أو قصد التميز الدراس ي والكفائي والحرفي واملنهي‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يبدو أن اكتساب الكفايات هو السبيل الحقيقي لتحصيل النجاح ‪ .‬وهو أيضا‬
‫أساس االستقاللية الشخصية‪ ،‬ومدخل ضروري إلى تحمل املسؤولية ‪ ،‬واالعتماد على‬
‫الذات في حل جميع املشاكل التي تطرحها الوضعيات أمام املتعلم في أثناء مجاههته لواقعه‬
‫الحي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تنصب املقاربة بالكفايات على املعطى الكيفي‪ ،‬وتركز على التعلم السياقي في‬
‫عالقة جدلية بالكفايات املستهدفة‪ ،‬سواء أكانت أساسية أم نوعية‪.‬‬

‫‪ /1‬مفهوم الكفايات‪:‬‬
‫‪54‬‬
‫تعرف الكفاية (‪ )Compétence‬بأنها عبارة عن قدرات وملكات ذاتية أساسية ونوعية‬
‫يتسلح هها املتعلم في أثناء مواجهته لوضعية أو مشكلة ما في واقعه الشخص ي أو املوضوعي‪.‬‬
‫وبتعبير آخر‪ ،‬الكفاية هي تلك القدرة التي يستدمجها املتعلم عند وجوده أمام وضعيات‬
‫جديدة معقدة ومركبة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتمثل الذكاء الفعلي في توظيف الكفايات والقدرات في حل‬
‫املشاكل املستعصية تربويا‪ ،‬وتدريسيا‪،‬وواقعيا‪ .‬ويعني هذا كله أن الكفايات تشمل مجموعة‬
‫من املعارف واملوارد واملهارات واملواقف التي يستضمرها املتعلم ملواجهة الوضعيات التي‬
‫يواجهها في محيطه‪ .‬ويعني هذا أن املتعلم يستثمر موارده عند مواجهة املشاكل املعقدة‬
‫والوضعيات الجديدة باختيار الحلول املناسبة‪ ،‬أو التوليف بين مجموعة من االختيارات‬
‫لحل املشاكل التي يواجهها في حياته الشخصية والعملية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تعرف الكفاية عند جيلي (‪ )GILLET‬بأنها " نظام من املعارف املفاهيمية (الذهنية)‬
‫واملهارية ( العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية‪ ،‬تمكن في إطار فئة من الوضعيات‪،‬‬
‫من التعرف على املهمة – اإلشكالية‪ ،‬وحلها بنشاط وفعالية"‪.55‬‬

‫وتعرف الكفاية كذلك على أنها بمثابة " هدف‪ -‬مرمى‪ ،‬متمركزة حول البلورة الذاتية لقدرة‬
‫التلميذ على الحل الجيد للمشاكل املرتبطة بمجموعة من الوضعيات‪ ،‬باعتماد معارف‬
‫مفاهيمية ومنهجية مندمجة ومالئمة"‪ .56‬ويعرفها فيليب پيرنو (‪ )Perrenoud‬بأنها" القدرة‬

‫‪55‬‬ ‫‪-GILLET , P : ) L’ utilisation des objectifs en formation , contexte et évolution (, Education‬‬


‫‪permanent , Nr :85 , octobre 1986 , p :17-37.‬‬
‫‪ -56‬بيير ديش ي‪ :‬تخطيط الدرس لتنمية الكفايات‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الكريم غريب‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة‬
‫دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2226 ،‬ص‪.323 :‬‬
‫‪55‬‬
‫على تعبئة مجموعة من املوارد املعرفية ( معارف‪ ،‬و قدرات‪ ،‬ومعلومات‪ ،‬إلخ)‪ ،‬بغية‬
‫مواجهة جملة من الوضعيات بشكل مالئم وفعال"‪.57‬‬

‫ويرى محمد الدريج أن هذه الكفايات" ينظر إليها على أنها إجابات عن وضعيات‪ -‬مشاكل‬
‫تتألف منها املواد الدراسية"‪.58‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فالكفاية هي مجموعة من القدرات واملهارات واملعارف يتسلح هها التلميذ‬
‫ملواجهة مجموعة من الوضعيات والعوائق واملشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول الناجعة‬
‫لها بشكل مالئم وفعال‪.‬‬

‫ويظهر لنا ‪ ،‬من خالل مجموعة من التعاريف التي انصبت على تحديد مفهوم الكفاية‪ ،‬أنها‬
‫تنبني على عناصر أساسية‪ ،‬يمكن حصرها في‪:‬‬

‫‪ ‬القدرات واملهارات‪.‬‬

‫‪‬اإلنجاز أو األداء‪.‬‬

‫‪ ‬الوضعية أو املشكل‪.‬‬

‫‪‬حل الوضعية بشكل فعال وصائب‪.‬‬

‫‪ ‬تقويم الكفاية بطريقة موضوعية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يبدو لنا أن الكفاية مرتبطة أشد االرتباط بالوضعية‪ -‬اإلشكال‪.‬أي‪ :‬إن الكفاية‬
‫قائمة على إنجاز املهمات الصعبة‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة للمشاكل املطروحة في الواقع‬

‫‪ -57‬باوال جونتيل وروبيرتا بنتشيني‪ (:‬بناء الكفايات‪ :‬مقابلة مع فليب پيرنو)‪ ،‬الكفايات في التدريس بين التنظير‬
‫واملمارسة‪ ،‬تعريب‪ :‬محمد العمارتي والبشير اليعكوبي‪ ،‬مطبعة أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2227‬م‪،‬‬
‫ص‪.73:‬‬
‫‪ -58‬محمد الدريج‪ :‬الكفايات في التعليم‪ ،‬املعرفة للجميع‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2222‬العدد‪ ،33‬ص‪.33 :‬‬
‫‪56‬‬
‫املوضوعي‪ .‬إذا‪ ،‬فالعالقة املوجودة بين الكفاية والوضعية هي عالقة جدلية وثيقة ومتينة‪،‬‬
‫وعالقة استلزام اختباري‪ ،‬وتقييمي‪ ،‬وتدريس ي‪.‬‬

‫‪ /2‬أن ــواع الكفاي ــات‪:‬‬


‫تنقسم الكفايات‪ ،‬في مجال التربية والتعليم‪ ،‬إلى أنواع عدة‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الكفايات النوعية ‪ :‬تتحدد هذه الكفايات في مقابل الكفايات املمتدة أو املستعرضة‪.‬‬


‫ويعني هذا أن الكفايات النوعية هي التي يكتسبها املتعلم في فترة مدرسية محددة‪ .‬أي‪ :‬إن‬
‫هذه الكفايات مرتبطة بمادة دراسية معينة‪ ،‬أو مجال نوعي‪ ،‬أو تخصص منهي معين‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫فهي أقل شمولية وعمومية من الكفاية املستعرضة‪ .‬وهي السبيل إلى تحقيق الكفايات‬
‫املمتدة‪.‬‬

‫‪ ‬الكفايات املمتدة أو املستعرضة ‪ :‬هي تلك الكفايات املشتركة التي تجمع بين‬
‫تخصصات متعددة‪ .‬بمعنى أن الكفاية املوسعة هي التي تتوزع بين مجموعة من املواد‬
‫والتخصصات‪ ،‬ويمكن امتالكها بعد فترة من التعلم والتحصيل الدراس ي‪ ،‬مثل‪ :‬اكتساب‬
‫منهجية التفكير العلمي‪ ،‬وهي كفاية توجد في جميع املواد الدراسية‪ .‬وتمتاز الكفايات‬
‫املوسعة بأنها كفايات عليا وقصوى وختامية‪ ،‬تتطلب نوعا من اإلتقان‪ ،‬واالنضباط ‪،‬‬
‫واملهارة‪ ،‬واالحتراف‪ .‬وتستوجب أيضا كثرة التعلم والتحصيل الدراس ي؛ ألن هذه الكفاية هي‬
‫نتاج تفاعل مع تخصصات ومواد دراسية عدة‪ .‬ومن أنواع الكفاية املمتدة الكفاية‬
‫املنهجية‪ ،‬والكفاية اللغوية‪ ،‬والكفاية التواصلية‪ ،‬والكفاية التقنية‪ ،‬والكفاية‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬والكفاية الثقافية‪.‬‬

‫‪ ‬الكفايات األساسية‪ :‬هي كفايات قاعدية أو جوهرية أو دنيا‪ .‬وهي كفايات ضرورية في‬
‫مجال التربية والتعليم‪ ،‬مثل‪ :‬كفاية القراءة‪ ،‬وكفاية الكتابة‪ ،‬وكفاية الحساب‪ ،‬وكفاية‬

‫‪57‬‬
‫التواصل الكتابي والشفهي بالنسبة للتعليم االبتدائي‪ .‬بمعنى أن الكفايات األساسية هي‬
‫التي تنبني عليها العملية التعليمية‪ -‬التعلمية أو يبنى عليها النسق التربوي‪.‬‬

‫‪ ‬كفاية اإلتقان‪ :‬هي كفاية تكميلية‪ ،‬وليست أساسية وضرورية ‪ ،‬فعدم الغرق عند‬
‫السباحة هي كفاية أساسية‪ .‬بيد أن الرشاقة‪ ،‬والسرعة‪ ،‬والسباحة في فريق‪ ،‬واحترام‬
‫قواعد السباحة‪ ،‬هي كلها كفايات تكميلية‪ ،‬أو كفايات إتقان وجودة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تصنف الكفايات كذلك إلى معارف‪ ،‬ومواقف‪ ،‬ومهارات‪ ،‬وكفايات ثقافية‪،‬‬
‫وكفايات تواصلية‪ ،‬وكفايات منهجية‪...‬‬

‫‪ /3‬تعريــف الوضعي ــات‪:‬‬


‫إذا تصفحنا معاجم اللغة العربية‪ ،‬كلسان العرب واملعجم الوسيط‪ ،‬فإننا ال نجد كلمة‬
‫الوضعية ههذه الصيغة؛ بل نجد كلمة وضع موضعا ومواضع الدالة على اإلثبات في املكان‪.‬‬
‫أي‪ :‬إن الوضعية بمثابة إطار مكاني للذات والش يء‪ .59‬ولكن في اللغات األجنبية‪ ،‬نجد‬
‫حضورا لهذا املفهوم بشكل واضح ومحدد‪ .‬ففي معجم أكسفورد اإلنجليزي‪ ،‬تعني الوضعية‬
‫" معظم الظروف واألشياء التي تقع في وقت خاص‪ ،‬وفي مكان خاص"‪.60‬‬

‫وتقترن الوضعية بداللة أخرى‪ ،‬وهي السياق الذي هو" عبارة عن وضعية يقع فيها ش يء‪،‬‬
‫وتساعدك ‪ -‬بالتالي‪ -‬على فهمه"‪.61‬‬

‫‪ -59‬ابن منظور‪ :‬لسان اللسان‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3666 ،‬ص‪476:‬؛‬
‫واملعجم الوسيط ألحمد حسن الزيات وآخرين‪ ،‬املكتبة اإلسالمية‪ ،‬استانبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬ص‪.3266 :‬‬
‫‪60- A.Regarder: Oxford advanced learner’s, Dictionary Oxford university press 2000; p: 1109.‬‬

‫‪61 -Ibid, p : 247.‬‬

‫‪58‬‬
‫أما معجم روبير(‪ ، )Robert‬فيرى أن الوضعية هي " أن تكون في مكان أو حالة حيث يوجد‬
‫الش يء أو يتموقع"‪ . 62‬أي‪ :‬إن الوضعية هي التموقع املكاني أو الحالي في مكان أو وضع ما‪،‬‬
‫بينما يحدد السياق في هذا املعجم على أنه " مجموعة من الظروف التي تحيط بالحدث"‪.63‬‬

‫ويمكن أن نفهم‪ ،‬من هذا كله‪ ،‬أن الوضعية هي مجموعة من الظروف املكانية والزمانية‬
‫والحالية التي تحيط بالحدث‪ ،‬وتحدد سياقه‪ .‬وقد تتداخل الوضعية مع السياق‪،‬‬
‫والظروف‪ ،‬والعوائق‪ ،‬واملواقف‪ ،‬واملشكالت‪ ،‬والصعوبات‪ ،‬واالختبارات‪ ،‬واملحكات‪ ،‬والحالة‬
‫‪ ،‬والواقع‪ ،‬واإلطار‪ ،‬واإلشكال…إلخ‪.‬‬

‫وتعرف الوضعية في مجال التربية والتدريس بأنها" وضعية ملموسة تصف‪ ،‬في الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬اإلطار األكثر واقعية‪ ،‬واملهمة التي يواجه التلميذ من أجل تشغيل املعارف‬
‫املفاهيمية واملنهجية الضرورية‪ ،‬لبلورة الكفاية والبرهنة عليها"‪.64‬‬

‫أي‪ :‬إن الوضعية واقعية ملموسة يواجهها التلميذ بقدراته ومهاراته وكفاءاته عن طريق‬
‫حلها‪ .‬وليست الوضعيات سوى التقاء عدد من العوائق واملشاكل في إطار شروط وظروف‬
‫معينة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تطرح الوضعية‪ -‬حسب محمد الدريج‪ " -‬إشكاال عندما تجعل الفرد أمام‬
‫مهمة عليه أن ينجزها‪ ،‬مهمة ال يتحكم في كل مكوناتها وخطواتها‪ ،‬وهكذا يطرح التعلم‬
‫كمهمة تشكل تحديا معرفيا للمتعلم‪ ،‬بحيث يشكل مجموع القدرات واملعارف الضرورية‬
‫ملواجهة الوضعية وحل اإلشكال‪ ،‬ما يعرف بالكفاية"‪.65‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬نفهم أن الوضعية هي مجموعة من املشاكل والعوائق والظروف‬


‫التي تستوجب إيجاد حلول لها من قبل املتعلم للحكم على مدى كفاءته وأهليته التعليمية ‪-‬‬

‫‪62 - Paul robert : Le Petit Robert, Paris, éd, 1992, p : 378.‬‬

‫‪63 -Ibid, p : 1820 .‬‬

‫‪ -64‬بيير ديش ي‪ :‬تخطيط الدرس لتنمية الكفايات‪ ،‬ص‪.303:‬‬


‫‪ -65‬محمد الدريج‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪59‬‬
‫التعلمية واملهنية‪ .‬وتعتمد املواد الدراسية مجموعة من املشاكل والوضعيات‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫ينبغي علينا أن نعد التلميذ للحياة والواقع ملواجهة التحديات والصعوبات التي يفرضها‬
‫عاملنا اليوم‪ ،‬و يتعلم الحياة عن طريق الحياة‪ ،‬وأال يبقى رهين النظريات املجردة البعيدة‬
‫عن الواقع املوضوعي‪ ،‬أو حبيس الفصول الدراسية واألقسام املغلقة واملسيجة باملثاليات‬
‫واملعلومات التي تجاوزها الواقع‪ ،‬أو التي أصبحت غير مفيدة لإلنسان‪ .‬أي‪ :‬تنبني فلسفة‬
‫الوضعيات على أسس البراجماتية كاملنفعة‪ ،‬واإلنتاجية‪ ،‬واملردودية‪ ،‬والفعالية‪،‬‬
‫واإلبداعية‪ ،‬والفائدة املرجوة من املنتج ‪ .‬وهو تصور الفلسفة الذرائعية لدى جيمس‬
‫جويس‪ ،‬وجون ديوي ‪ ،‬وبرغسون‪ ،‬والثقافة األنجلو سكسونية بصفة عامة‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ :‬ترتبط الكفايات بمواجهة املشاكل املركبة والوضعيات املعقدة‪ .‬واملقصود‬
‫بأن تكون كفئا يعني أن تكون إنسانا ناجحا ومتمكنا من أسباب النجاح‪.‬‬

‫ومن مواصفات الكفاية أنها مركبة تشتمل على مجموعة من املوارد واملواقف املختلفة‪ .‬كما‬
‫أنها ذات هدف معين‪ .‬وهي كذلك تفاعلية‪ .‬بمعنى أن املتعلم يتسلح بمجموعة من القدرات‬
‫املستضمرة للتفاعل مع املحيط‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فهي مفتوحة على مجموعة من الحلول‬
‫الواقعية‪ ،‬واملمكنة‪ ،‬واملحتملة‪ .‬وهي محفزة على النجاح‪ ،‬والتفوق‪ ،‬والتميز‪ .‬ومن جهة‬
‫أخرى‪ ،‬ينبغي أن تكون الوضعية مدعمة باألسناد والوثائق والتعليمات والنصوص ومعايير‬
‫التقويم ومؤشرات التصحيح‪.‬‬

‫‪ /4‬أن ــواع الوضعي ــات‪:‬‬


‫إن الوضعيات هي مجموعة من األطر واملؤشرات والظروف السياقية التي تحدد املشكالت‬
‫والعوائق والصعوبات التي تواجه التلميذ الذي يتسلح‪ ،‬بدوره‪ ،‬بمجموعة من املعارف‬
‫والقدرات والكفايات الوظيفية قصد حل هذه الوضعيات املعقدة واملركبة‪ ،‬والحصول على‬
‫إجابات وافية وصحيحة للبرهنة على صدق هذه الكفايات والقدرات املكتسبة عبر‬

‫‪60‬‬
‫مجموعة من التعلمات واملوارد املدرسية املنجزة مسبقا‪ .‬ويمكن أن نضع التلميذ أمام عدة‬
‫وضعيات تبرز طبيعة الكفاية لديه‪ .‬وهذه هي التي ستحدد لنا أنماط الوضعيات ‪ -‬املشاكل‬
‫على مستوى مؤشرات األطر السياقية‪.‬‬

‫ويمكن أن نحدد أنواعا أخرى من الوضعيات املوقفية قياسا على ما ذهب إليه إيريبان‬
‫(‪ )IRIBANE‬في تصنيفه للكفايات‪:66‬‬

‫‪ ‬وضعيات التقليد واملحاكاة‪:‬‬

‫ترتكز على مهمات التقليد‪ ،‬وإعادة املعارف واملهارات املكتسبة عن طريق التطبيق‪،‬‬
‫واملماثلة‪ ،‬والحفظ‪ ،‬واإلعادة ( وضعيات االجترار)‪.‬‬

‫‪ ‬وضعيات التحويل‪:‬‬

‫تنطلق من وضعية معينة من العمل لتطبيقها على وضعيات غير متوقعة ‪ .‬بيد أنها قريبة‬
‫بالتفكير باملثل‪ ،‬واالستفادة من الوضعيات السابقة لحل الصعوبات عن طريق تحويلها‬
‫إليجاد الحلول املناسبة (وضعيات االستفادة واالمتصاص)‪.‬‬

‫‪‬وضعيات التجديد‪:‬‬

‫تنطلق من مواجهة مشاكل وصعوبات وعراقيل جديدة‪ ،‬وتقديم حلول مناسبة لها‪.‬‬
‫(وضعيات الحوار و اإلبداع)‪.‬‬

‫ويمكن تصنيف الوضعيات من الناحية التقويمية املعيارية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬وضعية أولية‪ :‬يتم طرح مجموعة من الوضعيات اإلشكالية للتلميذ في أثناء بداية‬
‫الدرس أو قبل الشروع فيه‪ .‬وتتعلق هذه الوضعيات بمراجعة الدرس السابق‪ ،‬أو دفعه إلى‬

‫‪66‬‬ ‫‪-A regarder : A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS, Paris, 1989.‬‬
‫‪61‬‬
‫االستكشاف (وضعية استكشافية)‪ ،‬أو حثه وتشجيعه على استعمال قدراته الذاتية‬
‫واملهارية (وضعية مهاراتية)‪.‬‬

‫‪ ‬وضعية وسيطية‪ :‬يقدم املعلم للمتعلم مجموعة من الوضعيات في أثناء مرحلة‬


‫التكوين والتعلم الذاتي لحل مشاكلها اعتمادا على األسناد‪ ،‬والوثائق‪ ،‬والنصوص‪،‬‬
‫والتعليمات‪ ،‬ومعايير التقويم‪ .‬والهدف من ذلك كله هو التثبت من قدرات التلميذ‬
‫التعلمية واملفاهيمية واملهارية‪.‬‬

‫‪ ‬وضعية نهائية‪ :‬يواجه التلميذ في نهاية الدرس وضعيات نهاية إجمالية أو نهائية هي التي‬
‫تحكم على التلميذ إن كان كفئا أم ال؟ وهل تحققت عنده الكفاية األساسية أو النوعية أم‬
‫ال؟ وهل أصبح قادرا على مواجهة الصعوبات والوضعيات اإلشكالية واملواقف الواقعية‬
‫الصعبة أم ال؟ وهل تحقق الهدف املبتغى والغاية املنشودة من التكوين والتعلم الذاتي أم‬
‫ال؟‬

‫وينبغي لهذه الوضعيات أن تتناسب تماثليا مع التقويم األولي والتكويني واإلجمالي في إطار‬
‫العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪.‬‬

‫وعلى مستوى املحتوى أو املضمون والخبرات‪ ،‬فهناك وضعيات معرفية (ثقافية)‪،‬‬


‫ووضعيات منهجية‪ ،‬ووضعيات تواصلية‪ ،‬ووضعيات وجدانية وأخالقية‪ ،‬ووضعيات‬
‫حركية‪ ،‬ووضعيات مهنية تقنية…‬

‫‪ /5‬أهمية الوضعيات‪ -‬املش ــاكل‪:‬‬

‫من املعلوم أن للوضعيات أهمية كبيرة في اختبار املناهج الدراسية‪ ،‬وتقييم املدرسة‬
‫املعاصرة‪ ،‬والتمييز بين التقليدية منها والجديدة ‪ ،‬ومعرفة املدرسة املنغلقة من املدرسة‬
‫الوظيفية واملنفتحة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن الوضعيات هي محك الكفاءة واملردودية‪ ،‬وإبراز للقدرات‬
‫واملهارات واملواهب املضمرة والظاهرة‪ .‬إنها تربية على حل املشاكل املستعصية‪ ،‬واقتراح‬
‫‪62‬‬
‫الحلول املناسبة واملمكنة‪ ،‬والتحفيز على التعلم الذاتي‪ ،‬وتجاوز للطرائق التقليدية القائمة‬
‫على التلقين والحفظ‪ ،‬وتقديم املعرفة واملحتويات بواسطة املدرس إلى التلميذ السلبي‪.‬‬

‫ومن األكيد أن التربية بالوضعيات هي التي تفرز الكفاءات والقدرات العقلية املتميزة ‪ .‬فهي‬
‫التي تربط املدرسة بالواقع وسوق الشغل ‪ ،‬وليس ذلك من خالل الشهادات والدبلومات‬
‫واملؤهالت؛ بل من خالل الشهادات ‪ -‬الكفايات‪ .‬بيد أن هذه الوضعيات والكفايات ليست‬
‫عصا سحرية ملعالجة كل مشاكل وزارات التربية والتعليم ‪ ،‬مثل‪ :‬معالجة اكتظاظ التالميذ‬
‫في الفصول الدراسية‪ ،‬ونقص في تكوين املدرسين‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة للوضعية‬
‫االجتماعية للمدرسين‪ ،‬وتوفير الوسائل واإلمكانات املادية والبشرية؛ بل إن طريقة التعليم‬
‫بالكفايات والوضعيات طريقة تربوية لعقلنة العملية التدريسية تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪،‬‬
‫وتسييرا‪ ،‬وتقويما‪ .‬فضال عن تفعيلها بطريقة علمية موضوعية على أسس معيارية‬
‫وظيفية‪ ،‬وربط املدرسة بالحياة ‪ ،‬وسوق العمل‪ ،‬وتلبية حاجيات أرباب العمل‪ ،‬وتحقيق‬
‫الجودة واملنافسة ‪ ،‬والسير وفق مقتضيات العوملة‪ .‬ويتطلب هذا كله تغيير عقلية اإلدارة‬
‫واملدرس والتلميذ واآلباء واملجتمع كله‪ .‬وال ينبغي أن تبقى الوضعيات والكفايات في إطارها‬
‫الشكلي‪ ،‬أو بمثابة موضة عابرة أو حبيسة مقدمات الكتب املدرسية‪ ،‬أو رهينة لتوجيهات‬
‫البرامج الدراسية وفلسفتها البعيدة باعتبارها غايات ومواصفات مثالية نظرية دون تطبيق‬
‫أو ممارسة فعلية وميدانية‪ .‬وهنا‪ ،‬أستحضر قولة معبرة بكل وضوح ملا نريد أن نقصده‬
‫ملبلور الكفايات فيليب پيرنو(‪:)Perrenoud‬‬

‫"إذا ظلت املقاربة بالكفايات على مستوى الخطاب لهثا وراء املوضة‪ ،‬فإنها ستغير النصوص‬
‫لتسقط في النسيان… […] أما إذا كانت تطمح إلى تغيير املمارسات‪ ،‬فستصبح إصالحا من‬
‫(النمط الثالث) ال يستغني عن مساءلة معنى املدرسة وغايتها" ‪67‬‬

‫‪ -67‬حسن بوتكالي‪ (:‬مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب پيرنو)‪ ،‬الكفايات في التدريس بين التنظير واملمارسة‪،‬‬
‫مطبعة أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،2227‬ص‪.27:‬‬
‫‪63‬‬
‫وعليه‪ ،‬فللوضعيات أهمية كبرى في مجال التربية والتعليم ؛ ألنها تؤهل املتعلم ليكون‬
‫إنسانا كفئا ومواطنا مسؤوال‪ ،‬يعتمد على نفسه في مواجهة املواقف الصعبة والوضعيات‬
‫املستعصية‪.‬‬

‫‪ /6‬سياق الوضعيات‪:‬‬
‫ال يمكن فهم الوضعيات إال إذا وضعناها في سياقها االجتماعي والتاريخي‪ .‬فقد استلزم‬
‫التطور العلمي والتكنولوجي املعاصر منذ منتصف القرن العشرين توفير أطر مدربة‬
‫أحسن تدريب لتشغيل اآللة بكل أنماطها؛ مما دفع باملجتمع الغربي إلى إعادة النظر في‬
‫املدرسة وطبيعتها ووظيفتها من خالل ربطها بالواقع والحياة وسوق الشغل قصد محاربة‬
‫البطالة‪ ،‬و البحث عن أسباب الفشل املدرس ي‪ ،‬وإيجاد حل للالمساواة االجتماعية‪ .‬ويعني‬
‫هذا ربط املدرسة باملقاولة والحياة املهنية والعوملة والقدرة التنافسية املحمومة‪ .‬أي ‪ :‬على‬
‫املدرسة أن تنفتح على الواقع واملجتمع معا لتغييرهما وإمدادهما باألكفاء واألطر املدربة‬
‫املاهرة واملتميزة‪ .‬فال قيمة للمعارف واملحتويات الدراسية‪ ،‬إذا لم تقترن بما هو وظيفي‪،‬‬
‫ً‬
‫ومنهي‪ ،‬وتقني‪ ،‬وحرفي‪ .‬إذا‪ ،‬يبدو أن هذه العوامل كلها هي التي كانت وراء عقلنة املناهج‬
‫التربوية‪ ،‬وجعلها فعالة ناجعة ذات مردودية تأطيرية وإبداعية‪.‬‬

‫وقد حاولت دول العالم الثالث‪ ،‬بما فيها الدول العربية ( املغرب‪ ،‬والجزائر‪ ،‬و تونس‪،‬‬
‫وسلطنة عمان ‪ -‬مثال‪ ،)...-‬أن تتمثل هذا النموذج التربوي القائم على املقاربة بالكفايات‬
‫والوضعيات ملسايرة املستجدات العاملية‪ ،‬واإلنصات إلى متطلبات السوق الليبرالية بغية‬
‫الحد من البطالة‪ ،‬وتفادي الثورات االجتماعية ‪ ،‬والحد من ظاهرة الهجرة بكل أنواعها‪،‬‬
‫بتبيئتها مع خصوصيات مدارسها لخلق الجودة والعقالنية‪ ،‬وتحصيل املردودية الفعالة‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬أصبحت التربية تابعة للسياسة االقتصادية للدولة وظروفها االجتماعية‬
‫والتمويلية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول نيكو هيرت (‪:)Nico Hirtt‬‬

‫‪64‬‬
‫" ما هو إذا عالم اليوم هذا ؟ يتميز محيطنا االقتصادي بعنصرين اثنين ‪ :‬أوال تقلب بالغ ‪،‬‬
‫وثنائية اجتماعية قوية‪ .‬ينجم عن احتدام الصراعات التنافسية‪ ،‬وإعادة الهيكلة ‪ ،‬وإغالق‬
‫املصانع‪ ،‬وترحيل وحدات اإلنتاج‪ ،‬واللجوء املتسارع إلى اختراعات تكنولوجية زائلة أكثر‬
‫فأكثر( سواء في مجال اإلنتاج أم في مجال االستهالك)‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تتمثل إحدى أهم‬
‫مساعي أرباب العمل في املرونة‪ .‬أي‪ :‬مرونة سوق العمل‪ ،‬ومرونة العامل املهنية واالجتماعية‪،‬‬
‫ومرونة أنظمة التربية والتكوين‪ ،‬وقابلية تكيف املستهلك‪.‬‬

‫مازالت سوق العمل حاليا منظمة بشكل قوي على أسس املؤهالت‪ .‬أي‪ :‬على أساس‬
‫الشهادات‪ .‬وتمثل الشهادة جملة معارف ومهارات معترف هها‪ ،‬تخضع ملفاوضات جماعية‪،‬‬
‫وتخول حقوقا بشأن األجور وشروط العمل أو الحماية االجتماعية‪ .‬وإلتاحة دوران أكثر‬
‫ليونة لليد العاملة‪ ،‬بات أرباب العمل يسعون لتدمير هذا الثنائي املتصلب‪ :‬مؤهالت‪-‬‬
‫شواهد‪ ،‬واستبداله بالثنائي كفايات‪ -‬شواهد مبنية على وحدات تكوين( مصوغات أو‬
‫مجزوءات ‪68").Modulaire‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن سياق الوضعيات يتمثل في االنفصال بين النظرية والتطبيق‪ ،‬أو في‬
‫غربة املدرسة عن الواقع و سوق الشغل‪.‬‬

‫‪/7‬خصائص الوضــعية‪ -‬املشكل‪:‬‬


‫ثمة مجموعة من الخصائص التي يجب أن تتميز هها الوضعية املشكلة‪ -‬حسب أستوفلي‬
‫(‪ ،69)ASTOLFI‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬ينبغي أن تحدد الوضعية عائقا ينبغي حله‪.‬‬

‫‪ -68‬نيكو هرت‪ (:‬بصدد املقاربة عبر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى مواطنين نقديين؟)‪ ،‬الكفايات في‬
‫التدريس بين النظرية واملمارسة‪ ،‬مطبعة أكدال‪،‬الرباط‪،‬الطبعة األولى سنة ‪2227‬م‪ ،‬ص‪.32 /76:‬‬
‫‪69 - Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans Probio revue, 16, 4, Bruxelles :‬‬

‫‪Association des professeurs de biologie (ASBL) ,1993.‬‬


‫‪65‬‬
‫‪ ‬أن تكون الوضعية حقيقية ملموسة وواقعية تفرض على التلميذ صياغة فرضيات‬
‫وتخمينات‪.‬‬

‫‪ ‬تشبه هذه الوضعية لغزا حقيقيا ينبغي حله‪ ،‬و مواجهته بالقدرات املكتسبة‪.‬‬
‫‪ ‬تكون ذات خصوصية تحدد مجال فعل الكفاية‪.‬‬

‫‪ ‬توصف ضمن لغة واضحة ومفهومة من قبل التلميذ‪.‬‬

‫‪ ‬تتطلب الوضعية معارف وقدرات ومهارات تسهم في تكوين الكفاية في شتى مستوياتها‬
‫املعرفية‪ ،‬والوجدانية‪ ،‬والحركية ‪.‬‬

‫‪ ‬تتشابه مع وضعية حقيقية يمكن أن تواجه األفراد خارج املدرسة ضمن الحياة املهنية‬
‫أو الحياة الخاصة‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي أن يكون املشكل الذي يعد للتلميذ مشكال حقيقيا‪ ،‬ال يكون فيه الحل بديهيا‪.‬‬

‫خبراته‪.‬‬ ‫التلميذ‬ ‫فيها‬ ‫يثري‬ ‫فرصة‬ ‫الوضعية‬ ‫تشكل‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬تحدد الوضعية وفق املستوى املعرفي للتلميذ‪.‬‬

‫‪ /8‬سياق املقاربة بالكفايات‪:‬‬


‫ظهرت املقاربة بالكفايات بعد أزمة التشغيل التي كانت تعاني منها‪ ،‬ومازالت تعاني منها دول‬
‫العالم الثالث؛ ألن املدرسة لم تعد وظيفية تسهم في التنمية الشاملة‪ ،‬وتحقق املستقبل‬
‫السعيد للمتعلمين وخريجي الجامعات الذين يتزايدون سنة بعد سنة‪ .‬وقد ساهمت هذه‬
‫املدرسة غير الوظيفية في ازدياد أفواج العاطلين بشكل خطير‪ .‬لذا‪ ،‬فكرت الدول أن تربط‬
‫املدرسة باملحيط وسوق الشغل بتأهيل املتعلمين تأهيال وظيفيا ‪ ،‬وتكوينهم تكوينا كفائيا‬
‫من خالل تسليحهم بمجموعة من القدرات والكفايات املهارية واملعرفية واملنهجية واألدائية‬
‫ملواجهة تحديات الواقع املوضوعي‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬ضرورة تزويد املتعلمين أو الخريجين‬
‫بكفايات ضرورية وأساسية يحتاجونها في أثناء مواجهتهم لوضعيات جديدة أو صعبة أو‬
‫‪66‬‬
‫مركبة أو معقدة أو متنوعة بغية التكيف مع الواقع املوضوعي‪ ،‬والسيما التكيف مع واقع‬
‫الشغل أو العمل‪.‬‬

‫وفي هذا السياق بالذات‪ ،‬ظهرت باملقاربة بالكفيات لتعيد النظر في وظيفة املدرسة التي‬
‫تركز كثيرا على املعارف الكمية على حساب الكفايات واملهارات والقدرات الوظيفية‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬فقد ركزت هذه املقاربة الجديدة على ثالثة مكونات ضرورية هي‪ :‬الكفايات‪،‬‬
‫والوضعيات‪ ،‬والسياق الوظيفي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬أصبحت مقاربة إجرائية ناجعة في معالجة‬
‫مشاكل التربية والتعليم‪ ،‬سيما مشكل التقويم الذي يعتمد على مفهوم جديد هو مفهوم‬
‫اإلدماج الذي يعني إدماج املتعلم ملوارده املكتسبة عند مواجهة الوضعيات الصعبة ‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬تسعى املقاربة بالكفايات إلى تأهيل رجال الغد ونسائه لتحمل مسؤولياتهم‬
‫بطريقة قائمة على اإلبداعية‪ ،‬واملسؤولية الشخصية‪ ،‬واالرتكان إلى التعلم الذاتي‪ ،‬ومواجهة‬
‫املشاكل والوضعيات الجديدة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تسعى إلى تشجيع املتعلم والطالب على‬
‫البحث واالستكشاف واالبتكار‪ ،‬ومواجهة الظروف الصعبة‪ .‬كما تساعده على التحلي بروح‬
‫العمل ‪ ،‬وتحقيق الجودة‪ ،‬واملثابرة الجادة‪ ،‬واملبادرة الحرة ‪ ،‬وتحمل املسؤولية‪ .‬أي‪ :‬تكوين‬
‫مواطن مسؤول وكفء ‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أن هذه املقاربة التربوية الجديدة تهدف إلى تمهير املتعلم بمجموعة من‬
‫الكفايات األساسية واملستعرضة التي تجعله يواجه مختلف الوضعيات التي تواجهه في‬
‫الحياة العملية‪ .‬لذا‪ ،‬ارتبطت هذه املقاربة بسوق الشغل‪ ،‬وكان الهدف منها هو تمهين‬
‫املتعلم لكي يواكب مختلف التطورات التي قد تصادفه في سوق العمل‪ .‬عالوة على ذلك‪،‬‬
‫البد للتعليم أن يكون وظيفيا مرتبطا بسوق الشغل بغية القضاء على البطالة واألمية‬
‫الوظيفية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملدرسة ‪ -‬حسب نظرية الكفايات‪ -‬هي آلية من آليات اإلبداع‪،‬‬
‫واالبتكار‪ ،‬واالختراع‪ ،‬واإلنتاج‪ ،‬والعمل‪ ،‬والتطور الديناميكي‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ /9‬املقارنة بين األهداف و الكفايات‪:‬‬
‫إذا كانت نظرية األهداف تعنى بوصف سلوك املتعلم من خالل التشديد على طبيعة‬
‫السلوك و ربطه بصاحبه‪ ،‬وتعيين الهدف املرجو تحقيقه من وراء إنجاز هذا السلوك‪،‬‬
‫وتبيان الظروف التي تحيط ههذا السلوك‪ ،‬وتحديد معايير القياس التي يتم هها تقويم‬
‫السلوك املالحظ‪ ،‬بتجزيء املحتويات التعليمية ‪ -‬التعلمية إلى أهداف جزئية إجرائية‬
‫مفتتة‪70‬؛ فإن املقاربة بالكفايات هي التي تربط الكفايات بوضعياتها الحقيقية والسياقية‪،‬‬
‫فتعليم لغة ما ‪ -‬مثال‪ -‬ال يمكن أن يكون ناجعا إال في سياق اللغة املرجعي واللغوي‬
‫والتداولي‪.‬‬

‫كما أن هذه املقاربة الكفائية كيفية ومهارية تقوي ملكات العقل ‪ ،‬وتنمي املواقف‬
‫والكفايات املعرفية واملنهجية‪ ،‬وتتحول فيها املحتويات إلى قدرات وكفايات ووضعيات‬
‫مترابطة‪ .‬ويعني هذا أن املقررات الدراسية تنتظم في شكل كفايات ووضعيات متدرجة من‬
‫السهولة إلى الصعوبة فالتعقيد ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تتميز هذه الوضعيات بالتنوع وتعدد مسالكها‬
‫وتخصصاتها الدراسية‪.‬‬

‫وإليكم ‪ -‬اآلن‪ -‬جدوال توضيحيا للمقارنة بين األهداف و الكفايات‪:‬‬

‫املقاربة بالكفايات‬ ‫التربية باألهداف‬

‫‪ -‬تعتمد على مدخل الوضعيات‪.‬‬ ‫‪ -‬تعتمد على مدخل املحتويات‪.‬‬

‫‪ -‬البحث عن السلوك املالحظ عبر ‪ -‬البحث عن استعماالت للقدرات‬


‫ضمن وضعيات مختلفة ومتنوعة‪.‬‬ ‫املحتوى‪.‬‬

‫‪ -‬التركيز على أنشطة املتعلم‪.‬‬ ‫‪ -‬التركيز على إلقاء املدرس‪.‬‬

‫‪70‬‬ ‫‪-V. et G. Landsheere : Définir les objectifs de l’éducation, Liège et George Thoune 1975, p202.‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ -‬تحديد السياق‪.‬‬ ‫‪ -‬عدم االرتباط بالسياق‪.‬‬

‫‪ -‬موارد محددة في سلوكيات وأهداف ‪ -‬البحث عن معنى للتعلمات‪.‬‬

‫‪ -‬تعدد املوارد‪.‬‬ ‫إجرائية خاضعة للقياس‪.‬‬

‫‪ -‬التركيز على عملية التعليم‪ ،‬وليس على‬


‫‪ -‬تصنيف الوضعيات الكفائية التي‬
‫التعلم‪.‬‬
‫تسمح بتكوين املتعلم ملواجهة مختلف‬
‫العوائق واملشاكل والوضعيات املعقدة‬ ‫‪ -‬إنتاج معارف تخصصية‪.‬‬
‫واملركبة في الواقعين التربوي واملرجعي‪.‬‬
‫‪ -‬املقاربة السلوكية‪.‬‬
‫‪ -‬مقاربة ذات نماذج معرفية‬
‫وإبستمولوجية متنوعة‪.‬‬

‫‪/11‬تخطيط الدرس في ضوء املقاربة بالكفايات‪:‬‬


‫ينبني تخطيط الدرس‪ ،‬في ضوء املقاربة بالكفايات‪ ،‬على مجموعة من الخطوات الضرورية‬
‫التي تكمن في ما يلي‪:‬‬

‫‪ /1‬تسطيرالكفاي ــات‪:‬‬
‫تتكون جذاذة الدرس من كفايات مسطرة في شكل قدرات كفائية أساسية‪ ،‬أو كفايات‬
‫نوعية‪ ،‬أو كفايات مستعرضة وممتدة‪ ،‬كأن نقول مثال‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا‪ ،‬في آخر الحصة‪ ،‬على تركيب إنشاء في ستة أسطر‪ ،‬يصف فيه‬
‫مسجد الحي موظفا في ذلك جملتين حاليتين وجملتين نعتيتين‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ -‬أن يكون املتعلم قادرا‪ ،‬في آخر الحصة الدراسية‪ ،‬على إنجاز جميع التطبيقات الكتابية في‬
‫ظرف ربع ساعة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون املتعلم قادرا على استظهار آية قرآنية مع تفسير مضامينها‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون املتعلم قادرا على بناء قاعدة الدرس في أثناء املرحلة التكوينية‪.‬‬

‫وقد تكون الكفايات املسطرة معرفية‪ ،‬أو وجدانية ‪ ،‬أو حسية حركية‪ ،‬أو منهجية‪ ،‬أو‬
‫ثقافية‪ ،‬أو تواصلية‪...‬‬

‫‪ /2‬تحويل املحتويات إلى أنشطة ووضعيات‪:‬‬


‫تكون محتويات الدرس عبارة عن أنشطة تعلمية ووضعيات متنوعة ومتدرجة سواء أكانت‬
‫وضعيات معرفية أم وجدانية أم حسية حركية‪ .‬وتتوزع هذه األنشطة بين ما يعود إلى‬
‫املدرس وما يعود إلى املتعلم‪ .‬بمعنى أن هناك أنشطة املدرس وأنشطة املتعلم‪ .‬ومن املعلوم‬
‫أن املدرس هو الذي يحضر الوضعيات ‪ -‬املشكالت ليجيب عنها املتعلم‪ .‬وقد ميز دوكتيل‬
‫(‪ ) DE KETELE‬بين خمسة أنماط من األنشطة التعلمية املرتبطة ببيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬وهي‪:71‬‬

‫‪ ‬أنشطة االستكشاف أو االستثمار‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعلم النسقي‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة البناء‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة اإلدماج‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التقويم‪.‬‬

‫‪ -71‬انظر‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪ ،‬ص‪.40-44:‬‬
‫‪70‬‬
‫واليمكن التمكن من هذه األنشطة الكفائية بشكل جيد ودقيق إال بتبيانها على النحو‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ ‬أنشطة االستكشاف أو االستثمار‪.‬‬

‫تقوم أنشطة االستكشاف على إثارة املتعلم ذهنيا‪ ،‬ووجدانيا‪ ،‬وحركيا‪ .‬ثم‪ ،‬جذبه إلى‬
‫الوضعية الجديدة بغية إيجاد حلول مناسبة ملا تطرحها من مشاكل عويصة‪ ،‬ودفعه إلى‬
‫التفكير فيها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تكون هذه األنشطة تمهيدية متزامنة مع التقويم التمهيدي أو القبلي‬
‫أو التشخيص ي ‪ ،‬وتتمحور حول التعلمات االعتيادية أو املكتسبة أو التعلمات السابقة‪.‬‬
‫والفرق بين االستكشاف في التعليم التقليدي والتعليم املعاصر إال من باب وجود السياق؛‬
‫ألن الوضعيات ال تأخذ معناها ودالالتها الوظيفية إال في سياق تداولي ومرجعي ما‪ .‬بيد أن ما‬
‫يالحظ على مرحلة االستكشاف أن املتعلم هو الذي يقوم ههذا االستكشاف‪ .‬في حين‪،‬‬
‫يحضر املدرس وضعيات االستكشاف الصعبة ليحلها املتعلم بطريقة منهجية فاعلة‬
‫وهادفة‪ .‬ويعني هذا أن املتعلم ينطلق في استكشافه من وضعية املشكلة‪ ،‬فيختار الحلول‬
‫املمكنة لحل هذه املشكلة املعقدة‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعلم النسقي‪.‬‬

‫تعتمد أنشطة التعلم النسقي على بناء املعارف بطريقة تدريجية متناسقة بمراعاة التدرج‬
‫في عملية الترابط واالتساق واالنسجام بين املوارد األساسية التي ترتبط بكفاية ما‪ .‬وبتعبير‬
‫آخر‪ ،‬فأنشطة التعلم النسقي هي" تلك األنشطة التي تتوخى تنظيم مختلف املعارف‬
‫والخبرات التي تمت معالجتها أثناء أنشطة االستكشاف‪ :‬ترسيخ املفاهيم‪ ،‬وبنينة املكتسبات‬
‫وممارستها‪"72.‬‬

‫‪ -72‬انظر‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.04:‬‬


‫‪71‬‬
‫وتذكرنا هذه األنشطة بطريقة املربي األملاني هربارت القائمة على التنسيق املنطقي بين‬
‫مجموعة من العمليات التدريسية‪ ،‬مثل‪ :‬املراجعة‪ ،‬وقراءة األمثلة‪ ،‬واستخراج القاعدة‪،‬‬
‫والتنسيق بين الفقرات‪ ،‬والتطبيق‪.‬‬

‫‪ ‬أنشط ــة البنـ ــاء‪.‬‬

‫تتمثل أنشطة البناء أو البنينة في الربط بين املكتسبات القديمة والجديدة‪ ،‬أو الربط بين‬
‫املفاهيم املتقاربة‪ ،‬أو املقارنة بين املفاهيم والقضايا املتباعدة أو املتكاملة‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫ثمة أنشطة‪ ،‬مثل‪ :‬التمارين التطبيقية التي تسعف املتعلم في عملية الربط والدمج بين‬
‫املعارف املكتسبة واملعارف الجديدة‪ .‬وقد تكون هذه البنينة في مستهل الدرس أو في نهايته‬
‫من خالل تجميع األفكار األساسية والثانوية والفرعية كلها في خالصة عامة ‪ .‬كما تعتمد‬
‫أنشطة البناء على الجمع بين عدة عمليات عقلية ومنطقية ورياضية كالجمع بين الجمع‬
‫والضرب وحساب النسبة املائوية في عملية واحدة ما ‪ ،‬أو املقارنة بين رسمين‪...‬ومن هنا‪،‬‬
‫فإذا كانت" جل أنشطة االستكشاف ترتبط بتعلم اعتيادي‪ ،‬فقد نتصور أنشطة‬
‫استكشاف ترتبط بمجموع التعلمات‪ ،‬من أجل بنينة هذه التعلمات في البداية‪.‬‬

‫وقد يتعلق األمر بإدخال بعض األفكار األساسية والتمثيلية التي تفسر للتلميذ جوهر‬
‫املحتوى كله‪ ،‬عن طريق األمثلة و‪ /‬أو التمارين‪ ،‬مما يمكنه من ربط املعارف الجديدة‬
‫بمعارفه السابقة وبتجربته‪73".‬‬

‫ويعني هذا أن أنشطة البناء تهدف إلى الربط بين التعلمات السابقة والتعلمات الجديدة‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعلم بحل املشكالت‪.‬‬

‫يواجه املتعلم وضعية تتطلب حل مشكلة ما إما بشكل فردي‪ ،‬وإما بشكل جماعي‪ ،‬بالتفكير‬
‫في حيثيات املشكلة من خالل سياقها التداولي‪ ،‬وتدبرها بشكل جيد‪ ،‬ثم اقتراح الحلول‬
‫‪ -73‬نفسه‪ ،‬ص‪.63-62:‬‬
‫‪72‬‬
‫املناسبة واملمكنة ملعالجة هذه املشكلة‪ .‬ومن ثم‪ " ،‬يحقق التعلم بحل املشكالت نتائج‬
‫أفضل من نشاط االستكشاف‪ ،‬في إيصال مفهوم دقيق؛ ألنه يقترح وضعية‪ -‬مشكلة‬
‫معقدة‪،‬تستلزم أن يقوم التلميذ بتعلمات متعددة‪ ،‬متداخلة ومتمحورة حول هذه‬
‫الوضعية في اآلن نفسه‪ .‬وهي ليست نشاطا يستغرق دقائق أو ساعات معدودة‪ ،‬وإنما‬
‫يتطلب عدة أيام‪ ،‬وأسابيع‪ ،‬أو حتى عدة أشهر‪ ...‬وتعتمد هذه املقاربة حاليا في التعليم‬
‫العالي بالخصوص‪74".‬‬

‫ويعني هذا أن البحث الذي يقوم به املتعلم يرتبط بفرضية أو مشكلة ما‪ ،‬تستوجب البحث‬
‫والتنقيب معا‪ ،‬وجمع املادة إليجاد حل لها‪.‬‬

‫‪ ‬أنشط ــة اإلدم ــاج‪.‬‬

‫يلتجئ املتعلم إلى أنشطة اإلدماج بعد اكتساب املوارد ‪ ،‬وبعد عمليات التوليف والتركيب‬
‫والدعم واملراجعة من أجل مواجهة وضعية أو مجموعة من الوضعيات الصعبة بغية‬
‫تثبيت كفاية ما تمهيدا وتطبيقا‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬يستدمج املتعلم كل موارده املكتسبة‬
‫لتوظيفها لحل الوضعية‪.‬أي‪ :‬إن" نشاط اإلدماج هو نشاط ديدكتيكي يتوخى استدراج‬
‫ً‬
‫التلميذ لتحريك املكتسبات التي كانت موضوع تعلمات منفصلة‪ ،‬فهي ‪ -‬إذا‪ -‬لحظات تعلمية‬
‫تقوم على إعطاء معنى لتلك املكتسبات‪.‬‬

‫ويمكن أن نلجأ إلى أنشطة اإلدماج في أية لحظة من التعلم‪ ،‬السيما في نهاية بعض التعلمات‬
‫التي تشكل كال داال‪ ،‬أي‪ :‬عندما نريد ترسيخ كفاية‪ ،‬أو تحقيق الهدف النهائي لإلدماج‪.‬‬

‫‪ -74‬نفسه‪ ،‬ص‪.03:‬‬
‫‪73‬‬
‫وتتغير أنشطة اإلدماج هاته‪ ،‬فأثناء التعلمات االعتيادية‪ ،‬قد تكون أنشطة قصيرة (ال‬
‫تتجاوز دقائق معدودات) لوضع مكتسبات عديدة ضمن سياق‪ .‬وفي نهاية التعلم‪ ،‬تصير‬
‫املدة مهمة‪ :‬قد تمتد من ساعة إلى عدة أيام‪75".‬‬

‫وعليه‪ ،‬ينبني نشاط اإلدماج على فعالية املتعلم باعتباره بطال رئيسا في عملية بناء‬
‫التعلمات‪ ،‬وحل الوضعيات املشكالت‪ .‬كما يستلزم اإلدماج من املتعلم أن يعبئ كل موارده‬
‫املستضمرة‪ ،‬بشكل من األشكال‪ ،‬لحل الوضعية املطروحة عليه‪ .‬كما أن نشاط املتعلم‬
‫نشاط ذو معنى‪ ،‬ومرتبط بوضعية جديدة‪ ،‬وموجه نحو كفاية أو نحو هدف إدماج نهائي‪.‬‬

‫ومن أمثلة األنشطة اإلدماجية نشاط حول حل املشكالت‪ ،‬ونشاط خاص بوضعية‬
‫تواصل‪ ،‬ومهمة معقدة تنجز في سياق معطى‪ ،‬وإنتاج حول موضوع معين‪ ،‬وزيارة ميدانية‪،‬‬
‫وأعمال تطبيقية ومختبرية‪ ،‬وابتكار عمل فني‪ ،‬وتدريب عملي‪ ،‬وإنجاز مشروع تربوي أو‬
‫مشروع القسم‪...‬‬

‫ويرتكز نشاط اإلدماج على تحديد الكفاية املستهدفة‪ ،‬وتحديد التعلمات التي نريد دمجها‪،‬‬
‫واختيار وضعية ما تكون دالة وجديدة تراعي مستوى املتعلم‪ ،‬وتتيح فرصة إلدماج ما نريد‬
‫أن يتعلمه التلميذ‪ ،‬ووضع صيغ التطبيق‪ ،‬مثل‪ :‬ما يقوم به املتعلم‪ ،‬وما يقوم به املدرس‪،‬‬
‫وإعداد الوسائل املتوفرة‪ ،‬وتحديد املطلوب بدقة‪ ،‬وتبيان أشكال العمل(فردي – جماعي‪-‬‬
‫املجموعات‪ ،)...‬وتوضيح مراحل العمل‪ ،‬واإلشارة إلى بعض املزالق التي ينبغي تجنبها‪.‬‬

‫‪ ‬أنشط ــة التقويــم‪.‬‬

‫يرتبط التقويم بعمليات اإلدماج‪ .‬بمعنى أن التقويم في هذا املجال إدماجي يقيس كفايات‬
‫املتعلم وطريقة استدماجه للموارد‪ ،‬وكيفية حله للوضعية املشكلة‪ .‬ويقوم التقويم على‬
‫أنشطة التقدير‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتصحيح‪ ،‬واملعالجة‪ .‬ويعني هذا أن أنشطة التقويم هي بمثابة‬

‫‪ -75‬نفسه‪ ،‬ص‪.62-63:‬‬
‫‪74‬‬
‫وضعيات استدماجية تتطلب حال من قبل املتعلم اعتمادا على مجموعة من موارده‬
‫ومكتسباته السابقة بمراعاة السياق التداولي‪ ،‬والنص ي‪ ،‬واملرجعي‪ ،‬والشخص ي‪.‬‬

‫‪ /3‬اختيارالوسائـل والطرائق التدريسية املناسبة‪:‬‬

‫البد من تمثل الطرائق التربوية التي تتالءم مع املقاربة بالكفايات واإلدماج باالنفتاح على‬
‫الوسائل اللفظية والبصرية والرقمية املتنوعة واملختلفة‪ ،‬واستعمال النصوص والوثائق‬
‫واملصادر واملراجع واألسناد واألسئلة والتعليمات ومعايير التصحيح ومؤشرات التقويم‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فمن األجدى اختيار طريقة بيداغوجية تالئم نشاطا كفائيا ما ‪ ،‬و"ال يخفى أن هناك‬
‫طرائق عديدة يمكن اتباعها؛ ومنها الطرائق التي تركز على نشاط التلميذ مثل طريقة حل‬
‫املشكالت‪ ،‬أو الطرائق التي تنظم التعلمات حول مشروع معين(بيداغوجيا املشروع)‪ ،‬أو‬
‫حول نشاط وظيفي( دوكرولي‪ -‬فريني)‪ ،‬ومنها أيضا مجموع املمارسات البيداغوجية التي‬
‫تفردن األنشطة حسب مواصفات التالميذ واهتماماتهم‪ .‬وهو إجراء مهم من منظور‬
‫اإلدماج‪ ،‬بحيث إن املكتسبات املختلفة تترسخ بشكل فردي لدى التلميذ‪ ،‬بما فيها األهداف‬
‫النوعية والقدرات والكفايات‪"76.‬‬

‫ويعني هذا كله أن املقاربة بالكفايات تستفيد من كل الطرائق التربوية والوسائل التعليمية‬
‫املمكنة التي تساعد املتعلم على حل جميع الوضعيات التي يواجهها في واقعه الحي‪.‬‬

‫‪ /4‬التطبيــق الكفائي‪:‬‬

‫من أجل تثبيت كفاية ما لدى املتعلم‪ ،‬أو التأكد من تحقيقها ‪ ،‬البد من تقديم للمتعلم‬
‫مجموعة من التطبيقات واألنشطة التقويمية في شكل وضعيات قصيرة أو طويلة ‪ ،‬تتدرج‬
‫في البساطة والتعقيد‪ .‬وتستلزم أن يوظف املتعلم كل مكتسباته السابقة وموارده القديمة‬
‫ملواجهة وضعية جديدة محددة في الزمان‪ ،‬واملكان‪ ،‬والسياق‪.‬‬
‫‪ -76‬نفسه‪ ،‬ص‪.07:‬‬
‫‪75‬‬
‫وثمة كتب وكراسات عبارة عن تطبيقات حول الوضعيات الكفائية واالستدماجية ‪ .‬وهي‬
‫بمثابة أنشطة ووضعيات متدرجة في البساطة والتعقيد‪ ،‬وتكون التمارين املوجودة في‬
‫الكتب املدرسية والكراريس التطبيقية مرتبطة بكفاية ما‪ .‬لذا‪ ،‬تتنوع األنشطة على الرغم‬
‫من اشتراكها في خدمة كفاية معينة‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يبدو أن دور املدرس هو بلورة مجموعة من الوضعيات واملشكالت الضرورية‬
‫وتنظيمها من أجل مساعدة املتعلم على اكتساب كفايات معينة في عالقة بمحتويات‬
‫ومضامين املقررات الدراسية‪ .‬ويعني هذا أن املدرس يحدد كفاية أساسية ما ‪ ،‬مثل‪ :‬كفاية‬
‫القراءة أو الكتابة أو التعبير ‪ ،‬ثم يحدد مجموعة من األنشطة في شكل وضعيات ومشاكل‬
‫متدرجة في ترابط تام مع املحتويات املقررة‪.‬‬

‫‪ /11‬أن ــواع التقوي ــم وفق املقاربة بالكفايات‪:‬‬


‫ترتبط املقاربة بالكفايات بالتقويم اإلدماجي كما وضحه البلجيكي روجرز كزافيي ( ‪Xavier‬‬
‫‪ .77)Roegiers‬ويهدف هذا التقويم الجديد إلى تطوير الكفايات في التعليم االبتدائي‬
‫واإلعدادي والعالي بإعطاء املعنى للتعلمات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد كان التقويم ينصب على املعارف‬
‫واإلنتاج دون االهتمام بالكفايات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تساعد هذه الطريقة اإلدماجية على النجاح‬
‫من خالل تمهير املتعلم بمجموعة من الكفايات اإلدماجية التي تسعفه في حل مشاكل‬
‫الواقع‪ .‬وللتمثيل‪ :‬عندما نقول من الضروري أن نحمي البيئة‪ ،‬فهذا هدف عام‪ ،‬ال يمكن‬
‫تقويمه بشكل من األشكال‪.‬لكن حينما نضع هذا الهدف في شكل وضعية بالتركيز على‬
‫األسباب والحلول‪ ،‬يمكن الحديث آنذاك عن وضعية مشكلة هادفة وبناءة‪ .‬وبالتالي‪،‬‬

‫‪77- ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.‬‬

‫‪76‬‬
‫اليمكن أن تتعدى الكفايات ثالثا في السنة في تخصص معين‪ ،‬وإذا تعدينا ذلك‪ ،‬فسنلتجئ‬
‫إلى التقطيع وتجزيء املحتويات أكثر فأكثر‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أنه البد أن يكون التقويم عبارة عن وضعيات معقدة ومركبة من أجل‬
‫التثبت من مدى تملك املتعلم للكفايات الحقيقية‪ ،‬والبد أن توضع تلك الوضعيات في‬
‫سياقات واقعية حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها‪ .‬ويترتب عن‬
‫ذلك صدق التقويم وثباته‪ .‬وهذا ما يسمى باملقاربة بالكفايات أو املقاربة عبر الكفايات‬
‫األساسية‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل وضعية ما‪ ،‬والبد من‬
‫تقويم ما أنتجه املتعلم في ضوء مجموعة من املعايير التي يسميها روجرز مؤشرات‬
‫التصحيح (‪ .)Critères de correction‬ومن ثم‪ ،‬فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر الذي‬
‫ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ‪ ،‬مثل‪ :‬اإلنتاج الواضح الدقيق‪ ،‬واإلنتاج املنسجم‪ ،‬واإلنتاج‬
‫ً‬
‫األصيل‪....‬إذا‪ ،‬فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما‪ .‬وإذا أردنا أن نقوم العبا‬
‫رياضيا ما‪ ،‬فقد نركز على األناقة‪ ،‬وجودة اللعب‪ ،‬وانسجام الفريق‪ ،‬واإلنتاجية‪.‬‬

‫ومن أهم مؤشرات التقويم املؤشر األدنى (‪ )Critère minimal‬ومؤشر اإلتقان‪ .‬فمؤشر‬
‫األدنى هو الذي يحدد بعض الشروط لتحقيق كفاية ما كأن نقول بأن السباح الكفء هو‬
‫الذي ال يغرق‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يحافظ على توازنه‪ .‬أما إذا أضفنا كفايات أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬السرعة‪،‬‬
‫وشدة الحركة ‪ ،‬واألناقة‪ ،‬واحترام القواعد؛ فإننا ننتقل إلى مؤشر اإلتقان( ‪critère de‬‬
‫‪.)perfectionnement‬‬

‫والبد من التقليل من املؤشرات الدنيوية‪ ،‬وإال سنكون قساة مع املتعلمين عندما تتضخم‬
‫هذه املؤشرات التقويمية‪ .‬ويعني هذا أن التقويم اليبنى على محك األخطاء‪ ،‬بل يبنى على‬

‫‪77‬‬
‫قياس الكفايات املهارية‪ ،‬فليس هناك من ال يخطئ‪ ،‬وال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار‬
‫الوحيد للتقويم ‪.‬‬

‫ويمكن االستعانة في أثناء التقويم اإلدماجي بقاعدة دوكيتيل (‪ )De Ketele‬التي تسمى‬
‫بقاعدة ‪ . 6/2‬بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن وضعيتين من ثالث‬
‫وضعيات‪ . 78‬والبد من االحتكام أوال إلى املؤشر األدنى بدل االحتكام إلى مؤشر اإلتقان‬
‫التكميلي‪.‬‬

‫والبد أن تكون معايير مؤشر األدنى مستقلة عن بعضها البعض‪ ،‬فال يعقل أن تكون األسئلة‬
‫مترابطة ومتتابعة ومتناسلة؛ ألننا سنكون قساة مع املتعلمين‪ ،‬بل البد أن تكون األسئلة‬
‫منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم‪ .‬عالوة‬
‫على وجود معيار االنسجام الذي يستلزم ترابط أجزاء املوضوع منهجيا ومنطقيا‪ ،‬ومعيار‬
‫املالءمة الذي يعني تالؤم أجوبة املتعلم مع تعليمات الوضعية ومعطياتها‪ ،‬ومعيار‬
‫االستعمال السليم لتقنيات التخصص‪ ،‬ومعيار االتساق الداخلي‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬هذا له‬
‫عالقة بالكفاية األساسية والكفاية النوعية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتضمن اختبار التقويم ثالثة شروط هي‪:‬‬

‫‪ ‬أن يتالءم التقويم مع الكفايات املطلوبة تقويمها‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون الكفايات دالة ومحفزة على العمل‪.‬‬

‫‪ ‬أن تنصب الكفايات على قيم إيجابية كاملواطنة وحماية البيئة ‪ ،‬مثال‪.79‬‬

‫كما يبنى االختبار اإلدماجي عبر مجموعة من املحطات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪78‬‬ ‫‪- DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ?, Revue‬‬
‫‪Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,1996, p. 17-36.‬‬
‫‪79 -ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪‬تحديد الكفايات التي ينبغي تقويمها‪.‬‬

‫‪‬بناء وضعية أو وضعيتين جديدتين مالئمتين للكفاية‪.‬‬

‫‪‬وضع معايير التقويم املستقلة بشكل واضح ودقيق في ضوء قاعدة ‪.6 /2‬‬

‫‪ ‬كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم‬
‫واضحة‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد عليها املدرس حين تصحيح ورقة االختبار‪.‬‬

‫‪ ‬وضع شبكة التصحيح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فمن األفضل واألجدى االكتفاء بوضعية واحدة أو وضعيتين على األقل‪ ،‬وعدم‬
‫تقسيم التعليمات إلى أسئلة فرعية جزئية متعددة يجعل املتعلم أمام صعوبات معرفية‬
‫ومنهجية بسبب تعدد األسئلة التي قد تكون متشاههة وتابعة للتعليمة األولى أو الثانية أو‬
‫الثالثة‪ .‬بمعنى بناء أسئلة مستقلة هادفة وناجعة‪ .‬والبد من تجذير الوضعية داخل سياقها‬
‫التداولي‪ ،‬وتكون وضعية جديدة‪ ،‬ويكون اإلنتاج أصيال‪ .‬كما يجب االبتعاد عن نصوص‬
‫ووثائق وأسناد معروفة‪ ،‬فالبد أن تكون جديدة وموضوعة ضمن سياق جديد‪.‬‬

‫وتقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل‪ ،‬فقد يكون مؤشرا كيفيا كأن نطالب‬
‫املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في وصفه‪ ،‬وقد يكون‬
‫مؤشرا كميا عندما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف ثلثي من الجمل صحيحة‬
‫لكي ينال ‪.6 / 2‬‬

‫وعليه‪ ،‬فللتقويم الخاضع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة ‪ -‬حسب روجرز ‪ -‬هي‪:80‬‬

‫‪80- ROEGIERS, X :L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck Université.2004.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ ‬تكون النقط عادلة‪ .‬بمعنى أن التقويم ينصب ‪ -‬هنا‪ -‬على الكفايات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فكثير من‬
‫الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناجحين‪ ،‬وكم من ناجح يستحق اإلخفاق في النظرية‬
‫الجديدة‪ ،‬مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات املهارية‪ ،‬وليس على املعلومات‬
‫وكثرة املعارف‪.‬‬

‫‪ ‬تثمين النقط اإليجابية بتقويم العناصر األساسية ‪ ،‬وإظهار مواطن القوة والعناصر‬
‫اإليجابية في إنتاجات املتعلمين‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد هوية التلميذ الذي يستحق النجاح أو اإلخفاق‪.‬‬

‫البد من تخفيض مؤشرات التقويم لتحقيق مدرسة النجاح واألمل‪ .‬فكلما زادت معايير‬
‫التقويم ضاع التلميذ بين هذه املؤشرات‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ال يستطيع التحكم في األجوبة املتعددة‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬فالبد من االكتفاء بمؤشرين أو ثالثة‪ .‬كما يمكن االكتفاء بكفايتين أو ثالث كفايات‬
‫أساسية‪ .‬وكلما أكثرنا من مؤشرات التقويم‪ ،‬وخاصة إذا كانت مؤشرات تابعة وغير‬
‫مستقلة‪ ،‬فإننا نرتكب ظلما في حق املتعلم الذي نعاقبه مرات متعددة على الخطإ نفسه‪.‬‬
‫ومن األفضل كذلك أن يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس هها‪ ،‬فيعطي كل ما لديه ‪.‬‬
‫و بالتالي‪ ،‬يمكن أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير وضعية معينة مرتبطة‬
‫بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية‪ .‬باإلضافة إلى وضع‬
‫شبكات التمرير‪ ،‬والتحقق‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬واالستدراك‪ .‬ومن املعروف أن املدرس‬
‫املدبر يقدم للمتعلم ثالثة أنواع من األنشطة الدراسية‪:‬‬

‫‪‬أنشطة تدريسية‪ ،‬أو ما يسمى أيضا باملوارد أو التعلمات‪ ،‬وترد في شكل معارف عقلية‬
‫وذهنية‪ ،‬أو في شكل قيم ومواقف وجدانية‪ ،‬أوفي شكل مهارات سلوكية حسية حركية؛‬

‫‪‬أنشطة موازية تكميلية تهدف إلى خدمة املتعلم تسلية وإفادة؛‬


‫‪80‬‬
‫‪‬الوضعيات اإلدماجية التي توظف األسناد املكتوبة واملصورة لحمل املتعلم على تعبئة‬
‫املوارد التي اكتسبها في أثناء أسابيع تعلم املوارد‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تنقسم السنة الدراسية‪ ،‬في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي‪ ،‬إلى أربعة وثالثين‬
‫أسبوعا كامال من النشاط الفعلي‪ ،‬يطابقها حجم حصص ي من ‪3222‬إلى ‪3222‬ساعة‪.‬‬
‫وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات ‪ .‬وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع؛‬
‫إذ يخصص األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية‪ .‬ويخصص‬
‫األسبوع الثالث من كل مرحلة للربط والتوليف والدعم والتقويم‪ ،‬أو ما يسمى كذلك‬
‫باإلدماج الجزئي‪ .‬بينما يخصص األسبوع السابع والثامن لإلدماج ‪ ،‬فالسابع إلنماء الكفاية‪،‬‬
‫ويخصص األسبوع الثامن لتقويمها معالجة‪ ،‬وتصحيحا ‪ ،‬ودعما‪.‬‬

‫ويستلزم تدبير الوضعية اإلدماجية أن تقدم للتلميذ املتعلم مجموعة من املوارد في شكل‬
‫وضعيات مركبة متنوعة بغية استدماج كل مكتسباته املعرفية ومواقفه الوجدانية‬
‫ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك الوضعيات املتدرجة في‬
‫السهولة والصعوبة ‪ .‬و ينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته الشفوية أو الكتابية بإنجاز‬
‫‪81‬‬
‫مجموعة من الوضعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا بعد مجموعة من أسابيع إرساء املوارد‪،‬‬
‫والربط بين التعلمات توليفا وتقويما‪.‬‬

‫وبعد االنتهاء من اإلدماج‪ ،‬يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة ‪ ،‬وتصحيحها في‬
‫ضوء معايير الدعم املناسبة ومؤشرات التقويم اإلدماجي رغبة في إيجاد حلول عالجية‬
‫داخلية وخارجية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يعتمد املدرس‪ ،‬في تدبير الوضعية اإلدماجية‪ ،‬على دفتر أو كراسة الوضعيات‬
‫اإلدماجية التي تتضمن مجموعة من الوضعيات واألسناد والصور األيقونية والوثائق‬
‫التدريسية املرفقة بمجموعة من التعليمات وسلم التنقيط‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬هناك دليل‬
‫اإلدماج‪ ،‬ويشتمل على بطاقات التمرير أو االستثمار‪ ،‬وشبكات التحقق‪ ،‬وكذلك شبكات‬
‫التصحيح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يستوجب تدبير الوضعية اإلدماجية أربعة مراحل متكاملة ومتتابعة هي‪:‬‬

‫‪ ‬فهم الوضعية اإلدماجية عنوانا‪ ،‬وسياقا‪ ،‬وأسنادا‪ ،‬وصورا‪ ،‬ومقصودا‪ ،‬واستيعاب‬


‫التعليمات بشكل جيد‪.‬‬

‫‪ ‬إنجاز العمل املطلوب باحترام تعليمات الوضعية‪ ،‬وإنجاز العمل كما هو مطلوب‬
‫وموصوف‪ ،‬واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوضوع‪.‬‬

‫‪‬التحقق من جودة اإلنتاج بالتحقق من مراعاة املواصفات‪ ،‬ومقارنة قيمة اإلنتاج‬


‫باإلنتاج املنتظر‪.‬‬

‫‪ ‬املعالجة الداخلية والخارجية تقويما وتصحيحا ودعما من أجل تطوير اإلنتاج‪ .‬وهنا‪،‬‬
‫يعتمد التصحيح الذاتي وتحسين اإلنتاج‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫وتعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراس ي‪ .‬ويلتجئ إليها املدرس‬
‫بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفروض أو االختبارات واالمتحانات والروائز بغية‬
‫تشخيص مواطن الضعف والقوة بتمثل املعالجة الداخلية التربوية والتدريسية ‪ ،‬وتمثل‬
‫املعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي واالجتماعي‪ .‬بمعنى أن املعالجة تهدف إلى‬
‫اكتشاف األخطاء وتشخيصها ووصفها‪ ،‬وتقديم معالجة إجرائية ناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تستند‬
‫املعالجة التدريسية إلى أربع مراحل‪:‬‬

‫‪ ‬الكشف عن األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬وصف األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬البحث عن مصادر الخطإ‪.‬‬

‫‪ ‬تيهئ عدة املعالجة‪.‬‬

‫ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في موضوعه‬
‫حسب سياقها ومظانها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج الشخص ي‪،‬‬
‫فيصنفها إلى أنواع‪ ،‬مثل‪ :‬أخطاء صوتية‪ ،‬وأخطاء إمالئية‪ ،‬وأخطاء صرفية‪ ،‬وأخطاء‬
‫داللية‪ ،‬وأخطاء تركيبية‪ ،‬وأخطاء تداولية‪...‬وبالتالي‪ ،‬يحدد مواطن الضعف والقوة لدى‬
‫املتعلم بالبحث عن أسباب هذه األخطاء‪ ،‬متسائال عن مصدرها‪ :‬هل ترجع إلى مصدر‬
‫داخلي تدريس ي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل‬
‫ذاتية وموضوعية‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواقص والتعثرات‬
‫التي قد ترتبط باملدرس‪ ،‬أو املتعلم‪ ،‬أو بالنظام التربوي العام‪ .‬وال تتم املعالجة إال إذا تكرر‬
‫الخطأ مرات عدة‪.‬أما الذي يقوم باملعالجة‪ ،‬فقد يكون املدرس نفسه‪ ،‬أو املتعلم نفسه في‬
‫إطار التصحيح الذاتي‪ ،‬أو تلميذ آخر ‪ ،‬أو قد يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا‬
‫‪83‬‬
‫أو ملحقا إداريا أو تربويا ‪ ،‬وقد يلتجئ كذلك إلى وسائل اإلعالم والسجالت الذاتية والبرامج‬
‫الرقمية ‪...‬‬

‫ومن أهم اإلستراتيجيات في املعالجة أنه يمكن االعتماد على‪:‬‬

‫‪ ‬التغذية الراجعة أو الفيدباك لتصحيح العملية التدريسية‪ ،‬وسد ثغراتها املختلفة‬


‫واملتنوعة‪ ،‬وتفادي نواقصها وعيوهها سواء أقام بتلك التغذية الراجعة املدرس أم التلميذ‬
‫نفسه اعتمادا على أدلة التصحيح‪.‬‬

‫‪ ‬املعالجة بالتكرار أو بالعمليات التكميلية‪.‬أي‪ :‬بمراجعة املكتسبات السابقة‪ ،‬وإضافة‬


‫تمارين تكميلية مساعدة للتقوية وتثبيت املعارف والقواعد األساسية‪.‬‬

‫‪ ‬تمثل منهجيات تعلمية جديدة كمنهجية اإلدماج‪ ،‬ومنهجية االستكشاف‪ ،‬واالعتماد‬


‫على التعلم الذاتي‪ ،‬وتمثل التعلم النسقي‪.‬‬

‫‪ ‬إجراء تغييرات في العوامل األساسية‪ 81‬كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة‪ ،‬وإعادة‬
‫توجيه املتعلم من جديد‪ ،‬وتغيير فضاء املدرسة‪ ،‬وخلق أجواء مؤسساتية ديمقراطية ‪،‬‬
‫واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل السلبية التي يعيشها‬
‫املتعلم في ظلها‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا ‪ -‬مما سبق ذكره‪ -‬أن املقاربة بالكفايات هي التي تنصب على‬
‫املتعلم‪ ،‬وتعنى بتطوير الكفايات والقدرات لديه‪ ،‬بوضعه أمام الوضعيات‪ -‬املشكالت التي‬
‫تستوجب حال ناجعا انطالقا من سياق ما‪ .‬بمعنى أن املقاربة بالكفايات هي مقاربة تربوية‬
‫جديدة تعطي األولوية للمتعلم الذي يملك القدرة على اكتساب املعارف واملوارد التي ينبغي‬
‫توظيفها في أثناء مواجهته للوضعيات الصعبة واملعقدة‪.‬‬

‫‪ -81‬انظر‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.326:‬‬


‫‪84‬‬
‫وعليه‪ ،‬تهدف هذه املقاربة التربوية املعاصرة إلى تكوين متعلم كفء‪ ،‬يعرف كيف يستثمر‬
‫املعرفة ويوظفها‪ ،‬ويعرف كيف ينمي تفكيره بطريقة ميتامعرفية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ال تهتم هذه‬
‫املقاربة باملحتويات واملعارف كما هو حال املدرسة التقليدية بقدر ما تهتم بالكيف والوعي‬
‫بطريقة اكتساب املعارف واملهارات واملواقف والكفايات التواصلية والثقافية واملنهجية‪.‬‬
‫ويعني هذا أن املقاربة بالكفايات تربط الكفايات بالوضعيات داخل سياق تداولي ما‪.‬‬

‫وأهم إيجابية تمتاز هها هذه املقاربة التربوية هو إعادة النظر في مقاييس التقويم واالختبار‪،‬‬
‫واالستعانة بالتقويم اإلدماجي الكفائي في الحكم على الكفاءات والقدرات التعلمية‪ .‬ومن‬
‫مزايا هذه املقاربة كذلك أنها تتبع الحياة الشخصية للمتعلم طوال مساره الدراس ي‪ ،‬فتقيم‬
‫عالقة تفاعلية إيجابية ب ين املتعلم واملعلم‪ ،‬بتجذير النشاط التعلمي في الحياة الشخصية‬
‫للمتعلم‪.‬فضال عن التركيز على ماهو كيفي‪ ،‬ومنهجي‪ ،‬ومهاري‪.‬‬

‫بيد أنه اليمكن تطبيق هذه املقاربة في األقسام التعليمية املكتظة بالتالميذ‪ .‬واليمكن أيضا‬
‫تمثلها في الفصول الدراسية العادية التي فيها تعدد في الفوارق الفردية الناتجة عن سياسة‬
‫الخريطة املدرسية ‪ .‬ويتعذر أيضا تطبيقها في األقسام املشتركة كما هو الشأن في املغرب‪.‬‬
‫كما تستوجب هذه املقاربة أن يحضر املدرس الكفائي مجموعة من الوضعيات الصعبة‬
‫التي تتناسب مع مستوى املتعلم‪ .‬ناهيك عن تعقد مساطير التقويم اإلدماجي بالنسبة‬
‫للمدرس‪ .‬كما أن الحاجة ماسة إلى تكوين املدرس في إطار هذه البيداغوجيا تكوينا كفائيا‬
‫حقيقيا ومنتجا ومبدعا وهادفا؛ حيث يصبح املدرس موجها ومرشدا ومحضرا للوضعيات‬
‫اإلدماجية‪ ،‬وليس معلما أو ملقنا أو مالكا للمعرفة املوسوعية التي يريد أن يشحن هها عقل‬
‫املتعلم كما‪ ،‬وليس كيفا‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وخالص ــة الق ــول‪ ،‬لق نند تمث ننل املنه نناج الترب ننوي املغرب نني ث ننالث مقارب ننات للمنه نناج الدراس ن ي ‪ ،‬منه ننا‬

‫املقاربننة املضننامينية التنني تعنننى بنناملقررات املوجهننة باملعرفننة‪ ،‬واملقاربننة النسننقية التنني تقننوم علننى‬

‫املخطط ننات املوجه ننة باأله ننداف‪ ،‬واملقارب ننة املتمرك ننزة عل ننى الكفاي ننات والوض ننعيات اإلدماجي ننة‬

‫القائمة على النسق املنهي من جهة‪ ،‬وتكوين اإلنسان املحترف عمليا من جهة أخرى‪.‬‬

‫ومن ننن ثن ننم‪ ،‬يتمين ننز املنهن نناج الحن ننديث واملعاصن ننر عن ننن املنهن نناج التربن ننوي التقلين نندي باالعتمن نناد علن ننى‬

‫الحريننة‪ ،‬وتعلننم الحينناة عبننر الحينناة‪ ،‬والتركيننز علننى الننتعلم الننذاتي‪ ،‬واالهتمننام باللعننب‪ ،‬وتطبيننق‬

‫الطرائق التربوية الفعالنة‪ ،‬واالسترشناد بعلنم الننفس وعلنم االجتمناع‪ ،‬واالنطنالق منن األهنداف‬

‫اإلجرائية والخاصة والعامة‪ ،‬والتحكم في الكفايات األساسية والنوعية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن أننواع عندة منن املنناهج التربوينة‪ ،‬فهنناك منهناج املنواد املنفصنلة‪،‬‬

‫ومنهنناج املننواد املترابطننة‪ ،‬ومنهنناج املننواد املتشنناههة‪ ،‬ومنهنناج النشنناط الفننردي والجمنناعي‪ ،‬ومنهنناج‬

‫امليول‪...‬‬

‫وعلي ننه‪ ،‬يس ننتند املنه نناج الترب ننوي املغرب نني إل ننى ثالث ننة مح ننددات رئيس ننة ه نني‪ :‬االعتم نناد عل ننى مب نندإ‬

‫االختي ننار‪ ،‬واألخ ننذ بتربي ننة الق ننيم‪ ،‬والت نندريس وف ننق األه ننداف اإلجرائي ننة والكفاي ننات اإلدماجي ننة‪.‬‬

‫وم ن ننن جه ن ننة أخ ن ننرى‪ ،‬ينف ن ننتح املنه ن نناج الترب ن ننوي املغرب ن نني عل ن ننى ث ن ننالث مقارب ن ننات متنوع ن ننة كاملقارب ن ننة‬

‫املضمونية‪ ،‬واملقاربة املتمركزة على األهداف‪ ،‬واملقاربة املتمركزة على الكفايات واإلدماج‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫التخطيط الديدكتيكي‬

‫‪87‬‬
‫يمكن الحديث عن ثالث كفايات رئيسة‪ ،‬ينبغي أن تتوفر في املدرس الراهن من أجل تحقيق‬
‫الجودة في درسه التعليمي‪.‬وهذه الكفايات البارزة هي‪ :‬كفاية التخطيط‪ ،‬وكفاية التدبير‪،‬‬
‫وكفاية التقويم‪ .82‬وما يهمنا في هذا الحيز هو كفاية التخطيط‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬تعريف التخطيط‪:‬‬


‫من املعروف أن التخطيط عبارة عن عملية تأمل وتنظيم ‪ ،‬تسعف املدرسين في تحديد‬
‫األولويات الضرورية‪ ،‬و تحديد انتظارات املتعلمين‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يبدو أن التخطيط بمثابة‬
‫برمجة ملجموعة من العمليات واإلجراءات ا ملفترض القيام هها في مجال محدد بأهداف‬
‫محددة‪ ،‬و وسائل محددة‪ ،‬واعتماد مراحل محددة داخل غالف زمني محدد‪ .‬ويترجم إلى‬

‫‪ -82‬انظر‪ :‬جميل حمداوي‪ :‬مجزوءات التكوين في التربية والتعليم(التخطيط‪ -‬التدبير‪ -‬التقويم)‪ ،‬أفريقيا الشرق‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2237‬م‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫خطة واقعية أو برنامج عمل دقيق وإجرائي يستجيب لالنتظارات التالية‪ :‬من؟ ملاذا؟ ماذا؟‬
‫أين؟ متى؟ كيف؟ كم؟‬

‫ومننن هنننا‪ ،‬فننالتخطيط هننو مجموعننة مننن التنندابير املحننددة التنني تتخننذ مننن أجننل تحقيننق هنندف‬

‫معين‪ .‬ويعني هذا أن الخطة يحددها عنصران أساسيان هما‪:‬‬

‫‪ /3‬وجود هدف أو غاية نريد الوصول إليها ‪.‬‬

‫‪ /2‬وضع تدابير محددة ووسائل مرسومة من أجل بلوغ هذا الهدف‪.‬‬

‫وم ننن هن ننا‪ ، ،‬ف ننالتخطيط محاول ننة علمي ننة تجريبي ننة لالرتق نناء ب ننالواقع ال ننذي يع ننيش في ننه الف ننرد‬

‫لتحقيق تطلعات مستقبلية محددة في الزمان واملكان‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬أسس التخطيط التعليمي‪:‬‬

‫يس ننتند التخط ننيط التعليم نني التدريس ن ي إل ننى مجموع ننة م ننن املب ننادىء والش ننروط الت نني نحص ننرها‬

‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ /3‬الواقعية البراجماتية‪.‬‬

‫‪ /2‬ترتيب األولويات والحاجيات الضرورية‪.‬‬


‫‪89‬‬
‫‪ /6‬الشمولية والتكامل بين موضوع التخطيط وباقي املجاالت األخرى‪.‬‬

‫‪ /7‬االستمرارية من حيث مسايرة ما يحدث في املجتمع من تطور مرتقب‪.‬‬

‫‪ /3‬املرونة من أجل استيعاب املتغيرات الجديدة إلجراء التعديالت الالزمة‪.‬‬

‫‪ /3‬التوازن بين ما يطلب والظروف التي يقع فيها التخطيط‪.‬‬

‫وعليننه‪ " ،‬يكنناد تخطننيط التنندريس فنني منهجننه وآلياتننه ي نرادف مفهننوم " هندسننة التنندريس"؛ ألن‬

‫املدرس مهندس للتدريس حيث يعتبر التدريس وفق هذا التصنور علنم مثنل الهندسنة يتطلنب‬

‫خلفي ننة نظري ننة علمي ننة ث ننم تنظيمه ننا وف ننق بني ننة معرفي ننة مح ننددة وأس ننس نظامي ننة‪ ،‬متسلس ننلة‬

‫ومتدرجننة وتتطلننب خبننرة حرفيننة وعمليننة تتضننمن مهننارة الخبيننر الننذي تتضننح فنني ذهنننه مننا قبننل‬

‫العملية وما بعدد العملية ولديه تصور واضح عن النتاجات‪.‬‬

‫وقد جاءت عملية التدريس وفق هذا التصور عملية مخططة منتظمة محكومة بأهداف‬

‫ومستندة إلى أسس نظرية نموذجية تهدف إلى اعتبار مكونات منظومة التدريس وخصائص‬

‫املتعلمين واملدرسين واملحتوى التدريس ي وفق منظومة متفاعلة لتحقيق التطور والجودة في‬

‫العملية التدريسية وههدف تربوي عام وبدلك يتضح أن تخطيط التدريس علم يهدف إلى‬

‫‪90‬‬
‫توضيح دور املدرس الفاعل في تنفيذ أهداف التدريس مستندا إلى نظرية التدريس‬

‫وخصوصيات املحتوى ومنطق تنظيمه لتحقيق أهداف املخططات التدريسية‪"83.‬‬

‫ويعني هذا أن التخطيط التدريس ي هو الذي يخضع ملجموعة من العمليات املحكمة في‬

‫شكل تصميم إجرائي متقن من أجل الوصول إلى مجموعة من النتائج من خالل األهداف‬

‫املسطرة واملرسومة من قبل‪.‬‬

‫ومننن جهننة أخننرى‪ ،‬تسننتلزم" عمليننة التخطننيط الدينندكتيكي استحضننار مكننون املننتعلم كفاعننل‬

‫أساسن ي فنني بنناء التعلمننات وتحقيننق األهنداف املحننددة‪ .‬ومنن ثمننة يفتننرض فني مخطننط الوضننعية‬

‫الديداكتيكية استحضار ما يلي‪:‬‬

‫‪ .3‬تحدي ن نند املواق ن ننف والخبن ن نرات الت ن نني تت ن نناح فيه ن ننا للمتعلم ن ننين ص ن ننياغة وتط ن ننوير تم ن ننثالتهم‬

‫وأفكارهم والتعبير عنها بطريقة طبيعية‪.‬‬

‫‪ .2‬تهيئنة الفنرص و املواقنف التنني تتنيح للمتعلمنين فنرص إبننداع أفكنار جديندة وأصنيلة ممننا‬

‫يسهم في تطوير قدراتهم اإلبداعية من خالل أنشطة حية ومعبرة‪.‬‬

‫‪ .6‬توفير املرونة الكافية في مخططنات التندريس و جعنل العملينة التدريسنية بيئنة مناسنبة‬

‫ملمارسة مواقف واقتناعات واتجاهات خاصة وإخضاعها للتجريب واالختيار‪.‬‬

‫‪ -83‬يوسف قطامي وآخرون‪ :‬تصميم التدريس‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬طبعة ‪2226‬م‪ ،‬ص‪. 3:‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ .7‬تمك ننين املتعلم ننين م ننن تط ننوير إب ننداعاتهم ومب ننادراتهم الخاص ننة ض ننمن أنش ننطة مفتوح ننة‬

‫وممتدة الفضاءات‪.‬‬

‫‪ .3‬مراع نناة املخطن ننط التدريس ن ن ي لفردانين ننة املن ننتعلم م ننن حين ننث قدراتن ننه وأسن نناليبه املعرفين ننة‬

‫واسنتعداداته ‪ ،‬و تمثالتنه وطموحاتنه ورغباتننه وبالتنالي يسناهم املخطننط فني تطنوير هننذه‬
‫الخصوصيات‪84" .‬‬

‫ويعني هذا أن التخطيط التدريس ي هو الذي يحول الدرس إلى مندخالت نظرينة رئيسنة تتمثنل‬

‫فن نني األخ ن ننذ باملقاربن ننة باملض ن ننامين‪ ،‬أو املقاربن ننة باأله ن ننداف‪ ،‬أو املقاربن ننة بالكفاي ن ننات‪ .‬ثن ننم‪ ،‬تحوي ن ننل‬

‫الندرس إلننى مجموعننة مننن املراحننل التعليميننة والسننيكولوجية ‪ ،‬أو تحويننل النندرس إلننى مجموعننة‬

‫من الوضعيات التعليمية‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬مراحل التخطيط التدريس ي ‪:‬‬


‫ينبننني التخطننيط التدريس ن ي عل ننى مجموعننة مننن املراحننل التعليمي ننة وفننق التنندرج الس ننيكولوجي‬

‫على النحو التالي‪:85‬‬

‫‪ /3‬املرحلة التحفيزية التي تتالءم مع سيكولوجية الدوافع واالستعدادات؛‬

‫‪ /2‬مرحلة االنتباه التي تتناسب مع نظريات التعلم واالكتساب؛‬

‫‪ -84‬يوسف قطامي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.334 :‬‬


‫‪ -85‬زياد حمدان‪ :‬التدريس املعاصر ‪ :‬تطوراته واصوله وعناصره وطرقه‪ ،‬دار التربية الحديثة‪ ،‬طبعة ‪3600‬م‪،‬‬
‫ص‪.666:‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ /6‬مرحلة االكتساب التي تتوافق‪ ،‬بدورها‪ ،‬مع نظريات التعلم واالكتساب؛‬

‫‪ /7‬مرحلة التخزين التي تنسجم مع سيكولوجية الذاكرة ومعالجة املعلومات؛‬

‫‪ /3‬مرحلة التذكر التي تتالءم مع سيكولجية التذكر والتركيب؛‬

‫‪ /3‬مرحلة التركيب التي تتالءم أيضا مع سيكولوجية التذكر والتركيب؛‬

‫‪/4‬مرحلة التحويل والتغذية الراجعة التي تتوافق مع مبدأ الخبرة والكفاءة‪.‬‬

‫االشتغال السيكولوجي‬ ‫مسار الدرس‬

‫الدو افع واالستعدادات‬ ‫املرحلة التحفيزية‬

‫مرحلة االنتباه‬
‫نظريات التعلم واالكتساب‬
‫مرحلة االكتساب‬

‫الذاكرة ومعالجة املعلومات‬ ‫مرحلة التخزين‬

‫مرحلة التذكر‬
‫التذكروالتركيب‬
‫مرحلة التركيب‬

‫الخبرة والكفاءة‬ ‫مرحلة التحويل‬


‫‪93‬‬
‫التغذية الراجحة‬

‫ويمكن تقسيم الدرس وفق مجموعة من املراحل التخطيطية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ /3‬مرحلة التحفيز والتشويق ‪.‬‬

‫‪ /2‬مرحلة االسترجاع والتذكر‪.‬‬

‫‪ /6‬مرحلة التمهيد‪.‬‬

‫‪ /7‬مرحلة االستكشاف‪.‬‬

‫‪ /3‬مرحلة التوصيف‪.‬‬

‫‪ /3‬مرحلة التحليل ‪.‬‬

‫‪ /3‬مرحلة التركيب‪.‬‬

‫‪ /3‬مرحلة التقويم‪.‬‬

‫‪ /4‬مرحلة التطبيق الشفوي والكتابي‪.‬‬


‫‪94‬‬
‫‪ /0‬مرحلة التغذية الراجعة‪.‬‬

‫‪ /6‬مرحلة االستدراك‪.‬‬

‫‪ /32‬مرحلة املعالجة الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫‪ /33‬مرحلة الدعم الفوري أو املتدرج أو املؤجل‪.‬‬

‫وعليننه‪ ،‬يتعلننق التخطننيط التعليمنني " باتخنناذ قنرارات وفننق أهننداف مرامنني التكننوين بخصننوص‬

‫وضننعية بيداغوجيننة تننربط الس ننلوكات املتوقعننة للمنندرس م ننع السننلوكات املتوقعننة للتالمي ننذ‪...‬‬

‫وينتج عن هذه السيرورة منتوجات التخطيط التي تجعل املدرسين ينتبهون لقراراتهم‪86"...‬‬

‫ويعني هذا أن التخطيط التعليمي هو إصدار قرارات تربوينة فني منا يخنص العملينة التعليمينة‪-‬‬

‫التعلمية بغية تنفيذ مجموعة من األهداف عبر عمليتي التدبير من جهنة‪ ،‬والتقنويم منن جهنة‬

‫أخرى‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬محطات تصميم الدرس‪:‬‬

‫‪ -86‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫يستند تصميم الدرس التعليمي ‪ -‬التعلمي وتخطيطه إلى املحطات التالية‪:‬‬

‫املخرجات‬ ‫التحوالت‬ ‫املدخالت‬

‫‪ -‬تحديد النتائننج‬ ‫‪ -‬صياغة أهداف التعلم‬ ‫املتطلبات السابقة للتدريس‬ ‫‪-‬‬


‫‪ -‬هيكلة وتنظيم محتوى التدريس‪.‬‬ ‫األهداف التربوية للتدريس‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تحديد مستوى االنجاز‬ ‫‪ -‬بلورة وتنظيم طرائق التدريس‪.‬‬ ‫أنواع التعلم املقصودة‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تحديد مصادر التعلم‬ ‫الفئات املستهدفة بالتدريس‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تحديد فعالية نظام التدريس‬ ‫‪ -‬بناء عدة التدريس‬ ‫معارف ومحتويات التدريس‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تدبير وتنفيذ التدريس‬ ‫مصادر التدريس‬ ‫‪-‬‬

‫التغذية الراجعة‬

‫‪ -‬تحليل بيانات التقويم‬


‫‪ -‬إعادة تصميم نظام التدريس‬
‫‪ -‬تعديل وتطوير نظام التدريس‬

‫ويمكن الحديث أيضا عن تخطيط للنسق التعليمي بصفة عامة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫مخطط عام ملسارالنسق التعليمي‪ -‬التعلمي‬

‫مستوى القرار‬ ‫الوظيفة‬ ‫مستوى الهدف‬ ‫املستوى‬


‫السياسة التعليمية‬ ‫تخطيط وتقرير‬ ‫مقاصد ومرامي النظام‬ ‫املنهاج الدراس ي‬
‫املقررون واملشرعون‬ ‫التربوي‬
‫يتضمن‬
‫‪ -‬النظام التعليمي‬ ‫برمجة ‪ +‬تدبير‬ ‫أهداف عامة وتوجيهات‬ ‫برامج دراسية‬
‫واملسالك الدراسية‬ ‫تدبيرية كفايات استراتيجية‬
‫السلطة السياسية‬ ‫تتضمن مجموعة‬
‫بالقطاع‬ ‫من‬
‫الهياكل الدراسية ومدبرو‬ ‫أهداف عامة ونوعية أو‬ ‫الوحدات واملواد الدراسية‬
‫الشأن التعليمي محليا‪.‬‬ ‫كفايات نوعية‬
‫هيكلة وتنظيم‬ ‫تتضمن مجموعة من‬
‫النشاط الصفي ومدبرو‬ ‫إعداد وتحضير وتيهئ‬ ‫الدروس‬
‫الفعل الديداكتيكي‬
‫الخاص‬ ‫أهداف خاصة أو قدرات‬ ‫تتضمن مجموعة‬
‫من‬
‫املدرس في تفاعل مع‬ ‫هندسة وتنفيذ‬ ‫أهداف إجرائية وموارد ‪:‬‬
‫املقاطع الديداكتيكية‬
‫املتعلم‬ ‫معرفة‪ ،‬معرفة الفعل ‪،‬‬
‫وموقف‬
‫تتضمن مجموعة من‬
‫تقويننم‬
‫الوحدات الوظيفية‬
‫هدف نشاط‬

‫َ‬
‫إذا‪ ،‬يقص نند ب ننالتخطيط التعليم نني ذل ننك املس ننار الهندسن ن ي ال ننذي يتتبع ننه امل نندرس الكف ننائي م ننن‬
‫أج ننل تحقي ننق ه نندف مع ننين‪ ،‬أو تجس ننيد كفاي ننة معين ننة‪.‬أي‪ :‬تل ننك الخط ننة املنهجي ننة الت نني توص ننل‬
‫ذل ننك امل نندرس إل ننى تحقي ننق م ننا ق نند رس ننمه م ننن أه ننداف وكفاي ننات إجرائي ننة قياس ننية ومعياري ننة‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يطرح املدرس املخطط التدريس ي وفق أسئلة ثالثة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ ‬ماذا سأفعل؟‬

‫‪ ‬كيف سأفعل؟‬

‫‪ ‬كيف سأقوم ذلك الفعل قبل فعله؟‬

‫ويعن نني ه ننذا أن التخط ننيط الدي نندكتيكي يتس ننم بنظ ننرة اس ننتباقية توقعي ننة‪ ،‬ويق ننوم عل ننى ثالث ننة‬
‫مرتكزات مترابطة‪:‬‬

‫‪ /3‬التوقع‪:‬تشخيص ما تم التخطيط له هدفا أو كفاية‪.‬‬

‫‪ /2‬مبدأ الحتمية‪ :‬ربط اإلنجاز بالهدف أو الكفاية املخطط لها ربطا حتميا‪.‬‬

‫‪ /6‬البرجمـ ــة‪ :‬وض ن ننع برمج ن ننة مفص ن ننلة مل ن نناهو مخط ن ننط ل ن ننه بتفص ن ننيله وتجزيئ ن ننه‪ ،‬والتركي ن ننز عل ن ننى‬
‫التعلم ننات‪ ،‬وتحدين نند الفضن نناء الزمك نناني‪ ،‬واإلشن ننارة إلن ننى الفئ ننات املسن ننتهدفة‪ ،‬وتبين ننان الوسن ننائل‬
‫الديدكتيكية ‪.‬‬

‫ويعن ن نني ه ن ننذا كل ن ننه أن التخط ن ننيط الدي ن نندكتيكي ق ن ننائم عل ن ننى امل ن نندخالت (األه ن ننداف والكفاي ن ننات)‪،‬‬
‫والعمليننات (املحتويننات‪ ،‬والطرائننق البيداغوجيننة‪ ،‬والوسننائل )‪ ،‬واملخرجننات( تقننويم األهننداف‬
‫والكفايات)‪ ،‬والتغذية االرتجاعية (الفيدباك)‪.‬‬

‫ومنن هنننا‪ ،‬تهنتم كفايننة التخطننيط لندى املنندرس الكفنائي بمراعنناة املسننار العالئقني الننذي يسننمح‬
‫ل ننه بمعرف ننة جمي ننع العناص ننر البيداغوجي ننة والعلمي ننة الض ننرورية م ننن أج ننل تحقي ننق الكفاي ننة‬
‫األساس ننية أو تحص ننيل اله نندف املنش ننود‪ .‬ويمك ننن أن يك ننون التخط ننيط الدي نندكتيكي الئح ننة م ننن‬
‫املحتوي ننات املنتظم ننة بطريق ننة تراتبي ننة متعاقب ننة‪ .‬وق نند يك ننون موض ننوعات وتيم ننات‪ .‬وق نند يك ننون‬
‫عبن ننارة عن ننن أهن ننداف وكفاين ننات متعاقبن ننة ومتسلسن ننلة‪ ،‬وقن نند يكن ننون عبن ننارة عن ننن من ننوارد تربوين ننة‪،‬‬
‫ومؤسسنناتية‪ ،‬وبشننرية‪ ،‬وماليننة‪ ،‬وفضننائية‪ ،‬وزمنيننة‪ .‬ومننن ثننم‪ ،‬فننالتخطيط هننو أول مرحلننة مننن‬

‫‪98‬‬
‫مراح ننل الفعن ننل البين ننداغوجي لتعقبن ننه مرحلن ننة اإلنج نناز‪ ،‬ومرحلن ننة التقن ننويم‪ ،‬ومرحلن ننة اإلدمن نناج‪،‬‬
‫ومرحلة املعالجة‪.‬‬

‫ويخضن ننع تصن ننميم الن نندرس ملجموعن ننة من ننن املقومن ننات واملرتك ن نزات األساسن ننية التن نني ينبنن نني عليهن ننا‬
‫التخطيط الديدكتيكي‪ ،‬وتتمثل هذه املقومات في العناصر األربعة التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تحدينند الكفايننات األساسننية أو الكفايننات املستعرضننة التنني يمكننن تطويرهننا أو إنماؤهننا لنندى‬
‫التلميذ أو الطالب داخل الفصل الدراس ي‪.‬‬

‫‪ ‬مراعاة الفوارق الفردية التي تميز تالميذ أو طلبة الفصل الدراس ي‪.‬‬

‫‪ ‬ت ن ننوفير جمي ن ننع امل ن ننوارد الت ن نني يمك ن ننن اس ن ننتثمارها ف ن نني املراح ن ننل البيداغوجي ن ننة ال ن ننثالث‪ :‬مرحل ن ننة‬
‫التحضير واإلعداد‪ ،‬ومرحلة اإلنجاز والتحقيق‪ ،‬ومرحلة اإلدماج)‪.‬‬

‫‪ ‬اختيار نوع املقاربة التي يمكن االستعانة هها من أجل استثمار هذه الوضعية التعلمية‪.‬‬

‫وعلننى وجننه العمننوم‪ ،‬ينبننني التخطننيط الدينندكتيكي علننى مجموعننة مننن املبننادئ واملقومننات التنني‬
‫يمكن تحديدها في الالئحة التالية‪:‬‬

‫‪ ‬بن نناء التخط ننيط الدي نندكتيكي عل ننى مجموع ننة م ننن الكفاي ننات واأله ننداف اإلجرائي ننة املح ننددة‬
‫بدقة‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغ ن نني أن يحق ن ننق التخط ن ننيط الدي ن نندكتيكي كن ن ننل الكفاي ن ننات واأله ن ننداف املس ن ننطرة بإنجن ن نناز‬
‫املجزوءة املعطاة‪.‬‬

‫‪ ‬يس ننتوجب التخط ننيط الدي نندكتيكي‪ -‬س ننواء أ نك ننان س نننويا أم مرحلي ننا أم يومي ننا أم إجرائي ننا‪-‬‬
‫التركيننز علننى العناصننر الرئيسننة مننن عمليننة التخطننيط‪ ،‬وهنني‪ :‬املحتويننات فنني عالقتهننا بالكفايننات‬
‫واألهداف‪ ،‬و مراعاة اإليقاعات الزمنية املفروضة‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ ‬ينبغني أن يحتننرم التخطننيط السنننوي‪ ،‬أو التخطننيط املرحلنني‪ ،‬منطننق املقننررات الدراسننية فنني‬
‫تعاقبها وتسلسلها وانتظامها وترابطها اتساقا وانسجاما‪.‬‬

‫‪ ‬يستوجب في التخطيط الجرائي (تخطيط الدرس) احترام تعلمات املقرر الدراس ي‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغنني التركيننز ‪ ،‬فنني أثننناء تخطننيط النندرس ‪ ،‬علننى تعلمننات وأنشننطة التالميننذ ال علننى تعلمننات‬
‫املدرس وأنشطته التدريسية التعليمية‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي أن يهتم التخطيط الديدكتيكي برصد مجمل املراحل التي يقطعهنا إنجناز التعلمنات‬
‫بفعالية إيجابية بغية فهمها وتفسيرها‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغ ن نني التركي ن ننز ف ن نني التخط ن ننيط الدي ن نندكتيكي عل ن ننى ت ن ننوفير الظ ن ننرف الزمن ن نني إلج ن نراء التق ن ننويم‬
‫التكويني واألخذ بأنشطة املعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬واالستدراك‪.‬‬

‫ويس ننتلزم التخط ننيط الدي نندكتيكي مجموع ننة م ننن الش ننروط الض ننرورية الت نني يمك ننن حص ننرها ف نني‬
‫النقط التالية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطيط الديدكتيكي تخطيطا واقعيا‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطيط شامال يتضمن جميع املراحل التي تنبنني عليهنا املجنزوءة الدارسنية‪ ،‬أو‬
‫متضمنا لكل مكونات العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطيط مرنا‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطيط قابال للتطبيق واألجرأة‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون قابال للتحوير والتغيير والتعديل‪.‬‬

‫‪ ‬أن يتضمن التخطيط املدخالت والعمليات واملخرجات والفيدباك على حد سواء‪.‬‬

‫‪ ‬أن يحدد التخطيط أفضل اإلستراتيجيات واإلجراءات املناسبة لتنفيذ الخطة‪.‬‬


‫‪100‬‬
‫‪ ‬أن يرتبط بمجموعة من الكفايات واألهداف اإلجرائية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يخضع التخطيط لعمليات التقويم واإلدماج‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬أهمية التخطيط التعليمي‪:‬‬


‫يبنندو أن للتخطننيط الدينندكتيكي أهميننة كبيننرة تتمثننل فنني كونننه يعقلننن العمليننة الديدكتيكيننة‪،‬‬
‫ويجسنندها ممارسننة‪ ،‬وسننلوكا‪ ،‬وتعليمننا‪ ،‬وتعلمننا‪ .‬كمننا ينننظم مضننامين الننتعلم املقننررة فنني شننكل‬
‫أهننداف تعليميننة‪ .‬عننالوة علنى ذلننك‪ ،‬يحنندد التخطننيط مجموعننة مننن عمليننات اإلنجنناز بننناء علننى‬
‫مجموع ن ننة م ن ننن األه ن ننداف والكفاي ن ننات املنش ن ننودة‪ .‬ويعن ن نني ه ن ننذا أن التخط ن ننيط يعقل ن ننن العملي ن ننة‬
‫التربوية‪ ،‬ويجعلها ذات هدف‪ ،‬ومعنى‪ ،‬وداللنة‪ ،‬ومقصندية‪ .‬وينربط املنوارد التعلمينة بمجموعنة‬
‫مننن الكفايننات والوضننعيات السننياقية‪ .‬ويسننعف التخطننيط املنندرس الكفننائي فنني تنندبير الوقننت‪،‬‬
‫والحف نناظ عل ننى اإليقن نناع املدرسن ن ي‪ ،‬واالقتصن نناد ف نني الجه نند‪ .‬فضن ننال ع ننن تن ننوفير األم ننن للمن نندرس‬
‫وامل ن ن ننتعلم عل ن ن ننى ح ن ن نند س ن ن ننواء‪ ،‬وتس ن ن ننهيل عملي ن ن ننة التق ن ن ننويم‪ ،‬وتنظ ن ن ننيم العملي ن ن ننة البيداغوجي ن ن ننة‬
‫والديدكتيكية في أحسن صورة مشرفة‪.‬‬

‫سادسا‪،‬أهداف التخطيط التعليمي‪:‬‬


‫ينبننني التخطننيط الدينندكتيكي علننى مجموعننة مننن األهننداف اآلنيننة واملرحليننة والبعينندة‪ ،‬ويمكننن‬
‫جمعها في األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تحقيق الكفايات العامة واإلجرائية‪.‬‬

‫‪ ‬تحقيق نجاح العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ ‬تنظيم العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬عقلنة املوارد التعلمية التي تتضمنها املناهج واملقررات الدراسية‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫‪ ‬تنظيم هندسة الدرس في مختلف مراحلها املقطعية‪.‬‬

‫‪ ‬توفير العدة املنهجية لتحقيق الخطة بغية تحقيق الكفايات املرصودة‪.‬‬

‫‪ ‬إح ننداث تغيين ننر آن نني فن نني العملين ننة الديدكتيكي ننة أو إصن ننالح تن نندريجي أو األخ ننذ بمبن نندإ التطن ننور‬
‫البطيء‪.‬‬

‫‪ ‬تحقيق تنمية ناجحة وناجعة بيداغوجيا وديدكتيكيا‪.‬‬

‫‪ ‬إرساء مدرسة النجاح والتميز والكفاءة‪.‬‬

‫سابعا‪ ،‬مسارالتخطيط التعليمي ‪:‬‬


‫يتخ ننذ التخط ننيط الدي نندكتيكي مس ننارا هندس ننيا رباعي ننا‪ ،‬فف نني بداي ننة الس نننة الدراس ننية‪ ،‬يعتم نند‬
‫املن نندرس الكفن ننائي علن ننى التقن ننويم التشخيص ن ن ي القبلن نني أو التمهين نندي الن ننذي يهن نندف إلن ننى توجين ننه‬
‫املنندرس توجيهننا تربويننا صننحيحا لكنني يننتفهم وضننعيات الفصننل‪ ،‬ويحنندد الفننوارق البيداغوجيننة‬
‫املوجودة عنده بغية خلق نوع من التقنارب بنين التالمينذ‪ .‬بمعننى أن التقنويم التمهيندي بمثابنة‬
‫وصننفة اسننتباقية وتوقعيننة توجننه املنندرس إلننى مننواطن الخلننل والقننوة مننن أج نل تنندارك الوضننع‬
‫التربوي‪ ،‬ومعالجته ديدكتيكيا‪ ،‬أو في ضوء معالجة داخلية أو خارجية‪.‬‬

‫وبعنند ذلننك‪ ،‬تننأتي فتننرة التعلمننات التكوينيننة فنني شننكل متتاليننات أسننبوعية‪ ،‬يقننوم فيهننا املنندرس‬
‫الكفننائي بإرسنناء املننوارد‪ ،‬واختيننار املحتويننات والطرائننق البيداغوجيننة والوسننائل الديدكتيكيننة‬
‫املالئمن ننة‪ .‬وتسن ننتهدف هن ننذه املراحن ننل التكوينين ننة نمن نناء الكفاين ننة وتثبيتهن ننا وإرسن ننائها‪ .‬وتنقسن ننم كن ننل‬
‫متوالي ننة زمني ننة تكوينين ننة إل ننى مقن نناطع ووح نندات دراسن ننية مرتبط ننة بكفاين ننات فرعي ننة‪ ،‬وأهن ننداف‬
‫مح ننددة تخ نندم الكفاي ننة األساس ننية‪ ،‬و ق نند تتمث ننل ف نني الس ننلك االبت نندائي إم ننا ف نني كفاي ننة التعبي ننر‬
‫الشفوي‪ ،‬وإما في كفاينة القنراءة‪ ،‬وإمنا فني كفاينة الكتابنة‪ ،‬وإمنا فني كفاينة اسنتيعاب علنوم اللغنة‬
‫واسننتثمارها وظيفيننا وسننياقيا‪ .‬وتتخلننل هننذه املراحننل التكوينيننة مجننزوءات إدماجيننة بينيننة بعنند‬
‫‪102‬‬
‫ستة أسابيع من التكوين‪ .‬وههنذا‪ ،‬يكنون البرننامج السننوي قائمنا علنى أربنع مجنزوءات أسنبوعية‬
‫متس ننقة‪ ،‬ومنس ننجمة‪ ،‬ومتط ننورة ‪ .‬وتتك ننون ك ننل مج ننزوءة م ننن س ننتة أس ننابيع‪ ،‬يتبعه ننا أس ننبوعان‬
‫لإلدمناج تعلمنا‪ ،‬وإنجنازا‪ ،‬وتقويمنا‪ ،‬ومعالجنة‪ .‬وههنذا‪ ،‬يكنون عندد أسنابيع النتعلم ثمانينة وثالثننين‬
‫أسننبوعا‪ ،‬يضنناف إليهمننا أسننبوع التقننويم التشخيص ن ي‪ ،‬وأسننبوع التقننويم اإلشننهادي‪ .‬وفنني نهايننة‬
‫السننة الدراسنية‪ ،‬يلتجنئ املندرس الكفنائي إلنى املجنزوءة اإلدماجينة النهائينة التني تشنخص منندى‬
‫تحقق الهدف اإلدماجي النهائي السنوي‪.‬‬

‫ومننن املعلننوم أن املقينناس األساسن ي لتنندبير (‪ )La gestion‬التعلمننات هننو املجننزوءة أو الوحنندة‬
‫أو املصوغة (‪ )Le module‬التي تؤمن‪ ،‬بشنكل متسنق ومنسنجم‪ ،‬مجموعنة منن الكفاينات عبنر‬
‫ثالث محطات رئيسة هي‪:‬‬

‫‪ -3‬مرحلة استيعاب أو اكتساب التعلمات األساسية‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة إدماج التعلمات‪.‬‬

‫‪ -6‬مرحلة التقويم أو املعالجة‪.87‬‬

‫‪:‬‬ ‫ثامنا‪ ،‬أنواع التخطيط التعليمي‬


‫ويمكننن الحننديث عننن أنننواع عنندة مننن الهندسننات التخطيطيننة فنني مجننال الدينندكتيك أو التربيننة‬
‫الخاصة‪ .‬ويمكن حصرها في األنواع التالية‪:‬‬

‫‪‬التخطي ــط السن ــوي‪:‬‬

‫يننرتبط التخطننيط السنننوي (‪ )la planification annuelle‬باملنهنناج أو املقننرر الدراس ن ي‪ .‬وقنند‬


‫عننرف تخطننيط املنهنناج ثننالث محطننات كبننرى‪ :‬محطننة املضننامين واملحتويننات؛ حيننث نكنان يعتمنند‬

‫‪87 - Roegiers, X, la pédagogie de l’intégration en bref, Rabat, 2006 PP.9-10.‬‬

‫‪103‬‬
‫ف نني تخط ننيط املنه نناج الدراس ن ي عل ننى موض ننوعات أو تيم ننات أو مف نناهيم معين نة‪ ،‬مث ننل‪ :‬الدراس ننة‪،‬‬
‫والطفولة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والسفر‪ ،‬ووسائل النقل‪ ،‬واملدينة‪ ،‬والبادية‪....‬‬

‫أما املحطة الثانية‪ ،‬فهي محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القنرن العشنرين‪ .‬فقند‬
‫قس ننمت األه ننداف التربوي ننة إل ننى أه ننداف وغاي ننات عام ننة‪ ،‬وأه ننداف وس ننطى‪ ،‬وأه ننداف إجرائي ننة‬
‫خاصة في ضوء املنظور اللساني السلوكي(واطسون‪ ،‬وبافلوف‪ ،‬وسكينر)‪.‬‬

‫أما املحطة الثالثة ‪ ،‬فهي محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سننوات العقند األول منن‬
‫األلفيننة الثالثننة لننربط التعلننيم بواقننع الشننغل واملهننننة‪ .‬وقنند انبنننت هننذه النظريننة الجدينندة علننى‬
‫مجموع ن ننة م ن ننن التص ن ننورات اإلبس ن ننتمولوجية مث ن ننل‪ :‬النظري ن ننة املعرفي ن ننة‪ ،‬والنظري ن ننة التوليدي ن ننة‬
‫التحولي ن ننة(نوام شومس ن ننكي)‪ ،‬والنظري ن ننة البنائي ن ننة التكويني ن ننة (ج ن ننان بي ن نناجي)‪ ،‬وك ن ننل النظري ن ننات‬
‫السننياقية التنني تننربط الننذات بنناملحيط أو السننياق الخننارجي‪ .‬دون أن ننس ن ى النظريننات التربويننة‬
‫القائم ن ننة عل ن ننى ال ن ننتعلم ال ن ننذاتي ومراع ن نناة الفوارق(البي ن ننداغوجيا الالتوجيهي ن ننة‪ ،‬والبي ن ننداغوجيا‬
‫املؤسساتية‪ ،‬وديناميكية الجماعات‪ ،‬وبيداغوجيا الفوارق‪ ،‬وبيداغوجيا األخطاء‪)...‬‬

‫وعلي ننه‪ ،‬يق ننوم التخط ننيط الس نننوي بتج ننزيء املق ننررات التربوي ننة‪ ،‬أو تقس ننيم املن نناهج الدراس ننية‬
‫سنويا‪ ،‬بتوزيعها إلى مجموعة منن املراحنل التكوينينة‪ ،‬أواملجنزوءات الدراسنية ‪ ،‬واختينار أنجنع‬
‫السنبل منن أجننل تقنويم إجمنالي أونهننائي مناسنب للتأكنند منن مكتسنبات التالميننذ‪ ،‬أو الثبنت مننن‬
‫مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل الدراس ي‪.‬‬

‫وهكن ننذا‪ ،‬يتكن ننون التخطن ننيط السن نننوي من ننن أربن ننع مراحن ننل كبن ننرى‪ .‬وتتضن ننمن كن ننل مرحلن ننة ثمانين ننة‬
‫أسابيع‪ ،‬األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد‪ ،‬واألسبوعان الباقينان يخصصنان لإلدمناج‪ .‬كمنا‬
‫يخصننص األسننبوعان الثالننث والسننادس ألنشننطة التوليننف والتقننويم والنندعم‪ .‬و تشننكل هننذه‬
‫األسنابيع الثمانينة منا يسنمى بناملجزوءة التنني تبندأ بالكفاينة‪ ،‬وتنتهني بنالتقويم اإلجمنالي‪ .‬ويالحننظ‬

‫‪104‬‬
‫أن عن نندد املجن ننزوءات أربن ننع‪ ،‬يسن ننبقها أسن ننبوع للتقن ننويم التشخيص ن ن ي وأسن ننبوع فن نني آخن ننر السن نننة‬
‫للتقويم اإلشهادي‪.‬‬

‫‪‬التخطي ــط املرحل ــي‪:‬‬

‫ينبننني التخطننيط املرحلنني (‪)planification intérmidiaire‬علننى توزيننع التعلمننات الدراسننية‪ ،‬أو‬


‫تجنزيء املقنررات أو املنناهج التربوينة حسنب مراحنل زمنينة تكوينينة معيننة‪ :‬إمنا باتبناع التكننوين‬
‫األسدوسن ي (سننتة أشننهر)‪ ،‬وإمننا اختيننار التكننوين األثلننوثي (ثالثننة أشننهر) ‪ ،‬وإمننا بانتهنناج التكننوين‬
‫التربننوي والدينندكتيكي حسننب املجننزوءات‪ .‬ويسننمى هننذا التخطننيط أيضننا بننالتخطيط املرحلنني‪،‬‬
‫أو التخطننيط البيننني‪ ،‬أو التخطننيط التكننويني ‪ .‬وبتعبيننر آخننر‪ ،‬فننالتقويم املرحلنني ‪ -‬فنني الحقيقننة‪-‬‬
‫مننرتبط بإنجنناز مجننزوءة معينننة فنني ضننوء كفايننة أساسننية معينننة‪ ،‬بعنند املننرور بطبيعننة الحننال‬
‫بمحطة اإلدماج السياقي‪.‬‬
‫‪‬التخطيط اليوم ــي‪:‬‬

‫نعننني بننالتخطيط اليننومي منناينجزه املنندرس الكفننائي مننن تعلمننات وكفايننات مستعرضننة فنني يننوم‬
‫معننين‪ ،‬وتنندبير مختلننف اإليقاعننات الزمنيننة التنني علننى هننديها‪ ،‬يننتم تقننديم الوحنندات املقطعيننة‬
‫واملضامين التعلمية في مختلف املواد التي سيقبل عليها املتعلم في يومه الدراس ي‪.‬‬

‫‪‬التخطيط اإلجرائي ‪:‬‬

‫يسننعى التخطننيط اإلجرائنني (‪ )la planification opérationelle‬إلننى هندسننة خطننة ال نندرس‬


‫بش ننكل عمل نني وإجرائ نني واض ننح مفص ننل ف نني جمي ننع خطوات ننه املتسلس ننلة واملتعاقب ننة واملتداخل ننة‪.‬‬
‫ويس ننمى ه ننذا التخط ننيط ك ننذلك بج ننذاذة ال نندرس‪ ،‬أو خط ننة ال نندرس‪ ،‬أو هندس ننة ال نندرس‪ ،‬أو‬
‫تخطيط الدرس‪ ،‬أو مقطع الدرس‪ .‬ويصف هنذا التخطنيط جمينع الخطنوات املتبعنة منن قبنل‬
‫املعلم واملتعلم على حد سواء‪.‬أي‪ :‬تقسم التعلمات الديدكتيكية إلى أنشطة املندرس وأنشنطة‬
‫املتعلم انطالقا من كفايات محددة بدقة‪ ،‬واختينار املنوارد والوسنائل والطرائنق البيداغوجينة‬
‫التنني يمكننن اتباعهننا م نن خننالل اسننتعمال وسننائل التقننويم املالئمننة‪ ،‬واالنتقننال‪ ،‬بعنند ذلننك‪ ،‬إلننى‬
‫الوضعيات اإلدماجية لتعقبها مراحل‪ :‬املعالجة‪ ،‬والفيدباك‪ ،‬والدعم‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫وبن نناء عل ننى ماس ننبق‪ ،‬ف ننالتخطيط اإلجرائ نني يص ننف مس ننار التعلم ننات بش ننكل مفص ننل ف نني مرحل ننة‬
‫معيننة مننن التنندريس انطالقنا مننن مرحلننة تحديند الكفايننات إلننى مرحلنة التقننويم‪ ،‬مننرورا بمرحلننة‬
‫اإلنجاز وإرساء املوارد‪.‬‬

‫‪‬التخطيط اإلدماجي‪:‬‬

‫يتعل ننق التخط ننيط اإلدم نناجي بت نندبير ج ننذاذة دراس ننية ف نني ض ننوء بي ننداغوجيا اإلدم نناج بتس ننطير‬
‫وض ن ن ننعية معين ن ن ننة مرتبط ن ن ننة بموارده ن ن ننا وس ن ن ننندها وحامله ن ن ننا وتعليماته ن ن ننا ومعاييره ن ن ننا ومؤش ن ن نراتها‬
‫التقويمية‪ .‬باإلضافة إلى شبكات التمرير‪ ،‬والتحقق‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬واالستدراك‪.‬‬

‫وتعنند جننذاذة النندرس مننن أهننم الوثننائق الضننرورية التنني يسننتعين ههننا املنندرس واملنتعلم علننى حنند‬
‫سننواء إلنجنناز ال ندرس فنني ضننوء مجموعننة مننن الكفايننات العامننة والخاصننة بغيننة أجرأتهننا عمليننا‬
‫إلنم نناء الكفاين ننة وإرسن ننائها وتثبيتهن ننا ودعمهن ننا وتعزيزه ننا بغين ننة تحقين ننق الهن نندف النهن ننائي أو أج ن نرأة‬
‫الكفايننة األساسننية‪ .‬لننذا‪ ،‬ينبغنني احت نرام مجموعننة مننن الخطننوات واملراحننل واملقنناطع التعلميننة‬
‫التنني ينبغنني املننرور منهننا للوصننول إلننى الهنندف النهننائي أو الكفايننة اإلجماليننة‪ .‬ومننن هنننا‪ ،‬تتضننمن‬
‫خطة الجذاذة ثالثة مقاطع أساسية هي‪:‬‬

‫‪‬مقطع التشخيص واملراجعة والتقويم القبلي؛‬

‫‪‬مقطن ننع التكن ننوين القن ننائم علن ننى اسن ننتعراض املحتوين ننات والطرائن ننق البيداغوجين ننة والوسن ننائل‬
‫الديدكتيكية‪ ،‬وتحديد أنماط الفضاء وطرائق التفاعل والتواصل داخل الصف الدراس ي؛‬

‫‪‬مقط ننع التق ننويم اإلجم ننالي الق ننائم عل ننى التطبيق ننات الش ننفوية والكتابي ننة‪ ،‬وتحض ننير ال نندرس‬
‫القادم‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملدرس الكفء الحقيقي هو الذي يمتلك كفاية التخطيط واالستشراف‪ ،‬وتنظيم‬
‫الدرس في أحسن صورة‪ ،‬والتخطيط له على مستوى األمد القريب‪ ،‬واألمد املتوسط‪ ،‬واألمد‬
‫البعيد‪ .‬والهدف من ذلك كله هو تحقيق الكفايات األساسية والتكميلية واملستعرضة‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫التدبيرالديدكتيكي‬

‫‪107‬‬
‫يمكن الحديث عن ثالث كفايات أساسية ينبغي أن تتوفر في املدرس الراهن من أجل‬
‫تحقيق الجودة في درسه الديدكتيكي‪.‬وهذه الكفايات البارزة هي‪ :‬كفاية التخطيط‪ ،‬وكفاية‬
‫التدبير‪ ،‬وكفاية التقويم‪ .‬وتبقى كفاية التدبير أهم هذه الكفايات لطابعها العملي‪،‬‬
‫والتطبيقي‪ ،‬والتنفيذي‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬مفهوم التدبير‬


‫يقصد بالتدبير الديدكتيكي بناء وضعيات ديدكتيكية تطبيقية في مدة معينة‪ ،‬وتدبيرها في‬
‫مستوى دراس ي معين‪ ،‬أو ضمن مستويات دراسية مختلفة من مستويات املدرسة‬
‫االبتدائية‪ ،‬إما داخل فصل دراس ي أحادي‪ ،‬وإما داخل فصل دراس ي مشترك‪ ،‬من خالل‬
‫االعتماد على مجموعة من الوثائق والبرامج الرسمية‪ ،‬واستعمال أشكال التنفيذ وفق‬
‫مقاربة الكفايات وبيداغوجيا اإلدماج‪ .‬ويعني هذا أن التدبير الديدكتيكي هو بناء الدرس في‬
‫شكل وضعيات ديدكتيكية وإدماجية حسب مقاطع فضائية وزمانية معينة في ضوء‬
‫بيداغوجيا الكفايات واإلدماج من خالل التركيز على مجموعة من األنشطة التي يقوم هها‬
‫املعلم واملتعلم معا بتوظيف طرائق بيداغوجية ووسائل ديدكتيكية معينة‪ ،‬وتمثل معايير‬
‫ومؤشرات معينة في التقويم واملعالجة‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬أهداف التدبيرالتعليمي‪:‬‬


‫تتمثل أهداف التدبير الديدكتيكي في أجرأة الكفايات واألهداف في أرض الواقع في ضوء‬
‫بيداغوجيا الكفايات واإلدماج بتنفيذ ها وفق وضعيات ديداكتيكية مجسدة في شكل‬
‫خطاطات مفصلة وجذاذات مقطعية قابلة للتنفيذ والتطبيق‪ .‬كما يهدف التدبير‬
‫الديدكتيكي إلى بناء وضعيات تعلمية إجرائية وتطبيقية في شكل مقاطع تعليمية ‪ -‬تعلمية‬
‫تشمل مختلف أنشطة املعلم واملتعلم‪ ،‬وأيضا أنواع التقويم واملعالجة‪ ،‬في مكان محدد‪،‬‬
‫وزمن معين‪ .‬بمعنى أن التدبير ينصب على تنظيم مختلف العمليات الديدكتيكية في‬
‫‪108‬‬
‫وضعيات إشكالية بسيطة ومعقدة سواء أكان ذلك في األقسام الصفية األحادية أم‬
‫األقسام الصفية املتعددة واملشتركة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يتخذ التدبير طابع التخطيط والتنظيم‬
‫وفق وضعيات إدماجية قابلة للتقويم واملعالجة والقياس واإلشهاد في شكل مقاطع دراسية‬
‫محددة ديدكتيكيا وإيقاعيا‪.‬‬

‫ويالحظ أن للنتدبير الديدكتيكي أهمية كبرى‪ .‬وتتمثل هذه األهمية اإلستراتيجية في عقلنة‬
‫العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪ ،‬وربط التخطيط بالتنفيذ والتطبيق والتقويم‪ ،‬وتحويل‬
‫التمثالت املجردة إلى مخططات عملية سلوكية‪ ،‬وأجرأة الكفايات واألهداف املسطرة‬
‫تطبيقا وتنفيذا‪ .‬كما يعد التدبير آلية ضرورية لتحقيق الجودة الكمية والكيفية‪.‬‬

‫ومن وظائف املدرس املدبر وظيفة التخطيط‪ ،‬ووظيفة التسيير‪ ،‬ووظيفة التوجيه‬
‫والوصاية‪ ،‬ووظيفة التنظيم‪ ،‬ووظيفة التطبيق‪ ،‬ووظيفة التنفيذ‪ ،‬ووظيفة التحكم‪،‬‬
‫ووظيفة القيادة‪ ،‬ووظيفة التنسيق‪ ،‬ووظيفة املراقبة املرحلية أو املستمرة‪ ،‬ووظيفة التوقع‪،‬‬
‫ووظيفة التقويم والتصحيح واملعالجة‪...‬‬

‫ثالثا‪ ،‬مرتكزات التدبيرالتعليمي‪:‬‬


‫ينبني التدبير الديدكتيكي على مجموعة من املرتكزات املنهجية التي يمكن حصرها في‬
‫أنشطة املعلم وأنشطة املتعلم عبر مجموعة من املقاطع الدراسية (املقطع االستهاللي‪،‬‬
‫واملقطع التكويني‪ ،‬واملقطع النهائي)‪ ،‬واالنطالق من مجموعة من األهداف والكفايات‬
‫املسطرة‪ ،‬وتحديد فضاء التدبير‪ ،‬والتركيز على اإليقاع الزمني تشخيصا وتكوينا ومعالجة‪،‬‬
‫ورصد الوضعيات الديدكتيكية واإلدماجية‪ ،‬وتنظيمها في شكل جذاذة دراسية تخطيطا‪،‬‬
‫وتطبيقا‪ ،‬وتنفيذا‪ .‬ثم‪ ،‬اختيار أنواع الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية التي‬
‫تسعف املدرس واملتعلم معا في التعامل مع الوضعيات الكفائية وأنواع الوضعيات املقدمة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫ويعني هذا كله أن التدبير يأتي بعد مرحلة التخطيط السنوي واملرحلي والديدكتيكي‪،‬‬
‫وينصب اهتمامه على مجال التعلم ببلورة وضعيات التعلم‪ ،‬وتبيان كيفيات إنجاز الدرس‪،‬‬
‫وتحديد طرائق تدبير القسم في عالقة جدلية بمجال التخطيط من جهة‪ ،‬ومجال التقويم‬
‫والدعم من جهة أخرى‪.‬‬

‫و يتطلب التدبير الديدكتيكي أن يتعرف املدرس إلى مختلف منهجيات وحدة اللغة العربية‬
‫باملدرسة االبتدائية كأن يعرف منهجية القراءة‪ ،‬ومنهجية الخط والكتابة‪ ،‬ومنهجية‬
‫التعبير‪ ،‬ومنهجية النحو والصرف واإلمالء والشكل‪ ،‬ومنهجية املحفوظات‪ ،‬ومنهجية التربية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ومنهجية الوضعيات اإلدماجية والتقويمية‪...‬وبالتالي‪ ،‬يعرف أيضا كيف تتوزع‬
‫الحصص الدراسية وغالفها الزمني‪ ،‬ويعرف كذلك أنواع وضعيات التعلم من أجل تحديد‬
‫الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية املالئمة لتقديم املقطع الدراس ي أو مجموعة‬
‫من املقاطع الديدكتيكية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يستلزم التدبير الديدكتيكي التعرف إلى تقنيات التنشيط والتواصل‪،‬‬
‫وإعداد معينات ديدكتيكية مالئمة للمقطع (املورد)‪ ،‬وتكييف مختلف التقنيات التنشيطية‬
‫والتواصلية مع خصوصيات القسم (قسم حضري‪ ،‬وقسم مشترك‪ ،‬وقسم مكتظ‪،)...‬‬
‫بتنويع تقنيات التواصل مع التمركز حول املتعلم ‪ ،‬واستثارة قدراته الكفائية واإلدماجية‪،‬‬
‫واالنطالق من نظريات التعلم في أثناء التدبير‪.‬‬

‫ويستلزم التدبير الديدكتيكي تعبئة مجموعة من املوارد األساسية التي تساعد املعلم‬
‫واملتعلم على مواجهة الوضعيات اإلدماجية‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة لها وفق املقاربة‬
‫بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج‪ .‬ومن بين هذه املوارد الضرورية التمكن من ضوابط اللغة‬
‫العربية الفصحى‪ ،‬وتمثل معاييرها الصوتية‪ ،‬والصرفية‪ ،‬والتركيبية‪ ،‬والداللية‪ ،‬والبالغية‪،‬‬
‫والتواصلية‪ .‬ثم التعرف إلى منهجية مكونات وحدة اللغة العربية بالسلكين‪ :‬األساس‬
‫واملتوسط‪ ،‬واستيعاب تقنيات التنشيط والتواصل من خالل تدبير وظيفي بناء وفعال لكل‬
‫‪110‬‬
‫املعينات الديدكتيكية‪ ،‬واعتماد مختلف الطرائق البيداغوجية املناسبة لتقديم‬
‫الوضعيات الديدكتيكية واإلدماجية ضمن أوساط سوسيوتربوية متعددة (أقسام‬
‫مكتضة‪ ،‬وأقسام بالوسط القروي‪ ،‬وأقسام متعددة املستويات‪ ،‬أو ما يسمى كذلك‬
‫باألقسام املشتركة‪ ،)...‬وتدبير الفوارق الفردية باعتماد البيداغوجيا الفارقية‪ ،‬وتحديد‬
‫الصيغ املالئمة لتدبير أزمنة وفضاءات التعلم (عمل فردي‪ ،‬وعمل جماعي‪ ،‬واالشتغال في‬
‫فرق ومجموعات‪ ،)...‬والتمكن من مبادئ اإلدماج‪ ،‬والتعرف إلى كيفية بناء الوضعيات‬
‫الديدكتيكية واإلدماجية ‪ ،‬وتبيان طرائق إنجازها وتنفيذها‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬الجذاذة التدبيرية ‪:‬‬


‫يتجسد التدبير الديدكتيكي في إعداد جذاذات نمطية‪ ،‬أو بطاقات تقنية‪ ،‬أو خطاطات‬
‫هيكلية‪ ،‬تعمل على تنظيم العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ .‬ويستند التدبير الديدكتيكي إلى‬
‫إفراغ التعلمات واألنشطة في مجموعة من املراحل الرئيسية‪ ،‬بعد أن تتحدد الكفاية‬
‫املستهدفة‪ ،‬وتعين مجموعة من األهداف اإلجرائية‪.‬‬

‫وتضم الجذاذة التقنية أيضا ‪ ،‬إلى جانب العتبات واملعينات الشخصية‪ ،‬ثالث مراحل أو‬
‫مقاطع أساسية‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫‪‬املقطع التمهيدي أو االبتدائي أو االستهاللي‪ ،‬ويكون في شكل مراجعة‪ ،‬أو تقويم‬


‫تشخيص ي‪ ،‬أو استكشاف توقعي لتمثالت التالميذ حول املوضوع املدروس؛‬

‫‪‬املقطع التكويني الذي يرتكز على أنشطة املعلم واملتعلم في شكل أفعال كفائية وقدرات‬
‫مرصودة من خالل تبيان الطرائق البيداغوجية واملوارد والوسائل الديدكتيكية مع‬
‫تقويمها؛‬

‫‪111‬‬
‫‪‬املقطع النهائي أو الختامي أو التقويمي‪ ،‬ويكون بمثابة تطبيقات واستنتاجات‬
‫واستثمارات وأنشطة لإلنجاز والتقويم النهائي أو اإلجمالي‪.‬‬

‫ويمكن تشخيص هذه املراحل في النموذج التقني التالي‪:‬‬

‫ج ــذاذة نموذجية‪-‬‬ ‫‪-‬‬

‫األستاذ‪...........................:‬‬ ‫رقم الجذاذة‪.............:‬‬ ‫التاريخ‪...........................:‬‬

‫عنوان الدرس‪..................:‬‬ ‫املادة‪.......................:‬‬ ‫املؤسسة‪........................:‬‬

‫الوحدة‪...........................:‬‬ ‫املدة الزمنية‪...............:‬‬ ‫املستوى‪.........................:‬‬

‫األسبوع‪.........................:‬‬ ‫مكون الوحدة‪:‬‬ ‫رقم الوحدة‪......................:‬‬

‫‪......................................................................................................‬‬ ‫الكفاية‬
‫املستهدفة‬
‫‪....................................................................................................‬‬

‫‪..................................................................................................‬‬
‫تقويم‬ ‫الطرائق‬ ‫الوسائل‬ ‫األنشطة الديداكتيكية‬ ‫األهداف‬
‫ودعم‬ ‫البيداغوجية‬ ‫الديداكتيكية‬ ‫اإلجرائية‬
‫املتعلم‬ ‫املدرس‬

‫تقويم‬ ‫املقطع‬
‫قبلي‬ ‫التمهيدي‬

‫تقويم‬ ‫املقطع‬

‫‪112‬‬
‫تكويني‬ ‫التكويني‬

‫تقويم‬ ‫املقطع‬
‫إجمالي‬ ‫النهائي‬

‫ونخلص ‪ ،‬مما سبق‪ ،‬إلى أن املدرس الحق هو الذي يمتلك كفاية التدبير ببناء وضعيات‬
‫تعليمية‪ -‬تعلمية‪ ،‬أو صياغة وضعيات إدماجية داخل فصل دراس ي معين سواء أكان ذلك‬
‫الفصل أحاديا أم مشتركا اعتمادا على الوثائق الرسمية ‪ .‬ويتمثل هدف املدرس في تحقيق‬
‫الكفايات األساس من جهة‪ ،‬وتحقيق أهداف إجرائية معينة‪ ،‬قد تكون معرفية‪ ،‬أو وجدانية‬
‫انفعالية‪ ،‬أو حسية حركية‪ .‬بمعنى أن املدرس املدبر الكفء هو الذي يبني األنشطة‬
‫الديدكت يكية والتقويمية بشكل تطبيقي وإجرائي‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يتخذ هذا التدبير شكل‬
‫جذاذات ومخططات مقطعية تنطلق من املناهج والبرامج الرسمية ‪ ،‬و تراعي خصوصيات‬
‫املتعلمين ضمن فضاء زمكاني معين باختيار طرائق ووسائل ديدكتيكية وبيداغوجية معينة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬ينصب التدبير على تخطيط األنشطة والتعلمات الخاصة بكل مادة‬
‫دراسية بشكل بنائي مفصل ووظيفي‪ ،‬وقابل للتنفيذ واألجرأة من خالل ترقب كل الطوارئ‬
‫واملستجدات التي تبرز في أثناء التفاعل والتواصل داخل جماعة القسم‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫املنهاج التربوي ومصطلحاته‬

‫‪114‬‬
‫ما أحوج الحقل التربوي العربي بصفة عامة‪ ،‬واملغربي بصفة خاصة‪ ،88‬إلى مقاربات‬
‫ودراسات مصطلحية من أجل دراسة املصطلحات واملفاهيم التي تنتمي إلى املجال‬
‫البيداغوجي والديدكتيكي بغية االستفادة من تعاريفها املختلفة اللغوية واالصطالحية‬
‫والتقنية ‪ ،‬واستثمارها في إنجاز البحوث التربوية املختلفة سواء أكانت نظرية أم تطبيقية !‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تستلزم املقاربة املصطلحية‪ ،‬في مجال التربية والتعليم‪ ،‬استكشاف‬
‫املصطلحات التي لها عالقة بالتربية العامة والخاصة‪ ،‬أو لها ارتباط بعلم النفس التربوي أو‬
‫علم االجتماع التربوي وفق منهجية علمية دقيقة‪ ،‬تعتمد على تتبع املصطلح سانكرونيا‬
‫(تزمينا) أو دياكرونيا (تاريخيا) باستعراض مختلف النصوص واللوائح والوثائق والروايات‬
‫والشواهد التي يرد فيها املصطلح املقصود بالتحليل والدراسة بغية فهم املصطلح لغة‬
‫واصطالحا‪ ،‬وتتبع مشتقاته داخل النص وخارجه من أجل تكوين معاجم املصطلحات ‪ ،‬كما‬
‫يفعل الدارسون الغربيون الذين وفروا مجموعة من القواميس واملعاجم التي تنصب على‬
‫مصطلحات بعينها في ميدان أو مجال معين‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬سوف نتوقف عند ستة مصطلحات تربوية أساسية هي‪ :‬املنهاج(‪،)Curriculum‬‬
‫والبرنامج(‪،)Programme‬واملقرر(‪ ،)Cursus‬والكتاب املدرس ي(‪، ) Le livre scolaire‬‬
‫والوحدة(‪ ،)Unit‬واملجزوءة(‪.)Module‬‬

‫‪ -88‬ثمة دراسات مصطلحية مغربية منها‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية ألحمد أوزي ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م؛ واملنهل التربوي لعبد الكريم غريب‪ ،‬منشورات عالم التربية‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م؛ واملعجم في أعالم التربية والعلوم‬
‫اإلنسانية‪،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2224‬م؛‬
‫ومصطلحات تعليمية من التراث اإلسالمي لخالد الصمدي‪ ،‬منشورات املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم‬
‫والثقافة – إيسيسكو‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2220‬م؛ واملعجم املوسوعي الجديد لعلوم التربية ألحمد أوزي مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م؛ ومعجم األلفاظ واملصطلحات التربوية في‬
‫التراث العربي ملهداد الزبير‪ ،‬مركز عبد العزيز بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الطبعة األولى سنة‬
‫‪2233‬م؛‬
‫‪115‬‬
‫أوال‪ ،‬املنهاج التربوي‪:‬‬
‫إذا تصفحنا املعاجم والقواميس اللغوية للبحث عن مدلول املنهاج أو املنهج‪ ،‬فسنجد‬
‫شبكة من الدالالت اللغوية التي تحيل على الخطة‪ ،‬والنهج‪ ،‬واملسلك‪ ،‬والتصميم‪،‬‬
‫والطريقة‪ ،‬والهدف البين‪ ،‬والسير الواضح‪ ،‬والصراط املستقيم‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول ابن منظور‬
‫في(لسان العرب)‪:‬‬

‫" نهج‪ :‬طريق نهج‪ :‬بين واضح وهو النهج‪ ،‬والجمع نهجات ونهج ونهوج‪ ...‬وطرق نهجة وسبيل‬
‫منهج‪ :‬كنهج‪ .‬ومنهج الطريق‪ :‬وضحه‪ .‬واملنهاج‪ :‬كاملنهج‪ .‬وفي التنزيل‪:‬لكل جعلنا منكم شرعة‬
‫‪.‬وأنهج الطريق‪ :‬وضح واستبان وصار نهجا واضحا بينا‪...‬‬ ‫ومنهاجا‬
‫أي تعين وتقوي‪ .‬واملنهاج‪ :‬الطريق الواضح‪ .‬واستنهج الطريق‪ :‬صار نهجا‪ .‬وفي حديث‬
‫العباس‪:‬لم يمت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬حتى ترككم على طريق ناهجة‪ ،‬أي‬
‫واضحة بينة‪ .‬ونهجت الطريق‪ :‬أبنته وأوضحته‪ .‬يقال‪ :‬اعمل على ما نهجته لك‪ .‬ونهجت‬
‫الطريق‪ :‬سلكته‪ .‬وفالن يستنهج سبيل فالن أي يسلك مسلكه‪.‬والنهج‪ :‬الطريق املستقيم‪.‬‬
‫ونهج األمر وأنهج‪ ،‬لغتان‪ ،‬إذا وضح‪"89.‬‬

‫ويعني هذا أن املنهاج عبارة عن مسلك أو تصميم أو طريقة واضحة املدخالت واملخرجات‪.‬‬
‫وهو أيضا عبارة عن خطة واضحة الخطوات واملراقي‪ ،‬تنطلق من البداية نحو النهاية عبر‬
‫العمليات اإلجرائية التطبيقية‪ .‬ويعني هذا أن املنهج ينطلق من مجموعة من الفرضيات‬
‫واألهداف والغايات‪ ،‬ويمر عبر سيرورة من الخطوات العملية واإلجرائية قصد الوصول إلى‬
‫نتائج ملموسة ومحددة بدقة مضبوطة‪.‬‬

‫‪ - 89‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬حرف النون‪ ،‬مادة نهج‪ ،‬الجزء الرابع عشر‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫ويقصد باملنهاج‪ ،‬في مجال التربية والتعليم‪ ،‬ذلك املخطط العام الذي يعبر عن فلسفة‬
‫الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن فلسفة سياسية وغايات عامة تهدف إلى تكوين‬
‫مواطن صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية‬
‫والواقعية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم‪.‬‬
‫وتتأثر هذه الفلسفة بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياس ي‪ ،‬واالجتماعي‪،‬‬
‫واالقتصادي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والديني‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملنهاج هو خطة العمل في املجال التربوي والتعليمي‪ ،‬ويشمل أنواع الخبرات‬
‫والدراسات والتجارب واملهارات واملواقف التي توصلها املدرسة إلى التالميذ واملتعلمين‪.‬‬
‫بمعنى أن املنهاج هو تصور مستقبلي استشرافي في مجال التربية والتعليم‪ ،‬هدفه هو تنظيم‬
‫املدرسة من جهة‪ ،‬وتوجيه العملية التعليمية‪-‬التعليمية من جهة أخرى‪ ،‬أو هو بمثابة نوع‬
‫من التخطيط والتشريع والقوانين التي تنظم التربية بصفة عامة‪ ،‬والعملية التدريسية‬
‫بصفة خاصة‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يستند املنهاج التربوي التعليمي إلى مجموعة من الغايات الكبرى واألهداف‬
‫العامة‪ ،‬أو هو من التوجهات واملرامي واألغراض البعيدة التي تريدها الدولة من التربية‪.‬‬
‫بتعبير آخر‪ ،‬الغايات هي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تتجسد في املنهاج‬
‫كأن نقول‪ " :‬أن يكون املتعلم مواطنا صالحا"‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملنهاج عبارة عن الغايات واملرامي‬
‫الفلسفية والطموحات املستقبلية البعيدة التي تتسم بالغموض‪ ،‬والتجريد‪ ،‬والعمومية‪.‬‬
‫ويعرف محمد الدريج غايات املنهاج بقوله‪:‬‬

‫" إن الغايات هي غايات ألهداف تعبر عن فلسفة املجتمع‪ ،‬وتعكس تصوراته للوجود‬
‫والحياة ‪ ،‬أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة‪ ،‬مثل قولنا‪":‬‬
‫على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية"‪ ،‬أو "على املدرسة أن تكون مواطنين‬
‫مسؤولين"‪ ،‬أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية‪..."...‬إلخ‪ .‬فهذه أهداف عامة‬
‫‪117‬‬
‫تتموضع على املستوى السياس ي والفلسفي العام ‪ ،‬وتسعى إلى تطبيع الناشئة بما تراه‬
‫مناسبا للحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية‪"90.‬‬

‫ويهدف منهاج التعليم االبتدائي إلى تكوين متعلم صالح قادر على حل الوضعيات واملشاكل‬
‫التي تجاههه في الحياة‪ ،‬بعد أن يكون قد اكتسب مجموعة من القدرات واملهارات واملواقف‬
‫التي تؤهله للتكيف مع الواقع وتغييره بصورة أفضل‪ ،‬والحفاظ على قيم املجتمع وثوابته‬
‫وعاداته وأعرافه وقوانينه‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ " ،‬ينبغي أن يعمل املنهاج على تحقيق أهداف نوع معين من التعليم ‪ ،‬ما دمنا بصدد‬
‫الحديث عن املدرسة االبتدائية‪ ،‬فيجب أن تعمل املناهج على تحقيق أهداف هذه املدرسة‬
‫‪ .‬وتعتبر املدرسة االبتدائية مرحلة قائمة بذاتها‪ .‬بمعنى أنها ليست إعدادا للمرحلة الثانوية‪،‬‬
‫ولكنها الحد األدنى من التعليم الذي يجب أن يحصل عليه كل مواطن حتى يستحق صفة‬
‫املواطنة ‪ ،‬فمنهاج املدرسة االبتدائية على هذا األساس يجب أن يعمل على تكوين املواطن‬
‫الصالح الذي يعرف حقوقه وواجباته‪ ،‬ويستطيع املحافظة على صحته‪ ،‬وحل مشاكله‬
‫بنفسه‪ ،‬واستغالل وقت فراغه استغالال مفيدا‪ ،‬وممارسة حقوقه كمواطن‪ ،‬والشعور‬
‫بالوالء نحو الدولة‪ ،‬واحترام القانون‪91"...‬‬

‫ويرتبط املنهاج بالغايات واملرامي الكبرى‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالغايات هي أهداف تربوية كبرى تختلط‬
‫بالسياسة العامة للدولة‪.‬وغالبا‪ ،‬ما تكون أهدافا عامة‪ ،‬ومجردة‪ ،‬وفضفاضة‪.‬ومن ثم‪،‬‬
‫يعكس املنهاج فلسفة الدولة وغاياتها وطموحاتها والغرض الذي يرمي إليه التعليم‪ ،‬وما‬
‫يصبو إليه املجتمع من آمال ومآل‪ .‬و"لكل مجتمع فلسفة خاصة و أهداف معينة يعمل على‬
‫تحقيقها عن طريق التربية والتعليم‪ ،‬فاملجتمع اإلسبرطي القديم كان يهدف إلى تكوين‬

‫‪ -90‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪3606‬م‪ ،‬ص‪.63:‬‬
‫‪ -91‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬املوجزفي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العربية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.40:‬‬
‫‪118‬‬
‫الجنود الذين يستطيعون الدفاع عن إسبرطة‪ ،‬وتحقيق النصر على أعدائها‪ ،‬ولهذا اتجهت‬
‫في التربية اتجاها عسكريا صرفا ‪ .‬بينما نرى أن مدينة يونانية معاصرة لها وهي أثينا كانت‬
‫تقوم مناهجها التعليمية على تكوين املواطن الديموقراطي الحر الذي يستطيع أن يمارس‬
‫حقوقه املدنية‪ ،‬وقد قامت السياسة التعليمية في أملانيا النازية على أساس فلسفة‬
‫عنصرية قوامها تفوق العنصر األملاني ‪ ،‬أما في املغرب‪ ،‬فيجب أن تعمل مناهج الدراسة‬
‫على خلق املواطن الديموقراطي الذي يستطيع أن يساهم في بناء بالده‪ ،‬وتسيير شؤونها‪،‬‬
‫واستغالل ثرواتها بحيث يكون عضوا فعاال في بلد ذات شخصية متميزة ‪92"...‬‬

‫ويقصد باملنهاج‪ ،‬في مجال التربية والتعليم‪ ،‬ذلك املخطط العام الذي يعبر عن فلسفة‬
‫الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة‪ ،‬تهدف إلى تكوين مواطن‬
‫صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية‬
‫والواقعية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم‪.‬‬
‫وتتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياس ي‪ ،‬واالجتماعي‪،‬‬
‫واالقتصادي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والديني‪...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يعبر املنهاج عن فلسفة الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن أهداف وغايات‬
‫عامة‪ ،‬تهدف إلى تكوين مواطن صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الحياتية‪،‬‬
‫واملهنية‪ ،‬والتربوية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية‬
‫والتعليم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية‪...‬في حين‪ ،‬يعد البرنامج‬
‫أقل عمومية من املنهاج‪ ،‬وأكثر تجريدا من املقرر التعليمي‪ .‬بمعنى أن البرنامج يتضمن‬
‫محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير مفصلة بشكل إجرائي‪ ،‬وتستمد خبراتها من‬
‫فلسفة املنهاج‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تتحول مضامين هذا البرنامج إلى مقررات دراسية خاصة بكل‬
‫مادة معينة‪ ،‬وتكون هذه املقررات مفصلة‪ ،‬وأكثر خصوصية وإجرائية‪.‬‬

‫‪ -92‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬املوجزفي التربية وعلم النفس‪ ،‬ص‪.46:‬‬


‫‪119‬‬
‫ومن املعلوم أن الدولة أو السلطة الحاكمة هي املسؤولة عن السياسة التربوية وفلسفة‬
‫التربية والتعليم‪.‬ومن ثم‪ ،‬تكون وظيفة املنهاج هي التخطيط املعقلن‪ ،‬والتشريع القانوني‪،‬‬
‫وإصدار القرار‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يرتبط املنهاج بالغايات البعيدة بخلق مواطن منفتح على العالم‪.‬‬

‫مخطط عام ملسارالنسق التعليمي‬

‫مستوى القرار‬ ‫الوظيفة‬ ‫مستوى الهدف‬ ‫املستوى‬


‫السياسة التعليمية‬ ‫تخطيط وتقرير‬ ‫مقاصد النظام التربوي‬ ‫املنهاج الدراس ي‬
‫املقررون واملشرعون‬ ‫ومراميه‬
‫يتضمن‬
‫‪ -‬النظام التعليمي‬ ‫برمجة ‪ +‬تدبير‬ ‫أهداف عامة وتوجيهات‬ ‫برامج دراسية‬
‫واملسالك الدراسية‬ ‫تدبيرية كفايات استراتيجية‬
‫السلطة السياسية‬ ‫تتضمن مجموعة‬
‫بالقطاع‬ ‫من‬
‫الهياكل الدراسية ومدبرو‬ ‫أهداف عامة ونوعية أو‬ ‫الوحدات واملواد الدراسية‬
‫الشأن التعليمي محليا‪.‬‬ ‫كفايات نوعية‬
‫هيكلة وتنظيم‬ ‫تتضمن مجموعة من‬
‫النشاط الصفي ومدبرو‬ ‫إعداد وتحضير وتيهئ‬ ‫الدروس‬
‫الفعل الديداكتيكي‬
‫الخاص‬ ‫أهداف خاصة أو قدرات‬ ‫تتضمن مجموعة‬
‫من‬
‫املدرس في تفاعل مع‬ ‫هندسة وتنفيذ‬ ‫أهداف إجرائية وموارد ‪:‬‬
‫املقاطع الديداكتيكية‬
‫املتعلم‬ ‫معرفة‪ ،‬معرفة الفعل ‪،‬‬
‫وموقف‬
‫تتضمن مجموعة من‬
‫تقويننم‬
‫الوحدات الوظيفية‬
‫هدف نشاط‬

‫‪120‬‬
‫مستويات األهداف‬

‫صفاته‬ ‫صيغته‬ ‫مصدره‬ ‫مضمونه‬ ‫مستوى‬


‫الهدف‬
‫تتميز‪...‬‬ ‫على صيغة أو شكل‬ ‫صادر من لدن‪...‬‬ ‫إذا كان الهدف فإنه يعبر عن‪...‬‬
‫املثير‬ ‫السياسة مبادئ وقيم عليا ورغبات بشكلها‬ ‫رجال‬ ‫فلسفة التربية‬ ‫غاية‬
‫والجذاب وكذلك‬ ‫وتطلعات‬ ‫والجماعات‬ ‫وتوجهات‬
‫القابل للتأويل‬ ‫الضاغطة من أحزاب‬ ‫السياسة‬
‫‪...‬‬ ‫التعليمية‬
‫إداريين ومؤطرين أهداف البرامج واملواد بارتباطها املباشر‬ ‫نوايا املؤسسة‬ ‫مرمى‬
‫باملواد والوسائل‬ ‫ومفتشين ومسيري وأسالك التعليم‬ ‫التربوية ونظامها‬
‫واملناهج‬ ‫التعليم‬ ‫التعليمي‬
‫حول‬ ‫مؤطرين ومدرسين قدرات ومهارات وتغيرات تمركزها‬ ‫أنماط شخصية‬ ‫عاما‬
‫نريد إحداثها أو اكتساهها التلميذ وقدراته‬ ‫التلميذ العقلية‬
‫ومكتسباته‬ ‫من طرف التلميذ‬ ‫والوجدانية‬
‫والحس حركية‬
‫بما‬ ‫فعل سيقوم به التلميذ تصريحها‬ ‫مدرسين أو تالميذ‬ ‫درس‬ ‫محتوى‬ ‫خاصا‬
‫سيقوم به التلميذ‬ ‫مرتبط بمحتوى درس‬ ‫معين سينجز في‬
‫في الدرس‬ ‫حصة أو أكثر‬
‫فعل اإلنجاز وشروطه تصريحها بأدوات‬ ‫مدرسين أو تالميذ‬ ‫سلوكات ينجزها‬ ‫إجرائيا‬
‫التقييم وأشكاله‬ ‫ومعايير اإلتقان‬ ‫التلميذ ليبرهن‬
‫عن بلوغه الهدف‬

‫‪121‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يمكن الحديث عن نوعين من املنهاج‪ :‬املنهاج التقليدي واملنهاج الحديث على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬املنهاج التقليدي‪:‬‬
‫ينبني املنهاج التقليدي على فعل التدريس املحض‪ ،‬وليس بناء التعلمات بطريقة‬
‫تكوينية‪ .‬ناهيك عن االهتمام باملعرفة الكمية‪ ،‬و العناية باملدرس على حساب‬
‫املتعلم‪ ،‬وتغييب اللعب على أساس أنه مضعية للوقت‪.‬ومن ثم‪ ،‬يصبح املتعلم متلقيا‬
‫سلبيا‪ ،‬اليحاور واليبدي خياراته واقتناعاته وأسئلته التي تحيره‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينبني املنهاج‬
‫التقليدي على فلسفة العقاب‪ ،‬وعدم األخذ بالتصميم والتخطيط وفلسفة التدبير‪،‬‬
‫وعدم االستهداء بعلم النفس وعلم االجتماع‪ ،‬وعدم ربط التعليم بالحياة واألنشطة‬
‫والحرية ‪.‬وكان الهدف الرئيس من هذا التدريس هو شحن عقول املتعلمين باملعرفة‬
‫واستظهارها وحفظها ‪ ،‬وتقويم املتعلمين في مدى تمكنهم من تلك املعارف املوسوعية‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فاملنهاج التقليدي هو ذلك املنهج الذي يركز على املضامين واملحتويات‬
‫واملعلومات‪ .‬وهو الذي ينطلق من مقاربة املضامين في شكل مقررات دراسية ضيقة‬
‫النطاق‪ ،‬دون احترام خصائص املتعلمين النمائية‪ ،‬والبيولوجية‪ ،‬والفيزيولوجية‪،‬‬
‫والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬ومتطلبات الحياة العملية اليدوية واملهنية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يبدو أن املنهاج‪ ،‬بمفهومه التقليدي‪ -‬حسب حلمي أحمد الوكيل ومحمد‬
‫أمين املفتي ‪ " -‬عبارة عن مجموعة من املعلومات والحقائق واملفاهيم التي تعمل‬
‫املدرسة على إكساهها للتالميذ ههدف إعدادهم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق‬
‫اإلملام بخبرات اآلخرين واالستفادة منها‪ ،‬وقد كانت هذه املعلومات والحقائق‬

‫‪122‬‬
‫واملفاهيم تمثل املعرفة بجوانبها املختلفة‪ ،‬أي‪ :‬إنها كانت تتضمن معلومات علمية‬
‫ورياضية ولغوية وجغرافية وتاريخية وفلسفية ودينية وفنية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وحيث إن هذه املعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على‬
‫مراحل الدراسة وسنواتها فمعنى ذلك أن املنهاج بمفهومه التقليدي هو مجموعة‬
‫املواد الدراسية التي يتولى املتخصصون إعدادها ويقوم التالميذ بدراستها‪ ،‬ومن هنا‬
‫أصبحت كلمة منهاج مرادفة لكلمة مقرر دراس ي وبمرور الوقت أصبح استخدام كلمة‬
‫منهاج أعم وأشمل من استخدام كلمة مقرر حتى أصبحنا نسمع بمنهاج الجغرافيا‬
‫ومنهاج التاريخ ومنهاج العلوم‪...‬إلخ‪ .‬وكان املدرسون أكثر الفئات استخداما لكلمة‬
‫منهاج باملعنى الذي أشرنا إليه والدليل على ذلك أنهم كانوا يكتبون في أول صفحة من‬
‫دفتر تحضير دروس املادة "توزيع املنهاج على أشهر وأسابيع العام الدراس ي" ‪.‬‬
‫واملقصود باملنهاج هنا هو املقرر الدراس ي للمادة‪.‬‬

‫وبكل أسف فإن هذا املفهوم التقليدي للمنهاج مازال مستخدما حتى اآلن لدى عامة‬
‫الشعب بل ولدى الكثير من القائمين بالعملية التعليمية بالرغم من أن هذا املفهوم‬
‫قد تغير تغييرا جوهريا كما سنرى فيما بعد‪"93.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يالحظ أن هناك غموضا في تبيان املصطلحات التالية‪ :‬املنهاج‪ ،‬والبرنامج‪،‬‬
‫واملقرر‪ ،‬والكتاب املدرس ي‪ ،‬كما يتبين ذلك في كتاب (أسس بناء املناهج وتنظيماتها)‬
‫لحلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين املفتي وغيرهما من الباحثين التربويين‪ .‬فاملنهاج‬
‫مفهوم أكثر عمومية وتجريدا واتساعا‪ .‬فهو يتضمن فلسفة الدولة في مجال التربية‬
‫والتعليم في شكل غايات ومرام بعيدة املدى‪ .‬في حين‪ ،‬يتعلق البرنامج بتصميم مستوى‬

‫‪ -93‬الوكيل حلمي أحمد‪ ،‬املفتي محمد أمين‪ ،‬أسس بناء املناهج وتنظيماتها‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬طبعة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪123‬‬
‫دراس ي‪ ،‬أو مادة دراسية معينة كبرنامج مادة العلوم في السلك االبتدائي‪ ،‬وبرنامج‬
‫اللغة العربية في السلك اإلعدادي‪ ،‬ومادة الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي‪ .‬كما‬
‫يتضمن البرنامج أهداف املادة وأغراضها وكفاياتها‪ ،‬ومواصفات املتعلم‪ ،‬والطرائق‬
‫البيداغوجية‪ ،‬وتفصيل البرنامج في شكل وحدات دراسية وعناوين عامة ‪ .‬في حين‪،‬‬
‫يتميز املقرر الدراس ي بالطابع الحس ي التشخيص ي في شكل عناوين مفصلة ومنوعة في‬
‫إطار وحدات ومحاور دراسية‪ .‬أما الكتاب املدرس ي ‪ ،‬فهو وسيلة إجرائية يستعين هها‬
‫املدرس في بناء دروسه ‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن هناك من الباحثين والدارسين من يخلط بين املنهاج والبرنامج‬
‫واملقرر والكتاب املدرس ي‪ ،‬أو يرادف بين هذه املصطلحات‪ ،‬أو يميز بين هذه املفاهيم‬
‫بشكل واضح ودقيق‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫إذا‪ ،‬يقوم املنهاج التقليدي على النظرة الكمية‪ ،‬وحشو رؤوس املتعلمين بمعارف‬
‫ومعلومات كثيرة دون االستهداء بعلم النفس ومبادئه وقوانينه‪ .‬عالوة على اإلشادة‬
‫بسلطة املعلم باعتباره مصدر املعلومة‪ .‬أما املتعلم‪ ،‬فهو يتلقى املعلومات فقط دون‬
‫محاولة بنائها أو تكوينها ذاتيا‪ ،‬أو املشاركة في مناقشة املدرس والحوار معه عموديا‪،‬‬
‫أو الحوار مع زمالئه أفقيا‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فاملنهاج التقليدي سلبي من بعض الجوانب‪ .‬فهو يعنى أكثر بالحفظ والتكرار‬
‫واالجترار فقط‪ ،‬وال يعنى بنمو الطفل من النواحي الذهنية والعقلية والوجدانية‬
‫والحسية الحركية‪ ،‬وال يعطي أهمية للعب أو مستجدات علم النفس‬
‫والسوسيولوجيا‪ ،‬وال يأخذ بالطرائق الحديثة و املعاصرة في التدريس‪ ،‬ويهمل‬
‫حاجات املتعلم وميوله واتجاهاته ومشاكله الذاتية واملوضوعية‪ ،‬ويغفل عن توجيه‬
‫سلوكه نحو األفضل‪ .‬ويركز كثيرا على الكم على حساب الكيف‪ ،‬واليراعي الفوارق‬
‫الفردية‪ .‬كما يعد األخطاء التعلمية عيبا ومهانة وجريرة التغتفر ‪ ،‬والينظر إليها على‬
‫أنها طريقة مهمة ومفيدة في التعلم‪ .‬ويهمل أيضا تكوين العادات واالتجاهات‬
‫اإليجابية لدى التالميذ‪.‬ناهيك عن تضخم املقررات الدراسية‪ ،‬وعدم ترابط املواد‬
‫‪.‬ويهمل كذلك الجانب العملي و األنشطة الصفية الفردية والجماعية‪ ،‬واليهتم‬
‫بالتعلم الذاتي‪ ،‬وتوجيه املتعلم توجيها صحيحا‪.‬‬

‫‪ /2‬املنهاج الحديث‪:‬‬
‫ينطلق املنهاج الحديث من فلسفة التربية املعاصرة ‪ ،‬وعلم النفس التربوي‪ ،‬وعلم‬
‫االجتماع التربوي‪ ،‬وتمثل الطرائق البيداغوجية املعاصرة‪ ،‬وتجاوز طرائق التلقين‪،‬‬
‫واالرتكان إلى فلسفة األهداف والكفايات ‪ ،‬واالعتماد على الوسائل الديدكتيكية‬

‫‪125‬‬
‫والتدريسية الكفيلة بتنشيط التعلم الذاتي لدى املتعلم‪ ،‬وتحقيق أنجع السبل‬
‫لتحقيق التواصل الفعال الهادف والبناء واملثمر‪ .‬عالوة على اعتماد الطرائق الجديدة‬
‫في عملية التقويم‪ ،‬واالنطالق من مبادئ الدوسيمولوجيا املعاصرة في بناء أسئلة‬
‫االمتحانات املوضوعية وتقويمها‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬ترتبط املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة‪ .‬كما تنطلق أيضا‬
‫من املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬بعد أن كانت املدرسة التقليدية تلقن‬
‫معارفها للمتعلمين دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة‪ ،‬أو تصدر عن‬
‫مقصدية كفائية واعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملحتويات ‪ -‬حسب محمد الدريج‪ " -‬هي كل‬
‫الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة السائدة في مجتمع معين وفي حقبة معينة‪.‬إنها‬
‫مختلف املكتسبات العلمية واألدبية والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها مما تتألف‬
‫منه الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ومما تزخر به الثقافات الشعبية املحلية في كل البقاع‪،‬‬
‫والتي تصنف في النظام الدراس ي إلى مواد مثل‪ :‬اللغة والحساب والتاريخ‬
‫والجغرافيا‪...‬إلخ‪ .‬على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها دون سواه يتم بناء‬
‫على الغايات واألهداف املتوخاة‪ .‬في حين‪ ،‬يبقى تنظيم املحتوى رهينا بمتطلبات‬
‫العملية التعليمية ذاتها وبأشكال العمل الديدكتيكي ‪.‬أي‪ :‬ما يصطلح على تسميته‬
‫بطرق التدريس"‪.94‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تخضع املحتويات واملضامين الدراسية‪ ،‬ضمن املنهاج التربوي املعاصر‪،‬‬
‫ملجموعة من املقاييس‪ ،‬مثل‪ :‬مقياس االختيار‪ ،‬ومقياس التنظيم‪ ،‬ومقياس‬
‫التصنيف‪ ،‬ومقياس الوحدة أو الفروع‪ ،‬ومقياس التدرج‪ ،‬ومقياس التنويع‪ ،‬ومقياس‬

‫‪ -94‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة‬
‫‪3600‬م‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫‪126‬‬
‫املدخالت واملخرجات‪ ،‬ومقياس املستويات‪ ،‬ومقياس الثقافة‪ ،‬ومقياس علم النفس‬
‫العقلي والنمائي‪ ،‬ومقياس التقويم‪ ،‬واملقياس املنهجي‪ ،‬واملقياس الكمي والكيفي‪،‬‬
‫ومقياس التوزيع‪ ،‬ومقياس التخطيط‪ ،‬ومقياس التدبير‪...‬‬

‫وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني‪.‬‬
‫وتعد املعارف هي األساس في العملية التعليمية ‪ ،‬فإن املنهاج الحديث ينطلق من‬
‫األهداف والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في وضع املحتويات‪ ،‬وتقديمها‬
‫للمتعلم‪.‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول محمد الدريج‪:‬‬

‫" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية‪ ،‬وتنظيمها‬
‫بناء على مقاييس أخرى أكثر انسجاما‪ ،‬متمشيا مع ما آلت إليه املجتمعات املعاصرة‪،‬‬
‫ومع وتيرة التقدم العلمي‪ .‬من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق‬
‫األهداف املرسومة‪ ،‬وفي انسجام تام مع الغايات املحددة‪.‬‬

‫ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات‪ ،‬هناك‬
‫االختيار الذي يرتكز على حقائق علم النفس‪ ،‬وخاصة علم النفس النمائي ونظريات‬
‫التعلم وغيرها من الفروع التي تمكن واضع البرامج ومخطط املقررات من معطيات‬
‫ثمينة عن شخصية التالميذ وقدراتهم العقلية وميولهم النفسية ومراحل النمو التي‬
‫يخضعون لها‪...‬وهكذا‪ ،‬يتم مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو الشخصية لتقديم‬
‫مجموعة من املعارف واملهارات‪ .‬كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة‬
‫السائدة في املجتمع‪ ،‬وانطالقا من حاجياته وحاجيات التكوين املنهي ومتطلبات‬
‫التنمية‪95"...‬‬

‫‪ -95‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬ص‪.42:‬‬


‫‪127‬‬
‫وعليه‪ ،‬تبنى املقررات واملضامين واملحتويات الدراسية‪ ،‬في املنهاج التربوي الحديث‬
‫واملعاصر ‪ ،‬على أساس علمي موضوعي قائم على مكتسبات علم النفس العقلي‬
‫واالرتقائي ‪ .‬ويبنى كذلك على أساس األهداف والكفايات اإلدماجية‪.‬‬

‫‪ /3‬املنهاج التربوي باملغرب‪:‬‬


‫عرف تخطيط املنهاج التربوي املغربي ثالث محطات كبرى‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬محطة املضامين واملحتويات‪ :‬يعتمد املنهاج على موضوعات أو تيمات أو محاور‬


‫أو وحدات أو مفاهيم معينة‪ ،‬مثل‪ :‬الدراسة‪ ،‬والطفولة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والسفر‪،‬‬
‫ووسائل النقل‪ ،‬واملدينة‪ ،‬والبادية‪....‬‬

‫‪‬محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن العشرين؛ إذ قسمت‬


‫األهداف التربوية إلى أهداف وغايات عامة‪ ،‬وأهداف وسطى‪ ،‬وأهداف إجرائية خاصة‬
‫في ضوء منظور السيكولوجيا السلوكية ( واطسون‪ ،‬وبافلوف‪ ،‬وسكينر)‪.‬‬

‫‪‬محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد األول من األلفية الثالثة‬
‫لربط التعليم بواقع الشغل واملهننة‪ .‬وقد انبنت هذه النظرية الجديدة على مجموعة‬
‫من التصورات اإلبستمولوجية‪ ،‬مثل‪ :‬النظرية املعرفية‪ ،‬والنظرية التوليدية التحولية‬
‫(نوام شومسكي)‪ ،‬والنظرية البنائية التكوينية (جان بياجي)‪ ،‬وكل النظريات السياقية‬
‫التي تربط الذات باملحيط أو السياق الخارجي‪ .‬دون أن ننس ى النظريات التربوية‬
‫القائمة على التعلم الذاتي‪ ،‬ومراعاة الفوارق الفردية (البيداغوجيا الالتوجيهية‪،‬‬
‫والبيداغوجيا املؤسساتية‪ ،‬وديناميكية الجماعات‪ ،‬وبيداغوجيا التفريدية‪،‬‬
‫وبيداغوجيا األخطاء‪)...‬‬

‫‪128‬‬
‫وعليه‪ ،‬يقوم التخطيط السنوي بتجزيء املقررات التربوية‪ ،‬أو تقسيم املناهج‬
‫الدراسية سنويا بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية‪ ،‬أواملجزوءات الدراسية‪،‬‬
‫واختيار أنجع السبل من أجل تقويم إجمالي أو نهائي مناسب بغية التثبت من‬
‫مكتسبات التالميذ أو من مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل‬
‫الدراس ي‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتكون التخطيط السنوي من أربع مراحل كبرى‪ ،‬وتتضمن كل مرحلة ثمانية‬
‫أسابيع‪ ،‬تخصص األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد‪ ،‬ويخصص األسبوعان‬
‫الباقيان لإلدماج‪ .‬كما يخصص األسبوعان الثالث والسادس ألنشطة التوليف‬
‫والتقويم والدعم‪ .‬وتشكل هذه األسابيع الثمانية ما يسمى باملجزوءة التي تبدأ‬
‫بالكفاية‪ ،‬وتنتهي بالتقويم اإلجمالي‪ .‬ويالحظ أن عدد املجزوءات أربع‪ ،‬يسبقها أسبوع‬
‫للتقويم التشخيص ي‪ ،‬وأسبوع في آخر السنة للتقويم اإلشهادي‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫ومن جهة أخرى ‪ ،‬يستند منهاج التربية والتعليم باملغرب ‪ ،‬حسب الكتاب األبيض‪،96‬‬
‫إلى محددات ثالثة هي‪:‬‬

‫‪ /1‬التربية على االختيار‪:‬‬


‫تعني التربية على االختيار أن يكون التلميذ قادرا على املقارنة واملفاضلة واملوازنة بين‬
‫مجموعة من االختيارات التربوية املمكنة‪ ،‬مادام يمتلك املوارد واملهارات والقدرات‬
‫العقلية الكفائية ‪ .‬ويعني هذا أن تعمل املؤسسة التعليمية املغربية على تأهيل املتعلم‬
‫لتكون لديه ملكة االختيار واملفاضلة واملقارنة بين مجموعة من االقتراحات ‪.‬أي‪:‬‬
‫يمتلك املتعلم القدرة على الحسم‪ ،‬وإصدار القرارات عن وعي وإرادة وتدبر نظري‬
‫وعملي‪.‬‬

‫وتستلزم التربية على االختيار أن يكون التلميذ ذا شخصية مستقلة‪ ،‬يستخدم حريته‬
‫بمسؤولية والتزام‪ ،‬ويوظف عقله بشكل سليم‪ ،‬ويتصرف بطريقة حرة واعية‪ ،‬و يؤمن‬
‫بالتعلم الذاتي من أجل بناء شخصيته وجوديا‪ ،‬وقيميا‪ ،‬وذهنيا ‪ ،‬ووجدانيا‪ ،‬وحسيا‬
‫حركيا‪ .‬ويميل إلى فلسفة العمل واإلنتاج واإلبداع واالبتكار‪ ،‬يحب وطنه وأمته‪،‬‬
‫ويدافع عن هويته‪ ،‬وينافح عن القيم اإلسالمية‪ ،‬ويكون مواطنا صالحا لنفسه‪،‬‬
‫وأسرته‪ ،‬ومجتمعه‪ ،‬وأمته‪ .‬فضال عن إيمانه الراسخ بقيم املواطنة‪ ،‬والتشبث بحقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فثمة اختيارات تربوية عديدة تمس جانب املضامين‪ ،‬والقيم‪ ،‬والتواصل‪،‬‬
‫والتقويم‪ ،‬والدعم واملعالجة‪ ،‬واملواد الدراسية‪ ،‬واملقررات‪ ،‬واملناهج‪ ،‬والبرامج‪،‬‬

‫‪ - 96‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬مراجعة املناهج التربوية الكتاب األبيض‪ ،‬مشروع منقح ومزيد‪ ،‬نونبر ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫والوسائل‪ ،‬والطرائق‪ ،‬وفلسفات التربية‪ ،‬واإليقاعات املدرسية من حيث الزمان‬
‫واملكان‪ ،‬والكتب املدرسية‪ ،‬واملدخالت واملخرجات‪...‬‬

‫‪ /2‬التربية على القيم‪:‬‬


‫يقصد بالقيم مجموعة من األخالق والتمثالت السلوكية واملبادئ الثابتة أو املتغيرة‬
‫التي ترتبط بشخصية اإلنسان إيجابا أو سلبا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تحدد كينونته وطبيعته‬
‫وهويته انطالقا من مجموع تصرفاته األدائية والوجدانية والعملية ‪.‬ومن املعلوم أن‬
‫كلمة القيم من الناحية الصرفية جمع قيمة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تحيل كلمة القيمة على مكانة‬
‫اإلنسان التي يتبوأها بين الناس وشأنه في املجتمع‪ ،‬كما ترتبط هذه القيمة حكما‬
‫وتقييما باألفعال البشرية والتصرفات اإلنسانية بشكل ذاتي وموضوعي ‪.‬‬

‫وتتخذ القيم أبعادا جمالية‪ ،‬وسياسية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وثقافية‪ ،‬ودينية‪ ،‬وفلسفية‪.‬‬


‫ويعلم كل منا أن الكتب السماوية قد صورت القيم في كل تجلياتها املتنوعة‬
‫واملختلفة‪ ،‬وحثت اإلنسان على التمثل بالقيم الفضلى‪ ،‬وااللتزام باألخالق السامية‬
‫العليا من أجل الفوز بالجنة‪ ،‬واالبتعاد عن النار‪.‬وفي املقابل‪ ،‬نهته عن اإلتيان بالقيم‬
‫األخالقية املشينة املنافية ملبادئ الكتب السماوية‪ ،‬واملتعارضة مع شرائعها الربانية ‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬خصصت الفلسفة مبحثا للقيم سمته باألكسيولوجيا(‪)Axiologie‬‬


‫إلى جانب مبحث الوجود‪ ،‬ومبحث املعرفة‪ .‬وربطت القيم بالخير‪ ،‬والحق‪،‬‬
‫والجمال‪.‬وناقشت هذه القيم من خالل طرح مجموعة من األسئلة حول طبيعتها ‪:‬هل‬
‫هي قيم ذاتية أو موضوعية؟ وهل هي مطلقة أو نسبية؟ وهل هي خالدة أومتغيرة؟‬

‫وتتوزع القيم ‪ ،‬في املنهاج التربوي املغربي‪ ،‬في جميع مستوياته وأسالكه الدراسية في‬
‫ضوء املقاربة بالكفايات واملجزوءات‪ .‬وتخضع هذه القيم‪ ،‬بالتالي‪ ،‬ملنطق الوضعيات‬
‫‪131‬‬
‫‪ -‬األسئلة التي تتدرج ديدكتيكيا من السهولة إلى الصعوبة‪ .‬وتنصب هذه القيم على‬
‫الجوانب الذهنية‪ ،‬والوجدانية‪ ،‬والحسية الحركية‪ ،‬واملهارات األدائية‪ .‬وترتبط هذه‬
‫القيم الكفائية بكفايات أخرى‪ :‬منهجية‪ ،‬ومعرفية‪ ،‬وثقافية‪ ،‬وتواصلية‪،‬‬
‫وإستراتيجية ‪.‬‬

‫أما من الناحية الديدكتيكية والتدريسية‪ ،‬فتستخلص القيم املدروسة املستهدفة‬


‫بمقاصدها األخالقية واملعنوية والعملية من خالل التركيز على املعطى النص ي‪،‬‬
‫واملرور بمجموعة من املراحل التعلمية التي تتمثل في استقراء املعرفة الخلفية‪،‬‬
‫واللجوء إلى أنشطة االكتساب‪ ،‬ومالحظة النص‪ ،‬واالنتقال من الفهم إلى مراق‬
‫معرفية أخرى كالتحليل‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬واإلنتاج‪ ،‬والتقويم ‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تعتمد املناهج التربوية باملدارس املغربية ‪ ،‬في اقتراح مواضيعها‪ ،‬على مقاربتين‬
‫أساسيتين‪ :‬املقاربة بالكفايات‪ ،‬ومقاربة قيمية سلوكية أخالقية في ضوء منظور‬
‫جديد للقيم‪ ،‬يقوم على ضرورة االنفتاح على العالم الخارجي‪ ،‬والتفتح على آفاق‬
‫العوملة وفق سياسة التسامح مع اآلخر والغير املخالف لنا‪ ،‬واألخذ بمنطق التعايش‬
‫الحضاري‪ ،‬وانصهار الجميع في بوتقة حضارية إنسانية‪ ،‬والذوبان في قرية كونية‬
‫واحدة على مستوى املشاركة واإلعالم وبناء العالم ‪.‬علما أن املغرب قد أخذ ههذا‬
‫‪132‬‬
‫التوجه التربوي القيمي الجديد ألسباب سياسية وأمنية وطنية‪ ،‬وجهوية‪ ،‬ودولية‪،‬‬
‫بعد تنامي ظاهرة اإلرهاب والتطرف والغلو‪ ،‬وانتشار فكرة صراع الحضارات‬
‫واألديان …‬

‫ويالحظ أيضا أن هناك تجديدا في محتويات الكتب املدرسية املغربية التي اتخذت‬
‫متونها طابعا قيميا وأخالقيا وسلوكيا‪ ،‬وتنويعا في املضامين والخبرات التعلمية‬
‫املعرفية‪ .‬والتخرج قيم هذه املناهج التربوية في جوهرها عن قيمة الخير (التنمية‪،‬‬
‫والتعدد الثقافي‪ ،‬والتعايش‪ ،‬والتسامح‪ ،‬وحقيقة املواطنة‪ ،‬وبناء املجتمع املدني‪،‬‬
‫واالتصال‪ ،‬واالنفتاح‪ ،‬وتبني قيم الحداثة)‪ ،‬وقيمة الحق(حقوق اإلنسان‬
‫والديمقراطية‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والهوية‪،‬واملعرفة‪،‬والعلم‪ ،)…،‬وقيمة الجمال(الفنون‬
‫الجمالية واألدبية والبصرية)‪...‬‬

‫و على الرغم من تنوع هذه القيم وتميزها بطابعها املثالي والالمادي‪ ،‬فإنها تبقى قيما‬
‫نظرية مجردة وطوباوية في ثنايا املناهج التربوية املقررة بعيدة عن التمثل الواقعي‬
‫واألجرأة امليدانية؛ بسبب تأثر املدرسة املغربية بآفات مجتمعها املتردي على جميع‬
‫األصعدة واملستويات‪.‬‬

‫‪ /3‬املقاربة بالكفايات‪:‬‬
‫يبدو أن املقاربة بالكفايات هي مقاربة تربوية وتدريسية جديدة ومعاصرة‪ ،‬تهدف إلى‬
‫تسليح املتعلم بمجموعة من الكفايات األساسية ملواجهة الوضعيات الصعبة‬
‫واملركبة التي يصادفها املتعلم في واقعه الدراس ي أوالشخص ي أواملوضوعي‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فالكفايات هي بمثابة معارف وموارد ومهارات ومواقف وكفايات معرفية وتواصلية‬
‫ومنهجية وثقافية‪ ،‬يستضمرها املتعلم لحل مجموعة من املشاكل أو الوضعيات ‪-‬‬
‫املشكالت بغية التكيف أو التأقلم مع املحيط‪ ،‬أو االستجابة ملتطلبات سوق الشغل‪،‬‬
‫أو قصد التميز الدراس ي والكفائي والحرفي واملنهي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاكتساب الكفايات هو‬
‫‪133‬‬
‫السبيل الحقيقي لتحصيل النجاح ‪ .‬وهو أيضا أساس االستقاللية الشخصية‪،‬‬
‫ومدخل ضروري إلى تحمل املسؤولية ‪ ،‬واالعتماد على الذات في حل جميع املشاكل‬
‫التي تطرحها الوضعيات أمام املتعلم في أثناء مجاههته لواقعه الحي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تنصب‬
‫املقاربة بالكفايات على املعطى الكيفي‪ ،‬وتركز على التعلم السياقي في عالقة جدلية‬
‫بالكفايات املستهدفة سواء أكانت أساسية أم نوعية‪.‬‬

‫‪ /5‬أنواع املناهج‪:‬‬
‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من املناهج الدراسية والتربوية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬منهاج املواد املنفصلة‪ :‬يقصد به ذلك املنهاج الذي يقوم على تدريس املواد‬
‫التعليمية بطريقة منفصلة‪ ،‬والعناية بكل مادة دراسية مجزأة على حدة‪ " ،‬بتنظيم‬
‫املعلومات واملهارات املطلوب إمداد التالميذ هها في صورة مواد دراسية مستقلة "‬
‫تاريخ‪ .‬جغرافية‪.‬لغة‪.‬رياضة‪ "...‬وقد يكون طابع هذا املنهاج املغاالة في الفصل بين هذه‬
‫املواد‪ ،‬وقد يالحظ فيه ش يء من الربط بينها‪.‬‬

‫ومن خواص هذا املنهاج أن كل مادة تعتبر مستقلة استقالال تاما أو نسبيا عن غيرها‬
‫من املواد الدراسية‪ ،‬وأن لكل مادة منهجا معينا‪ ،‬ووقتا محددا‪ ،‬وكتابا خاصا‪ ،‬وأن‬
‫لكل مادة‪ -‬كذلك‪ -‬أهدافا ووسائل‪.‬‬

‫ومما يؤخذ على هذا املنهاج أنه يغفل ميول التالميذ؛ ألنهم قد يدرسون أشياء التميل‬
‫إليها نفوسهم‪ .‬ومن عيوبه أيضا أن فيه تفريقا وتنافرا بين املعلومات في أذهان‬
‫التالميذ‪ ،‬فتصبح هذه املعلومات غير وظيفية‪ ،‬أي عاجزة عن حل املشكالت‬
‫الحيوية‪ ،‬كما أن املغاالة في األخذ ههذا املنهج قد تدعو إلى إهمال األحداث الجارية‬

‫‪134‬‬
‫والحياة املعاصرة‪ ،‬وقد يطغى اهتمام املدرس باملادة على حق التلميذ من املشاركة‬
‫اإليجابية‪"97.‬‬

‫وعليه ‪ ،‬يدرس هذا املنهاج الخبرات التعليمية في شكل مجزوءات ووحدات ومواد‬
‫منفصلة‪ ،‬على الرغم من انصهارها ضمن الكل‪.‬والهدف من ذلك هو تبسيط‬
‫املعلومات واملعارف واملحتويات‪ ،‬وتسهيلها على مستوى األداء واإلنجاز والتبليغ‪،‬‬
‫والتمييز بين مختلف املكونات املستقلة‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فمنهاج املواد املنفصلة هو" املنهاج التقليدي املعروف املكون من مواد دراسية‬
‫منفصلة موزعة على سنوات الدراسة املختلفة والتاريخ والجغرافيا والعلوم‬
‫والحساب والهندسة والرسم واألشغال‪ ،‬وفي هذا املنهاج ال توجد أية رابطة بين مادة‬
‫دراسية وبين باقي املواد ‪ ،‬فالخبرة فيه مفككة واملواد حسب منطق الكبار‬
‫واملتخصصين في املواد املختلفة‪ ،‬و البعد عن سيكولوجية األطفال‪ ،‬كما أن املواد‬
‫املختلفة املستوى التالميذ بل إنها في العادة فوق مستواهم وذلك يرجع الى نظرية‬
‫امللكات التي كانت مسيطرة على فلسفة التربية والتي ترى أن العقل مقسم إلى ملكات‪،‬‬
‫وأن كل مادة من مواد الدراسة تدرب إحدى هذه امللكات‪ ،‬فالشعر يدرب ملكة‬
‫الخيال‪ ،‬والحساب يدرب ملكة التفكير الى غير ذلك‪ ،‬وكلما زادت املواد الدراسية في‬
‫الصعوبة كليا أدى ذلك إلى تدريب أقوی وأعمق أثرا مللكات العقل‪ .‬كما أن هذا النوع‬
‫من املناهج يعتبر بعيدا كل البعد عن مواقف الحياة العادية بسبب التقسيم‬

‫‪ -97‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة‬
‫السابعة‪3646 ،‬م‪ ،‬ص‪.64:‬‬
‫‪135‬‬
‫املصطنع مما يؤدي إلى عدم اهتمام التالميذ به‪ ،‬والی اتباع طريقة التلقين والتقرير في‬
‫توصيله إلى أذهانهم‪98".‬‬

‫ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الفروع التي يقصد هها تدريس اللغة العربية أو‬
‫اللغات األجنبية بطريقة فرعية مستقلة‪ .‬بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة من‬
‫اللغة العربية ‪ -‬مثال‪ -‬على أنها فروع مستقلة في منهاجها وبنياتها التدريسية والتربوية‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬يرى عبد العليم إبراهيم أن املراد هها في تعليم اللغة" أننا نقسم‬
‫اللغة فروعا‪ ،‬لكل فرع منهجه وكتبه وحصصه‪ ،‬مثل‪ :‬املطالعة‪ ،‬واملحفوظات‪،‬‬
‫والتعبير‪ ،‬والقواعد‪ ،‬واإلمالء‪ ،‬واألدب‪ ،‬والبالغة‪.‬‬

‫ولتطبيق هذه النظرية يعالج كل فرع من هذه الفروع على أساس منهجه املرسوم في‬
‫ي‪99".‬‬ ‫حصصه املقررة في الجدول الدراس‬

‫وقد تبنى املغرب هذه الطريقة إبان سنوات السبعين من القرن العشرين في االبتدائي‬
‫واإلعدادي والثانوي‪ ،‬فقد كان هناك كتاب للقواعد‪ ،‬وكتاب للقراءة‪ ،‬وكتاب‬
‫للمحفوظات‪ ،‬وكتاب للتاريخ‪ ،‬وكتاب للجغرافيا‪ ،‬وكتاب للتربية الوطنية‪ ،‬وكتاب‬
‫للتربية اإلسالمية‪ .‬وكانت لكل مادة طريقتها في التدريس‪ ،‬والتقويم‪ ،‬والتوجيه‪...‬‬

‫‪ ‬منهاج املواد املترابطة‪ :‬يشبه منهاج املواد املنفصلة في املنهاج التقليدي‪ ،‬ولكن‬
‫هناك ترابط شكلي طفيف بين بعض املواد دون األخرى كدراسة تاريخ املغرب‪،‬‬
‫وجغرافيا املغرب‪ ،‬وأدب املغرب‪ ،‬دون أن يمتد الترابط إلى باقي املواد األخرى‪ .‬ومن ثم‪،‬‬

‫‪ -98‬أمينة اللوه‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.43-43 :‬‬


‫‪ -99‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية‪ ،‬ص‪.33-32:‬‬
‫‪136‬‬
‫مازالت فكرة االنفصال باقية ‪ ،‬ولم يحقق الترابط دوره اإليجابي في توحيد املواد‬
‫الدراسية كلها‪.‬‬

‫‪ ‬منهاج املواد املتشابهة أو املتسعة‪ :‬يعتمد هذا املنهاج على تدريس املواد املتشاههة‬
‫أو املتسعة كما في التعليم االبتدائي املغربي‪:‬‬

‫أ‪ -‬قطب اللغات ‪:‬اللغة العربية‪ ،‬واللغة الفرنسية‪ ،‬واللغة األمازيغية؛‬

‫ب‪ -‬قطب الرياضيات‪:‬الجبر‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والقياس‪ ،‬إلخ‪...‬؛‬

‫ج‪ -‬قطب مواد التفتح‪ :‬التربية التشكيلية‪ ،‬والنشاط العلمي‪ ،‬والتربية البدنية‪،‬‬
‫والتربية اإلسالمية‪...،‬؛‬

‫وهكذا‪ " ،‬يعتبر هذا النوع محاولة أخرى إلدماج املواد الدراسية بعضها في بعض وهو‬
‫أقرب إلى التكامل من منهاج املواد املرت بطة‪ ،‬وفيه تدمج كل مجموعة من املواد ذات‬
‫عالقة ببعضها في مادة واحدة‪ ،‬فال تكون هناك مادة للتاريخ‪ ،‬وأخرى للجغرافيا‪،‬‬
‫وثالثة للتربية الوطنية أو األخالق‪ ،‬وإنما وال منها مادة واحدة هي العلوم االجتماعية‬
‫وكذلك في املواد العلمية والرياضية والفنية‪".100‬‬

‫ويعني هذا خلق توأمة بين الدروس واملواد املتشاههة كتقسيمها إلى مواد العلوم‬
‫االجتماعية (التاريخ‪ ،‬والجغرافيا ‪ ،‬والتربية الوطنية)‪ ،‬والعلوم اإلنسانية(األدب‪،‬‬
‫والفلسفة‪ ،)...‬واملواد العلمية (الرياضيات‪ ،‬والفيزياء‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والعلوم‬
‫الطبيعية‪.)...‬‬

‫‪ - 100‬أمينة اللوه‪ :‬نفسها‪ ،‬ص‪.44-43:‬‬


‫‪137‬‬
‫‪‬املنهاج املحوري أو املتمركز(‪ :)Consentré‬يقصد به ذلك املنهاج الذي تتمحور‬
‫حوله املواد الدراسية في إطار وحدة مترابطة ومتكاملة ؛ حيث تنصهر فيه جميع‬
‫الوحدات واملجزوءات التعليمية في بوتقة محورية متسلسلة‪ ،‬ومتسقة‪ ،‬ومنسجمة ‪.‬‬
‫أي‪ :‬إنه" املنهاج الذي يقوم على الترابط والتكامل بين املواد الدراسية‪ ،‬بحيث تتخذ‬
‫إحدى هذه املواد محورا تدور حوله سائر الخبرات األخرى‪ ،‬على أن يتجه السير ههذا‬
‫املنهاج نحو مشكالت الحياة واملجتمع "‪.101‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يعد املنهاج املحوري " خطوة موفقة نحو ترابط الخبرة وتكاملها ‪ ،‬ونظام‬
‫املنهاج املحوري باتخاذ إحدى املواد الدراسية نواة أو محورا تدور حوله باقي املواد‬
‫الدراسية األخرى‪ ،‬وقد اتخذ التاريخ كنواة في بداية األمر بحيث يكون أساسا لدراسة‬
‫الجغرافيا واألدب والتعبير اللغوي‪ .‬كما أن دروس التعبير الفني كانت تدور حول رسم‬
‫اآلثار والشخصيات التاريخية وعمل نماذج لها‪ ،‬ثم عدل عن التاريخ‪ ،‬وحلت محله‬
‫ال جغرافيا ‪ ،‬ثم عدل عنها إلى العلوم‪ ،‬ولكن وجد أنه ليس من املمكن أن تترابط جميع‬
‫املواد حول مادة واحدة بطريقة طبيعية دون تكلف أو افتعال‪ ،‬ولهذا أصبح املحور‬
‫يقوم على مشكلة مشتقة من املواد الدراسية أو من مواقف الحياة العامة‪102" .‬‬

‫ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الوحدة التي تعني تدريس مادة ما كأن تكون اللغة‬
‫العربية أو اللغة الفرنسية على أنها وحدة مترابطة ومتكاملة مراعاة لألسس التربوية‪،‬‬
‫والنفسية‪ ،‬واللغوية‪ ،‬كأن نستثمر نص القراءة ‪ -‬مثال‪ -‬في التعبير‪ ،‬والتذوق‪،‬‬
‫واإلنشاء‪ ،‬والشكل‪ ،‬والنحو‪ .‬بمعنى أن نظرية الوحدة أو املنهاج املحوري ‪ -‬حسب عبد‬
‫العليم إبراهيم ‪ -‬هي" أن ننظر إلى اللغة على أنها وحدة مترابطة متماسكة‪ ،‬وليست‬

‫‪ -101‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.66:‬‬


‫‪ -102‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.44:‬‬
‫‪138‬‬
‫فروعا متفرقة مختلفة‪ ،‬ولتطبيق هذه النظرية في تعليم اللغة يتخذ املوضوع أو‬
‫النص محورا تدور حوله جميع الدراسات اللغوية‪ ،‬فيكون هو موضوع القراءة‪،‬‬
‫والتعبير‪ ،‬والتذوق‪ ،‬والحفظ‪ ،‬واإلمالء‪ ،‬والتدريب اللغوي‪ ...‬وهكذا‪ ،‬وقد كانت هذه‬
‫الطريقة هي السائدة في العهود األولى تدريسا وتأليفا‪ ،‬وكتاب (الكامل) للمبرد يعد‬
‫مثاال للتأليف على هذه الطريقة؛ ففيه يعرض النص‪ ،‬ويعالج من الناحية اللغوية‬
‫والنحوية والصرفية وغيرها‪ .‬وطبيعي أن نظرية الوحدة التعترف بتخصيص حصص‬
‫معينة لنوع من أنواع الدراسات اللغوية"‪.103‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أن املدارس العتيقة واألصيلة باملغرب ‪ ،‬كجامع القرويين‪ ،‬تتخذ هذا‬
‫املنهاج في التعليم والتدريس؛ حيث يستثمر النص أو الكتاب املنطلق ليكون وثيقة‬
‫للدراسة الشاملة والكلية‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تنطلق املقاربة املحورية أو املركزية أو البؤرية " من مبدأ كلية املعارف واملواد‬
‫والتداخل فيما بينها ‪ ،‬بحيث اليمكن عزلها وتجزيئها إال بالتخلي عن طابعها التكاملي‬
‫املتناسق‪.‬لذا تؤكد هذه املقاربة على أنه ينبغي أن الننطلق من املواد لبناء البرنامج أو‬
‫املنهاج‪ ،‬بل ينبغي أن ننطلق من معايير أخرى تلتقي عندها جميع املواد‪.‬ولقد أكد‬
‫تطور األبحاث العلمية اليوم على الطابع املتداخل واملتكامل للعلوم‪ .‬فتفسير ظاهرة‬
‫كيميائية مثال اليمكن أن يتم في معزل عن الفيزياء والبيولوجيا ‪ ،‬كما أن النظريات‬
‫العلمية أصبحت تبحث عن نماذج تفسيرية للظواهر تتسم بتعدد أبعادها ‪ ،‬وعدم‬
‫اقتصارها على مجال علمي واحد‪ .‬وكذلك في التعليم وجهت الدعوة إلى إزالة الحواجز‬

‫‪ -103‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬


‫‪139‬‬
‫بين املواد‪ ،‬والتركيز على األنشطة واإلنجازات التي تتميز بتداخل املعارف‬
‫واملهارات‪104".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فاملنهاج املحوري هو الذي يركز على تداخل املعارف وتشاههها وتكاملها‬
‫ضمن نسق تربوي منفتح ومتعدد‪.‬‬

‫‪ ‬منهاج النشاط القائم على ميول التالميذ‪ :‬يراعي هذا املنهاج ميول الطفل‪ ،‬ويهتم‬
‫بسيكولوجيته ‪ ،‬ويقوم على فلسفة التنشيط الذاتي بالتركيز على املواقف الذاتية من‬
‫جهة‪ ،‬واملشاريع الفردية الخاصة من جهة أخرى‪ .‬و يعد" هذا النوع من املناهج ثورة‬
‫على املناهج التقليدية حيث إنه أهمل العناية باملواد الدراسية‪ ،‬واهتم بميول‬
‫التالميذ وحاجاتهم‪ ،‬وأصبحت املناهج تدور حول مشاكل تهم التالميذ ويختارونها‬
‫بأنفسهم‪ ،‬وأثناء قيامهم بحل هذه املشاكل يكتسبون خبرات متنوعة ‪ .‬ويمتاز هذا‬
‫املنهاج بتكامل الخبرة ومراعاة سيكولوجية التعلم واالهتمام البالغ بميول التالميذ‪،‬‬
‫ولكنه ال يوجه عنايته إلى الوظيفة االجتماعية لعملية التعلم ومن أمثلة ذلك طريقة‬
‫املشروعات املعروفة‪" .105‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن منهاج النشاط قد يكون فرديا من جهة‪ ،‬ومجتمعيا من جهة‬
‫أخرى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يشكل هذا املنهاج قوام التربية الحديثة التي تعنى باللعب والحرية‬
‫واألنشطة الصفية واملوازية التي تتالءم مع ميول املتعلم بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ ‬منهاج النشاط القائم على مو اقف الحياة االجتماعية‪ :‬اليكتفي هذا املنهاج بما‬
‫هو فردي‪ ،‬بل ينفتح على ما هو اجتماعي بحل املشاكل التي تواجه املتعلم في املجتمع‪.‬‬

‫‪ 104‬عبد اللطيف الفارابي وآخران‪ :‬البرامج واملناهج‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪3662‬م‪ ،‬ص‪.66:‬‬
‫‪ -105‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.44:‬‬
‫‪140‬‬
‫ومن هنا‪ " ،‬يعالج هذا املنهاج عيوب املنهج السابق‪ .‬أي‪ :‬املنهاج القائم على ميول‬
‫التالميذ‪ ،‬فهو بالرغم من عنايته بميول األطفال إال أنه ال يهمل الجانب االجتماعی‪،‬‬
‫ففي هذا النوع تختار مشاكل تهم التالميذ ‪ ،‬و لكنها ذات صفة اجتماعية‪ ،‬أو ذات‬
‫قيمة بالنسبة لحل مشاكل املجتمع‪ .‬أي‪ :‬إن مشاكل املجتمع هي املحور الذي تدور‬
‫حوله هذه املناهج‪106" .‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فهذا املنهاج أكثر انفتاحا من املنهاج السابق الذي يبقى منحصرا فيما هو‬
‫ذاتي‪ ،‬وفردي‪ ،‬وأنوي‪.‬‬

‫‪ /5‬مقاربات بناء املنهاج‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن خمس مقاربات تربوية وديدكتيكية أساسية تستند إليها فلسفة‬
‫املنهاج التربوي املغربي على مستوى التخطيط والتدبير التدريس ي‪ ،‬ويمكن حصرها في‬
‫املقاربات التالية‪:‬‬

‫‪‬املقاربة البيداغوجية املتمركزة حول تبليغ املعرفة‪:‬‬

‫ته ن ننتم ه ن ننذه املقارب ن ننة الت ن نني تطبقه ن ننا املدرس ن ننة التقليدي ن ننة بتق ن ننديم املع ن ننارف املوس ن ننوعية ‪،‬‬

‫والتركي ننز عل ننى امل نندرس دون امل ننتعلم‪ ،‬واالهتم ننام ب ننالكم عل ننى حس نناب الكي ننف‪ ،‬والعناي ننة‬

‫بننالتعليم دون الننتعلم‪ ،‬وتقننديس املعرفننة واملنندرس علننى حسنناب املننتعلم‪ .‬ومننن ثننم‪ ،‬يكننون‬

‫اله نندف من ننن هن ننذه املقاربن ننة املضن ننمونية هن ننو تكن ننوين من ننتعلم يحن ننافظ علن ننى قن ننيم املجتمن ننع‬
‫‪ -106‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.40:‬‬
‫‪141‬‬
‫وعادات ننه وأعراف ننه وتقاليده‪،‬وينص نهر ف نني املجتم ننع كب نناقي امل ننواطنين اآلخ ننرين‪ .‬وم ننن هن ننا‪،‬‬

‫يتبننين لنننا أن هننذه املقاربننة عبننارة عننن نسننق تربننوي ذي بعنند معننارفي‪ ،‬تننولي أهميننة كبننرى‬

‫ملركزي ننة امل نندرس‪ ،‬ومركزي ننة املعرف ننة‪ ،‬ومركزي ننة الحف ننظ واالس ننتظهار‪ ،‬والرغب ننة ف نني إدم نناج‬

‫املتعلم في مجتمع محافظ‪.‬‬

‫‪‬املقاربة البيداغوجية املتمركزة حول تعديل السلوك‪:‬‬

‫تتمين ننز هن ننذه املقاربن ننة بالتن نندريس الهن ننادف‪ ،‬أو التن نندريس التقنن نني الن ننذي يرمن نني إلن ننى تغيين ننر‬

‫الس ننلوك وف ننق نظري ننة األه ننداف بتس ننطير مجموع ننة م ننن األه ننداف اإلجرائي ننة املعرفي ننة‬

‫والوجدانية والحسية الحركية من جهة‪ ،‬وقياس السلوك من جهة أخرى‪.‬‬

‫وتس ن ن ننتند ه ن ن ننذه املقارب ن ن ننة إل ن ن ننى الس ن ن ننيكولوجيا الس ن ن ننلوكية القائم ن ن ننة عل ن ن ننى ثنائي ن ن ننة املثي ن ن ننر‬

‫واالسننتجابة‪.‬ومن هن ننا‪ ،‬تفت ننت ه ننذه املقارب ننة املعرفننة التربوي ننة والتدريس ننية إل ننى مجموع ننة‬

‫من األهداف العامة والوسطى والخاصنة وفنق املقناطع التمهيدينة والوسنطية والنهائينة‪،‬‬

‫ووف ننق التقن ننويم القبلن نني والتكن ننويني واإلجمن ننالي م ننن أجن ننل التحقن ننق من ننن نجاعن ننة األهن ننداف‬

‫اإلجرائي ن ننة املس ن ننطرة عب ن ننر املس ن ننار التدريس ن ن ي الق ن ننائم عل ن ننى تحدي ن نند األه ن ننداف الخاص ن ننة‪،‬‬

‫وتقننديم املحتويننات‪ ،‬واالسننتعانة بالوسننائل التعليميننة‪ ،‬واألخننذ بننالطرائق البيداغوجيننة‪،‬‬

‫واالهتمننام بننالتنظيم الصننفي‪ ،‬وتنظننيم اإليقاعننات الزمنيننة‪ ،‬وتحقيننق التواصننل اللفظنني‬

‫‪142‬‬
‫وغيننر اللفظنني‪ ،‬واللجنوء‪ ،‬بعنند ذلننك‪ ،‬إلننى معننايير التقننويم والفينندباك (التغذيننة الراجعننة)‬

‫لقينناس منندى تغيننر السننلوك لنندى املننتعلم إيجابننا أو سننلبا‪ .‬ومننن هنننا‪ ،‬يتسننم هننذا املنهنناج‬

‫بالطننابع التقننني النسننقي ذي البعنند التكنولننوجي‪ ،‬ويخلننق لنننا إنسننان التقنيننة الننذي يعنننى‬

‫بالعقالنية واإلنتاجية وتحقيق املردوية السلوكية‪.‬‬

‫‪‬املقاربة البيداغوجية املتمركزة حول شخصية املتعلم‪:‬‬

‫تعن ننى ه ننذه املقارب ننة ب نناملتعلم عل ننى أس نناس أن ننه مح ننور العملي ننة التعليمي ننة‪ -‬التعلمي ننة‪.‬في‬

‫حين‪ ،‬يعد املدرس موجها ومرشدا ليس إال ‪ .‬وههذا‪ ،‬يتميز هذا النسنق بطابعنه اإلنسناني‬

‫منادام يركننز علنى شخصننية املنتعلم النمائيننة‪ ،‬والفيزيولوجينة‪ ،‬والبيولوجيننة‪ ،‬والنفسننية‪،‬‬

‫والوجدانية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والوجودية‪.‬أي‪ :‬تهدف هذه املقاربة إلى خلق إنسنان وجنودي‬

‫متميز‪ ،‬يعتمند علنى نفسنه وذاتنه فني بنناء التعلمنات عبنر األنشنطة واملشناريع والوضنعيات‬

‫الفردية‪.‬‬

‫وتعد الالتوجيهية (‪ )Le non-directivisme‬من أهم الطرائق التربوية التي تمثل هذا‬

‫التوجه ‪ ،‬وقد جاءت رد فعل على التيار اإللزامي و الفوضوي‪ .‬ومن أهم ممثليها ‪:‬‬

‫أوليفيه‬ ‫الفرنس ي‬ ‫و‬ ‫روسو‪،(J.Rousseau)107‬‬ ‫جاك‬ ‫جان‬ ‫الفرنس ي‬

‫‪107- Frédéric Worms,‬‬ ‫‪Rousseau, Émile ou de l'éducation, Livre IV, Paris, Ellipses, 2001.‬‬
‫‪143‬‬
‫ريبول‪ ،(O.Reboul)108‬واألمريكي كارل روجرز(‪ .109)C.Rogers‬وتتأسس هذه الطريقة‬

‫على تربية الولد فردا وذاتا عكس البيداغوجيا املؤسساتية ( ‪Pédagogie‬‬

‫‪ )Institutionnelle‬التي تنصب على تربية الجماعة‪.‬‬

‫و إذا كانت املذاهب التجريبية تربي الولد من أجل املجتمع‪ ،‬فإن أنصار الطبيعة‬

‫يربون الولد من أجل الولد‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينزع االتجاه األول إلى إلزام الولد وإجباره تربويا‪.‬‬

‫أما اإلتجاه الثاني ‪ ،‬فيرى أن التنشئة السلطوية إنما هي تشويه لطبيعة الولد‪ .‬ومن‬

‫هنا‪ ،‬فإخضاعه لقواعد خارج عن طاعته‪ ،‬و هو اإلنسان الخير البريء‪ ،‬إنما هو‬

‫إعدام لحريته و تقييد ملواهبه‪ .‬وعليه‪ ،‬يرفض أوليفيه ريبول التربية اإلجبارية التي ال‬

‫تهدف إال إلى امتثالية اجتماعية تسحق الفرد وتقهره وتخرس لسانه‪ ،‬وهي أشبه‬

‫بالتربية الفوضوية التي تحجر الولد في الطفولة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ينادي ريبول بتربية‬

‫إنسانية تخول له أن يكمل طبيعته في ثقافة إنسانية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فقد استوحى كارل روجرز مبادئ نظريته الالتوجيهية من روسو و‬

‫الالتوجيهيين اآلخرين‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يرفض روجرز ما ذهب إليه فرويد على أساس أن‬

‫جوهر اإلنسان ينطوي على غرائز سيئة أو متوحشة بقوله‪:‬‬

‫‪108 - O.Reboul‬‬ ‫‪: La philosophie de l'éducation (première édition 1971) - 9e éd. - Paris : PUF,‬‬
‫‪2001 - coll. Que sais-je ? n°2441.‬‬
‫‪109 - karl Rogers :‬‬ ‫‪Liberté pour apprendre, Dunod.1972.‬‬
‫‪144‬‬
‫"عندما نبلغ أعماق ما في الفرد‪ ،‬فإن ذلك األعمق هو بالذات ما نجزم جميعا بأنه‬

‫سيكون بنائيا‪ ،‬و سيميل إما إلى املجموعة‪ ،‬و إما إلى النمو األفضل صلة بين‬

‫األشخاص‪"110.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ترتكز الالتوجيهية عند روجرز على التلميذ‪ ،‬و تلغي سلطة املدرس ال منفعته؛‬

‫ألن اإلجبار ‪ ،‬باعتباره خطابا معياريا تقريريا‪ ،‬يخلق أناسا امتثاليين أو متمردين وغير‬

‫مبدعين‪ .‬و بالتالي‪ ،‬ينبغي على التعليم أن يهتم باملتعلم بصفة خاصة‪ ،‬بتحريره من‬

‫ضغوط االمتحانات و البرامج ‪ ،‬وبنائه وجدانيا في إطار دينامية الجماعة‪ .‬ومن هنا‪،‬‬

‫فدور األستاذ بمثابة منشط وموجه ومرشد ليس إال‪ .‬أي‪ :‬هو ذلك الحاضر‪/‬الغائب‬

‫الذي ال يتدخل إال في حالة عجز التالميذ التام عن متابعة النشاط و التفكير‬

‫الذاتيين‪ ،‬أو في حالة استعصاء مشكلة ما بإعطاء توجيهات و إرشادات تساعد‬

‫املتعلم على حلها اعتمادا على قدراته الذاتية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يكتفي املدرس بتشجيع‬

‫التالميذ على ممارسة النشاط الفكري‪ ،‬وتوفير الشروط املوضوعية والظروف‬

‫املالئمة و الوسائل املادية واملعنوية داخل القسم‪ .‬ويشبه هذا الدور مانجده لدى‬

‫أنصار التربية املؤسساتية؛ حيث اليعتلي املدرس عندهم املنصة‪ ،‬وال يلقي دروسا‪،‬‬

‫‪110‬‬‫‪-A regarder Jean-Claude Filloux, « Carl Rogers, le non-directivisme et les relations‬‬


‫‪humaines », Bulletin de psychologie, t. 16, no 214, 1963, p. 321-325.‬‬

‫‪145‬‬
‫وإنما هو متعاون مثل باقي التالميذ‪ ،‬إال أنه يمتاز بكونه املتعاون األكثر علما ‪ ،‬واألكثر‬

‫تجربة‪ ،‬واألعلم بدينامية املجموعة‪ ،‬و األكثر تمثيال للقانون والسلطة املدرسية‪ .‬فهو‬

‫يحافظ على مؤسسة القسم‪ ،‬ويعمل على توفير الوسائل املادية واملعنوية‪ ،‬وال‬

‫يتدخل في املناقشة إال بطلب من التالميذ‪.‬‬

‫وتستند الالتوجيهية إلى الحوار األصيل‪ ،‬أو الحوار الحر‪ ،‬أو املناقشة الحرة ‪ ،‬ونعني‬

‫به ذلك النوع الذي يشترك فيه املدرس مع التالميذ في إطار حوار متبادل وبناء‬

‫بوصفه طرفا من أطراف القسم‪ ،‬فهو يشارك متعلميه مشاركة الند للند‪ ،‬وينحصر‬

‫دوره في إدارة النقاش‪.‬‬

‫وتتضاءل قيمة املدرس عند روجرز ؛ ألنه يرفض سلطته ‪ ،‬ويرحب بتوجيهه وإرشاده‬

‫ومنفعته‪.‬أي‪ :‬إنه مجرد مرشد ومنشط و مستشار تقني للمتعلمين‪ .‬ويعني هذا أن‬

‫التربية ‪ ،‬حسب أوليفيي ريبول‪ ،‬ال تبدأ إال حين تتوقف السلطة‪ ،‬وأن اإلجبار التربوي‬

‫الوحيد هو اإلجبار الذاتي‪.‬‬


‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تنطلق هذه املقاربة من " مبدأ مركزي في النظر إلى الشخصية اإلنسانية‪ ،‬إذ‬

‫يعتبرها شخصية متحررة في جوهرها من أية ضغوط خارجية‪ ،‬قادرة على تحقيق‬

‫ذاتها بذاتها‪ ،‬وعلى التطور والنمو‪ ،‬وبالتالي قادرة على التعلم الذاتي‪"111.‬‬

‫‪ - 111‬عبد اللطيف الفارابي وآخران‪:‬البرامج واملناهج‪ ،‬سلسلة علوم التربية‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الطبعة األولى يوليوز ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.323:‬‬
‫‪146‬‬
‫وتقوم الالتوجيهية على إيجابية شخصية املتعلم‪ ،‬وتأكيد طابعها اإلنساني‪ ،‬وأنها‬

‫ليست خاضعة للخوف والقلق‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فهي قادرة على التعلم الذاتي‪ ،‬واإلبداع‪،‬‬

‫واالبتكار‪ ،‬والتحرر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملتعلم ذات متفردة التقبل تدخل اآلخر أو ذات أخرى‬

‫مقابلة تعوقها عن النمو والتعلم‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬تقوم املقاربة الالتوجيهية على التعلم الذاتي والتسيير الشخص ي‪،‬‬

‫واعتماد املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته‪ ،‬وأداء أعماله‪ .‬ويتحول املدرس ‪ -‬هنا‪ -‬إلى‬

‫مشرف مرشد‪ ،‬وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك‪ .‬وتعتمد الالتوجيهية على‬

‫الحرية والعفوية والتلقائية‪ ،‬وبناء املعرفة عن طريق التدريج املنطقي والشخص ي‪،‬‬

‫واالبتعاد عن طرائق التدريس التلقينية القائمة على اإلكراه والتلقين والحفظ ‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬تزرع هذه الطريقة الالتوجيهية الحديثة الثقة في املتعلم‪ ،‬وتعوده على املثابرة‬

‫الشخصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة‪ ،‬واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل‬

‫املشاكل والوضعيات‪ ،‬وتطويع الصعوبات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد‬

‫سواء‪.‬‬

‫‪‬املقاربة البيداغوجية املتمركزة حول نشاط الجماعة‪:‬‬


‫ترتكننز هننذه املقاربننة علننى دور الجماعننة العضننوية فنني بننناء التعلمننات ضننمن فريننق تربننوي‬

‫أو ض ننمن س ننياق اجتم نناعي‪ ،‬أو بمراع نناة مثي نرات البيئ ننة‪.‬ومن ث ننم‪ ،‬يتمي ننز الط ننابع التعلم نني‬

‫‪147‬‬
‫بخاص ن ننيته الجماعي ن ننة‪ .‬وق ن نند ت ن ننأثرت ه ن ننذه املقارب ن ننة ب ن ننالفكر املاركسن ن ن ي‪ ،‬وعل ن ننم ال ن نننفس‬

‫االجتم ن ن نناعي كم ن ن ننا عن ن ن نند مورين ن ن ننو(‪ ،)L.Moreno‬وواي ن ن ننت (‪ ،)P.H.White‬وك ن ن ننورت ل ن ن ننوين‬

‫(‪)K.Lewin‬؛ والبنائي ن ن ن ن ن ن ن ننة االجتماعين ن ن ن ن ن ن ن ننة ذات البعن ن ن ن ن ن ن ن نند االجتم ن ن ن ن ن ن ن نناعي كمن ن ن ن ن ن ن ن ننا عنن ن ن ن ن ن ن ن نند‬

‫‪Galé‬‬ ‫فيكوتسن ننكي(‪ ،)Vygotski‬و مي ن نند(‪ ،)Mead‬وف ن ننالون (‪ ،)Wallon‬وغ ن ننالي بي ن نران (‬

‫فض ن ن ننال ع ن ن ننن البي ن ن ننداغوجيا املؤسس ن ن نناتية الت ن ن نني ك ن ن ننان يتزعمه ن ن ننا ك ن ن ننل م ن ن ننن‬ ‫‪.)Perin‬‬

‫الباسن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نناد(‪ ، )G.Lapassade‬وفاسن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننكيز (‪ ،)A.Vasquez‬ولن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ننوبرو(‪،)M.Lobrot‬‬

‫وفرينيه(‪…)C.freinet‬‬

‫‪ )Pédagogie‬نموذج ن ننا‬ ‫وعلي ن ننه‪ ،‬تع ن نند البي ن ننداغوجيا املؤسس ن نناتية (‪Institutionnelle‬‬

‫للمقاربننة املتمركننزة حننول نش نناط الجماعننة ‪ .‬ومفنناد ه ننذه املقاربننة العضننوية أن جمي ننع‬

‫امل ننربين ‪ ،‬دون اس ننتثناء‪ ،‬يرفض ننون تحوي ننل املؤسس ننة التربوي ننة إل ننى مؤسس ــة الثكن ــة أو‬

‫فضاء بيروقراطي يكرس التمييز العنصري ‪ ،‬ويؤجج الصنراع الطبقني‪ ،‬أو ينتم إصنالحها‬

‫خارجي ن ننا ؛ ب ن ننل ينبغ ن نني أن يك ن ننون اإلص ن ننالح داخلي ن ننا قائم ن ننا عل ن ننى مب ن ننادئ البي ـ ــداغوجيا‬

‫املؤسسـاتية ‪ INSTITUTIONNELLE PIDAGOGIE‬التني نظنر لهنا كنل منن أوري(‬

‫‪ ،) OURY‬ولوبرو( ‪ ، ) LOBROT‬والپاساد( ‪...) LAPASSADE‬‬

‫وتع نند املدرس ننة املؤسس نناتية اتجاه ننا تربوي ننا ح ننديثا ف نني فرنس ننا ‪ ،‬وي ننرى ه ننذا االتج نناه أن‬

‫اإلصالح " يجب أن يمر عبر املؤسسة‪ ،‬باإلضنافة إلنى البنينات االقتصنادية واالجتماعينة‬

‫‪148‬‬
‫‪ ،‬ومننن ثمننة يجننب االهتم ننام بمفهننوم اإلدارة الذاتيننة والتسننيير ال ننذاتي مننن أجننل تحقي ننق‬

‫االستقالل الذاتي للمتربين في إطار مؤسس ي مفتوح"‪.112‬‬


‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تننرفض ه ننذه البي ننداغوجيا الجدي نندة املدرس ننة الثكن ننة الت نني تخن ننق التلمي ننذ بنظامه ننا‬

‫االنضننباطي البيروقراطنني الننذي يحنند مننن حريننة التلميننذ‪ ،‬فتتحننول املدرسننة إلننى صننندوق‬

‫أسنود أو إلننى ثكنننة عسنكرية التننؤمن إال بالنظننام واالنضننباط علنى حسنناب حريننة التلميننذ‬

‫ولعبه وأنشطته الثقافية ‪ ،‬والفنية‪ ،‬والرياضية‪ ،‬والعلمية‪.‬‬

‫لهن ننذا‪ ،‬تقتن ننرح البين ننداغوجيا املؤسسن نناتية مدرس ن ننة مرنن ننة ومنفتحن ننة‪ ،‬تنبن ننع قوانينهن ننا م ن ننن‬

‫التفاع ننل ال ننداخلي ألفراده ننا قص نند االنتق ننال باملدرس ننة م ننن مؤسس ننة التلق ننين والتوجي ننه‬

‫واالنضباط الوحش ي نحنو مؤسسنة إبداعينة فاعلنة وفعالنة مبدعنة ومبتكنرة‪ ،‬تسنعى إلنى‬

‫تحقيق التقدم واالزدهار‪.‬‬

‫ومننن أهننم الننذين دعننوا إلننى الفكننر املؤسسنناتي التعنناوني لدمقرطننة املنندارس البروليتاريننة‬

‫املربنني الفرنس ن ي سلس ننتان فريني ننه( ‪ ) Célestin Freinet‬ال ننذي اس ننتعمل مجموع ننة م ننن‬

‫الوسنائل التنشننيطية لنزرع الفكننر التعنناوني بنين الناشننئة التربويننة‪ .‬وتتمثنل هننذه الوسننائل‬

‫ف ن ن نني اس ن ن ننتخدام املطبع ن ن ننة‪ ،‬والتراس ن ن ننل‪ ،‬والنص ن ن ننوص الح ن ن ننرة‪ ،‬والتحقيق ن ن ننات الخارجي ن ن ننة‪،‬‬

‫واالسننتهداء بالعمننل الجمنناعي‪ ،‬وتأسننيس التعاونيننات املدرسننية‪ ،‬واسننتعمال الجننذاذات ‪،‬‬

‫والسهر على إنشاء جريدة األطفال‪ ،‬واالعتماد على التسنيير الجمناعي‪ ،‬واالعتنناء بكتناب‬

‫‪ - 112‬أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪،‬ص‪.326:‬‬


‫‪149‬‬
‫الحين ن ن نناة‪ ،‬وتنظن ن ن ننيم خزانن ن ن ننة العمن ن ن ننل‪ ،‬وتشن ن ن ننغيل اآللين ن ن ننات الحديثن ن ن ننة كجهن ن ن نناز الفونن ن ن ننو‪،‬‬

‫واألسطوانات‪ ،‬والسينما‪...‬‬

‫وهك ن ن ننذا‪ ،‬فم ن ن ننن خ ن ن ننالل العم ن ن ننل داخ ن ن ننل فري ن ن ننق‪ ،‬يمك ن ن ننن تحقي ن ن ننق ديمقراطي ن ن ننة ال ن ن ننتعلم‬

‫وديمقراطينة التعلننيم‪ ،‬وأجنرأة التربيننة الديمقراطينة بحننل املشنكالت التنني تواجنه املننتعلم‬

‫في عامله املوضوعي بسهولة‪ ،‬بواسطة إنجاز األعمال املطلوبنة مننه بشنكل فعنال‪ ،‬وعنالج‬

‫الكثير منن اآلفنات النفسنية الفردينة الشنعورية والالشنعورية كاألنانينة والنبنذ والكراهينة‬

‫والنف ننور‪ ،‬واسن ننتبدالها بمشن نناعر أكثن ننر ن ننبال كاالنسن ننجام والتوافن ننق والتشن ننارك والتعن نناون‬

‫واالبتكار الجماعي واإلبداع الهادف‪.‬‬

‫وإلزالننة القننيم السننلبية‪ ،‬والحنند مننن املشنناعر الفرديننة السننيئة‪ ،‬البنند مننن دفننع املننتعلم إلننى‬

‫االنصننهار داخننل الجماعننة ليكتسننب سننلوكيات جماعيننة‪ ،‬ويتعننود علننى الفكننر االشننتراكي‬

‫العملي بتدريب طاقته الجسدية والعقلينة علنى تحقينق املردودينة واإلنتاجينة كمنا يقنول‬

‫أنطنون مكننارينكو(‪ ، ) A. Makarenko‬وتعوينند تالميننذ الفصنل علننى العمننل الحننر داخننل‬

‫جماع ن ن ن ن ننات متجانس ن ن ن ن ننة م ن ن ن ن ننن حي ن ن ن ن ننث الس ن ن ن ن ننن واملس ن ن ن ن ننتوى الدراسن ن ن ن ن ن ي‪ ،‬كم ن ن ن ن ننا يق ن ن ن ن ننول‬

‫كوزينيننه(‪ ، )Cousinet‬وخلننق فننرص للعمننل الجمنناعي مننن أجننل بننناء مجتمننع ديمقراط نني‬

‫مبدع ومزدهر‪.‬‬

‫‪ ‬املقاربة البيداغوجية املتمركزة حول الكفاءة واإلدماج‪:‬‬

‫‪150‬‬
‫تسننتند هننذه املقاربننة علننى القنندرات والكفايننات الرئيسننة واملمتنندة والنوعيننة بغيننة تأهيننل‬

‫املننتعلم علننى مواجهننة الوضننعيات الصننعبة واملعقنندة واملركبننة مننن أجننل اكتسنناب الننذكاء‬

‫املعرف نني والعملن نني‪ .‬وم ننن هنن ننا‪ ،‬فالكفاي ننة هن نني بمثاب ننة قن نندرات وم ننوارد ومهن ننارات ومواقن ننف‬

‫يستضننمرها املننتعلم ملواجه ننة مختلننف الوضننعيات الحياتي ننة واملهنيننة والتدريسننية الت نني‬

‫تص ن ننادفها ‪ .‬وتم ن ننتح الكفاي ن ننات أسس ن ننها النظري ن ننة والعملي ن ننة م ن ننن اللس ن ننانيات التوليدي ن ننة‬

‫التحويليننة لنننوام شومسننكي مننن جهننة أولننى‪ ،‬ومننن علننم النننفس املعرفنني الننوراثي مننن جهننة‬

‫ثانيننة‪ ،‬ومننن بيننداغوجيا اإلدمنناج مننن جهننة ثالثننة‪ .‬وههننذا‪ ،‬تهنندف هننذه املقاربننة إلننى تكننوين‬

‫إنسان عقالني كفء ومؤهل قادر على مواجهة العوائق كافنة سنواء أكاننت تدريسنية أم‬

‫حياتية أم طبيعية‪...‬وتسعى هذه املقاربة إلى تكوين إنسان قادر علنى التحندي ومواجهنة‬

‫الواقع ضمن سياق إدماجي ‪.‬‬

‫وقنند ترتننب عننن ه نذه املقاربننة ظهننور املقاربننة اإلدماجيننة التنني تتخننذ بعنندا تطبيقيننا‪ .‬وإذا‬

‫نك ننان التقن ننويم يقصن نند بن ننه قين نناس قن نندرات املن ننتعلم وخبراتن ننه وتعلماتن ننه ودراياتن ننه ومهاراتن ننه‬

‫وإتقاناتننه بتش ننخيص م ننواطن القننوة والض ننعف لدي ننه‪ ،‬فننإن اإلدم نناج (‪ )Intégration‬ه ننو‬

‫توظيننف املكتسننبات السننابقة ‪ ،‬واسننتثمارها فنني معالجننة الوضننعيات اإلدماجيننة املعقنندة‬

‫والصن ن ننعبة‪ .‬بمعنن ن ننى أن امل ن ن ننتعلم يسن ن ننتدمج ك ن ن ننل تعلماتن ن ننه وم ن ن ننوارده الدراسن ن ننية وأبحاث ن ن ننه‬

‫ومعلومات ننه املخزن ننة واملستض ننمرة ف نني ح ننل وض ننعية إدماجي ننة م ننا بغي ننة التثب ننت م ننن م نندى‬

‫تحقننق الكفايننة املسننتهدفة ‪ ،‬أو تحقننق الكفايننة األساسننية املطلوبننة‪ .‬ويسنناعدنا اإلدمنناج‬
‫‪151‬‬
‫أيض ننا عل ننى حس ننن اس ننتعمال معارفن ننا ومهاراتن ننا ف نني التعام ننل م ننع الوض ننعيات اإلدماجي ننة‬

‫سننواء أكانننت بسننيطة أم مركبننة‪ ،‬ومعالجتهننا وفننق معننايير ومؤشنرات كميننة وكيفيننة بغيننة‬

‫الحكنم علنى املنتعلم بالكفناءة والتأهينل أو عندم اسنتحقاقه ذلنك‪ .‬والهندف منن ذلنك كلننه‬

‫هو إعداد املتعلم للحياة الواقعية أوالحرفية أو املهنينة لكني يتكينف منع سنوق الشنغل‪،‬‬

‫ويتننأقلم مننع صننعوبات الحينناة ومشنناكلها وعوائقهننا‪ .‬أي‪ :‬تسننعف عمليننة اإلدمنناج املننتعلم‬

‫ف نني ام ننتالك ال ننذكاء الكف ننائي النظ ننري والتطبيق نني عل ننى ح نند س ننواء‪ ،‬وخل ننق م ننتعلم ك ننفء‬

‫ومحترف ومؤهل مهنيا‪.‬‬

‫وم ن ننن هن ن ننا‪ ،‬ينبن ن نني اإلدم ن نناج عل ن ننى ال ن ننتعلم ال ن ننذاتي‪ ،‬وامل ن ننوارد واملكتس ن ننبات‪ ،‬والوض ن ننعيات‬

‫اإلدماجيننة‪ ،‬والحلننول الناجعننة‪ ،‬والتقننويم‪ ،‬والتصننحيح‪ ،‬واملعالجننة‪ .‬ويشننكل هننذا كلننه مننا‬

‫يسننمى باملقاربننة اإلدماجيننة (‪ .)Approche intégratrice‬ومننن ثننم‪ ،‬يمكننن الحننديث عننن‬


‫تخطيط إدماجي‪ ،‬وتدبير إدماجي‪ ،‬وتقويم إدماجي‪113.‬‬

‫وق نند ارتبط ننت املقارب ننة اإلدماجي ننة ب نناملربي البلجيك نني روجي ننرز كس ننافيي‪،)ROEGIERS( 114‬‬

‫وبش ننريكه دوكيتي ننل (‪ ،)DE KETELE‬كم ننا يتجل ننى ذل ننك واض ننحا ف نني كتاههم ننا (بي ــداغوجيا‬

‫اإلدماج) الذي نشر سنة ‪2222‬م‪.‬‬

‫‪ -113‬عبد الكريم غريب‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2233‬م‪ ،‬صص‪.363-304:‬‬
‫‪114- ROEGIERS, X.,Avec la collaboration de DE KETELE, J.-M. Une pédagogie de‬‬

‫‪l'intégration, Bruxelles-Paris : De Boeck Université,2222. 304 pages.‬‬

‫‪152‬‬
‫منهاج التدريس في ضوء املقاربة‬
‫املنتج البيداغوجي للنسق‬ ‫النسق التربوي‬
‫البيداغوجية‬
‫املقاربة املتمركزة على تبليغ‬
‫النسق التربوي ذو البعد املعارفي إنسان املحافظة‬
‫املعرفة‬
‫النسق التربوي ذو البعد‬ ‫املقاربة املتمركزة حول تعديل‬
‫إنسان التقنية‬
‫التكنولوجي‬ ‫السلوك‬
‫النسق التربوي ذو البعد‬ ‫املقاربة املتمركزة حول الكيان‬
‫اإلنسان الوجودي‬
‫اإلنساني‬ ‫الوجداني‬
‫املقاربة املتمركزة حول نشاط‬
‫اإلنسان العضوي‬ ‫النسق التربوي ذو البعد‬ ‫الجماعة‬
‫املجتمعي‪.‬‬

‫اإلنسان املحترف‬ ‫النسق ذو البعد املنهي‬ ‫املقاربة املتمركزة حول‬


‫الكفايات واإلدماج‬

‫وخالصـة القــول‪ ،‬لقند تمثننل املنهناج التربننوي املغربني خمننس مقاربنات للمنهنناج الدراسن ي ‪،‬‬

‫منهننا املقاربننة املضننامينية التنني تعنننى بنناملقررات املوجهننة باملعرفننة‪ ،‬واملقاربننة النسننقية التنني‬

‫تق ننوم عل ننى املخطط ننات املوجه ننة باأله ننداف‪ ،‬واملقارب ننة الالتوجيهي ننة الت نني ت ننؤمن باملنه نناج‬

‫املبن ن نني عل ن ننى مراع ن نناة حاجي ن ننات املن ن نتعلم وميول ن ننه واتجاهات ن ننه ‪ ،‬واملقارب ن ننة البيداغوجي ن ننة‬

‫املؤسسنناتية القائمننة علننى التسننيير الجمنناعي والفكننر التعنناوني ‪ ،‬واملقاربننة املتمركننزة علننى‬

‫‪153‬‬
‫الكفايات والوضعيات اإلدماجية القائمة على النسنق املنهني منن جهنة‪ ،‬وتكنوين اإلنسنان‬

‫املحترف عمليا من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ /6‬مرجعيات املنهاج‪:‬‬

‫اليمك ن ننن فه ن ننم املنه ن نناج إال إذا فهمن ن ننا أهداف ن ننه وغايات ن ننه ومرجعيات ن ننه وأسس ن ننه وفلس ن ننفته‬

‫ومقاصده القريبة والبعيدة ‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تشنتق" أهنداف املنناهج منن أهنداف التربينة التني‬

‫تحيلنا على تساؤالت متشابكة ندرجها بالكيفية التالية‪:‬‬

‫‪‬ما هي الغايات و األهداف والنتائج املنتظرة في التربية؟‬

‫‪‬من أين يستمد نظام تعليمي معين فلسفته التربوية واختياراته التعليمية؟‬

‫‪‬من أين تستمد أهداف التربية مشروعيتها؟‬

‫‪‬ما عالقة املناهج بالخصوصيات الحضارية للمجتمع عبر تاريخه وبأوضاعه‬


‫االقتصادية واالجتماعية الراهنة وبحاجاته وتطلعاته املستقبلية؟‬

‫‪‬ما عالقتها بحاجات املتعلمين وخصائصهم النهائية ومتطلباتها وسبل تعلمهم‬


‫وطبيعة اإلسهام املنتظر منهم؟‬

‫‪‬ما عالقتها بما وصلت اإلنسانية من خبرة حضارية ونتائج علمية في املجاالت‬
‫املختلفة بما في ذلك نتائج الدراسات ذات الصلة بالتربية والتعليم؟‬

‫‪154‬‬
‫فاملنهاج التعليمي ال يتحرك في فراغ‪ ،‬وليس نسقا مغلقا ومنفصال عن املشروع‬
‫الحضاري املجتمعي للمنظومة الحضارية بكل أبعادها ‪"115.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬ينبني املنهاج التربوي املغربي على مجموعة من املرجعيات اإلحالية التي تتمثل‬
‫في املرجعيات املرتبطة بفلسفة التربية‪ ،‬واملرجعيات السياسية‪ ،‬واملرجعيات القانونية‬
‫والتشريعية‪ ،‬واملرجعيات القيمية واألخالقية‪ ،‬واملرجعيات التربوية ‪ ،‬واملرجعيات‬
‫الثقافية‪.‬‬

‫وإذا كانت " املناهج تستمد توجهاتها من الوسط التربوي‪ ،‬فهي تتفاعل كذلك بكيفية‬
‫غير مباشرة مع املحيط الخارجي من خالل السياسية التربوية‪ ،‬وقد أكدنا في السابق‬
‫أن هذا املحيط يتشكل من مجموع التفاعالت بين األنساق املتفاعلة فيما بينها والتي‬
‫تشكل السياسة التربوية‪.‬ومن العوامل التي تؤثر في املنهاج من خالل تأثيرها في‬
‫السياسة التربوية نذكر‪:‬‬

‫‪-‬التوجهات السياسية للمجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬املعطيات االقتصادية واملادية‪.‬‬

‫‪ -‬املعطيات الديمغرافية والطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬طبيعة التسيير اإلداري العام ونظامه‪.‬‬

‫‪ -‬القيم الثقافية والفكرية السائدة‪"116.‬‬

‫‪ -115‬ميلود أحبادو‪ ( :‬مقومات املنهاج التعليمي)‪ ،‬مجلة التدريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬ص‪.32 :‬‬

‫‪ -116‬عبد اللطيف الفاربي وآخران‪ :‬البرامج واملناهج‪ ،‬ص‪.36:‬‬


‫‪155‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا‪ ،‬مما سلف ذكره‪ ،‬أن املنهاج التربوي عبارة عن خطة‬
‫استشرافية توقعية تتعلق بغايات التربية والتعليم وفق املقاربة السياسية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يتميز املنهاج الحديث واملعاصر عن املنهاج التربوي التقليدي باالعتماد على الحرية‪،‬‬
‫وتعلم الحياة عبر الحياة‪ ،‬والتركيز على التعلم الذاتي‪ ،‬واالهتمام باللعب‪ ،‬وتطبيق‬
‫الطرائق التربوية الفعالة‪ ،‬واالسترشاد بعلم النفس وعلم االجتماع‪ ،‬واالنطالق من‬
‫األهداف والكفايات األساسية والنوعية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن أنواع عدة من املناهج التربوية‪ ،‬فهناك منهاج املواد‬
‫املنفصلة‪ ،‬ومنهاج املواد املترابطة‪ ،‬ومنهاج املواد املتشاههة‪ ،‬ومنهاج النشاط الفردي‬
‫والجماعي‪ ،‬ومنهاج امليول‪...‬‬

‫ويستند املنهاج التربوي املغربي إلى ثالثة محددات رئيسة هي‪ :‬االعتماد على مبدإ‬
‫االختيار‪ ،‬واألخذ بتربية القيم‪ ،‬وتطبيق املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج‪ .‬ومن‬
‫جهة أخرى‪ ،‬ينفتح املنهاج التربوي املغربي على خمس مقاربات متنوعة كاملقاربة‬
‫املضمونية‪ ،‬واملقاربة املتمركزة على تغيير السلوك‪ ،‬واملقاربة املتمركزة على شخصية‬
‫املتعلم‪ ،‬واملقاربة املتمركزة على األهداف‪ ،‬واملقاربة املتمركزة على الكفايات واإلدماج‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬البرنامج الدراس ي‪:‬‬


‫يستند الفعل التربوي والتدريس ي إلى مجموعة من الوثائق واملفاهيم الرئيسة التي‬
‫ينبغي اإلملام هها في بناء الدروس والتعلمات والوحدات والحلقات الدراسية‪ .‬ومن‬
‫الصعب بمكان استيعاب علم التدريس‪ ،‬أو التربية الخاصة دون التوقف عند بعض‬
‫املصطلحات الرئيسة كاملنهاج‪ ،‬والبرنامج‪ ،‬واملقرر‪ ،‬والكتاب املدرس ي‪ ،‬واملجزوءة‪،‬‬
‫والوحدة التعلمية‪...‬‬

‫‪156‬‬
‫وما يهمنا في هذا املقام هو التوقف عند مفهوم البرنامج بالتحليل‪ ،‬والفحص‪،‬‬
‫والدرس‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫‪ /1‬مفهوم البرنامج الدراس ي‪:‬‬


‫يعد البرنامج (‪ )Programme‬أقل عمومية من املنهاج‪ ،‬وأكثر تجريدا من املقرر‬
‫التعليمي‪ .‬بمعنى أن البرنامج يتضمن محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير‬
‫مفصلة بشكل إجرائي‪ ،‬وتستمد خبراتها وتوجيهاتها وتعليماتها من فلسفة املنهاج‪ .‬وبعد‬
‫ذلك‪ ،‬تتحول مضامين هذا البرنامج إلى مقررات دراسية خاصة بكل مادة معينة‪،‬‬
‫وتكون هذه املقررات مفصلة‪ ،‬وأكثر خصوصية وإجرائية‪ ،‬ومن وظائف البرنامج‬
‫البرمجة والتدبير‪.‬‬

‫ويعرفه أحمد أوزي بقوله‪:‬‬

‫" كلمة برنامج في معناها العام تطلق على التخطيط املهيإ مسبقا‪ ،‬والذي تحدد فيه‬
‫األشغال أو الساعات التي ستنجز فيها مجموعة من األنشطة‪.‬مثل برنامج حفل‪،‬أو‬
‫برنامج سفر سياحي‪ ،‬أو دراس ي‪ ،‬أو برنامج حكومي ملجموعة من املشاريع التي تتطلع‬
‫إلى إنجازها في املستقبل‪.‬‬

‫أما في مجال التربية والتعليم‪ ،‬فإن كلمة برنامج غالبا ما تطلق على الوثيقة أو الوثائق‬
‫التي تحدد مختلف مراحل التمدرس‪ ،‬واملواد التي ينبغي تدريسها‪ ،‬واملعارف املطلوبة‬
‫في االمتحانات‪.‬وفي هذا املعنى يقال برنامج التعليم اإلعدادي أو الثانوي أو برنامج‬
‫العلوم في السنة األولى من التعليم الثانوي‪...‬إلخ‪"117.‬‬

‫‪ -117‬أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.32-76 :‬‬
‫‪157‬‬
‫وتعرفه مؤسسة اليونيسكو أيضا بقولها‪:‬‬

‫"البرنامج هو تحديد للمواد املراد تعليمها‪ ،‬وتكوين جدول لكل مادة يحدد عدد‬
‫ساعات تدريسها وقائمة املحتويات التي ينبغي اكتساهها أي املعارف املفروضة‪".118‬‬

‫وإذا كان مسيرو التعليم ومقرروه السياسيون هم الذين يخططون املنهاج في شكل‬
‫غايات ‪ ،‬وإذا كان املدرسون هم الذين يحددون األهداف اإلجرائية السلوكية التي‬
‫تنحصر في تنفيذ املقرر والكتاب املدرس ي‪ ،‬فإن وزارة التربية الوطنية ولجانها هي التي‬
‫تسهر على وضع البرامج الدراسية وفق املرامي‪.119‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فالبرنامج الدراس ي هو بمثابة نهج أو خطة تعليمية ‪/‬تعلمية موجهة إلى متعلم‬
‫فرد‪ ،‬أو صف دراس ي‪ ،‬أو مستوى تعليمي معين‪ ،‬أو مسلك دراس ي‪ ،‬أو ملؤسسة‬
‫تعليمية‪ ،‬أو لعدد من املؤسسات التعليمية‪ .‬وقد ينفذ هذا البرنامج ضمن يوم دراس ي‬
‫واحد‪ ،‬أو أسبوع‪ ،‬أو مرحلة معينة‪ ،‬أو فترة دراسية‪ ،‬أو فصل معين‪ ،‬أو دورة محددة‪،‬‬
‫أو سنة كاملة‪.‬‬

‫‪ /2‬محتويات البرنامج‪:‬‬

‫يحوي البرنامج مواصفات املتعلم وخطة املنهاج الدراس ي من حيث األهداف‬


‫والكفايات ‪ .‬ويضم مجموعة من مناهج التدريس‪ ،‬واملحتويات واملضامين الدراسية‪،‬‬
‫واألنشطة التعليمية املراد إنجازها‪ ،‬وكذا الطرائق البيداغوجية‪ ،‬والوسائل‬
‫التعليمية‪ ،‬واإليقاعات الزمنية واملكانية‪ ،‬وأنظمة التواصل‪ ،‬ووسائل التقويم‬

‫‪ -118‬نقال عن أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪،‬ص‪.32 :‬‬


‫‪ -119‬عبد اللطيف الفاربي وآخران‪ :‬البرامج واملناهج‪ ،‬دار الخطابي للنشر‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪3662‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪158‬‬
‫واملعالجة واملراجعة والدعم والتغذية ‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن برنامج اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وبرنامج التربية اإلسالمية‪ ،‬وبرنامج العلوم‪ ،‬وبرنامج الرياضيات‪ ،‬إلخ‪...‬‬

‫ويرتبط البرنامج الدراس ي ببرمجة النظام التربوي وتدبيره في سلك دراس ي معين‪ ،‬أو‬
‫بمادة دراسية معينة‪ ،‬ضمن نسق إيقاعي زمني ومكاني ‪ .‬ويستند إلى األهداف العامة‬
‫من ا لتربية ‪.‬أي‪ :‬توجهات التربية والتعليم‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يتعلق البرنامج بأهداف قطاع‬
‫التربية والتعليم في مجال التربية‪ ،‬والتكوين‪ ،‬والتأطير‪ ،‬والتدريس‪ .‬فللتعليم االبتدائي‬
‫أهدافه العامة‪ ،‬وللتعليم اإلعدادي والثانوي أهدافه العامة‪ ،‬وللتعليم الجامعي‬
‫أهدافه العامة‪ ،‬وللتكوين املنهي كذلك أهدافه ومراميه وأغراضه‪ .‬ويعني هذا أن مرامي‬
‫البرنامج أقل عمومية من الغايات‪ ،‬وترتبط بفلسفة قطاع التربية والتعليم‪ .‬في حين‪،‬‬
‫ترتبط الغايات بسياسة الدولة العامة‪ ،‬أو املنهاج العام للتربية‪ ،‬كأن نقول ‪ -‬مثال‪-‬‬
‫يهدف التعليم املنهي إلى تكوين مهنيين محترفين في مجال التكنولوجيا والصناعة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يرتبط البرنامج بمستوى دراس ي معين‪ ،‬ومادة معينة ‪ ،‬كأن نقول‬
‫برنامج مادة اللغة العربية في السلك االبتدائي‪ ،‬وبرنامج الرياضيات في السلك‬
‫اإلعدادي‪ ،‬وبرنامج الفلسفة في التعليم الثانوي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتضمن البرنامج أهداف‬
‫املواد الدراسية وكفاياتها املتنوعة‪ ،‬ومواصفات متعلمي السلك الدراس ي‪ ،‬ورصد‬
‫عناوين املواد مع أهدافها ومقاصدها‪ ،‬وتبيان طرائق التدريس‪ ،‬وتبيان آليات التقويم‪.‬‬

‫ويعني هذا كله أن البرنامج جزء من املنهاج التربوي‪ ،‬يسهر عليه مسيرو التعليم‬
‫ومؤطروه ‪ .‬وهو مجموعة من األغراض واألهداف الخاصة املتعلقة بقطاع التربية‬
‫والتعليم في سلك دراس ي معين‪ ،‬وفي مادة معينة‪.‬ومن ثم‪ ،‬يتضمن البرنامج الدراس ي‬
‫مجموعة من املحتويات والخبرات والتجارب مقدمة بطريقة مستسلسلة‪ ،‬بتحديد‬

‫‪159‬‬
‫مجموعة من املدخالت في شكل أهداف وكفايات‪ ،‬وتبيان الطرائق والوسائل‬
‫التدريسية والتربوية الكفيلة بتحقيق هذه املدخالت بتنظيم اإليقاعات الزمنية‬
‫واملكانية والصفية‪ ،‬وتحديد آليات التواصل اللفظي وغير اللفظي‪ .‬كما يشتمل‬
‫البرنامج على آليات التقويم املختلفة من امتحانات واختبارات ومقاييس وطرائق‬
‫الدعم واملعالجة والتقييم والتغذية الراجعة‪ .‬كما يحوي البرنامج مواصفات املتعلمين‬
‫من النواحي النمائية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والتربوية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتميز البرنامج‬
‫باملالءمة‪ ،‬والتماسك‪ ،‬والفعالية‪ ،‬والقابلية للتطبيق‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬يتضمن البرنامج املقرر الدراس ي ‪ ،‬والتوزيع السنوي‪ ،‬إلى جانب‬
‫املخطط الدراس ي‪ ،‬والوحدات الدراسية ومجاالتها ‪ ،‬ومختلف املكونات املدرسة‪.‬عالوة‬
‫على مواصفات املتعلم‪ ،‬ورصد ملختلف األهداف والكفايات األساسية والنوعية‪،‬‬
‫وتبيان الطرائق املنهجية في عملية التدريس الخاصة بكل مكون على حدة‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يسمى البرنامج بالدليل (‪ ،)Le guide‬أو كتاب األستاذ كما في التعليم‬
‫االبتدائي‪ ،‬أو دليل تنفيذ املنهاج ملادة معينة في التعليم اإلعدادي والثانوي التأهيلي‪.‬‬
‫وقد يكون البرنامج عبارة عن مذكرات وزارية تفصل املقرر والبرنامج الدراس ي بشكل‬
‫واضح وجلي‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا‪ ،‬مما سبق ذكره‪ ،‬أن البرنامج عبارة عن دليل أو خطة‬
‫واضحة املعالم واملالمح‪ ،‬تسعف املدرس في تحضير دروسه وتعلماته وفق مجموعة‬
‫من املواصفات واألهداف والكفايات على مستوى املدخالت‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالعمليات التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬يهتم البرنامج بتبيان املحتويات‪ ،‬وتحديد‬


‫الوسائل التعليمية املالئمة لكل درس‪ ،‬وتبيان مختلف الطرائق البيداغوجية‪،‬‬
‫واستجالء اإليقاعات الزمانية واملكانية‪ ،‬وتنظيم العملية التواصلية من جميع‬
‫جوانبها‪.‬‬

‫وفيما يتعلق باملخرجات‪ ،‬يرتكز البرنامج على التقويم والتغذية الراجعة واملعالجة‬
‫والدعم على حد سواء‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬املقررالدراس ي‪:‬‬

‫‪161‬‬
‫ثمة مجموعة من املصطلحات التربوية التي ينبغي أن يتوقف عندها الباحث أو‬
‫الدارس أو املكون أو طالب التربية بالبحث والتحليل واملناقشة وفق املقاربة‬
‫االصطالحية قبل الخوض في مجال التربية الخاصة ‪ ،‬والتعمق في علوم التربية‪ .‬ومن‬
‫أهم املفاهيم التربوية التي تثير االضطراب واللبس والخلط مفهوم املقرر الدراس ي في‬
‫عالقته باملنهاج والبرنامج من جهة‪ ،‬والكتاب املدرس ي من جهة أخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم املقرر الدراس ي؟ وما أسسه ومرتكزاته؟ وما وظيفته ضمن النسق‬
‫التربوي؟ وما عالقته بالبرنامج والكتاب املدرس ي؟ هذا ما سوف نتطرق إليه في‬
‫العناوين الفرعية املوالية‪:‬‬

‫‪ /1‬مفهوم املقررالدراس ي‪:‬‬


‫ينصب املقرر الدراس ي (‪ )Cursus scolaire /Course‬على تفصيل الدروس‬
‫واملواد واملحتويات حسب الزمن الدراس ي السنوي‪ ،‬وحسب املجزوءات‪ ،‬واملراحل‪،‬‬
‫والوحدات‪ ،‬والفصول‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يخضع املقرر الدراس ي ملنطق التوزيع‪ ،‬والتصنيف‪،‬‬
‫والتراكم‪ ،‬والترتيب‪ ،‬والتجزيء‪ ،‬وتكييف الدروس واملواد التعلمية حسب املناسبات‬
‫واألوقات الطبيعية واملناسباتية التي تتالءم مع أهداف الدرس وغاياته‪.‬‬

‫ويرتبط املقرر باألهداف العامة والكفايات النوعية من جهة‪ ،‬وبواضعي املقررات‬


‫الدراسية من جهة أخرى‪ .‬وهو عبارة عن وحدات ومواد دراسية مرتبطة بمكوناتها‬
‫ومجاالتها الرئيسة‪.‬والهدف الرئيس من املقرر هو التنظيم والهيكلة وترتيب املحتويات‬
‫والعناوين حسب املكونات التدريسية‪ ،‬والوحدات التعلمية‪ ،‬واملجاالت الدراسية‪،‬‬
‫واإليقاعات الزمنية واملكانية‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫ويرى الحسن اللحية أن املقرر الدراس ي " هو مرادف املواد أو الدروس‪ ،‬وهو نفسه‬
‫بالنسبة لجميع التالميذ ‪ .‬يحدد املقرر ما ينبغي أن يتعلمه التالميذ في كل سنة‬
‫دراسية وفي كل مادة من املواد املدرسة في السنة‪"120.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فاملقرر الدراس ي عبارة عن الئحة أو فهرس من املواد واملحتويات الواجب تعلمها‬
‫وتدريسها‪ .‬ويمكن القول‪ :‬إن املقرر الدراس ي هو تفصيل للدروس واألنشطة‬
‫املصحوبة بالتوزيع السنوي‪.121‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملقرر الدراس ي هو عبارة عن مواد ومحتويات ومضامين ووضعيات‬


‫ومفاهيم وموارد درا سية في شكل عناوين مترابطة ومتسلسلة ‪ ،‬أو هو جملة من‬
‫النصوص واملعارف واملعلومات واملهارات واملوارد واملواقف والحقائق واملفاهيم‬
‫واملصطلحات التي يختارها مجموعة من الخبراء واملدرسين واملفتشين واللجان‬
‫التربوية لتكون رهن إشارة املتعلمين وفي خدمتهم‪ .‬وتلبي ميول املتعلمين الذهنية‬
‫والوجدانية والحسية الحركية‪ ،‬وتراعي اتجاهاتهم النفسية‪ ،‬وتلبي حاجياتهم املختلفة‬
‫واملتنوعة‪ .‬ويرد املقرر في شكل مواضيع ودروس وموارد ومواقف ومهارات ووحدات‬
‫ومحتويات وخبرات وتجارب متنوعة‪ ،‬تكسب املتعلمين ما يحتاجونه من معارف‬
‫ومعلومات وحقائق مهمة الستضمارها بغية توظيفها في مجاالت الحياة املختلفة‪.‬‬

‫‪ /2‬عالقة املقررباملنهاج والبرنامج والكتاب املدرس ي‪:‬‬


‫يبدو أن للمقرر املدرس ي عالقة وثيقة باملنهاج التربوي من جهة‪ ،‬والبرنامج الدراس ي من‬
‫جهة أخرى‪ .‬أي‪ :‬إن ثمة عالقة وثيقة ونسقية قائمة على التجزيء‪ ،‬والتوضيح‪،‬‬

‫‪ - 120‬الحسن اللحية‪ :‬االمتحانات املهنية (علوم التربية)‪ ،‬منشورات املعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2233‬م‪ ،‬ص‪.272:‬‬
‫‪ 121‬الحسن اللحية‪ :‬نفسه ‪ ،‬ص‪.272:‬‬
‫‪163‬‬
‫والتفصيل‪ ،‬والتنويع‪ .‬ويعني هذا أن املقرر الدراس ي يحترم تعليمات املنهاج العام‪،‬‬
‫ويستمد مشروعيته من البرنامج الدراس ي‪ .‬ويتميز بطابعه امللموس والحس ي‪ ،‬مادام‬
‫هذا املقرر يحوي عناوين واضحة وجلية بعيدة عن خاصيتي التجريد والفلسفة‬
‫اللتين يتسم ههما املنهاج التربوي العام‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملقرر الدراس ي عبارة عن مواد‬
‫دراسية ووحدات تعليمية تعلمية تختارها لجن تربوية مشرفة تتكون من مفتشين‬
‫وخبراء ومدرسين بشكل دقيق ‪ ،‬ثم تدرس هذه املقررات في املدارس العمومية‬
‫والخصوصية يقبل عليها املتعلمون بإشراف املدرس‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ستخدم مجموعة ِمن‬ ‫مكتوبة ت‬
‫ٍ‬ ‫خطة‬
‫ٍ‬ ‫ومن هنا‪ ،‬فاملقرر الدراس ي " هو عبارة عن‬
‫ُ‬ ‫العناوين ّ‬
‫الدراسية التي تعتمد على املراجع واملناهج املعتمدة خالل الفصل‬
‫الدراس ي الواحد‪ ،‬ومن تعريفات املقرر‪ :‬هو املحتوى الذي ُيساعد في تحقيق‬
‫ً‬ ‫التفاعل بين املعلم والطالب ومحتوى املادة ّ‬‫ّ‬
‫سواء أكان ُمعتمدا على‬
‫ً‬ ‫الدراسية‬
‫الزيارات‬ ‫ّ‬
‫الد اسية‪ ،‬أم املراجع اإللكترونية من خالل جهاز الحاسوب‪ ،‬أم ّ‬
‫الكتب ر‬
‫امليدانية‪.‬‬
‫ّ‬
‫َيهدف املقرر إلى تحقيق أفضل النتائج باالعتماد على دو ِر الطالب في فهم املادة‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تعليمية‬
‫ٍ‬ ‫منظومة‬
‫ٍ‬ ‫بمساعدة املعلم‪ِ ،‬لذلك ُيساهم املقرر في تطبيق‬
‫ِ‬ ‫الدراسية‬
‫مناسبة داخل الغرفة الصفية‪ ،‬وتتوزع على مجموعة من الوحدات ّ‬
‫الدراسية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫ومصادر تعليمية خاصة‬
‫ْ‬
‫حدد يجب أن ُيحققه الطالب‪،‬‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ُ‬
‫وحدة منها هدف م ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ولك ِل‬
‫ُ‬
‫ومناسب مع الطالب‪".122‬‬
‫ٍ‬ ‫سهل‬
‫ٍ‬ ‫بأسلوب‬
‫ٍ‬ ‫املقرر‬ ‫تعليم‬ ‫تطبيق‬ ‫في‬ ‫ساعد‬ ‫ت‬ ‫بها‬

‫‪ -122‬مجد خضر‪( :‬الفرق بين املنهج واملقرر)‬


‫‪http://mawdoo3.com/‬‬

‫‪164‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬إذا كان البرنامج مفصال ومسهبا في مقتضياته وبنوده وتعليماته‬
‫وتوصياته‪ ،‬فإن املقرر عبارة عن عناوين عامة تحتاج إلى تنزيل وتفصيل وتشخيص‬
‫حس ي‪ ،‬في شكل نصوص ودروس ووحدات وحلقات ومقاطع ديدكتيكية وتدريسية‪،‬‬
‫وهذا ما يقوم به الكتاب املدرس ي‪.‬‬

‫ومن هنا‪ " ،‬يتناقض مفهوم املقرر الدراس ي مع املنهاج الدراس ي‪ ،‬فاملقرر‪ ،‬بشكل عام‪،‬‬
‫هو الئحة املواد الواجب تدريسها مصحوبة بتعليمات منهجية تبررها وتقدم‬
‫مؤشرات حول الطريقة أو املقاربة التي ينظر إليها مؤلفوها بأنها األحسن أو األكثر‬
‫دقة لتدريس تلك املحتويات‪123".‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتميز املقرر الدراس ي عن املنهاج والبرنامج بخاصية الفهرسة من جهة‪،‬‬


‫وبالئحته العنوانية العريضة التي تضم مجموعة من املحتويات واملواد والدروس‬
‫املنفصلة املنعزلة عن سياقها الداللي واملرجعي والتربوي والتدريس ي من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ /3‬أسس املقررالتربوي ومرتكزاته‪:‬‬


‫ينبني املقرر الدراس ي على مجموعة من األسس واملبادىء التربوية والنفسية‬
‫واالجتماعية والديدكتيكية كمبدإ البرمجة‪ ،‬ومبدإ الهيكلة‪ ،‬ومبدإ التفصيل‪ ،‬ومبدإ‬
‫التنظيم‪ ،‬ومبدإ العنونة‪ ،‬ومبدإ التوزيع‪ ،‬ومبدإ التصنيف‪ ،‬ومبدإ الترتيب‪ ،‬ومبدإ‬
‫التنويع‪ ،‬ومبدإ االنتقاء‪ ،‬ومبدإ االختيار‪ ،‬ومبدإ التخطيط‪ ،‬ومبدإ التوجيه‪ ،‬ومبدإ‬
‫التقسيم‪ ،‬ومبدإ التسلسل‪ ،‬ومبدإ التدريس‪ ،‬ومبدإ التوحيد‪ ،‬ومبدإ التجزيء‪ ،‬ومبدإ‬
‫التعميم‪ ،‬ومبدإ املراجعة‪ ،‬ومبدإ التغيير‪ ،‬ومبدإ التطوير‪ ،‬ومبدإ التجديد‪ ،‬ومبدإ‬

‫‪ - 123‬الحسن اللحية‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.272:‬‬


‫‪165‬‬
‫التجويد‪ ،‬ومبدإ التوصيف‪ ،‬ومبدإ االحتواء‪ ،‬ومبدإ الفهرسة‪ ،‬ومبدإ املالءمة‪ ،‬ومبدإ‬
‫الشمولية‪ ،‬ومبدإ التراكم‪ ،‬ومبدإ املجاالت‪ ،‬ومبدإ املكونات‪ ،‬ومبدإ الوحدات‪...،‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬فاملقرر الدراس ي عبارة عن مجموعة من املواضيع والعناوين‬


‫والوحدات التي ينبغي تدريسها لصف دراس ي معين‪ ،‬وفي مادة معينة ‪.‬ومن ثم‪ ،‬يراعي‬
‫املقرر فلسفة املنهاج من جهة‪ ،‬ويحافظ على توجهات البرنامج من جهة أخرى‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬يتميز املقرر بتراكم املحتويات والعناوين وتفصيلها في لوائح وجداول ومذكرات‬
‫واستعماالت الزمن‪ ،‬وقد تكون محتويات املقرر إما متناقضة و متنافرة و متباعدة ‪،‬‬
‫وإما متشاههة ومترابطة ومتكاملة ‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬يتميز املقرر الدراس ي بطابع االنفصال والتراكم والتجزيء والتتابع‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬تكون املادة املقررة في تلك اللوائح دون داللة أو مقصدية أو معنى ‪ ،‬مادامت‬
‫منعزلة عن النصوص واملحتويات واملضامين ‪ ،‬ومنفصلة عن بيئتها ومحيطها‬
‫السوسيواقتصادي‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬الكتاب املدرس ي‪:‬‬


‫يعد الكتاب املدرس ي (‪ )Le manuel scolaire‬وثيقة من الوثائق التربوية والتعليمية‬
‫التي يستعين هها املدرس والتلميذ معا في بناء الدرس‪ ،‬وتحقيق األهداف الخاصة‬
‫والوسطى والعامة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬له عالقة وثيقة باملنهاج والبرنامج واملقرر‪ ،‬مادام عنصرا‬
‫بنيويا وجزءا فعاال ضمن النسق التربوي‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالكتاب املدرس ي بمثابة وعاء‬
‫يشمل مجموعة من الدروس واملضامين واملحتويات واملوارد والتعلمات التي ينبغي‬
‫للتلميذ التقيد هها وإنجازها داخل القسم أو خارجه‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم الكتاب املدرس ي؟ وماعالقته باملنهاج والبرنامج واملقرر ؟ وما مواقف‬
‫الباحثين واملربين والفالسفة من الكتاب املدرس ي؟ وما الكتاب اإللكتروني؟ وما عالقة‬
‫الكتاب املدرس ي بالصورة؟ وما إيجابياته وسلبياته؟ ما سوف نتوقف عنده في هذه‬
‫املطالب على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬مفهوم الكتاب املدرس ي‪:‬‬


‫يعد الكتاب املدرس ي وسيلة إجرائية تنفيذية ملموسة لتطبيق فلسفة املنهاج في‬
‫الواقع امليداني‪ ،‬وتمثل توجيهات البرنامج‪ ،‬وإنزال املقرر املدرس ي إلى حيز الوجود‪.‬‬
‫ويعني هذا أن الكتاب املدرس ي وعاء حس ي مشخص ملجموعة من الدروس املتراكمة‬
‫اتساقا وانسجاما‪ ،‬وفق تسلسل منطقي ‪ ،‬ووفق وحدات ومجزوءات واتجاهات‬
‫وتيمات‪ ،‬وفي ضوء اإليقاعات الزمانية واملكانية املمكنة‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يستند الكتاب املدرس ي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجيهات املنهاج‪،‬‬
‫واالنطالق من مبادئ البرنامج‪ ،‬وتفصيل عناوين املقرر ومواده ومحاوره ووحداته‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يتوجه الكتاب املدرس ي إلى التلميذ املتعلم أو املتمدرس بالخصوص‬
‫ملساعدته على استيعاب دروسه‪ ،‬وإنجاز األنشطة الدراسية داخل املدرسة وخارجها‪،‬‬
‫والتثبت من قدراته النمائية والكفائية ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهو عبارة عن مجموعة من‬
‫الدروس املبثوثة بين دفتي الكتاب‪ ،‬في شكل نصوص‪ ،‬وخبرات‪ ،‬وتجارب‪ ،‬وأنشطة‬
‫تعلمية تطبيقية‪ ،‬وكفايات ووضعيات‪ ،‬أو أهداف إجرائية ‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فقد جاء في معجم (مصطلحات التربية والتعليم) أن الكتاب املدرس ي " هو‬
‫الكتاب الذي يقدم للمتعلم كل ما يحتاجه من معلومات وحقائق بأسلوب يتناسب‬
‫ومستواه الفكري‪ .‬فهو وسيلة تعليمية أساسية في عملية التعليم والتعلم‪ ،‬نظم‬
‫‪167‬‬
‫بحسب املنهج التربوي املقرر من وزارة التربية الوطنية‪ ،‬وفي ضوء القدرات املتاحة‬
‫للمتعلمين لكي يستعينوا به لتنمية معارفهم‪ ،‬وفهم املعطيات العلمية املطلوبة منهم‪.‬‬
‫لهذا اعتبر الكتاب املدرس ي مرجعا يعود إليه املتعلم‪ ،‬سواء كان ذلك داخل الصف أو‬
‫خارجه؛ فهو يستعين به لتنفيذ ما هو مطلوب منه‪ ،‬وبخاصة التمارين التطبيقية‬
‫املتعلقة بكل درس من الدروس"‪.124‬‬
‫وأكثر من هذا " يمثل الكتاب املدرس ي املصدر األساس ي لتزويد التالميذ ههذه‬
‫املعلومات‪ ،‬ثم يتولى املدرس شرحها وتبسيطها وتحليلها والتعليق عليها ‪ ،‬ويقوم‬
‫التلميذ بفهمها أو حفظها أو استيعاهها‪ ،‬وتعمل االمتحانات على قياسها‪"125.‬‬
‫ويعرف عبد الكريم غريب الكتاب املدرس ي بقوله‪:‬‬
‫" هو املرجع األساس ي الذي يستقي منه التالميذ معلوماتهم أكثر من غيره من‬
‫املصادر‪ ،‬فضال عن أنه‪ ،‬أي الكتاب ‪ ،‬هو األساس الذي يستند إليه املدرس في إعداد‬
‫دروسه قبل أن يواجه تالميذه في حجرة الدراسة"‪126.‬‬

‫ويعرفه كذلك بأنه" الوعاء الذي يحتوي املادة التعلمية التي يفترض فيها أنها األداة‪،‬‬
‫أو إحدى األدوات على األقل التي تستطيع أن تجعل التالميذ قادرين على بلوغ أهداف‬
‫املنهج املحددة سلفا‪"127.‬‬

‫‪ - 124‬جرجس ميشال جرجس‪ :‬معجم مصطلحات التربية والتعليم‪ ،‬دار النهضة العربية للطبع والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.733 :‬‬
‫‪ -125‬الوكيل حلمي أحمد‪ ،‬املفتي محمد أمين‪ ،‬أسس بناء املناهج وتنظيماتها‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬طبعة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.4:‬‬
‫‪ - 126‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي‪ ،‬ج‪ ، 2‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.343‬‬
‫‪ - 127‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.343‬‬
‫‪168‬‬
‫ويعد الكتاب املدرس ي كذلك «دعامة حقيقية‪ ،‬رائدة في تفعيل وإعمال مقتضيات‬
‫املبادئ والقيم واالختيارات التربوية العامة التي نص عليها امليثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين‪ ،‬والتي تؤكدها وثيقة االختيارات والتوجيهات التربوية العامة»‪.128‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬فالكتاب املدرس ي هو الذي يتضمن مجموعة من األهداف‬
‫الخاصة والكفايات النوعية ‪ ،‬ويشتمل على مجموعة من املوارد واملهارات واملواقف‬
‫واملحتويات واملضامين التعلمية املوجهة إلى متعلم معين‪ ،‬وبمواصفات خاصة‪ ،‬من‬
‫خالل االستعانة بمجموعة من الطرائق التربوية والوسائل التعليمية في إطار زمكاني‬
‫محدد‪ ،‬وضمن وضعية تواصلية لفظية وغير لفظية باستخدام آليات التقويم‬
‫واملعالجة والدعم املختلفة‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يشتمل الكتاب املدرس ي على مجموعة من الدروس والنصوص واملحتويات‬
‫واملضامين والتجارب وفق أهداف نوعية خاصة بغية تأهيل املتعلم وإكسابه مجموعة‬
‫من القدرات واملهارات ملواجهة الوضعيات‪-‬املشكالت بغية إيجاد الحلول املناسبة لها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يعد الكتاب املدرس ي وسيلة لتنفيذ فلسفة املنهاج‪ ،‬وتطبيق توجيهات‬
‫البرنامج‪ ،‬وإنزال املقرر املدرس ي إلى حيز الوجود‪ .‬ويعني هذا أن الكتاب املدرس ي وثيقة‬
‫ووعاء حس ي ملموس ملجموعة من الدروس املتراكمة اتساقا وانسجاما وفق تسلسل‬
‫منطقي ‪ ،‬ووفق وحدات‪ ،‬ومجزوءات‪ ،‬واتجاهات‪ ،‬وتيمات‪ ،‬ووفق معايير داللية‪،‬‬
‫وزمانية‪ ،‬ومكانية ‪ ،‬وفنية‪ ،‬وجمالية‪ ،‬وتجنيسية‪...‬‬

‫و يستند الكتاب املدرس ي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجيهات املنهاج‪،‬‬
‫واالنطالق من مبادئ البرنامج‪ ،‬وتفصيل لعناوين املقرر ومواده‪.‬‬
‫‪ - 128‬وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي‪ ،‬الكتاب املدرس ي مسار إصالح‪،‬‬
‫مديرية املناهج‪ ،‬قطاع التربية الوطنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ، 2223‬ص‪.23‬‬
‫‪169‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فالكتاب املدرس ي عبارة عن مجموعة من الدروس املبثوثة بين دفتي الكتاب‬
‫في شكل نصوص‪ ،‬وخبرات‪ ،‬وتجارب‪ ،‬وأنشطة تعلمية تطبيقية‪ ،‬وكفايات ووضعيات‪،‬‬
‫أو أهداف إجرائية ‪.‬‬

‫‪ /2‬موقف املربين والفالسفة من الكتاب املدرس ي‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن مجموعة من املواقف تجاه الكتاب املدرس ي‪ .‬فهناك من يعد‬
‫الكتاب التربوي دعامة أساسية وضرورية في التعليم اليمكن االستغناء عنه بأي حال‬
‫من األحوال‪ ،‬كما تذهب إلى ذلك املدرسة التقليدية‪ ،‬والفلسفة املثالية العقالنية‪،‬‬
‫وفالسفة عصر األنوار‪.‬‬
‫في حين‪ ،‬هناك من يعد الكتاب املدرس ي وسيلة وليس هدفا أو غاية أو مقصدية ملحة‬
‫وضرورية كما تذهب إلى ذلك الفلسفة البراجماتية مع وليم جيمس وجون ديوي‪.‬‬
‫بينما هناك من يرفض الكتاب املدرس ي‪ ،‬ويثبت أن الطبيعة واالكتساب من املجتمع‬
‫أفضل من التعلم في الكتاب املدرس ي‪ ،‬كما يبدو ذلك عند جان جاك روسو في كتابه‬
‫(إميل‪.) Emile/‬‬
‫وهكذا‪" ،‬اختلفت اآلراء‪ ،‬وتعددت بصدد موضوع الكتاب املدرس ي‪ ،‬وذلك باختالف‬
‫الفلسفات التربوية‪ ،‬وتعدد وجهات النظر‪ ،‬ففي التربية التقليدية حيث تعتبر مادة‬
‫الدراسات هي مركز االهتمام وتحصيل التراث العلمي هو موضع العناية اكتسب‬
‫الكتاب املدرس ي أهمية كبرى وصارت وظيفة املعلم هي مساعدة التالميذ على تحصيل‬
‫ما تضمنته الكتب املدرسية من مادة علمية تقيسها االمتحانات التقليدية املعروفة‪،‬‬
‫بينما نرى أن الفلسفة الطبيعية في التربية ال تهتم بالكتب‪ ،‬وإنما توجه عنايتها إلى‬
‫الخبرة املباشرة التي يكتسبها التالميذ نتيجة لتفاعل قواهم الطبيعية مع مؤثرات‬

‫‪170‬‬
‫البيئة‪ ،‬ونرى أن رائدا كبيرا من رواد الحركة الطبيعية وهو الفيلسوف الفرنس ي جان‬
‫جاك روسو يقترح في كتابه (إميل) أن تكون تربية الطفل سلبية من سن الخامسة إلى‬
‫سن الثانية عشر‪ ،‬وأال يقرأ إميل أي كتاب إال كتابا واحدا هو كتاب الطبيعة‪ ،‬كما‬
‫تكون التربية االجتماعية عن طريق املمارسة الفعلية لحقوق الفرد املدنية بصفته‬
‫عضوا في مجتمع‪ ،‬أما الفلسفة البراجماتية أو العملية‪ ،‬فهي ترى أن املعلومات أو‬
‫الكتب ليست غايات في ذاتها‪ ،‬وإنما هي مجرد وسائل يستعين هها األفراد في حل‬
‫مشاكل حياتهم‪ ،‬وهو اتجاه عملي نفعي يتفق مع السمات والخصائص املميزة لهذه‬
‫الفلسفة‪129".‬‬

‫ويتبين لنا‪ ،‬مما سبق ذكره‪ ،‬أن للكتاب املدرس ي مؤيدين ومعارضين‪ .‬بيد أن الكتاب‬
‫املدرس ي وثيقة ضرورية لتوجيه املتعلمين ومساعدتهم على التدريس‪ ،‬وعدم تشتيت‬
‫جهدهم في البحث عن النصوص واملحاور واملواضيع‪ .‬كما تمنع املدرس من تبليغ‬
‫إيديولوجيات وأهواء واقتناعات شخصية التمت بصلة إلى العلم واملعرفة‬
‫املوضوعية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬يمكن للمدرس تغيير النصوص شرط االلتزام بمحاور‬
‫املقرر وعناوينه الكبرى‪ ،‬واحترام منهاج الدولة وبرنامجه العام‪.‬‬

‫‪ /3‬الكتاب املدرس ي والصورة ‪:‬‬


‫حقق الكتاب املدرس ي املغربي ‪ -‬اليوم‪ -‬تطورا الفتا لالنتباه على مستوى توظيف‬
‫الصورة البصرية واملرئية‪ ،‬وحقق أيضا نجاحا كبيرا في استثمارها تربويا وتدريسيا‬
‫مقارنة بالفترات السابقة عندما كان الكتاب املدرس ي التقليدي مجرد كتابة خطية‬
‫أفقية وعمودية خالية من األلوان الضوئية أو التشكيلية مع هيمنة اللون األسود‬

‫‪ -129‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬املوجز في التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العربية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.70-74‬‬
‫‪171‬‬
‫الذي يتربع على صفحة البياض‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد كانت صفحات هذا الكتاب مجرد‬
‫أوراق تتقاطع فيها الخطوط واألسطر فوق فراغ أبيض يمنة ويسرة دون أن تتخللها‬
‫صور تربوية أو تعليمية أو تدريسية‪ .‬مع العلم أن املتعلم بصفة عامة‪ ،‬والطفل‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬ينجذبان كثيرا إلى الصورة املثيرة‪ ،‬ويتعلمان من خاللها الكثير الكثير‪،‬‬
‫والسيما إذا كان املتعلم طفال في املراحل األولى من التعليم األولي أو الدراس ي؛ ألنه ال‬
‫يتعلم إال باملحسوس وامللموس واملشخص حسب التصور النفس ي واملعرفي لجان‬
‫بياجيه (‪.)Jean Piaget‬‬

‫وأكثر من هذا يقبل الطفل املتعلم كثيرا على الكتب واملجالت والوسائل البصرية التي‬
‫تستخدم الصورة‪ ،‬فينساق مع جمالياتها الفنية‪ ،‬ويتأثر بأشكالها البصرية‪ ،‬ويندهش‬
‫أللوانها الزاهية املثيرة‪ ،‬ويتيه مع عواملها التخيليية سواء أكانت واقعية أم احتمالية أم‬
‫مستحيلة‪ .‬كما يتلذذ بظاللها الجذابة‪ ،‬ويتمثل رسائلها الهادفة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يرتاح‬
‫الطفل املتعلم إلى الصورة املرئية أكثر مما يرتاح إلى درس جاف مقرف‪ ،‬يستخدم فيه‬
‫املدرس اللغة البيانية من بداية الحصة حتى نهايتها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالصورة وسيلة مهمة‬
‫في املجال التربوي والتعليمي نظرا لفوائدها الكثيرة وأدوارها املهمة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬عرف الكتاب املدرس ي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور‬
‫الصورة التربوية أو التدريسية ‪ ،‬وهذه املراحل هي‪:‬‬

‫‪ ‬مرحلة غياب الصــورة‪ :‬ترتبط هذه املرحلة بظهور املدارس العتيقة والكتاتيب‬
‫والجوامع القرآنية في املغرب‪ ،‬وفي هذه املرحلة لم تكن الكتب املدرسية أو املقررات‬
‫التعليمية توظف الصور التربوية أو التعليمية‪ ،‬بل كان التركيز على اللغة‪ ،‬والبيان‪،‬‬
‫واإللقاء‪ .‬فقد كان املدرس يشرح الكتب التراثية الصفراء تفسيرا‪ ،‬وتأويال‪ ،‬وتعليقا‪،‬‬

‫‪172‬‬
‫وتحشية‪ .‬ويعني هذا أن الكتاب املدرس ي لم يكن سوى كتابة خطية أفقية وعمودية‬
‫ترسم فوق صفحة صفراء أو بيضاء‪ .‬وأكثر من هذا لم تتطور املطبعة بعد‪ ،‬في تلك‬
‫الفترة‪ ،‬تقنيا وفنيا وجماليا لتستفيد من التقنيات الحديثة على مستوى الرقن أو‬
‫الطبع أو الكتابة‪ ،‬كما هو حال الكتب األجنبية في مجال القراءة‪ ،‬والكتابة‪،‬‬
‫والرياضيات‪ ،‬والعلوم‪ .‬وقد استمر هذا الوضع حتى مرحلة الحماية األجنبية على‬
‫املغرب‪ ،‬وظلت الكتب املدرسية املغربية غفال من الصور باستثناء الكتب املدرسية‬
‫اللبنانية واملصرية التي كانت تدرس باملغرب‪ ،‬وكانت تحوي صورا مختلفة‪...‬‬

‫‪ ‬مرحلــة الصورة الســوداء‪ :‬بعد االستقالل‪ ،‬قررت وزارة التربية الوطنية املغربية‬
‫مجموعة من الكتب التعليمية املتنوعة واملختلفة حسب املواد الدراسية‪ ،‬كانت‬
‫تتضمن صورا سوداء غير ملونة حسب طبيعة املطبعة السائدة آنذاك‪ ،‬كما يظهر‬
‫ذلك جليا في كتب النصوص األدبية‪ ،‬والسيما كتاب النصوص األدبية للسنة الرابعة‬
‫من التعليم الثانوي في سنوات السبعين من القرن املاض ي‪ .‬فقد كانت صور الشعراء‬
‫والكتاب في هذا الكتاب مرسومة باللون األسود في كل أبعادها ومالمحها التخييلية ‪،‬‬
‫ويذكرنا هذا بصور كتاب (تاريخ األدب العربي) للباحث اللبناني حنا الفاخوري‪.‬‬

‫‪‬مرحلــة الصورة امللونــة‪ :‬استخدم الكتاب املدرس ي الصورة امللونة بكثرة مع‬
‫سنوات الثمانين من القرن الفائت‪ ،‬وإن كان أحمد بوكماخ سباقا إلى توظيف الصورة‬
‫امللونة في سلسلة كتبه الدراسية املعنونة بن(اقرأ) منذ الستينيات من القرن العشرين‬
‫(‪3632‬م)‪ .‬وقد كان هذا الكتاب نموذجيا من حيث كثرة الصور الزاهية واملثيرة التي‬
‫تنمي قدرات التخييل لدى املتلقي‪ .‬وما تزال كتبه ‪ -‬إلى حد اآلن‪ -‬تعتمد من قبل األفراد‬
‫وبعض املؤسسات التربوية والتعليمية املغربية‪ .‬والسبب في ذلك أنه كان كتابا تربويا‬
‫متميزا بصوره الرائعة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ال يمكن مجاراته إبداعيا وتربويا‪ ،‬أو مضاهاته على‬
‫‪173‬‬
‫مستوى توظيف الصور في سياقاتها القرائية والتداولية‪ ،‬وأجوائها األدبية والفنية‬
‫واإلبداعية‪ .‬ومن ثم‪ " ،‬انفرد أحمد بوكماخ في تأليف (اقرأ) بتوظيف الرسوم بكل‬
‫أشكالها وأجناسها وأنواعها‪ ،‬إذ شكلت هذه املنهجية سبقا‪ .‬ويرى أحمد الفتوح‪،‬‬
‫الناقد السينمائي ورئيس املنتدى الثقافي بطنجة‪ ،‬أنه باستثناء الصور الفوتوغرافية‬
‫التي تزين غالف األعداد‪ ،‬وظف أحمد بوكماخ الرسوم كدعامة للنصوص‪ ،‬ومكملة‬
‫لها‪ ،‬أو باعتبارها مواضيع مستقلة‪.‬‬

‫وقد استفاد بوكماخ من وظائف الصورة في تجميل النص‪ ،‬لتحفيز فضول الطفل‪،‬‬
‫وإثارة انتباهه لتحقيق متعة بصرية‪ ،‬وتشجيعه على القراءة‪ ،‬إضافة إلى توظيف‬
‫الرسوم لذاتها من خالل أسئلة حول موضوع الرسومات وشكلها‪ ،‬ثم لكونها منطلقا‬
‫للتعبير الشفوي والكتابي‪ .‬وهنا‪ ،‬تكمن الوظيفة التعبيرية واللغوية‪...‬‬

‫وتعتبر رسوم مجموعة (اقرأ) مجاال خصبا للدراسة والتحليل بالنسبة للمتخصصين‬
‫في سيميائيات الصورة‪ ،‬إذ تتجاوز عدد صفحات الكتاب الواحد ثالث مرات‪ ،‬تختلف‬
‫فيها تقنيات وأساليب إنجاز وابتكار هذه الرسوم‪.‬‬

‫لقد اشتغل أحمد بوكماخ مع الفنان التشكيلي محمد شبعة‪ ،‬والفنان املسرحي‬
‫والكاريكاتوري املرحوم أحمد الشنتوف‪ .‬وكان هذا التعاون بين الكاتب والرسام‬
‫أساسا لتأليف السلسلة وتنسيقها وإخراجها شكال ومضمونا‪ ،‬إضافة إلى تعاون‬
‫بوكماخ مع الشاعر أحمد الحرشني الذي كان يتقن عدة لغات أجنبية‪ ،‬وعمل على‬

‫‪174‬‬
‫مساعدة بوكماخ في ترجمة مجموعة من نصوص (اقرأ) من لغتها األصلية إلى‬
‫العربية"‪.130‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن أحمد بوكماخ كان سباقا إلى توظيف الصور امللونة في الكتاب‬
‫املدرس ي املغربي‪ ،‬بعد أن كانت هذه الصور مقتصرة على الكتب املصرية واللبنانية‪.‬‬
‫‪ ‬مرحلــة الصــورة الرقميـة‪ :‬لم تتبلور الصورة الرقمية في الكتاب املدرس ي إال مع‬
‫سنوات األلفية الثالثة‪ ،‬بعد انتشار الحاسوب وتعميمه تجاريا وإعالميا‪ ،‬وتطور‬
‫الثورة الرقمية والتكنولوجية‪ ،‬وتكاثر الصور في مواقع الشبكات العنقودية في‬
‫مختلف أنواعها وتشكيالتها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬أصبح عصرنا هذا عصر الثورة الرقمية بامتياز‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬ساير الكتاب املدرس ي املغربي هذه الثورة اإلعالمية الجديدة بتطعيم نصوصه‬
‫ومضامينه التعليمية‪ -‬التعلمية بمجموعة من الصور الرقمية لكي يحتك هها املتعلم‬
‫على مستوى التلقي واالستثمار والتطبيق من جهة‪ ،‬ويوظفها املدرس في بناء درسه‬
‫التعليمي عبر مختلف مقاطعه التدبيرية والتخطيطية من جهة أخرى‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن الصورة املرئية هي تمثيل محسوس للذات والعالم معا‪،‬‬
‫باستخدام العالمة البصرية التي يتحد فيها الدال واملدلول معا مع املرجع الحس ي‬
‫لتشكيل الداللة الكلية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالصورة البيداغوجية أو التعليمية هي تلك الصورة‬
‫التي تتعلق باملجال التربوي والتدريس ي‪ ،‬وتؤدي وظائف تعليمية‪ -‬تعلمية جمة‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فقد عرف الكتاب املدرس ي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور الصورة‪:‬‬

‫‪ - 130‬زهور باقي‪( :‬أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ")‪ ،‬موقع هسبريس‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫االثنين ‪ 32‬غشت ‪ 2236‬م‪.‬‬

‫‪http://hespress.com/portraits/86476.htm‬‬
‫‪175‬‬
‫مرحلة غياب الصورة‪ ،‬ومرحلة الصورة السوداء‪ ،‬ومرحلة الصورة امللونة‪ ،‬ومرحلة‬
‫الصورة الرقمية‪.‬‬

‫ويتضمن هذا الكتاب املدرس ي مجموعة من الصور املرئية منها‪ :‬الصورة التربوية‪،‬‬
‫والصورة الديدكتيكية‪ ،‬والصورة التحسيسية‪ ،‬والصورة األيقونية‪ ،‬والصورة‬
‫اإلشهارية‪ ،‬والصورة السينمائية‪ ،‬والصورة الفوتوغرافية‪ ،‬والصورة التشكيلية‪،‬‬
‫والصورة املسرحية‪ ،‬والصورة الرقمية‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن للصورة في الكتاب املدرس ي مجموعة من الوظائف‪ ،‬مثل‪ :‬الوظيفة‬


‫التربوية والديدكتيكية‪ ،‬والوظيفة التعبيرية‪ ،‬والوظيفة األداتية‪ ،‬والوظيفة التأثيرية‪،‬‬
‫والوظيفة الجمالية‪ ،‬والوظيفة املرجعية‪ ،‬والوظيفة األيقونية‪ ،‬والوظيفة الحفاظية‪،‬‬
‫والوظيفة الثقافية‪ ،‬والوظيفة السيميائية‪...‬‬

‫‪ /4‬الكتاب اإللكتروني‪:‬‬

‫يمكن أن يستفيد املدرس واملتعلم على حد سواء من ثمرات الكتب اإللكترونية‬


‫والرقمية بغية التخفيف من عبء املحفظة التي تثقل كاهل املتعلم بمجموعة من‬
‫الكتب والكراريس واألدوات املدرسية‪ ،‬وتعويضها بكتاب رقمي وإلكتروني واحد ‪ ،‬في‬
‫شكل لوحة (‪ )Tablette‬تشمل جميع املواد الدراسية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يسهل حملها من مكان‬
‫إلى آخر‪.‬‬

‫ومن إيجابيات هذا الكتاب أنه يسهم في الحفاظ على البيئة بحماية األشجار من‬
‫عملية التقطيع لكيال تتحول الجذوع واألغصان والفروع إلى أوراق وملفوفات‬
‫لصناعة الكتب املدرسية‪ .‬بيد أن هذا الكتاب ‪ ،‬لو عممناه على التالميذ كافة‪،‬‬
‫سيكلف الدولة ميزانية ضخمة التستطيع تحمل نفقاتها ‪ .‬فضال عن كون هذا الكتاب‬

‫‪176‬‬
‫اآللي يعوق فعل القراءة املثالية‪ ،‬ويسبب مشاكل الحصر لها كإإلدمان وإرهاق الدماغ‬
‫والبصر‪.‬‬

‫‪ /5‬إيجابيات الكتاب املدرس ي وسلبياته‪:‬‬


‫للكتاب املدرس ي إيجابيات وسلبيات‪ .‬فمن إيجابيات الكتاب املدرس ي أنه يساعد‬
‫املدرس على تخطيط دروسه وتدبيرها وتنفيذها وتقويمها بطريقة تقنية عقالنية‬
‫واضحة‪ ،‬ومنظمة‪ ،‬وسهلة‪ ،‬ومبرمجة‪ .‬كما يسعف املدرس في توجيه املتعلمين عبر‬
‫التمارين واألنشطة الصفية التي يحويها الكتاب‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يتضمن هذا الكتاب عناوين املقرر بشكل مفصل ومجسد‬
‫بواسطة النصوص والوحدات والدروس والحلقات التعلمية‪ ،‬ويراعي مبادىء املنهاج‬
‫والبرنامج واملقرر على حد سواء‪ ،‬ويحترم ضوابط التشريع التربوي في عدم الخروج عن‬
‫هذا الكتاب الذي قد يكون وثيقة عامة تسري على جميع تالميذ الوطن وطلبته‬
‫توحيدا وإجبارا وتعميما وإلزا ما بغية االستعداد لالمتحانات املوحدة أو شبه املوحدة‪.‬‬
‫و" إن إهمال الكتب املدرسية اهماال تاما فيه إهمال للتراث الثقافي والتجارب التي‬
‫حصل عليها الجنس البشري عبر القرون‪ ،‬واشترك فيها علماء وفالسفة في مختلف‬
‫العصور والبيئات ونحن ال يمكننا أن نغض الطرف عن هذا امليراث‪ ،‬ونترك للطفل‬
‫مهمة إعادة تحصيله‪"131.‬‬
‫ً‬
‫وأكثر من هذا يتعرض املدرس للنسيان مهما كانت قدراته العقلية‪ .‬إذا‪ ،‬فالبد من‬
‫االستعانة بالكتاب املدرس ي الذي يستعمله التلميذ أيضا في املراجعة‪ ،‬وتذكر‬
‫القواعد‪ ،‬وإنجاز التمارين واالمتحانات واالختبارات‪ ،‬ويتخذه كذلك وسيلة للمناقشة‬

‫‪ -131‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬املوجزفي التربية وعلم النفس‪ ،‬ص‪.76:‬‬


‫‪177‬‬
‫والحوار وإعداد الدروس‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالكتاب املدرس ي وسيلة تعليمية مهمة يستغلها‬
‫املعلم الكفء إلى جانب الوسائل األخرى كوسائل اإليضاح والرحالت والسبورة‪ .‬عالوة‬
‫على ذلك‪" ،‬يشتمل الكتاب املدرس ي إذا أحسن تأليفه وإخراجه على الكثير من وسائل‬
‫اإليضاح كالصور والرسوم والخرائط‪ .‬وكذلك يتضمن الكثير من التمارين التطبيقية‪.‬‬
‫ويحتوي الكتاب املدرس ي على الحد األدنى من املعلومات التي يجب أن يحصل عليها‬
‫كل تلميذ استعدادا لالمتحان‪ ،‬ويمكن للمعلم أن يكيف طريقة تدريسه وفقا لظروفه‬
‫وإمكانياته‪ ،‬وأن يزود تالميذه بما يراه ضروريا من املعلومات‪.‬‬
‫والبد من وجود مذكرة في أيدي التالميذ للرجوع إليه عند الحاجة‪ ،‬فاإلنسان عرضة‬
‫للنسيان والكتاب املدرس ي خير وسيلة لتأدية هذه املهمة‪"132.‬‬
‫وال ينبغي للمدرس االلتزام بالكتاب املدرس ي حرفيا على مستوى تدريس النصوص ‪،‬‬
‫وتطبيق األنشطة التطبيقية التعلمية بحذافيرها؛ بل يمكن أن يتصرف فيها ويجتهد‬
‫قدر اإلمكان باختيار النصوص التي تتالءم مع سن املتعلم ورغبته والهدف الذي‬
‫انطلق منه املدرس‪.‬‬
‫وغالبا‪ ،‬ما تكون املناهج التربوية ‪ ،‬ببرامجها ومقرراتها ومحتوياتها الدراسية ‪ ،‬سببا في‬
‫األخطاء التي يرتكبها املدرس واملتعلم معا؛ بسب غياب فلسفة تربوية واضحة‪ ،‬أو‬
‫وجود أخطاء معرفية كثيرة في املنهاج الدراس ي بصفة عامة‪ ،‬والبرنامج واملقرر‬
‫والكتاب املدرس ي بصفة خاصة‪ .‬ويعني هذا أن املدرس قد يوصل إلى املتعلم أخطاء‬
‫معرفية ومنهجية وتقنية سببها املحتويات واملضامين التي يعج هها املنهاج الدراس ي‪ .‬و‬
‫ليس هناك مراقبة للكتاب الدراس ي وتتبع تقويمي له‪ .‬وأكثر من هذا ليس هناك‬
‫مراجعون لهذه الكتب قصد تصحيح هذه األخطاء ومعالجتها‪ ،‬وتنبيه املؤلفين‬
‫‪ -132‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32-76:‬‬
‫‪178‬‬
‫واملطابع إلى إعادة النظر فيها بالتصحيح واملعالجة‪ .‬ويستحيل أن نجد كتابا مدرسيا‬
‫من االبتدائي نحو التعليم العالي خاليا من األخطاء املطبعية‪ ،‬واملعرفية‪ ،‬والصرفية‪،‬‬
‫واإلمالئية‪ ،‬والتركيبية‪ ،‬واملنهجية‪...‬ومن هنا‪ ،‬تتسرب هذه األخطاء كلها إلى املتعلم‪،‬‬
‫ويتعلمها على أنها صحيحة‪ ،‬ويقينية‪ ،‬وحقيقية‪.‬‬

‫‪ /6‬اقتراحات وتوصيات‪:‬‬
‫من أجل الحصول على الجودة التربوية البد أن توفر الوزارة الكتب املدرسية جميعها‬
‫في الوقت املناسب وبأثمان معقولة‪ .‬ومن املؤكد عليه أيضا أن تتالءم كثافة‬
‫املحتويات مع السياق الزمني للسنة الدراسية وإيقاعها املقنن‪ .‬ومن الضروري كذلك‬
‫أن يعاد النظر في بعض الكتب ذات الكم الهائل ‪ ،‬والسيما في مجاالت‪ :‬العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬والفيزيائية‪ ،‬والكيميائية‪ ،‬والرياضيات‪ ،‬واالجتماعيات‪ ،‬والتربية‬
‫اإلسالمية‪...‬‬

‫ونرى أنه من الالزم تغيير املقررات الدراسية مع تغير األوضاع االجتماعية‬


‫واالقتصادية والثقافية قصد مواكبة املستجدات املوجودة في الساحة العلمية‬
‫والفنية واألدبية والتقنية‪.‬‬

‫ويالحظ كذلك أنه من األفضل أن تتغير املؤلفات األدبية والفنية في التعليم الثانوي‬
‫التأهيلي كل أربع سنوات من أجل تفادي امللل والتكرار والروتين‪ ،‬والسيما في شعبتي‬
‫اللغة العربية والفرنسية‪.‬والبد أن تتأسس الكتب املدرسية على معايير الحداثة‬
‫واملعاصرة‪ ،‬وجودة املحتويات والشكل واإلخراج املطبعي امللون‪ ،‬مراعين‪ ،‬في ذلك‪،‬‬
‫شروط التلقي والتقبل‪ ،‬وسيكولوجية القراءة‪ ،‬والبعد االجتماعي‪ ،‬وسيميولوجيا‬
‫التواصل‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫ومن الحضاري كذلك أن يكون هناك تنوع في الكتب املدرسية والكتب املوازية بشرط‬
‫أن تستجيب لشروط دفتر التحمالت التي تفرضها وزارة التربية والتعليم‪ ،‬وتكون‬
‫مصححة ومنقحة‪ ،‬و تدقق في مفاهيمها ومصطلحاتها العلمية املتفق عليها دوليا‪،‬‬
‫ووطنيا‪ ،‬وعلميا‪ ،‬ومؤسساتيا‪ ،‬ولسانيا‪ .‬وهنا‪ ،‬البد كذلك من توحيد اللجان التي تضع‬
‫الكتب املدرسية لكي ال يقع نشاز بينها أوعدم التكامل والتنسيق مخافة من التناقض‬
‫املنهجي أو املعرفي أو التدريس ي‪.‬ومن املفيد مرجعيا وعلميا أن نسترشد بكتب محلية‬
‫وجهوية تطبيقا لشعار الوزارة‪ :‬الجودة‪/‬الجهوية‪/‬القرب‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬لن تعطي العملية التربوية ثمارها إال إذا ألزمنا تالمذتنا بإحضار‬
‫الكتب املدرسية سيما مع ندرة الوسائل الديدكتيكية‪ .‬والبد أن ننبه إلى أمر مهم يتمثل‬
‫في ترك الحرية لألستاذ الختيار كتاب املقرر املناسب مراعيا مستوى الفئة املدرسية‬
‫املستهدفة‪ .‬عالوة على ضرورة تنويع املصادر في تيهيء املادة املعرفية لنجاح العملية‬
‫الديدكتيكية داخل الفصل الدراس ي‪.‬‬

‫وما ينبغي أن نشير إليه أيضا أن تكون هذه الكتب املدرسية ذات محتويات حيوية‬
‫وديناميكية مرتبطة بالفضاء الذي يعيش فيه التلميذ‪ ،‬ومواكبة للمستجدات في‬
‫ميدان اإلعالم والتواصل واإلحصاء‪ ،‬كما هو الشأن في املواد االجتماعية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫تراعي هذه الكتب واملقررات ميول التلميذ وأهوائه وقيمه الوطنية والدينية‬
‫والحضارية‪ ،‬وتبتعد ‪ -‬قدر اإلمكان‪ -‬عن تكريس إيديولوجيات معينة؛ بل عليها أن‬
‫تكون ذات محتويات إنسانية عادلة‪ ،‬وذات أبعاد اجتماعية ديموقراطية‪ .‬فضال عن‬
‫ذلك‪ ،‬تكون متماثلة مع أهداف املنهاج وفلسفة الكفايات‪ ،‬و تكون محتويات هذه‬
‫الكتب عبارة عن وضعيات وسياقات تربوية قابلة للتقويم واالختبار‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬يعد الكتاب املدرس ي وثيقة تربوية وديدكتيكية وتدريسية مهمة‬
‫تساعد املدرس واملتعلم على حد سواء في بناء الدروس والتعلمات‪ .‬ويعد أيضا وعاء‬
‫يجمع مجموعة من املجزوءات واملكونات والوحدات واملجاالت الدراسية التي ينبغي‬
‫للمتعلم االطالع عليها قصد تحضير دروسه وتهييئها وإعدادها بغية تحقيق األهداف‬
‫املرجوة من العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن كتاب مدرس ي‬
‫ورقي من جهة‪ ،‬وكتاب إلكتروني من جهة أخرى‪ ،‬ولكل كتاب إيجابيات وسلبيات ‪.‬‬
‫واليمكن الحديث عن كتاب مدرس ي حقيقي إال إذا روعيت فيه مواصفات الجودة‪،‬‬
‫والتميز‪ ،‬واالختيار‪ ،‬والتنويع‪ ،‬والتجديد‪ ،‬والتطوير‪...‬‬

‫‪:‬‬ ‫خامسا‪،‬املجزوءة الدراسية‬


‫يعد التعليم باملجزوءات أو املجزآت) ‪)Approche Modulaire‬من أهم مظاهر‬
‫التحديث التربوي املعاصر بغية إيجاد الحلول الناجعة للفشل الدراس ي والالتجانس‬
‫الفصلي والهدر املدرس ي‪ ،‬ومعالجة ظاهرة العزوف عن الدراسة والبطالة املتفشية في‬
‫معظم الدول العالم الثالث‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬جرب املغرب عدة نظريات تربوية مستنسخة عن الغرب قصد استنباتها في‬
‫الواقع التربوي املغربي‪ ،‬مثل‪ :‬نظرية فريديريك هربارت‪ ،‬ونظرية جان بياجي ‪،‬‬
‫والنظريات اللسانية‪ ،‬ونظرية مشروع املؤسسة‪ ،‬ونظرية الشراكة البيداغوجية ‪،‬‬
‫ونظرية الجودة التربوية‪ ،‬ونظرية األهداف ‪ ،‬ونظرية الكفايات واملجزوءات‪...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما املجزوءات لغة واصطالحا؟ وما الفرق بين التعليم املوسوعي والتعليم‬
‫باملجزوءات؟ وما سياق نظرية املجزوءات؟ وما مرجعياتها النظرية والتطبيقية؟ وما‬
‫مرتكزات هذا التعليم الجديد وأهدافه؟ وما هيكلة املجزوءة وأنواعها؟ وكيف يمكن‬

‫‪181‬‬
‫إعداد الدروس والبرامج واملناهج في ضوء املجزوءات؟ وما أهم االنتقادات املوجهة إلى‬
‫التعليم باملجزوءات؟‬

‫‪ /1‬املجزوءة لغة واصطالحا‪:‬‬


‫ترجمت كلمة ( ‪ )Module‬الفرنسية باملجزوءة‪ ،‬أو املصوغة‪ ،‬أو الوحدة‪ ،‬أو‬
‫) بالتعليم‬ ‫املنظومة‪ ...‬كما ترجمت عبارة ( ‪L’enseignement modulaire‬‬
‫باملجزوءات‪ .‬وتشتق كلمة املجزوءة من فعل جزأ الذي يعني القطع والتقسيم‪.‬‬
‫وينسجم هذا املفهوم مع مدلول ( ‪ ) module‬الذي يعني تقسيم السنة الدراسية إلى‬
‫مجزوءات إدماجية فصلية‪ ،‬ووحدات تربوية معينة‪ ،‬يمكن تقسيمها ‪ -‬بدورها ‪ -‬إلى‬
‫وحدات ومقاطع وفضاءات وحلقات قصد تحقيق مجموعة من الكفايات املسطرة‬
‫ملواجهة وضعيات سياقية‪ ،‬تستلزم من املتعلم إظهار قدراته الذاتية وكفاءاته‬
‫الفردية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬الينسجم مصطلح مجزوءة صرفيا مع الفعل الرباعي في اللغة‬
‫العربية أال وهو جزأ الذي ينبغي أن تشتق منه كلمة مجزأة أو مجزآت‪ .‬وسنتعامل مع‬
‫كلمة املجزوءة الشائعة ‪ ،‬على الرغم من عدم صحتها الصرفية‪ ،‬مادامت وزارة التربية‬
‫الوطنية قد أقرت هذا املصطلح في امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ووظفته أيضا في‬
‫الكتاب األبيض‪ ،‬كما استعمل في الكثير من األدبيات التربوية والدراسات‬
‫البيداغوجية‪. 133‬‬

‫أما املجزوءة اصطالحا ‪ ،‬فهي مجموعة من املواد املنسجمة‪ ،‬أو مجموع الوحدات‬
‫التعليمية في مجاالت متكاملة‪ .‬وتعرفها فيفيان دوالندشير ( ‪Viviane De Land‬‬
‫‪ ) Sheere‬بأنها"وحدة معيارية أو شبه معيارية تدخل في تأليف كل متكامل (منهاج)‪،‬‬

‫‪ -133‬ميلود التوري‪ :‬تدبير املجزوءات لبناء الكفايات‪،‬مطبعة سوماڰرام‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪.2223‬‬
‫‪182‬‬
‫قابلة لإلدراك والتعديل والتكييف‪ ،‬فهي كفيلة ببناء برنامج دراس ي على القياس‬
‫املطلوب‪". 134‬‬

‫ويعرفها روجيه فرانسوا غوتييه (‪)Roger François Gautier‬بأنها "تنظيم خاص‬


‫لجزء من التدريس بالتعليم الثانوي"‪. 135‬‬

‫ويعرفها كذلك املجلس الوطني للبرامج بفرنسا ))‪ )CNP‬بأنها" وحدة تعليمية نوعية أو‬
‫مستعرضة‪ ،‬تختار موضوعاتها من طرف األساتذة‪ ،‬انطالقا من معايير يحددونها بعد‬
‫التنسيق والتشاور فيما بينهم داخل فريق تربوي ‪"136.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن املجزوءة عبارة عن وحدات دراسية فصلية‪ ،‬يتم تقطيعها إلى مواد‬
‫ومجزوءات صغرى بينها عالقات تكامل واندماج وترابط عضوي سواء داخل مسلك‬
‫أم سلك دراس ي من أجل تنظيم الحياة املدرسية‪ ،‬وخلق القدرات الكفائية لدى‬
‫املتعلم من أجل مواجهة كل الوضعيات املحتملة التي يصادفها في الواقع الذي يعيش‬
‫فيه املتمدرس‪.‬‬

‫‪ /2‬التعليم املوسوعي والتعليم املجزوئي‪:‬‬


‫يرتكز التعليم املوسوعي على املدرس باعتباره صاحب سلطة معرفية يقدمها للتلميذ‬
‫جاهزة بواسطة مجموعة من األسئلة التي تستوجب الحفظ والتقليد والتكرار‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه‪ ،‬اليستطيع أن يواجه ما يتعرضه من املواقف‬
‫املستجدة‪ ،‬أو يلبي طلبات املقاوالت الحديثة ؛ ألنه اليملك الكفاءات واملهارات املهنية‬
‫‪134 - Viviane De Land Sheere: L' éducation et la formation. P.U.F, 1987, p: 167.‬‬

‫‪ -135‬عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي‪ :‬املجزوءات‪،‬منشورات عالم التربية‪،‬الطبعة األولى‪2226 ،‬‬
‫م‪،‬ص‪.33:‬‬
‫‪136 - Françoise Clairc: Enseigner en Modules, Hachette, 1992, P.10.‬‬

‫‪183‬‬
‫و املنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية؛ بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن‬
‫التأقلم والتكيف مع مستجدات الواقع االقتصادي الجديد ‪.‬تبقى معارفه نظرية‬
‫مجردة غير وظيفية‪ ،‬تنقصها املمارسة والخبرات التجريبية ‪.‬ويكون االهتمام ‪ ،‬في‬
‫التعليم املوسوعي‪ ،‬بالكم على حساب الكيف‪ ،‬ويلتجئ املدرس إلى التحفيز السلوكي‬
‫امليكانيكي من خالل االسترشاد بثنائية الحافز واالستجابة لتوجيه دفة القسم؛ مما‬
‫ينتج عنه ردود أفعال التالميذ السلبية‪ ،‬ونفورهم من القسم النعدام األنشطة الذاتية‬
‫والخبرات الفردية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينكمشون على أنفسهم خوفا أو خجال أو جهال بما يعطى‬
‫لهم من دروس ومعارف كمية يصعب اإلحاطة هها في سنة كاملة‪.‬‬

‫أما التعليم املجزوئي‪ ،‬فهو تعليم قائم على املقاربة بالكفايات التي تستهدف البحث عن‬
‫القدرات الكفائية لدى املتعلم بوضعه في وضعيات معقدة أو أقل تعقيدا‪ .‬والغرض‬
‫من ذلك هو اختبار أدائه السلوكي‪ ،‬وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل‬
‫الواقع املحيطة به‪ .‬و يراعي هذا التعليم الفوارق الفردية‪ ،‬وينكب على ظاهرة‬
‫الالتجانس بدراسة كل حالة فردية‪ ،‬ودعم كل متعلم ‪ ،‬وتحفيزه على إبراز قدراته‬
‫وميوله واستعداداته سواء في حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ؛ألن‬
‫املقياس ‪ -‬هنا‪ -‬ليس هو الدرس الذي ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم‬
‫املوسوعي؛ بل الحلقة الديدكتيكية املتوالية التي تمتد عبر حصتين فأكثر ‪.‬‬

‫ويقدم التعليم املجزوئي املقرر الدراس ي في شكل مجزوءات ووحدات دراسية‪ ،‬تصغر‪-‬‬
‫بدورها ‪ -‬في إطار مقاطع وحلقات وخبرات مرتبطة بكفايات نوعية أو شاملة أو ممتدة‬
‫قصد التدرج باملتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية‪ .‬ويتم التركيز‪ ،‬في هذا النوع‬
‫من التعليم‪ ،‬على الكيف واملتعلم ؛ ألن املدرس مجرد وص ي أو مرشد ليس إال‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫تصبح الدروس خبرات وممارسة كيفية ومهارات وقدرات معرفية ووجدانية وحركية‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫أي‪ :‬إن املتعلم هو الذي يكون نفسه بنفسه‪ ،‬ويتعلم كيف يبحث ويفكر وينظم ما‬
‫يبحث عنه منهجيا ووظيفيا‪.‬إن التعليم باملجزوءات‪ -‬كما يرى الباحث املغربي محمد‬
‫الدريج‪"-‬يروم بناء الكفايات لدى التلميذ‪ ،‬على اعتبار أن الكفايات هي قدرات شاملة‬
‫ودينامية (نشطة)‪ ،‬والتي اليمكن اختزالها في الئحة تحليلية من املحتويات‪ ،‬إنها‬
‫تشكيلة( تركيبة) ذكية من املعارف واملهارات واالتجاهات‪ .‬فأن نكون أكفاء ال يعني أن‬
‫نملك جملة من املعلومات واملهارات‪ ،‬فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن نكون قادرين‬
‫على تجنيد تلك املعلومات واملهارات‪ ،‬وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكالت‪ ،‬أي‬
‫أن نكون فعالين ومنتجين في وضعيات محددة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬يصير بناء الكفايات ههذا املعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا‪ .‬فيكون من‬
‫أولويات نشاط املدرسين مساعدة املتعلمين‪،‬لكن على املتعلمين مساعدة أنفسهم في‬
‫التعلم والتكوين الذاتي‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن التعليم باملجزوءات يستدعي املتعلم كمسؤول‬
‫ويتعامل معه كمدبر لتكوينه ‪.137".‬‬

‫ويعني هذا كله أن التعليم باملجزوءات قد ارتبط ارتباطا وثيقا باملقاربة بالكفايات‬
‫وبيداغوجيا اإلدماج‪.‬‬

‫‪ /3‬مرتكزات التعليم املجزوئي ومقوماته‪:‬‬


‫يستند التعليم املجزوئي إلى مجموعة من املقومات األساسية التي يمكن حصرها في‬
‫العناصر التالية‪:‬‬

‫‪‬ينبني هذا التعليم على بيداغوجيا الكفايات والوضعيات‪.‬‬

‫‪ -137‬محمد الدريج‪:‬الكفايات في التعليم‪ ،‬منشورات سلسلة املعرفة للجميع‪ ،‬شتنبر ‪ ،2227‬ص‪.237:‬‬


‫‪185‬‬
‫‪‬يحترم خصوصيات التالميذ وحاجياتهم من املعرفة واملهارة والخبرة‪ ،‬ويراعي‬
‫فوارقهم الفردية ومشاريعهم الشخصية‪...‬‬

‫‪‬يستفيد من البيداغوجيا الفارقية ومن تفريد التعليم‪.‬‬

‫‪‬يركز على املتعلم ويشجعه على إظهار قدراته ومهاراته وكفاءاته املضمرة وغير‬
‫املضمرة قصد إعداده ملواجهة وضعيات الواقع املعقدة‪.‬‬

‫‪‬يوزع املقررات الدراسية إلى مجزوءات فصلية أو دورية في شكل وحدات ديدكتيكية‬
‫وبيداغوجية‪ ،‬ويقطعها إلى حلقات دراسية نوعية أو عامة بطريقة متكاملة ومندمجة‬
‫في بؤرة منصهرة ووحدة تربوية عضوية‪.‬‬

‫‪‬يقوم على التعلم الذاتي‪ ،‬والتكوين املستمر‪ ،‬ومد الجسور بين املراحل التعليمية‪.‬‬
‫‪‬ينظم الدروس والحلقات والوحدات الدراسية في شكل كفايات مستهدفة‪،‬‬
‫وقدرات‪ ،‬ومهارات‪ ،‬وخبرات معرفية ومنهجية وتواصلية وتقنية وثقافية( يعني أنه‬
‫يأخذ بمدخل الكفايات في التدريس)‪.‬‬

‫‪‬يحول الدروس والبرامج واملقررات إلى وضعيات إشكالية وأسئلة للبحث‬


‫والتنشيط‪ ،‬تتدرج من البسيط إلى املعقد‪ ،‬بتنويع هذه الوضعيات في شكل أنشطة‬
‫وأعمال وأبحاث‪ ،‬واستقراء للوسائل البصرية والسمعية واملراجع املدرسية‪.‬‬

‫‪‬يقسم متعلمو الفصل إلى مجموعات من التالميذ كفريق تربوي جماعي تعاوني‪ ،‬أو‬
‫يتعامل مع التالميذ كأفراد بتحفيزهم على ترجمة قدراتهم ومهاراتهم الدفينة املضمرة‬
‫إلى أفعال وأداءات إنجازية مرصودة بالتقويم واملالحظة والقياس‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫‪‬يهدف إلى تمهير املتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا بقدرات كفائية ملواجهة الواقع‬
‫ووضعياته اإلشكالية‪.‬‬

‫‪ -11‬يعتمد على مرونة التعلم‪ ،‬واملنهاج املندمج‪ ،‬والتكامل بين األسالك واملسالك‬
‫واألقطاب الدراسية‪ ،‬في إطار شمولي نوعي وعام وممتد‪.‬‬

‫‪ -12‬يهدف إلى خلق مدرسة إبداعية قوامها التمكن من آليات التقدم والتكنولوجيا‬
‫بعيدا عن التقليد وقوانين إعادة اإلنتاج‪ ،‬وتكريس القيم املحافظة‪.‬‬
‫‪ /4‬سي ــاق التعلي ــم املجزوئي‪:‬‬
‫ظهرت تجربة املجزوءات ألول مرة ‪ -‬باعتبارها ممارسة بيداغوجية‪ -‬في كندا بغية‬
‫مواجهة ظاهرة الالتجانس الفصلي واملتعدد الرتب والدرجات‪ ،‬أوما يسمى بالقسم‬
‫املشترك الذي ينتشر كثيرا في القرى‪ ،‬والسيما في أفريقيا‪ ،‬وأمريكا‪ ،‬وأوروبا‪ .‬وكان الحل‬
‫هو التفكير في التدريس باملجزوءات الكفائية قصد الخروج من هذا اإلشكال الذي‬
‫يثيره تعدد املستويات مقارنة بالقسم "املفردن"‪ .‬وقد انتقلت التجربة إلى فرنسا في‬
‫التسعينيات لحل مشكلة الفشل الدراس ي في الثانويات الفرنسية‪ ،‬بعد أن استقطبت‬
‫هذه املؤسسات التعليمية متعلمين من جذور وأصول عرقية واجتماعية وثقافية‬
‫مختلفة ‪ .‬وفي سنة‪3662‬م‪ ،‬ارتأت وزارة التربية الوطنية الفرنسية العمل‬
‫باملجزوءات )‪ (MODULES‬بغية مواجهة األزمات التي بدأ يتخبط فيها التعليم‬
‫الفرنس ي‪ ،‬بعد أن أمض ى سنين طويلة في تطبيق البيداغوجيا الفردية والفارقية‪.‬‬
‫ويشكل الالتجانس بين التالميذ والفشل الدراس ي من األسباب الرئيسة التي دفعت‬
‫وزير التربية الفرنس ي ليونيل جويسبان( ‪ ) Lynonnele Juspin‬لينادي إلى تنويع مسالك‬

‫‪187‬‬
‫التكوين بين العام والتقني واملنهي‪ ،‬واإلفادة في ذلك من التعليم املجزوئي‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يقول في إحدى ندواته الصحفية سنة‪3663‬م‪:‬‬

‫" إن مساعدة املتعلمين بالنسبة لنا هي أول جواب مستعجل عن سؤال الالتجانس‪،‬‬
‫وهو جواب قابل للتطبيق الفوري في النظام التربوي الحالي‪ .‬والذي يتحمل مسؤولية‬
‫هذه املساعدة هم املدرسون دون غيرهم إن أردنا أن نضمن جودة التعليم‪ ،‬فالدروس‬
‫الخصوصية التي يتكفل هها الراغبون والقادرون من اآلباء لن تلعب وحدها هذا الدور‪.‬‬
‫وللوصول إلى هذا املبتغى البد من تطوير البنيات البيداغوجية للتعليم الثانوي‪،‬‬
‫فباملجزوءة نكون قد قدمنا إطارا بيداغوجيا أكثر مرونة وفضاء جديدا لحرية تصرف‬
‫املدرسين "‪.138‬‬

‫وقد انتقلت التجربة إلى املغرب الذي أكد‪ ،‬بدوره ‪ ،‬ضرورة االعتماد على املقاربة‬
‫باملجزوءات في امليثاق الوطني للتربية والتكوين عندما نص‪ ،‬إبان حديثه عن البرامج‬
‫واملناهج‪ ،‬على مراعاة املرونة الالزمة للسيرورة التربوية‪ ،‬وقدرتها على التكيف بتجزيء‬
‫املقررات السنوية إلى وحدات تعليمية‪ ،‬يمكن التحكم فيها على مدى فصل بدل السنة‬
‫الدراسية الكاملة إال عند االستحالة‪ ،‬والحفاظ على التمفصل واالنسجام اإلجمالي‬
‫لكل برنامج‪ ،‬بمراعاة األهداف املميزة لكل مرحلة من مراحل التعليم والتعلم التي‬
‫يعنيها‪ .‬كما نص امليثاق الوطني على وضع برامج تعتمد نظام الوحدات املجزوءة‬
‫انطالقا من التعليم الثانوي لتنويع االختيارات املتاحة‪ ،‬وتمكين كل متعلم من ترصيد‬
‫املجزوءات التي اكتسبها‪ ،‬وتوزيع مجمل الدروس ووحدات التكوين واملجزوءات من‬
‫التعليم األولي إلى التعليم الثانوي على ثالثة أقسام متكاملة‪:‬‬

‫‪138 -Viviane De Land Sheere: L’éducation de la formation,p : 27.‬‬

‫‪188‬‬
‫‪ ‬قسم إلزامي على الصعيد الوطني في حدود ‪ 42‬في املائة من مدة التكوين بكل‬
‫سلك؛‬

‫‪‬قسم تحدده السلطات التربوية الجهوية ‪ ،‬بإشراك املدرسين في حدود ‪ 33‬في املائة‬
‫من تلك املدة‪،‬وتتضمن بالضرورة تكوينا في الشأن املحلي وإطار الحياة الجهوية؛‬

‫‪‬عدد من االختيارات تعرضها املدرسة على اآلباء واملتعلمين الراشدين في حدود‬


‫حوالي‪ 33‬في املائة ‪ ،‬وتخصص إما لساعات الدعم البيداغوجي لفائدة املتعلمين‬
‫املحتاجين لذلك‪ ،‬وإما ألنشطة مدرسية موازية وأنشطة للتفتح بالنسبة للمتعلمين‬
‫غير املحتاجين للدعم‪. 139‬‬

‫وينتظم التدريس باملؤسسات الجامعية كذلك في مسالك وأسالك ومجزوءات‪ ،‬ويتوج‬


‫بشهادات وطنية ‪ ،‬وتحصل املجزوءات بالتقييم املنتظم‪ ،‬وترصيد املكتسب منها ‪.‬‬

‫وقد ساير الكتاب األبيض ما ذهب إليه امليثاق الوطني للتربية والتكوين حينما دعا إلى‬
‫استبدال السنة الدراسية‪ ،‬في التعليم الثانوي‪ ،‬بدورات فصلية قائمة على تدريس‬
‫املجزوءات ‪ .‬ويضم التعليم الثانوي التأهيلي ست دورات تدرس فيها مجزوءات‬
‫إجبارية(االمتحان الوطني) ومجزوءات اختيارية(االمتحان الجهوي)‪،‬مع العلم أن كل‬
‫مجزوءة تتكون من ثالثين ساعة ‪.‬أما السنة الدراسية‪ ،‬فتضم أربعة وثالثين أسبوعا‬
‫و‪ 3222‬إلى ‪ 3222‬ساعة دراسية‪ .‬كما يضم اإلعدادي ست دورات دراسية على غرار‬
‫التعليم الثانوي‪ .‬وقد أشار الكتاب األبيض أيضا إلى عدة أقطاب وشعب ومسالك‪،‬‬

‫‪ -139‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪،‬‬
‫ص‪.70-74:‬‬
‫‪189‬‬
‫مثل‪ :‬قطب التعليم األصيل‪ ،‬وقطب اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬وقطب الفنون‬
‫والرياضة‪ ،‬وقطب العلوم‪ ،‬وقطب التكنولوجيات ‪.‬‬

‫وقد بدأ املغرب في تنفيذ نظام الوحدات واملصوغات في السلك الثانوي التأهيلي‪،‬‬
‫فوضع البرامج واملناهج الدراسية‪ ،‬وقد فعل املقاربة باملجزوءات انطالقا من املوسم‬
‫الدراس ي ‪ 2227/2226‬بتغيير الكتب املدرسية‪ ،‬وتجديد هيكلتها وطرائق عرضها‪.‬‬

‫‪ /5‬مرجعيات التعليم املجزوئي‪:‬‬


‫يبدو أن للتعليم املجزوئي مرجعيات وإحاالت مختلفة ومتنوعة يمكن اختزالها في‬
‫املؤثرات التالية‪ :‬املقاربة بالكفايات‪ ،‬والبيداغوجيا الفارقية‪ ،‬والالتجانس والفشل‬
‫الدراس ي‪ ،‬و اللسانيات التوليدية التحويلية التي تتبنى املقاربة اإلدراكية الفطرية التي‬
‫تعترف بالقدرات الوراثية للمتكلم املستمع التي تسمح بتوليد جمل المتناهية العدد‪،‬‬
‫بتحويل الكفاءة للبنى العميقة إلى بنى سطحية‪ ،‬و الفلسفة الدكارتية التي تؤكد أهمية‬
‫البنى الذهنية الرياضية واملنطقية في معرفة الحقيقة‪ ،‬وأن ماهو عقلي فطري وراثي‬
‫سابق على ماهو تجريبي خارجي‪ ،‬والسيكولوجيا املعرفية واإلدراك‪ ،‬و فكر املقاولة‬
‫الذي كان دائما ومازال يستوجب تمهير املتعلمين باملهارات‪ ،‬وتسليحهم بالقدرات‬
‫والكفاءات النوعية واملمتدة واملتخصصة‪ .‬فضال عن ظاهرة العوملة ‪ ،‬ثم االقتصاد‬
‫ال تنافس ي الذي يستلزم الطاقات البشرية املؤهلة ذات الكفاءات العالية‪ ،‬وذات‬
‫املهارات املتنوعة والقدرات الفائقة‪.‬‬

‫‪ /6‬بنية املجزوءة و أنواعها‪:‬‬


‫تستند بنية املجزوءة التربوية والتعليمية إلى ثالثة عناصر أساسية ‪ ،‬يمكن حصرها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪190‬‬
‫‪‬املدخالت ‪ :‬تستهدف تسطير مجموعة من الكفايات املزمع تحقيقها في شكل‬
‫أهداف إجرائية سلوكية قبل الدخول في مسار تعلمي‪ ،‬أو تنفيذ مجزوءة دراسية‪،‬‬
‫بوضع امتحان تشخيص ي قبلي في شكل الوضعيات ‪-‬األسئلة‪.‬‬

‫‪ ‬الهيك ــل ‪:‬يقسم املقرر إلى مجزوءات دراسية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تجزأ إلى وحدات‬
‫ديدكتيكية ومتواليات‪ ،‬أو حلقات تعلمية‪ ،‬تساعد املتعلم على التعلم الذاتي‬
‫والتكوين املستمر في شكل فردي أو جماعي‪.‬‬

‫‪‬املخرجات‪ :‬هنا‪ ،‬نتحقق من نجاعة القدرات والكفاءات التي أنجزها املتعلم‬


‫وأداها في أثناء سيرورة التعلم‪ .‬وهذا التقويم تشخيص ي ومرحلي ونهائي‪.‬‬

‫أما عن أنواع املجزوءات‪ ،‬فهناك مجزوءات إجبارية ‪ ،‬ومجزوءات إجبارية تكميلية‪،‬‬


‫ومجزوءات اختيارية‪.‬‬

‫ويمكن أن تكون املجزوءة‪ ،‬في إطار سيرورتها اإلنجازية ‪ ،‬مجزوءة نوعية‪ ،‬أو مجزوءة‬
‫مستعرضة ممتدة‪ .‬ويمكن تصنيفها أيضا إلى مجزوءات تنظيمية ترتبط بالخبرة وما‬
‫يتم تعلمه ذاتيا كاملجزوءات اإلجبارية واالختيارية والتكميلية‪ ،‬ومجزوءات‬
‫ديدكتيكية ترتبط بمحتويات املرجع الدراس ي‪ ،‬مثل‪ :‬الكتاب املدرس ي‪ ،‬والوثائق‬
‫السمعية والبصرية‪.‬‬

‫‪ /7‬كيف ندرس بواسطة التعليم املجزوئي‪:‬‬


‫عند وضع البرامج واملناهج واملقررات الدراسية السنوية ‪ ،‬البد من تقسيمها حسب‬
‫الفصول الدراسية‪ ،‬أو الدورات الفصلية‪ ،‬أو في شكل مجزوءات دراسية‪ ،‬تتضمن‬
‫وحدات دراسية نوعية‪ ،‬تنقسم ‪ -‬بدورها‪ -‬إلى حلقات أو متواليات تدرس في حصص‬

‫‪191‬‬
‫محددة زمانيا ومكانيا أو غير محددة‪ .‬كما يخضع هذا التقسيم لتوزيع زمني ومكاني‬
‫مدقق يراعي ظروف املتعلم وسياق التعلم‪ .‬كما ينبغي وضع البرنامج الدراس ي في شكل‬
‫وضعيات وأسئلة وأنشطة وخبرات‪ ،‬يراعى فيها التدرج من البسيط إلى املركب‪ ،‬ومن‬
‫الوضعيات السهلة إلى الوضعيات املعقدة‪ .‬وتحدد أيضا جميع الكفايات والقدرات‬
‫امل ستهدفة الجزئية‪ ،‬أو الكفايات النهائية النوعية واملستعرضة‪ ،‬في شكل سلوكيات‬
‫مؤشرة بالقياس والرصد التقويمي‪ .‬كما يمكن االستعانة بتقويم قبلي تشخيص ي أو‬
‫تكويني أو إجمالي قصد تحديد مستوى كل تلميذ في بداية السنة الدراسية ‪ ،‬أو بداية‬
‫كل مجزوءة‪ ،‬أو في نهايتها‪ .‬ومن الواجب تدريس املتواليات التعليمية أو الديدكتيكية في‬
‫شكل مجموعات أو حسب األفراد‪ ،‬فيكون محور التعليم هو التلميذ‪ ،‬وليس املدرس‬
‫الذي ينبغي أن يكون مستشارا يساعد املتعلمين على التعلم الذاتي والتكوين املستمر‪،‬‬
‫باستثمار الوثائق البصرية والسمعية والرقمية وكل الوسائل التعليمية املتاحة‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬على الرغم من أهمية املقاربة باملجزوءات‪ ،‬فما زالت نظريتها غامضة‬
‫ومبهمة وغير محددة بدقة‪ .‬لذلك‪ ،‬تبقى املمارسة متعثرة في نظامنا التربوي املغربي‬
‫الذي دائما يترقب ما يستجد في الساحة التربوية الغربية‪ ،‬والسيما التجربتين‬
‫الفرنسية والكندية منها‪ .‬وهكذا‪ ،‬نجد أنفسنا ننتقل من نظرية تربوية إلى أخرى دون‬
‫استيعاهها بشكل جيد لتطبيقها في مدارسنا بشكل ناجع وفعال‪.‬‬

‫سادسا‪ ،‬الوحدة التعلمية‪:‬‬


‫ينقسم الكتاب املدرس ي إلى مجموعة من الوحدات واملواضيع واملجاالت واملحاور‬
‫الداللية واملفاهيمية واملعجمية ‪.‬بمعنى أن كل مكون دراس ي ملادة معينة يتجزأ إلى‬
‫وحدات دراسية ‪.‬وتتضمن كل وحدة مجموعة من العناوين‪ ،‬والدروس‪ ،‬والحلقات‪،‬‬

‫‪192‬‬
‫واملفاهيم‪ ،‬والحقائق ‪ .‬ويعني هذا كله أن الوحدة (‪ )Unit‬جزء من محتوى دراس ي‬
‫يتناول قضية أو موضوعا أو مفهوما واحدا في إطار وحدة عضوية وموضوعية‬
‫متسقة ومنسجمة تربويا وديدكتيكيا‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم الوحدة التعلمية؟ وما سياقها التاريخي؟ وما أسس الوحدة التعلمية‬
‫ومرتكزاتها؟ وكيف تدبر الوحدة التعلمية تربويا وديدكتيكيا؟ وما إيجابيات التدريس‬
‫بالوحدات وسلبياتها؟ هذا ما سوف نتبينه عبر العناوين التالية‪:‬‬

‫‪/1‬مفهوم الوحدة التعلمية ‪:‬‬


‫من الصعب جدا تحديد مفهوم الوحدة لتشعب مفاهيمه‪ ،‬واختالف مدلوالته من‬
‫باحث إلى آخر نظرا لتعدد حقوله النظرية والتطبيقية‪ ،‬وتباين مجاالته الدراسية‪،‬‬
‫وتعدد التصورات املنهجية والرؤى الفكرية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يعد مفهوم الوحدة من أعقد‬
‫املصطلحات التربوية واألدبية والنقدية والفلسفية غموضا وإشكاال‪ ،‬حتى إن‬
‫الباحثين املحدثين قد استخدموها بتسميات عدة نشأ عنها نوع من فوض ى‬
‫االصطالح والتسمية‪ .‬فهناك مفهوم الوحدة‪ ،‬والتصميم‪ ،‬والوحدة العضوية‪،‬‬
‫والوحدة املوضوعية‪ ،‬ووحدة العنوان‪ ،‬والوحدة النفسية‪ ،‬ووحدة االنطباع‪ ،‬والوحدة‬
‫العاطفية‪ ،‬والوحدة الوجدانية‪ ،‬والوحدة املعنوية‪ ،‬والوحدة املنطقية‪ ،‬ووحدة‬
‫الصورة‪ ،‬والوحدة في التنوع‪ ،‬ووحدة الغرض‪ ،‬والوحدة املوسيقية‪ ،‬ووحدة املقطع‪،‬‬
‫ووحدة العمل‪ ،‬والوحدة التعلمية‪ ،‬والوحدات الثالث التي تحدث عنها أرسطو‬
‫(‪ )Aristote‬في كتابه (فن الشعر)‪ 140‬وهي‪ :‬وحدة الحدث‪ ،‬ووحدة الزمان‪ ،‬وووحدة‬
‫املكان ‪.‬‬

‫‪ - 140‬أرسطو‪ :‬فن الشعر‪ ،‬ترجمة‪:‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬طبعة ‪3636‬م‪.‬‬
‫‪193‬‬
‫وهناك من الدارسين من يتحدث عن وحدة املتكلم‪ ،‬والوحدة الشعرية‪ ،‬ووحدة‬
‫التجربة‪ ،‬ووحدة األثر‪ ،‬والوحدة اللغوية ( ‪ ،)Morphème‬و الوحدة الصوتية (‬
‫‪ ،)Phonème‬ووحدة الوزن والقافية‪.‬‬

‫إال أن ما يهمنا من هذه الدوال االصطالحية التربوية واألدبية والنقدية واللسانية‬


‫مصطلح الوحدة التعلمية أو الدراسية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تحيل الوحدة ‪ ،‬من حيث الداللة اللغوية‪ ،‬على مفاهيم الربط‪ ،‬والتماسك‪،‬‬
‫واالنسجام‪ ،‬واالتساق‪ ،‬والتكامل‪ ،‬واالنسجام‪...‬ومن ثم‪ ،‬فهي ضد االنفصال‪،‬‬
‫والبعثرة‪ ،‬والتفكك‪ ،‬والتجزيء‪ ،‬وضياع تسلسل الحلقات‪...‬‬

‫وتعني الوحدة ‪ -‬اصطالحا‪ -‬أن مادة دراسية ما تنقسم إلى وحدات تعلمية ودراسية‬
‫متكاملة‪ ،‬تتكون من مواد مترابطة ومتكاملة ومتشابكة‪ ،‬وتندرج في مجال من املجاالت‬
‫كمجال القيم‪ ،‬ومجال البيئة‪ ،‬ومجال العلم واملعرفة‪ ،‬ومجال التقنية‪ ،‬ومجال‬
‫الفنون‪ ،‬ومجال الصحة اإلنسانية‪...‬‬

‫وقد تعني الوحدة التعلمية مجموعة من األنشطة والخبرات والتعلمات واملوارد التي‬
‫تدور حول موضوع محوري معين‪ ،‬أو تنصب حول هدف محدد‪ ،‬أو تعالج مشكلة‬
‫معينة يتفق حولها املدرس مع تالمذته إليجاد حل لها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تخضع الوحدة‬
‫التعلمية لعمليات التخطيط‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتقويم‪ .‬وللوحدة عالقة وثيقة باملنهاج ‪،‬‬
‫والبرنامج‪ ،‬واملقرر‪ ،‬والكتاب املدرس ي‪.‬وتقوم الوحدة بوظيفة الهيكلة والتنظيم وفق‬
‫أهداف عامة وخاصة‪ ،‬أو وفق كفايات رئيسة ونوعية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالوحدة التعلمية‬
‫وظيفية ‪ ،‬مادامت تقوم بدور التنظيم والهيكلة‪ .‬كما أنها وحدة إجرائية وإنجازية‬
‫مرتبطة بوظيفة التقويم‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫وتتضمن الوحدة الدراسية ‪ -‬حسب أحمد أوزي‪ " -‬مدخال ومتنا وخاتمة‪ .‬في املدخل‬
‫يحدد املحتوى وأهدافه‪ ،‬مع إجراء تقييم قبلي للطالب الذين تتوجه إليهم الوحدة‬
‫الدراسية‪.‬ويتضمن املتن مختلف املواد التعليمية النظرية أو التطبيقية أو هما‬
‫معا‪.‬أما الخاتمة فتتضمن تقييما بعديا‪141".‬‬

‫وتتسم الدراسة بالوحدات " باإلحاطة والشمول‪ ،‬وفي سبيل ذلك قد تتخطى‬
‫الحواجز الفاصلة بين فروع املادة الواحدة أو بين ميادين املعرفة وذلك تبعا لنوع‬
‫الوحدة‪142".‬‬

‫ويذهب عبد الكريم غريب في كتابه (املنهل التربوي) إلى أن الوحدة التعلمية "سلسلة‬
‫ذات معنى من الخبرات وأنواع النشاط التعلمي‪ ،‬تدور حول موضوع دراس ي أو مشكلة‬
‫يهتم هها املتعلمون ويخططون لها بالتعاون فيما بينهم تحت إشراف املدرس‬
‫وتوجيهه‪.‬وهذا املفهوم ملعنى الوحدة يشير إلى أنها نوعان‪ :‬النوع األول هو وحدة املادة‬
‫الدراسية‪ ،‬والنوع الثاني هو وحدة الخبرة‪ .‬ومحور النوع األول هو املادة الدراسية‪،‬‬
‫بمعنى أن تقسم هذه املادة إلى محاور علمية ذات أهمية خاصة لدى التالميذ‪ ،‬بحيث‬
‫يضم كل محور املعارف والحقائق املتصلة به دون التزام بالحدود التي تفصل بين‬
‫املواد املتعددة‪ ،‬أو بين فروع املادة الواحدة‪ ،‬ودون رعاية كذلك للتنظيم املنطقي في‬
‫أي مادة‪ .‬أما محور النوع الثاني‪ ،‬فهو حاجة املتعلم ومشكالته التي يواجهها في البيئة‬

‫‪ - 141‬أحمد أوزي‪:‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.237:‬‬
‫‪ -142‬الدمرداش سرحان ومنير كامل‪ :‬املناهج‪،‬دار العلوم للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الثالثة سنة‬
‫‪3642‬م‪ ،‬ص‪.247:‬‬
‫‪195‬‬
‫التي يعيش فيها‪ .‬وهذا النوع أيضا اليعرف الفواصل بين املواد الدراسية أو املعارف‬
‫اإلنسانية‪ ،‬بل ينتفع هها جميعا في إشباع الحاجة أو حل مشكلة موضوع الوحدة‪143".‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬تعني الوحدة التعلمية أن املعرفة اإلنسانية واحدة ومترابطة‬
‫ومتكاملة وغير منفصلة‪ .‬لذا‪ ،‬البد من ربط املدرسة بالحياة كأن نربط الوحدات‬
‫التعلمية بالوضعيات الحياتية ومشكالت البيئة الطبيعية‪ .‬عالوة على ربط الوحدات‬
‫باألنشطة‪ ،‬وليس باملعلومات واملعارف كما في املنهاج التربوي التقليدي‪ .‬ويعني هذا كله‬
‫تحقيق مبدإ شمول الخبرة التعلمية‪ ،‬ومراعاة األسس السليمة في تقويم نمو املتعلم‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬تعني الوحدة الدراسية أن يقدم املدرس للمتعلم املقرر الدراس ي ومكوناته‬
‫في شكل وحدات مترابطة بنيويا ونسقيا ‪ ،‬ووفق نظام مجالي مترابط ومتماسك‬
‫وموحد‪.‬‬

‫‪ /2‬أسس الوحدة ومرتكزاتها‪:‬‬


‫تنبني الوحدة الدراسية والتعلمية على مجموعة من األسس منها ماهو لغوي‪ ،‬ونفس ي‪،‬‬
‫واجتماعي‪ ،‬وتربوي‪ ،‬ووظيفي‪...144‬ويعني هذا أن الوحدة عبارة عن مضمون معرفي ‪،‬‬
‫وشكل فني وجمالي يتخذ طابعا لغويا في شكل بنى صوتية‪ ،‬وصرفية‪ ،‬وتركيبية‪،‬‬
‫وداللية‪ ،‬وبالغية‪ ،‬وتداولية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتخذ ملفوظ الوحدة طابعا تلفظيا وصوتيا من‬
‫جهة‪ ،‬وطابعا كتابيا من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ - 143‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.630 :‬‬
‫‪ - 144‬نهاد املوس ى‪ :‬األساليب مناهج ونماذج في تعليم اللغة العربية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬طبعة ‪2226‬م‪ ،‬ص‪34:‬‬
‫ومابعدها‪.‬‬
‫‪196‬‬
‫وأكثر من هذا تنسجم الوحدة الدراسية نفسيا مع ميول املتعلم وحاجياته‬
‫واتجاهاته‪ ،‬وتبعث فيه العمل والحياة ‪ ،‬وتبعد عنه امللل والروتين والنفور‪ .‬كما تسهم‬
‫الوحدة التعلمية في خلق نوع من التوازن التربوي بتوحيد املواد الدراسية والتعلمية‬
‫في بوتقة داللية ومجالية ومحورية واحدة‪ .‬ويعني هذا أن هناك نوعا من التنوع‬
‫والتواتر والتوازن على مستوى تقسيم املجاالت التعلمية‪ .‬كما تساعد الوحدة‬
‫الدراسية الوظيفية املتعلم على فهم املواد الدراسية ضمن إدراك كلي نسقي غير‬
‫منفصل وغير مفكك‪.‬‬

‫ومن أسس الوحدة التعلمية كذلك توكيد وحدة املعرفة‪ ،‬وربط الدراسة بالحياة‪،‬‬
‫وإقامة الدراسة على أساس النشاط‪ ،‬وتحقيق مبدأ شمول الخبرة‪ ،‬ومراعاة األسس‬
‫السليمة في تقويم نمو التلميذ‪.145‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬تستند الوحدة الدراسية والتعلمية إلى مجموعة من املبادىء‬
‫التربوية والنفسية كمبدإ االنتقاء‪ ،‬ومبدإ التقسيم‪ ،‬ومبدإ االختيار‪ ،‬ومبدإ الترتيب‪،‬‬
‫ومبدإ التدرج‪ ،‬ومبدإ التخطيط‪ ،‬ومبدإ التدبير‪ ،‬ومبدإ التقويم‪ ،‬ومبدإ التكامل‪،‬‬
‫ومبدإ التوازن‪ ،‬ومبدإ التخفيف‪ ،‬ومبدإ التنوع‪ ،‬ومبدإ التواتر‪ ،‬و مبدإ الترابط‪ ،‬ومبدإ‬
‫الوحدة‪ ،‬ومبدإ التنظيم‪ ،‬ومبدإ ربط الوحدة بالحياة‪...،‬‬

‫‪ /3‬أنواع الوحدات‪:‬‬
‫يمكن تقسيم الوحدات التعلمية إلى نوعين رئيسين من الوحدات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬الوحدة القائمة على املادة الدراسية‪:‬‬

‫‪ - 145‬الدمرداش سرحان ومنير كامل‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.243:‬‬


‫‪197‬‬
‫تدور الدراسة حول محور رئيس‪ ،‬أو تنصب على مجال داللي معين‪ ،‬في شكل تيمات‬
‫ومواضيع ومحاور ومفاهيم معينة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تشتمل الوحدة التعلمية على مجموعة‬
‫من املكونات والدروس والحلقات املترابطة‪ .‬كما التؤمن الوحدة التعلمية باملواد‬
‫املنفصلة أو الفروع الدراسية‪ ،‬بل تدمج كل الدروس في بوتقة مجالية واحدة‪ .‬وقد‬
‫يكون محور الوحدة موضوعا من موضوعات املادة الدراسية (املاء في حياة اإلنسان)‪،‬‬
‫أو مفهوما من املفاهيم (التسامح)‪ ،‬أو مشكلة ما ( كيف يؤثر البترول في حياة سكان‬
‫الشرق األوسط؟)‪ ،‬أو قاعدة معممة (تكاثر السكان يتطلب البحث عن موارد‬
‫جديدة)‪ ،‬وقد تكون الوحدة مسحية ( الحضارة اليونانية)‪...‬‬

‫‪ ‬الوحدة القائمة على الخبرة والنشاط‪:‬‬

‫تعتمد الوحدة التعلمية على الخبرة والنشاط والحاجيات الفردية والجماعية‪ .‬ويعني‬
‫هذا أن الوحدة التكتفي بما هو دراس ي ومعرفي فقط‪ ،‬بل تنفتح الوحدة على‬
‫األنشطة والخبرات الفردية والجماعية‪.‬وإذا كان موضوع الوحدة هو (كيف أفهم‬
‫نفس ي؟) ‪ ،‬فالبد ‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬من استحضار مجموعة من الدراسات في وحدة‬
‫تعلمية واحدة كالنفس ي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬والبيولوجي‪ ،‬والفيزيولوجي‪...‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالخبرة في الحياة الواقعية " خبرة متكاملة غير مقسمة الى مواد دراسية‪،‬‬
‫ولكن أوجه النشاط اإلنساني تترابط فيها بطريقة طبيعية ‪ ،‬ولهذا فان املواد‬
‫املنفصلة تكون بعيدة الصلة بالحياة الخارجية؛ مما يؤدي الى عدم اهتمام التالميذ‬
‫ههذه املواد نظرا لعدم صلتها بمشكالت حياتهم‪146".‬‬

‫‪ - 146‬أمينة اللوه‪ :‬املوجزفي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العربية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.43:‬‬
‫‪198‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬ترتبط الوحدات الدراسية باملنهاج التربوي الحديث واملعاصر‪ ،‬وترتبط‬
‫أيضا باملقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬مادامت لها صلة وثيقة باملجزوءات‬
‫واملحاور واملوارد الرئيسة ‪.‬‬

‫‪ /4‬سياق ظهورالوحدات‪:‬‬
‫لم يظهر نموذج الوحدات في ميدان التدريس ووضع املناهج التربوية إال رد فعل على‬
‫املنهاج التقليدي الذي كان يدرس املواد الدراسية بطريقة منفصلة‪ ،‬دون توفرها على‬
‫وحدة معرفية شمولية‪ ،‬ودون مراعاة األسس النفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والتدريسية‪،‬‬
‫والتربوية ‪ .‬ومن هنا‪ " ،‬اتسم املنهج التقليدي بكثير من العيوب‪ ،‬وفي مقدمتها أنه كان‬
‫يلتزم بالحدود الفلصلة بين املواد بين موضوعات املادة الواحدة‪.‬وقد أدى ذلك إلى‬
‫تفكك الدراسة وضياع وحدتها‪.‬‬

‫كما أن االهتمام بجانب املعلومات دون غيرها من بقية أهداف التربية قد أدى بكثير‬
‫من املدرسين في ظل املناهج التقليدية إلى إهمال ربط الدراسة بالحياة‪ ،‬واالعتماد في‬
‫تقديم الحقائق إلى التالميذ على التلقين مما أدى بدوره إلى إهمال النشاط وسلبية‬
‫التلميذ‪.‬‬

‫ومما يؤخذ على املناهج التقليدية كذلك عدم وضوح األهداف سواء بالنسبة‬
‫للمدرس أو التلميذ وقد أدى ذلك إلى سيادة هدف واحد في ظل الدراسة التقليدية‬
‫أال وهو تحصيل املادة واالستعداد لالمتحان وعبودية الكتاب املدرس ي‪.‬‬

‫وملحاولة عالج كثير من نقائص الدراسة التقليدية وطرقها وما أدت إليه من آثار‬
‫بالغة املدى في حياة التالميذ‪ ،‬ظهر التفكير في ضرورة تنظيم النشاط التعليمي‬
‫للتلميذ في صورة وحدات دراسية‪.‬وقد استهدفت الوحدات في أول أمرها معالجة‬
‫‪199‬‬
‫تفكك املنهج والعمل على إبراز وحدته‪ ،‬ثم تطورت الوحدات فأكدت أيضا أهمية‬
‫ربط الدراسة بالحياة‪ ،‬وإيجابية التالميذ ونشاطهم‪ ،‬وعملت على مساعدة املدرس‬
‫على تحقيق األهداف التربوية بصورة أعم وأشمل‪147".‬‬

‫ويعني هذا كله أن املواد الدراسية ‪ ،‬في املناهج التربوية التقليدية‪ ،‬كانت منفصلة عن‬
‫بعضها البعض في شكل حصص ومواد تعلمية مستقلة‪ " ،‬اليكاد التلميذ يدرك‬
‫العالقة بين فروع اللغة‪ ،‬أو يستغل في التعبير ما تعلمه في حصة القراءة‪ ،‬أو مادرسه‬
‫في حصة القواعد‪.‬‬

‫ولم يقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬بل تعداه إلى تحاجز بين موضوعات الفرع الواحد‪.‬‬
‫ففي علم النبات مثال‪ ،‬يدرس التلميذ شكل الورقة في باب‪ ،‬وتركيبها في الداخلي في باب‬
‫آخر‪ ،‬ووظائفها في باب ثالث‪ .‬ويترتب على ذلك أن يدرس املوضوع الواحد بصورة‬
‫مجزأة في أوقات متباعدة‪.‬وكأنما يفترض أن التلميذ قادر على تجميع معلوماته حول‬
‫املوضوع الواحد من هذه الدراسات املبعثرة التي تعطى تحت ظروف مختلفة‪ ،‬وهو‬
‫مالم يقم على صحته دليل‪ .‬فلو أنك سألت تلميذا درس بالطريقة التقليدية عن‬
‫املالءمة الوظيفية لورقة النبات‪ ،‬لعجز عن أن يربط بين شكل الورقة وتركيبها‬
‫ووظائفها‪.‬‬

‫والوحدة الدراسية محاولة إلبراز ما بين فروع املعرفة اإلنسانية من ترابط‬


‫وتماسك‪148".‬‬

‫‪ - 147‬الدمرداش سرحان ومنير كامل‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.247:‬‬


‫‪ - 148‬نفسه‪ ،‬ص‪.244-243:‬‬
‫‪200‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن نظام الوحدات التعلمية هو جزء من املنهاج التربوي الحديث‬
‫املتكامل واملندمج الذي يقوم على األهداف‪ ،‬والكفايات‪ ،‬والنشاط‪ ،‬والطرائق الفعالة‬
‫في التدريس‪ ،‬وتعلم الحياة عبر الحياة‪...‬‬

‫‪ /5‬تدبيرالوحدة التعلمية ‪:‬‬


‫تنطلق الوحدة من أهداف عامة وكفايات رئيسة ونوعية‪ ،‬وتنبني على املحتويات‬
‫واألنشطة والوسائل التعلمية والطرائق البيداغوجية‪ ،‬وتستند إلى أساليب التقويم‪،‬‬
‫واملعالجة‪ ،‬والفيدباك‪ ،‬والدعم‪ .‬وتنبني الوحدة التعلمية على املفاهيم واملجاالت‬
‫والدروس‪.‬ويعني هذا أن الوحدة حلقات دراسية متنوعة تمتح وجودها من املجزوءة‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬تعني الوحدات تنظيم األنشطة والخبرات التعليمية ‪ -‬التعلمية حول مجال‬
‫أو موضوع ما ‪ ،‬وإيضاح مفاهيم علمية محددة ومرتبطة ببعضها في نشاط علمي‪،‬‬
‫نظريا كان أو علميا‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تعتمد الوحدة الدراسية التعلمية على املوضوع‪ ،‬واملجاالت‪ ،‬واملفاهيم‪،‬‬
‫واملكونات الدراسية‪ ،‬والتقويم اإلجمالي‪ .‬وقد تختلط الوحدة باملجزوءة‪ ،‬أو تتميز عنها‬
‫وفق التعاريف التي تعطى للمجزوءة أو للوحدة الدراسية‪.‬‬

‫وقد اعتمد التدريس بالتعليم االبتدائي املغربي في السنوات األخيرة على مبدإ‬
‫الوحدات‪ .‬وهكذا‪ ،‬نجد كتاب اللغة العربية بالقسم الرابع يتكون من مجموعة من‬
‫الوحدات التعلمية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪‬القيم الوطنية واإلسالمية واإلنسانية ‪.‬‬

‫‪‬الحياة الثقافية و االجتماعية ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫‪‬الديموقراطية و حقوق الطفل ‪.‬‬

‫‪‬عالم االبتكار و اإلبداع ‪.‬‬

‫‪‬الخدمات االجتماعية ‪.‬‬

‫‪‬التغذية والصحة و الرياضة ‪.‬‬

‫‪‬التوازن الطبيعي وحماية البيئة ‪.‬‬

‫‪‬عالم األسفار والرحالت و األلعاب ‪.‬‬

‫وتتكون كل وحدة من عدة مكونات ‪ ،‬وتشتمل على عدد من الدروس ‪ ،‬وهذه املكونات‬
‫هي ‪ :‬القراءة ‪ ،‬والتراكيب والصرف والتحويل ‪ ،‬واإلمالء ‪ ،‬والشكل ‪ ،‬واإلنشاء‪ .‬وهناك‬
‫أنواع ثالثة من النصوص القرائية وهي‪ :‬النصوص القرائية الوظيفية‪ ،‬والنصوص‬
‫القرائية املسترسلة‪ ،‬والنصوص القرائية الشعرية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن مجموعة من املرتكزات التي تعتمد عليها وحدة الدرس‪،‬‬
‫ويمكن تحديدها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬أهداف الوحدة التعلمية وكفاياتها الرئيسة والنوعية‪.‬‬

‫‪ ‬مضامين الوحدة ومحتوياتها وخبراتها ومواردها‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعليم والتعلم املتعلقة بالوحدة املدروسة‪.‬‬

‫‪ ‬إجراءات تقويم الوحدة الدراسية‪.‬‬

‫‪ ‬أساليب الدعم واملعالجة والتغذية الراجعة املتعلقة بكل وحدة دراسية على‬
‫حدة‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫وتتوخى الوحدة التعلمية ‪ ،‬بمختلف محاورها وحلقاتها ومقاطعها ومكوناتها‪ ،‬تحقيق‬
‫مجموعة من األهداف العامة والوسطى والخاصة واإلجرائية من جهة‪ ،‬أو التثبت من‬
‫الكفايات املعرفية‪ ،‬والكفايات اللغوية‪ ،‬والكفايات التواصلية ‪ ،‬والكفايات املنهجية‪،‬‬
‫والكفايات الثقافية‪ ،‬والكفايات التكنولوجية‪ ،‬والكفايات اإلستراتيجية من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫وتعتمد الوحدة الدراسية على مجموعة من الخطوات البارزة التي يمكن حصرها‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون املدرس متمكنا من أهداف تدريس الوحدة الدراسية ‪.‬‬

‫‪‬أن يكون املدرس ملما بجميع جوانب املوضوع الذي يدرسه تالميذه ‪.‬‬

‫‪‬أن يكون املدرس متحكما في طرائق التدريس ‪ ،‬و يختار املالئم منها لتبليغ‬
‫موضوعات الوحدة‪ ،‬وتحقيق أهدافها اإلجرائية الخاصة‪.‬‬

‫‪‬أن ينوع املدرس األنشطة التعلمية قبل الشروع في التدريس‪ ،‬أو في أثنائه‪ ،‬أو بعد‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪‬أن يستعمل املدرس ما يناسب الدرس من وسائل ديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يحدد املدرس املصادر و املراجع العلمية والتربوية التي تخدم تدريس‬
‫موضوعات الوحدة الدراسية‪.‬‬

‫وفيما يخص تقويم الوحدة الدراسية البد من اللجوء إلى أنواع التقويم التالية‪:‬‬

‫‪‬التقـويم القبلــي ‪ :‬ويكنون الهنندف مننه التثبننت مننن املعرفنة الخلفيننة عنند املننتعلم قبننل‬
‫الشروع في تقديم الوحدة الدراسية‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪‬التق ــويم التك ــويني ‪ :‬يلتج ننىء إلي ننه امل نندرس ف نني وس ننط الحص ننة الدراس ننية‪ ،‬وف نني أثن نناء‬
‫تقننديم الوحنندة وشننرحها وبننناء تعلماتهننا‪ ،‬وخننالل تنندريس الوحنندة التعلميننة‪ ،‬مسترشنندا‬
‫بمجموعننة مننن األسننئلة والوضننعيات واألنشننطة والتمننارين الصننفية للتثبننت مننن تحقننق‬
‫األه ننداف املس ننطرة بغي ننة اللج ننوء إل ننى التغذي ننة الراجع ننة (الفي نندباك) لتص ننحيح مسن ننار‬
‫العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪.‬‬

‫‪‬التقـ ــويم الختـ ــامي ‪ :‬يسن ننعى إلن ننى قين نناس من نندى نجن نناح األهن ننداف املسن ننطرة فن نني بداين ننة‬
‫الوح نندة الدراس ننية ‪ ،‬وتش ننخيص م ننواطن الق ننوة والض ننعف ف نني ه ننذه الوح نندة التعلمي ننة‪،‬‬
‫وتبيان صعوبات املتعلم‪.‬‬

‫وعلنى العمنوم‪ ،‬يخضنع تنندبير الوحندة التعلمينة للعمليننات النثالث‪ :‬التخطنيط‪ ،‬والتنندبير‪،‬‬
‫والتقويم‪ .‬ويمكن توضيح ذلك بالشكل التالي‪:‬‬

‫املرحلة االولى‪ :‬مرحلة تخطيط الوحدات التعلمية‬

‫‪ ‬تحدين نند الفئ ن نات املسن ننتهدفة من ننن الوحن نندة التعلمين ننة بتبين ننان مواصن ننفات املتعلمن ننين‪،‬‬
‫واس ن ننتجالء ق ن نندراتهم التعلمي ن ننة‪ ،‬ورصن ن نند خص ن ننائص نم ن ننوهم النفسن ن ن ي‪ ،‬والفيزيولن ن ننوجي‪،‬‬
‫والبيولوجي‪.‬‬

‫‪ ‬االسترشاد باألهداف العامة والخاصة واإلجرائية‪.‬‬

‫‪ ‬رصد الكفايات الرئيسة والنوعية واملمتدة‪.‬‬

‫املرحلة الثانية‪ :‬مرحلة تدبير الوحدات التعلمية‬

‫‪ ‬تنظ ننيم املحتوي ننات واملض ننامين والخب ن نرات واألنش ننطة الفردي ننة والجماعي ننة‪ ،‬وتبين ننان‬
‫طرائق تجميعها في وحدات ومجاالت دراسية‪.‬‬

‫‪ ‬التوقف عند مختلف الطرائق اليداغوجية في تقديم الوحدة التعلمية‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫‪ ‬انتقاء الوسائل الديدكتيكية اللفظية والبصرية والرقمية‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد اإليقاعات الزمنية املناسبة ملختلف الوحدات التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬تنظيم قاعة الدرس صفيا لتالئم منهج الوحدات التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬التركيز على التواصل التربوي والديدكتيكي اللفظي وغير اللفظي‪.‬‬

‫املرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة التقويم‬

‫‪ ‬تقن ن ننويم الوحن ن نندات التعلمين ن ننة وفن ن ننق التقن ن ننويم التشخيص ن ن ن ي‪ ،‬والقبلن ن نني‪ ،‬والتكن ن ننويني‪،‬‬
‫واإلجمالي‪ ،‬واإلشهادي‪...‬‬

‫‪ ‬تق ننديم االمتحان ننات ف نني ش ننكل خب نرات وأنش ننطة ومش نناكل ومش نناريع ووض ننعيات وف ننق‬
‫وحدات معينة‪.‬‬

‫‪ ‬االسننتعانة فنني تقننويم الوحنندة التعلميننة بالتغذيننة الراجعننة‪ ،‬أو مننا يسننمى بالفينندباك‬
‫(‪.)feedback‬‬

‫‪ ‬معالج ن ننة األخط ن نناء داخلي ن ننا وخارجي ن ننا أو معالجته ن ننا وف ن ننق املقارب ن ننات النفس ن ننية‪،‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬والديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ ‬دعم املتعلمين املتعثرين وفق البيداغوجيا الفارقية‪.‬‬

‫‪ /6‬إيجابيات الوحدة التعلمية وسلبياتها‪:‬‬


‫على الرغم من إيجابيات التدريس بالوحدة التعلمية على مستوى املكونات الدراسية‬
‫أو على مستوى الخبرات واألنشطة التعلمية‪ ،‬فإن مفهوم الوحدة مفهوم غامض‬
‫ومعقد ومتشابك مع مجموعة من املفاهيم األخرى كاملجزوءة التي تعني ‪ ،‬وفق ما‬

‫‪205‬‬
‫تعنيه‪ ،‬الوحدة الدراسية‪ .‬ويعني هذا أن هناك خلطا في تحديد مدلول املجزوءة‬
‫والوحدة الدراسية معا يصعب الفصل بينهما بشكل دقيق‪.‬‬

‫وال ينبغي أن تقتصر الوحدة على الدروس والحلقات واملجاالت املوضوعاتية‬


‫فحسب‪ ،‬بل البد من تحويل الوحدات إلى وضعيات ‪ -‬مشكالت‪ ،‬واالنتقال من‬
‫التدريس إلى التعلم‪ ،‬ومن الخبرات واملواد الدراسية واألنشطة إلى وضعيات معقدة‬
‫ومركبة لكي يوظف املتعلم موارده املستضمرة إليجاد الحلول املناسبة لهذه الوضعية‬
‫بغية خلق متعلم قادر‪ ،‬وكفء‪ ،‬ومؤهل ‪.‬‬

‫ويبقى السؤال الرئيس هل تستطيع الوحدات التعلمية أن تحقق نتائج أفضل مقارنة‬
‫بالدروس التقليدية أو املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج؟ !!‬

‫وخالصة القول‪ ،‬وهكذا يتبين لنا‪ ،‬مما سلف ذكره‪ ،‬أن الوحدة الوظيفية حلقة تبدأ‬
‫بالهدف املعبر عنه بصيغة إجرائية ‪ ،‬وعلى أساسه تنجز أفعال وأنشطة‪ ،‬وتنتهي‬
‫عندما يؤشر تقويم هذا اإلنجاز على بلوغ الهدف املنشود‪ .‬إن وحدة الدرس‪ -‬حسب‬
‫هذا التعريف‪ -‬بنية صغرى تتكون من العناصر التالية‪ :‬الهدف اإلجرائي املعبر عنه‬
‫بصيغة ظاهرة واضحة‪ ،‬والنشاط املنجز لتحقيق الهدف‪ ،‬والتقويم الذي يقيس‬
‫مدى تحقق الهدف‪ ،‬ومن خالله يصحح الفعل أو النشاط‪.149‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فالوحدة التعلمية نمط من التعلم الذي يقوم على الربط بين مختلف الدروس‬
‫ضمن حلقة دراسية واحدة أو ضمن وحدة مجالية معينة‪ .‬وقد جاءت نظرية الوحدة‬
‫رد فعل على املناهج التربوية التقليدية التي كانت تؤمن باملواد املنفصلة واملنقسمة إلى‬
‫فروع الصلة والرابط بينها على املستوى املنهجي‪.‬‬

‫‪ - 149‬ميلود التوري‪ :‬من درس األهداف إلى درس الكفايات‪ ،‬مطبعة أنفوبرانت‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2227‬م‪ ،‬ص‪.30:‬‬
‫‪206‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬من أجل تحقيق الجودة املتميزة في مجال التربية والتعليم‪ ،‬والوصول‬
‫إلى األهداف املرجوة من العملية التدريسية الهادفة والبناءة‪ ،‬البد من االهتمام‬
‫باملناهج والبرامج واملقررات والكتب املدرسية‪ ،‬وإعادة النظر فيها‪.‬‬
‫والبد من وضع مجموعة من املعايير واملقاييس واملواصفات الضرورية عند وضع‬
‫املناهج والبرامج الدراسية قصد تأهيل تعليمنا لكي يلتحق بركب التنمية والتطور‬
‫واالزدهار‪ .‬ومن أهم هذه املعايير األصالة واملعاصرة‪ ،‬واالستجابة لحاجيات املجتمع‬
‫ومؤسساته االقتصادية‪ ،‬واالنفتاح على مستجدات العلوم والفنون واآلداب‬
‫والتكنولوجيا ‪ ،‬مثل‪ :‬الدول املتقدمة أو السائرة في طريق النمو كما هو حال دول‬
‫جنوب آسيا (الصين‪ ،‬وهونغ كونغ‪ ،‬وتايوان‪ ،‬وسانغفورة‪ ،‬وكوريا الجنوبية)‪.‬‬
‫ومن األفضل أن تقوم هذه املناهج على فلسفة الكفايات استجابة ملتطلبات السوق‬
‫والعوملة‪ ،‬ومراعاة متطلبات املقاولة املغربية أو املستثمرة داخل املغرب‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬البد أن تنطلق هذه املناهج من فلسفة ميثاق التربية والتكوين ‪،‬‬
‫وتعمل على تشرب مرتكزاته ودعاماته ومبادئه لتخطي كل العقبات واألزمات التي‬
‫يعانيها التعليم املغربي‪ ،‬علما أن امليثاق غني بكثير من البنود واملقررات التي يمكن أن‬
‫تسهم في إثراء منظومتنا التربوية والتعليمية‪ .‬كما ينبغي أن تتطور هذه املناهج بتطور‬
‫الطرائق البيداغوجية الحديثة بغية مواكبة التطور العاملي في مجال التواصل‬
‫واإلعالميات والتطور التقني‪.‬‬
‫ومع توقيع املغرب على اتفاقية الكاط ‪ ،‬واتفاقيات التبادل الحر الثنائية أو‬
‫الجماعية‪ ،‬نرى أنه من الضروري أن يتحقق االنفتاح‪ ،‬ومسايرة متطلبات العوملة على‬
‫مستوى البرامج واملناهج الدراسية‪.‬وال يعني هذا إهمال املوروث املحلي الخصوص ي‬
‫والقيم الوطنية ‪ ،‬فال بد من تجزيء املناهج والبرامج لتراعي ثالثة جوانب أساسية هي‪:‬‬
‫‪‬الثقافة العاملية ذات البعد اإلنساني؛‬
‫‪‬الثقافة الوطنية؛‬
‫‪‬الثقافة املحلية‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫وال ننس ى كذلك ضرورة مواكبة هذه البرامج واملناهج ملعايير التقويم والدوسيمولوجيا‬
‫الحديثة لكي تكون املحتويات والخبرات الديدكتيكية أكثر إجرائية وتطبيقا‪ ،‬وأكثر‬
‫قابلية للمراجعة والنقد الذاتي والفيدباك‪.‬‬
‫وال يمكن أن يتحقق إصالح املناهج والبرامج إال بتوفير الوسائل املادية واملعنوية‬
‫والبشرية‪ ،‬وإال سيبقى هذا اإلصالح الذي تتطلع إليه وزارة التربية والتعليم إصالحا‬
‫طوباويا دونكيشوتيا خياليا‪ ،‬ال يعتمد على مرتكزات حقيقية وواقعية وميدانية‪ .‬وال‬
‫ينبغي أن تكون هذه البرامج واملناهج إمالءات من دول أجنبية أو من قبل دول املركز ‪،‬‬
‫نخضع لها باعتبارنا دوال محيطة متروبوليا أو اقتصاديا أو سياسيا(مثل التبعية‬
‫الفرنكوفونية)‪ ،‬وأال تكون نتاجا للضغوط الدولية‪ ،‬وشروط األبناك املانحة كالبنك‬
‫الدولي‪ ،‬وصندوق النقد العاملي‪ .‬أي‪ :‬أال يكون اإلصالح خارجيا‪ .‬وال يعني هذا أال‬
‫نستفيد من خبرات الدول األجنبية‪ ،‬بل علينا أن نلم بتجارب الدول املتقدمة كأملانيا‪،‬‬
‫والواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬واليابان‪ ،‬وخبرات التنينات األربعة‪.‬‬
‫ومن األحسن أن نراعي‪ ،‬في وضع هذه البرامج‪ ،‬نظام الوحدات واملجزوءات( ‪Les‬‬
‫‪ ،) modules‬وتحقيق التناغم والتكامل بين وحدات املقرر واملواد املدرسة بغية خلق‬
‫االتساق واالنسجام البيداغوجي تطابقا مع فلسفة الكفايات والوضعيات‪ .‬كما ينبغي‬
‫أن تكون هذه البرامج واملناهج واضحة ودقيقة وقابلة لألجرأة والتطبيق‪.‬‬
‫ومن أولى األوليات أن يستشير مسؤولو الوزارة املركزية ‪ -‬الذين تناط ههم مهمة وضع‬
‫البرامج واملناهج‪ -‬مختلف الفاعلين التربويين كاألساتذة‪ ،‬واملفتشين‪ ،‬واملتمدرسين‪،‬‬
‫وأولياء التالميذ‪ ،‬وكذلك األطر اإلدارية والشركاء الذين تستوجبهم مدرسة الحياة( ‪la‬‬
‫‪ ،)vie scolaire‬وأال يكون تنزيل البرامج واملناهج بشكل عمودي‪.‬‬
‫ومن األفضل كذلك أن ترتكز هذه البرامج واملناهج التربوية على ثوابت األمة كالدين‬
‫والعربية واألمازيغية‪ .‬أي‪ :‬أن تستجيب ملكونات الدولة املغربية دون إيديولوجية أو‬
‫عرقية شوفينية ومزايدات سياسوية أو نقابوية أو إسالموية‪ ،‬ودون االنفصال عن‬
‫املنظور اإلسالمي‪ ،‬والعربي‪ ،‬والقومي‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫وعندما نصدر أي إصالح تربوي جديد أو أي تغيير‪،‬فالبد من تأهيل األساتذة‬
‫الستيعاب هذا اإلصالح عن طريق التكوين والتأطير والشرح والتفسير واإلعالم‪،‬‬
‫وتمكينهم بكل املذكرات والقرارات الوزارية والجهوية ليتمكنوا من تطبيق مقترحات‬
‫الوزارة‪ ،‬وأجرأة قراراتها ومذكراتها في أحسن الظروف‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬البد أن نشير إلى ما تم اإلشارة إليه سالفا ‪ ،‬وهو أن تتضمن هذه البرامج‬
‫واملناهج فلسفة وطنية قائمة على التواصل والتسامح واألخوة‪ ،‬و تكون نابعة من‬
‫التربة املحلية ومن الذات املغربية‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫الفصل السابع‪:‬‬

‫مكونات العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‬

‫‪210‬‬
‫تكمن خطوات بناء الدرس في تنفيذ مجموعة من العمليات الرئيسة كتقديم‬
‫املحتويات واملضامين‪ ،‬ثم تنويع طرائق التدريس‪ ،‬واالستعانة باملعينات التعليمية‪،‬‬
‫وتدبير اإليقاعات الزمانية واملكانية‪ ،‬واملزاوجة بين التواصل اللفظي وغير اللفظي‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬سنتوقف عند مجمل تلك العمليات على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬تقديم املحتويات واملضامين‪:‬‬


‫يتضمن املحتوى الديدكتيكي ما يقدم للمتعلم من مضامين وقيم وخبرات وتجارب‬
‫ومعارف ومعلومات تنفعه في حياته اليومية أو املهنية أو املستقبلية‪ .‬وإذا كانت‬
‫املدرسة التقليدية مدرسة مضامين بامتياز؛ حيث تركز كثيرا على املعرفة والكم‬
‫املعلوماتي‪ ،‬فإن املدرسة الحديثة مدرسة أهداف ومهارات من جهة‪ ،‬وكفايات‬
‫منهجية وتواصلية وثقافية من جهة أخرى‪ .‬بمعنى أن املعرفة لم تعد الشاغل األساس‬
‫بالنسبة للمتعلم‪ .‬فهناك ما هو أهم منها كاملهارات والقدرات الكفائية؛ ألن املعارف‬
‫واملعلومات تتغير في عاملنا اليوم بسرعة مذهلة‪.‬‬

‫وتتجسد املضامين في مجموعة من املرجعيات التربوية‪ ،‬مثل ‪ :‬املنهاج الذي يعبر عن‬
‫فلسفة الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة تهدف إلى‬
‫تكوين مواطن صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الصعبة واملعقدة في‬
‫حياته الدراسية والواقعية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في‬
‫ميدان التربية والتعليم‪ .‬وتتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد‬
‫السياس ي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والديني ‪...‬‬

‫في حين‪ ،‬يعد البرنامج أقل عمومية من املنهاج‪ ،‬وأكثر تجريدا من املقرر التعليمي‪.‬‬
‫بمعنى أن البرنامج يتضمن محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير مفصلة‬

‫‪211‬‬
‫بشكل إجرائي‪ ،‬وتستمد خبراتها من فلسفة املنهاج‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تتحول مضامين هذا‬
‫البرنامج إلى مقررات دراسية خاصة بكل مادة معينة‪ ،‬وتكون هذه املقررات مفصلة‬
‫وأكثر خصوصية وإجرائية‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬ترتبط املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة‪ .‬كما تنطلق‬
‫أيضا من املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬بعد أن كانت املدرسة التقليدية‬
‫تلقن معارفها للمتعلمين دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة‪ ،‬أو‬
‫تصدر عن مقصدية كفائية واعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملحتويات ‪ -‬حسب محمد الدريج‪" -‬‬
‫هي كل الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة السائدة في مجتمع معين وفي حقبة‬
‫معينة‪.‬إنها مختلف املكتسبات العلمية واألدبية والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها‬
‫مما تتألف منه الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ومما تزخر به الثقافات الشعبية املحلية في كل‬
‫البقاع‪ ،‬والتي تصنف في النظام الدراس ي إلى مواد مثل‪ :‬اللغة والحساب والتاريخ‬
‫والجغرافيا‪...‬إلخ‪ .‬على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها دون سواه يتم بناء‬
‫على الغايات واألهداف املتوخاة‪ .‬في حين‪ ،‬يبقى تنظيم املحتوى رهينا بمتطلبات‬
‫العملية التعليمية ذاتها وبأشكال العمل الديداكتيكي ‪.‬أي‪ :‬ما يصطلح على تسميته‬
‫بطرق التدريس"‪.150‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تخضع املحتويات واملضامين الدراسية ملجموعة من املقاييس‪ ،‬مثل‪:‬‬


‫مقياس االختيار‪ ،‬ومقياس التنظيم‪ ،‬ومقياس التصنيف‪ ،‬ومقياس الوحدة أو‬
‫الفروع‪ ،‬ومقياس التدرج‪ ،‬ومقياس التنويع‪ ،‬ومقياس املدخالت‪ ،‬ومقياس املستويات‪،‬‬
‫ومقياس الثقافة‪ ،‬ومقياس علم النفس العقلي والنمائي‪ ،‬ومقياس التقويم‪ ،‬واملقياس‬

‫‪ -150‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة‬
‫‪3600‬م‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫‪212‬‬
‫املنهجي‪ ،‬واملقياس الكمي والكيفي‪ ،‬ومقياس التوزيع‪ ،‬ومقياس التخطيط‪ ،‬ومقياس‬
‫التدبير‪...‬‬

‫وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني‪،‬‬
‫وتعتبر املعارف هي األساس في العملية التعليمية ؛ فإن املدرسة الحديثة تنطلق من‬
‫األهداف والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في وضع املحتويات‪ ،‬وتقديمها‬
‫للمتعلم‪.‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول محمد الدريج‪:‬‬

‫" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية‪ ،‬وتنظيمها‬
‫بناء على مقاييس أخرى أكثر انسجاما‪ ،‬متمشيا مع ما آلت إليه املجتمعات املعاصرة‪،‬‬
‫ومع وتيرة التقدم العلمي‪ .‬من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق‬
‫األهداف املرسومة‪ ،‬وفي انسجام تام مع الغايات املحددة‪.‬‬

‫ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات‪ ،‬هناك‬
‫االختيار الذي يرتكز على حقائق علم النفس‪ ،‬وخاصة علم النفس النمائي ونظريات‬
‫التعلم وغيرها من الفروع‪ ،‬التي تمكن واضع البرامج ومخطط املقررات من معطيات‬
‫ثمينة عن شخصية التالميذ وقدراتهم العقلية وميوالتهم النفسية ومراحل النمو التي‬
‫يخضعون لها‪...‬وهكذا‪ ،‬يتم مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو الشخصية لتقديم‬
‫مجموعة من املعارف واملهارات‪ .‬كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة‬
‫السائدة في املجتمع‪ ،‬وانطالقا من حاجياته وحاجيات التكوين املنهي ومتطلبات‬
‫التنمية‪151"...‬‬

‫‪ -151‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ، ،‬ص‪.42:‬‬


‫‪213‬‬
‫وعليه‪ ،‬تبنى املقررات واملضامين واملحتويات الدراسية‪ ،‬في املدرسة الحديثة‬
‫واملعاصرة‪ ،‬على أساس علمي موضوعي قائم على مكتسبات علم النفس العقلي‬
‫واالرتقائي ‪ .‬ويبنى كذلك على أساس األهداف والكفايات اإلدماجية‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬االستعانة بالوسائل التعليمية‪:‬‬


‫ليست الوسائل الديدكتيكية وسائل تكميلية ومساعدة فقط ‪ ،‬تستعمل للشرح‬
‫والتوضيح والبيان فحسب ؛ بل هي وسائل ضرورية‪ ،‬وهي جزء من العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية الكلية‪.‬لذا‪ ،‬من األفضل تسميتها بالوسائل الديدكتيكية‪ .‬وفي هذا الصدد‪،‬‬
‫يقول محمد الدريج‪:‬‬

‫" ليست الوسائل التعليمية‪ ،‬كما قد يتوهم البعض‪ ،‬مساعدة على الشرح فحسب‪.‬‬
‫إنها جزء اليتجزأ من عملية التعليم‪.‬لذا‪ ،‬فمن الخطإ تسميتها"وسائل اإليضاح"‪ ،‬كما‬
‫هو شائع في بعض األوساط التعليمية‪.‬ومن شأن الوسائل التعليمية ‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫املساهمة في توضيح املفاهيم وتشخيص الحقائق‪ ،‬أن تضيف إلى محتويات املواد‬
‫الدراسية حيوية‪ ،‬وتجعلها ذات قيمة عملية وأكثر فعالية وأقرب إلى التطبيق‪.‬لذا‪،‬‬
‫فإن املدرس الذي يلجأ إلى توظيفها على الوجه األنسب‪ ،‬يجعل من تعليمه تعليما‬
‫مشوقا وأكثر جاذبية‪ ،‬يعين التالميذ على فهم املادة وتحليلها‪ .‬كما أنها تساعد املتعلم‬
‫على ترسيخ املعلومات في ذاكرته وربطها في مخيلته بأشكال وألوان وأصوات وغيرها‪،‬‬
‫فتبقى عالقة بالذهن سهلة عند محاولة استرجاعها‪.‬وهذا ما يعرف " بالتصور‬
‫العقلي" وهو فن له قيمته‪ ،‬يلجأ صاحبه إلى االستشهاد بالقصص وذكر الحوادث‬
‫الواقعية وضرب األمثال واللجوء إلى أدوات وصور أثناء الدرس أو أثناء إلقاء خطاب‬
‫وما إلى ذلك‪.‬املهم هو االنتقال باملتعلم أو املستمع من املجردات إلى مجال‬

‫‪214‬‬
‫املحسوسات‪ ،‬فيكتس ي عالم املعقوالت حلة جديدة‪ ،‬تجعله مفهوما مقبوال وجذابا‬
‫لدى التالميذ"‪152.‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع ثالثة من الوسائل الديدكتيكية ‪:‬‬

‫‪‬الوسائل اللفظية التي تستعين باللغة‪ ،‬وتقوم على البيان‪ ،‬والشرح‪ ،‬والتفسير‪،‬‬
‫والتأويل‪ .‬وتتمثل في الوسائل التالية‪ :‬التمثيل‪ -‬الشواهد اللغوية‪ -‬السرد‪ -‬الوصف‪-‬‬
‫القياس‪ -‬األمثال‪ -‬التشبيه‪ -‬التوضيح‪ -‬البرهنة‪ -‬االستدالل‪ -‬الحجاج‪ -‬االستشهاد‪-‬‬
‫االستقراء‪ -‬االستنباط‪ -‬الجدل‪ -‬الحوار‪ -‬التأثير‪ -‬واإلقناع‪ -‬االقتناع‪...‬؛‬

‫‪‬الوسائل البصرية هي التي تعتمد على األدوات املرئية والسيميائية وما يتعلق‬
‫بالحاسة البصرية ‪ ،‬مثل‪ :‬الخطاطات‪ -‬الجداول‪ -‬املبيانات‪-‬الصور‪ -‬الخرائط‪-‬‬
‫األيقونات‪ -‬املنحوتات‪ -‬السبورة‪ -‬الكتاب الكتب‪ -‬األشكال املادية‪ -‬الرموز‪ -‬اللوحات‪...‬؛‬

‫‪‬الوسائل التكنولوجية والرقمية واإللكترونية املعاصرة التي ترتبط بعالم‬


‫الحاسوب والعقل االصطناعي‪ ،‬مثل‪ :‬الراديو‪ -‬املسجلة‪ -‬التلفزيون‪ -‬الفضائيات‪-‬‬
‫السينما‪ -‬الحاسوب‪ -‬اإلعالميات‪ -‬السبيرنطيقا‪ -‬البرمجيات‪ -‬األشرطة‪ -‬الفيديو‪-‬‬
‫أدوات التصوير‪...-‬‬

‫ثالثا‪ ،‬تنويع الطرائق التدريسية والتعليمية‪:‬‬


‫يقصد بالطرائق الديدكتيكية تلك األنشطة واألشكال واألعمال التي يقوم هها املدرس‬
‫من أجل توصيل املحتويات واملعارف واملهارات إلى املتعلم بغية تحقيق مجموعة من‬
‫األهداف العامة أو الخاصة‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬إنها عبارة عن مناهج تدريسية يستعملها‬

‫‪ -152‬نفسه‪ ،‬ص‪.03:‬‬
‫‪215‬‬
‫املدرس أو املتعلم لتحصيل هدف ما أو تحقيق كفاية ما‪ .‬ويعني هذا أن الطرائق هي‬
‫مقاربات تعليمية‪ ،‬وتقنيات تدريسية‪ ،‬وآليات تنشيطية‪ ،‬ووسائط لفظية أو بصرية أو‬
‫رقمية أو بحثية لنقل املعارف بغية تحقيق مجموعة من األهداف والكفايات‬
‫والغايات األساسية‪.‬‬

‫ويمكن جمع كل الطرائق التدريسية في األنواع التالية‪ :‬األشكال اإللقائية‪ ،‬واألشكال‬


‫الحوارية‪ ،‬وأشكال البحث‪ ،‬وعمل املجموعات‪ .‬و"ال يخفى أن هناك طرائق عديدة‬
‫يمكن اتباعها؛ ومنها الطرائق التي تركز على نشاط التلميذ مثل طريقة حل‬
‫املشكالت‪ ،‬أو الطرائق التي تنظم التعلمات حول مشروع معين(بيداغوجيا املشروع)‪،‬‬
‫أو حول نشاط وظيفي( دوكرولي‪ -‬فريني)‪ ،‬ومنها أيضا مجموع املمارسات البيداغوجية‬
‫التي تفردن األنشطة حسب مواصفات التالميذ واهتماماتهم‪ .‬وهو إجراء مهم من‬
‫منظور اإلدماج‪ ،‬بحيث إن املكتسبات املختلفة تترسخ بشكل فردي لدى التلميذ‪ ،‬بما‬
‫فيها األهداف النوعية والقدرات والكفايات‪"153.‬‬

‫وإذا كانت املدرسة التقليدية مدرسة تلقينية بامتياز‪ ،‬تعتمد على سلطة املدرس‬
‫املطلقة ‪ ،‬وطرائق الحفظ واالستذكار والتدوين والتحشية؛ فإن املدرسة الحديثة قد‬
‫تمثلت مجموعة من الطرائق القائمة على الحوار والبحث والعمل في املجموعات‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬تعد الطرائق الفعالة من أهم التقنيات واآلليات اإلجرائية لتحقيق‬
‫الديمقراطية الحقيقية‪ ،‬والسيما أنها من مقومات التربية الحديثة واملعاصرة في‬
‫الغرب كما قال السيد بلوخ( ‪ ) Bloch‬حينما أثبت أن نجاح املدرسة الفعالة " الزب‬

‫‪ -153‬انظر‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪ ،‬ص‪.07:‬‬
‫‪216‬‬
‫من أجل بزوغ مجتمع ديمقراطي اليمكن أن يكون كذلك إال عن طريق منطوق‬
‫مؤسساته"‪.154‬‬

‫وقد ظهرت هذه الطرائق الفعالة في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر وبداية‬
‫‪ ،) Maria Montessori‬وجون‬ ‫القرن العشرين مع ماريا مونتيسوري(‬
‫‪ ،)Claparide‬وكرشنشتاير( ‪،)Kerschensteiner‬‬ ‫ديوي(‪ ،)Dewey‬وكالباريد(‬
‫وفرينيه( ‪ ،)Freinet‬وكارل روجرز( ‪ ،)Rogers‬ومكارنكو( ‪ ،)Makarenko‬وريبول(‬
‫‪ ،)Reboul‬وفيريير( ‪ ،)Ferrière‬وجان ( ‪...)J.Piaget‬‬

‫وتعتمد هذه الطرائق الفعالة الحديثة على عدة مبادئ أساسية أال وهي‪ :‬اللعب‪،‬‬
‫وتعلم الحياة عن طريق الحياة‪ ،‬والتعلم الذاتي‪ ،‬والحرية‪ ،‬واملنفعة العملية‪ ،‬وتفتح‬
‫الشخصية‪ ،‬واالعتماد على السيكولوجيا الحديثة‪ ،‬واالستهداء بالفكر التعاوني‪،‬‬
‫واألخذ بالتسيير الذاتي‪ ،‬وتطبيق الالتوجيهية‪ ،‬ودمقرطة التربية والتعليم‪...‬‬

‫ويؤكد أصحاب الطرائق الفعالة الحديثة‪ ،‬بلغة تكاد تكون واحدة‪ ،‬رفضهم القاطع‬
‫للنزعة التسلطية والتلقينية‪ ،‬مع ضرورة" تدعيم والدة مجتمع ديمقراطي‪ ،‬مادامت‬
‫املدرسة التقليدية التكون الكيان الشخص ي كما التحقق الدمج االجتماعي‪ ،‬بل تؤدي‬
‫على العكس في آن واحد إلى تمييع املجتمع‪ ،‬وإلى قيام النزعة الفردية األنانية‪ .‬ويضيف‬
‫أولهم ‪ -‬ونعني كالباريد‪ -‬أن عالج مثل هذه النقيصة اليكون بأن ندخل على هامش‬
‫األمر تربية مدنية غريبة عن أي تربية من هذا الطراز التقليدي‪ .‬وجميعهم يشيد‬
‫بالقيادة الذاتية لسبب وحيد هو أنهم يريدون أن يحلوا محل النظم الزجرية التي‬

‫‪ - 154‬غي آفانزيني‪ :‬الجمود والتجديد في التربية املدرسية‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد هللا عبد الدائم‪ ،‬دار العلم للماليين‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪ ،‬ص‪.202:‬‬
‫‪217‬‬
‫ييسر الترويض ذيوعها وانتشارها‪ ،‬بأخرى جديدة تشتمل على املشاركة واملسؤولية‪،‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬على ما ييسر انطالق الشعور الغيري‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬إنهم يخشون‪ ،‬في حال غياب التدريب املناسب‪ ،‬أن تنحدر الديمقراطية‪،‬‬
‫فتغدو حكم التفاهة والضعة‪155".‬‬

‫إذا‪ ،‬فالطرائق الفعالة والنشيطة التي أفرزتها التربية الحديثة من أهم مقومات‬
‫التدبير الديدكتيكي على مستوى التعلمات‪.‬‬

‫ويعد الفكر التعاوني من أهم اآلليات لتحقيق الديمقراطية التربوية الحقيقية؛ ألن‬
‫االشتغال في فريق تربوي داخل جماعة معينة‪ ،‬يساعد التلميذ على التفتح والنمو‬
‫واكتساب املعارف والتجارب لدى الغير ‪ .‬كما يبعده عن كثير من التصرفات الشائنة‪،‬‬
‫ويجنبه أيضا الصفات السلبية كاالنكماش‪ ،‬واالنعزالية‪ ،‬واالنطواء‪ ،‬واإلحساس‬
‫بالخوف والنقص والدونية؛ ويساعده على التخلص من األنانية وحب الذات ‪.‬‬

‫واليمكن للدول أن تحقق التقدم واالزدهار إال إذا اشتغلت في إطار فريق جماعي كما‬
‫في الغرب والواليات املتحدة األمريكية؛ حيث يتربى العلماء والباحثون على الفكر‬
‫التعاوني‪ ،‬والبحث في فريق جماعي لتحقيق األهداف التي انطلقوا منها في مشاريعهم‬
‫العملية ‪ ،‬والعلمية‪ ،‬والثقافية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يبدو أن بيداغوجيا الفكر التعاوني من أسس تحقيق التعليم الديمقراطي‪،‬‬
‫وتحديث التعليم‪ ،‬ودمقرطة التربية واملجتمع على حد سواء؛ ألنها تزيل الفوارق‬
‫االجتماعية‪ ،‬وتذيب كل التمايزات اللونية واللغوية والطبقية‪.‬‬

‫‪ - 155‬غي آفانزيني‪ :‬الجمود والتجديد في التربية املدرسية‪ ،‬ص‪.246:‬‬


‫‪218‬‬
‫ومن أهم الذين دعوا إلى الفكر التعاوني لدمقرطة املدارس البروليتارية املربي‬
‫الفرنس ي سلستان فرينيه ‪ Célestin Freinet‬الذي استعمل مجموعة من الوسائل‬
‫التنشيطية لزرع الفكر التعاوني بين الناشئة التربوية‪ .‬وتتمثل هذه الوسائل في‬
‫استخدام املطبعة‪ ،‬والتراسل‪ ،‬والنصوص الحرة‪ ،‬والتحقيقات الخارجية‪ ،‬واالستهداء‬
‫بالعمل الجماعي‪ ،‬وتأسيس التعاونيات املدرسية‪ ،‬واستعمال الجذاذات ‪ ،‬والسهر على‬
‫إنشاء جريدة األطفال‪ ،‬واالعتماد على التسيير الجماعي‪ ،‬واالعتناء بكتاب الحياة‪،‬‬
‫وتنظيم خزانة العمل‪ ،‬وتشغيل اآلليات الحديثة كجهاز الفونو‪ ،‬واألسطوانات‪،‬‬
‫والسينما ‪...‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فمن خالل العمل داخل فريق‪ ،‬يمكن تحقيق ديمقراطية التعلم‬
‫وديمقراطية التعليم‪ ،‬وأجرأة التربية الديمقراطية ‪ ،‬بحل املشكالت التي تواجه‬
‫املتعلم في عامله املوضوعي بسهولة‪ ،‬و إنجاز األعمال املطلوبة منه بشكل فعال من‬
‫خالل عالج الكثير من اآلفات النفسية الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية‪،‬‬
‫والنبذ‪ ،‬والكراهية‪ ،‬والنفور‪ .‬ثم استبدال ذلك كله بمشاعر أكثر نبال كاالنسجام‪،‬‬
‫والتوافق‪ ،‬والتشارك‪ ،‬والتعاون‪ ،‬واالبتكار الجماعي‪ ،‬واإلبداع الهادف‪.‬‬

‫وإلزالة القيم السلبية‪ ،‬والحد من املشاعر الفردية السيئة‪ ،‬البد من دفع املتعلم إلى‬
‫االنصهار في الجماعة ليكتسب سلوكيات جماعية‪ ،‬ويتعود على الفكر االشتراكي‬
‫العملي بتدريب طاقته الجسدية والعقلية على تحقيق املردودية واإلنتاجية كما يقول‬
‫أنطون مكارينكو(‪ ، ) A. Makarenko‬وتعويد تالميذ الفصل على العمل الحر داخل‬
‫جماعات متجانسة من حيث السن واملستوى الدراس ي‪ ،‬كما يقول كوزينيه(‬
‫‪ ،)Cousinet‬وخلق فرص للعمل الجماعي من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مبدع‬
‫ومزدهر‪.‬‬
‫‪219‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يمكن الحديث عن بيداغوجيا مؤسساتية مفادها أن جميع املربين‪،‬‬
‫وبدون استثناء‪ ،‬يرفضون تحويل املؤسسة التربوية إلى مؤسسة الثكنة‪ ،‬أو فضاء‬
‫بيروقراطي يكرس التمييز العنصري ‪ ،‬ويؤجج الصراع الطبقي‪ ،‬أو يتم إصالحها‬
‫خارجيا ؛ بل ينبغي أن يكون اإلصالح داخليا قائما على مبادئ البيداغوجيا‬
‫املؤسساتية( ‪ ) INSTITUTIONNELLE PIDAGOGIE‬التي نظر لها كل من أوري(‬
‫‪ ) OURY‬ولوبرو( ‪ ) LOBROT‬والپاساد( ‪.) LAPASSADE‬‬

‫ومن املعروف أن املدرسة املؤسساتية اتجاه ظهر في فرنسا يعتبر أن اإلصالح" يجب‬
‫أن يمر عبر املؤسسة‪ ،‬باإلضافة إلى البنيات االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬ومن ثمة‬
‫يجب االهتمام بمفهوم اإلدارة الذاتية والتسيير الذاتي من أجل تحقيق االستقالل‬
‫ي مفتوح"‪1.‬‬ ‫الذاتي للمتربين في إطار مؤسس‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ترفض هذه البيداغوجيا الجديدة املدرسة الثكنة التي تخنق التلميذ بنظامها‬
‫االنضباطي البيروقراطي الذي يحد من حرية التلميذ‪ ،‬فتتحول املدرسة إلى صندوق‬
‫أسود‪ ،‬أو إلى ثكنة عسكرية التؤمن إال بالنظام واالنضباط على حساب حرية التلميذ‬
‫ولعبه من جهة‪ ،‬وأنشطته الثقافية والفنية والرياضية والعلمية من جهة أخرى‪.‬‬

‫لهذا‪ ،‬تقترح البيداغوجيا املؤسساتية مدرسة مرنة ومنفتحة‪ ،‬تنبع قوانينها من‬
‫التفاعل الداخلي ألفرادها قصد االنتقال باملدرسة من مؤسسة التلقين والتوجيه‬
‫واالنضباط الوحش ي نحو مؤسسة إبداعية فاعلة وفعالة مبدعة ومبتكرة بامتياز‪،‬‬
‫تسعى إلى تحقيق التقدم واالزدهار‪.‬‬

‫وال ننس ى كذلك أهمية الشراكة التربوية وخلق مشاريع املؤسسة لتنمية املؤسسة‬
‫التربوية‪ ،‬وإزالة تناقضاتها االقتصادية واالجتماعية الصارخة؛ألن املدرسة جزء من‬

‫‪220‬‬
‫املجتمع‪ ،‬ومرآة صادقة تعكس سلبياته وتفاوتاته الطبقية الصارخة التي يجسدها‬
‫املتعلمون داخل الساحة املدرسية أو داخل الصف الدراس ي‪.‬‬

‫أما البيداغوجيا الالتوجيهية‪ ،‬فتنبني على التعلم الذاتي والتسيير الشخص ي‪ ،‬واعتماد‬
‫املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته‪ ،‬وأداء أعماله‪ .‬ويتحول املدرس ‪ -‬هنا‪ -‬إلى مشرف‬
‫مرشد‪ ،‬وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك‪ .‬وتعتمد الالتوجيهية على الحرية‬
‫والعفوية والتلقائية‪ ،‬وبناء املعرفة عن طريق التدريج املنطقي والشخص ي‪ ،‬واالبتعاد‬
‫عن طرائق التدريس التلقينية القائمة على اإلكراه‪ ،‬والتلقين‪ ،‬والحفظ ‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬تزرع هذه الطريقة الالتوجيهية الحديثة الثقة في املتعلم‪ ،‬وتعوده على املثابرة‬
‫الشخصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة‪ ،‬واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل‬
‫املشاكل والوضعيات‪ ،‬وتطويع الصعوبات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد‬
‫سواء‪.‬‬

‫ومن أهم املنظرين للبيداغوجيا الالتوجيهية جان جاك روسو( ‪،)Rousseau‬‬


‫وأوليفييه ريبول( ‪ ،)Olivier Reboul‬وكارل روجرز( ‪.)C.Rogers‬‬

‫رابعا‪ ،‬استعمال التواصل اللفظي وغيراللفظي‪:‬‬


‫يتكئ التواصل التعليمي على املرسل ( املدرس)‪ ،‬والرسالة ( املادة الدراسية)‪ ،‬واملتلقي‬
‫( التلميذ)‪ ،‬والقناة( التفاعالت اللفظية وغير اللفظية)‪ ،‬والوسائل الديدكتيكية (‬
‫املقرر واملنهاج ووسائل اإليضاح والوسائل السمعية البصرية‪ ،)...‬واملدخالت(‬
‫الكفايات واألهداف)‪ ،‬والسياق( املكان والزمان واملجزوءات)‪ ،‬واملخرجات( تقويم‬
‫املدخالت)‪ ،‬والفيدباك (تصحيح التواصل ‪ ،‬وإزالة عمليات التشويش وسوء الفهم)‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فالتواصل التربوي نوعان‪ :‬تواصل لساني وتواصل غير لفظي‪ .‬فالتواصل‬
‫اللفظي هو الذي يكون بين الذوات املتكلمة‪ ،‬ويتجلى في شكل وحدات فونيمية‪،‬‬
‫ومقطعية‪ ،‬و مورفيمية‪ ،‬ومعجمية‪ ،‬وتركيبية‪ .‬أي‪ :‬يعتمد التواصل اللغوي على‬
‫أصوات‪ ،‬ومقاطع‪ ،‬وكلمات‪ ،‬وجمل‪.‬‬

‫ويتم التواصل اللغوي عبر القناة الصوتية السمعية‪ .‬أي‪ :‬يتكئ أساسا على اللغة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويتحقق سمعيا وصوتيا‪ .‬فاللغة املنطوقة لها مستوى لغوي عبارة عن‬
‫نظام من العالمات الدالة وظيفتها التواصل‪ .‬وتتفق البنيوية والتداولية معا على‬
‫اعتبار اللغة وسيلة للتواصل ‪ ،‬على عكس التوليدية التحويلية ‪ -‬بزعامة نوام‬
‫شومسكي ‪ -‬ترى أن اللغة لها وظيفة تعبيرية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تقر بأن التواصل ما هو إال‬
‫وظيفة إلى جانب وظائف أخرى قد تؤديها اللغة‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬ترى املدرسة الوظيفية األوربية‪ ،‬بشقيها الشرقي والغربي‪ ،‬أن اللغة‬
‫اإلنسانية وظيفتها التواصل؛ إذ يعرف أندري مارتيني (‪ )A.Martinet‬اللغة على أنها‬
‫تمفصل مزدوج ‪ ،‬وظيفتها األساسية التواصل‪ .‬ويعني بالتمفصلين‪ :‬املونيمات‬
‫والفونيمات‪ .‬وتذهب سيميولوجية التواصل إلى تبني وظيفة املقصدية ‪ ،‬ويمثل هذا‬
‫االتجاه‪ :‬جورج مونان‪ ،‬وبرييطو‪ ،‬وبويسنس‪ ،‬واملدرسة الوظيفية بصفة عامة‪.‬‬

‫فالذي يريد أن يدرس اللغة على أساس أنها أداة للتواصل‪ ،‬ينبغي له أن يستند إلى‬
‫علوم لسانية كعلم الداللة والسيميوطيقا والسيميولوجيا‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يقول‬
‫نادرمحمد سراج‪:‬‬

‫" يتواصل متكلمو لغة إنسانية معينة فيما بينهم بسهولة ويسر‪ ،‬وذلك مرده إلى أن‬
‫كال منهم يمتلك ويستخدم في البيئة اللغوية عينها‪ ،‬نسق القواعد نفسه‪ ،‬األمر الذي‬

‫‪222‬‬
‫يتيح له سهولة استقبال‪ ،‬وإرسال‪ ،‬وتحليل املرسالت اللغوية كافة‪ ،‬هذا ما يحدث‬
‫مبدئيا عبر ما نسميه شكل التواصل الكالمي ‪ Communication verbal‬وهو الشكل‬
‫األكثر انتشارا واستعماال"‪.156‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يكون التواصل‪ ،‬داخل الفصل الدراس ي‪ ،‬تواصال غير لفظي‪ ،‬يعتمد‬
‫على الحركات واإلشارات والعالمات السيميوطيقية الزمنية واملكانية والعالئقية‪ .‬ومن‬
‫هنا‪ ،‬فإن مالحظة عادية ملا يجري داخل الفصل الدراس ي من سلوكيات غير لفظية‬
‫بين املدرس والتالميذ‪ ،‬تشكل كنزا من املعلومات واملؤشرات على جوانب انفعالية‬
‫ووجدانية‪ .‬كما تكشف عن املخفي واملستور في كل عالقة إنسانية‪ .‬وفي هذا الصدد‪،‬‬
‫يقول فرويد‪:‬‬

‫" من له عينان يرى ههما يعلم أن البشر اليمكن أن يخفوا أي سر‪ ،‬فالذي تصمت‬
‫شفتاه يتكلم بأطراف أصابعه‪ ،‬إن كل هذه السموم تفضحه"‪.157‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يساعدنا التواصل املرئي على تحديد الجوانب التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد املؤشرات الدالة على االنفعاالت والعالقات الوجدانية بين املرسل‬


‫واملتلقي؛‬

‫‪ ‬تعزيز الخطاب اللغوي ‪ ،‬وإغناء الرسالة بتدعيمها بالحركات لضمان استمرارية‬


‫التواصل بين املرسل واملتلقي؛‬

‫‪ -156‬محمد نادر سراج‪ ( :‬التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر الراهن)‪ ،‬الفكرالعربي‬
‫املعاصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬العددان‪ ،03/02 :‬السنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.07:‬‬
‫‪157 - Edward .T.Hall: la dimension cachée. Ed Seuil. Coll. Point, n° 89.1971, P:13.‬‬

‫‪223‬‬
‫‪ ‬يؤشر التواصل غير اللفظي على الهوية الثقافية للمتواصلين من خالل نظام‬
‫الحركات‪ ،‬واإلشارات الجسدية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يكون التواصل‪ ،‬في الفصل الدراس ي‪ ،‬لغويا أو غير لغوي‪ .‬ويكون التواصل‬
‫أيضا عموديا من األعلى إلى األسفل كما في املدرسة التقليدية‪ .‬ويكون تواصال متنوع‬
‫الجهات والحركات كما في املدرسة الحديثة‪.‬أي‪ :‬يكون تواصال عموديا علويا وسفليا‪.‬‬
‫ويكون تواصال أفقيا يتم بين التالميذ أنفسهم‪...‬إال أن التواصل ال يقتصر ‪ -‬اليوم‪-‬‬
‫على ماهو لفظي وبصري‪ ،‬بل أصبح تواصال رقميا متعدد األبعاد‪ ،‬ينفتح على‬
‫الشبكات العنقودية إعالما‪ ،‬واتصاال‪ ،‬وتثاقفا‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬التحكم في اإليقاعات الزمانية ‪:‬‬


‫يع نند تنظ ننيم ال ننزمن وال ننتحكم في ننه م ننن آلي نات ت نندبير الفص ننل الدراس ن ي تعليمي ننا بض ننبط‬
‫ال ننزمن س نننويا ف نني ش ننكل توزي ننع س نننوي‪ ،‬أو ض ننبطه مرحلي ننا ف نني ش ننكل توزي ننع مرحلن نني‪ ،‬أو‬
‫ضنبطه شنهريا فني شنكل توزينع شنهري‪ ،‬أو ضنبطه يومينا فني شنكل منذكرة يومينة‪ ،‬ويتحقنق‬
‫هنذا كلنه بتوزينع الندروس واألنشنطة والفنروض واالختبنارات بنين شنهور السننة الدراسننية‬
‫بشننكل محك ننم ودقي ننق‪ ،‬يراع نني العط ننل وأي ننام العط ننل واألعي نناد والغ ننالف الزمن نني الدراس ن ي‬
‫الفعلي لكل شهر‪ .‬ويمكن توزيع املقرر اعتمادا على املقيناس الزمنني كندروس ‪73‬دقيقنة‪،‬‬
‫ودروس ‪62‬دقيقة‪ ،‬ودروس ‪ 23‬دقيقة ‪ -‬مثال‪...-‬‬

‫الب نند للم نندرس أن ي ننتحكم جي نندا ف نني اإليقاع ننات الزمني ننة املتعلق ننة بك ننل مس ننتوى دراسن ن ي‬
‫معين ؛ حيث يخصص لكل قسم ظرفا زمنيا مناسبا يؤهنل املنتعلم للننتأقلم منع املحنيط‬
‫الترب ننوي وال ننواقعي‪ .‬وهن ننا‪ ،‬يمك ننن الح ننديث ع ننن التكيي ننف الزمن نني أو اإليق نناعي أو البيئ نني‬
‫الذي يراعي بيئنة املنتعلم كاالسنتراحة فني أينام األسنواق األسنبوعية بندل األينام الرسنمية ؛‬

‫‪224‬‬
‫ألن املتعلم يصاحب أبناه إلنى السنوق‪ ،‬ويننوب عننه فني ذلنك‪ .‬بعبنارة أخنرى‪ ،‬يراعني املندرس‬
‫كل الحصص واملدة الزمنينة املخصصنة لكنل وحندة دراسنية دون أن يكنون ذلنك لصنالح‬
‫مسن ن ننتوى علن ن ننى حسن ن نناب مسن ن ننتوى آخن ن ننر‪.‬أي‪ :‬يراعن ن نني مقن ن نناييس االنضن ن ننباط‪ ،‬والن ن ننتحكم‪،‬‬
‫واالنسجام‪ ،‬واالستيفاء‪ ،‬مع احترام إيقاع كل قسم على حدة‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع عدة من استعمال الزمن‪:‬‬

‫أ‪ -‬استعمال الزم ــن الع ــادي‪:‬‬

‫يتعلن ننق بن ننزمن االسن ننتقبال‪ ،‬وزمن ننن الن ننتعلم‪ ،‬وزمن ننن االسن ننتراحة‪ ،‬وزمن ننن االنص ن نراف‪ ،‬وزمن ننن‬
‫األنشننطة الرياضننية والفنيننة‪ .‬وتشننترك األقسننام املشننتركة‪ ،‬فنني هننذا الزمننان‪ ،‬مننع األقسننام‬
‫العادية املوحدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬استعمال الزمن املشترك‪:‬‬

‫يعن ننى بك ننل مايق نندم م ننن التعلم ننات والخبن نرات للقس ننم املش ننترك بغي ننة تحقي ننق ن ننوع م ننن‬
‫االنسننجام داخننل الفصننل الدراسن ي‪ .‬ويتعلننق هننذا الننزمن بحصننص التقننويم التشخيص ن ي‬
‫املشننترك‪ ،‬وحصننص التقننديم املشننترك‪ ،‬وحصننص اإلنجنناز املشننترك‪ ،‬وحصننص التطبيننق‬
‫أوالتق ننويم املش ننترك‪...‬أو يمك ننن الح ننديث ع ننن حص ننص االس ننتقبال املش ننترك‪ ،‬وحص ننص‬
‫التقننديم املشننترك‪ ،‬وحصننص العمننل املشننترك ‪ ،‬وحصننص التفكيننر املشننترك‪ ،‬وحصننص‬
‫البحث املشترك‪...‬‬

‫ت‪ -‬استعمال الزمن الخاص بالورشات‪:‬‬

‫يخص ننص امل نندرس حصص ننا دراس ننية للورش ننات الدراس ننية التطبيقي ننة والفني ننة بتقس ننيم‬
‫الفص ن ن ننل الدراسن ن ن ن ي إل ن ن ننى مجموع ن ن ننات أو جماع ن ن ننات أو ف ن ن ننرق وف ن ن ننق أس ن ن ننس ديناميكي ن ن ننة‬

‫‪225‬‬
‫الجماعننات‪ ،‬بنندفع اآلخننرين إلننى العمننل باالعتمنناد علننى أنفسننهم مننن خننالل الننتعلم الننذاتي‪.‬‬
‫وقنند تنصننب تلننك الورشننات علننى الق نراءة‪ ،‬والكتابننة‪ ،‬والحسنناب‪ ،‬والتواصننل‪ ،‬واألنشننطة‬
‫الفنية والتشكيلية‪ .‬عالوة علنى ورشنات املطالعنة والتثقينف وفهنم النصنوص وتلخيصنها‬
‫وتحليلها‪ ،‬وورشات اإلبداع واإلنتاج واالبتكار‪...‬‬

‫ويمكن الحديث عن مجموعة من الورشات‪ ،‬مثل‪ :‬الورشنات املوجهنة منن قبنل املندرس‪،‬‬
‫والورش ننات املس ننتقلة الت نني تعتم نند عل ننى مب ننادرات امل ننتعلم وقدرات ننه الذاتي ننة ف نني ال ننتعلم‪،‬‬
‫والورشننات شننبه املوجهننة أو املرفقننة بعريننف أو قائنند مننتمكن وكننفء‪ ،‬وورشننات املشنناريع‬
‫الحرة‪ ،‬مثل‪ :‬الورشات الثقافية والفنية‪ ،‬والورشات األدبية‪ ،‬والورشات العلمية‪...‬‬

‫ث‪ -‬استعمال الزمن الفردي ‪:‬‬


‫يخصص املدرس زمنا للتفريد بتتبع املتعلم بطريقة فردينة‪ ،‬ومراقبنة إنجازاتنه وأعمالنه‬
‫وتطبيقاتنه وأداءاتنه‪ ،‬ومراقبنة واجباتننه املنزلينة بتقنديم الندعم الكننافي واملناسنب فني حالننة‬
‫تعثننره‪ ،‬أو عنندم قدرتننه علننى مواكبننة مختلننف الوضننعيات املقدمننة لننه‪ .‬والبنند مننن تحدينند‬
‫ه ننذا ال ننزمن داخ ننل مخطط ننه اإليق نناعي الع ننام‪ ،‬ويخت نناره بدق ننة وعناي ننة ض ننمن م ننا يس ننمى‬
‫بالبيداغوجيا الفارقية‪.‬‬

‫ج‪ -‬استعمال الزمن املوازي‪:‬‬

‫يمكن الحديث عن الزمن التعليمي املتعلق بالفصل الدراس ي منن جهنة‪ ،‬والنزمن املنوازي‬
‫الننذي يننرتبط بفتننرة االسننتراحة أو بوقننت الف نراغ مننن جهننة أخننرى‪ .‬وهنننا‪ ،‬يمكننن للمنندرس‬
‫أن يسنتثمر هنذا الوقنت لخلننق الحيناة السنعيدة املثلنى‪ ،‬وتأهيننل املنتعلم وتنأطيره وتكوينننه‬
‫بشننكل جينند‪ ،‬وخلننق مختلننف األنشننطة لتحفيننز املننتعلم علننى اإلبننداع والخلننق واالبتكننار‬
‫والتخييل واإلنشاء‪ ،‬وإظهار قدراته وكفاءاته وميوله ‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫ح‪ -‬اإليقاع الزمني املرتبط بالعطل واملناسبات‪:‬‬

‫يننرتبط اإليقنناع الزمننني املدرس ن ي بمجموعننة مننن األحننداث والعطننل واملناسننبات الوطنيننة‬
‫والعاملية‪.‬لننذا‪ ،‬البنند للمنندرس مننن خلننق أنشننطة تتننواءم وتتناسننب مننع فتنرات تلننك األعينناد‬
‫واملناس ن ننبات‪ ،‬نك ن ننأن تك ن ننون أنش ن ننطة ثقافي ن ننة وطني ن ننة‪ ،‬أو أنش ن ننطة إعالمي ن ننة ‪ ،‬أو أنش ن ننطة‬
‫اجتماعيننة‪ ،‬أو أنشننطة بيأيننة ‪ ،‬أو أنشننطة اقتصننادية‪ ،‬أو أنشننطة أدبيننة وفنيننة وعلميننة‬
‫وتقني ن ننة‪ ،‬أو أنش ن ننطة ديني ن ننة ‪ ،‬أو أنش ن ننطة حقوقي ن ننة‪ ،‬أو أنش ن ننطة سياس ن ننية‪ ،‬أو أنش ن ننطة‬
‫صحية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫الئحة األعياد واملناسبات الوطنية والعاملية‬

‫‪ .3‬مجال البيئة والصحة‬

‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪ 6‬شتنبر‬ ‫اليوم العالنمي لإلسعافات األولية‬

‫‪ 33‬شتنبر‬ ‫اليوم العالنمي لحماية طبقة األوزون‬

‫األسبوع األخير من شهر شتنبر‬ ‫اليوم العالنمي للبحر‬

‫‪ 23‬شتنبر‬ ‫اليوم العالنمي للقلب‬

‫‪ 7‬أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي للحيوان‬

‫األربعاء الثاني من شهر أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي للوقاية من الكوارث الطبيعية‬

‫‪ 37‬أكتوبر‬ ‫اليوم العربي للبيئة‬

‫‪ 33‬أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي للتغذية‬

‫‪227‬‬
‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪ 37‬نونبر‬ ‫اليوم الوطني للشجرة‬

‫فاتح دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي للسيدا‬

‫‪ 6‬دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي للمعاقين‬

‫‪ 0‬دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي لنظافة البيئة‬

‫‪ 26‬دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي للتنوع البيولوجي‬

‫‪ 2‬فبراير‬ ‫اليوم العالنمي للنمناطق الرطبة‬

‫‪ 7‬فبراير‬ ‫اليوم العالنمي لنمكافحة مرض السرطان‬

‫‪ 22‬أو ‪ 23‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي لألرض‬

‫من ‪ 23‬إلى ‪ 20‬مارس‬ ‫األسبوع العالنمي للغابة‬

‫‪ 22‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي للنماء‬

‫‪ 26‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي للرصد الجوي‬

‫‪ 27‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي لنمكافحة مرض السل‬

‫‪ 4‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي للصحة‬

‫‪ 33‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي لنمرض باركنسن‬

‫‪ 34‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي للهيموفيليا‬

‫‪ 22‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي لألرض‬

‫‪ 23‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي لنمكافحة مرض النمالريا‬

‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪228‬‬
‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪ 6‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للشمس‬

‫‪ 33‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للكائنات النمهددة‬

‫‪ 32‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للتمريض‬

‫‪ 22‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للتنوع البيئي‬

‫‪ 20‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي من أجل تنمية صحة النمرأة‬

‫‪ 63‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي بدون تدخين‬

‫‪ 3‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي للبيئة‬

‫‪ 0‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي للمحيط‬

‫‪ 34‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي لنمحاربة التصحر والجفاف‬

‫‪ 23‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي لنمكافحة النمخدرات‬

‫‪ 24‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي لنمحاربة داء السكري‬

‫‪ .2‬مجال التربية على حقوق اإلنسان والنمواطنة‬

‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪ 23‬شتنبر ‪ 3 /‬يناير‬ ‫اليوم العالنمي للسالم‬

‫‪ 24‬شتنبر‬ ‫اليوم العالنمي لنمقاومة الحروب واالحتالل‬

‫‪ 2‬أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي لالعنف‬

‫‪ 4‬أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي للطفل‬

‫‪ 32‬أكتوبر‬ ‫اليوم الوطني للنمرأة‬

‫‪ 27‬أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي لألمم النمتحدة‬

‫‪ 3‬نونبر‬ ‫ذكرى النمسيرة الخضراء‬

‫‪229‬‬
‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪ 6‬نونبر‬ ‫اليوم العالنمي للحرية‬

‫‪ 33‬نونبر‬ ‫اليوم العالنمي للتسامح والتنمية‬

‫‪ 30‬نونبر‬ ‫عيد االستقالل‬

‫‪ 22‬نونبر‬ ‫اليوم العالنمي لحقوق الطفل‬

‫‪ 23‬نونبر‬ ‫اليوم العالنمي لنمناهضة العنف ضد النساء‬

‫‪ 26‬نونبر‬ ‫اليوم العالنمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني‬

‫‪ 2‬دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي للقضاء على الرق‬

‫‪ 32‬دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي لحقوق اإلنسان‬

‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪ 33‬يناير‬ ‫ذكرى تقديم وثيقة االستقالل‬

‫‪ 0‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي لحقوق النمرأة‬

‫‪ 23‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي لنمكافحة التمييز العنصري‬

‫فاتح ماي‬ ‫اليوم العالنمي للشغل‬

‫‪ 6‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي لحرية الصحافة‬

‫‪ 23‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي لألطفال النمختفين‬

‫‪ 3‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي للطفولة‬

‫‪ 7‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي لألطفال ضحايا االعتداءات‬

‫‪ 32‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي لنمحاربة تشغيل األطفال‬

‫‪230‬‬
‫‪ .6‬النمجال الثقافي واالجتماعي‬

‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫األربعاء الثاني من شهر شتنبر‬ ‫عيد النمدرسة‬

‫‪ 0‬شتنبر‬ ‫اليوم العالنمي لنمحو األمية‬

‫فاتح أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي لألشخاص النمسنين‬

‫‪ 3‬أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي للنمدرس‬

‫االثنين األول من شهر أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي للسكن‬

‫‪ 34‬أكتوبر‬ ‫اليوم العالنمي للقضاء على الفقر‬

‫من فاتح إلى ‪ 32‬نونبر‬ ‫الحملة الوطنية للتضامن ضد الفقر‬

‫‪ 33‬نونبر‬ ‫اليوم الوطني للصحافة واإلعالم‬

‫‪ 23‬نونبر‬ ‫اليوم العالنمي للتلفزة‬

‫السبت األخير من شهر نونبر‬ ‫اليوم الوطني للتعاون النمدرس ي‬

‫‪ 6‬دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي لألشخاص النمعاقين‬

‫‪ 22‬دجنبر‬ ‫اليوم العالنمي للتضامن اإلنساني‬

‫‪ 3‬يناير ‪ 33 /‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي لألسرة‬

‫‪ 3‬يناير‬ ‫اليوم الوطني لنمحاربة الرشوة‬

‫‪ 23‬فبراير‬ ‫اليوم العالنمي للغة األم‬

‫‪ 23‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي للشعر‬

‫‪ 24‬مارس‬ ‫اليوم العالنمي للنمسرح‬

‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪231‬‬
‫التاريخ‬ ‫األيام الـمحتفى بها‬

‫‪ 30‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي للنمباني والنمواقع التاريخية‬

‫‪ 26‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي للكتاب وحقوق النمؤلف‬

‫‪ 23‬أبريل‬ ‫اليوم العالنمي للملكية الفكرية‬

‫‪ 0‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للهالل األحمر‬

‫‪ 37‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للنمسرح النمدرس ي‬

‫‪ 34‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للنمواصالت السلكية والالسلكية‬

‫‪ 30‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للنمتحف‬

‫‪ 23‬ماي‬ ‫اليوم العالنمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية‬

‫‪ 32‬يونيو‬ ‫اليوم الوطني لألعمال االجتماعية‬

‫‪ 37‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي للتبرع بالدم‬

‫‪ 33‬يونيو‬ ‫اليوم العالنمي لنمحاربة النمجاعة‬

‫‪ 24‬يونيو‬ ‫االحتفال بعيد األم‬

‫خ‪ -‬استعمال الزمن لالشتغال في مجموعات أو فرق‪:‬‬

‫يخصنص املندرس زمنننا لالشنتغال فنني فنرق ومجموعنات‪ ،‬ويتنرأس كنل فرقننة قائند كننفء أو‬
‫عري ننف م ننتمكن م ننن آلي ننات الق نراءة والكتاب ننة والحس نناب والتواص ننل الكت ننابي والش ننفوي‪.‬‬
‫ويختنار املندرس الفريننق أو الجماعنة وفننق مقناييس ديناميكينة الجماعننة أو وفنق مقينناس‬
‫السوسن ننيوميترية‪ .‬وتشن ننتغل هن ننذه الفن ننرق علن ننى مواضن ننيع وأدوار متشن نناههة أو متقاربن ننة أو‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫ويتننأرجح اإليقنناع الزمننني للحصننة الدراسننية بننين عشننرين دقيقننة وسننتين دقيقننة‪.‬أي‪ :‬ثمننة‬
‫مننواد تسننتلزم خمسننا وعشننرين دقيقننة (القنراءة بالفرنسننية)‪ ،‬أو ثالثننين دقيقننة( الق نراءة‬
‫بالعربي ننة‪ ،‬والص ننرف والتحوي ننل‪ ، )...‬أو خمس ننا وأربع ننين دقيق ننة( الرياض ننيات‪ ،‬والنش نناط‬
‫العلمي‪ ،‬والتربية الفنية)‪ ،‬أو ستين دقيقة (التربية البدنية)‪...‬ويختلف هنذا منن مسنتوى‬
‫دراس ي إلى آخر‪.‬‬

‫وتننوزع الحصننة الزمنيننة كننذلك بننين مقنناطع النندرس املختلفننة كننأن يخصننص املنندرس ربننع‬
‫سن نناعة للمراجعن ننة والتقن ننديم‪ ،‬فن نني حصن ننة زمنين ننة تقن نندر بسن نناعة كاملن ننة‪ ،‬ونصن ننف سن نناعة‬
‫لتق ننديم ال نندرس‪ ،‬ورب ننع س نناعة للتطبي ننق والتق ننويم اإلجم ننالي‪ .‬ويمك ننن أن يقس ننم امل نندرس‬
‫امل نادة الدراسننية إلننى حصننتين زمنيتننين كسنناعة لحصننة التقننديم والفهننم‪ ،‬وسنناعة أخننرى‬
‫للتحلي ننل والتركي ننب والتق ننويم ‪ ،‬كم ننا يب نندو ذل ننك جلي ننا ف نني حص ننة النص ننوص األدبي ننة ‪ ،‬ف نني‬
‫التعليم الثانوي التأهيلي‬

‫وتأسيسا على ماسبق‪ ،‬توزع الحصص الدراسية حسب اإليقاعات الزمنية زيادة‬
‫ونقصانا‪ ،‬أو حسب معيار املتجانس واملختلف كما في األقسام املشتركة من التعليم‬
‫االبتدائي‪ .‬بمعنى أن املدرس يمكن أن يخصص حصصا دراسية للمواد املتجانسة‬
‫كالنحو والصرف واإلمالء(صنف ألف)‪ ،‬ويخصص حصصا أخرى للمواد املتباينة ‪،‬‬
‫مثل‪ :‬الرياضيات والقراءة والتشكيل (صنف باء)‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬ال يمكن للفصل الدراس ي أن يحقق نتائجه اإليجابية إال بالتحكم في‬
‫اإليقاعات الزمانية‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتدبير الزمني‪ .‬ويشمل املواقيت‪ ،‬واستعماالت‬
‫الزمان‪ ،‬واإليقاعات‪ ،‬والعطل املدرسية ‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫وإذا كان اإليقاع الزمني في املدرسة التقليدية غير منظم وفق مقاييس تربوية ونفسية‬
‫واجتماعية دقيقة وواعية ومقننة؛ إذ كان األطفال محرومين من اللعب واالستراحة‬
‫والعطل؛ ألن ذلك يعد ‪ -‬حسب تصورها‪ -‬تضييعا للوقت وهدرا للطاقة‪ .‬فكان املهم ‪-‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ -‬هو حشو رؤوس املتعلمين باملعارف الكثيرة‪ ،‬وإن كان ذلك يتم على حساب‬
‫الكيف‪.‬‬

‫بيد أن املدرسة الحديثة قد نظمت إيقاعاتها الزمنية بشكل جيد وفق أسس التربية‬
‫الحديثة بمراعاة متطلبات علم النفس وعلم االجتماع‪ .‬لذا‪ ،‬فهناك أوقات متنوعة‬
‫ومختلفة‪ :‬وقت للدراسة‪ ،‬ووقت للعب‪ ،‬ووقت لالستراحة‪ ،‬ووقت للتنشيط‬
‫والتثقيف‪ ،‬ووقت للتجريب واالختبار‪ ،‬ووقت للعطلة واالستجمام‪ ،‬ووقت لالحتفال‬
‫باألعياد الوطنية والدينية‪ ،‬ووقت للتفرغ املنزلي‪...‬‬

‫‪234‬‬
‫وقد نص امليثاق الوطني للتربية والتكوين على أهمية تنظيم اإليقاعات الزمنية‬
‫التربوية والتعليمية بشكل يراعي الجوانب النفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والجغرافية ‪...‬؛‬
‫فقد قسم السنة الدراسية في املستويات التعليمية االبتدائية واإلعدادية والثانوية‬
‫إلى أربع مراحل‪ ،‬وكل مرحلة تتكون من ثمانية أسابيع‪ ،‬واملجموع أربعة وثالثون‬
‫أسبوعا كامال بالنشاط الفعلي‪ .‬ويحوي هذا الغالف الزمني مابين ‪3222‬و‪ 3222‬حصة‬
‫زمنية‪ .‬وتوزع هذه الحصص الدراسية حسب املحيط الجغرافي واملحلي‪ ،‬ويمكن‬
‫للسلطة التربوية أن تغير اإليقاعات الزمنية حسب الظروف الطارئة‪ ،‬مثل‪ :‬الكوارث‬
‫‪235‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬بشرط أن يستوفي املتعلمون الغالف الزمني املقرر رسميا‪ .‬أما على مستوى‬
‫الجامعات‪ ،‬فيمكن لرئاسة الجامعة أن تختار اإليقاع الزمني الذي يتناسب مع‬
‫التكوين الجامعي‪ ،‬ويمكن أن تأخذ بالدورة الصيفية‪ ،‬إذا كانت هناك حاجة إلى ذلك‪.‬‬
‫ولها الصالحية الكاملة في تثبيت إيقاع زمني معين‪ ،‬أو تغييره‪ ،‬أو تعديله جزئيا أو كليا‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما تبدأ الدراسة بالتعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي في شهر شتنبر من كل‬
‫سنة‪ ،‬وبالضبط في األربعاء من األسبوع الثاني من الشهر نفسه‪ .‬في حين‪ ،‬يلتحق‬
‫تالميذ البكالوريا في اليوم الخامس عشر من الشهر نفسه‪ .‬في حين‪ ،‬تنتهي السنة‬
‫الدراسية في شهر يونيو‪ ،‬وقد تمتد االمتحانات ( البكالوريا مثال) حتى شهر يوليوز‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فهناك سداسيان‪ :‬السداس ي األول الذي يبتدئ من شهر شتنبر‪ ،‬وينتهي في‬
‫شهر فبراير‪ .‬والسداس ي الثاني الذي يبتدئ من الشهر نفسه حتى شهر يوليوز‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا كان تدبير الفصل الدراس ي في املدرسة التقليدية منصبا على املتعلم‬
‫ومعرفته املطلقة‪ ،‬فإن تدبير الفصل في املدرسة الحديثة واملعاصرة يقوم على املتعلم‬
‫ومعرفته الكفائية في حل الوضعيات املعقدة‪ .‬ويضاف إلى هذا أن تدبير الفصل‬
‫خاضع لعملية التخطيط املحكم في مختلف مراحله ‪ ،‬كما يخضع لعملية التنظيم‬
‫مكانيا وزمانيا من خالل األخذ بقيادة مرنة ديمقراطية بعيدا عن القيادة املتصلبة أو‬
‫املتسيبة؛ ألن القيادة املرنة تساعد على ضمان جو الحرية واملشاركة والتعلم الذاتي‪،‬‬
‫وتوفير فرص الخلق واإلبداع واالبتكار ‪.‬‬

‫سادسا‪ ،‬تنظيم الفضاء الديدكتيكي بشكل جيد‪:‬‬


‫اليمكننن للعمليننة التربويننة أو للعمليننة التعليميننة‪-‬التعلميننة أن تحقننق نجاحهننا املرجننو إال‬
‫بت نندبير الفض نناء الدراس ن ي بش ننكل محك ننم وجي نند م ننن خ ننالل ال ننتحكم ف نني أمكنت ننه وأركان ننه‬

‫‪236‬‬
‫وجدران ن ننه وأثاث ن ننه ومقاع ن ننده وص ن ننفوفه‪ ،‬وتقس ن ننيمه تقس ن ننيما جي ن نندا يراع ن نني املس ن ننتويات‬
‫الدراسية‪ ،‬ويتواقف مع أسس السيكولوجيا النمائية والوجدانية والحسية‪-‬الحركية‪.‬‬

‫ولإلشارة ‪ ،‬فقد كان الفضاء الدراس ي‪ ،‬في املدرسة التقليدية ‪ ،‬فضاء عدوانيا مغلقا‬
‫رتيبا‪ ،‬يتحكم فيه املدرس بشخصيته الكاريزمية املتسلطة واملهيبة؛ حيث يمتلك‬
‫معرفة مطلقة ينبغي أن يستفيد منها املتعلم مهما كانت طريقة التدريس شائنة‪ .‬وقد‬
‫كان املتعلم مجرد متلق سلبي ‪ ،‬ال يشارك في بناء الدرس‪ ،‬بل يكتفي بالسمع والتدوين‬
‫والحفظ والتحشية ‪ .‬وكان الفضاء الدراس ي غير منظم وال مرتب ‪ ،‬بل كان فضاء‬
‫ضيقا فارغا‪ ،‬أو مؤثثا بالحصائر أو الزرابي املعدودة‪ ،‬يجلس عليها املتعلمون في‬
‫وضعيات غير مناسبة وغير صالحة للتعلم والدراسة‪ .‬وكان هذا الفضاء موبوءا‬
‫بالعنف والقهر والصرامة‪ ،‬تختفي فيه الحوارية واملبادرة والنقد والنقاش‪ ،‬وتغيب‬
‫فيه الحياة السعيدة والروح الديمقراطية‪.‬‬

‫وإذا انتقلنا أيضا إلى املدرسة الغربية الكالسيكية‪ ،‬فقد كان الفصل الدراس ي بمثابة‬
‫مقاعد أو كراس دراسية مصطفة ‪ ،‬تتوجه نحو السبورة املعلقة في وسط الجدار‬
‫األمامي‪ .‬لكن هذا الفضاء الدراس ي‪ ،‬بدوره‪ ،‬فضاء رتيب عمودي الطابع‪ .‬بمعنى أن‬
‫املدرس كان مالك املعرفة املطلقة‪ ،‬يوزعها على التالميذ في اتجاه عمودي من األعلى‬
‫نحو األسفل‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد كان الفضاء الدراس ي الكالسيكي فضاء صفيا عموديا‪،‬‬
‫تصطف فيه املقاعد إما بشكل فردي‪ ،‬وإما بشكل ثنائي‪ ،‬وإما بشكل متعدد‪.‬‬

‫لكن املدرسة الحديثة التي أخذت بالطرائق التربوية الفعالة قد كسرت هذا الفضاء‬
‫العمودي الرتيب املغلق‪ ،‬فانفتحت على أفضية حميمة كفضاء الساحة‪ ،‬وفضاء‬
‫الحديقة‪ ،‬وفضاء اللعب‪ ،‬وفضاء الروض‪ ،‬وفضاء التعاونيات‪ ،‬وفضاء البستنة‪،‬‬

‫‪237‬‬
‫وفضاء الرحلة‪ ،‬وفضاء املنزل‪ ،‬وفضاء الطبع والنشر‪ ،‬والفضاء املفتوح‪ ،‬والفضاء‬
‫الالمدرس ي‪...‬كما تغير نظام املقاعد‪ ،‬ليتخذ بعدا عموديا ‪ ،‬وأفقيا ‪ ،‬ودائريا ‪ ،‬ونصف‬
‫دائري‪ ،‬وشكل حذوة الحصان‪...‬‬

‫وعليننه‪ ،‬يسننتلزم الفصننل الدراس ن ي ‪ ،‬كمننا فنني مدارسنننا الحاليننة‪ ،‬مجموعننة مننن األفضننية‬
‫الض ننرورية‪ ،‬مث ننل‪ :‬فض نناء املكت ننب‪ ،‬وفض نناء العم ننل‪ ،‬وفض نناء الس ننبورة‪ ،‬وفض نناء الخزان ننة‪،‬‬
‫وفضاء املطالعة‪ ،‬وفضاء املتحف أو األنشطة اليدوية والفنية‪...‬‬

‫أو يمكن الحديث عن مجموعة من األركان كنركن األعمنال الجماعينة‪ ،‬وركنن الورشنات‪،‬‬
‫ورك ن ننن املطالع ن ننة والتثقي ن ننف‪ ،‬و رك ن ننن الرياض ن ننيات(ألعاب وتم ن ننارين‪ ،‬والع ن نند‪ ،‬والقي ن نناس‬
‫الهندسن ي‪ ،‬والننوزن‪ ،‬والحجننم‪ ،‬والطننول‪ ،)...‬وركننن العربيننة أو الفرنسننية( تمننارين‪ ،‬وبحننث‬
‫ف نني املع نناجم والق ننواميس‪ ،‬ومطالع ننة القص ننص‪ ،)...‬ورك ننن التربي ننة الفنية(رس ننم‪ ،‬وتل ننوين‪،‬‬
‫ومتح ننف فن نني‪ ،‬ومرس ننم‪ ،)...‬ورك ننن االجتماعيات(وث ننائق‪ ،‬ونص ننوص‪ ،‬وخ نرائط‪ ،)...‬ورك ننن‬
‫التربي ننة اإلس ننالمية(الوثائق‪ -‬وص ننور الوض ننوء والص ننالة‪ ،‬وحف ننظ الق نرآن الك ننريم والس نننة‬
‫النبوي ننة الش ننريفة‪ ،)...‬ورك ننن النش نناط العلم نني(تلخيص‪ ،‬ودراس ننة وث ننائق‪ ،‬وص نننع أش ننياء‪،‬‬
‫والتحقق من التجارب‪)158...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يتميز الفضاء الدراس ي بتنوع الحيز التعليمي‪ ،‬واخنتالف أشنكاله‪ ،‬وتعندد تصناميمه‬
‫الهندسية حسب طبيعة األنشطة التعليمية والدروس املقدمة للمتعلمين‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬يمكن الحديث عن مجموعة من األفضية التعليمية‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫أ‪ -‬فض ــاء حذوة الحصان أو فضاء ‪:U‬‬

‫‪ - 158‬ميلود التوري‪ :‬القسم املشترك نحو مقاربة فارقية‪ ،‬أنفوبرانت‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2222‬م‪.‬ص‪.63:‬‬
‫‪238‬‬
‫يتميننز هننذا الفضنناء بانفتاحننه النسننبي‪ ،‬وتحقيننق التواصننل الفعننال اإليجننابي بننين املنندرس‬
‫واملتعلم ننين‪ .‬كم ننا يتس ننم ه ننذا الفض نناء ببع ننده الحم ننيم‪ ،‬وتقري ننب املس ننافات ب ننين التالمي ننذ‬
‫املتحن ن نناورين أفقين ن ننا أو عمودين ن ننا‪ ،‬ويكن ن ننون املن ن نندرس مرشن ن نندا أو موجهن ن ننا فن ن نني هن ن ننذه الحالن ن ننة‬
‫الفض ننائية‪ .‬كم ننا يقن ننرب ه ننذا الش ننكل الفضن ننائي ب ننين املس ننتويات الدراسن ننية‪ ،‬ويس ننهم ف ن ني‬
‫تحقين ننق التفاعن ننل املثمن ننر‪ ،‬والتعن نناون البنن نناء والهن ننادف‪ .‬وتكن ننون السن ننبورة األمامين ننة بن ننارزة‬
‫وواضنحة لكننل املتعلمننين النذين يتتبعننون درس املعلننم‪ .‬وغالبنا‪ ،‬مننا ينفننع هنذا التنظننيم فنني‬
‫أثننناء مناقشننة مواضننيع عامننة التنني تثيننر النقنناش والجنندال واالخننتالف فنني املواقننف واآلراء‬
‫واألفك ننار‪ .‬وتع نند ه ننذه الطريق ننة عملي ننة ناجح ننة ف نني حال ننة نك ننان ع نندد التالمي ننذ قل ننيال‪ ،‬وف نني‬
‫ممارس ننة بع ننض األنش ننطة املوازي ننة‪ ،‬وتس ننمح لألس ننتاذ بالس ننيطرة املحكم ننة عل ننى دوالي ننب‬
‫القسم‪ .‬بيد أن هذا الشكل يعرقل تحرك املدرس والتالميذ معا بشكل سريع ومرن‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫ب‪ -‬فضاء منتصف الدائرة‪:‬‬

‫يشنبه هننذا الفضناء الننذي يتخننذ نصنف النندائرة منا يسننمى بفضنناء الحنذوة؛ حيننث يتجمننع‬
‫املتعلمون بشكل منتصف الندائرة علنى املندرس النذي يقنوم بمهمنة التوجينه‪ ،‬واإلرشناد‪،‬‬
‫واإلشراف‪ .‬ويتميز بالخصائص نفسها التي يتميز هها فضاء حذوة الحصان‪.‬‬

‫ت‪ -‬الفض ــاء الدائ ــري‪:‬‬

‫‪240‬‬
‫يتخننذ هننذا الفض نناء الدراس ن ي أو الصننفي طابع ننا أو شننكال هندسننيا دائري ننا؛ حيننث يص ننبح‬
‫املدرس مركز الدائرة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يحقق هذا الشكل تواصال ديناميكينا‪ ،‬وييسنر التواصنل‬
‫األفقي بين املتعلمين بشكل جيد‪ .‬لكن هذا الفضاء اليمكنن أن يصنلح لجمينع املنواد؛ إذ‬
‫يمكن أن ينفع املواضيع الحوارية ‪ ،‬ولكن اليصلح للمواد التي تحتاج إلى شنرح وتوضنيح‬
‫على السبورة‪.‬‬

‫ث‪ -‬فض ــاء املجموع ــات‪:‬‬

‫ينقسننم الفص ننل الدراس ن ي إل ننى مجموع ننات صننغيرة أو ف ننرق مس ننتقلة ‪ ،‬يوجهه ننا قائ نند م ننا‪،‬‬
‫وق نند تحن ننوم تلن ننك الجماعن ننات أو الفن ننرق حن ننول طن نناوالت دائرين ننة أو مقاعن نند مسن ننتطيلة أو‬
‫مربع ننة أو ب ننأي ش ننكل آخ ننر‪ .‬بي نند أن ه ننذا التقس ننيم الفض ننائي ي ننؤثر ف نني العم ننل الجم نناعي‬
‫املشترك‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫ج‪ -‬الفض ــاء العمودي‪:‬‬

‫يتميننز الفضنناء العمننودي بكونننه فضنناء سننيميتريا متوازيننا‪ ،‬يعتمنند علننى مقاعنند مصننطفة‬
‫بش ن ننكل م ن نننظم؛ حي ن ننث تتج ن ننه رؤوس التالمي ن ننذ عمودي ن ننا نح ن ننو الس ن ننبورة‪.‬ويبدو أن ه ن ننذه‬
‫الطريقنة كالسنيكية ‪ ،‬يكنون فيهننا الحنوار عمودينا منن املنندرس نحنو املنتعلم‪ ،‬ومنن املننتعلم‬
‫نحو املدرس‪.‬‬

‫ويعننني هننذا أن الفضنناء العمننودي‪ ،‬أو الفضنناء الصننفي التقلينندي املسننتقيم‪ ،‬هننو الشننكل‬
‫املسننيطر و املوج ننود بكث ننرة ف نني العملي ننة التعليميننة التعلمي ننة؛ حي ننث إن معظ ننم األقس ننام‬
‫‪242‬‬
‫تؤثننث علننى هننذه الشنناكلة‪ ،‬فهننو يسننتوعب االكتظنناظ املفتننرض للتالميننذ‪ ،‬ويسننهل عمليننة‬
‫التلق ننين؛ حي ننث يق ننف األس ننتاذ بجان ننب الس ننبورة يعل ننو التالمي ننذ بخط ننوة‪ ،‬وه ننو تك ننريس‬
‫للتراتبي ن ننة املعرفي ن ننة أوال وأساس ن ننا‪ ،‬ويمك ن ننن أن يلغ ن نني األس ن ننتاذ ه ن ننذه التراتبي ن ننة بالحرك ن ننة‬
‫املستمرة ما بين الصفوف‪ ،‬واالنخراط مع التالميذ‪.‬‬

‫ح‪ -‬تنظيم الفصل الدراس ي وتأثيثه‪:‬‬

‫أما من حيث تنظيم الفضاء الدراس ي‪ ،‬فينبغي للمدرس أن يقسم الفصل الدراس ي‬
‫حسب نظام الصفوف أو تغييره شكليا وهندسيا‪ ،‬كأن يستخدم الدائرة أو شبه‬
‫الدائرة أو الحذوة أو املربع أو املستطيل‪ ،‬أو اتباع الشكل الصفي العمودي‪ .‬كما‬
‫تقسم حجرة الدرس إلى أركان عدة‪ :‬ركن خاص بمكتب املعلم‪ ،‬وركن خاص‬
‫باملطالعة‪ ،‬وركن خاص بخزانة الكتب والدفاتر املدرسية‪ ،‬وركن خاص بالوسائل‬
‫التعليمية وإنجازات املتعلمين ‪...‬‬

‫‪243‬‬
‫وعليه‪ ،‬ينبغي أن يكون تدبير الفضاء الدراس ي متميزا ومتنوعنا حسنب املنواد والتعلمنات‬
‫املدرس ننة بغي ننة تحقي ننق فض نناء تش نناركي‪ ،‬وتع نناوني‪ ،‬وجم نناعي‪ ،‬ومنس ننجم‪ ،‬ومتس ننق‪ .‬كم ننا‬
‫ينبغ نني أن يك ننون فض نناء س ننعيدا تتحق ننق في ننه حي نناة النش نناط والحب ننور وامل ننرح‪ .‬وم ننن ث ننم‪،‬‬
‫ينبغ نني أن يك ننون فض نناء حميم ننا الفض نناء ع نندوانيا‪ .‬كم ننا ينبغ نني أن يت ننأرجح ب ننين االنغ ننالق‬
‫واالنفت ن ن نناح حس ن ن ننب ظ ن ن ننروف ال ن ن نندرس وس ن ن ننياقاته التربوي ن ن ننة‪ ،‬والتعليمي ن ن ننة‪ ،‬والنفس ن ن ننية‪،‬‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫ويمكننن الحننديث عننن فضنناءات أخننرى يننرتبط ههننا املننتعلم خننارج الفصننل الدراس ن ي‪ ،‬مثننل‪:‬‬
‫س نناحة املدرس ننة‪ ،‬واملراف ننق الرياض ننية‪ ،‬واملراف ننق اإلداري ننة‪ .‬ويعن نني ه ننذا أن ننه الب نند أن تك ننون‬
‫للمؤسسن ننة التربوين ننة سن نناحة واسن ننعة تتضن ننمن أنواعن ننا عن نندة من ننن النباتن ننات‪ ،‬واألشن ننجار‪،‬‬
‫وال ننورود‪ ،‬واألزه ننار‪.‬عالوة عل ننى الكراس ن ي الثابت ننة الجي نندة الت نني يجل ننس عليه ننا املتعلم ننون‪،‬‬
‫وتوفير قمامات األزبال من صنع جيند‪ ،‬وإيجناد سنقيفة واسنعة تحمني املتعلمنين منن حنر‬
‫الشنمس‪ ،‬وشنندة البنرد‪ ،‬واملطننر الغزينر‪ .‬وينبغنني أيضننا أن يكنون هننناك بسنتاني يهننتم بتلننك‬
‫االشن ننجار والنباتن ننات‪ ،‬واالعتنن نناء ههن ننا يومين ننا م ن نن خن ننالل منن ننع بنن نناء األقسن ننام داخن ننل هن ننذه‬
‫السن نناحة الخض ن نراء مهمن ننا كانن ننت الن نندواعي والظن ننروف‪ .‬ثن ننم‪ ،‬تكلين ننف حن ننارس ليلن نني يقن ننوم‬

‫‪244‬‬
‫بحراس ننة املؤسس ننة التربوي ننة‪ ،‬وح ننارس ف نني النه ننار يح ننرس ب نناب املؤسس ننة بص ننفة خاص ننة‪،‬‬
‫واملؤسسة التربوية بصفة عامة‪.‬‬

‫أما فيما يخص فضاء الرياضة‪ ،‬فالبد أن تكون هناك مالعب متنوعة للرياضنة واسنعة‬
‫األط نراف‪ ،‬وتكننون مسننيجة لكنني تفصننل عننن األقسننام الدراسننية‪ .‬ويسننتلزم هننذا الفضنناء‬
‫كننذلك بننناء قاعننة لتغييننر املالبننس خاصننة باملدرسننين‪ ،‬وقاعننة خاص نة بالننذكور‪ ،‬وقاعننة‬
‫خاص ننة باإلن نناث‪ ،‬تت ننوفر عل ننى جمي ننع الل ننوازم م ننن من نراحيض‪ ،‬وأنابي ننب املي نناه‪ ،‬وص نننابير‬
‫الرش‪ ،‬وغيرها من التجهيزات األساسية‪ .‬والبند منن قاعنة تحنوي جمينع األدوات واللنوازم‬
‫الرياضية الالزمة ملمارسة التربية البدنية‪.‬‬

‫أم ننا فيم ننا يخ ننص مراف ننق اإلدارة‪ ،‬فالب نند م ننن مكت ننب امل نندير‪ ،‬ومكت ننب الن نناظر‪ ،‬ومكات ننب‬
‫الحن نراس الع ننامين‪ ،‬ومكت ننب مس نناعد امل نندير‪ ،‬ومكت ننب الس ننكرتارية‪ ،‬ومكت ننب املقتص نند‪،‬‬
‫وقاعة لألساتذة تتضمن خزانة تحوي مستلزمات كل مدرس‪ ،‬ومكتبنة واسنعة وعنامرة‪،‬‬
‫وقاع ننة للمطالع ننة وإلق نناء املحاض نرات والن نندوات وعق نند االجتماع ننات‪ .‬وينبغ نني أن تك ننون‬
‫تل ن ن ننك املكات ن ن ننب والقاع ن ن ننات مفتوح ن ن ننة ومنفتح ن ن ننة عل ن ن ننى املتعلم ن ن ننين‪ ،‬وجمعي ن ن ننات اآلب ن ن نناء‪،‬‬
‫والس نناهرين عل ننى الحق ننل الترب ننوي‪ ،‬والف نناعلين ال ننداخليين والخ ننارجيين والش ننركاء ض ننمن‬
‫سياسية التواصل والحكامة الجيدة‪.‬‬

‫وهن نناك مرافن ننق أخن ننرى داخن ننل املؤسسن ننة التربوي ننة‪ ،‬مثن ننل‪ :‬امل ن نراحيض الخاصن ننة بالن ننذكور‬
‫واإلن ن نناث واملدرس ن ننين ورج ن ننال اإلدارة‪ ،‬ومرف ن ننق الص ن ننحة املدرس ن ننية‪ ،‬وأقس ن ننام دراس ن ننية ‪،‬‬
‫ومحترفات أدبية وفنية وثقافينة‪ ،‬وأندينة مختلفنة‪ ،‬ومختبنرات علمينة وتقنينة‪ ،‬وورشنات‬
‫متع ن ننددة االختصاص ن ننات‪.‬ومن جه ن ننة أخ ن ننرى‪ ،‬يمك ن ننن الح ن نديث ع ن ننن مس ن ننجد‪ ،‬وداخلي ن ننة‪،‬‬

‫‪245‬‬
‫ومقص ننف‪ ،‬ومطع ننم‪ ،‬وقاع ننات التوثي ننق واإلع ننالم واألرش ننفة وتخ ننزين امللف ننات والحف نناظ‬
‫عليها‪.‬‬

‫وخالص ـ ــة الق ـ ــول‪ ،‬يس ن ننتند ت ن نندبير ال ن نندرس الدي ن ندكتيكي إل ن ننى مجموع ن ننة م ن ننن الخط ن ننوات‬
‫اإلجرائي ننة تتمث ننل ف نني تق ننديم املحتوي ننات واملض ننامين‪ ،‬واختي ننار الوس ننائل الديدكتيكي ننة‪،‬‬
‫وتنويع طرائق التدريس‪ ،‬وتنظيم الفضاء الدراسن ي‪ ،‬والنتحكم فني اإليقناع الزمنني‪ ،‬وتندبير‬
‫التواصل الديدكتيكي بشكل جيد‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫الفصل السابع‪:‬‬
‫التقويم الديدكتيكي‬

‫‪247‬‬
‫تعد كفاية التقويم من أهم الكفايات التي ينبغي للمدرس الجيد اإلملام هها و التمكن‬
‫منها‪ .‬ويعد التقويم من أهم عناصر املنظومة البيداغوجية‪ ،‬ومن املرتكزات األساسية‬
‫في العملية التعليمية ‪-‬التعلمية ؛ ملا له من عالقة أساسية مع األهداف والكفايات‬
‫املسطرة‪ .‬عالوة على كونه املعيار الحقيقي لتشخيص مواطن القوة والضعف في‬
‫نظامنا البيداغوجي ‪ .‬ويعد أيضا أداة فاعلة للتثبت من نجاعة التجارب اإلصالحية في‬
‫مجال التربية والتعليم‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬مفهوم التقويم‪:‬‬


‫من األكيد أن التقييم والتقويم وجهان لعملة واحدة‪ ،‬لكن التقويم أعم من التقييم‬
‫والقياس؛ ألن التقويم هو الحكم على عمل‪ ،‬أو شخص‪ ،‬أو ش يء‪ ،‬أو حدث‪ ،‬أو مهمة‬
‫منجزة‪ ،‬بإصدار حكم قيمة‪ .‬أي‪ :‬إن التقويم هو تثمين وتقييم املنجز أو الشخص‬
‫املرصود بعد إخضاعه لطرائق ومعايير دوسيمولوجية وقياسية ( األسئلة‪،‬‬
‫واالختبارات‪ ،‬والروائز‪ ،‬والفروض‪ ،.‬واالمتحانات‪ .)...‬أما التقييم‪ ،‬فيحيل على القيمة‬
‫أو التقدير سواء العددي منه أم املعنوي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون القياس أول خطوة يبدأ هها‬
‫املقوم للحكم على املنجز مادام خاضعا للقياس الكمي والكيفي‪ .‬وإذا كان التقويم‬
‫بمعنى التقدير العددي واملعنوي اعتمادا على معايير قياسية محددة‪ ،‬فإنه كذلك‬
‫سيرورة نسقية تهدف إلى تحديد مدى تحقق األهداف والكفايات لدى املتعلم عبر‬
‫العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫وينصب التقويم على مدى تحكم املتعلم في مهارة ما‪ ،‬وتحديد درجة التحكم‬
‫واإلتقان‪ .‬وليس املهم هو تقويم املعارف‪ ،‬بل تقويم الكفايات والقدرات املستضمرة‬
‫لدى املتعلم‪ .‬بمعنى التركيز على الكيف وليس الكم‪ .‬أي‪ :‬تقويم مدى تحكم املتعلم في‬

‫‪248‬‬
‫مهارات اكتساب املوارد وحسن توظيفها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالهدف من بيداغوجيا الكفايات‬
‫هو إعطاء معنى ما للتعلمات من خالل تحويل املضامين واملحتويات إلى وضعيات‬
‫ومشاكل مستعصية ومعقدة ومتنوعة ومركبة وجديدة‪.‬‬

‫وينبني التقويم على طرح مجموعة من األسئلة الجوهرية‪ ،‬مثل‪ :‬ملاذا نقوم؟ وماذا‬
‫نقوم؟ وملن نقوم؟ ومن يقوم؟ وماذا نقوم؟ ومتى نقوم؟ وأين نقوم؟‬

‫ويعني هذا أن هذه األسئلة تحيل على املقوم (املدرس‪ ،‬واملشرف‪ ،‬والتلميذ‪ ،‬واملكون‪،‬‬
‫واملتعلم‪ ،‬والتكوين‪ ،)...‬أو على العمل املقوم (إنجازات املتعلم الكتابية والشفوية‪،‬‬
‫واملعارف‪ ،‬واملهارات‪ ،‬والكفايات النوعية واملستعرضة‪ ،)...‬وتحديد الهدف من‬
‫التقويم (تحديد أهداف إجرائية أو كفايات نمائية )‪ ،‬وطبيعة التقويم(تقويم ذاتي أو‬
‫تقويم موضوعي‪ ،‬فروض‪ ،‬واختبارات‪ ،‬وروائز‪ ،)...‬وتبيان زمان التقويم ومكانه‪ .‬ثم‪،‬‬
‫تبيان ملن يتم هذا التقويم (القطاع املسؤول عن التربية والتعليم‪ ،‬مستقبل التلميذ‪،‬‬
‫التكوين‪ ،‬املتعلم‪)...‬‬

‫ثانيا‪ ،‬وظائف التقويم‪:‬‬

‫يعلم الباحثون في مجال التربية أن للتقوم عدة وظائف أساسية‪ ،‬ويمكن حصرها‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬الوظيفة االجتماعية التي تتمثل في معرفة مدى صالحية النظام التربوي ملسايرة‬
‫التطور االجتماعي‪ ،‬ومدى قدرة املدرسة على تغيير املجتمع أو التكيف معه‪ ،‬ومدى‬
‫قدرتها على إعداد املتعلم اجتماعيا‪ ،‬وتأهيله نظريا وتطبيقيا لخدمة املجتمع‪ ،‬والسير‬
‫به نحو آفاق زاهرة‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫‪‬الوظيفة البيداغوجية التي تتجلى في تقويم العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪،‬‬
‫والتحقق من األهداف املسطرة في شكل سلوكيات وكفايات‪ ،‬واختبار الطرائق‬
‫البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية واالستراتيجيات املتبعة في إلقاء الدروس‪،‬‬
‫وتحليل السياقات االجتماعية والنفسية للمتعلمين بغية معرفة مواطن الخلل‬
‫واإلخ فاق عن طريق املعالجة والفيدباك‪ .‬ويعني هذا أن التقويم إجراء تشخيص ي‬
‫ملستوى املتعلمين واألساتذة معا‪.‬‬

‫‪‬الوظيفة املؤسسية التي تحيلنا على سلطة املدرس حين يشهرها في وجه التلميذ‪،‬‬
‫أو الخضوع للنظام املؤسسساتي التراتبي والطبقي‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول بلبل(‬
‫‪:)PELPEL‬‬

‫"إن هدف الوظيفة االجتماعية هو في األخير توزيع األفراد حسب أذواقهم وقدراتهم‬
‫على مجاالت مختلفة من الحياة االجتماعية واملهنية‪ ،‬بينما نجد العكس في التقييم‬
‫البيداغوجي حيث إن الهدف هو خلق مجموعة متجانسة‪ ،‬ألن املشروع البيداغوجي‬
‫للمدرس اليمكن أن يهدف إال إلى إنجاح الجميع‪ ،‬أو على األقل األغلبية‪ .‬أما بالنسبة‬
‫للوظيفة املؤسسية والتي تعتبر وسيطة بين الوظيفتين‪ :‬االجتماعية والبيداغوجية‬
‫فهدفها اليمكن أن يكون إال متناقضا‪ :‬إنه في الوقت نفسه االرتقاء والتصفية‪ .‬فقرار‬
‫التصفية واالرتقاء متعلقان بنوع السنة الدراسية‪ :‬في بعض األحيان تحدد مسبقا‬
‫نسبة النجاح ملستوى معين‪ .‬كما أن لنفس القرارين عالقة باملؤسسات‪ ،‬فبعضها‬
‫أكثر تسامحا‪ ،‬والبعض اآلخر أكثر تشددا‪ .‬أي‪ :‬إنه أكثر تصفية"‪159.‬‬

‫‪159‬‬ ‫‪-P . PELPEL : Se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966, p :105.‬‬
‫‪250‬‬
‫وتكمن أهمية التقويم في كونه فعال طبيعيا وعقالنيا الختبار مناهج التعليم‪ ،‬والتأكد‬
‫من األهداف التي تم تحقيقها و لم يتم تحقيقها عن طريق القياس والدوسيمولوجيا‬
‫( ‪ .)Docimologie‬كما أن التقويم واجب وطني من خالله نتأكد من مدى نجاعة‬
‫نظامنا التربوي الوطني‪ ،‬ومدى قدرة املدرسة على املواكبة‪ ،‬والتثبت من مدى نجاعتها‬
‫في تأهيل املتعلمين للحاضر واملستقبل معا‪ .‬كما أنه واجب اجتماعي ملعرفة الدور‬
‫الذي يقوم به هذا النظام التربوي في تنمية املجتمع وتطويره‪ .‬فضال عن كونه أداة في‬
‫عملية اإلصالح والتأطير والتكوين‪ .‬وبصفة عامة‪ ،‬يساعد التقويم على تشخيص‬
‫مواطن النقص والكمال لدى املدرسين واملتعلمين واإلداريين واملشرفين واملسؤولين‬
‫عن املنظومة التربوية والتعليمية على حد سواء قصد اتخاذ القرارات الصائبة من‬
‫أجل اإلصالح‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة لكل التعثرات ‪.‬‬

‫وللتقويم كذلك أهداف ووظائف أخرى‪ ،‬يمكن حصرها في الالئحة التالية من‬
‫األغراض واملقاصد‪:‬‬

‫‪ ‬يهدف التقويم إلى تحديد تقدم املستوى التعلمي لدى التلميذ أو الطالب؛‬

‫‪ ‬تشخيص مواطن القوة والضعف في العملية التعليمية‪ -‬التعلمية بصفة خاصة‪،‬‬


‫واملنظومة التربوية بصفة عامة؛‬

‫‪ ‬تقويم طرائق التدريس من جهة‪ ،‬وتتبع العملية الديدكتيكية من جهة أخرى؛‬

‫‪ ‬التثبت من مدى تحقق األهداف املعلنة في مدخالت الدرس؛‬

‫‪ ‬انتقاء املتعلمين األكفاء املؤهلين‪ ،‬وتمييزهم عن غير األكفاء؛‬

‫‪251‬‬
‫‪ ‬مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي‪ ،‬وتصحيح األخطاء املرتكبة بجردها‪،‬‬
‫وتصنيفها‪ ،‬وتصحيحها‪ ،‬ومعالجتها؛‬

‫‪ ‬مراقبة املتعلم مراقبة متدرجة عبر مساره الدراس ي؛‬

‫‪ ‬استكشاف طبيعة القدرات لدى املتعلم ‪ ،‬واستجالء طبيعة املواهب والذكاءات‬


‫املوجودة لديه؛‬

‫‪ ‬يساعد املقوم على التغذية الراجعة‪ ،‬وتمثل املعالجة الداخلية والخارجية؛‬

‫‪ ‬تشخيص مستوى املتعلمين قبليا‪ ،‬وتكوينيا‪ ،‬ونهائيا؛‬

‫‪ ‬التقويم أداة مهمة في االنتقاء والتكوين وتنمية الكفاءات اإلنمائية األساسية عبر‬
‫مجموعة من املجزوءات اإلجبارية‪ ،‬واالختيارية‪ ،‬والداعمة‪ ،‬والتكميلية‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬للتقويم أربع وظائف أساسية كبرى هي‪:‬‬

‫‪ ‬الوظيفة التشخيصية (تبيان مواطن القوة والضعف)؛‬

‫‪ ‬الوظيفة التحكيمية (إصدار أحكم تقديرية)؛‬

‫‪ ‬الوظيفة االستشرافية (تحديد مستقبل املتعلم وطبيعة التوجيه)؛‬

‫‪‬الوظيفة اإلشهادية (الشهادة والدبلوم)‪..‬‬

‫ثالثا‪ ،‬مراحل عملية التقويم الديدكتيكي‪:‬‬

‫تمر عملية التقويم التربوي والديدكتيكي ‪ -‬كما هو معروف‪ -‬بثالث مراحل أساسية‬
‫هي‪:‬‬

‫‪252‬‬
‫‪ ‬تحضير االختبار‪ :‬بتحديد هدفه‪ ،‬وعرض مضمونه‪ ،‬واختيار نوع األسئلة‪ ،‬وتبيان‬
‫معايير التصحيح وسلم التنقيط‪.‬‬

‫‪ ‬إجراء االختبار‪ :‬ينجز املمتحن االختبار الذي قد يكون كتابيا أو شفويا في زمان‬
‫ومكان معينين‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تصحح اإلجابات في ضوء مقاييس معيارية مضبوطة‪.‬‬

‫‪ ‬استعمال االختبار‪ :‬بتفسير نتائجه‪ ،‬وأخذ القرارات الالزمة‪.‬‬

‫أما الجوانب التنظيمية لالمتحانات املعيارية ( ما يسمى بالتقويم الخارجي)‪ ،‬فتعهد إلى‬
‫لجان مختصة إما وطنية وإما جهوية وإما إقليمية لتعد املوضوعات الخاصة بكل‬
‫امتحان ‪ .‬ويتم إعداد االمتحان انطالقا من اقتراحات األساتذة باحترام التعليمات‬
‫الواردة في املذكرة الوزارية‪ .‬وتجرى االمتحانات في املؤسسات التعليمية‪ ،‬وتسهر عليها‬
‫أطر تربوية وإدارية ومشرفون إلضفاء املصداقية على الشهادات والدبلومات بغية‬
‫توفير تكافؤ الفرص بين التالميذ‪.‬‬

‫وثمة عمليات مصاحبة إلجراء االختبارات داخل مركز التقويم أو االمتحان كتيهيء‬
‫القاعات بالعدد الكافي‪ ،‬ووضع لوائح املرشحين انطالقا من املحاضر الجماعية‪،‬‬
‫وتوزيع املرشحين على القاعات بالتنسيق مع األكاديمية‪،‬وضبط الغياب‪ ،‬وإعداد‬
‫لوائح املراقبين والقاعات املسندة إليهم(مراقبان في كل قاعة‪ -‬مثال‪ ،)-‬وإعداد أوراق‬
‫التحرير والتسويد بالنسبة لجميع االمتحانات‪ ،‬وفتح األظرفة الخاصة باملواضيع أمام‬
‫مرأى التالميذ واملراقبين واملشرفين‪ ،‬والحرص على احترام مواقيت االمتحان‪ .‬وتتم‬
‫املراقبة داخل القاعة بالتأكد من هوية التالميذ‪ ،‬وتجريدهم من وثائقهم‪ ،‬وإعطائهم‬
‫أوراق االمتحان والتسويد‪ ،‬والتثبت من توقيع املرشحين بعد تسلم أوراق االمتحان‪،‬‬
‫وضبط الغياب في أوراق صفراء مخصصة لذلك‪ ،‬وضبط حاالت الغش في محضر‬
‫‪253‬‬
‫الغش‪ ،‬وإرجاع األوراق إلى إدارة املؤسسة‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬ترجع أوراق االمتحان إلى اإلدارة‬
‫اإلقليمية والجهوية‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعتبر التصحيح إجراء تربويا فاعال في عملية التقويم‪،‬‬
‫والتقييم‪ ،‬والقياس‪ .‬و يتم التصحيح من قبل األستاذ شفهيا أو كتابيا سواء أكان ذلك‬
‫في مجموعة كبيرة أم صغيرة‪ .‬كما يتم من قبل املتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه‪.‬‬

‫ومن مواصفات التصحيح أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا ألعمال التلميذ‪ ،‬ومفردنا‬
‫يحترم شخصية التلميذ‪ ،‬وإيجابيا يعترف بعمل التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا‪.‬‬
‫وينبغي أن يكون مبررا تبريرا تربويا كما وكيفا‪ .‬وتتم عملية التصحيح بعد أن توزع‬
‫األكاديمية أظرفة االمتحانات على مختلف املؤسسات لترجعها في أوقات محددة‪.‬‬
‫وتجري عملية التصحيح داخل املؤسسة؛ حيث يتم التأكد من عدد األوراق املوجودة‬
‫في الظرف قبل مباشرة عملية التصحيح وبعدها‪ ،‬والتثبت من النقطة النهائية‪.‬‬
‫وتستلزم كتابة النقطة بالعدد والحروف بالتوقيع في أثناء الوقوع في الخطأ أو السهو‪،‬‬
‫مع الحرص التام على تطابق النقطة على الورقة مع النقطة املدونة في املحضر‬
‫الجماعي‪ ،‬واملشاركة في عملية املداوالت‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تستثمر نتائج االمتحانات‬
‫املوحدة أو املعيارية في اتخاذ القرارات الالزمة على مستوى املؤسسة‪ ،‬واملستوى‬
‫اإلقليمي‪ ،‬واملستوى الجهوي‪ ،‬واملستوى الوطني‪.‬والهدف من ذلك كله هو تشخيص‬
‫مواطن الضعف والكمال‪ ،‬وتحديد النواقص واإليجابيات‪ ،‬وإبراز مواطن الجودة‬
‫والخلل ‪ ،‬والقصد من ذلك هو تحسين مردودية النظام التعليمي‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع عدة من االمتحانات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬حسب طبيعتها‪:‬امتحانات كتابية وامتحانات شفوية‪.‬‬


‫‪254‬‬
‫‪ ‬حسب التصحيح‪ :‬امتحانات ذاتية وامتحانات موضوعية‪.‬‬

‫‪‬حسب التوظيف واالستعمال‪ :‬امتحانات معيارية (امتحانات وطنية) وامتحانات‬


‫غير معيارية ( امتحانات مدرسية داخلية)‪.‬‬

‫وهناك أيضا امتحانات التبريز ملعرفة مدى تحقق األهداف الكفائية لدى املتعلم أو‬
‫الطالب‪ ،‬وامتحانات االنتقاء الصطفاء متعلمين معينين ‪ ،‬وامتحانات التشخيص‬
‫لتبيان مواطن القوة والضعف‪ ،‬وامتحانات استشرافية لتبيان مسار املتعلم في‬
‫املستقبل من حيث نجاحه وإخفاقه‪.‬‬

‫والغرض من هذه االمتحانات كلها هو تقويم املتعلم إيجابا أو سلبا‪ ،‬وتوفير معايير‬
‫التوجيه املنهي أو الدراس ي‪ ،‬وتقديم شهادات صادقة لآلباء واملجتمع املدني حول‬
‫مردودية النظام التربوي من حيث التأهيل والكفاءات بمنح املتعلم شهادة أو دبلوما‬
‫لينال هها مكانة اجتماعية‪ ،‬أو منصبا‪ ،‬أو وظيفة ما‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬أنواع التقويم و أقسامه‪:‬‬


‫ينقسم التقويم التربوي والديدكتيكي إلى أقسام عدة‪ ،‬يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬التقويم التشخيص ي أو القبلي أو التمهيدي‪:‬‬

‫يقصد بالتقويم القبلي ذلك التقويم الذي ينصب على املكتسبات القديمة في إطار‬
‫املراجعة واالستكشاف واالستثمار ‪ .‬كما أنه تقويم يحفز املتعلم على طرح املوضوع‬
‫واستكشافه‪ ،‬أو هو تقويم تشخيص ي يحاول معرفة مواطن القوة والضعف لدى‬
‫املتعلم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يتضمن وظيفة إرشادية وتوجيهية وتشخيصية‪ .‬وقد يكون التقويم‬

‫‪255‬‬
‫القبلي أو التمهيدي بمثابة وضعية استكشافية يراد هها إثارة انتباه املتعلم إلى موضوع‬
‫جديد‪ ،‬قد يكون ‪ -‬فعال‪ -‬محور الدرس الكفائي‪.‬‬

‫وبناء على هذا التقويم‪ ،‬تتحدد الكفايات والقدرات املستهدفة‪ ،‬وتنتقى الوضعيات‬
‫واملحتويات واملعارف واملوارد ‪ .‬كما تحدد الطرائق البيداغوجية‪ ،‬والوسائل‬
‫الديدكتيكية الوظيفية‪ ،‬ويعين التقويم املناسب لقياس الكفاية واختبارها‪ .‬وغالبا‪،‬‬
‫ما يكون التقويم القبلي أو االستكشافي أو التشخيص ي في بداية السنة‪ ،‬أو بداية‬
‫الحصة الدراسية‪ ،‬أو عند تحضير املقطع األولي أو التمهيدي من الدرس‪.‬‬

‫‪ ‬التقوي ــم التكوينــي‪:‬‬

‫يكون التقويم التكويني في وسط الدرس‪ ،‬أو في أثناء بناء العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية‪ ،‬أو في أثناء التنسيق بين أنشطة املتعلم واملعلم‪ .‬ويهدف هذا التقويم إلى‬
‫التثبت من صحة الحلول التي يقترحها املتعلم‪ ،‬وكيفية تعامله مع الوضعيات‪ .‬و من‬
‫ثم‪ ،‬يسعى هذا التقويم إلى مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ملعرفة األخطاء‬
‫املرتكبة‪ .‬وينصب هذا التقويم على عالقة املدرس باملتعلم من خالل أنشطة‬
‫الوضعيات‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يكون التقويم ذاتيا بالفعل‪.‬‬

‫ويستند التقويم التكويني الذي يتخلل العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬بكل مراحلها‪ ،‬إلى‬
‫التنظيم التربوي املنهجي‪ ،‬والتعرف إلى املساعدات الضرورية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تتمثل وظيفة التقويم التكويني في وظيفة تثبيت الكفاية وتعزيزها ‪ ،‬وبناء‬
‫الدرس كفائيا‪ ،‬وترسيخ الوضعيات بشكل إيجابي‪ ،‬وتكوين املتعلم تكوينا أدائيا‬
‫وإنجازيا‪ ،‬وتطوير قدراته النمائية واملعرفية في أثناء مواجهته للوضعية املستهدفة‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬تتزامن هذه الوظيفة مع مرحلة الدرس الوسطي أو املقطع الرئيس‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫‪‬التقويم اإلجمالــي‪:‬‬

‫يكون التقويم اإلجمالي أو النهائي في آخر الحصة الدراسية بعد االنتهاء من املقطع‬
‫الوسطي الذي يتخلل الدرس‪ .‬ويكون هذا التقويم في شكل خالصات عامة‪ ،‬أو‬
‫تطبيقات إدماجية قصيرة أو طويلة‪ ،‬أو تمارين فصلية و منزلية ‪ .‬ويرتبط التقويم‬
‫اإلجمالي بمدة معينة بعد االنتهاء من فرض أو تجربة أو درس‪ .‬ويهدف إلى قياس‬
‫املعارف واملهارات ‪ ،‬والتثبت من مدى تحقق الهدف أو الكفاية في آخر الدرس‪.‬‬

‫ويستحسن أن تجمع كل التمارين التطبيقية والوضعيات اإلدماجية في مرتب املتعلم‬


‫الذي يسمى بن (‪ )Port-folio‬الذي يحدد مستوى املتعلم بتتبع إنجازاته عبر الفترة‬
‫الدراسية ‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬ينبغي أن يركز التقويم اإلجمالي الهادف على كيفية اكتساب املوارد‬
‫واملعارف واملهارات في إطار ما يسمى بامليتامعرفي‪ ،‬وقياس القدرات الكفائية‪،‬‬
‫واالبتعاد عن قياس املعارف واملعلومات املخزنة في الذاكرة‪.‬‬

‫‪‬التقويم املستمر‪:‬‬
‫هو تقويم مستمر ومتواصل‪ ،‬هدفه قياس تعلمات املتعلم وخبراته عبر مختلف‬
‫مراحل الدرس أو التعلم‪ .‬ويتحقق التقويم املستمر عبر الفروض واألنشطة الكتابية‬
‫والشفوية‪ ،‬واألنشطة املوازية‪ ،‬واألعمال املنجزة‪ ،‬واملشاريع البيداغوجية املتنوعة‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالتقويم املستمر هو تقويم للمتعلم معرفيا ووجدانيا وحركيا‪ ،‬وتتبعه في كل‬
‫مراحل التعلم والتكوين التي تؤدي إلى نقطة نهائية‪ ،‬تظهر بكل جالء في طابعها‬
‫العددي( النقطة) والكيفي ( التقدير القيمي)‪ .‬ويدخل في هذا التقويم نتائج الفروض‬

‫‪257‬‬
‫الكتابية والشفوية‪ ،‬واألنشطة املنجزة في القسم‪ ،‬و األنشطة املنزلية‪ ،‬ومشاركة‬
‫التلميذ داخل القسم‪ ،‬والروائز القياسية‪ ،‬وكذا األحكام الذاتية لألستاذ‪ .‬وتسهم هذه‬
‫امل راقبة املستمرة في مراقبة األستاذ لتلميذه‪ ،‬وتتبع تعلماته‪ ،‬وتقييم خبراته‪ ،‬وتصحيح‬
‫العمليات الديدكتيكية التي ينجزها داخل الفصل الدراس ي مع املتعلمين‪.‬‬

‫‪‬التقوي ــم اإلعالم ــي‪:‬‬


‫يهدف التقويم اإلعالمي (‪ )INFORMATIVE‬إلى تقويم العملية الديدكتيكية في‬
‫مختلف مراحلها الدراسية ومقاطعها التكوينية والبنيوية‪ ،‬كأن نقوم ‪ -‬مثال‪ -‬مرحلة‬
‫االستكشاف‪ ،‬ومرحلة املقطع الوسطي‪ ،‬ومرحلة االستنتاج النهائي‪ .‬وهدفه الرئيس هو‬
‫جمع كل املعلومات الضرورية حول الفعل الديدكتيكي‪ ،‬وجرد ثوابته ومتغيراته‪،‬‬
‫وتعيين محطاته األساسية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يسهل عملية التحكم في املسار الديدكتيكي‪ .‬كما‬
‫يتبنى هذا التقويم مجموعة من املناهج‪ ،‬مثل‪ :‬االستمارة‪ ،‬ومالحظة القسم‪ ،‬والتعليم‬
‫املصغر‪ ،‬واإلشراف التربوي‪ ،‬واستعمال شبكة فالندرس (‪ )Flandres‬لرصد‬
‫التفاعالت التربوية والديدكتيكية داخل الفصل الدراس ي‪.‬‬

‫‪‬التقويــم الكفائي أو اإلدماجــي ‪:‬‬


‫يهدف التقويم الكفائي إلى قياس القدرات الكفائية ملتعلم ما وفق وضعيات معقدة‬
‫ومركبة محددة ‪ .‬وتعمل على تقويم أو تقدير مختلف القدرات لدى املتعلم في أثناء‬
‫استدماجه ملوارده التعلمية بغية حل الوضعيات ‪ -‬املشكالت‪ .‬لذا‪ ،‬يسمى هذا‬
‫التقويم أيضا بالتقويم اإلدماجي‪ .‬ويهدف هذا التقويم إلى تطوير الكفايات النمائية‪،‬‬
‫وقياس قدرات املتعلمين في أثناء حلهم للوضعيات‪-‬املشكالت‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫ويستند هذا التقويم إلى مجموعة من املعايير‪ ،‬مثل‪ :‬معيار املالءمة (مالءمة الحل‬
‫للمشكل املوضوع)‪ ،‬ومعيار االنسجام (ترابط املوضوع واتساقه)‪ ،‬ومعيار الصحة‬
‫(يعني صحة األجوبة املقترحة في عالقتها مع الوضعية ‪ -‬املشكلة)‪ ،‬و معيار السالمة‬
‫اللغوية‪ ،‬ومعيار الجودة و اإلتقان‪ ،‬ومعيار األصالة الذي يتمثل في اقتراح أفكار‬
‫شخصية جديدة لحل الوضعية‪-‬املشكلة‪.‬‬

‫أما عن املبادئ األساسية لتقويم الكفايات‪ ،‬فتتمثل في ترابط الوضعيات بالسياق ‪،‬‬
‫وتوظيف جميع املعارف واملوارد املستعرضة لحل الوضعية املشكلة‪ ،‬و االعتماد على‬
‫وضعيات مشكالت أو وضعيات معقدة ومركبة وجديدة‪.‬‬

‫‪‬التقويــم اإلشهادي‪:‬‬
‫نعني بالتقويم اإلشهادي ذلك التقويم املرتبط بشهادة أو دبلوم ما‪ ،‬يسمح للمتعلم‬
‫باالنتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى ‪ ،‬أو بإجراء مباراة ما للحصول على وظيفة ما‬
‫أو تولية منصب معين‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ينتهي كل سلك دراس ي بمنح شهادة أو دبلوم‪ .‬فهناك شهادة الدروس‬
‫االبتدائية إثر اجتياز السنة السادسة‪ ،‬وشهادة السلك اإلعدادي بعد النجاح في‬
‫السنة الثالثة إعدادي‪ ،‬وشهادة البكالوريا بعد اجتياز السنة الثانية من سلك‬
‫البكالوريا‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يكون التقويم اإلشهادي في نهاية التكوين أو التعلم‪ ،‬ويتوج بامتحان يتسلم‬
‫بعده املتعلم شهادة أو دبلوما معينا‪ ،‬يخول له أن ينال وظيفة ما‪ ،‬أو يلج تعليما‬
‫دراسيا أعلى ‪ .‬والغرض من هذا التقويم هو التثبت من صحة ما اكتسبه املتعلم من‬

‫‪259‬‬
‫موارد ومعارف ومهارات‪ ،‬والتأكد من مدى تحقق األهداف املسطرة من عملية‬
‫التكوين والتعلم‪.‬‬

‫و يعتمد التقويم اإلشهادي على االمتحان ملعرفة القدرات الكفائية لدى املتعلم ‪،‬‬
‫وربط ذلك بعملية النجاح واإلخفاق‪ .‬و من جهة أخرى‪ ،‬يعتمد على املباراة النتقاء‬
‫األكفاء واملؤهلين جيدا لتولية وظائف الدولة‪ ،‬أو الولوج إلى بعض املؤسسات‬
‫التعليمية االنتقائية‪ ،‬أو تعيين في وظيفة ما سواء أكانت عامة أم خاصة أم شبه‬
‫عامة‪.‬‬

‫‪‬التقوي ــم الذات ــي‪:‬‬


‫نعني بالتقويم الذاتي (‪ )autoévaluation‬أن يصحح املتعلم أخطاءه بنفسه اعتمادا‬
‫على مجموعة من املؤشرات ومعايير وأدوات التصحيح الواضحة والدقيقة‬
‫والبسيطة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يساعد هذا التقويم املتعلم على تنظيم التعلمات وفق مقاربة‬
‫كفائية إدماجية‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يستعين التقويم الذاتي بوضع شبكة التصحيح الذاتي( ‪Une grille de‬‬
‫‪ )correction‬في ضوء مجموعة من املؤشرات الديدكتيكية والبيداغوجية ‪ .‬والهدف‬
‫من ذلك هو معيرة التصحيح‪ ،‬ودفع املتعلم إلى التصحيح الذاتي في ضوء مجموعة‬
‫من التعليمات واملعايير واملؤشرات التقويمية التي ترتبط بالوضعية والكفاية املقومة‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يحقق هذا التقويم نوعا من املوضوعية‪ .‬وقد يدخل هذا النوع من التقويم‬
‫أيضا ضمن ما يسمى بالتصحيح الذاتي (‪ " ،)Autocorrection‬إما بمنح التلميذ دليل‬
‫التصحيح‪ ،‬وإما بمنحه أدوات ليصحح أخطاءه بنفسه؛ ومن هذه األدوات‪ :‬املعايير‪،‬‬

‫‪260‬‬
‫والطريقة‪ ،‬واملراجع(القاموس‪ ،‬واملوسوعة‪ ،‬والكتاب املدرس ي‪ ، )...‬أو الجواب (وعليه‬
‫في هذه الحالة تحديد الطريقة املوصلة إليه)‪ ،‬إلخ‪.‬‬

‫وهناك معالجة أخرى عن طريق املقابلة واملقارنة بين تصحيح ذاتي وتصحيح‬
‫خارجي(تصحيح املدرس‪ ،‬وتصحيح التالميذ اآلخرين)‪ ،‬من أجل االستفادة من زوايا‬
‫الصراع السوسيومعرفي(التقايم)"‪160‬‬

‫ومن األجدى أن يعتمد التقويم الذاتي على شبكة التصحيح لكي يقوم املتعلم بنفسه‬
‫أو بمساعدة مدرسه على تبيان أخطائه وتجريدها وتصنيفها وتقييمها وتقديرها‬
‫وتقييمها‪ .‬أي‪ ":‬يجب معالجة إنتاجات التالميذ ‪ ،‬إلى جانب تثمينها والتصديق عليها في‬
‫اآلن نفسه‪ ،‬سواء كان املدرس هو من يختارها‪ ،‬أم تالميذ آخرون‪ ،‬بمساعدة شبكة‬
‫تصحيح (تقدم الجواب الصحيح)‪ ،‬أو شبكة تقويم‪ ،‬حتى لو تضمنت أحكاما سلبية‬
‫أكثر من اإليجابية (يلزم الحرص ‪ ،‬دائما‪ ،‬على البدء بإبراز الجوانب اإليجابية) ‪.‬‬
‫ويسري هذا األمر على كل أنشطة املتعلم‪ ،‬والسيما إنتاجات التالميذ في إطار أنشطة‬
‫اإلدماج‪ .‬فإلقاء النظرة التحليلية عليها‪ ،‬بمنح التالميذ تغذية راجعة دقيقة محددة‬
‫ليتمكنوا من تحديد الجوانب التي ينبغي تحسينها‪ .‬كما تفيدهم هذه النظرة التحليلية‬
‫في التموقع بالنسبة إلى املستوى املنتظر في التقويم الجزائي‪161".‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالتقويم الذاتي هو الذي يقوم به املتعلم بنفسه حينما يصحح أخطاءه وفق‬
‫مجموعة من املعايير واملؤشرات اعتمادا على شبكات التصحيح والتحقق واالستثمار‪.‬‬

‫‪‬التقوي ــم الدوسيمولوجي‪:‬‬

‫‪ -160‬انظر‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.326:‬‬


‫‪ -161‬نفسه‪ ،‬ص‪.320:‬‬
‫‪261‬‬
‫الدوسيمولوجيا ‪ ،‬في معجم البيداغوجيا ‪ ،‬هو علم االمتحانات ‪ ،‬وقد تبلورت‬
‫الدوسيمولوجيا سنة ‪ 3622‬م مع هنري بييرون (‪.)Henri Piéron‬‬

‫ويقصد بالتقويم الدوسيمولوجي(‪ )docimologie‬قياس االمتحانات املدرسية‪،‬‬


‫ومقارنة بعضها ببعض‪ ،‬وتبيان مواطن القوة والضعف فيها‪ ،‬واستجالء الجوانب‬
‫الذاتية واملوضوعية ‪ ،‬وإخضاع االمتحانات للمقاييس العلمية‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن‬
‫التقويم الدوسيمولوجي يعنى بدراسة االمتحانات اإلشهادية ذات البعد االنتقائي‪،‬‬
‫وتبيان عالقتها بالفروض واملراقبة املستمرة والروائز‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬يبحث التقويم‬
‫الدوسيمولوجي في مختلف العوامل التي تتحكم في تقويم عمل التلميذ سواء أكان‬
‫كتابيا أم شفويا‪ .‬بمعنى أن هذا التقويم يسعى جادا إلى معرفة اختالف نقطة التلميذ‬
‫من مصحح إلى آخر‪ ،‬وتحديد أسباب هذا االختالف‪ ،‬وتبيان العوامل التي تكون وراء‬
‫هذا التباين في عملية التقويم‪ .‬وقد تكون هذه العوامل راجعة إلى‪ :‬املقوم‪ ،‬أو إلى‬
‫ظروف التقويم‪ ،‬أو إلى طبيعة امللفوظ أو السؤال‪.‬‬

‫‪‬التقويم بالتغذية الراجع ــة‪:‬‬


‫نعني بالتغذية الراجعة تصحيح مسار العملية التعليمية‪ -‬التعلمية بسد فجواتها‪،‬‬
‫ومعالجة أخطائها‪ ،‬بعد تشخيص مواطن القوة والضعف في العملية الديدكيتيكية‪.‬‬
‫ويعني هذا إذا وجد املدرس أن أهداف الدرس وكفاياته لم تتحقق عمليا في أثناء‬
‫مرحلة التقويم‪ ،‬يمكن أن يصحح درسه بالرجوع إلى مكامن الخطإ ‪ .‬أي‪ :‬يقوم‬
‫بتصحيح املدخالت‪ ،‬أو العمليات‪ ،‬أو املخرجات‪ .‬ويهدف هذا إلى تطوير العملية‬
‫التعليمية ‪ -‬التعلمية‪ ،‬وتصحيحها ترقية وتحسينا وتجويدا كما وكيفا‪ .‬كما تساعد‬

‫‪262‬‬
‫املتعلم واملدرس معا على االعتماد الذاتي في عملية املراجعة والتنقيح والتصحيح‬
‫والتوليف‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تهدف التغذية الراجعة‪ ،‬في امليدان التعليمي‪ ،‬إلى إخبار املتعلم بنتائج ردوده‪،‬‬
‫وتدفعه إلى تصحيح أخطائه‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تسهم في تعديل السلوك عند املتعلم من‬
‫خالل تقويم نتائجه‪ .‬وللتغذية الراجعة دور بالغ األهمية في عملية التعلم الذاتي‪ ،‬فهي‬
‫تؤدي إلى تسهيل عملية التعلم ‪ ،‬وتسهم في زيادة الكفاءة العلمية التعليمية‪ ،‬ورفع‬
‫جودة التعلم‪ ،‬وتحسين اإلنتاج كما ونوعا وسرعة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يبدو أن التغذية‬
‫الراجعة بمثابة نقد للدرس الديدكتيكي في كل مكوناته البنيوية‪ ،‬وفحص له تخطيطا‬
‫وتدبيرا ورقابة‪ ،‬وتجويد ملراحله ونتائجه وخططه‪ .‬وقد يقوم به املدرس بنفسه أو‬
‫املتعلم في إطار تقويم ذاتي كفائي ومهاري‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬املعالجة‪:‬‬
‫تعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراس ي‪ .‬ويلتجئ إليها‬
‫املدرس بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفروض أو االختبارات واالمتحانات والروائز‬
‫بغية تشخيص مواطن القوة والضعف‪ ،‬بتمثل املعالجة الداخلية التربوية‬
‫والديدكتيكية ‪ ،‬واألخذ باملعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي واالجتماعي‪.‬‬
‫بمعنى أن املعالجة تهدف إلى اكتشاف األخطاء وتشخيصها ووصفها‪ ،‬وتقديم معالجة‬
‫إجرائية ناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تستند املعالجة الديدكتيكية إلى أربع مراحل‪:‬‬

‫‪ ‬الكشف عن األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬وصف األخطاء‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫‪ ‬البحث عن مصادر الخطإ‪.‬‬

‫‪ ‬تيهيء عدة املعالجة‪.‬‬

‫ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في‬
‫موضوعه حسب سياقها ومظانها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج‬
‫الشخص ي‪ ،‬فيصنفها إلى أنواع‪ ،‬مثل‪ :‬أخطاء صوتية‪ ،‬وأخطاء إمالئية‪ ،‬وأخطاء‬
‫صرفية‪ ،‬وأخطاء داللية‪ ،‬وأخطاء تركيبية‪ ،‬وأخطاء تداولية‪...‬وبالتالي‪ ،‬يحدد مواطن‬
‫القوة والضعف لدى املتعلم بالبحث عن أسباب هذه األخطاء‪ ،‬متسائال عن‬
‫مصدرها‪ :‬هل ترجع إلى مصدر داخلي ديدكتيكي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي‬
‫واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل ذاتية وموضوعية‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواقص‬


‫والتعثرات التي قد ترتبط باملدرس‪ ،‬أو املتعلم‪ ،‬أو بالنظام التربوي العام‪ .‬وال تتم‬
‫املعالجة إال إذا تكرر الخطأ مرات عدة‪.‬أما الذي يقوم باملعالجة‪ ،‬فقد يكون املدرس‬
‫نفسه‪ ،‬أو املتعلم نفسه في إطار التصحيح الذاتي‪ ،‬أو تلميذ آخر ‪ ،‬أو قد يكون‬
‫أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا أو ملحقا إداريا أو تربويا ‪ ،‬وقد يلتجئ كذلك‬
‫إلى وسائل اإلعالم والسجالت الذاتية والبرامج الرقمية ‪...‬‬

‫ومن أهم اإلستراتيجيات في املعالجة أنه يمكن االعتماد على‪:‬‬

‫‪ ‬التغذية الراجعة أو الفيدباك لتصحيح العملية الديدكتيكية‪ ،‬وسد ثغراتها‬


‫املختلفة واملتنوعة‪ ،‬وتفادي نواقصها وعيوهها‪ ،‬سواء أقام بتلك التغذية الراجعة‬
‫املدرس أم التلميذ نفسه اعتمادا على أدلة التصحيح‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫‪ ‬املعالجة بالتكرار أو بالعمليات التكميلية‪.‬أي‪ :‬بمراجعة املكتسبات السابقة‪،‬‬
‫وإضافة تمارين تكميلية مساعدة للتقوية وتثبيت املعارف والقواعد األساسية‪.‬‬

‫‪ ‬تمثل منهجيات تعلمية جديدة كمنهجية اإلدماج‪ ،‬ومنهجية االستكشاف‪،‬‬


‫واالعتماد على التعلم الذاتي‪ ،‬وتمثل التعلم النسقي‪.‬‬

‫‪ ‬إجراء تغييرات في العوامل األساسية‪ 162‬كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة‪،‬‬


‫وإعادة توجيه املتعلم من جديد‪ ،‬وتغيير فضاء املدرسة‪ ،‬وخلق أجواء مؤسساتية‬
‫ديمقراطية ‪ ،‬واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل‬
‫السلبية التي يعيشها املتعلم في ظلها‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا – مما سلف ذكره‪ -‬أن التقويم أعم من التقييم‪ .‬واآلتي أنه‬
‫عبارة عن معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخبراته وقدراته الكفائية‬
‫حين يوضع أمام وضعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها املستعصية‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬يساعدنا التقويم على معرفة مستوى التالميذ‪ ،‬وتحديد مواطن القوة والضعف‬
‫لديهم‪ .‬كما يسعفنا في اختيار املناهج والبرامج الصالحة لتحسين املنظومة التربوية‬
‫والديداكتيكية‪ .‬ويفيدنا كذلك في معرفة مدى تحقق األهداف والكفايات املرجوة‬
‫البلوغ إليها‪ ،‬ويعطينا صورة واضحة عن مدى ما تحققه املدرسة من نتائج‪ ،‬ويسهم‬
‫عددا وتقديرا في التوجيه واإلرشاد املدرس ي ‪.163‬‬

‫‪ -162‬نفسه‪ ،‬ص‪.326:‬‬
‫‪ -163‬محمد الدريج ‪:‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪ ،3600‬ص‪.04-03:‬‬
‫‪265‬‬
‫وعليه‪ ،‬فللتقويم مجموعة من الوظائف أهمها‪ :‬الوظيفة التشخيصية‪ ،‬والوظيفة‬
‫التحكيمية‪ ،‬والوظيفة االستشرافية‪ ،‬والوظيفة اإلشهادية‪ ،‬والوظيفة اإلدماجية‪،‬‬
‫والوظيفة الكفائية‪...‬‬

‫كما أن التقويم أنواعا عدة‪ ،‬فهناك ‪ :‬التقويم القبلي‪ ،‬والتقويم التكويني‪ ،‬والتقويم‬
‫النهائي‪ ،‬والتقويم املستمر‪ ،‬والتقويم اإلعالمي‪ ،‬والتقويم الكفائي واإلدماجي‪ ،‬والتقويم‬
‫الذاتي‪ ،‬والتقويم اإلشهادي‪ ،‬والتقويم الدوسيمولوجي‪...‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬الينبغي أن يقتصر التقويم على الوظيفة الكمية والعددية‪ ،‬بل ينبغي أن‬
‫يتجاوز ذلك إلى الوظيفة الكيفية ليصبح أداة إجرائية فعالة ملراقبة املنظومة‬
‫التربوية في مختلف آلياتها التخطيطية والتدبيرية‪ ،‬بتتبع مسارها بإحكام وإتقان من‬
‫خالل الجمع بين املدخالت‪ ،‬والعمليات‪ ،‬واملخرجات‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫الفصل الثامن‪:‬‬

‫الدعم التربوي والديدكتيكي‬

‫‪267‬‬
‫يعد الدعم التربوي أو املدرس ي (‪ )Le soutien scolaire‬من أهم اآلليات‬
‫اإلستراتيجية التي يمكن االستعانة هها للحد من التعثر الدراس ي‪ ،‬والقضاء على‬
‫الفوارق الفردية‪ ،‬وتفادي الهدر املدرس ي‪ ،‬ومعالجة التأخر التحصيلي‪ ،‬والرفع من‬
‫نسبة النجاح في املؤسسة التربوية‪ .‬ويعني هذا أن الدعم التربوي منهجية ديدكتيكية‬
‫وبيداغوجية لتقوية ملكة االكتساب لدى املتعلم املتعثر‪ ،‬وتعزيزها بالدربة والصقل‬
‫وتثبيت املعارف ‪ ،‬والتمرن على األنشطة الداعمة‪ ،‬وتجريب جميع الطرائق التربوية‬
‫املتاحة لتبليغ التعلمات والخبرات واملوارد واملكتسبات التربوية إلى املتعلم املتعثر‬
‫بأيسر السبل بغية تحقيق املساواة واإلنصاف وتكافؤ الفرص داخل الفصل الواحد‪.‬‬
‫واليقصد بالدعم التربوي تقوية املتعلم بالساعات اإلضافية أو الخصوصية املؤداة‬
‫عنها‪ ،‬بل يقوم به مدرس الفصل نفسه رسميا أو تطوعيا من أجل الرفع من مستوى‬
‫التحصيل التعلمي لدى التلميذ باستخدام جميع الطرائق الناجعة إلنقاذ املتعلم من‬
‫مهاوي الفشل واليأس واإلحباط‪ ،‬وتحفيزه على العمل واالجتهاد والعطاء لكي يتبوأ‬
‫مكانة الئقة بين أقرانه داخل الصف الدراس ي‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم الدعم لغة ؟ وما املقصود بالدعم التربوي؟ وما أهدافه؟ وماذا تعني‬
‫بيداغوجيا الدعم؟ وما مرتكزات الدعم ومقوماته األساسية؟ وما تقنياته؟ وما أهم‬
‫النصوص القانونية التي تنظم قضية الدعم التربوي؟ وما أهم مجاالته ؟ وما أهم‬
‫الخطوات املنهجية واإلجرائية التي يعتمد عليها؟ هذه أهم املحاور التي سنتوقف‬
‫عندها في هذه املطالب التالية‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬مفه ــوم الدع ــم التربــوي‪:‬‬


‫اليمكن فهم الدعم التربوي إال بتحديد هذا املفهوم لغة واصطالحا على النحو التالي‪:‬‬

‫‪268‬‬
‫‪ /1‬مفهوم الدع ــم لغ ــة‪:‬‬
‫يعني الدعم‪ ،‬في كتاب (لسان العرب)‪ ،‬اإلسناد‪ ،‬والتقوية‪ ،‬والتعزيز‪ ،‬والتثبيت‪،‬‬
‫واإلقامة‪ ،‬والترسيخ‪ ،‬والتأسيس‪ ،‬واالتكاء‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول ابن منظور ‪:‬‬

‫" دعم ‪ :‬دعم الش يء يدعمه دعما‪ :‬مال فأقامه ‪ .‬والدعمة ‪ :‬ما دعمه به ‪ .‬والدعام‬
‫والدعامة ‪ :‬كالدعمة‪ ...‬والدعامة ‪ :‬اسم الخشبة التي يدعم هها ‪ ،‬واملدعوم ‪ :‬الذي يميل‬
‫فتدعمه ليستقيم ‪ .‬وفي حديث أبي قتادة ‪ :‬فمال حتى كاد ينجفل فأتيته فدعمته ‪ ،‬أي‬
‫أسندته ؛ قال أبو حنيفة ‪:‬الدعم والدعائم الخشب املنصوبة للتعريش ‪ ،‬والواحد‬
‫كالواحد ‪ .‬ابن شميل ‪:‬دعم الرجل املرأة بأيره يدعمها ويدحمها ‪ ،‬والدعم والدحم ‪:‬‬
‫الطعن وإيالجه أجمع ‪ ،‬ويسمى السيد الدعامة‪ .‬ودعامة العشيرة ‪ :‬سيدها ‪ ،‬على املثل‬
‫‪...‬‬

‫ال مدعم ‪ :‬ال ملجأ وال دعامة ‪ .‬والدعمتان والدعامتان ‪ :‬خشبتا البكرة‪...‬‬

‫والدعامة ‪ :‬عماد البيت الذي يقوم عليه ‪ .‬وقد أدعمت إذا اتكأت عليها ‪ ،‬وهو افتعلت‬
‫منه ‪ .‬وفي الحديث ‪ :‬لكل ش يء دعامة ‪.‬وفي حديث عنبسة ‪:‬يدعم على عصا له أصله‬
‫يدتعم ‪ ،‬فأدغم التاء في الدال ‪ ،‬ومنه حديث الزهري‪ :‬أنه كان يدعم على عسرائه أي‬
‫يتكئ على يده ‪"164...‬‬

‫يعني مصطلح الدعم‪ ،‬انطالقا من هذا املتن اللغوي‪ ،‬مجمل املرتكزات التي يقوم عليها‬
‫الش يء ‪ ،‬أو تلك األسس أو الدعامات والوسائل التي يتكىء عليها اإلنسان‪ ،‬أو يستند‬
‫إليها الش يء املادي‪.‬‬

‫‪ -164‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬حرف الدال‪ ،‬مادة دعم‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫طبعة ‪2226‬م‬
‫‪269‬‬
‫‪ /2‬مفه ــوم الدعم الترب ــوي ‪:‬‬

‫يقصد بالدعم التربوي و الديدكتيكي(‪ )Le soutien scolaire‬تلك العملية الوقائية‬


‫والعالجية والتصحيحية التي تتم بعد عمليات التقويم التشخيص ي‪ ،‬والقبلي‪،‬‬
‫والتكويني‪ ،‬واإلجمالي‪ ،‬واإلدماجي من خالل التوقف عند مواطن القوة والضعف لدى‬
‫املتعلم‪ ،‬بصياغة " إستراتيجية مالئمة لدعم تلك املواطن حتى يتسنى للتلميذ مسايرة‬
‫إيقاع التعلم املرسوم‪" 165.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالدعم التربوي مكون ديدكتيكي نلتجىء إليه بعد عملية املعالجة‪ ،‬وهدفه‬
‫تشخيص التعثرات والصعوبات واإلعاقات من أجل ضبطها وتصحيحها وترشيدها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول أحمد أوزي‪:‬‬

‫" الدعم ‪ ،‬أو حصص الدعم‪ ،‬أو دروس الدعم‪ ،‬عبارة عن املساعدة التي تقدم لبعض‬
‫التالميذ الذين يحتاجون إليها ليكونوا في مستوى زمالئهم في الفصل الدراس ي أو‬
‫الستيعاب مواد معينة بشكل أفضل‪.‬‬

‫يشكل الفصل الدراس ي مجموعة غير متجانسة من األطفال‪ ،‬في استعداداتهم‬


‫وقدراتهم‪ ،‬مما يدعو إلى عملية الدعم التي تقلل من املتخلفين دراسيا عن أقرانهم‪.‬‬
‫كما يمكن النظر إلى ضرورة الدعم وأهميته من ناحية ثانية‪ ،‬وهي اختالف طريقة أو‬
‫أسلوب تعلم كل تلميذ‪ ،‬ومعظم املدرسين اليأخذون هذا األمر بعين االعتبار‪،‬‬
‫فيدرسون بطريقة واحدة‪ .‬وفي هذه الحالة ‪ ،‬فإن عملية الدعم التكسب معناها‬

‫‪ -165‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.033:‬‬
‫‪270‬‬
‫ال حقيقي واملفيد إال إذا تم تعليمها بطريقة مختلفة عن الطريقة التي عملت هها املادة‬
‫أول األمر‪166".‬‬

‫وههذا‪ ،‬يكون الهدف من الدعم املدرس ي هو تقليص الفوارق املوجودة بين مستوى‬
‫التعلمات الواقعي ومستوى التعلمات املنشود تحقيقه‪ .‬وترى وزارة التربية الوطنية أن‬
‫الدعم التربوي هو" مجموعة من الوسائل والتقنيات التربوية التي يمكن اتباعها‬
‫داخل الفصل (في إطار الوحدات الدراسية) أو خارجية (في إطار أنشطة املدرسة‬
‫ككل) لتالفي بعض ما قد يعترض تعلم التالميذ من صعوبات (عدم الفهم‪ -‬تعثر‪-‬‬
‫تأخر‪ )...‬تحول دون إبراز القدرات الحقيقية والتعبير عن اإلمكانات الفعلية‬
‫الكامنة‪167".‬‬

‫ويتحقق الدعم التربوي بواسطة مجموعة من اإلجراءات واألنشطة والوسائل‬


‫التقييمية القابلة للمالحظة واملقايسة كما وكيفا‪ ،‬و تشخيص سبب الحالة أو الوضع‬
‫قصد إيجاد حلول تعويضية أو وقائية أو تصحيحية أوعالجية أو تعزيزية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يبدو أن الدعم " مكون من مكونات عمليات التعليم والتعلم يشغل‪ ،‬في سياق‬
‫املناهج الدراسية‪ ،‬وظيفة تشخيص وضبط وتصحيح وترشيد تلك العمليات من أجل‬
‫تقليص الفارق بين مستوى تعلم التالميذ الفعلي واألهداف املنشودة على مستوى‬
‫بعيد أو قريب املدى‪.‬وتتحقق هذه الوظيفة بواسطة إجراءات وأنشطة ووسائل‬

‫‪ -166‬أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.360:‬‬
‫‪ -167‬وزارة التربية الوطنية ‪ :‬تكوين معلمي التعليم األساس ي‪ ،‬الرباط ‪،‬املغرب‪3662 ،‬م‪ ،‬ص‪.23:‬‬
‫‪271‬‬
‫وأدوات تمكن من تشخيص مواطن النقص‪ ،‬أو التعثر‪ ،‬أو التأخر‪ ،‬وضبط عواملها‬
‫لدى املتعلم‪ ،‬وتخطيط وضعيات الدعم وتنفيذها ثم فحص مردودها ونجاعتها‪"168.‬‬

‫ويرد الدعم التربوي بعد عمليات التقويم‪ ،‬والتشخيص‪ ،‬واملعالجة‪ .‬بمعنى أن التقويم‬
‫هو الذي يحدد لنا الصعوبات والتعثرات املوجودة لدى املتعلم بمعرفة الفارق‬
‫املوجود بين املستوى الفعلي للمتعلم واملستوى التعليمي املنشود‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تأتي‬
‫عملية تشخيص التعثرات والصعوبات باستجالء مظاهرها‪ ،‬وتبيان أنواعها وأشكالها‪،‬‬
‫وتصنيفها حسب مجاالتها وأهميتها وخطورتها‪ ،‬والبحث عن أسباب التعثر وعوامله‬
‫الذاتية واملوضوعية‪ ،‬واقتراح مجموعة من الحلول للمعالجة سواء أكانت ديدكتيكية‬
‫أم نفسية أم اجتماعية‪ .‬ثم‪ ،‬تأتي عملية الدعم بتقوية التعلم لدى التلميذ املتعثر‪،‬‬
‫وتعزيز مكتسباته املعرفية والتقنية واملنهجية واملهارية بإيجاد إجراءات ميدانية‬
‫وعملية للرفع من مستوى املتعلم‪.‬‬

‫واليمكن التحقق من نجاعة الدعم التربوي أو املدرس ي إال بتمثل مجموعة من‬
‫العمليات التدبيرية املتتابعة واملترابطة فيما بينها‪ ،‬مثل‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتدبير‪،‬‬
‫والتقويم‪ ،‬والتغذية الراجعة‪ ،‬واملواكبة‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ " ،‬يمكن اعتبار الدعم والتقوية مجموعة من العمليات التي‬
‫تمكن مؤسسة أو فردا من تقريب الوضعية املنشودة من الوضعية الحقيقية‬
‫للمؤسسة أو الفرد‪ .‬ففي مجال املقاوالت على سبيل املثال‪ ،‬يمكن لشركة ما أن تحدد‬
‫لنفسها تحقيق نسبة معينة من الربح‪ ،‬ويكون الدعم هو مجموعة من اإلجراءات‬
‫والتدخالت التي تسمح بتقليص الفارق بين نسبة األرباح املحققة فعال والنسبة‬

‫‪ -168‬وزارة الترية الوطنية املغربية‪ :‬كتاب مرجعي في الدعم التربوي‪3666/3660 ،‬م‪ ،‬ص‪.27:‬‬
‫‪272‬‬
‫املرغوب فيها‪ .‬وفي املجال التربوي‪ ،‬يعتبر الدعم مجموعة من اإلجراءات والعمليات‬
‫التي ينبغي اتخاذها ‪ ،‬واإلستراتيجيات التي ينبغي اتباعها‪ ،‬والتي من شأنها أن تجعل‬
‫النظام التربوي قادرا على تحقيق الكفايات املسطرة عند كافة التالميذ دون ميز أو‬
‫شرط‪169".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالدعم التربوي عبارة عن مجموعة من اإلجراءات والخطوات املنهجية التي‬
‫تسعى إلى تقريب مستوى املتعلم املتعثر من املستوى املرغوب فيه أو املنشود واقعيا‬
‫وتربويا‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬أهداف الدعم التربوي والديدكتيكي‪:‬‬


‫للدعم التربوي أو املدرس ي مجموعة من األهداف األساسية واإلجرائية التي يمكن‬
‫حصرها في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الحد من الفوارق الفردية التي يمكن أن تكون داخل القسم الدراس ي؛‬

‫‪ ‬الرفع من مستوى املتعلم على جميع املستويات واألصعدة‪ ،‬والترقية بمعارفه‬


‫ومكتسابته ‪ ،‬وتعزيز إدراكه التربوي بالشرح والتوضيح والتبسيط؛‬

‫‪ ‬الحد من مختلف تعثرات املتعلم وعوائقه سواء أكان ذلك على املستوى املعرفي‬
‫أم الوجداني أم الحس ي‪-‬الحركي؛‬

‫‪ ‬خلق قسم مندمج ومتوازن على مستوى التعلمات‪ ،‬واملعارف‪ ،‬والذكاءات؛‬

‫‪ -169‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل الحياة املدرسية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2226‬م‪،‬‬
‫صص‪.362:‬‬
‫‪273‬‬
‫‪ ‬مساعدة املتعلم املتعثر على تجاوز صعوباته باألنشطة الداعمة والهادفة‬
‫واملفيدة واملثمرة وفق بيداغوجيا الدعم التربوي أو املدرس ي؛‬

‫‪ ‬تحقيق مدرسة النجاح والجودة الكمية والكيفية بإنقاذ املتعثرين واملتأخرين‬


‫واملتخلفين من ذوي الحاجيات الخاصة باملعالجة‪ ،‬واملصاحبة‪ ،‬واملراجعة‪ ،‬والتكرار‪،‬‬
‫والدعم‪ ،‬والتحفيز املادي واملعنوي؛‬

‫‪ ‬تطوير املردودية العامة للصف املدرس ي كما وكيفا‪ ،‬بتطوير مناهج الدعم‬
‫والتقوية والتعزيز واملعالجة ههدف تكوين مواطن صالح يتأقلم ويتكيف مع مختلف‬
‫الوضعيات القديمة أو املستجدة؛‬

‫‪ ‬العمل الجاد واملستمر لتجاوز أي شكل من أشكال التعثر والفشل الدراس ي لدى‬
‫املتعلم بإعداد إستراتيجية للدعم قد تكون فورية أو مرحلية أو مستمرة بغية إدماج‬
‫املتعلم من جديد ملواكبة مستوى النسق الصفي العادي؛‬

‫‪ ‬تعويد املتعلم على تجاوز صعوباته بنفسه‪ ،‬وتصحيح تعثراته املختلفة واملتنوعة‪،‬‬
‫بتوجيه من املدرس أو اإلداري أو الخبير األخصائي؛‬

‫‪ ‬الرفع من املردودية التحصيلية لدى املتعلم بمجموعة من االختبارات والروائز‬


‫واألنشطة والدروس والتمارين الداعمة والهادفة ليكون في مستوى أقرانه داخل‬
‫الصف الدراس ي الواحد‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫ثالثا‪ ،‬خصائص بيداغوجيا الدعم‪:‬‬
‫تهدف بيداغوجيا الدعم إلى تعزيز مكتسبات املتعلم املختلفة ‪ ،‬وتقوية مستواه‬
‫التعلمي باألنشطة الهادفة والداعمة بغية الرفع من مردوديته التحصيلية واملعرفية‬
‫في مختلف املجاالت وامليادين التربوية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تتميز هذه البيداغوجيا بطابعها‬
‫الوقائي والعالجي ‪ .‬أي‪ :‬تهدف إلى وقاية املتعلم من كل أسباب الفشل والتأخر والهدر‬
‫املدرس ي‪ ،‬وحمايته من التعثرات التي قد تؤثر فيه سلبا‪ ،‬فتدفعه إلى االنقطاع عن‬
‫املؤسسة التربوية قبل استكمال سنواته الدراسية اإلجبارية األساسية (ست عشرة‬
‫سنة)‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تستند بيداغوجيا الدعم إلى تشخيص تعثرات املتعلم املختلفة‪ ،‬وتحديد‬
‫صعوباته املتنوعة‪ ،‬وتبيان مواطن القوة والضعف لديه‪ ،‬وتصنيف تلك التعثرات‬
‫حسب طبيعتها وصعوبتها وخطورتها بغية إيجاد حلول عالجية ووقائية مناسبة ‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫أضف إلى ذلك السعي نحو حلول واقعية وميدانية لتعويض النقص الذي يعانيه‬
‫املتعلم بسبب تعثراته وصعوباته‪ ،‬والسيما إذا أصيب بعاهات أو إعاقات سمعية أو‬
‫بصرية أو جسدية‪ ،‬أو انتابه تخلف عقلي‪ ،‬أو كان يعاني صعوبات في القراءة أو‬
‫الكتابة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهذه البيداغوجيا تصحيحية بامتياز؛ ألنها تصحح األخطاء‬
‫املرتكبة من قبل املتعلم‪ ،‬وتبحث عن حلول إجرائية لسد الثغرات التي لها آثار نفسية‬
‫واجتماعية خطيرة في بناء شخصيته‪ ،‬وخاصة إذا كان القسم يعرف فوارق فردية‬
‫مختلفة‪ ،‬كما يتشخص ذلك واضحا في األقسام العادية أو األقسام املشتركة‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬تسعى هذه البيداغوجيا إلى التحكم الفوري أو املرحلي أو الدائم في تعثرات‬
‫املتعلم ملساعدته على تجاوزها أو الحد منها بواسطة أنشطة تطبيقية داعمة وهادفة‬
‫وبناءة‪ .‬بل تتميز بخصوصيتها كذلك؛ إذ تنبه إلى ضرورة إيجاد فضاءات أو طرائق‬
‫خاصة للحد من العوائق والتعثرات والصعوبات املوجودة لدى هؤالء املتعثرين‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تعتمد بيداغوجيا الدعم على مجموعة من املراحل األساسية هي‪ :‬التخطيط‪،‬‬
‫والتدبير‪ ،‬والتقويم‪ ،‬والتشخيص‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ .‬ومن أهم هذه املراحل كلها‬
‫مرحلة التشخيص التي ت عنى بتحديد األخطاء املرتكبة‪ ،‬وتعيين الصعوبات والتعثرات‪،‬‬
‫وتصنيفها حسب مجالها وأهميتها وخطورتها‪ ،‬وذكر األسباب والعوامل التي تكون وراء‬
‫تلك الصعوبات كأن تكون راجعة إلى مكتسبات املتعلم ومؤهالته الذاتية‪ ،‬أو إلى‬
‫قدراته الذكائية والوراثية‪ ،‬أوالوسط الذي ينتمي إليه املتعثر‪ ،‬أوطبيعة البرنامج‬
‫الدراس ي املعتمد‪ ،‬أوطرائق التدريس التي يستعين هها املدرس‪ ،‬أوغياب التحفيز املادي‬
‫واملعنوي‪...‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يكون التشخيص في بداية الدرس‪ ،‬أو في وسطه‪ ،‬أو في نهايته‪ .‬ويتحقق‬
‫باستعمال اختبارات وروائز تشخيصية شفهية‪ ،‬واستثمار نتائج كواشف النقط‪،‬‬
‫‪276‬‬
‫وتشخيص األخطاء‪ ،‬وإجراء املقابلة‪ ،‬واستخدام تقنية املالحظة‪ ،‬واالستعانة بأنماط‬
‫من القوائم ‪...‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن أنواع مختلفة من الدعم ‪ ،‬ويمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الدعم التربوي الذي يعتني بالتعلمات من معارف‪ ،‬واتجاهات‪ ،‬وميول‪ ،‬ومهارات‪،‬‬


‫وتقنيات؛‬

‫‪ ‬الدعم النفس ي الذي يهتم بذاتية املتعلم الفردية والجماعية؛‬

‫‪‬الدعم االجتماعي الذي يتعلق بوضعية املتعلم داخل وسط اجتماعي معين‪.‬‬

‫‪ ‬الدعم الفردي الذي يتوجه إلى فرد واحد؛‬

‫‪ ‬الدعم املزدوج أو الثنائي الذي يتوجه إلى متعلمين فقط؛‬

‫‪ ‬الدعم الجماعي الذي يتوجه إلى مجموعة من املتعلمين املتعثرين‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يستند الدعم إلى مجموعة من الصيغ اإلجرائية‪ ،‬مثل‪ :‬املراجعة‪ ،‬والدعم‬
‫الذاتي‪ ،‬والدعم بالوسائط املختلفة واملتنوعة كالكتب‪ ،‬واملصادر‪ ،‬واملراجع‪،‬‬
‫والصحف‪ ،‬والحاسوب‪ ،‬واألنترنيت‪ ،‬واألقراص املدمجة‪ .‬ثم‪ ،‬الدعم باألقران (‬
‫املساعدة الجماعية)‪ ،‬والدعم باملجموعات أو االشتغال في فرق تربوية‪ ،‬والدعم‬
‫باملتدخلين (االستعانة بالفاعلين الخارجيين أو الشركاء أو املتطوعين)‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬يندرج الدعم التربوي ضمن مجاالت مختلفة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬الدعم املرتبط باملجال املعرفي كما يبدو ذلك جليا في كتابة تقارير وملخصات‬
‫وأبحاث كتابية وشفهية؛‬

‫‪277‬‬
‫‪ ‬الدعم املقترن باملجال الوجداني والعالئقي الذي يتجلى في تنمية امليول‬
‫والرغبات واالتجاهات النفسية‪ ،‬وتعزيز املواقف واالقتناع الشخص ي‪ ،‬وتحسيس‬
‫املتعلم باملسؤولية‪ ،‬والتموقف‪...‬؛‬

‫‪ ‬الدعم املصاحب للمجال الحس ي‪ -‬الحركي الذي يتمثل في التقليد‪ ،‬واملعالجة‪،‬‬


‫واملحاكاة‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬وأنشطة التكيف واإلتقان واملران ‪...‬؛‬

‫‪‬الدعم املرتبط باملجال املهاري العملي ‪ ،‬كما يبدو ذلك جليا في في إنجاز تمارين‬
‫تطبيقية‪ ،‬وأعمال مختبرية تتعلق بالنشاط العلمي‪ ،‬وبحوث فردية وجماعية‪،‬‬
‫ومناقشات مفتوحة مع التالميذ‪170...‬‬

‫‪:‬‬ ‫رابعا‪ ،‬املبادىء األساسية للدعم التربوي‬


‫تستند بيداغوجيا الدعم والتقوية إلى مجموعة من املبادىء واملرتكزات األساسية‬
‫التي تتمثل في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬دمقرطة التربية والتعليم؛‬

‫‪ ‬تحقيق املساواة والعدالة واإلنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع املتعلمين؛‬


‫‪ -170‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬الدليل املنهجي لدعم النجاح املدرس ي‪ ،‬الرقم ‪ ،3‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2236‬م‪ ،‬ص‪.66-67:‬‬
‫‪278‬‬
‫‪ ‬املدرسة فضاء للتعايش الطبقي واالجتماعي؛‬

‫‪ ‬املدرسة فضاء للجميع بغية الترقي والنجاح وامتالك الرأسمال الرمزي‪ ،‬والثقافي‪،‬‬
‫واملادي‪ ،‬واالجتماعي؛‬

‫‪ ‬كل األطفال قادرون على التعلم ماداموا يمتلكون املؤهالت الوراثية والقدرات‬
‫االكتسابية نفسها؛‬

‫‪ ‬املدرسة فضاء طبيعي للفوارق الفردية التي يمكن الحد منها بالعمل الجاد‬
‫والدعم املستمر؛‬

‫‪ ‬لكل متعلم وتيرة إيقاعية معينة في التعلم واالكتساب والتحصيل حسب قدراته‬
‫النمائية؛‬

‫‪ ‬اليمكن إرجاع الفوارق الفردية بين املتعلمين داخل فصل واحد إلى عوامل‬
‫طبيعية أو وراثية أو نفسية أو اجتماعية بمعزل عما هو تربوي وديدكتيكي؛‬

‫‪ ‬لكل مدرس طريقة معينة في التدريس قد تكون لها آثار سلبية أو إيجابية في‬
‫املستوى التحصيلي لدى املتعلم؛‬

‫‪ ‬هناك حلول مختلفة للحد من التعثر الدراس ي‪ ،‬ومعالجة التأخر التربوي‪ ،‬بربط‬
‫النظرية بالتطبيق والتنفيذ الفوري أو املرحلي أو الدائم واملستمر‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬مج ــاالت الدعــم‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن مجموعة متنوعة من مجاالت الدعم التربوي‪.‬فهناك ما يتعلق‬
‫بشخصية املتعثر‪ ،‬فقد يختص الدعم بماهو معرفي وذهني‪ ،‬أو ماهو وجداني‬

‫‪279‬‬
‫وعالئقي‪ ،‬أو ما هو حس ي ‪ -‬حركي‪ .‬وقد يكون التعثر راجعا إلى " الظروف املحيطة‬
‫بالعملية التعليمية‪ -‬التعلمية داخل القسم‪ ،‬عندما يفض ي التشخيص إلى نتائج‬
‫مفادها أن تعثر املتعلم راجع إلى عوامل خارجية عن املتعلم كفرد‪ ،‬ومرتبطة ‪ -‬مثال‪-‬‬
‫بطرائق التدريس‪ ،‬او باستعمال الوسائل التعليمية‪ ،‬أو بعدم التالؤم بين وتيرة‬
‫التدريس ووتيرة التعلم‪ ،‬أو بالعالقة مع املدرس‪ ،‬بالعالقة مع باقي املتعلمين‪ ،‬أو‬
‫بالتقويم واالمتحانات‪171."...‬‬

‫وقد يكون التعثر مرتبطا بالظروف الداخلية للمؤسسة بسبب هشاشة البنيات‬
‫التحتية‪ ،‬وغياب التدبير اإلداري والتربوي الفعال‪ ،‬وانعدام املرافق الضرورية في‬
‫املؤسسة‪ ،‬مثل‪ :‬املكتبة‪ ،‬وقاعة املطالعة والندوات‪ ،‬واملجال األخضر‪ ،‬وبعد الداخلية‬
‫عن املؤسسة الحاضنة‪ ،‬وتغيب املدرسين باستمرار‪ ،‬وانتشار العنف الرمزي‪...‬‬

‫أضف إلى ذلك " املحيط املباشر للمؤسسة ‪ ،‬عندما يقودنا التشخيص إلى نتائج‬
‫مفادها أن للوسط الذي توجد فيه املؤسسة أثرا سلبيا في الصحة الجسدية أو‬
‫النفسية أو االجتماعية (بيع أغذية غير مراقبة والتبغ في محيط املؤسسة‪ ،‬والطريق‬
‫املؤدية للمؤسسة مرتبطة بالظروف املناخية وغير آمنة‪172."...‬‬

‫دون أن ننس ى الظروف االجتماعية لألسرة من فقر‪ ،‬وعوز‪ ،‬وفاقة‪ ،‬وطالق‪ ،‬وتفكك‪،‬‬
‫وصراع أسري داخلي‪ ...‬وقد يكون التعثر كذلك راجعا إلى املناهج والبرامج واملقررات‬
‫الدراسية‪ ،‬أو إلى املدرس نفسه‪ ،‬أو إلى الطرائق التربوية املستخدمة في التدريس‪ ،‬أو‬
‫إلى املتعلم نفسه بسبب اإلهمال‪ ،‬والشرود‪ ،‬وعدم االنتباه‪ ،‬والتقاعس في أداء‬
‫واجباته الدراسية‪...‬‬

‫‪ -171‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل الحياة املدرسية‪ ،‬ص‪.63:‬‬


‫‪ -172‬نفسه‪ ،‬ص‪.362:‬‬
‫‪280‬‬
‫سادسا‪ ،‬أن ــواع الدعم وأشكال ــه‪:‬‬
‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من الدعم التي يمكن حصرها في األشكال التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الدعم البيداغوجي أو الديدكتيكي ‪ :‬هو ذلك الدعم الذي يقوم به املدرس‬


‫لتقديم املساعدة إلى متعلميه داخل الفصل الدراس ي الواحد خالل الحصة الدراسية‬
‫نفسها بقراءة األسئلة مرة أخرى‪ ،‬وشرح الدرس بطريقة أخرى أكثر تيسيرا وتوضيحا‬
‫وتبسيطا من خالل اإلكثار من التمارين بغية إيصال املطلوب بأسهل الطرائق‬
‫والسبل التربوية الناجعة‪ ،‬وتوفير برمجيات تعليمية باستخدام الحاسوب‪.173‬‬

‫‪ ‬الدعم الفارقـ ــي‪ :‬يقصد بالدعم الفارقي ذلك الدعم الذي يحتكم إلى‬
‫البيداغوجيا الفارقية ‪ ،‬ويهدف إلى الحد من تلك الفوارق املوجودة بين املتعلمين‬
‫داخل الفصل الدراس ي الواحد بتقوية املكتسبات‪ ،‬وتعزيز التعلمات لدى التلميذ‪،‬‬
‫وتشجيع املتعلم على املبادرة والعمل واالجتهاد‪ ،‬والحد من الفوارق االجتماعية‬
‫والطبقية والتعليمية بفردنة التعليم‪ ،‬وتدعيم املوارد لدى الضعفاء واملتعثرين‬
‫واملتخلفين عبر عمليات التكرار والتعزيز والتحفيز واملراجعة واملصاحبة الدائمة‬
‫واملستمرة لهؤالء‪.‬‬

‫وتعني البيداغوجيا الفارقية (‪ )Pédagogie différenciée‬وجود مجموعة من‬


‫التالميذ يختلفون في القدرات العقلية والذكائية واملعرفية والذهنية‪ ،‬وامليول‬
‫الوجدانية‪ ،‬والتوجهات الحسية الحركية‪ ،‬على الرغم من وجود مدرس واحد داخل‬
‫فصل دراس ي واحد‪ .‬ويعني هذا وجود متعلمين داخل قسم واحد‪ ،‬أمام مدرس واحد‪،‬‬
‫مختلفين على مستوى االستيعاب‪ ،‬والتمثل‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والتطبيق‪،‬‬

‫‪ -173‬أحمد أوزي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.366:‬‬


‫‪281‬‬
‫واالستذكار‪ ،‬والتقويم‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فقد جاءت البيداغوجيا الفارقية لتهتم ‪ -‬أساسا‪-‬‬
‫بالطفل املتمدرس بإيجاد حلول إجرائية وتطبيقية وعملية للحد من هذه الفوارق‬
‫املختلفة واملتنوعة كما وكيفا سواء أكانت هذه الحلول نفسية أم اجتماعية أم‬
‫بيداغوجية أم ديدكتيكية أم معرفية‪...‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬تنطلق البيداغوجيا الفارقية من االقتناع القائل بأن" أطفال الفصل‬
‫الواحد يختلفون في صفاتهم الثقافية واالجتماعية واملعرفية والوجدانية‪ ،‬بكيفية‬
‫تجعلهم غير متكافئي الفرص أمام الدرس املوحد الذي يقدمه لهم املعلم‪ .‬ويؤول‬
‫تجاهل املدرس لهذا املبدإ إلى تفاوت األطفال في تحصيلهم املدرس ي‪ .‬وتأتي‬
‫البيداغوجيا الفارقية للتخفيف من هذا التفاوت ‪ .‬ويعرف لوي لوگران ( ‪Louis‬‬
‫‪ )Legrand‬البيداغوجيا الفارقية كاآلتي‪ ":‬هي تمش تربوي‪ ،‬يستعمل مجموعة من‬
‫الوسائل التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬قصد إعانة األطفال املختلفين في العمر والقدرات‬
‫والسلوكيات‪ ،‬واملنتمين إلى فصل واحد‪ ،‬من الوصول بطرائق مختلفة إلى األهداف‬
‫نفسها "‪.174‬‬

‫ويعرفها الباحث التونس ي مراد ههلول بقوله‪:‬‬

‫" تتمثل البيداغوجيا الفارقية في وضع الطرائق واألساليب املالئمة للتفريق بين‬
‫األفراد‪ ،‬والكفيلة بتمكين كل فرد من تملك الكفايات املشتركة (املستهدفة من قبل‬
‫املنهج)‪ .‬فهي سعي متواصل لتكييف أساليب التدخل البيداغوجي تبعا للحاجيات‬

‫‪ -174‬نفسه‪ ،‬ص‪.33-37:‬‬
‫‪282‬‬
‫الحقيقية لألفراد املتعلمين‪ .‬هذا هو التفريق الوحيد الكفيل بمنح كل فرد أوفر‬
‫حظوظ التطور واالرتقاء املعرفي‪"175.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يعرفها عبد الكريم غريب بأنها" إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل‬
‫التلميذ متكيفا مع الفوارق الفردية بين املتعلمين‪ ،‬قصد جعلهم يتحكمون في‬
‫األهداف املتوخاة‪"176.‬‬

‫وتقترن البيداغوجيا الفارقية بالتمثالت الذهنية املختلفة لدى املتعلمين سواء أكانوا‬
‫فقراء أم أغنياء‪ ،‬أو كانوا حضريين أم بدويين‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالبيداغوجيا الفارقية هي"‬
‫بيداغوجيا الكفايات والقدرات؛ فهي تقتض ي مراعاة الفوارق بين التالميذ؛ إال أن‬
‫الفوارق التي تعنيها هنا‪ ،‬هي في التمثالت الذهنية ‪ ،‬وليست في االنتماءات الطبقية‪ .‬وفي‬
‫هذا السياق‪ ،‬يمكن التساؤل حول التمثالت األكثر داللة وغنى‪ :‬أهي تمثالت التالميذ‬
‫املنحدرين من أسر فقيرة أم تمثالت املنحدرين من أسر غنية؟ إن األخذ بنظرية‬
‫الشفرتين لبرنشتاين (‪ )Basil Bernstein‬يسقطنا في نوع من التعميم؛ بينما يؤدي‬
‫األخذ بنتائج أبحاث دوكري(‪ )Duccret. B‬إلى قناعات وتأكيدات فجة‪177" .‬‬

‫بمعنى أن نظرية برنشتاين تذهب إلى أن الفقراء يوظفون شفرة ضيقة ومحدودة على‬
‫مستوى التواصل اللغوي؛ مما يجعلهم هذا الواقع في وضعية صعبة على مستوى‬

‫‪175 -Mourad Bahloul : La pédagogie de la différence: l’exemple de l'école tunisienne , M.‬‬

‫‪Ali Editions, 2003 – 336 Pages.‬‬

‫‪-176‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.420:‬‬
‫‪ -177‬العربي اسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضايا تربوية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.42-43:‬‬
‫‪283‬‬
‫األداء واإلنجاز والكتابة؛ حيث ال يستطيعون التعبير بسهولة وثراء وغنى‪ ،‬كما هي‬
‫شفرة األغنياء التي تتميز باالتساع والثراء على مستوى املعجم‪ ،‬والثقافة‪ ،‬والخبرة؛‬
‫مما يؤهلهم ذلك إلى التفوق والنجاح في دروسهم‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالبيداغوجيا الفارقية هي تلك البيداغوجيا التعددية التي تعترف بوجود‬


‫مجموعة من الفوارق الفردية الكمية بين املتعلمين داخل الفصل الدراس ي الواحد‪.‬‬
‫وتفاديا لإلخفاق والهدر املدرس ي اللذين ينتجان ‪ -‬غالبا‪ -‬عن ظاهرة تعدد الفوارق‬
‫الفردية في املدرسة الواقعية املوحدة‪ ،‬تلتجئ هذه البيداغوجيا إلى تسطير أهداف‬
‫وكفايات متناسبة من خالل فلسفة التنويع واالختالف والتعدد عبر تقديم أنشطة‬
‫ومحتويات تتالءم مع مستويات التالميذ املختلفة واملتعددة قوة وضعفا باتباع طرائق‬
‫بيداغوجية مناسبة‪ ،‬وتشغيل وسائل ديدكتيكية مختلفة تصلح للتقليل من تلك‬
‫الفوارق املعرفية واملهارية والذهنية‪ ،‬وتوظيف أساليب التقويم والدعم واملعالجة‬
‫املناسبة للحد من هذه الظواهر الالفتة لالنتباه‪.‬‬

‫‪ ‬الدعم الخصوص ي‪ :‬نعني بالدعم الخصوص ي تقديم ساعات إضافية للمتعلمين‬


‫مدفوعة األجر بغية اكتساب مستوى دراس ي معين‪ ،‬وتصحيح تعثرات مختلفة من‬
‫أجل التقوية في مادة دراسية ما‪ ،‬أو تعلم لغات معينة‪ ،‬أو استيعاب ما صعب على‬
‫املتعلم في املواد العلمية أو األدبية أو الفنية أو التقنية‪ .‬ونحن لسنا ضد التعليم‬
‫الخصوص ي؛ ألنه ضرورة واقعية أمام تدني مستوى التعليم‪ ،‬وتحكم الخريطة‬
‫املدرسية في نسبة النجاح‪ ،‬ولكن ننصح املدرسين بعدم تقديم ساعات إضافية‬
‫لتالمذتهم في الفصل؛ إذ يمكن لهم أن يقدموا ساعات خصوصية ملتعلمين آخرين‬
‫من غير متعلميهم رغبة في تحقيق العدالة‪ ،‬و املساواة‪ ،‬واإلنصاف‪ ،‬وتكافؤ الفرص‪.‬‬

‫‪284‬‬
‫‪ ‬الدعم اإللكتروني والرقمي‪ :‬هو ذلك الدعم الذي يكون عن طريق الحاسوب‬
‫الرقمي بتقديم مجموعة من الدروس والتمارين بطريقة مجانية عبر آلة الحاسوب أو‬
‫األنترنيت‪.‬أي‪ :‬يتعلم التلميذ بواسطة البرمجة الرقمية‪ ،‬فيتمرن على األنشطة‬
‫الدراسية‪ ،‬ثم يراجع دروسه ويتعلمها بإنجاز التمارين واألنشطة التي يقدمها‬
‫الحاسوب على الشاشة‪.‬‬

‫وهناك أيضا باحثون متخصصون في مجال الدعم املدرس ي‪ ،‬يقدمون املقرر الدراس ي‬
‫على شاشة الحاسوب لتوصيلها إلى املتعلمين بأيسر السبل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتعود املتعلم‬
‫الرقمي على مجموعة من الفروض‪ ،‬واالمتحانات‪ ،‬واالختبارات‪ ،‬والروائز‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يخضع لتقويم شامل من قبل املشرفين على تلك البرامج واملقررات الدراسية املوجهة‬
‫إلى املتعلمين‪ .‬ويعني هذا أن الحاسوب أو األنترنيت يقوم بدور مهم في مجال الدعم‬
‫التربوي‪.‬‬

‫‪‬الدع ــم الفردي أو الجماعي‪ :‬عندما يكون الدعم مرتبطا بفرد واحد يسمى بالدعم‬
‫الفردي‪ .‬وعندما يكون موجها إلى أكثر من فرد واحد يسمى بالدعم الجماعي‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫فقد يكون الدعم املدرس ي موجها إلى فرد واحد‪ ،‬أو يقوم به مدرس واحد‪ ،‬أو يختار‬
‫املدرس عريفا أو تلميذا نجيبا ليقوم بدعم زمالئه من املتعلمين داخل الفصل‬
‫الدراس ي الواحد سواء أكان املدعم تلميذا واحدا أو تلميذين أو جماعة‪ .‬ويكون هذا‬
‫الدعم بشرح الدرس وتبسيطه وتوضيحه‪ ،‬واإلكثار من األنشطة والتمارين الداعمة‬
‫لتقوية الذاكرة التعلمية لدى املتعلم‪ ،‬أو تشجيعه على القيام باألعمال والواجبات‬
‫الدراسية‪ ،‬أو مساعدته على توظيف موارده عند مواجهته مجموعة من الوضعيات‬
‫السهلة أو الصعبة أو املعقدة أو املركبة‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫‪‬الدعم التربوي الداخلي أو الخارجي‪ :‬يقصد بالدعم الداخلي ذلك الدعم التربوي‬
‫الذي ينجزه املدرس داخل الفصل أو القسم الدراس ي بإعادة الدرس أو شرحه أو‬
‫توضيحه‪ ،‬أو اإلكثار من التمارين الداعمة‪ .‬ويكون الدعم خارجيا عندما يقدم في‬
‫أوقات الفراغ داخل املؤسسة التربوية إما في مكتبة ما ‪ ،‬وإما في فصل دراس ي‬
‫مخصص للدعم يسهر عليه مجموعة من املدرسين في مواد مختلفة ‪ .‬وقد يكون هذا‬
‫الدعم الخارجي في مؤسسة خصوصية ما ‪ ،‬أو في مكان ما تسهر عليه جمعية مدنية ‪،‬‬
‫أو في املنزل؛ حيث يقوم الوالدان بتعليم أوالدهما املتعثرين أو املتأخرين تربويا‪،‬‬
‫بتقوية مكتسابتهم الدراسية‪ ،‬ومساعدتهم على حل وضعياتهم اإلدماجية‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫‪ ‬الدعم الفوري أو املرحلي أو الدائم‪ :‬يكون الدعم الذي يزاوله املدرس للحد من‬
‫تعثرات متعلمه إما دعما فوريا يرتبط بلحظة معينة‪ ،‬فيسد الثغرات التي تؤثر سلبا في‬
‫املتعلم؛ وإما دعما مرحليا أو متدرجا يهدف إلى تجاوز صعوبات املتعلم بشكل مرحلي‬
‫في الزمان واملكان؛ وإما دعما دائما ومستمرا يقوم على تتبع املتعثر مصاحبة طول‬
‫الوقت ملساعدته على تجاوز أخطائه‪ ،‬واألخذ بيديه لتفادي كل الصعوبات التي يمكن‬
‫أن تواجهه في أية لحظة مفاجئة‪.‬‬

‫‪‬الدعم باملعالجــة‪ :‬يكون هذا الدعم بإيجاد حلول عملية وميدانية وواقعية‪،‬‬
‫ومعالجة ديدكتيكية داخلية أو خارجية إجرائية للحد من تعثرات املتعلم بتصحيح‬
‫أخطائه وتشخيصها‪ ،‬وتبيان أنواعها‪ ،‬وتحديد مواطنها‪ ،‬وتصحيحها وفق القواعد‬
‫الضابطة أو املرسومة‪ .‬ويمكن أن تكون املعالجة فورية أو عبر املراحل من جهة‪ ،‬أو‬
‫نفسانية واجتماعية من جهة أخرى‪.‬‬

‫املدرسية‬ ‫باملصاحبة‬ ‫يقصد‬ ‫املدرسية‪:‬‬ ‫باملصاحبة‬ ‫الدعم‬ ‫‪‬‬


‫(‪ ) Accompagnement scolaire‬مرافقة املتعلم بشكل مؤقت أو مستمر من أجل‬
‫إعداده لالمتحان‪ ،‬ومساعدة املتعلم على تجاوز صعوباته وتعثراته الدراسية‪ ،‬وقد‬
‫يكون املصاحب مدرسا أو محلال نفسيا أو أخصائيا اجتماعيا‪ .‬والبد أن تكون تلك‬
‫املصاحبة هادفة وبناءة ومثمرة مادامت تهدف إلى رفع مستوى املتعلم بشكل متدرج‪،‬‬
‫ومساعدته على شرح دروسه واكتساهها ‪.‬‬

‫وقد تمتد املصاحبة زمنيا ومكانيا إلى خارج املؤسسة التربوية‪ ،‬بل تصل إلى املنزل‪.‬‬
‫بمعنى أن يتتبع املدرس تلميذه املتعثر حتى ينجح في امتحانه‪ ،‬ويحصل على ما يصبو‬
‫إليه بتجاوز كل الصعوبات والتعثرات املمكنة التي تحول دون نجاح املتعلم‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫وقد تبنت فرنسا ‪ ،‬إبان املوسم الدراس ي(‪2226-2220‬م) ‪ ،‬سياسة مهمة في مجال‬
‫الدعم التربوي بتخصيص أستاذ للدعم ملصاحبة التالميذ في أثناء إنجاز واجباتهم‬
‫الدراسية‪ ،‬ومساعدتهم على القيام بأنشطة التربية البدنية‪ ،‬وتنظيم أوقات فراغهم‪،‬‬
‫ومساعدتهم على اكتساب اللغات األجنبية‪ ،‬وتحفيزهم على العمل‪ ،‬والنشاط‪،‬‬
‫واإلبداع‪.‬‬

‫سابعا‪ ،‬النصوص القانونية وقضية الدعم التربوي ‪:‬‬


‫لقد اهتمت وزارة التربية الوطنية املغربية بالدعم التربوي أو املدرس ي اهتماما كبيرا‪،‬‬
‫ويتجلى ذلك في إصدار مجموعة من املذكرات الوزارية والكتب املرجعية التي تعنى‬
‫بالدعم التربوي بغية الرفع من مستوى املتعلم املتعثر‪ ،‬والرقي به كما وكيفا‪ ،‬والقضاء‬
‫على الساعات الخصوصية‪.‬‬

‫ومن أهم هذه املذكرات واملراسالت الوزارية التي تتعلق بالدعم التربوي املذكرة‬
‫الوزارية رقم ‪ 360‬بتاريخ ‪3664/32/22‬م التي تحمل عنوان (الدعم التربوي)‪.‬وهناك‬
‫مذكرة رقم ‪ 330‬في أكتوبر‪3664‬م للتنصيص على تأسيس مديرية الدعم التربوي‪،‬‬
‫وتحديد مجموعة من أنواع الدعم ؛ مثل‪:‬‬

‫‪ ‬الدعم املندمج‪ :‬هو الدعم الذي ينجز داخل الفصول الصفية؛ حيث يقدم‬
‫املدرس مجموعة من الدروس واألنشطة والتمارين الداعمة للتعويض أو التقوية أو‬
‫الشرح والتوضيح قصد الرفع من مستوى املتعلم نحو األفضل‪ ،‬وتطبيق مبدأ‬
‫التغذية الراجعة أو الفيدباك لتجويد الدرس أو تحسين الدرس الديدكتيكي املقدم‬
‫لتالميذ الفصل ‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫‪ ‬الدعم املؤسس ي أو املؤسساتي‪ :‬هو ذلك الدعم الذي ينجز داخل فضاء‬
‫املؤسسة التربوية بتخصيص أقسام أو أمكنة معينة للدعم ‪ ،‬يقوم به مدرسون أو‬
‫إداريون أو أطر تنتدههم جمعيات مدنية ملساعدة املتعلمين‪ ،‬وعالج تعثرهم‪ ،‬وإيجاد‬
‫حلول ناجعة للصعوبات التي يواجهونها في أقسامهم الدراسية‪.‬‬

‫‪ ‬الدع ــم الخارجي‪ :‬هو ذلك الدعم الذي يقدم خارج املؤسسة التربوية لتقوية‬
‫مستوى املتعثرين أو املتخلفين أو ذوي الحاجيات الخاصة في إطار عالقات تشارك‬
‫مع الفاعلين الخارجيين‪ ،‬وضمن مشاريع املؤسسة التي يصادق عليها مجلس التدبير‪.‬‬

‫وقد نشرت الوزارة كذلك كتابا مرجعيا في الدعم ‪ ،178‬وطبعته في كتاب سنة ‪3666‬م‪،‬‬
‫صدر عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء بعنوان (كتاب مرجعي في الدعم‬
‫التربوي)‪.‬‬

‫وهناك مراسلة وزارية أخرى تحت رقم ‪ 266-37‬بتاريخ ‪33‬دجنبر‪2237‬م تتعلق بمنع‬
‫الساعات الخصوصية أو اإلضافية‪ ،‬وتعويضها بساعات التقوية والدعم‪ .‬وتبعتها‬
‫مراسلة أخرى خاصة بالدعم التربوي املؤسساتي الرقمي تحت رقم ‪ 262-33‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪36‬مارس‪2233‬م‪.‬‬

‫ويمكن الحديث أيضا عن (دليل الحياة املدرسية) الذي يتحدث كذلك عن الدعم‬
‫التربوي في بعض مباحثه؛ ملا له من آثار إيجابية في إغناء الحياة املدرسية ماديا‬
‫ومعنويا‪ ،‬وإثرائها تربويا وديدكتيكيا‪.179‬‬

‫‪ -178‬زارة النتننربنيننة ال ننوطنننينة‪ ،‬اللنجنن ننة النم ننرك ننزيننة للندعننم النتننربننوي‪ :‬ك ـتــاب مــرج ـع ــي في الـدع ــم ال ـت ــرب ــوي‪،‬‬
‫منط نب نع ننة الننجنناح النج نندينندة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة ‪3666‬م‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫ثامنا‪ ،‬تدبيرالدعم التربوي وتنفيذه‪:‬‬
‫تستلزم عملية الدعم التربوي أو املدرس ي أن يقوم املدرس بعدة عمليات إجرائية‬
‫للحد من تعثرات املتعلم‪ ،‬ويمكن حصرها في الخطوات املنهجية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬التوقف عند التعثرات والصعوبات التي تعوق نمو املتعلم ‪ ،‬وتحول بينه وبين‬
‫تحصيل النجاح كأن نتوقف ن مثال‪ -‬عند صعوبات الحفظ والتذكر واالسترجاع‪ ،‬أو‬
‫صعوبات الفهم واإلدراك‪ ،‬أو صعوبات التحليل ‪ ،‬أو صعوبات التطبيق‪ ،‬أو صعوبات‬
‫التقويم‪ ،‬أو صعوبات التوظيف واستثمار املوارد املكتسبة‪ ،‬أو صعوبات إدماج‬
‫املعارف والتقنيات واملوارد ومعلومات الدرس‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد مجال التعثرات كأن يكون املجال معرفيا ذهنيا‪ ،‬أو مجاال عاطفيا‬
‫وجدانيا‪ ،‬أو مجاال حسيا ‪ -‬حركيا‪.‬‬

‫‪ ‬تصنيف التعثرات بشكل واضح دقيق‪ ،‬وترتيبها عبر سلم األولوية واألهمية‬
‫والتدرج والخطورة‪ ،‬كأن نبين أن ثمة تعثرات نفسية‪ ،‬أو اجتماعية‪ ،‬أو إعاقية‪ ،‬أو‬
‫صوتية‪ ،‬أو صرفية‪ ،‬أو إمالئية‪ ،‬أو تركيبية‪ ،‬أوداللية ‪ ،‬أو بالغية‪ ،‬أو تداولية ‪ ،‬أو‬
‫رقمية‪ ،‬أو كتابية‪ ،‬أو تقنية‪ ،‬أو مهارية‪ ،‬أو منهجية‪...‬‬

‫‪ ‬تحديد أهداف الدعم وكفاياته األساسية والنوعية واإلجرائية‪ .‬بمعنى التركيز على‬
‫الدعم الذي ينمي الكفايات األساسية ‪ ،‬مثل‪ :‬كفاية القراءة‪ ،‬وكفاية الكتابة‪ ،‬وكفاية‬
‫الحساب‪ ،‬وكفاية التحليل املنهجي‪ ،‬وكفاية التعبير الشفوي والكتابي‪ ،‬والكفايات‬
‫التواصلية‪ ،‬والكفايات املعرفية‪ ،‬والكفايات الثقافية‪ ،‬والكفايات املنهجية‪،‬‬

‫‪ -179‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل الحياة املدرسية‪ ،‬صص‪.363-362:‬‬


‫‪290‬‬
‫والكفايات اللغوية‪ ...‬فضال عن استحضار مجموعة من األهداف اإلجرائية في اختيار‬
‫طرائق الدعم التربوي‪.‬‬

‫‪ ‬االستعانة بالتغذية الراجعة‪.‬أي‪ :‬يقوم املدرس‪ -‬أوال‪ -‬بتصحيح أخطائه التي يكون‬
‫قد ارتكبها في أثناء تقديم الدرس بسد الثغرات أو التعثرات التي يكون لها آثار سلبية‬
‫في تعلمات التلميذ‪ ،‬وتكون سببا مباشرا في تعثرات املتعلم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يعيد املدرس‬
‫الدرس إما كليا أو جزئيا لتصحيح كل األخطاء التي يكون قد ارتكبها عبر مسار‬
‫الدرس‪ ،‬وعبر مراحله املختلفة تشخيصا وتكوينا وتقويما على حد سواء‪.‬‬

‫‪ ‬تقديم تمارين وأنشطة داعمة؛ إذ يلتجىء املدرس إلى مجموعة من األنشطة‬


‫والتمارين واالختبارات الشفوية أو الكتابية أو الرقمية لدعم املتعلم املتعثر ‪ ،‬وتقوية‬
‫اإلدراك التعلمي لديه بتحضير مجموعة من األنشطة الداعمة والهادفة ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫األنشطة املندمجة‪ ،‬وتمارين املراجعة‪ ،‬والوضعيات اإلدماجية‪ ،‬واألنشطة التحليلية‪،‬‬
‫واألنشطة املعرفية‪ ،‬واألنشطة التركيبية‪ ،‬واألنشطة التقويمية‪ ،‬وأنشطة املواقف‬
‫والقيم‪ ،‬واألنشطة الحسية ‪ -‬الحركية‪.‬‬

‫‪ ‬تقويم األنشطة الداعمة وفق بيداغوجيا الدعم واملعالجة ‪ ،‬ووفق مقاييس‬


‫اختبارية دقيقة‪ ،‬بتعيين مواطن القوة والضعف‪ ،‬وتبيان مظاهر التعثر والفشل‬
‫الدراس ي‪ ،‬وتصنيف تلك التعثرات وتصحيحها فوريا أو مرحليا أو بشكل دائم‬
‫ومستمر‪ ،‬من خالل تزويد املتعلم بالقواعد الضابطة‪ ،‬وتقديم الصحيح الصائب‪.‬‬

‫‪ ‬تعويد املتعلم ‪ ،‬في أثناء أنشطة الدعم‪ ،‬على التقويم الذاتي‪ ،‬والتصحيح التعلمي‬
‫وفق شبكات التقويم املعدة لذلك‪ ،‬والرجوع إلى مختلف الوثائق لبناء معارفه وخبراته‬
‫التعلمية من جديد ‪ ،‬وتعضيد مكتسباته الصفية‪ ،‬وتصحيح زالته وأخطائه وتعثراته‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫‪ ‬تفريغ نتائج التقويم والتصحيح لتحديد املعالجة املناسبة لذلك املتعلم‪ :‬هل‬
‫تكون املعالجة فورية‪ ،‬أو معالجة مرحلية‪ ،‬أو معالجة مستمرة ودائمة؟‬

‫‪ ‬بناء دروس ديدكتيكية وفق بيداغوجيا الدعم التي تربط الدرس بالتقويم‬
‫املستمر والدعم املسند وفق املنظور املندمج‪ ،‬أو املنظور املؤسساتي‪ ،‬أو املنظور‬
‫الخارجي‪.‬‬

‫ويعني هذا كله أن للدعم التربوي ثالث خطوات منهجية أساسية تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬تشخيص تعثرات املتعلمين املختلفة‪ ،‬ورصد صعوباتهم املتنوعة بتمثل املقاربة‬


‫باألهداف‪ ،‬واالستفادة من املقاربة بالكفايات‪.‬‬

‫‪‬البحث عن أسباب التعثر‪ ،‬هل هي تربوية أو نفسية أو اجتماعية من جهة‪ ،‬أو هي‬
‫مرتبطة باملتعلم نفسه أو بالعملية التعليمية داخل القسم‪ ،‬أو باملؤسسة وظروفها‬
‫الداخلية والخارجية؟‬

‫‪ ‬تخطيط عمليات الدعم بشكل إجرائي‪ ،‬وتنفيذها حسب التعثرات املرصودة‬


‫وأسباهها‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫تاسعا‪ ،‬تقنيات الدعم التربوي‬


‫ثمة مجموعة من التقنيات التي يمكن اللجوء إليها في ما يتعلق بالدعم التربوي حسب‬
‫املجاالت الثالثة لشخصية املتعلم‪.‬‬

‫ففي املجال املعرفي‪ ،‬خصصت حصص للدعم والتوليف للسلك االبتدائي ضمن‬
‫بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ويقوم هها املدرس داخل القسم ‪ ،‬ويسمى هذا بالدعم املبرمج في‬
‫املناهج الدراسية‪ ،‬واالستعانة بآليات البيداغوجيا الفارقية للحد من الصعوبات‬
‫‪292‬‬
‫والتعثرات املمكنة‪ .‬ثم‪ ،‬االستفادة كذلك من بيداغوجيا األخطاء لتصحيح ما ارتكبه‬
‫املتعثر من أخطاء وأغالط ‪ ،‬واإلكثار من األنشطة الداعمة الهادفة واملفيدة‪،‬‬
‫ومراجعة الدروس بشكل جيد من خالل تلخيصها وكتابة تقارير عنها باعتماد‬
‫منهجية متسقة ومنسجمة‪ .‬عالوة على تقديم العون للمتعلمين الذين يوجدون في‬
‫الداخليات من قبل املدرسين أو اإلداريين أو املتطوعين الذين تختارهم جمعيات‬
‫مدنية ‪ ،‬أو االشتغال في جماعات وفرق تربوية يسيرها عريف مجتهد يقوم بدور‬
‫املدرس‪ .‬فضال عن تدخل مجلس التدبير باقتراح مشاريع وشراكات يكون هدفها دعم‬
‫املتعلم ديدكتيكيا وتربويا‪ ،‬وتكليف املتعلمين باألبحاث العلمية واملشاريع الثقافية‬
‫والببليوغرافية‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالجانب النفس ي والوجداني‪ ،‬البد من تشجيع املتعثرين على التشبث‬
‫بمواقفهم اإليجابية‪ ،‬والتركيز على مواطن القوة لديهم‪ ،‬وتحبيبهم في املدرسة‪،‬‬
‫وتشجيعهم على املبادرة وتحمل املسؤولية‪ ،‬وتطبيق دينامية الجماعة‪ ،‬وتفعيل آليات‬
‫التواصل اللفظي وغير اللفظي‪ ،‬واألخذ بالتفاعل االجتماعي البناء واملثمر‪ ،‬وتعويد‬
‫املتعلم على اإلنصات‪ ،‬والتركيز‪ ،‬واالنتباه‪...‬‬

‫أما فيما يتعلق بالجانب الحس ي‪ -‬الحركي‪ ،‬يشجع املدرس املتعثرين على التقليد‬
‫واملحاكاة واإلعادة املتكررة من أجل التحكم في املهارات املعينة‪...‬‬

‫وفي ما يتعلق بالجانب املؤسساتي‪ ،‬البد من تكوين أطر كفئة في مجال التدبير اإلداري‬
‫واملالي‪ ،‬وفي مجال النفس ي واالجتماعي والتربوي‪ ،‬وتوفير البنيات التحتية املالئمة‬
‫لتعليم جيد‪ ،‬وخلق مشاريع املؤسسة التي ترتكز على الدعم التربوي‪ ،‬والدخول في‬
‫شراكات متنوعة تهم املجال الدعم املدرس ي‪ ،‬ثم تحسين الظروف املادية واالقتصادية‬

‫‪293‬‬
‫لألسر املعوزة ‪ ،‬وإزالة كل العوائق التي تحول دون تحصيل تعليم جيد‪ ،‬وهادف ‪،‬‬
‫ومثمر‪.‬‬

‫عاشرا‪ ،‬جــذاذة الدع ــم التربــوي ‪:‬‬


‫اليمكن أن يتحقق الدعم التربوي ديدكتيكيا إال بوضع تخطيط إجرائي‪ ،‬أو إنجاز‬
‫جذاذة تدبيرية لترجمة ماهو نظري إلى ماهو تطبيقي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬البد من تحديد‬
‫األهداف اإلجرائية‪ ،‬وتحديد الكفايات األساسية والنوعية لهذا الدعم‪ ،‬وتبيان‬
‫مرجعيات تلك العملية‪ ،‬واختيار الوسائل املعتمدة في ذلك‪ ،‬واإلشارة إلى الفئة‬
‫املستهدفة‪ ،‬وتعيين املؤسسة التي تتم فيها هذه العملية ‪ ،‬وتحديد الفاعلين الساهرين‬
‫على عملية الدعم والتقوية‪.‬‬
‫أساليب التشخيص نتائج التشخيص أساليب الدعم الفعاليات‬ ‫مجاالتها‬ ‫التعثرات‬
‫الداعمة‬ ‫وتقنياته‬ ‫الدراسية‬
‫‪ -‬املتعلمون‬ ‫‪ -‬نتائج نفسية ‪ -‬الدعم‬ ‫‪ -‬املجال ‪ -‬املالحظة‬ ‫‪ -‬صعوبات‬
‫أنفسهم‬ ‫التعويض ي‬ ‫(اليأس‪-‬‬ ‫‪ -‬االختبارات‬ ‫املعرفي‪.‬‬ ‫معرفية‬
‫‪-‬املدرسون‬ ‫‪ -‬الدعم‬ ‫القنوط‪-‬‬ ‫والروائز‬ ‫‪ -‬املجال‬ ‫‪ -‬صعوبات في‬
‫‪ -‬رجال اإلدارة‬ ‫الوقائي‬ ‫اإلحباط‪-‬‬ ‫‪ -‬األنشطة‬ ‫الوجداني‪.‬‬ ‫الفهم‬
‫‪-‬امللحقون‬ ‫‪ -‬الدعم‬ ‫العدوانية‪-‬‬ ‫الحسية‪-‬‬ ‫‪ -‬املجال‬ ‫‪ -‬صعوبات في‬
‫التربويون‬ ‫العالجي‬ ‫االنحراف‪-‬‬ ‫الحركية‬ ‫الحس ي‪-‬‬ ‫التحليل‬
‫‪-‬األخصائيون‬ ‫‪ -‬الدعم‬ ‫الجنوح‪)...‬‬ ‫‪ -‬الفروض‬ ‫الحركي‪.‬‬ ‫‪ -‬صعوبات في‬
‫التصحيحي النفسانوين‬ ‫‪ -‬النتائج‬ ‫‪ -‬املراقبة‬ ‫التطبيق‬
‫واالجتماعيون‬ ‫‪ -‬الدعم‬ ‫االجتماعية‪:‬‬ ‫املستمرة‬ ‫‪ -‬صعوبات في‬
‫‪ -‬الجمعيات‬ ‫الفوري‬ ‫(الفوارق الفردية‪-‬‬ ‫‪ -‬االستبيان‬ ‫التقويم‬
‫املدنية‬ ‫الهدر ‪ -‬الدعم‬ ‫الفقر‪-‬‬ ‫‪ -‬املقابلة‬ ‫‪ -‬صعوبات في‬
‫‪ -‬رجال‬ ‫املرحلي‬ ‫املدرس ي‪)...-‬‬ ‫‪ -‬دراسة الحالة‬ ‫القراءة‬
‫النتأطير‬ ‫‪ -‬الدعم‬ ‫‪ -‬النتائج‬ ‫‪ -‬املعايشة‬ ‫‪ -‬صعوبات في‬
‫واملراقبة‬ ‫املستمر‬ ‫التربوية‪:‬‬ ‫‪ -‬التغذية الراجعة‬ ‫الكتابة‬

‫‪294‬‬
‫‪ -‬األسرة‬ ‫الدعم‬ ‫‪-‬‬ ‫(ضعف‬ ‫‪ -‬بطاقات‬ ‫‪ -‬صعوبات‬
‫‪-‬املتطوعون‬ ‫الهادف‬ ‫التحصيل‬ ‫التصحيح‬ ‫منهجية‬
‫‪ -‬اإلعالم‬ ‫الدعم‬ ‫‪-‬‬ ‫املدرس ي‪-‬‬ ‫الذاتي‬ ‫‪ -‬صعوبات‬
‫‪ -‬الحاسوب‬ ‫الكفائي‬ ‫التعثر‪-‬‬ ‫واملوضوعي‬ ‫موقفية‬
‫الرقمي‬ ‫الدعم‬ ‫‪-‬‬ ‫الرسوب‪)...‬‬ ‫وانفعالية‬
‫‪ -‬املكتبات‬ ‫اإلدماجي‬ ‫‪ -‬صعوبات‬
‫العامة‬ ‫القياس‬ ‫‪-‬‬ ‫حسية‪ -‬حركية‬
‫والخاصة‬ ‫واالختبار‬ ‫‪ -‬صعوبات‬
‫‪ -‬الجماعات‬ ‫والتقويم‬ ‫إدماجية‬
‫من‬ ‫والروائز‬ ‫‪...‬‬
‫املتعلمين‬

‫مراحل إنجازعملية الدعم التربوي‪:‬‬


‫التقييم‬ ‫الوسائل الصعوبات مكان اإلنجاز‬ ‫املنجزون‬ ‫مراحل‬
‫والتتبع‬ ‫و إيقاعه‬ ‫واألساليب‬ ‫واملساهمون‬ ‫الدعم‬
‫واملر اقبة‬ ‫الزمني‬ ‫واإلمكانيات‬

‫‪.............‬‬ ‫‪................. .................‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫السداس ي ‪.................‬‬


‫األول‬

‫‪............‬‬ ‫‪............... .................‬‬ ‫‪...............‬‬ ‫السداس ي ‪................‬‬


‫الثاني‬

‫شبكة تقويم عملية الدعم التربوي‪:‬‬


‫الحلول‬ ‫نسبة الفشل األسباب‬ ‫نسبة النجاح‬ ‫مراحل‬

‫‪295‬‬
‫واملقترحات‬ ‫الدعم‬

‫‪..................‬‬ ‫‪..................‬‬ ‫‪..................‬‬ ‫‪..................‬‬ ‫الدعم‬


‫الفوري‬
‫‪................‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫‪.................‬‬

‫‪.....................‬‬ ‫‪..................‬‬ ‫‪..................‬‬ ‫‪...................‬‬ ‫الدعم‬


‫‪....................‬‬ ‫املرحلي‬
‫‪...................‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫‪..................‬‬

‫‪....................‬‬ ‫‪................... ......................‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫الدعم‬


‫الدائم‬
‫‪........................‬‬ ‫‪..................... .....................‬‬ ‫‪....................‬‬

‫‪.......................‬‬ ‫‪..................... .....................‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫الدعم‬


‫باملصاحبة‬
‫‪......................‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫‪...................‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا‪ ،‬مما سبق ذكره‪ ،‬أن الدعم التربوي أو املدرس ي عملية‬
‫ديدكتيكية‪ ،‬وتربوية‪ ،‬ونفسية‪ ،‬واجتماعية ‪ .‬ويكون الهدف منها تصحيح املسار‬
‫التعلمي عند املتعلمين الذين يعانون صعوبات مختلفة ومتنوعة في أثناء تواجدهم في‬
‫الصف الدراس ي‪.‬‬

‫وبتعبير آخر‪ ،‬الدعم التربوي عبارة عن مساعدة وقائية تصحيحية وعالجية في شكل‬
‫مساعدة فورية أو متدرجة أو دائمة إلنقاذ املتعلم دراسيا‪ ،‬وتقوية تعلماته املعرفية ‪،‬‬
‫وتثبيت مواقفه الوجدانية‪ ،‬وتعزيز أنشطته الحسية – الحركية‪ .‬والهدف من هذا‬
‫كله هو الترقية بمستواه الكفائي كما وكيفا‪ ،‬ومساعدته على استخدام قدراته‬
‫ومواهبه وميوله للتكيف مع الوضعيات الدراسية املعطاة‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬اليمكن الحديث عن الدعم إال بعد عمليات اإلنجاز والتقويم‬
‫واملعالجة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تخضع عملية الدعم ملجموعة من الخطوات اإلجرائية ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫التخطيط‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتقويم‪ ،‬والتشخيص‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والفيدباك‪ ،‬واملواكبة‪،‬‬
‫والتتبع الفوري أو املتدرج أو الدائم املستمر للمتعلم حسب مجاالت التعثر‪.‬‬

‫ويالحظ كذلك أن بيداغوجيا الدعم لها عالقة وثيقة الصلة ببيداغوجيا األخطاء‪،‬‬
‫والبيداغوجيا الفارقية ‪ ،‬وبيداغوجيا التعاقد‪ ،‬وبيداغوجيا الذكاءات املتعددة‪،‬‬
‫والبيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬وبيداغوجيا األهداف‪ ،‬وبيداغوجيا الكفاءات‪...‬‬

‫‪297‬‬
‫الفصل التاسع‪:‬‬
‫الوضعيات الديدكتيكية‬

‫‪298‬‬
‫إذا كانت التربية التقليدية أو الكالسيكية تعتمد على املسائل والتمارين واالختبارات‬
‫واملسائل املباشرة في عملية التقويم‪ ،‬فإن التربية الحديثة واملعاصرة تأخذ‬
‫بالوضعيات التدريسية واإلدماجية في بناء التعلمات‪،‬والسيما مع ظهور املقاربة‬
‫بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن أنواع ثالثة من‬
‫الوضعيات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬الوضعيات التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬الوضعيات غير التعلمية‪.‬‬

‫‪‬الوضعيات اإلدماجية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تنبني املقاربة بالكفايات على إعداد الوضعيات‪ -‬املسائل في شكل عوائق‬
‫ديدكتيكية وتربوية قصد التكيف معها ‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة لها بغية بناء‬
‫التعلمات الجديدة‪ ،‬واستكشاف املجهول‪.‬ومن ثم‪ ،‬يكون الغرض من بناء هذه‬
‫الوضعيات هو تحقيق أهداف تعلمية محضة لتحسين جودة التعلمات لدى التلميذ‬
‫في فضاء تربوي وديدكتيكي وتعلمي ضمن ما يسمى بالوضعيات العلمية أو‬
‫الديدكتيكية(‪ .)Situations didactiques‬في حين‪ ،‬ثمة وضعيات أخرى تلقائية‬
‫وعفوية أخرى اليكون هدفها هو تحقيق األغراض واألهداف التعلمية كالتعلم في‬
‫أثناء اللعب أو األنشطة األخرى‪ ،‬وتسمى بالوضعيات غير التعلمية ( ‪Situations‬‬
‫‪ .)adidactiques‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يمكن الحديث عن وضعيات‬
‫إدماجية)‪ (Situations intégrales‬يكون الهدف منها هو إدماج املوارد التي‬
‫استضمرها املتعلم في حل الوضعيات املعقدة واملركبة بغية التحقق من قدرات‬
‫املتعلم وكفاءاته ومؤهالته املختلفة‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫وقد ميز غوي بروسو (‪ 180)Brousseau‬وروجي كزافيي(‪ )Rogier Xavier‬وغيرهما بين‬
‫الوضعيات التعلمية وغير التعلمية وفق مجموعة من اآلليات اإلجرائية املخصصة‬
‫لكل نوع على حدة‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما الفرق بين الوضعيات التعلمية وغير التعلمية؟ وما مميزات كل وضعية على‬
‫حدة؟ وما خصوصياتها؟ وما أهدافها؟ وكيف نصوغ الوضعيات التعلمية وغير‬
‫التعلمية؟ هذا ما سوف نتبينه في املباحث التالية‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬مفهوم الوضعية والوضعية – املشكلة‪:‬‬


‫قبل الحديث عن الوضعيات الديدكتيكية أو التعلمية‪ ،‬البد من التوقف عند‬
‫الوضعية ‪ -‬املشكلة التي يبنى عليها الدرس التعلمي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهي ترتبط باملقاربة‬
‫بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج على مستوى التحويل واالستثمار‪ .‬و" يحتل مفهوم‬
‫الوضعية أو الوضعية ‪ -‬املشكلة مكانة مركزية في هندسة التكوين بصفة عامة؛ نظرا‬
‫ألن عدة التكوين أو املنهاج‪ ،‬يستعمل‪ ،‬من البداية إلى النهاية‪ ،‬الوضعية كإطار أو وعاء‬
‫لتعبئة املكتسبات‪ ،‬سواء كان ذلك في تعلم التحويل‪ ،‬أو في تقويم القدرة عليه ‪ ،‬أو في‬
‫تحديد أو تقويم درجة التحكم في الكفايات‪.‬‬

‫‪180‬‬ ‫‪-G. BROUSSEAU(1998), Théorie des Situations Didactiques, La pensée sauvage ; G.‬‬
‫‪BROUSSEAU(1997), Théories des situations didactiques, Conférence de Montreal,‬‬
‫]‪http://math.unipa.it/~grim/brousseau_montreal_03.pdf;[3‬‬ ‫‪G.‬‬ ‫‪BROUSSEAU(2000),‬‬
‫‪Education‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪didactique‬‬ ‫‪des‬‬
‫‪mathématiques,http://math.unipa.it/~grim/brousseau_didact_03.pdf‬‬

‫‪300‬‬
‫يمكن القول بأن الوضعية إطار سياقي يجعل املتعلم يحس بأنه في وضع مألوف‪ ،‬غير‬
‫أن هذا اإلطار يضعه أمام عائق جديد ومركب‪ ،‬وهذا العائق‪ ،‬الذي يتم تصوره‬
‫كمشكل يجب حله أو كمهمة يكلف إنجازها في كل مرة جهدا أكبر‪ ،‬يتطلب تعبئة‬
‫انتقائية ومدمجة ملوارد أو معارف تم اكتساهها في السابق‪ .‬ويسهم تعدد الوضعيات‬
‫التي تتميز بتصاعد وتيرة متطلباتها على املدى القريب في بناء معارف ومهارات جديدة‪،‬‬
‫وعلى املدى املتوسط أو البعيد في التحكم التدريجي في الكفايات‪181".‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تستلزم الوضعية وجود ذات مؤهلة تتفاعل مع وضعية مأخوذة من املحيط أو‬
‫البيئة التي تعيش فيها هذه الذات ‪.‬وتتميز تلك الوضعية السياقية بكونها معقدة أو‬
‫مركبة أو صعبة‪.‬أي‪ :‬إنها بمثابة عائق كبير يثير مشاكل وتحديات وصعوبات للمتعلم ‪،‬‬
‫وتتطلب منه أن يجد لها حلوال مناسبة ‪ ،‬قد تكون تلك الحلول فردية أو ثنائية أو‬
‫جماعية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يقصد بالوضعية مجموعة من الظروف البيأية التي يوجد فيها املتعلم ‪ ،‬أو‬
‫هي تلك العالقة التي تجمع الذات املفردة أو املتعددة بموضوع ما‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬الوضعيات التعلمية أو الديدكتيكية‪:‬‬


‫تعني الوضعيات التعلمية أو الديدكتيكية تلك الوضعيات‪ -‬املسائل التي يكون الهدف‬
‫منها الرغبة في التعليم أو التعلم إما بطريقة مباشرة ‪ ،‬وإما بطريقة غير مباشرة‪ .‬ومن‬
‫فالوضعيات املسائل الديدكتيكية هي الوضعيات التي ينظمها املدرس‬ ‫هنا‪" ،‬‬

‫‪ -181‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل املقاربة بالكفايات‪ ،‬مكتبة املدارس‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى دجنبر‪2226‬م‪ ،‬ص‪.24-23:‬‬
‫‪301‬‬
‫لجماعة الفصل قاطبة في سياق تعلم جديد‪ :‬درايات‪ ،‬إتقانات جديدة إلخ‪ .‬وإليكم‬
‫فيما يلي التعريف الذي يقدمه كل من راينال(‪ )Raynal‬وريونيي(‪: )Rieunier‬‬

‫" وضعية بيداغوجية موضوعة من قبل أخصائي في التربية ههدف‪:‬‬

‫‪ ‬خلق فضاء تفكير وتحليل للتالميذ حول مسألة يتعين حلها‪ ،‬أو حول عائق ينبغي‬
‫تجاوزه تبعا الصطالح (‪.)Martinand‬‬

‫‪ ‬تمكين التالميذ من مفهمة تمثالت جديدة بخصوص موضوع محدد انطالقا من‬
‫هذا الفضاء املسألة‪.‬‬

‫لقد أطلق (‪ )Deketele‬على هذه الوضعيات تسمية وضعيات االستكشاف؛ وهي‬


‫تستجيب للمبدأ الذي يكتسب التالميذ من خالله وبشكل أفضل ‪ ،‬درايات وإتقانات‬
‫ساهموا في إرسائها وكانت محط تفكيرهم واستطاعوا أن يقوموا ببحث حولها‪182".‬‬

‫ويعني هذا أن الوضعيات الديدكتيكية أو التعلمية هي التي تحمل‪ ،‬في طياتها‪ ،‬مشكلة‬
‫أو عائقا تربويا وتعلميا و ديدكتيكيا ينبغي حله من قبل املتعلم ‪.‬ومن ثم‪ ،‬تكون تلك‬
‫الوضعية من وضع أخصائيين في مجال التربية والتعليم‪ ،‬ويكون هدفها تعليمي‬
‫محض‪ ،‬والغرض منها إكساب املتعلم درايات ومهارات جديدة ‪ ،‬وحثه على استخدام‬
‫عقله وتفيكيره في مواجهة الوضعيات املعقدة بغية بناء معارفه‪ ،‬واستكشاف‬
‫الجديد‪ ،‬ويتحقق ذلك كله في وسط أو فضاء ديدكتيكي تدريس ي مالئم للتعلم‪ .‬وفي‬
‫هذا الصدد‪ ،‬يقول روجر كزافيي‪:‬‬

‫‪ -182‬كسافيي روجييرز ‪ :‬التدريس بالكفايات(وضعيات إلدماج املكتسبات)‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الكريم غريب‪،‬‬
‫منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2224‬م‪ ،‬ص‪.66:‬‬
‫‪302‬‬
‫"إننا النبحث بالضرورة عن التحقق من تمكن كل تلميذ على حدة من هذا‬
‫االكتساب؛ بل نبحث عن خلق فعالية قصوى للتعلم لدى أكبر عدد ممكن من‬
‫ً‬
‫التالميذ‪.‬يتعلق األمر ‪ -‬إذا‪ -‬بوضعية مسألة في هيئة سيرورة تستعمل من أجل‬
‫التحسين األفضل لجودة تعلم معين‪.‬وتندرج ضمن هذه الفئة التحديات املطروحة‬
‫على التالميذ‪ ،‬كاأللعاب واملشاريع؛ وبصفة عامة‪ ،‬مجموع األنشطة املوضوعة ههدف‬
‫التعليم بطريقة تحفيزية‪.‬ويمكنها أن تكون أيضا وضعية مسألة مفتوحة‪ ،‬تقترح من‬
‫قبيل االستكشاف (طرح أسئلة حول‪ ،...‬طرح فرضيات حول‪ ،)...‬وتوجه لتحضير‬
‫عمل الحق‪183".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالوضعيات الديدكتيكية التعلمية هي تلك الوضعيات التي يكون الهدف‬
‫منها التعلم الكفائي‪ ،‬وإدماج املعارف واملوارد لحل الوضعيات‪ -‬املشكالت ضمن فضاء‬
‫ديدكتيكي تدريس ي تعاقدي تفاوض ي‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬نعني بالوضعيات الديدكتيكية ‪ 184‬تلك الوضعيات التعلمية التي يختارها املدرس‬
‫ملتعلميه من أجل التثبت من كفاءاتهم الرئيسة‪ ،‬والنوعية‪ ،‬واملرحلية‪ ،‬والنهائية‪،‬‬
‫واملمتدة ‪ .‬ويكون الغرض منها هو بناء التعلمات بطريقة إدماجية جزئية أو كلية‪.‬‬
‫واليمكن الحديث عن وضعيات ديدكتيكية إال بوجود املثلث الديدكتيكي الذي يتمثل‬
‫في املدرس من جهة أولى‪ ،‬واملتعلم من جهة ثانية‪ ،‬واملعرفة من جهة ثالثة‪.‬عالوة على‬
‫ذلك التعاقد املبرم بين املدرس والتلميذ إلنجاز الوضعيات وإيجاد الحلول املناسبة‬

‫‪ -183‬روجر كزافيي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.66:‬‬


‫‪184 -Brousseau, G. (1998). Théories des situations didactiques. La pensée Sauvage,‬‬

‫‪Grenoble.‬‬
‫‪303‬‬
‫لها‪ ،‬أو من أجل بناء التعلمات حسب املقاطع الديدكتيكية أو التدريسية (مقطع‬
‫البداية‪ ،‬مقطع الوسط‪ ،‬ومقطع النهاية)‪.‬‬

‫و يعني التعاقد التزام الطرف الثاني أال وهو املتعلم بتنفيذ الوضعية‪ ،‬بعد استيعاب‬
‫مضامينها وتعليماتها ومحتوياتها ‪ ،‬وفهم مؤشراتها الكمية والكيفية‪ ،‬والتزام الطرف‬
‫األول بتأهيل املتعلم تأهيال جيدا‪ ،‬بإكسابه مجموعة من املعارف واملوارد واملواقف‬
‫واملهارات والدرايات لحل الوضعيات سواء أكانت معقدة أم مركبة‪ .‬ويشترط في‬
‫الوضعيات الديدكتيكية أن تكون داخل الفضاء أو الوسط الديدكتيكي لتكون‬
‫وضعيات تعلمية ديدكتيكية تمييزا عن الوضعيات غير الديدكتيكية التي يكون‬
‫غرضها أيضا التعلم‪ ،‬ولكن في فضاءات بعيدة عن فضاء القسم أو الفضاء الدراس ي‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما تسمى الوضعيات الديدكتيكية بالوضعيات االستكشافية‪ ،‬وتوظف في‬


‫بداية الدرس ‪ ،‬أو في بداية التعلم‪ ،‬أو في أثناء بناء املقطع األولي أو التمهيدي‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالوضعية الديدكتيكية هي وضعية تعلمية يقترحها املدرس على املتعلمين‬
‫في إطار عملية االستكشاف وتعلم معارف ومهارات جديدة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تستند الوضعيات الديدكتيكية إلى مجموعة من الشروط واملبادئ الرئيسة‪:‬‬

‫‪ ‬إرساء التعلمات والتداريب‪.‬‬

‫‪ ‬التعلم عن طريق الوضعيات املعقدة واملركبة‪.‬‬

‫‪ ‬التعاقد الديدكتيكي‪.‬‬

‫‪ ‬وجود فضاء ديدكتيكي‪.‬‬

‫‪ ‬مراعاة املثلث الديدكتيكي‪.‬‬


‫‪304‬‬
‫‪ ‬تحقيق األهداف والكفايات‪.‬‬

‫‪ ‬االستكشاف وبناء التعلمات الجديدة‪.‬‬

‫‪ ‬وجود واسطة تأهيلية‪.‬‬

‫‪ ‬التركيز على التعلم الديدكتيكي‪.‬‬

‫‪ ‬تنفيذ الوضعيات‪ -‬املشكالت وتقويمها وتصحيحها ومعالجتها‪.‬‬

‫وتنقسم الوضعيات الديدكتيكية إلى وضعيات تعلمية ووضعيات إدماجية ‪.‬وهنا‪،‬‬


‫"الينبغي الخلط بين وضعية اإلدماج ووضعية التعلم‪.‬فوظيفة هذه األخيرة‪ ،‬هي‬
‫اكتساب املتعلمين موارد جديدة‪( :‬مفهوم جديد‪ ،‬قاعدة جديدة‪ ،‬مهارة جديدة‪،‬‬
‫إلخ)‪.‬فمثال عندما يقترح عليهم املدرس صنع علبة‪ ،‬انطالقا من ورق مقوى‪ ،‬من أجل‬
‫جعلهم يكتشفون املكعب أو غيره من املجسمات الهندسية‪ ،‬فإن األمر يتعلق‬
‫بوضعية تعلم‪ .‬وباملثل‪ ،‬عندما يقترح املدرس على املتعلمين نصا‪ ،‬ويطلب منهم أن‬
‫يتعرفوا الكلمات التي تعوض األسماء‪ ،‬من أجل جعلهم يكتشفون الضمائر‪ ،‬فإن‬
‫األمر يتعلق مرة أخرى بوضعية التعلم‪.‬‬

‫فإذا كانت وضعيات اإلدماج توظف بعد اكتساب مجموعة من التعلمات الجزئية‬
‫قصد إدماجها‪ ،‬فإن وضعيات التعلم تصلح لبناء مفاهيم ومهارات جديدة‪.‬‬

‫إن لوضعيات التعلم أهمية خاصة‪ ،‬لكن العمل هها ليس ضروريا ‪ ،‬منذ البداية‪،‬‬
‫بالنسبة للمدرس الحديث العهد باملقاربة بالكفايات‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫وفي بعض األحيان‪ ،‬يعوض مصطلح وضعية التعلم بمصطلح آخر هو الوضعية‬
‫الديدكتيكية ‪.‬وفي الواقع وضعيات اإلدماج قد تصلح أيضا لتحقيق التعلم‪ ،‬عندما‬
‫نستعملها لتدريب املتعلمين على إدماج مكتسباتهم وتنمية كفاياتهم‪185".‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يكون العمل بالوضعيات التعلمية في مرحلة بداية الدرس في شكل استكشاف‬
‫استثماري وتحفيزي ‪ ،‬واالستعداد لبناء الدرس وتقطيع تعلماته‪.‬‬

‫بينما تكون الوضعيات اإلدماجية في آخر املرحلة الدراسية أو في آخر أسابيع اإلدماج‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالوضعيات الديدكتيكية هي تلك الوضعيات التعلمية التي تقدم في‬
‫األسابيع الست األولى ضمن ما يسمى بإرساء املوارد في شكل معارف‪ ،‬وتعلمات‪،‬‬
‫ودرايات‪ ،‬ومواقف‪ ،‬ومهارات‪...‬ومن ثم‪ ،‬تدرس هذه التعلمات وفق نظرية األهداف‪،‬‬
‫وتقوم وفق إدماج جزئي في شكل دعم‪ ،‬وتوليف‪ ،‬ومراجعة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ماترتبط هذه‬
‫الوضعيات بالتعلمات الجديدة انطالقا من كفايات نوعية جديدة‪ .‬وتستند إلى‬
‫تعلمات املقرر الدراس ي من جهة‪ ،‬والتعلمات املكتسبة خالل مراحل الدرس من جهة‬
‫أخرى ‪.‬‬

‫‪ -185‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬مكتبة املدارس‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2226‬م‪ ،‬ص‪.76:‬‬
‫‪306‬‬
‫ثالثا‪ ،‬الوضعيات غيرالتعلمية ‪:‬‬
‫نعني بالوضعيات غير التعلمية أو غير الديدكتيكية (‪)Situations non didactiques‬‬
‫تلك الوضعيات التي تقدم للمتعلمين واملهنيين والحرفيين خارج الفضاء الديدكتيكي‪،‬‬
‫وخارج التعاقد الديدكتيكي‪ ،‬وخارج املثلث الديدكتيكي‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن‬
‫مجموعة من الوضعيات التعلمية التي تقدم للمتعلمين أو املتدربين في فضاءات‬
‫مهنية أو تدريبية‪ ،‬أو في معامل ومصانع يراد هها التعلم‪ ،‬ولكن ليست ديدكتيكية ‪،‬‬
‫مادام ليس هناك فضاء دراس ي للتعلم‪ ،‬وليس هناك تعاقد تربوي‪ ،‬أو ليس هناك‬
‫تبادل ديدكتيكي بين األطراف امللتزمة الثالثة وهي‪ :‬املعلم‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬واملعرفة‪ .‬ومن‬
‫أمثلة ذلك تعلم قيادة الدراجة‪ ،‬أو تعلم سياقة السيارات‪ ،‬أو تعلم طرائق تفصيل‬
‫اللباس‪ ،‬أو تعلم مبادىء التمثيل املسرحي والسينمائي‪...‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يتحقق هذا التعلم خارج الفضاء الدراس ي أو خارج الفضاء‬
‫الديدكتيكي‪.‬ويعني هذا أن التعلم لم يتحقق في بيئة ديدكتيكية تعلمية‪ ،‬بل تحقق في‬
‫فضاءات خارج الصف الدراس ي أو خارج املؤسسة التعليمية‪-‬التعلمية‪.‬ومن هنا‪،‬‬
‫ترتبط الوضعيات غير الديدكتيكية باكتساب املعارف‪ ،‬ولكن بطرائق غير‬
‫ديدكتيكية‪ ،‬وخارج الفضاء الصفي أو الدراس ي‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالوضعيات غير الديدكتيكية هي تلك الوضعيات التي يواجهها فرد ما ليس‬
‫بغرض التعلم الديدكتيكي‪ ،‬أو اكتساب مفهوم تعلمي تدريس ي ما‪ .‬فالوضعيات غير‬
‫الديدكتيكية هي تلك الوضعيات التي لم تبن من أجل هدف تعلمي‪ ،‬بل هي وضعية‬
‫عادية العالقة لها بالتعلمات الدراسية كالوضعيات الحياتية والطبيعية واملهنية‬
‫املنفصلة عن املجال البيداغوجي والديدكتيكي‪ .‬ويعني هذا أن الوضعية الطبيعية‬

‫‪307‬‬
‫مستقلة عن الحاجة التعليمية؛ فهي التبنى من أجل أهداف تعلمية‪ ".‬فبإمكاني أن‬
‫أخيط فستانا لتلبية طلب ما‪ ،‬ويكون الحال أفضل إذا صادفت أهدافي البيداغوجية‬
‫هذا الطلب الحقيقي؛ وبإمكاني كذلك أن أخلق الحاجة لخياطة فستان في إطار‬
‫التعلم‪.‬ورغم أن املنتوج (الفستان) سيصلح في واقع األمر لشخص ما‪ ،‬فأنا ال أبني‬
‫حاجة حقيقية‪ .‬ففي الحياة املدرسية‪ ،‬يصعب إيجاد وضعيات تلبي حاجة حقيقية‪،‬‬
‫فقد تقترب منها أحيانا في وضعيات مثل إنتاج مجلة‪ ،‬أو تنظيم حفلة أو خرجة‪.‬‬

‫من حيث طبيعة هذه الوضعيات‪ ،‬فهي ليست ديدكتيكية؛ واليعني هذا أن من يقوم‬
‫بحلها اليتعلم؛ إننا نتعلم بطبيعة الحال في أي سن؛ ويعني هذا أنها ليست منظمة‬
‫من قبل شخص معين ألهداف تعلمية‪186".‬‬

‫وعلى الرغم من وجود وظيفة التعلم في الوضعيات غير الديدكتيكية‪ ،‬فإن هذه‬
‫الوضعيات التخضع للوساطة الديدكتيكية من جهة أولى‪ ،‬واليكون الهدف منها هو‬
‫التعلم الدراس ي أو الديدكتيكي من جهة ثانية‪ ،‬والتنجز في وسط تعلمي ديدكتيكي من‬
‫جهة رابعة‪ ،‬والتخضع للتعاقد الديدكتيكي التفاوض ي التشاركي املوجود بين املدرس‬
‫واملتعلم من جهة خامسة‪ ،‬وال تنبني على فلسفة الكفايات وبيداغوجيا اإلدماج من‬
‫جهة سادسة‪.‬‬

‫وههذا‪ ،‬التستهدف الوضعية غير الديدكتيكية ما هو تعليمي وتعلمي ‪ ،‬بل تصاغ‬


‫الوضعية أو املسألة ألهداف أخرى غير التعلم الدراس ي‪ .‬وأكثر من هذا قد تكون‬
‫تعلمات هذه الوضعيات واقعية حقيقية‪.‬في حين‪ ،‬تبنى الوضعيات الديدكتيكية‬
‫بشكل تعلمي غير حقيقي وغير واقعي‪ ،‬وتستند إلى تعلمات جديدة‪.‬‬

‫‪ -186‬روجرز كزافيي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.33-32:‬‬


‫‪308‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يمكن ترتيب الوضعيات بطريقة تنازلية‪ ،‬فهناك وضعيات غير ديدكتيكية‪،‬‬
‫ووضعيات ضعيفة ديدكتيكيا‪ ،‬ووضعيات قوية ديدكتيكيا‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالوضعيات‬
‫غير الديدكتيكية هي وضعيات أهداف طبيعية‪ .‬وهي الوضعيات التي تطرحها الحياة‬
‫اليومية واملهنية بكامل تنوعها كتحرير رسالة من أجل هدف محدد‪ ،‬وإرسالها إلى‬
‫مرسل‪ .‬ثم‪ ،‬تنظيم حملة توعية يتحقق حدوثها بشكل فعلي‪ ،‬وتشخيص عطب في‬
‫سيارة وإصالحه‪ ،‬وخياطة لباس بطلب شخص ما حتى يتسنى به أن يرتديه فعال‪،‬‬
‫وتعلم سياقة الدراجة أو قيادة السيارة‪...‬‬

‫أما الوضعيات الضعيفة ديدكتيكيا‪ ،‬فهي وضعيات أهداف مستغلة في إطار مدرس ي‬
‫من أجل تعلم إدماج املكتسبات وتقويمها ‪.‬ويعني هذا أن وضعية الهدف هي التي‬
‫ينبغي على املتعلم القيام بحلها في إطار مدرس ي‪ ،‬إال أنه قد يكون لزما بحلها في إطار‬
‫غير مدرس ي شأنه في ذلك شأن أي شخص آخر‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ترتبط الوضعيات‬
‫الضعيفة ديدكتيكيا بوضعيات األهداف وهذه الوضعيات مكملة للوضعيات‬
‫اإلدماجية ذات الطابع الديدكتيكي‪.‬‬

‫أما الوضعيات القوية ديدكتيكيا ‪ ،‬فهي الوضعيات‪ -‬املسائل املنظمة من أجل‬


‫تعلمات جديدة‪ .‬وهي وضعيات مبنية ألهداف تعلمية وديدكتيكية محضة‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬الوضعيات اإلدماجية‪:‬‬


‫نعني بالوضعيات اإلدماجية (‪ )Situations integrales‬تلك الوضعيات ‪-‬املشكالت‬
‫املرتبطة ببيداغوجيا اإلدماج‪ .‬واملراد منها إدماج املتعلم ملجموعة من املوارد التي‬
‫اكتسبها املتعلم أو استضمرها في شكل قدرات ومحتويات ومعارف ومهارات ومواقف‬
‫ودرايات‪ ،‬كان هذا املتعلم قد تدرب عليها إبان أسابيع إرساء املوارد‪ ،‬أو في أثناء‬

‫‪309‬‬
‫حصص التوليف والدعم واملراجعة ‪ ،‬أو ما يسمى أيضا باإلدماج الجزئي بغية وضع‬
‫املتعلم أمام وضعيات إدماجية معقدة ومركبة إليجاد الحلول املناسبة التي تجعل‬
‫منه إنسانا كفئا ومؤهال ملواجهة الوضعيات التعلمية والحياتية على حد سواء‪.‬‬

‫وتسمى وضعيات اإلدماج أيضا بوضعيات الهدف عند روجرز كزافيي؛ حيث يعرفها‬
‫بقوله في كتابه (بيداغوجيا اإلدماج)‪:‬‬

‫" وضعيات اإلدماج‪ ،‬أو وضعيات الهدف هي الوضعيات التي يقترحها املدرس أو‬
‫املكون ‪ ،‬والتي يجب على كل متعلم أن يكون قادرا على حلها بمفرده‪ ،‬بتعبئة املوارد‬
‫املكتسبة خالل تعلمات املوارد ‪.‬وتتحدد‪ ،‬تلك الوضعيات‪ ،‬بحكم طبيعتها ‪ ،‬من خالل‬
‫الوضعية‪ -‬املشكلة ‪ ،‬مادام التلميذ أو الطالب اليستطيع أن يدمج مكتسبا معينا إال‬
‫ً‬
‫إذا واجه عدة وضعيات‪ -‬مشكلة مركبة‪.‬يوجد‪ ،‬إذا‪ ،‬تطابق قوي بين وضعية اإلدماج‬
‫كما ينظمها املدرس والوضعية‪ -‬املشكلة موضوع اإلدماج‪.‬لهذا السبب‪ ،‬نتحدث عن‬
‫وضعية اإلدماج دزون إضافة أي نعت لها‪.‬‬

‫ترتبط وضعيات اإلدماج ارتباطا وثيقا بالكفايات التي يجب تنميتها‪.‬ولها‪ ،‬بالتالي‪،‬‬
‫عالقة مباشرة بامللمح الخاص للتلميذ أو الطالب عند التخرج‪ .‬وهي مناسبة بالنسبة‬
‫لهذا األخير لتنمية الكفاية املستهدفة وترسيخ املوارد املكتسبة ‪.‬‬

‫تستعمل بعض وضعيات اإلدماج لتعليم اإلدماج‪ ،‬ويستعمل بعضها اآلخر لغايات‬
‫التقويم‪187".‬‬

‫‪ - 187‬روجريرس كزافييه‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة نصر الدين الحافي وحماني أقفلي‪ ،‬مكتبة املدارس‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪ ،‬ص‪.627:‬‬
‫‪310‬‬
‫وإذا كانت الوضعيات الديدكتيكية التعلمية واالستكشافية مرتبطة ببداية الحصة‬
‫الدراسية‪ ،‬فإن الوضعية اإلدماجية تكون في آخر أسابيع املرحلة أو في نهاية‬
‫املجزوءة الدراسية‪،‬ويكون الهدف منها هو اإلدماج من جهة‪ ،‬أو التقويم من جهة‬
‫أخرى‪ .‬بل يمكن الحديث عن إدماج جزئي إبان حصص الدعم والتقوية واملراجعة‬
‫والتوليف‪ ،‬وإدماج كلي في آخر املرحلة يكون بتنمية الكفاءة املستهدفة وإدماجها ‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ " ،‬يعتبر اإلدماج‪ ،‬في الخطاب البيداغوجي‪ ،‬سيرورة لتعبئة للمكتسبات التعلمية‬
‫الجزئية من أجل توظيفها بطريقة مدمجة‪،‬وتعد الوضعية اإلدماجية من زاوية‬
‫املقاربة بالكفايات‪ ،‬وضعية مركبة‪ ،‬حسب املبادئ الواردة في التعريف أعاله‪ ،‬ومهيأة‬
‫لتستغل عند نهاية مقطع من التعلمات املجزأة‪.‬‬

‫تصاغ الوضعيات اإلدماجية‪ ،‬من جهة‪ ،‬لتمكن التلميذ من تعلم إدماج املكتسبات‬
‫والتحقق من قدرته على ذلك‪ ،‬وعلى تدبير املركب‪ ،‬في القسم أوال ثم في الحياة اليومية‬
‫ثانيا‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تسمح للمدرس بتقويم قدرة املتعلم على اإلدماج ومستوى‬
‫تحكمه في املضامين املهارات والقدرات التي أرستها مقاطع التعلمات املجزأة‪188".‬‬

‫ويعني هذا أن السنة الدراسية ‪ ،‬وفق بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬مقسمة إلى أربع مراحل‪،‬‬
‫وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع‪ ،‬وتكون األسابيع الستة األولى في خدمة املوارد‬
‫املدعمة بالتوليف واملراجعة والدعم‪،‬أو ما يسمى بالتعلمات الجزئية‪ ،‬أو اإلدماج‬
‫الجزئي‪ ،‬لتنتهي املرحلة بإدماج التعلمات ضمن ما يسمى بالوضعيات املركبة في جميع‬
‫املواد الدراسية‪.‬‬

‫‪ -188‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل املقاربة بالكفايات‪ ،‬ص‪.24:‬‬


‫‪311‬‬
‫وتمتاز الوضعية اإلدماجية عن املسائل والتمارين التقليدية بكونها وضعيات مرتبطة‬
‫بسياقات حياتية تداولية‪ ،‬نابضة بالحياة‪ ،‬وفي عالقة وثيقة بأسنادها ووثائقها‬
‫وتعليماتها ومؤشراتها الكمية والكيفية‪ .‬ومن شروطها أيضا أنها " وضعية دالة ونابضة‬
‫بالحياة ومستمدة من محيط التلميذ‪ ،‬تخاطبه مباشرة‪ ،‬وتتضمن وسائل اإليضاح‬
‫املناسبة (رسوم‪ ،‬وصور‪ ،‬ونصوص‪ ،‬ووثائق‪)...‬؛ ويدمج فيها ما يسمى بكفايات الحياة‬
‫والقيم كالتربية البيأية‪ ،‬والتربية على التضامن‪ ،‬والسلم؛ وتتضمن تعليمات سهلة‬
‫وواضحة‪ ،‬تمكن املتعلم من العمل بكيفية فردية؛ وتستند‪ ،‬ما أمكن‪ ،‬إلى وثائق‬
‫حقيقية"‪.189‬‬

‫ويعني هذا كله أن الهدف من الوضعيات اإلدماجية هو تحقيق الكفاية النمائية‬


‫النوعية واألساسية بإدماج مختلف املوارد لحل الوضعية ‪-‬املشكلة التي يجاههها‬
‫املتعلم داخل الفضاء الديدكتيكي‪ ،‬ووفق التعاقد الديكتيكي‪ ،‬وعبر الوساطة‬
‫الديدكتيكية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تنقسم الوضعية اإلدماجية إلى قسمين‪ :‬وضعية إدماجية ههدف اإلدماج‪،‬‬
‫ووضعية إدماجية تقويمية لتقويم مدى نماء القدرة الكفائية لدى املتعلم‪.‬وغالبا‪ ،‬ما‬
‫يكون اإلدماج التقويمي مرتبطا باالمتحانات ‪ ،‬والسيما التقويم اإلشهادي والتقويم‬
‫املستمر (املراقبة املستمرة)‪.‬‬

‫غير الوضعية اإلدماجية‬ ‫الوضعية الديدكتيكية الوضعية‬


‫الديدكتيكية‬

‫‪ -189‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬مكتبة املدارس‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2226‬م‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫‪312‬‬
‫هي وضعيات تعلمية هي وضعيات طبيعية وضعية إدماجية من‬
‫املوارد‬ ‫إدماج‬ ‫هادفة‪ ،‬وحياتية ومهنية غير أجل‬ ‫ديدكتيكية‬
‫وليس املكتسبة عند مواجهة‬ ‫تنجز إبان مراحل إرساء ديدكتيكية‪،‬‬
‫إرساء وضعية‪-‬مشكلة ما من‬ ‫هو‬ ‫املوارد‪ ،‬والهدف منها هو هدفها‬
‫التربوية أجل إيجاد الحلول‬ ‫اإلدماج الجزئي بالدعم‪ ،‬التعلمات‬
‫املناسبة لها‪.‬‬ ‫وإدماجها وتقويمها‪.‬‬ ‫واملراجعة‪ ،‬والتوليف‪.‬‬

‫إدماجية‬ ‫وضعية‬
‫تقويمية يراد منها تقويم‬
‫مدى تحقق القدرة‬
‫الكفائية لدى املتعلم‪،‬‬
‫إبان‬ ‫ذلك‬ ‫ويكون‬
‫التقويم اإلشهادي‪ ،‬أو‬
‫املراقبة‬ ‫تقويم‬
‫املستمرة‪...‬‬

‫‪313‬‬
‫رابعا‪ ،‬التعليم وفق الوضعيات الديدكتيكية‪:‬‬
‫ينبني التعلم أو التدريس أو التعليم وفق الوضعيات الديدكتيكية بمراعاة املدخالت‪،‬‬
‫والعمليات‪ ،‬واملخرجات‪ .‬أي‪ :‬البد من استحضار ثالث عمليات رئيسة يقوم هها املدرس‬
‫الكفء ‪ ،‬ويمكن حصرها في عملية التخطيط‪ ،‬وعملية التدبير‪ ،‬وعملية التقويم‪.‬‬

‫‪ /1‬تخطيط الوضعيات الديدكتيكية‪:‬‬


‫اليمكن تحصيل كل ما يتعلق بالتخطيط ا ملتعلق بالوضعيات الكفائية واإلدماجية‬
‫إال باتباع الخطوات التالية‪:‬‬

‫‪‬مفهوم التخطيط الديدكتيكي‪:‬‬


‫‪314‬‬
‫التخطيط الديدكتيكي هو ذلك املسار العالئقي الذي يسمح لنا بمعرفة جميع‬
‫العناصر البيداغوجية والعملية الضرورية من أجل تحقيق الكفاية األساسية أو‬
‫الهدف املنشود‪ .‬ويمكن أن يكون التخطيط الديدكتيكي الئحة من املحتويات‬
‫املنتظمة بطريقة تراتبية متعاقبة‪ ،‬وقد يكون موضوعات وتيمات‪ ،‬وقد يكون عبارة‬
‫عن أهداف وكفايات متعاقبة ومتسلسلة‪ ،‬وقد يكون عبارة عن موارد تربوية‪،‬‬
‫ومؤسساتية‪ ،‬وبشرية‪ ،‬ومالية‪ ،‬وفضائية‪ ،‬وزمنية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالتخطيط أول مرحلة‬
‫من مراحل الفعل البيداغوجي الذي يمهد ملرحلة اإلنجاز‪ ،‬ومرحلة التقويم‪ ،‬ومرحلة‬
‫اإلدماج‪ ،‬ومرحلة املعالجة‪.‬‬

‫ويذهب عبد الكريم غريب إلى أن التخطيط الديدكتيكي هو بمثابة"عملية تنظيم‬


‫وتصميم الوضعيات الديدكتيكية ‪ ،‬باعتبارها من العناصر املنسجمة (مدرس‪،‬‬
‫ومادة‪ ،‬وتالميذ) واملكونات املترابطة (أهداف‪ ،‬ووسائل‪ ،‬وتقييم)‪...‬؛ ويتصل التخطيط‬
‫الديدكتيكي للوضعيات بالبنيات الكبرى‪ ،‬مثل‪ :‬البرامج واملناهج والوحدات الصغرى‪،‬‬
‫مثل‪ :‬الدروس‪.‬‬

‫وتشير صفة (ديدكتيك) املتصلة بالتخطيط إلى شكل التفاعل بين املدرس والتالميذ‬
‫واملادة ألجل تحقيق أهداف معينة‪ ،‬ويتطلب تحديد هذا الشكل‪:‬‬

‫‪ ‬تقييم املنطلقات واملكتسبات السابقة إلزالة عوائق التعلم‪.‬‬


‫‪ ‬برمجة التعليم حسب تدرج األهداف املراد تحقيقها مرحليا‪.‬‬
‫‪ ‬تشخيص صعوبات التعلم وعالجها‪190".‬‬

‫‪ - 190‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.433:‬‬

‫‪315‬‬
‫ويعني هذا أن التخطيط الديدكتيكي يشمل مختلف املراحل التي يقطعها الدرس من‬
‫البداية حتى النهاية‪.‬أي‪ :‬ينطلق من مرحلة تحديد األهداف والكفايات‪ ،‬إلى مرحلة‬
‫التقويم واملعالجة والتغذية الراجعة والدعم‪ ،‬مرورا بمرحلة العمليات التي تتمثل في‬
‫املحتويات والطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬يضم‬
‫التخطيط الديدكتيكي املدخالت والعمليات واملخرجات بشكل نسقي متعاقب‪.‬‬
‫ويمكن الحديث عن أنواع ثالثة من التخطيط فيما يخص التعليم بالوضعيات‪،‬‬
‫ويمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬التخطيط على املدى البعيد (التخطيط السنوي)‪:‬‬

‫يتخذ التخطيط الديدكتيكي مسارا هندسيا رباعيا‪ ،‬ففي بداية السنة الدراسية‪،‬‬
‫نعتمد على التقويم التشخيص ي القبلي أو التمهيدي الذي يهدف إلى توجيه املدرس‬
‫توجيها تربويا صحيحا لكي يتفهم وضعيات الفصل‪ ،‬ويحدد الفوارق البيداغوجية‬
‫املوجودة عنده بغية خلق نوع من التقارب بين التالميذ‪ .‬بمعنى أن التقويم التمهيدي‬
‫التشخيص ي بمثابة وصفة استباقية وتوقعية توجه املدرس إلى مواطن القوة‬
‫والضعف من أجل تدارك الوضع التربوي‪ ،‬ومعالجته ديدكتيكيا‪ ،‬أو في ضوء معالجة‬
‫داخلية أو خارجية‪.‬‬

‫وبعد ذلك‪ ،‬تأتي فترة التعلمات التكوينية في شكل متتاليات أسبوعية‪ ،‬يقوم فيها‬
‫املدرس بإرساء املوارد ‪ ،‬و اختيار املحتويات‪ ،‬والطرائق البيداغوجية‪ ،‬والوسائل‬
‫الديدكتيكية املالئمة‪ .‬وتستهدف هذه املراحل التكوينية نماء الكفاية وتثبيتها‬
‫وإرسائها‪ .‬وتنقسم كل متوالية زمنية تكوينية إلى مقاطع ووحدات دراسية مرتبطة‬
‫بكفايات فرعية وأهداف محددة تخدم الكفاية األساسية التي تتمثل في السلك‬
‫االبتدائي إما في كفاية التعبير الشفوي‪ ،‬وإما في كفاية القراءة‪ ،‬وإما في كفاية الكتابة‪،‬‬

‫‪316‬‬
‫وإما في كفاية استيعاب علوم اللغة‪ ،‬واستثمارها وظيفيا وسياقيا‪ .‬وتتخلل هذه‬
‫املراحل التكوينية مجزوءات إدماجية بينية بعد ستة أسابيع من التكوين‪ .‬وههذا‪،‬‬
‫ينبني البرنامج السنوي على أربع مجزوءات أسبوعية متسقة‪ ،‬ومنسجمة‪ ،‬ومتطورة ‪.‬‬
‫وتتكون كل مجزوءة من ستة أسابيع‪ ،‬يتبعها أسبوعان لإلدماج تعلما وإنجازا وتقويما‬
‫ومعالجة‪ .‬وههذا‪ ،‬يكون عدد أسابيع التعلم ثمانية وثالثين أسبوعا‪ ،‬يضاف إليها‬
‫أسبوع التقويم التشخيص ي‪ ،‬وأسبوع التقويم اإلشهادي‪ .‬وفي نهاية السنة الدراسية‪،‬‬
‫نلتجئ إلى املجزوءة اإلدماجية النهائية التي تشخص لنا مدى تحقق الهدف اإلدماجي‬
‫النهائي السنوي‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن الوحدة األساسية لتدبير (‪ )la gestion‬التعلمات هي املجزوءة ( ‪Le‬‬


‫‪ )module‬التي تؤمن بشكل متسق ومنسجم مجموعة من الكفايات عبر ثالث‬
‫محطات رئيسة هي‪:‬‬

‫‪ -3‬مرحلة استيعاب أو اكتساب التعلمات األساسية‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة إدماج التعلمات‪.‬‬

‫‪ -6‬مرحلة التقويم أو املعالجة‪.191‬‬

‫ومن باب العلم فاملجزوءات أنواع مختلفة ‪ :‬مجزوءات إجبارية‪ ،‬ومجزوءات داعمة‪،‬‬
‫ومجزوءات تكميلية‪ ،‬ومجزوءات اختيارية‪...‬‬

‫وقد أثبت كزافيي روجرز أن التعلمات تنظم عمليا " حسب تناوب نوعين من التعلم‪:‬‬
‫تعلمات محدودة الهدف (تعلم املوارد) وتعلم اإلدماج‪ .‬يهدف تعلم املوارد إلى تنمية‬

‫‪191 - Roegiers, X, la pédagogie de l’intégration en bref, Rabat, 2006, PP.9-10.‬‬

‫‪317‬‬
‫املوارد الضرورية الكتساب الكفاية (قواعد النحو‪ ،‬الصرف‪ ،‬اإلمالء‪ ،‬تقنيات‬
‫الحساب‪.)...‬ويتم بالطريقة املعتادة وفق بيداغوجيا األهداف‪ ،‬وذلك طوال ستة‬
‫أسابيع‪.‬وفي األسبوعين السابع والثامن‪ ،‬يتوقف املعلم كليا عن تدريس مفاهيم‬
‫جديدة على أن يقترح على املتعلمين‪ ،‬خالل هذين األسبوعين في كل مادة من املواد‬
‫املقررة‪ ،‬حل وضعيات مركبة تتطلب تجنيد ما تعلمه املتعلم من موارد خالل‬
‫األسابيع الست السابقة‪"192.‬‬

‫ويرتبط التخطيط السنوي ( ‪ )la planification annuelle‬باملنهاج أو املقرر الدراس ي‪.‬‬


‫وقد عرف تخطيط املنهاج ثالث محطات كبرى‪ :‬محطة املضامين واملحتويات؛ حيث‬
‫كان يعتمد في تخطيط املنهاج الدراس ي على موضوعات أو تيمات أو مفاهيم معينة‪،‬‬
‫مثل‪ :‬الدراسة‪ ،‬والطفولة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والسفر‪ ،‬ووسائل النقل‪ ،‬واملدينة‪،‬‬
‫والبادية‪....‬‬

‫أما املحطة الثانية‪ ،‬فهي محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬فقد قسمت األهداف التربوية إلى أهداف وغايات عامة‪ ،‬وأهداف وسطى‪،‬‬
‫وأهداف إجرائية خاصة ‪ ،‬في ضوء املنظور اللساني السلوكي( واطسون‪ ،‬وبافلوف‪،‬‬
‫وسكينر)‪.‬‬

‫أما املحطة الثالثة‪ ،‬فهي محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد‬
‫األول من األلفية الثالثة لربط التعليم بواقع الشغل واملهننة‪ .‬وقد انبنت هذه النظرية‬
‫الجديدة على مجموعة من التصورات اإلبستمولوجية‪ ،‬مثل‪ :‬النظرية املعرفية‪،‬‬
‫والنظرية التوليدية التحولية (نوام شومسكي)‪ ،‬والنظرية البنائية التكوينية (جان‬

‫‪ -192‬نقال عن وزارة التربية الوطنية ‪ :‬دليل األساتذة الجدد بالتعليم االبتدائي‪ ،‬منشورات مديرية تكوين‬
‫األطر‪ ،‬مركز اإلمام الغزالي لتكوين املعلمين واملعلمات‪ ،‬أكادير‪ ،‬املغرب‪2233-2232 ،‬م‪ ،‬ص‪.23:‬‬
‫‪318‬‬
‫بياجي)‪ ،‬وكل النظريات السياقية التي تربط الذات باملحيط أو السياق الخارجي‪ .‬دون‬
‫أن ننس ى النظريات التربوية القائمة على التعلم الذاتي‪ ،‬ومراعاة الفوارق الفردية‬
‫(البيداغوجيا الالتوجيهية‪ ،‬والبيداغوجيا املؤسساتية‪ ،‬وديناميكية الجماعات‪،‬‬
‫وبيداغوجيا التفريدية‪ ،‬وبيداغوجيا األخطاء‪)...‬‬

‫و يهدف التخطيط السنوي إلى تجزيء املقررات التربوية ‪ ،‬أو تقسيم املناهج الدراسية‬
‫سنويا بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية أواملجزوءات الدراسية ‪ ،‬واختيار‬
‫أنجع السبل من أجل تقويم إجمالي أو نهائي مناسب بغية التثبت من مكتسبات‬
‫التالميذ‪ ،‬أو التأكد من مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل‬
‫الدراس ي‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتكون التخطيط السنوي من أربع مراحل كبرى‪ ،‬وتتضمن كل مرحلة ثمانية‬
‫أسابيع‪ ،‬تخصص األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد‪ ،‬ويخصص األسبوعان‬
‫الباقيان لإلدماج‪ ،‬كما يخصص األسبوعان الثالث والسادس ألنشطة التوليف‬
‫والتقويم والدعم‪ .‬وتشكل هذه األسابيع الثمانية ما يسمى باملجزوءة التي تبدأ‬
‫بالكفاية‪ ،‬وتنتهي بالتقويم اإلدماجي اإلجمالي والنهائي‪ .‬ويالحظ أن عدد املجزوءات‬
‫أربع‪ ،‬يسبقها أسبوع للتقويم التشخيص ي‪ ،‬وأسبوع في آخر السنة للتقويم اإلشهادي‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تنتظم السنة الدراسية‪ ،‬في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي‪ ،‬وفق‬
‫التخطيط الكفائي واإلدماجي‪ ،‬بتحديد الكفايات النهائية أو األساسية التي تتحقق في‬
‫آخر السنة الدراسية‪ ،‬وتحديد مختلف املوارد التي سيتلقاها املتعلم إلدماجها‬
‫بطريقة جزئية أو كلية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يتكون الغالف الزمني للتعلمات من أربعة وثالثين‬
‫أسبوعا كامال من النشاط الفعلي‪ ،‬يطابقها حجم حصص ي من ‪3222‬إلى ‪3222‬ساعة‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات ‪ ،‬وتتكون كل مرحلة من ثمانية‬
‫أسابيع؛ إذ يخصص األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية‪،‬‬
‫ويخصص األسبوع الثالث من كل مرحلة للربط والتوليف والدعم والتقويم‪ ،‬أو ما‬
‫يسمى كذلك باإلدماج الجزئي‪ .‬بينما يخصص األسبوع السابع والثامن لإلدماج ‪،‬‬
‫فالسابع إلنماء الكفاية‪ ،‬ويخصص األسبوع الثامن لتقويمها معالجة وتصحيحا‬
‫ودعما‪.‬‬

‫ويستند تخطيط الوضعيات إلى الكتب املدرسية من جهة أولى‪ ،‬أو وضعيات التعلم‬
‫من جهة ثانية‪ ،‬أو كراسة الوضعيات اإلدماجية من جهة ثالثة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬تبدأ السنة الدراسية بتقويم تشخيص ي للتعلمات التي اكتسبها املتعلم في‬
‫السنة املنصرمة بغية التحقق من الكفاية النهائية ‪ ،‬ومدى ترسخها عبر اإلنجاز‬
‫التطبيقي‪ ،‬و عالج مختلف التعثرات التي يمكن أن يقع فيها املتعلم دعما وتقوية‬
‫وتعزيزا‪.‬‬

‫وبعد ذلك‪ ،‬يخصص املدرس فترة للتقويمات التكوينية املرحلية وعالج التعلمات‪،‬‬
‫وتخصيص أسبوعين في نهاية السنة الدراسية القتراح وضعيات تعكس الكفايات‬
‫‪320‬‬
‫األساسية للسنة الدراسية ‪ ،‬أو تحديد الهدف النهائي لإلدماج لطور دراس ي (إذا كنا في‬
‫نهاية طور)‪.‬‬

‫عالوة على تخصيص أسبوعين بعد كل ستة أسابيع ملجزوءات اإلدماج‪ ،‬يقوم املتعلم‬
‫خاللها بحل ثالث وضعيات بالنسبة لكل كفاية نهائية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقترح املدرس وضعية‬
‫للتدريب على اإلدماج يمكن حلها في مجموعات من ثالثة متعلمين‪ ،‬ووضعية للتقويم‬
‫التكويني ينبغي حلها بشكل فردي‪ ،‬ووضعية للعالج أو التقوية ينبغي حلها بشكل‬
‫فردي كذلك‪ ،‬وتوزيع التعلمات الجزئية املرتبطة باملوارد على الفترات املتبقية‪.‬‬

‫ويمكن توضيح ذلك كله على النحو التالي‪:193‬‬

‫األنشطة التعلمية‬ ‫األسابيع‬

‫تقويم تشخيص ي في بداية السنة‬ ‫‪3‬‬


‫الدراسية‬

‫التعلمات الجزئية‬ ‫‪4-2‬؛‪33-32‬؛‪26-30‬؛‪.63-23‬‬

‫مجزوءة اإلدماج املرحلية‬ ‫‪6-0‬؛‪34-33‬؛‪.23-27‬‬

‫تقويم تكويني‬

‫مجزوءة اإلدماج لنهاية السنة‬ ‫‪.66-62‬‬


‫الدراسية‪.‬‬

‫‪ - 193‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬مكتبة املدارس ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2226‬م‪ ،‬ص‪.60:‬‬
‫‪321‬‬
‫تقويم الكفاية النهائية آلخر السنة‬ ‫‪67‬‬

‫‪ /2‬التخطيط على املدى املتوسط (مرحلة كفاية‪ -‬ثمانية أسابيع)‪:‬‬

‫ينبني التخطيط املرحلي ( ‪)Planification intérmidiaire‬إلى توزيع التعلمات‬


‫الدراسية‪ ،‬أو تجزيء املقررات أو املناهج التربوية حسب مراحل زمنية تكوينية‬
‫معينة‪ :‬إما باتباع التكوين األسدوس ي (ستة أشهر)‪ ،‬وإما باختيار التكوين األثلوثي‬
‫(ثالثة أشهر) ‪ ،‬وإما بانتهاج التكوين التربوي والديدكتيكي حسب املجزوءات‪ .‬ويسمى‬
‫هذا التخط يط أيضا بالتخطيط املرحلي‪ ،‬أو التخطيط البيني‪ ،‬أو التخطيط التكويني‪.‬‬
‫وبتعبير آخر‪ ،‬فالتقويم املرحلي ‪ -‬في الحقيقة‪ -‬مرتبط بإنجاز مجزوءة معينة في ضوء‬
‫كفاية أساسية معينة‪ ،‬بعد املرور بطبيعة الحال بمحطة اإلدماج السياقي‪.‬‬

‫س‪8‬‬ ‫س‪7‬‬ ‫س‪6‬‬ ‫س‪5‬‬ ‫س‪4‬‬ ‫س‪3‬‬ ‫س‪2‬‬ ‫س‪1‬‬ ‫املرحلة‪1‬‬


‫س‪8‬‬ ‫س‪7‬‬ ‫س‪6‬‬ ‫س‪5‬‬ ‫س‪4‬‬ ‫س‪3‬‬ ‫س‪2‬‬ ‫س‪1‬‬ ‫املرحلة‪2‬‬
‫س‪8‬‬ ‫س‪7‬‬ ‫س‪6‬‬ ‫س‪5‬‬ ‫س‪4‬‬ ‫س‪3‬‬ ‫س‪2‬‬ ‫س‪1‬‬ ‫املرحلة‪3‬‬
‫س‪8‬‬ ‫س‪7‬‬ ‫س‪6‬‬ ‫س‪5‬‬ ‫س‪4‬‬ ‫س‪3‬‬ ‫س‪2‬‬ ‫س‪1‬‬ ‫املرحلة‪4‬‬

‫تتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع(س)‪ ،‬ستة أسابيع إلرساء املوارد والتعلمات‬


‫الدراسية ‪ .‬وهناك أسبوعان لتقديم الوضعيات اإلدماجية وتقويمها وتصحيحها‬
‫ومعالجتها‪.‬‬

‫‪ /3‬التخطيط على املدى القريب(تخطيط درس أو مقطع تعلمي)‪:‬‬

‫‪322‬‬
‫نعني بالتخطيط اليومي ما ينجزه املدرس من تعلمات وكفايات مستعرضة متعلقة‬
‫بدرس أو حصة أو مقطع ديدكتيكي معين وفق منهجيات املواد املدرسة‪ ،‬ووفق تدبير‬
‫محكم ملختلف اإليقاعات الزمنية التي على هديها يقدم الوحدات املقطعية‬
‫واملضامين التعلمية في مختلف املواد التي يقبل عليها املتعلم في يومه الدراس ي‪.‬‬

‫‪ /2‬تدبيرالوضعيات الديدكتيكية‪:‬‬
‫اليمكن فهم تدبير الوضعيات وتمثل مفاهيمها وأسسها وخطواتها ومراحلها إال‬
‫باالنتظام منهجيا وفق الخطوات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬مفهوم التدبيرالديدكتيكي‪:‬‬
‫يتعلق التدبير الديدكتيكي بتدبير العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية على مستوى‬
‫املدخالت (األهداف والكفايات) ‪ ،‬وعلى مستوى العمليات (املحتويات‪ ،‬والطرائق‪،‬‬
‫ووسائل اإليضاح)‪ ،‬وعلى مستوى املخرجات (التقويم‪ ،‬والفيدباك‪ ،‬واملعالجة‪،‬‬
‫والدعم)‪ .‬وال ننس ى أيضا تدبير التعلمات‪ ،‬وتدبير اإليقاعات الزمانية‪ ،‬وتدبير‬
‫الفضاءات الدراسية‪ ،‬وتدبير عملية املراقبة والتقويم‪.‬‬

‫وللتدبير الديدكتيكي عالقة وثيقة بمصطلحات أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬اإللقاء‪ ،‬والتدريس‪،‬‬


‫وإدارة الصف‪ ،‬وقيادته ‪ ،‬وتدبيره‪...‬‬

‫و يعنى التدبير الديدكتيكي ببناء وضعيات تعليمية‪ -‬تعلمية تطبيقية في مدة معينة‪،‬‬
‫وتدبيرها في مستوى دراس ي معين أو ضمن مستويات دراسية مختلفة من مستويات‬
‫املدرسة االبتدائية أو اإلعدادية أو التأهيلية‪ ،‬إما داخل فصل دراس ي أحادي‪ ،‬وإما‬
‫داخل فصل دراس ي مشترك اعتمادا على مجموعة من الوثائق والبرامج الرسمية‪،‬‬

‫‪323‬‬
‫باستعمال أشكال التنفيذ وفق مقاربات متنوعة ومختلفة‪ ،‬مثل‪ :‬املقاربة اإلبداعية‪،‬‬
‫واملقاربة باملضامين‪ ،‬واملقاربة باألهداف‪ ،‬واملقاربة بالذكاءات املتعددة‪ ،‬واملقاربة‬
‫بامللكات‪ ،‬واملقاربة بالكفايات و اإلدماج‪...‬‬

‫ويعني هذا أن التدبير الديدكتيكي هو بناء الدرس في شكل وضعيات ديدكتيكية‬


‫وإدماجية حسب مقاطع فضائية وزمانية معينة‪ ،‬بالتركيز على مجموعة من األنشطة‬
‫التي يقوم هها املعلم واملتعلم معا وفق طرائق بيداغوجية ووسائل ديدكتيكية معينة‬
‫من خالل تمثل معايير ومؤشرات محددة في التقويم واملعالجة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ينصب التدبير الديدكتيكي على تدبير الفصل الدراس ي‪ ،‬وتدبير التعلمات وفق‬
‫مقاربات مختلفة‪ .‬لذا‪ ،‬فمهمة تدبير الفصل الدراس ي مهمة مركبة‪ ،‬تتطلب من‬
‫املدرس قدرات متعددة سواء تعلق األمر بتنظيم وضعيات التعلم أم بتدبير التعلمات‬
‫أم بتحفيز املتعلمين أم بضبط القسم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يشكل تدبير التعلمات جانبا من‬
‫جوانب تدبير الفصل الدراس ي‪.‬‬

‫ويهتم التدبير الديدكتيكي بالوضعيات التعليمية‪ -‬التعلمية وفق مقاطعها املتنوعة‬


‫واملختلفة كأن يكون مقطعا دراسيا ابتدائيا‪ ،‬أو وسطيا‪ ،‬أو نهائيا‪ .‬كما ينبني هذا‬
‫التدبير على فلسفة األهداف والكفايات اإلدماجية سواء أكانت نمائية أم‬
‫مستعرضة‪ ،‬مع االنفتاح على تقنيات التربية الخاصة وعلوم التربية تخطيطا‪،‬‬
‫وتنظيما‪ ،‬وتنسيقا‪ ،‬وقيادة‪ ،‬وتقويما‪.‬‬

‫وتتمثل أهداف التدبير الديدكتيكي في أجرأة الكفايات واألهداف في أرض الواقع‬


‫التعلمي بتنفيذها وفق وضعيات ديدكتيكية مجسدة ‪ ،‬في شكل خطاطات مفصلة‪،‬‬
‫وجذاذات مقطعية قابلة للتنفيذ والتطبيق‪ .‬كما يهدف التدبير الديدكتيكي إلى بناء‬

‫‪324‬‬
‫وضعيات ديدكتيكية إجرائية وتطبيقية في شكل مقاطع تعليمية ‪ -‬تعلمية‪ ،‬تشمل‬
‫مختلف أنشطة املعلم واملتعلم‪ ،‬وأنواع التقويم واملعالجة ‪ ،‬في إطار مكان محدد‪،‬‬
‫وزمان معين‪ .‬بمعنى أن التدبير ينصب على تنظيم مختلف العمليات الديدكتيكية في‬
‫وضعيات إشكالية بسيطة ومعقدة في املدرسة االبتدائية أو غيرها من األسالك‬
‫الدراسية ‪ ،‬سواء أكان ذلك في األقسام الصفية األحادية أم في األقسام الصفية‬
‫املتعددة واملشتركة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يتخذ التدبير طابع التخطيط والتنظيم وفق وضعيات‬
‫إدماجية قابلة للتقويم واملعالجة والقياس واإلشهاد في شكل مقاطع دراسية محددة‬
‫ديدكتيكيا وإيقاعيا‪.‬‬

‫ويالحظ أن للنتدبير الديداكتيكي أهمية كبرى‪ .‬وتتمثل هذه األهمية اإلستراتيجية في‬
‫عقلنة العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪ ،‬وربط التخطيط بالتنفيذ والتطبيق والتقويم‪،‬‬
‫وتحويل التمثالت املجردة إلى مخططات عملية سلوكية‪ ،‬وأجرأة الكفايات واألهداف‬
‫املسطرة تطبيقا وتنفيذا‪ .‬كما أن التدبير آلية ضرورية لتحقيق الجودة الكمية‬
‫والكيفية‪ ،‬وأداة ناجعة للتخلص من االضطراب والعشوائية والعفوية‪ .‬أضف إلى‬
‫ذلك أن التدبير آلية مهمة لتحسين القيادة التربوية وتجويدها‪ ،‬وتنظيم العملية‬
‫التعليمية‪ -‬التعلمية وفق مقاييس منهجية علمية مقننة وموضوعية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فالتدبير إدارة شاملة لجميع العمليات التي تعرفها العملية الديدكتيكية من بدايتها‬
‫حتى نهايتها‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ينبني التدبير الديدكتيكي على مجموعة من املرتكزات املنهجية التي يمكن‬
‫حصرها في أنشطة املعلم وأنشطة املتعلم التي تقدم عبر مجموعة من املقاطع‬
‫الدراسية (املقطع االستهاللي‪ ،‬واملقطع التكويني‪ ،‬واملقطع النهائي)‪ ،‬واالنطالق من‬
‫مجموعة من األهداف والكفايات املسطرة‪ ،‬وتحديد فضاء التدبير‪ ،‬والتركيز على‬
‫‪325‬‬
‫اإليقاع الزمني تشخيصا وتكوينا ومعالجة‪ ،‬ورصد الوضعيات الديدكتيكية‬
‫واإلدماجية‪ ،‬وتنظيمها في شكل جذاذة دراسية تخطيطا وتطبيقا وتنفيذا‪ ،‬واختيار‬
‫أنواع الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية التي تسعف املدرس واملتعلم معا‬
‫في التعامل مع الوضعيات الكفائية وأنواع الوضعيات املقدمة األخرى‪.‬‬

‫ويعني هذا كله أن التدبير يأتي بعد مرحلة التخطيط السنوي واملرحلي والديدكتيكي‪،‬‬
‫وينصب اهتمامه على مجال التعلم ببلورة وضعيات التعلم ‪ ،‬وتبيان كيفيات إنجاز‬
‫الدرس‪ ،‬وتحديد طرائق تدبير القسم‪ ،‬وذلك كله في عالقة جدلية بمجال التخطيط‬
‫من جهة‪ ،‬ومجال التقويم والدعم من جهة أخرى‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتطلب التدبير الديدكتيكي أن يتعرف املدرس إلى مختلف منهجيات‬


‫التدريس في مختلف املستويات واألسالك التعليمية (االبتدائي‪ ،‬واإلعدادي‪،‬‬
‫والثانوي) كأن يعرف منهجية القراءة‪ ،‬ومنهجية الخط والكتابة‪ ،‬ومنهجية التعبير‪،‬‬
‫ومنهجية النحو والصرف واإلمالء والشكل‪ ،‬ومنهجية املحفوظات‪ ،‬ومنهجية التربية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ومنهجية الوضعيات اإلدماجية والتقويمية‪...‬و يعرف أيضا كيف تتوزع‬
‫الحصص الدراسية وغالفها الزمني‪ ،‬ويعرف كذلك أنواع وضعيات التعلم من أجل‬
‫تحديد الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية املالئمة لتقديم املقطع‬
‫الدراس ي أو مجموعة من املقاطع الديدكتيكية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يستلزم التدبير الديدكتيكي التعرف إلى تقنيات التنشيط‬
‫والتواصل‪ ،‬وإعداد معينات ديدكتيكية مالئمة للمقطع (املوارد)‪ ،‬وتكييف مختلف‬
‫التقنيات التنشيطية والتواصلية مع خصوصيات القسم (قسم حضري‪ ،‬وقسم‬
‫مشترك‪ ،‬وقسم مكتظ‪ ،)...‬و تنويع تقنيات التواصل اللفظي وغير اللفظي‪ ،‬مع‬

‫‪326‬‬
‫التمركز حول املتعلم ‪ ،‬واستثارة قدراته الكفائية واإلدماجية‪ ،‬واالنطالق من نظريات‬
‫التعلم في أثناء عملية التدبير‪ ،‬وبناء الدرس‪ ،‬كاالنطالق ‪ -‬مثال ‪ -‬من النظرية‬
‫السلوكية‪ ،‬أو النظرية الجشطالتية‪ ،‬أو النظرية التكوينية لجان بياجيه‪ ،‬أو‬
‫البيداغوجيا الفارقية‪ ،‬أو املقاربة الالتوجيهية‪ ،‬أو البيداغوجيا املؤسساتية‪ ...‬ومن‬
‫الضروري‪ ،‬أن يتعرف املدرس واملتعلم معا إلى مبادئ اإلدماج‪ ،‬وطريقة إنجاز مالئمة‬
‫للوضعية‪.‬أي‪ :‬رصد مختلف معايير التقويم ‪ ،‬وتحديد مؤشراته ‪ ،‬ووضع خطط‬
‫افتراضية للدعم واملعالجة والتصحيح‪.‬‬

‫وتراعى مجموعة من الشروط املهمة في التدبير الديدكتيكي ‪ ،‬ويمكن حصرها في‬


‫األنواع التالية‪:‬‬

‫‪‬مراعاة الشروط السوسيوتربوية (األقسام الحضرية‪ ،‬واألقسام املكتظة‪،‬‬


‫واألقسام املشتركة‪)...‬؛‬

‫‪ ‬مراعاة خصوصيات التالميذ النفسية واالجتماعية واالقتصادية على السواء؛‬

‫‪‬مراعاة الفوارق الفردية بتطبيق البيداغوجيا الفارقية؛‬

‫‪ ‬مراعاة اإلمكانيات البشرية واملادية واملالية والعدة اإلدارية؛‬

‫‪‬االنطالق من بيئة التالميذ ومحيطهم النفس ي واالجتماعي والثقافي والديني‬


‫والسياس ي واالقتصادي؛‬

‫‪‬احترام اإليقاعات الزمنية والتنظيمات املكانية والصفية؛‬

‫‪‬االلتزام باملقررات الرسمية والتوجيهات الوزارية ؛‬

‫‪327‬‬
‫‪ ‬تمثل فلسفة التربية التي تنتهجها الدولة كاالنطالق من املقاربة بالكفايات‬
‫واإلدماج ‪ -‬مثال‪ -‬؛‬

‫‪‬العمل على تحقيق الجودة كما وكيفا؛‬

‫‪‬ربط مخرجات التدبير الديدكتيكي بمدخالته الرئيسية‪.‬‬

‫‪‬تدبي ــرالوضعيات اإلدماجية‪:‬‬


‫من املعروف أن املدرس املدبر يقدم للمتعلم ثالثة أنواع من األنشطة الدراسية‪:‬‬
‫أنشطة ديدكتيكية تعلمية أو ما يسمى أيضا باملوارد أو التعلمات‪ ،‬وترد في شكل‬
‫معارف عقلية وذهنية‪ ،‬وقيم ومواقف وجدانية‪ ،‬ومهارات سلوكية حسية حركية‪.‬‬
‫وهناك أيضا أنشطة موازية تكميلية تهدف إلى خدمة املتعلم تسلية وإفادة‪ .‬وهناك‬
‫كذلك الوضعيات اإلدماجية التي توظف األسناد املكتوبة واملصورة لحمل املتعلم‬
‫على تعبئة املوارد التي اكتسبها في أثناء أسابيع تعلم املوارد‪.‬‬

‫ويستلزم تدبير الوضعية اإلدماجية أن يقدم املدرس للتلميذ املتعلم مجموعة من‬
‫املوارد في شكل وضعيات مركبة متنوعة بغية أن يستدمج كل مكتسباته املعرفية‬
‫ومواقفه الوجدانية ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك‬
‫الوضعيات املتدرجة في السهولة والصعوبة ‪ .‬وينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته‬
‫الشفوية أو الكتابية بإنجاز مجموعة من الوضعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا‪ ،‬بعد‬
‫مجموعة من أسابيع إرساء املوارد‪ ،‬والربط بين التعلمات توليفا وتقويما‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫وبعد االنتهاء من اإلدماج‪ ،‬يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة وتصحيحها‬
‫في ضوء معايير الدعم املناسبة من جهة‪ ،‬ومؤشرات التقويم اإلدماجي من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬رغبة في إيجاد حلول عالجية داخلية وخارجية‪.‬‬

‫وهكذا‪،‬يعتمد املدرس في تدبير الوضعية اإلدماجية على دفتر أو كراسة الوضعيات‬


‫مجموعة من الوضعيات‪،‬واألسناد‪،‬والصور‬ ‫اإلدماجية التي تتضمن‬
‫األيقونية‪،‬والوثائق الديدكتيكية املرفقة بمجموعة من التعليمات وسلم التنقيط‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬هناك دليل اإلدماج الذي يشتمل على بطاقات التمرير أو‬
‫االستثمار‪ ،‬وشبكات التحقق‪ ،‬وكذلك شبكات التصحيح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يستوجب تدبير الوضعية اإلدماجية أربع مراحل متكاملة ومتتابعة هي‪:‬‬

‫‪329‬‬
‫أوال‪ ،‬فهم الوضعية اإلدماجية عنوانا‪ ،‬وسياقا‪ ،‬وأسنادا‪ ،‬وصورا‪ ،‬ومقصودا‪،‬‬
‫واستيعاب التعليمات بشكل جيد‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬إنجاز العمل املطلوب باحترام تعليمات الوضعية‪ ،‬وإنجاز العمل كما هو‬
‫مطلوب وموصوف‪ ،‬واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوضوع‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬التحقق من جودة اإلنتاج انطالقا من مراعاة املواصفات‪ ،‬ومقارنة قيمة‬


‫اإلنتاج باإلنتاج املنتظر‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬املعالجة الداخلية والخارجية تقويما وتصحيحا ودعما من أجل تطوير‬


‫اإلنتاج‪ .‬وهنا‪ ،‬يعتمد التصحيح الذاتي وتحسين اإلنتاج‪.‬‬

‫وإليكم هذا الجدول الذي يوضع خطوات تدبير الوضعية اإلدماجية بالشكل‬
‫الواضح‪:‬‬

‫تقديم الوضعية باكتشافها وفهمها‬ ‫مرحلة فهم الوضعية‬


‫ومالحظة صورها والتفكير فيها‬
‫التمثالت‬ ‫مختلف‬ ‫باستحضار‬
‫التعلمية القائمة على العصف‬
‫الذهني‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تقرأ الوضعية‬
‫قراءة جهرية أو صامتة ‪ ،‬ثم يحلل‬
‫العنوان ويناقش ‪ ،‬وتشرح بعض‬
‫الكلمات الصعبة ‪ .‬كما تحلل األسناد‬
‫وتناقش أيضا من أجل استثمارها في‬
‫أثناء اإلنجاز‪ .‬عالوة على قراءة‬
‫‪330‬‬
‫التعلميات لفهم املطلوب‪.‬‬

‫يقوم اإلنتاج على إعطاء مهلة‬ ‫مرحلة اإلنجازواإلنتاج‬


‫للمتعلمين من أجل التفكير قبل‬
‫الشروع في العمل‪ ،‬ثم إدماجهم في‬
‫مجموعات ثنائية أو جماعية‪ .‬وبعد‬
‫ذلك‪ ،‬يكون اإلنتاج فرديا‪ .‬ثم‪ ،‬يلتزم‬
‫املتعلم بالتعليمات واملواصفات‬
‫املطلوبة واملتوخاة من إنجاز‬
‫الوضعية‪.‬‬

‫يتحقق املدرس من مدى تمكن‬ ‫مرحلة التحقق‬


‫املتعلم من الكفاية اإلدماجية‬
‫بتقييم املنتج ‪،‬وتبيان مواطن‬
‫الضعف والقوة بتقويم األعمال‬
‫وتصحيحها‪ ،‬وتثمينها وفق املعايير‬
‫والتعليمات املرصودة ‪ .‬وينتقل‬
‫املتعلم إلى التحقق أو التقويم الذاتي‬
‫بمقارنة عمله باملعايير املطلوبة‪.‬‬

‫معالجة‬ ‫عن‬ ‫الحديث‬ ‫يمكن‬ ‫مرحلة املعالجة‬


‫نفسية‪،‬‬ ‫ومعالجة‬ ‫ديدكتيكية‪،‬‬
‫ومعالجة اجتماعية‪ .‬ويعني هذا أن‬

‫‪331‬‬
‫املدرس يرصد معوقات التعلم‬
‫وصعوباته‪ ،‬بتبيان أسباب تعثر نماء‬
‫الكفاية لدى املتعلم‪ ،‬وتشخيص‬
‫األخطاء ‪ ،‬والتثبت من صحة‬
‫التشخيص‪ ،‬واقتراح أنشطة عالجية‪،‬‬
‫الخطإ‬ ‫بيداغوجيا‬ ‫بتطبيق‬
‫والبيداغوجيا الفارقية‪...‬‬

‫وتعتمد مرحلة تدبير الوضعية على شبكة التمرير أو بطاقة االستثمار أو جذاذة‬
‫توظيف الوضعية (‪ ،)Fiche d’exploitation de la situation‬وهي تلك الشبكة التي‬
‫تستعمل ملصاحبة املتعلم خالل اإلنجاز قصد تدبير محكم لتعلم حل الوضعية‬
‫اإلدماجية بفهم هذه الوضعية‪ ،‬ومعرفة املهام‪ ،‬وإنجاز املطلوب وفق مواصفات‬
‫اإلنتاج املنتظر‪.‬‬

‫ويقصد ببطاقة تمرير وضعية أو بطاقة استثمار تلك البطاقة التي تتضمن‬
‫توضيحات وتفسيرات تشرح للمتعلم كيفية تمرير الوضعية وسبل استثمارها‪ .‬وأكثر‬
‫من هذا‪ ،‬فهي خارطة طريق منهجية يرافق هها األستاذ التالميذ في مختلف مراحل‬
‫إنجاز الوضعيات‪.‬‬

‫وبتعبير آخر‪ ،‬فهي أداة إجرائية تساعد املتعلم على " تدبير الوضعيات اإلدماجية‬
‫حسب الهدف (تعلم اإلدماج‪ :‬الوضعية األولى‪ ،‬وتقويم تعلم اإلدماج ‪ :‬الوضعية‬
‫الثانية) ‪ ،‬وخصوصية املادة (شفوية ‪/‬كتابية)‪ ،‬وأنساق التعلم تفاديا للسقوط في‬

‫‪332‬‬
‫النمطية‪ ،‬ودون تفكيك مكونات الوضعية أو املوارد املراد تعبئتها اجتنابا للتعامل مع‬
‫التعليمة كمجرد تمرين‪"194 .‬‬

‫وتستند شبكة استثمار الوضعيات املتعلقة بوضعية تعلم اإلدماج (الوضعية‬


‫األولى)إلى مجموعة من املحطات‪:‬‬

‫‪ ‬املحطة األولى تعنى بتقديم الوضعية بمشاهدتها وقراءة العنوان بغية الفهم‬
‫واإلنجاز‪ ،‬وقراءة التعليمات لفهم املهمة ومواصفات اإلنتاج املنتظر‪ ،‬والتحقق من‬
‫فهم املتعلمين للمهمة املطلوبة إنجازها‪ ،‬بالتعبير عن ذلك بلغتهم وأسلوههم‬
‫الشخص ي‪ ،‬وتدوين مواصفات اإلنتاج املنتظر على السبورة بلغة واضحة وبسيطة‪.‬‬

‫‪ ‬املحطة الثانية تتعلق بإنجاز املهمة ‪ ،‬وإعطاء مهلة للمتعلمين من أجل التفكير‪،‬‬
‫وتقسيم التالميذ إلى مجموعات‪ ،‬والحث على العمل الفردي‪ ،‬واملرور بين صفوف‬
‫التالميذ لتشجيعهم وتحفيزهم على العمل‪ ،‬والتوقف عند اإليجابيات وتثمينها‪،‬‬
‫وتصحيح التعثرات بشكل فوري وذاتي من خالل نصح املتعلمين بااللتزام باملواصفات‬
‫املنصوص عليها في السبورة‪.‬‬

‫‪ ‬املحطة الثالثة تتعلق بالتحقق واملعالجة؛ إذ يختار املدرس مجموعة من‬


‫اإلنتاجات ملدارستها ‪ ،‬ويدعو املتعلمين إلى التحقق الذاتي بالعودة إلى مواصفات‬
‫اإلنتاج املنتظر‪ ،‬ويحثهم أيضا على التحقق الجماعي انطالقا من مواصفات اإلنتاج‬
‫املنتظر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يدلي بحكمه على مطابقة اإلنتاج للمواصفات‪ ،‬ويدون الصعوبات‬

‫‪ -194‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل اإلدماج‪ ،‬املستوى الثالث من التعليم االبتدائي‪ ،‬مطبعة األحداث‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪ ،‬ص‪.6:‬‬
‫‪333‬‬
‫التي تحتاج إلى معالجة مركزة‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يهيء املدرس أنشطة للدعم واملعالجة‬
‫حسب الحاجة‪ ،‬ثم يقوم أثر املعالجة‪.‬‬

‫أما فيما يخص وضعية التقويم (الوضعية الثانية)‪ ،‬فهناك املحطات الثالث نفسها‬
‫بتلك املواصفات نفسها التي رأيناها في الوضعية األولى‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تنبني بطاقة التمرير أو جذاذة االستثمار والتوظيف على مكونين منهجيين‬
‫هما‪ :‬اختيار املعلومات‪ ،‬ومعالجة املعلومات‪ .‬ويكون اختيار املعلومات بالقراءة‬
‫األولية‪ ،‬وتوضيح العوائق (دالالت الكلمات والعبارات) ‪ ،‬وشرح املفاهيم‬
‫العلمية(التوضيحات واألسناد)‪ ،‬وتحديد املطلوب من قبل املتعلمين‪ ،‬وتحديد املوارد‬
‫املستعملة من قبل املتعلمين‪.‬‬

‫وتكون معالجة املعلومات بالعمل في نطاق املجموعات(التذكير بتوظيف املعلومات‬


‫واملوارد السابقة‪ ،‬واالرتكان إلى املعالجة الجماعية بتشجيع املنتوج الفردي‪ ،‬ومتابعة‬
‫عمل املجموعات برصد نوع التعثر)‪ ،‬أو بطريقة فردية (التذكير بتوظيف املعطيات‬
‫واملوارد السابقة لحل الوضعية‪ ،‬والتذكير باملنتج الفردي‪ ،‬ومتابعة عمل الفرد برصد‬
‫تعثره‪ ،‬وتحديد طبيعته‪ ،‬وطريقة معالجته)‪.‬‬
‫شبكة استثمار الوضعيات‪195‬‬

‫وضعية تعلم اإلدماج‪ :‬الوضعي ــة األول ـ ــى‬

‫املتعلم‬ ‫املدرس‬ ‫املحطات‬

‫‪ ...‬يطلب مشاهدة الوضعية؛ ‪ ...‬يستخرج من العنوان‬ ‫املحطة‪:1‬‬

‫‪ -195‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل اإلدماج‪ ،‬املستوى الثالث من التعليم االبتدائي‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪334‬‬
‫‪ ...‬يطلب قراءة العنوان أو بيانت مساعدة على الفهم‬ ‫تقديم الوضعية‬
‫يقرأ العنوان من أجل واإلنجاز؛‬
‫استخراج البيانات املساعدة‬
‫السياق‬ ‫من‬ ‫‪...‬يستخرج‬
‫على الفهم فاإلنجاز؛‬
‫بيانات مساعدة على الفهم‬
‫‪ ...‬قراءة السياق أو يقرأ واإلنجاز؛‬
‫السياق من أجل استخراج‬
‫‪...‬يستخرج من األسناد بيانات‬
‫البيانات املساعدة على الفهم‬
‫مساعدة على الفهم واإلنجاز؛‬
‫واإلنجاز؛‬
‫املهمة‬ ‫بعباراته‬ ‫‪...‬يحدد‬
‫‪ ...‬يحث على استثمار األسناد‬
‫املطلوبة؛‬
‫قصد استخراج البيانات‬
‫الفهم ‪...‬يحدد بعباراته مواصفات‬ ‫على‬ ‫املساعدة‬
‫اإلنتاج املنتظر‪.‬‬
‫واإلنجاز؛‬

‫قراءة‬ ‫على‬ ‫يحث‬ ‫‪...‬‬


‫يقرأ‬ ‫أو‬ ‫التعليمات‪،‬‬
‫التعليمات من أجل فهم‬
‫املهمة ومواصفات اإلنتاج‬
‫املنتظر؛‬

‫‪ ...‬يتحقق من أن املتعلمين‬
‫فهموا جيدا املهمة املراد‬
‫إنجازها من خالل التعبير عن‬
‫ذلك بلغتهم وبأسلوههم؛‬

‫‪ ...‬يدون على السبورة بلغة‬

‫‪335‬‬
‫مبسطة مواصفات اإلنتاج‬
‫املنتظر‪.‬‬

‫للتفكير ‪...‬يفكر في اإلنتاج ويدون‬ ‫مهلة‬ ‫‪...‬يعطي‬ ‫املحطة‪:2‬‬


‫رؤوس أقالم إن كان قادرا‬ ‫الفردي؛‬
‫إنجازاملهمة‬
‫على الكتابة؛‬
‫‪...‬يدعو إلى التقاسم في‬
‫‪...‬يتقاسم األفكار مع زمالئه‬ ‫مجموعات صغرى؛‬
‫من أجل إنجاز املهمة؛‬
‫‪...‬يحث على العمل الفردي؛‬
‫‪...‬ينجز العمل بمفرده‪.‬‬
‫‪...‬يمر بين املتعلمين لتثمين ما‬
‫على‬ ‫وللمساعدة‬ ‫أنجزوا‬
‫التصحيح الذاتي والفوري؛‬

‫االلتزام‬ ‫على‬ ‫‪...‬يحث‬


‫باملواصفات املنصوص عليها‬
‫في السبورة‪.‬‬

‫‪...‬حسب كثافة الفصل ‪... ،‬يقدم إنتاجه؛‬ ‫املحطة‪:3‬‬


‫يطلب من املتعلمين تقديم‬
‫‪...‬يقوم إنتاجه انطالقا من‬ ‫التحقق واملعالجة‬
‫إنتاجهم أو يختار إنتاجات‬
‫املواصفات املنصوص عليها ‪،‬‬
‫تمثل مختلف األوجه املعبرة‬
‫ويحلل طريقة إنجازه للوقوف‬
‫عن إنتاجات الفصل؛‬
‫على الخطأ ومصدره؛‬
‫‪ ...‬يحث على التحقق الذاتي‬
‫‪...‬يقوم إنتاج زمالئه بالعودة‬
‫بالعودة إلى مواصفات اإلنتاج‬
‫اإلنتاج‬ ‫مواصفات‬ ‫إلى‬
‫املنتظر؛‬
‫املنتظر؛‬

‫‪336‬‬
‫‪...‬يحث على التحقق الجماعي ‪...‬ينجز أنشطة العالج؛‬
‫بالعودة إلى مواصفات اإلنتاج‬
‫‪...‬يطور إنتاجه أو يحل‬
‫املنتظر؛‬
‫وضعية‪.6‬‬
‫‪...‬يدلي بحكمه على مطابقة‬
‫اإلنتاج للمواصفات؛‬

‫التي‬ ‫الصعوبات‬ ‫‪...‬يدون‬


‫تحتاج إلى معالجة مركزة؛‬

‫‪...‬يعد أنشطة للمعالجة‬


‫حسب الحاجة؛‬

‫‪...‬يعالح جسب الحاجة؛‬

‫‪...‬يقوم أثر املعالجة (تطوير‬


‫اإلنتاج‪ /‬وضعية ‪)6‬‬

‫‪‬تدبير وضعية إدماجية‪:‬‬

‫‪337‬‬
338
‫‪ /3‬تقويم الوضعيات ‪:‬‬

‫اليمكن إدراك مرحلة تقويم الوضعيات إال بتعريف التقويم‪ ،‬وتبيان املعايير‬
‫واملؤشرات‪ ،‬وتحديد سبل املعالجة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪‬مفهوم التقويم‪:‬‬

‫التقويم هو أهم عملية إجرائية في العملية التعليمية‪ -‬التعلمية؛ ألنه هو الذي يحكم‬
‫على مدى تحقق الهدف أو الكفاية‪ ،‬أو هو معيار إجرائي نستعين به للتثبت من‬
‫تحكم املتعلم في الكفاية املستهدفة أو األساسية أو النوعية أو املستعرضة‪ ،‬والتأكد‬
‫كذلك من مدى تمكنه من حصيلة املوارد واملعارف واملهارات والدرايات التي اكتسبها‬
‫بطريقة مستضمرة عبر سيرورة التعلم‪.‬‬

‫وإذا كان التقويم التقليدي يعنى بقياس املعارف ‪ ،‬واالهتمام بالكم‪ ،‬والتثبت من‬
‫قدرات الحفظ واالستيعاب لدى املتعلم؛ فإن التقويم اإلدماجي يهتم بتقويم القدرات‬
‫الكفائية لدى املتعلم بوضعه أمام وضعيات إشكالية صعبة ومعقدة من أجل أن‬
‫يجد لها حلوال ناجعة‪ ،‬وتكون تلك الوضعيات مستمدة من الحياة اليومية أو‬
‫الواقعية أو الحياة املدرسية‪ .‬ويعني هذا أن املتعلم يتعلم الحياة عبر الحياة ذاتها‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فالتقويم اإلدماجي هو السبيل املنهجي للحكم على املتعلم املتمكن أو‬
‫الكفء أو املؤهل‪ ،‬والحكم أيضا على املنظومة التربوية والديدكتيكية‪ ،‬وتقويم‬
‫مستوى التعليم في وطننا العربي مقارنة بالتعليم في الدول الغربية أو الدول املتقدمة‬
‫والنامية ‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اليمكن الحديث عن التقويم اإلدماجي إال بالحديث عن املقاربة‬
‫بالكفايات‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫ومن باب التذكير يمكن الحديث عن أنواع عدة من التقويم ‪ ،‬مثل‪ :‬التقويم‬
‫التشخيص ي‪ ،‬والتقويم القبلي‪ ،‬والتقويم التكويني‪ ،‬والتقويم اإلجمالي‪ ،‬والتقويم‬
‫اإلشهادي‪ ،‬والتقويم املستمر‪ ،‬والتقويم اإلعالمي‪ ،‬والتقويم الذاتي‪ .‬وما يهمنا في هذا‬
‫املوضوع هو التوقف عند التقويم اإلدماجي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالتقويم‬
‫الكفائي‪.‬‬

‫‪ ‬املعاييرواملؤشرات‪:‬‬

‫يهدف التقويم الكفائي إلى قياس القدرات الكفائية ملتعلم ما وفق وضعيات معقدة‬
‫ومركبة محددة ‪ .‬وتعمل على تقويم أو تقدير مختلف القدرات لدى املتعلم في أثناء‬
‫استدماجه ملوارده التعلمية بغية حل الوضعيات ‪ -‬املشكالت‪ .‬لذا‪ ،‬يسمى هذا‬
‫التقويم أيضا بالتقويم اإلدماجي‪ .‬ويهدف هذا التقويم إلى تطوير الكفايات النمائية‪،‬‬
‫وقياس قدرات املتعلمين في أثناء حلهم للوضعيات‪-‬املشكالت‪.‬‬

‫ويستند هذا التقويم إلى مجموعة من املعايير التي نحصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬معياراملالءمة ‪ :‬مالءمة الحل للمشكل املوضوع‪.‬‬

‫‪‬معيار التصحيح‪ :‬يعني صحة األجوبة املقترحة في عالقتها مع الوضعية ‪ -‬املشكلة‪.‬‬


‫أي‪ :‬أن تكون املوارد املوظفة منسجمة مع الوضعية‪-‬املشكلة‪ ،‬و يكون التصحيح‬
‫واضحا ودقيقا‪ ،‬فيه نوع من العدالة‪ ،‬واملصداقية‪ ،‬واإلنصاف‪ ،‬واملساواة‪.‬‬

‫‪‬معيار اإلتقان أو الكمال‪ :‬أن يكون حل الوضعية مكتمال وشامال لجميع عناصر‬
‫الوضعية‪ -‬املشكلة‪.‬‬

‫‪‬معياراألصالة‪ :‬يتمثل في اقتراح أفكار شخصية جديدة لحل الوضعية‪-‬املشكلة‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫أما عن املبادئ األساسية لتقويم الكفايات‪ ،‬فتتمثل في ترابط الوضعيات بالسياق ‪،‬‬
‫وتوظيف جميع املعارف واملوارد املستعرضة لحل الوضعية املشكلة‪ ،‬و االعتماد على‬
‫وضعيات ‪ -‬مشكالت‪ ،‬أو وضعيات معقدة ومركبة وجديدة‪.‬‬

‫وقد يتطلب حل وضعية ما مشاركة ثنائية تجمع املتعلم وزميله في الفصل الدراس ي‬
‫أو متعددة يشارك فيها بعض املتعلمين‪ .‬ويستند التصحيح إلى إستراتيجيات معرفية‬
‫وميتامعرفية لرصد األخطاء ومعالجتها‪.‬‬

‫وللتوضيح أكثر ترتبط بيداغوجيا اإلدماج بالبلجيكي روجرز كزافيي ( ‪Xavier‬‬


‫‪ ،196)Roegiers‬وتهدف إلى تطوير الكفايات في التعليم االبتدائي واإلعدادي والعالي‬
‫بإعطاء معنى للتعلمات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬كان التقويم ينصب على املعارف واإلنتاج دون‬
‫االهتمام بالكفايات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تساعد هذه الطريقة على النجاح والتفوق والتميز‪،‬‬
‫بتمهير املتعلم بمجموعة من الكفايات اإلدماجية التي تسعفه في حل مشاكل الواقع‪.‬‬
‫وللتمثيل‪ :‬حينما نقول من الضروري أن نحمي البيئة‪ ،‬فهذا هدف عام‪ ،‬ال يمكن‬
‫تقويمه بشكل من األشكال‪.‬لكن حينما نضع هذا الهدف في شكل وضعية بالتركيز على‬
‫األسباب والحلول‪ ،‬يمكن الحديث آنذاك عن وضعية مشكلة هادفة وبناءة‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫اليمكن أن تتعدى الكفايات ثالثا في السنة في تخصص معين‪ ،‬وإذا تعدينا ذلك‪،‬‬
‫فسنلتجئ إلى التقطيع وتجزيء املحتويات أكثر فأكثر‪.‬‬

‫‪196- ROEGIERS, X : Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université,‬‬

‫‪2003.‬‬

‫‪341‬‬
‫و البد أن يكون التقويم عبارة عن وضعيات معقدة ومركبة من أجل التثبت من مدى‬
‫تملك املتعلم للكفايات الحقيقية‪ ،‬والبد أن توضع تلك الوضعيات في سياقات واقعية‬
‫حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها‪ .‬ويترتب عن ذلك‬
‫صدق التقويم وثباته‪ .‬وهذا ما يسمى ببيداغوجيا اإلدماج أو املقاربة بالكفايات‬
‫األساسية‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل وضعية ما‪ ،‬والبد‬
‫من تقويم ما أنتجه املتعلم في ضوء مجموعة من املعايير التي يسميها روجرز مؤشرات‬
‫التصحيح (‪ .)critères de correction‬ومن ثم‪ ،‬فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر‬
‫الذي ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ‪ ،‬مثل‪ :‬اإلنتاج الواضح الدقيق‪ ،‬واإلنتاج‬
‫ً‬
‫املنسجم‪ ،‬واإلنتاج األصيل‪....‬إذا‪ ،‬فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما‪.‬‬
‫فإذا أردنا أن نقوم العبا رياضيا ما‪ ،‬فقد نركز على األناقة‪ ،‬وجودة اللعب‪ ،‬وانسجام‬
‫الفريق‪ ،‬واإلنتاجية‪.‬‬

‫ومن أهم مؤشرات التقويم املؤشر األدنى (‪ )Critère minimal‬ومؤشر اإلتقان‪.‬‬


‫فمؤشر األدنى هو الذي يحدد بعض الشروط لتحقيق كفاية ما كأن نقول بأن‬
‫السباح الكفء هو الذي ال يغرق‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يحافظ على توازنه‪ .‬أما إذا أضفنا كفايات‬
‫أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬السرعة‪ ،‬وشدة الحركة ‪ ،‬واألناقة‪ ،‬واحترام القواعد‪ ،‬فإننا ننتقل إلى‬
‫مؤشراإلتقان(‪.)critère de perfectionnement‬‬

‫والبد من التقليل من املؤشرات الدنيوية وإال سنكون قساة مع املتعلمين حينما‬


‫تتضخم هذه املؤشرات التقويمية‪ .‬ويعني هذا أن التقويم اليبنى على محك األخطاء‪،‬‬

‫‪342‬‬
‫بل يبنى على قياس الكفايات املهارية‪ ،‬فليس هناك من ال يخطئ‪ ،‬وال يعقل أن يكون‬
‫الخطأ هو املعيار الوحيد للتقويم ‪.‬‬

‫ويمكن االستعانة‪ ،‬في أثناء التقويم اإلدماجي‪ ،‬بقاعدة دوكيتيل (‪ )De Ketele‬التي‬
‫تسمى بقاعدة ‪ . 6/2‬بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن وضعيتين من‬
‫ثالث وضعيات‪ 197.‬والبد من االحتكام أوال إلى املؤشر األدنى بدال من االحتكام إلى‬
‫مؤشر اإلتقان التكميلي‪.‬‬

‫والبد أن تكون معايير مؤشر األدنى مستقلة عن بعضها البعض‪ ،‬فال يعقل أن تكون‬
‫األسئلة مترابطة ومتتابعة ومتناسلة؛ ألننا لن نكون منصفين في تقويمنا للمتعلمين؛‬
‫بل البد أن تكون األسئلة منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك‬
‫حظوظ متوفرة أمام املتعلم‪ .‬عالوة على وجود معيار االنسجام الذي يستلزم ترابط‬
‫أجزاء املوضوع منهجيا ومنطقيا‪ ،‬ومعيار املالءمة الذي يعني تالؤم أجوبة املتعلم مع‬
‫تعليمات الوضعية ومعطياتها‪ ،‬ومعيار االستعمال السليم لتقنيات التخصص‪،‬‬
‫ومعيار االتساق الداخلي‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬هذا له عالقة بالكفاية األساسية‬
‫والكفاية النوعية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتضمن اختبار التقويم ثالثة شروط هي‪:‬‬

‫‪ ‬أن يتالءم التقويم مع الكفايات املطلوبة تقويمها‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون الكفايات دالة ومحفزة على العمل‪.‬‬

‫? ‪197 - DE KETELE, J.M : L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi‬‬ ‫‪Revue‬‬
‫‪Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,1996, p. 17-36.‬‬
‫‪343‬‬
‫‪ ‬أن تنصب الكفايات على قيم إيجابية كاملواطنة وحماية البيئة مثال‪.198‬‬

‫كما يبنى االختبار اإلدماجي عبر مجموعة من املحطات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪‬تحديد الكفايات التي ينبغي تقويمها‪.‬‬

‫‪‬بناء وضعية أو وضعيتين جديدتين مالئمتين للكفاية‪.‬‬

‫‪‬وضع معايير التقويم املستقلة بشكل واضح ودقيق في ضوء قاعدة ‪.6 /2‬‬

‫‪ ‬كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم‬
‫واضحة‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد عليها املدرس حين تصحيح ورقة‬
‫االختبار‪.‬‬

‫‪ ‬وضع شبكة التصحيح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فمن األفضل واألجدى االكتفاء بوضعية واحدة أو وضعيتين على األقل‪،‬‬
‫وعدم تقسيم التعليمات إلى أسئلة فرعية جزئية متعددة‪ ،‬يجعل املتعلم أمام‬
‫صعوبات معرفية ومنهجية؛ بسبب تعدد األسئلة التي قد تكون متشاههة وتابعة‬
‫للتعليمة األولى أو الثانية أو الثالثة‪ .‬بمعنى بناء أسئلة مستقلة هادفة وناجعة‪ .‬والبد‬
‫من تجذير الوضعية داخل سياقها التداولي‪ ،‬وتكون وضعية جديدة‪ ،‬ويكون اإلنتاج‬
‫أصيال‪ .‬كما يجب االبتعاد عن نصوص ووثائق وأسناد معروفة‪ ،‬فالبد أن تكون‬
‫جديدة وموضوعة ضمن سياق جديد‪.‬‬

‫‪198‬‬ ‫‪-ROEGIERS, X. : Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck‬‬
‫‪Université, 2003.‬‬
‫‪344‬‬
‫وتقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل ومنصف ‪ ،‬فقد يكون مؤشرا كيفيا‬
‫كأن نطالب املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في‬
‫وصفه‪ ،‬وقد يكون مؤشرا كميا حينما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف‬
‫ثلثي من الجمل صحيحة لكي ينال ‪.6 / 2‬‬

‫وعليه‪ ،‬فللتقويم الخاضع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة ‪ -‬حسب روجرز ‪ -‬هي‪:199‬‬

‫‪ ‬تكون النقط عادلة‪ .‬بمعنى أن التقويم ينصب ‪ -‬هنا‪ -‬على الكفايات‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فكثير من الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناجحين‪ ،‬وكم من ناجح يستحق‬
‫اإلخفاق في النظرية الجديدة مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات‬
‫املهارية‪ ،‬وليس على املعلومات وكثرة املعارف‪.‬‬

‫‪ ‬تثمين النقط اإليجابية بتقويم العناصر األساسية ‪ ،‬وإظهار مواطن القوة‬


‫والعناصر اإليجابية في إنتاجات املتعلمين‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد هوية التلميذ الذي يستحق النجاح أو اإلخفاق‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬البد من تخفيض مؤشرات التقويم لتحقيق مدرسة النجاح‪ ،‬واألمل‪،‬‬


‫واإلنصاف‪ ،‬واملساواة‪ .‬فكلما زادت معايير التقويم‪ ،‬ضاع التلميذ بين هذه املؤشرات‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬ال يستطيع التحكم في األجوبة املتعددة‪ .‬لذا‪ ،‬فالبد من االكتفاء بمؤشرين أو‬
‫ثالثة‪ .‬كما يمكن االكتفاء بكفايتين أو ثالث كفايات أساسية‪ .‬وكلما أكثرنا من‬
‫مؤشرات التقويم‪ ،‬خاصة إذا كانت مؤشرات تابعة وغير مستقلة‪ ،‬فإننا نرتكب ظلما‬
‫في حق املتعلم الذي نعاقبه مرات متعددة على الخطإ نفسه‪ .‬ومن األفضل كذلك أن‬

‫‪199- ROEGIERS, X : L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck Université, 2004.‬‬

‫‪345‬‬
‫يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس هها‪ ،‬فيعطي كل ما لديه ‪ .‬و بالتالي‪ ،‬يمكن‬
‫أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير وضعية معينة مرتبطة‬
‫بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫وضع شبكات التمرير‪ ،‬والتحقق‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬واالستدراك‪.‬‬

‫‪ /3‬التقويم باملعالجة (‪:)Remédiation‬‬

‫تعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراس ي‪ .‬ويلتجئ إليها‬
‫املدرس بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفروض أو االختبارات واالمتحانات والروائز‬
‫بغية تشخيص مواطن الضعف والقوة‪ ،‬بتمثل املعالجة الداخلية التربوية‬
‫والديدكتيكية ‪ ،‬واألخذ باملعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي واالجتماعي‪.‬‬
‫بمعنى أن املعالجة تهدف إلى اكتشاف األخطاء وتشخيصها ووصفها‪ ،‬وتقديم معالجة‬
‫إجرائية ناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تستند املعالجة الديدكتيكية إلى أربع مراحل‪:‬‬

‫‪ ‬الكشف عن األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬وصف األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬البحث عن مصادر الخطإ‪.‬‬

‫‪ ‬تيهيء عدة املعالجة‪.‬‬

‫ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في‬
‫موضوعه حسب سياقها ومظانها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج‬
‫الشخص ي‪ ،‬فيصنفها إلى أنواع‪ ،‬مثل‪ :‬أخطاء صوتية‪ ،‬وأخطاء إمالئية‪ ،‬وأخطاء‬

‫‪346‬‬
‫صرفية‪ ،‬وأخطاء داللية‪ ،‬وأخطاء تركيبية‪ ،‬وأخطاء تداولية‪...‬وبالتالي‪ ،‬يحدد مواطن‬
‫الضعف والقوة لدى املتعلم‪ ،‬بالبحث عن أسباب هذه األخطاء‪ ،‬متسائال عن‬
‫مصدرها‪ :‬هل ترجع إلى مصدر داخلي ديدكتيكي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي‬
‫واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل ذاتية وموضوعية‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواقص‬


‫والتعثرات التي قد ترتبط باملدرس أو املتعلم أو بالنظام التربوي العام‪ .‬وال تتم‬
‫املعالجة إال إذا تكرر الخطأ مرات عدة‪.‬أما الذي يقوم باملعالجة‪ ،‬فقد يكون املدرس‬
‫نفسه‪ ،‬أو املتعلم نفسه في إطار التصحيح الذاتي‪ ،‬أو تلميذ آخر ‪ ،‬أو قد يكون‬
‫أخصائيا نفسانيا‪ ،‬أو أخصائيا اجتماعيا‪ ،‬أو ملحقا إداريا أو تربويا ‪ ،‬وقد يلتجئ‬
‫كذلك إلى وسائل اإلعالم والسجالت الذاتية والبرامج الرقمية‪...‬‬

‫ومن أهم اإلستراتيجيات في املعالجة أنه يمكن االعتماد على‪:‬‬

‫‪ ‬التغذية الراجعة أو الفيدباك لتصحيح العملية الديدكتيكية‪ ،‬وسد ثغراتها‬


‫املختلفة واملتنوعة‪ ،‬وتفادي نواقصها وعيوهها سواء أقام بتلك التغذية الراجعة‬
‫املدرس أم التلميذ نفسه اعتمادا على أدلة التصحيح‪.‬‬

‫‪ ‬املعالجة بالتكرار أو بالعمليات التكميلية‪.‬أي‪ :‬بمراجعة املكتسبات السابقة‪،‬‬


‫وإضافة تمارين تكميلية مساعدة للتقوية وتثبيت املعارف والقواعد األساسية‪.‬‬

‫‪ ‬تمثل منهجيات تعلمية جديدة كمنهجية اإلدماج‪ ،‬ومنهجية االستكشاف‪،‬‬


‫واالعتماد على التعلم الذاتي‪ ،‬وتمثل التعلم النسقي‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫‪ ‬إجراء تغييرات في العوامل األساسية‪ 200‬كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة‪،‬‬
‫وإعادة توجيه املتعلم من جديد‪ ،‬وتغيير فضاء املدرسة‪ ،‬وخلق أجواء مؤسساتية‬
‫ديمقراطية ‪ ،‬واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل‬
‫السلبية التي يعيشها املتعلم في ظلها‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا ‪ -‬مما سلف ذكره‪ -‬أن التقويم اإلدماجي تقويم تربوي‬
‫وديدكتيكي جديد جاء لتعميق مكتسبات بيداغوجيا الكفايات‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اليمكن‬
‫الحديث عن التقويم اإلدماجي إال باستحضار الوضعيات اإلدماجية بأسنادها‬
‫ومعلوماتها ووثائقها وصورها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها‪ .‬وإذا كان التقويم‬
‫الكالسيكي يعتمد على معيار اإلتقان كثيرا‪ ،‬ويحاكم املتعلم على أخطائه بقسوة؛ فإن‬
‫التقويم اإلدماجي يهتم بمعايير أساسية مستهدفة هي‪ :‬معيار املالءمة‪ ،‬ومعيار‬
‫االنسجام‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم ألدوات املادة‪ .‬ويعني هذا أن معيار الحد األدنى‬
‫يرجح على معيار اإلتقان والجودة‪ .‬واليمكن الحديث أيضا عن املعايير إال بالحديث‬
‫عن املؤشرات الكمية والكيفية التي تتحكم في تلك املعايير بنوع من الدقة اإلجرائية‪.‬‬

‫والينحصر التقويم اإلدماجي فيما هو نظري‪ ،‬بل هو عبارة عن ممارسة تقويمية‬


‫عملية؛ إذ يعتمد‪ -‬إجرائيا‪ -‬على دليل اإلدماج الذي يتمثل في كراسة الوضعيات‬
‫اإلدماجية‪ ،‬وشبكة التمرير واالستثمار‪ ،‬وشبكة التحقق‪ ،‬وشبكة التصحيح‪ .‬وبعد‬
‫هذه الشبكات املتكاملة واملتجاورة فيما بينها‪ ،‬تحضر عملية املعالجة الديدكتيكية ‪،‬‬
‫واملعالجة النفسية ‪ ،‬واملعالجة االجماعية‪.‬‬

‫‪ -200‬انظر‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم‬
‫التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪ ،‬ص‪.326:‬‬
‫‪348‬‬
‫وفي الخاتمة‪ ،‬يتبين لنا ‪ -‬مما سلف ذكره‪ -‬أن ثمة وضعيات ديدكتيكية تعلمية‬
‫مرتبطة بإرساء املوارد الجديدة ‪ ،‬ويكون الهدف منها هو االستكشاف والتعلم‬
‫واإلدماج الجزئي‪.‬ومن جهة أخرى‪ ،‬هناك وضعيات تعلمية غير ديدكتيكية ؛ألنها‬
‫الترتبط بالفضاء الديدكتيكي‪ ،‬والتخضع للتعاقد القائم على املدرس واملتعلم‪،‬‬
‫وتكون خارج الوسط التعلمي والدراس ي‪ .‬ومن ناحية أخرى هناك وضعيات إدماجية ‪،‬‬
‫قد يكون الهدف منها اإلدماج بتعبئة املوارد املكتسبة واملخزنة ههدف إدماجها لحل‬
‫الوضعية‪ -‬املشكلة‪ ،‬أو يكون الهدف منها تقويم القدرة على اإلدماج‪.‬‬

‫واليمكن تدريس الوضعيات اإلدماجية وتعلمها إال باتباع ثالث مراحل رئيسة هي‪:‬‬
‫مرحلة تخطيط الوضعيات‪ ،‬ومرحلة تدبير الوضعيات‪ ،‬ومرحلة تقويم الوضعيات‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫الفصل العاشر‪:‬‬
‫بناء الوضعيات التقويمية واإلدماجية‬

‫‪350‬‬
‫نعني بالوضعيات التعلمية أو الديدكتيكية تلك الوضعيات التعلمية املرتبطة‬
‫بالوسط الديدكتيكي الذي يشمل املدرس واملتعلم واملعرفة ضمن املثلث‬
‫الديكتيكي‪.‬ومن ثم‪ ،‬تتضمن تلك الوضعيات الديدكتيكية مسائل في شكل مواضيع‬
‫مرتبطة بسياقاتها التربوية والدراسية ‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما تكون بمثابة مشاكل وعوائق تعلمية‬
‫تستلزم أن يجد لها املتعلم الحلول الكفائية والذكائية املناسبة‪.‬ومن ثم‪ ،‬تساعد‬
‫الوضعيات الديدكتيكية على نماء التعلمات وبنائها بشكل جيد ومفيد ومثمر بعيدا‬
‫عن املسائل التقليدية املباشرة واملنفصلة عن سياقاتها الواقعية والتعلمية‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬مفهوم الوضعية ‪ -‬املسألة ‪:‬‬


‫الوضعية املسألة ‪ ،‬أو الوضعية املشكلة‪ ،‬هي تلك الوضعية العائق التي يجاههها الفرد‬
‫أو املتعلم في حياته الطبيعية‪ ،‬أو املهنية‪ ،‬أو الدراسية ‪ .‬وتتضمن تلك الوضعية‬
‫مشكلة (عائقا)‪ ،‬وموضوعا‪ ،‬وسياقا‪ ،‬وهدفا ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهي تتميز بكونها دالة ومعقدة‬
‫وصعبة للغاية تستلزم أن نجد لها الحلول املناسبة‪ .‬وليست الوضعية املسألة هي‬
‫تلك املسألة القديمة التي ترتبط بالتربية التقليدية‪ ،‬وتعنى بما هو معرفي من جهة‪،‬‬
‫وماهو كمي من جهة أخرى‪ .‬وتكون في شكل أسئلة مباشرة منفصلة عن سياقها‬
‫التربوي واملجتمعي‪ ،‬وتستهدف الحفظ واالستظهار‪ ،‬والتساعد املتعلم على بناء‬
‫معارفه الذاتية‪ ،‬أو اكتساب القدرات والكفايات واملهارات واملواقف الحقيقية‪.‬ومن‬
‫هنا‪ " ،‬يثير مفهوم املسألة املعروف جدا في هذه املواد الدراسية شيئا ما منفصل عن‬
‫الحياة‪ ،‬ويبعث على امللل‪ ،‬وفارغ من املعنى‪ ،‬ويكون أقرب إلى تطبيق عادي منه إلى‬
‫‪351‬‬
‫وضعية مسألة حقيقية مسيقة ومثيرة لالهتمام وحاملة ملعنى بالنسبة للتلميذ‪.‬إنها‬
‫مسألة نية لكنها تبقى كذلك مسألة صياغة‪201".‬‬

‫ويعني هذا كله أن الوضعيات املطلوبة في بيداغوجيا اإلدماج هي تلك الوضعيات التي‬
‫تثير صعوبات وتحديات وعوائق‪ ،‬وتتطلب من املتعلم أن يدمج مختلف كفاياته‬
‫وقدراته وموارده ليجد لها الحلول املناسبة ‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬أنواع الوضعيات‪ -‬املسألة‪:‬‬


‫هناك وضعيات يعيشها اإلنسان في حياته الطبيعية تسمى بالوضعيات الطبيعية‬
‫كأن تكون وضعيات حياتية تتمثل في مواجهة اإلنسان ملجموعة من العوائق‬
‫واملشاكل في حياته تستوجب منه أن يجد لها حلوال‪ ،‬أو وضعيات مهنية يصادفها‬
‫اإلنسان في حياته املهنية كإيجاد حل لعطب اآللة بالنسبة للمهندس‪ .‬ومن جهة‬
‫أخرى‪ ،‬هناك وضعيات بنائية تعليمية وتربوية تقدم للمتعلم من أجل إيجاد مختلف‬
‫الحلول املالئمة للتحقق من مدى اكتساب الكفاية النمائية أو النوعية‪.‬أي‪ :‬للوضعية‬
‫املسألة في اإلطار املدرس ي وظيفة محددة ‪.‬إنها تكون في خدمة التعلمات الجديدة التي‬
‫تتحقق من خالل عائق أو عدة عوائق على التالميذ تجاوزها‪ .202‬وفي هذا‪ ،‬يقول روجي‬
‫كسافيي(‪:)Roger Xzavier‬‬

‫" الوضعية املسألة‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬وضعية تجيب عن إشكال مطروح‪.‬وفي الحياة‬
‫اليومية‪ ،‬تملى الوضعيات املسائل من قبل األحداث التي يواجهها كل شخص يوميا؛‬

‫‪ -201‬روجر كزافيي‪ :‬التدريس بالكفايات‪ ،‬وضعيات إلدماج املكتسبات‪ ،‬ترجمة عبد الكريم غريب‪،‬‬
‫منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدرا ابليضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2224‬م‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫‪ -202‬روجر كزافيي‪ :‬التدريس بالكفايات‪ ،‬وضعيات إلدماج املكتسبات‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪352‬‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للوضعية املسألة التي تتعلق بتوليف مواعيد عدة‪،‬‬
‫والوضعية املسألة التي تتعلق بضياع املفاتيح‪...‬إلخ‪.‬ونتكلم عن وضعيات حياتية مثلما‬
‫نتكلم عن وضعيات مهنية‪ ،‬عندما تطرح هذه األخيرة في إطار مزاولة مهنة مثل‬
‫مواجهة مشكلة عطب في آلة‪ ،‬وفي حال التزامنا بأجل محدد لإلنتاج‪ .‬وكل هذه األمثلة‬
‫تشكل وضعيات يمكن وصفها بوضعيات طبيعية‪.‬في اإلطار املدرس ي‪ ،‬الوضعية‬
‫املسألة هي وضعية تطرح ما أسماه دولونجفيل وهوبير (‪)Delongeville et Hubert‬‬
‫بالزحزحة البنائية؛ وهي ليست بنائية فحسب‪ ،‬بل غالبا ما يتم بناؤها أيضا على‬
‫اعتبار أن الوضعية املسألة تتموضع داخل سلسلة مخطط لها للتعلم‪.‬وسيكون‬
‫هناك على سبيل املثال عدد أقل من املعطيات املشوشة‪ ،‬كما هو األمر في وضعية‬
‫حياتية‪ ،‬أو معطيات يتم تقديمها للتلميذ وفق ترتيب معين لكي يحترم التدرج فيما‬
‫يخص الصعوبات التي يتعين عليه تجاوزها‪.‬‬

‫في مفهوم الوضعية املسألة‪ ،‬هناك نية لدى املدرس الشتغال الوضعية واملسألة‬
‫بالنسبة لسلسلة تعلمية ؛وبعبارة أخرى ‪ ،‬تغطي الوضعية املسألة األقطاب الثالثة‬
‫للمثلث الديكتيكي؛ وبطريقة ما‪ ،‬تمر العالقة دعامة ‪ -‬تلميذ عبر املدرس الذي يلعب‬
‫دور الوسيط بينهما‪ ،‬فهو الذي ينتقي الدعامة أو يبنيها‪ ،‬وهو من يختار لحظة وشكل‬
‫تقديمها للتلميذ تبعا للسلسلة التعلمية‪.‬وبصيغة أخرى‪ ،‬هناك سيرورة إلضفاء طابع‬
‫ديدكتيكي على املسألة‪"203.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فالوضعيات الديدكتيكية واإلدماجية والتقويمية هي التي تثير املتعلم ‪ ،‬مادامت‬
‫تحمل مشكال ما أو عائقا معينا‪.‬لذا‪ ،‬تستلزم منه أن يتسلح بمجموعة من املوارد‬
‫والقدرات ملواجهة هذه الوضعيات بإيجاد الحلول املناسبة لها‪.‬‬

‫‪ -203‬روجر كزافيي‪ :‬التدريس بالكفايات‪ ،‬وضعيات إلدماج املكتسبات‪ ،‬ص‪.36-30:‬‬


‫‪353‬‬
‫ثالثا‪ ،‬أهداف الوضعيات‪ -‬املسائل‪:‬‬
‫تهدف الوضعيات املسائل إلى الحد من الفوارق البيداغوجية داخل الفصل الدراس ي‬
‫بمساعدة الضعاف والنبهاء على حل الوضعيات الديدكتيكية ومعالجتها بطريقة‬
‫تسعفهم في تعلم ما هو جديد‪ ،‬وربط تعلماتهم بالحياة الواقعية الحقيقية بتقديم‬
‫مجموعة من الوضعيات املدرسية ذات الهدف التعلمي‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالفوارق بين‬
‫التالميذ النبهاء والضعاف منهم" مردها إلى كون التالميذ النبهاء يستطيعون اإلدماج‬
‫بشكل تلقائي؛ إنهم ليسوا بحاجة إلى تعلم نوعي من أجل إعادة استثمار مكتسباتهم؛‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن املستفيد من تطوير وضعيات اإلدماج‪ ،‬هم التالميذ النبهاء‪ ،‬على اعتبار‬
‫أن مثل هذه الوضعيات‪ ،‬تشكل لهم فرصا للتمرن‪ ،‬كما يستفيد منا التالميذ‬
‫الضعاف بدورهم؛ إذ تشكل بالنسبة لهم تعلما حقيقيا‪ .‬إنه تعلم قلما تتاح لهم‬
‫الفرصة لتلقيه‪ ،‬مادام قد ترسخت لديهم بشكل قوي الفكرة التي مفادها أن‬
‫املساعدة الوحيدة للتالميذ الضعاف‪ ،‬تكمن في تبسيط التعلمات‪.‬ومن املؤكد أن هذا‬
‫صحيح في بعض اللحظات‪ ،‬لكنهم يحتاجون فيما بعد ‪ ،‬للعودة إلى لحظات تعلم‬
‫ماهو مركب‪204".‬‬

‫ومن أهداف هذه الوضعيات كذلك تحقيق وظيفة اإلدماج بتوظيف املوارد‬
‫والتعلمات التي درسها املتعلم في حل الوضعيات املعقدة ‪.‬عالوة على وظيفة التقويم‬
‫التي تسعف املتعلم في تقويم منتجه الديدكتيكي من جهة‪ ،‬وتقويم نفسه من جهة‬
‫أخرى في إطار ما يسمى بالتقويم الذاتي (‪ ،)Auto-evaluation‬أو تقويمه من قبل‬

‫‪ -204‬كزافيي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.37-36:‬‬


‫‪354‬‬
‫املدرس تشخيصيا أو قبليا أو تكوينيا أوإشهاديا أو توجيهيا أو إعالميا‪ ،‬أو تقويمه وفق‬
‫األهداف الثالثة للتقويم التي تتمثل في التوجيه‪ ،‬والضبط‪ ،‬واإلشهاد‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬للوضعيات الديدكتيكية ثالث وظائف أساسية هي‪:‬‬

‫‪ ‬وظيفة ديدكتيكية تعلمية ‪ :‬تتمثل هذه الوضعية في كونها تقوم بدور تعلم دراية‬
‫أو إتقان أو حسن تواجد؛‬

‫‪ ‬وظيفة إدماجية‪ :‬يساعد املدرس التعلم على إدماج مكتسابته لحل وضعية‬
‫إدماجية معينة؛‬

‫‪ ‬وظيفة تقويمية‪ :‬قد يكون الغرض من الوضعية أن تسهم في تقويم املتعلم من‬
‫أجل التثبت من تحقق الكفاية‪ ،‬وقد يكون التقويم في شكل تشخيص‪ ،‬أو تقويم‬
‫قبلي‪ ،‬أو تكويني‪ ،‬أو إشهادي‪ ،‬أو توجيهي‪...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تهدف الوضعيات الديدكتيكية إلى التعلم من جهة أولى‪ ،‬واإلدماج من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬والتقويم من جهة ثالثة‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬بناء الوضعيات الديدكتيكية‪:‬‬


‫تبنى الوضعية الديدكتيكية وفق مكونين رئيسين هما‪ :‬الدعامة والتعليمة‪ .‬ومن هنا ‪،‬‬
‫تعرف الدعامة (‪ )Support‬بأنها " مجموع العناصر املادية الني نقدمها للمتعلم‪ :‬نص‬
‫مكتوب‪ ،‬ورسوم توضيحية وصورة‪...‬؛ إنها مجموعة من العناصر املرتبطة بسياق ما‪،‬‬
‫ولها وظيفة محددة‪205".‬‬

‫وتعرف الدعامة بثالثة عناصر هي‪:‬‬

‫‪ -205‬كزافيي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.43-43:‬‬


‫‪355‬‬
‫‪ ‬سياق يصف البيئة التي نتموضع فيها؛‬

‫‪ ‬املعلومة التي يتدخل املتعلم على أساسها تبعا للحاالت‪.‬ويمكن أن تكون املعلومة‬
‫تامة أو تحتوي على نواقص مالئمة أو مشوشة؛‬

‫‪‬وظيفة تثير الهدف الذي يتحقق اإلنتاج من أجله‪ ،‬ويتعلق األمر بالدعامة الخام‪.‬‬

‫أما التعليمة (‪ ،)la Consigne‬فهي " مجموع تعليمات العمل التي تعطى للمتعلم‬
‫بشكل صريح‪ ،‬انطالقا من الدعامة املعروضة (سياق‪ ،‬معلومة ‪ ،‬وظيفة)؛ إنها تترجم‬
‫البيئة البيداغوجية املستهدفة من خالل استغالل الوضعية‪"206.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالتعليمة عبارة عن إنجاز تنفيذي‪.‬بمعنى أنها" ترجمة ملهمة‪ ،‬نطلب من‬
‫التلميذ القيام هها‪.‬وهذه املهمة هي نشاطه باملعنى التام للعبارة‪207".‬‬

‫ويمكن للدعامة أن تأخذ أشكاال متعددة‪:‬‬

‫‪ ‬تحرير نص؛‬

‫‪ ‬إنجاز سيناريو؛‬

‫‪ ‬إيجاد حل ملسألة؛‬

‫‪ ‬إبداء اقتراحات؛‬

‫‪ ‬إنجاز عمل أصلي؛‬

‫‪‬إلخ‪.‬‬

‫‪ -206‬نفسه‪ ،‬ص‪.43:‬‬
‫‪ -207‬نفسه‪ ،‬ص‪.40-44:‬‬
‫‪356‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬تحدد التعليمة املهمة والنشاط واإلنجاز ‪ ،‬أو تلون ذلك كله‪ ،‬أو تحصره‬
‫بشكل مفيد ومثمر‪ ،‬وتحدد مميزات املنتوج املرتقب‪ ،‬وتبيان خصائصه ‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يصاغ السياق بشكل واضح وصريح ومسهب بالتركيز على مجموع‬
‫عناصر الوضعية‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يوصف السياق في نص تمهيدي أو رسم توضيحي‬
‫يعرض الديكور‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تتواجد املعلومة في الوضعية إال أنه قد يحدث أن تدعو املتعلم إلى البحث‬
‫بنفسه عن املعلومات املالئمة من أجل حل الوضعية‪.‬وغالبا‪،‬ما تكون الوظيفة‬
‫صريحة‪ ،‬وقد تكون ضمنية‪ .‬ويمكن للتعلمية أن تكون بدورها صريحة أو ضمنية‪.‬‬

‫ويستدعي بناء الوضعيات الديدكتيكية مجموعة من اآلليات والدعامات اإلجراية‬


‫الضرورية التي يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد الكفاية النوعية وفق وضعية املشكلة؛‬

‫‪‬ربط الوضعية املشكلة بالسياق؛‬

‫‪ ‬تسييج الوضعية املشكلة باألسناد الضرورية؛‬

‫‪ ‬تقديم مجموعة من املعلومات والبيانات واملعطيات والصور والوثائق املختلفة‬


‫واملتنوعة التي تسعف املتعلم في حل الوضعية املشكلة؛‬

‫‪ ‬التركيز على املهمة التي يتعين املتعلم إنجازها؛‬

‫‪ ‬تقديم التعليمة بشكل واضح وهادف ومثمر وبناء؛‬

‫‪‬إرفاق التعليمة باملؤشرات التقويمية الكمية والكيفية‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫وتعد هذه الوضعيات وتبنى من قبل املدرس أو أخصائيين في التربية والتعليم وبناء‬
‫املناهج‪ ،‬أو من قبل التلميذ نفسه‪ .‬وترفق الوضعيات بالوثائق املصاحبة للوضعية‬
‫املشكلة‪ ،‬وتحضير الكتب املدرسية‪ ،‬وإعداد اختبارات التقويم‪ .‬ويسمى هذا كله‬
‫بالدعامة‪ .‬وتعني الدعامة الوضعية "مجموع العناصر املادية التي يتم تقويمها‬
‫للتلميذ؛ فدعامة الوضعية هي مايوجد في كتاب مدرس ي‪ ،‬أو في بطاقة (‪ ،)Fichier‬أو‬
‫في دليل بيداغوجي‪ ،‬أو على وثيقة مستنسخة‪.‬إن الوضعية بمعناها التام‪.‬أي‪ :‬بمعنى‬
‫الوضعية العقد‪ ،‬والوضعية العمل؛ هي ما يعاش من لدن التلميذ وداخل جماعة‬
‫الفصل انطالقا من هذه الدعامة‪"208.‬‬

‫ويمكن أيضا الحديث عن نوعين من دعامة الوضعية على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪‬دعامة خامة ‪ :‬هي التي تحتوي على ملفوظ الوضعية مع توضيحات وتعليمة‪ .‬لكن‬
‫في استقاللية عما نريد أن نعمل هها في القسم‪ ،‬وبخصوص طريقة استغاللها‪.‬‬

‫‪ ‬دعامة الغاية ‪ :‬هي التي يتم إعدادها ألهداف بيداغوجية تبعا ملا نريد أن‬
‫نسخرها له في سلسلة من التعلمات كاالستغالل الجماعي‪ ،‬أو االستغالل عن طريق‬
‫مجموعة صغيرة‪ ،‬أو االستغالل الفردي‪ ،‬أو التقييم‪...‬إلخ ‪ ،‬ونذكر بأنها الوضعية‬
‫باملعنى الذي نتبناه في كتابنا هذا‪.‬‬

‫وقد ترتبط الوضعيات بأهداف معينة تفرضها بيداغوجيا األهداف‪.‬وهنا‪ ،‬البد من‬
‫دفع املتعلمين إلى إدماجها وإعادة استثمارها‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬خطوات بناء الوضعيات الديدكتيكية‪:‬‬

‫‪ -208‬نفسه‪ ،‬ص‪.30-04:‬‬
‫‪358‬‬
‫يرتكز بناء الوضعيات الديدكتيكية على مجموعة من املرتكزات التي يمكن تحديدها‬
‫في املوارد‪ ،‬والدعم والتوليف‪ ،‬والوضعية‪ -‬اإلدماجية‪ ،‬والكفاية املستهدفة‪ ،‬والحلول‬
‫اإلدماجية‪.‬‬

‫‪ /1‬امل ــوارد التعلمي ــة‪:‬‬

‫نعني باملوارد (‪ )Ressources‬مجموعة من التعلمات‪ ،‬واملعارف‪ ،‬واملعطيات‪،‬‬


‫والخبرات‪ ،‬والتجارب‪ ،‬واملهارات‪ ،‬واملمارسات‪ ،‬والتطبيقات‪ ،‬والدرايات‪ ،‬واإلتقانات‪،‬‬
‫والبحوث‪ ،‬واألنشطة املتنوعة التي تعرف إليها املتعلم سابقا في فصله الدراس ي‪ ،‬أو‬
‫مقرره التعليمي‪ ،‬أو في مؤسسته التربوية‪ .‬وقد تكون هذه املوارد مستوحاة من املدرس‬
‫مباشرة‪ ،‬أو اكتسبها املتعلم شخصيا عبر التعلم الذاتي‪ ،‬أوعبر العروض املنجزة‪ ،‬أو‬
‫بواسطة البحوث الفردية واألعمال امليدانية‪.‬‬

‫‪ /2‬الدع ــم والتوليــف‪:‬‬

‫يخضع اإلدماج لعملية الدعم والتوليف‪ ،‬بعد مرحلة اكتساب املوارد واستيعاهها‬
‫وتخزينها بطريقة مستضمرة‪ ،‬واليمكن اللجوء إلى وضع املتعلم أمام وضعيات‬
‫إدماجية إال بعد فترة الدعم والتطبيق والتوليف والتركيب بين املعارف‪ ،‬بعد أن‬
‫اكتسبها املتعلم بطريقة منفصلة‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬يقصد بعملية الدعم والتوليف‬
‫اسثمار مكتسبات املتعلم في شكل مراجعة عامة ومفصلة ودقيقة وواضحة وناجعة‬
‫بإنجاز مجموعة من األنشطة اإلدماجية املسبقة لتعويد املتعلم ‪ -‬مستقبال‪ -‬على‬
‫إنجاز الوضعيات اإلدماجية‪ .‬أضف إلى ذلك أن املتعلم قد اكتسب مجموعة من‬
‫التعلمات والخبرات والدرايات املنفصلة ليجمع بينها ويركبها بشكل منسجم ومتسق في‬
‫أثناء حصص الدعم والتوليف التي تعقب مباشرة حصص املوارد واملكتسبات‬

‫‪359‬‬
‫والتعلمات‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فعملية التوليف والدعم هي مرحلة متقدمة وسابقة في نطاق‬
‫التقويم اإلجمالي‪ .‬وتأتي مباشرة بعد حصص الدروس والتعلمات وتخزين املوارد‪.‬‬

‫‪ /3‬الوضعية اإلدماجيـ ــة‪:‬‬

‫يقصد بالوضعية اإلدماجية تلك األنشطة الصعبة واملعقدة التي تحمل‪ ،‬في طياتها‪،‬‬
‫عوائق ومشاكل تتطلب حلوال ناجعة من املتعلم‪ ،‬وترتبط ارتباطا وثيقا بالكفاية‬
‫املستهدفة أو األساسية ‪ .‬وأكثر من هذا تتضمن الوضعية اإلدماجية معلومات‬
‫ضمنية وصريحة‪ ،‬وأسنادا‪ ،‬وصورا‪ ،‬ووثائق‪ ،‬وخطاطات‪ ،‬وتعليمات‪ ،‬ومعايير‪،‬‬
‫ومؤشرات كمية وكيفية‪ .‬وترد في شكل مسألة معقدة تستلزم حلوال ‪ ،‬وكلما وجد‬
‫املتعلم حلوال لهذه الوضعيات املركبة والصعبة واملعقدة كان املتعلم كفئا ومؤهال‬
‫وذكيا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬استحق شهادة التفوق أو دبلوم النجاح‪.‬‬

‫ويعرف عبد الكريم غريب الوضعية اإلدماجية بقوله‪:‬‬

‫" يقصد بوضعية اإلدماج (‪ )Situation d’intégration‬الوضعية التي ينبغي للتلميذ‬


‫أن يكشف في إطارها عن قدراته على تجنيد موارد عدة؛ وبتفكيك هذه الوضعية‬
‫بشكل يتيح للمتعلم اإلجابة عن أسئلة جزئية أو إنجاز مجموعة من املهام‬
‫البسيطة‪ ،‬فقد يكون هنالك انزياح عما يراد القيام به؛ وهو األمر الذي يعني أن‬
‫املسألة تهم بالتحديد إثارة إدماج الدرايات واإلتقانات ‪ ،‬وليس القيام بمجاورتها‪"209.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يتبين لنا أن الوضعية اإلدماجية هي أساس اإلدماج والتحقق من مدى‬
‫تمكن املتعلم من الكفاية األساسية املستهدفة‪ .‬وقد يكون اإلدماج جزئيا(وضعية‬

‫‪ -209‬عبد الكريم غريب‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬نماذج وأساليب التطبيق والتقييم‪ ،‬منشورات عالم‬
‫التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪ ،‬ص‪.364:‬‬
‫‪360‬‬
‫إدماجية جزئية في بداية الدرس)‪ ،‬أومرحليا(وضعية إدماجية عند نهاية مرحلة من‬
‫املراحل األربع)‪ ،‬أو نهائيا(الوضعية اإلدماجية في آخر السنة الدراسية)‪.‬‬

‫‪ /4‬الكفاي ــة املستهدفة‪:‬‬

‫يرتبط اإلدماج بتقويم الكفاية املستهدفة أو الكفاية األساسية (كفاية معيار الحد‬
‫األدنى) بغية التثبت من مدى تحققها في إنتاج املتعلم‪ ،‬والتأكد من مدى اكتساب‬
‫املتعلم ملختلف موارده التعلمية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالكفاية املستهدفة هي التي تركز عليها‬
‫تعليمات الوضعية اإلدماجية‪ ،‬وهي أساس النجاح‪ ،‬ويشترط فيها املالءمة ‪،‬‬
‫واالستعمال السليم ألدوات ومفاهيم املادة‪ ،‬واالنسجام‪ .‬وتتقابل الكفاية املستهدفة‬
‫ا ألساسية مع كفاية اإلتقان‪ ،‬أو كفاية جودة اإلنتاج‪ .‬ويعني هذا كله أنه يستحيل‬
‫الحديث عن إدماج في غياب الكفاية األساسية أو الكفاية املستهدفة؛ ألنها هي املعيار‬
‫املستعمل الختبار عمل املتعلم‪ ،‬وفحص قدراته الكفائية من خالل الحلول التي‬
‫قدمها هذا املتعلم ملعالجة الوضعية اإلدماجية‪.‬‬

‫وتأسيسا على ماسبق‪ ،‬ينبغي أن تكون الكفاية قابلة للتقويم‪ .‬لذا‪ ،‬البد أن تصاغ‬
‫بطريقة إجرائية واقعية‪ .‬وإذا أخذنا على سبيل املثال هذه العبارة‪" :‬احترام البيئة"‪،‬‬
‫فهذه العبارة اليمكن تجسيدها كفائيا أو مهاريا‪ ،‬واليمكن تقويمها عمليا‪.‬لذا‪ ،‬البد من‬
‫وضعها في وضعية معقدة ‪ ،‬أو في سياق إشكالي ما ‪ ،‬ضمن أسناد (نصوص ‪ ،‬وصور‪،‬‬
‫وتعليمات‪ ،‬وإرشادات‪ ،‬وتوجيهات‪ ،)...‬وتحويل الوضعية إلى كفاية إجرائية واقعية‪،‬‬
‫يمكن تقويمها إجرائيا‪ ،‬والتحقق منها فعليا وعمليا‪ .‬كأن نقدم للمتعلمين ‪ -‬مثال‪-‬‬
‫وضعية إيكولوجية (تتعلق بالبيئة)‪ ،‬نطالب فيها املتعلمين بتحديد األسباب والنتائج‬
‫والحلول من خالل االستعانة بما درسوه من مفاهيم لغوية‪ ،‬أو صرفية‪ ،‬أو نحوية‪،‬‬

‫‪361‬‬
‫أو تركيبية‪ ،‬أو داللية‪ ...‬وهنا‪ ،‬يمكن الحديث عن وضعية مشخصة‪ ،‬وملموسة‪،‬‬
‫وواقعية‪ ،‬وقابلة للتقويم‪ .‬بمعنى أن تكون الكفاية إجرائية وملموسة ومعطاة ضمن‬
‫وضعية مركبة ومعقدة‪ ،‬تستلزم حلوال من املتعلم‪ ،‬وهذه الحلول املقدمة هي التي‬
‫تحكم على مدى كفاءته من عدمها‪.‬‬

‫وإليكم وضعية إدماجية تحث على الحفاظ على البيئة بصفة عامة‪ ،‬والحفاظ املاء‬
‫بصفة خاصة‪.‬‬

‫الوضعية ‪2‬‬ ‫املرحلة ‪2‬‬ ‫الكفاية ‪2‬‬ ‫اللغة العربية املستوى‬


‫السادس‬

‫لنحاف ــظ على امل ــاء‬

‫أقمت مدة لدى صديق لك‪ ،‬فالحظت أنه يفرط في استعمال املاء‪ ،‬اكتب له بعد‬
‫عودتك إلى منزلك‪.‬‬

‫استقطبت املوارد الطبيعية اهتمام علماء البيئة‪ ،‬نظرا لدورها في حياة‬


‫الكائنات واملجتمعات‪ ،‬ولقد أدرك اإلنسان أن البيئة أصبحت معرضة للتدهور‬

‫‪362‬‬
‫والتبذير‪ ،‬ومن املوارد املهددة باالستنزاف الغابة واملاء‪.‬‬

‫أحمد الحطاب‪ :‬السكان والبيئة ‪ :‬التربية السكانية باملغرب‪1991‬م‪ ،‬ص‪.213:‬‬

‫التعليمات‪:‬‬

‫انطالقا من الوثيقة والصورة‪ ،‬اكتب له رسالة من إحدى عشرة جملة على األقل‪:‬‬

‫‪ -‬تذكره باألضرار الناجمة عن تبذير املاء؛‬


‫‪ -‬تحدثه عن منافع املاء؛‬
‫‪ -‬تقدم له أربع نصائح لترشيد استعمال املاء‪.210‬‬

‫تجسد هذه الوضعية اإلدماجية الكفاية املطلوبة التي تتمثل في مدى قدرة املتعلم‬
‫على كتابة رسالة في موضوع البيئة (الحفاظ على املاء)‪ ،‬بالتركيز على أضرار تبذير‬
‫املاء‪ ،‬وذكر منافعه‪ ،‬وتقديم النصائح بغية ترشيد استعمال املاء‪.‬‬

‫‪ /5‬الحل ــول اإلدماجي ــة‪:‬‬


‫‪ -210‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬كراسة الوضعيات اإلدماجية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬املستوى السادس‪ ،‬مطبعة‬
‫املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪2232 ،‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪363‬‬
‫الحلول أنواع عدة منها‪ :‬الحلول املباشرة‪ ،‬وحلول الحفظ‪ ،‬وحلول الذكاء‪ ،‬وحلول‬
‫التركيب واالستنتاج‪ ،‬والحلول الثقافية‪ ،‬والحلول املوجهة‪ ،‬والحلول املستقلة‪،‬‬
‫والحلول الفردية‪ ،‬والحلول الجماعية‪ ،‬والحلول الشفوية‪ ،‬والحلول الكتابية‪،‬‬
‫والحلول اآلنية الفورية‪ ،‬والحلول املؤجلة‪...‬بيد أن ما يهمنا ‪ ،‬في هذا السياق‪ ،‬هو‬
‫الحلول اإلدماجية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالتقويم اإلدماجي من جهة‪ ،‬والوضعية‬
‫اإلدماجية من جهة ثانية‪.‬‬

‫ويعني هذا أن الوضعية اإلدماجية‪ ،‬بسياقها‪ ،‬وأسنادها‪ ،‬وتعليماتها‪ ،‬ومعاييرها‪،‬‬


‫ومؤشراتها‪ ،‬هي التي تستلزم الحلول املطلوبة انطالقا من معايير أساسية هي‪ :‬معيار‬
‫املالءمة‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم لألدوات‪ ،‬ومعيار االنسجام‪ .‬عالوة على معايير‬
‫ثانوية تتمثل في معيار الجودة واإلتقان‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتميز الحل الحقيقي واملعتبر بتمثل‬
‫هذه املعايير التقويمية كلها سواء أكانت أساسية أم ثانوية بالجمع والتوليف بينها‪.‬‬

‫‪ /6‬الوضعي ــة اإلدماجية‪:‬‬

‫ينبغي أن تصاغ نماذج التقويم اإلدماجي في إطار وضعيات معقدة ومركبة وفق‬
‫الكفاية األساسية املراد تنميتها لدى املتعلم‪ .‬واليعني هذا أن تكون الوضعيات‬
‫املقدمة للمتعلم وضعيات طبيعية أو معاشة ‪ ،‬بل وضعيات أقرب إلى الواقع في شكل‬
‫نصوص‪ ،‬ووثائق‪ ،‬وصور‪ ،‬ومستندات‪ ،‬وخطاطات توضيحية‪...‬تتطلب نوعا من‬
‫املعالجة من املتعلم وفق املوارد التي اكتسبها في حصص التعلم‪ ،‬والتمهير‪ ،‬والدعم‪،‬‬
‫والتوليف‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تنبني الوضعية اإلدماجية على مجموعة من العناصر واملكونات األساسية‬
‫التي يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪364‬‬
‫‪ /1‬الوضعية – املسألة‪:‬‬

‫يتضمن التقويم اإلدماجي الوضعية ‪ -‬املسألة التي تتكون من الوضعية من جهة‪،‬‬


‫واملسألة من جهة أخرى‪.‬بمعنى أن الوضعية تحوي موضوعا وسياقا‪ .‬في حين‪ ،‬تتوفر‬
‫املسألة على عائق أو مشكل ينبغي أن نجد له حال‪ .‬وكل من وجد هذا الحل‪ ،‬فهو‬
‫شخص كفء أو مؤهل‪ .211‬ومن ثم‪ ،‬تكون الوضعية في خدمة التعلمات الجديدة‪.‬‬
‫ويعني هذا أننا نتعلم كيف نحل املشاكل‪ .‬وتذكرنا هذه الطريقة ببيداغوجيا حل‬
‫املشكالت‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالوضعية املسألة هي" وضعية تضع عائقا معينا تبعا لسلسلة‬
‫من التعلمات‪ ،‬مثل‪ :‬الوضعية املسألة التي تقتض ي إنشاء مجسم للمدرسة‪،‬‬
‫باستعمال مواد معينة‪ ،‬ههدف تقديم املدرسة في إطار معرض‪.‬‬

‫الوضعية املسألة التي تقتض ي إيجاد اإلجراءات التي يتعين اتخاذها في مواجهة مشكلة‬
‫بيأية مطروحة‪.‬‬

‫الوضعية املسألة التي تقتض ي شرح بنية اجتماعية تتسم بطابع الصراع اعتمادا على‬
‫وقائع تاريخية سابقة‪"212.‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع عدة من الوضعيات‪ ،‬فهناك وضعيات حياتية‪ ،‬ووضعيات‬


‫طبيعية‪ ،‬ووضعيات مهنية‪ ،‬ووضعيات تكوينية‪ ،‬ووضعيات تعلمية أو بنائية ‪،‬‬
‫ووضعيات إدماجية‪ ،‬ووضعيات تقويمية‪ .‬وفي هذا يقول‪ ،‬كزافيي‪:‬‬

‫‪ -211‬كسافيي روجييرز ‪ :‬التدريس بالكفايات(وضعيات إلدماج املكتسبات)‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الكريم غريب‪،‬‬
‫منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2224‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪ -212‬كسافيي روجييرز ‪ :‬التدريس بالكفايات‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫‪365‬‬
‫" الوضعية املسألة ‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬هي وضعية تجيب عن إشكال مطروح‪ .‬وفي الحياة‬
‫اليومية‪ ،‬تملى الوضعيات املسائل من قبل األحداث التي يواجهها كل شخص يوميا؛‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للوضعية املسألة التي تتعلق بتوليف مواعيد عدة‪،‬‬
‫والوضعية املسألة التي تتعلق بضياع املفاتيح‪...‬إلخ‪.‬ونتكلم عن وضعيات حياتية مثلما‬
‫نتكلم عن وضعيات مهنية‪ ،‬عندما نطرح هذه األخيرة في إطار مزاولة مهنة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫مواجهة مشكلة عطب في آلة‪ ،‬وفي حال التزامنا بأجل محدد لإلنتاج‪.‬وكل هذه األمثلة‬
‫تشكل وضعيات يمكن وصفها بوضعيات طبيعية‪ .‬في اإلطار املدرس ي‪ ،‬الوضعية‬
‫املسألة هي وضعية ‪...‬يتم بناؤها أيضا على اعتبار أن الوضعية املسألة تتموضع داخل‬
‫سلسلة مخطط لها للتعلم‪.‬وسيكون هناك على سبيل املثال عدد أقل من املعطيات‬
‫املشوشة‪ ،‬كما هو األمر في وضعية حياتية‪ ،‬أو معطيات يتم تقديمها للتلميذ وفق‬
‫ترتيب معين لكي يحترم التدرج فيما يخص الصعوبات التي يتعين عليه تجاوزها‪213".‬‬

‫ولكن ما يهمنا من الوضعيات ‪ -‬املسائل الوضعيات الديدكتيكية هي الوضعيات التي‬


‫يقترحها املدرس لجماعة الفصل قاطبة في سياق تعلمي جديد‪ :‬درايات‪ ،‬وإتقانات‬
‫جديدة‪...‬انطالقا من املوارد اإلدماجية‪ .‬وتسمى أيضا هذه الوضعيات بوضعيات‬
‫االستكشاف التي تهدف إلى تملك تعلمات جديدة بحل املشاكل املستعصية‪.‬ويكون‬
‫االستكشاف بطرح أسئلة حول موضوع ما‪ ،‬وطرح فرضيات حوله‪....‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يمكن الحديث عن الوضعيات اإلدماجية‪ ،‬أو ما يسمى‬


‫بالوضعيات املستهدفة‪ ،‬أو وضعيات إعادة االستثمار‪ ،‬أو وضعيات األهداف‪،‬‬
‫ويلتجىء إليها املتعلم بعد االنتهاء من اكتساب املوارد‪ ،‬والدخول في عملية اإلدماج أو‬

‫‪ -213‬كسافيي روجييرز ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.30:‬‬


‫‪366‬‬
‫استثمار املعلومات لحل املشاكل املستعصية أو املعقدة التي تطرحها الوضعيات‬
‫املشكالت‪ ،‬أو املسائل املعقدة والصعبة واملركبة‪.‬‬

‫وإذا كانت الوضعيات الديدكتيكية توظف لتيسير التعلم الجيد‪ ،‬فإن الوضعيات‬
‫األهداف‪ ،‬أو الوضعيات اإلدماجية تقوم بدمج املعلومات واملوارد السابقة من أجل‬
‫حل وضعية جديدة بغية التثبت من مدى تحقق الكفاية املستهدفة‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول‬
‫كزافيي‪:‬‬

‫" التقتض ي وضعية مسألة هدف مجاورة تمارين صغيرة ‪ ،‬ألن هذا قد يكون مجرد‬
‫مراجعة؛ بل تقتض ي وضعية معقدة ‪ ،‬يكون فيها على التلميذ القيام بمفصلة وتوليف‬
‫عدة درايات وإتقانات صادفها من قبل‪ .‬إن األمر يتعلق في اآلن نفسه بوضعية مسألة‬
‫في شكل سيرورة‪ ،‬تستعمل لتعلم اإلدماج‪ ،‬ووضعية مسألة منتوج‪ ،‬تستعمل كشاهد‬
‫على ما يتعين أن يتمكن منه التلميذ‪ .‬وحتى التلتبس هذه الوضعيات بالوضعيات‬
‫املسائل الديدكتيكية ‪ ،‬فنسميها وضعيات أهداف‪".214‬‬

‫وعليه‪ ،‬تصبح الوضعية دعامة خامة بمعلوماتها املفصلة‪ .‬ثم‪ ،‬هي أداة ديدكتيكية‬
‫تساعد التلميذ على التعلم وحل املشكلة‪ ،‬ثم هي عقد مبرم بين املتعلم واملدرس الذي‬
‫يقترح الوضعيات(عقد ديدكتيكي)‪ ،‬وهي كذلك إنجاز وعمل وتنفيذ إجرائي‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬هناك تفاعل بين املتعلم واملعلومات‪ ،‬وتفاعل بين املتعلم واملدرس‪ ،‬وتفاعل بين‬
‫املتعلم والعمل من خالل تعاقد صريح أو ضمني بين مقترح الوضعية ومن يحلها‬
‫(املتعلم)‪.‬‬

‫كما تتنوع الحلول إلى حل موجه‪ ،‬وحل مستقل‪ ،‬وحل فردي‪ ،‬وحل جماعي‪...‬‬

‫‪ -214‬كسافيي روجييرز ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.67:‬‬


‫‪367‬‬
‫وتنبني الوضعية املسألة على الهدف العائق‪.‬أي‪ :‬مواجهة العائق وتجاوزه انطالقا من‬
‫ً‬
‫املوارد املكتسبة التي استضمرها املتعلم بغية إدماجها لحل الوضعية‪ -‬املشكلة‪ .‬إذا‪،‬‬
‫يضع املدرس هدفا ‪ ،‬ويتمثل هذا الهدف في طرح مشكلة أو عائق ينبغي تجاوزه وإيجاد‬
‫حل له‪ .‬ويسمى هذا الهدف بالهدف العائق‪ ،‬وهو يصدر عن املواجهة بين منطقين‪:‬‬

‫" منطق األهداف املحددة من لدن الخبير (املدرس‪ ،‬وأخصائيو املحتويات) ‪ ،‬والتي‬
‫تنتج عن تحليل املحتويات؛‬

‫ومنطق تحليل الصعوبات التي تعترض املتعلم لكي يتجاوز ويتوصل إلى الدرايات املراد‬
‫تكوينها انطالقا من تمثالته الخاصة‪.‬‬

‫وتحاول األهداف املعيقات أن توفق بين هذين املنطقين‪ :‬منطق الخبير ومنطق‬
‫املتعلم‪:‬‬

‫من جهة‪ ،‬يدرس الهدف بطريقة معينة‪ ،‬حيث يشكل التعلم تقدما فكريا لدى‬
‫التالميذ؛‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يدرس الهدف بشكل يمكن من االشتغال على معيق قابل للتجاوز‬
‫من قبل املتعلم‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ -‬بنوع من التفاوض بخصوص الهدف‪215".‬‬‫يتعلق األمر‪-‬‬

‫وتختلف طبيعة الوضعية ‪ -‬املسألة من فرد إلى آخر‪ ،‬ومن لحظة إلى أخرى‪ ،‬فقد‬
‫تكون صعبة ومعقدة عند فرد ما‪ ،‬وسهلة ومتداولة عند فرد آخر‪ ،‬وقد تكون مشكلة‬
‫ما في لحظة معينة‪ ،‬والتكون كذلك في لحظة أخرى‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يقول كزافيي‪:‬‬

‫‪ -215‬كسافيي روجييرز ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.20:‬‬


‫‪368‬‬
‫" إن مفهوم الوضعية املسألة نسبي أساسا‪ ،‬ألنه يرتبط في جزئه األكبر بمن يتكلف‬
‫بحل هذه الوضعية‪.‬ويمكن أن تكون وضعية معينة‪ ،‬وضعية مسألة بالنسبة لفرد ما؛‬
‫لكنها تبقى وضعية متداولة بالنسبة لفرد آخر‪.‬وباملثل‪ ،‬يمكن أن تشكل وضعية‬
‫معينة‪ ،‬وضعية مسألة بالنسبة لفرد ما في لحظة معينة‪ ،‬والتطرح له أي إشكال في‬
‫لحظة أخرى‪216".‬‬

‫وقد تكون الوضعية ‪ -‬املسألة معرفية ‪ ،‬أو وضعية وجدانية ‪ ،‬أو وضعية حسية‬
‫حركية‪.‬‬

‫ويكون التلميذ هو املستهدف بحل وضعيته اإلدماجية ‪.‬أي‪ :‬يكون قادرا على إدماج‬
‫مكتسباته لحل الوضعية املعقدة الجديدة بناء على موارده املكتسبة التي‬
‫استضمرها‪ .‬بمعنى أن يكون التلميذ فاعال في اإلدماج أو هو الذي يقوم بعملية‬
‫اإلدماج؛ " وهذا الينفي بعض أشكال العمل الجماعي التعاوني أحيانا؛ وهي أشكال‬
‫عمل قد تخدم بعض التالميذ فيما يخص مقصدية إدماج املكتسبات؛ ذلك أن املهم‬
‫هو التأكد من أن كل تلميذ‪ ،‬خصوصا الضعيف‪ ،‬لديه فرصة مهمة لتجنيد‬
‫تفكيره‪217"...‬‬

‫وعليه‪ ،‬ترتبط الوضعية ‪ -‬املسألة بالتعلمات واملوارد( الدرايات‪ ،‬واإلتقانات‪،‬‬


‫واملهارات)‪ ،‬والوضعيات الديدكتيكية ‪ ،‬والوضعيات اإلدماجية‪ .‬كما أن األنشطة‬
‫التعلمية أنواع‪ :‬أنشطة تعليمية ‪ -‬تعلمية مجردة من السياق‪ ،‬وأنشطة تعليمية ‪-‬‬
‫تعلمية مرتبطة بالسياق‪ ،‬وأنشطة تعليمية ‪ -‬تعلمية في وضعية طبيعية‪ ،‬وأنشطة‬
‫التمارين والتطبيق‪.‬‬

‫‪ -216‬نفسه‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪ -217‬نفسه‪ ،‬ص‪.76:‬‬
‫‪369‬‬
‫وعليه‪ ،‬للوضعية املسألة وظيفة إدماجية من جهة (التقويم اإلدماجي)‪ ،‬ووظيفة‬
‫تقويمية من جهة أخرى(التقويم التكويني‪ ،‬أو التقويم اإلجمالي‪ ،‬أو التقويم املستمر‪،‬‬
‫أوالتقويم اإلشهادي)‪ .‬بل يمكن الحديث عن أهداف تشخيصية لوضعيات إدماجية‬
‫في بداية السنة الدراسية(التقويم التشخيص ي)‪ ،‬أو ألهداف التوجيه والضبط‬
‫واإلشهاد في آخر السنة الدراسية(التقويم اإلشهادي)‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول كزافيي‪:‬‬

‫" هذا ما يتيحه اإلدماج للتالميذ‪ ،‬باعتبارها فرصة للتقدم‪ ،‬وخصوصا ألضعفهم؛‬
‫ذلك أن الفوارق بين التالميذ النبهاء والضعاف منهم‪ ،‬مردها إلى كون التالميذ النبهاء‬
‫يستطيعون اإلدماج بشكل تلقائي؛ إنهم ليسوا بحاجة إلى تعلم نوعي من أجل إعادة‬
‫استثمار مكتسباتهم‪.‬وبالتالي‪ ،‬فإن املستفيد من تطوير وضعيات اإلدماج‪ ،‬هم‬
‫التالميذ النبهاء على اعتبار أن مثل هذه الوضعيات‪ ،‬تشكل لهم فرصا للتمرن‪ ،‬كما‬
‫يستفيد منها التالميذ الضعاف بدورهم؛ إذ تشكلت بالنسبة لهم تعلما حقيقيا‪.‬إنه‬
‫تعلم قلما تتاح لهم الفرصة لتلقيه‪ ،‬مادام قد ترسخت لديهم بشكل قوي الفكرة‬
‫التي مفادها أن املساعدة الوحيدة للتالميذ الضعاف‪ ،‬تكمن في تبسيط التعلمات‪.‬‬
‫ومن املؤكد أن هذا صحيح في بعض اللحظات‪ ،‬لكنهم يحتاجون فيما بعد‪ ،‬للعودة إلى‬
‫لحظات تعلم ماهو مركب‪218".‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬اليمكن الحديث عن تقويم إدماجي إال باستحضار الوضعية اإلدماجية‪ ،‬واملوارد‬
‫املكتسبة‪ ،‬والكفايات املستهدفة‪ ،‬وأنشطة الدعم والتوليف‪ ،‬والحلول املقترحة‪ .‬ومن‬
‫هنا‪ ،‬يمر التقويم اإلدماجي بعدة مراحل أساسية هي‪ :‬تعلم املوارد‪ ،‬وتعلم كيفية دمج‬
‫هذه املوارد‪ ،‬وتقويم عملية الدمج لهذه املوارد‪.‬‬

‫‪ -218‬نفسه‪ ،‬ص‪.37-36:‬‬
‫‪370‬‬
‫‪ /2‬السـ ـن ــد ‪:‬‬

‫نعني بالسند‪ ،‬أو األسناد (‪ ،)Support‬تلك العناصر أو الدعامات املادية التي تعتمد‬
‫عليها الوضعية املسألة أو الوضعية اإلدماجية ‪ ،‬مثل‪ :‬النصوص‪ ،‬والوثائق‪ ،‬والصور‪،‬‬
‫واأليقونات‪ ،‬والخرائط‪ ،‬والبيانات‪ ،‬والجداول‪ ،‬واألشكال الهندسية ‪ ،‬والخطاطات‪...‬‬
‫ويرتكز السند على ثالثة عناصر هي‪ :‬السياق‪ ،‬واملعلومة‪ ،‬والوظيفة‪.‬‬

‫وهذه األسناد إما لفظية (نصوص ووثائق)‪ ،‬وإما بصرية(صور وخرائط وجداول‬
‫وبيانات‪ ،)...‬وإما رقمية( معطيات الحاسوب)‪ .‬ويمكن توضيح ذلك كله بالشكل التالي‪:‬‬

‫‪ /3‬السي ــاق‪:‬‬

‫يقصد بالسياق البيئة التي تتم فيها الوضعية‪ ،‬أو هو ذلك اإلطار الذي يصف البيئة‬
‫التي تتموضع فيها الذات‪ .‬أي‪ :‬ترتبط الوضعية بالسياق الذي يعني مجموعة من‬
‫الظروف التي يتموقع فيها األشخاص داخلها‪.‬أي‪" :‬مجموعة من الظروف في لحظة‬
‫معينة "‪.219‬‬

‫وقد يكون السياق طبيعيا‪ ،‬أو حياتيا‪ ،‬أو مهنيا‪ ،‬أو مدرسيا‪...‬ومن هنا‪ ،‬فالسياق هو‬
‫البيئة التي يتم فيها عمل التالميذ‪ ،‬ويشتمل على مكونات عدة‪ :‬اإلطار املختار( اإلطار‬
‫املدرس ي مثال)‪ ،‬والفضاء الذي تحل فيه الوضعية (السياق املكاني)‪ ،‬وزمن الوضعية‬
‫(السياق الزمني)‪ ،‬ويتضمن أيضا البيئة االجتماعية للوضعية‪.‬أي‪ :‬العمل بشكل فردي‬
‫أو بمساعدة وص ي في إطار مجموعة (السياق االجتماعي)‪.‬‬

‫‪ -219‬نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪371‬‬
‫أضف إلى ذلك‪ ،‬فالسياق هو " البيئة التي تعرض فيها املسألة كسياق حفل أو سياق‬
‫مراسلة مدرسية أو سياق الدفاع عن البيئة أو سياق محاربة داء السيدا إلخ‪...‬إنه‬
‫يتعلق بمحتوى املسألة‪ ،‬وليس بحلها‪ ،‬مادام من النادر أن يكون بإمكاننا استباق‬
‫ظروف تحقيق هذه األخيرة‪.‬ويمكن أن يكون السياق معيشا من قبل التالميذ‪ ،‬عندما‬
‫تعرض الوضعية بشكل طبيعي‪.‬وعلى خالف ذلك‪ ،‬عندما يتعلق األمر بوضعية مبنية‪،‬‬
‫يكون على التالميذ بذل مجهود لكي يلجوا هذا السياق الذي يبقى بالنسبة لهم بناء‬
‫خارجيا بشكل قبلي‪.‬وطبيعة هذا املجهود ‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬هي التي تجعل وضعية‬
‫ي داللة أو التكتسبها بالنسبة للتلميذ‪220".‬‬ ‫معينة تكتس‬

‫وينبغي أن يرتبط السياق بالقيم التي نود غرسها في املتعلم‪ ،‬مثل‪ :‬قيم املواطنة‪ ،‬وقيم‬
‫التسامح‪ ،‬وقيم التعاون‪ ،‬وقيم التضامن‪ ،‬وقيم السلم‪ ،‬والتربية على الصحة‪،‬‬
‫ومحاربة السيدا‪ ،‬وقيم التربية السكانية‪ ،‬وقيمة الحفاظ على البيئة‪...‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يتم وصف السياق في نص تمهيدي‪ ،‬أو في رسم توضيحي يعرض ديكور‬
‫الوضعية كالشخص‪ ،‬ومميزات املرسل واملرسل إليه‪ ،‬والتحديدات املكانية والزمانية‬
‫املتعلقة بالوضعية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يعتمد السياق‪ ،‬في تدريس اللغات‪ ،‬على السياق التواصلي كاعتماد املراسلة ‪،‬‬
‫واستحضار كل أطراف التواصل ( املرسل‪-‬املرسل إليه‪ -‬الرسالة‪ -‬الزمان‪ -‬املكان‪ -‬آثار‬
‫التلفظ)‪ .‬في حين‪ ،‬يرتكز السياق ‪ ،‬في مواد العلوم اإلنسانية‪ ،‬على الوثائق التي يتعين‬
‫استغاللها‪ .‬ويتكىء السياق‪ ،‬في املواد األدبية ‪ ،‬على النصوص الشعرية أو النثرية أو‬
‫النقدية‪ .‬أما السياق في العلوم التجريبية والحقة ‪ ،‬فيتغير حسب ضرورات اإلدماج‪.‬‬

‫‪ -220‬نفسه‪ ،‬ص‪.03:‬‬
‫‪372‬‬
‫وللتمثيل نأخذ هذا النموذج ‪:‬‬

‫الكفاية‪2‬‬ ‫املرحلة ‪2‬‬ ‫الكتابة‬ ‫املستوى‬ ‫التاريخ‬


‫السادس‬ ‫والتربية على‬
‫املواطنة‬

‫املغرب قبل الفتح اإلسالمي‬

‫سجل عزيز نفسه للمشاركة في رحلة سياسية إلى املوقع األثري الروماني بوليلي‪،‬‬
‫تنظمها جمعية تهتم بالطفولة والثقافة‪ ،‬فدعاك لتزويده بمعلومات حول هذه‬
‫املعلمة التاريخية باملغرب‪.‬‬

‫الوثيق ــة ‪1‬‬

‫لعب الفينيقيون دورا مهما في امليدان التجاري في كل من حوض البحراملتوسط‬


‫والساحل األطلس ي في املغرب‪ ...‬وأدخلوا الكتابة األبجدية‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫الوثيقة ‪2‬‬

‫التعليمات‪:‬‬

‫انطالقا من الصورة والنص ومادرسته في التاريخ وفي التربية على املواطنة‪:‬‬

‫‪ ‬حدثه عن هذه املعلمة التاريخية؛‬

‫‪ ‬اقترح عليه خطة لحمايتها؛‬

‫‪ ‬حدثه عن تأثيرالفينيقيين في سكان املغرب‪.221‬‬

‫يتحدث سياق هذه الوضعية اإلدماجية عن مشاركة سياحية لعزيز حيال املوقع‬
‫األثري الروماني بوليلي في إطار األنشطة الجمعوية‪ .‬لذا‪ ،‬قرر البحث عن معلومات‬
‫تتعلق ههذه املدينة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد كانت الوثيقتان في خدمة عزيز للتعرف إلى مدينة‬
‫وليلي سياحيا وتاريخيا‪.‬‬
‫‪ -221‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬كراسة الوضعيات اإلدماجية‪ ،‬ص‪.24:‬‬
‫‪374‬‬
‫‪ /4‬املعلومـ ــات‪:‬‬

‫املعلومات هي معطيات الوضعية ومواردها األساسية‪ .‬بمعنى أن املعلومات هي بمثابة‬


‫محتويات ومضامين يغلف هها السياق‪ ،‬ويعضد دالليا‪ .‬وغالبا‪ ،‬ماتكون املعلومات هي‬
‫عناصر للسياق‪ ،‬مثل‪ :‬الذوات الحاضرة في السياق‪ ،‬واملعطيات الزمانية واملكانية‪،‬‬
‫والوثائق‪ ،‬والنصوص‪ ،‬والخبرات التي يتضمنها النص السياقي‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول‬
‫كسافيي‪:‬‬

‫"وأحيانا‪ ،‬تكون الحدود دقيقة جدا على مستوى التمييز بين املعطيات (املعلومات)‬
‫وعناصر السياق؛ حيث يمكن أال يكون لتحديد املكان والتاريخ أي تأثير في بعض‬
‫الحاالت‪ ،‬ونعتبره عنصر سياق؛ وفي حاالت أخرى‪ ،‬يمكن أن يكون له تأثير‪ ،‬لدرجة‬
‫أنه يعتبر معطى‪ .‬فمن الصعب جدا إرساء هذه الحدود‪ ،‬لدرجة أن بعض املعطيات‬
‫تكون في الوقت نفسه عناصر السياق‪"222.‬‬

‫ويعني هذا أن املعلومة عبارة عن معطيات من شأنها أن تتدخل في حل وضعية‬


‫معينة‪.‬ويمكن أن تكون املعلومة تامة أو ناقصة من جهة‪ ،‬أو تكون مالئمة أو مشوهة‬
‫من جهة أخرى‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما تكون املعلومة متضمنة في الوثائق التي يعرضها السند‪.‬‬
‫وبصفة عامة‪ ،‬تتواجد املعلومة في الوضعية‪ ،‬إال أنه قد يحدث أن تدعو املتعلم إلى‬
‫البحث بنفسه عن املعلومات املالئمة من أجل حل الوضعية‪.‬‬

‫وتتخذ معلومات السياق عدة مظاهر كأن تكون عناصر رسم يتعين مالحظته‪ ،‬أو‬
‫مقدار عددي يتعين استعماله‪ ،‬أو مادة ينبغي استعمالها لصنع ش يء معين‪ ،‬أو‬
‫تفاصيل واردة في وثيقة يتعين تحليلها‪ ،‬أو كلمات ينبغي توظيفها في إنتاج معين‪...‬‬

‫‪ -222‬كسافيي روجييرز ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.06:‬‬


‫‪375‬‬
‫وترد املعلومات في أشكال عدة كأن ترد في شكل أدبي (سردي وحكائي)‪ ،‬أو في شكل‬
‫تصميم أو خطاطة‪ ،‬أو في شكل وثائق يتعين تحليلها‪...‬ويمكن أن تتواجد املعلومات‬
‫واملعطيات السياقية في ملفوظ الوضعية أو على خالف ذلك‪ ،‬ويمكن أن تبرز‬
‫مجتمعة وشاملة ( حالة نص سردي) ‪ ،‬أو منفصلة بطريقة مقطعية( حالة الوثائق)‪.‬‬
‫وقد تمتزج املعلومات واملعطيات بالسياق أو تتميز عنه‪ .‬وقد تكون املعلومات رقمية‬
‫(التوفر على أعداد أو أرقام) أو غير رقمية ‪ ،‬وقد تكون حقيقية (معقولة) أو خيالية‪،‬‬
‫وقد تكون فردية (موجهة إلى فرد واحد) أو جماعية( موجهة إلى جماعة الفصل)‪،‬‬
‫وقد تكون ثابتة أو قابلة للتكيف (تكييفها مع السياق البيئي أو الواقعي الذي يوجد‬
‫فيه املتعلم)‪.‬‬

‫وقد تكون املعلومات واملعطيات موجودة داخل الوضعية‪ .‬وفي حاالت أخرى‪ ،‬ينبغي‬
‫للمتعلم أن يبحث عنها في أماكن أخرى ‪ ،‬مثل‪ :‬األنترنت‪ ،‬والكتب‪ ،‬وبنك‬
‫املعلومات‪...‬وهناك معطيات مساعدة أو معطيات مشوشة غير مالئمة التتدخل في‬
‫حل املسألة‪ ،‬ولكن يمكن أن تكون معطى ضروريا لحل املسألة‪ .‬وثمة معطيات أو‬
‫معلومات ينبغي تحويلها قبل استعمالها أو توظيفها أو استعمالها ‪ ،‬مثل‪ :‬تحويل‬
‫اللترات إلى أمتار مكعبة في الرياضيات ‪ -‬مثال‪.-‬‬

‫‪ /5‬الوظيف ـ ــة‪:‬‬

‫تثير الوظيفة الهدف الذي يتحقق اإلنتاج من أجله‪.‬أي‪ :‬يجيب مفهوم الوظيفة على‬
‫السؤال التالي‪ :‬ماذا نستهدف بالوضعية؟ ولم تصلح هذه الوضعية؟ وما وظيفتها‬
‫اإلجرائية؟ وما املفروض الذي ينبغي أن تجيب عنه الوضعية؟ وما هي وظيفتها‬
‫البيداغوجية؟‬

‫‪376‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فالوظيفة اإلجرائية للوضعية هي الحاجة التي يفترض أن تستجيب لها‬
‫الوضعية‪ .‬لذا‪ ،‬فالوضعية" بإمكانها أن تأخذ طابعا إجرائيا أوال‪ ،‬فإن لها وظيفة‬
‫بيداغوجية‪ ،‬تخدم التعلمات بطريقة خاصة‪.‬ويمكن القول‪ :‬إن بإمكان وضعية‬
‫مسألة معينة أن تلعب بشكل أساس ي ثالث وظائف بيداغوجية "‪ ، 223‬وهي‪ :‬وظيفة‬
‫ديدكتيكية لتعلمات مضبوطة‪ ،‬ووظيفة إدماجية‪ ،‬ووظيفة تقييمية‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ماتكون الوظيفة ضمنية‪ ،‬إال أنه بإمكانها أن تبرز بشكل صريح وواضح وبارز‪.‬‬

‫‪ /6‬التعليم ــات‪:‬‬

‫التعليمات(‪ )Consignes‬هي مجموعة من التعليمات واألسئلة التي تعطى للمتعلم‬


‫قصد التقيد هها في أثناء معالجة الوضعية اإلدماجية ‪ ،‬ولكن بشكل صريح وواضح‪،‬‬
‫انطالقا من األسناد املعروضة (سياق‪ ،‬ومعلومة‪ ،‬ووظيفة)؛ " إنها تترجم البيئة‬
‫البيداغوجية املستهدفة من خالل استغالل الوضعية‪224".‬‬

‫وعليه‪ ،‬فان التعليمة بمثابة مهمة ينبغي أن يقوم هها املتعلم‪ ،‬وقد تكون هذه املهمة‬
‫تحرير نص‪ ،‬أو إنجاز سيناريو‪ ،‬أو إيجاد حل ملسألة أو مشكلة ما‪ ،‬أو إبداء اقتراحات‪،‬‬
‫أو إنتاج عمل أصيل‪...‬‬

‫وعموما‪ ،‬تكون التعليمة صريحة إال أنها يمكن أن تكون في بعض الحاالت ضمنية؛‬
‫ألنها تفرض نفسها من ذاتها‪.225‬‬

‫‪ -223‬نفسه‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪ -224‬نفسه‪ ،‬ص‪.43:‬‬

‫‪ -225‬نفسه‪ ،‬ص‪.02:‬‬

‫‪377‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تتعلق التعليمة باملهمة‪ .‬أي‪ :‬بما نريد أن يكتسبه املتعلم بنفسه‪ .‬وهي بمثابة أداء‬
‫وإنجاز وتنفيذ وترجمة ما اكتسبه املتعلم من موارد في أرض الواقع‪ .‬وفي هذا ‪ ،‬يقول‬
‫كسافيي‪:‬‬

‫" إن هذه املهمة ليست صريحة بالضرورة؛ بل ينبغي أحيانا البدء بولوج الوضعية‬
‫لتحديد املهمة املراد إنجازها‪ .‬أي‪ :‬لوضع تقرير ملا ينتظر من التلميذ‪ .‬ففي أغلب‬
‫األحيان‪ ،‬تكون التعليمة هي التي تعكس بشكل جيد نوع املهمة املنتظرة‪ .‬وتبعا‬
‫للحاالت‪ ،‬يمكن التعبير عن املهمة باملفاهيم التالية‪:‬‬

‫‪‬حل املسائل؛‬

‫‪ ‬إبداع جديد؛‬

‫‪‬إنجاز مهمة معتادة؛‬

‫‪‬اقتراح عمل؛‬
‫‪ ‬اختيار جواب من اختيار متعدد‪ ،‬مثال‪226".‬‬

‫وللتمثيل‪:227‬‬

‫‪ -226‬نفسه‪ ،‬ص‪.322:‬‬
‫‪ -227‬نفسه‪ ،‬ص‪.43:‬‬
‫‪378‬‬
‫أنت صحفي‪ ،‬وبادرت الجريدة اليومية‬ ‫سياق‬
‫التي تعمل بها إلى نشر سلسلة من‬
‫املقاالت حول موضوع (الواليات‬
‫املتحدة االمريكية‪ :‬أرض الحريات؟)‬

‫أنت مكلف بتحرير مقال تاريخي‬ ‫وظيفة‬


‫مخصص للمرحلة املمتدة ما بين‬
‫نهاية القرن الثامن عشر ونهاية القرن‬
‫التاسع عشر؛ وفي هذا اإلطار‪ ،‬تولدت‬
‫لديك نية استجواب مؤرخ أمريكي‬
‫كبير‪.‬‬

‫اإلعداد‬ ‫جودة‬ ‫هاجس‬ ‫بفعل‬ ‫سياق‬


‫الستجوابك‪ ،‬قمت بتجميع بعض‬
‫الوثائق املالئمة حول تاريخ هذه‬
‫املرحلة‪.‬‬

‫‪ -1‬صغ خمسة أسئلة يطرحها عليك‬ ‫تعليمة‬

‫‪379‬‬
‫تحليل هذه الوثائق ومقارنتها‪ ،‬ثم‬
‫نظمها منطقيا بالشكل الذي يجعلك‬
‫تهيء استجوابك بصورة جيدة‪ ،‬ويتم‬
‫فيها بناء األسئلة التي ستطرح فعال‬
‫على املؤرخ اعتمادا على مجموعة‬
‫األسئلة األولى‪.‬‬

‫‪-2‬التنس توظيف مفهوم عرفته في‬


‫الفصل الدراس ي (استعمار‪ -‬أزمة‪-‬‬
‫نمو‪-‬هجرة‪)...‬‬

‫الوثيقة ‪1‬‬ ‫معلومة‬

‫الوثيقة‪2‬‬

‫الوثيقة ‪3‬‬

‫الوثيقة ‪4‬‬

‫الوثيقة ‪5‬‬

‫ويشترط في التعليمة أن تكون واضحة (تعليمة صريحة وبديهية وشفافة)‪،‬‬


‫ومختزلة(مركزة )‪ ،‬وتامة (تستوفي جميع العناصر)‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫‪ /4‬معاييـ ــرالتقوي ــم اإلدماجي‪:‬‬

‫ينبني التقويم اإلدماجي على مجموعة من املعايير األساسية (‪ )Critères‬املستعملة في‬


‫تقويم إنتاج املتعلم‪ ،‬واختبار إنتاجه الشخص ي بمراعاة الكفاية املستهدفة أو الكفاية‬
‫األساسية‪ .‬وتسمى أيضا عند كسافيي روجرز بمعايير التصحيح ( ‪critères de‬‬
‫‪ .)correction‬ومن ثم‪ ،‬فمعيار التصحيح هو ذلك املقياس الذي ينبغي مراعاته في‬
‫إنتاج التلميذ‪ ،‬مثل‪ :‬اإلنتاج الواضح الدقيق‪ ،‬واإلنتاج املنسجم‪ ،‬واإلنتاج‬
‫ً‬
‫األصيل‪....‬إذا‪ ،‬فاملعيار هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما‪ .‬فإذا أردنا أن نقوم‬
‫العبا رياضيا ما‪ ،‬فإننا نركز على األناقة‪ ،‬وجودة اللعب‪ ،‬وانسجام الفريق‪ ،‬واإلنتاجية‪.‬‬

‫وللحديث عن معايير التصحيح‪ ،‬البد من تعريف املعيار‪ ،‬وتبيان أنواع املعايير‪ ،‬على‬
‫الوجه التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬تعريــف املعي ــار‪:‬‬

‫نعني باملعيار وجهة نظر من خاللها نقوم كفاية ما‪ ،‬أو هي صفة مميزة البد أن تتوفر‬
‫في عمل املتعلم‪ ،‬مثل‪ :‬وضوح اإلنتاج‪ ،‬وانسجام العمل‪ ،‬وأصالة العمل‪...‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فاملعيار بمثابة أداة لتقويم إنتاج املتعلم‪ ،‬أو هو بمثابة منظور نقوم من‬
‫خالله العمل املقدم من قبل املتعلم‪ .‬وكلما تعددت معايير التقويم‪ ،‬كان من األجدى‬
‫تغيير زوايا النظر إلى اإلنتاج ليكون التقويم أكثر مالءمة ومناسبة للموضوع‪ .‬فعندما‬
‫نقوم عمال رياضيا‪ ،‬نركز ‪ -‬مثال‪ -‬على اللياقة‪ ،‬أو املهارة‪ ،‬أو االحترافية‪ ،‬واحترام‬
‫القواعد‪ ،‬وروح الفريق‪...‬‬

‫‪ /2‬املعي ــاربين الكفاي ــة واألخط ــاء‪:‬‬

‫‪381‬‬
‫بادىء ذي بدء‪ ،‬كثير من األكفاء من األطباء واملهندسين والرياضيين والسياسيين‬
‫يخطئون كباقي الناس‪ ،‬والينتقص هذا من كفاءتهم ومؤهالتهم العلمية أو املهنية أو‬
‫الحرفية‪ .‬بمعنى أن املتعلم الكفء مثل هؤالء قد يرتكب أخطاء قليلة أو كثيرة سواء‬
‫أكانت صوتية أم صرفية أم إمالئية أم تركيبية أم داللية ‪ ...‬فمن األخطاء يتعلم‬
‫اإلنسان‪ .‬وقلما نجد شخصا في الواقع اليخطىء‪ ،‬مهما كانت مكانته العلمية ومؤهالته‬
‫الكفائية‪ .‬فالخطأ وارد في كل لحظة ودقيقة‪ .‬لذا‪ ،‬الينبغي أن نركز ‪ -‬أثناء عملية‬
‫التقويم‪ -‬على األخطاء املرتكبة أو املرصودة‪ ،‬فنعاقب املتعلم على ذلك بقسوة مرات‬
‫ومرات عدة‪ ،‬وننس ى الكفاية األساسية أو التعليمات املهمة‪ .‬بمعنى أن تقويم املوضوع‬
‫ينبغي أن يراعي مدى مالءمة إجابات املتعلم للتعليمات املطروحة‪ .‬وههذا‪ ،‬التقتصر‬
‫الكفاءة على تفادي األخطاء فحسب‪ ،‬بل التثبت من مدى التمكن من الكفاية‬
‫املستهدفة أو الكفاية األساسية ‪ ،‬والقدرة على التحكم فيها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يبقى معيار‬
‫الحد األدنى هو الضابط الحقيقي في عملية التقويم اإلدماجي‪.‬‬

‫وللتمثيل‪ ،‬إذا أجاب املتعلم ‪ ،‬في امتحان التاريخ املعاصر‪ ،‬عن مجموع تعليمات‬
‫الوضعية اإلدماجية املتعلقة بالحرب العاملية الثانية باستعراض أسباب هذه‬
‫الحرب‪ ،‬وذكر مراحلها‪ ،‬وتعداد نتائجها‪ ،‬مع كتابة مقدمة وخاتمة تامتين‬
‫ومستوفيتين‪.‬بيد أنه قد ارتكب أخطاء نحوية قليلة أو كثيرة‪ ،‬فهذا لن يؤثر في كفاءة‬
‫التلميذ ومجهوده الشخص ي‪ .‬فقد تحققت ‪ -‬فعال‪ -‬كفاية الوضعية بمجرد احترامه‬
‫لبنود الوضعية وتعليماتها‪ ،‬وتالؤم إجاباته مع ماهو مطلوب‪.‬أما ما ارتكبه من أخطاء‪،‬‬
‫أو ما استعمله من تشطيب أو سوء تنظيم للورقة‪ ،‬فإن هذا لن يؤثر في قدراته‬
‫الكفائية؛ ألنه أصاب الهدف املرجو أو املبتغى ‪ ،‬فحقق النجاح املنشود‪.‬‬

‫‪ /3‬أن ــواع املعايي ــر‪:‬‬


‫‪382‬‬
‫يستند التقويم اإلدماجي إلى مجموعة من املعايير‪ ،‬نحصرها فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬معياراملالءمة ‪ ،‬ويقصد به مالءمة الحل للمشكل املوضوع؛‬

‫ب‪ -‬معيار االستعمال السليم ملوارد املادة ‪ ،‬و يعني سالمة االستعمال‪ ،‬وحسن‬
‫االستثمار ملختلف املوارد واملفاهيم واملصطلحات التي اكتسبها املتعلم في حصص‬
‫التعلم والدعم والتوليف؛‬

‫ج‪ -‬معيار االنسجام ‪ ،‬واملقصود بذلك استعمال خطة منطقية التناقض فيها‪،‬‬
‫والتوصل إلى نتائج معقولة النتائج ‪ ،‬والحفاظ على تسلسل في األقوال والكتابة‪،‬‬
‫وتوظيف للروابط املنطقية بشكل جيد؛‬

‫د‪ -‬معيار اإلتقان أو الكمال أو الجودة‪ .‬بمعنى أن يكون حل الوضعية مكتمال وشامال‬
‫لجميع عناصر الوضعية‪ -‬املشكلة‪ .‬كأن يتميز العمل بأصالة اإلنتاج‪ ،‬وجودة العرض‪،‬‬
‫ومقروئية الخط‪ ،‬والتنظيم الجيد للورقة‪...‬‬

‫التعاري ـ ــف‬ ‫املعايي ـ ــر‬

‫مالءمة الحل ملاهو مطلوب‪.‬‬ ‫املعياراألول‪ :‬معياراملالءمة‬

‫املعيار الثاني‪ :‬االستعمال السليم االستثمار الجيد للموارد التي اكتسبها‬


‫املتعلم ‪.‬‬ ‫ألدوات املادة‬

‫ترابط النص واتساقه منطقيا ومعنويا‪.‬‬ ‫املعيارالثالث‪ :‬االنسجام‬

‫‪383‬‬
‫جودة العرض‪ ،‬ومقروئية الخط‪،‬‬ ‫املعيارالرابع‪ :‬اإلتقان والجودة‬
‫وتنظيم الورقة‪.‬‬

‫‪ /4‬املعياراألدنى ومعياراإلتقان‪:‬‬
‫ينبني التقويم اإلدماجي على معيارين أساسيين هما‪ :‬معيار الحد األدنى ومعيار‬
‫اإلتقان‪ ،‬فمعيار الحد األدنى (‪ )Critère minimal‬هو الذي يساعدنا على التثبت من‬
‫مدى تحقق الكفاية‪ ،‬ويتحقق ذلك بمعيار املالءمة‪.‬أي‪ :‬مالءمة الحل لتعليمات‬
‫الوضعية اإلدماجية‪ ،‬وكذلك انسجام األجوبة مع املطلوب‪ .‬وإذا أفلح املتعلم في حل‬
‫الوضعية املعطاة له‪ ،‬فقد حقق الهدف املنشود من تلك الوضعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهو‬
‫كفء ومؤهل وناجح في عمله‪ .‬ويعني هذا أن الحد األدنى هو مقياس النجاح‪ ،‬وليس‬
‫معيار اإلتقان والجودة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يرتبط معيار الحد األدنى بالكفاية األساسية أو‬
‫املستهدفة ارتباطا وثيقا وعضويا وسببيا‪ .‬على أساس أن هذا املعيار هو أساس تحقق‬
‫الكفاية ‪ ،‬وأساس النجاح والتأهيل ‪.‬‬

‫وللتمثيل‪ :‬لكي نحكم على سباح بأنه كفء‪ ،‬فهناك على األقل معياران‪ :‬معيار التحرك‬
‫داخل املسبح‪ ،‬ومعيار التوازن (عدم الغرق)‪ .‬وثمة معايير أخرى‪ ،‬يمكن االستأناس‬
‫هها‪ ،‬ولكنها أقل أهمية مقارنة بمعيار الحد األدنى‪ ،‬مثل‪ :‬السرعة‪ ،‬واللياقة‪ ،‬و تنويع‬
‫أوضاع السباحة‪ ،‬وتدخل هذه املواصفات ضمن معيار اإلتقان والجودة(مؤشر‬
‫اإلتقان‪.)critère de perfectionnement/‬‬

‫‪384‬‬
‫ويعني هذا أن معيار اإلتقان اليعتبر أساسيا في تقويم الكفاية املستهدفة‪ ،‬بل هو‬
‫معيار ثانوي ومكمل‪ ،‬واليؤخذ بعين االعتبار إذا تحقق املعيار السابق (معيار الحد‬
‫األدنى)‪.‬‬

‫لكن الينبغي أن نضخم في الئحة املعايير األساسية‪.‬إذ ينبغي أن نتجنب اإلكثار من‬
‫ً‬
‫املعايير الدنيا لكي النكون قساة مع متعلمينا‪ .‬إذا‪ ،‬البد من التقليل من معايير‬
‫التصحيح والتقويم‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يرجح كفة معيار الحد األدنى (معيار املالءمة) في أثناء‬
‫التصحيح على معيار اإلتقان الذي يعنى بجودة املنتوج‪ ،‬ومحاسبة املتعلم على‬
‫أخطائه‪ .‬فالتلميذ الذي كتب موضوعا إنشائيا جيدا في تحليل النص األدبي بمراعاة‬
‫جميع التعليمات التي تتطلبها الوضعية اإلدماجية ‪ ،‬هو تلميذ كفء ومؤهل‪ ،‬على‬
‫الرغم من ارتكابه لعدد من األخطاء اللغوية واإلمالئية والتركيبية ‪.‬‬

‫ألن املهم ‪ -‬هنا‪ -‬ليس هو اإلتقان‪ ،‬وجودة العرض‪ ،‬وحسن الخط؛ بل هو معيار‬
‫املالءمة‪.‬بمعنى ضرورة االحتكام إلى معيار الحد األدنى بدل االحتكام إلى معيار‬
‫اإلتقان‪ .‬بتعبير آخر‪ ،‬فقد كان املدرسون‪ ،‬في التربية التقليدية‪ ،‬يحاكمون التلميذ‬
‫انطالقا من رداءة الخط‪ ،‬وعدم تنظيم ورقته‪ ،‬دون االحتكام إلى األجوبة ومدى‬
‫تطابقها مع األسئلة املطروحة‪ .‬لذا‪ ،‬نحكم على كل تلميذ أو متعلم استوفى جوابه كل‬
‫عناصر املطلوب بالنجاح‪ ،‬على الرغم من رداءة الخط‪ ،‬وكثرة األخطاء‪ ،‬بشرط أال‬
‫تكون نقط اإلتقان أكثر من نقط املالءمة‪ ،‬وأال تتعدى ثلث مجموع النقط‪.‬أي‪ :‬اليبنى‬
‫التقويم على محك األخطاء‪ ،‬بل يبنى على قياس الكفايات املهارية‪ ،‬فليس هناك من ال‬
‫يخطئ‪ ،‬فالالعب الرياض ي املاهر يخطىء عندما ال يسجل أهدافا‪ ،‬والطباخ املاهر قد‬
‫يخطىء بدوره أثناء الطهي‪ ،‬فال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار الوحيد للتقويم ‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬البد أن تكون معايير الحد األدنى مستقلة عن بعضها البعض‪ ،‬فال‬
‫يعقل أن تكون األسئلة مترابطة ومتتابعة ومتناسلة‪ ،‬كما نجد ذلك في امتحانات‬
‫ومسائل الرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية ؛ ألن هذا ظلم وإجحاف في حق‬
‫املتعلم ‪ ،‬بل البد أن تكون األسئلة منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون‬
‫هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم‪.‬‬

‫‪ /5‬قاعدة ‪:3/2‬‬

‫ترتبط قاعدة ‪ 6/2‬بدوكتيل(‪ ، 228)De Ketele‬وفحواها أن التلميذ لن يكون مؤهال‬


‫وناجحا إال إذا أجاب عن وضعيتين مستقلتين من ثالث باحترام معيار الحد األدنى‬
‫في اإلنتاج‪ .‬ومن ثم‪ ،‬البد من تقديم ثالث فرص مستقلة للتحقق من املعيار‪ .‬والتثبت‬

‫‪228‬‬‫‪- DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ?,‬‬
‫‪Revue Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,3663, p. 17-36.‬‬
‫‪386‬‬
‫كفاءة املتعلم إال في فرصتين على ثالث‪ .‬ومن هنا‪ ،‬البد أن يتوفر نموذج التقويم‬
‫املقدم للمتعلم على ثالث وضعيات ‪ -‬مشكالت لحلها في الرياضيات أو في أية وحدة‬
‫دراسية أخرى‪ ،‬أو تقديم وضعية واحدة بثالث تعلميات مستقلة ومختلفة كتكوين‬
‫ثالث جمل في اللغة العربية بالنسبة للتلميذ املبتدىء‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تعني قاعدة دوكيتيل (‪ )De Ketele‬التي تسمى بقاعدة ‪ 6/2‬أن نسبة النجاح‬
‫الكفائي هو اإلجابة عن وضعيتين من ثالث وضعيات‪ 229.‬والبد من االحتكام أوال إلى‬
‫معيار الحد األدنى بدل االحتكام إلى معيار اإلتقان التكميلي‪.‬‬

‫‪ /6‬قاعدة ‪:4/3‬‬

‫الينبغي أن نرجح كفة معيار اإلتقان ‪ ،‬بأي حال من األحوال‪ ،‬على معيار الحد األدنى‬
‫الذي يتمثل في معيار املالءمة‪ ،‬ومعيار االنسجام‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم ألدوات‬
‫املادة؛ ألن السبب في فشل املتعلم وتعثره يعود إلى اهتمام املدرس املقوم بمعايير‬
‫اإلتقان بدل معيار الحد األدنى‪ .‬كما ينبغي التقليص من مؤشرات معايير اإلتقان ‪.‬‬
‫فالرسوب الواهم يعود إلى ترجيح كفة معيار اإلتقان على معيار الحد األدنى عند‬
‫الكثير من املدرسين التقليديين‪.‬لذا‪ ،‬قدم دوكيتيل قاعدة ¾ ليبين لنا أن معيار‬
‫اإلتقان الينبغي أن يتعدى الثلث من مجموع النقط‪.230‬‬

‫معياراإلتقان‬ ‫معاييرالحد األدنى‬

‫‪229 -‬‬‫‪DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ? P.‬‬
‫‪17-36.‬‬
‫‪230 -DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi, p.‬‬

‫‪17-36.‬‬
‫‪387‬‬
‫املعيار ‪4‬‬ ‫املعيار ‪3‬‬ ‫املعيار ‪2‬‬ ‫املعيار ‪1‬‬

‫تقديم الورقة‬ ‫االنسجام‬ ‫االستعمال السليم‬ ‫املالءمة‬


‫ألدوات املادة‬
‫‪1/2‬‬ ‫‪6/2‬‬ ‫‪6/2‬‬
‫‪6/2‬‬

‫الورقة ‪1‬‬

‫الورقة ‪2‬‬

‫الورقة ‪3‬‬

‫الورقة ‪4‬‬

‫الورقة ‪5‬‬

‫الورقة ‪6‬‬

‫الورقة ‪7‬‬

‫الورقة ‪8‬‬

‫الورقة ‪9‬‬

‫الورقة ‪10‬‬

‫‪ /7‬املؤش ـ ـرات‪:‬‬
‫املؤشر (‪ )Indicateur‬هو عالمة واضحة ودقيقة وملموسة قابلة للمالحظة تسمح‬
‫بأجرأة معيار معين‪ .‬ويعني هذا أن املؤشرات في خدمة معايير التقويم كمعيار‬
‫املالءمة‪ ،‬ومعيار االنسجام‪ ،‬ومعيار الجودة واإلتقان‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم‬
‫ألدوات املادة‪ .‬وينبغي أن تكون املؤشرات واضحة وملموسة وقابلة للتطبيق‪ .‬ومن ثم‪،‬‬

‫‪388‬‬
‫فهي التي تسعفنا في الحكم على مدى تمكن املتعلم من كفاية ما‪ .‬وهي التي تجعل‬
‫املعايير أيضا أكثر وضوحا وانسجاما ومقبولية ضمن الوضعية اإلدماجية‪.‬‬

‫وتنقسم املؤشرات إلى قسمين‪ :‬مؤشرات كمية‪ ،‬ومؤشرات كيفية‪.‬‬

‫أ‪ -‬املؤش ـرات الكم ــية‪:‬‬


‫تستند املؤشرات الكمية إلى النقط العددية والدرجات واملقادير والنسب املائوية‪،‬‬
‫وتحديد األعداد واألحجام كأن يكتب املتعلم إنشاء فيه على األقل عشرة أسطر‬
‫لينال ثالث نقط تامة‪ ،‬وإذا كتب أقل من ذلك‪ ،‬فينال نقطتين أو نقطة واحدة‪ .‬بمعنى‬
‫أن املؤشر الكمي هو توصيف مادي وعددي ونقطي‪ .‬ويعني هذا أن املؤشرات الكمية‬
‫تعنى بسلم التنقيط‪ ،‬وتحدد عتبات النجاح واإلخفاق‪.‬‬

‫ب‪ -‬املؤشرات الكيفيــة‪:‬‬


‫تهتم املؤشرات الكيفية بتحديد مجموعة من املواصفات التي ينبغي أن تتوفر في‬
‫اإلنتاج‪ ،‬مثل‪ :‬استخدام الجمل الفعلية‪ ،‬أو االستشهاد باآليات القرآنية واألحاديث‬
‫النبوية‪ ،‬واستخالص الجمل اإلنشائية‪ ،‬والتثبت من حضور عنصر أو غيابه‬
‫كحضور الفعل في الجملة‪ ،‬وكتابة جمل صحيحة وسليمة وخالية من األخطاء‪،‬‬
‫واحترام املنهجية‪.‬‬

‫وتتخذ املؤشرات الكيفية طابعا وصفيا ‪ ،‬وتنصب على تبيان األخطاء وتصحيحها‬
‫ومعالجتها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل‪ ،‬فقد يكون مؤشرا كيفيا‪،‬‬
‫كأن نطالب املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في‬

‫‪389‬‬
‫وصفه‪ ،‬وقد يكون مؤشرا كميا حينما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف‬
‫ثلثي من الجمل صحيحة لكي ينال ‪.6 / 2‬‬

‫‪ /8‬دليل اإلدم ــاج‪:‬‬


‫اليمكن الحديث عن التقويم اإلدماجي إال باستحضار مجموعة من األدلة العملية‬
‫التي تساعد املدرس واملتعلم معا على إنجاز الوضعيات اإلدماجية تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪،‬‬
‫وتقويما‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتضمن دليل اإلدماج للمدرسين كراسة الوضعيات اإلدماجية‪،‬‬
‫وهو دفتر الوضعيات الخاص باملتعلم‪ ،‬ويشتمل على مجموعة من الوضعيات‬
‫اإلدماجية املأخوذة واملستوحاة من حياته اليومية وبيأته‪ .‬وهذه الكراسة هي تكملة‬
‫للكتب املدرسية املقررة‪ .‬وتستثمر هذه الوضعيات‪ ،‬في السلك االبتدائي‪ ،‬من قبل‬
‫املتعلم في أثناء أسابيع اإلدماج والدعم والتقويم في مختلف املواد‪ :‬اللغة العربية‪،‬‬
‫واللغة الفرنسية‪ ،‬واللغة األمازيغية‪ ،‬والتربية اإلسالمية‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والرياضيات‪،‬‬
‫والتربية التشكيلية‪ ،‬والنشاط العلمي‪...‬‬

‫وقد تنوعت هذه الوضعيات حسب املراحل األربع للسنة الدراسية اإلدماجية‪،‬‬
‫وخصص لكل مرحلة وضعيتان‪ .‬وقد أرفقت هذه الوضعيات اإلدماجية بالصور‬
‫والوثائق واألسناد والتعليمات‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يمكن الحديث عن ثالث شبكات أساسية في إطار الوضعية‬
‫اإلدماجية وهي‪ :‬شبكة التمرير أو االستثمار‪ ،‬وشبكة التحقق‪ ،‬وشبكة التصحيح ‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫أ‪ -‬شبكة التمريرأو االستثمار‬
‫نعني بشبكة التمرير‪ ،‬أو بطاقة االستثمار‪ ،‬أو جذاذة توظيف الوضعية ( ‪Fiche‬‬
‫‪ )d’exploitation de la situation‬تلك الشبكة التي تستعمل ملصاحبة املتعلم خالل‬
‫اإلنجاز قصد تدبير محكم لتعلم حل الوضعية اإلدماجية بفهم هذه الوضعية‪،‬‬
‫ومعرفة املهام‪ ،‬وإنجاز املطلوب وفق مواصفات اإلنتاج املنتظر‪.‬‬

‫ويقصد ببطاقة تمرير وضعية أو بطاقة استثمار تلك البطاقة التي تتضمن‬
‫توضيحات وتفسيرات تشرح للمتعلم كيفية تمرير الوضعية‪ ،‬وسبل استثمارها‪ .‬وأكثر‬
‫من هذا‪ ،‬فهي خارطة طريق منهجية يرافق هها األستاذ التالميذ في مختلف مراحل‬
‫إنجاز الوضعيات‪.‬‬

‫ب‪ -‬شبك ــة التحق ــق‬

‫‪391‬‬
‫يقصد بشبكة التحقق تلك الشبكة التي تستعمل للتثبت من مدى تحقق املعايير في‬
‫إطار التقويم الذاتي‪ .‬ويستعملها املتعلم للتأكد من مدى احترامه للتعليمات واملعايير‬
‫املطلوبة كأن يقارن إنتاجه بتلك املعايير التي تذيلت هها الوضعية اإلدماجية‪.‬‬

‫و تدخل شبكة التحقق ضمن التقويم الذاتي (‪ )autoévaluation‬الذي يقصد به أن‬


‫يصحح املتعلم أخطاءه بنفسه اعتمادا على مجموعة من املؤشرات ومعايير‬
‫التصحيح الواضحة والدقيقة والبسيطة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يساعد هذا التقويم املتعلم على‬
‫تنظيم التعلمات وفق مقاربة كفائية إدماجية‪.‬‬

‫وتستعمل شبكة التحقق‪ ،‬أو شبكة التقويم الذاتي‪ ،‬من قبل املتعلم لقياس درجة‬
‫نمو الكفاية املرصودة‪ ،‬ومدى التحكم فيها‪ .‬وترتكز هذه الشبكة القائمة على التحقق‬
‫من صحة املعلومات‪ ،‬والتثبت من الحلول املقترحة ملعالجة الوضعية املعطاة‪ .‬كما‬
‫يستعملها املدرس للتثبت من مدى تمكن املتعلم من الكفاية املستهدفة‪.‬‬

‫وتتضمن شبكة التحقق مجموعة من املعطيات على الوجه التالي‪:‬‬

‫‪ ‬املعايير‪ :‬معيار املالءمة‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم ألدوات املادة‪ ،‬ومعيار‬


‫انسجام اإلنتاج‪ ،‬ومعيار اإلتقان‪ ،‬أو جودة عرض اإلنتاج‪.‬‬

‫‪‬املؤشرات‪ :‬تتفرع املعايير إلى مجموعة من املؤشرات الكمية والكيفية التي تساعد‬
‫املتعلم على التقويم الذاتي بطريقة صحيحة وموضوعية‪.‬‬

‫أما عن أدوار شبكة التحقق وأهدافها‪ ،‬فتتمثل في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تمكن املتعلم بمقارنة إنتاجه بماهو مطلوب (معيار املالءمة)؛‬

‫‪ ‬تسهم في التحقق من مدى اكتساب املتعلم للكفاية األساسية ؛‬

‫‪392‬‬
‫‪ ‬مساعدته على التعلم الذاتي؛‬

‫‪ ‬مشاركة املدرس للمتعلم في التقويم الذاتي‪ ،‬والتعرف إلى معايير الوضعية‬


‫اإلدماجية ومؤشراتها التقويمية؛‬

‫‪ ‬التعرف إلى جوانب الضعف والقوة في العمل املنجز؛‬

‫‪ ‬الكشف الذاتي عن األخطاء والنواقص والتعثرات؛‬

‫‪ ‬التعود على التصحيح الذاتي في ضوء فلسفة التعلم الذاتي؛‬

‫‪ ‬التغذية الراجعة بإعادة النظر في املعارف‪ ،‬وترتيب املعلومات ‪ ،‬وتوظيف املوارد‬


‫املكتسبة بطريقة تخدم الكفاية األساسية؛‬

‫‪‬مرافقة املتعلم قصد اجتناب األخطاء الناجمة عن السهو والتسرع؛‬

‫‪ ‬استغاللها قبل اإلنجاز للتعاقد مع املتعلم بشأن مواصفات اإلنتاج املنتظر‪،‬‬


‫واستعمالها بعد اإلنجاز والتصحيح ههدف التقويم الذاتي والتقويم املتبادل‪.‬‬

‫ّ‬
‫نموذج أول من نماذج شبكة التحقق‬

‫املادة‪.....:‬اسم التلميذ‪..........:‬املستوى‪......:‬املرحلة‪..:‬‬

‫خاص باألستاذ‬ ‫خاص باملتعلم‬

‫التحكم األدنى‬ ‫املعيار ‪: 3‬املالءمة‬

‫أتحقق‪..........‬‬

‫‪393‬‬
‫•إذا ‪..............‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫مالحظة‪ 6 :‬مؤشرات أساسية قي كل وضعية‬

‫التحكم األدنى‬ ‫املعيار ‪ : 2‬االستعمال السليم ألدوات املادة‬

‫أتحقق‪..........‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫مالحظة‪ 6 :‬مؤشرات أساسية قي كل وضعية‬

‫التحكم األدنى‬ ‫املعيار ‪ : 6‬االنسجام‬

‫أتحقق‪..........‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫مالحظة‪ 6 :‬مؤشرات أساسية قي كل وضعية‬

‫املعيار ‪: 7‬اإلتقان‬

‫‪394‬‬
‫أتحقق‪..........‬‬

‫•إذا ‪..............‬‬

‫نموذج ثان من شبكات التحقق‬

‫املعيار‪ .1‬مالءمة اإلنتاج‪ :‬أتحقق ما إذا‪:‬‬

‫‪ ‬كتبت رسالة بـ ‪ 11‬أسطر‪.‬‬


‫‪ ‬تحدثت عن خطرين على األقل ّ‬
‫يهددان مستقبل األطفال املنقطعين عن‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫حددت أهمية الدراسة بالنسبة ملستقبل األطفال‪.‬‬ ‫‪ّ ‬‬

‫‪ ‬أقنعت زميلي بالعودة إلى املدرسة‪.‬‬


‫‪ ‬وعدته باملساعدة‪.‬‬

‫املعيار‪ .2‬االستخدام السليم ألدوات ّ‬


‫املادة ‪ :‬أتحقق ما إذا‪:‬‬

‫‪ ‬احترمت قواعد الصرف والتراكيب (‪ 3‬أخطاء على األكثر)‪.‬‬


‫‪ ‬احترمت قواعد اإلمالء (‪ 3‬أخطاء على األكثر)‪.‬‬
‫‪ ‬احترمت عالمات الترقيم‪.‬‬
‫ً‬
‫استعماال ً‬
‫سليما‪.‬‬ ‫‪ ‬استعملت األزمنة الثالثة‬

‫‪395‬‬
‫املعيار‪ .3‬انسجام اإلنتاج‪ :‬أتحقق من‪:‬‬
‫ُ‬
‫ذكرت أخطا ًرا منطقية و ّ‬
‫اقعية لإلنقطاع عن الدراسة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬
‫منطقية للعودة إلى الدراسة‪.‬‬ ‫ً‬
‫حججا‬ ‫‪ّ ‬‬
‫قدمت‬
‫‪ ‬استعملت أدوات الربط‪.‬‬

‫املعيار‪ .4‬جودة عرض اإلنتاج‪ :‬أتحقق من‪:‬‬


‫ّ‬
‫مقروئية الخط‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬عدم وجود تشطيب‪.‬‬

‫نموذج ثالث من شبكات التحقق (تحليل النص األدبي )‬

‫ال‬ ‫نعم‬ ‫طريقة التحقق‬ ‫املعيار‬


‫‪ ‬هل أطرت النص‬ ‫املالءمة‬
‫األدبي في إطاره‬
‫العام؟‬
‫‪‬هل حددت فرضية‬
‫القراءة؟‬
‫‪ ‬هل عرفت‬
‫أحمد‬ ‫بالشاعر‬
‫شوقي؟‬
‫‪ ‬هل لخصت النص‬
‫جيدا؟‬
‫‪ ‬هل استخرجت‬
‫‪396‬‬
‫حقلين داللين‪ ،‬وبينت‬
‫العالقة املوجودة‬
‫بينهما؟‬
‫‪ ‬هل تحدثت عن‬
‫الخارجي‬ ‫اإليقاع‬
‫والداخلي؟‬
‫‪ ‬هل ذكرت خمسة‬
‫أساليب إنشائية؟‬
‫‪ ‬هل ذكرت الصور‬
‫البالغية مع األمثلة‬
‫والوظائف؟‬
‫‪ ‬هل أشرت إلى مدى‬
‫تمثل النص لالتجاه‬
‫األدبي الذي ينتمي‬
‫إليه؟‬
‫‪ ‬هل احترمت‬ ‫االستعمال‬
‫قواعد اللغة؟‬ ‫السليم ألدوات‬
‫‪‬هل كتبت بلغة‬ ‫املادة‬
‫عربية سليمة؟‬
‫‪‬هل وظفت‬
‫مفاهيم الدرس‬
‫اللغوي بشكل‬
‫مناسب؟‬
‫‪ ‬هل خطي مقروء؟‬ ‫جودة العرض‬
‫‪ ‬هل ابتعدت عن‬
‫التشطيب؟‬

‫‪397‬‬
‫‪‬هل ورقتني منظمة‬
‫بشكل جيد؟‬

‫ج‪ -‬شبكة التصحيح‪:‬‬


‫تعرف شبكة التصحيح بأنها" أداة تقدير معيار عبر املؤشرات املحددة بدقة‪.‬وبلغة‬
‫أخرى‪ ،‬فإن الشبكة تجيب عن هم توحيد التصحيح‪.‬وبلغة بيداغوجية تشكل أداة‬
‫للمساعدة على تصحيح إنتاجات التالميذ‪.‬وهي تستعمل بغايتين كذلك هما‪:‬‬

‫‪‬ضمان حد أقص ى من املوضوعية في التصحيح‪.‬‬

‫‪‬تغيير رؤية املدرسين إلنتاجات التالميذ‪.‬‬

‫يمكن النظر إلى شبكة التصحيح من جانب كمي أو كيفي‪" 231.‬‬


‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يقوم املدرس إنتاج املتعلمين اعتمادا على شبكة التصحيح ههدف التثبت من‬
‫مدى تحكم املتعلم في املعايير ‪ ،‬ومدى فهمه واستيعابه للتعليمات‪ ،‬وكذلك التأكد من‬
‫مدى تحقق الكفاية املستهدفة أو الكفاية األساسية عبر مرحلة معينة‪ ،‬أو في آخر‬
‫السنة الدراسية‪ ،‬أو حسب الدورات الدراسية‪ .‬ويترجم التقويم تلك املعطيات‬
‫التقديرية إلى أرقام عددية ‪ ،‬كما يثبت ذلك سلم التنقيط‪ ،‬أو تحيل عليها املؤشرات‬
‫الكمية‪.‬‬

‫‪ -231‬الحسن اللحية‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬منشورات املعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2232‬م‪ ،‬ص‪.222:‬‬
‫‪398‬‬
‫وينقسم جدول شبكة التصحيح إلى خانتين‪ :‬خانة خاصة باملعايير املندرجة ضمن ما‬
‫يسمى بمعيار الحد األدنى‪ ،‬وهي‪ :‬معيار املالءمة‪ ،‬ومعيار االستعمال السليم ألدوات‬
‫املادة‪ ،‬ومعيار االنسجام‪ .‬وفي الخانة الثانية‪ ،‬توجد ثالث تعليمات لكل معيار‪ .‬وبعد‬
‫ذلك‪ ،‬ينقط املدرس املتعلمين حسب هذه املعايير والتعليمات الثالث‪ .‬وهناك املعيار‬
‫الرابع هو معيار اإلتقان ‪ ،‬ويتعلق بجودة العمل خطا وقراءة‪ ،‬وخلوه من التشطيب‪.‬‬

‫نموذج لشبكة التصحيح‬

‫املع ـ ـ ـ ــايي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬


‫االستعمال السليم‬
‫االنسجام‬ ‫املالءمة‬
‫اإلتقان‬ ‫للموارد‬
‫ت ‪ 1‬ت ‪ 2‬ت ‪ 3‬مج‪ .‬ت ‪ 1‬ت ‪ 2‬ت ‪ 3‬مج‪ .‬ت ‪ 1‬ت ‪ 2‬ت ‪ 3‬مج‪.‬‬ ‫أسماء املتعلمين‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬
‫‪8‬‬
‫‪9‬‬
‫‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫‪12‬‬
‫‪13‬‬
‫‪14‬‬
‫‪15‬‬
‫‪16‬‬
‫‪17‬‬
‫‪18‬‬

‫‪399‬‬
‫‪19‬‬
‫‪21‬‬
‫‪21‬‬
‫‪22‬‬
‫‪23‬‬
‫‪24‬‬
‫‪25‬‬
‫‪26‬‬
‫‪27‬‬
‫‪28‬‬
‫‪29‬‬
‫‪31‬‬
‫مجموع عدم التحكم‬
‫نسبة عدم التحكم‬

‫نموذج آخرمن نماذج شبكة التصحيح‬

‫معياراإلتقان‬ ‫معاييرالحد األدنى‬

‫املعيار ‪4‬‬ ‫املعيار ‪3‬‬ ‫املعيار ‪2‬‬ ‫املعيار ‪1‬‬

‫تقديم الورقة‬ ‫االنسجام‬ ‫االستعمال السليم‬ ‫املالءمة‬


‫ألدوات املادة‬
‫‪1/2‬‬ ‫‪6/2‬‬ ‫‪6/2‬‬
‫‪6/2‬‬

‫الورقة ‪1‬‬

‫الورقة ‪2‬‬

‫‪400‬‬
‫الورقة ‪3‬‬

‫الورقة ‪4‬‬

‫الورقة ‪5‬‬

‫الورقة ‪6‬‬

‫الورقة ‪7‬‬

‫الورقة ‪8‬‬

‫الورقة ‪9‬‬

‫الورقة ‪10‬‬

‫تصحيح اإلنشاء‬
‫سلـم التنقيـط‬ ‫تعريفـه‬ ‫املعيـار‬

‫‪ 3‬نقط‬ ‫من ‪ 0‬أسطر إلى ‪ 32‬سطرا ماعدا ذلك‬ ‫عدد األسطر التي يتكون منها منتوج التلميذ‬ ‫الحجم‬
‫‪ 1‬نقطة‬ ‫ملحوظة ‪ :‬السطر يعني أربع كلمات فما فوق إال إذا كانت‬
‫كلمة واحدة أو كلمتان أو ثالث كلمات كافية لتشكيل جملة‬
‫حوارية‬

‫‪ 6‬نقط‬ ‫حضور املكونات الثالثة‬ ‫يراعى حضور املكونات‬ ‫نمط الكتابة‬


‫‪ 3‬نقط‬ ‫حضور املكونين (‪ )6+3‬أو (‪)2+3‬‬ ‫الثالث اآلتية ‪:‬‬ ‫الحوارية‬

‫‪ 1‬نقطة‬ ‫حضور املكونين (‪ )6+2‬أو مكون واحد‬ ‫‪ )3‬تناوب الحوار ‪...‬‬


‫‪ )2‬دفاع كل منهما عن رأيه ‪...‬‬
‫‪ )6‬عدم إبداء التلميذ وجهة نظره ‪...‬‬

‫‪ 6‬نقط‬ ‫مالءمة تامة (حضور العناصر الثالثة)‬ ‫مالءمة املكتوب للمطلوب ‪:‬‬ ‫املالءمة‬

‫‪ 3‬نقط‬

‫‪401‬‬
‫مالءمة جزئية ‪ :‬حضور العنصرين (‪ )6+3‬أو (‪)2+6‬‬
‫‪ 1‬نقطة‬
‫حضور العنصرين (‪ )3+2‬أو أحدهما فقط‬

‫‪ 3‬نقط‬ ‫الشروع في الحوار مباشرة‬ ‫الترتيب‬


‫‪ 1‬نقطة‬ ‫وضع مقدمة الحوار‬

‫‪ 3‬نقط‬ ‫وضوح الخط بغض النظر عن ارتباط ‪ 6‬كلمات غير مقروءة على األكثر‬ ‫املقروئية‬
‫‪ 1‬نقطة‬ ‫أكثر من ‪ 6‬كلمات غير مقروءة‬ ‫املحتوى باملطلوب‬

‫‪ 6‬نقط‬ ‫‪ 7‬أخطاء على األكثر كيفما كان نوع الخطأ‬ ‫تراعى املؤشرات اآلتية ‪:‬‬ ‫اللغة‬
‫األخطاء اللغوية‪ ،‬األخطاء‬
‫‪ 3‬نقط‬ ‫ما بين ‪ 3‬أخطاء و ‪ 4‬أخطاء‬
‫النحوية‪ ،‬األخطاء اإلمالئية‪،‬‬
‫‪ 1‬نقطة‬ ‫ما فوق ‪ 4‬أخطاء‬
‫األخطاء الصرفية‪ ،‬األخطاء‬
‫التركيبية‪ ،‬األخطاء التعبيرية‬

‫‪ 3‬نقط‬ ‫االستعمال الخاطئ لعالمات الترقيم ‪ 6‬مرات على األكثر‬ ‫استعمال عالمات الترقيم‬ ‫عالمات الترقيم‬
‫استعماال سليما‬
‫استعمال عالمات الترقيم استعماال خاطئا‪ ،‬أكثر من ‪6‬‬
‫مرات أو عدم استعمالها إطالقا‬

‫‪ 1‬نقطة‬

‫يالحظ أن شبكة التصحيح تستخدم للتقويم واملعالجة ‪ ،‬والهدف منها هو التثبت من‬
‫مدى التحكم في املعايير‪ ،‬ومدى تحقق الكفاية املستهدفة‪ ،‬اعتمادا على مجموعة من‬
‫املؤشرات الكيفية (الحجم املحدد‪ ،‬وجودة املقروئية‪ ،‬وسالمة اللغة‪ ،‬وتوظيف‬
‫عالمات الترقيم‪ ،‬والترتيب‪ ،‬واملالءمة‪ ،‬ونمط الكتابة املستخدمة ‪ ،)...‬واملؤشرات‬
‫الكمية (سلم التنقيط)‪ .‬ويمكن للمدرس واملتعلم معا أن يستعينا بشبكة التصحيح‬
‫بغية تقويم اإلنتاج كما وكيفا‪.‬‬

‫‪402‬‬
‫شبكة تفريغ وتصنيف نتائج املتعلمين‬

‫االستخدام السليم‬
‫درجة‬ ‫االنسجام‬ ‫درجة‬ ‫للموارد‬ ‫درجة‬ ‫املالءمة‬
‫باملعالجة‬

‫التحكم‬
‫النقطة‬

‫التحك‬ ‫التحكم‬

‫باملعالجة‬
‫م‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫تع‬ ‫املتعلمون‬
‫اللمالحظة‬

‫املستهدفون‬
‫املستهدفون‬

‫املستهدفون‬
‫باملعالجة‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬
‫‪8‬‬
‫‪9‬‬
‫‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫‪12‬‬
‫‪13‬‬
‫‪14‬‬
‫‪15‬‬
‫‪16‬‬
‫‪17‬‬
‫‪18‬‬
‫‪19‬‬
‫‪21‬‬
‫‪21‬‬
‫‪22‬‬
‫‪23‬‬
‫‪24‬‬
‫‪25‬‬
‫‪26‬‬
‫‪27‬‬

‫الفرع الحادي عشر‪ :‬املعالج ـ ــة‬


‫تعد املعالجة(‪ )remédiation‬الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراس ي‪.‬‬
‫ويلتجئ إليها املدرس بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفروض أو االختبارات‬

‫‪403‬‬
‫واالمتحانات والروائز بغية تشخيص مواطن الضعف والقوة‪ ،‬بتمثل املعالجة‬
‫الداخلية التربوية والديدكتيكية ‪ ،‬وتمثل املعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي‬
‫واالجتماعي‪ .‬بمعنى أن املعالجة تهدف إلى اكتشاف األخطاء‪ ،‬وتشخيصها ‪ ،‬ووصفها‪،‬‬
‫وتقديم معالجة إجرائية ناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تستند املعالجة الديدكتيكية إلى أربع‬
‫مراحل‪:‬‬

‫‪ ‬الكشف عن األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬وصف األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬البحث عن مصادر الخطإ‪.‬‬

‫‪ ‬تيهيء عدة املعالجة‪.‬‬

‫ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في‬
‫موضوعه حسب سياقها ومظانها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج‬
‫الشخص ي‪ ،‬فيصنفها إلى أنواع‪ ،‬مثل‪ :‬أخطاء صوتية‪ ،‬وأخطاء إمالئية‪ ،‬وأخطاء‬
‫صرفية‪ ،‬وأخطاء داللية‪ ،‬وأخطاء تركيبية‪ ،‬وأخطاء تداولية‪...‬وبالتالي‪ ،‬يحدد مواطن‬
‫القوة والضعف لدى املتعلم‪ ،‬بالبحث عن أسباب هذه األخطاء‪ ،‬متسائال عن‬
‫مصدرها‪ :‬هل ترجع إلى مصدر داخلي ديدكتيكي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي‬
‫واجتماعي؟! بمعنى البحث عن العوامل الذاتية واملوضوعية التي تكون سببا في تلك‬
‫األخطاء‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬يقترح املصحح أو املقوم مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء‬
‫والنواقص والتعثرات التي قد ترتبط باملدرس‪ ،‬أو املتعلم‪ ،‬أو بالنظام التربوي العام‪.‬‬
‫وال تتم املعالجة إال إذا تكرر الخطأ مرات عدة‪.‬أما الذي يقوم باملعالجة‪ ،‬فقد يكون‬
‫‪404‬‬
‫املدرس نفسه‪ ،‬أو املتعلم نفسه في إطار التصحيح الذاتي‪ ،‬أو تلميذ آخر ‪ ،‬أو قد‬
‫يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا أو ملحقا إداريا أو تربويا ‪ ،‬وقد يلتجئ‬
‫كذلك إلى وسائل اإلعالم‪ ،‬والسجالت الذاتية‪ ،‬والبرامج الرقمية ‪...‬‬

‫ومن أهم اإلستراتيجيات في املعالجة أنه يمكن االعتماد على‪:‬‬

‫‪ ‬التغذية الراجعة أو الفيدباك لتصحيح العملية الديدكتيكية‪ ،‬وسد ثغراتها‬


‫املختلفة واملتنوعة‪ ،‬وتفادي نواقصها وعيوهها‪ ،‬سواء أقام بتلك التغذية الراجعة‬
‫املدرس أم التلميذ نفسه اعتمادا على أدلة التصحيح‪.‬‬

‫‪ ‬املعالجة بالتكرار أو بالعمليات التكميلية‪.‬أي‪ :‬بمراجعة املكتسبات السابقة‪،‬‬


‫وإضافة تمارين تكميلية مساعدة للتقوية وتثبيت املعارف والقواعد األساسية‪.‬‬

‫‪ ‬تمثل منهجيات تعلمية جديدة‪ ،‬كمنهجية اإلدماج‪ ،‬ومنهجية االستكشاف‪،‬‬


‫واالعتماد على التعلم الذاتي‪ ،‬وتمثل التعلم النسقي‪.‬‬

‫‪ ‬إجراء تغييرات في العوامل األساسية‪ 232‬كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة‪،‬‬


‫وإعادة توجيه املتعلم من جديد‪ ،‬وتغيير فضاء املدرسة‪ ،‬وخلق أجواء مؤسساتية‬
‫ديمقراطية ‪ ،‬واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل‬
‫السلبية التي يعيشها املتعلم في ظلها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تكون املعالجة بطريقة التشخيص‪ ،‬ورصد التعثرات‪ ،‬وتصنيف األخطاء‪ ،‬ويتم‬
‫إصالح األخطاء ومعالجتها بطريقة فورية موجهة‪ ،‬أو بطريقة بعدية (مبدأ الفارقية)‪،‬‬

‫‪ -232‬انظر‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.326:‬‬


‫‪405‬‬
‫أو بطريقة مدمجة مواكبة‪ ،‬أو بطريقة مؤسساتية (داخل املؤسسة)‪،‬أو بطريقة‬
‫خاصة (خارج املؤسسة)‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬تكون املعالجة بتصحيح األوراق واألنشطة املنجزة‪ ،‬وتفييء‬


‫املتعثرين‪،‬والتدخل للمعالجة‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬اليمكن الحديث عن بناء الوضعيات الديكتيكية إال باستحضار‬


‫الوضعيات اإلدماجية بأسنادها‪ ،‬ومعلوماتها‪ ،‬ووثائقها‪ ،‬وصورها ‪ ،‬وتعليماتها‪،‬‬
‫ومعاييرها‪ ،‬ومؤشراتها‪ .‬وإذا كان التقويم الكالسيكي يعتمد على معيار اإلتقان كثيرا‪،‬‬
‫ويحاكم املتعلم على أخطائه بقسوة‪ ،‬فإن التقويم اإلدماجي يهتم بمعايير أساسية‬
‫مستهدفة ‪ ،‬وهي‪ :‬معيار املالءمة‪ ،‬ومعيار االنسجام‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم‬
‫ألدوات املادة‪ .‬ويعني هذا أن معيار الحد األدنى يرجح على معيار اإلتقان والجودة‪.‬‬
‫واليمكن الحديث أيضا عن املعايير إال بالحديث عن املؤشرات الكمية والكيفية التي‬
‫تتحكم في تلك املعايير بنوع من الدقة اإلجرائية‪.‬‬

‫والينحصر التقويم اإلدماجي فيما هو نظري‪ ،‬بل هو عبارة عن ممارسة تقويمية‬


‫عملية‪ ،‬إذ يعتمد‪ -‬إجرائيا‪ -‬على دليل اإلدماج الذي يتمثل في كراسة الوضعيات‬
‫اإلدماجية‪ ،‬وشبكة التمرير واالستثمار‪ ،‬وشبكة التحقق‪ ،‬وشبكة التصحيح‪ .‬وبعد‬
‫هذه الشبكات املتكاملة واملتجاورة فيما بينها‪ ،‬تحضر عملية املعالجة الديدكتيكية ‪،‬‬
‫واملعالجة النفسية ‪ ،‬واملعالجة االجماعية‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬تستلزم الوضعية وجود ذات مؤهلة تتفاعل مع وضعية مأخوذة من‬
‫املحيط أو البيئة التي تعيش فيها هذه الذات ‪.‬وتتميز تلك الوضعية السياقية بكونها‬
‫معقدة‪ ،‬أو مركبة‪ ،‬أو صعبة‪.‬أي‪ :‬إنها بمثابة عائق كبير يثير مشاكل وتحديات‬

‫‪406‬‬
‫وصعوبات للمتعلم ‪ ،‬وتتطلب منه أن يجد لها حلوال مناسبة ‪ ،‬قد تكون تلك الحلول‬
‫فردية أو ثنائية أو جماعية‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فالوضعيات أنواع‪ ،‬هناك الوضعيات الديدكتيكية‪ ،‬والوضعيات غير‬


‫الديدكتيكية‪ ،‬والوضعيات اإلدماجية‪ ،‬والوضعيات التقويمية‪ .‬وتخضع هذه‬
‫الوضعيات لثالث مراحل ديدكتيكية رئيسة هي‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫وتبنى الوضعيات الديكتيكية باستحضار الوضعيات اإلدماجية بأسنادها‪،‬‬


‫ومعلوماتها‪ ،‬ووثائقها‪ ،‬وصورها ‪ ،‬وتعليماتها‪ ،‬ومعاييرها‪ ،‬ومؤشراتها‪ .‬وإذا كان التقويم‬
‫الكالسيكي يعتمد على معيار اإلتقان كثيرا‪ ،‬ويحاكم املتعلم على أخطائه بقسوة‪ ،‬فإن‬
‫التقويم اإلدماجي يهتم بمعايير أساسية مستهدفة ‪ ،‬وهي‪ :‬معيار املالءمة‪ ،‬ومعيار‬
‫االنسجام‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم ألدوات املادة‪ .‬ويعني هذا أن معيار الحد األدنى‬
‫يرجح على معيار اإلتقان والجودة‪ .‬واليمكن الحديث أيضا عن املعايير إال بالحديث‬
‫عن املؤشرات الكمية والكيفية التي تتحكم في تلك املعايير بنوع من الدقة اإلجرائية‪.‬‬

‫والينحصر التقويم اإلدماجي فيما هو نظري‪ ،‬بل هو عبارة عن ممارسة تقويمية‬


‫عملية؛ إذ يعتمد‪ -‬إجرائيا‪ -‬على دليل اإلدماج الذي يتمثل في كراسة الوضعيات‬
‫اإلدماجية‪ ،‬وشبكة التمرير واالستثمار‪ ،‬وشبكة التحقق‪ ،‬وشبكة التصحيح‪ .‬وبعد‬
‫هذه الشبكات املتكاملة واملتجاورة فيما بينها‪ ،‬تحضر عملية املعالجة الديدكتيكية ‪،‬‬
‫واملعالجة النفسية ‪ ،‬واملعالجة االجماعية‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫خاتمة‬
‫وهكذا‪ ،‬نخلص إلى أنه من الصعب الحديث عن مدرس جيد إال إذا كان يمتلك ثالث‬
‫كفايات رئيسة مهمة هي‪ :‬كفاية التخطيط‪،‬وكفاية التدبير‪ ،‬وكفاية التقويم‪.‬‬

‫وإذا كانت كفاية التخطيط قائمة على وضع خطط هندسية استشرافية قريبة‬
‫ومتوسطة وبعيدة‪ ،‬فإن كفاية التدبير قائمة على أجرأة هذه املخططات وتطبيقها‬
‫وتنفيذها وتنزيلها واقعيا وميدانيا‪.‬‬

‫أما كفاية التقويم ‪ ،‬فتستند إلى معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخبراته‬
‫وقدراته الكفائية حين يوضع أمام وضعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها‬
‫املستعصية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يساعد التقويم املدرس الكفء على معرفة مستوى التالميذ‪،‬‬
‫وتحديد مواطن القوة والضعف لديهم‪ .‬كما يسعفه في اختيار املناهج والبرامج‬
‫الصالحة لتحسين املنظومة التربوية والديدكتيكية‪ .‬ويفيده كذلك في معرفة مدى‬
‫تحقق األهداف والكفايات املرجوة البلوغ إليها‪ ،‬ويعطيه صورة واضحة عن مدى ما‬
‫تحققه املدرسة من نتائج‪ ،‬ويسهم عددا وتقديرا في التوجيه واإلرشاد املدرس ي ‪.233‬‬

‫وهكذا‪ ،‬نصل إلى أن املدرس الكفء والجيد هو الذي يتمثل الطرائق الجديدة في‬
‫التدريس‪ ،‬ويمتلك ثالث كفايات رئيسة وأساسية اليمكن الفصل بينها هي‪ :‬كفاية‬
‫التخطيط‪ ،‬وكفاية التدبير‪ ،‬وكفاية التقويم‪.‬‬

‫‪ -233‬محمد الدريج ‪:‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪ ،3600‬ص‪.04-03:‬‬
‫‪408‬‬
‫وفيما يتعلق بالوضعيات ‪ ،‬فهناك الوضعيات الديدكتيكية‪ ،‬والوضعيات غير‬
‫الديدكتيكية‪ ،‬والوضعيات اإلدماجية‪ ،‬والوضعيات التقويمية‪ .‬وتخضع هذه‬
‫الوضعيات لثالث مراحل ديدكتيكية رئيسة هي‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫وتبنى الوضعيات الديكتيكية باستحضار الوضعيات اإلدماجية بأسنادها‪،‬‬


‫ومعلوماتها‪ ،‬ووثائقها‪ ،‬وصورها ‪ ،‬وتعليماتها‪ ،‬ومعاييرها‪ ،‬ومؤشراتها‪ .‬وإذا كان التقويم‬
‫الكالسيكي يعتمد على معيار اإلتقان كثيرا‪ ،‬ويحاكم املتعلم على أخطائه بقسوة‪ ،‬فإن‬
‫التقويم اإلدماجي يهتم بمعايير أساسية مستهدفة ‪ ،‬وهي‪ :‬معيار املالءمة‪ ،‬ومعيار‬
‫االنسجام‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم ألدوات املادة‪ .‬ويعني هذا أن معيار الحد األدنى‬
‫يرجح على معيار اإلتقان والجودة‪ .‬واليمكن الحديث أيضا عن املعايير إال بالحديث‬
‫عن املؤشرات الكمية والكيفية التي تتحكم في تلك املعايير بنوع من الدقة اإلجرائية‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫ثبت املصادرواملراجع‬
‫املعاجم العامة‪:‬‬
‫‪ -3‬ابن منظور‪ :‬لسان اللسان‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.3666 ،‬‬
‫‪-2‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬أحمد حسن الزيات وآخرون‪ :‬املعجم الوسيط‪ ،‬املكتبة اإلسالمية‪ ،‬استانبول‪،‬‬
‫تركيا‪،‬‬
‫املعاجم التربوية‪:‬‬
‫‪-7‬أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي لعلوم التربية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪-3‬أحمد أوزي‪ :‬املعجم املوسوعي الجديد لعلوم التربية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬جرجس ميشال جرجس‪ :‬معجم مصطلحات التربية والتعليم‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬خالد الصمدي‪ :‬مصطلحات تعليمية من التراث ‪ ،‬منشورات املنظمة اإلسالمية‬
‫للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2220‬م‪.‬‬
‫‪ -0‬الزبير مهداد‪ :‬معجم األلفاظ واملصطلحات التربوية في التراث العربي‪ ،‬مركز عبد‬
‫العزيز بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي ‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬عبد الكريم غريب‪ :‬املعجم في أعالم التربية والعلوم اإلنسانية‪،‬منشورات عالم‬
‫التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2224‬م‪.‬‬
‫‪410‬‬
‫املصادر‪:‬‬

‫‪ -33‬أرسطو‪ :‬فن الشعر‪ ،‬ترجمة‪:‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬طبعة‬
‫‪3636‬م‪.‬‬

‫املراجع باللغة العربية‪:‬‬


‫‪ -36‬إبراهيم ناصر‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان؛ مكتبة الرائد‬
‫العلمية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -37‬أحمد شبشوب‪ :‬املدخل إلى الديدكتيك العامة‪ ،‬منشورات رمسيس‪ ،‬دفاتر في‬
‫التربية ‪ ،‬العدد‪3664/2‬م‪.‬‬

‫‪ -33‬أحمد أوزي‪ :‬التعليم والتعلم بمقاربة الذكاءات املتعددة‪ ،‬مطبعة النجاح‬


‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة ‪3666‬م‪.‬‬
‫‪-16‬أمينة اللوه وآخرون‪ :‬املوجزفي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العربية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫املغرب‪،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -34‬بيير ديش ي‪ :‬تخطيط الدرس لتنمية الكفايات‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الكريم غريب‪،‬‬
‫منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.2226‬‬

‫‪ -18‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪،‬‬


‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫‪ -36‬جان بياجي‪ :‬التوجهات الجديدة للتربية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد الحبيب بلكوش‪ ،‬دار‬
‫توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغر ب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪3660‬م‪.‬‬

‫‪ -22‬جميل حمداوي‪ :‬مجزوءات التكوين في التربية والتعليم(التخطيط‪ -‬التدبير‪-‬‬


‫التقويم)‪ ،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2237‬م‪.‬‬

‫‪ -23‬جميل حمداوي ‪ :‬ديدكتيك األنشطة التربوية في التعليم األولي‪،‬أفريقيا الشرق‪،‬‬


‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬

‫‪ -22‬جميل حمداوي‪ :‬األقسام املشتركة في التعليم االبتدائي املغربي‪،‬منشورات‬


‫مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬

‫‪ -23‬جميل حمداوي‪ :‬محطات العمل الديدكتيكي‪ ،‬منشورات مكتبة سلمى‬


‫الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2233‬م‪.‬‬

‫‪ -27‬جميل حمداوي‪ :‬نحو تقويم تربوي جديد (التقويم اإلدماجي)‪ ،‬منشورات‬


‫مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬

‫‪ -23‬الحسن اللحية‪ :‬بيداغوجيا التعاقد‪ ،‬منشورات املعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪،‬‬


‫الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪.‬‬

‫‪ - 23‬الحسن اللحية‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬منشورات املعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪،‬‬


‫الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪،‬‬

‫‪412‬‬
‫‪ -24‬الحسن اللحية‪ :‬االمتحانات املهنية (علوم التربية)‪ ،‬منشورات املعارف‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬

‫‪ -20‬روجر كزافيي‪ :‬التدريس بالكفايات‪ ،‬وضعيات إلدماج املكتسبات‪ ،‬ترجمة عبد‬


‫الكريم غريب‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدرا ابليضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2224‬م‪.‬‬

‫‪ -26‬روجريرس كزافييه‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة نصر الدين الحافي وحماني‬


‫أقفلي‪ ،‬مكتبة املدارس‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -62‬زياد حمدان‪ :‬التدريس املعاصر ‪ :‬تطوراته واصوله وعناصره وطرقه‪ ،‬دار‬
‫التربية الحديثة‪ ،‬طبعة ‪3600‬م‪.‬‬

‫‪ -63‬الدمرداش سرحان ومنير كامل‪ :‬املناهج‪،‬دار العلوم للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬


‫الطبعة الثالثة سنة ‪3642‬م‪.‬‬

‫‪ -62‬عبد الرحمن التومي‪ :‬الجامع في ديدكتيك اللغة العربية‪ ،‬مطبعة املعارف‪،‬‬


‫الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -66‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬الطبعة السابعة‪3646 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -67‬عبد اللطيف الفارابي وآخران‪ :‬البرامج واملناهج‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬

‫‪ -63‬عبد الكريم غريب‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬نماذج وأساليب التطبيق والتقييم‪،‬‬


‫منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫‪ -63‬عبد الكريم غريب‪ :‬بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬

‫‪ -64‬عبد الكريم غريب والبشير اليعقوبي‪ :‬التدريس بواسطة املجزوءات‪ ،‬مطبعة‬


‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪.‬‬

‫‪ -60‬عبد الواحد أوالد الفقيهي‪ :‬الذكاءات املتعددة ‪ :‬التأسيس العلمي‪ ،‬منشورات‬


‫مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪2232‬م‪.‬‬

‫‪ -66‬العربي اسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضايا تربوية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪،‬‬


‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬

‫‪ -72‬علي أحمد مدكور‪ :‬طرق تدريس اللغة العربية‪ ،‬دار املسيرة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪2232‬م‪.‬‬

‫‪ -73‬غي آفانزيني‪ :‬الجمود والتجديد في التربية املدرسية‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد هللا عبد‬
‫الدائم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪.‬‬

‫‪ -72‬لحسن مادي‪ :‬األهداف والتقييم في التربية‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪،‬‬


‫الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‬

‫‪ -76‬لحسن مادي‪ :‬تكوين املدرسين‪ ،‬نحو بدائل لبناء الكفايات‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة ‪ ،‬الدار اليضاء‪،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬

‫‪ -77‬محمد أمزيان ‪ :‬بيداغوجيا املعرفة‪،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬


‫الطبعة األولى ‪2233‬م‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫‪ -73‬محمد حسين آل ياسين‪ :‬املبادئ األساسية في طرق التدريس العامة‪،‬‬
‫منشورات دارالقلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ومكتبة الشعب‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪.‬‬

‫‪ -73‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬


‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3606‬م‪.‬‬
‫‪ -74‬محمد الدريج‪ :‬التدريس الهادف‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -70‬محمد الدريج‪ :‬الكفايات في التعليم‪ ،‬املعرفة للجميع‪ ،‬العدد‪ ،33‬أكتوبر ‪.2222‬‬
‫‪ -76‬محمد لبيب النجيحي‪ :‬مقدمة في فلسفة التربية‪ ،‬دار النهضة العربي للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬ميلود التوري‪ :‬من درس األهداف إلى درس الكفايات‪ ،‬مطبعة أنفوبرانت‪ ،‬فاس‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2227‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬ميلود التوري‪ :‬القسم املشترك نحو مقاربة فارقية‪ ،‬أنفوبرانت‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬ميلود التوري‪ :‬تدبير املجزوءات لبناء الكفايات‪،‬مطبعة سوماڰرام‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬نهاد املوس ى‪ :‬األساليب مناهج ونماذج في تعليم اللغة العربية‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬
‫طبعة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -37‬الوكيل حلمي أحمد‪ ،‬املفتي محمد أمين‪ ،‬أسس بناء املناهج وتنظيماتها‪ ،‬دار‬
‫املسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬طبعة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬يوسف قطامي وآخرون‪ :‬تصميم التدريس‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫طبعة ‪2226‬م‪.‬‬

‫املراجع األجنبية‪:‬‬

‫‪415‬‬
56- A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS,
Paris, 1989.
57-Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans Probio
revue, 16, 4, Bruxelles : Association des professeurs de biologie (ASBL)
,1993.

58- Brousseau G. (1998) Théorie des situations didactiques. Grenoble :


La Pensée Sauvage.

59-Chevallard Y. (1985) La transposition didactique. Grenoble : La


Pensée Sauvage. (Nouvelle édition augmentée de « Un exemple de la
transposition didactique » avec M.-A. Johsua).
60- DE KETELE, J.M : L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ?
Pour quoi ? Revue Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,1996 .

61- Delacôte G. (1996) Savoir apprendre: les nouvelles méthodes.


Paris : Odile Jacob.
62- Edward .T.Hall: la dimension cachée. Ed Seuil. Coll. Point, n°
89.1971.
63- Françoise Clairc: Enseigner en Modules, Hachette, 1992.
64- Frédéric Worms, Rousseau, Émile ou de l'éducation, Livre IV, Paris,
Ellipses, 2001.
GILLET , P : ) L’ utilisation des objectifs en formation , contexte et évolution
(, Education permanent , Nr :85 , octobre 1986 .

416
65- Giordan A. (1999) Une didactique pour les sciences
expérimentales. Paris : Belin.

66- Glaeser G. (1999) Une introduction à la didactique expérimentale


des mathématiques. Grenoble : La Pensée Sauvage.

67- Jean-Claude Filloux, « Carl Rogers, le non-directivisme et les relations


humaines », Bulletin de psychologie, t. 16, no 214, 1963.
68- karl Rogers : Liberté pour apprendre, Dunod.1972.
69- Mager,Robert: Comment definer des objectifs
pédagogiques,Traduction G.Décote.Gauthier-Villars, Paris, 1981.
70- Mourad Bahloul : La pédagogie de la différence: l’exemple de l'école
tunisienne , M. Ali Editions, 2003.

71-Narcy-Combes M.-F. (2005) Précis de didactique, devenir


professeur de langues. Ellipses.

72- O.Reboul : La philosophie de l'éducation (première édition 1971) -


9e éd. - Paris : PUF, 2001 - coll. Que sais-je ? n°2441.
73- Oxford advanced learner’s, Dictionary Oxford university press 2000.
74- P . PELPEL : Se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966.
75-Paul robert : Le Petit Robert, Paris, éd, 1992.
76- Pédagogie générales, Nancy, MAFPEN, 1987.

417
77-Reuter Y. dir. (2007/2010) Dictionnaire des concepts
fondamentaux des didactiques. Bruxelles: De Boeck.
78- ROEGIERS, X : Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles :
De Boeck Université, 2003.
79-ROEGIERS, X : L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck Université,
2004.
80-Roegiers, X, la pédagogie de l’intégration en bref, Rabat, 2006 .
80-ROEGIERS, X.,Avec la collaboration de DE KETELE, J.-M. Une
pédagogie de l'intégration, Bruxelles-Paris : De Boeck Université,2222.

81-Terrisse A. (2000) Didactique des disciplines. Les références au


savoir. De Boeck Université.
82-V. et G. Landsheere : Définir les objectifs de l’éducation, Liège et
George Thoune 1975, p202.

83-Viennot L. (2003) Raisonner en physique: La part du sens commun.


De Boeck Université.
Viviane De Land Sheere: L' éducation et la formation. P.U.F, 1987.

:‫املق ــاالت‬
،)‫ مقابلة مع فليب پيرنو‬:‫( بناء الكفايات‬:‫ باوال جونتيل وروبيرتا بنتشيني‬-84
‫ محمد العمارتي والبشير‬:‫ تعريب‬،‫الكفايات في التدريس بين التنظير واملمارسة‬
.‫م‬2227 ‫ الطبعة األولى سنة‬،‫ الرباط‬،‫ مطبعة أكدال‬،‫اليعكوبي‬

418
‫‪ -85‬حسن بوتكالي‪ (:‬مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب پيرنو)‪ ،‬الكفايات في‬
‫التدريس بين التنظير واملمارسة‪ ،‬مطبعة أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪.2227‬‬
‫‪ -03‬كسافيي روجييرز ‪ :‬التدريس بالكفايات(وضعيات إلدماج املكتسبات)‪ ،‬ترجمة‪:‬‬
‫عبد الكريم غريب‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2224‬م‪.‬‬
‫‪ -04‬محمد نادر سراج‪ ( :‬التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر‬
‫الراهن)‪ ،‬الفكرالعربي املعاصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬العددان‪ ،03/02 :‬السنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -00‬ميلود أحبادو‪ ( :‬مقومات املنهاج التعليمي)‪ ،‬مجلة التدريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫العدد السابع‪.‬‬
‫‪ -06‬نيكو هرت‪ (:‬بصدد املقاربة عبر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى‬
‫مواطنين نقديين؟)‪ ،‬الكفايات في التدريس بين النظرية واملمارسة‪ ،‬مطبعة‬
‫أكدال‪،‬الرباط‪،‬الطبعة األولى سنة ‪2227‬م‪.‬‬
‫الدالئل الوزارية‪:‬‬

‫‪ -62‬وزارة التربية الوطنية ‪ :‬تكوين معلمي التعليم األساس ي‪ ،‬الرباط‪،‬املغرب‪،‬‬


‫‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬وزارة النتننرب نيننة ال ننوط نن نينة‪ ،‬اللنجنن ننة النم ننرك ننزيننة للندع ننم النتننربننوي‪ :‬ك ـتــاب مــرج ـع ــي في‬
‫الـدع ــم ال ـت ــرب ــوي‪ ،‬منط نب نع ننة الننج نناح ال نج نندي نندة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة‬
‫‪3666‬م‪.‬‬
‫‪ -62‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬

‫‪ -66‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬مراجعة املناهج التربوية الكتاب األبيض‪ ،‬مشروع منقح‬
‫ومزيد‪ ،‬نونبر ‪2222‬م‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫‪ -67‬وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي‪ :‬الكتاب‬
‫املدرس ي مسار إصالح‪ ،‬مديرية املناهج‪ ،‬قطاع التربية الوطنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل الحياة املدرسية‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل املقاربة بالكفايات‪ ،‬مكتبة املدارس‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى دجنبر‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -64‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل بيداغوجيا اإلدماج‪ ،‬مكتبة املدارس‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -60‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل اإلدماج‪ ،‬املستوى الثالث من التعليم االبتدائي‪،‬‬
‫مطبعة األحداث‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -66‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬كراسة الوضعيات اإلدماجية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬املستوى‬
‫السادس‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪2232 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -42‬وزارة التربية الوطنية ‪ :‬دليل األساتذة الجدد بالتعليم االبتدائي‪ ،‬منشورات‬
‫مديرية تكوين األطر‪ ،‬مركز اإلمام الغزالي لتكوين املعلمين واملعلمات‪ ،‬أكادير‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫‪2233-2232‬م‪.‬‬
‫‪ -43‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬الدليل املنهجي لدعم النجاح املدرس ي‪ ،‬الرقم ‪ ،3‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2236‬م‪.‬‬

‫الــويبوغر افــيا‪:‬‬

‫‪ -42‬زهور باقي‪( :‬أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ")‪،‬‬
‫موقع هسبريس‪ ،‬املغرب‪ ،‬االثنين ‪ 32‬غشت ‪ 2236‬م‪.‬‬

‫‪http://hespress.com/portraits/86476.htm‬‬
‫‪420‬‬
‫‪ -46‬مجد خضر‪( :‬الفرق بين املنهج واملقرر)‬
‫‪http://mawdoo3.com/‬‬

‫‪421‬‬
‫السيرة العلمية‪:‬‬

‫‪ -‬جميل حمداوي من مواليد مدينة الناظور باململكة املغربية سنة ‪3636‬م ‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على دبلوم الدراسات العليا سنة ‪3663‬م في موضوع (العنوان في الشعر‬
‫العربي الحديث واملعاصرنحو مقاربة سيميائية) بميزة حسن جدا‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على دكتوراه الدولة سنة ‪2223‬م في الرواية ‪ ،‬وكان موضوع األطروحة (‬
‫مقاربة النص املوازي في روايات بنسالم حميش) بميزة حسن جدا‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على إجازتين‪ :‬األولى في األدب العربي‪ ،‬والثانية في الشريعة والقانون‪ .‬كما تابع‬
‫دراساته الجامعية في الفلسفة وعلم النفس وعلم االجتماع بكليتي اآلداب بفاس‬
‫وتطوان‪.‬‬

‫‪ -‬دكتور بروفيسور في األدب العربي الحديث واملعاصر‪.‬‬

‫‪ -‬أستاذ التعليم العالي باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين بالناظور‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫‪ -‬أستاذ التربية الخاصة والعامة ‪ ،‬وأستاذ علم التدريس في اللغة العربية ‪ ،‬وعلوم‬
‫التربية باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين بالجهة الشرقية (وجدة‪/‬املغرب)‪.‬‬

‫‪ -‬كان سابقا أستاذ األدب الرقمي ومناهج النقد األدبي بماستر الكتابة النسائية بكلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪.‬‬

‫‪ -‬كان سابقا أستاذ الرواية ومناهج مابعد الحداثة وعلم التحقيق بماستر النثر العربي‬
‫القديم بكلية اآلداب تطوان‪.‬‬

‫‪ -‬كان سابقا أستاذ الصحافة بماستر الترجمة والتواصل والصحافة بمدرسة فهد‬
‫العليا بطنجة (املغرب)‪.‬‬

‫‪ -‬كان سابقا أستاذ مادة حضارات البحر األبيض املتوسط بالكلية املتعددة‬
‫التخصصات بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬أستاذ األدب العربي‪ ،‬والصحافة‪ ،‬ومناهج البحث التربوي‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪،‬‬


‫وعلوم التربية‪ ،‬والتربية الفنية‪ ،‬والحضارة األمازيغية‪ ،‬وعلم التدريس في التعليم‬
‫األولي‪...‬‬

‫‪ -‬يدرس ‪ -‬اآلن‪ -‬علم النفس التربوي‪ ،‬وعلوم التربية‪ ،‬ومناهج البحث التربوي‪ ،‬وطرائق‬
‫التدريس‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪ ،‬ومناهج البحث التربوي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬شاعر‪ ،‬وناقد‪ ،‬وباحث‪ ،‬وسيناريست‪ ،‬ومحكم‪ ،‬وكاتب مسرحي‪ ،‬وخبير تربوي‪،‬‬
‫ومؤطر ومحاضر ثقافي وفني‪ ،‬ومكون تربوي‪ ،‬ومستشار في كثير من املجالت العربية‬
‫والدولية املحكمة وغير املحكمة‪.‬‬

‫‪ -‬مخرج مسرحي‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫‪ -‬باحث فني وناقد سينمائي وتشكيلي وموسيقي‪.‬‬

‫‪ -‬يعد من املنظرين العرب األوائل للقصة القصيرة جدا‪ ،‬والكتابة الشذرية‪ ،‬والبالغة‬
‫الرحبة‪ ،‬والصورة السردية‪... ،‬‬

‫‪ -‬ممثل الخبراء في مجال التربية والتعليم‪.‬‬

‫‪ -‬صاحب مقاربات نقدية جديدة عربيا ‪ :‬املقاربة امليكروسردية في دراسة القصة‬


‫القصيرة جدا‪ ،‬واملقاربة الشذرية في دراسة الشذرات‪ ،‬واملقاربة امليديولوجية في‬
‫دراسة األدب الرقمي‪ ،‬واملقاربة الكوسمولوجية في دراسة العوالم املمكنة‪ ،‬واملقاربة‬
‫الهايكية في دراسة شعر الهايكو‪ ،‬واملقاربة املقاصدية في دراسة مقاصد األدب‪،‬‬
‫واملقاربة الفيزيائية في دراسة حركة الشعر‪ ،‬والبيداغوجيا اإلبداعية في مجال التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬ومقاربة البالغة الرحبة في دراسة الصور السردية‪ ،‬واملقاربة الطوبيقية في‬
‫دراسة املواضع الحجاجية‪ ،‬والتربية الناقدة‪ ،‬واملقاربة املهارية في التربية والتعليم‪...‬‬

‫‪ -‬كتب حوالي ‪ 3232‬كتاب ورقي وإلكتروني‪.‬وههذا‪ ،‬يكون أكثر إنتاجا في الثقافة العربية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬نشر أكثر من ‪ 3622‬مقال علمي محكم وغير محكم في الصحف األجنبية والعربية‬
‫واملغربية‪ ،‬دون أن ننس ى ما نشرناه من مقاالت في مواقع إلكترونية‪ ،‬فهي كثيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬نشر أكثر من ‪ 32‬كتابا في املجال السياس ي والقانوني ككتاب علم االجتماع‬


‫السياس ي‪ ،‬ومغاربة العالم واملشاركة السياسية‪ ،‬والت ننرب نيننة والديمقراط ني ننة‪ ،‬والشباب‬
‫املغربي واملشاركة السياسية‪ ،‬والشباب العربي واملشاركة السياسية‪ ،‬وكتاب األحزاب‬
‫السياسية باملغرب‪ ،‬والعنف بين الرفض واملشروعية (مقاربة فلسفية)‪ ،‬والتسامح‬
‫الصوفي والطرقي باملغرب‪ ،‬ومبادىء علم االجتماع االقتصادي‪ ،‬وعلم التدبير‪ ،‬ومن‬
‫‪424‬‬
‫اإلدارة البيروقراطية إلى اإلدارة البديلة‪ ،‬ومفهوم اإلدارة التربوية‪ ،‬والعنندوان‬
‫الكينماوي عنلى منطقة النرينف‪ ،‬واملفاهيم السوسيولوجية عند بيير بورديو ‪ ،‬واملقاربة‬
‫الثقافية أساس التنمية البشرية‪ ،‬والنظرية النقدية أو مدرسة فرانكفورت ‪ ،‬وعلم‬
‫اجتماع البيئة و التنمية‪ ،‬وسوسيولوجيا التطرف ‪ ،‬والجماعات اإلسالمية وسالح‬
‫التكفير‪ ،‬والسياسات العمومية باملغرب‪ ،‬والفضاء النعننام في ضوء علم االجتماع‬
‫السياس ي‪ ،‬واملغرب وصدمة الحداثة(مقاربة سوسيولوجية)‪ ،‬ومناهج العلوم‬
‫االجتماعية والقانونية‪ ،‬وسيميولوجيا الهجرة املغربية‪ ،‬وحجاج الخطاب السياس ي‪،‬‬
‫والحرب العادلة أو الحرب األخالقية املشروعة في منظور العالقات الدولية‪ ،‬وهل من‬
‫مستقبل لألحزاب السياسية في الوطن العربي؟ واملقاربة الثقافية أساس التنمية‬
‫والحكامة الجيدة ‪ ،‬وعلم االجتماع اإلداري ‪ ،‬وأثر التقلبات السياسية العربية الراهنة‬
‫في السلوك االجتماعي‪ ،‬ومقاربة سوسيو‪-‬سياسية‪ ،‬وجهود ماكس فيبر في مجال‬
‫السوسيولوجيا‪ ،‬وسوسيولوجيا النخب(النخبة املغربية أنموذجا)‪ ،‬وسوسيولوجيا‬
‫الثقافة‪ ،‬و هل هناك حرب عادلة؟‪ ،‬إلخ‪...‬‬

‫‪ -‬له موقع إلكتروني مجاني يضم كتبا عديدة موجهة للباحثين والطلبة للتحميل‬
‫بعنوان( موقع الثقافة للجميع)‬

‫‪Hamdaoui.ma‬‬

‫‪ -‬كتب أكثر من ‪322‬كتاب في التربية والتعليم‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مركز جسور للبحث في الثقافة والفنون بالناظور‪/‬املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬عضو في االتحاد الدولي للغة العربية رقم العضوية ‪.3666/22‬‬

‫‪ -‬أديب ومبدع وناقد وباحث‪ ،‬يشتغل ضمن رؤية أكاديمية موسوعية‪.‬‬


‫‪425‬‬
‫‪ -‬حصل على جائزة مؤسسة املثقف العربي (سيدني‪/‬أستراليا) لعام ‪2233‬م في النقد‬
‫والدراسات األدبية‪.‬‬

‫‪ -‬حصل على جائزة ناجي النعمان األدبية سنة‪2237‬م‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس الرابطة العربية للقصة القصيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس املهرجان العربي للقصة القصيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس الهيئة العربية لنقاد القصة القصيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس الهيئة العربية لنقاد الكتابة الشذرية ومبدعيها‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس جمعية الجسور للبحث في الثقافة والفنون‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر املسرح األمازيغي‪.‬‬

‫‪ -‬عضو الجمعية العربية لنقاد املسرح‪.‬‬

‫‪-‬عضو رابطة األدب اإلسالمي العاملية‪.‬‬

‫‪ -‬عضو اتحاد كتاب العرب‪.‬‬

‫‪-‬عضو اتحاد كتاب اإلنترنت العرب‪.‬‬

‫‪-‬عضو اتحاد كتاب املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬عضو في الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين الشعوب‪.‬‬

‫‪ -‬خبير في التربية والثقافة األمازيغية‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫‪ -‬ترجمت مقاالته ودراساته إلى اللغة الفرنسية‪ ،‬واللغة الفارسية‪ ،‬واللغة الكردية‪،‬‬
‫والبنغالية‪ ،‬واألندونيسية‪...‬‬

‫‪ -‬شارك في مهرجانات عربية عدة في كل من‪ :‬الجزائر‪ ،‬وتونس‪ ،‬وليبيا‪ ،‬ومصر‪،‬‬


‫واألردن‪ ،‬والسعودية‪ ،‬والبحرين‪ ،‬والعراق‪ ،‬واإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬وسلطنة‬
‫عمان‪...‬‬

‫‪ -‬مستشار في مجموعة من الصحف واملجالت والجرائد والدوريات الوطنية والعربية‪.‬‬

‫‪ -‬ألف ( ‪ )3232‬كتاب ورقي وإلكتروني في تخصصات متعددة‪.‬وههذا‪ ،‬يكون أكثر إنتاجا‬


‫في الثقافة العربية اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪ -‬منح جميل حمداوي لقب شخصية العام من أفضل مائة شخصية مؤثرة في العالم‬
‫لعام ‪2223‬م من قبل الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين‬
‫الشعوب‪.‬‬

‫‪ -‬نشر الباحث مقاالته في املجالت املغربية ( مجلة ضفاف‪ -‬مجلة املجرة‪ -‬مجلة‬
‫فضاءات مغربية‪ -‬مجلة فكر‪ -‬مجلة املقاومة وجيش التحرير املغربي‪ -‬مجلة فكر‬
‫ونقد‪ -‬مجلة علوم التربية‪ -‬مجلة آفاق‪ -‬مجلة إيقاظ‪ -‬مجلة الحياة املدرسية‪ -‬مجلة‬
‫الفرقان‪ -‬مجلة رهانات‪ -‬مجلة التذكرة‪ -‬مجلة نغم‪ -‬مجلة كتابات‪ -‬مجلة الحياة‬
‫الفنية‪-‬مجلة أدليس‪-‬مجلة نوافذ‪ -‬مجلة األزمنة الحديثة‪-‬مجلة التاريخ العربي‪-‬مجلة‬
‫امللتقى‪ -‬مجلة طنجة األدبية‪ -‬مجلة شؤون إستراتيجية‪ -‬مجلة لكل النساء‪ -‬مجلة‬
‫اهتمامات تربوية – مجلة دعوة الحق‪ -‬مجلة أمل‪ -‬مجلة رهانات‪ -‬مجلة مدارات‬
‫التربية والتكوين‪ -‬مجلة اإلدارة التربوية‪ -‬مجلة الذاكرة الوطنية‪ -‬ومجلة الغنية‪،‬‬
‫ومجلة الثقافة املغربية‪.)...‬‬

‫‪427‬‬
‫‪ -‬نشر في املجالت العربية والخليجية‪ ،‬مثل‪ :‬مجلة الكويت (الكويت)‪ ،‬ومجلة عالم‬
‫الفكر(الكويت)‪ ،‬ومجلة الراوي(السعودية)‪ ،‬ومجلة الفيصل (السعودية) ‪ ،‬ومجلة‬
‫الشؤون التربوية (الكويت)‪ ،‬ومجلة األدب اإلسالمي ( السعودية) ‪ ،‬ومجلة جريدة‬
‫الفنون( الكويت) ‪،‬ومجلة عشتروت (سوريا)‪ ،‬ومجلة الكرمل( فلسطين) ‪ ،‬ومجلة‬
‫املجلة العربية (السعودية)‪ ،‬ومجلة العربي (الكويت) ‪،‬ومجلة نزوى (عمان)‪،‬ومجلة‬
‫البيان (الكويت)‪ ،‬ومجلة الجوبة (السعودية)‪ ،‬ومجلة التسامح (سلطنة عمان)‪،‬‬
‫ومجلة الغدير(لبنان)‪ ،‬ومجلة الفرقان (األردن)‪ ،‬ومجلة اآلطام (السعودية)‪ ،‬ومجلة‬
‫شانؤ (كوردستان)‪ ،‬ومجلة (هةنار) كوردستان‪ ،‬ومجلة الدوحة (قطر)‪ ،‬ومجلة‬
‫حوليات التراث (الجزائر)‪ ،‬ومجلة أبعاد (السعودية)‪ ،‬ومجلة اإلشراق (العراق)‪،‬‬
‫ومجلة املنهاج (لبنان)‪ ،‬ومجلة املسرح العربي (اإلمارات العربية املتحدة) ‪ ،‬ومجلة‬
‫إبداع (مصر)‪ ،‬ومجلة املعرفة(السعودية)‪ ،‬ومجلة الرافد (اإلمارات العربية املتحدة)‪،‬‬
‫ومجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية(الكويت)‪،‬ومجلة الحياة املسرحية(سوريا)‪،‬‬
‫ومجلة الفيصل األدبية (السعودية)‪ ،‬ومجلة جرش الثقافية (األردن)‪ ،‬ومجلة‬
‫سيميائيات (الجزائر)‪ ،‬ومجلة قضايا إستراتيجية (تونس)‪ ،‬ومجلة املسرح (الشارقة)‪،‬‬
‫ومجلة العربية والترجمة (لبنان)‪ ،‬ومجلة الجسرة (قطر)‪ ،‬ومجلة كتابات معاصرة‬
‫(لبنان)‪ ،‬ومجلة العربية والترجمة (لبنان)‪ ،‬ومجلة عتبات الثقافية (مصر)‪ ،‬ومجلة‬
‫الصورة واالتصال(الجزائر)‪ ،‬ومجلة الكلمة (لبنان)‪،‬ومجلة لسان العرب (ليبيا)‪،‬‬
‫‪.‬وسردم العربي(كردستان)‪ ،‬ومجلة قصص(تونس)‪ ،‬ومجلة املستقبل العربي (لبنان)‪،‬‬
‫ومجلة اإلمارات الثقافية (اإلمارات)‪ ،‬والحياة الثقافية (تونس)‪،‬ومجلة اإلصالح‬
‫اإللكترونية (تونس)‪ ،‬ومجلة الرقيم(العراق)‪ ،‬ومجلة أيقونات (الجزائر)‪ ،‬ومجلة رؤية‬
‫سينمائية (اإلمارات العربية املتحدة)‪ ،‬ومجلة (املوقف األدبي) السورية‪ ،‬ومجلة‬

‫‪428‬‬
‫(قصص) تونس‪ ،‬ومجلة الحرس الوطني(السعودية)‪ ،‬ومجلة العالم (السعودية)‪،‬‬
‫ومجلة فصول (مصر)‪ ،‬ومجلة سمات(البحرين)‪ ،‬ومجلة املنافذ الثقافية (لبنان)‪،)...‬‬
‫ومجلة الفكر العربي املعاصر(لبنان)‪،‬ومجلة جيل العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫(الجزائر)‪ ،‬ومجلة (األقالم) العراق‪،‬ومجلة شؤون عربية (مصر)‪ ،‬ومجلة جرش‬
‫الثقافية (األردن)‪ ،‬ومجلة أدب ونقد (مصر)‪ ،‬ومجلة االجتهاد املعاصر (لبنان)‪،‬‬
‫ومجلة أقالم عربية(اليمن)‪ ،‬ومجلة أبحاث ودراسات تربوية(لبنان)‪ ،‬ومجلة فرقد‬
‫اإلبداعية (السعودية)‪ ،‬ومجلة دراسات معاصرة(الجزائر)‪( ،‬مجلة الطفولة العربية)‬
‫الكويت‪ ،‬ومجلة االستغراب(لبنان)‪ ،‬ومجلة شؤون األوسط (لبنان)‪ ،‬وصحيفة فنون‬
‫الخليج (السعودية)‪ ،‬ومجلة الفيصل (السعودية)‪ ،‬ومجلة جيل الدراسات السياسية‬
‫والعالقات الدولية (لبنان)‪ ،‬ومجلة (املوقف األدبي) سورية‪ ،‬ومجلة دراسات‬
‫استشراقية (لبنان)‪ ،‬ومجلة (شرفات) (العراق)‪ ،‬ومجلة (أقالم عربية) (اليمن)‪،‬‬
‫ومجلة (ضفاف عربية) العراق‪ ،‬ومجلة (أبحاث ودراسات تربوية) لبنان‪ ،‬ومجلة‬
‫(جيل) لبنان‪...‬‬

‫‪ -‬نشر أيضا مقاالته في املجالت العاملية ( مجلة العرب األسبوعي ( لندن)‪ ،‬ومجلة‬
‫الكلمة ( لندن)‪ ،‬صوت العروبة(الواليات املتحدة األمريكية)‪ ،‬ومجلة القلم األدبي‬
‫(لندن )‪ ،‬ومجلة صدى املهجر(الواليات املتحدة األمريكية)‪ ،‬ومجلة عالم الغد (ڤيينا‬
‫بالنمسا)‪ ،‬وصحيفة العاملية (كاليفورنيا بالواليات املتحدة األمريكية)‪ ،)...،‬ومجلة‬
‫جامعة ابن رشد (هولندا)‪ ،‬ومجلة الزمان (لندن)‪...‬‬

‫‪ -‬نشر دراساته في الجرائد العربية واإلسالمية والدولية (جريدة املواطن العراقية‪،‬‬


‫والكلمة الحرة العراقية‪ ،‬وصحيفة العدالة العراقية‪ ،‬وجريدة الجريدة العراقية‪،‬‬
‫وجريدة املنارة العراقية‪ ،‬وجريدة امليثاق البحرينية‪ ،‬وجريدة األيام البحرينية‪،‬‬
‫‪429‬‬
‫وجريدة العراق اليوم‪ ،‬وجريدة السيادة العراقية‪ ،‬وجريدة الوفاق اإليرانية‪ ،‬وجريدة‬
‫بغداد العراقية‪ ،‬وجريدة صوت العروبة الصادرة بالواليات املتحدة األمريكية‪،‬‬
‫والصحيفة البحرينية‪ ،‬وجريدة الثورة العراقية‪ ،‬وجريدة العدالة العراقية‪ ،‬وجريدة‬
‫املؤتمر العراقية‪ ،‬وصحيفة الوقت البحرينية‪ ،‬وجريدة الثورة العراقية‪ ،‬وجريدة‬
‫الزمان العراقية اللندنية‪ ،‬وجريدة الدعوة العراقية‪ ،‬وجريدة البينة العراقية‪،‬‬
‫وجريدة االتحاد العراقية‪ ،‬وجريدة مسرحنا املصرية‪ ،‬وجريدة منبر الرأي( األردن)‪،‬‬
‫واملدينة (السعودية)‪ ،‬وجريدة املستشار(العراق)‪ ،‬وجريدة الثقافية(تونس)‪ ،‬وجريدة‬
‫أقالم الغد (املغرب)‪ ،‬الرأي (األردن)‪ ،‬وجريدة املشرق (العراق)‪ ،‬وجريدة بدر‬
‫(العراق)‪ ،‬وكالة النهار األخبارية (العراق)‪ ،‬والحياة الطيبة (لبنان)‪ ،‬وجريدة بدر‬
‫(العراق)‪ ،‬وجريدة االتحاد (كردستان)‪ ،‬وصحيفة عكاظ (السعودية)‪ ،‬وجريدة‬
‫الوركاء‪،‬وصحيفة وار( كردستان)‪ ،‬وجريدة التآخي (العراق) ‪ ،‬وصحيفة منارة الشرق‬
‫للثقافة واإلعالم(العراق)‪،‬وجريدة الخليج (اإلمارات العربية املتحدة)‪)....،‬‬

‫‪ -‬نشر مقاالته في الجرائد املغربية الوطنية ( االتحاد االشتراكي ‪ -‬العلم‪ -‬طنجة األدبية‬
‫‪ -‬روافد ثقافية‪ -‬املنعطف الثقافي‪-‬الشمال‪ -‬رسالة األمة‪-‬أنغميس‪ -‬العالم األمازيغي‪-‬‬
‫املنعطف‪ -‬أگراو‪ -‬يومية الناس‪ -‬جريدة مالمح ثقافية‪ -‬جريدة الرأي املغربية‪ -‬جريدة‬
‫التجديد‪-‬الجريدة التربوية‪ -‬مرايا مغربية‪ -‬جريدة الرأي الحر‪ -‬بيان اليوم‪-‬العدالة‬
‫والتنمية‪ -‬النهار املغربية‪ -‬املنتدى األمازيغي‪ -‬عين على الفن‪ -‬الشروق املغربية‪ -‬األيام‪-‬‬
‫الفسحة‪-‬القصة املغربية‪ -‬الخبر‪-‬املساء‪ -‬أقالم املغرب‪ -‬اقالم الغد‪ -‬جريدة العاصمة‪-‬‬
‫األخبار‪.)......‬‬

‫‪ -‬نشر مقاالته في الصحف املحلية (البديل‪ ،‬وصوت الريف‪ ،‬والصدى‪ ،‬والساعة‪،‬‬


‫وأنوال اليوم‪ ،‬والريفي‪ ،‬والعبور الصحفي‪ ،‬وصوت الشمال‪ ،‬وأمنوس‪ ،‬وبين السطور‪،‬‬
‫‪430‬‬
‫وتيفراس‪ ،‬وأصداء الريف‪ ،‬وأنباء الريف‪ ،‬واألسبوعية الجهوية‪ ،‬وجريدة الريف‬
‫املغربية‪ ،‬والصحيفة الشرقية‪ ،‬ونوميديا‪ ،‬وأصوات الريف‪ ،‬واملساء‪.)....‬‬

‫‪ -‬نشر مقاالت عدة في كثير من املواقع اإللكتورنية‪ ،‬مثل‪ :‬دروب‪ ،‬واملثقف‪ ،‬والوطن‪،‬‬
‫والحوار املتمدن‪،‬والندوة العربية ‪ ،‬واملثقف‪ ،‬وملتقى شعراء العرب‪ ،‬واملجلة العربية‪،‬‬
‫والفوانيس‪ ،‬ومنبر دنيا الوطن‪ ،‬وصوت العروبة‪ ،‬والصحيفة‪ ،‬وديوان العرب‪ ،‬وأقالم‬
‫الثقافية‪ ،‬وأفق الثقافي‪ ،‬وفراديس‪ ،‬وفضاءات‪ ،‬وجدار‪ ،‬ومنتدى مسرحيون‪ ،‬ومسرح‬
‫الطائف‪ ،‬والتجديد العربي‪ ،‬والقصة العربية‪ ،‬والقصة العراقية‪ ،‬ورجال األدب‪،‬‬
‫وعراق الكلمة‪ ،‬وشعراء العراق‪ ،‬وبوابة املغرب‪ ،‬واتحاد كتاب اإلنترنت العرب‪،‬‬
‫والفوانيس‪ ،‬واملناهل ‪.....‬‬

‫‪ -‬صاحب مقاربات نقدية جديدة وأصيلة هي‪ :‬املقاربة الشذرية‪ ،‬واملقاربة الوسائطية‬
‫أو امليديولوجية‪ ،‬واملقاربة القالبية‪ ،‬واملقاربة املقاصدية‪ ،‬واملقاربة امليكروسردية‪،‬‬
‫واملقاربة الطوبيقية‪ ،‬واملقاربة الفيزيائية في دراسة الحركة في األدب والفن‪ ،‬و املقاربة‬
‫الهايكية‪ ،‬و املقاربة البنيوية الدياكرونية‪ ،‬وسيميوطيقا التوتر‪ ،‬والبيداغوجيا‬
‫اإلبداعية‪ ،‬والتربية الناقدة‪ ،‬وتربية امللكات‪ ،‬والبالغة الرحبة‪ ،‬والبالغة الرقمية‪...‬‬

‫‪ -‬ومن أهم كتبه‪ :‬الجديد في الدرس البالغي‪ ،‬واالستغراب‪ ،‬واالستعراب اإلسباني في‬
‫خدمة األدب العربي‪ ،‬واالستشراق‪ ،‬وسوسيولوجيا األسلوب‪ ،‬ونحو املقاربة‬
‫الكوسمولوجية‪ ،‬ومن هم البربر؟‪ ،‬والحكاية الشعبية األمازيغية‪ ،‬والسرد األمازيغي‬
‫بمنطقة الريف‪ ،‬ومدخل إلى اللسانيات األمازيغية‪ ،‬ولسانيات النص‪ ،‬واألدب الرقمي‪،‬‬
‫والجهة في اللغة العربية‪ ،‬واملقاربة امليديولوجية‪ ،‬و سيميوطيقا التوتر‪ ،‬وفقه‬
‫النوازل‪ ،‬ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسالمي‪ ،‬ومحطات العمل الديدكتيكي‪ ،‬وتدبير‬

‫‪431‬‬
‫الحياة املدرسية‪ ،‬وبيداغوجيا األخطاء‪ ،‬ونحو تقويم تربوي جديد‪ ،‬والشذرات بين‬
‫النظرية والتطبيق‪ ،‬والقصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق‪ ،‬والرواية التاريخية‪،‬‬
‫تصورات تربوية جديدة‪ ،‬واإلسالم بين الحداثة وما بعد الحداثة‪ ،‬ومجزءات التكوين‪،‬‬
‫ومن سيميوطيقا الذات إلى سيميوطيقا التوتر‪ ،‬والتربية الفنية‪ ،‬ومدخل إلى األدب‬
‫السعودي‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪ ،‬ونظريات النقد األدبي في مرحلة مابعد الحداثة‪،‬‬
‫ومقومات القصة القصيرة جدا عند جمال الدين الخضيري‪ ،‬وأنواع املمثل في‬
‫التيارات املسرحية الغربية والعربية‪ ،‬وفي نظرية الرواية‪ :‬مقاربات جديدة‪،‬‬
‫وأنطولوجيا القصة القصيرة جدا باملغرب‪ ،‬والقصيدة الكونكريتية‪ ،‬ومن أجل تقنية‬
‫جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ‪ ،‬والسيميولوجيا بين النظرية والتطبيق‪ ،‬واإلخراج‬
‫املسرحي‪ ،‬ومدخل إلى السينوغرافيا املسرحية‪ ،‬واملسرح األمازيغي‪ ،‬ومسرح الشباب‬
‫باملغرب‪ ،‬واملدخل إلى اإلخراج املسرحي‪ ،‬ومسرح الطفل بين التأليف واإلخراج‪،‬‬
‫ومسرح األطفال باملغرب‪ ،‬ونصوص مسرحية‪ ،‬ومدخل إلى السينما املغربية‪ ،‬ومناهج‬
‫النقد العربي‪ ،‬والجديد في التربية والتعليم‪ ،‬وببليوغرافيا أدب األطفال باملغرب‪،‬‬
‫ومدخل إلى الشعر اإلسالمي‪ ،‬واملدارس العتيقة باملغرب‪ ،‬وأدب األطفال باملغرب‪،‬‬
‫والقصة القصيرة جدا باملغرب‪،‬والقصة القصيرة جدا عند السعودي علي حسن‬
‫البطران‪ ،‬وأعالم الثقافة األمازيغية‪...‬‬

‫‪ -‬من أعضاء الهيئة االستشارية العلمية في كثير من املجالت العربية والدولية ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫مجلة جرش التابعة لجامعة األردن ابتداء من العدد‪ 23‬لسنة ‪2222‬م‪ ،‬ومجلة ابن‬
‫رشد ههولندة‪ ،‬ومجلة أطلنتيس‪ ،‬مجلة (عتبات) الثقافية املصرية‪ ،‬و (مجلة كتابات‬
‫معاصرة) الصادرة بلبنان ابتداء من العدد‪ 323‬سنة ‪2230‬م‪ ،‬ومجلة (العلوم‬
‫القانونية) املغربية التي يشرف عليها نبيل بوحميدي وميمون خراط ‪ ،‬و‬

‫‪432‬‬
‫(مجلةاآلداب واللغات والعلوم اإلنسانية) الصادرة عن كلية اآلداب واللغات‬
‫بجامعة الشاذلي بن جديد‪ ،‬الطارف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬و مجلة ابن رشد ههولندة ‪ ،‬ومجلة‬
‫الصورة واالتصال بالجزائر‪ ،‬ومجلة القلم األدبي بلندن‪ ،‬ومجلة أجراس الثقافية‬
‫باملغرب‪ ،‬ومجلة فضاءات مغربية‪ ،‬ومجلة أدب الطفل بالجزائر‪...‬‬

‫‪ -‬مدير سابق ملوقع الريف الثقافي ‪www.rifculture.net‬‬

‫‪ -‬مدير سابق ملوقع (الثقافة للجميع)‪.www.jamilhamdaoui.net‬‬

‫‪ -‬مدير سابق ملوقع (األكاديمية املغربية للثقافة األمازيغية) الرقمية‬


‫‪.www.jamilrifi.net‬‬

‫‪ -‬مسؤول سابق عن موقع (الريف الثقافي)‬

‫‪www.rifculture.net‬‬

‫‪ -‬مدير املوقع الشخص ي للدكتور جميل حمداوي (‪)Hamdaoui.ma‬‬

‫‪ -‬رئيس موقع الثقافة للجميع (‪)Hamdaoui.ma‬‬

‫‪ -‬رئيس مركز جسور للبحث في الثقافة والفنون بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر املسرح األمازيغي بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر القصة القصيرة جدا بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر الثقافة األمازيغية بمنطقة الريف‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر ابن خلدون للتربية والتعليم باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين‬
‫بالجهة الشرقية‪ ،‬فرع الناظور‪.‬‬
‫‪433‬‬
‫‪ -‬رئيس مختبر مسرح الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر الكتابة الشذرية بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬نائب رئيس مختبر املونودراما بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر أدب األطفال في الناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر أدب الشباب في مدينة الناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختبر الرواية في منطقة الريف‪.‬‬

‫‪ -‬مستشار مختبر الظواهر األدبية بالجهة الشرقية‪.‬‬

‫‪ -‬عضو فريق بيبليوغرافيا األدب املغربي الحديث‪.‬‬

‫‪ -‬عنوان الباحث‪ :‬جميل حمداوي‪ ،‬صندوق البريد‪ ،3466‬الناظور‪ ،32222‬املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬الهاتف النقال‪2342637660:‬‬

‫‪ -‬الهاتف املنزلي‪2363666700:‬‬

‫‪ -‬الواتساب‪2342637660:‬‬

‫‪ -‬اإليميل‪Hamdaouidocteur@gmail.com:‬‬

‫‪Jamilhamdaoui@yahoo.fr‬‬

‫‪434‬‬
‫يتناول هذا الكتاب مجموعة من الدروس واملحاضرات التي تندرج‬
‫ضمن مادة الديدكتيك أو مادة التربية الخاصة‪.‬ومن ثم‪ ،‬يتوجه‬
‫الكتاب إلى املكونين واألساتذة والطلبة املهتمين بقضايا التربية‬
‫والتعليم بصفة خاصة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يجمع هذا الكتاب املبسط‬
‫وامليسر مجموعة من املفاهيم واملصطلحات املتعلقة‬
‫بالديدكتيك أو فن التدريس‪ .‬ويعني هذا أن الكتاب تعريف مجمل‬
‫بقضايا علم الديدكتيك ومجاالته من خالل التوقف عند‬
‫مفاهيمه ‪ ،‬ودراسة مواضيعه املتشعبة‪ ،‬واستكشاف قضاياه‬
‫املختلفة واملتعددة‪ ،‬واستقصاء مرجعياته النظرية والتطبيقية‪.‬‬

‫‪435‬‬

You might also like