Professional Documents
Culture Documents
العملية التعليمية لجميل حمداوي
العملية التعليمية لجميل حمداوي
1
املؤلف :جميل حمداوي
منشورات املركز املتوسطي للدراسات واألبحاث ،سلسلة ملفات تربوية تكوينية ،رقم،47:
الناظور -طنجة /املغرب.
ISBN : 978-9920-9199-1-3
الهاتف2333366642/2337327363 /2342637660:
2
اإله ـ ــداء
3
الفه ــرس
اإله ــداء
الفهرس7....................................................................................................................................
مقدم ــة3.....................................................................................................................................
ثبت املصادرواملراجع732........................................................................................................
4
مقدم ـ ـ ــة
من املعلوم أن املدرس هو أس العملية التعليمية -التعلمية الناجحة .واليمكن الحديث
بتاتا عن درس ديدكتيكي( 1تعليمي) حقيقي في غياب املدرس .ومن ثم ،يقوم املدرس
بوظائف مهنية وتربوية وتعليمية عدة .وبالتالي ،اليمكن الحديث كذلك عن مدرس يفتقد
الكفايات وامللكات والقدرات التأهيلية التي تسعفه في أداء مهمته على أحسن وجه .ومن
ثم ،تتحقق هذه الكفايات لدى املدرس عبر عمليات التكوين ،والتأطير ،والتأهيل،
والتدريب ،واملمارسة ،والتتبع ،واملصاحبة ،والتقويم.
وينبني التفاعل التدريس ي على عناصر ثالثة هي :املدرس ،واملتعلم ،واملعرفة .و قد كانت
التربية التقليدية تركز على املدرس واملعرفة على أساس أن املدرس مالك للمعرفة املطلقة.
وبالتالي ،تغيب املتعلم على مستوى التواصل التفاعلي ،وتجعله كائنا سلبيا يتلقى املعلومات
فقط دون مناقشتها أو محاورة صاحبها .في حين ،تتميز املقاربة بالكفايات بالتركيز على
التفاعل اإليجابي بين أقطاب ثالثة :املعلم ،واملتعلم ،واملعرفة.
وعليه ،تتحول املعرفة ،في املقاربة الكفائية ،إلى وضعيات إجرائية تطبيقية في شكل مشاكل
معقدة ومركبة تستوجب الحلول الناجعة .ومن ثم ،تنطلق هذه املعرفة من املقررات
واملحتويات واملضامين في ضوء مجموعة من الكفايات األساسية عبر وضعيات -مشكالت.
ويعني هذا أن املعرفة مرتبطة بالكفاية والوضعية.
أما املعلم ،أو املدرس ،أو املدبر ،فتتمثل مهمته التربوية في تحضير الوضعيات التي تجعل
املتعلم يستضمر قدراته الذاتية ملواجهة هذه الوضعيات املركبة واملعقدة.
-1تعني كلمة الديدكتيك( )Didactique/Didacticالعملية التعليمية -التعلمية ،أو ما يسمى أيضا بالتربية
الخاصة.
5
وعالوة على ذلك ،يبدو أن للمدرس أهدافا ثالثة :فهو يساعد املتعلم على تحديد املشكلة
أو موضوع الوضعية ،ثم يوجهه إلى املوارد التي ينبغي استثمارها في حل هذه املشكلة ،ثم
يساعده على تنظيم موارده بكيفية الئقة وهادفة .ويعني هذا أن دور املدرس توجيهي
وإرشادي ومنهجي وكفائي وتحفيزي ليس إال .ومن هنا ،لم تعد املعرفة ملكا للمدرس ،بل هي
من مكتسبات املتعلم .أي :أضحت املعرفة مجموعة من املوارد التي يمتلكها املتعلم .وتتكون
هذه املعرفة من مهارات ،ومعارف ،ومواقف ،وإنجازات ،وكفايات معرفية وثقافية
ومنهجية .ومن ثم ،فالكفاية هي مجموعة من املعارف املختلفة التي يستعملها املتعلم
ويحركها عندما يواجه موقفا أو وضعية سياقية جديدة.
أما املتعلم ،فهو البطل الحقيقي في سيرورة التعلم؛ إذ يساعده املدرس على حل
الوضعيات السياقية املتدرجة في البساطة والتعقيد بتوظيف قدر ممكن من مكتسباته
الكفائية واملنهجية ،واستعمال موارده بطريقة الئقة وهادفة .بمعنى أن كفاياته معرفية،
ووجدانية انفعالية ،وحسية حركية .ويعني هذا أن هذه البيداغوجيا تنمي الفكر املهاري
لدى املتعلم ،وتقوي إدراكاته املنهجية والتواصلية .في حين ،يهتم التدريس السلوكي بتعليم
شرطي آلي محدود .ومن ثم ،فهو تعليم قياس ي وكمي .بينما تساعد املقاربة الكفائية املتعلم
على البحث املنهجي اعتمادا على الذات ،وحل املشاكل املستعصية ،ومواجهة الظروف
الصعبة واملعقدة ،والتأهب دائما لالعتماد على الذات لحل جميع املشاكل املختلفة التي
يواجهها في محيطه الخارجي .ويعني هذا أن الكفايات طريقة دينامكية هادفة ،تساعد على
اكتساب الفكر املهاري والتعلم املنهجي للوصول إلى هدف ناجع.
وما يهمنا في هذا الكتاب هو التوقف عند مجمل املراحل والعمليات التي يقوم هها املدرس
داخل الفضاء التعليمي ،وهذه العمليات هي :التخطيط ،والتدبير ،والتقويم.
6
الفصل األول:
مفهوم البيداغوجيا والديدكتيك
أو مفهوم علم التربية وعلم التدريس
7
قبل الخوض في مواضيع الديدكتيك العامة والخاصة ،البد من التوقف عند بعض
املفاهيم اإلجرائية املهمة ،مثل :التربية ،والبيداغوجيا ،والديدكتيك الخاصة ،والديدكتيك
العامة على النحو التالي:
يتضح ،مما تقدم ،أن العملية التربوية عملية هامة لبني البشرية ،وأهميتها تكمن في كونها
الطريق املنظم لنقل التراث ،واستمرار بقائه لكل األمم.
إن جذور التربية قديمة ،عتيقة ،وفروعها مستحدثة ،متجددة ،وثمارها مستمرة ،طيبة،
وهي بالتالي شجرة باسقة الطول ،جذورها في أعماق األرض ،وفروعها الخضراء الندية
العطرة ،صاعدة دائمة في أعالي السماء"2.
- 2إبراهيم ناصر :علم االجتماع التربوي ،دار الجيل ،بيروت ،لبنان؛ مكتبة الرائد العلمية ،عمان ،األردن ،د.ت،
ص.62:
8
ويعني هذا أن التربية عملية إنسانية قديمة ظهرت مع ظهور اإلنسان الذي كان يربي نفسه
على العمل والخالل الفاضلة وعبادة هللا وحده .ومن ناحية أخرى ،كان يرعى أبناءه وأفراد
أسرته رعاية حسنة ومتكاملة.
عالوة على ذلك ،فالتربية عملية ضرورية لتنشئة األبناء وتعليمهم وتأهيلهم وتكوينهم من
أجل أن يتكيفوا مع الواقع من جهة .ويتأقلموا مع وضعياته الصعبة واملعقدة واملركبة من
جهة ثانية .وكذلك من أجل أن يواجهوا الطبيعة بتسخريها وتغييرها والتحكم فيها ،وكذلك
من أجل الحصول على املكانة الالئقة ههم ،ونيل الفالح في الدنيا واآلخرة.
ً
إذا ،يبدو أن التربية " عملية ضرورية ملواجهة الحياة ومتطلباتها ،وتنظيم السلوكيات
العامة في املجتمع من أجل العيش بين الجماعة عيشة مالئمة ،وضرورتها لكل من الفرد
واملجتمع معا ،أما ضرورتها للفرد اإلنسان ،فتكون للمحافظة على جنسه ،وتوجيه غرائزه،
وتنظيم عواطفه ،وتنمية ميوله ،ونقل التراث الثقافي إليه ،وأنماط السلوك التي ترض ى
عنها الجماعة ،وكل ذلك البد من اكتسابه على مر األيام ،ألن فترة الطفولة اإلنسانية طويلة
بطبيعتها ،والحياة البشرية معقدة ،وكثيرة التبديل والتغيير.وبنقل النمط السلوكي والتراث
لألفراد يحتفظ املجتمع بثقافته من الضياع ،وليس هذا فقط ،بل إن التراث عند نقله
اليكتفى باملحافظة على التراث كما هو أو كما نقل من األجداد لآلباء ،ومكن اآلباء لألبناء،
بل إن دور التربية هنا يظهر بإضافة أو حذف ما هو غير مناسب من التراث ،ولهذا نقول :
إن ضرورة التربية لكل من املجتمع واألفراد تظهر في نقل التراث الثقافي واالحتفاظ به
وتنقيته من الشوائب وتعديله ،وبالتالي استمراره وازدهاره وتطوره وبقائه3".
وهكذا ،يتضح لنا أن التربية عملية أساسية في بناء الذات واألسرة واملجتمع واألمة
واإلنسانية جمعاء.
ومن وظائفها األخرى" نقل األنماط السلوكية للفرد من املجتمع؛ ونقل التراث الثقافي من
األجيال السابقة لألجيال الالحقة؛ وتعديل التراث الثقافي ،وتغيير مكوناته بإضافة ما يفيد
وحذف ما اليفيد؛ واكتساب الفرد خبرات اجتماعية نابعة من قيم ومعتقدات ونظم
وعادات وتقاليد وسلوك الجماعة التي يعيش بينها؛ وتنوير الفرد باملعلومات الحديثة التي
تغزو الحياة اليومية في املجتمع4".
ً
إذا ،تهدف التربية إلى بناء اإلنسان بناء متكامال ،والسمو به معرفيا وعاطفيا ومهاريا،
وتطهيره أخالقيا ،ومساعدته على الحفاظ على قيم األجداد ،ونقل قيمهم وعاداتهم
وثقافتهم وتراثهم من جيل إلى آخر في إطار ما يسمى بالتطبيع االجتماعي .وتقوم التربية
بوظيفة التنشئة االجتماعية .عالوة على وظيفة املحافظة على املجتمع أو تغييره جزئيا أو
كليا.
ومن جهة أخرى ،تستند التربية إلى مجموعة من األسس الفلسفية ،والنفسية،
والثقافية، والدينية، واالقتصادية، واالجتماعية ،والتاريخية ،والديدكتيكية،
واالجتماعية.
وبناء على ما سبق ،فللتربية عالقة عالقة وثيقة بالفلسفة ،مادامت تهدف إلى تنوير
اإلنسان وتكوينه عقليا وذهنيا الستخدام عقله في تأمل الكون ،وتحصيل الحقائق ،وتمثل
القيم الصادقة.
االتجاه التسلطي التقليدي الذي يركز على املدرس باعتباره سيد املعرفة؛
- 4إبراهيم ناصر :نفسه ،ص.64:
10
االتجاه التقدمي الديمقراطي الذي يعترف بمكانة املتعلم في إطار مقاربة تشاركية
تجمع بين املدرس واملتعلم؛
االتجاه التحرري الطبيعي الذي يمثله روسو وكارل روجرز .وينبني هذا التصور على
تحرير املتعلم ،ومساعدته على التعلم من الطبيعة ،ويبقى املدرس مستشارا أو موجها إذا
طلب منه ذلك.
في حين ،يتمثل األساس التاريخي في ربط املاض ي بالحاضر؛ حيث تعرفنا التربية بماض ي
األجداد واآلباء ،واستجالء مظاهر القوة والضعف في هذا التاريخ ،ودراسته بشكل جيد من
أجل االعتبار به تمثال ،واقتداء ،وتطبيقا.
واليمكن الحديث عن التربية إال إذا ربطناها بعلم النفس؛ ألن التربية تتعامل مع األطفال
واملراهقين.وهنا ،البد من معرفة مشاعرهم ورغباتهم وميولهم ،وتفهم حاجياتهم
ومشاكلهم ،وإيجاد الحلول املناسبة لعالجهم شعوريا والشعوريا.
كما للتربية عالقة باألساس االجتماعي ؛ألن التربية تشمل جميع مؤسسات املجتمع من
األسرة ،والشارع ،وروض األطفال ،واملدرسة ،واإلعدادية ،والثانوية ،والجامعة ،والنقابة،
والحزب...؛ حيث تحضر التربية في هذه الحقول واملجاالت وامليادين كلها .والهدف منها هو
تكوين مواطن صالح لنفسه ،وأسرته ،ووطنه ،وأمته.
وتستند التربية أيضا إلى أسس ثقافية ؛ إذ ينتقل اإلنسان من كائن بيولوجي إلى كائن ثقافي
بواسطة التربية والتعليم باكتساب مجموعة من املهارات الكفائية ،وتملك التقنيات التي
تساعده على تطوير قدراته وابتكاراته ومؤهالته ،وخلق ثقافته الخاصة به .و"الصلة هنا
بين الثقافة والتربية كبيرة جدا ،إذ إن مادة التربية هي الثقافة والتراث الثقافي املتراكم على
مر األجيال ،ومادامت التربية عملية تكيف مع املجتمع املحيط الذي يعيش بطريقة معينة
نابعة من تراثه الذي أحبه ،وتوارثه وأراد أن ينقله ويستمر في ممارسته وهو بالتالي ثقافته
11
فإن ذلك يعني أن أساس التربية هو الثقافة ،وموضوعها األساس ي الذي تبنى عليه كل
املواضيع األخرى هو الثقافة ،ثقافة املجتمع املحيط .وأي صلة أكثر من هذا؟"5
كما تسعفنا التربية -دينيا -في اختيار املعبود األوحد ،ونبذ عبادة األصنام واألوثان
والتماثيل ،وتوحيد هللا ،وتمثل القيم الدينية ،والتعرف إلى أوامر هللا ونواهيه .لذلك ،تقوم
التربية بدور مهم في تهذيب األبناء قيميا ،وتنشئتهم دينيا وأخالقيا؛ إذ تعرفهم بالعقيدة
الصحيحة ،وتقرههم إلى خالقهم األوحد واألكمل واألعظم واألجل ،وتنورهم بدورهم
الحقيقي في الحياة العاجلة بغية الظفر باآلجلة.
أما عالقة التربية باالقتصاد ،فالتربية عملية اقتصادية بامتياز؛ إذ يتحسن مستوى معيشة
اإلنسان بالتربية والتعليم .ويحصل على مكاسب وامتيازات مادية ومعنوية عن طريق
التربية والتعليم ،وتملك الشهادات.
ً
إذا ،فالعالقة بين االقتصاد والتربية " عالقة وثيقة ،فمستوى املعيشة يرتبط باملستويات
الثقافية والعل مية التي يصل إليها أفراد املجتمع ،فوجود أعداد كبيرة من األميين يؤدي إلى
التخلف ،وكلما ارتفع املستوى االقتصادي وزاد الدخل القومي كلما ازداد التعليم وزاد عدد
الطالبين للعلم.
وتتضح صلة التربية باألسس االقتصادية فيما لو نظرنا إلى التربية كقوة ضاغطة في يد
طبقة اجتماعية مسيطرة تتحكم بوسائل اإلنتاج وتنمية املهارات والقدرات لدى الفئات
املتعلمة ،فالتعليم يزيد من القدرة على االبتكار ،ويسهم في تحسين السلوك ،ويطور في
اإلنتاج.
إن التربية عملية اقتصادية ألنها تعد كل فرد ليقوم بأداء مهنة معينة تكون مصدرا لدخله،
وكلما تعلم املهارات الالزمة ملهنته وأتقنها ،زاد دخله ،وفي الوقت نفسه ،كلما أتقن األفراد
مهنهم على اختالف أنواعها ،أدى ذلك إلى زيادة دخل الفرد .وبالتالي زاد دخل املجتمع". 6
وللتربية عالقة وطيدة بالسياسة؛ إذ يتاثر كل عنصر باآلخر.بمعنى أن املدرسة تعبير عن
صراعات طبقية واجتماعية ،وتعبير عن صراعات سياسية ،ونقابية ،وإيديولوجية .عالوة
على ذلك ،فثمة أنظمة سياسية تجعل من التربية وسيلة للحفاظ على العادات والتقاليد
والقيم التي يدافع عنها النظام السياس ي ،كما يبدو ذلك واضحا في الدول االشتراكية
واألنظمة الديكتاتورية(النازية والفاشية) .وهناك أنظمة تريد أن تجعل من التربية أداة
للتغيير ،ووسيلة ناجعة للقضاء على األمية بكل أنواعها (األلفبائية ،والوظيفية،
واإلعالمية) ،بتطوير املجتمع كما في الدول الديمقراطية.
أما فيما يخص األسس البيداغوجية والديدكتيكية ،فللتربية عالقة وثيقة باملدرس
واملتعلم؛ بل تنفتح على اإلدارة واألسرة واملحيط الخارجي الذي يؤثر في املدرسة .وقد تعني
التربية مجموعة من الطرائق والتصرفات والخبرات والتجارب التي تهدف إلى تنشئة املتعلم
في مختلف جوانبه السلوكية ،والتعلمية ،والتثقيفية...
وبناء على ماسبق ،فالتربية فعل تربوي وتهذيبي وأخالقي بامتياز ،تهدف إلى تنشئة املتعلم
تنشئة اجتماعية صحيحة وسليمة .ومن جهة أخرى ،تسهم التربية في الحفاظ على قيم
املجتمع وعاداته وتقاليده ،وتسعى جادة إلى تكوين املواطن الصالح .وكذلك تسعى إلى تغيير
-6نفسه ،ص.72:
13
املجتمع بالتدريج ،والدفع به نحو طريق التقدم واالزدهار بتحقيق الديمقراطية التشاركية،
والعدالة االجتماعية ،واملساواة املثلى.عالوة على ذلك ،فالتربية هي التي تنش ئ املجتمع نشأة
أخالقية ،وترفع من مكانته وشأنه ومستواه التنموي ،وتوصله إلى مصاف الدول املتقدمة
واملزدهرة .وتسعى التربية جادة إلى إدماج الفرد في املجتمع تكيفا ،وتأقلما ،وتصالحا،
وتغييرا .كما تسعى إلى" اإلنماء الكامل لشخصية اإلنسان ،وتعزيز حقوق اإلنسان
والحريات األساسية .يعني تكوين أفراد قادرين على االستقالل الفكري واألخالقي ،ويحترمون
هذا االستقالل لدى اآلخرين ،طبقا لقاعدة التعامل باملثل التي تجعل هذا االستقالل
مشروعا بالنسبة إليهم7".
" وملا كان هدف التربية األساس ي هو تنمية التفكير واستغالل الذكاء ،فمعنى هذا أن التربية
تعمل من أجل الحرية اإلنسانية .فالتأكيد على نمو الطفل إنما هو تأكيد على تحرير
قدراته العقلية من قيودها ،وإتاحة الفرصة لها لالنطالق حتى تستطيع أن تستخدم
بطريقة فعالة إمكانيات البيئة التي يعيش فيها .ويصبح املجتمع الحر هو املجتمع الذي
يشترك أفراده أيضا في تطويره وتوجيه التغيير االجتماعي الحادث له.
- 7جان بياجي :التوجهات الجديدة للتربية ،ترجمة :محمد الحبيب بلكوش ،دار توبقال للنشر ،الدار البيضاء،
املغرب ،الطبعة األولى سنة3660م ،ص.32:
14
وعندما يتمتع أفراد املجتمع بالحرية ،فتكون التربية بذلك قد أسهمت في بناء مجتمع
مفتوح .ونعني باملجتمع املفتوح املجتمع الذي يسعى عن قصد وتصميم في سبيل تطوره ،وال
يعمل فقط على املحافظة على الوضع الراهن .وهذا املجتمع هو مجتمع قد نظم تنظيما
يدخل في اعتباره حقيقة التغيير في األمور اإلنسانية .وهو مجتمع يقبل التغير على أنه
وسيلة للقضاء على الفساد واالنحالل ،وأن الذكاء اإلنساني واملجهود التعاوني من جميع
أفراد املجتمع تؤدي جميعا إلى نمو اإلنسانية وتقدمها8".
ويضاف إلى ذلك أن التربية تحقق مجموعة من الوظائف الجوهرية كالتعليم ،والتثقيف،
والتطهير ،والتهذيب ،والتنوير ،وتحرير الفكر من قيود األسطورة والخرافة والشعوذة،
والسمو باإلنسان نحو آفاق إيجابية ومثالية.
وقد يكون املقصود هها أيضا ذلك العلم الذي يتناول التربية في أبعادها الفيزيائية،
والثقافية ،واألخالقية؛ أو يدل على مجموعة من العلوم التربوية النظرية والتطبيقية كعلم
النفس التربوي ،وعلم االجتماع التربوي ،وعلم التخطيط التربوي ،وعلم االقتصاد التربوي،
وعلم اإلحصاء التربوي ،وعلم مناهج البحث ،والسياسة التربوية ،وفلسفة التربية،
والديدكتيك...
- 8محمد لبيب النجيحي :مقدمة في فلسفة التربية ،دار النهضة العربي للطباعة والنشر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
األولى سنة3662م ،ص.272:
15
ومن هنا ،يبدو أن كلمة البيداغوجيا " إغريقية األصل ،وكانت تدل على العبد الذي يرافق
الطفل في تنقالته ،وبخاصة من البيت إلى املدرسة .ولقد تطور استعمال الكلمة ،وأصبح
يدل على املربي ( .)Pédagogueوالبيداغوجيا هي جملة األنشطة التعليمية -التعلمية التي
تتم ممارستها من قبل املعلمين واملتعلمين".9
وتعد البيداغوجيا نظرية تربوية علمية عامة ذات بعد نظري ،وتطبيقي ،وتوجيهي ،لها
عالقة وثيقة باملدرس واملتعلم؛ بل تنفتح على اإلدارة واألسرة واملحيط الخارجي الذي يؤثر
في املدرسة .وقد تعني البيداغوجيا تلك النظرية التربوية التي تهتم باملتعلم في مختلف
جوانبه السلوكية ،والتعلمية ،والتثقيفية .ومن ثم ،تقدم مجموعة من النظريات التي
تسعف املتعلم في تعلمه ،وتكوينه ،وتأطيره .ومن ثم ،فالبيداغوجيا متعددة االختصاصات.
تنفتح على علوم عدة ،مثل :علم النفس ،وعلم االجتماع ،والبيولوجيا، كما
والديموغرافيا ،واإلحصاء ،واالقتصاد ،والفلسفة ،والسياسة ،وعلم التخطيط ،وعلم
التوجيه ،واللسانيات ،والسيميوطيقا ،وعلم التدبير ،وعلم اإلدارة ،وعلم اإلعالم...
وتنبني البيداغوجيا على ثالثة عناصر رئيسة هي :املعلم ،واملتعلم ،واملعرفة .أي :إن املعلم
هو الذي ينقل املعرفة إلى املتعلم عبر املضامين واملحتويات ،والطرائق البيداغوجية ،
والوسائل الديدكتيكية...
ويعني هذا أن ثمة مرتكزات تربوية ثالثة :املعلم ،واملتعلم ،واملعرفة .فاملعلم هو الذي يقوم
بمهمة تكوين املتعلم ضمن عالقة بيداغوجية .وما يعلمه املعلم من معارف وأفكار
ومحتويات ومضامين وخبرات وتجارب يدخل ذلك ضمن عالقة ديدكتيكية تدريسية
وتعليمية .أما ما يحصله املتعلم من معارف ومعلومات يدخل ضمن عالقات التعلم.
والجامع بين املرتكزات الثالثة يسمى بالفضاء أو الوسط البيداغوجي .ومن هنا ،يتضمن
-9أحمد أوزي :املعجم املوسوعي لعلوم التربية ،دار النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 2223م ،ص.332:
16
هذا الفضاء التربوي ثالث عالقات أساسية هي :العالقة الديدكتيكية (املعلم
التعليم املعرفة) ،والعالقة البيداغوجية (املعلم التكوين املتعلم) ،وعالقة
التعلم(املتعلم التعلم املعرفة)
-10الديدكتيك لفظ يوناني ( )didaktikόsيعني التعليم ،ويشتق من فعل ( )didáscheinالذي يدل على التثقيف
والتعليم والتكوين.
17
فإن الديدكتيك لها حيز ضيق ،يتعلق بمجال دراس ي معين ،أو ما يمكن تسميته كذلك
بالتربية الخاصة.
الديدكتيك الخاصة ( )La didactique spécialeالتي تتعلق بمادة تدريسية على حدة
أو مستوى دراس ي معين.
وإذا كان مصطلح البيداغوجيا قد ظهر قديما مع اليونان ،وكان يعني تهذيب الطفل
وتأديبه ،فإن مصطلح الديدكتيك قد ظهر في منتصف القرن العشرين ،و" استخدم
بمعنى فن التدريس أو فن التعليم (.)Art d’enseignerهذا هو التعريف الذي قدمه
قاموس ( )Le Robertسنة 3633وقاموس( )Le Littréسنة .3632وابتداء من هذا التاريخ،
أصبح املصطلح لصيقا بميدان التدريس ،دون تحديد دقيق لوظيفته.وهناك من منظري
علوم التربية من اعتبر هانس إبلي ( )Hans Aebeliأول من اقترح عام 3633م إطارا عمليا
18
ملوضوع الديدكتيك ،في مؤلفه ( ،)La didactique psychologieحيث نظر إلى الديداكتيك
كمجال تطبيقي لنتائج السيكولوجيا التكوينية11".
وهناك من يثبت أن مصطلح الديدكتيك قد استعمل في القرن السادس عشر امليالدي ،
وبالضبط سنة 3337م .في حين ،هناك من يرجعه -حسب الكتابات القديمة -إلى
الفالسفة اليونانيين وحضارات الشرق األوسط ،والسيما الصينيين .وقد تعددت نظريات
الديدكتيك وتنوعت وتشعبت من القرن الثامن عشر إلى القرن العشرين بسبب تطور علم
النفس ،وعلم االجتماع ،واإلعالميات ،ونظريات التعلم والتحفيز ،إلخ...
ً
إذا ،نعني بالديدكتيك طريقة التدريس أو ما يسمى بالعملية التعليمية -التعلمية ،وتجمع
هذه العملية بين طرفين أساسين هما :املعلم واملتعلم .ومن ثم ،تنبني العملية الديدكتيكية
على املدخالت ،والعمليات ،واملخرجات ،والتغذية الراجعة.وقد تكون املدخالت أهدافا أو
كفايات أو ملكات أو غيرها من التصورات التربوية الجديدة املعترف هها رسميا .وتستهدف
هذه املدخالت تسطير مجموعة من الكفايات املزمع تحقيقها في شكل أهداف إجرائية
سلوكية قبل الدخول في مسار تعلمي ،أو تنفيذ مجزوءة دراسية .ويحقق ذلك بوضع
امتحان تشخيص ي قبلي في شكل وضعيات إدماجية أو ديدكتيكية.
وعلي أحمد،21ومن أهم الباحثين العرب الذين اهتموا بفن التدريس عبد العليم إبراهيم
وعبد الكريم،25 وأحمد أوزي،24 ومحمد الدريج،23 ومحمد حسين آل ياسين،22مدكور
15- Delacôte G. (1996) Savoir apprendre: les nouvelles méthodes. Paris : Odile Jacob.
17 -Giordan A. (1999) Une didactique pour les sciences expérimentales. Paris : Belin.
18- Narcy-Combes M.-F. (2005) Précis de didactique, devenir professeur de langues. Ellipses.
19 -Terrisse A. (2000) Didactique des disciplines. Les références au savoir. De Boeck Université.
20- Reuter Y. dir. (2007/2010) Dictionnaire des concepts fondamentaux des didactiques.
Bruxelles: De Boeck.
. الطبعة السادسة، دار املعارف بمصر، املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية: عبد العليم إبراهيم-21
.م2232 الطبعة الثانية، األردن، عمان، دار املسيرة، طرق تدريس اللغة العربية: علي أحمد مدكور-22
، لبنان، بيروت، منشورات دار القلم، املبادئ األساسية في طرق التدريس العامة: محمد حسين آل ياسين-23
. العراق، بغداد،ومكتبة الشعب
الطبعة األولى، املغرب، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، تحليل العملية التعليمية: محمد الدريج-24
.م3606 سنة
20
غريب ،26ولحسن مادي ،27وعبد الواحد أوالد الفقيهي ،28ومحمد أمزيان ،29وأحمد
شبشوب ،30والحسن اللحية ،31وعبد الرحمن التومي ، 32وجميل حمداوي...،33
وتنطلق العملية التعليمية -التعلمية من مدخل أساس ي يتمثل في تحديد األهداف اإلجرائية
أو الكفايات النوعية من أجل التثبت من تحقيقها .لذا ،البد أن يختار املدرس املحتويات
املناسبة ،والطرائق البيداغوجية الكفيلة بالتبليغ وتسهيل االكتساب واالستيعاب .ثم
هناك الوسائل الديدكتيكية التي يستعين هها املدرس لتقديم درسه وتوضيحه بشكل جيد.
أما املخرجات ،فتقترن بقياس األهداف والقدرات والكفاءات لدى املتعلم على مستوى
األداء واملمارسة واإلنجاز .ويتحقق هذا القياس عبر محطات التقويم التشخيص ي،
واملرحلي ،والنهائي.
-25أحمد أوزي :التعليم والتعلم بمقاربة الذكاءات املتعددة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب،
طبعة 3666م.
-26عبد الكريم غريب والبشير اليعقوبي :التدريس بواسطة املجزوءات ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،املغرب.
-27لحسن مادي :تكوين املدرسين ،نحو بدائل لبناء الكفايات ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار اليضاء،املغرب،
الطبعة األولى سنة 2223م.
-28عبد الواحد أوالد الفقيهي :الذكاءات املتعددة :التأسيس العلمي ،منشورات مجلة علوم التربية ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى 2232م.
-29محمد أمزيان :بيداغوجيا املعرفة،أفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى 2233م.
-30أحمد شبشوب :املدخل إلى الديدكتيك العامة ،منشورات رمسيس ،دفاتر في التربية ،العدد3664/2م.
-31الحسن اللحية :بيداغوجيا التعاقد ،منشورات املعارف ،الرباط ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2232م.
-32عبد الرحمن التومي :الجامع في ديدكتيك اللغة العربية ،مطبعة املعارف ،الرباط ،املغرب ،الطبعة الثانية
2233م.
-33جميل حمداوي :ديدكتيك األنشطة التربوية في التعليم األولي،أفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،املغرب،
الطبعة األولى سنة 2233م؛ األقسام املشتركة في التعليم االبتدائي املغربي،منشورات مكتبة سلمى الثقافية،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م؛ محطات العمل الديدكتيكي،
منشورات مكتبة سلمى الثقافية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م؛
نحو تقويم تربوي جديد (التقويم اإلدماجي) ،منشورات مكتبة سلمى الثقافية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م.
21
واليمكن الحكم على الهدف أو الكفاية إال بالتقويم الذي قد يكون تشخيصيا ،أو قبليا ،أو
تكوينيا ،أو إجماليا ،أو إشهاديا ،أو مستمرا ،أو إدماجيا...وبعد ذلك ،نلتجئ إلى التغذية
الراجعة(الفيدباك ،) Feed backوالدعم ،واملعالجة الداخلية والخارجية.
ويعني هذا كله أن الديدكتيك ،أو التربية الخاصة ،تعتمد على األهداف أو الكفايات من
ناحية أولى ،واملضامين والطرائق والوسائل الديدكتيكية من ناحية ثانية ،والتقويم
والفيدباك من ناحية ثالثة.
ومن ثم ،يتميز الديدكتيك بطابعه اإلبستمولوجي (امليتامعرفي) من جهة ،مادام يهتم
بمناهج التدريس ،والتركيز على طرائق التعليم ،وتبيان آليات اكتساب املعرفة ،واستجالء
اإلجراءات والتطبيقات واملمارسات املختلفة املستعملة في ذلك .ومن جهة أخرى ،يتخذ
طابعا موسوعيا لكونه يدرس فن التدريس في مختلف التخصصات والعلوم.ومن هنا ،يهتم
الديدكتيك بأسئلة التدريس والتكوين ،وبناء املعرفة لدى املتعلم ،والتعرف إلى مختلف
مناهج التعليم بأسسها ،وأهدافها ،وآلياتها ،ونجاعتها .وقد تطورت مناهج الديدكتيك منذ
سنوات السبعين من القرن املاض ي في مختلف املواد املتعلقة بالعلوم اإلنسانية والتجريبية
والدقيقة.
22
وعلى الرغم من الفوارق املوجودة بين البيداغوجيا والديدكتيك ،فإنهما يشتركان في دراسة
الظواهر التربوية والتعليمية ،ويهدفان إلى معرفة التعلمات ونظرياتها وتطبيقاتها.
ويعننني هننذا كلننه أن للدينندكتيك صننلة وثيقننة بعلننم النننفس ،فكثيننر مننن قضننايا التربيننة والتعلننيم
لهن ننا أصن ننول سن ننيكولوجية ،مثن ننل :سن ننيكولوجية الطفن ننل واملراهن ننق ،ونظرين ننات النمن ننو والن ننتعلم،
والسيكولوجيا املعرفية .ومن ثم ،يعد علم النفس عبارة عن خطاب ميتامعرفي يطنرح أسنئلة
جوهرينة وعميقننة حنول النننفس اإلنسننانية ومشناعرها الروحيننة وانفعاالتهنا الوجدانيننة .أضننف
إلننى ذلننك أن علننم النننفس هننو الننذي ينندرس الحنناالت الذهنيننة والعمليننات الفكريننة عننند الفننرد،
مث ن ننل :التفكي ن ننر ،والت ن ننذكر ،والنس ن ننيان ،واالنتب ن نناه ،وال ن ننتعلم ،وال ن ننذكاء ،والحف ن ننظ ،واكتس ن نناب
اللغ ن ن ننة...إلى جان ن ن ننب دراس ن ن ننة دواف ن ن ننع اإلنس ن ن ننان ،وغرائ ن ن ننزه ،وانفعاالت ن ن ننه ،وحاجيات ن ن ننه ،وميول ن ن ننه
النفسية...
ث ننم الننسن ن ى العالق ننات الت نني توج نند ب ننين الدي نندكتيك والفس ننيولوجيا ،والبيولوجي ننا ،والط ننب،
وعل ن ننم األخ ن ننالق ،واملنط ن ننق ،والرياض ن ننيات ،وعل ن ننم اإلحص ن نناء ،وعل ن ننم املن ن نناهج (امليتودولوجي ن ننا)،
واآلداب ،وعلم الفن والجمال ،والتاريخ ،ومناهج البحث العلمي والتربوي...
ويعننني هننذا كلننه أن سننلوك الفننرد ظنناهرة مركبننة ومعقنندة ،تننتحكم فيننه مجموعننة مننن العوامننل
السياس ننية ،واالجتماعين ننة ،واالقتصن ننادية ،والثقافين ننة ،والتاريخين ننة ،والدينين ننة ،والحضن ننارية،
والبيولوجية ،والعرقية ،والفلسفية ،واألخالقية ،والتربوية...
23
وخالصة القول ،يتبين لنا أن مادة الديدكتيك هي علم التدريس ،أو فنن التعلنيم ،أو التربينة
الخاصة ،أو مناهج املواد التعليمية...
ومن ننن هن ن ننا ،تن ن نندرج م ن ننادة الدين نندكتيك ض ن ننمن العل ن ننوم اإلنس ن ننانية علن ننى غ ن نرار عل ن ننم االجتم ن نناع،
واألنتروبولوجي ن ننا ،واإلثنولوجي ن ننا ،والتاريخ...بي ن نند أن علميته ن ننا نس ن ننبية لوج ن ننود مجموع ن ننة من ن ننن
العوائن ننق التن نني تحن ننول دون تحقين ننق العلمين ننة املوضن ننوعية الحقيقين ننة الصن ننارمة ،مثن ننل :مشن ننكل
الذاتيننة ،ومشننكل التجريننب ،ومشننكل الحتميننة ،ومشننكل القننانون .ناهيننك عننن كننون اإلنسننان
ظنناهرة مركبننة ومعقنندة ومتشننعبة ،وظنناهرة حيننة ،ومتغيننرة ،وإنسننانية ،وحننرة ،ومسننتقلة .ومننن
هن ننا ،يص ننعب دراس ننتها دراس ننة علمي ننة موض ننوعية ك ننالعلوم التجريبي ننة الوض ننعية .ولك ننن يمك ننن
الحد من الذاتية نسبيا باتباع املنناهج الكيفينة والكمينة ،واسنتخدام اإلحصناء ،واالرتكنان إلنى
دراسة الحالة ،وتمثل التجريب االرتباطي بدل االرتباط السببي.
24
الفصل الثاني:
25
لقد عرف تخطيط املنهاج التربوي املغربي ثالث محطات كبرى ،يمكن حصرها فيما يلي:
محطة املضامين واملحتويات :يعتمد املنهاج على موضوعات أو تيمات أو محاور أو
وحدات أو مفاهيم معينة ،مثل :الدراسة ،والطفولة ،والهجرة ،والعمل ،والسفر ،ووسائل
النقل ،واملدينة ،والبادية... .وقد امتدت هذه املرحلة من الستينيات إلى الثمانينيات من
القرن املاض ي.
محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن العشرين ،فقد قسمت األهداف
التربوية إلى أهداف وغايات عامة ،وأهداف وسطى ،وأهداف إجرائية خاصة ،في ضوء
منظور السيكولوجيا السلوكية(واطسون ،وبافلوف ،وسكينر).
محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد األول من األلفية الثالثة لربط
التعليم بواقع الشغل واملهننة .وقد انبنت هذه النظرية الجديدة على مجموعة من
التصورات اإلبستمولوجية ،مثل :النظرية املعرفية ،والنظرية التوليدية التحولية (نوام
شومسكي) ،والنظرية البنائية التكوينية (جان بياجي) ،وكل النظريات السياقية التي تربط
الذات باملحيط أو السياق الخارجي .دون أن ننس ى النظريات التربوية القائمة على التعلم
الذاتي ،ومراعاة الفوارق الفردية (البيداغوجيا الالتوجيهية ،والبيداغوجيا املؤسساتية،
وديناميكية الجماعات ،وبيداغوجيا التفريدية ،وبيداغوجيا األخطاء)...
وعليه ،فقد عرف النظام التربوي املغربي ثالث محطات رئيسة على مستوى التعليم
والتدريس ،فقد كان األستاذ يدرس وفق املضامين ،أو وفق األهداف ،أو وفق الكفايات.
وهذا ،ماسوف نعرفه في الفصول التالية:
26
ارتبطت العملية التعليمية -التعلمية باملغرب بثالث مقاربات رئيسة هي :املقاربة باملضامين،
واملقاربة باألهداف ،واملقاربة بالكفايات .فقد كانت املقاربة األولى مقترنة باملدرسة التربوية
التقليدية إلى حد كبير.في حين ،ارتبطت املقاربة الثانية باملدرسة النفسية السلوكية.بينما
تحيل املقاربة بالكفايات على النفس املعرفي املعاصر.
بمعنى أن املقاربة باملضامين هي تقديم مجموعة من املعارف لحشو رؤوس املتعلمين هها من
أجل حفظها بغية استرجاعها عند االمتحان.لذلك ،كان التعليم املغربي في تلك الفترة كميا
إلى حد كبير.بمعنى أنه كان يقيس املعلومات والقدرات املعرفية ،واليهتم بالكيف،
والتقنيات ،والدرايات ،واملهارات .وبالتالي ،كان املدرس هو رمز السلطة.في حين ،كان
التلميذ متلقيا سلبيا ،اليستطيع أن يشارك في بناء الدرس وتفعيله.ومن ثم ،فقد كانت
العالقة التفاعلية املوجودة بين املدرس واملتعلم عالقة عمودية بامتياز.
تهتم هذه املقاربة التي تطبقها املدرسة التقليدية بتقديم املعارف املوسوعية ،والتركيز على
املدرس دون املتعلم ،واالهتمام بالكم على حساب الكيف ،والعناية بالتعليم دون التعلم،
وتقديس املعرفة واملدرس على حساب املتعلم .ومن ثم ،يكون الهدف من هذه املقاربة
املضمونية هو تكوين متعلم يحافظ على قيم املجتمع وعاداته وأعرافه وتقاليده ،وينصهر
في املجتمع كباقي املواطنين اآلخرين .ومن هنا ،يتبين لنا أن هذه املقاربة عبارة عن نسق
27
تربوي ذي بعد معارفي ،تولي أهمية كبرى ملركزية املدرس ،ومركزية املعرفة ،ومركزية الحفظ
واالستظهار ،والرغبة في إدماج املتعلم في مجتمع محافظ.
ومن هنا ،يبدو أن املنهاج ،بمفهومه التقليدي -حسب حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين
املفتي " -عبارة عن مجموعة من املعلومات والحقائق واملفاهيم التي تعمل املدرسة على
إكساهها للتالميذ ههدف إعدادهم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق اإلملام بخبرات اآلخرين
واالستفادة منها ،وقد كانت هذه املعلومات والحقائق واملفاهيم تمثل املعرفة بجوانبها
املختلفة ،أي :إنها كانت تتضمن معلومات علمية ورياضية ولغوية وجغرافية وتاريخية
وفلسفية ودينية وفنية...إلخ.
28
وحيث إن هذه املعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على مراحل
الدراسة وسنواتها .فمعنى ذلك أن املنهاج بمفهومه التقليدي هو مجموعة املواد الدراسية
التي يتولى املتخصصون إعدادها ويقوم التالميذ بدراستها .ومن هنا ،أصبحت كلمة منهاج
مرادفة لكلمة مقرر دراس ي وبمرور الوقت أصبح استخدام كلمة منهاج أعم وأشمل من
استخدام كلمة مقرر حتى أصبحنا نسمع بمنهاج الجغرافيا ومنهاج التاريخ ومنهاج
العلوم...إلخ .وكان املدرسون أكثر الفئات استخداما لكلمة منهاج باملعنى الذي أشرنا إليه
والدليل على ذلك أنهم كانوا يكتبون في أول صفحة من دفتر تحضير دروس املادة "توزيع
املنهاج على أشهر وأسابيع العام الدراس ي" .واملقصود باملنهاج هنا هو املقرر الدراس ي للمادة.
وبكل أسف فإن هذا املفهوم التقليدي للمنهاج مازال مستخدما حتى اآلن لدى عامة
الشعب بل ولدى الكثير من القائمين بالعملية التعليمية بالرغم من أن هذا املفهوم قد
تغير تغييرا جوهريا كما سنرى فيما بعد"35.
إذا ،يقوم املنهاج التقليدي على النظرة الكمية ،وحشو رؤوس املتعلمين بمعارف ومعلومات
كثيرة دون االستهداء بعلم النفس ومبادئه وقوانينه .عالوة على اإلشادة بسلطة املعلم
باعتباره مصدر املعلومة .أما املتعلم ،فهو يتلقى املعلومات فقط دون محاولة بنائها أو
تكوينها ذاتيا ،أو املشاركة في مناقشة املدرس والحوار معه عموديا ،أو الحوار مع زمالئه
أفقيا.
/3التعليم املوسوعي:
يستند التعليم املوسوعي إلى تجميع املعلومات والبيانات واملعطيات ،والتركيز على الحفظ
واالستظهار ،والتوسع في مجموعة من املعلومات واملعارف والتخصصات .ويتميز املقرر
-35الوكيل حلمي أحمد ،املفتي محمد أمين ،أسس بناء املناهج وتنظيماتها ،دار املسيرة للنشر والتوزيع ،عمان،
طبعة 2223م ،ص.3:
29
الدراس ي بكونه مقرر املضامين واملحتويات ،وليس مقرر أهداف ،وقدرات ،وكفايات،
ومهارات ،ودراسات ،وتقنيات .ومن هنا ،يرى الحسن اللحية أن املقرر الدراس ي " هو مرادف
املواد أو الدروس ،وهو نفسه بالنسبة لجميع التالميذ .يحدد املقرر ما ينبغي أن يتعلمه
التالميذ في كل سنة دراسية وفي كل مادة من املواد املدرسة في السنة"36.
ً
إذا ،فاملقرر الدراس ي عبارة عن الئحة أو فهرس من املواد واملحتويات الواجب تعلمها
وتدريسها .ويمكن القول :إن املقرر الدراس ي هو تفصيل للدروس واألنشطة املصحوبة
بالتوزيع السنوي.37
ويرد املقرر في شكل مواضيع ودروس وموارد ومواقف ومهارات ووحدات ومحتويات وخبرات
وتجارب تكسب املتعلمين ما يحتاجونه من معارف ومعلومات وحقائق مهمة الستضمارها
بغية توظيفها في مجاالت الحياة املختلفة .بيد أن املقرر الدراس ي في التعليم التقليدي يعنى
باملضامين واملحتويات والحقائق اليقينية واملعلومات املهمة .بيد أن هذه املعلومات نسبية
وغير حقيقية ،وتتغير في الزمان واملكان.
- 36الحسن اللحية :االمتحانات املهنية (علوم التربية) ،منشورات املعارف ،الرباط ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2233م ،ص.272:
- 37نفسه ،ص.272:
30
ويرتكز التعليم املوسوعي على املدرس باعتباره صاحب سلطة معرفية يقدمها للتلميذ
جاهزة بواسطة مجموعة من األسئلة التي تستوجب الحفظ ،والتقليد ،واملحاكاة ،والتكرار.
ومن ثم ،يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه ،اليستطيع أن يواجه ما يتعرضه من املواقف
املستجدة ،أو يلبي طلبات املقاوالت الحديثة ؛ ألنه اليملك الكفاءات واملهارات املهنية
واملنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية؛ بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن التأقلم
والتكيف مع مستجدات الواقع االقتصادي الجديد .ومن ثم ،تبقى معارفه نظرية مجردة
غير وظيفية تنقصها املمارسة والخبرات التجريبية.
ومن هنا ،يكون االهتمام ،في التعليم املوسوعي ،بالكم على حساب الكيف ،ويلتجئ املدرس
إلى التحفيز السلوكي امليكانيكي من خالل االسترشاد بثنائية الحافز واالستجابة لتوجيه دفة
القسم؛ مما ينتج عنه ردود أفعال التالميذ السلبية ،ونفورهم من القسم النعدام األنشطة
الذاتية والخبرات الفردية .ومن ثم ،ينكمشون على أنفسهم خوفا أو خجال أو جهال بما
يعطى لهم من دروس ومعارف كمية يصعب اإلحاطة هها في سنة كاملة.
و لم يظهر نموذج الوحدات في ميدان التدريس ووضع املناهج التربوية إال رد فعل على
املنهاج التقليدي الذي كان يدرس املواد الدراسية بطريقة منفصلة دون توفرها على وحدة
معرفية شمولية ،ودون مراعاة األسس النفسية ،واالجتماعية ،والديدكتيكية ،والتربوية .
ومن هنا ،اتسم املنهج التقليدي بكثير من العيوب ،وفي مقدمتها أنه كان يلتزم بالحدود
الفاصلة بين املواد وبين موضوعات املادة الواحدة.وقد أدى ذلك إلى تفكك الدراسة وضياع
وحدتها.
كما أن االهتمام بجانب املعلومات دون غيرها من بقية أهداف التربية قد أدى بكثير من
املدرسين في ظل املناهج التقليدية إلى إهمال ربط الدراسة بالحياة ،واالعتماد في تقديم
الحقائق إلى التالميذ على التلقين؛ مما أدى -بدوره -إلى إهمال النشاط ،واملساهمة في
سلبية التلميذ.
31
ومما يؤخذ على املناهج التقليدية كذلك عدم وضوح األهداف سواء بالنسبة للمدرس أم
التلميذ ،وقد أدى ذلك إلى سيادة هدف واحد في ظل الدراسة التقليدية هو تحقيق الهدف
الكمي بتحصيل املادة املدرسة ،واالستعداد لالمتحان ،وترجيح كفة الكتاب املدرس ي
وتغليبه على جميع املكونات التعليمية األخرى.
-38عبد العليم إبراهيم :املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية ،دار املعارف ،القاهرة ،مصر ،الطبعة السابعة،
3646م ،ص.32:
32
ويضاف إلى ذلك أن املدارس العتيقة واألصيلة باملغرب ،كجامع القرويين ،كانت تتخذ هذا
املنهج في التعليم والتدريس؛ حيث يستثمر النص أو الكتاب املنطلق ليكون وثيقة للدراسة
الشاملة والكلية.
أما نظرية الفروع ،أو ما يسمى أيضا بمنهج املواد املنفصلة ،فاملقصود هها تدريس اللغة
العربية أو اللغات األجنبية بطريقة فرعية مستقلة .بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة
من اللغة العربية -مثال -على أنها فروع مستقلة في منهاجها وبنياتها الديدكتيكية
والبيداغوجية .ويرى عبد العليم إبراهيم أن املراد هها في تعليم اللغة " أننا نقسم اللغة
فروعا ،لكل فرع منهجه وكتبه وحصصه ،مثل :املطالعة ،واملحفوظات ،والتعبير،
والقواعد ،واإلمالء ،واألدب ،والبالغة.
ولتطبيق هذه النظرية يعالج كل فرع من هذه الفروع على أساس منهجه املرسوم في
ي39". حصصه املقررة في الجدول الدراس
وقد تبنى املغرب هذه الطريقة منذ سنوات السبعين من القرن العشرين في السلك
اإلعدادي ،فقد كان هناك كتاب للقواعد ،وكتاب للقراءة ،وكتاب للمحفوظات ،وكتاب
للتاريخ ،وكتاب للجغرافيا ،وكتاب للتربية الوطنية ،وكتاب للتربية اإلسالمية .وكانت لكل
مادة طريقتها في التدريس والتوجيه ،...وعلى الرغم من ذلك فقد كان املنهاج تقليديا
ومضمونيا بامتياز.
وعليه ،يمكن الحديث عن أنواع عدة من املناهج الدراسية والتربوية على النحو التالي:
منهاج املواد املنفصلة :يقصد به ذلك املنهاج الذي يقوم على تدريس املواد التعليمية
بطريقة منفصلة ،والعناية بكل مادة دراسية مجزأة على حدة " بتنظيم املعلومات واملهارات
املطلوب إمداد التالميذ هها في صورة مواد دراسية مستقلة " تاريخ .جغرافية.لغة.رياضة"...
ومن خواص هذا املنهاج أن كل مادة تعتبر مستقلة استقالال تاما أو نسبيا عن غيرها من
املواد الدراسية ،وأن لكل مادة منهجا معينا ،ووقتا محددا ،وكتابا خاصا ،وأن لكل مادة-
كذلك -أهدافا ووسائل.
ومما يؤخذ على هذا املنهاج أنه يغفل ميول التالميذ؛ ألنهم قد يدرسون أشياء التميل إليها
نفوسهم ،ومن عيوبه أيضا أن فيه تفريقا وتنافرا بين املعلومات في أذهان التالميذ ،فتصبح
هذه املعلومات غير وظيفية ،أي عاجزة عن حل املشكالت الحيوية ،كما أن املغاالة في األخذ
ههذا املنهج قد تدعو إلى إهمال األحداث الجارية والحياة املعاصرة ،وقد يطغى اهتمام
املدرس باملادة على حق التلميذ من املشاركة اإليجابية"40.
وعليه ،يدرس هذا املنهاج الخبرات التعليمية في شكل مجزوءات ووحدات ومواد منفصلة،
على الرغم من انصهارها ضمن الكل.والهدف من ذلك هو تبسيط املعلومات واملعارف
واملحتويات ،وتسهيلها على مستوى األداء واإلنجاز والتبليغ ،والتمييز بين مختلف املكونات
املستقلة.
ً
إذا ،فمنهاج املواد املنفصلة هو" املنهاج التقليدي املعروف املكون من مواد دراسية منفصلة
موزعة على سنوات الدراسة املختلفة والتاريخ والجغرافيا والعلوم والحساب والهندسة
والرسم واألشغال ،وفي هذا املنهاج ال توجد أية رابطة بين مادة دراسية وبين باقي املواد ،
فالخبرة فيه مفككة واملواد حسب منطق الكبار واملتخصصين في املواد املختلفة ،و البعد
عن سيكولوجية األطفال ،كما أن املواد املختلفة املستوى التالميذ بل إنها في العادة فوق
-40عبد العليم إبراهيم :املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية ،دار املعارف ،القاهرة ،مصر ،الطبعة السابعة،
3646م ،ص.64:
34
مستواهم وذلك يرجع الى نظرية امللكات التي كانت مسيطرة على فلسفة التربية والتي ترى
أن العقل مقسم إلى ملكات ،وأن كل مادة من مواد الدراسة تدرب إحدى هذه امللكات،
فالشعر يدرب ملكة الخيال ،والحساب يدرب ملكة التفكير الى غير ذلك ،وكلما زادت املواد
الدراسية في الصعوبة كليا أدى ذلك إلى تدريب أقوی وأعمق أثرا مللكات العقل .كما أن هذا
النوع من املناهج يعتبر بعيدا كل البعد عن مواقف الحياة العادية بسبب التقسيم
املصطنع مما يؤدي إلى عدم اهتمام التالميذ به ،والی اتباع طريقة التلقين والتقرير في
توصيله إلى أذهانهم41".
ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الفروع التي يقصد هها تدريس اللغة العربية أو اللغات
األجنبية بطريقة فرعية مستقلة .بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة من اللغة العربية -
مثال -على أنها فروع مستقلة في منهاجها وبنياتها الديدكتيكية والبيداغوجية.
وقد تبنى املغرب هذه الطريقة إبان سنوات السبعين من القرن العشرين في االبتدائي،
واإلعدادي ،والثانوي .فقد كان هناك كتاب للقواعد ،وكتاب للقراءة ،وكتاب للمحفوظات،
وكتاب للتاريخ ،وكتاب للجغرافيا ،وكتاب للتربية الوطنية ،وكتاب للتربية اإلسالمية .وكانت
لكل مادة طريقتها في التدريس ،والتقويم ،والتوجيه...
منهاج املواد املترابطة :يشبه منهاج املواد املنفصلة في املنهاج التقليدي ،ولكن هناك
ترابط شكلي طفيف بين بعض املواد دون األخرى كدراسة تاريخ املغرب ،وجغرافيا املغرب،
وأدب املغرب ،دون أن يمتد الترابط إلى باقي املواد األخرى .ومن ثم ،مازالت فكرة االنفصال
باقية ،ولم يحقق الترابط دوره اإليجابي في توحيد املواد الدراسية كلها.
منهاج املواد املتشابهة أو املتسعة :يعتمد هذا املنهاج على تدريس املواد املتشاههة أو
املتسعة كما في التعليم االبتدائي املغربي:
-41أمينة اللوه وآخرون :املوجزفي التربية وعلم النفس ،دار الكتب العربية ،الرباط ،املغرب،د.ت ،ص.43-43 :
35
أ -قطب اللغات :اللغة العربية ،واللغة الفرنسية ،واللغة األمازيغية؛
ج -قطب مواد التفتح :التربية التشكيلية ،والنشاط العلمي ،والتربية البدنية ،والتربية
اإلسالمية...،؛
وهكذا " ،يعتبر هذا النوع محاولة أخرى إلدماج املواد الدراسية بعضها في بعض وهو أقرب
إلى التكامل من منهاج املواد املرتبطة ،وفيه تدمج كل مجموعة من املواد ذات عالقة
ببعضها في مادة واحدة ،فال تكون هناك مادة للتاريخ ،وأخرى للجغرافيا ،وثالثة للتربية
الوطنية أو األخالق ،وإنما وال منها مادة واحدة هي العلوم االجتماعية وكذلك في املواد
العلمية والرياضية والفنية".42
ويعني هذا خلق توأمة بين الدروس واملواد املتشاههة كتقسيمها إلى مواد العلوم االجتماعية
(التاريخ ،والجغرافيا ،والتربية الوطنية) ،والعلوم اإلنسانية(األدب ،والفلسفة ،)...واملواد
العلمية (الرياضيات ،والفيزياء ،والكيمياء ،والعلوم الطبيعية.)...
ً
إذا ،تنطلق املقاربة املحورية أو املركزية أو البؤرية " من مبدأ كلية املعارف واملواد والتداخل
فيما بينها ،بحيث اليمكن عزلها وتجزيئها إال بالتخلي عن طابعها التكاملي املتناسق.لذا تؤكد
هذه املقاربة على أنه ينبغي أن الننطلق من املواد لبناء البرنامج أو املنهاج ،بل ينبغي أن
ننطلق من معايير أخرى تلتقي عندها جميع املواد.ولقد أكد تطور األبحاث العلمية اليوم
على الطابع املتداخل واملتكامل للعلوم .فتفسير ظاهرة كيميائية مثال اليمكن أن يتم في
معزل عن الفيزياء والبيولوجيا ،كما أن النظريات العلمية أصبحت تبحث عن نماذج
تفسيرية للظواهر تتسم بتعدد أبعادها ،وعدم اقتصارها على مجال علمي واحد .وكذلك
في التعليم وجهت الدعوة إلى إزالة الحواجز بين املواد ،والتركيز على األنشطة واإلنجازات
التي تتميز بتداخل املعارف واملهارات45".
ومن هنا ،فاملنهاج املحوري هو الذي يركز على تداخل املعارف وتشاههها وتكاملها ضمن
نسق تربوي منفتح ومتعدد.
وقد ربط هربارت نظريته التربوية باألخالق وعلم النفس .وقد اهتم كثيرا بالترابط املعرفي،
وتنمية رغبة االهتمام لدى املتعلم تحفيزا ،وتشويقا ،وتشجيعا من خالل مراعاة ميول
التالميذ النفسية واالجتماعية واألخالقية ،والربط بين األفكار القديمة والجديدة في أثناء
عرض الدرس وتفصيله اعتمادا على التشابه ،والتماثل ،واملقايسة ،واملقارنة.
وقد خلف لنا يوهان هربارت فردريش مجموعة من الكتب الفلسفية والتربوية والنفسية،
مثل( :املدخل إلى الفلسفة3036/م ) ،و(الفلسفة العملية العامة3020/م) ،و(امليتافيزيقا
العامة3026-3020/م) ،و(التربية العامة3023/م)،و(خطة محاضرات في علم
ً
التربية3063/م) ،و(السيكولوجية علما3027/م).
-3التمهيد (.)Introduction
-2العرض(.)Présentation
-4التطبيق(.)Application
39
ومن هنا ،جاء امليثاق الوطني للتربية والتكوين سعيا وراء" تجاوز الحياة املدرسية الرتيبة
املنغلقة على نفسها ،والتي تعتمد على تلقين املعارف ،وحشو الرؤوس باألفكار ومحتويات
املقررات والبرامج السنوية ،وتهمل التنشيط املدرس ي ،إلى حياة مدرسية نشطة ،يتوفر فيها
املناخ التعليمي /التعلمي القائم على مبادئ املساواة والديمقراطية واملواطنة ،حياة
مدرسية متميزة بالفعالية والحرية واالندماج االجتماعي ،تثير في املتعلم مواهبه ،وتخدم
ميوله ،وتكون شخصيته ،وتنشطها نشاطا تلقائيا وحرا في وسط اجتماعي قائم على التعاون
ال على اإلخضاع46".
وتنص املادة التاسعة ،من القسم األول من امليثاق ،على هوية مدرسة جديدة ،هي مدرسة
الحياة أو الحياة املدرسية التي ينبغي أن تكون -حسب امليثاق:
"أ -مفعمة بالحياة ،بفضل نهج تربوي نشيط ،يتجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى
اعتماد التعلم الذاتي ،والقدرة على الحوار واملشاركة في االجتهاد الجماعي".
"ب -مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار املجتمع في قلب املدرسة،
والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن ،مما يتطلب نسج عاقات جديدة بين
املدرسة وفضائها البيئي واملجتمعي والثقافي واالقتصادي47".
وفيما يخص التقويم ،إذا كان التقويم التقليدي يهتم بقياس املعارف ،واالهتمام بالكم،
والتثبت من قدرات الحفظ واالستيعاب لدى املتعلم؛ فإن التقويم الهادف يركز على
األهداف السلوكية الخاصة واإلجرائية بقياسها عمليا في آخر الحصة الدراسية .في حين،
يهتم التقويم الكفائي أو اإلدماجي بتقويم القدرات الكفائية لدى املتعلم بوضعه أمام
وضعيات إشكالية صعبة ومعقدة من أجل أن يجد لها حلوال ناجعة ،وتكون تلك
-46جان بياجي :التوجيهات الجديدة للتربية ،ترجمة محمد الحبيب بلكوش ،دار توبقال للنشر ،الدار
البيضاء،املغرب ،الطبعة األولى ،3600ص.36:
-47وزارة التربية الوطنية املغربية :امليثاق الوطني للتربية والتكوين ،طبعة2223-2222م ص.33:
40
الوضعيات مستمدة من الحياة اليومية أو الواقعية أو الحياة املدرسية .ويعني هذا أن
املتعلم يتعلم الحياة عبر الحياة ذاتها .ومن هنا ،فالتقويم اإلدماجي هو السبيل املنهجي
للحكم على املتعلم املتمكن أو الكفء أو املؤهل ،والحكم أيضا على املنظومة التربوية
والديدكتيكية ،وتقويم مستوى التعليم في وطننا العربي مقارنة بالتعليم في الدول الغربية
أو الدول املتقدمة والنامية .ومن هنا ،اليمكن الحديث عن التقويم اإلدماجي إال بالحديث
عن املقاربة البيداغوجية بالكفايات.
وقد أخذت املؤسسات التربوية املغربية ههذه املقاربة التربوية الجديدة مع بداية الثمانينيات
من القرن املاض ي .بيد أنها سرعان ما تخلت عنها بدون روية أو تفكير أو عمق ليجد
املدرسون أنفسهم أمام مقاربات تربوية مرتجلة أخرى ،مثل :تطبيق دليل الحياة املدرسية،
واألخذ بفلسفة الشراكة واملشروع ،وتمثل تربية الجودة ،واألخذ باملقاربة بالكفايات
واإلدماج ،واالستفادة من مدرسة النجاح ،أو االستهداء بامليثاق الوطني للتربية والتكوين...
بمعنى أن املغرب قد أصبح حقال للتجارب التربوية الغربية بامتياز؛ حيث عرف تقلبات
بيداغوجية عدة ،وتعرض كذلك الهتزازات تربوية مجتمعية مرات ومرات؛ بسبب تذبذب
وزارة التربية الوطنية سياسة ،وتدبيرا ،وتخطيطا؛ وعجزها عن اختيار إستراتيجية تربوية
واضحة ودقيقة وناجعة .وربما يكون هذا التقلب راجعا إلى عوامل ذاتية ومزاجية ،أو نتيجة
لعوامل سياسية ومجتمعية داخلية ،أو يكون ذلك نتاجا لعوامل خارجية تتمثل في ضغوط
املؤسسات الدولية ،والسيما املؤسسات املالية والبنكية التي تفرض على املغرب شروطا
معينة في تدبير قطاع التربية والتعليم مقابل االستفادة من املنح ،والقروض ،واالمتيازات.
وإذا كانت املقاربة بالكفايات تعنى بتحديد الكفايات والقدرات األساسية والنوعية لدى
املتعلم في أثناء مواجهته ملختلف الوضعيات -املشكالت في سياق ما ،فإن املقاربة باألهداف
هي مقاربة تربوية تشتغل على املحتويات واملضامين في ضوء مجموعة من األهداف
التعليمية -التعلمية ذات الطبيعة السلوكية سواء أكانت هذه األهداف عامة أم خاصة.
ويتم ذلك التعامل أيضا في عالقة مترابط ة مع الغايات واملرامي البعيدة للدولة وقطاع
42
التربية والتعليم .وبتعبير آخر ،تهتم بيداغوجيا األهداف بالدرس الهادف تخطيطا ،وتدبيرا،
وتقويما ،ومعالجة.
من املعروف أن الهدف مصطلح عسكري يعني الدقة والتحديد والتركيز في اإلصابة .ويعني
اصطالحا وضع خطة أو إستراتيجية معينة على أساس التخطيط والتدبير والتسيير بغية
الوصول إلى نتيجة معينة .ومن ثم ،يخضع الهدف للتقويم ،والرصد ،والقياس ،واالختبار،
والتغذية الراجعة.
وعليه ،ثمة مجموعة من األهداف ،مثل :الغايات ،واألغراض ،واألهداف العامة ،واألهداف
الخاصة ،ويمكن توضيحها على النحو التالي:
أ -الغــايات:
هي مجموعة من األهداف العامة ،أو هي التوجهات واملرامي واألغراض البعيدة التي تريدها
الدولة من التربية .بتعبير آخر ،الغايات هي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم،
وتتجسد في املنهاج والبرامج الدراسية واملقررات التعليمية ومحتويات الدروس ،مثل :عبارة
"أن يكون مواطنا صالحا" .ومن ثم ،فالغايات هي مجموعة من املرامي الفلسفية
والطموحات املستقبلية البعيدة التي تتسم بالغموض ،والتجريد ،والعمومية .ويعرفها
محمد الدريج بقوله:
" إن الغايات هي غايات ألهداف تعبر عن فلسفة املجتمع ،وتعكس تصوراته للوجود
والحياة ،أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة ،مثل قولنا":
على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية" أو "على املدرسة أن تكون مواطنين
مسؤولين" أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية..."...إلخ .فهذه أهداف عامة
43
تتموضع على املستوى السياس ي والفلسفي العام ،وتسعى إلى تطبيع الناشئة بما تراه
مناسبا للحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية"48.
ومن ثم ،فالغايات هي أهداف تربوية كبرى تختلط بالسياسة العامة للدولة .وغالبا ،ما
تكون أهدافا عامة ،ومجردة ،وفضفاضة.
يقصد باألغراض ،أو األهداف العامة ،توجهات التربية والتعليم.أي :تتعلق بأهداف قطاع
التربية والتعليم في مجاالت التكوين ،والتأطير ،والتدريس .ومن ثم ،فللتعليم االبتدائي
أهدافه العامة ،وللتعليم اإلعدادي والثانوي أهدافه العامة ،وللتعليم الجامعي أهدافه
العامة ،وللتكوين املنهي كذلك أهدافه ومراميه وأغراضه .ويعني هذا أن األغراض أقل
عمومية من الغايات .ومن ثم ،ترتبط بفلسفة قطاع التربية والتعليم .في حين ،ترتبط
الغايات بسياسية الدولة العامة كأن نقول -مثال -يهدف التعليم املنهي إلى تكوين مهنيين
محترفين في مجال التكنولوجيا والصناعة.
تتموقع األهداف الوسطى بين األهداف العامة واألهداف الخاصة .بمعنى أنها أقل عمومية
وتجريدا من األهداف العامة ،وأقل إجرائية وتطبيقا من األهداف الخاصة .وبالتالي،
فالصنافات املعرفية واالنفعالية والحسية الحركية عبارة عن مجموعة من املراقي املتدرجة
في العمومية .بيد أنها تقترب من الخصوصية ،مثل :أن يعرف التلميذ أخوات كان،
ويستظهر القصيدة الشعرية ،و يتذوق الشعر ،ويقفز بالزانة...
-48محمد الدريج :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 3606م ،ص.63:
44
يقصد باألهداف الخاصة األهداف السلوكية أو األهداف اإلجرائية .ونعني باألهداف
اإلجرائية تلك األهداف التعليمية القابلة للمالحظة ،والقياس ،والتقييم .وغالبا ،ما تصاغ
في شكل أفعال مضارعة محددة بدقة (أن يراجع التلميذ درسه السابق في النحو) .ويعني
هذا أن الهدف اإلجرائي هو إنجاز فعلي خاضع للقياس واملالحظة املوضوعية ،وقد يكون
هدفا معرفيا ،أو هدفا وجدانيا ،أو هدفا حسيا حركيا .وفي هذا الصدد ،نقيس سلوك
املتعلم ،ال سلوك املدرس ،بأفعال مضارعة محددة بدقة قياسية .وفي هذا السياق ،يقول
محمد الدريج:
" يمكن أن نالحظ بأن صياغة األهداف الخاصة تكون دائما صياغة واضحة ،وتكون
لكلماتها معاني واحدة غير قابلة للتأويل .إن صياغة الهدف الخاص يجب أن تتجنب
العبارات الضبابية التي توحي بعدد كبير من التأويالت التي قد يفرضها تباين األشخاص،
واختالف املواقف؛ مما قد يؤدي إلى تعطل التواصل بين املدرس والتالميذ وبينه وبين
زمالئه في الفصل.
ثم إن ما يميز األهداف الخاصة هو كونها تصف سلوكا قابال للمالحظة...ثم إن األهداف
الخاصة تحدد شروط ظهور السلوك49"...
ومن ثم ،فقد آن األوان للتفكير في صنافات األهداف املعرفية والوجدانية والحسية
الحركية لوصف مختلف استجابات املتعلم من خالل صياغتها في عبارات سلوكية محددة
ودقيقة ،وتصنيفها في مراق متراكبة تتدرج من السهولة إلى الصعوبة والتعقيد .ومن ثم،
خرج املؤتمر السيكولوجي بنظرية تربوية جديدة تسمى بنظرية األهداف أو الدرس الهادف
الذي يقوم على تحديد مجموعة من األهداف السلوكية املرصودة واملالحظة سواء أكانت
أهدافا عامة أم خاصة .ومن هنا ،ارتبطت نظرية األهداف بجماعة شيكاغو ،وقد كان
رالف تيلر( )Ralph Tylerسباقا إلى تحديد مجموعة من األهداف باعتبارها مداخل
أساسية لتطوير التعليم ،والرفع من مستواه .بمعنى أن رالف تايلر كان سباقا منذ سنة
3663م إلى عقلنة العملية اإلنتاجية انطالقا من تحديد مجموعة من األهداف .وفي هذا
اإلطار ،يقول محمد الدريج:
" والحقيقة أن الفضل يعود في الدرجة األولى إلى رالف تايلر( ، )Ralph Tylerإذ كان من أبرز
الداعين إلى تعيين األهداف التي يجب أن يرمي إليها التعليم ،وخاصة في كتيب له تحت
عنوان (أساسيات املناهج) ،والذي نقله إلى العربية أحمد خيري كاظم وجابر عبد الحميد
جابر منذ سنة 3632م.
وقد انطلق تايلر من أن التحقق من صحة أساليب التعليم وأساليب االمتحان ،ال يتم
بالرجوع إلى نصوص الكتب املدرسية واملناهج املقررة ،إنما بالرجوع إلى األهداف التي وراء
هذه النصوص واملناهج؛ ألن النصوص واملناهج في نظره ،يمكن أن تدرس بطرق متعددة،
46
ً
ولتحقيق غايات كثيرة ،فهي التصلح إذا أن تكون املرجع للتحقق من صحة التعليم
وسالمته أو صدق االمتحانات ،ولذلك فمن الضروري أن يكون ضبط األهداف سابقا
للنشاط التعليمي.
وقد وجدت نظرية تايلر صدى كبيرا في األوساط التربوية والتعليمية ،وستظهر مصنفات
كثيرة في االتجاه نفسه ،ومتأثرة بآرائه .ومن أهمها املصنف الذي سبقت اإلشارة إليه،
والذي نشرته لجنة القياس واالمتحانات(مجموعة شيكاغو) -وجل أعضائها من تالميذ
تايلر -والتي شددت على األهداف التعليمية كأساس لتنظيم التربية50".
وقد نتج عن هذا املؤتمر -الذي سلف ذكره -مجموعة من الصنافات تعنى بتنميط
األهداف اإلجرائية في مجموعة من املراقي املتدرجة ،مثل :مصنف بلوم الذي
عنوانه(تصنيف األهداف التربوية ،املجال العقلي املعرفي) ،و قد نشر سنة 3633م
بإشراف بنيامين بلوم ( ، )B.Bloomوأعقبه الجزء الثاني بعنوان (تصنيف األهداف
التربوية ،املجال االنفعالي العاطفي) بإشراف كراثهول (.)D.Krathwohl
وقد انتشرت نظرية األهداف في أمريكا وأوروبا منذ الستينيات من القرن املاض ي ،وأصبحت
موضة تربوية معاصرة أكثر انتشارا في سنوات السبعين .وقد أخذ املغرب ههذه املقاربة
الجديدة منذ سنوات الثمانين من القرن املاض ي ،بعد أن أرسلت بعثة من أساتذة كلية
علوم التربية بالرباط إلى بلجيكا للتكوين والتدريب على نظرية األهداف التربوية ،بما فيها:
الباحث محمد الدريج صاحب كتاب(التدريس الهادف)51
-50نفسه ،ص.66:
-51محمد الدريج :التدريس الهادف ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
3662م.
47
وعليه ،ترتبط نظرية األهداف التربوية بالنظرية السلوكية القائمة على ثنائية املثير
واالستجابة؛ ألن بيداغوجيا األهداف تسعى إلى قياس السلوك التعليمي الخارجي ،ورصده
مالحظة ،وقياسا ،وتقويما.
أن تتضمن صياغة الهدف النتائج التي سيحصل عليها التلميذ .بمعنى أن يحدد املدرس
سلوك املتعلم بدقة ووضوح.
أن تتضمن الصياغة توصيفا للظروف السياقية للسلوك املنجز من قبل املتعلم.
أن تشتمل صياغة الهدف على تحديد دقيق للمستوى األدنى للنجاح الذي يحيلنا على
تحقق قدر معين من الهدف.52
ومن جهة أخرى ،يذهب غانيي( )Gangnéإلى أن الهدف اإلجرائي الخاص يتميز بمجموعة
من السمات التالية ،مثل:
إن الهدف الغامض يسبب الغموض وتعدد االحتماالت والتأويالت .بمعنى أن يكون
الهدف واضحا بدقة ومحددا بالشكل الكافي.
أن يكون الهدف صادقا .بمعنى أن يفهمه اثنان باملعنى نفسه ويتفقان حوله.
أن يكون قابال للتحقق واإلنجاز ،فال يمكن تقويم هدف مرتبط بسلوك مستحيل ،أو
صعب تحقيقه.
أن تكون األهداف املرجوة تعبيرا صادقا عن فلسفة التربية املعتمدة .بمعنى أن تكون
جزءا ال يتجزأ من فلسفة الدولة وغاياته البعيدة املحصلة من فعل التربية والتعليم.53
الهدف املعرفي هو الذي يهدف إلى نقل املعلومات واستقبالها ،ويركز على الجوانب املعرفية
ومراقيها .أو بتعبير آخر ،إنه يركز على اإلنتاجية واملردودية .ويسعى هذا الهدف إلى نقل
الخبرات والتجارب إلى املتلقي ،وتعليمه طرائق التركيب ،والتطبيق ،والفهم ،والتحليل،
والتقويم .إنه يهدف إلى تزويد املتلقي باملعرفة واملعلومات الهادفة .ومن ثم ،يقوم هذا
الهدف على تبادل اآلراء ،ونقل املعارف وتجارب السلف إلى الخلف.
وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل املعرفي كصنافة بلوم( )Bloomالتي تم االنتهاء
منها سنة 3633م .وتتضمن ستة مراق هي :املعرفة ،والفهم ،والتطبيق ،والتحليل،
والتركيب ،والتقييم .وتتميز هذه املراقي الستة بالتدرج ،والترابط ،والتكامل الوظيفي .ويعني
هذا أن هذه املراقي تتجرد من البسيط نحو املعقد ،وتترابط على مستوى العمليات الذهنية
من أبسط فعل ذهني هو املعرفة إلى أعقد عملية تتمثل في التقييم ،والنقد ،واملناقشة.
يمكن الحديث عن الهدف الحس ي الحركي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني .ويظهر
هذا التواصل في مجال السبرينطيقا ،واآللية ،واملسرح امليمي ،والرياضة الحركية...
ويتضمن هذا الهدف في املجال التربوي مجموعة متسلسلة من األهداف املتدرجة التي
تعمل على تنمية املهارات الحركية والجسدية والتواصلية ،واستعمال العضالت والحركات
الجسمية .ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي صنافة هارو( ) Harrowالتي وضعها
صاحبها سنة 3642م .وتتكون هذه الصنافة من ستة مراق أساسية هي :الحركات
االرتكاسية ،والحركات الطبيعية األساسية ،واالستعدادات اإلدراكية ،والصفات البدنية،
واملهارات الحركية لليد ،والتواصل غير اللفظي.
يخضع التدريس أو الدرس الهادف ملجموعة من املحطات اإلجرائية التي تتمثل في تحديد
املداخل األولية بتسطير مجموعة من األهداف العامة والخاصة املتعلقة بدرس معين؛
حيث نبدأ بتحديد الهدف العام ،ثم نتبعه باألهداف السلوكية اإلجرائية حسب طبيعتها:
50
معرفية ،ووجدانية ،وحسية حركية ،كما يظهر ذلك جليا في األمثلة التالية التي تتعلق
بدرسنا االفتراض ي (املبتدأ والخبر).
الهدف العام:
األهداف اإلجرائية:
أن يذكر التلميذ خمس جمل اسمية فيها مبتدأ وخبر في آخر الحصة.
وهكذا ،يحدد املدرس ،بمعية املتعلم ،األهداف األولية املرتبطة باملقطع التعليمي
التمهيدي الذي يرتبط باألنشطة املكتسبة ،وعملية املراجعة واالستكشاف .ثم يحدد
األهداف الوسيطة في أثناء مرحلة املقطع الوسطي أو التقويم التكويني .لينتهي الدرس
باألهداف النهائية مع اختتام الدرس .ويعني هذا أن الدرس عبارة عن مجموعة من املحطات
واألنشطة التعليمية -التعلمية سواء أتعلقت بأنشطة املدرس أم بأنشطة املتعلم التي
تتالءم مع أنواع ثالثة من األهداف :أهداف أولية ،وأهداف وسيطة ،وأهداف نهائية.54
-54انظر مادي لحسن :األهداف والتقييم في التربية ،شركة بابل للطباعة والنشر ،الرباط ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 3662م ،ص.330-333:
51
العقلنة :ويعني أن األهداف اإلجرائية تعقلن العملية التعليمية -التعلمية تخطيطا،
وتدبيرا ،وتقويما .وبذلك ،يتجاوز الدرس الهادف العفوية واالرتجال والعشوائية التي كان
يتسم هها الدرس التقليدي.
األجرأة :تسعى األهداف الخاصة إلى تحويل األهداف العامة إلى أهداف سلوكية
إجرائية قابلة للمالحظة ،والقياس ،والتقويم؛ بتفتيت املحتويات إلى أهداف صغرى وأكثر
تجزيئا.
البرمجة :ويقصد هها خضوع العملية التعليمية لخطة مبرمجة لها مداخل ،وعمليات،
ومخارج .بمعنى أن تحقيق الهدف يمر عبر عمليات وسطى إلى أن تتحقق النتيجة النهائية
عبر مؤشرات التقويم والقياس .وبتعبير آخر ،تعني البرمجة تنظيم مختلف العمليات
التدريسية من أجل الوصول إلى هدف معين ،عبر خطة مفصلة دقيقة وموضوعية ومقننة.
ويرى محمد الدريج ،في كتابه (تحليل العملية التعليمية) ،أن لألهداف اإلجرائية فوائد
كثيرة ،منها:
تشدد النظريات التربوية املعاصرة على ضرورة تحديد األهداف املتعلقة بالتعليم
املبرمج ،أو في تسطير البرامج واملناهج واملقررات الدراسية.
يسهم تحديد املعايير واألهداف بوضوح ودقة في تحصيل تقويم أفضل لعمل املتعلم.
تمكن األهداف املدرس من تقويم درسه عبر توظيف التغذية الراجعة أو الفيدباك
لسد النواقص وتشخيص مواطن القوة والضعف.
52
تسهم الصياغة اإلجرائية لألهداف في تجويد العملية التدريسية بصفة خاصة،
وتطوير املنظومة التربوية بصفة عامة.
ضرورة إطالع املتعلمين على األهداف اإلجرائية في بداية كل حصة دراسية لكي يركزوا
انتباههم على العناصر الضرورية والجوهرية ،وتحييد العناصر العرضية أو الثانوية.
تتسم نظرية األهداف بالنزعة السلوكية والنظرة التقنية على حساب النظرة الشمولية.
كما تخضع لثنائية املثير واالستجابة.
تعطي نظرية األهداف أهمية كبرى لتجزيء املحتويات وتفتيتها بشكل مبالغ فيه.
تعنى نظرية األهداف كثيرا باملحتوى ،وتغض الطرف عن الطرائق واملناهج والوسائل
التعليمية.
تقسيم الذات اإلنسانية -حسب الصنافات -إلى مستويات مستقلة هي :الجانب
املعرفي ،و الجانب الوجداني ،والجانب الحس ي الحركي .في حين ،إن اإلنسان وحدة نفسية
وعضوية مركبة ومترابطة ومتكاملة.
إن كثيرا من املدرسين ذوي الخبرة قد نجحوا في دروسهم كل النجاح دون أن
يستندوا ،بحال من األحوال ،إلى نظرية األهداف.
وخالصة القول ،تعد املقاربة باألهداف نظرية تربوية جديدة قائمة على العلم ،
والعقالنية ،والتخطيط ،والقياس ،والتكنولوجيا ،والتحقق املوضوعي .وقد انتشرت هذه
النظرية في املغرب في سنوات الثمانين من القرن العشرين ،وقد كانت -فعال -بديال للدرس
الهربارتي التقليدي الذي كان يقوم على مجموعة من املراحل ،مثل :املراجعة ،والشرح،
وبناء القاعدة ،والربط ،واالستنتاج ،والتطبيق .وكان هذا الدرس يقدم في غياب أهداف
53
مسطرة ،فقد كان املدرس يلقي درسه بطريقة غير واعية وغير مخططة بدقة؛ مما يوقعه
ذلك في صعوبات جمة على مستوى التقويم ،والتصحيح ،واملعالجة.
لذا ،جاءت املقاربة باألهداف لتنظيم العملية التدريسية وعقلنتها وعلمنتها تخطيطا،
وتدبيرا ،وتسييرا ،وتقويما .بل أصبحت هذه النظرية معيارا إجرائيا لقياس الحصيلة
التعليمية -التعلمية لدى املتعلم واملدرس معا ،ومحكا موضوعيا لتشخيص مواطن قوة
املنظومة التربوية على مستوى املردودية ،واإلنتاجية ،واإلبداعية .ومن ثم ،فقد أضحت
أداة ناجعة لتبيان نقط ضعفها وفشلها وإخفاقها .وتعد كذلك آلية فعالة في مجال
التخطيط والتقويم وبناء الدرس الهادف.
/1مفهوم الكفايات:
54
تعرف الكفاية ( )Compétenceبأنها عبارة عن قدرات وملكات ذاتية أساسية ونوعية
يتسلح هها املتعلم في أثناء مواجهته لوضعية أو مشكلة ما في واقعه الشخص ي أو املوضوعي.
وبتعبير آخر ،الكفاية هي تلك القدرة التي يستدمجها املتعلم عند وجوده أمام وضعيات
جديدة معقدة ومركبة .ومن ثم ،يتمثل الذكاء الفعلي في توظيف الكفايات والقدرات في حل
املشاكل املستعصية تربويا ،وتدريسيا،وواقعيا .ويعني هذا كله أن الكفايات تشمل مجموعة
من املعارف واملوارد واملهارات واملواقف التي يستضمرها املتعلم ملواجهة الوضعيات التي
يواجهها في محيطه .ويعني هذا أن املتعلم يستثمر موارده عند مواجهة املشاكل املعقدة
والوضعيات الجديدة باختيار الحلول املناسبة ،أو التوليف بين مجموعة من االختيارات
لحل املشاكل التي يواجهها في حياته الشخصية والعملية.
وعليه ،تعرف الكفاية عند جيلي ( )GILLETبأنها " نظام من املعارف املفاهيمية (الذهنية)
واملهارية ( العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية ،تمكن في إطار فئة من الوضعيات،
من التعرف على املهمة – اإلشكالية ،وحلها بنشاط وفعالية".55
وتعرف الكفاية كذلك على أنها بمثابة " هدف -مرمى ،متمركزة حول البلورة الذاتية لقدرة
التلميذ على الحل الجيد للمشاكل املرتبطة بمجموعة من الوضعيات ،باعتماد معارف
مفاهيمية ومنهجية مندمجة ومالئمة" .56ويعرفها فيليب پيرنو ( )Perrenoudبأنها" القدرة
ويرى محمد الدريج أن هذه الكفايات" ينظر إليها على أنها إجابات عن وضعيات -مشاكل
تتألف منها املواد الدراسية".58
وعلى العموم ،فالكفاية هي مجموعة من القدرات واملهارات واملعارف يتسلح هها التلميذ
ملواجهة مجموعة من الوضعيات والعوائق واملشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول الناجعة
لها بشكل مالئم وفعال.
ويظهر لنا ،من خالل مجموعة من التعاريف التي انصبت على تحديد مفهوم الكفاية ،أنها
تنبني على عناصر أساسية ،يمكن حصرها في:
القدرات واملهارات.
اإلنجاز أو األداء.
الوضعية أو املشكل.
وهكذا ،يبدو لنا أن الكفاية مرتبطة أشد االرتباط بالوضعية -اإلشكال.أي :إن الكفاية
قائمة على إنجاز املهمات الصعبة ،وإيجاد الحلول املناسبة للمشاكل املطروحة في الواقع
-57باوال جونتيل وروبيرتا بنتشيني (:بناء الكفايات :مقابلة مع فليب پيرنو) ،الكفايات في التدريس بين التنظير
واملمارسة ،تعريب :محمد العمارتي والبشير اليعكوبي ،مطبعة أكدال ،الرباط ،الطبعة األولى سنة 2227م،
ص.73:
-58محمد الدريج :الكفايات في التعليم ،املعرفة للجميع ،أكتوبر ،2222العدد ،33ص.33 :
56
املوضوعي .إذا ،فالعالقة املوجودة بين الكفاية والوضعية هي عالقة جدلية وثيقة ومتينة،
وعالقة استلزام اختباري ،وتقييمي ،وتدريس ي.
الكفايات املمتدة أو املستعرضة :هي تلك الكفايات املشتركة التي تجمع بين
تخصصات متعددة .بمعنى أن الكفاية املوسعة هي التي تتوزع بين مجموعة من املواد
والتخصصات ،ويمكن امتالكها بعد فترة من التعلم والتحصيل الدراس ي ،مثل :اكتساب
منهجية التفكير العلمي ،وهي كفاية توجد في جميع املواد الدراسية .وتمتاز الكفايات
املوسعة بأنها كفايات عليا وقصوى وختامية ،تتطلب نوعا من اإلتقان ،واالنضباط ،
واملهارة ،واالحتراف .وتستوجب أيضا كثرة التعلم والتحصيل الدراس ي؛ ألن هذه الكفاية هي
نتاج تفاعل مع تخصصات ومواد دراسية عدة .ومن أنواع الكفاية املمتدة الكفاية
املنهجية ،والكفاية اللغوية ،والكفاية التواصلية ،والكفاية التقنية ،والكفاية
اإلستراتيجية ،والكفاية الثقافية.
الكفايات األساسية :هي كفايات قاعدية أو جوهرية أو دنيا .وهي كفايات ضرورية في
مجال التربية والتعليم ،مثل :كفاية القراءة ،وكفاية الكتابة ،وكفاية الحساب ،وكفاية
57
التواصل الكتابي والشفهي بالنسبة للتعليم االبتدائي .بمعنى أن الكفايات األساسية هي
التي تنبني عليها العملية التعليمية -التعلمية أو يبنى عليها النسق التربوي.
كفاية اإلتقان :هي كفاية تكميلية ،وليست أساسية وضرورية ،فعدم الغرق عند
السباحة هي كفاية أساسية .بيد أن الرشاقة ،والسرعة ،والسباحة في فريق ،واحترام
قواعد السباحة ،هي كلها كفايات تكميلية ،أو كفايات إتقان وجودة.
ومن جهة أخرى ،تصنف الكفايات كذلك إلى معارف ،ومواقف ،ومهارات ،وكفايات ثقافية،
وكفايات تواصلية ،وكفايات منهجية...
وتقترن الوضعية بداللة أخرى ،وهي السياق الذي هو" عبارة عن وضعية يقع فيها ش يء،
وتساعدك -بالتالي -على فهمه".61
-59ابن منظور :لسان اللسان ،الجزء الثاني ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى ،3666 ،ص476:؛
واملعجم الوسيط ألحمد حسن الزيات وآخرين ،املكتبة اإلسالمية ،استانبول ،تركيا ،ص.3266 :
60- A.Regarder: Oxford advanced learner’s, Dictionary Oxford university press 2000; p: 1109.
58
أما معجم روبير( ، )Robertفيرى أن الوضعية هي " أن تكون في مكان أو حالة حيث يوجد
الش يء أو يتموقع" . 62أي :إن الوضعية هي التموقع املكاني أو الحالي في مكان أو وضع ما،
بينما يحدد السياق في هذا املعجم على أنه " مجموعة من الظروف التي تحيط بالحدث".63
ويمكن أن نفهم ،من هذا كله ،أن الوضعية هي مجموعة من الظروف املكانية والزمانية
والحالية التي تحيط بالحدث ،وتحدد سياقه .وقد تتداخل الوضعية مع السياق،
والظروف ،والعوائق ،واملواقف ،واملشكالت ،والصعوبات ،واالختبارات ،واملحكات ،والحالة
،والواقع ،واإلطار ،واإلشكال…إلخ.
وتعرف الوضعية في مجال التربية والتدريس بأنها" وضعية ملموسة تصف ،في الوقت
نفسه ،اإلطار األكثر واقعية ،واملهمة التي يواجه التلميذ من أجل تشغيل املعارف
املفاهيمية واملنهجية الضرورية ،لبلورة الكفاية والبرهنة عليها".64
أي :إن الوضعية واقعية ملموسة يواجهها التلميذ بقدراته ومهاراته وكفاءاته عن طريق
حلها .وليست الوضعيات سوى التقاء عدد من العوائق واملشاكل في إطار شروط وظروف
معينة .ومن ثم ،تطرح الوضعية -حسب محمد الدريج " -إشكاال عندما تجعل الفرد أمام
مهمة عليه أن ينجزها ،مهمة ال يتحكم في كل مكوناتها وخطواتها ،وهكذا يطرح التعلم
كمهمة تشكل تحديا معرفيا للمتعلم ،بحيث يشكل مجموع القدرات واملعارف الضرورية
ملواجهة الوضعية وحل اإلشكال ،ما يعرف بالكفاية".65
وخالصة القول :ترتبط الكفايات بمواجهة املشاكل املركبة والوضعيات املعقدة .واملقصود
بأن تكون كفئا يعني أن تكون إنسانا ناجحا ومتمكنا من أسباب النجاح.
ومن مواصفات الكفاية أنها مركبة تشتمل على مجموعة من املوارد واملواقف املختلفة .كما
أنها ذات هدف معين .وهي كذلك تفاعلية .بمعنى أن املتعلم يتسلح بمجموعة من القدرات
املستضمرة للتفاعل مع املحيط .وبالتالي ،فهي مفتوحة على مجموعة من الحلول
الواقعية ،واملمكنة ،واملحتملة .وهي محفزة على النجاح ،والتفوق ،والتميز .ومن جهة
أخرى ،ينبغي أن تكون الوضعية مدعمة باألسناد والوثائق والتعليمات والنصوص ومعايير
التقويم ومؤشرات التصحيح.
60
مجموعة من التعلمات واملوارد املدرسية املنجزة مسبقا .ويمكن أن نضع التلميذ أمام عدة
وضعيات تبرز طبيعة الكفاية لديه .وهذه هي التي ستحدد لنا أنماط الوضعيات -املشاكل
على مستوى مؤشرات األطر السياقية.
ويمكن أن نحدد أنواعا أخرى من الوضعيات املوقفية قياسا على ما ذهب إليه إيريبان
( )IRIBANEفي تصنيفه للكفايات:66
ترتكز على مهمات التقليد ،وإعادة املعارف واملهارات املكتسبة عن طريق التطبيق،
واملماثلة ،والحفظ ،واإلعادة ( وضعيات االجترار).
وضعيات التحويل:
تنطلق من وضعية معينة من العمل لتطبيقها على وضعيات غير متوقعة .بيد أنها قريبة
بالتفكير باملثل ،واالستفادة من الوضعيات السابقة لحل الصعوبات عن طريق تحويلها
إليجاد الحلول املناسبة (وضعيات االستفادة واالمتصاص).
وضعيات التجديد:
تنطلق من مواجهة مشاكل وصعوبات وعراقيل جديدة ،وتقديم حلول مناسبة لها.
(وضعيات الحوار و اإلبداع).
وضعية أولية :يتم طرح مجموعة من الوضعيات اإلشكالية للتلميذ في أثناء بداية
الدرس أو قبل الشروع فيه .وتتعلق هذه الوضعيات بمراجعة الدرس السابق ،أو دفعه إلى
66 -A regarder : A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS, Paris, 1989.
61
االستكشاف (وضعية استكشافية) ،أو حثه وتشجيعه على استعمال قدراته الذاتية
واملهارية (وضعية مهاراتية).
وضعية نهائية :يواجه التلميذ في نهاية الدرس وضعيات نهاية إجمالية أو نهائية هي التي
تحكم على التلميذ إن كان كفئا أم ال؟ وهل تحققت عنده الكفاية األساسية أو النوعية أم
ال؟ وهل أصبح قادرا على مواجهة الصعوبات والوضعيات اإلشكالية واملواقف الواقعية
الصعبة أم ال؟ وهل تحقق الهدف املبتغى والغاية املنشودة من التكوين والتعلم الذاتي أم
ال؟
وينبغي لهذه الوضعيات أن تتناسب تماثليا مع التقويم األولي والتكويني واإلجمالي في إطار
العملية التعليمية -التعلمية.
من املعلوم أن للوضعيات أهمية كبيرة في اختبار املناهج الدراسية ،وتقييم املدرسة
املعاصرة ،والتمييز بين التقليدية منها والجديدة ،ومعرفة املدرسة املنغلقة من املدرسة
الوظيفية واملنفتحة .وعليه ،فإن الوضعيات هي محك الكفاءة واملردودية ،وإبراز للقدرات
واملهارات واملواهب املضمرة والظاهرة .إنها تربية على حل املشاكل املستعصية ،واقتراح
62
الحلول املناسبة واملمكنة ،والتحفيز على التعلم الذاتي ،وتجاوز للطرائق التقليدية القائمة
على التلقين والحفظ ،وتقديم املعرفة واملحتويات بواسطة املدرس إلى التلميذ السلبي.
ومن األكيد أن التربية بالوضعيات هي التي تفرز الكفاءات والقدرات العقلية املتميزة .فهي
التي تربط املدرسة بالواقع وسوق الشغل ،وليس ذلك من خالل الشهادات والدبلومات
واملؤهالت؛ بل من خالل الشهادات -الكفايات .بيد أن هذه الوضعيات والكفايات ليست
عصا سحرية ملعالجة كل مشاكل وزارات التربية والتعليم ،مثل :معالجة اكتظاظ التالميذ
في الفصول الدراسية ،ونقص في تكوين املدرسين ،وإيجاد الحلول املناسبة للوضعية
االجتماعية للمدرسين ،وتوفير الوسائل واإلمكانات املادية والبشرية؛ بل إن طريقة التعليم
بالكفايات والوضعيات طريقة تربوية لعقلنة العملية التدريسية تخطيطا ،وتدبيرا،
وتسييرا ،وتقويما .فضال عن تفعيلها بطريقة علمية موضوعية على أسس معيارية
وظيفية ،وربط املدرسة بالحياة ،وسوق العمل ،وتلبية حاجيات أرباب العمل ،وتحقيق
الجودة واملنافسة ،والسير وفق مقتضيات العوملة .ويتطلب هذا كله تغيير عقلية اإلدارة
واملدرس والتلميذ واآلباء واملجتمع كله .وال ينبغي أن تبقى الوضعيات والكفايات في إطارها
الشكلي ،أو بمثابة موضة عابرة أو حبيسة مقدمات الكتب املدرسية ،أو رهينة لتوجيهات
البرامج الدراسية وفلسفتها البعيدة باعتبارها غايات ومواصفات مثالية نظرية دون تطبيق
أو ممارسة فعلية وميدانية .وهنا ،أستحضر قولة معبرة بكل وضوح ملا نريد أن نقصده
ملبلور الكفايات فيليب پيرنو(:)Perrenoud
"إذا ظلت املقاربة بالكفايات على مستوى الخطاب لهثا وراء املوضة ،فإنها ستغير النصوص
لتسقط في النسيان… […] أما إذا كانت تطمح إلى تغيير املمارسات ،فستصبح إصالحا من
(النمط الثالث) ال يستغني عن مساءلة معنى املدرسة وغايتها" 67
-67حسن بوتكالي (:مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب پيرنو) ،الكفايات في التدريس بين التنظير واملمارسة،
مطبعة أكدال ،الرباط ،الطبعة األولى سنة ،2227ص.27:
63
وعليه ،فللوضعيات أهمية كبرى في مجال التربية والتعليم ؛ ألنها تؤهل املتعلم ليكون
إنسانا كفئا ومواطنا مسؤوال ،يعتمد على نفسه في مواجهة املواقف الصعبة والوضعيات
املستعصية.
/6سياق الوضعيات:
ال يمكن فهم الوضعيات إال إذا وضعناها في سياقها االجتماعي والتاريخي .فقد استلزم
التطور العلمي والتكنولوجي املعاصر منذ منتصف القرن العشرين توفير أطر مدربة
أحسن تدريب لتشغيل اآللة بكل أنماطها؛ مما دفع باملجتمع الغربي إلى إعادة النظر في
املدرسة وطبيعتها ووظيفتها من خالل ربطها بالواقع والحياة وسوق الشغل قصد محاربة
البطالة ،و البحث عن أسباب الفشل املدرس ي ،وإيجاد حل للالمساواة االجتماعية .ويعني
هذا ربط املدرسة باملقاولة والحياة املهنية والعوملة والقدرة التنافسية املحمومة .أي :على
املدرسة أن تنفتح على الواقع واملجتمع معا لتغييرهما وإمدادهما باألكفاء واألطر املدربة
املاهرة واملتميزة .فال قيمة للمعارف واملحتويات الدراسية ،إذا لم تقترن بما هو وظيفي،
ً
ومنهي ،وتقني ،وحرفي .إذا ،يبدو أن هذه العوامل كلها هي التي كانت وراء عقلنة املناهج
التربوية ،وجعلها فعالة ناجعة ذات مردودية تأطيرية وإبداعية.
وقد حاولت دول العالم الثالث ،بما فيها الدول العربية ( املغرب ،والجزائر ،و تونس،
وسلطنة عمان -مثال ،)...-أن تتمثل هذا النموذج التربوي القائم على املقاربة بالكفايات
والوضعيات ملسايرة املستجدات العاملية ،واإلنصات إلى متطلبات السوق الليبرالية بغية
الحد من البطالة ،وتفادي الثورات االجتماعية ،والحد من ظاهرة الهجرة بكل أنواعها،
بتبيئتها مع خصوصيات مدارسها لخلق الجودة والعقالنية ،وتحصيل املردودية الفعالة.
وبذلك ،أصبحت التربية تابعة للسياسة االقتصادية للدولة وظروفها االجتماعية
والتمويلية .وفي هذا الصدد ،يقول نيكو هيرت (:)Nico Hirtt
64
" ما هو إذا عالم اليوم هذا ؟ يتميز محيطنا االقتصادي بعنصرين اثنين :أوال تقلب بالغ ،
وثنائية اجتماعية قوية .ينجم عن احتدام الصراعات التنافسية ،وإعادة الهيكلة ،وإغالق
املصانع ،وترحيل وحدات اإلنتاج ،واللجوء املتسارع إلى اختراعات تكنولوجية زائلة أكثر
فأكثر( سواء في مجال اإلنتاج أم في مجال االستهالك) .وفي هذا السياق ،تتمثل إحدى أهم
مساعي أرباب العمل في املرونة .أي :مرونة سوق العمل ،ومرونة العامل املهنية واالجتماعية،
ومرونة أنظمة التربية والتكوين ،وقابلية تكيف املستهلك.
مازالت سوق العمل حاليا منظمة بشكل قوي على أسس املؤهالت .أي :على أساس
الشهادات .وتمثل الشهادة جملة معارف ومهارات معترف هها ،تخضع ملفاوضات جماعية،
وتخول حقوقا بشأن األجور وشروط العمل أو الحماية االجتماعية .وإلتاحة دوران أكثر
ليونة لليد العاملة ،بات أرباب العمل يسعون لتدمير هذا الثنائي املتصلب :مؤهالت-
شواهد ،واستبداله بالثنائي كفايات -شواهد مبنية على وحدات تكوين( مصوغات أو
مجزوءات 68").Modulaire
وهكذا ،يتبين لنا أن سياق الوضعيات يتمثل في االنفصال بين النظرية والتطبيق ،أو في
غربة املدرسة عن الواقع و سوق الشغل.
-68نيكو هرت (:بصدد املقاربة عبر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى مواطنين نقديين؟) ،الكفايات في
التدريس بين النظرية واملمارسة ،مطبعة أكدال،الرباط،الطبعة األولى سنة 2227م ،ص.32 /76:
69 - Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans Probio revue, 16, 4, Bruxelles :
تشبه هذه الوضعية لغزا حقيقيا ينبغي حله ،و مواجهته بالقدرات املكتسبة.
تكون ذات خصوصية تحدد مجال فعل الكفاية.
تتطلب الوضعية معارف وقدرات ومهارات تسهم في تكوين الكفاية في شتى مستوياتها
املعرفية ،والوجدانية ،والحركية .
تتشابه مع وضعية حقيقية يمكن أن تواجه األفراد خارج املدرسة ضمن الحياة املهنية
أو الحياة الخاصة.
ينبغي أن يكون املشكل الذي يعد للتلميذ مشكال حقيقيا ،ال يكون فيه الحل بديهيا.
وفي هذا السياق بالذات ،ظهرت باملقاربة بالكفيات لتعيد النظر في وظيفة املدرسة التي
تركز كثيرا على املعارف الكمية على حساب الكفايات واملهارات والقدرات الوظيفية .ومن
ثم ،فقد ركزت هذه املقاربة الجديدة على ثالثة مكونات ضرورية هي :الكفايات،
والوضعيات ،والسياق الوظيفي .ومن ثم ،أصبحت مقاربة إجرائية ناجعة في معالجة
مشاكل التربية والتعليم ،سيما مشكل التقويم الذي يعتمد على مفهوم جديد هو مفهوم
اإلدماج الذي يعني إدماج املتعلم ملوارده املكتسبة عند مواجهة الوضعيات الصعبة .
وعلى العموم ،تسعى املقاربة بالكفايات إلى تأهيل رجال الغد ونسائه لتحمل مسؤولياتهم
بطريقة قائمة على اإلبداعية ،واملسؤولية الشخصية ،واالرتكان إلى التعلم الذاتي ،ومواجهة
املشاكل والوضعيات الجديدة .ومن جهة أخرى ،تسعى إلى تشجيع املتعلم والطالب على
البحث واالستكشاف واالبتكار ،ومواجهة الظروف الصعبة .كما تساعده على التحلي بروح
العمل ،وتحقيق الجودة ،واملثابرة الجادة ،واملبادرة الحرة ،وتحمل املسؤولية .أي :تكوين
مواطن مسؤول وكفء .
ويضاف إلى ذلك أن هذه املقاربة التربوية الجديدة تهدف إلى تمهير املتعلم بمجموعة من
الكفايات األساسية واملستعرضة التي تجعله يواجه مختلف الوضعيات التي تواجهه في
الحياة العملية .لذا ،ارتبطت هذه املقاربة بسوق الشغل ،وكان الهدف منها هو تمهين
املتعلم لكي يواكب مختلف التطورات التي قد تصادفه في سوق العمل .عالوة على ذلك،
البد للتعليم أن يكون وظيفيا مرتبطا بسوق الشغل بغية القضاء على البطالة واألمية
الوظيفية .ومن ثم ،فاملدرسة -حسب نظرية الكفايات -هي آلية من آليات اإلبداع،
واالبتكار ،واالختراع ،واإلنتاج ،والعمل ،والتطور الديناميكي.
67
/9املقارنة بين األهداف و الكفايات:
إذا كانت نظرية األهداف تعنى بوصف سلوك املتعلم من خالل التشديد على طبيعة
السلوك و ربطه بصاحبه ،وتعيين الهدف املرجو تحقيقه من وراء إنجاز هذا السلوك،
وتبيان الظروف التي تحيط ههذا السلوك ،وتحديد معايير القياس التي يتم هها تقويم
السلوك املالحظ ،بتجزيء املحتويات التعليمية -التعلمية إلى أهداف جزئية إجرائية
مفتتة70؛ فإن املقاربة بالكفايات هي التي تربط الكفايات بوضعياتها الحقيقية والسياقية،
فتعليم لغة ما -مثال -ال يمكن أن يكون ناجعا إال في سياق اللغة املرجعي واللغوي
والتداولي.
كما أن هذه املقاربة الكفائية كيفية ومهارية تقوي ملكات العقل ،وتنمي املواقف
والكفايات املعرفية واملنهجية ،وتتحول فيها املحتويات إلى قدرات وكفايات ووضعيات
مترابطة .ويعني هذا أن املقررات الدراسية تنتظم في شكل كفايات ووضعيات متدرجة من
السهولة إلى الصعوبة فالتعقيد .ومن ثم ،تتميز هذه الوضعيات بالتنوع وتعدد مسالكها
وتخصصاتها الدراسية.
70 -V. et G. Landsheere : Définir les objectifs de l’éducation, Liège et George Thoune 1975, p202.
68
-تحديد السياق. -عدم االرتباط بالسياق.
/1تسطيرالكفاي ــات:
تتكون جذاذة الدرس من كفايات مسطرة في شكل قدرات كفائية أساسية ،أو كفايات
نوعية ،أو كفايات مستعرضة وممتدة ،كأن نقول مثال:
-أن يكون التلميذ قادرا ،في آخر الحصة ،على تركيب إنشاء في ستة أسطر ،يصف فيه
مسجد الحي موظفا في ذلك جملتين حاليتين وجملتين نعتيتين.
69
-أن يكون املتعلم قادرا ،في آخر الحصة الدراسية ،على إنجاز جميع التطبيقات الكتابية في
ظرف ربع ساعة.
-أن يكون املتعلم قادرا على استظهار آية قرآنية مع تفسير مضامينها.
-أن يكون املتعلم قادرا على بناء قاعدة الدرس في أثناء املرحلة التكوينية.
وقد تكون الكفايات املسطرة معرفية ،أو وجدانية ،أو حسية حركية ،أو منهجية ،أو
ثقافية ،أو تواصلية...
أنشطة البناء.
أنشطة اإلدماج.
أنشطة التقويم.
-71انظر :بيداغوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية2226 ،م ،ص.40-44:
70
واليمكن التمكن من هذه األنشطة الكفائية بشكل جيد ودقيق إال بتبيانها على النحو
التالي:
تقوم أنشطة االستكشاف على إثارة املتعلم ذهنيا ،ووجدانيا ،وحركيا .ثم ،جذبه إلى
الوضعية الجديدة بغية إيجاد حلول مناسبة ملا تطرحها من مشاكل عويصة ،ودفعه إلى
التفكير فيها .ومن ثم ،تكون هذه األنشطة تمهيدية متزامنة مع التقويم التمهيدي أو القبلي
أو التشخيص ي ،وتتمحور حول التعلمات االعتيادية أو املكتسبة أو التعلمات السابقة.
والفرق بين االستكشاف في التعليم التقليدي والتعليم املعاصر إال من باب وجود السياق؛
ألن الوضعيات ال تأخذ معناها ودالالتها الوظيفية إال في سياق تداولي ومرجعي ما .بيد أن ما
يالحظ على مرحلة االستكشاف أن املتعلم هو الذي يقوم ههذا االستكشاف .في حين،
يحضر املدرس وضعيات االستكشاف الصعبة ليحلها املتعلم بطريقة منهجية فاعلة
وهادفة .ويعني هذا أن املتعلم ينطلق في استكشافه من وضعية املشكلة ،فيختار الحلول
املمكنة لحل هذه املشكلة املعقدة.
تعتمد أنشطة التعلم النسقي على بناء املعارف بطريقة تدريجية متناسقة بمراعاة التدرج
في عملية الترابط واالتساق واالنسجام بين املوارد األساسية التي ترتبط بكفاية ما .وبتعبير
آخر ،فأنشطة التعلم النسقي هي" تلك األنشطة التي تتوخى تنظيم مختلف املعارف
والخبرات التي تمت معالجتها أثناء أنشطة االستكشاف :ترسيخ املفاهيم ،وبنينة املكتسبات
وممارستها"72.
تتمثل أنشطة البناء أو البنينة في الربط بين املكتسبات القديمة والجديدة ،أو الربط بين
املفاهيم املتقاربة ،أو املقارنة بين املفاهيم والقضايا املتباعدة أو املتكاملة .ويعني هذا أن
ثمة أنشطة ،مثل :التمارين التطبيقية التي تسعف املتعلم في عملية الربط والدمج بين
املعارف املكتسبة واملعارف الجديدة .وقد تكون هذه البنينة في مستهل الدرس أو في نهايته
من خالل تجميع األفكار األساسية والثانوية والفرعية كلها في خالصة عامة .كما تعتمد
أنشطة البناء على الجمع بين عدة عمليات عقلية ومنطقية ورياضية كالجمع بين الجمع
والضرب وحساب النسبة املائوية في عملية واحدة ما ،أو املقارنة بين رسمين...ومن هنا،
فإذا كانت" جل أنشطة االستكشاف ترتبط بتعلم اعتيادي ،فقد نتصور أنشطة
استكشاف ترتبط بمجموع التعلمات ،من أجل بنينة هذه التعلمات في البداية.
وقد يتعلق األمر بإدخال بعض األفكار األساسية والتمثيلية التي تفسر للتلميذ جوهر
املحتوى كله ،عن طريق األمثلة و /أو التمارين ،مما يمكنه من ربط املعارف الجديدة
بمعارفه السابقة وبتجربته73".
ويعني هذا أن أنشطة البناء تهدف إلى الربط بين التعلمات السابقة والتعلمات الجديدة.
يواجه املتعلم وضعية تتطلب حل مشكلة ما إما بشكل فردي ،وإما بشكل جماعي ،بالتفكير
في حيثيات املشكلة من خالل سياقها التداولي ،وتدبرها بشكل جيد ،ثم اقتراح الحلول
-73نفسه ،ص.63-62:
72
املناسبة واملمكنة ملعالجة هذه املشكلة .ومن ثم " ،يحقق التعلم بحل املشكالت نتائج
أفضل من نشاط االستكشاف ،في إيصال مفهوم دقيق؛ ألنه يقترح وضعية -مشكلة
معقدة،تستلزم أن يقوم التلميذ بتعلمات متعددة ،متداخلة ومتمحورة حول هذه
الوضعية في اآلن نفسه .وهي ليست نشاطا يستغرق دقائق أو ساعات معدودة ،وإنما
يتطلب عدة أيام ،وأسابيع ،أو حتى عدة أشهر ...وتعتمد هذه املقاربة حاليا في التعليم
العالي بالخصوص74".
ويعني هذا أن البحث الذي يقوم به املتعلم يرتبط بفرضية أو مشكلة ما ،تستوجب البحث
والتنقيب معا ،وجمع املادة إليجاد حل لها.
يلتجئ املتعلم إلى أنشطة اإلدماج بعد اكتساب املوارد ،وبعد عمليات التوليف والتركيب
والدعم واملراجعة من أجل مواجهة وضعية أو مجموعة من الوضعيات الصعبة بغية
تثبيت كفاية ما تمهيدا وتطبيقا .وبتعبير آخر ،يستدمج املتعلم كل موارده املكتسبة
لتوظيفها لحل الوضعية.أي :إن" نشاط اإلدماج هو نشاط ديدكتيكي يتوخى استدراج
ً
التلميذ لتحريك املكتسبات التي كانت موضوع تعلمات منفصلة ،فهي -إذا -لحظات تعلمية
تقوم على إعطاء معنى لتلك املكتسبات.
ويمكن أن نلجأ إلى أنشطة اإلدماج في أية لحظة من التعلم ،السيما في نهاية بعض التعلمات
التي تشكل كال داال ،أي :عندما نريد ترسيخ كفاية ،أو تحقيق الهدف النهائي لإلدماج.
-74نفسه ،ص.03:
73
وتتغير أنشطة اإلدماج هاته ،فأثناء التعلمات االعتيادية ،قد تكون أنشطة قصيرة (ال
تتجاوز دقائق معدودات) لوضع مكتسبات عديدة ضمن سياق .وفي نهاية التعلم ،تصير
املدة مهمة :قد تمتد من ساعة إلى عدة أيام75".
وعليه ،ينبني نشاط اإلدماج على فعالية املتعلم باعتباره بطال رئيسا في عملية بناء
التعلمات ،وحل الوضعيات املشكالت .كما يستلزم اإلدماج من املتعلم أن يعبئ كل موارده
املستضمرة ،بشكل من األشكال ،لحل الوضعية املطروحة عليه .كما أن نشاط املتعلم
نشاط ذو معنى ،ومرتبط بوضعية جديدة ،وموجه نحو كفاية أو نحو هدف إدماج نهائي.
ومن أمثلة األنشطة اإلدماجية نشاط حول حل املشكالت ،ونشاط خاص بوضعية
تواصل ،ومهمة معقدة تنجز في سياق معطى ،وإنتاج حول موضوع معين ،وزيارة ميدانية،
وأعمال تطبيقية ومختبرية ،وابتكار عمل فني ،وتدريب عملي ،وإنجاز مشروع تربوي أو
مشروع القسم...
ويرتكز نشاط اإلدماج على تحديد الكفاية املستهدفة ،وتحديد التعلمات التي نريد دمجها،
واختيار وضعية ما تكون دالة وجديدة تراعي مستوى املتعلم ،وتتيح فرصة إلدماج ما نريد
أن يتعلمه التلميذ ،ووضع صيغ التطبيق ،مثل :ما يقوم به املتعلم ،وما يقوم به املدرس،
وإعداد الوسائل املتوفرة ،وتحديد املطلوب بدقة ،وتبيان أشكال العمل(فردي – جماعي-
املجموعات ،)...وتوضيح مراحل العمل ،واإلشارة إلى بعض املزالق التي ينبغي تجنبها.
يرتبط التقويم بعمليات اإلدماج .بمعنى أن التقويم في هذا املجال إدماجي يقيس كفايات
املتعلم وطريقة استدماجه للموارد ،وكيفية حله للوضعية املشكلة .ويقوم التقويم على
أنشطة التقدير ،والقياس ،والتصحيح ،واملعالجة .ويعني هذا أن أنشطة التقويم هي بمثابة
-75نفسه ،ص.62-63:
74
وضعيات استدماجية تتطلب حال من قبل املتعلم اعتمادا على مجموعة من موارده
ومكتسباته السابقة بمراعاة السياق التداولي ،والنص ي ،واملرجعي ،والشخص ي.
البد من تمثل الطرائق التربوية التي تتالءم مع املقاربة بالكفايات واإلدماج باالنفتاح على
الوسائل اللفظية والبصرية والرقمية املتنوعة واملختلفة ،واستعمال النصوص والوثائق
واملصادر واملراجع واألسناد واألسئلة والتعليمات ومعايير التصحيح ومؤشرات التقويم.
ً
إذا ،فمن األجدى اختيار طريقة بيداغوجية تالئم نشاطا كفائيا ما ،و"ال يخفى أن هناك
طرائق عديدة يمكن اتباعها؛ ومنها الطرائق التي تركز على نشاط التلميذ مثل طريقة حل
املشكالت ،أو الطرائق التي تنظم التعلمات حول مشروع معين(بيداغوجيا املشروع) ،أو
حول نشاط وظيفي( دوكرولي -فريني) ،ومنها أيضا مجموع املمارسات البيداغوجية التي
تفردن األنشطة حسب مواصفات التالميذ واهتماماتهم .وهو إجراء مهم من منظور
اإلدماج ،بحيث إن املكتسبات املختلفة تترسخ بشكل فردي لدى التلميذ ،بما فيها األهداف
النوعية والقدرات والكفايات"76.
ويعني هذا كله أن املقاربة بالكفايات تستفيد من كل الطرائق التربوية والوسائل التعليمية
املمكنة التي تساعد املتعلم على حل جميع الوضعيات التي يواجهها في واقعه الحي.
/4التطبيــق الكفائي:
من أجل تثبيت كفاية ما لدى املتعلم ،أو التأكد من تحقيقها ،البد من تقديم للمتعلم
مجموعة من التطبيقات واألنشطة التقويمية في شكل وضعيات قصيرة أو طويلة ،تتدرج
في البساطة والتعقيد .وتستلزم أن يوظف املتعلم كل مكتسباته السابقة وموارده القديمة
ملواجهة وضعية جديدة محددة في الزمان ،واملكان ،والسياق.
-76نفسه ،ص.07:
75
وثمة كتب وكراسات عبارة عن تطبيقات حول الوضعيات الكفائية واالستدماجية .وهي
بمثابة أنشطة ووضعيات متدرجة في البساطة والتعقيد ،وتكون التمارين املوجودة في
الكتب املدرسية والكراريس التطبيقية مرتبطة بكفاية ما .لذا ،تتنوع األنشطة على الرغم
من اشتراكها في خدمة كفاية معينة.
ومن هنا ،يبدو أن دور املدرس هو بلورة مجموعة من الوضعيات واملشكالت الضرورية
وتنظيمها من أجل مساعدة املتعلم على اكتساب كفايات معينة في عالقة بمحتويات
ومضامين املقررات الدراسية .ويعني هذا أن املدرس يحدد كفاية أساسية ما ،مثل :كفاية
القراءة أو الكتابة أو التعبير ،ثم يحدد مجموعة من األنشطة في شكل وضعيات ومشاكل
متدرجة في ترابط تام مع املحتويات املقررة.
77- ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.
76
اليمكن أن تتعدى الكفايات ثالثا في السنة في تخصص معين ،وإذا تعدينا ذلك ،فسنلتجئ
إلى التقطيع وتجزيء املحتويات أكثر فأكثر.
ويضاف إلى ذلك أنه البد أن يكون التقويم عبارة عن وضعيات معقدة ومركبة من أجل
التثبت من مدى تملك املتعلم للكفايات الحقيقية ،والبد أن توضع تلك الوضعيات في
سياقات واقعية حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها .ويترتب عن
ذلك صدق التقويم وثباته .وهذا ما يسمى باملقاربة بالكفايات أو املقاربة عبر الكفايات
األساسية.
وبناء على ما سبق ،ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل وضعية ما ،والبد من
تقويم ما أنتجه املتعلم في ضوء مجموعة من املعايير التي يسميها روجرز مؤشرات
التصحيح ( .)Critères de correctionومن ثم ،فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر الذي
ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ ،مثل :اإلنتاج الواضح الدقيق ،واإلنتاج املنسجم ،واإلنتاج
ً
األصيل....إذا ،فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما .وإذا أردنا أن نقوم العبا
رياضيا ما ،فقد نركز على األناقة ،وجودة اللعب ،وانسجام الفريق ،واإلنتاجية.
ومن أهم مؤشرات التقويم املؤشر األدنى ( )Critère minimalومؤشر اإلتقان .فمؤشر
األدنى هو الذي يحدد بعض الشروط لتحقيق كفاية ما كأن نقول بأن السباح الكفء هو
الذي ال يغرق .وبالتالي ،يحافظ على توازنه .أما إذا أضفنا كفايات أخرى ،مثل :السرعة،
وشدة الحركة ،واألناقة ،واحترام القواعد؛ فإننا ننتقل إلى مؤشر اإلتقان( critère de
.)perfectionnement
والبد من التقليل من املؤشرات الدنيوية ،وإال سنكون قساة مع املتعلمين عندما تتضخم
هذه املؤشرات التقويمية .ويعني هذا أن التقويم اليبنى على محك األخطاء ،بل يبنى على
77
قياس الكفايات املهارية ،فليس هناك من ال يخطئ ،وال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار
الوحيد للتقويم .
ويمكن االستعانة في أثناء التقويم اإلدماجي بقاعدة دوكيتيل ( )De Keteleالتي تسمى
بقاعدة . 6/2بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن وضعيتين من ثالث
وضعيات . 78والبد من االحتكام أوال إلى املؤشر األدنى بدل االحتكام إلى مؤشر اإلتقان
التكميلي.
والبد أن تكون معايير مؤشر األدنى مستقلة عن بعضها البعض ،فال يعقل أن تكون األسئلة
مترابطة ومتتابعة ومتناسلة؛ ألننا سنكون قساة مع املتعلمين ،بل البد أن تكون األسئلة
منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم .عالوة
على وجود معيار االنسجام الذي يستلزم ترابط أجزاء املوضوع منهجيا ومنطقيا ،ومعيار
املالءمة الذي يعني تالؤم أجوبة املتعلم مع تعليمات الوضعية ومعطياتها ،ومعيار
االستعمال السليم لتقنيات التخصص ،ومعيار االتساق الداخلي .وبطبيعة الحال ،هذا له
عالقة بالكفاية األساسية والكفاية النوعية.
أن تنصب الكفايات على قيم إيجابية كاملواطنة وحماية البيئة ،مثال.79
كما يبنى االختبار اإلدماجي عبر مجموعة من املحطات على النحو التالي:
78 - DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ?, Revue
Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,1996, p. 17-36.
79 -ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.
78
تحديد الكفايات التي ينبغي تقويمها.
وضع معايير التقويم املستقلة بشكل واضح ودقيق في ضوء قاعدة .6 /2
كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم
واضحة.
تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد عليها املدرس حين تصحيح ورقة االختبار.
وعليه ،فمن األفضل واألجدى االكتفاء بوضعية واحدة أو وضعيتين على األقل ،وعدم
تقسيم التعليمات إلى أسئلة فرعية جزئية متعددة يجعل املتعلم أمام صعوبات معرفية
ومنهجية بسبب تعدد األسئلة التي قد تكون متشاههة وتابعة للتعليمة األولى أو الثانية أو
الثالثة .بمعنى بناء أسئلة مستقلة هادفة وناجعة .والبد من تجذير الوضعية داخل سياقها
التداولي ،وتكون وضعية جديدة ،ويكون اإلنتاج أصيال .كما يجب االبتعاد عن نصوص
ووثائق وأسناد معروفة ،فالبد أن تكون جديدة وموضوعة ضمن سياق جديد.
وتقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل ،فقد يكون مؤشرا كيفيا كأن نطالب
املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في وصفه ،وقد يكون
مؤشرا كميا عندما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف ثلثي من الجمل صحيحة
لكي ينال .6 / 2
وعليه ،فللتقويم الخاضع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة -حسب روجرز -هي:80
79
تكون النقط عادلة .بمعنى أن التقويم ينصب -هنا -على الكفايات .ومن ثم ،فكثير من
الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناجحين ،وكم من ناجح يستحق اإلخفاق في النظرية
الجديدة ،مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات املهارية ،وليس على املعلومات
وكثرة املعارف.
تثمين النقط اإليجابية بتقويم العناصر األساسية ،وإظهار مواطن القوة والعناصر
اإليجابية في إنتاجات املتعلمين.
البد من تخفيض مؤشرات التقويم لتحقيق مدرسة النجاح واألمل .فكلما زادت معايير
التقويم ضاع التلميذ بين هذه املؤشرات .وبالتالي ،ال يستطيع التحكم في األجوبة املتعددة.
لذا ،فالبد من االكتفاء بمؤشرين أو ثالثة .كما يمكن االكتفاء بكفايتين أو ثالث كفايات
أساسية .وكلما أكثرنا من مؤشرات التقويم ،وخاصة إذا كانت مؤشرات تابعة وغير
مستقلة ،فإننا نرتكب ظلما في حق املتعلم الذي نعاقبه مرات متعددة على الخطإ نفسه.
ومن األفضل كذلك أن يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس هها ،فيعطي كل ما لديه .
و بالتالي ،يمكن أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي.
وتأسيسا على ما سبق ،يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير وضعية معينة مرتبطة
بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية .باإلضافة إلى وضع
شبكات التمرير ،والتحقق ،واملعالجة ،والدعم ،واالستدراك .ومن املعروف أن املدرس
املدبر يقدم للمتعلم ثالثة أنواع من األنشطة الدراسية:
أنشطة تدريسية ،أو ما يسمى أيضا باملوارد أو التعلمات ،وترد في شكل معارف عقلية
وذهنية ،أو في شكل قيم ومواقف وجدانية ،أوفي شكل مهارات سلوكية حسية حركية؛
وعليه ،تنقسم السنة الدراسية ،في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي ،إلى أربعة وثالثين
أسبوعا كامال من النشاط الفعلي ،يطابقها حجم حصص ي من 3222إلى 3222ساعة.
وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات .وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع؛
إذ يخصص األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية .ويخصص
األسبوع الثالث من كل مرحلة للربط والتوليف والدعم والتقويم ،أو ما يسمى كذلك
باإلدماج الجزئي .بينما يخصص األسبوع السابع والثامن لإلدماج ،فالسابع إلنماء الكفاية،
ويخصص األسبوع الثامن لتقويمها معالجة ،وتصحيحا ،ودعما.
ويستلزم تدبير الوضعية اإلدماجية أن تقدم للتلميذ املتعلم مجموعة من املوارد في شكل
وضعيات مركبة متنوعة بغية استدماج كل مكتسباته املعرفية ومواقفه الوجدانية
ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك الوضعيات املتدرجة في
السهولة والصعوبة .و ينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته الشفوية أو الكتابية بإنجاز
81
مجموعة من الوضعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا بعد مجموعة من أسابيع إرساء املوارد،
والربط بين التعلمات توليفا وتقويما.
وبعد االنتهاء من اإلدماج ،يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة ،وتصحيحها في
ضوء معايير الدعم املناسبة ومؤشرات التقويم اإلدماجي رغبة في إيجاد حلول عالجية
داخلية وخارجية.
وهكذا ،يعتمد املدرس ،في تدبير الوضعية اإلدماجية ،على دفتر أو كراسة الوضعيات
اإلدماجية التي تتضمن مجموعة من الوضعيات واألسناد والصور األيقونية والوثائق
التدريسية املرفقة بمجموعة من التعليمات وسلم التنقيط .ومن جهة أخرى ،هناك دليل
اإلدماج ،ويشتمل على بطاقات التمرير أو االستثمار ،وشبكات التحقق ،وكذلك شبكات
التصحيح.
وعليه ،يستوجب تدبير الوضعية اإلدماجية أربعة مراحل متكاملة ومتتابعة هي:
إنجاز العمل املطلوب باحترام تعليمات الوضعية ،وإنجاز العمل كما هو مطلوب
وموصوف ،واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوضوع.
املعالجة الداخلية والخارجية تقويما وتصحيحا ودعما من أجل تطوير اإلنتاج .وهنا،
يعتمد التصحيح الذاتي وتحسين اإلنتاج.
82
وتعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراس ي .ويلتجئ إليها املدرس
بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفروض أو االختبارات واالمتحانات والروائز بغية
تشخيص مواطن الضعف والقوة بتمثل املعالجة الداخلية التربوية والتدريسية ،وتمثل
املعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي واالجتماعي .بمعنى أن املعالجة تهدف إلى
اكتشاف األخطاء وتشخيصها ووصفها ،وتقديم معالجة إجرائية ناجعة .ومن ثم ،تستند
املعالجة التدريسية إلى أربع مراحل:
الكشف عن األخطاء.
وصف األخطاء.
ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في موضوعه
حسب سياقها ومظانها .وبعد ذلك ،يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج الشخص ي،
فيصنفها إلى أنواع ،مثل :أخطاء صوتية ،وأخطاء إمالئية ،وأخطاء صرفية ،وأخطاء
داللية ،وأخطاء تركيبية ،وأخطاء تداولية...وبالتالي ،يحدد مواطن الضعف والقوة لدى
املتعلم بالبحث عن أسباب هذه األخطاء ،متسائال عن مصدرها :هل ترجع إلى مصدر
داخلي تدريس ي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل
ذاتية وموضوعية.
وفي األخير ،يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواقص والتعثرات
التي قد ترتبط باملدرس ،أو املتعلم ،أو بالنظام التربوي العام .وال تتم املعالجة إال إذا تكرر
الخطأ مرات عدة.أما الذي يقوم باملعالجة ،فقد يكون املدرس نفسه ،أو املتعلم نفسه في
إطار التصحيح الذاتي ،أو تلميذ آخر ،أو قد يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا
83
أو ملحقا إداريا أو تربويا ،وقد يلتجئ كذلك إلى وسائل اإلعالم والسجالت الذاتية والبرامج
الرقمية ...
إجراء تغييرات في العوامل األساسية 81كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة ،وإعادة
توجيه املتعلم من جديد ،وتغيير فضاء املدرسة ،وخلق أجواء مؤسساتية ديمقراطية ،
واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل السلبية التي يعيشها
املتعلم في ظلها.
وخالصة القول ،يتبين لنا -مما سبق ذكره -أن املقاربة بالكفايات هي التي تنصب على
املتعلم ،وتعنى بتطوير الكفايات والقدرات لديه ،بوضعه أمام الوضعيات -املشكالت التي
تستوجب حال ناجعا انطالقا من سياق ما .بمعنى أن املقاربة بالكفايات هي مقاربة تربوية
جديدة تعطي األولوية للمتعلم الذي يملك القدرة على اكتساب املعارف واملوارد التي ينبغي
توظيفها في أثناء مواجهته للوضعيات الصعبة واملعقدة.
وأهم إيجابية تمتاز هها هذه املقاربة التربوية هو إعادة النظر في مقاييس التقويم واالختبار،
واالستعانة بالتقويم اإلدماجي الكفائي في الحكم على الكفاءات والقدرات التعلمية .ومن
مزايا هذه املقاربة كذلك أنها تتبع الحياة الشخصية للمتعلم طوال مساره الدراس ي ،فتقيم
عالقة تفاعلية إيجابية ب ين املتعلم واملعلم ،بتجذير النشاط التعلمي في الحياة الشخصية
للمتعلم.فضال عن التركيز على ماهو كيفي ،ومنهجي ،ومهاري.
بيد أنه اليمكن تطبيق هذه املقاربة في األقسام التعليمية املكتظة بالتالميذ .واليمكن أيضا
تمثلها في الفصول الدراسية العادية التي فيها تعدد في الفوارق الفردية الناتجة عن سياسة
الخريطة املدرسية .ويتعذر أيضا تطبيقها في األقسام املشتركة كما هو الشأن في املغرب.
كما تستوجب هذه املقاربة أن يحضر املدرس الكفائي مجموعة من الوضعيات الصعبة
التي تتناسب مع مستوى املتعلم .ناهيك عن تعقد مساطير التقويم اإلدماجي بالنسبة
للمدرس .كما أن الحاجة ماسة إلى تكوين املدرس في إطار هذه البيداغوجيا تكوينا كفائيا
حقيقيا ومنتجا ومبدعا وهادفا؛ حيث يصبح املدرس موجها ومرشدا ومحضرا للوضعيات
اإلدماجية ،وليس معلما أو ملقنا أو مالكا للمعرفة املوسوعية التي يريد أن يشحن هها عقل
املتعلم كما ،وليس كيفا.
85
وخالص ــة الق ــول ،لق نند تمث ننل املنه نناج الترب ننوي املغرب نني ث ننالث مقارب ننات للمنه نناج الدراس ن ي ،منه ننا
املقاربننة املضننامينية التنني تعنننى بنناملقررات املوجهننة باملعرفننة ،واملقاربننة النسننقية التنني تقننوم علننى
املخطط ننات املوجه ننة باأله ننداف ،واملقارب ننة املتمرك ننزة عل ننى الكفاي ننات والوض ننعيات اإلدماجي ننة
القائمة على النسق املنهي من جهة ،وتكوين اإلنسان املحترف عمليا من جهة أخرى.
ومن ننن ثن ننم ،يتمين ننز املنهن نناج الحن ننديث واملعاصن ننر عن ننن املنهن نناج التربن ننوي التقلين نندي باالعتمن نناد علن ننى
الحريننة ،وتعلننم الحينناة عبننر الحينناة ،والتركيننز علننى الننتعلم الننذاتي ،واالهتمننام باللعننب ،وتطبيننق
الطرائق التربوية الفعالنة ،واالسترشناد بعلنم الننفس وعلنم االجتمناع ،واالنطنالق منن األهنداف
ومن هنا ،يمكن الحديث عن أننواع عندة منن املنناهج التربوينة ،فهنناك منهناج املنواد املنفصنلة،
ومنهنناج املننواد املترابطننة ،ومنهنناج املننواد املتشنناههة ،ومنهنناج النشنناط الفننردي والجمنناعي ،ومنهنناج
امليول...
وعلي ننه ،يس ننتند املنه نناج الترب ننوي املغرب نني إل ننى ثالث ننة مح ننددات رئيس ننة ه نني :االعتم نناد عل ننى مب نندإ
االختي ننار ،واألخ ننذ بتربي ننة الق ننيم ،والت نندريس وف ننق األه ننداف اإلجرائي ننة والكفاي ننات اإلدماجي ننة.
وم ن ننن جه ن ننة أخ ن ننرى ،ينف ن ننتح املنه ن نناج الترب ن ننوي املغرب ن نني عل ن ننى ث ن ننالث مقارب ن ننات متنوع ن ننة كاملقارب ن ننة
املضمونية ،واملقاربة املتمركزة على األهداف ،واملقاربة املتمركزة على الكفايات واإلدماج.
86
الفصل الثالث:
التخطيط الديدكتيكي
87
يمكن الحديث عن ثالث كفايات رئيسة ،ينبغي أن تتوفر في املدرس الراهن من أجل تحقيق
الجودة في درسه التعليمي.وهذه الكفايات البارزة هي :كفاية التخطيط ،وكفاية التدبير،
وكفاية التقويم .82وما يهمنا في هذا الحيز هو كفاية التخطيط.
-82انظر :جميل حمداوي :مجزوءات التكوين في التربية والتعليم(التخطيط -التدبير -التقويم) ،أفريقيا الشرق،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى 2237م.
88
خطة واقعية أو برنامج عمل دقيق وإجرائي يستجيب لالنتظارات التالية :من؟ ملاذا؟ ماذا؟
أين؟ متى؟ كيف؟ كم؟
ومننن هنننا ،فننالتخطيط هننو مجموعننة مننن التنندابير املحننددة التنني تتخننذ مننن أجننل تحقيننق هنندف
وم ننن هن ننا ، ،ف ننالتخطيط محاول ننة علمي ننة تجريبي ننة لالرتق نناء ب ننالواقع ال ننذي يع ننيش في ننه الف ننرد
يس ننتند التخط ننيط التعليم نني التدريس ن ي إل ننى مجموع ننة م ننن املب ننادىء والش ننروط الت نني نحص ننرها
فيما يلي:
/3الواقعية البراجماتية.
وعليننه " ،يكنناد تخطننيط التنندريس فنني منهجننه وآلياتننه ي نرادف مفهننوم " هندسننة التنندريس"؛ ألن
املدرس مهندس للتدريس حيث يعتبر التدريس وفق هذا التصنور علنم مثنل الهندسنة يتطلنب
خلفي ننة نظري ننة علمي ننة ث ننم تنظيمه ننا وف ننق بني ننة معرفي ننة مح ننددة وأس ننس نظامي ننة ،متسلس ننلة
ومتدرجننة وتتطلننب خبننرة حرفيننة وعمليننة تتضننمن مهننارة الخبيننر الننذي تتضننح فنني ذهنننه مننا قبننل
وقد جاءت عملية التدريس وفق هذا التصور عملية مخططة منتظمة محكومة بأهداف
ومستندة إلى أسس نظرية نموذجية تهدف إلى اعتبار مكونات منظومة التدريس وخصائص
املتعلمين واملدرسين واملحتوى التدريس ي وفق منظومة متفاعلة لتحقيق التطور والجودة في
العملية التدريسية وههدف تربوي عام وبدلك يتضح أن تخطيط التدريس علم يهدف إلى
90
توضيح دور املدرس الفاعل في تنفيذ أهداف التدريس مستندا إلى نظرية التدريس
ويعني هذا أن التخطيط التدريس ي هو الذي يخضع ملجموعة من العمليات املحكمة في
شكل تصميم إجرائي متقن من أجل الوصول إلى مجموعة من النتائج من خالل األهداف
ومننن جهننة أخننرى ،تسننتلزم" عمليننة التخطننيط الدينندكتيكي استحضننار مكننون املننتعلم كفاعننل
أساسن ي فنني بنناء التعلمننات وتحقيننق األهنداف املحننددة .ومنن ثمننة يفتننرض فني مخطننط الوضننعية
.3تحدي ن نند املواق ن ننف والخبن ن نرات الت ن نني تت ن نناح فيه ن ننا للمتعلم ن ننين ص ن ننياغة وتط ن ننوير تم ن ننثالتهم
.2تهيئنة الفنرص و املواقنف التنني تتنيح للمتعلمنين فنرص إبننداع أفكنار جديندة وأصنيلة ممننا
.6توفير املرونة الكافية في مخططنات التندريس و جعنل العملينة التدريسنية بيئنة مناسنبة
-83يوسف قطامي وآخرون :تصميم التدريس ،دار الفكر العربي ،عمان ،األردن ،طبعة 2226م ،ص. 3:
91
.7تمك ننين املتعلم ننين م ننن تط ننوير إب ننداعاتهم ومب ننادراتهم الخاص ننة ض ننمن أنش ننطة مفتوح ننة
وممتدة الفضاءات.
.3مراع نناة املخطن ننط التدريس ن ن ي لفردانين ننة املن ننتعلم م ننن حين ننث قدراتن ننه وأسن نناليبه املعرفين ننة
واسنتعداداته ،و تمثالتنه وطموحاتنه ورغباتننه وبالتنالي يسناهم املخطننط فني تطنوير هننذه
الخصوصيات84" .
ويعني هذا أن التخطيط التدريس ي هو الذي يحول الدرس إلى مندخالت نظرينة رئيسنة تتمثنل
فن نني األخ ن ننذ باملقاربن ننة باملض ن ننامين ،أو املقاربن ننة باأله ن ننداف ،أو املقاربن ننة بالكفاي ن ننات .ثن ننم ،تحوي ن ننل
الندرس إلننى مجموعننة مننن املراحننل التعليميننة والسننيكولوجية ،أو تحويننل النندرس إلننى مجموعننة
92
/6مرحلة االكتساب التي تتوافق ،بدورها ،مع نظريات التعلم واالكتساب؛
مرحلة االنتباه
نظريات التعلم واالكتساب
مرحلة االكتساب
مرحلة التذكر
التذكروالتركيب
مرحلة التركيب
ويمكن تقسيم الدرس وفق مجموعة من املراحل التخطيطية على النحو التالي:
/6مرحلة التمهيد.
/7مرحلة االستكشاف.
/3مرحلة التوصيف.
/3مرحلة التركيب.
/3مرحلة التقويم.
/6مرحلة االستدراك.
وعليننه ،يتعلننق التخطننيط التعليمنني " باتخنناذ قنرارات وفننق أهننداف مرامنني التكننوين بخصننوص
وضننعية بيداغوجيننة تننربط الس ننلوكات املتوقعننة للمنندرس م ننع السننلوكات املتوقعننة للتالمي ننذ...
وينتج عن هذه السيرورة منتوجات التخطيط التي تجعل املدرسين ينتبهون لقراراتهم86"...
ويعني هذا أن التخطيط التعليمي هو إصدار قرارات تربوينة فني منا يخنص العملينة التعليمينة-
التعلمية بغية تنفيذ مجموعة من األهداف عبر عمليتي التدبير من جهنة ،والتقنويم منن جهنة
أخرى.
-86عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،طبعة 2226م.
95
يستند تصميم الدرس التعليمي -التعلمي وتخطيطه إلى املحطات التالية:
التغذية الراجعة
ويمكن الحديث أيضا عن تخطيط للنسق التعليمي بصفة عامة على النحو التالي:
96
مخطط عام ملسارالنسق التعليمي -التعلمي
َ
إذا ،يقص نند ب ننالتخطيط التعليم نني ذل ننك املس ننار الهندسن ن ي ال ننذي يتتبع ننه امل نندرس الكف ننائي م ننن
أج ننل تحقي ننق ه نندف مع ننين ،أو تجس ننيد كفاي ننة معين ننة.أي :تل ننك الخط ننة املنهجي ننة الت نني توص ننل
ذل ننك امل نندرس إل ننى تحقي ننق م ننا ق نند رس ننمه م ننن أه ننداف وكفاي ننات إجرائي ننة قياس ننية ومعياري ننة.
وبذلك ،يطرح املدرس املخطط التدريس ي وفق أسئلة ثالثة على النحو التالي:
97
ماذا سأفعل؟
كيف سأفعل؟
ويعن نني ه ننذا أن التخط ننيط الدي نندكتيكي يتس ننم بنظ ننرة اس ننتباقية توقعي ننة ،ويق ننوم عل ننى ثالث ننة
مرتكزات مترابطة:
/2مبدأ الحتمية :ربط اإلنجاز بالهدف أو الكفاية املخطط لها ربطا حتميا.
/6البرجمـ ــة :وض ن ننع برمج ن ننة مفص ن ننلة مل ن نناهو مخط ن ننط ل ن ننه بتفص ن ننيله وتجزيئ ن ننه ،والتركي ن ننز عل ن ننى
التعلم ننات ،وتحدين نند الفضن نناء الزمك نناني ،واإلشن ننارة إلن ننى الفئ ننات املسن ننتهدفة ،وتبين ننان الوسن ننائل
الديدكتيكية .
ويعن ن نني ه ن ننذا كل ن ننه أن التخط ن ننيط الدي ن نندكتيكي ق ن ننائم عل ن ننى امل ن نندخالت (األه ن ننداف والكفاي ن ننات)،
والعمليننات (املحتويننات ،والطرائننق البيداغوجيننة ،والوسننائل ) ،واملخرجننات( تقننويم األهننداف
والكفايات) ،والتغذية االرتجاعية (الفيدباك).
ومنن هنننا ،تهنتم كفايننة التخطننيط لندى املنندرس الكفنائي بمراعنناة املسننار العالئقني الننذي يسننمح
ل ننه بمعرف ننة جمي ننع العناص ننر البيداغوجي ننة والعلمي ننة الض ننرورية م ننن أج ننل تحقي ننق الكفاي ننة
األساس ننية أو تحص ننيل اله نندف املنش ننود .ويمك ننن أن يك ننون التخط ننيط الدي نندكتيكي الئح ننة م ننن
املحتوي ننات املنتظم ننة بطريق ننة تراتبي ننة متعاقب ننة .وق نند يك ننون موض ننوعات وتيم ننات .وق نند يك ننون
عبن ننارة عن ننن أهن ننداف وكفاين ننات متعاقبن ننة ومتسلسن ننلة ،وقن نند يكن ننون عبن ننارة عن ننن من ننوارد تربوين ننة،
ومؤسسنناتية ،وبشننرية ،وماليننة ،وفضننائية ،وزمنيننة .ومننن ثننم ،فننالتخطيط هننو أول مرحلننة مننن
98
مراح ننل الفعن ننل البين ننداغوجي لتعقبن ننه مرحلن ننة اإلنج نناز ،ومرحلن ننة التقن ننويم ،ومرحلن ننة اإلدمن نناج،
ومرحلة املعالجة.
ويخضن ننع تصن ننميم الن نندرس ملجموعن ننة من ننن املقومن ننات واملرتك ن نزات األساسن ننية التن نني ينبنن نني عليهن ننا
التخطيط الديدكتيكي ،وتتمثل هذه املقومات في العناصر األربعة التالية:
تحدينند الكفايننات األساسننية أو الكفايننات املستعرضننة التنني يمكننن تطويرهننا أو إنماؤهننا لنندى
التلميذ أو الطالب داخل الفصل الدراس ي.
مراعاة الفوارق الفردية التي تميز تالميذ أو طلبة الفصل الدراس ي.
ت ن ننوفير جمي ن ننع امل ن ننوارد الت ن نني يمك ن ننن اس ن ننتثمارها ف ن نني املراح ن ننل البيداغوجي ن ننة ال ن ننثالث :مرحل ن ننة
التحضير واإلعداد ،ومرحلة اإلنجاز والتحقيق ،ومرحلة اإلدماج).
اختيار نوع املقاربة التي يمكن االستعانة هها من أجل استثمار هذه الوضعية التعلمية.
وعلننى وجننه العمننوم ،ينبننني التخطننيط الدينندكتيكي علننى مجموعننة مننن املبننادئ واملقومننات التنني
يمكن تحديدها في الالئحة التالية:
بن نناء التخط ننيط الدي نندكتيكي عل ننى مجموع ننة م ننن الكفاي ننات واأله ننداف اإلجرائي ننة املح ننددة
بدقة.
ينبغ ن نني أن يحق ن ننق التخط ن ننيط الدي ن نندكتيكي كن ن ننل الكفاي ن ننات واأله ن ننداف املس ن ننطرة بإنجن ن نناز
املجزوءة املعطاة.
يس ننتوجب التخط ننيط الدي نندكتيكي -س ننواء أ نك ننان س نننويا أم مرحلي ننا أم يومي ننا أم إجرائي ننا-
التركيننز علننى العناصننر الرئيسننة مننن عمليننة التخطننيط ،وهنني :املحتويننات فنني عالقتهننا بالكفايننات
واألهداف ،و مراعاة اإليقاعات الزمنية املفروضة.
99
ينبغني أن يحتننرم التخطننيط السنننوي ،أو التخطننيط املرحلنني ،منطننق املقننررات الدراسننية فنني
تعاقبها وتسلسلها وانتظامها وترابطها اتساقا وانسجاما.
يستوجب في التخطيط الجرائي (تخطيط الدرس) احترام تعلمات املقرر الدراس ي.
ينبغنني التركيننز ،فنني أثننناء تخطننيط النندرس ،علننى تعلمننات وأنشننطة التالميننذ ال علننى تعلمننات
املدرس وأنشطته التدريسية التعليمية.
ينبغي أن يهتم التخطيط الديدكتيكي برصد مجمل املراحل التي يقطعهنا إنجناز التعلمنات
بفعالية إيجابية بغية فهمها وتفسيرها.
ينبغ ن نني التركي ن ننز ف ن نني التخط ن ننيط الدي ن نندكتيكي عل ن ننى ت ن ننوفير الظ ن ننرف الزمن ن نني إلج ن نراء التق ن ننويم
التكويني واألخذ بأنشطة املعالجة ،والدعم ،واالستدراك.
ويس ننتلزم التخط ننيط الدي نندكتيكي مجموع ننة م ننن الش ننروط الض ننرورية الت نني يمك ننن حص ننرها ف نني
النقط التالية:
أن يكون التخطيط شامال يتضمن جميع املراحل التي تنبنني عليهنا املجنزوءة الدارسنية ،أو
متضمنا لكل مكونات العملية الديدكتيكية.
101
تنظيم هندسة الدرس في مختلف مراحلها املقطعية.
إح ننداث تغيين ننر آن نني فن نني العملين ننة الديدكتيكي ننة أو إصن ننالح تن نندريجي أو األخ ننذ بمبن نندإ التطن ننور
البطيء.
وبعنند ذلننك ،تننأتي فتننرة التعلمننات التكوينيننة فنني شننكل متتاليننات أسننبوعية ،يقننوم فيهننا املنندرس
الكفننائي بإرسنناء املننوارد ،واختيننار املحتويننات والطرائننق البيداغوجيننة والوسننائل الديدكتيكيننة
املالئمن ننة .وتسن ننتهدف هن ننذه املراحن ننل التكوينين ننة نمن نناء الكفاين ننة وتثبيتهن ننا وإرسن ننائها .وتنقسن ننم كن ننل
متوالي ننة زمني ننة تكوينين ننة إل ننى مقن نناطع ووح نندات دراسن ننية مرتبط ننة بكفاين ننات فرعي ننة ،وأهن ننداف
مح ننددة تخ نندم الكفاي ننة األساس ننية ،و ق نند تتمث ننل ف نني الس ننلك االبت نندائي إم ننا ف نني كفاي ننة التعبي ننر
الشفوي ،وإما في كفاينة القنراءة ،وإمنا فني كفاينة الكتابنة ،وإمنا فني كفاينة اسنتيعاب علنوم اللغنة
واسننتثمارها وظيفيننا وسننياقيا .وتتخلننل هننذه املراحننل التكوينيننة مجننزوءات إدماجيننة بينيننة بعنند
102
ستة أسابيع من التكوين .وههنذا ،يكنون البرننامج السننوي قائمنا علنى أربنع مجنزوءات أسنبوعية
متس ننقة ،ومنس ننجمة ،ومتط ننورة .وتتك ننون ك ننل مج ننزوءة م ننن س ننتة أس ننابيع ،يتبعه ننا أس ننبوعان
لإلدمناج تعلمنا ،وإنجنازا ،وتقويمنا ،ومعالجنة .وههنذا ،يكنون عندد أسنابيع النتعلم ثمانينة وثالثننين
أسننبوعا ،يضنناف إليهمننا أسننبوع التقننويم التشخيص ن ي ،وأسننبوع التقننويم اإلشننهادي .وفنني نهايننة
السننة الدراسنية ،يلتجنئ املندرس الكفنائي إلنى املجنزوءة اإلدماجينة النهائينة التني تشنخص منندى
تحقق الهدف اإلدماجي النهائي السنوي.
ومننن املعلننوم أن املقينناس األساسن ي لتنندبير ( )La gestionالتعلمننات هننو املجننزوءة أو الوحنندة
أو املصوغة ( )Le moduleالتي تؤمن ،بشنكل متسنق ومنسنجم ،مجموعنة منن الكفاينات عبنر
ثالث محطات رئيسة هي:
103
ف نني تخط ننيط املنه نناج الدراس ن ي عل ننى موض ننوعات أو تيم ننات أو مف نناهيم معين نة ،مث ننل :الدراس ننة،
والطفولة ،والهجرة ،والعمل ،والسفر ،ووسائل النقل ،واملدينة ،والبادية....
أما املحطة الثانية ،فهي محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القنرن العشنرين .فقند
قس ننمت األه ننداف التربوي ننة إل ننى أه ننداف وغاي ننات عام ننة ،وأه ننداف وس ننطى ،وأه ننداف إجرائي ننة
خاصة في ضوء املنظور اللساني السلوكي(واطسون ،وبافلوف ،وسكينر).
أما املحطة الثالثة ،فهي محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سننوات العقند األول منن
األلفيننة الثالثننة لننربط التعلننيم بواقننع الشننغل واملهننننة .وقنند انبنننت هننذه النظريننة الجدينندة علننى
مجموع ن ننة م ن ننن التص ن ننورات اإلبس ن ننتمولوجية مث ن ننل :النظري ن ننة املعرفي ن ننة ،والنظري ن ننة التوليدي ن ننة
التحولي ن ننة(نوام شومس ن ننكي) ،والنظري ن ننة البنائي ن ننة التكويني ن ننة (ج ن ننان بي ن نناجي) ،وك ن ننل النظري ن ننات
السننياقية التنني تننربط الننذات بنناملحيط أو السننياق الخننارجي .دون أن ننس ن ى النظريننات التربويننة
القائم ن ننة عل ن ننى ال ن ننتعلم ال ن ننذاتي ومراع ن نناة الفوارق(البي ن ننداغوجيا الالتوجيهي ن ننة ،والبي ن ننداغوجيا
املؤسساتية ،وديناميكية الجماعات ،وبيداغوجيا الفوارق ،وبيداغوجيا األخطاء)...
وعلي ننه ،يق ننوم التخط ننيط الس نننوي بتج ننزيء املق ننررات التربوي ننة ،أو تقس ننيم املن نناهج الدراس ننية
سنويا ،بتوزيعها إلى مجموعة منن املراحنل التكوينينة ،أواملجنزوءات الدراسنية ،واختينار أنجنع
السنبل منن أجننل تقنويم إجمنالي أونهننائي مناسنب للتأكنند منن مكتسنبات التالميننذ ،أو الثبنت مننن
مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل الدراس ي.
وهكن ننذا ،يتكن ننون التخطن ننيط السن نننوي من ننن أربن ننع مراحن ننل كبن ننرى .وتتضن ننمن كن ننل مرحلن ننة ثمانين ننة
أسابيع ،األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد ،واألسبوعان الباقينان يخصصنان لإلدمناج .كمنا
يخصننص األسننبوعان الثالننث والسننادس ألنشننطة التوليننف والتقننويم والنندعم .و تشننكل هننذه
األسنابيع الثمانينة منا يسنمى بناملجزوءة التنني تبندأ بالكفاينة ،وتنتهني بنالتقويم اإلجمنالي .ويالحننظ
104
أن عن نندد املجن ننزوءات أربن ننع ،يسن ننبقها أسن ننبوع للتقن ننويم التشخيص ن ن ي وأسن ننبوع فن نني آخن ننر السن نننة
للتقويم اإلشهادي.
نعننني بننالتخطيط اليننومي منناينجزه املنندرس الكفننائي مننن تعلمننات وكفايننات مستعرضننة فنني يننوم
معننين ،وتنندبير مختلننف اإليقاعننات الزمنيننة التنني علننى هننديها ،يننتم تقننديم الوحنندات املقطعيننة
واملضامين التعلمية في مختلف املواد التي سيقبل عليها املتعلم في يومه الدراس ي.
التخطيط اإلدماجي:
يتعل ننق التخط ننيط اإلدم نناجي بت نندبير ج ننذاذة دراس ننية ف نني ض ننوء بي ننداغوجيا اإلدم نناج بتس ننطير
وض ن ن ننعية معين ن ن ننة مرتبط ن ن ننة بموارده ن ن ننا وس ن ن ننندها وحامله ن ن ننا وتعليماته ن ن ننا ومعاييره ن ن ننا ومؤش ن ن نراتها
التقويمية .باإلضافة إلى شبكات التمرير ،والتحقق ،واملعالجة ،والدعم ،واالستدراك.
وتعنند جننذاذة النندرس مننن أهننم الوثننائق الضننرورية التنني يسننتعين ههننا املنندرس واملنتعلم علننى حنند
سننواء إلنجنناز ال ندرس فنني ضننوء مجموعننة مننن الكفايننات العامننة والخاصننة بغيننة أجرأتهننا عمليننا
إلنم نناء الكفاين ننة وإرسن ننائها وتثبيتهن ننا ودعمهن ننا وتعزيزه ننا بغين ننة تحقين ننق الهن نندف النهن ننائي أو أج ن نرأة
الكفايننة األساسننية .لننذا ،ينبغنني احت نرام مجموعننة مننن الخطننوات واملراحننل واملقنناطع التعلميننة
التنني ينبغنني املننرور منهننا للوصننول إلننى الهنندف النهننائي أو الكفايننة اإلجماليننة .ومننن هنننا ،تتضننمن
خطة الجذاذة ثالثة مقاطع أساسية هي:
مقطن ننع التكن ننوين القن ننائم علن ننى اسن ننتعراض املحتوين ننات والطرائن ننق البيداغوجين ننة والوسن ننائل
الديدكتيكية ،وتحديد أنماط الفضاء وطرائق التفاعل والتواصل داخل الصف الدراس ي؛
مقط ننع التق ننويم اإلجم ننالي الق ننائم عل ننى التطبيق ننات الش ننفوية والكتابي ننة ،وتحض ننير ال نندرس
القادم.
وعليه ،فاملدرس الكفء الحقيقي هو الذي يمتلك كفاية التخطيط واالستشراف ،وتنظيم
الدرس في أحسن صورة ،والتخطيط له على مستوى األمد القريب ،واألمد املتوسط ،واألمد
البعيد .والهدف من ذلك كله هو تحقيق الكفايات األساسية والتكميلية واملستعرضة.
106
الفصل الرابع:
التدبيرالديدكتيكي
107
يمكن الحديث عن ثالث كفايات أساسية ينبغي أن تتوفر في املدرس الراهن من أجل
تحقيق الجودة في درسه الديدكتيكي.وهذه الكفايات البارزة هي :كفاية التخطيط ،وكفاية
التدبير ،وكفاية التقويم .وتبقى كفاية التدبير أهم هذه الكفايات لطابعها العملي،
والتطبيقي ،والتنفيذي.
ويالحظ أن للنتدبير الديدكتيكي أهمية كبرى .وتتمثل هذه األهمية اإلستراتيجية في عقلنة
العملية التعليمية -التعلمية ،وربط التخطيط بالتنفيذ والتطبيق والتقويم ،وتحويل
التمثالت املجردة إلى مخططات عملية سلوكية ،وأجرأة الكفايات واألهداف املسطرة
تطبيقا وتنفيذا .كما يعد التدبير آلية ضرورية لتحقيق الجودة الكمية والكيفية.
ومن وظائف املدرس املدبر وظيفة التخطيط ،ووظيفة التسيير ،ووظيفة التوجيه
والوصاية ،ووظيفة التنظيم ،ووظيفة التطبيق ،ووظيفة التنفيذ ،ووظيفة التحكم،
ووظيفة القيادة ،ووظيفة التنسيق ،ووظيفة املراقبة املرحلية أو املستمرة ،ووظيفة التوقع،
ووظيفة التقويم والتصحيح واملعالجة...
109
ويعني هذا كله أن التدبير يأتي بعد مرحلة التخطيط السنوي واملرحلي والديدكتيكي،
وينصب اهتمامه على مجال التعلم ببلورة وضعيات التعلم ،وتبيان كيفيات إنجاز الدرس،
وتحديد طرائق تدبير القسم في عالقة جدلية بمجال التخطيط من جهة ،ومجال التقويم
والدعم من جهة أخرى.
و يتطلب التدبير الديدكتيكي أن يتعرف املدرس إلى مختلف منهجيات وحدة اللغة العربية
باملدرسة االبتدائية كأن يعرف منهجية القراءة ،ومنهجية الخط والكتابة ،ومنهجية
التعبير ،ومنهجية النحو والصرف واإلمالء والشكل ،ومنهجية املحفوظات ،ومنهجية التربية
اإلسالمية ،ومنهجية الوضعيات اإلدماجية والتقويمية...وبالتالي ،يعرف أيضا كيف تتوزع
الحصص الدراسية وغالفها الزمني ،ويعرف كذلك أنواع وضعيات التعلم من أجل تحديد
الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية املالئمة لتقديم املقطع الدراس ي أو مجموعة
من املقاطع الديدكتيكية.
ومن جهة أخرى ،يستلزم التدبير الديدكتيكي التعرف إلى تقنيات التنشيط والتواصل،
وإعداد معينات ديدكتيكية مالئمة للمقطع (املورد) ،وتكييف مختلف التقنيات التنشيطية
والتواصلية مع خصوصيات القسم (قسم حضري ،وقسم مشترك ،وقسم مكتظ،)...
بتنويع تقنيات التواصل مع التمركز حول املتعلم ،واستثارة قدراته الكفائية واإلدماجية،
واالنطالق من نظريات التعلم في أثناء التدبير.
ويستلزم التدبير الديدكتيكي تعبئة مجموعة من املوارد األساسية التي تساعد املعلم
واملتعلم على مواجهة الوضعيات اإلدماجية ،وإيجاد الحلول املناسبة لها وفق املقاربة
بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج .ومن بين هذه املوارد الضرورية التمكن من ضوابط اللغة
العربية الفصحى ،وتمثل معاييرها الصوتية ،والصرفية ،والتركيبية ،والداللية ،والبالغية،
والتواصلية .ثم التعرف إلى منهجية مكونات وحدة اللغة العربية بالسلكين :األساس
واملتوسط ،واستيعاب تقنيات التنشيط والتواصل من خالل تدبير وظيفي بناء وفعال لكل
110
املعينات الديدكتيكية ،واعتماد مختلف الطرائق البيداغوجية املناسبة لتقديم
الوضعيات الديدكتيكية واإلدماجية ضمن أوساط سوسيوتربوية متعددة (أقسام
مكتضة ،وأقسام بالوسط القروي ،وأقسام متعددة املستويات ،أو ما يسمى كذلك
باألقسام املشتركة ،)...وتدبير الفوارق الفردية باعتماد البيداغوجيا الفارقية ،وتحديد
الصيغ املالئمة لتدبير أزمنة وفضاءات التعلم (عمل فردي ،وعمل جماعي ،واالشتغال في
فرق ومجموعات ،)...والتمكن من مبادئ اإلدماج ،والتعرف إلى كيفية بناء الوضعيات
الديدكتيكية واإلدماجية ،وتبيان طرائق إنجازها وتنفيذها.
وتضم الجذاذة التقنية أيضا ،إلى جانب العتبات واملعينات الشخصية ،ثالث مراحل أو
مقاطع أساسية ،وهي :
املقطع التكويني الذي يرتكز على أنشطة املعلم واملتعلم في شكل أفعال كفائية وقدرات
مرصودة من خالل تبيان الطرائق البيداغوجية واملوارد والوسائل الديدكتيكية مع
تقويمها؛
111
املقطع النهائي أو الختامي أو التقويمي ،ويكون بمثابة تطبيقات واستنتاجات
واستثمارات وأنشطة لإلنجاز والتقويم النهائي أو اإلجمالي.
...................................................................................................... الكفاية
املستهدفة
....................................................................................................
..................................................................................................
تقويم الطرائق الوسائل األنشطة الديداكتيكية األهداف
ودعم البيداغوجية الديداكتيكية اإلجرائية
املتعلم املدرس
تقويم املقطع
قبلي التمهيدي
تقويم املقطع
112
تكويني التكويني
تقويم املقطع
إجمالي النهائي
ونخلص ،مما سبق ،إلى أن املدرس الحق هو الذي يمتلك كفاية التدبير ببناء وضعيات
تعليمية -تعلمية ،أو صياغة وضعيات إدماجية داخل فصل دراس ي معين سواء أكان ذلك
الفصل أحاديا أم مشتركا اعتمادا على الوثائق الرسمية .ويتمثل هدف املدرس في تحقيق
الكفايات األساس من جهة ،وتحقيق أهداف إجرائية معينة ،قد تكون معرفية ،أو وجدانية
انفعالية ،أو حسية حركية .بمعنى أن املدرس املدبر الكفء هو الذي يبني األنشطة
الديدكت يكية والتقويمية بشكل تطبيقي وإجرائي .وغالبا ،ما يتخذ هذا التدبير شكل
جذاذات ومخططات مقطعية تنطلق من املناهج والبرامج الرسمية ،و تراعي خصوصيات
املتعلمين ضمن فضاء زمكاني معين باختيار طرائق ووسائل ديدكتيكية وبيداغوجية معينة.
عالوة على ذلك ،ينصب التدبير على تخطيط األنشطة والتعلمات الخاصة بكل مادة
دراسية بشكل بنائي مفصل ووظيفي ،وقابل للتنفيذ واألجرأة من خالل ترقب كل الطوارئ
واملستجدات التي تبرز في أثناء التفاعل والتواصل داخل جماعة القسم.
113
الفصل الخامس
املنهاج التربوي ومصطلحاته
114
ما أحوج الحقل التربوي العربي بصفة عامة ،واملغربي بصفة خاصة ،88إلى مقاربات
ودراسات مصطلحية من أجل دراسة املصطلحات واملفاهيم التي تنتمي إلى املجال
البيداغوجي والديدكتيكي بغية االستفادة من تعاريفها املختلفة اللغوية واالصطالحية
والتقنية ،واستثمارها في إنجاز البحوث التربوية املختلفة سواء أكانت نظرية أم تطبيقية !
ومن جهة أخرى ،تستلزم املقاربة املصطلحية ،في مجال التربية والتعليم ،استكشاف
املصطلحات التي لها عالقة بالتربية العامة والخاصة ،أو لها ارتباط بعلم النفس التربوي أو
علم االجتماع التربوي وفق منهجية علمية دقيقة ،تعتمد على تتبع املصطلح سانكرونيا
(تزمينا) أو دياكرونيا (تاريخيا) باستعراض مختلف النصوص واللوائح والوثائق والروايات
والشواهد التي يرد فيها املصطلح املقصود بالتحليل والدراسة بغية فهم املصطلح لغة
واصطالحا ،وتتبع مشتقاته داخل النص وخارجه من أجل تكوين معاجم املصطلحات ،كما
يفعل الدارسون الغربيون الذين وفروا مجموعة من القواميس واملعاجم التي تنصب على
مصطلحات بعينها في ميدان أو مجال معين.
ومن هنا ،سوف نتوقف عند ستة مصطلحات تربوية أساسية هي :املنهاج(،)Curriculum
والبرنامج(،)Programmeواملقرر( ،)Cursusوالكتاب املدرس ي(، ) Le livre scolaire
والوحدة( ،)Unitواملجزوءة(.)Module
-88ثمة دراسات مصطلحية مغربية منها :املعجم املوسوعي لعلوم التربية ألحمد أوزي ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م؛ واملنهل التربوي لعبد الكريم غريب ،منشورات عالم التربية،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م؛ واملعجم في أعالم التربية والعلوم
اإلنسانية،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2224م؛
ومصطلحات تعليمية من التراث اإلسالمي لخالد الصمدي ،منشورات املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم
والثقافة – إيسيسكو ،الطبعة األولى سنة 2220م؛ واملعجم املوسوعي الجديد لعلوم التربية ألحمد أوزي مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م؛ ومعجم األلفاظ واملصطلحات التربوية في
التراث العربي ملهداد الزبير ،مركز عبد العزيز بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الطبعة األولى سنة
2233م؛
115
أوال ،املنهاج التربوي:
إذا تصفحنا املعاجم والقواميس اللغوية للبحث عن مدلول املنهاج أو املنهج ،فسنجد
شبكة من الدالالت اللغوية التي تحيل على الخطة ،والنهج ،واملسلك ،والتصميم،
والطريقة ،والهدف البين ،والسير الواضح ،والصراط املستقيم .وفي هذا ،يقول ابن منظور
في(لسان العرب):
" نهج :طريق نهج :بين واضح وهو النهج ،والجمع نهجات ونهج ونهوج ...وطرق نهجة وسبيل
منهج :كنهج .ومنهج الطريق :وضحه .واملنهاج :كاملنهج .وفي التنزيل:لكل جعلنا منكم شرعة
.وأنهج الطريق :وضح واستبان وصار نهجا واضحا بينا... ومنهاجا
أي تعين وتقوي .واملنهاج :الطريق الواضح .واستنهج الطريق :صار نهجا .وفي حديث
العباس:لم يمت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -حتى ترككم على طريق ناهجة ،أي
واضحة بينة .ونهجت الطريق :أبنته وأوضحته .يقال :اعمل على ما نهجته لك .ونهجت
الطريق :سلكته .وفالن يستنهج سبيل فالن أي يسلك مسلكه.والنهج :الطريق املستقيم.
ونهج األمر وأنهج ،لغتان ،إذا وضح"89.
ويعني هذا أن املنهاج عبارة عن مسلك أو تصميم أو طريقة واضحة املدخالت واملخرجات.
وهو أيضا عبارة عن خطة واضحة الخطوات واملراقي ،تنطلق من البداية نحو النهاية عبر
العمليات اإلجرائية التطبيقية .ويعني هذا أن املنهج ينطلق من مجموعة من الفرضيات
واألهداف والغايات ،ويمر عبر سيرورة من الخطوات العملية واإلجرائية قصد الوصول إلى
نتائج ملموسة ومحددة بدقة مضبوطة.
- 89ابن منظور :لسان العرب ،حرف النون ،مادة نهج ،الجزء الرابع عشر ،دار صادر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
األولى 2226م.
116
ويقصد باملنهاج ،في مجال التربية والتعليم ،ذلك املخطط العام الذي يعبر عن فلسفة
الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن فلسفة سياسية وغايات عامة تهدف إلى تكوين
مواطن صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية
والواقعية .بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم.
وتتأثر هذه الفلسفة بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياس ي ،واالجتماعي،
واالقتصادي ،والثقافي ،والديني...
وعليه ،فاملنهاج هو خطة العمل في املجال التربوي والتعليمي ،ويشمل أنواع الخبرات
والدراسات والتجارب واملهارات واملواقف التي توصلها املدرسة إلى التالميذ واملتعلمين.
بمعنى أن املنهاج هو تصور مستقبلي استشرافي في مجال التربية والتعليم ،هدفه هو تنظيم
املدرسة من جهة ،وتوجيه العملية التعليمية-التعليمية من جهة أخرى ،أو هو بمثابة نوع
من التخطيط والتشريع والقوانين التي تنظم التربية بصفة عامة ،والعملية التدريسية
بصفة خاصة.
ومن هنا ،يستند املنهاج التربوي التعليمي إلى مجموعة من الغايات الكبرى واألهداف
العامة ،أو هو من التوجهات واملرامي واألغراض البعيدة التي تريدها الدولة من التربية.
بتعبير آخر ،الغايات هي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم .وبالتالي ،تتجسد في املنهاج
كأن نقول " :أن يكون املتعلم مواطنا صالحا" .ومن ثم ،فاملنهاج عبارة عن الغايات واملرامي
الفلسفية والطموحات املستقبلية البعيدة التي تتسم بالغموض ،والتجريد ،والعمومية.
ويعرف محمد الدريج غايات املنهاج بقوله:
" إن الغايات هي غايات ألهداف تعبر عن فلسفة املجتمع ،وتعكس تصوراته للوجود
والحياة ،أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة ،مثل قولنا":
على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية" ،أو "على املدرسة أن تكون مواطنين
مسؤولين" ،أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية..."...إلخ .فهذه أهداف عامة
117
تتموضع على املستوى السياس ي والفلسفي العام ،وتسعى إلى تطبيع الناشئة بما تراه
مناسبا للحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية"90.
ويهدف منهاج التعليم االبتدائي إلى تكوين متعلم صالح قادر على حل الوضعيات واملشاكل
التي تجاههه في الحياة ،بعد أن يكون قد اكتسب مجموعة من القدرات واملهارات واملواقف
التي تؤهله للتكيف مع الواقع وتغييره بصورة أفضل ،والحفاظ على قيم املجتمع وثوابته
وعاداته وأعرافه وقوانينه.
ً
إذا " ،ينبغي أن يعمل املنهاج على تحقيق أهداف نوع معين من التعليم ،ما دمنا بصدد
الحديث عن املدرسة االبتدائية ،فيجب أن تعمل املناهج على تحقيق أهداف هذه املدرسة
.وتعتبر املدرسة االبتدائية مرحلة قائمة بذاتها .بمعنى أنها ليست إعدادا للمرحلة الثانوية،
ولكنها الحد األدنى من التعليم الذي يجب أن يحصل عليه كل مواطن حتى يستحق صفة
املواطنة ،فمنهاج املدرسة االبتدائية على هذا األساس يجب أن يعمل على تكوين املواطن
الصالح الذي يعرف حقوقه وواجباته ،ويستطيع املحافظة على صحته ،وحل مشاكله
بنفسه ،واستغالل وقت فراغه استغالال مفيدا ،وممارسة حقوقه كمواطن ،والشعور
بالوالء نحو الدولة ،واحترام القانون91"...
ويرتبط املنهاج بالغايات واملرامي الكبرى .ومن هنا ،فالغايات هي أهداف تربوية كبرى تختلط
بالسياسة العامة للدولة.وغالبا ،ما تكون أهدافا عامة ،ومجردة ،وفضفاضة.ومن ثم،
يعكس املنهاج فلسفة الدولة وغاياتها وطموحاتها والغرض الذي يرمي إليه التعليم ،وما
يصبو إليه املجتمع من آمال ومآل .و"لكل مجتمع فلسفة خاصة و أهداف معينة يعمل على
تحقيقها عن طريق التربية والتعليم ،فاملجتمع اإلسبرطي القديم كان يهدف إلى تكوين
-90محمد الدريج :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 3606م ،ص.63:
-91أمينة اللوه وآخرون :املوجزفي التربية وعلم النفس ،دار الكتب العربية ،الرباط ،املغرب،د.ت ،ص.40:
118
الجنود الذين يستطيعون الدفاع عن إسبرطة ،وتحقيق النصر على أعدائها ،ولهذا اتجهت
في التربية اتجاها عسكريا صرفا .بينما نرى أن مدينة يونانية معاصرة لها وهي أثينا كانت
تقوم مناهجها التعليمية على تكوين املواطن الديموقراطي الحر الذي يستطيع أن يمارس
حقوقه املدنية ،وقد قامت السياسة التعليمية في أملانيا النازية على أساس فلسفة
عنصرية قوامها تفوق العنصر األملاني ،أما في املغرب ،فيجب أن تعمل مناهج الدراسة
على خلق املواطن الديموقراطي الذي يستطيع أن يساهم في بناء بالده ،وتسيير شؤونها،
واستغالل ثرواتها بحيث يكون عضوا فعاال في بلد ذات شخصية متميزة 92"...
ويقصد باملنهاج ،في مجال التربية والتعليم ،ذلك املخطط العام الذي يعبر عن فلسفة
الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة ،تهدف إلى تكوين مواطن
صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية
والواقعية .بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم.
وتتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياس ي ،واالجتماعي،
واالقتصادي ،والثقافي ،والديني...
ً
إذا ،يعبر املنهاج عن فلسفة الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن أهداف وغايات
عامة ،تهدف إلى تكوين مواطن صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الحياتية،
واملهنية ،والتربوية .بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية
والتعليم .ومن ثم ،تتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية...في حين ،يعد البرنامج
أقل عمومية من املنهاج ،وأكثر تجريدا من املقرر التعليمي .بمعنى أن البرنامج يتضمن
محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير مفصلة بشكل إجرائي ،وتستمد خبراتها من
فلسفة املنهاج .وبعد ذلك ،تتحول مضامين هذا البرنامج إلى مقررات دراسية خاصة بكل
مادة معينة ،وتكون هذه املقررات مفصلة ،وأكثر خصوصية وإجرائية.
120
مستويات األهداف
121
ومن ثم ،يمكن الحديث عن نوعين من املنهاج :املنهاج التقليدي واملنهاج الحديث على
النحو التالي:
/1املنهاج التقليدي:
ينبني املنهاج التقليدي على فعل التدريس املحض ،وليس بناء التعلمات بطريقة
تكوينية .ناهيك عن االهتمام باملعرفة الكمية ،و العناية باملدرس على حساب
املتعلم ،وتغييب اللعب على أساس أنه مضعية للوقت.ومن ثم ،يصبح املتعلم متلقيا
سلبيا ،اليحاور واليبدي خياراته واقتناعاته وأسئلته التي تحيره .ومن ثم ،ينبني املنهاج
التقليدي على فلسفة العقاب ،وعدم األخذ بالتصميم والتخطيط وفلسفة التدبير،
وعدم االستهداء بعلم النفس وعلم االجتماع ،وعدم ربط التعليم بالحياة واألنشطة
والحرية .وكان الهدف الرئيس من هذا التدريس هو شحن عقول املتعلمين باملعرفة
واستظهارها وحفظها ،وتقويم املتعلمين في مدى تمكنهم من تلك املعارف املوسوعية.
ً
إذا ،فاملنهاج التقليدي هو ذلك املنهج الذي يركز على املضامين واملحتويات
واملعلومات .وهو الذي ينطلق من مقاربة املضامين في شكل مقررات دراسية ضيقة
النطاق ،دون احترام خصائص املتعلمين النمائية ،والبيولوجية ،والفيزيولوجية،
والنفسية ،واالجتماعية ،ومتطلبات الحياة العملية اليدوية واملهنية.
ومن هنا ،يبدو أن املنهاج ،بمفهومه التقليدي -حسب حلمي أحمد الوكيل ومحمد
أمين املفتي " -عبارة عن مجموعة من املعلومات والحقائق واملفاهيم التي تعمل
املدرسة على إكساهها للتالميذ ههدف إعدادهم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق
اإلملام بخبرات اآلخرين واالستفادة منها ،وقد كانت هذه املعلومات والحقائق
122
واملفاهيم تمثل املعرفة بجوانبها املختلفة ،أي :إنها كانت تتضمن معلومات علمية
ورياضية ولغوية وجغرافية وتاريخية وفلسفية ودينية وفنية...إلخ.
وحيث إن هذه املعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على
مراحل الدراسة وسنواتها فمعنى ذلك أن املنهاج بمفهومه التقليدي هو مجموعة
املواد الدراسية التي يتولى املتخصصون إعدادها ويقوم التالميذ بدراستها ،ومن هنا
أصبحت كلمة منهاج مرادفة لكلمة مقرر دراس ي وبمرور الوقت أصبح استخدام كلمة
منهاج أعم وأشمل من استخدام كلمة مقرر حتى أصبحنا نسمع بمنهاج الجغرافيا
ومنهاج التاريخ ومنهاج العلوم...إلخ .وكان املدرسون أكثر الفئات استخداما لكلمة
منهاج باملعنى الذي أشرنا إليه والدليل على ذلك أنهم كانوا يكتبون في أول صفحة من
دفتر تحضير دروس املادة "توزيع املنهاج على أشهر وأسابيع العام الدراس ي" .
واملقصود باملنهاج هنا هو املقرر الدراس ي للمادة.
وبكل أسف فإن هذا املفهوم التقليدي للمنهاج مازال مستخدما حتى اآلن لدى عامة
الشعب بل ولدى الكثير من القائمين بالعملية التعليمية بالرغم من أن هذا املفهوم
قد تغير تغييرا جوهريا كما سنرى فيما بعد"93.
ومن هنا ،يالحظ أن هناك غموضا في تبيان املصطلحات التالية :املنهاج ،والبرنامج،
واملقرر ،والكتاب املدرس ي ،كما يتبين ذلك في كتاب (أسس بناء املناهج وتنظيماتها)
لحلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين املفتي وغيرهما من الباحثين التربويين .فاملنهاج
مفهوم أكثر عمومية وتجريدا واتساعا .فهو يتضمن فلسفة الدولة في مجال التربية
والتعليم في شكل غايات ومرام بعيدة املدى .في حين ،يتعلق البرنامج بتصميم مستوى
-93الوكيل حلمي أحمد ،املفتي محمد أمين ،أسس بناء املناهج وتنظيماتها ،دار املسيرة للنشر والتوزيع،
عمان ،طبعة 2223م ،ص.3:
123
دراس ي ،أو مادة دراسية معينة كبرنامج مادة العلوم في السلك االبتدائي ،وبرنامج
اللغة العربية في السلك اإلعدادي ،ومادة الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي .كما
يتضمن البرنامج أهداف املادة وأغراضها وكفاياتها ،ومواصفات املتعلم ،والطرائق
البيداغوجية ،وتفصيل البرنامج في شكل وحدات دراسية وعناوين عامة .في حين،
يتميز املقرر الدراس ي بالطابع الحس ي التشخيص ي في شكل عناوين مفصلة ومنوعة في
إطار وحدات ومحاور دراسية .أما الكتاب املدرس ي ،فهو وسيلة إجرائية يستعين هها
املدرس في بناء دروسه .
وهكذا ،يتبين لنا أن هناك من الباحثين والدارسين من يخلط بين املنهاج والبرنامج
واملقرر والكتاب املدرس ي ،أو يرادف بين هذه املصطلحات ،أو يميز بين هذه املفاهيم
بشكل واضح ودقيق.
124
إذا ،يقوم املنهاج التقليدي على النظرة الكمية ،وحشو رؤوس املتعلمين بمعارف
ومعلومات كثيرة دون االستهداء بعلم النفس ومبادئه وقوانينه .عالوة على اإلشادة
بسلطة املعلم باعتباره مصدر املعلومة .أما املتعلم ،فهو يتلقى املعلومات فقط دون
محاولة بنائها أو تكوينها ذاتيا ،أو املشاركة في مناقشة املدرس والحوار معه عموديا،
أو الحوار مع زمالئه أفقيا.
ومن ثم ،فاملنهاج التقليدي سلبي من بعض الجوانب .فهو يعنى أكثر بالحفظ والتكرار
واالجترار فقط ،وال يعنى بنمو الطفل من النواحي الذهنية والعقلية والوجدانية
والحسية الحركية ،وال يعطي أهمية للعب أو مستجدات علم النفس
والسوسيولوجيا ،وال يأخذ بالطرائق الحديثة و املعاصرة في التدريس ،ويهمل
حاجات املتعلم وميوله واتجاهاته ومشاكله الذاتية واملوضوعية ،ويغفل عن توجيه
سلوكه نحو األفضل .ويركز كثيرا على الكم على حساب الكيف ،واليراعي الفوارق
الفردية .كما يعد األخطاء التعلمية عيبا ومهانة وجريرة التغتفر ،والينظر إليها على
أنها طريقة مهمة ومفيدة في التعلم .ويهمل أيضا تكوين العادات واالتجاهات
اإليجابية لدى التالميذ.ناهيك عن تضخم املقررات الدراسية ،وعدم ترابط املواد
.ويهمل كذلك الجانب العملي و األنشطة الصفية الفردية والجماعية ،واليهتم
بالتعلم الذاتي ،وتوجيه املتعلم توجيها صحيحا.
/2املنهاج الحديث:
ينطلق املنهاج الحديث من فلسفة التربية املعاصرة ،وعلم النفس التربوي ،وعلم
االجتماع التربوي ،وتمثل الطرائق البيداغوجية املعاصرة ،وتجاوز طرائق التلقين،
واالرتكان إلى فلسفة األهداف والكفايات ،واالعتماد على الوسائل الديدكتيكية
125
والتدريسية الكفيلة بتنشيط التعلم الذاتي لدى املتعلم ،وتحقيق أنجع السبل
لتحقيق التواصل الفعال الهادف والبناء واملثمر .عالوة على اعتماد الطرائق الجديدة
في عملية التقويم ،واالنطالق من مبادئ الدوسيمولوجيا املعاصرة في بناء أسئلة
االمتحانات املوضوعية وتقويمها.
ومن هنا ،ترتبط املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة .كما تنطلق أيضا
من املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج ،بعد أن كانت املدرسة التقليدية تلقن
معارفها للمتعلمين دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة ،أو تصدر عن
مقصدية كفائية واعية .ومن ثم ،فاملحتويات -حسب محمد الدريج " -هي كل
الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة السائدة في مجتمع معين وفي حقبة معينة.إنها
مختلف املكتسبات العلمية واألدبية والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها مما تتألف
منه الحضارة اإلنسانية ،ومما تزخر به الثقافات الشعبية املحلية في كل البقاع،
والتي تصنف في النظام الدراس ي إلى مواد مثل :اللغة والحساب والتاريخ
والجغرافيا...إلخ .على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها دون سواه يتم بناء
على الغايات واألهداف املتوخاة .في حين ،يبقى تنظيم املحتوى رهينا بمتطلبات
العملية التعليمية ذاتها وبأشكال العمل الديدكتيكي .أي :ما يصطلح على تسميته
بطرق التدريس".94
ومن هنا ،تخضع املحتويات واملضامين الدراسية ،ضمن املنهاج التربوي املعاصر،
ملجموعة من املقاييس ،مثل :مقياس االختيار ،ومقياس التنظيم ،ومقياس
التصنيف ،ومقياس الوحدة أو الفروع ،ومقياس التدرج ،ومقياس التنويع ،ومقياس
-94محمد الدريج :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،طبعة
3600م ،ص.36:
126
املدخالت واملخرجات ،ومقياس املستويات ،ومقياس الثقافة ،ومقياس علم النفس
العقلي والنمائي ،ومقياس التقويم ،واملقياس املنهجي ،واملقياس الكمي والكيفي،
ومقياس التوزيع ،ومقياس التخطيط ،ومقياس التدبير...
وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني.
وتعد املعارف هي األساس في العملية التعليمية ،فإن املنهاج الحديث ينطلق من
األهداف والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في وضع املحتويات ،وتقديمها
للمتعلم.وفي هذا الصدد ،يقول محمد الدريج:
" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية ،وتنظيمها
بناء على مقاييس أخرى أكثر انسجاما ،متمشيا مع ما آلت إليه املجتمعات املعاصرة،
ومع وتيرة التقدم العلمي .من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق
األهداف املرسومة ،وفي انسجام تام مع الغايات املحددة.
ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات ،هناك
االختيار الذي يرتكز على حقائق علم النفس ،وخاصة علم النفس النمائي ونظريات
التعلم وغيرها من الفروع التي تمكن واضع البرامج ومخطط املقررات من معطيات
ثمينة عن شخصية التالميذ وقدراتهم العقلية وميولهم النفسية ومراحل النمو التي
يخضعون لها...وهكذا ،يتم مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو الشخصية لتقديم
مجموعة من املعارف واملهارات .كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة
السائدة في املجتمع ،وانطالقا من حاجياته وحاجيات التكوين املنهي ومتطلبات
التنمية95"...
محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد األول من األلفية الثالثة
لربط التعليم بواقع الشغل واملهننة .وقد انبنت هذه النظرية الجديدة على مجموعة
من التصورات اإلبستمولوجية ،مثل :النظرية املعرفية ،والنظرية التوليدية التحولية
(نوام شومسكي) ،والنظرية البنائية التكوينية (جان بياجي) ،وكل النظريات السياقية
التي تربط الذات باملحيط أو السياق الخارجي .دون أن ننس ى النظريات التربوية
القائمة على التعلم الذاتي ،ومراعاة الفوارق الفردية (البيداغوجيا الالتوجيهية،
والبيداغوجيا املؤسساتية ،وديناميكية الجماعات ،وبيداغوجيا التفريدية،
وبيداغوجيا األخطاء)...
128
وعليه ،يقوم التخطيط السنوي بتجزيء املقررات التربوية ،أو تقسيم املناهج
الدراسية سنويا بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية ،أواملجزوءات الدراسية،
واختيار أنجع السبل من أجل تقويم إجمالي أو نهائي مناسب بغية التثبت من
مكتسبات التالميذ أو من مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل
الدراس ي.
وهكذا ،يتكون التخطيط السنوي من أربع مراحل كبرى ،وتتضمن كل مرحلة ثمانية
أسابيع ،تخصص األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد ،ويخصص األسبوعان
الباقيان لإلدماج .كما يخصص األسبوعان الثالث والسادس ألنشطة التوليف
والتقويم والدعم .وتشكل هذه األسابيع الثمانية ما يسمى باملجزوءة التي تبدأ
بالكفاية ،وتنتهي بالتقويم اإلجمالي .ويالحظ أن عدد املجزوءات أربع ،يسبقها أسبوع
للتقويم التشخيص ي ،وأسبوع في آخر السنة للتقويم اإلشهادي.
129
ومن جهة أخرى ،يستند منهاج التربية والتعليم باملغرب ،حسب الكتاب األبيض،96
إلى محددات ثالثة هي:
وتستلزم التربية على االختيار أن يكون التلميذ ذا شخصية مستقلة ،يستخدم حريته
بمسؤولية والتزام ،ويوظف عقله بشكل سليم ،ويتصرف بطريقة حرة واعية ،و يؤمن
بالتعلم الذاتي من أجل بناء شخصيته وجوديا ،وقيميا ،وذهنيا ،ووجدانيا ،وحسيا
حركيا .ويميل إلى فلسفة العمل واإلنتاج واإلبداع واالبتكار ،يحب وطنه وأمته،
ويدافع عن هويته ،وينافح عن القيم اإلسالمية ،ويكون مواطنا صالحا لنفسه،
وأسرته ،ومجتمعه ،وأمته .فضال عن إيمانه الراسخ بقيم املواطنة ،والتشبث بحقوق
اإلنسان.
وعليه ،فثمة اختيارات تربوية عديدة تمس جانب املضامين ،والقيم ،والتواصل،
والتقويم ،والدعم واملعالجة ،واملواد الدراسية ،واملقررات ،واملناهج ،والبرامج،
- 96وزارة التربية الوطنية :مراجعة املناهج التربوية الكتاب األبيض ،مشروع منقح ومزيد ،نونبر 2222م.
130
والوسائل ،والطرائق ،وفلسفات التربية ،واإليقاعات املدرسية من حيث الزمان
واملكان ،والكتب املدرسية ،واملدخالت واملخرجات...
وتتوزع القيم ،في املنهاج التربوي املغربي ،في جميع مستوياته وأسالكه الدراسية في
ضوء املقاربة بالكفايات واملجزوءات .وتخضع هذه القيم ،بالتالي ،ملنطق الوضعيات
131
-األسئلة التي تتدرج ديدكتيكيا من السهولة إلى الصعوبة .وتنصب هذه القيم على
الجوانب الذهنية ،والوجدانية ،والحسية الحركية ،واملهارات األدائية .وترتبط هذه
القيم الكفائية بكفايات أخرى :منهجية ،ومعرفية ،وثقافية ،وتواصلية،
وإستراتيجية .
وعليه ،تعتمد املناهج التربوية باملدارس املغربية ،في اقتراح مواضيعها ،على مقاربتين
أساسيتين :املقاربة بالكفايات ،ومقاربة قيمية سلوكية أخالقية في ضوء منظور
جديد للقيم ،يقوم على ضرورة االنفتاح على العالم الخارجي ،والتفتح على آفاق
العوملة وفق سياسة التسامح مع اآلخر والغير املخالف لنا ،واألخذ بمنطق التعايش
الحضاري ،وانصهار الجميع في بوتقة حضارية إنسانية ،والذوبان في قرية كونية
واحدة على مستوى املشاركة واإلعالم وبناء العالم .علما أن املغرب قد أخذ ههذا
132
التوجه التربوي القيمي الجديد ألسباب سياسية وأمنية وطنية ،وجهوية ،ودولية،
بعد تنامي ظاهرة اإلرهاب والتطرف والغلو ،وانتشار فكرة صراع الحضارات
واألديان …
ويالحظ أيضا أن هناك تجديدا في محتويات الكتب املدرسية املغربية التي اتخذت
متونها طابعا قيميا وأخالقيا وسلوكيا ،وتنويعا في املضامين والخبرات التعلمية
املعرفية .والتخرج قيم هذه املناهج التربوية في جوهرها عن قيمة الخير (التنمية،
والتعدد الثقافي ،والتعايش ،والتسامح ،وحقيقة املواطنة ،وبناء املجتمع املدني،
واالتصال ،واالنفتاح ،وتبني قيم الحداثة) ،وقيمة الحق(حقوق اإلنسان
والديمقراطية ،والهجرة ،والهوية،واملعرفة،والعلم ،)…،وقيمة الجمال(الفنون
الجمالية واألدبية والبصرية)...
و على الرغم من تنوع هذه القيم وتميزها بطابعها املثالي والالمادي ،فإنها تبقى قيما
نظرية مجردة وطوباوية في ثنايا املناهج التربوية املقررة بعيدة عن التمثل الواقعي
واألجرأة امليدانية؛ بسبب تأثر املدرسة املغربية بآفات مجتمعها املتردي على جميع
األصعدة واملستويات.
/3املقاربة بالكفايات:
يبدو أن املقاربة بالكفايات هي مقاربة تربوية وتدريسية جديدة ومعاصرة ،تهدف إلى
تسليح املتعلم بمجموعة من الكفايات األساسية ملواجهة الوضعيات الصعبة
واملركبة التي يصادفها املتعلم في واقعه الدراس ي أوالشخص ي أواملوضوعي .ومن ثم،
فالكفايات هي بمثابة معارف وموارد ومهارات ومواقف وكفايات معرفية وتواصلية
ومنهجية وثقافية ،يستضمرها املتعلم لحل مجموعة من املشاكل أو الوضعيات -
املشكالت بغية التكيف أو التأقلم مع املحيط ،أو االستجابة ملتطلبات سوق الشغل،
أو قصد التميز الدراس ي والكفائي والحرفي واملنهي .ومن ثم ،فاكتساب الكفايات هو
133
السبيل الحقيقي لتحصيل النجاح .وهو أيضا أساس االستقاللية الشخصية،
ومدخل ضروري إلى تحمل املسؤولية ،واالعتماد على الذات في حل جميع املشاكل
التي تطرحها الوضعيات أمام املتعلم في أثناء مجاههته لواقعه الحي .ومن ثم ،تنصب
املقاربة بالكفايات على املعطى الكيفي ،وتركز على التعلم السياقي في عالقة جدلية
بالكفايات املستهدفة سواء أكانت أساسية أم نوعية.
/5أنواع املناهج:
يمكن الحديث عن أنواع عدة من املناهج الدراسية والتربوية على النحو التالي:
منهاج املواد املنفصلة :يقصد به ذلك املنهاج الذي يقوم على تدريس املواد
التعليمية بطريقة منفصلة ،والعناية بكل مادة دراسية مجزأة على حدة " ،بتنظيم
املعلومات واملهارات املطلوب إمداد التالميذ هها في صورة مواد دراسية مستقلة "
تاريخ .جغرافية.لغة.رياضة "...وقد يكون طابع هذا املنهاج املغاالة في الفصل بين هذه
املواد ،وقد يالحظ فيه ش يء من الربط بينها.
ومن خواص هذا املنهاج أن كل مادة تعتبر مستقلة استقالال تاما أو نسبيا عن غيرها
من املواد الدراسية ،وأن لكل مادة منهجا معينا ،ووقتا محددا ،وكتابا خاصا ،وأن
لكل مادة -كذلك -أهدافا ووسائل.
ومما يؤخذ على هذا املنهاج أنه يغفل ميول التالميذ؛ ألنهم قد يدرسون أشياء التميل
إليها نفوسهم .ومن عيوبه أيضا أن فيه تفريقا وتنافرا بين املعلومات في أذهان
التالميذ ،فتصبح هذه املعلومات غير وظيفية ،أي عاجزة عن حل املشكالت
الحيوية ،كما أن املغاالة في األخذ ههذا املنهج قد تدعو إلى إهمال األحداث الجارية
134
والحياة املعاصرة ،وقد يطغى اهتمام املدرس باملادة على حق التلميذ من املشاركة
اإليجابية"97.
وعليه ،يدرس هذا املنهاج الخبرات التعليمية في شكل مجزوءات ووحدات ومواد
منفصلة ،على الرغم من انصهارها ضمن الكل.والهدف من ذلك هو تبسيط
املعلومات واملعارف واملحتويات ،وتسهيلها على مستوى األداء واإلنجاز والتبليغ،
والتمييز بين مختلف املكونات املستقلة.
ً
إذا ،فمنهاج املواد املنفصلة هو" املنهاج التقليدي املعروف املكون من مواد دراسية
منفصلة موزعة على سنوات الدراسة املختلفة والتاريخ والجغرافيا والعلوم
والحساب والهندسة والرسم واألشغال ،وفي هذا املنهاج ال توجد أية رابطة بين مادة
دراسية وبين باقي املواد ،فالخبرة فيه مفككة واملواد حسب منطق الكبار
واملتخصصين في املواد املختلفة ،و البعد عن سيكولوجية األطفال ،كما أن املواد
املختلفة املستوى التالميذ بل إنها في العادة فوق مستواهم وذلك يرجع الى نظرية
امللكات التي كانت مسيطرة على فلسفة التربية والتي ترى أن العقل مقسم إلى ملكات،
وأن كل مادة من مواد الدراسة تدرب إحدى هذه امللكات ،فالشعر يدرب ملكة
الخيال ،والحساب يدرب ملكة التفكير الى غير ذلك ،وكلما زادت املواد الدراسية في
الصعوبة كليا أدى ذلك إلى تدريب أقوی وأعمق أثرا مللكات العقل .كما أن هذا النوع
من املناهج يعتبر بعيدا كل البعد عن مواقف الحياة العادية بسبب التقسيم
-97عبد العليم إبراهيم :املوجه الفني ملدرس ي اللغة العربية ،دار املعارف ،القاهرة ،مصر ،الطبعة
السابعة3646 ،م ،ص.64:
135
املصطنع مما يؤدي إلى عدم اهتمام التالميذ به ،والی اتباع طريقة التلقين والتقرير في
توصيله إلى أذهانهم98".
ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الفروع التي يقصد هها تدريس اللغة العربية أو
اللغات األجنبية بطريقة فرعية مستقلة .بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة من
اللغة العربية -مثال -على أنها فروع مستقلة في منهاجها وبنياتها التدريسية والتربوية.
وفي هذا السياق ،يرى عبد العليم إبراهيم أن املراد هها في تعليم اللغة" أننا نقسم
اللغة فروعا ،لكل فرع منهجه وكتبه وحصصه ،مثل :املطالعة ،واملحفوظات،
والتعبير ،والقواعد ،واإلمالء ،واألدب ،والبالغة.
ولتطبيق هذه النظرية يعالج كل فرع من هذه الفروع على أساس منهجه املرسوم في
ي99". حصصه املقررة في الجدول الدراس
وقد تبنى املغرب هذه الطريقة إبان سنوات السبعين من القرن العشرين في االبتدائي
واإلعدادي والثانوي ،فقد كان هناك كتاب للقواعد ،وكتاب للقراءة ،وكتاب
للمحفوظات ،وكتاب للتاريخ ،وكتاب للجغرافيا ،وكتاب للتربية الوطنية ،وكتاب
للتربية اإلسالمية .وكانت لكل مادة طريقتها في التدريس ،والتقويم ،والتوجيه...
منهاج املواد املترابطة :يشبه منهاج املواد املنفصلة في املنهاج التقليدي ،ولكن
هناك ترابط شكلي طفيف بين بعض املواد دون األخرى كدراسة تاريخ املغرب،
وجغرافيا املغرب ،وأدب املغرب ،دون أن يمتد الترابط إلى باقي املواد األخرى .ومن ثم،
منهاج املواد املتشابهة أو املتسعة :يعتمد هذا املنهاج على تدريس املواد املتشاههة
أو املتسعة كما في التعليم االبتدائي املغربي:
ج -قطب مواد التفتح :التربية التشكيلية ،والنشاط العلمي ،والتربية البدنية،
والتربية اإلسالمية...،؛
وهكذا " ،يعتبر هذا النوع محاولة أخرى إلدماج املواد الدراسية بعضها في بعض وهو
أقرب إلى التكامل من منهاج املواد املرت بطة ،وفيه تدمج كل مجموعة من املواد ذات
عالقة ببعضها في مادة واحدة ،فال تكون هناك مادة للتاريخ ،وأخرى للجغرافيا،
وثالثة للتربية الوطنية أو األخالق ،وإنما وال منها مادة واحدة هي العلوم االجتماعية
وكذلك في املواد العلمية والرياضية والفنية".100
ويعني هذا خلق توأمة بين الدروس واملواد املتشاههة كتقسيمها إلى مواد العلوم
االجتماعية (التاريخ ،والجغرافيا ،والتربية الوطنية) ،والعلوم اإلنسانية(األدب،
والفلسفة ،)...واملواد العلمية (الرياضيات ،والفيزياء ،والكيمياء ،والعلوم
الطبيعية.)...
ومن هنا ،يعد املنهاج املحوري " خطوة موفقة نحو ترابط الخبرة وتكاملها ،ونظام
املنهاج املحوري باتخاذ إحدى املواد الدراسية نواة أو محورا تدور حوله باقي املواد
الدراسية األخرى ،وقد اتخذ التاريخ كنواة في بداية األمر بحيث يكون أساسا لدراسة
الجغرافيا واألدب والتعبير اللغوي .كما أن دروس التعبير الفني كانت تدور حول رسم
اآلثار والشخصيات التاريخية وعمل نماذج لها ،ثم عدل عن التاريخ ،وحلت محله
ال جغرافيا ،ثم عدل عنها إلى العلوم ،ولكن وجد أنه ليس من املمكن أن تترابط جميع
املواد حول مادة واحدة بطريقة طبيعية دون تكلف أو افتعال ،ولهذا أصبح املحور
يقوم على مشكلة مشتقة من املواد الدراسية أو من مواقف الحياة العامة102" .
ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الوحدة التي تعني تدريس مادة ما كأن تكون اللغة
العربية أو اللغة الفرنسية على أنها وحدة مترابطة ومتكاملة مراعاة لألسس التربوية،
والنفسية ،واللغوية ،كأن نستثمر نص القراءة -مثال -في التعبير ،والتذوق،
واإلنشاء ،والشكل ،والنحو .بمعنى أن نظرية الوحدة أو املنهاج املحوري -حسب عبد
العليم إبراهيم -هي" أن ننظر إلى اللغة على أنها وحدة مترابطة متماسكة ،وليست
ويضاف إلى ذلك أن املدارس العتيقة واألصيلة باملغرب ،كجامع القرويين ،تتخذ هذا
املنهاج في التعليم والتدريس؛ حيث يستثمر النص أو الكتاب املنطلق ليكون وثيقة
للدراسة الشاملة والكلية.
ً
إذا ،تنطلق املقاربة املحورية أو املركزية أو البؤرية " من مبدأ كلية املعارف واملواد
والتداخل فيما بينها ،بحيث اليمكن عزلها وتجزيئها إال بالتخلي عن طابعها التكاملي
املتناسق.لذا تؤكد هذه املقاربة على أنه ينبغي أن الننطلق من املواد لبناء البرنامج أو
املنهاج ،بل ينبغي أن ننطلق من معايير أخرى تلتقي عندها جميع املواد.ولقد أكد
تطور األبحاث العلمية اليوم على الطابع املتداخل واملتكامل للعلوم .فتفسير ظاهرة
كيميائية مثال اليمكن أن يتم في معزل عن الفيزياء والبيولوجيا ،كما أن النظريات
العلمية أصبحت تبحث عن نماذج تفسيرية للظواهر تتسم بتعدد أبعادها ،وعدم
اقتصارها على مجال علمي واحد .وكذلك في التعليم وجهت الدعوة إلى إزالة الحواجز
ومن هنا ،فاملنهاج املحوري هو الذي يركز على تداخل املعارف وتشاههها وتكاملها
ضمن نسق تربوي منفتح ومتعدد.
منهاج النشاط القائم على ميول التالميذ :يراعي هذا املنهاج ميول الطفل ،ويهتم
بسيكولوجيته ،ويقوم على فلسفة التنشيط الذاتي بالتركيز على املواقف الذاتية من
جهة ،واملشاريع الفردية الخاصة من جهة أخرى .و يعد" هذا النوع من املناهج ثورة
على املناهج التقليدية حيث إنه أهمل العناية باملواد الدراسية ،واهتم بميول
التالميذ وحاجاتهم ،وأصبحت املناهج تدور حول مشاكل تهم التالميذ ويختارونها
بأنفسهم ،وأثناء قيامهم بحل هذه املشاكل يكتسبون خبرات متنوعة .ويمتاز هذا
املنهاج بتكامل الخبرة ومراعاة سيكولوجية التعلم واالهتمام البالغ بميول التالميذ،
ولكنه ال يوجه عنايته إلى الوظيفة االجتماعية لعملية التعلم ومن أمثلة ذلك طريقة
املشروعات املعروفة" .105
وهكذا ،يتبين لنا أن منهاج النشاط قد يكون فرديا من جهة ،ومجتمعيا من جهة
أخرى .ومن ثم ،يشكل هذا املنهاج قوام التربية الحديثة التي تعنى باللعب والحرية
واألنشطة الصفية واملوازية التي تتالءم مع ميول املتعلم بصفة خاصة.
منهاج النشاط القائم على مو اقف الحياة االجتماعية :اليكتفي هذا املنهاج بما
هو فردي ،بل ينفتح على ما هو اجتماعي بحل املشاكل التي تواجه املتعلم في املجتمع.
104عبد اللطيف الفارابي وآخران :البرامج واملناهج ،دار الخطابي للطباعة والنشر ،الطبعة األولى سنة
3662م ،ص.66:
-105أمينة اللوه وآخرون :نفسه ،ص.44:
140
ومن هنا " ،يعالج هذا املنهاج عيوب املنهج السابق .أي :املنهاج القائم على ميول
التالميذ ،فهو بالرغم من عنايته بميول األطفال إال أنه ال يهمل الجانب االجتماعی،
ففي هذا النوع تختار مشاكل تهم التالميذ ،و لكنها ذات صفة اجتماعية ،أو ذات
قيمة بالنسبة لحل مشاكل املجتمع .أي :إن مشاكل املجتمع هي املحور الذي تدور
حوله هذه املناهج106" .
ومن ثم ،فهذا املنهاج أكثر انفتاحا من املنهاج السابق الذي يبقى منحصرا فيما هو
ذاتي ،وفردي ،وأنوي.
ته ن ننتم ه ن ننذه املقارب ن ننة الت ن نني تطبقه ن ننا املدرس ن ننة التقليدي ن ننة بتق ن ننديم املع ن ننارف املوس ن ننوعية ،
والتركي ننز عل ننى امل نندرس دون امل ننتعلم ،واالهتم ننام ب ننالكم عل ننى حس نناب الكي ننف ،والعناي ننة
بننالتعليم دون الننتعلم ،وتقننديس املعرفننة واملنندرس علننى حسنناب املننتعلم .ومننن ثننم ،يكننون
اله نندف من ننن هن ننذه املقاربن ننة املضن ننمونية هن ننو تكن ننوين من ننتعلم يحن ننافظ علن ننى قن ننيم املجتمن ننع
-106أمينة اللوه وآخرون :نفسه ،ص.40:
141
وعادات ننه وأعراف ننه وتقاليده،وينص نهر ف نني املجتم ننع كب نناقي امل ننواطنين اآلخ ننرين .وم ننن هن ننا،
يتبننين لنننا أن هننذه املقاربننة عبننارة عننن نسننق تربننوي ذي بعنند معننارفي ،تننولي أهميننة كبننرى
ملركزي ننة امل نندرس ،ومركزي ننة املعرف ننة ،ومركزي ننة الحف ننظ واالس ننتظهار ،والرغب ننة ف نني إدم نناج
تتمين ننز هن ننذه املقاربن ننة بالتن نندريس الهن ننادف ،أو التن نندريس التقنن نني الن ننذي يرمن نني إلن ننى تغيين ننر
الس ننلوك وف ننق نظري ننة األه ننداف بتس ننطير مجموع ننة م ننن األه ننداف اإلجرائي ننة املعرفي ننة
وتس ن ن ننتند ه ن ن ننذه املقارب ن ن ننة إل ن ن ننى الس ن ن ننيكولوجيا الس ن ن ننلوكية القائم ن ن ننة عل ن ن ننى ثنائي ن ن ننة املثي ن ن ننر
واالسننتجابة.ومن هن ننا ،تفت ننت ه ننذه املقارب ننة املعرفننة التربوي ننة والتدريس ننية إل ننى مجموع ننة
من األهداف العامة والوسطى والخاصنة وفنق املقناطع التمهيدينة والوسنطية والنهائينة،
ووف ننق التقن ننويم القبلن نني والتكن ننويني واإلجمن ننالي م ننن أجن ننل التحقن ننق من ننن نجاعن ننة األهن ننداف
اإلجرائي ن ننة املس ن ننطرة عب ن ننر املس ن ننار التدريس ن ن ي الق ن ننائم عل ن ننى تحدي ن نند األه ن ننداف الخاص ن ننة،
142
وغيننر اللفظنني ،واللجنوء ،بعنند ذلننك ،إلننى معننايير التقننويم والفينندباك (التغذيننة الراجعننة)
لقينناس منندى تغيننر السننلوك لنندى املننتعلم إيجابننا أو سننلبا .ومننن هنننا ،يتسننم هننذا املنهنناج
بالطننابع التقننني النسننقي ذي البعنند التكنولننوجي ،ويخلننق لنننا إنسننان التقنيننة الننذي يعنننى
تعن ننى ه ننذه املقارب ننة ب نناملتعلم عل ننى أس نناس أن ننه مح ننور العملي ننة التعليمي ننة -التعلمي ننة.في
حين ،يعد املدرس موجها ومرشدا ليس إال .وههذا ،يتميز هذا النسنق بطابعنه اإلنسناني
والوجدانية ،واالجتماعية ،والوجودية.أي :تهدف هذه املقاربة إلى خلق إنسنان وجنودي
متميز ،يعتمند علنى نفسنه وذاتنه فني بنناء التعلمنات عبنر األنشنطة واملشناريع والوضنعيات
الفردية.
وتعد الالتوجيهية ( )Le non-directivismeمن أهم الطرائق التربوية التي تمثل هذا
التوجه ،وقد جاءت رد فعل على التيار اإللزامي و الفوضوي .ومن أهم ممثليها :
107- Frédéric Worms, Rousseau, Émile ou de l'éducation, Livre IV, Paris, Ellipses, 2001.
143
ريبول ،(O.Reboul)108واألمريكي كارل روجرز( .109)C.Rogersوتتأسس هذه الطريقة
و إذا كانت املذاهب التجريبية تربي الولد من أجل املجتمع ،فإن أنصار الطبيعة
يربون الولد من أجل الولد .ومن ثم ،ينزع االتجاه األول إلى إلزام الولد وإجباره تربويا.
أما اإلتجاه الثاني ،فيرى أن التنشئة السلطوية إنما هي تشويه لطبيعة الولد .ومن
هنا ،فإخضاعه لقواعد خارج عن طاعته ،و هو اإلنسان الخير البريء ،إنما هو
إعدام لحريته و تقييد ملواهبه .وعليه ،يرفض أوليفيه ريبول التربية اإلجبارية التي ال
تهدف إال إلى امتثالية اجتماعية تسحق الفرد وتقهره وتخرس لسانه ،وهي أشبه
بالتربية الفوضوية التي تحجر الولد في الطفولة .ومن هنا ،ينادي ريبول بتربية
ومن جهة أخرى ،فقد استوحى كارل روجرز مبادئ نظريته الالتوجيهية من روسو و
الالتوجيهيين اآلخرين .ومن ثم ،يرفض روجرز ما ذهب إليه فرويد على أساس أن
108 - O.Reboul : La philosophie de l'éducation (première édition 1971) - 9e éd. - Paris : PUF,
2001 - coll. Que sais-je ? n°2441.
109 - karl Rogers : Liberté pour apprendre, Dunod.1972.
144
"عندما نبلغ أعماق ما في الفرد ،فإن ذلك األعمق هو بالذات ما نجزم جميعا بأنه
سيكون بنائيا ،و سيميل إما إلى املجموعة ،و إما إلى النمو األفضل صلة بين
األشخاص"110.
وعليه ،ترتكز الالتوجيهية عند روجرز على التلميذ ،و تلغي سلطة املدرس ال منفعته؛
ألن اإلجبار ،باعتباره خطابا معياريا تقريريا ،يخلق أناسا امتثاليين أو متمردين وغير
مبدعين .و بالتالي ،ينبغي على التعليم أن يهتم باملتعلم بصفة خاصة ،بتحريره من
ضغوط االمتحانات و البرامج ،وبنائه وجدانيا في إطار دينامية الجماعة .ومن هنا،
فدور األستاذ بمثابة منشط وموجه ومرشد ليس إال .أي :هو ذلك الحاضر/الغائب
الذي ال يتدخل إال في حالة عجز التالميذ التام عن متابعة النشاط و التفكير
املتعلم على حلها اعتمادا على قدراته الذاتية .ومن هنا ،يكتفي املدرس بتشجيع
املالئمة و الوسائل املادية واملعنوية داخل القسم .ويشبه هذا الدور مانجده لدى
أنصار التربية املؤسساتية؛ حيث اليعتلي املدرس عندهم املنصة ،وال يلقي دروسا،
145
وإنما هو متعاون مثل باقي التالميذ ،إال أنه يمتاز بكونه املتعاون األكثر علما ،واألكثر
تجربة ،واألعلم بدينامية املجموعة ،و األكثر تمثيال للقانون والسلطة املدرسية .فهو
يحافظ على مؤسسة القسم ،ويعمل على توفير الوسائل املادية واملعنوية ،وال
وتستند الالتوجيهية إلى الحوار األصيل ،أو الحوار الحر ،أو املناقشة الحرة ،ونعني
به ذلك النوع الذي يشترك فيه املدرس مع التالميذ في إطار حوار متبادل وبناء
بوصفه طرفا من أطراف القسم ،فهو يشارك متعلميه مشاركة الند للند ،وينحصر
وتتضاءل قيمة املدرس عند روجرز ؛ ألنه يرفض سلطته ،ويرحب بتوجيهه وإرشاده
ومنفعته.أي :إنه مجرد مرشد ومنشط و مستشار تقني للمتعلمين .ويعني هذا أن
التربية ،حسب أوليفيي ريبول ،ال تبدأ إال حين تتوقف السلطة ،وأن اإلجبار التربوي
يعتبرها شخصية متحررة في جوهرها من أية ضغوط خارجية ،قادرة على تحقيق
ذاتها بذاتها ،وعلى التطور والنمو ،وبالتالي قادرة على التعلم الذاتي"111.
- 111عبد اللطيف الفارابي وآخران:البرامج واملناهج ،سلسلة علوم التربية ،دار الخطابي للطباعة والنشر،
الطبعة األولى يوليوز 3662م ،ص.323:
146
وتقوم الالتوجيهية على إيجابية شخصية املتعلم ،وتأكيد طابعها اإلنساني ،وأنها
ليست خاضعة للخوف والقلق .وبالتالي ،فهي قادرة على التعلم الذاتي ،واإلبداع،
واالبتكار ،والتحرر .ومن ثم ،فاملتعلم ذات متفردة التقبل تدخل اآلخر أو ذات أخرى
وعلى العموم ،تقوم املقاربة الالتوجيهية على التعلم الذاتي والتسيير الشخص ي،
واعتماد املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته ،وأداء أعماله .ويتحول املدرس -هنا -إلى
مشرف مرشد ،وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك .وتعتمد الالتوجيهية على
الحرية والعفوية والتلقائية ،وبناء املعرفة عن طريق التدريج املنطقي والشخص ي،
واالبتعاد عن طرائق التدريس التلقينية القائمة على اإلكراه والتلقين والحفظ .
ومن ثم ،تزرع هذه الطريقة الالتوجيهية الحديثة الثقة في املتعلم ،وتعوده على املثابرة
الشخصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة ،واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل
املشاكل والوضعيات ،وتطويع الصعوبات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد
سواء.
أو ض ننمن س ننياق اجتم نناعي ،أو بمراع نناة مثي نرات البيئ ننة.ومن ث ننم ،يتمي ننز الط ننابع التعلم نني
147
بخاص ن ننيته الجماعي ن ننة .وق ن نند ت ن ننأثرت ه ن ننذه املقارب ن ننة ب ن ننالفكر املاركسن ن ن ي ،وعل ن ننم ال ن نننفس
االجتم ن ن نناعي كم ن ن ننا عن ن ن نند مورين ن ن ننو( ،)L.Morenoوواي ن ن ننت ( ،)P.H.Whiteوك ن ن ننورت ل ن ن ننوين
()K.Lewin؛ والبنائي ن ن ن ن ن ن ن ننة االجتماعين ن ن ن ن ن ن ن ننة ذات البعن ن ن ن ن ن ن ن نند االجتم ن ن ن ن ن ن ن نناعي كمن ن ن ن ن ن ن ن ننا عنن ن ن ن ن ن ن ن نند
Galé فيكوتسن ننكي( ،)Vygotskiو مي ن نند( ،)Meadوف ن ننالون ( ،)Wallonوغ ن ننالي بي ن نران (
فض ن ن ننال ع ن ن ننن البي ن ن ننداغوجيا املؤسس ن ن نناتية الت ن ن نني ك ن ن ننان يتزعمه ن ن ننا ك ن ن ننل م ن ن ننن .)Perin
وفرينيه(…)C.freinet
)Pédagogieنموذج ن ننا وعلي ن ننه ،تع ن نند البي ن ننداغوجيا املؤسس ن نناتية (Institutionnelle
للمقاربننة املتمركننزة حننول نش نناط الجماعننة .ومفنناد ه ننذه املقاربننة العضننوية أن جمي ننع
امل ننربين ،دون اس ننتثناء ،يرفض ننون تحوي ننل املؤسس ننة التربوي ننة إل ننى مؤسس ــة الثكن ــة أو
فضاء بيروقراطي يكرس التمييز العنصري ،ويؤجج الصنراع الطبقني ،أو ينتم إصنالحها
خارجي ن ننا ؛ ب ن ننل ينبغ ن نني أن يك ن ننون اإلص ن ننالح داخلي ن ننا قائم ن ننا عل ن ننى مب ن ننادئ البي ـ ــداغوجيا
وتع نند املدرس ننة املؤسس نناتية اتجاه ننا تربوي ننا ح ننديثا ف نني فرنس ننا ،وي ننرى ه ننذا االتج نناه أن
اإلصالح " يجب أن يمر عبر املؤسسة ،باإلضنافة إلنى البنينات االقتصنادية واالجتماعينة
148
،ومننن ثمننة يجننب االهتم ننام بمفهننوم اإلدارة الذاتيننة والتسننيير ال ننذاتي مننن أجننل تحقي ننق
االنضننباطي البيروقراطنني الننذي يحنند مننن حريننة التلميننذ ،فتتحننول املدرسننة إلننى صننندوق
أسنود أو إلننى ثكنننة عسنكرية التننؤمن إال بالنظننام واالنضننباط علنى حسنناب حريننة التلميننذ
لهن ننذا ،تقتن ننرح البين ننداغوجيا املؤسسن نناتية مدرس ن ننة مرنن ننة ومنفتحن ننة ،تنبن ننع قوانينهن ننا م ن ننن
التفاع ننل ال ننداخلي ألفراده ننا قص نند االنتق ننال باملدرس ننة م ننن مؤسس ننة التلق ننين والتوجي ننه
واالنضباط الوحش ي نحنو مؤسسنة إبداعينة فاعلنة وفعالنة مبدعنة ومبتكنرة ،تسنعى إلنى
ومننن أهننم الننذين دعننوا إلننى الفكننر املؤسسنناتي التعنناوني لدمقرطننة املنندارس البروليتاريننة
املربنني الفرنس ن ي سلس ننتان فريني ننه( ) Célestin Freinetال ننذي اس ننتعمل مجموع ننة م ننن
الوسنائل التنشننيطية لنزرع الفكننر التعنناوني بنين الناشننئة التربويننة .وتتمثنل هننذه الوسننائل
ف ن ن نني اس ن ن ننتخدام املطبع ن ن ننة ،والتراس ن ن ننل ،والنص ن ن ننوص الح ن ن ننرة ،والتحقيق ن ن ننات الخارجي ن ن ننة،
والسهر على إنشاء جريدة األطفال ،واالعتماد على التسنيير الجمناعي ،واالعتنناء بكتناب
واألسطوانات ،والسينما...
وهك ن ن ننذا ،فم ن ن ننن خ ن ن ننالل العم ن ن ننل داخ ن ن ننل فري ن ن ننق ،يمك ن ن ننن تحقي ن ن ننق ديمقراطي ن ن ننة ال ن ن ننتعلم
وديمقراطينة التعلننيم ،وأجنرأة التربيننة الديمقراطينة بحننل املشنكالت التنني تواجنه املننتعلم
في عامله املوضوعي بسهولة ،بواسطة إنجاز األعمال املطلوبنة مننه بشنكل فعنال ،وعنالج
الكثير منن اآلفنات النفسنية الفردينة الشنعورية والالشنعورية كاألنانينة والنبنذ والكراهينة
والنف ننور ،واسن ننتبدالها بمشن نناعر أكثن ننر ن ننبال كاالنسن ننجام والتوافن ننق والتشن ننارك والتعن نناون
وإلزالننة القننيم السننلبية ،والحنند مننن املشنناعر الفرديننة السننيئة ،البنند مننن دفننع املننتعلم إلننى
االنصننهار داخننل الجماعننة ليكتسننب سننلوكيات جماعيننة ،ويتعننود علننى الفكننر االشننتراكي
العملي بتدريب طاقته الجسدية والعقلينة علنى تحقينق املردودينة واإلنتاجينة كمنا يقنول
جماع ن ن ن ن ننات متجانس ن ن ن ن ننة م ن ن ن ن ننن حي ن ن ن ن ننث الس ن ن ن ن ننن واملس ن ن ن ن ننتوى الدراسن ن ن ن ن ن ي ،كم ن ن ن ن ننا يق ن ن ن ن ننول
كوزينيننه( ، )Cousinetوخلننق فننرص للعمننل الجمنناعي مننن أجننل بننناء مجتمننع ديمقراط نني
مبدع ومزدهر.
150
تسننتند هننذه املقاربننة علننى القنندرات والكفايننات الرئيسننة واملمتنندة والنوعيننة بغيننة تأهيننل
املننتعلم علننى مواجهننة الوضننعيات الصننعبة واملعقنندة واملركبننة مننن أجننل اكتسنناب الننذكاء
املعرف نني والعملن نني .وم ننن هنن ننا ،فالكفاي ننة هن نني بمثاب ننة قن نندرات وم ننوارد ومهن ننارات ومواقن ننف
يستضننمرها املننتعلم ملواجه ننة مختلننف الوضننعيات الحياتي ننة واملهنيننة والتدريسننية الت نني
تص ن ننادفها .وتم ن ننتح الكفاي ن ننات أسس ن ننها النظري ن ننة والعملي ن ننة م ن ننن اللس ن ننانيات التوليدي ن ننة
التحويليننة لنننوام شومسننكي مننن جهننة أولننى ،ومننن علننم النننفس املعرفنني الننوراثي مننن جهننة
ثانيننة ،ومننن بيننداغوجيا اإلدمنناج مننن جهننة ثالثننة .وههننذا ،تهنندف هننذه املقاربننة إلننى تكننوين
إنسان عقالني كفء ومؤهل قادر على مواجهة العوائق كافنة سنواء أكاننت تدريسنية أم
حياتية أم طبيعية...وتسعى هذه املقاربة إلى تكوين إنسان قادر علنى التحندي ومواجهنة
وقنند ترتننب عننن ه نذه املقاربننة ظهننور املقاربننة اإلدماجيننة التنني تتخننذ بعنندا تطبيقيننا .وإذا
نك ننان التقن ننويم يقصن نند بن ننه قين نناس قن نندرات املن ننتعلم وخبراتن ننه وتعلماتن ننه ودراياتن ننه ومهاراتن ننه
وإتقاناتننه بتش ننخيص م ننواطن القننوة والض ننعف لدي ننه ،فننإن اإلدم نناج ( )Intégrationه ننو
والصن ن ننعبة .بمعنن ن ننى أن امل ن ن ننتعلم يسن ن ننتدمج ك ن ن ننل تعلماتن ن ننه وم ن ن ننوارده الدراسن ن ننية وأبحاث ن ن ننه
ومعلومات ننه املخزن ننة واملستض ننمرة ف نني ح ننل وض ننعية إدماجي ننة م ننا بغي ننة التثب ننت م ننن م نندى
تحقننق الكفايننة املسننتهدفة ،أو تحقننق الكفايننة األساسننية املطلوبننة .ويسنناعدنا اإلدمنناج
151
أيض ننا عل ننى حس ننن اس ننتعمال معارفن ننا ومهاراتن ننا ف نني التعام ننل م ننع الوض ننعيات اإلدماجي ننة
سننواء أكانننت بسننيطة أم مركبننة ،ومعالجتهننا وفننق معننايير ومؤشنرات كميننة وكيفيننة بغيننة
الحكنم علنى املنتعلم بالكفناءة والتأهينل أو عندم اسنتحقاقه ذلنك .والهندف منن ذلنك كلننه
هو إعداد املتعلم للحياة الواقعية أوالحرفية أو املهنينة لكني يتكينف منع سنوق الشنغل،
ويتننأقلم مننع صننعوبات الحينناة ومشنناكلها وعوائقهننا .أي :تسننعف عمليننة اإلدمنناج املننتعلم
ف نني ام ننتالك ال ننذكاء الكف ننائي النظ ننري والتطبيق نني عل ننى ح نند س ننواء ،وخل ننق م ننتعلم ك ننفء
وم ن ننن هن ن ننا ،ينبن ن نني اإلدم ن نناج عل ن ننى ال ن ننتعلم ال ن ننذاتي ،وامل ن ننوارد واملكتس ن ننبات ،والوض ن ننعيات
اإلدماجيننة ،والحلننول الناجعننة ،والتقننويم ،والتصننحيح ،واملعالجننة .ويشننكل هننذا كلننه مننا
وق نند ارتبط ننت املقارب ننة اإلدماجي ننة ب نناملربي البلجيك نني روجي ننرز كس ننافيي،)ROEGIERS( 114
وبش ننريكه دوكيتي ننل ( ،)DE KETELEكم ننا يتجل ننى ذل ننك واض ننحا ف نني كتاههم ننا (بي ــداغوجيا
-113عبد الكريم غريب :بيداغوجيا اإلدماج ،منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2233م ،صص.363-304:
114- ROEGIERS, X.,Avec la collaboration de DE KETELE, J.-M. Une pédagogie de
152
منهاج التدريس في ضوء املقاربة
املنتج البيداغوجي للنسق النسق التربوي
البيداغوجية
املقاربة املتمركزة على تبليغ
النسق التربوي ذو البعد املعارفي إنسان املحافظة
املعرفة
النسق التربوي ذو البعد املقاربة املتمركزة حول تعديل
إنسان التقنية
التكنولوجي السلوك
النسق التربوي ذو البعد املقاربة املتمركزة حول الكيان
اإلنسان الوجودي
اإلنساني الوجداني
املقاربة املتمركزة حول نشاط
اإلنسان العضوي النسق التربوي ذو البعد الجماعة
املجتمعي.
وخالصـة القــول ،لقند تمثننل املنهناج التربننوي املغربني خمننس مقاربنات للمنهنناج الدراسن ي ،
منهننا املقاربننة املضننامينية التنني تعنننى بنناملقررات املوجهننة باملعرفننة ،واملقاربننة النسننقية التنني
تق ننوم عل ننى املخطط ننات املوجه ننة باأله ننداف ،واملقارب ننة الالتوجيهي ننة الت نني ت ننؤمن باملنه نناج
املبن ن نني عل ن ننى مراع ن نناة حاجي ن ننات املن ن نتعلم وميول ن ننه واتجاهات ن ننه ،واملقارب ن ننة البيداغوجي ن ننة
املؤسسنناتية القائمننة علننى التسننيير الجمنناعي والفكننر التعنناوني ،واملقاربننة املتمركننزة علننى
153
الكفايات والوضعيات اإلدماجية القائمة على النسنق املنهني منن جهنة ،وتكنوين اإلنسنان
/6مرجعيات املنهاج:
اليمك ن ننن فه ن ننم املنه ن نناج إال إذا فهمن ن ننا أهداف ن ننه وغايات ن ننه ومرجعيات ن ننه وأسس ن ننه وفلس ن ننفته
ومقاصده القريبة والبعيدة .ومن هنا ،تشنتق" أهنداف املنناهج منن أهنداف التربينة التني
من أين يستمد نظام تعليمي معين فلسفته التربوية واختياراته التعليمية؟
ما عالقتها بما وصلت اإلنسانية من خبرة حضارية ونتائج علمية في املجاالت
املختلفة بما في ذلك نتائج الدراسات ذات الصلة بالتربية والتعليم؟
154
فاملنهاج التعليمي ال يتحرك في فراغ ،وليس نسقا مغلقا ومنفصال عن املشروع
الحضاري املجتمعي للمنظومة الحضارية بكل أبعادها "115.
ومن ثم ،ينبني املنهاج التربوي املغربي على مجموعة من املرجعيات اإلحالية التي تتمثل
في املرجعيات املرتبطة بفلسفة التربية ،واملرجعيات السياسية ،واملرجعيات القانونية
والتشريعية ،واملرجعيات القيمية واألخالقية ،واملرجعيات التربوية ،واملرجعيات
الثقافية.
وإذا كانت " املناهج تستمد توجهاتها من الوسط التربوي ،فهي تتفاعل كذلك بكيفية
غير مباشرة مع املحيط الخارجي من خالل السياسية التربوية ،وقد أكدنا في السابق
أن هذا املحيط يتشكل من مجموع التفاعالت بين األنساق املتفاعلة فيما بينها والتي
تشكل السياسة التربوية.ومن العوامل التي تؤثر في املنهاج من خالل تأثيرها في
السياسة التربوية نذكر:
-115ميلود أحبادو ( :مقومات املنهاج التعليمي) ،مجلة التدريس ،الرباط ،املغرب ،العدد السابع ،ص.32 :
ومن هنا ،يمكن الحديث عن أنواع عدة من املناهج التربوية ،فهناك منهاج املواد
املنفصلة ،ومنهاج املواد املترابطة ،ومنهاج املواد املتشاههة ،ومنهاج النشاط الفردي
والجماعي ،ومنهاج امليول...
ويستند املنهاج التربوي املغربي إلى ثالثة محددات رئيسة هي :االعتماد على مبدإ
االختيار ،واألخذ بتربية القيم ،وتطبيق املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج .ومن
جهة أخرى ،ينفتح املنهاج التربوي املغربي على خمس مقاربات متنوعة كاملقاربة
املضمونية ،واملقاربة املتمركزة على تغيير السلوك ،واملقاربة املتمركزة على شخصية
املتعلم ،واملقاربة املتمركزة على األهداف ،واملقاربة املتمركزة على الكفايات واإلدماج.
156
وما يهمنا في هذا املقام هو التوقف عند مفهوم البرنامج بالتحليل ،والفحص،
والدرس ،والتقويم.
" كلمة برنامج في معناها العام تطلق على التخطيط املهيإ مسبقا ،والذي تحدد فيه
األشغال أو الساعات التي ستنجز فيها مجموعة من األنشطة.مثل برنامج حفل،أو
برنامج سفر سياحي ،أو دراس ي ،أو برنامج حكومي ملجموعة من املشاريع التي تتطلع
إلى إنجازها في املستقبل.
أما في مجال التربية والتعليم ،فإن كلمة برنامج غالبا ما تطلق على الوثيقة أو الوثائق
التي تحدد مختلف مراحل التمدرس ،واملواد التي ينبغي تدريسها ،واملعارف املطلوبة
في االمتحانات.وفي هذا املعنى يقال برنامج التعليم اإلعدادي أو الثانوي أو برنامج
العلوم في السنة األولى من التعليم الثانوي...إلخ"117.
-117أحمد أوزي :املعجم املوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب،
الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.32-76 :
157
وتعرفه مؤسسة اليونيسكو أيضا بقولها:
"البرنامج هو تحديد للمواد املراد تعليمها ،وتكوين جدول لكل مادة يحدد عدد
ساعات تدريسها وقائمة املحتويات التي ينبغي اكتساهها أي املعارف املفروضة".118
وإذا كان مسيرو التعليم ومقرروه السياسيون هم الذين يخططون املنهاج في شكل
غايات ،وإذا كان املدرسون هم الذين يحددون األهداف اإلجرائية السلوكية التي
تنحصر في تنفيذ املقرر والكتاب املدرس ي ،فإن وزارة التربية الوطنية ولجانها هي التي
تسهر على وضع البرامج الدراسية وفق املرامي.119
ً
إذا ،فالبرنامج الدراس ي هو بمثابة نهج أو خطة تعليمية /تعلمية موجهة إلى متعلم
فرد ،أو صف دراس ي ،أو مستوى تعليمي معين ،أو مسلك دراس ي ،أو ملؤسسة
تعليمية ،أو لعدد من املؤسسات التعليمية .وقد ينفذ هذا البرنامج ضمن يوم دراس ي
واحد ،أو أسبوع ،أو مرحلة معينة ،أو فترة دراسية ،أو فصل معين ،أو دورة محددة،
أو سنة كاملة.
/2محتويات البرنامج:
ويرتبط البرنامج الدراس ي ببرمجة النظام التربوي وتدبيره في سلك دراس ي معين ،أو
بمادة دراسية معينة ،ضمن نسق إيقاعي زمني ومكاني .ويستند إلى األهداف العامة
من ا لتربية .أي :توجهات التربية والتعليم .ومن هنا ،يتعلق البرنامج بأهداف قطاع
التربية والتعليم في مجال التربية ،والتكوين ،والتأطير ،والتدريس .فللتعليم االبتدائي
أهدافه العامة ،وللتعليم اإلعدادي والثانوي أهدافه العامة ،وللتعليم الجامعي
أهدافه العامة ،وللتكوين املنهي كذلك أهدافه ومراميه وأغراضه .ويعني هذا أن مرامي
البرنامج أقل عمومية من الغايات ،وترتبط بفلسفة قطاع التربية والتعليم .في حين،
ترتبط الغايات بسياسة الدولة العامة ،أو املنهاج العام للتربية ،كأن نقول -مثال-
يهدف التعليم املنهي إلى تكوين مهنيين محترفين في مجال التكنولوجيا والصناعة.
ومن جهة أخرى ،يرتبط البرنامج بمستوى دراس ي معين ،ومادة معينة ،كأن نقول
برنامج مادة اللغة العربية في السلك االبتدائي ،وبرنامج الرياضيات في السلك
اإلعدادي ،وبرنامج الفلسفة في التعليم الثانوي .ومن ثم ،يتضمن البرنامج أهداف
املواد الدراسية وكفاياتها املتنوعة ،ومواصفات متعلمي السلك الدراس ي ،ورصد
عناوين املواد مع أهدافها ومقاصدها ،وتبيان طرائق التدريس ،وتبيان آليات التقويم.
ويعني هذا كله أن البرنامج جزء من املنهاج التربوي ،يسهر عليه مسيرو التعليم
ومؤطروه .وهو مجموعة من األغراض واألهداف الخاصة املتعلقة بقطاع التربية
والتعليم في سلك دراس ي معين ،وفي مادة معينة.ومن ثم ،يتضمن البرنامج الدراس ي
مجموعة من املحتويات والخبرات والتجارب مقدمة بطريقة مستسلسلة ،بتحديد
159
مجموعة من املدخالت في شكل أهداف وكفايات ،وتبيان الطرائق والوسائل
التدريسية والتربوية الكفيلة بتحقيق هذه املدخالت بتنظيم اإليقاعات الزمنية
واملكانية والصفية ،وتحديد آليات التواصل اللفظي وغير اللفظي .كما يشتمل
البرنامج على آليات التقويم املختلفة من امتحانات واختبارات ومقاييس وطرائق
الدعم واملعالجة والتقييم والتغذية الراجعة .كما يحوي البرنامج مواصفات املتعلمين
من النواحي النمائية ،والنفسية ،واالجتماعية ،والتربوية .ومن ثم ،يتميز البرنامج
باملالءمة ،والتماسك ،والفعالية ،والقابلية للتطبيق.
عالوة على ذلك ،يتضمن البرنامج املقرر الدراس ي ،والتوزيع السنوي ،إلى جانب
املخطط الدراس ي ،والوحدات الدراسية ومجاالتها ،ومختلف املكونات املدرسة.عالوة
على مواصفات املتعلم ،ورصد ملختلف األهداف والكفايات األساسية والنوعية،
وتبيان الطرائق املنهجية في عملية التدريس الخاصة بكل مكون على حدة.
وغالبا ،ما يسمى البرنامج بالدليل ( ،)Le guideأو كتاب األستاذ كما في التعليم
االبتدائي ،أو دليل تنفيذ املنهاج ملادة معينة في التعليم اإلعدادي والثانوي التأهيلي.
وقد يكون البرنامج عبارة عن مذكرات وزارية تفصل املقرر والبرنامج الدراس ي بشكل
واضح وجلي.
160
وخالصة القول ،يتبين لنا ،مما سبق ذكره ،أن البرنامج عبارة عن دليل أو خطة
واضحة املعالم واملالمح ،تسعف املدرس في تحضير دروسه وتعلماته وفق مجموعة
من املواصفات واألهداف والكفايات على مستوى املدخالت.
وفيما يتعلق باملخرجات ،يرتكز البرنامج على التقويم والتغذية الراجعة واملعالجة
والدعم على حد سواء.
161
ثمة مجموعة من املصطلحات التربوية التي ينبغي أن يتوقف عندها الباحث أو
الدارس أو املكون أو طالب التربية بالبحث والتحليل واملناقشة وفق املقاربة
االصطالحية قبل الخوض في مجال التربية الخاصة ،والتعمق في علوم التربية .ومن
أهم املفاهيم التربوية التي تثير االضطراب واللبس والخلط مفهوم املقرر الدراس ي في
عالقته باملنهاج والبرنامج من جهة ،والكتاب املدرس ي من جهة أخرى.
ً
إذا ،ما مفهوم املقرر الدراس ي؟ وما أسسه ومرتكزاته؟ وما وظيفته ضمن النسق
التربوي؟ وما عالقته بالبرنامج والكتاب املدرس ي؟ هذا ما سوف نتطرق إليه في
العناوين الفرعية املوالية:
162
ويرى الحسن اللحية أن املقرر الدراس ي " هو مرادف املواد أو الدروس ،وهو نفسه
بالنسبة لجميع التالميذ .يحدد املقرر ما ينبغي أن يتعلمه التالميذ في كل سنة
دراسية وفي كل مادة من املواد املدرسة في السنة"120.
ً
إذا ،فاملقرر الدراس ي عبارة عن الئحة أو فهرس من املواد واملحتويات الواجب تعلمها
وتدريسها .ويمكن القول :إن املقرر الدراس ي هو تفصيل للدروس واألنشطة
املصحوبة بالتوزيع السنوي.121
- 120الحسن اللحية :االمتحانات املهنية (علوم التربية) ،منشورات املعارف ،الرباط ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2233م ،ص.272:
121الحسن اللحية :نفسه ،ص.272:
163
والتفصيل ،والتنويع .ويعني هذا أن املقرر الدراس ي يحترم تعليمات املنهاج العام،
ويستمد مشروعيته من البرنامج الدراس ي .ويتميز بطابعه امللموس والحس ي ،مادام
هذا املقرر يحوي عناوين واضحة وجلية بعيدة عن خاصيتي التجريد والفلسفة
اللتين يتسم ههما املنهاج التربوي العام .ومن ثم ،فاملقرر الدراس ي عبارة عن مواد
دراسية ووحدات تعليمية تعلمية تختارها لجن تربوية مشرفة تتكون من مفتشين
وخبراء ومدرسين بشكل دقيق ،ثم تدرس هذه املقررات في املدارس العمومية
والخصوصية يقبل عليها املتعلمون بإشراف املدرس.
ً ُ َ ٌ
ستخدم مجموعة ِمن مكتوبة ت
ٍ خطة
ٍ ومن هنا ،فاملقرر الدراس ي " هو عبارة عن
ُ العناوين ّ
الدراسية التي تعتمد على املراجع واملناهج املعتمدة خالل الفصل
الدراس ي الواحد ،ومن تعريفات املقرر :هو املحتوى الذي ُيساعد في تحقيق
ً التفاعل بين املعلم والطالب ومحتوى املادة ّّ
سواء أكان ُمعتمدا على
ً الدراسية
الزيارات ّ
الد اسية ،أم املراجع اإللكترونية من خالل جهاز الحاسوب ،أم ّ
الكتب ر
امليدانية.
ّ
َيهدف املقرر إلى تحقيق أفضل النتائج باالعتماد على دو ِر الطالب في فهم املادة
ُ ّ
تعليمية
ٍ منظومة
ٍ بمساعدة املعلمِ ،لذلك ُيساهم املقرر في تطبيق
ِ الدراسية
مناسبة داخل الغرفة الصفية ،وتتوزع على مجموعة من الوحدات ّ
الدراسية، ٍ ٍ
ُ
ومصادر تعليمية خاصة
ْ
حدد يجب أن ُيحققه الطالب، ٌ ُ ُ
وحدة منها هدف م ٍ ٍ ولك ِل
ُ
ومناسب مع الطالب".122
ٍ سهل
ٍ بأسلوب
ٍ املقرر تعليم تطبيق في ساعد ت بها
164
وعلى العموم ،إذا كان البرنامج مفصال ومسهبا في مقتضياته وبنوده وتعليماته
وتوصياته ،فإن املقرر عبارة عن عناوين عامة تحتاج إلى تنزيل وتفصيل وتشخيص
حس ي ،في شكل نصوص ودروس ووحدات وحلقات ومقاطع ديدكتيكية وتدريسية،
وهذا ما يقوم به الكتاب املدرس ي.
ومن هنا " ،يتناقض مفهوم املقرر الدراس ي مع املنهاج الدراس ي ،فاملقرر ،بشكل عام،
هو الئحة املواد الواجب تدريسها مصحوبة بتعليمات منهجية تبررها وتقدم
مؤشرات حول الطريقة أو املقاربة التي ينظر إليها مؤلفوها بأنها األحسن أو األكثر
دقة لتدريس تلك املحتويات123".
وعلى العموم ،يتميز املقرر الدراس ي بطابع االنفصال والتراكم والتجزيء والتتابع.
ومن ثم ،تكون املادة املقررة في تلك اللوائح دون داللة أو مقصدية أو معنى ،مادامت
منعزلة عن النصوص واملحتويات واملضامين ،ومنفصلة عن بيئتها ومحيطها
السوسيواقتصادي.
166
ً
إذا ،ما مفهوم الكتاب املدرس ي؟ وماعالقته باملنهاج والبرنامج واملقرر ؟ وما مواقف
الباحثين واملربين والفالسفة من الكتاب املدرس ي؟ وما الكتاب اإللكتروني؟ وما عالقة
الكتاب املدرس ي بالصورة؟ وما إيجابياته وسلبياته؟ ما سوف نتوقف عنده في هذه
املطالب على الشكل التالي:
ومن ثم ،يستند الكتاب املدرس ي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجيهات املنهاج،
واالنطالق من مبادئ البرنامج ،وتفصيل عناوين املقرر ومواده ومحاوره ووحداته.
ومن هنا ،يتوجه الكتاب املدرس ي إلى التلميذ املتعلم أو املتمدرس بالخصوص
ملساعدته على استيعاب دروسه ،وإنجاز األنشطة الدراسية داخل املدرسة وخارجها،
والتثبت من قدراته النمائية والكفائية .ومن ثم ،فهو عبارة عن مجموعة من
الدروس املبثوثة بين دفتي الكتاب ،في شكل نصوص ،وخبرات ،وتجارب ،وأنشطة
تعلمية تطبيقية ،وكفايات ووضعيات ،أو أهداف إجرائية .
وعليه ،فقد جاء في معجم (مصطلحات التربية والتعليم) أن الكتاب املدرس ي " هو
الكتاب الذي يقدم للمتعلم كل ما يحتاجه من معلومات وحقائق بأسلوب يتناسب
ومستواه الفكري .فهو وسيلة تعليمية أساسية في عملية التعليم والتعلم ،نظم
167
بحسب املنهج التربوي املقرر من وزارة التربية الوطنية ،وفي ضوء القدرات املتاحة
للمتعلمين لكي يستعينوا به لتنمية معارفهم ،وفهم املعطيات العلمية املطلوبة منهم.
لهذا اعتبر الكتاب املدرس ي مرجعا يعود إليه املتعلم ،سواء كان ذلك داخل الصف أو
خارجه؛ فهو يستعين به لتنفيذ ما هو مطلوب منه ،وبخاصة التمارين التطبيقية
املتعلقة بكل درس من الدروس".124
وأكثر من هذا " يمثل الكتاب املدرس ي املصدر األساس ي لتزويد التالميذ ههذه
املعلومات ،ثم يتولى املدرس شرحها وتبسيطها وتحليلها والتعليق عليها ،ويقوم
التلميذ بفهمها أو حفظها أو استيعاهها ،وتعمل االمتحانات على قياسها"125.
ويعرف عبد الكريم غريب الكتاب املدرس ي بقوله:
" هو املرجع األساس ي الذي يستقي منه التالميذ معلوماتهم أكثر من غيره من
املصادر ،فضال عن أنه ،أي الكتاب ،هو األساس الذي يستند إليه املدرس في إعداد
دروسه قبل أن يواجه تالميذه في حجرة الدراسة"126.
ويعرفه كذلك بأنه" الوعاء الذي يحتوي املادة التعلمية التي يفترض فيها أنها األداة،
أو إحدى األدوات على األقل التي تستطيع أن تجعل التالميذ قادرين على بلوغ أهداف
املنهج املحددة سلفا"127.
- 124جرجس ميشال جرجس :معجم مصطلحات التربية والتعليم ،دار النهضة العربية للطبع والنشر
والتوزيع ،الطبعة األولى 2223م ،ص.733 :
-125الوكيل حلمي أحمد ،املفتي محمد أمين ،أسس بناء املناهج وتنظيماتها ،دار املسيرة للنشر والتوزيع،
عمان ،طبعة 2223م ،ص.4:
- 126عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،ج ، 2مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2223م ،ص.343
- 127عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،ج ،2ص.343
168
ويعد الكتاب املدرس ي كذلك «دعامة حقيقية ،رائدة في تفعيل وإعمال مقتضيات
املبادئ والقيم واالختيارات التربوية العامة التي نص عليها امليثاق الوطني للتربية
والتكوين ،والتي تؤكدها وثيقة االختيارات والتوجيهات التربوية العامة».128
وبناء على ما سبق ،فالكتاب املدرس ي هو الذي يتضمن مجموعة من األهداف
الخاصة والكفايات النوعية ،ويشتمل على مجموعة من املوارد واملهارات واملواقف
واملحتويات واملضامين التعلمية املوجهة إلى متعلم معين ،وبمواصفات خاصة ،من
خالل االستعانة بمجموعة من الطرائق التربوية والوسائل التعليمية في إطار زمكاني
محدد ،وضمن وضعية تواصلية لفظية وغير لفظية باستخدام آليات التقويم
واملعالجة والدعم املختلفة.
ومن هنا ،يشتمل الكتاب املدرس ي على مجموعة من الدروس والنصوص واملحتويات
واملضامين والتجارب وفق أهداف نوعية خاصة بغية تأهيل املتعلم وإكسابه مجموعة
من القدرات واملهارات ملواجهة الوضعيات-املشكالت بغية إيجاد الحلول املناسبة لها.
وعليه ،يعد الكتاب املدرس ي وسيلة لتنفيذ فلسفة املنهاج ،وتطبيق توجيهات
البرنامج ،وإنزال املقرر املدرس ي إلى حيز الوجود .ويعني هذا أن الكتاب املدرس ي وثيقة
ووعاء حس ي ملموس ملجموعة من الدروس املتراكمة اتساقا وانسجاما وفق تسلسل
منطقي ،ووفق وحدات ،ومجزوءات ،واتجاهات ،وتيمات ،ووفق معايير داللية،
وزمانية ،ومكانية ،وفنية ،وجمالية ،وتجنيسية...
و يستند الكتاب املدرس ي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجيهات املنهاج،
واالنطالق من مبادئ البرنامج ،وتفصيل لعناوين املقرر ومواده.
- 128وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي ،الكتاب املدرس ي مسار إصالح،
مديرية املناهج ،قطاع التربية الوطنية ،الرباط ،املغرب ،الطبعة األولى سنة ، 2223ص.23
169
ومن هنا ،فالكتاب املدرس ي عبارة عن مجموعة من الدروس املبثوثة بين دفتي الكتاب
في شكل نصوص ،وخبرات ،وتجارب ،وأنشطة تعلمية تطبيقية ،وكفايات ووضعيات،
أو أهداف إجرائية .
170
البيئة ،ونرى أن رائدا كبيرا من رواد الحركة الطبيعية وهو الفيلسوف الفرنس ي جان
جاك روسو يقترح في كتابه (إميل) أن تكون تربية الطفل سلبية من سن الخامسة إلى
سن الثانية عشر ،وأال يقرأ إميل أي كتاب إال كتابا واحدا هو كتاب الطبيعة ،كما
تكون التربية االجتماعية عن طريق املمارسة الفعلية لحقوق الفرد املدنية بصفته
عضوا في مجتمع ،أما الفلسفة البراجماتية أو العملية ،فهي ترى أن املعلومات أو
الكتب ليست غايات في ذاتها ،وإنما هي مجرد وسائل يستعين هها األفراد في حل
مشاكل حياتهم ،وهو اتجاه عملي نفعي يتفق مع السمات والخصائص املميزة لهذه
الفلسفة129".
ويتبين لنا ،مما سبق ذكره ،أن للكتاب املدرس ي مؤيدين ومعارضين .بيد أن الكتاب
املدرس ي وثيقة ضرورية لتوجيه املتعلمين ومساعدتهم على التدريس ،وعدم تشتيت
جهدهم في البحث عن النصوص واملحاور واملواضيع .كما تمنع املدرس من تبليغ
إيديولوجيات وأهواء واقتناعات شخصية التمت بصلة إلى العلم واملعرفة
املوضوعية .وفي الوقت نفسه ،يمكن للمدرس تغيير النصوص شرط االلتزام بمحاور
املقرر وعناوينه الكبرى ،واحترام منهاج الدولة وبرنامجه العام.
-129أمينة اللوه وآخرون :املوجز في التربية وعلم النفس ،دار الكتب العربية ،الرباط ،املغرب ،د.ت ،ص:
.70-74
171
الذي يتربع على صفحة البياض .ومن ثم ،فقد كانت صفحات هذا الكتاب مجرد
أوراق تتقاطع فيها الخطوط واألسطر فوق فراغ أبيض يمنة ويسرة دون أن تتخللها
صور تربوية أو تعليمية أو تدريسية .مع العلم أن املتعلم بصفة عامة ،والطفل
بصفة خاصة ،ينجذبان كثيرا إلى الصورة املثيرة ،ويتعلمان من خاللها الكثير الكثير،
والسيما إذا كان املتعلم طفال في املراحل األولى من التعليم األولي أو الدراس ي؛ ألنه ال
يتعلم إال باملحسوس وامللموس واملشخص حسب التصور النفس ي واملعرفي لجان
بياجيه (.)Jean Piaget
وأكثر من هذا يقبل الطفل املتعلم كثيرا على الكتب واملجالت والوسائل البصرية التي
تستخدم الصورة ،فينساق مع جمالياتها الفنية ،ويتأثر بأشكالها البصرية ،ويندهش
أللوانها الزاهية املثيرة ،ويتيه مع عواملها التخيليية سواء أكانت واقعية أم احتمالية أم
مستحيلة .كما يتلذذ بظاللها الجذابة ،ويتمثل رسائلها الهادفة .ومن ثم ،يرتاح
الطفل املتعلم إلى الصورة املرئية أكثر مما يرتاح إلى درس جاف مقرف ،يستخدم فيه
املدرس اللغة البيانية من بداية الحصة حتى نهايتها .ومن هنا ،فالصورة وسيلة مهمة
في املجال التربوي والتعليمي نظرا لفوائدها الكثيرة وأدوارها املهمة.
ومن جهة أخرى ،عرف الكتاب املدرس ي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور
الصورة التربوية أو التدريسية ،وهذه املراحل هي:
مرحلة غياب الصــورة :ترتبط هذه املرحلة بظهور املدارس العتيقة والكتاتيب
والجوامع القرآنية في املغرب ،وفي هذه املرحلة لم تكن الكتب املدرسية أو املقررات
التعليمية توظف الصور التربوية أو التعليمية ،بل كان التركيز على اللغة ،والبيان،
واإللقاء .فقد كان املدرس يشرح الكتب التراثية الصفراء تفسيرا ،وتأويال ،وتعليقا،
172
وتحشية .ويعني هذا أن الكتاب املدرس ي لم يكن سوى كتابة خطية أفقية وعمودية
ترسم فوق صفحة صفراء أو بيضاء .وأكثر من هذا لم تتطور املطبعة بعد ،في تلك
الفترة ،تقنيا وفنيا وجماليا لتستفيد من التقنيات الحديثة على مستوى الرقن أو
الطبع أو الكتابة ،كما هو حال الكتب األجنبية في مجال القراءة ،والكتابة،
والرياضيات ،والعلوم .وقد استمر هذا الوضع حتى مرحلة الحماية األجنبية على
املغرب ،وظلت الكتب املدرسية املغربية غفال من الصور باستثناء الكتب املدرسية
اللبنانية واملصرية التي كانت تدرس باملغرب ،وكانت تحوي صورا مختلفة...
مرحلــة الصورة الســوداء :بعد االستقالل ،قررت وزارة التربية الوطنية املغربية
مجموعة من الكتب التعليمية املتنوعة واملختلفة حسب املواد الدراسية ،كانت
تتضمن صورا سوداء غير ملونة حسب طبيعة املطبعة السائدة آنذاك ،كما يظهر
ذلك جليا في كتب النصوص األدبية ،والسيما كتاب النصوص األدبية للسنة الرابعة
من التعليم الثانوي في سنوات السبعين من القرن املاض ي .فقد كانت صور الشعراء
والكتاب في هذا الكتاب مرسومة باللون األسود في كل أبعادها ومالمحها التخييلية ،
ويذكرنا هذا بصور كتاب (تاريخ األدب العربي) للباحث اللبناني حنا الفاخوري.
مرحلــة الصورة امللونــة :استخدم الكتاب املدرس ي الصورة امللونة بكثرة مع
سنوات الثمانين من القرن الفائت ،وإن كان أحمد بوكماخ سباقا إلى توظيف الصورة
امللونة في سلسلة كتبه الدراسية املعنونة بن(اقرأ) منذ الستينيات من القرن العشرين
(3632م) .وقد كان هذا الكتاب نموذجيا من حيث كثرة الصور الزاهية واملثيرة التي
تنمي قدرات التخييل لدى املتلقي .وما تزال كتبه -إلى حد اآلن -تعتمد من قبل األفراد
وبعض املؤسسات التربوية والتعليمية املغربية .والسبب في ذلك أنه كان كتابا تربويا
متميزا بصوره الرائعة .وبالتالي ،ال يمكن مجاراته إبداعيا وتربويا ،أو مضاهاته على
173
مستوى توظيف الصور في سياقاتها القرائية والتداولية ،وأجوائها األدبية والفنية
واإلبداعية .ومن ثم " ،انفرد أحمد بوكماخ في تأليف (اقرأ) بتوظيف الرسوم بكل
أشكالها وأجناسها وأنواعها ،إذ شكلت هذه املنهجية سبقا .ويرى أحمد الفتوح،
الناقد السينمائي ورئيس املنتدى الثقافي بطنجة ،أنه باستثناء الصور الفوتوغرافية
التي تزين غالف األعداد ،وظف أحمد بوكماخ الرسوم كدعامة للنصوص ،ومكملة
لها ،أو باعتبارها مواضيع مستقلة.
وقد استفاد بوكماخ من وظائف الصورة في تجميل النص ،لتحفيز فضول الطفل،
وإثارة انتباهه لتحقيق متعة بصرية ،وتشجيعه على القراءة ،إضافة إلى توظيف
الرسوم لذاتها من خالل أسئلة حول موضوع الرسومات وشكلها ،ثم لكونها منطلقا
للتعبير الشفوي والكتابي .وهنا ،تكمن الوظيفة التعبيرية واللغوية...
وتعتبر رسوم مجموعة (اقرأ) مجاال خصبا للدراسة والتحليل بالنسبة للمتخصصين
في سيميائيات الصورة ،إذ تتجاوز عدد صفحات الكتاب الواحد ثالث مرات ،تختلف
فيها تقنيات وأساليب إنجاز وابتكار هذه الرسوم.
لقد اشتغل أحمد بوكماخ مع الفنان التشكيلي محمد شبعة ،والفنان املسرحي
والكاريكاتوري املرحوم أحمد الشنتوف .وكان هذا التعاون بين الكاتب والرسام
أساسا لتأليف السلسلة وتنسيقها وإخراجها شكال ومضمونا ،إضافة إلى تعاون
بوكماخ مع الشاعر أحمد الحرشني الذي كان يتقن عدة لغات أجنبية ،وعمل على
174
مساعدة بوكماخ في ترجمة مجموعة من نصوص (اقرأ) من لغتها األصلية إلى
العربية".130
وهكذا ،يتبين لنا أن أحمد بوكماخ كان سباقا إلى توظيف الصور امللونة في الكتاب
املدرس ي املغربي ،بعد أن كانت هذه الصور مقتصرة على الكتب املصرية واللبنانية.
مرحلــة الصــورة الرقميـة :لم تتبلور الصورة الرقمية في الكتاب املدرس ي إال مع
سنوات األلفية الثالثة ،بعد انتشار الحاسوب وتعميمه تجاريا وإعالميا ،وتطور
الثورة الرقمية والتكنولوجية ،وتكاثر الصور في مواقع الشبكات العنقودية في
مختلف أنواعها وتشكيالتها .وبالتالي ،أصبح عصرنا هذا عصر الثورة الرقمية بامتياز.
لذلك ،ساير الكتاب املدرس ي املغربي هذه الثورة اإلعالمية الجديدة بتطعيم نصوصه
ومضامينه التعليمية -التعلمية بمجموعة من الصور الرقمية لكي يحتك هها املتعلم
على مستوى التلقي واالستثمار والتطبيق من جهة ،ويوظفها املدرس في بناء درسه
التعليمي عبر مختلف مقاطعه التدبيرية والتخطيطية من جهة أخرى.
وهكذا ،يتبين لنا أن الصورة املرئية هي تمثيل محسوس للذات والعالم معا،
باستخدام العالمة البصرية التي يتحد فيها الدال واملدلول معا مع املرجع الحس ي
لتشكيل الداللة الكلية .ومن ثم ،فالصورة البيداغوجية أو التعليمية هي تلك الصورة
التي تتعلق باملجال التربوي والتدريس ي ،وتؤدي وظائف تعليمية -تعلمية جمة.
وبالتالي ،فقد عرف الكتاب املدرس ي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور الصورة:
- 130زهور باقي( :أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ") ،موقع هسبريس ،املغرب،
االثنين 32غشت 2236م.
http://hespress.com/portraits/86476.htm
175
مرحلة غياب الصورة ،ومرحلة الصورة السوداء ،ومرحلة الصورة امللونة ،ومرحلة
الصورة الرقمية.
ويتضمن هذا الكتاب املدرس ي مجموعة من الصور املرئية منها :الصورة التربوية،
والصورة الديدكتيكية ،والصورة التحسيسية ،والصورة األيقونية ،والصورة
اإلشهارية ،والصورة السينمائية ،والصورة الفوتوغرافية ،والصورة التشكيلية،
والصورة املسرحية ،والصورة الرقمية.
/4الكتاب اإللكتروني:
ومن إيجابيات هذا الكتاب أنه يسهم في الحفاظ على البيئة بحماية األشجار من
عملية التقطيع لكيال تتحول الجذوع واألغصان والفروع إلى أوراق وملفوفات
لصناعة الكتب املدرسية .بيد أن هذا الكتاب ،لو عممناه على التالميذ كافة،
سيكلف الدولة ميزانية ضخمة التستطيع تحمل نفقاتها .فضال عن كون هذا الكتاب
176
اآللي يعوق فعل القراءة املثالية ،ويسبب مشاكل الحصر لها كإإلدمان وإرهاق الدماغ
والبصر.
/6اقتراحات وتوصيات:
من أجل الحصول على الجودة التربوية البد أن توفر الوزارة الكتب املدرسية جميعها
في الوقت املناسب وبأثمان معقولة .ومن املؤكد عليه أيضا أن تتالءم كثافة
املحتويات مع السياق الزمني للسنة الدراسية وإيقاعها املقنن .ومن الضروري كذلك
أن يعاد النظر في بعض الكتب ذات الكم الهائل ،والسيما في مجاالت :العلوم
الطبيعية ،والفيزيائية ،والكيميائية ،والرياضيات ،واالجتماعيات ،والتربية
اإلسالمية...
ويالحظ كذلك أنه من األفضل أن تتغير املؤلفات األدبية والفنية في التعليم الثانوي
التأهيلي كل أربع سنوات من أجل تفادي امللل والتكرار والروتين ،والسيما في شعبتي
اللغة العربية والفرنسية.والبد أن تتأسس الكتب املدرسية على معايير الحداثة
واملعاصرة ،وجودة املحتويات والشكل واإلخراج املطبعي امللون ،مراعين ،في ذلك،
شروط التلقي والتقبل ،وسيكولوجية القراءة ،والبعد االجتماعي ،وسيميولوجيا
التواصل.
179
ومن الحضاري كذلك أن يكون هناك تنوع في الكتب املدرسية والكتب املوازية بشرط
أن تستجيب لشروط دفتر التحمالت التي تفرضها وزارة التربية والتعليم ،وتكون
مصححة ومنقحة ،و تدقق في مفاهيمها ومصطلحاتها العلمية املتفق عليها دوليا،
ووطنيا ،وعلميا ،ومؤسساتيا ،ولسانيا .وهنا ،البد كذلك من توحيد اللجان التي تضع
الكتب املدرسية لكي ال يقع نشاز بينها أوعدم التكامل والتنسيق مخافة من التناقض
املنهجي أو املعرفي أو التدريس ي.ومن املفيد مرجعيا وعلميا أن نسترشد بكتب محلية
وجهوية تطبيقا لشعار الوزارة :الجودة/الجهوية/القرب.
ومن ناحية أخرى ،لن تعطي العملية التربوية ثمارها إال إذا ألزمنا تالمذتنا بإحضار
الكتب املدرسية سيما مع ندرة الوسائل الديدكتيكية .والبد أن ننبه إلى أمر مهم يتمثل
في ترك الحرية لألستاذ الختيار كتاب املقرر املناسب مراعيا مستوى الفئة املدرسية
املستهدفة .عالوة على ضرورة تنويع املصادر في تيهيء املادة املعرفية لنجاح العملية
الديدكتيكية داخل الفصل الدراس ي.
وما ينبغي أن نشير إليه أيضا أن تكون هذه الكتب املدرسية ذات محتويات حيوية
وديناميكية مرتبطة بالفضاء الذي يعيش فيه التلميذ ،ومواكبة للمستجدات في
ميدان اإلعالم والتواصل واإلحصاء ،كما هو الشأن في املواد االجتماعية .ومن ثم،
تراعي هذه الكتب واملقررات ميول التلميذ وأهوائه وقيمه الوطنية والدينية
والحضارية ،وتبتعد -قدر اإلمكان -عن تكريس إيديولوجيات معينة؛ بل عليها أن
تكون ذات محتويات إنسانية عادلة ،وذات أبعاد اجتماعية ديموقراطية .فضال عن
ذلك ،تكون متماثلة مع أهداف املنهاج وفلسفة الكفايات ،و تكون محتويات هذه
الكتب عبارة عن وضعيات وسياقات تربوية قابلة للتقويم واالختبار.
180
وخالصة القول ،يعد الكتاب املدرس ي وثيقة تربوية وديدكتيكية وتدريسية مهمة
تساعد املدرس واملتعلم على حد سواء في بناء الدروس والتعلمات .ويعد أيضا وعاء
يجمع مجموعة من املجزوءات واملكونات والوحدات واملجاالت الدراسية التي ينبغي
للمتعلم االطالع عليها قصد تحضير دروسه وتهييئها وإعدادها بغية تحقيق األهداف
املرجوة من العملية التعليمية-التعلمية .ومن هنا ،يمكن الحديث عن كتاب مدرس ي
ورقي من جهة ،وكتاب إلكتروني من جهة أخرى ،ولكل كتاب إيجابيات وسلبيات .
واليمكن الحديث عن كتاب مدرس ي حقيقي إال إذا روعيت فيه مواصفات الجودة،
والتميز ،واالختيار ،والتنويع ،والتجديد ،والتطوير...
ومن ثم ،جرب املغرب عدة نظريات تربوية مستنسخة عن الغرب قصد استنباتها في
الواقع التربوي املغربي ،مثل :نظرية فريديريك هربارت ،ونظرية جان بياجي ،
والنظريات اللسانية ،ونظرية مشروع املؤسسة ،ونظرية الشراكة البيداغوجية ،
ونظرية الجودة التربوية ،ونظرية األهداف ،ونظرية الكفايات واملجزوءات...
ً
إذا ،ما املجزوءات لغة واصطالحا؟ وما الفرق بين التعليم املوسوعي والتعليم
باملجزوءات؟ وما سياق نظرية املجزوءات؟ وما مرجعياتها النظرية والتطبيقية؟ وما
مرتكزات هذا التعليم الجديد وأهدافه؟ وما هيكلة املجزوءة وأنواعها؟ وكيف يمكن
181
إعداد الدروس والبرامج واملناهج في ضوء املجزوءات؟ وما أهم االنتقادات املوجهة إلى
التعليم باملجزوءات؟
أما املجزوءة اصطالحا ،فهي مجموعة من املواد املنسجمة ،أو مجموع الوحدات
التعليمية في مجاالت متكاملة .وتعرفها فيفيان دوالندشير ( Viviane De Land
) Sheereبأنها"وحدة معيارية أو شبه معيارية تدخل في تأليف كل متكامل (منهاج)،
-133ميلود التوري :تدبير املجزوءات لبناء الكفايات،مطبعة سوماڰرام ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى
سنة .2223
182
قابلة لإلدراك والتعديل والتكييف ،فهي كفيلة ببناء برنامج دراس ي على القياس
املطلوب". 134
ويعرفها كذلك املجلس الوطني للبرامج بفرنسا )) )CNPبأنها" وحدة تعليمية نوعية أو
مستعرضة ،تختار موضوعاتها من طرف األساتذة ،انطالقا من معايير يحددونها بعد
التنسيق والتشاور فيما بينهم داخل فريق تربوي "136.
وعليه ،فإن املجزوءة عبارة عن وحدات دراسية فصلية ،يتم تقطيعها إلى مواد
ومجزوءات صغرى بينها عالقات تكامل واندماج وترابط عضوي سواء داخل مسلك
أم سلك دراس ي من أجل تنظيم الحياة املدرسية ،وخلق القدرات الكفائية لدى
املتعلم من أجل مواجهة كل الوضعيات املحتملة التي يصادفها في الواقع الذي يعيش
فيه املتمدرس.
-135عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي :املجزوءات،منشورات عالم التربية،الطبعة األولى2226 ،
م،ص.33:
136 - Françoise Clairc: Enseigner en Modules, Hachette, 1992, P.10.
183
و املنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية؛ بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن
التأقلم والتكيف مع مستجدات الواقع االقتصادي الجديد .تبقى معارفه نظرية
مجردة غير وظيفية ،تنقصها املمارسة والخبرات التجريبية .ويكون االهتمام ،في
التعليم املوسوعي ،بالكم على حساب الكيف ،ويلتجئ املدرس إلى التحفيز السلوكي
امليكانيكي من خالل االسترشاد بثنائية الحافز واالستجابة لتوجيه دفة القسم؛ مما
ينتج عنه ردود أفعال التالميذ السلبية ،ونفورهم من القسم النعدام األنشطة الذاتية
والخبرات الفردية .ومن ثم ،ينكمشون على أنفسهم خوفا أو خجال أو جهال بما يعطى
لهم من دروس ومعارف كمية يصعب اإلحاطة هها في سنة كاملة.
أما التعليم املجزوئي ،فهو تعليم قائم على املقاربة بالكفايات التي تستهدف البحث عن
القدرات الكفائية لدى املتعلم بوضعه في وضعيات معقدة أو أقل تعقيدا .والغرض
من ذلك هو اختبار أدائه السلوكي ،وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل
الواقع املحيطة به .و يراعي هذا التعليم الفوارق الفردية ،وينكب على ظاهرة
الالتجانس بدراسة كل حالة فردية ،ودعم كل متعلم ،وتحفيزه على إبراز قدراته
وميوله واستعداداته سواء في حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ؛ألن
املقياس -هنا -ليس هو الدرس الذي ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم
املوسوعي؛ بل الحلقة الديدكتيكية املتوالية التي تمتد عبر حصتين فأكثر .
ويقدم التعليم املجزوئي املقرر الدراس ي في شكل مجزوءات ووحدات دراسية ،تصغر-
بدورها -في إطار مقاطع وحلقات وخبرات مرتبطة بكفايات نوعية أو شاملة أو ممتدة
قصد التدرج باملتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية .ويتم التركيز ،في هذا النوع
من التعليم ،على الكيف واملتعلم ؛ ألن املدرس مجرد وص ي أو مرشد ليس إال .ومن ثم،
تصبح الدروس خبرات وممارسة كيفية ومهارات وقدرات معرفية ووجدانية وحركية.
184
أي :إن املتعلم هو الذي يكون نفسه بنفسه ،ويتعلم كيف يبحث ويفكر وينظم ما
يبحث عنه منهجيا ووظيفيا.إن التعليم باملجزوءات -كما يرى الباحث املغربي محمد
الدريج"-يروم بناء الكفايات لدى التلميذ ،على اعتبار أن الكفايات هي قدرات شاملة
ودينامية (نشطة) ،والتي اليمكن اختزالها في الئحة تحليلية من املحتويات ،إنها
تشكيلة( تركيبة) ذكية من املعارف واملهارات واالتجاهات .فأن نكون أكفاء ال يعني أن
نملك جملة من املعلومات واملهارات ،فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن نكون قادرين
على تجنيد تلك املعلومات واملهارات ،وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكالت ،أي
أن نكون فعالين ومنتجين في وضعيات محددة.
لذلك ،يصير بناء الكفايات ههذا املعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا .فيكون من
أولويات نشاط املدرسين مساعدة املتعلمين،لكن على املتعلمين مساعدة أنفسهم في
التعلم والتكوين الذاتي .لذلك ،فإن التعليم باملجزوءات يستدعي املتعلم كمسؤول
ويتعامل معه كمدبر لتكوينه .137".
ويعني هذا كله أن التعليم باملجزوءات قد ارتبط ارتباطا وثيقا باملقاربة بالكفايات
وبيداغوجيا اإلدماج.
يركز على املتعلم ويشجعه على إظهار قدراته ومهاراته وكفاءاته املضمرة وغير
املضمرة قصد إعداده ملواجهة وضعيات الواقع املعقدة.
يوزع املقررات الدراسية إلى مجزوءات فصلية أو دورية في شكل وحدات ديدكتيكية
وبيداغوجية ،ويقطعها إلى حلقات دراسية نوعية أو عامة بطريقة متكاملة ومندمجة
في بؤرة منصهرة ووحدة تربوية عضوية.
يقوم على التعلم الذاتي ،والتكوين املستمر ،ومد الجسور بين املراحل التعليمية.
ينظم الدروس والحلقات والوحدات الدراسية في شكل كفايات مستهدفة،
وقدرات ،ومهارات ،وخبرات معرفية ومنهجية وتواصلية وتقنية وثقافية( يعني أنه
يأخذ بمدخل الكفايات في التدريس).
يقسم متعلمو الفصل إلى مجموعات من التالميذ كفريق تربوي جماعي تعاوني ،أو
يتعامل مع التالميذ كأفراد بتحفيزهم على ترجمة قدراتهم ومهاراتهم الدفينة املضمرة
إلى أفعال وأداءات إنجازية مرصودة بالتقويم واملالحظة والقياس.
186
يهدف إلى تمهير املتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا بقدرات كفائية ملواجهة الواقع
ووضعياته اإلشكالية.
-11يعتمد على مرونة التعلم ،واملنهاج املندمج ،والتكامل بين األسالك واملسالك
واألقطاب الدراسية ،في إطار شمولي نوعي وعام وممتد.
-12يهدف إلى خلق مدرسة إبداعية قوامها التمكن من آليات التقدم والتكنولوجيا
بعيدا عن التقليد وقوانين إعادة اإلنتاج ،وتكريس القيم املحافظة.
/4سي ــاق التعلي ــم املجزوئي:
ظهرت تجربة املجزوءات ألول مرة -باعتبارها ممارسة بيداغوجية -في كندا بغية
مواجهة ظاهرة الالتجانس الفصلي واملتعدد الرتب والدرجات ،أوما يسمى بالقسم
املشترك الذي ينتشر كثيرا في القرى ،والسيما في أفريقيا ،وأمريكا ،وأوروبا .وكان الحل
هو التفكير في التدريس باملجزوءات الكفائية قصد الخروج من هذا اإلشكال الذي
يثيره تعدد املستويات مقارنة بالقسم "املفردن" .وقد انتقلت التجربة إلى فرنسا في
التسعينيات لحل مشكلة الفشل الدراس ي في الثانويات الفرنسية ،بعد أن استقطبت
هذه املؤسسات التعليمية متعلمين من جذور وأصول عرقية واجتماعية وثقافية
مختلفة .وفي سنة3662م ،ارتأت وزارة التربية الوطنية الفرنسية العمل
باملجزوءات ) (MODULESبغية مواجهة األزمات التي بدأ يتخبط فيها التعليم
الفرنس ي ،بعد أن أمض ى سنين طويلة في تطبيق البيداغوجيا الفردية والفارقية.
ويشكل الالتجانس بين التالميذ والفشل الدراس ي من األسباب الرئيسة التي دفعت
وزير التربية الفرنس ي ليونيل جويسبان( ) Lynonnele Juspinلينادي إلى تنويع مسالك
187
التكوين بين العام والتقني واملنهي ،واإلفادة في ذلك من التعليم املجزوئي .وفي هذا
الصدد ،يقول في إحدى ندواته الصحفية سنة3663م:
" إن مساعدة املتعلمين بالنسبة لنا هي أول جواب مستعجل عن سؤال الالتجانس،
وهو جواب قابل للتطبيق الفوري في النظام التربوي الحالي .والذي يتحمل مسؤولية
هذه املساعدة هم املدرسون دون غيرهم إن أردنا أن نضمن جودة التعليم ،فالدروس
الخصوصية التي يتكفل هها الراغبون والقادرون من اآلباء لن تلعب وحدها هذا الدور.
وللوصول إلى هذا املبتغى البد من تطوير البنيات البيداغوجية للتعليم الثانوي،
فباملجزوءة نكون قد قدمنا إطارا بيداغوجيا أكثر مرونة وفضاء جديدا لحرية تصرف
املدرسين ".138
وقد انتقلت التجربة إلى املغرب الذي أكد ،بدوره ،ضرورة االعتماد على املقاربة
باملجزوءات في امليثاق الوطني للتربية والتكوين عندما نص ،إبان حديثه عن البرامج
واملناهج ،على مراعاة املرونة الالزمة للسيرورة التربوية ،وقدرتها على التكيف بتجزيء
املقررات السنوية إلى وحدات تعليمية ،يمكن التحكم فيها على مدى فصل بدل السنة
الدراسية الكاملة إال عند االستحالة ،والحفاظ على التمفصل واالنسجام اإلجمالي
لكل برنامج ،بمراعاة األهداف املميزة لكل مرحلة من مراحل التعليم والتعلم التي
يعنيها .كما نص امليثاق الوطني على وضع برامج تعتمد نظام الوحدات املجزوءة
انطالقا من التعليم الثانوي لتنويع االختيارات املتاحة ،وتمكين كل متعلم من ترصيد
املجزوءات التي اكتسبها ،وتوزيع مجمل الدروس ووحدات التكوين واملجزوءات من
التعليم األولي إلى التعليم الثانوي على ثالثة أقسام متكاملة:
188
قسم إلزامي على الصعيد الوطني في حدود 42في املائة من مدة التكوين بكل
سلك؛
قسم تحدده السلطات التربوية الجهوية ،بإشراك املدرسين في حدود 33في املائة
من تلك املدة،وتتضمن بالضرورة تكوينا في الشأن املحلي وإطار الحياة الجهوية؛
وقد ساير الكتاب األبيض ما ذهب إليه امليثاق الوطني للتربية والتكوين حينما دعا إلى
استبدال السنة الدراسية ،في التعليم الثانوي ،بدورات فصلية قائمة على تدريس
املجزوءات .ويضم التعليم الثانوي التأهيلي ست دورات تدرس فيها مجزوءات
إجبارية(االمتحان الوطني) ومجزوءات اختيارية(االمتحان الجهوي)،مع العلم أن كل
مجزوءة تتكون من ثالثين ساعة .أما السنة الدراسية ،فتضم أربعة وثالثين أسبوعا
و 3222إلى 3222ساعة دراسية .كما يضم اإلعدادي ست دورات دراسية على غرار
التعليم الثانوي .وقد أشار الكتاب األبيض أيضا إلى عدة أقطاب وشعب ومسالك،
-139وزارة التربية الوطنية :امليثاق الوطني للتربية والتكوين ،الرباط ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2222م،
ص.70-74:
189
مثل :قطب التعليم األصيل ،وقطب اآلداب والعلوم اإلنسانية ،وقطب الفنون
والرياضة ،وقطب العلوم ،وقطب التكنولوجيات .
وقد بدأ املغرب في تنفيذ نظام الوحدات واملصوغات في السلك الثانوي التأهيلي،
فوضع البرامج واملناهج الدراسية ،وقد فعل املقاربة باملجزوءات انطالقا من املوسم
الدراس ي 2227/2226بتغيير الكتب املدرسية ،وتجديد هيكلتها وطرائق عرضها.
الهيك ــل :يقسم املقرر إلى مجزوءات دراسية .وبعد ذلك ،تجزأ إلى وحدات
ديدكتيكية ومتواليات ،أو حلقات تعلمية ،تساعد املتعلم على التعلم الذاتي
والتكوين املستمر في شكل فردي أو جماعي.
ويمكن أن تكون املجزوءة ،في إطار سيرورتها اإلنجازية ،مجزوءة نوعية ،أو مجزوءة
مستعرضة ممتدة .ويمكن تصنيفها أيضا إلى مجزوءات تنظيمية ترتبط بالخبرة وما
يتم تعلمه ذاتيا كاملجزوءات اإلجبارية واالختيارية والتكميلية ،ومجزوءات
ديدكتيكية ترتبط بمحتويات املرجع الدراس ي ،مثل :الكتاب املدرس ي ،والوثائق
السمعية والبصرية.
191
محددة زمانيا ومكانيا أو غير محددة .كما يخضع هذا التقسيم لتوزيع زمني ومكاني
مدقق يراعي ظروف املتعلم وسياق التعلم .كما ينبغي وضع البرنامج الدراس ي في شكل
وضعيات وأسئلة وأنشطة وخبرات ،يراعى فيها التدرج من البسيط إلى املركب ،ومن
الوضعيات السهلة إلى الوضعيات املعقدة .وتحدد أيضا جميع الكفايات والقدرات
امل ستهدفة الجزئية ،أو الكفايات النهائية النوعية واملستعرضة ،في شكل سلوكيات
مؤشرة بالقياس والرصد التقويمي .كما يمكن االستعانة بتقويم قبلي تشخيص ي أو
تكويني أو إجمالي قصد تحديد مستوى كل تلميذ في بداية السنة الدراسية ،أو بداية
كل مجزوءة ،أو في نهايتها .ومن الواجب تدريس املتواليات التعليمية أو الديدكتيكية في
شكل مجموعات أو حسب األفراد ،فيكون محور التعليم هو التلميذ ،وليس املدرس
الذي ينبغي أن يكون مستشارا يساعد املتعلمين على التعلم الذاتي والتكوين املستمر،
باستثمار الوثائق البصرية والسمعية والرقمية وكل الوسائل التعليمية املتاحة.
وخالصة القول ،على الرغم من أهمية املقاربة باملجزوءات ،فما زالت نظريتها غامضة
ومبهمة وغير محددة بدقة .لذلك ،تبقى املمارسة متعثرة في نظامنا التربوي املغربي
الذي دائما يترقب ما يستجد في الساحة التربوية الغربية ،والسيما التجربتين
الفرنسية والكندية منها .وهكذا ،نجد أنفسنا ننتقل من نظرية تربوية إلى أخرى دون
استيعاهها بشكل جيد لتطبيقها في مدارسنا بشكل ناجع وفعال.
192
واملفاهيم ،والحقائق .ويعني هذا كله أن الوحدة ( )Unitجزء من محتوى دراس ي
يتناول قضية أو موضوعا أو مفهوما واحدا في إطار وحدة عضوية وموضوعية
متسقة ومنسجمة تربويا وديدكتيكيا.
ً
إذا ،ما مفهوم الوحدة التعلمية؟ وما سياقها التاريخي؟ وما أسس الوحدة التعلمية
ومرتكزاتها؟ وكيف تدبر الوحدة التعلمية تربويا وديدكتيكيا؟ وما إيجابيات التدريس
بالوحدات وسلبياتها؟ هذا ما سوف نتبينه عبر العناوين التالية:
- 140أرسطو :فن الشعر ،ترجمة:عبد الرحمن بدوي ،مكتبة النهضة املصرية ،طبعة 3636م.
193
وهناك من الدارسين من يتحدث عن وحدة املتكلم ،والوحدة الشعرية ،ووحدة
التجربة ،ووحدة األثر ،والوحدة اللغوية ( ،)Morphèmeو الوحدة الصوتية (
،)Phonèmeووحدة الوزن والقافية.
وعليه ،تحيل الوحدة ،من حيث الداللة اللغوية ،على مفاهيم الربط ،والتماسك،
واالنسجام ،واالتساق ،والتكامل ،واالنسجام...ومن ثم ،فهي ضد االنفصال،
والبعثرة ،والتفكك ،والتجزيء ،وضياع تسلسل الحلقات...
وتعني الوحدة -اصطالحا -أن مادة دراسية ما تنقسم إلى وحدات تعلمية ودراسية
متكاملة ،تتكون من مواد مترابطة ومتكاملة ومتشابكة ،وتندرج في مجال من املجاالت
كمجال القيم ،ومجال البيئة ،ومجال العلم واملعرفة ،ومجال التقنية ،ومجال
الفنون ،ومجال الصحة اإلنسانية...
وقد تعني الوحدة التعلمية مجموعة من األنشطة والخبرات والتعلمات واملوارد التي
تدور حول موضوع محوري معين ،أو تنصب حول هدف محدد ،أو تعالج مشكلة
معينة يتفق حولها املدرس مع تالمذته إليجاد حل لها .ومن هنا ،تخضع الوحدة
التعلمية لعمليات التخطيط ،والتدبير ،والتقويم .وللوحدة عالقة وثيقة باملنهاج ،
والبرنامج ،واملقرر ،والكتاب املدرس ي.وتقوم الوحدة بوظيفة الهيكلة والتنظيم وفق
أهداف عامة وخاصة ،أو وفق كفايات رئيسة ونوعية .ومن هنا ،فالوحدة التعلمية
وظيفية ،مادامت تقوم بدور التنظيم والهيكلة .كما أنها وحدة إجرائية وإنجازية
مرتبطة بوظيفة التقويم.
194
وتتضمن الوحدة الدراسية -حسب أحمد أوزي " -مدخال ومتنا وخاتمة .في املدخل
يحدد املحتوى وأهدافه ،مع إجراء تقييم قبلي للطالب الذين تتوجه إليهم الوحدة
الدراسية.ويتضمن املتن مختلف املواد التعليمية النظرية أو التطبيقية أو هما
معا.أما الخاتمة فتتضمن تقييما بعديا141".
وتتسم الدراسة بالوحدات " باإلحاطة والشمول ،وفي سبيل ذلك قد تتخطى
الحواجز الفاصلة بين فروع املادة الواحدة أو بين ميادين املعرفة وذلك تبعا لنوع
الوحدة142".
ويذهب عبد الكريم غريب في كتابه (املنهل التربوي) إلى أن الوحدة التعلمية "سلسلة
ذات معنى من الخبرات وأنواع النشاط التعلمي ،تدور حول موضوع دراس ي أو مشكلة
يهتم هها املتعلمون ويخططون لها بالتعاون فيما بينهم تحت إشراف املدرس
وتوجيهه.وهذا املفهوم ملعنى الوحدة يشير إلى أنها نوعان :النوع األول هو وحدة املادة
الدراسية ،والنوع الثاني هو وحدة الخبرة .ومحور النوع األول هو املادة الدراسية،
بمعنى أن تقسم هذه املادة إلى محاور علمية ذات أهمية خاصة لدى التالميذ ،بحيث
يضم كل محور املعارف والحقائق املتصلة به دون التزام بالحدود التي تفصل بين
املواد املتعددة ،أو بين فروع املادة الواحدة ،ودون رعاية كذلك للتنظيم املنطقي في
أي مادة .أما محور النوع الثاني ،فهو حاجة املتعلم ومشكالته التي يواجهها في البيئة
- 141أحمد أوزي:املعجم املوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب،
الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.237:
-142الدمرداش سرحان ومنير كامل :املناهج،دار العلوم للطباعة ،القاهرة ،مصر ،الطبعة الثالثة سنة
3642م ،ص.247:
195
التي يعيش فيها .وهذا النوع أيضا اليعرف الفواصل بين املواد الدراسية أو املعارف
اإلنسانية ،بل ينتفع هها جميعا في إشباع الحاجة أو حل مشكلة موضوع الوحدة143".
وبناء على ما سبق ،تعني الوحدة التعلمية أن املعرفة اإلنسانية واحدة ومترابطة
ومتكاملة وغير منفصلة .لذا ،البد من ربط املدرسة بالحياة كأن نربط الوحدات
التعلمية بالوضعيات الحياتية ومشكالت البيئة الطبيعية .عالوة على ربط الوحدات
باألنشطة ،وليس باملعلومات واملعارف كما في املنهاج التربوي التقليدي .ويعني هذا كله
تحقيق مبدإ شمول الخبرة التعلمية ،ومراعاة األسس السليمة في تقويم نمو املتعلم.
ومن هنا ،تعني الوحدة الدراسية أن يقدم املدرس للمتعلم املقرر الدراس ي ومكوناته
في شكل وحدات مترابطة بنيويا ونسقيا ،ووفق نظام مجالي مترابط ومتماسك
وموحد.
- 143عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب،
الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.630 :
- 144نهاد املوس ى :األساليب مناهج ونماذج في تعليم اللغة العربية ،دار الشروق ،طبعة 2226م ،ص34:
ومابعدها.
196
وأكثر من هذا تنسجم الوحدة الدراسية نفسيا مع ميول املتعلم وحاجياته
واتجاهاته ،وتبعث فيه العمل والحياة ،وتبعد عنه امللل والروتين والنفور .كما تسهم
الوحدة التعلمية في خلق نوع من التوازن التربوي بتوحيد املواد الدراسية والتعلمية
في بوتقة داللية ومجالية ومحورية واحدة .ويعني هذا أن هناك نوعا من التنوع
والتواتر والتوازن على مستوى تقسيم املجاالت التعلمية .كما تساعد الوحدة
الدراسية الوظيفية املتعلم على فهم املواد الدراسية ضمن إدراك كلي نسقي غير
منفصل وغير مفكك.
ومن أسس الوحدة التعلمية كذلك توكيد وحدة املعرفة ،وربط الدراسة بالحياة،
وإقامة الدراسة على أساس النشاط ،وتحقيق مبدأ شمول الخبرة ،ومراعاة األسس
السليمة في تقويم نمو التلميذ.145
عالوة على ذلك ،تستند الوحدة الدراسية والتعلمية إلى مجموعة من املبادىء
التربوية والنفسية كمبدإ االنتقاء ،ومبدإ التقسيم ،ومبدإ االختيار ،ومبدإ الترتيب،
ومبدإ التدرج ،ومبدإ التخطيط ،ومبدإ التدبير ،ومبدإ التقويم ،ومبدإ التكامل،
ومبدإ التوازن ،ومبدإ التخفيف ،ومبدإ التنوع ،ومبدإ التواتر ،و مبدإ الترابط ،ومبدإ
الوحدة ،ومبدإ التنظيم ،ومبدإ ربط الوحدة بالحياة...،
/3أنواع الوحدات:
يمكن تقسيم الوحدات التعلمية إلى نوعين رئيسين من الوحدات على النحو التالي:
تعتمد الوحدة التعلمية على الخبرة والنشاط والحاجيات الفردية والجماعية .ويعني
هذا أن الوحدة التكتفي بما هو دراس ي ومعرفي فقط ،بل تنفتح الوحدة على
األنشطة والخبرات الفردية والجماعية.وإذا كان موضوع الوحدة هو (كيف أفهم
نفس ي؟) ،فالبد ،في هذا الصدد ،من استحضار مجموعة من الدراسات في وحدة
تعلمية واحدة كالنفس ي ،واالجتماعي ،والبيولوجي ،والفيزيولوجي...
ومن هنا ،فالخبرة في الحياة الواقعية " خبرة متكاملة غير مقسمة الى مواد دراسية،
ولكن أوجه النشاط اإلنساني تترابط فيها بطريقة طبيعية ،ولهذا فان املواد
املنفصلة تكون بعيدة الصلة بالحياة الخارجية؛ مما يؤدي الى عدم اهتمام التالميذ
ههذه املواد نظرا لعدم صلتها بمشكالت حياتهم146".
- 146أمينة اللوه :املوجزفي التربية وعلم النفس ،دار الكتب العربية ،الرباط ،املغرب ،د.ت ،ص.43:
198
ومن هنا ،ترتبط الوحدات الدراسية باملنهاج التربوي الحديث واملعاصر ،وترتبط
أيضا باملقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج ،مادامت لها صلة وثيقة باملجزوءات
واملحاور واملوارد الرئيسة .
/4سياق ظهورالوحدات:
لم يظهر نموذج الوحدات في ميدان التدريس ووضع املناهج التربوية إال رد فعل على
املنهاج التقليدي الذي كان يدرس املواد الدراسية بطريقة منفصلة ،دون توفرها على
وحدة معرفية شمولية ،ودون مراعاة األسس النفسية ،واالجتماعية ،والتدريسية،
والتربوية .ومن هنا " ،اتسم املنهج التقليدي بكثير من العيوب ،وفي مقدمتها أنه كان
يلتزم بالحدود الفلصلة بين املواد بين موضوعات املادة الواحدة.وقد أدى ذلك إلى
تفكك الدراسة وضياع وحدتها.
كما أن االهتمام بجانب املعلومات دون غيرها من بقية أهداف التربية قد أدى بكثير
من املدرسين في ظل املناهج التقليدية إلى إهمال ربط الدراسة بالحياة ،واالعتماد في
تقديم الحقائق إلى التالميذ على التلقين مما أدى بدوره إلى إهمال النشاط وسلبية
التلميذ.
ومما يؤخذ على املناهج التقليدية كذلك عدم وضوح األهداف سواء بالنسبة
للمدرس أو التلميذ وقد أدى ذلك إلى سيادة هدف واحد في ظل الدراسة التقليدية
أال وهو تحصيل املادة واالستعداد لالمتحان وعبودية الكتاب املدرس ي.
وملحاولة عالج كثير من نقائص الدراسة التقليدية وطرقها وما أدت إليه من آثار
بالغة املدى في حياة التالميذ ،ظهر التفكير في ضرورة تنظيم النشاط التعليمي
للتلميذ في صورة وحدات دراسية.وقد استهدفت الوحدات في أول أمرها معالجة
199
تفكك املنهج والعمل على إبراز وحدته ،ثم تطورت الوحدات فأكدت أيضا أهمية
ربط الدراسة بالحياة ،وإيجابية التالميذ ونشاطهم ،وعملت على مساعدة املدرس
على تحقيق األهداف التربوية بصورة أعم وأشمل147".
ويعني هذا كله أن املواد الدراسية ،في املناهج التربوية التقليدية ،كانت منفصلة عن
بعضها البعض في شكل حصص ومواد تعلمية مستقلة " ،اليكاد التلميذ يدرك
العالقة بين فروع اللغة ،أو يستغل في التعبير ما تعلمه في حصة القراءة ،أو مادرسه
في حصة القواعد.
ولم يقف األمر عند هذا الحد ،بل تعداه إلى تحاجز بين موضوعات الفرع الواحد.
ففي علم النبات مثال ،يدرس التلميذ شكل الورقة في باب ،وتركيبها في الداخلي في باب
آخر ،ووظائفها في باب ثالث .ويترتب على ذلك أن يدرس املوضوع الواحد بصورة
مجزأة في أوقات متباعدة.وكأنما يفترض أن التلميذ قادر على تجميع معلوماته حول
املوضوع الواحد من هذه الدراسات املبعثرة التي تعطى تحت ظروف مختلفة ،وهو
مالم يقم على صحته دليل .فلو أنك سألت تلميذا درس بالطريقة التقليدية عن
املالءمة الوظيفية لورقة النبات ،لعجز عن أن يربط بين شكل الورقة وتركيبها
ووظائفها.
ومن هنا ،تعتمد الوحدة الدراسية التعلمية على املوضوع ،واملجاالت ،واملفاهيم،
واملكونات الدراسية ،والتقويم اإلجمالي .وقد تختلط الوحدة باملجزوءة ،أو تتميز عنها
وفق التعاريف التي تعطى للمجزوءة أو للوحدة الدراسية.
وقد اعتمد التدريس بالتعليم االبتدائي املغربي في السنوات األخيرة على مبدإ
الوحدات .وهكذا ،نجد كتاب اللغة العربية بالقسم الرابع يتكون من مجموعة من
الوحدات التعلمية على النحو التالي:
201
الديموقراطية و حقوق الطفل .
وتتكون كل وحدة من عدة مكونات ،وتشتمل على عدد من الدروس ،وهذه املكونات
هي :القراءة ،والتراكيب والصرف والتحويل ،واإلمالء ،والشكل ،واإلنشاء .وهناك
أنواع ثالثة من النصوص القرائية وهي :النصوص القرائية الوظيفية ،والنصوص
القرائية املسترسلة ،والنصوص القرائية الشعرية.
ومن هنا ،يمكن الحديث عن مجموعة من املرتكزات التي تعتمد عليها وحدة الدرس،
ويمكن تحديدها فيما يلي:
أساليب الدعم واملعالجة والتغذية الراجعة املتعلقة بكل وحدة دراسية على
حدة.
202
وتتوخى الوحدة التعلمية ،بمختلف محاورها وحلقاتها ومقاطعها ومكوناتها ،تحقيق
مجموعة من األهداف العامة والوسطى والخاصة واإلجرائية من جهة ،أو التثبت من
الكفايات املعرفية ،والكفايات اللغوية ،والكفايات التواصلية ،والكفايات املنهجية،
والكفايات الثقافية ،والكفايات التكنولوجية ،والكفايات اإلستراتيجية من جهة
أخرى.
وتعتمد الوحدة الدراسية على مجموعة من الخطوات البارزة التي يمكن حصرها
فيما يلي:
أن يكون املدرس ملما بجميع جوانب املوضوع الذي يدرسه تالميذه .
أن يكون املدرس متحكما في طرائق التدريس ،و يختار املالئم منها لتبليغ
موضوعات الوحدة ،وتحقيق أهدافها اإلجرائية الخاصة.
أن ينوع املدرس األنشطة التعلمية قبل الشروع في التدريس ،أو في أثنائه ،أو بعد
ذلك.
أن يحدد املدرس املصادر و املراجع العلمية والتربوية التي تخدم تدريس
موضوعات الوحدة الدراسية.
وفيما يخص تقويم الوحدة الدراسية البد من اللجوء إلى أنواع التقويم التالية:
التقـويم القبلــي :ويكنون الهنندف مننه التثبننت مننن املعرفنة الخلفيننة عنند املننتعلم قبننل
الشروع في تقديم الوحدة الدراسية.
203
التق ــويم التك ــويني :يلتج ننىء إلي ننه امل نندرس ف نني وس ننط الحص ننة الدراس ننية ،وف نني أثن نناء
تقننديم الوحنندة وشننرحها وبننناء تعلماتهننا ،وخننالل تنندريس الوحنندة التعلميننة ،مسترشنندا
بمجموعننة مننن األسننئلة والوضننعيات واألنشننطة والتمننارين الصننفية للتثبننت مننن تحقننق
األه ننداف املس ننطرة بغي ننة اللج ننوء إل ننى التغذي ننة الراجع ننة (الفي نندباك) لتص ننحيح مسن ننار
العملية التعليمية -التعلمية.
التقـ ــويم الختـ ــامي :يسن ننعى إلن ننى قين نناس من نندى نجن نناح األهن ننداف املسن ننطرة فن نني بداين ننة
الوح نندة الدراس ننية ،وتش ننخيص م ننواطن الق ننوة والض ننعف ف نني ه ننذه الوح نندة التعلمي ننة،
وتبيان صعوبات املتعلم.
وعلنى العمنوم ،يخضنع تنندبير الوحندة التعلمينة للعمليننات النثالث :التخطنيط ،والتنندبير،
والتقويم .ويمكن توضيح ذلك بالشكل التالي:
تحدين نند الفئ ن نات املسن ننتهدفة من ننن الوحن نندة التعلمين ننة بتبين ننان مواصن ننفات املتعلمن ننين،
واس ن ننتجالء ق ن نندراتهم التعلمي ن ننة ،ورصن ن نند خص ن ننائص نم ن ننوهم النفسن ن ن ي ،والفيزيولن ن ننوجي،
والبيولوجي.
تنظ ننيم املحتوي ننات واملض ننامين والخب ن نرات واألنش ننطة الفردي ننة والجماعي ننة ،وتبين ننان
طرائق تجميعها في وحدات ومجاالت دراسية.
204
انتقاء الوسائل الديدكتيكية اللفظية والبصرية والرقمية.
تقن ن ننويم الوحن ن نندات التعلمين ن ننة وفن ن ننق التقن ن ننويم التشخيص ن ن ن ي ،والقبلن ن نني ،والتكن ن ننويني،
واإلجمالي ،واإلشهادي...
تق ننديم االمتحان ننات ف نني ش ننكل خب نرات وأنش ننطة ومش نناكل ومش نناريع ووض ننعيات وف ننق
وحدات معينة.
االسننتعانة فنني تقننويم الوحنندة التعلميننة بالتغذيننة الراجعننة ،أو مننا يسننمى بالفينندباك
(.)feedback
معالج ن ننة األخط ن نناء داخلي ن ننا وخارجي ن ننا أو معالجته ن ننا وف ن ننق املقارب ن ننات النفس ن ننية،
واالجتماعية ،والديدكتيكية.
205
تعنيه ،الوحدة الدراسية .ويعني هذا أن هناك خلطا في تحديد مدلول املجزوءة
والوحدة الدراسية معا يصعب الفصل بينهما بشكل دقيق.
ويبقى السؤال الرئيس هل تستطيع الوحدات التعلمية أن تحقق نتائج أفضل مقارنة
بالدروس التقليدية أو املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج؟ !!
وخالصة القول ،وهكذا يتبين لنا ،مما سلف ذكره ،أن الوحدة الوظيفية حلقة تبدأ
بالهدف املعبر عنه بصيغة إجرائية ،وعلى أساسه تنجز أفعال وأنشطة ،وتنتهي
عندما يؤشر تقويم هذا اإلنجاز على بلوغ الهدف املنشود .إن وحدة الدرس -حسب
هذا التعريف -بنية صغرى تتكون من العناصر التالية :الهدف اإلجرائي املعبر عنه
بصيغة ظاهرة واضحة ،والنشاط املنجز لتحقيق الهدف ،والتقويم الذي يقيس
مدى تحقق الهدف ،ومن خالله يصحح الفعل أو النشاط.149
ً
إذا ،فالوحدة التعلمية نمط من التعلم الذي يقوم على الربط بين مختلف الدروس
ضمن حلقة دراسية واحدة أو ضمن وحدة مجالية معينة .وقد جاءت نظرية الوحدة
رد فعل على املناهج التربوية التقليدية التي كانت تؤمن باملواد املنفصلة واملنقسمة إلى
فروع الصلة والرابط بينها على املستوى املنهجي.
- 149ميلود التوري :من درس األهداف إلى درس الكفايات ،مطبعة أنفوبرانت ،فاس ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2227م ،ص.30:
206
وخالصة القول ،من أجل تحقيق الجودة املتميزة في مجال التربية والتعليم ،والوصول
إلى األهداف املرجوة من العملية التدريسية الهادفة والبناءة ،البد من االهتمام
باملناهج والبرامج واملقررات والكتب املدرسية ،وإعادة النظر فيها.
والبد من وضع مجموعة من املعايير واملقاييس واملواصفات الضرورية عند وضع
املناهج والبرامج الدراسية قصد تأهيل تعليمنا لكي يلتحق بركب التنمية والتطور
واالزدهار .ومن أهم هذه املعايير األصالة واملعاصرة ،واالستجابة لحاجيات املجتمع
ومؤسساته االقتصادية ،واالنفتاح على مستجدات العلوم والفنون واآلداب
والتكنولوجيا ،مثل :الدول املتقدمة أو السائرة في طريق النمو كما هو حال دول
جنوب آسيا (الصين ،وهونغ كونغ ،وتايوان ،وسانغفورة ،وكوريا الجنوبية).
ومن األفضل أن تقوم هذه املناهج على فلسفة الكفايات استجابة ملتطلبات السوق
والعوملة ،ومراعاة متطلبات املقاولة املغربية أو املستثمرة داخل املغرب.
إضافة إلى ذلك ،البد أن تنطلق هذه املناهج من فلسفة ميثاق التربية والتكوين ،
وتعمل على تشرب مرتكزاته ودعاماته ومبادئه لتخطي كل العقبات واألزمات التي
يعانيها التعليم املغربي ،علما أن امليثاق غني بكثير من البنود واملقررات التي يمكن أن
تسهم في إثراء منظومتنا التربوية والتعليمية .كما ينبغي أن تتطور هذه املناهج بتطور
الطرائق البيداغوجية الحديثة بغية مواكبة التطور العاملي في مجال التواصل
واإلعالميات والتطور التقني.
ومع توقيع املغرب على اتفاقية الكاط ،واتفاقيات التبادل الحر الثنائية أو
الجماعية ،نرى أنه من الضروري أن يتحقق االنفتاح ،ومسايرة متطلبات العوملة على
مستوى البرامج واملناهج الدراسية.وال يعني هذا إهمال املوروث املحلي الخصوص ي
والقيم الوطنية ،فال بد من تجزيء املناهج والبرامج لتراعي ثالثة جوانب أساسية هي:
الثقافة العاملية ذات البعد اإلنساني؛
الثقافة الوطنية؛
الثقافة املحلية.
207
وال ننس ى كذلك ضرورة مواكبة هذه البرامج واملناهج ملعايير التقويم والدوسيمولوجيا
الحديثة لكي تكون املحتويات والخبرات الديدكتيكية أكثر إجرائية وتطبيقا ،وأكثر
قابلية للمراجعة والنقد الذاتي والفيدباك.
وال يمكن أن يتحقق إصالح املناهج والبرامج إال بتوفير الوسائل املادية واملعنوية
والبشرية ،وإال سيبقى هذا اإلصالح الذي تتطلع إليه وزارة التربية والتعليم إصالحا
طوباويا دونكيشوتيا خياليا ،ال يعتمد على مرتكزات حقيقية وواقعية وميدانية .وال
ينبغي أن تكون هذه البرامج واملناهج إمالءات من دول أجنبية أو من قبل دول املركز ،
نخضع لها باعتبارنا دوال محيطة متروبوليا أو اقتصاديا أو سياسيا(مثل التبعية
الفرنكوفونية) ،وأال تكون نتاجا للضغوط الدولية ،وشروط األبناك املانحة كالبنك
الدولي ،وصندوق النقد العاملي .أي :أال يكون اإلصالح خارجيا .وال يعني هذا أال
نستفيد من خبرات الدول األجنبية ،بل علينا أن نلم بتجارب الدول املتقدمة كأملانيا،
والواليات املتحدة األمريكية ،وبريطانيا ،واليابان ،وخبرات التنينات األربعة.
ومن األحسن أن نراعي ،في وضع هذه البرامج ،نظام الوحدات واملجزوءات( Les
،) modulesوتحقيق التناغم والتكامل بين وحدات املقرر واملواد املدرسة بغية خلق
االتساق واالنسجام البيداغوجي تطابقا مع فلسفة الكفايات والوضعيات .كما ينبغي
أن تكون هذه البرامج واملناهج واضحة ودقيقة وقابلة لألجرأة والتطبيق.
ومن أولى األوليات أن يستشير مسؤولو الوزارة املركزية -الذين تناط ههم مهمة وضع
البرامج واملناهج -مختلف الفاعلين التربويين كاألساتذة ،واملفتشين ،واملتمدرسين،
وأولياء التالميذ ،وكذلك األطر اإلدارية والشركاء الذين تستوجبهم مدرسة الحياة( la
،)vie scolaireوأال يكون تنزيل البرامج واملناهج بشكل عمودي.
ومن األفضل كذلك أن ترتكز هذه البرامج واملناهج التربوية على ثوابت األمة كالدين
والعربية واألمازيغية .أي :أن تستجيب ملكونات الدولة املغربية دون إيديولوجية أو
عرقية شوفينية ومزايدات سياسوية أو نقابوية أو إسالموية ،ودون االنفصال عن
املنظور اإلسالمي ،والعربي ،والقومي.
208
وعندما نصدر أي إصالح تربوي جديد أو أي تغيير،فالبد من تأهيل األساتذة
الستيعاب هذا اإلصالح عن طريق التكوين والتأطير والشرح والتفسير واإلعالم،
وتمكينهم بكل املذكرات والقرارات الوزارية والجهوية ليتمكنوا من تطبيق مقترحات
الوزارة ،وأجرأة قراراتها ومذكراتها في أحسن الظروف.
وفي األخير ،البد أن نشير إلى ما تم اإلشارة إليه سالفا ،وهو أن تتضمن هذه البرامج
واملناهج فلسفة وطنية قائمة على التواصل والتسامح واألخوة ،و تكون نابعة من
التربة املحلية ومن الذات املغربية.
209
الفصل السابع:
210
تكمن خطوات بناء الدرس في تنفيذ مجموعة من العمليات الرئيسة كتقديم
املحتويات واملضامين ،ثم تنويع طرائق التدريس ،واالستعانة باملعينات التعليمية،
وتدبير اإليقاعات الزمانية واملكانية ،واملزاوجة بين التواصل اللفظي وغير اللفظي.
ومن ثم ،سنتوقف عند مجمل تلك العمليات على النحو التالي:
وتتجسد املضامين في مجموعة من املرجعيات التربوية ،مثل :املنهاج الذي يعبر عن
فلسفة الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة تهدف إلى
تكوين مواطن صالح متعلم وقادر على مواجهة الوضعيات الصعبة واملعقدة في
حياته الدراسية والواقعية .بمعنى أن املنهاج املدرس ي هو بمثابة فلسفة الدولة في
ميدان التربية والتعليم .وتتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد
السياس ي ،واالجتماعي ،واالقتصادي ،والثقافي ،والديني ...
في حين ،يعد البرنامج أقل عمومية من املنهاج ،وأكثر تجريدا من املقرر التعليمي.
بمعنى أن البرنامج يتضمن محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير مفصلة
211
بشكل إجرائي ،وتستمد خبراتها من فلسفة املنهاج .وبعد ذلك ،تتحول مضامين هذا
البرنامج إلى مقررات دراسية خاصة بكل مادة معينة ،وتكون هذه املقررات مفصلة
وأكثر خصوصية وإجرائية.
عالوة على ذلك ،ترتبط املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة .كما تنطلق
أيضا من املقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج ،بعد أن كانت املدرسة التقليدية
تلقن معارفها للمتعلمين دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة ،أو
تصدر عن مقصدية كفائية واعية .ومن ثم ،فاملحتويات -حسب محمد الدريج" -
هي كل الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة السائدة في مجتمع معين وفي حقبة
معينة.إنها مختلف املكتسبات العلمية واألدبية والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها
مما تتألف منه الحضارة اإلنسانية ،ومما تزخر به الثقافات الشعبية املحلية في كل
البقاع ،والتي تصنف في النظام الدراس ي إلى مواد مثل :اللغة والحساب والتاريخ
والجغرافيا...إلخ .على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها دون سواه يتم بناء
على الغايات واألهداف املتوخاة .في حين ،يبقى تنظيم املحتوى رهينا بمتطلبات
العملية التعليمية ذاتها وبأشكال العمل الديداكتيكي .أي :ما يصطلح على تسميته
بطرق التدريس".150
-150محمد الدريج :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،طبعة
3600م ،ص.36:
212
املنهجي ،واملقياس الكمي والكيفي ،ومقياس التوزيع ،ومقياس التخطيط ،ومقياس
التدبير...
وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني،
وتعتبر املعارف هي األساس في العملية التعليمية ؛ فإن املدرسة الحديثة تنطلق من
األهداف والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في وضع املحتويات ،وتقديمها
للمتعلم.وفي هذا الصدد ،يقول محمد الدريج:
" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية ،وتنظيمها
بناء على مقاييس أخرى أكثر انسجاما ،متمشيا مع ما آلت إليه املجتمعات املعاصرة،
ومع وتيرة التقدم العلمي .من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق
األهداف املرسومة ،وفي انسجام تام مع الغايات املحددة.
ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات ،هناك
االختيار الذي يرتكز على حقائق علم النفس ،وخاصة علم النفس النمائي ونظريات
التعلم وغيرها من الفروع ،التي تمكن واضع البرامج ومخطط املقررات من معطيات
ثمينة عن شخصية التالميذ وقدراتهم العقلية وميوالتهم النفسية ومراحل النمو التي
يخضعون لها...وهكذا ،يتم مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو الشخصية لتقديم
مجموعة من املعارف واملهارات .كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة
السائدة في املجتمع ،وانطالقا من حاجياته وحاجيات التكوين املنهي ومتطلبات
التنمية151"...
" ليست الوسائل التعليمية ،كما قد يتوهم البعض ،مساعدة على الشرح فحسب.
إنها جزء اليتجزأ من عملية التعليم.لذا ،فمن الخطإ تسميتها"وسائل اإليضاح" ،كما
هو شائع في بعض األوساط التعليمية.ومن شأن الوسائل التعليمية ،باإلضافة إلى
املساهمة في توضيح املفاهيم وتشخيص الحقائق ،أن تضيف إلى محتويات املواد
الدراسية حيوية ،وتجعلها ذات قيمة عملية وأكثر فعالية وأقرب إلى التطبيق.لذا،
فإن املدرس الذي يلجأ إلى توظيفها على الوجه األنسب ،يجعل من تعليمه تعليما
مشوقا وأكثر جاذبية ،يعين التالميذ على فهم املادة وتحليلها .كما أنها تساعد املتعلم
على ترسيخ املعلومات في ذاكرته وربطها في مخيلته بأشكال وألوان وأصوات وغيرها،
فتبقى عالقة بالذهن سهلة عند محاولة استرجاعها.وهذا ما يعرف " بالتصور
العقلي" وهو فن له قيمته ،يلجأ صاحبه إلى االستشهاد بالقصص وذكر الحوادث
الواقعية وضرب األمثال واللجوء إلى أدوات وصور أثناء الدرس أو أثناء إلقاء خطاب
وما إلى ذلك.املهم هو االنتقال باملتعلم أو املستمع من املجردات إلى مجال
214
املحسوسات ،فيكتس ي عالم املعقوالت حلة جديدة ،تجعله مفهوما مقبوال وجذابا
لدى التالميذ"152.
الوسائل اللفظية التي تستعين باللغة ،وتقوم على البيان ،والشرح ،والتفسير،
والتأويل .وتتمثل في الوسائل التالية :التمثيل -الشواهد اللغوية -السرد -الوصف-
القياس -األمثال -التشبيه -التوضيح -البرهنة -االستدالل -الحجاج -االستشهاد-
االستقراء -االستنباط -الجدل -الحوار -التأثير -واإلقناع -االقتناع...؛
الوسائل البصرية هي التي تعتمد على األدوات املرئية والسيميائية وما يتعلق
بالحاسة البصرية ،مثل :الخطاطات -الجداول -املبيانات-الصور -الخرائط-
األيقونات -املنحوتات -السبورة -الكتاب الكتب -األشكال املادية -الرموز -اللوحات...؛
-152نفسه ،ص.03:
215
املدرس أو املتعلم لتحصيل هدف ما أو تحقيق كفاية ما .ويعني هذا أن الطرائق هي
مقاربات تعليمية ،وتقنيات تدريسية ،وآليات تنشيطية ،ووسائط لفظية أو بصرية أو
رقمية أو بحثية لنقل املعارف بغية تحقيق مجموعة من األهداف والكفايات
والغايات األساسية.
وإذا كانت املدرسة التقليدية مدرسة تلقينية بامتياز ،تعتمد على سلطة املدرس
املطلقة ،وطرائق الحفظ واالستذكار والتدوين والتحشية؛ فإن املدرسة الحديثة قد
تمثلت مجموعة من الطرائق القائمة على الحوار والبحث والعمل في املجموعات.
ومن ثم ،تعد الطرائق الفعالة من أهم التقنيات واآلليات اإلجرائية لتحقيق
الديمقراطية الحقيقية ،والسيما أنها من مقومات التربية الحديثة واملعاصرة في
الغرب كما قال السيد بلوخ( ) Blochحينما أثبت أن نجاح املدرسة الفعالة " الزب
-153انظر :بيداغوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم التربية ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية2226 ،م ،ص.07:
216
من أجل بزوغ مجتمع ديمقراطي اليمكن أن يكون كذلك إال عن طريق منطوق
مؤسساته".154
وقد ظهرت هذه الطرائق الفعالة في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر وبداية
،) Maria Montessoriوجون القرن العشرين مع ماريا مونتيسوري(
،)Claparideوكرشنشتاير( ،)Kerschensteiner ديوي( ،)Deweyوكالباريد(
وفرينيه( ،)Freinetوكارل روجرز( ،)Rogersومكارنكو( ،)Makarenkoوريبول(
،)Reboulوفيريير( ،)Ferrièreوجان ( ...)J.Piaget
وتعتمد هذه الطرائق الفعالة الحديثة على عدة مبادئ أساسية أال وهي :اللعب،
وتعلم الحياة عن طريق الحياة ،والتعلم الذاتي ،والحرية ،واملنفعة العملية ،وتفتح
الشخصية ،واالعتماد على السيكولوجيا الحديثة ،واالستهداء بالفكر التعاوني،
واألخذ بالتسيير الذاتي ،وتطبيق الالتوجيهية ،ودمقرطة التربية والتعليم...
ويؤكد أصحاب الطرائق الفعالة الحديثة ،بلغة تكاد تكون واحدة ،رفضهم القاطع
للنزعة التسلطية والتلقينية ،مع ضرورة" تدعيم والدة مجتمع ديمقراطي ،مادامت
املدرسة التقليدية التكون الكيان الشخص ي كما التحقق الدمج االجتماعي ،بل تؤدي
على العكس في آن واحد إلى تمييع املجتمع ،وإلى قيام النزعة الفردية األنانية .ويضيف
أولهم -ونعني كالباريد -أن عالج مثل هذه النقيصة اليكون بأن ندخل على هامش
األمر تربية مدنية غريبة عن أي تربية من هذا الطراز التقليدي .وجميعهم يشيد
بالقيادة الذاتية لسبب وحيد هو أنهم يريدون أن يحلوا محل النظم الزجرية التي
- 154غي آفانزيني :الجمود والتجديد في التربية املدرسية ،ترجمة :عبد هللا عبد الدائم ،دار العلم للماليين،
بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 3603م ،ص.202:
217
ييسر الترويض ذيوعها وانتشارها ،بأخرى جديدة تشتمل على املشاركة واملسؤولية،
وبالتالي ،على ما ييسر انطالق الشعور الغيري.
وأخيرا ،إنهم يخشون ،في حال غياب التدريب املناسب ،أن تنحدر الديمقراطية،
فتغدو حكم التفاهة والضعة155".
إذا ،فالطرائق الفعالة والنشيطة التي أفرزتها التربية الحديثة من أهم مقومات
التدبير الديدكتيكي على مستوى التعلمات.
ويعد الفكر التعاوني من أهم اآلليات لتحقيق الديمقراطية التربوية الحقيقية؛ ألن
االشتغال في فريق تربوي داخل جماعة معينة ،يساعد التلميذ على التفتح والنمو
واكتساب املعارف والتجارب لدى الغير .كما يبعده عن كثير من التصرفات الشائنة،
ويجنبه أيضا الصفات السلبية كاالنكماش ،واالنعزالية ،واالنطواء ،واإلحساس
بالخوف والنقص والدونية؛ ويساعده على التخلص من األنانية وحب الذات .
واليمكن للدول أن تحقق التقدم واالزدهار إال إذا اشتغلت في إطار فريق جماعي كما
في الغرب والواليات املتحدة األمريكية؛ حيث يتربى العلماء والباحثون على الفكر
التعاوني ،والبحث في فريق جماعي لتحقيق األهداف التي انطلقوا منها في مشاريعهم
العملية ،والعلمية ،والثقافية.
ومن هنا ،يبدو أن بيداغوجيا الفكر التعاوني من أسس تحقيق التعليم الديمقراطي،
وتحديث التعليم ،ودمقرطة التربية واملجتمع على حد سواء؛ ألنها تزيل الفوارق
االجتماعية ،وتذيب كل التمايزات اللونية واللغوية والطبقية.
وهكذا ،فمن خالل العمل داخل فريق ،يمكن تحقيق ديمقراطية التعلم
وديمقراطية التعليم ،وأجرأة التربية الديمقراطية ،بحل املشكالت التي تواجه
املتعلم في عامله املوضوعي بسهولة ،و إنجاز األعمال املطلوبة منه بشكل فعال من
خالل عالج الكثير من اآلفات النفسية الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية،
والنبذ ،والكراهية ،والنفور .ثم استبدال ذلك كله بمشاعر أكثر نبال كاالنسجام،
والتوافق ،والتشارك ،والتعاون ،واالبتكار الجماعي ،واإلبداع الهادف.
وإلزالة القيم السلبية ،والحد من املشاعر الفردية السيئة ،البد من دفع املتعلم إلى
االنصهار في الجماعة ليكتسب سلوكيات جماعية ،ويتعود على الفكر االشتراكي
العملي بتدريب طاقته الجسدية والعقلية على تحقيق املردودية واإلنتاجية كما يقول
أنطون مكارينكو( ، ) A. Makarenkoوتعويد تالميذ الفصل على العمل الحر داخل
جماعات متجانسة من حيث السن واملستوى الدراس ي ،كما يقول كوزينيه(
،)Cousinetوخلق فرص للعمل الجماعي من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مبدع
ومزدهر.
219
ومن جهة أخرى ،يمكن الحديث عن بيداغوجيا مؤسساتية مفادها أن جميع املربين،
وبدون استثناء ،يرفضون تحويل املؤسسة التربوية إلى مؤسسة الثكنة ،أو فضاء
بيروقراطي يكرس التمييز العنصري ،ويؤجج الصراع الطبقي ،أو يتم إصالحها
خارجيا ؛ بل ينبغي أن يكون اإلصالح داخليا قائما على مبادئ البيداغوجيا
املؤسساتية( ) INSTITUTIONNELLE PIDAGOGIEالتي نظر لها كل من أوري(
) OURYولوبرو( ) LOBROTوالپاساد( .) LAPASSADE
ومن املعروف أن املدرسة املؤسساتية اتجاه ظهر في فرنسا يعتبر أن اإلصالح" يجب
أن يمر عبر املؤسسة ،باإلضافة إلى البنيات االقتصادية واالجتماعية ،ومن ثمة
يجب االهتمام بمفهوم اإلدارة الذاتية والتسيير الذاتي من أجل تحقيق االستقالل
ي مفتوح"1. الذاتي للمتربين في إطار مؤسس
ً
إذا ،ترفض هذه البيداغوجيا الجديدة املدرسة الثكنة التي تخنق التلميذ بنظامها
االنضباطي البيروقراطي الذي يحد من حرية التلميذ ،فتتحول املدرسة إلى صندوق
أسود ،أو إلى ثكنة عسكرية التؤمن إال بالنظام واالنضباط على حساب حرية التلميذ
ولعبه من جهة ،وأنشطته الثقافية والفنية والرياضية والعلمية من جهة أخرى.
لهذا ،تقترح البيداغوجيا املؤسساتية مدرسة مرنة ومنفتحة ،تنبع قوانينها من
التفاعل الداخلي ألفرادها قصد االنتقال باملدرسة من مؤسسة التلقين والتوجيه
واالنضباط الوحش ي نحو مؤسسة إبداعية فاعلة وفعالة مبدعة ومبتكرة بامتياز،
تسعى إلى تحقيق التقدم واالزدهار.
وال ننس ى كذلك أهمية الشراكة التربوية وخلق مشاريع املؤسسة لتنمية املؤسسة
التربوية ،وإزالة تناقضاتها االقتصادية واالجتماعية الصارخة؛ألن املدرسة جزء من
220
املجتمع ،ومرآة صادقة تعكس سلبياته وتفاوتاته الطبقية الصارخة التي يجسدها
املتعلمون داخل الساحة املدرسية أو داخل الصف الدراس ي.
أما البيداغوجيا الالتوجيهية ،فتنبني على التعلم الذاتي والتسيير الشخص ي ،واعتماد
املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته ،وأداء أعماله .ويتحول املدرس -هنا -إلى مشرف
مرشد ،وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك .وتعتمد الالتوجيهية على الحرية
والعفوية والتلقائية ،وبناء املعرفة عن طريق التدريج املنطقي والشخص ي ،واالبتعاد
عن طرائق التدريس التلقينية القائمة على اإلكراه ،والتلقين ،والحفظ .
ومن ثم ،تزرع هذه الطريقة الالتوجيهية الحديثة الثقة في املتعلم ،وتعوده على املثابرة
الشخصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة ،واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل
املشاكل والوضعيات ،وتطويع الصعوبات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد
سواء.
221
ومن ثم ،فالتواصل التربوي نوعان :تواصل لساني وتواصل غير لفظي .فالتواصل
اللفظي هو الذي يكون بين الذوات املتكلمة ،ويتجلى في شكل وحدات فونيمية،
ومقطعية ،و مورفيمية ،ومعجمية ،وتركيبية .أي :يعتمد التواصل اللغوي على
أصوات ،ومقاطع ،وكلمات ،وجمل.
ويتم التواصل اللغوي عبر القناة الصوتية السمعية .أي :يتكئ أساسا على اللغة
اإلنسانية ،ويتحقق سمعيا وصوتيا .فاللغة املنطوقة لها مستوى لغوي عبارة عن
نظام من العالمات الدالة وظيفتها التواصل .وتتفق البنيوية والتداولية معا على
اعتبار اللغة وسيلة للتواصل ،على عكس التوليدية التحويلية -بزعامة نوام
شومسكي -ترى أن اللغة لها وظيفة تعبيرية .وبالتالي ،تقر بأن التواصل ما هو إال
وظيفة إلى جانب وظائف أخرى قد تؤديها اللغة.
ومن ناحية أخرى ،ترى املدرسة الوظيفية األوربية ،بشقيها الشرقي والغربي ،أن اللغة
اإلنسانية وظيفتها التواصل؛ إذ يعرف أندري مارتيني ( )A.Martinetاللغة على أنها
تمفصل مزدوج ،وظيفتها األساسية التواصل .ويعني بالتمفصلين :املونيمات
والفونيمات .وتذهب سيميولوجية التواصل إلى تبني وظيفة املقصدية ،ويمثل هذا
االتجاه :جورج مونان ،وبرييطو ،وبويسنس ،واملدرسة الوظيفية بصفة عامة.
فالذي يريد أن يدرس اللغة على أساس أنها أداة للتواصل ،ينبغي له أن يستند إلى
علوم لسانية كعلم الداللة والسيميوطيقا والسيميولوجيا .وفي هذا السياق ،يقول
نادرمحمد سراج:
" يتواصل متكلمو لغة إنسانية معينة فيما بينهم بسهولة ويسر ،وذلك مرده إلى أن
كال منهم يمتلك ويستخدم في البيئة اللغوية عينها ،نسق القواعد نفسه ،األمر الذي
222
يتيح له سهولة استقبال ،وإرسال ،وتحليل املرسالت اللغوية كافة ،هذا ما يحدث
مبدئيا عبر ما نسميه شكل التواصل الكالمي Communication verbalوهو الشكل
األكثر انتشارا واستعماال".156
ومن جهة أخرى ،يكون التواصل ،داخل الفصل الدراس ي ،تواصال غير لفظي ،يعتمد
على الحركات واإلشارات والعالمات السيميوطيقية الزمنية واملكانية والعالئقية .ومن
هنا ،فإن مالحظة عادية ملا يجري داخل الفصل الدراس ي من سلوكيات غير لفظية
بين املدرس والتالميذ ،تشكل كنزا من املعلومات واملؤشرات على جوانب انفعالية
ووجدانية .كما تكشف عن املخفي واملستور في كل عالقة إنسانية .وفي هذا الصدد،
يقول فرويد:
" من له عينان يرى ههما يعلم أن البشر اليمكن أن يخفوا أي سر ،فالذي تصمت
شفتاه يتكلم بأطراف أصابعه ،إن كل هذه السموم تفضحه".157
-156محمد نادر سراج ( :التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر الراهن) ،الفكرالعربي
املعاصر ،لبنان ،العددان ،03/02 :السنة 3662م ،ص.07:
157 - Edward .T.Hall: la dimension cachée. Ed Seuil. Coll. Point, n° 89.1971, P:13.
223
يؤشر التواصل غير اللفظي على الهوية الثقافية للمتواصلين من خالل نظام
الحركات ،واإلشارات الجسدية.
وعليه ،يكون التواصل ،في الفصل الدراس ي ،لغويا أو غير لغوي .ويكون التواصل
أيضا عموديا من األعلى إلى األسفل كما في املدرسة التقليدية .ويكون تواصال متنوع
الجهات والحركات كما في املدرسة الحديثة.أي :يكون تواصال عموديا علويا وسفليا.
ويكون تواصال أفقيا يتم بين التالميذ أنفسهم...إال أن التواصل ال يقتصر -اليوم-
على ماهو لفظي وبصري ،بل أصبح تواصال رقميا متعدد األبعاد ،ينفتح على
الشبكات العنقودية إعالما ،واتصاال ،وتثاقفا.
الب نند للم نندرس أن ي ننتحكم جي نندا ف نني اإليقاع ننات الزمني ننة املتعلق ننة بك ننل مس ننتوى دراسن ن ي
معين ؛ حيث يخصص لكل قسم ظرفا زمنيا مناسبا يؤهنل املنتعلم للننتأقلم منع املحنيط
الترب ننوي وال ننواقعي .وهن ننا ،يمك ننن الح ننديث ع ننن التكيي ننف الزمن نني أو اإليق نناعي أو البيئ نني
الذي يراعي بيئنة املنتعلم كاالسنتراحة فني أينام األسنواق األسنبوعية بندل األينام الرسنمية ؛
224
ألن املتعلم يصاحب أبناه إلنى السنوق ،ويننوب عننه فني ذلنك .بعبنارة أخنرى ،يراعني املندرس
كل الحصص واملدة الزمنينة املخصصنة لكنل وحندة دراسنية دون أن يكنون ذلنك لصنالح
مسن ن ننتوى علن ن ننى حسن ن نناب مسن ن ننتوى آخن ن ننر.أي :يراعن ن نني مقن ن نناييس االنضن ن ننباط ،والن ن ننتحكم،
واالنسجام ،واالستيفاء ،مع احترام إيقاع كل قسم على حدة.
يتعلن ننق بن ننزمن االسن ننتقبال ،وزمن ننن الن ننتعلم ،وزمن ننن االسن ننتراحة ،وزمن ننن االنص ن نراف ،وزمن ننن
األنشننطة الرياضننية والفنيننة .وتشننترك األقسننام املشننتركة ،فنني هننذا الزمننان ،مننع األقسننام
العادية املوحدة.
يعن ننى بك ننل مايق نندم م ننن التعلم ننات والخبن نرات للقس ننم املش ننترك بغي ننة تحقي ننق ن ننوع م ننن
االنسننجام داخننل الفصننل الدراسن ي .ويتعلننق هننذا الننزمن بحصننص التقننويم التشخيص ن ي
املشننترك ،وحصننص التقننديم املشننترك ،وحصننص اإلنجنناز املشننترك ،وحصننص التطبيننق
أوالتق ننويم املش ننترك...أو يمك ننن الح ننديث ع ننن حص ننص االس ننتقبال املش ننترك ،وحص ننص
التقننديم املشننترك ،وحصننص العمننل املشننترك ،وحصننص التفكيننر املشننترك ،وحصننص
البحث املشترك...
يخص ننص امل نندرس حصص ننا دراس ننية للورش ننات الدراس ننية التطبيقي ننة والفني ننة بتقس ننيم
الفص ن ن ننل الدراسن ن ن ن ي إل ن ن ننى مجموع ن ن ننات أو جماع ن ن ننات أو ف ن ن ننرق وف ن ن ننق أس ن ن ننس ديناميكي ن ن ننة
225
الجماعننات ،بنندفع اآلخننرين إلننى العمننل باالعتمنناد علننى أنفسننهم مننن خننالل الننتعلم الننذاتي.
وقنند تنصننب تلننك الورشننات علننى الق نراءة ،والكتابننة ،والحسنناب ،والتواصننل ،واألنشننطة
الفنية والتشكيلية .عالوة علنى ورشنات املطالعنة والتثقينف وفهنم النصنوص وتلخيصنها
وتحليلها ،وورشات اإلبداع واإلنتاج واالبتكار...
ويمكن الحديث عن مجموعة من الورشات ،مثل :الورشنات املوجهنة منن قبنل املندرس،
والورش ننات املس ننتقلة الت نني تعتم نند عل ننى مب ننادرات امل ننتعلم وقدرات ننه الذاتي ننة ف نني ال ننتعلم،
والورشننات شننبه املوجهننة أو املرفقننة بعريننف أو قائنند مننتمكن وكننفء ،وورشننات املشنناريع
الحرة ،مثل :الورشات الثقافية والفنية ،والورشات األدبية ،والورشات العلمية...
يمكن الحديث عن الزمن التعليمي املتعلق بالفصل الدراس ي منن جهنة ،والنزمن املنوازي
الننذي يننرتبط بفتننرة االسننتراحة أو بوقننت الف نراغ مننن جهننة أخننرى .وهنننا ،يمكننن للمنندرس
أن يسنتثمر هنذا الوقنت لخلننق الحيناة السنعيدة املثلنى ،وتأهيننل املنتعلم وتنأطيره وتكوينننه
بشننكل جينند ،وخلننق مختلننف األنشننطة لتحفيننز املننتعلم علننى اإلبننداع والخلننق واالبتكننار
والتخييل واإلنشاء ،وإظهار قدراته وكفاءاته وميوله .
226
ح -اإليقاع الزمني املرتبط بالعطل واملناسبات:
يننرتبط اإليقنناع الزمننني املدرس ن ي بمجموعننة مننن األحننداث والعطننل واملناسننبات الوطنيننة
والعاملية.لننذا ،البنند للمنندرس مننن خلننق أنشننطة تتننواءم وتتناسننب مننع فتنرات تلننك األعينناد
واملناس ن ننبات ،نك ن ننأن تك ن ننون أنش ن ننطة ثقافي ن ننة وطني ن ننة ،أو أنش ن ننطة إعالمي ن ننة ،أو أنش ن ننطة
اجتماعيننة ،أو أنشننطة بيأيننة ،أو أنشننطة اقتصننادية ،أو أنشننطة أدبيننة وفنيننة وعلميننة
وتقني ن ننة ،أو أنش ن ننطة ديني ن ننة ،أو أنش ن ننطة حقوقي ن ننة ،أو أنش ن ننطة سياس ن ننية ،أو أنش ن ننطة
صحية...إلخ.
227
التاريخ األيام الـمحتفى بها
228
التاريخ األيام الـمحتفى بها
229
التاريخ األيام الـمحتفى بها
230
.6النمجال الثقافي واالجتماعي
231
التاريخ األيام الـمحتفى بها
يخصنص املندرس زمنننا لالشنتغال فنني فنرق ومجموعنات ،ويتنرأس كنل فرقننة قائند كننفء أو
عري ننف م ننتمكن م ننن آلي ننات الق نراءة والكتاب ننة والحس نناب والتواص ننل الكت ننابي والش ننفوي.
ويختنار املندرس الفريننق أو الجماعنة وفننق مقناييس ديناميكينة الجماعننة أو وفنق مقينناس
السوسن ننيوميترية .وتشن ننتغل هن ننذه الفن ننرق علن ننى مواضن ننيع وأدوار متشن نناههة أو متقاربن ننة أو
مختلفة.
232
ويتننأرجح اإليقنناع الزمننني للحصننة الدراسننية بننين عشننرين دقيقننة وسننتين دقيقننة.أي :ثمننة
مننواد تسننتلزم خمسننا وعشننرين دقيقننة (القنراءة بالفرنسننية) ،أو ثالثننين دقيقننة( الق نراءة
بالعربي ننة ،والص ننرف والتحوي ننل ، )...أو خمس ننا وأربع ننين دقيق ننة( الرياض ننيات ،والنش نناط
العلمي ،والتربية الفنية) ،أو ستين دقيقة (التربية البدنية)...ويختلف هنذا منن مسنتوى
دراس ي إلى آخر.
وتننوزع الحصننة الزمنيننة كننذلك بننين مقنناطع النندرس املختلفننة كننأن يخصننص املنندرس ربننع
سن نناعة للمراجعن ننة والتقن ننديم ،فن نني حصن ننة زمنين ننة تقن نندر بسن نناعة كاملن ننة ،ونصن ننف سن نناعة
لتق ننديم ال نندرس ،ورب ننع س نناعة للتطبي ننق والتق ننويم اإلجم ننالي .ويمك ننن أن يقس ننم امل نندرس
امل نادة الدراسننية إلننى حصننتين زمنيتننين كسنناعة لحصننة التقننديم والفهننم ،وسنناعة أخننرى
للتحلي ننل والتركي ننب والتق ننويم ،كم ننا يب نندو ذل ننك جلي ننا ف نني حص ننة النص ننوص األدبي ننة ،ف نني
التعليم الثانوي التأهيلي
وتأسيسا على ماسبق ،توزع الحصص الدراسية حسب اإليقاعات الزمنية زيادة
ونقصانا ،أو حسب معيار املتجانس واملختلف كما في األقسام املشتركة من التعليم
االبتدائي .بمعنى أن املدرس يمكن أن يخصص حصصا دراسية للمواد املتجانسة
كالنحو والصرف واإلمالء(صنف ألف) ،ويخصص حصصا أخرى للمواد املتباينة ،
مثل :الرياضيات والقراءة والتشكيل (صنف باء)...
وعليه ،ال يمكن للفصل الدراس ي أن يحقق نتائجه اإليجابية إال بالتحكم في
اإليقاعات الزمانية ،وهذا ما يسمى بالتدبير الزمني .ويشمل املواقيت ،واستعماالت
الزمان ،واإليقاعات ،والعطل املدرسية .
233
وإذا كان اإليقاع الزمني في املدرسة التقليدية غير منظم وفق مقاييس تربوية ونفسية
واجتماعية دقيقة وواعية ومقننة؛ إذ كان األطفال محرومين من اللعب واالستراحة
والعطل؛ ألن ذلك يعد -حسب تصورها -تضييعا للوقت وهدرا للطاقة .فكان املهم -
ً
إذا -هو حشو رؤوس املتعلمين باملعارف الكثيرة ،وإن كان ذلك يتم على حساب
الكيف.
بيد أن املدرسة الحديثة قد نظمت إيقاعاتها الزمنية بشكل جيد وفق أسس التربية
الحديثة بمراعاة متطلبات علم النفس وعلم االجتماع .لذا ،فهناك أوقات متنوعة
ومختلفة :وقت للدراسة ،ووقت للعب ،ووقت لالستراحة ،ووقت للتنشيط
والتثقيف ،ووقت للتجريب واالختبار ،ووقت للعطلة واالستجمام ،ووقت لالحتفال
باألعياد الوطنية والدينية ،ووقت للتفرغ املنزلي...
234
وقد نص امليثاق الوطني للتربية والتكوين على أهمية تنظيم اإليقاعات الزمنية
التربوية والتعليمية بشكل يراعي الجوانب النفسية ،واالجتماعية ،والجغرافية ...؛
فقد قسم السنة الدراسية في املستويات التعليمية االبتدائية واإلعدادية والثانوية
إلى أربع مراحل ،وكل مرحلة تتكون من ثمانية أسابيع ،واملجموع أربعة وثالثون
أسبوعا كامال بالنشاط الفعلي .ويحوي هذا الغالف الزمني مابين 3222و 3222حصة
زمنية .وتوزع هذه الحصص الدراسية حسب املحيط الجغرافي واملحلي ،ويمكن
للسلطة التربوية أن تغير اإليقاعات الزمنية حسب الظروف الطارئة ،مثل :الكوارث
235
الطبيعية ،بشرط أن يستوفي املتعلمون الغالف الزمني املقرر رسميا .أما على مستوى
الجامعات ،فيمكن لرئاسة الجامعة أن تختار اإليقاع الزمني الذي يتناسب مع
التكوين الجامعي ،ويمكن أن تأخذ بالدورة الصيفية ،إذا كانت هناك حاجة إلى ذلك.
ولها الصالحية الكاملة في تثبيت إيقاع زمني معين ،أو تغييره ،أو تعديله جزئيا أو كليا.
وغالبا ،ما تبدأ الدراسة بالتعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي في شهر شتنبر من كل
سنة ،وبالضبط في األربعاء من األسبوع الثاني من الشهر نفسه .في حين ،يلتحق
تالميذ البكالوريا في اليوم الخامس عشر من الشهر نفسه .في حين ،تنتهي السنة
الدراسية في شهر يونيو ،وقد تمتد االمتحانات ( البكالوريا مثال) حتى شهر يوليوز.
ومن ثم ،فهناك سداسيان :السداس ي األول الذي يبتدئ من شهر شتنبر ،وينتهي في
شهر فبراير .والسداس ي الثاني الذي يبتدئ من الشهر نفسه حتى شهر يوليوز.
وعليه ،إذا كان تدبير الفصل الدراس ي في املدرسة التقليدية منصبا على املتعلم
ومعرفته املطلقة ،فإن تدبير الفصل في املدرسة الحديثة واملعاصرة يقوم على املتعلم
ومعرفته الكفائية في حل الوضعيات املعقدة .ويضاف إلى هذا أن تدبير الفصل
خاضع لعملية التخطيط املحكم في مختلف مراحله ،كما يخضع لعملية التنظيم
مكانيا وزمانيا من خالل األخذ بقيادة مرنة ديمقراطية بعيدا عن القيادة املتصلبة أو
املتسيبة؛ ألن القيادة املرنة تساعد على ضمان جو الحرية واملشاركة والتعلم الذاتي،
وتوفير فرص الخلق واإلبداع واالبتكار .
236
وجدران ن ننه وأثاث ن ننه ومقاع ن ننده وص ن ننفوفه ،وتقس ن ننيمه تقس ن ننيما جي ن نندا يراع ن نني املس ن ننتويات
الدراسية ،ويتواقف مع أسس السيكولوجيا النمائية والوجدانية والحسية-الحركية.
ولإلشارة ،فقد كان الفضاء الدراس ي ،في املدرسة التقليدية ،فضاء عدوانيا مغلقا
رتيبا ،يتحكم فيه املدرس بشخصيته الكاريزمية املتسلطة واملهيبة؛ حيث يمتلك
معرفة مطلقة ينبغي أن يستفيد منها املتعلم مهما كانت طريقة التدريس شائنة .وقد
كان املتعلم مجرد متلق سلبي ،ال يشارك في بناء الدرس ،بل يكتفي بالسمع والتدوين
والحفظ والتحشية .وكان الفضاء الدراس ي غير منظم وال مرتب ،بل كان فضاء
ضيقا فارغا ،أو مؤثثا بالحصائر أو الزرابي املعدودة ،يجلس عليها املتعلمون في
وضعيات غير مناسبة وغير صالحة للتعلم والدراسة .وكان هذا الفضاء موبوءا
بالعنف والقهر والصرامة ،تختفي فيه الحوارية واملبادرة والنقد والنقاش ،وتغيب
فيه الحياة السعيدة والروح الديمقراطية.
وإذا انتقلنا أيضا إلى املدرسة الغربية الكالسيكية ،فقد كان الفصل الدراس ي بمثابة
مقاعد أو كراس دراسية مصطفة ،تتوجه نحو السبورة املعلقة في وسط الجدار
األمامي .لكن هذا الفضاء الدراس ي ،بدوره ،فضاء رتيب عمودي الطابع .بمعنى أن
املدرس كان مالك املعرفة املطلقة ،يوزعها على التالميذ في اتجاه عمودي من األعلى
نحو األسفل .وعليه ،فقد كان الفضاء الدراس ي الكالسيكي فضاء صفيا عموديا،
تصطف فيه املقاعد إما بشكل فردي ،وإما بشكل ثنائي ،وإما بشكل متعدد.
لكن املدرسة الحديثة التي أخذت بالطرائق التربوية الفعالة قد كسرت هذا الفضاء
العمودي الرتيب املغلق ،فانفتحت على أفضية حميمة كفضاء الساحة ،وفضاء
الحديقة ،وفضاء اللعب ،وفضاء الروض ،وفضاء التعاونيات ،وفضاء البستنة،
237
وفضاء الرحلة ،وفضاء املنزل ،وفضاء الطبع والنشر ،والفضاء املفتوح ،والفضاء
الالمدرس ي...كما تغير نظام املقاعد ،ليتخذ بعدا عموديا ،وأفقيا ،ودائريا ،ونصف
دائري ،وشكل حذوة الحصان...
وعليننه ،يسننتلزم الفصننل الدراس ن ي ،كمننا فنني مدارسنننا الحاليننة ،مجموعننة مننن األفضننية
الض ننرورية ،مث ننل :فض نناء املكت ننب ،وفض نناء العم ننل ،وفض نناء الس ننبورة ،وفض نناء الخزان ننة،
وفضاء املطالعة ،وفضاء املتحف أو األنشطة اليدوية والفنية...
أو يمكن الحديث عن مجموعة من األركان كنركن األعمنال الجماعينة ،وركنن الورشنات،
ورك ن ننن املطالع ن ننة والتثقي ن ننف ،و رك ن ننن الرياض ن ننيات(ألعاب وتم ن ننارين ،والع ن نند ،والقي ن نناس
الهندسن ي ،والننوزن ،والحجننم ،والطننول ،)...وركننن العربيننة أو الفرنسننية( تمننارين ،وبحننث
ف نني املع نناجم والق ننواميس ،ومطالع ننة القص ننص ،)...ورك ننن التربي ننة الفنية(رس ننم ،وتل ننوين،
ومتح ننف فن نني ،ومرس ننم ،)...ورك ننن االجتماعيات(وث ننائق ،ونص ننوص ،وخ نرائط ،)...ورك ننن
التربي ننة اإلس ننالمية(الوثائق -وص ننور الوض ننوء والص ننالة ،وحف ننظ الق نرآن الك ننريم والس نننة
النبوي ننة الش ننريفة ،)...ورك ننن النش نناط العلم نني(تلخيص ،ودراس ننة وث ننائق ،وص نننع أش ننياء،
والتحقق من التجارب)158...
ً
إذا ،يتميز الفضاء الدراس ي بتنوع الحيز التعليمي ،واخنتالف أشنكاله ،وتعندد تصناميمه
الهندسية حسب طبيعة األنشطة التعليمية والدروس املقدمة للمتعلمين.
- 158ميلود التوري :القسم املشترك نحو مقاربة فارقية ،أنفوبرانت ،فاس ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2222م.ص.63:
238
يتميننز هننذا الفضنناء بانفتاحننه النسننبي ،وتحقيننق التواصننل الفعننال اإليجننابي بننين املنندرس
واملتعلم ننين .كم ننا يتس ننم ه ننذا الفض نناء ببع ننده الحم ننيم ،وتقري ننب املس ننافات ب ننين التالمي ننذ
املتحن ن نناورين أفقين ن ننا أو عمودين ن ننا ،ويكن ن ننون املن ن نندرس مرشن ن نندا أو موجهن ن ننا فن ن نني هن ن ننذه الحالن ن ننة
الفض ننائية .كم ننا يقن ننرب ه ننذا الش ننكل الفضن ننائي ب ننين املس ننتويات الدراسن ننية ،ويس ننهم ف ن ني
تحقين ننق التفاعن ننل املثمن ننر ،والتعن نناون البنن نناء والهن ننادف .وتكن ننون السن ننبورة األمامين ننة بن ننارزة
وواضنحة لكننل املتعلمننين النذين يتتبعننون درس املعلننم .وغالبنا ،مننا ينفننع هنذا التنظننيم فنني
أثننناء مناقشننة مواضننيع عامننة التنني تثيننر النقنناش والجنندال واالخننتالف فنني املواقننف واآلراء
واألفك ننار .وتع نند ه ننذه الطريق ننة عملي ننة ناجح ننة ف نني حال ننة نك ننان ع نندد التالمي ننذ قل ننيال ،وف نني
ممارس ننة بع ننض األنش ننطة املوازي ننة ،وتس ننمح لألس ننتاذ بالس ننيطرة املحكم ننة عل ننى دوالي ننب
القسم .بيد أن هذا الشكل يعرقل تحرك املدرس والتالميذ معا بشكل سريع ومرن.
239
ب -فضاء منتصف الدائرة:
يشنبه هننذا الفضناء الننذي يتخننذ نصنف النندائرة منا يسننمى بفضنناء الحنذوة؛ حيننث يتجمننع
املتعلمون بشكل منتصف الندائرة علنى املندرس النذي يقنوم بمهمنة التوجينه ،واإلرشناد،
واإلشراف .ويتميز بالخصائص نفسها التي يتميز هها فضاء حذوة الحصان.
240
يتخننذ هننذا الفض نناء الدراس ن ي أو الصننفي طابع ننا أو شننكال هندسننيا دائري ننا؛ حيننث يص ننبح
املدرس مركز الدائرة .ومن ثم ،يحقق هذا الشكل تواصال ديناميكينا ،وييسنر التواصنل
األفقي بين املتعلمين بشكل جيد .لكن هذا الفضاء اليمكنن أن يصنلح لجمينع املنواد؛ إذ
يمكن أن ينفع املواضيع الحوارية ،ولكن اليصلح للمواد التي تحتاج إلى شنرح وتوضنيح
على السبورة.
ينقسننم الفص ننل الدراس ن ي إل ننى مجموع ننات صننغيرة أو ف ننرق مس ننتقلة ،يوجهه ننا قائ نند م ننا،
وق نند تحن ننوم تلن ننك الجماعن ننات أو الفن ننرق حن ننول طن نناوالت دائرين ننة أو مقاعن نند مسن ننتطيلة أو
مربع ننة أو ب ننأي ش ننكل آخ ننر .بي نند أن ه ننذا التقس ننيم الفض ننائي ي ننؤثر ف نني العم ننل الجم نناعي
املشترك.
241
ج -الفض ــاء العمودي:
يتميننز الفضنناء العمننودي بكونننه فضنناء سننيميتريا متوازيننا ،يعتمنند علننى مقاعنند مصننطفة
بش ن ننكل م ن نننظم؛ حي ن ننث تتج ن ننه رؤوس التالمي ن ننذ عمودي ن ننا نح ن ننو الس ن ننبورة.ويبدو أن ه ن ننذه
الطريقنة كالسنيكية ،يكنون فيهننا الحنوار عمودينا منن املنندرس نحنو املنتعلم ،ومنن املننتعلم
نحو املدرس.
ويعننني هننذا أن الفضنناء العمننودي ،أو الفضنناء الصننفي التقلينندي املسننتقيم ،هننو الشننكل
املسننيطر و املوج ننود بكث ننرة ف نني العملي ننة التعليميننة التعلمي ننة؛ حي ننث إن معظ ننم األقس ننام
242
تؤثننث علننى هننذه الشنناكلة ،فهننو يسننتوعب االكتظنناظ املفتننرض للتالميننذ ،ويسننهل عمليننة
التلق ننين؛ حي ننث يق ننف األس ننتاذ بجان ننب الس ننبورة يعل ننو التالمي ننذ بخط ننوة ،وه ننو تك ننريس
للتراتبي ن ننة املعرفي ن ننة أوال وأساس ن ننا ،ويمك ن ننن أن يلغ ن نني األس ن ننتاذ ه ن ننذه التراتبي ن ننة بالحرك ن ننة
املستمرة ما بين الصفوف ،واالنخراط مع التالميذ.
أما من حيث تنظيم الفضاء الدراس ي ،فينبغي للمدرس أن يقسم الفصل الدراس ي
حسب نظام الصفوف أو تغييره شكليا وهندسيا ،كأن يستخدم الدائرة أو شبه
الدائرة أو الحذوة أو املربع أو املستطيل ،أو اتباع الشكل الصفي العمودي .كما
تقسم حجرة الدرس إلى أركان عدة :ركن خاص بمكتب املعلم ،وركن خاص
باملطالعة ،وركن خاص بخزانة الكتب والدفاتر املدرسية ،وركن خاص بالوسائل
التعليمية وإنجازات املتعلمين ...
243
وعليه ،ينبغي أن يكون تدبير الفضاء الدراس ي متميزا ومتنوعنا حسنب املنواد والتعلمنات
املدرس ننة بغي ننة تحقي ننق فض نناء تش نناركي ،وتع نناوني ،وجم نناعي ،ومنس ننجم ،ومتس ننق .كم ننا
ينبغ نني أن يك ننون فض نناء س ننعيدا تتحق ننق في ننه حي نناة النش نناط والحب ننور وامل ننرح .وم ننن ث ننم،
ينبغ نني أن يك ننون فض نناء حميم ننا الفض نناء ع نندوانيا .كم ننا ينبغ نني أن يت ننأرجح ب ننين االنغ ننالق
واالنفت ن ن نناح حس ن ن ننب ظ ن ن ننروف ال ن ن نندرس وس ن ن ننياقاته التربوي ن ن ننة ،والتعليمي ن ن ننة ،والنفس ن ن ننية،
واالجتماعية.
ويمكننن الحننديث عننن فضنناءات أخننرى يننرتبط ههننا املننتعلم خننارج الفصننل الدراس ن ي ،مثننل:
س نناحة املدرس ننة ،واملراف ننق الرياض ننية ،واملراف ننق اإلداري ننة .ويعن نني ه ننذا أن ننه الب نند أن تك ننون
للمؤسسن ننة التربوين ننة سن نناحة واسن ننعة تتضن ننمن أنواعن ننا عن نندة من ننن النباتن ننات ،واألشن ننجار،
وال ننورود ،واألزه ننار.عالوة عل ننى الكراس ن ي الثابت ننة الجي نندة الت نني يجل ننس عليه ننا املتعلم ننون،
وتوفير قمامات األزبال من صنع جيند ،وإيجناد سنقيفة واسنعة تحمني املتعلمنين منن حنر
الشنمس ،وشنندة البنرد ،واملطننر الغزينر .وينبغنني أيضننا أن يكنون هننناك بسنتاني يهننتم بتلننك
االشن ننجار والنباتن ننات ،واالعتنن نناء ههن ننا يومين ننا م ن نن خن ننالل منن ننع بنن نناء األقسن ننام داخن ننل هن ننذه
السن نناحة الخض ن نراء مهمن ننا كانن ننت الن نندواعي والظن ننروف .ثن ننم ،تكلين ننف حن ننارس ليلن نني يقن ننوم
244
بحراس ننة املؤسس ننة التربوي ننة ،وح ننارس ف نني النه ننار يح ننرس ب نناب املؤسس ننة بص ننفة خاص ننة،
واملؤسسة التربوية بصفة عامة.
أما فيما يخص فضاء الرياضة ،فالبد أن تكون هناك مالعب متنوعة للرياضنة واسنعة
األط نراف ،وتكننون مسننيجة لكنني تفصننل عننن األقسننام الدراسننية .ويسننتلزم هننذا الفضنناء
كننذلك بننناء قاعننة لتغييننر املالبننس خاصننة باملدرسننين ،وقاعننة خاص نة بالننذكور ،وقاعننة
خاص ننة باإلن نناث ،تت ننوفر عل ننى جمي ننع الل ننوازم م ننن من نراحيض ،وأنابي ننب املي نناه ،وص نننابير
الرش ،وغيرها من التجهيزات األساسية .والبند منن قاعنة تحنوي جمينع األدوات واللنوازم
الرياضية الالزمة ملمارسة التربية البدنية.
أم ننا فيم ننا يخ ننص مراف ننق اإلدارة ،فالب نند م ننن مكت ننب امل نندير ،ومكت ننب الن نناظر ،ومكات ننب
الحن نراس الع ننامين ،ومكت ننب مس نناعد امل نندير ،ومكت ننب الس ننكرتارية ،ومكت ننب املقتص نند،
وقاعة لألساتذة تتضمن خزانة تحوي مستلزمات كل مدرس ،ومكتبنة واسنعة وعنامرة،
وقاع ننة للمطالع ننة وإلق نناء املحاض نرات والن نندوات وعق نند االجتماع ننات .وينبغ نني أن تك ننون
تل ن ن ننك املكات ن ن ننب والقاع ن ن ننات مفتوح ن ن ننة ومنفتح ن ن ننة عل ن ن ننى املتعلم ن ن ننين ،وجمعي ن ن ننات اآلب ن ن نناء،
والس نناهرين عل ننى الحق ننل الترب ننوي ،والف نناعلين ال ننداخليين والخ ننارجيين والش ننركاء ض ننمن
سياسية التواصل والحكامة الجيدة.
وهن نناك مرافن ننق أخن ننرى داخن ننل املؤسسن ننة التربوي ننة ،مثن ننل :امل ن نراحيض الخاصن ننة بالن ننذكور
واإلن ن نناث واملدرس ن ننين ورج ن ننال اإلدارة ،ومرف ن ننق الص ن ننحة املدرس ن ننية ،وأقس ن ننام دراس ن ننية ،
ومحترفات أدبية وفنية وثقافينة ،وأندينة مختلفنة ،ومختبنرات علمينة وتقنينة ،وورشنات
متع ن ننددة االختصاص ن ننات.ومن جه ن ننة أخ ن ننرى ،يمك ن ننن الح ن نديث ع ن ننن مس ن ننجد ،وداخلي ن ننة،
245
ومقص ننف ،ومطع ننم ،وقاع ننات التوثي ننق واإلع ننالم واألرش ننفة وتخ ننزين امللف ننات والحف نناظ
عليها.
وخالص ـ ــة الق ـ ــول ،يس ن ننتند ت ن نندبير ال ن نندرس الدي ن ندكتيكي إل ن ننى مجموع ن ننة م ن ننن الخط ن ننوات
اإلجرائي ننة تتمث ننل ف نني تق ننديم املحتوي ننات واملض ننامين ،واختي ننار الوس ننائل الديدكتيكي ننة،
وتنويع طرائق التدريس ،وتنظيم الفضاء الدراسن ي ،والنتحكم فني اإليقناع الزمنني ،وتندبير
التواصل الديدكتيكي بشكل جيد.
246
الفصل السابع:
التقويم الديدكتيكي
247
تعد كفاية التقويم من أهم الكفايات التي ينبغي للمدرس الجيد اإلملام هها و التمكن
منها .ويعد التقويم من أهم عناصر املنظومة البيداغوجية ،ومن املرتكزات األساسية
في العملية التعليمية -التعلمية ؛ ملا له من عالقة أساسية مع األهداف والكفايات
املسطرة .عالوة على كونه املعيار الحقيقي لتشخيص مواطن القوة والضعف في
نظامنا البيداغوجي .ويعد أيضا أداة فاعلة للتثبت من نجاعة التجارب اإلصالحية في
مجال التربية والتعليم.
وينصب التقويم على مدى تحكم املتعلم في مهارة ما ،وتحديد درجة التحكم
واإلتقان .وليس املهم هو تقويم املعارف ،بل تقويم الكفايات والقدرات املستضمرة
لدى املتعلم .بمعنى التركيز على الكيف وليس الكم .أي :تقويم مدى تحكم املتعلم في
248
مهارات اكتساب املوارد وحسن توظيفها .ومن ثم ،فالهدف من بيداغوجيا الكفايات
هو إعطاء معنى ما للتعلمات من خالل تحويل املضامين واملحتويات إلى وضعيات
ومشاكل مستعصية ومعقدة ومتنوعة ومركبة وجديدة.
وينبني التقويم على طرح مجموعة من األسئلة الجوهرية ،مثل :ملاذا نقوم؟ وماذا
نقوم؟ وملن نقوم؟ ومن يقوم؟ وماذا نقوم؟ ومتى نقوم؟ وأين نقوم؟
ويعني هذا أن هذه األسئلة تحيل على املقوم (املدرس ،واملشرف ،والتلميذ ،واملكون،
واملتعلم ،والتكوين ،)...أو على العمل املقوم (إنجازات املتعلم الكتابية والشفوية،
واملعارف ،واملهارات ،والكفايات النوعية واملستعرضة ،)...وتحديد الهدف من
التقويم (تحديد أهداف إجرائية أو كفايات نمائية ) ،وطبيعة التقويم(تقويم ذاتي أو
تقويم موضوعي ،فروض ،واختبارات ،وروائز ،)...وتبيان زمان التقويم ومكانه .ثم،
تبيان ملن يتم هذا التقويم (القطاع املسؤول عن التربية والتعليم ،مستقبل التلميذ،
التكوين ،املتعلم)...
يعلم الباحثون في مجال التربية أن للتقوم عدة وظائف أساسية ،ويمكن حصرها
فيما يلي:
الوظيفة االجتماعية التي تتمثل في معرفة مدى صالحية النظام التربوي ملسايرة
التطور االجتماعي ،ومدى قدرة املدرسة على تغيير املجتمع أو التكيف معه ،ومدى
قدرتها على إعداد املتعلم اجتماعيا ،وتأهيله نظريا وتطبيقيا لخدمة املجتمع ،والسير
به نحو آفاق زاهرة.
249
الوظيفة البيداغوجية التي تتجلى في تقويم العملية التعليمية-التعلمية،
والتحقق من األهداف املسطرة في شكل سلوكيات وكفايات ،واختبار الطرائق
البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية واالستراتيجيات املتبعة في إلقاء الدروس،
وتحليل السياقات االجتماعية والنفسية للمتعلمين بغية معرفة مواطن الخلل
واإلخ فاق عن طريق املعالجة والفيدباك .ويعني هذا أن التقويم إجراء تشخيص ي
ملستوى املتعلمين واألساتذة معا.
الوظيفة املؤسسية التي تحيلنا على سلطة املدرس حين يشهرها في وجه التلميذ،
أو الخضوع للنظام املؤسسساتي التراتبي والطبقي .وفي هذا الصدد ،يقول بلبل(
:)PELPEL
"إن هدف الوظيفة االجتماعية هو في األخير توزيع األفراد حسب أذواقهم وقدراتهم
على مجاالت مختلفة من الحياة االجتماعية واملهنية ،بينما نجد العكس في التقييم
البيداغوجي حيث إن الهدف هو خلق مجموعة متجانسة ،ألن املشروع البيداغوجي
للمدرس اليمكن أن يهدف إال إلى إنجاح الجميع ،أو على األقل األغلبية .أما بالنسبة
للوظيفة املؤسسية والتي تعتبر وسيطة بين الوظيفتين :االجتماعية والبيداغوجية
فهدفها اليمكن أن يكون إال متناقضا :إنه في الوقت نفسه االرتقاء والتصفية .فقرار
التصفية واالرتقاء متعلقان بنوع السنة الدراسية :في بعض األحيان تحدد مسبقا
نسبة النجاح ملستوى معين .كما أن لنفس القرارين عالقة باملؤسسات ،فبعضها
أكثر تسامحا ،والبعض اآلخر أكثر تشددا .أي :إنه أكثر تصفية"159.
159 -P . PELPEL : Se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966, p :105.
250
وتكمن أهمية التقويم في كونه فعال طبيعيا وعقالنيا الختبار مناهج التعليم ،والتأكد
من األهداف التي تم تحقيقها و لم يتم تحقيقها عن طريق القياس والدوسيمولوجيا
( .)Docimologieكما أن التقويم واجب وطني من خالله نتأكد من مدى نجاعة
نظامنا التربوي الوطني ،ومدى قدرة املدرسة على املواكبة ،والتثبت من مدى نجاعتها
في تأهيل املتعلمين للحاضر واملستقبل معا .كما أنه واجب اجتماعي ملعرفة الدور
الذي يقوم به هذا النظام التربوي في تنمية املجتمع وتطويره .فضال عن كونه أداة في
عملية اإلصالح والتأطير والتكوين .وبصفة عامة ،يساعد التقويم على تشخيص
مواطن النقص والكمال لدى املدرسين واملتعلمين واإلداريين واملشرفين واملسؤولين
عن املنظومة التربوية والتعليمية على حد سواء قصد اتخاذ القرارات الصائبة من
أجل اإلصالح ،وإيجاد الحلول املناسبة لكل التعثرات .
وللتقويم كذلك أهداف ووظائف أخرى ،يمكن حصرها في الالئحة التالية من
األغراض واملقاصد:
يهدف التقويم إلى تحديد تقدم املستوى التعلمي لدى التلميذ أو الطالب؛
251
مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ،وتصحيح األخطاء املرتكبة بجردها،
وتصنيفها ،وتصحيحها ،ومعالجتها؛
التقويم أداة مهمة في االنتقاء والتكوين وتنمية الكفاءات اإلنمائية األساسية عبر
مجموعة من املجزوءات اإلجبارية ،واالختيارية ،والداعمة ،والتكميلية.
تمر عملية التقويم التربوي والديدكتيكي -كما هو معروف -بثالث مراحل أساسية
هي:
252
تحضير االختبار :بتحديد هدفه ،وعرض مضمونه ،واختيار نوع األسئلة ،وتبيان
معايير التصحيح وسلم التنقيط.
إجراء االختبار :ينجز املمتحن االختبار الذي قد يكون كتابيا أو شفويا في زمان
ومكان معينين .وبعد ذلك ،تصحح اإلجابات في ضوء مقاييس معيارية مضبوطة.
أما الجوانب التنظيمية لالمتحانات املعيارية ( ما يسمى بالتقويم الخارجي) ،فتعهد إلى
لجان مختصة إما وطنية وإما جهوية وإما إقليمية لتعد املوضوعات الخاصة بكل
امتحان .ويتم إعداد االمتحان انطالقا من اقتراحات األساتذة باحترام التعليمات
الواردة في املذكرة الوزارية .وتجرى االمتحانات في املؤسسات التعليمية ،وتسهر عليها
أطر تربوية وإدارية ومشرفون إلضفاء املصداقية على الشهادات والدبلومات بغية
توفير تكافؤ الفرص بين التالميذ.
وثمة عمليات مصاحبة إلجراء االختبارات داخل مركز التقويم أو االمتحان كتيهيء
القاعات بالعدد الكافي ،ووضع لوائح املرشحين انطالقا من املحاضر الجماعية،
وتوزيع املرشحين على القاعات بالتنسيق مع األكاديمية،وضبط الغياب ،وإعداد
لوائح املراقبين والقاعات املسندة إليهم(مراقبان في كل قاعة -مثال ،)-وإعداد أوراق
التحرير والتسويد بالنسبة لجميع االمتحانات ،وفتح األظرفة الخاصة باملواضيع أمام
مرأى التالميذ واملراقبين واملشرفين ،والحرص على احترام مواقيت االمتحان .وتتم
املراقبة داخل القاعة بالتأكد من هوية التالميذ ،وتجريدهم من وثائقهم ،وإعطائهم
أوراق االمتحان والتسويد ،والتثبت من توقيع املرشحين بعد تسلم أوراق االمتحان،
وضبط الغياب في أوراق صفراء مخصصة لذلك ،وضبط حاالت الغش في محضر
253
الغش ،وإرجاع األوراق إلى إدارة املؤسسة .وبعد ذلك ،ترجع أوراق االمتحان إلى اإلدارة
اإلقليمية والجهوية.
وتأسيسا على ما سبق ،يعتبر التصحيح إجراء تربويا فاعال في عملية التقويم،
والتقييم ،والقياس .و يتم التصحيح من قبل األستاذ شفهيا أو كتابيا سواء أكان ذلك
في مجموعة كبيرة أم صغيرة .كما يتم من قبل املتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه.
ومن مواصفات التصحيح أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا ألعمال التلميذ ،ومفردنا
يحترم شخصية التلميذ ،وإيجابيا يعترف بعمل التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا.
وينبغي أن يكون مبررا تبريرا تربويا كما وكيفا .وتتم عملية التصحيح بعد أن توزع
األكاديمية أظرفة االمتحانات على مختلف املؤسسات لترجعها في أوقات محددة.
وتجري عملية التصحيح داخل املؤسسة؛ حيث يتم التأكد من عدد األوراق املوجودة
في الظرف قبل مباشرة عملية التصحيح وبعدها ،والتثبت من النقطة النهائية.
وتستلزم كتابة النقطة بالعدد والحروف بالتوقيع في أثناء الوقوع في الخطأ أو السهو،
مع الحرص التام على تطابق النقطة على الورقة مع النقطة املدونة في املحضر
الجماعي ،واملشاركة في عملية املداوالت .وبعد ذلك ،تستثمر نتائج االمتحانات
املوحدة أو املعيارية في اتخاذ القرارات الالزمة على مستوى املؤسسة ،واملستوى
اإلقليمي ،واملستوى الجهوي ،واملستوى الوطني.والهدف من ذلك كله هو تشخيص
مواطن الضعف والكمال ،وتحديد النواقص واإليجابيات ،وإبراز مواطن الجودة
والخلل ،والقصد من ذلك هو تحسين مردودية النظام التعليمي.
وهناك أيضا امتحانات التبريز ملعرفة مدى تحقق األهداف الكفائية لدى املتعلم أو
الطالب ،وامتحانات االنتقاء الصطفاء متعلمين معينين ،وامتحانات التشخيص
لتبيان مواطن القوة والضعف ،وامتحانات استشرافية لتبيان مسار املتعلم في
املستقبل من حيث نجاحه وإخفاقه.
والغرض من هذه االمتحانات كلها هو تقويم املتعلم إيجابا أو سلبا ،وتوفير معايير
التوجيه املنهي أو الدراس ي ،وتقديم شهادات صادقة لآلباء واملجتمع املدني حول
مردودية النظام التربوي من حيث التأهيل والكفاءات بمنح املتعلم شهادة أو دبلوما
لينال هها مكانة اجتماعية ،أو منصبا ،أو وظيفة ما.
يقصد بالتقويم القبلي ذلك التقويم الذي ينصب على املكتسبات القديمة في إطار
املراجعة واالستكشاف واالستثمار .كما أنه تقويم يحفز املتعلم على طرح املوضوع
واستكشافه ،أو هو تقويم تشخيص ي يحاول معرفة مواطن القوة والضعف لدى
املتعلم .وبالتالي ،يتضمن وظيفة إرشادية وتوجيهية وتشخيصية .وقد يكون التقويم
255
القبلي أو التمهيدي بمثابة وضعية استكشافية يراد هها إثارة انتباه املتعلم إلى موضوع
جديد ،قد يكون -فعال -محور الدرس الكفائي.
وبناء على هذا التقويم ،تتحدد الكفايات والقدرات املستهدفة ،وتنتقى الوضعيات
واملحتويات واملعارف واملوارد .كما تحدد الطرائق البيداغوجية ،والوسائل
الديدكتيكية الوظيفية ،ويعين التقويم املناسب لقياس الكفاية واختبارها .وغالبا،
ما يكون التقويم القبلي أو االستكشافي أو التشخيص ي في بداية السنة ،أو بداية
الحصة الدراسية ،أو عند تحضير املقطع األولي أو التمهيدي من الدرس.
يكون التقويم التكويني في وسط الدرس ،أو في أثناء بناء العملية التعليمية-
التعلمية ،أو في أثناء التنسيق بين أنشطة املتعلم واملعلم .ويهدف هذا التقويم إلى
التثبت من صحة الحلول التي يقترحها املتعلم ،وكيفية تعامله مع الوضعيات .و من
ثم ،يسعى هذا التقويم إلى مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ملعرفة األخطاء
املرتكبة .وينصب هذا التقويم على عالقة املدرس باملتعلم من خالل أنشطة
الوضعيات .وغالبا ،ما يكون التقويم ذاتيا بالفعل.
ويستند التقويم التكويني الذي يتخلل العملية التعليمية-التعلمية ،بكل مراحلها ،إلى
التنظيم التربوي املنهجي ،والتعرف إلى املساعدات الضرورية.
وعليه ،تتمثل وظيفة التقويم التكويني في وظيفة تثبيت الكفاية وتعزيزها ،وبناء
الدرس كفائيا ،وترسيخ الوضعيات بشكل إيجابي ،وتكوين املتعلم تكوينا أدائيا
وإنجازيا ،وتطوير قدراته النمائية واملعرفية في أثناء مواجهته للوضعية املستهدفة.
وبطبيعة الحال ،تتزامن هذه الوظيفة مع مرحلة الدرس الوسطي أو املقطع الرئيس.
256
التقويم اإلجمالــي:
يكون التقويم اإلجمالي أو النهائي في آخر الحصة الدراسية بعد االنتهاء من املقطع
الوسطي الذي يتخلل الدرس .ويكون هذا التقويم في شكل خالصات عامة ،أو
تطبيقات إدماجية قصيرة أو طويلة ،أو تمارين فصلية و منزلية .ويرتبط التقويم
اإلجمالي بمدة معينة بعد االنتهاء من فرض أو تجربة أو درس .ويهدف إلى قياس
املعارف واملهارات ،والتثبت من مدى تحقق الهدف أو الكفاية في آخر الدرس.
ومن ثم ،ينبغي أن يركز التقويم اإلجمالي الهادف على كيفية اكتساب املوارد
واملعارف واملهارات في إطار ما يسمى بامليتامعرفي ،وقياس القدرات الكفائية،
واالبتعاد عن قياس املعارف واملعلومات املخزنة في الذاكرة.
التقويم املستمر:
هو تقويم مستمر ومتواصل ،هدفه قياس تعلمات املتعلم وخبراته عبر مختلف
مراحل الدرس أو التعلم .ويتحقق التقويم املستمر عبر الفروض واألنشطة الكتابية
والشفوية ،واألنشطة املوازية ،واألعمال املنجزة ،واملشاريع البيداغوجية املتنوعة...
وعليه ،فالتقويم املستمر هو تقويم للمتعلم معرفيا ووجدانيا وحركيا ،وتتبعه في كل
مراحل التعلم والتكوين التي تؤدي إلى نقطة نهائية ،تظهر بكل جالء في طابعها
العددي( النقطة) والكيفي ( التقدير القيمي) .ويدخل في هذا التقويم نتائج الفروض
257
الكتابية والشفوية ،واألنشطة املنجزة في القسم ،و األنشطة املنزلية ،ومشاركة
التلميذ داخل القسم ،والروائز القياسية ،وكذا األحكام الذاتية لألستاذ .وتسهم هذه
امل راقبة املستمرة في مراقبة األستاذ لتلميذه ،وتتبع تعلماته ،وتقييم خبراته ،وتصحيح
العمليات الديدكتيكية التي ينجزها داخل الفصل الدراس ي مع املتعلمين.
258
ويستند هذا التقويم إلى مجموعة من املعايير ،مثل :معيار املالءمة (مالءمة الحل
للمشكل املوضوع) ،ومعيار االنسجام (ترابط املوضوع واتساقه) ،ومعيار الصحة
(يعني صحة األجوبة املقترحة في عالقتها مع الوضعية -املشكلة) ،و معيار السالمة
اللغوية ،ومعيار الجودة و اإلتقان ،ومعيار األصالة الذي يتمثل في اقتراح أفكار
شخصية جديدة لحل الوضعية-املشكلة.
أما عن املبادئ األساسية لتقويم الكفايات ،فتتمثل في ترابط الوضعيات بالسياق ،
وتوظيف جميع املعارف واملوارد املستعرضة لحل الوضعية املشكلة ،و االعتماد على
وضعيات مشكالت أو وضعيات معقدة ومركبة وجديدة.
التقويــم اإلشهادي:
نعني بالتقويم اإلشهادي ذلك التقويم املرتبط بشهادة أو دبلوم ما ،يسمح للمتعلم
باالنتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى ،أو بإجراء مباراة ما للحصول على وظيفة ما
أو تولية منصب معين.
وعليه ،ينتهي كل سلك دراس ي بمنح شهادة أو دبلوم .فهناك شهادة الدروس
االبتدائية إثر اجتياز السنة السادسة ،وشهادة السلك اإلعدادي بعد النجاح في
السنة الثالثة إعدادي ،وشهادة البكالوريا بعد اجتياز السنة الثانية من سلك
البكالوريا.
وغالبا ،ما يكون التقويم اإلشهادي في نهاية التكوين أو التعلم ،ويتوج بامتحان يتسلم
بعده املتعلم شهادة أو دبلوما معينا ،يخول له أن ينال وظيفة ما ،أو يلج تعليما
دراسيا أعلى .والغرض من هذا التقويم هو التثبت من صحة ما اكتسبه املتعلم من
259
موارد ومعارف ومهارات ،والتأكد من مدى تحقق األهداف املسطرة من عملية
التكوين والتعلم.
و يعتمد التقويم اإلشهادي على االمتحان ملعرفة القدرات الكفائية لدى املتعلم ،
وربط ذلك بعملية النجاح واإلخفاق .و من جهة أخرى ،يعتمد على املباراة النتقاء
األكفاء واملؤهلين جيدا لتولية وظائف الدولة ،أو الولوج إلى بعض املؤسسات
التعليمية االنتقائية ،أو تعيين في وظيفة ما سواء أكانت عامة أم خاصة أم شبه
عامة.
وغالبا ،ما يستعين التقويم الذاتي بوضع شبكة التصحيح الذاتي( Une grille de
)correctionفي ضوء مجموعة من املؤشرات الديدكتيكية والبيداغوجية .والهدف
من ذلك هو معيرة التصحيح ،ودفع املتعلم إلى التصحيح الذاتي في ضوء مجموعة
من التعليمات واملعايير واملؤشرات التقويمية التي ترتبط بالوضعية والكفاية املقومة.
ومن ثم ،يحقق هذا التقويم نوعا من املوضوعية .وقد يدخل هذا النوع من التقويم
أيضا ضمن ما يسمى بالتصحيح الذاتي ( " ،)Autocorrectionإما بمنح التلميذ دليل
التصحيح ،وإما بمنحه أدوات ليصحح أخطاءه بنفسه؛ ومن هذه األدوات :املعايير،
260
والطريقة ،واملراجع(القاموس ،واملوسوعة ،والكتاب املدرس ي ، )...أو الجواب (وعليه
في هذه الحالة تحديد الطريقة املوصلة إليه) ،إلخ.
وهناك معالجة أخرى عن طريق املقابلة واملقارنة بين تصحيح ذاتي وتصحيح
خارجي(تصحيح املدرس ،وتصحيح التالميذ اآلخرين) ،من أجل االستفادة من زوايا
الصراع السوسيومعرفي(التقايم)"160
ومن األجدى أن يعتمد التقويم الذاتي على شبكة التصحيح لكي يقوم املتعلم بنفسه
أو بمساعدة مدرسه على تبيان أخطائه وتجريدها وتصنيفها وتقييمها وتقديرها
وتقييمها .أي ":يجب معالجة إنتاجات التالميذ ،إلى جانب تثمينها والتصديق عليها في
اآلن نفسه ،سواء كان املدرس هو من يختارها ،أم تالميذ آخرون ،بمساعدة شبكة
تصحيح (تقدم الجواب الصحيح) ،أو شبكة تقويم ،حتى لو تضمنت أحكاما سلبية
أكثر من اإليجابية (يلزم الحرص ،دائما ،على البدء بإبراز الجوانب اإليجابية) .
ويسري هذا األمر على كل أنشطة املتعلم ،والسيما إنتاجات التالميذ في إطار أنشطة
اإلدماج .فإلقاء النظرة التحليلية عليها ،بمنح التالميذ تغذية راجعة دقيقة محددة
ليتمكنوا من تحديد الجوانب التي ينبغي تحسينها .كما تفيدهم هذه النظرة التحليلية
في التموقع بالنسبة إلى املستوى املنتظر في التقويم الجزائي161".
وعليه ،فالتقويم الذاتي هو الذي يقوم به املتعلم بنفسه حينما يصحح أخطاءه وفق
مجموعة من املعايير واملؤشرات اعتمادا على شبكات التصحيح والتحقق واالستثمار.
262
املتعلم واملدرس معا على االعتماد الذاتي في عملية املراجعة والتنقيح والتصحيح
والتوليف.
وعليه ،تهدف التغذية الراجعة ،في امليدان التعليمي ،إلى إخبار املتعلم بنتائج ردوده،
وتدفعه إلى تصحيح أخطائه .ومن هنا ،تسهم في تعديل السلوك عند املتعلم من
خالل تقويم نتائجه .وللتغذية الراجعة دور بالغ األهمية في عملية التعلم الذاتي ،فهي
تؤدي إلى تسهيل عملية التعلم ،وتسهم في زيادة الكفاءة العلمية التعليمية ،ورفع
جودة التعلم ،وتحسين اإلنتاج كما ونوعا وسرعة .ومن هنا ،يبدو أن التغذية
الراجعة بمثابة نقد للدرس الديدكتيكي في كل مكوناته البنيوية ،وفحص له تخطيطا
وتدبيرا ورقابة ،وتجويد ملراحله ونتائجه وخططه .وقد يقوم به املدرس بنفسه أو
املتعلم في إطار تقويم ذاتي كفائي ومهاري.
خامسا ،املعالجة:
تعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراس ي .ويلتجئ إليها
املدرس بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفروض أو االختبارات واالمتحانات والروائز
بغية تشخيص مواطن القوة والضعف ،بتمثل املعالجة الداخلية التربوية
والديدكتيكية ،واألخذ باملعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي واالجتماعي.
بمعنى أن املعالجة تهدف إلى اكتشاف األخطاء وتشخيصها ووصفها ،وتقديم معالجة
إجرائية ناجعة .ومن ثم ،تستند املعالجة الديدكتيكية إلى أربع مراحل:
الكشف عن األخطاء.
وصف األخطاء.
263
البحث عن مصادر الخطإ.
ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في
موضوعه حسب سياقها ومظانها .وبعد ذلك ،يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج
الشخص ي ،فيصنفها إلى أنواع ،مثل :أخطاء صوتية ،وأخطاء إمالئية ،وأخطاء
صرفية ،وأخطاء داللية ،وأخطاء تركيبية ،وأخطاء تداولية...وبالتالي ،يحدد مواطن
القوة والضعف لدى املتعلم بالبحث عن أسباب هذه األخطاء ،متسائال عن
مصدرها :هل ترجع إلى مصدر داخلي ديدكتيكي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي
واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل ذاتية وموضوعية.
264
املعالجة بالتكرار أو بالعمليات التكميلية.أي :بمراجعة املكتسبات السابقة،
وإضافة تمارين تكميلية مساعدة للتقوية وتثبيت املعارف والقواعد األساسية.
وخالصة القول ،يتبين لنا – مما سلف ذكره -أن التقويم أعم من التقييم .واآلتي أنه
عبارة عن معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخبراته وقدراته الكفائية
حين يوضع أمام وضعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها املستعصية .ومن
ثم ،يساعدنا التقويم على معرفة مستوى التالميذ ،وتحديد مواطن القوة والضعف
لديهم .كما يسعفنا في اختيار املناهج والبرامج الصالحة لتحسين املنظومة التربوية
والديداكتيكية .ويفيدنا كذلك في معرفة مدى تحقق األهداف والكفايات املرجوة
البلوغ إليها ،ويعطينا صورة واضحة عن مدى ما تحققه املدرسة من نتائج ،ويسهم
عددا وتقديرا في التوجيه واإلرشاد املدرس ي .163
-162نفسه ،ص.326:
-163محمد الدريج :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى
سنة ،3600ص.04-03:
265
وعليه ،فللتقويم مجموعة من الوظائف أهمها :الوظيفة التشخيصية ،والوظيفة
التحكيمية ،والوظيفة االستشرافية ،والوظيفة اإلشهادية ،والوظيفة اإلدماجية،
والوظيفة الكفائية...
كما أن التقويم أنواعا عدة ،فهناك :التقويم القبلي ،والتقويم التكويني ،والتقويم
النهائي ،والتقويم املستمر ،والتقويم اإلعالمي ،والتقويم الكفائي واإلدماجي ،والتقويم
الذاتي ،والتقويم اإلشهادي ،والتقويم الدوسيمولوجي...
وفي األخير ،الينبغي أن يقتصر التقويم على الوظيفة الكمية والعددية ،بل ينبغي أن
يتجاوز ذلك إلى الوظيفة الكيفية ليصبح أداة إجرائية فعالة ملراقبة املنظومة
التربوية في مختلف آلياتها التخطيطية والتدبيرية ،بتتبع مسارها بإحكام وإتقان من
خالل الجمع بين املدخالت ،والعمليات ،واملخرجات.
266
الفصل الثامن:
267
يعد الدعم التربوي أو املدرس ي ( )Le soutien scolaireمن أهم اآلليات
اإلستراتيجية التي يمكن االستعانة هها للحد من التعثر الدراس ي ،والقضاء على
الفوارق الفردية ،وتفادي الهدر املدرس ي ،ومعالجة التأخر التحصيلي ،والرفع من
نسبة النجاح في املؤسسة التربوية .ويعني هذا أن الدعم التربوي منهجية ديدكتيكية
وبيداغوجية لتقوية ملكة االكتساب لدى املتعلم املتعثر ،وتعزيزها بالدربة والصقل
وتثبيت املعارف ،والتمرن على األنشطة الداعمة ،وتجريب جميع الطرائق التربوية
املتاحة لتبليغ التعلمات والخبرات واملوارد واملكتسبات التربوية إلى املتعلم املتعثر
بأيسر السبل بغية تحقيق املساواة واإلنصاف وتكافؤ الفرص داخل الفصل الواحد.
واليقصد بالدعم التربوي تقوية املتعلم بالساعات اإلضافية أو الخصوصية املؤداة
عنها ،بل يقوم به مدرس الفصل نفسه رسميا أو تطوعيا من أجل الرفع من مستوى
التحصيل التعلمي لدى التلميذ باستخدام جميع الطرائق الناجعة إلنقاذ املتعلم من
مهاوي الفشل واليأس واإلحباط ،وتحفيزه على العمل واالجتهاد والعطاء لكي يتبوأ
مكانة الئقة بين أقرانه داخل الصف الدراس ي.
ً
إذا ،ما مفهوم الدعم لغة ؟ وما املقصود بالدعم التربوي؟ وما أهدافه؟ وماذا تعني
بيداغوجيا الدعم؟ وما مرتكزات الدعم ومقوماته األساسية؟ وما تقنياته؟ وما أهم
النصوص القانونية التي تنظم قضية الدعم التربوي؟ وما أهم مجاالته ؟ وما أهم
الخطوات املنهجية واإلجرائية التي يعتمد عليها؟ هذه أهم املحاور التي سنتوقف
عندها في هذه املطالب التالية:
268
/1مفهوم الدع ــم لغ ــة:
يعني الدعم ،في كتاب (لسان العرب) ،اإلسناد ،والتقوية ،والتعزيز ،والتثبيت،
واإلقامة ،والترسيخ ،والتأسيس ،واالتكاء .وفي هذا ،يقول ابن منظور :
" دعم :دعم الش يء يدعمه دعما :مال فأقامه .والدعمة :ما دعمه به .والدعام
والدعامة :كالدعمة ...والدعامة :اسم الخشبة التي يدعم هها ،واملدعوم :الذي يميل
فتدعمه ليستقيم .وفي حديث أبي قتادة :فمال حتى كاد ينجفل فأتيته فدعمته ،أي
أسندته ؛ قال أبو حنيفة :الدعم والدعائم الخشب املنصوبة للتعريش ،والواحد
كالواحد .ابن شميل :دعم الرجل املرأة بأيره يدعمها ويدحمها ،والدعم والدحم :
الطعن وإيالجه أجمع ،ويسمى السيد الدعامة .ودعامة العشيرة :سيدها ،على املثل
...
ال مدعم :ال ملجأ وال دعامة .والدعمتان والدعامتان :خشبتا البكرة...
والدعامة :عماد البيت الذي يقوم عليه .وقد أدعمت إذا اتكأت عليها ،وهو افتعلت
منه .وفي الحديث :لكل ش يء دعامة .وفي حديث عنبسة :يدعم على عصا له أصله
يدتعم ،فأدغم التاء في الدال ،ومنه حديث الزهري :أنه كان يدعم على عسرائه أي
يتكئ على يده "164...
يعني مصطلح الدعم ،انطالقا من هذا املتن اللغوي ،مجمل املرتكزات التي يقوم عليها
الش يء ،أو تلك األسس أو الدعامات والوسائل التي يتكىء عليها اإلنسان ،أو يستند
إليها الش يء املادي.
-164ابن منظور :لسان العرب ،حرف الدال ،مادة دعم ،الجزء الخامس ،دار صادر ،بيروت ،لبنان،
طبعة 2226م
269
/2مفه ــوم الدعم الترب ــوي :
ومن هنا ،فالدعم التربوي مكون ديدكتيكي نلتجىء إليه بعد عملية املعالجة ،وهدفه
تشخيص التعثرات والصعوبات واإلعاقات من أجل ضبطها وتصحيحها وترشيدها.
وفي هذا الصدد ،يقول أحمد أوزي:
" الدعم ،أو حصص الدعم ،أو دروس الدعم ،عبارة عن املساعدة التي تقدم لبعض
التالميذ الذين يحتاجون إليها ليكونوا في مستوى زمالئهم في الفصل الدراس ي أو
الستيعاب مواد معينة بشكل أفضل.
-165عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،الجزء الثاني ،منشورات عالم التربية ،دار النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.033:
270
ال حقيقي واملفيد إال إذا تم تعليمها بطريقة مختلفة عن الطريقة التي عملت هها املادة
أول األمر166".
وههذا ،يكون الهدف من الدعم املدرس ي هو تقليص الفوارق املوجودة بين مستوى
التعلمات الواقعي ومستوى التعلمات املنشود تحقيقه .وترى وزارة التربية الوطنية أن
الدعم التربوي هو" مجموعة من الوسائل والتقنيات التربوية التي يمكن اتباعها
داخل الفصل (في إطار الوحدات الدراسية) أو خارجية (في إطار أنشطة املدرسة
ككل) لتالفي بعض ما قد يعترض تعلم التالميذ من صعوبات (عدم الفهم -تعثر-
تأخر )...تحول دون إبراز القدرات الحقيقية والتعبير عن اإلمكانات الفعلية
الكامنة167".
وعليه ،يبدو أن الدعم " مكون من مكونات عمليات التعليم والتعلم يشغل ،في سياق
املناهج الدراسية ،وظيفة تشخيص وضبط وتصحيح وترشيد تلك العمليات من أجل
تقليص الفارق بين مستوى تعلم التالميذ الفعلي واألهداف املنشودة على مستوى
بعيد أو قريب املدى.وتتحقق هذه الوظيفة بواسطة إجراءات وأنشطة ووسائل
-166أحمد أوزي :املعجم املوسوعي لعلوم التربية ،دار النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2223م ،ص.360:
-167وزارة التربية الوطنية :تكوين معلمي التعليم األساس ي ،الرباط ،املغرب3662 ،م ،ص.23:
271
وأدوات تمكن من تشخيص مواطن النقص ،أو التعثر ،أو التأخر ،وضبط عواملها
لدى املتعلم ،وتخطيط وضعيات الدعم وتنفيذها ثم فحص مردودها ونجاعتها"168.
ويرد الدعم التربوي بعد عمليات التقويم ،والتشخيص ،واملعالجة .بمعنى أن التقويم
هو الذي يحدد لنا الصعوبات والتعثرات املوجودة لدى املتعلم بمعرفة الفارق
املوجود بين املستوى الفعلي للمتعلم واملستوى التعليمي املنشود .وبعد ذلك ،تأتي
عملية تشخيص التعثرات والصعوبات باستجالء مظاهرها ،وتبيان أنواعها وأشكالها،
وتصنيفها حسب مجاالتها وأهميتها وخطورتها ،والبحث عن أسباب التعثر وعوامله
الذاتية واملوضوعية ،واقتراح مجموعة من الحلول للمعالجة سواء أكانت ديدكتيكية
أم نفسية أم اجتماعية .ثم ،تأتي عملية الدعم بتقوية التعلم لدى التلميذ املتعثر،
وتعزيز مكتسباته املعرفية والتقنية واملنهجية واملهارية بإيجاد إجراءات ميدانية
وعملية للرفع من مستوى املتعلم.
واليمكن التحقق من نجاعة الدعم التربوي أو املدرس ي إال بتمثل مجموعة من
العمليات التدبيرية املتتابعة واملترابطة فيما بينها ،مثل :التخطيط ،والتدبير،
والتقويم ،والتغذية الراجعة ،واملواكبة.
وتأسيسا على ما سبق " ،يمكن اعتبار الدعم والتقوية مجموعة من العمليات التي
تمكن مؤسسة أو فردا من تقريب الوضعية املنشودة من الوضعية الحقيقية
للمؤسسة أو الفرد .ففي مجال املقاوالت على سبيل املثال ،يمكن لشركة ما أن تحدد
لنفسها تحقيق نسبة معينة من الربح ،ويكون الدعم هو مجموعة من اإلجراءات
والتدخالت التي تسمح بتقليص الفارق بين نسبة األرباح املحققة فعال والنسبة
-168وزارة الترية الوطنية املغربية :كتاب مرجعي في الدعم التربوي3666/3660 ،م ،ص.27:
272
املرغوب فيها .وفي املجال التربوي ،يعتبر الدعم مجموعة من اإلجراءات والعمليات
التي ينبغي اتخاذها ،واإلستراتيجيات التي ينبغي اتباعها ،والتي من شأنها أن تجعل
النظام التربوي قادرا على تحقيق الكفايات املسطرة عند كافة التالميذ دون ميز أو
شرط169".
ومن هنا ،فالدعم التربوي عبارة عن مجموعة من اإلجراءات والخطوات املنهجية التي
تسعى إلى تقريب مستوى املتعلم املتعثر من املستوى املرغوب فيه أو املنشود واقعيا
وتربويا.
الحد من الفوارق الفردية التي يمكن أن تكون داخل القسم الدراس ي؛
الحد من مختلف تعثرات املتعلم وعوائقه سواء أكان ذلك على املستوى املعرفي
أم الوجداني أم الحس ي-الحركي؛
-169وزارة التربية الوطنية :دليل الحياة املدرسية ،الرباط ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2226م،
صص.362:
273
مساعدة املتعلم املتعثر على تجاوز صعوباته باألنشطة الداعمة والهادفة
واملفيدة واملثمرة وفق بيداغوجيا الدعم التربوي أو املدرس ي؛
تطوير املردودية العامة للصف املدرس ي كما وكيفا ،بتطوير مناهج الدعم
والتقوية والتعزيز واملعالجة ههدف تكوين مواطن صالح يتأقلم ويتكيف مع مختلف
الوضعيات القديمة أو املستجدة؛
العمل الجاد واملستمر لتجاوز أي شكل من أشكال التعثر والفشل الدراس ي لدى
املتعلم بإعداد إستراتيجية للدعم قد تكون فورية أو مرحلية أو مستمرة بغية إدماج
املتعلم من جديد ملواكبة مستوى النسق الصفي العادي؛
تعويد املتعلم على تجاوز صعوباته بنفسه ،وتصحيح تعثراته املختلفة واملتنوعة،
بتوجيه من املدرس أو اإلداري أو الخبير األخصائي؛
274
ثالثا ،خصائص بيداغوجيا الدعم:
تهدف بيداغوجيا الدعم إلى تعزيز مكتسبات املتعلم املختلفة ،وتقوية مستواه
التعلمي باألنشطة الهادفة والداعمة بغية الرفع من مردوديته التحصيلية واملعرفية
في مختلف املجاالت وامليادين التربوية .ومن هنا ،تتميز هذه البيداغوجيا بطابعها
الوقائي والعالجي .أي :تهدف إلى وقاية املتعلم من كل أسباب الفشل والتأخر والهدر
املدرس ي ،وحمايته من التعثرات التي قد تؤثر فيه سلبا ،فتدفعه إلى االنقطاع عن
املؤسسة التربوية قبل استكمال سنواته الدراسية اإلجبارية األساسية (ست عشرة
سنة).
وعليه ،تستند بيداغوجيا الدعم إلى تشخيص تعثرات املتعلم املختلفة ،وتحديد
صعوباته املتنوعة ،وتبيان مواطن القوة والضعف لديه ،وتصنيف تلك التعثرات
حسب طبيعتها وصعوبتها وخطورتها بغية إيجاد حلول عالجية ووقائية مناسبة .
275
أضف إلى ذلك السعي نحو حلول واقعية وميدانية لتعويض النقص الذي يعانيه
املتعلم بسبب تعثراته وصعوباته ،والسيما إذا أصيب بعاهات أو إعاقات سمعية أو
بصرية أو جسدية ،أو انتابه تخلف عقلي ،أو كان يعاني صعوبات في القراءة أو
الكتابة .ومن ثم ،فهذه البيداغوجيا تصحيحية بامتياز؛ ألنها تصحح األخطاء
املرتكبة من قبل املتعلم ،وتبحث عن حلول إجرائية لسد الثغرات التي لها آثار نفسية
واجتماعية خطيرة في بناء شخصيته ،وخاصة إذا كان القسم يعرف فوارق فردية
مختلفة ،كما يتشخص ذلك واضحا في األقسام العادية أو األقسام املشتركة .ومن
ثم ،تسعى هذه البيداغوجيا إلى التحكم الفوري أو املرحلي أو الدائم في تعثرات
املتعلم ملساعدته على تجاوزها أو الحد منها بواسطة أنشطة تطبيقية داعمة وهادفة
وبناءة .بل تتميز بخصوصيتها كذلك؛ إذ تنبه إلى ضرورة إيجاد فضاءات أو طرائق
خاصة للحد من العوائق والتعثرات والصعوبات املوجودة لدى هؤالء املتعثرين.
وعليه ،تعتمد بيداغوجيا الدعم على مجموعة من املراحل األساسية هي :التخطيط،
والتدبير ،والتقويم ،والتشخيص ،واملعالجة ،والدعم .ومن أهم هذه املراحل كلها
مرحلة التشخيص التي ت عنى بتحديد األخطاء املرتكبة ،وتعيين الصعوبات والتعثرات،
وتصنيفها حسب مجالها وأهميتها وخطورتها ،وذكر األسباب والعوامل التي تكون وراء
تلك الصعوبات كأن تكون راجعة إلى مكتسبات املتعلم ومؤهالته الذاتية ،أو إلى
قدراته الذكائية والوراثية ،أوالوسط الذي ينتمي إليه املتعثر ،أوطبيعة البرنامج
الدراس ي املعتمد ،أوطرائق التدريس التي يستعين هها املدرس ،أوغياب التحفيز املادي
واملعنوي...
ومن ثم ،يكون التشخيص في بداية الدرس ،أو في وسطه ،أو في نهايته .ويتحقق
باستعمال اختبارات وروائز تشخيصية شفهية ،واستثمار نتائج كواشف النقط،
276
وتشخيص األخطاء ،وإجراء املقابلة ،واستخدام تقنية املالحظة ،واالستعانة بأنماط
من القوائم ...
ومن هنا ،يمكن الحديث عن أنواع مختلفة من الدعم ،ويمكن حصرها فيما يلي:
الدعم االجتماعي الذي يتعلق بوضعية املتعلم داخل وسط اجتماعي معين.
ومن ثم ،يستند الدعم إلى مجموعة من الصيغ اإلجرائية ،مثل :املراجعة ،والدعم
الذاتي ،والدعم بالوسائط املختلفة واملتنوعة كالكتب ،واملصادر ،واملراجع،
والصحف ،والحاسوب ،واألنترنيت ،واألقراص املدمجة .ثم ،الدعم باألقران (
املساعدة الجماعية) ،والدعم باملجموعات أو االشتغال في فرق تربوية ،والدعم
باملتدخلين (االستعانة بالفاعلين الخارجيين أو الشركاء أو املتطوعين).
عالوة على ذلك ،يندرج الدعم التربوي ضمن مجاالت مختلفة على النحو التالي:
الدعم املرتبط باملجال املعرفي كما يبدو ذلك جليا في كتابة تقارير وملخصات
وأبحاث كتابية وشفهية؛
277
الدعم املقترن باملجال الوجداني والعالئقي الذي يتجلى في تنمية امليول
والرغبات واالتجاهات النفسية ،وتعزيز املواقف واالقتناع الشخص ي ،وتحسيس
املتعلم باملسؤولية ،والتموقف...؛
الدعم املرتبط باملجال املهاري العملي ،كما يبدو ذلك جليا في في إنجاز تمارين
تطبيقية ،وأعمال مختبرية تتعلق بالنشاط العلمي ،وبحوث فردية وجماعية،
ومناقشات مفتوحة مع التالميذ170...
املدرسة فضاء للجميع بغية الترقي والنجاح وامتالك الرأسمال الرمزي ،والثقافي،
واملادي ،واالجتماعي؛
كل األطفال قادرون على التعلم ماداموا يمتلكون املؤهالت الوراثية والقدرات
االكتسابية نفسها؛
املدرسة فضاء طبيعي للفوارق الفردية التي يمكن الحد منها بالعمل الجاد
والدعم املستمر؛
لكل متعلم وتيرة إيقاعية معينة في التعلم واالكتساب والتحصيل حسب قدراته
النمائية؛
اليمكن إرجاع الفوارق الفردية بين املتعلمين داخل فصل واحد إلى عوامل
طبيعية أو وراثية أو نفسية أو اجتماعية بمعزل عما هو تربوي وديدكتيكي؛
لكل مدرس طريقة معينة في التدريس قد تكون لها آثار سلبية أو إيجابية في
املستوى التحصيلي لدى املتعلم؛
هناك حلول مختلفة للحد من التعثر الدراس ي ،ومعالجة التأخر التربوي ،بربط
النظرية بالتطبيق والتنفيذ الفوري أو املرحلي أو الدائم واملستمر.
279
وعالئقي ،أو ما هو حس ي -حركي .وقد يكون التعثر راجعا إلى " الظروف املحيطة
بالعملية التعليمية -التعلمية داخل القسم ،عندما يفض ي التشخيص إلى نتائج
مفادها أن تعثر املتعلم راجع إلى عوامل خارجية عن املتعلم كفرد ،ومرتبطة -مثال-
بطرائق التدريس ،او باستعمال الوسائل التعليمية ،أو بعدم التالؤم بين وتيرة
التدريس ووتيرة التعلم ،أو بالعالقة مع املدرس ،بالعالقة مع باقي املتعلمين ،أو
بالتقويم واالمتحانات171."...
وقد يكون التعثر مرتبطا بالظروف الداخلية للمؤسسة بسبب هشاشة البنيات
التحتية ،وغياب التدبير اإلداري والتربوي الفعال ،وانعدام املرافق الضرورية في
املؤسسة ،مثل :املكتبة ،وقاعة املطالعة والندوات ،واملجال األخضر ،وبعد الداخلية
عن املؤسسة الحاضنة ،وتغيب املدرسين باستمرار ،وانتشار العنف الرمزي...
أضف إلى ذلك " املحيط املباشر للمؤسسة ،عندما يقودنا التشخيص إلى نتائج
مفادها أن للوسط الذي توجد فيه املؤسسة أثرا سلبيا في الصحة الجسدية أو
النفسية أو االجتماعية (بيع أغذية غير مراقبة والتبغ في محيط املؤسسة ،والطريق
املؤدية للمؤسسة مرتبطة بالظروف املناخية وغير آمنة172."...
دون أن ننس ى الظروف االجتماعية لألسرة من فقر ،وعوز ،وفاقة ،وطالق ،وتفكك،
وصراع أسري داخلي ...وقد يكون التعثر كذلك راجعا إلى املناهج والبرامج واملقررات
الدراسية ،أو إلى املدرس نفسه ،أو إلى الطرائق التربوية املستخدمة في التدريس ،أو
إلى املتعلم نفسه بسبب اإلهمال ،والشرود ،وعدم االنتباه ،والتقاعس في أداء
واجباته الدراسية...
الدعم الفارقـ ــي :يقصد بالدعم الفارقي ذلك الدعم الذي يحتكم إلى
البيداغوجيا الفارقية ،ويهدف إلى الحد من تلك الفوارق املوجودة بين املتعلمين
داخل الفصل الدراس ي الواحد بتقوية املكتسبات ،وتعزيز التعلمات لدى التلميذ،
وتشجيع املتعلم على املبادرة والعمل واالجتهاد ،والحد من الفوارق االجتماعية
والطبقية والتعليمية بفردنة التعليم ،وتدعيم املوارد لدى الضعفاء واملتعثرين
واملتخلفين عبر عمليات التكرار والتعزيز والتحفيز واملراجعة واملصاحبة الدائمة
واملستمرة لهؤالء.
ومن ثم ،تنطلق البيداغوجيا الفارقية من االقتناع القائل بأن" أطفال الفصل
الواحد يختلفون في صفاتهم الثقافية واالجتماعية واملعرفية والوجدانية ،بكيفية
تجعلهم غير متكافئي الفرص أمام الدرس املوحد الذي يقدمه لهم املعلم .ويؤول
تجاهل املدرس لهذا املبدإ إلى تفاوت األطفال في تحصيلهم املدرس ي .وتأتي
البيداغوجيا الفارقية للتخفيف من هذا التفاوت .ويعرف لوي لوگران ( Louis
)Legrandالبيداغوجيا الفارقية كاآلتي ":هي تمش تربوي ،يستعمل مجموعة من
الوسائل التعليمية -التعلمية ،قصد إعانة األطفال املختلفين في العمر والقدرات
والسلوكيات ،واملنتمين إلى فصل واحد ،من الوصول بطرائق مختلفة إلى األهداف
نفسها ".174
" تتمثل البيداغوجيا الفارقية في وضع الطرائق واألساليب املالئمة للتفريق بين
األفراد ،والكفيلة بتمكين كل فرد من تملك الكفايات املشتركة (املستهدفة من قبل
املنهج) .فهي سعي متواصل لتكييف أساليب التدخل البيداغوجي تبعا للحاجيات
-174نفسه ،ص.33-37:
282
الحقيقية لألفراد املتعلمين .هذا هو التفريق الوحيد الكفيل بمنح كل فرد أوفر
حظوظ التطور واالرتقاء املعرفي"175.
ومن جهة أخرى ،يعرفها عبد الكريم غريب بأنها" إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل
التلميذ متكيفا مع الفوارق الفردية بين املتعلمين ،قصد جعلهم يتحكمون في
األهداف املتوخاة"176.
وتقترن البيداغوجيا الفارقية بالتمثالت الذهنية املختلفة لدى املتعلمين سواء أكانوا
فقراء أم أغنياء ،أو كانوا حضريين أم بدويين .ومن ثم ،فالبيداغوجيا الفارقية هي"
بيداغوجيا الكفايات والقدرات؛ فهي تقتض ي مراعاة الفوارق بين التالميذ؛ إال أن
الفوارق التي تعنيها هنا ،هي في التمثالت الذهنية ،وليست في االنتماءات الطبقية .وفي
هذا السياق ،يمكن التساؤل حول التمثالت األكثر داللة وغنى :أهي تمثالت التالميذ
املنحدرين من أسر فقيرة أم تمثالت املنحدرين من أسر غنية؟ إن األخذ بنظرية
الشفرتين لبرنشتاين ( )Basil Bernsteinيسقطنا في نوع من التعميم؛ بينما يؤدي
األخذ بنتائج أبحاث دوكري( )Duccret. Bإلى قناعات وتأكيدات فجة177" .
بمعنى أن نظرية برنشتاين تذهب إلى أن الفقراء يوظفون شفرة ضيقة ومحدودة على
مستوى التواصل اللغوي؛ مما يجعلهم هذا الواقع في وضعية صعبة على مستوى
-176عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،الجزء الثاني ،منشورات عالم التربية ،دار النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.420:
-177العربي اسليماني ورشيد الخديمي :قضايا تربوية ،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.42-43:
283
األداء واإلنجاز والكتابة؛ حيث ال يستطيعون التعبير بسهولة وثراء وغنى ،كما هي
شفرة األغنياء التي تتميز باالتساع والثراء على مستوى املعجم ،والثقافة ،والخبرة؛
مما يؤهلهم ذلك إلى التفوق والنجاح في دروسهم.
284
الدعم اإللكتروني والرقمي :هو ذلك الدعم الذي يكون عن طريق الحاسوب
الرقمي بتقديم مجموعة من الدروس والتمارين بطريقة مجانية عبر آلة الحاسوب أو
األنترنيت.أي :يتعلم التلميذ بواسطة البرمجة الرقمية ،فيتمرن على األنشطة
الدراسية ،ثم يراجع دروسه ويتعلمها بإنجاز التمارين واألنشطة التي يقدمها
الحاسوب على الشاشة.
وهناك أيضا باحثون متخصصون في مجال الدعم املدرس ي ،يقدمون املقرر الدراس ي
على شاشة الحاسوب لتوصيلها إلى املتعلمين بأيسر السبل .ومن ثم ،يتعود املتعلم
الرقمي على مجموعة من الفروض ،واالمتحانات ،واالختبارات ،والروائز .ومن ثم،
يخضع لتقويم شامل من قبل املشرفين على تلك البرامج واملقررات الدراسية املوجهة
إلى املتعلمين .ويعني هذا أن الحاسوب أو األنترنيت يقوم بدور مهم في مجال الدعم
التربوي.
الدع ــم الفردي أو الجماعي :عندما يكون الدعم مرتبطا بفرد واحد يسمى بالدعم
الفردي .وعندما يكون موجها إلى أكثر من فرد واحد يسمى بالدعم الجماعي .ومن هنا،
فقد يكون الدعم املدرس ي موجها إلى فرد واحد ،أو يقوم به مدرس واحد ،أو يختار
املدرس عريفا أو تلميذا نجيبا ليقوم بدعم زمالئه من املتعلمين داخل الفصل
الدراس ي الواحد سواء أكان املدعم تلميذا واحدا أو تلميذين أو جماعة .ويكون هذا
الدعم بشرح الدرس وتبسيطه وتوضيحه ،واإلكثار من األنشطة والتمارين الداعمة
لتقوية الذاكرة التعلمية لدى املتعلم ،أو تشجيعه على القيام باألعمال والواجبات
الدراسية ،أو مساعدته على توظيف موارده عند مواجهته مجموعة من الوضعيات
السهلة أو الصعبة أو املعقدة أو املركبة.
285
الدعم التربوي الداخلي أو الخارجي :يقصد بالدعم الداخلي ذلك الدعم التربوي
الذي ينجزه املدرس داخل الفصل أو القسم الدراس ي بإعادة الدرس أو شرحه أو
توضيحه ،أو اإلكثار من التمارين الداعمة .ويكون الدعم خارجيا عندما يقدم في
أوقات الفراغ داخل املؤسسة التربوية إما في مكتبة ما ،وإما في فصل دراس ي
مخصص للدعم يسهر عليه مجموعة من املدرسين في مواد مختلفة .وقد يكون هذا
الدعم الخارجي في مؤسسة خصوصية ما ،أو في مكان ما تسهر عليه جمعية مدنية ،
أو في املنزل؛ حيث يقوم الوالدان بتعليم أوالدهما املتعثرين أو املتأخرين تربويا،
بتقوية مكتسابتهم الدراسية ،ومساعدتهم على حل وضعياتهم اإلدماجية.
286
الدعم الفوري أو املرحلي أو الدائم :يكون الدعم الذي يزاوله املدرس للحد من
تعثرات متعلمه إما دعما فوريا يرتبط بلحظة معينة ،فيسد الثغرات التي تؤثر سلبا في
املتعلم؛ وإما دعما مرحليا أو متدرجا يهدف إلى تجاوز صعوبات املتعلم بشكل مرحلي
في الزمان واملكان؛ وإما دعما دائما ومستمرا يقوم على تتبع املتعثر مصاحبة طول
الوقت ملساعدته على تجاوز أخطائه ،واألخذ بيديه لتفادي كل الصعوبات التي يمكن
أن تواجهه في أية لحظة مفاجئة.
الدعم باملعالجــة :يكون هذا الدعم بإيجاد حلول عملية وميدانية وواقعية،
ومعالجة ديدكتيكية داخلية أو خارجية إجرائية للحد من تعثرات املتعلم بتصحيح
أخطائه وتشخيصها ،وتبيان أنواعها ،وتحديد مواطنها ،وتصحيحها وفق القواعد
الضابطة أو املرسومة .ويمكن أن تكون املعالجة فورية أو عبر املراحل من جهة ،أو
نفسانية واجتماعية من جهة أخرى.
وقد تمتد املصاحبة زمنيا ومكانيا إلى خارج املؤسسة التربوية ،بل تصل إلى املنزل.
بمعنى أن يتتبع املدرس تلميذه املتعثر حتى ينجح في امتحانه ،ويحصل على ما يصبو
إليه بتجاوز كل الصعوبات والتعثرات املمكنة التي تحول دون نجاح املتعلم.
287
وقد تبنت فرنسا ،إبان املوسم الدراس ي(2226-2220م) ،سياسة مهمة في مجال
الدعم التربوي بتخصيص أستاذ للدعم ملصاحبة التالميذ في أثناء إنجاز واجباتهم
الدراسية ،ومساعدتهم على القيام بأنشطة التربية البدنية ،وتنظيم أوقات فراغهم،
ومساعدتهم على اكتساب اللغات األجنبية ،وتحفيزهم على العمل ،والنشاط،
واإلبداع.
ومن أهم هذه املذكرات واملراسالت الوزارية التي تتعلق بالدعم التربوي املذكرة
الوزارية رقم 360بتاريخ 3664/32/22م التي تحمل عنوان (الدعم التربوي).وهناك
مذكرة رقم 330في أكتوبر3664م للتنصيص على تأسيس مديرية الدعم التربوي،
وتحديد مجموعة من أنواع الدعم ؛ مثل:
الدعم املندمج :هو الدعم الذي ينجز داخل الفصول الصفية؛ حيث يقدم
املدرس مجموعة من الدروس واألنشطة والتمارين الداعمة للتعويض أو التقوية أو
الشرح والتوضيح قصد الرفع من مستوى املتعلم نحو األفضل ،وتطبيق مبدأ
التغذية الراجعة أو الفيدباك لتجويد الدرس أو تحسين الدرس الديدكتيكي املقدم
لتالميذ الفصل .
288
الدعم املؤسس ي أو املؤسساتي :هو ذلك الدعم الذي ينجز داخل فضاء
املؤسسة التربوية بتخصيص أقسام أو أمكنة معينة للدعم ،يقوم به مدرسون أو
إداريون أو أطر تنتدههم جمعيات مدنية ملساعدة املتعلمين ،وعالج تعثرهم ،وإيجاد
حلول ناجعة للصعوبات التي يواجهونها في أقسامهم الدراسية.
الدع ــم الخارجي :هو ذلك الدعم الذي يقدم خارج املؤسسة التربوية لتقوية
مستوى املتعثرين أو املتخلفين أو ذوي الحاجيات الخاصة في إطار عالقات تشارك
مع الفاعلين الخارجيين ،وضمن مشاريع املؤسسة التي يصادق عليها مجلس التدبير.
وقد نشرت الوزارة كذلك كتابا مرجعيا في الدعم ،178وطبعته في كتاب سنة 3666م،
صدر عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء بعنوان (كتاب مرجعي في الدعم
التربوي).
وهناك مراسلة وزارية أخرى تحت رقم 266-37بتاريخ 33دجنبر2237م تتعلق بمنع
الساعات الخصوصية أو اإلضافية ،وتعويضها بساعات التقوية والدعم .وتبعتها
مراسلة أخرى خاصة بالدعم التربوي املؤسساتي الرقمي تحت رقم 262-33الصادرة
بتاريخ 36مارس2233م.
ويمكن الحديث أيضا عن (دليل الحياة املدرسية) الذي يتحدث كذلك عن الدعم
التربوي في بعض مباحثه؛ ملا له من آثار إيجابية في إغناء الحياة املدرسية ماديا
ومعنويا ،وإثرائها تربويا وديدكتيكيا.179
-178زارة النتننربنيننة ال ننوطنننينة ،اللنجنن ننة النم ننرك ننزيننة للندعننم النتننربننوي :ك ـتــاب مــرج ـع ــي في الـدع ــم ال ـت ــرب ــوي،
منط نب نع ننة الننجنناح النج نندينندة ،الدار البيضاء ،املغرب ،طبعة 3666م.
289
ثامنا ،تدبيرالدعم التربوي وتنفيذه:
تستلزم عملية الدعم التربوي أو املدرس ي أن يقوم املدرس بعدة عمليات إجرائية
للحد من تعثرات املتعلم ،ويمكن حصرها في الخطوات املنهجية التالية:
التوقف عند التعثرات والصعوبات التي تعوق نمو املتعلم ،وتحول بينه وبين
تحصيل النجاح كأن نتوقف ن مثال -عند صعوبات الحفظ والتذكر واالسترجاع ،أو
صعوبات الفهم واإلدراك ،أو صعوبات التحليل ،أو صعوبات التطبيق ،أو صعوبات
التقويم ،أو صعوبات التوظيف واستثمار املوارد املكتسبة ،أو صعوبات إدماج
املعارف والتقنيات واملوارد ومعلومات الدرس.
تحديد مجال التعثرات كأن يكون املجال معرفيا ذهنيا ،أو مجاال عاطفيا
وجدانيا ،أو مجاال حسيا -حركيا.
تصنيف التعثرات بشكل واضح دقيق ،وترتيبها عبر سلم األولوية واألهمية
والتدرج والخطورة ،كأن نبين أن ثمة تعثرات نفسية ،أو اجتماعية ،أو إعاقية ،أو
صوتية ،أو صرفية ،أو إمالئية ،أو تركيبية ،أوداللية ،أو بالغية ،أو تداولية ،أو
رقمية ،أو كتابية ،أو تقنية ،أو مهارية ،أو منهجية...
تحديد أهداف الدعم وكفاياته األساسية والنوعية واإلجرائية .بمعنى التركيز على
الدعم الذي ينمي الكفايات األساسية ،مثل :كفاية القراءة ،وكفاية الكتابة ،وكفاية
الحساب ،وكفاية التحليل املنهجي ،وكفاية التعبير الشفوي والكتابي ،والكفايات
التواصلية ،والكفايات املعرفية ،والكفايات الثقافية ،والكفايات املنهجية،
االستعانة بالتغذية الراجعة.أي :يقوم املدرس -أوال -بتصحيح أخطائه التي يكون
قد ارتكبها في أثناء تقديم الدرس بسد الثغرات أو التعثرات التي يكون لها آثار سلبية
في تعلمات التلميذ ،وتكون سببا مباشرا في تعثرات املتعلم .ومن ثم ،يعيد املدرس
الدرس إما كليا أو جزئيا لتصحيح كل األخطاء التي يكون قد ارتكبها عبر مسار
الدرس ،وعبر مراحله املختلفة تشخيصا وتكوينا وتقويما على حد سواء.
تعويد املتعلم ،في أثناء أنشطة الدعم ،على التقويم الذاتي ،والتصحيح التعلمي
وفق شبكات التقويم املعدة لذلك ،والرجوع إلى مختلف الوثائق لبناء معارفه وخبراته
التعلمية من جديد ،وتعضيد مكتسباته الصفية ،وتصحيح زالته وأخطائه وتعثراته.
291
تفريغ نتائج التقويم والتصحيح لتحديد املعالجة املناسبة لذلك املتعلم :هل
تكون املعالجة فورية ،أو معالجة مرحلية ،أو معالجة مستمرة ودائمة؟
بناء دروس ديدكتيكية وفق بيداغوجيا الدعم التي تربط الدرس بالتقويم
املستمر والدعم املسند وفق املنظور املندمج ،أو املنظور املؤسساتي ،أو املنظور
الخارجي.
ويعني هذا كله أن للدعم التربوي ثالث خطوات منهجية أساسية تتمثل فيما يلي:
البحث عن أسباب التعثر ،هل هي تربوية أو نفسية أو اجتماعية من جهة ،أو هي
مرتبطة باملتعلم نفسه أو بالعملية التعليمية داخل القسم ،أو باملؤسسة وظروفها
الداخلية والخارجية؟
ففي املجال املعرفي ،خصصت حصص للدعم والتوليف للسلك االبتدائي ضمن
بيداغوجيا اإلدماج ،ويقوم هها املدرس داخل القسم ،ويسمى هذا بالدعم املبرمج في
املناهج الدراسية ،واالستعانة بآليات البيداغوجيا الفارقية للحد من الصعوبات
292
والتعثرات املمكنة .ثم ،االستفادة كذلك من بيداغوجيا األخطاء لتصحيح ما ارتكبه
املتعثر من أخطاء وأغالط ،واإلكثار من األنشطة الداعمة الهادفة واملفيدة،
ومراجعة الدروس بشكل جيد من خالل تلخيصها وكتابة تقارير عنها باعتماد
منهجية متسقة ومنسجمة .عالوة على تقديم العون للمتعلمين الذين يوجدون في
الداخليات من قبل املدرسين أو اإلداريين أو املتطوعين الذين تختارهم جمعيات
مدنية ،أو االشتغال في جماعات وفرق تربوية يسيرها عريف مجتهد يقوم بدور
املدرس .فضال عن تدخل مجلس التدبير باقتراح مشاريع وشراكات يكون هدفها دعم
املتعلم ديدكتيكيا وتربويا ،وتكليف املتعلمين باألبحاث العلمية واملشاريع الثقافية
والببليوغرافية.
أما فيما يتعلق بالجانب النفس ي والوجداني ،البد من تشجيع املتعثرين على التشبث
بمواقفهم اإليجابية ،والتركيز على مواطن القوة لديهم ،وتحبيبهم في املدرسة،
وتشجيعهم على املبادرة وتحمل املسؤولية ،وتطبيق دينامية الجماعة ،وتفعيل آليات
التواصل اللفظي وغير اللفظي ،واألخذ بالتفاعل االجتماعي البناء واملثمر ،وتعويد
املتعلم على اإلنصات ،والتركيز ،واالنتباه...
أما فيما يتعلق بالجانب الحس ي -الحركي ،يشجع املدرس املتعثرين على التقليد
واملحاكاة واإلعادة املتكررة من أجل التحكم في املهارات املعينة...
وفي ما يتعلق بالجانب املؤسساتي ،البد من تكوين أطر كفئة في مجال التدبير اإلداري
واملالي ،وفي مجال النفس ي واالجتماعي والتربوي ،وتوفير البنيات التحتية املالئمة
لتعليم جيد ،وخلق مشاريع املؤسسة التي ترتكز على الدعم التربوي ،والدخول في
شراكات متنوعة تهم املجال الدعم املدرس ي ،ثم تحسين الظروف املادية واالقتصادية
293
لألسر املعوزة ،وإزالة كل العوائق التي تحول دون تحصيل تعليم جيد ،وهادف ،
ومثمر.
294
-األسرة الدعم - (ضعف -بطاقات -صعوبات
-املتطوعون الهادف التحصيل التصحيح منهجية
-اإلعالم الدعم - املدرس ي- الذاتي -صعوبات
-الحاسوب الكفائي التعثر- واملوضوعي موقفية
الرقمي الدعم - الرسوب)... وانفعالية
-املكتبات اإلدماجي -صعوبات
العامة القياس - حسية -حركية
والخاصة واالختبار -صعوبات
-الجماعات والتقويم إدماجية
من والروائز ...
املتعلمين
295
واملقترحات الدعم
وخالصة القول ،يتبين لنا ،مما سبق ذكره ،أن الدعم التربوي أو املدرس ي عملية
ديدكتيكية ،وتربوية ،ونفسية ،واجتماعية .ويكون الهدف منها تصحيح املسار
التعلمي عند املتعلمين الذين يعانون صعوبات مختلفة ومتنوعة في أثناء تواجدهم في
الصف الدراس ي.
وبتعبير آخر ،الدعم التربوي عبارة عن مساعدة وقائية تصحيحية وعالجية في شكل
مساعدة فورية أو متدرجة أو دائمة إلنقاذ املتعلم دراسيا ،وتقوية تعلماته املعرفية ،
وتثبيت مواقفه الوجدانية ،وتعزيز أنشطته الحسية – الحركية .والهدف من هذا
كله هو الترقية بمستواه الكفائي كما وكيفا ،ومساعدته على استخدام قدراته
ومواهبه وميوله للتكيف مع الوضعيات الدراسية املعطاة.
296
ومن جهة أخرى ،اليمكن الحديث عن الدعم إال بعد عمليات اإلنجاز والتقويم
واملعالجة .ومن ثم ،تخضع عملية الدعم ملجموعة من الخطوات اإلجرائية ،مثل:
التخطيط ،والتدبير ،والتقويم ،والتشخيص ،واملعالجة ،والفيدباك ،واملواكبة،
والتتبع الفوري أو املتدرج أو الدائم املستمر للمتعلم حسب مجاالت التعثر.
ويالحظ كذلك أن بيداغوجيا الدعم لها عالقة وثيقة الصلة ببيداغوجيا األخطاء،
والبيداغوجيا الفارقية ،وبيداغوجيا التعاقد ،وبيداغوجيا الذكاءات املتعددة،
والبيداغوجيا اإلبداعية ،وبيداغوجيا األهداف ،وبيداغوجيا الكفاءات...
297
الفصل التاسع:
الوضعيات الديدكتيكية
298
إذا كانت التربية التقليدية أو الكالسيكية تعتمد على املسائل والتمارين واالختبارات
واملسائل املباشرة في عملية التقويم ،فإن التربية الحديثة واملعاصرة تأخذ
بالوضعيات التدريسية واإلدماجية في بناء التعلمات،والسيما مع ظهور املقاربة
بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج .ومن هنا ،يمكن الحديث عن أنواع ثالثة من
الوضعيات على النحو التالي:
الوضعيات التعلمية.
الوضعيات اإلدماجية.
ومن هنا ،تنبني املقاربة بالكفايات على إعداد الوضعيات -املسائل في شكل عوائق
ديدكتيكية وتربوية قصد التكيف معها ،وإيجاد الحلول املناسبة لها بغية بناء
التعلمات الجديدة ،واستكشاف املجهول.ومن ثم ،يكون الغرض من بناء هذه
الوضعيات هو تحقيق أهداف تعلمية محضة لتحسين جودة التعلمات لدى التلميذ
في فضاء تربوي وديدكتيكي وتعلمي ضمن ما يسمى بالوضعيات العلمية أو
الديدكتيكية( .)Situations didactiquesفي حين ،ثمة وضعيات أخرى تلقائية
وعفوية أخرى اليكون هدفها هو تحقيق األغراض واألهداف التعلمية كالتعلم في
أثناء اللعب أو األنشطة األخرى ،وتسمى بالوضعيات غير التعلمية ( Situations
.)adidactiquesومن جهة أخرى ،يمكن الحديث عن وضعيات
إدماجية) (Situations intégralesيكون الهدف منها هو إدماج املوارد التي
استضمرها املتعلم في حل الوضعيات املعقدة واملركبة بغية التحقق من قدرات
املتعلم وكفاءاته ومؤهالته املختلفة.
299
وقد ميز غوي بروسو ( 180)Brousseauوروجي كزافيي( )Rogier Xavierوغيرهما بين
الوضعيات التعلمية وغير التعلمية وفق مجموعة من اآلليات اإلجرائية املخصصة
لكل نوع على حدة.
ً
إذا ،ما الفرق بين الوضعيات التعلمية وغير التعلمية؟ وما مميزات كل وضعية على
حدة؟ وما خصوصياتها؟ وما أهدافها؟ وكيف نصوغ الوضعيات التعلمية وغير
التعلمية؟ هذا ما سوف نتبينه في املباحث التالية.
180 -G. BROUSSEAU(1998), Théorie des Situations Didactiques, La pensée sauvage ; G.
BROUSSEAU(1997), Théories des situations didactiques, Conférence de Montreal,
]http://math.unipa.it/~grim/brousseau_montreal_03.pdf;[3 G. BROUSSEAU(2000),
Education et didactique des
mathématiques,http://math.unipa.it/~grim/brousseau_didact_03.pdf
300
يمكن القول بأن الوضعية إطار سياقي يجعل املتعلم يحس بأنه في وضع مألوف ،غير
أن هذا اإلطار يضعه أمام عائق جديد ومركب ،وهذا العائق ،الذي يتم تصوره
كمشكل يجب حله أو كمهمة يكلف إنجازها في كل مرة جهدا أكبر ،يتطلب تعبئة
انتقائية ومدمجة ملوارد أو معارف تم اكتساهها في السابق .ويسهم تعدد الوضعيات
التي تتميز بتصاعد وتيرة متطلباتها على املدى القريب في بناء معارف ومهارات جديدة،
وعلى املدى املتوسط أو البعيد في التحكم التدريجي في الكفايات181".
ً
إذا ،تستلزم الوضعية وجود ذات مؤهلة تتفاعل مع وضعية مأخوذة من املحيط أو
البيئة التي تعيش فيها هذه الذات .وتتميز تلك الوضعية السياقية بكونها معقدة أو
مركبة أو صعبة.أي :إنها بمثابة عائق كبير يثير مشاكل وتحديات وصعوبات للمتعلم ،
وتتطلب منه أن يجد لها حلوال مناسبة ،قد تكون تلك الحلول فردية أو ثنائية أو
جماعية.
ومن هنا ،يقصد بالوضعية مجموعة من الظروف البيأية التي يوجد فيها املتعلم ،أو
هي تلك العالقة التي تجمع الذات املفردة أو املتعددة بموضوع ما.
-181وزارة التربية الوطنية :دليل املقاربة بالكفايات ،مكتبة املدارس ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى دجنبر2226م ،ص.24-23:
301
لجماعة الفصل قاطبة في سياق تعلم جديد :درايات ،إتقانات جديدة إلخ .وإليكم
فيما يلي التعريف الذي يقدمه كل من راينال( )Raynalوريونيي(: )Rieunier
خلق فضاء تفكير وتحليل للتالميذ حول مسألة يتعين حلها ،أو حول عائق ينبغي
تجاوزه تبعا الصطالح (.)Martinand
تمكين التالميذ من مفهمة تمثالت جديدة بخصوص موضوع محدد انطالقا من
هذا الفضاء املسألة.
ويعني هذا أن الوضعيات الديدكتيكية أو التعلمية هي التي تحمل ،في طياتها ،مشكلة
أو عائقا تربويا وتعلميا و ديدكتيكيا ينبغي حله من قبل املتعلم .ومن ثم ،تكون تلك
الوضعية من وضع أخصائيين في مجال التربية والتعليم ،ويكون هدفها تعليمي
محض ،والغرض منها إكساب املتعلم درايات ومهارات جديدة ،وحثه على استخدام
عقله وتفيكيره في مواجهة الوضعيات املعقدة بغية بناء معارفه ،واستكشاف
الجديد ،ويتحقق ذلك كله في وسط أو فضاء ديدكتيكي تدريس ي مالئم للتعلم .وفي
هذا الصدد ،يقول روجر كزافيي:
-182كسافيي روجييرز :التدريس بالكفايات(وضعيات إلدماج املكتسبات) ،ترجمة :عبد الكريم غريب،
منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2224م ،ص.66:
302
"إننا النبحث بالضرورة عن التحقق من تمكن كل تلميذ على حدة من هذا
االكتساب؛ بل نبحث عن خلق فعالية قصوى للتعلم لدى أكبر عدد ممكن من
ً
التالميذ.يتعلق األمر -إذا -بوضعية مسألة في هيئة سيرورة تستعمل من أجل
التحسين األفضل لجودة تعلم معين.وتندرج ضمن هذه الفئة التحديات املطروحة
على التالميذ ،كاأللعاب واملشاريع؛ وبصفة عامة ،مجموع األنشطة املوضوعة ههدف
التعليم بطريقة تحفيزية.ويمكنها أن تكون أيضا وضعية مسألة مفتوحة ،تقترح من
قبيل االستكشاف (طرح أسئلة حول ،...طرح فرضيات حول ،)...وتوجه لتحضير
عمل الحق183".
ومن هنا ،فالوضعيات الديدكتيكية التعلمية هي تلك الوضعيات التي يكون الهدف
منها التعلم الكفائي ،وإدماج املعارف واملوارد لحل الوضعيات -املشكالت ضمن فضاء
ديدكتيكي تدريس ي تعاقدي تفاوض ي.
ً
إذا ،نعني بالوضعيات الديدكتيكية 184تلك الوضعيات التعلمية التي يختارها املدرس
ملتعلميه من أجل التثبت من كفاءاتهم الرئيسة ،والنوعية ،واملرحلية ،والنهائية،
واملمتدة .ويكون الغرض منها هو بناء التعلمات بطريقة إدماجية جزئية أو كلية.
واليمكن الحديث عن وضعيات ديدكتيكية إال بوجود املثلث الديدكتيكي الذي يتمثل
في املدرس من جهة أولى ،واملتعلم من جهة ثانية ،واملعرفة من جهة ثالثة.عالوة على
ذلك التعاقد املبرم بين املدرس والتلميذ إلنجاز الوضعيات وإيجاد الحلول املناسبة
Grenoble.
303
لها ،أو من أجل بناء التعلمات حسب املقاطع الديدكتيكية أو التدريسية (مقطع
البداية ،مقطع الوسط ،ومقطع النهاية).
و يعني التعاقد التزام الطرف الثاني أال وهو املتعلم بتنفيذ الوضعية ،بعد استيعاب
مضامينها وتعليماتها ومحتوياتها ،وفهم مؤشراتها الكمية والكيفية ،والتزام الطرف
األول بتأهيل املتعلم تأهيال جيدا ،بإكسابه مجموعة من املعارف واملوارد واملواقف
واملهارات والدرايات لحل الوضعيات سواء أكانت معقدة أم مركبة .ويشترط في
الوضعيات الديدكتيكية أن تكون داخل الفضاء أو الوسط الديدكتيكي لتكون
وضعيات تعلمية ديدكتيكية تمييزا عن الوضعيات غير الديدكتيكية التي يكون
غرضها أيضا التعلم ،ولكن في فضاءات بعيدة عن فضاء القسم أو الفضاء الدراس ي.
ومن هنا ،فالوضعية الديدكتيكية هي وضعية تعلمية يقترحها املدرس على املتعلمين
في إطار عملية االستكشاف وتعلم معارف ومهارات جديدة.
التعاقد الديدكتيكي.
فإذا كانت وضعيات اإلدماج توظف بعد اكتساب مجموعة من التعلمات الجزئية
قصد إدماجها ،فإن وضعيات التعلم تصلح لبناء مفاهيم ومهارات جديدة.
إن لوضعيات التعلم أهمية خاصة ،لكن العمل هها ليس ضروريا ،منذ البداية،
بالنسبة للمدرس الحديث العهد باملقاربة بالكفايات.
305
وفي بعض األحيان ،يعوض مصطلح وضعية التعلم بمصطلح آخر هو الوضعية
الديدكتيكية .وفي الواقع وضعيات اإلدماج قد تصلح أيضا لتحقيق التعلم ،عندما
نستعملها لتدريب املتعلمين على إدماج مكتسباتهم وتنمية كفاياتهم185".
ً
إذا ،يكون العمل بالوضعيات التعلمية في مرحلة بداية الدرس في شكل استكشاف
استثماري وتحفيزي ،واالستعداد لبناء الدرس وتقطيع تعلماته.
بينما تكون الوضعيات اإلدماجية في آخر املرحلة الدراسية أو في آخر أسابيع اإلدماج.
ومن هنا ،فالوضعيات الديدكتيكية هي تلك الوضعيات التعلمية التي تقدم في
األسابيع الست األولى ضمن ما يسمى بإرساء املوارد في شكل معارف ،وتعلمات،
ودرايات ،ومواقف ،ومهارات...ومن ثم ،تدرس هذه التعلمات وفق نظرية األهداف،
وتقوم وفق إدماج جزئي في شكل دعم ،وتوليف ،ومراجعة .وغالبا ،ماترتبط هذه
الوضعيات بالتعلمات الجديدة انطالقا من كفايات نوعية جديدة .وتستند إلى
تعلمات املقرر الدراس ي من جهة ،والتعلمات املكتسبة خالل مراحل الدرس من جهة
أخرى .
-185وزارة التربية الوطنية :دليل بيداغوجيا اإلدماج ،مكتبة املدارس ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2226م ،ص.76:
306
ثالثا ،الوضعيات غيرالتعلمية :
نعني بالوضعيات غير التعلمية أو غير الديدكتيكية ()Situations non didactiques
تلك الوضعيات التي تقدم للمتعلمين واملهنيين والحرفيين خارج الفضاء الديدكتيكي،
وخارج التعاقد الديدكتيكي ،وخارج املثلث الديدكتيكي .ومن هنا ،يمكن الحديث عن
مجموعة من الوضعيات التعلمية التي تقدم للمتعلمين أو املتدربين في فضاءات
مهنية أو تدريبية ،أو في معامل ومصانع يراد هها التعلم ،ولكن ليست ديدكتيكية ،
مادام ليس هناك فضاء دراس ي للتعلم ،وليس هناك تعاقد تربوي ،أو ليس هناك
تبادل ديدكتيكي بين األطراف امللتزمة الثالثة وهي :املعلم ،واملتعلم ،واملعرفة .ومن
أمثلة ذلك تعلم قيادة الدراجة ،أو تعلم سياقة السيارات ،أو تعلم طرائق تفصيل
اللباس ،أو تعلم مبادىء التمثيل املسرحي والسينمائي...
ومن ثم ،يتحقق هذا التعلم خارج الفضاء الدراس ي أو خارج الفضاء
الديدكتيكي.ويعني هذا أن التعلم لم يتحقق في بيئة ديدكتيكية تعلمية ،بل تحقق في
فضاءات خارج الصف الدراس ي أو خارج املؤسسة التعليمية-التعلمية.ومن هنا،
ترتبط الوضعيات غير الديدكتيكية باكتساب املعارف ،ولكن بطرائق غير
ديدكتيكية ،وخارج الفضاء الصفي أو الدراس ي.
وعليه ،فالوضعيات غير الديدكتيكية هي تلك الوضعيات التي يواجهها فرد ما ليس
بغرض التعلم الديدكتيكي ،أو اكتساب مفهوم تعلمي تدريس ي ما .فالوضعيات غير
الديدكتيكية هي تلك الوضعيات التي لم تبن من أجل هدف تعلمي ،بل هي وضعية
عادية العالقة لها بالتعلمات الدراسية كالوضعيات الحياتية والطبيعية واملهنية
املنفصلة عن املجال البيداغوجي والديدكتيكي .ويعني هذا أن الوضعية الطبيعية
307
مستقلة عن الحاجة التعليمية؛ فهي التبنى من أجل أهداف تعلمية ".فبإمكاني أن
أخيط فستانا لتلبية طلب ما ،ويكون الحال أفضل إذا صادفت أهدافي البيداغوجية
هذا الطلب الحقيقي؛ وبإمكاني كذلك أن أخلق الحاجة لخياطة فستان في إطار
التعلم.ورغم أن املنتوج (الفستان) سيصلح في واقع األمر لشخص ما ،فأنا ال أبني
حاجة حقيقية .ففي الحياة املدرسية ،يصعب إيجاد وضعيات تلبي حاجة حقيقية،
فقد تقترب منها أحيانا في وضعيات مثل إنتاج مجلة ،أو تنظيم حفلة أو خرجة.
من حيث طبيعة هذه الوضعيات ،فهي ليست ديدكتيكية؛ واليعني هذا أن من يقوم
بحلها اليتعلم؛ إننا نتعلم بطبيعة الحال في أي سن؛ ويعني هذا أنها ليست منظمة
من قبل شخص معين ألهداف تعلمية186".
وعلى الرغم من وجود وظيفة التعلم في الوضعيات غير الديدكتيكية ،فإن هذه
الوضعيات التخضع للوساطة الديدكتيكية من جهة أولى ،واليكون الهدف منها هو
التعلم الدراس ي أو الديدكتيكي من جهة ثانية ،والتنجز في وسط تعلمي ديدكتيكي من
جهة رابعة ،والتخضع للتعاقد الديدكتيكي التفاوض ي التشاركي املوجود بين املدرس
واملتعلم من جهة خامسة ،وال تنبني على فلسفة الكفايات وبيداغوجيا اإلدماج من
جهة سادسة.
أما الوضعيات الضعيفة ديدكتيكيا ،فهي وضعيات أهداف مستغلة في إطار مدرس ي
من أجل تعلم إدماج املكتسبات وتقويمها .ويعني هذا أن وضعية الهدف هي التي
ينبغي على املتعلم القيام بحلها في إطار مدرس ي ،إال أنه قد يكون لزما بحلها في إطار
غير مدرس ي شأنه في ذلك شأن أي شخص آخر .ومن هنا ،ترتبط الوضعيات
الضعيفة ديدكتيكيا بوضعيات األهداف وهذه الوضعيات مكملة للوضعيات
اإلدماجية ذات الطابع الديدكتيكي.
309
حصص التوليف والدعم واملراجعة ،أو ما يسمى أيضا باإلدماج الجزئي بغية وضع
املتعلم أمام وضعيات إدماجية معقدة ومركبة إليجاد الحلول املناسبة التي تجعل
منه إنسانا كفئا ومؤهال ملواجهة الوضعيات التعلمية والحياتية على حد سواء.
وتسمى وضعيات اإلدماج أيضا بوضعيات الهدف عند روجرز كزافيي؛ حيث يعرفها
بقوله في كتابه (بيداغوجيا اإلدماج):
" وضعيات اإلدماج ،أو وضعيات الهدف هي الوضعيات التي يقترحها املدرس أو
املكون ،والتي يجب على كل متعلم أن يكون قادرا على حلها بمفرده ،بتعبئة املوارد
املكتسبة خالل تعلمات املوارد .وتتحدد ،تلك الوضعيات ،بحكم طبيعتها ،من خالل
الوضعية -املشكلة ،مادام التلميذ أو الطالب اليستطيع أن يدمج مكتسبا معينا إال
ً
إذا واجه عدة وضعيات -مشكلة مركبة.يوجد ،إذا ،تطابق قوي بين وضعية اإلدماج
كما ينظمها املدرس والوضعية -املشكلة موضوع اإلدماج.لهذا السبب ،نتحدث عن
وضعية اإلدماج دزون إضافة أي نعت لها.
ترتبط وضعيات اإلدماج ارتباطا وثيقا بالكفايات التي يجب تنميتها.ولها ،بالتالي،
عالقة مباشرة بامللمح الخاص للتلميذ أو الطالب عند التخرج .وهي مناسبة بالنسبة
لهذا األخير لتنمية الكفاية املستهدفة وترسيخ املوارد املكتسبة .
تستعمل بعض وضعيات اإلدماج لتعليم اإلدماج ،ويستعمل بعضها اآلخر لغايات
التقويم187".
- 187روجريرس كزافييه :بيداغوجيا اإلدماج ،ترجمة نصر الدين الحافي وحماني أقفلي ،مكتبة املدارس،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م ،ص.627:
310
وإذا كانت الوضعيات الديدكتيكية التعلمية واالستكشافية مرتبطة ببداية الحصة
الدراسية ،فإن الوضعية اإلدماجية تكون في آخر أسابيع املرحلة أو في نهاية
املجزوءة الدراسية،ويكون الهدف منها هو اإلدماج من جهة ،أو التقويم من جهة
أخرى .بل يمكن الحديث عن إدماج جزئي إبان حصص الدعم والتقوية واملراجعة
والتوليف ،وإدماج كلي في آخر املرحلة يكون بتنمية الكفاءة املستهدفة وإدماجها .
ً
إذا " ،يعتبر اإلدماج ،في الخطاب البيداغوجي ،سيرورة لتعبئة للمكتسبات التعلمية
الجزئية من أجل توظيفها بطريقة مدمجة،وتعد الوضعية اإلدماجية من زاوية
املقاربة بالكفايات ،وضعية مركبة ،حسب املبادئ الواردة في التعريف أعاله ،ومهيأة
لتستغل عند نهاية مقطع من التعلمات املجزأة.
تصاغ الوضعيات اإلدماجية ،من جهة ،لتمكن التلميذ من تعلم إدماج املكتسبات
والتحقق من قدرته على ذلك ،وعلى تدبير املركب ،في القسم أوال ثم في الحياة اليومية
ثانيا ،ومن جهة أخرى ،تسمح للمدرس بتقويم قدرة املتعلم على اإلدماج ومستوى
تحكمه في املضامين املهارات والقدرات التي أرستها مقاطع التعلمات املجزأة188".
ويعني هذا أن السنة الدراسية ،وفق بيداغوجيا اإلدماج ،مقسمة إلى أربع مراحل،
وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع ،وتكون األسابيع الستة األولى في خدمة املوارد
املدعمة بالتوليف واملراجعة والدعم،أو ما يسمى بالتعلمات الجزئية ،أو اإلدماج
الجزئي ،لتنتهي املرحلة بإدماج التعلمات ضمن ما يسمى بالوضعيات املركبة في جميع
املواد الدراسية.
ومن هنا ،تنقسم الوضعية اإلدماجية إلى قسمين :وضعية إدماجية ههدف اإلدماج،
ووضعية إدماجية تقويمية لتقويم مدى نماء القدرة الكفائية لدى املتعلم.وغالبا ،ما
يكون اإلدماج التقويمي مرتبطا باالمتحانات ،والسيما التقويم اإلشهادي والتقويم
املستمر (املراقبة املستمرة).
-189وزارة التربية الوطنية :دليل بيداغوجيا اإلدماج ،مكتبة املدارس ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2226م ،ص.36:
312
هي وضعيات تعلمية هي وضعيات طبيعية وضعية إدماجية من
املوارد إدماج هادفة ،وحياتية ومهنية غير أجل ديدكتيكية
وليس املكتسبة عند مواجهة تنجز إبان مراحل إرساء ديدكتيكية،
إرساء وضعية-مشكلة ما من هو املوارد ،والهدف منها هو هدفها
التربوية أجل إيجاد الحلول اإلدماج الجزئي بالدعم ،التعلمات
املناسبة لها. وإدماجها وتقويمها. واملراجعة ،والتوليف.
إدماجية وضعية
تقويمية يراد منها تقويم
مدى تحقق القدرة
الكفائية لدى املتعلم،
إبان ذلك ويكون
التقويم اإلشهادي ،أو
املراقبة تقويم
املستمرة...
313
رابعا ،التعليم وفق الوضعيات الديدكتيكية:
ينبني التعلم أو التدريس أو التعليم وفق الوضعيات الديدكتيكية بمراعاة املدخالت،
والعمليات ،واملخرجات .أي :البد من استحضار ثالث عمليات رئيسة يقوم هها املدرس
الكفء ،ويمكن حصرها في عملية التخطيط ،وعملية التدبير ،وعملية التقويم.
وتشير صفة (ديدكتيك) املتصلة بالتخطيط إلى شكل التفاعل بين املدرس والتالميذ
واملادة ألجل تحقيق أهداف معينة ،ويتطلب تحديد هذا الشكل:
- 190عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،الجزء الثاني ،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.433:
315
ويعني هذا أن التخطيط الديدكتيكي يشمل مختلف املراحل التي يقطعها الدرس من
البداية حتى النهاية.أي :ينطلق من مرحلة تحديد األهداف والكفايات ،إلى مرحلة
التقويم واملعالجة والتغذية الراجعة والدعم ،مرورا بمرحلة العمليات التي تتمثل في
املحتويات والطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية .وبتعبير آخر ،يضم
التخطيط الديدكتيكي املدخالت والعمليات واملخرجات بشكل نسقي متعاقب.
ويمكن الحديث عن أنواع ثالثة من التخطيط فيما يخص التعليم بالوضعيات،
ويمكن حصرها فيما يلي:
يتخذ التخطيط الديدكتيكي مسارا هندسيا رباعيا ،ففي بداية السنة الدراسية،
نعتمد على التقويم التشخيص ي القبلي أو التمهيدي الذي يهدف إلى توجيه املدرس
توجيها تربويا صحيحا لكي يتفهم وضعيات الفصل ،ويحدد الفوارق البيداغوجية
املوجودة عنده بغية خلق نوع من التقارب بين التالميذ .بمعنى أن التقويم التمهيدي
التشخيص ي بمثابة وصفة استباقية وتوقعية توجه املدرس إلى مواطن القوة
والضعف من أجل تدارك الوضع التربوي ،ومعالجته ديدكتيكيا ،أو في ضوء معالجة
داخلية أو خارجية.
وبعد ذلك ،تأتي فترة التعلمات التكوينية في شكل متتاليات أسبوعية ،يقوم فيها
املدرس بإرساء املوارد ،و اختيار املحتويات ،والطرائق البيداغوجية ،والوسائل
الديدكتيكية املالئمة .وتستهدف هذه املراحل التكوينية نماء الكفاية وتثبيتها
وإرسائها .وتنقسم كل متوالية زمنية تكوينية إلى مقاطع ووحدات دراسية مرتبطة
بكفايات فرعية وأهداف محددة تخدم الكفاية األساسية التي تتمثل في السلك
االبتدائي إما في كفاية التعبير الشفوي ،وإما في كفاية القراءة ،وإما في كفاية الكتابة،
316
وإما في كفاية استيعاب علوم اللغة ،واستثمارها وظيفيا وسياقيا .وتتخلل هذه
املراحل التكوينية مجزوءات إدماجية بينية بعد ستة أسابيع من التكوين .وههذا،
ينبني البرنامج السنوي على أربع مجزوءات أسبوعية متسقة ،ومنسجمة ،ومتطورة .
وتتكون كل مجزوءة من ستة أسابيع ،يتبعها أسبوعان لإلدماج تعلما وإنجازا وتقويما
ومعالجة .وههذا ،يكون عدد أسابيع التعلم ثمانية وثالثين أسبوعا ،يضاف إليها
أسبوع التقويم التشخيص ي ،وأسبوع التقويم اإلشهادي .وفي نهاية السنة الدراسية،
نلتجئ إلى املجزوءة اإلدماجية النهائية التي تشخص لنا مدى تحقق الهدف اإلدماجي
النهائي السنوي.
ومن باب العلم فاملجزوءات أنواع مختلفة :مجزوءات إجبارية ،ومجزوءات داعمة،
ومجزوءات تكميلية ،ومجزوءات اختيارية...
وقد أثبت كزافيي روجرز أن التعلمات تنظم عمليا " حسب تناوب نوعين من التعلم:
تعلمات محدودة الهدف (تعلم املوارد) وتعلم اإلدماج .يهدف تعلم املوارد إلى تنمية
317
املوارد الضرورية الكتساب الكفاية (قواعد النحو ،الصرف ،اإلمالء ،تقنيات
الحساب.)...ويتم بالطريقة املعتادة وفق بيداغوجيا األهداف ،وذلك طوال ستة
أسابيع.وفي األسبوعين السابع والثامن ،يتوقف املعلم كليا عن تدريس مفاهيم
جديدة على أن يقترح على املتعلمين ،خالل هذين األسبوعين في كل مادة من املواد
املقررة ،حل وضعيات مركبة تتطلب تجنيد ما تعلمه املتعلم من موارد خالل
األسابيع الست السابقة"192.
أما املحطة الثانية ،فهي محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن
العشرين ،فقد قسمت األهداف التربوية إلى أهداف وغايات عامة ،وأهداف وسطى،
وأهداف إجرائية خاصة ،في ضوء املنظور اللساني السلوكي( واطسون ،وبافلوف،
وسكينر).
أما املحطة الثالثة ،فهي محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد
األول من األلفية الثالثة لربط التعليم بواقع الشغل واملهننة .وقد انبنت هذه النظرية
الجديدة على مجموعة من التصورات اإلبستمولوجية ،مثل :النظرية املعرفية،
والنظرية التوليدية التحولية (نوام شومسكي) ،والنظرية البنائية التكوينية (جان
-192نقال عن وزارة التربية الوطنية :دليل األساتذة الجدد بالتعليم االبتدائي ،منشورات مديرية تكوين
األطر ،مركز اإلمام الغزالي لتكوين املعلمين واملعلمات ،أكادير ،املغرب2233-2232 ،م ،ص.23:
318
بياجي) ،وكل النظريات السياقية التي تربط الذات باملحيط أو السياق الخارجي .دون
أن ننس ى النظريات التربوية القائمة على التعلم الذاتي ،ومراعاة الفوارق الفردية
(البيداغوجيا الالتوجيهية ،والبيداغوجيا املؤسساتية ،وديناميكية الجماعات،
وبيداغوجيا التفريدية ،وبيداغوجيا األخطاء)...
و يهدف التخطيط السنوي إلى تجزيء املقررات التربوية ،أو تقسيم املناهج الدراسية
سنويا بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية أواملجزوءات الدراسية ،واختيار
أنجع السبل من أجل تقويم إجمالي أو نهائي مناسب بغية التثبت من مكتسبات
التالميذ ،أو التأكد من مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل
الدراس ي.
وهكذا ،يتكون التخطيط السنوي من أربع مراحل كبرى ،وتتضمن كل مرحلة ثمانية
أسابيع ،تخصص األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد ،ويخصص األسبوعان
الباقيان لإلدماج ،كما يخصص األسبوعان الثالث والسادس ألنشطة التوليف
والتقويم والدعم .وتشكل هذه األسابيع الثمانية ما يسمى باملجزوءة التي تبدأ
بالكفاية ،وتنتهي بالتقويم اإلدماجي اإلجمالي والنهائي .ويالحظ أن عدد املجزوءات
أربع ،يسبقها أسبوع للتقويم التشخيص ي ،وأسبوع في آخر السنة للتقويم اإلشهادي.
وعليه ،تنتظم السنة الدراسية ،في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي ،وفق
التخطيط الكفائي واإلدماجي ،بتحديد الكفايات النهائية أو األساسية التي تتحقق في
آخر السنة الدراسية ،وتحديد مختلف املوارد التي سيتلقاها املتعلم إلدماجها
بطريقة جزئية أو كلية .ومن هنا ،يتكون الغالف الزمني للتعلمات من أربعة وثالثين
أسبوعا كامال من النشاط الفعلي ،يطابقها حجم حصص ي من 3222إلى 3222ساعة.
319
وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات ،وتتكون كل مرحلة من ثمانية
أسابيع؛ إذ يخصص األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية،
ويخصص األسبوع الثالث من كل مرحلة للربط والتوليف والدعم والتقويم ،أو ما
يسمى كذلك باإلدماج الجزئي .بينما يخصص األسبوع السابع والثامن لإلدماج ،
فالسابع إلنماء الكفاية ،ويخصص األسبوع الثامن لتقويمها معالجة وتصحيحا
ودعما.
ويستند تخطيط الوضعيات إلى الكتب املدرسية من جهة أولى ،أو وضعيات التعلم
من جهة ثانية ،أو كراسة الوضعيات اإلدماجية من جهة ثالثة.
وهكذا ،تبدأ السنة الدراسية بتقويم تشخيص ي للتعلمات التي اكتسبها املتعلم في
السنة املنصرمة بغية التحقق من الكفاية النهائية ،ومدى ترسخها عبر اإلنجاز
التطبيقي ،و عالج مختلف التعثرات التي يمكن أن يقع فيها املتعلم دعما وتقوية
وتعزيزا.
وبعد ذلك ،يخصص املدرس فترة للتقويمات التكوينية املرحلية وعالج التعلمات،
وتخصيص أسبوعين في نهاية السنة الدراسية القتراح وضعيات تعكس الكفايات
320
األساسية للسنة الدراسية ،أو تحديد الهدف النهائي لإلدماج لطور دراس ي (إذا كنا في
نهاية طور).
عالوة على تخصيص أسبوعين بعد كل ستة أسابيع ملجزوءات اإلدماج ،يقوم املتعلم
خاللها بحل ثالث وضعيات بالنسبة لكل كفاية نهائية .ومن ثم ،يقترح املدرس وضعية
للتدريب على اإلدماج يمكن حلها في مجموعات من ثالثة متعلمين ،ووضعية للتقويم
التكويني ينبغي حلها بشكل فردي ،ووضعية للعالج أو التقوية ينبغي حلها بشكل
فردي كذلك ،وتوزيع التعلمات الجزئية املرتبطة باملوارد على الفترات املتبقية.
تقويم تكويني
- 193وزارة التربية الوطنية :دليل بيداغوجيا اإلدماج ،مكتبة املدارس ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2226م ،ص.60:
321
تقويم الكفاية النهائية آلخر السنة 67
322
نعني بالتخطيط اليومي ما ينجزه املدرس من تعلمات وكفايات مستعرضة متعلقة
بدرس أو حصة أو مقطع ديدكتيكي معين وفق منهجيات املواد املدرسة ،ووفق تدبير
محكم ملختلف اإليقاعات الزمنية التي على هديها يقدم الوحدات املقطعية
واملضامين التعلمية في مختلف املواد التي يقبل عليها املتعلم في يومه الدراس ي.
/2تدبيرالوضعيات الديدكتيكية:
اليمكن فهم تدبير الوضعيات وتمثل مفاهيمها وأسسها وخطواتها ومراحلها إال
باالنتظام منهجيا وفق الخطوات التالية:
مفهوم التدبيرالديدكتيكي:
يتعلق التدبير الديدكتيكي بتدبير العملية التعليمية -التعلمية على مستوى
املدخالت (األهداف والكفايات) ،وعلى مستوى العمليات (املحتويات ،والطرائق،
ووسائل اإليضاح) ،وعلى مستوى املخرجات (التقويم ،والفيدباك ،واملعالجة،
والدعم) .وال ننس ى أيضا تدبير التعلمات ،وتدبير اإليقاعات الزمانية ،وتدبير
الفضاءات الدراسية ،وتدبير عملية املراقبة والتقويم.
و يعنى التدبير الديدكتيكي ببناء وضعيات تعليمية -تعلمية تطبيقية في مدة معينة،
وتدبيرها في مستوى دراس ي معين أو ضمن مستويات دراسية مختلفة من مستويات
املدرسة االبتدائية أو اإلعدادية أو التأهيلية ،إما داخل فصل دراس ي أحادي ،وإما
داخل فصل دراس ي مشترك اعتمادا على مجموعة من الوثائق والبرامج الرسمية،
323
باستعمال أشكال التنفيذ وفق مقاربات متنوعة ومختلفة ،مثل :املقاربة اإلبداعية،
واملقاربة باملضامين ،واملقاربة باألهداف ،واملقاربة بالذكاءات املتعددة ،واملقاربة
بامللكات ،واملقاربة بالكفايات و اإلدماج...
وعليه ،ينصب التدبير الديدكتيكي على تدبير الفصل الدراس ي ،وتدبير التعلمات وفق
مقاربات مختلفة .لذا ،فمهمة تدبير الفصل الدراس ي مهمة مركبة ،تتطلب من
املدرس قدرات متعددة سواء تعلق األمر بتنظيم وضعيات التعلم أم بتدبير التعلمات
أم بتحفيز املتعلمين أم بضبط القسم .وبالتالي ،يشكل تدبير التعلمات جانبا من
جوانب تدبير الفصل الدراس ي.
324
وضعيات ديدكتيكية إجرائية وتطبيقية في شكل مقاطع تعليمية -تعلمية ،تشمل
مختلف أنشطة املعلم واملتعلم ،وأنواع التقويم واملعالجة ،في إطار مكان محدد،
وزمان معين .بمعنى أن التدبير ينصب على تنظيم مختلف العمليات الديدكتيكية في
وضعيات إشكالية بسيطة ومعقدة في املدرسة االبتدائية أو غيرها من األسالك
الدراسية ،سواء أكان ذلك في األقسام الصفية األحادية أم في األقسام الصفية
املتعددة واملشتركة .وغالبا ،ما يتخذ التدبير طابع التخطيط والتنظيم وفق وضعيات
إدماجية قابلة للتقويم واملعالجة والقياس واإلشهاد في شكل مقاطع دراسية محددة
ديدكتيكيا وإيقاعيا.
ويالحظ أن للنتدبير الديداكتيكي أهمية كبرى .وتتمثل هذه األهمية اإلستراتيجية في
عقلنة العملية التعليمية -التعلمية ،وربط التخطيط بالتنفيذ والتطبيق والتقويم،
وتحويل التمثالت املجردة إلى مخططات عملية سلوكية ،وأجرأة الكفايات واألهداف
املسطرة تطبيقا وتنفيذا .كما أن التدبير آلية ضرورية لتحقيق الجودة الكمية
والكيفية ،وأداة ناجعة للتخلص من االضطراب والعشوائية والعفوية .أضف إلى
ذلك أن التدبير آلية مهمة لتحسين القيادة التربوية وتجويدها ،وتنظيم العملية
التعليمية -التعلمية وفق مقاييس منهجية علمية مقننة وموضوعية .ومن ثم،
فالتدبير إدارة شاملة لجميع العمليات التي تعرفها العملية الديدكتيكية من بدايتها
حتى نهايتها.
ً
إذا ،ينبني التدبير الديدكتيكي على مجموعة من املرتكزات املنهجية التي يمكن
حصرها في أنشطة املعلم وأنشطة املتعلم التي تقدم عبر مجموعة من املقاطع
الدراسية (املقطع االستهاللي ،واملقطع التكويني ،واملقطع النهائي) ،واالنطالق من
مجموعة من األهداف والكفايات املسطرة ،وتحديد فضاء التدبير ،والتركيز على
325
اإليقاع الزمني تشخيصا وتكوينا ومعالجة ،ورصد الوضعيات الديدكتيكية
واإلدماجية ،وتنظيمها في شكل جذاذة دراسية تخطيطا وتطبيقا وتنفيذا ،واختيار
أنواع الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية التي تسعف املدرس واملتعلم معا
في التعامل مع الوضعيات الكفائية وأنواع الوضعيات املقدمة األخرى.
ويعني هذا كله أن التدبير يأتي بعد مرحلة التخطيط السنوي واملرحلي والديدكتيكي،
وينصب اهتمامه على مجال التعلم ببلورة وضعيات التعلم ،وتبيان كيفيات إنجاز
الدرس ،وتحديد طرائق تدبير القسم ،وذلك كله في عالقة جدلية بمجال التخطيط
من جهة ،ومجال التقويم والدعم من جهة أخرى.
ومن جهة أخرى ،يستلزم التدبير الديدكتيكي التعرف إلى تقنيات التنشيط
والتواصل ،وإعداد معينات ديدكتيكية مالئمة للمقطع (املوارد) ،وتكييف مختلف
التقنيات التنشيطية والتواصلية مع خصوصيات القسم (قسم حضري ،وقسم
مشترك ،وقسم مكتظ ،)...و تنويع تقنيات التواصل اللفظي وغير اللفظي ،مع
326
التمركز حول املتعلم ،واستثارة قدراته الكفائية واإلدماجية ،واالنطالق من نظريات
التعلم في أثناء عملية التدبير ،وبناء الدرس ،كاالنطالق -مثال -من النظرية
السلوكية ،أو النظرية الجشطالتية ،أو النظرية التكوينية لجان بياجيه ،أو
البيداغوجيا الفارقية ،أو املقاربة الالتوجيهية ،أو البيداغوجيا املؤسساتية ...ومن
الضروري ،أن يتعرف املدرس واملتعلم معا إلى مبادئ اإلدماج ،وطريقة إنجاز مالئمة
للوضعية.أي :رصد مختلف معايير التقويم ،وتحديد مؤشراته ،ووضع خطط
افتراضية للدعم واملعالجة والتصحيح.
327
تمثل فلسفة التربية التي تنتهجها الدولة كاالنطالق من املقاربة بالكفايات
واإلدماج -مثال -؛
ويستلزم تدبير الوضعية اإلدماجية أن يقدم املدرس للتلميذ املتعلم مجموعة من
املوارد في شكل وضعيات مركبة متنوعة بغية أن يستدمج كل مكتسباته املعرفية
ومواقفه الوجدانية ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك
الوضعيات املتدرجة في السهولة والصعوبة .وينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته
الشفوية أو الكتابية بإنجاز مجموعة من الوضعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا ،بعد
مجموعة من أسابيع إرساء املوارد ،والربط بين التعلمات توليفا وتقويما.
328
وبعد االنتهاء من اإلدماج ،يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة وتصحيحها
في ضوء معايير الدعم املناسبة من جهة ،ومؤشرات التقويم اإلدماجي من جهة
أخرى ،رغبة في إيجاد حلول عالجية داخلية وخارجية.
وعليه ،يستوجب تدبير الوضعية اإلدماجية أربع مراحل متكاملة ومتتابعة هي:
329
أوال ،فهم الوضعية اإلدماجية عنوانا ،وسياقا ،وأسنادا ،وصورا ،ومقصودا،
واستيعاب التعليمات بشكل جيد.
ثانيا ،إنجاز العمل املطلوب باحترام تعليمات الوضعية ،وإنجاز العمل كما هو
مطلوب وموصوف ،واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوضوع.
وإليكم هذا الجدول الذي يوضع خطوات تدبير الوضعية اإلدماجية بالشكل
الواضح:
331
املدرس يرصد معوقات التعلم
وصعوباته ،بتبيان أسباب تعثر نماء
الكفاية لدى املتعلم ،وتشخيص
األخطاء ،والتثبت من صحة
التشخيص ،واقتراح أنشطة عالجية،
الخطإ بيداغوجيا بتطبيق
والبيداغوجيا الفارقية...
وتعتمد مرحلة تدبير الوضعية على شبكة التمرير أو بطاقة االستثمار أو جذاذة
توظيف الوضعية ( ،)Fiche d’exploitation de la situationوهي تلك الشبكة التي
تستعمل ملصاحبة املتعلم خالل اإلنجاز قصد تدبير محكم لتعلم حل الوضعية
اإلدماجية بفهم هذه الوضعية ،ومعرفة املهام ،وإنجاز املطلوب وفق مواصفات
اإلنتاج املنتظر.
ويقصد ببطاقة تمرير وضعية أو بطاقة استثمار تلك البطاقة التي تتضمن
توضيحات وتفسيرات تشرح للمتعلم كيفية تمرير الوضعية وسبل استثمارها .وأكثر
من هذا ،فهي خارطة طريق منهجية يرافق هها األستاذ التالميذ في مختلف مراحل
إنجاز الوضعيات.
وبتعبير آخر ،فهي أداة إجرائية تساعد املتعلم على " تدبير الوضعيات اإلدماجية
حسب الهدف (تعلم اإلدماج :الوضعية األولى ،وتقويم تعلم اإلدماج :الوضعية
الثانية) ،وخصوصية املادة (شفوية /كتابية) ،وأنساق التعلم تفاديا للسقوط في
332
النمطية ،ودون تفكيك مكونات الوضعية أو املوارد املراد تعبئتها اجتنابا للتعامل مع
التعليمة كمجرد تمرين"194 .
املحطة األولى تعنى بتقديم الوضعية بمشاهدتها وقراءة العنوان بغية الفهم
واإلنجاز ،وقراءة التعليمات لفهم املهمة ومواصفات اإلنتاج املنتظر ،والتحقق من
فهم املتعلمين للمهمة املطلوبة إنجازها ،بالتعبير عن ذلك بلغتهم وأسلوههم
الشخص ي ،وتدوين مواصفات اإلنتاج املنتظر على السبورة بلغة واضحة وبسيطة.
املحطة الثانية تتعلق بإنجاز املهمة ،وإعطاء مهلة للمتعلمين من أجل التفكير،
وتقسيم التالميذ إلى مجموعات ،والحث على العمل الفردي ،واملرور بين صفوف
التالميذ لتشجيعهم وتحفيزهم على العمل ،والتوقف عند اإليجابيات وتثمينها،
وتصحيح التعثرات بشكل فوري وذاتي من خالل نصح املتعلمين بااللتزام باملواصفات
املنصوص عليها في السبورة.
-194وزارة التربية الوطنية :دليل اإلدماج ،املستوى الثالث من التعليم االبتدائي ،مطبعة األحداث،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 2232م ،ص.6:
333
التي تحتاج إلى معالجة مركزة .وبعد ذلك ،يهيء املدرس أنشطة للدعم واملعالجة
حسب الحاجة ،ثم يقوم أثر املعالجة.
أما فيما يخص وضعية التقويم (الوضعية الثانية) ،فهناك املحطات الثالث نفسها
بتلك املواصفات نفسها التي رأيناها في الوضعية األولى.
وعليه ،تنبني بطاقة التمرير أو جذاذة االستثمار والتوظيف على مكونين منهجيين
هما :اختيار املعلومات ،ومعالجة املعلومات .ويكون اختيار املعلومات بالقراءة
األولية ،وتوضيح العوائق (دالالت الكلمات والعبارات) ،وشرح املفاهيم
العلمية(التوضيحات واألسناد) ،وتحديد املطلوب من قبل املتعلمين ،وتحديد املوارد
املستعملة من قبل املتعلمين.
-195وزارة التربية الوطنية :دليل اإلدماج ،املستوى الثالث من التعليم االبتدائي ،ص.3:
334
...يطلب قراءة العنوان أو بيانت مساعدة على الفهم تقديم الوضعية
يقرأ العنوان من أجل واإلنجاز؛
استخراج البيانات املساعدة
السياق من ...يستخرج
على الفهم فاإلنجاز؛
بيانات مساعدة على الفهم
...قراءة السياق أو يقرأ واإلنجاز؛
السياق من أجل استخراج
...يستخرج من األسناد بيانات
البيانات املساعدة على الفهم
مساعدة على الفهم واإلنجاز؛
واإلنجاز؛
املهمة بعباراته ...يحدد
...يحث على استثمار األسناد
املطلوبة؛
قصد استخراج البيانات
الفهم ...يحدد بعباراته مواصفات على املساعدة
اإلنتاج املنتظر.
واإلنجاز؛
...يتحقق من أن املتعلمين
فهموا جيدا املهمة املراد
إنجازها من خالل التعبير عن
ذلك بلغتهم وبأسلوههم؛
335
مبسطة مواصفات اإلنتاج
املنتظر.
336
...يحث على التحقق الجماعي ...ينجز أنشطة العالج؛
بالعودة إلى مواصفات اإلنتاج
...يطور إنتاجه أو يحل
املنتظر؛
وضعية.6
...يدلي بحكمه على مطابقة
اإلنتاج للمواصفات؛
337
338
/3تقويم الوضعيات :
اليمكن إدراك مرحلة تقويم الوضعيات إال بتعريف التقويم ،وتبيان املعايير
واملؤشرات ،وتحديد سبل املعالجة على النحو التالي:
مفهوم التقويم:
التقويم هو أهم عملية إجرائية في العملية التعليمية -التعلمية؛ ألنه هو الذي يحكم
على مدى تحقق الهدف أو الكفاية ،أو هو معيار إجرائي نستعين به للتثبت من
تحكم املتعلم في الكفاية املستهدفة أو األساسية أو النوعية أو املستعرضة ،والتأكد
كذلك من مدى تمكنه من حصيلة املوارد واملعارف واملهارات والدرايات التي اكتسبها
بطريقة مستضمرة عبر سيرورة التعلم.
وإذا كان التقويم التقليدي يعنى بقياس املعارف ،واالهتمام بالكم ،والتثبت من
قدرات الحفظ واالستيعاب لدى املتعلم؛ فإن التقويم اإلدماجي يهتم بتقويم القدرات
الكفائية لدى املتعلم بوضعه أمام وضعيات إشكالية صعبة ومعقدة من أجل أن
يجد لها حلوال ناجعة ،وتكون تلك الوضعيات مستمدة من الحياة اليومية أو
الواقعية أو الحياة املدرسية .ويعني هذا أن املتعلم يتعلم الحياة عبر الحياة ذاتها.
ومن هنا ،فالتقويم اإلدماجي هو السبيل املنهجي للحكم على املتعلم املتمكن أو
الكفء أو املؤهل ،والحكم أيضا على املنظومة التربوية والديدكتيكية ،وتقويم
مستوى التعليم في وطننا العربي مقارنة بالتعليم في الدول الغربية أو الدول املتقدمة
والنامية .ومن هنا ،اليمكن الحديث عن التقويم اإلدماجي إال بالحديث عن املقاربة
بالكفايات.
339
ومن باب التذكير يمكن الحديث عن أنواع عدة من التقويم ،مثل :التقويم
التشخيص ي ،والتقويم القبلي ،والتقويم التكويني ،والتقويم اإلجمالي ،والتقويم
اإلشهادي ،والتقويم املستمر ،والتقويم اإلعالمي ،والتقويم الذاتي .وما يهمنا في هذا
املوضوع هو التوقف عند التقويم اإلدماجي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالتقويم
الكفائي.
املعاييرواملؤشرات:
يهدف التقويم الكفائي إلى قياس القدرات الكفائية ملتعلم ما وفق وضعيات معقدة
ومركبة محددة .وتعمل على تقويم أو تقدير مختلف القدرات لدى املتعلم في أثناء
استدماجه ملوارده التعلمية بغية حل الوضعيات -املشكالت .لذا ،يسمى هذا
التقويم أيضا بالتقويم اإلدماجي .ويهدف هذا التقويم إلى تطوير الكفايات النمائية،
وقياس قدرات املتعلمين في أثناء حلهم للوضعيات-املشكالت.
ويستند هذا التقويم إلى مجموعة من املعايير التي نحصرها فيما يلي:
معيار اإلتقان أو الكمال :أن يكون حل الوضعية مكتمال وشامال لجميع عناصر
الوضعية -املشكلة.
340
أما عن املبادئ األساسية لتقويم الكفايات ،فتتمثل في ترابط الوضعيات بالسياق ،
وتوظيف جميع املعارف واملوارد املستعرضة لحل الوضعية املشكلة ،و االعتماد على
وضعيات -مشكالت ،أو وضعيات معقدة ومركبة وجديدة.
وقد يتطلب حل وضعية ما مشاركة ثنائية تجمع املتعلم وزميله في الفصل الدراس ي
أو متعددة يشارك فيها بعض املتعلمين .ويستند التصحيح إلى إستراتيجيات معرفية
وميتامعرفية لرصد األخطاء ومعالجتها.
196- ROEGIERS, X : Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université,
2003.
341
و البد أن يكون التقويم عبارة عن وضعيات معقدة ومركبة من أجل التثبت من مدى
تملك املتعلم للكفايات الحقيقية ،والبد أن توضع تلك الوضعيات في سياقات واقعية
حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها .ويترتب عن ذلك
صدق التقويم وثباته .وهذا ما يسمى ببيداغوجيا اإلدماج أو املقاربة بالكفايات
األساسية.
وبناء على ما سبق ،ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل وضعية ما ،والبد
من تقويم ما أنتجه املتعلم في ضوء مجموعة من املعايير التي يسميها روجرز مؤشرات
التصحيح ( .)critères de correctionومن ثم ،فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر
الذي ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ ،مثل :اإلنتاج الواضح الدقيق ،واإلنتاج
ً
املنسجم ،واإلنتاج األصيل....إذا ،فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما.
فإذا أردنا أن نقوم العبا رياضيا ما ،فقد نركز على األناقة ،وجودة اللعب ،وانسجام
الفريق ،واإلنتاجية.
342
بل يبنى على قياس الكفايات املهارية ،فليس هناك من ال يخطئ ،وال يعقل أن يكون
الخطأ هو املعيار الوحيد للتقويم .
ويمكن االستعانة ،في أثناء التقويم اإلدماجي ،بقاعدة دوكيتيل ( )De Keteleالتي
تسمى بقاعدة . 6/2بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن وضعيتين من
ثالث وضعيات 197.والبد من االحتكام أوال إلى املؤشر األدنى بدال من االحتكام إلى
مؤشر اإلتقان التكميلي.
والبد أن تكون معايير مؤشر األدنى مستقلة عن بعضها البعض ،فال يعقل أن تكون
األسئلة مترابطة ومتتابعة ومتناسلة؛ ألننا لن نكون منصفين في تقويمنا للمتعلمين؛
بل البد أن تكون األسئلة منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك
حظوظ متوفرة أمام املتعلم .عالوة على وجود معيار االنسجام الذي يستلزم ترابط
أجزاء املوضوع منهجيا ومنطقيا ،ومعيار املالءمة الذي يعني تالؤم أجوبة املتعلم مع
تعليمات الوضعية ومعطياتها ،ومعيار االستعمال السليم لتقنيات التخصص،
ومعيار االتساق الداخلي .وبطبيعة الحال ،هذا له عالقة بالكفاية األساسية
والكفاية النوعية.
? 197 - DE KETELE, J.M : L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi Revue
Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,1996, p. 17-36.
343
أن تنصب الكفايات على قيم إيجابية كاملواطنة وحماية البيئة مثال.198
كما يبنى االختبار اإلدماجي عبر مجموعة من املحطات على النحو التالي:
وضع معايير التقويم املستقلة بشكل واضح ودقيق في ضوء قاعدة .6 /2
كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم
واضحة.
تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد عليها املدرس حين تصحيح ورقة
االختبار.
وعليه ،فمن األفضل واألجدى االكتفاء بوضعية واحدة أو وضعيتين على األقل،
وعدم تقسيم التعليمات إلى أسئلة فرعية جزئية متعددة ،يجعل املتعلم أمام
صعوبات معرفية ومنهجية؛ بسبب تعدد األسئلة التي قد تكون متشاههة وتابعة
للتعليمة األولى أو الثانية أو الثالثة .بمعنى بناء أسئلة مستقلة هادفة وناجعة .والبد
من تجذير الوضعية داخل سياقها التداولي ،وتكون وضعية جديدة ،ويكون اإلنتاج
أصيال .كما يجب االبتعاد عن نصوص ووثائق وأسناد معروفة ،فالبد أن تكون
جديدة وموضوعة ضمن سياق جديد.
198 -ROEGIERS, X. : Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck
Université, 2003.
344
وتقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل ومنصف ،فقد يكون مؤشرا كيفيا
كأن نطالب املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في
وصفه ،وقد يكون مؤشرا كميا حينما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف
ثلثي من الجمل صحيحة لكي ينال .6 / 2
وعليه ،فللتقويم الخاضع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة -حسب روجرز -هي:199
تكون النقط عادلة .بمعنى أن التقويم ينصب -هنا -على الكفايات .ومن ثم،
فكثير من الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناجحين ،وكم من ناجح يستحق
اإلخفاق في النظرية الجديدة مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات
املهارية ،وليس على املعلومات وكثرة املعارف.
345
يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس هها ،فيعطي كل ما لديه .و بالتالي ،يمكن
أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي.
وتأسيسا على ما سبق ،يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير وضعية معينة مرتبطة
بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية .باإلضافة إلى
وضع شبكات التمرير ،والتحقق ،واملعالجة ،والدعم ،واالستدراك.
تعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراس ي .ويلتجئ إليها
املدرس بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفروض أو االختبارات واالمتحانات والروائز
بغية تشخيص مواطن الضعف والقوة ،بتمثل املعالجة الداخلية التربوية
والديدكتيكية ،واألخذ باملعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي واالجتماعي.
بمعنى أن املعالجة تهدف إلى اكتشاف األخطاء وتشخيصها ووصفها ،وتقديم معالجة
إجرائية ناجعة .ومن ثم ،تستند املعالجة الديدكتيكية إلى أربع مراحل:
الكشف عن األخطاء.
وصف األخطاء.
ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في
موضوعه حسب سياقها ومظانها .وبعد ذلك ،يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج
الشخص ي ،فيصنفها إلى أنواع ،مثل :أخطاء صوتية ،وأخطاء إمالئية ،وأخطاء
346
صرفية ،وأخطاء داللية ،وأخطاء تركيبية ،وأخطاء تداولية...وبالتالي ،يحدد مواطن
الضعف والقوة لدى املتعلم ،بالبحث عن أسباب هذه األخطاء ،متسائال عن
مصدرها :هل ترجع إلى مصدر داخلي ديدكتيكي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي
واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل ذاتية وموضوعية.
347
إجراء تغييرات في العوامل األساسية 200كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة،
وإعادة توجيه املتعلم من جديد ،وتغيير فضاء املدرسة ،وخلق أجواء مؤسساتية
ديمقراطية ،واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل
السلبية التي يعيشها املتعلم في ظلها.
وخالصة القول ،يتبين لنا -مما سلف ذكره -أن التقويم اإلدماجي تقويم تربوي
وديدكتيكي جديد جاء لتعميق مكتسبات بيداغوجيا الكفايات .ومن هنا ،اليمكن
الحديث عن التقويم اإلدماجي إال باستحضار الوضعيات اإلدماجية بأسنادها
ومعلوماتها ووثائقها وصورها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها .وإذا كان التقويم
الكالسيكي يعتمد على معيار اإلتقان كثيرا ،ويحاكم املتعلم على أخطائه بقسوة؛ فإن
التقويم اإلدماجي يهتم بمعايير أساسية مستهدفة هي :معيار املالءمة ،ومعيار
االنسجام ،ومعيار االستخدام السليم ألدوات املادة .ويعني هذا أن معيار الحد األدنى
يرجح على معيار اإلتقان والجودة .واليمكن الحديث أيضا عن املعايير إال بالحديث
عن املؤشرات الكمية والكيفية التي تتحكم في تلك املعايير بنوع من الدقة اإلجرائية.
-200انظر :بيداغوجيا اإلدماج ،بيداغوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم
التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية2226 ،م ،ص.326:
348
وفي الخاتمة ،يتبين لنا -مما سلف ذكره -أن ثمة وضعيات ديدكتيكية تعلمية
مرتبطة بإرساء املوارد الجديدة ،ويكون الهدف منها هو االستكشاف والتعلم
واإلدماج الجزئي.ومن جهة أخرى ،هناك وضعيات تعلمية غير ديدكتيكية ؛ألنها
الترتبط بالفضاء الديدكتيكي ،والتخضع للتعاقد القائم على املدرس واملتعلم،
وتكون خارج الوسط التعلمي والدراس ي .ومن ناحية أخرى هناك وضعيات إدماجية ،
قد يكون الهدف منها اإلدماج بتعبئة املوارد املكتسبة واملخزنة ههدف إدماجها لحل
الوضعية -املشكلة ،أو يكون الهدف منها تقويم القدرة على اإلدماج.
واليمكن تدريس الوضعيات اإلدماجية وتعلمها إال باتباع ثالث مراحل رئيسة هي:
مرحلة تخطيط الوضعيات ،ومرحلة تدبير الوضعيات ،ومرحلة تقويم الوضعيات.
349
الفصل العاشر:
بناء الوضعيات التقويمية واإلدماجية
350
نعني بالوضعيات التعلمية أو الديدكتيكية تلك الوضعيات التعلمية املرتبطة
بالوسط الديدكتيكي الذي يشمل املدرس واملتعلم واملعرفة ضمن املثلث
الديكتيكي.ومن ثم ،تتضمن تلك الوضعيات الديدكتيكية مسائل في شكل مواضيع
مرتبطة بسياقاتها التربوية والدراسية .وغالبا ،ما تكون بمثابة مشاكل وعوائق تعلمية
تستلزم أن يجد لها املتعلم الحلول الكفائية والذكائية املناسبة.ومن ثم ،تساعد
الوضعيات الديدكتيكية على نماء التعلمات وبنائها بشكل جيد ومفيد ومثمر بعيدا
عن املسائل التقليدية املباشرة واملنفصلة عن سياقاتها الواقعية والتعلمية.
ويعني هذا كله أن الوضعيات املطلوبة في بيداغوجيا اإلدماج هي تلك الوضعيات التي
تثير صعوبات وتحديات وعوائق ،وتتطلب من املتعلم أن يدمج مختلف كفاياته
وقدراته وموارده ليجد لها الحلول املناسبة .
" الوضعية املسألة ،بشكل عام ،وضعية تجيب عن إشكال مطروح.وفي الحياة
اليومية ،تملى الوضعيات املسائل من قبل األحداث التي يواجهها كل شخص يوميا؛
-201روجر كزافيي :التدريس بالكفايات ،وضعيات إلدماج املكتسبات ،ترجمة عبد الكريم غريب،
منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدرا ابليضاء ،املغرب ،الطبعة األولى 2224م ،ص.36:
-202روجر كزافيي :التدريس بالكفايات ،وضعيات إلدماج املكتسبات ،ص.32:
352
كما هو الشأن بالنسبة للوضعية املسألة التي تتعلق بتوليف مواعيد عدة،
والوضعية املسألة التي تتعلق بضياع املفاتيح...إلخ.ونتكلم عن وضعيات حياتية مثلما
نتكلم عن وضعيات مهنية ،عندما تطرح هذه األخيرة في إطار مزاولة مهنة مثل
مواجهة مشكلة عطب في آلة ،وفي حال التزامنا بأجل محدد لإلنتاج .وكل هذه األمثلة
تشكل وضعيات يمكن وصفها بوضعيات طبيعية.في اإلطار املدرس ي ،الوضعية
املسألة هي وضعية تطرح ما أسماه دولونجفيل وهوبير ()Delongeville et Hubert
بالزحزحة البنائية؛ وهي ليست بنائية فحسب ،بل غالبا ما يتم بناؤها أيضا على
اعتبار أن الوضعية املسألة تتموضع داخل سلسلة مخطط لها للتعلم.وسيكون
هناك على سبيل املثال عدد أقل من املعطيات املشوشة ،كما هو األمر في وضعية
حياتية ،أو معطيات يتم تقديمها للتلميذ وفق ترتيب معين لكي يحترم التدرج فيما
يخص الصعوبات التي يتعين عليه تجاوزها.
في مفهوم الوضعية املسألة ،هناك نية لدى املدرس الشتغال الوضعية واملسألة
بالنسبة لسلسلة تعلمية ؛وبعبارة أخرى ،تغطي الوضعية املسألة األقطاب الثالثة
للمثلث الديكتيكي؛ وبطريقة ما ،تمر العالقة دعامة -تلميذ عبر املدرس الذي يلعب
دور الوسيط بينهما ،فهو الذي ينتقي الدعامة أو يبنيها ،وهو من يختار لحظة وشكل
تقديمها للتلميذ تبعا للسلسلة التعلمية.وبصيغة أخرى ،هناك سيرورة إلضفاء طابع
ديدكتيكي على املسألة"203.
ً
إذا ،فالوضعيات الديدكتيكية واإلدماجية والتقويمية هي التي تثير املتعلم ،مادامت
تحمل مشكال ما أو عائقا معينا.لذا ،تستلزم منه أن يتسلح بمجموعة من املوارد
والقدرات ملواجهة هذه الوضعيات بإيجاد الحلول املناسبة لها.
ومن أهداف هذه الوضعيات كذلك تحقيق وظيفة اإلدماج بتوظيف املوارد
والتعلمات التي درسها املتعلم في حل الوضعيات املعقدة .عالوة على وظيفة التقويم
التي تسعف املتعلم في تقويم منتجه الديدكتيكي من جهة ،وتقويم نفسه من جهة
أخرى في إطار ما يسمى بالتقويم الذاتي ( ،)Auto-evaluationأو تقويمه من قبل
وظيفة ديدكتيكية تعلمية :تتمثل هذه الوضعية في كونها تقوم بدور تعلم دراية
أو إتقان أو حسن تواجد؛
وظيفة إدماجية :يساعد املدرس التعلم على إدماج مكتسابته لحل وضعية
إدماجية معينة؛
وظيفة تقويمية :قد يكون الغرض من الوضعية أن تسهم في تقويم املتعلم من
أجل التثبت من تحقق الكفاية ،وقد يكون التقويم في شكل تشخيص ،أو تقويم
قبلي ،أو تكويني ،أو إشهادي ،أو توجيهي...
ً
إذا ،تهدف الوضعيات الديدكتيكية إلى التعلم من جهة أولى ،واإلدماج من جهة
ثانية ،والتقويم من جهة ثالثة.
املعلومة التي يتدخل املتعلم على أساسها تبعا للحاالت.ويمكن أن تكون املعلومة
تامة أو تحتوي على نواقص مالئمة أو مشوشة؛
وظيفة تثير الهدف الذي يتحقق اإلنتاج من أجله ،ويتعلق األمر بالدعامة الخام.
أما التعليمة ( ،)la Consigneفهي " مجموع تعليمات العمل التي تعطى للمتعلم
بشكل صريح ،انطالقا من الدعامة املعروضة (سياق ،معلومة ،وظيفة)؛ إنها تترجم
البيئة البيداغوجية املستهدفة من خالل استغالل الوضعية"206.
ومن هنا ،فالتعليمة عبارة عن إنجاز تنفيذي.بمعنى أنها" ترجمة ملهمة ،نطلب من
التلميذ القيام هها.وهذه املهمة هي نشاطه باملعنى التام للعبارة207".
تحرير نص؛
إنجاز سيناريو؛
إيجاد حل ملسألة؛
إبداء اقتراحات؛
إلخ.
-206نفسه ،ص.43:
-207نفسه ،ص.40-44:
356
ومن هنا ،تحدد التعليمة املهمة والنشاط واإلنجاز ،أو تلون ذلك كله ،أو تحصره
بشكل مفيد ومثمر ،وتحدد مميزات املنتوج املرتقب ،وتبيان خصائصه .
ومن جهة أخرى ،يصاغ السياق بشكل واضح وصريح ومسهب بالتركيز على مجموع
عناصر الوضعية .وغالبا ،ما يوصف السياق في نص تمهيدي أو رسم توضيحي
يعرض الديكور.
وعليه ،تتواجد املعلومة في الوضعية إال أنه قد يحدث أن تدعو املتعلم إلى البحث
بنفسه عن املعلومات املالئمة من أجل حل الوضعية.وغالبا،ما تكون الوظيفة
صريحة ،وقد تكون ضمنية .ويمكن للتعلمية أن تكون بدورها صريحة أو ضمنية.
357
وتعد هذه الوضعيات وتبنى من قبل املدرس أو أخصائيين في التربية والتعليم وبناء
املناهج ،أو من قبل التلميذ نفسه .وترفق الوضعيات بالوثائق املصاحبة للوضعية
املشكلة ،وتحضير الكتب املدرسية ،وإعداد اختبارات التقويم .ويسمى هذا كله
بالدعامة .وتعني الدعامة الوضعية "مجموع العناصر املادية التي يتم تقويمها
للتلميذ؛ فدعامة الوضعية هي مايوجد في كتاب مدرس ي ،أو في بطاقة ( ،)Fichierأو
في دليل بيداغوجي ،أو على وثيقة مستنسخة.إن الوضعية بمعناها التام.أي :بمعنى
الوضعية العقد ،والوضعية العمل؛ هي ما يعاش من لدن التلميذ وداخل جماعة
الفصل انطالقا من هذه الدعامة"208.
دعامة خامة :هي التي تحتوي على ملفوظ الوضعية مع توضيحات وتعليمة .لكن
في استقاللية عما نريد أن نعمل هها في القسم ،وبخصوص طريقة استغاللها.
دعامة الغاية :هي التي يتم إعدادها ألهداف بيداغوجية تبعا ملا نريد أن
نسخرها له في سلسلة من التعلمات كاالستغالل الجماعي ،أو االستغالل عن طريق
مجموعة صغيرة ،أو االستغالل الفردي ،أو التقييم...إلخ ،ونذكر بأنها الوضعية
باملعنى الذي نتبناه في كتابنا هذا.
وقد ترتبط الوضعيات بأهداف معينة تفرضها بيداغوجيا األهداف.وهنا ،البد من
دفع املتعلمين إلى إدماجها وإعادة استثمارها.
-208نفسه ،ص.30-04:
358
يرتكز بناء الوضعيات الديدكتيكية على مجموعة من املرتكزات التي يمكن تحديدها
في املوارد ،والدعم والتوليف ،والوضعية -اإلدماجية ،والكفاية املستهدفة ،والحلول
اإلدماجية.
يخضع اإلدماج لعملية الدعم والتوليف ،بعد مرحلة اكتساب املوارد واستيعاهها
وتخزينها بطريقة مستضمرة ،واليمكن اللجوء إلى وضع املتعلم أمام وضعيات
إدماجية إال بعد فترة الدعم والتطبيق والتوليف والتركيب بين املعارف ،بعد أن
اكتسبها املتعلم بطريقة منفصلة .وبتعبير آخر ،يقصد بعملية الدعم والتوليف
اسثمار مكتسبات املتعلم في شكل مراجعة عامة ومفصلة ودقيقة وواضحة وناجعة
بإنجاز مجموعة من األنشطة اإلدماجية املسبقة لتعويد املتعلم -مستقبال -على
إنجاز الوضعيات اإلدماجية .أضف إلى ذلك أن املتعلم قد اكتسب مجموعة من
التعلمات والخبرات والدرايات املنفصلة ليجمع بينها ويركبها بشكل منسجم ومتسق في
أثناء حصص الدعم والتوليف التي تعقب مباشرة حصص املوارد واملكتسبات
359
والتعلمات .ومن هنا ،فعملية التوليف والدعم هي مرحلة متقدمة وسابقة في نطاق
التقويم اإلجمالي .وتأتي مباشرة بعد حصص الدروس والتعلمات وتخزين املوارد.
يقصد بالوضعية اإلدماجية تلك األنشطة الصعبة واملعقدة التي تحمل ،في طياتها،
عوائق ومشاكل تتطلب حلوال ناجعة من املتعلم ،وترتبط ارتباطا وثيقا بالكفاية
املستهدفة أو األساسية .وأكثر من هذا تتضمن الوضعية اإلدماجية معلومات
ضمنية وصريحة ،وأسنادا ،وصورا ،ووثائق ،وخطاطات ،وتعليمات ،ومعايير،
ومؤشرات كمية وكيفية .وترد في شكل مسألة معقدة تستلزم حلوال ،وكلما وجد
املتعلم حلوال لهذه الوضعيات املركبة والصعبة واملعقدة كان املتعلم كفئا ومؤهال
وذكيا .وبالتالي ،استحق شهادة التفوق أو دبلوم النجاح.
ومن هنا ،يتبين لنا أن الوضعية اإلدماجية هي أساس اإلدماج والتحقق من مدى
تمكن املتعلم من الكفاية األساسية املستهدفة .وقد يكون اإلدماج جزئيا(وضعية
-209عبد الكريم غريب :بيداغوجيا اإلدماج ،نماذج وأساليب التطبيق والتقييم ،منشورات عالم
التربية ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2232م ،ص.364:
360
إدماجية جزئية في بداية الدرس) ،أومرحليا(وضعية إدماجية عند نهاية مرحلة من
املراحل األربع) ،أو نهائيا(الوضعية اإلدماجية في آخر السنة الدراسية).
يرتبط اإلدماج بتقويم الكفاية املستهدفة أو الكفاية األساسية (كفاية معيار الحد
األدنى) بغية التثبت من مدى تحققها في إنتاج املتعلم ،والتأكد من مدى اكتساب
املتعلم ملختلف موارده التعلمية .ومن هنا ،فالكفاية املستهدفة هي التي تركز عليها
تعليمات الوضعية اإلدماجية ،وهي أساس النجاح ،ويشترط فيها املالءمة ،
واالستعمال السليم ألدوات ومفاهيم املادة ،واالنسجام .وتتقابل الكفاية املستهدفة
ا ألساسية مع كفاية اإلتقان ،أو كفاية جودة اإلنتاج .ويعني هذا كله أنه يستحيل
الحديث عن إدماج في غياب الكفاية األساسية أو الكفاية املستهدفة؛ ألنها هي املعيار
املستعمل الختبار عمل املتعلم ،وفحص قدراته الكفائية من خالل الحلول التي
قدمها هذا املتعلم ملعالجة الوضعية اإلدماجية.
وتأسيسا على ماسبق ،ينبغي أن تكون الكفاية قابلة للتقويم .لذا ،البد أن تصاغ
بطريقة إجرائية واقعية .وإذا أخذنا على سبيل املثال هذه العبارة" :احترام البيئة"،
فهذه العبارة اليمكن تجسيدها كفائيا أو مهاريا ،واليمكن تقويمها عمليا.لذا ،البد من
وضعها في وضعية معقدة ،أو في سياق إشكالي ما ،ضمن أسناد (نصوص ،وصور،
وتعليمات ،وإرشادات ،وتوجيهات ،)...وتحويل الوضعية إلى كفاية إجرائية واقعية،
يمكن تقويمها إجرائيا ،والتحقق منها فعليا وعمليا .كأن نقدم للمتعلمين -مثال-
وضعية إيكولوجية (تتعلق بالبيئة) ،نطالب فيها املتعلمين بتحديد األسباب والنتائج
والحلول من خالل االستعانة بما درسوه من مفاهيم لغوية ،أو صرفية ،أو نحوية،
361
أو تركيبية ،أو داللية ...وهنا ،يمكن الحديث عن وضعية مشخصة ،وملموسة،
وواقعية ،وقابلة للتقويم .بمعنى أن تكون الكفاية إجرائية وملموسة ومعطاة ضمن
وضعية مركبة ومعقدة ،تستلزم حلوال من املتعلم ،وهذه الحلول املقدمة هي التي
تحكم على مدى كفاءته من عدمها.
وإليكم وضعية إدماجية تحث على الحفاظ على البيئة بصفة عامة ،والحفاظ املاء
بصفة خاصة.
أقمت مدة لدى صديق لك ،فالحظت أنه يفرط في استعمال املاء ،اكتب له بعد
عودتك إلى منزلك.
362
والتبذير ،ومن املوارد املهددة باالستنزاف الغابة واملاء.
التعليمات:
انطالقا من الوثيقة والصورة ،اكتب له رسالة من إحدى عشرة جملة على األقل:
تجسد هذه الوضعية اإلدماجية الكفاية املطلوبة التي تتمثل في مدى قدرة املتعلم
على كتابة رسالة في موضوع البيئة (الحفاظ على املاء) ،بالتركيز على أضرار تبذير
املاء ،وذكر منافعه ،وتقديم النصائح بغية ترشيد استعمال املاء.
ينبغي أن تصاغ نماذج التقويم اإلدماجي في إطار وضعيات معقدة ومركبة وفق
الكفاية األساسية املراد تنميتها لدى املتعلم .واليعني هذا أن تكون الوضعيات
املقدمة للمتعلم وضعيات طبيعية أو معاشة ،بل وضعيات أقرب إلى الواقع في شكل
نصوص ،ووثائق ،وصور ،ومستندات ،وخطاطات توضيحية...تتطلب نوعا من
املعالجة من املتعلم وفق املوارد التي اكتسبها في حصص التعلم ،والتمهير ،والدعم،
والتوليف.
ومن هنا ،تنبني الوضعية اإلدماجية على مجموعة من العناصر واملكونات األساسية
التي يمكن حصرها فيما يلي:
364
/1الوضعية – املسألة:
الوضعية املسألة التي تقتض ي إيجاد اإلجراءات التي يتعين اتخاذها في مواجهة مشكلة
بيأية مطروحة.
الوضعية املسألة التي تقتض ي شرح بنية اجتماعية تتسم بطابع الصراع اعتمادا على
وقائع تاريخية سابقة"212.
-211كسافيي روجييرز :التدريس بالكفايات(وضعيات إلدماج املكتسبات) ،ترجمة :عبد الكريم غريب،
منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2224م ،ص.33:
-212كسافيي روجييرز :التدريس بالكفايات ،ص.36:
365
" الوضعية املسألة ،بشكل عام ،هي وضعية تجيب عن إشكال مطروح .وفي الحياة
اليومية ،تملى الوضعيات املسائل من قبل األحداث التي يواجهها كل شخص يوميا؛
كما هو الشأن بالنسبة للوضعية املسألة التي تتعلق بتوليف مواعيد عدة،
والوضعية املسألة التي تتعلق بضياع املفاتيح...إلخ.ونتكلم عن وضعيات حياتية مثلما
نتكلم عن وضعيات مهنية ،عندما نطرح هذه األخيرة في إطار مزاولة مهنة ،مثل:
مواجهة مشكلة عطب في آلة ،وفي حال التزامنا بأجل محدد لإلنتاج.وكل هذه األمثلة
تشكل وضعيات يمكن وصفها بوضعيات طبيعية .في اإلطار املدرس ي ،الوضعية
املسألة هي وضعية ...يتم بناؤها أيضا على اعتبار أن الوضعية املسألة تتموضع داخل
سلسلة مخطط لها للتعلم.وسيكون هناك على سبيل املثال عدد أقل من املعطيات
املشوشة ،كما هو األمر في وضعية حياتية ،أو معطيات يتم تقديمها للتلميذ وفق
ترتيب معين لكي يحترم التدرج فيما يخص الصعوبات التي يتعين عليه تجاوزها213".
وإذا كانت الوضعيات الديدكتيكية توظف لتيسير التعلم الجيد ،فإن الوضعيات
األهداف ،أو الوضعيات اإلدماجية تقوم بدمج املعلومات واملوارد السابقة من أجل
حل وضعية جديدة بغية التثبت من مدى تحقق الكفاية املستهدفة .وفي هذا ،يقول
كزافيي:
" التقتض ي وضعية مسألة هدف مجاورة تمارين صغيرة ،ألن هذا قد يكون مجرد
مراجعة؛ بل تقتض ي وضعية معقدة ،يكون فيها على التلميذ القيام بمفصلة وتوليف
عدة درايات وإتقانات صادفها من قبل .إن األمر يتعلق في اآلن نفسه بوضعية مسألة
في شكل سيرورة ،تستعمل لتعلم اإلدماج ،ووضعية مسألة منتوج ،تستعمل كشاهد
على ما يتعين أن يتمكن منه التلميذ .وحتى التلتبس هذه الوضعيات بالوضعيات
املسائل الديدكتيكية ،فنسميها وضعيات أهداف".214
وعليه ،تصبح الوضعية دعامة خامة بمعلوماتها املفصلة .ثم ،هي أداة ديدكتيكية
تساعد التلميذ على التعلم وحل املشكلة ،ثم هي عقد مبرم بين املتعلم واملدرس الذي
يقترح الوضعيات(عقد ديدكتيكي) ،وهي كذلك إنجاز وعمل وتنفيذ إجرائي.
ً
إذا ،هناك تفاعل بين املتعلم واملعلومات ،وتفاعل بين املتعلم واملدرس ،وتفاعل بين
املتعلم والعمل من خالل تعاقد صريح أو ضمني بين مقترح الوضعية ومن يحلها
(املتعلم).
كما تتنوع الحلول إلى حل موجه ،وحل مستقل ،وحل فردي ،وحل جماعي...
" منطق األهداف املحددة من لدن الخبير (املدرس ،وأخصائيو املحتويات) ،والتي
تنتج عن تحليل املحتويات؛
ومنطق تحليل الصعوبات التي تعترض املتعلم لكي يتجاوز ويتوصل إلى الدرايات املراد
تكوينها انطالقا من تمثالته الخاصة.
وتحاول األهداف املعيقات أن توفق بين هذين املنطقين :منطق الخبير ومنطق
املتعلم:
من جهة ،يدرس الهدف بطريقة معينة ،حيث يشكل التعلم تقدما فكريا لدى
التالميذ؛
ومن جهة أخرى ،يدرس الهدف بشكل يمكن من االشتغال على معيق قابل للتجاوز
من قبل املتعلم.
ً
إذا -بنوع من التفاوض بخصوص الهدف215".يتعلق األمر-
وتختلف طبيعة الوضعية -املسألة من فرد إلى آخر ،ومن لحظة إلى أخرى ،فقد
تكون صعبة ومعقدة عند فرد ما ،وسهلة ومتداولة عند فرد آخر ،وقد تكون مشكلة
ما في لحظة معينة ،والتكون كذلك في لحظة أخرى .وفي هذا السياق ،يقول كزافيي:
وقد تكون الوضعية -املسألة معرفية ،أو وضعية وجدانية ،أو وضعية حسية
حركية.
ويكون التلميذ هو املستهدف بحل وضعيته اإلدماجية .أي :يكون قادرا على إدماج
مكتسباته لحل الوضعية املعقدة الجديدة بناء على موارده املكتسبة التي
استضمرها .بمعنى أن يكون التلميذ فاعال في اإلدماج أو هو الذي يقوم بعملية
اإلدماج؛ " وهذا الينفي بعض أشكال العمل الجماعي التعاوني أحيانا؛ وهي أشكال
عمل قد تخدم بعض التالميذ فيما يخص مقصدية إدماج املكتسبات؛ ذلك أن املهم
هو التأكد من أن كل تلميذ ،خصوصا الضعيف ،لديه فرصة مهمة لتجنيد
تفكيره217"...
-216نفسه ،ص.26:
-217نفسه ،ص.76:
369
وعليه ،للوضعية املسألة وظيفة إدماجية من جهة (التقويم اإلدماجي) ،ووظيفة
تقويمية من جهة أخرى(التقويم التكويني ،أو التقويم اإلجمالي ،أو التقويم املستمر،
أوالتقويم اإلشهادي) .بل يمكن الحديث عن أهداف تشخيصية لوضعيات إدماجية
في بداية السنة الدراسية(التقويم التشخيص ي) ،أو ألهداف التوجيه والضبط
واإلشهاد في آخر السنة الدراسية(التقويم اإلشهادي) .وفي هذا ،يقول كزافيي:
" هذا ما يتيحه اإلدماج للتالميذ ،باعتبارها فرصة للتقدم ،وخصوصا ألضعفهم؛
ذلك أن الفوارق بين التالميذ النبهاء والضعاف منهم ،مردها إلى كون التالميذ النبهاء
يستطيعون اإلدماج بشكل تلقائي؛ إنهم ليسوا بحاجة إلى تعلم نوعي من أجل إعادة
استثمار مكتسباتهم.وبالتالي ،فإن املستفيد من تطوير وضعيات اإلدماج ،هم
التالميذ النبهاء على اعتبار أن مثل هذه الوضعيات ،تشكل لهم فرصا للتمرن ،كما
يستفيد منها التالميذ الضعاف بدورهم؛ إذ تشكلت بالنسبة لهم تعلما حقيقيا.إنه
تعلم قلما تتاح لهم الفرصة لتلقيه ،مادام قد ترسخت لديهم بشكل قوي الفكرة
التي مفادها أن املساعدة الوحيدة للتالميذ الضعاف ،تكمن في تبسيط التعلمات.
ومن املؤكد أن هذا صحيح في بعض اللحظات ،لكنهم يحتاجون فيما بعد ،للعودة إلى
لحظات تعلم ماهو مركب218".
ً
إذا ،اليمكن الحديث عن تقويم إدماجي إال باستحضار الوضعية اإلدماجية ،واملوارد
املكتسبة ،والكفايات املستهدفة ،وأنشطة الدعم والتوليف ،والحلول املقترحة .ومن
هنا ،يمر التقويم اإلدماجي بعدة مراحل أساسية هي :تعلم املوارد ،وتعلم كيفية دمج
هذه املوارد ،وتقويم عملية الدمج لهذه املوارد.
-218نفسه ،ص.37-36:
370
/2السـ ـن ــد :
نعني بالسند ،أو األسناد ( ،)Supportتلك العناصر أو الدعامات املادية التي تعتمد
عليها الوضعية املسألة أو الوضعية اإلدماجية ،مثل :النصوص ،والوثائق ،والصور،
واأليقونات ،والخرائط ،والبيانات ،والجداول ،واألشكال الهندسية ،والخطاطات...
ويرتكز السند على ثالثة عناصر هي :السياق ،واملعلومة ،والوظيفة.
وهذه األسناد إما لفظية (نصوص ووثائق) ،وإما بصرية(صور وخرائط وجداول
وبيانات ،)...وإما رقمية( معطيات الحاسوب) .ويمكن توضيح ذلك كله بالشكل التالي:
/3السي ــاق:
يقصد بالسياق البيئة التي تتم فيها الوضعية ،أو هو ذلك اإلطار الذي يصف البيئة
التي تتموضع فيها الذات .أي :ترتبط الوضعية بالسياق الذي يعني مجموعة من
الظروف التي يتموقع فيها األشخاص داخلها.أي" :مجموعة من الظروف في لحظة
معينة ".219
وقد يكون السياق طبيعيا ،أو حياتيا ،أو مهنيا ،أو مدرسيا...ومن هنا ،فالسياق هو
البيئة التي يتم فيها عمل التالميذ ،ويشتمل على مكونات عدة :اإلطار املختار( اإلطار
املدرس ي مثال) ،والفضاء الذي تحل فيه الوضعية (السياق املكاني) ،وزمن الوضعية
(السياق الزمني) ،ويتضمن أيضا البيئة االجتماعية للوضعية.أي :العمل بشكل فردي
أو بمساعدة وص ي في إطار مجموعة (السياق االجتماعي).
-219نفسه ،ص.32:
371
أضف إلى ذلك ،فالسياق هو " البيئة التي تعرض فيها املسألة كسياق حفل أو سياق
مراسلة مدرسية أو سياق الدفاع عن البيئة أو سياق محاربة داء السيدا إلخ...إنه
يتعلق بمحتوى املسألة ،وليس بحلها ،مادام من النادر أن يكون بإمكاننا استباق
ظروف تحقيق هذه األخيرة.ويمكن أن يكون السياق معيشا من قبل التالميذ ،عندما
تعرض الوضعية بشكل طبيعي.وعلى خالف ذلك ،عندما يتعلق األمر بوضعية مبنية،
يكون على التالميذ بذل مجهود لكي يلجوا هذا السياق الذي يبقى بالنسبة لهم بناء
خارجيا بشكل قبلي.وطبيعة هذا املجهود ،على الخصوص ،هي التي تجعل وضعية
ي داللة أو التكتسبها بالنسبة للتلميذ220". معينة تكتس
وينبغي أن يرتبط السياق بالقيم التي نود غرسها في املتعلم ،مثل :قيم املواطنة ،وقيم
التسامح ،وقيم التعاون ،وقيم التضامن ،وقيم السلم ،والتربية على الصحة،
ومحاربة السيدا ،وقيم التربية السكانية ،وقيمة الحفاظ على البيئة...
وغالبا ،ما يتم وصف السياق في نص تمهيدي ،أو في رسم توضيحي يعرض ديكور
الوضعية كالشخص ،ومميزات املرسل واملرسل إليه ،والتحديدات املكانية والزمانية
املتعلقة بالوضعية.
وهكذا ،يعتمد السياق ،في تدريس اللغات ،على السياق التواصلي كاعتماد املراسلة ،
واستحضار كل أطراف التواصل ( املرسل-املرسل إليه -الرسالة -الزمان -املكان -آثار
التلفظ) .في حين ،يرتكز السياق ،في مواد العلوم اإلنسانية ،على الوثائق التي يتعين
استغاللها .ويتكىء السياق ،في املواد األدبية ،على النصوص الشعرية أو النثرية أو
النقدية .أما السياق في العلوم التجريبية والحقة ،فيتغير حسب ضرورات اإلدماج.
-220نفسه ،ص.03:
372
وللتمثيل نأخذ هذا النموذج :
سجل عزيز نفسه للمشاركة في رحلة سياسية إلى املوقع األثري الروماني بوليلي،
تنظمها جمعية تهتم بالطفولة والثقافة ،فدعاك لتزويده بمعلومات حول هذه
املعلمة التاريخية باملغرب.
373
الوثيقة 2
التعليمات:
يتحدث سياق هذه الوضعية اإلدماجية عن مشاركة سياحية لعزيز حيال املوقع
األثري الروماني بوليلي في إطار األنشطة الجمعوية .لذا ،قرر البحث عن معلومات
تتعلق ههذه املدينة .ومن ثم ،فقد كانت الوثيقتان في خدمة عزيز للتعرف إلى مدينة
وليلي سياحيا وتاريخيا.
-221وزارة التربية الوطنية :كراسة الوضعيات اإلدماجية ،ص.24:
374
/4املعلومـ ــات:
"وأحيانا ،تكون الحدود دقيقة جدا على مستوى التمييز بين املعطيات (املعلومات)
وعناصر السياق؛ حيث يمكن أال يكون لتحديد املكان والتاريخ أي تأثير في بعض
الحاالت ،ونعتبره عنصر سياق؛ وفي حاالت أخرى ،يمكن أن يكون له تأثير ،لدرجة
أنه يعتبر معطى .فمن الصعب جدا إرساء هذه الحدود ،لدرجة أن بعض املعطيات
تكون في الوقت نفسه عناصر السياق"222.
وتتخذ معلومات السياق عدة مظاهر كأن تكون عناصر رسم يتعين مالحظته ،أو
مقدار عددي يتعين استعماله ،أو مادة ينبغي استعمالها لصنع ش يء معين ،أو
تفاصيل واردة في وثيقة يتعين تحليلها ،أو كلمات ينبغي توظيفها في إنتاج معين...
وقد تكون املعلومات واملعطيات موجودة داخل الوضعية .وفي حاالت أخرى ،ينبغي
للمتعلم أن يبحث عنها في أماكن أخرى ،مثل :األنترنت ،والكتب ،وبنك
املعلومات...وهناك معطيات مساعدة أو معطيات مشوشة غير مالئمة التتدخل في
حل املسألة ،ولكن يمكن أن تكون معطى ضروريا لحل املسألة .وثمة معطيات أو
معلومات ينبغي تحويلها قبل استعمالها أو توظيفها أو استعمالها ،مثل :تحويل
اللترات إلى أمتار مكعبة في الرياضيات -مثال.-
/5الوظيف ـ ــة:
تثير الوظيفة الهدف الذي يتحقق اإلنتاج من أجله.أي :يجيب مفهوم الوظيفة على
السؤال التالي :ماذا نستهدف بالوضعية؟ ولم تصلح هذه الوضعية؟ وما وظيفتها
اإلجرائية؟ وما املفروض الذي ينبغي أن تجيب عنه الوضعية؟ وما هي وظيفتها
البيداغوجية؟
376
ومن هنا ،فالوظيفة اإلجرائية للوضعية هي الحاجة التي يفترض أن تستجيب لها
الوضعية .لذا ،فالوضعية" بإمكانها أن تأخذ طابعا إجرائيا أوال ،فإن لها وظيفة
بيداغوجية ،تخدم التعلمات بطريقة خاصة.ويمكن القول :إن بإمكان وضعية
مسألة معينة أن تلعب بشكل أساس ي ثالث وظائف بيداغوجية " ، 223وهي :وظيفة
ديدكتيكية لتعلمات مضبوطة ،ووظيفة إدماجية ،ووظيفة تقييمية.
وغالبا ،ماتكون الوظيفة ضمنية ،إال أنه بإمكانها أن تبرز بشكل صريح وواضح وبارز.
/6التعليم ــات:
وعليه ،فان التعليمة بمثابة مهمة ينبغي أن يقوم هها املتعلم ،وقد تكون هذه املهمة
تحرير نص ،أو إنجاز سيناريو ،أو إيجاد حل ملسألة أو مشكلة ما ،أو إبداء اقتراحات،
أو إنتاج عمل أصيل...
وعموما ،تكون التعليمة صريحة إال أنها يمكن أن تكون في بعض الحاالت ضمنية؛
ألنها تفرض نفسها من ذاتها.225
-223نفسه ،ص.02:
-224نفسه ،ص.43:
-225نفسه ،ص.02:
377
ً
إذا ،تتعلق التعليمة باملهمة .أي :بما نريد أن يكتسبه املتعلم بنفسه .وهي بمثابة أداء
وإنجاز وتنفيذ وترجمة ما اكتسبه املتعلم من موارد في أرض الواقع .وفي هذا ،يقول
كسافيي:
" إن هذه املهمة ليست صريحة بالضرورة؛ بل ينبغي أحيانا البدء بولوج الوضعية
لتحديد املهمة املراد إنجازها .أي :لوضع تقرير ملا ينتظر من التلميذ .ففي أغلب
األحيان ،تكون التعليمة هي التي تعكس بشكل جيد نوع املهمة املنتظرة .وتبعا
للحاالت ،يمكن التعبير عن املهمة باملفاهيم التالية:
حل املسائل؛
إبداع جديد؛
اقتراح عمل؛
اختيار جواب من اختيار متعدد ،مثال226".
وللتمثيل:227
-226نفسه ،ص.322:
-227نفسه ،ص.43:
378
أنت صحفي ،وبادرت الجريدة اليومية سياق
التي تعمل بها إلى نشر سلسلة من
املقاالت حول موضوع (الواليات
املتحدة االمريكية :أرض الحريات؟)
379
تحليل هذه الوثائق ومقارنتها ،ثم
نظمها منطقيا بالشكل الذي يجعلك
تهيء استجوابك بصورة جيدة ،ويتم
فيها بناء األسئلة التي ستطرح فعال
على املؤرخ اعتمادا على مجموعة
األسئلة األولى.
الوثيقة2
الوثيقة 3
الوثيقة 4
الوثيقة 5
380
/4معاييـ ــرالتقوي ــم اإلدماجي:
وللحديث عن معايير التصحيح ،البد من تعريف املعيار ،وتبيان أنواع املعايير ،على
الوجه التالي:
نعني باملعيار وجهة نظر من خاللها نقوم كفاية ما ،أو هي صفة مميزة البد أن تتوفر
في عمل املتعلم ،مثل :وضوح اإلنتاج ،وانسجام العمل ،وأصالة العمل...
ومن هنا ،فاملعيار بمثابة أداة لتقويم إنتاج املتعلم ،أو هو بمثابة منظور نقوم من
خالله العمل املقدم من قبل املتعلم .وكلما تعددت معايير التقويم ،كان من األجدى
تغيير زوايا النظر إلى اإلنتاج ليكون التقويم أكثر مالءمة ومناسبة للموضوع .فعندما
نقوم عمال رياضيا ،نركز -مثال -على اللياقة ،أو املهارة ،أو االحترافية ،واحترام
القواعد ،وروح الفريق...
381
بادىء ذي بدء ،كثير من األكفاء من األطباء واملهندسين والرياضيين والسياسيين
يخطئون كباقي الناس ،والينتقص هذا من كفاءتهم ومؤهالتهم العلمية أو املهنية أو
الحرفية .بمعنى أن املتعلم الكفء مثل هؤالء قد يرتكب أخطاء قليلة أو كثيرة سواء
أكانت صوتية أم صرفية أم إمالئية أم تركيبية أم داللية ...فمن األخطاء يتعلم
اإلنسان .وقلما نجد شخصا في الواقع اليخطىء ،مهما كانت مكانته العلمية ومؤهالته
الكفائية .فالخطأ وارد في كل لحظة ودقيقة .لذا ،الينبغي أن نركز -أثناء عملية
التقويم -على األخطاء املرتكبة أو املرصودة ،فنعاقب املتعلم على ذلك بقسوة مرات
ومرات عدة ،وننس ى الكفاية األساسية أو التعليمات املهمة .بمعنى أن تقويم املوضوع
ينبغي أن يراعي مدى مالءمة إجابات املتعلم للتعليمات املطروحة .وههذا ،التقتصر
الكفاءة على تفادي األخطاء فحسب ،بل التثبت من مدى التمكن من الكفاية
املستهدفة أو الكفاية األساسية ،والقدرة على التحكم فيها .ومن هنا ،يبقى معيار
الحد األدنى هو الضابط الحقيقي في عملية التقويم اإلدماجي.
وللتمثيل ،إذا أجاب املتعلم ،في امتحان التاريخ املعاصر ،عن مجموع تعليمات
الوضعية اإلدماجية املتعلقة بالحرب العاملية الثانية باستعراض أسباب هذه
الحرب ،وذكر مراحلها ،وتعداد نتائجها ،مع كتابة مقدمة وخاتمة تامتين
ومستوفيتين.بيد أنه قد ارتكب أخطاء نحوية قليلة أو كثيرة ،فهذا لن يؤثر في كفاءة
التلميذ ومجهوده الشخص ي .فقد تحققت -فعال -كفاية الوضعية بمجرد احترامه
لبنود الوضعية وتعليماتها ،وتالؤم إجاباته مع ماهو مطلوب.أما ما ارتكبه من أخطاء،
أو ما استعمله من تشطيب أو سوء تنظيم للورقة ،فإن هذا لن يؤثر في قدراته
الكفائية؛ ألنه أصاب الهدف املرجو أو املبتغى ،فحقق النجاح املنشود.
ب -معيار االستعمال السليم ملوارد املادة ،و يعني سالمة االستعمال ،وحسن
االستثمار ملختلف املوارد واملفاهيم واملصطلحات التي اكتسبها املتعلم في حصص
التعلم والدعم والتوليف؛
ج -معيار االنسجام ،واملقصود بذلك استعمال خطة منطقية التناقض فيها،
والتوصل إلى نتائج معقولة النتائج ،والحفاظ على تسلسل في األقوال والكتابة،
وتوظيف للروابط املنطقية بشكل جيد؛
د -معيار اإلتقان أو الكمال أو الجودة .بمعنى أن يكون حل الوضعية مكتمال وشامال
لجميع عناصر الوضعية -املشكلة .كأن يتميز العمل بأصالة اإلنتاج ،وجودة العرض،
ومقروئية الخط ،والتنظيم الجيد للورقة...
383
جودة العرض ،ومقروئية الخط، املعيارالرابع :اإلتقان والجودة
وتنظيم الورقة.
/4املعياراألدنى ومعياراإلتقان:
ينبني التقويم اإلدماجي على معيارين أساسيين هما :معيار الحد األدنى ومعيار
اإلتقان ،فمعيار الحد األدنى ( )Critère minimalهو الذي يساعدنا على التثبت من
مدى تحقق الكفاية ،ويتحقق ذلك بمعيار املالءمة.أي :مالءمة الحل لتعليمات
الوضعية اإلدماجية ،وكذلك انسجام األجوبة مع املطلوب .وإذا أفلح املتعلم في حل
الوضعية املعطاة له ،فقد حقق الهدف املنشود من تلك الوضعية .ومن ثم ،فهو
كفء ومؤهل وناجح في عمله .ويعني هذا أن الحد األدنى هو مقياس النجاح ،وليس
معيار اإلتقان والجودة .ومن ثم ،يرتبط معيار الحد األدنى بالكفاية األساسية أو
املستهدفة ارتباطا وثيقا وعضويا وسببيا .على أساس أن هذا املعيار هو أساس تحقق
الكفاية ،وأساس النجاح والتأهيل .
وللتمثيل :لكي نحكم على سباح بأنه كفء ،فهناك على األقل معياران :معيار التحرك
داخل املسبح ،ومعيار التوازن (عدم الغرق) .وثمة معايير أخرى ،يمكن االستأناس
هها ،ولكنها أقل أهمية مقارنة بمعيار الحد األدنى ،مثل :السرعة ،واللياقة ،و تنويع
أوضاع السباحة ،وتدخل هذه املواصفات ضمن معيار اإلتقان والجودة(مؤشر
اإلتقان.)critère de perfectionnement/
384
ويعني هذا أن معيار اإلتقان اليعتبر أساسيا في تقويم الكفاية املستهدفة ،بل هو
معيار ثانوي ومكمل ،واليؤخذ بعين االعتبار إذا تحقق املعيار السابق (معيار الحد
األدنى).
لكن الينبغي أن نضخم في الئحة املعايير األساسية.إذ ينبغي أن نتجنب اإلكثار من
ً
املعايير الدنيا لكي النكون قساة مع متعلمينا .إذا ،البد من التقليل من معايير
التصحيح والتقويم .ومن هنا ،يرجح كفة معيار الحد األدنى (معيار املالءمة) في أثناء
التصحيح على معيار اإلتقان الذي يعنى بجودة املنتوج ،ومحاسبة املتعلم على
أخطائه .فالتلميذ الذي كتب موضوعا إنشائيا جيدا في تحليل النص األدبي بمراعاة
جميع التعليمات التي تتطلبها الوضعية اإلدماجية ،هو تلميذ كفء ومؤهل ،على
الرغم من ارتكابه لعدد من األخطاء اللغوية واإلمالئية والتركيبية .
ألن املهم -هنا -ليس هو اإلتقان ،وجودة العرض ،وحسن الخط؛ بل هو معيار
املالءمة.بمعنى ضرورة االحتكام إلى معيار الحد األدنى بدل االحتكام إلى معيار
اإلتقان .بتعبير آخر ،فقد كان املدرسون ،في التربية التقليدية ،يحاكمون التلميذ
انطالقا من رداءة الخط ،وعدم تنظيم ورقته ،دون االحتكام إلى األجوبة ومدى
تطابقها مع األسئلة املطروحة .لذا ،نحكم على كل تلميذ أو متعلم استوفى جوابه كل
عناصر املطلوب بالنجاح ،على الرغم من رداءة الخط ،وكثرة األخطاء ،بشرط أال
تكون نقط اإلتقان أكثر من نقط املالءمة ،وأال تتعدى ثلث مجموع النقط.أي :اليبنى
التقويم على محك األخطاء ،بل يبنى على قياس الكفايات املهارية ،فليس هناك من ال
يخطئ ،فالالعب الرياض ي املاهر يخطىء عندما ال يسجل أهدافا ،والطباخ املاهر قد
يخطىء بدوره أثناء الطهي ،فال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار الوحيد للتقويم .
385
ومن ناحية أخرى ،البد أن تكون معايير الحد األدنى مستقلة عن بعضها البعض ،فال
يعقل أن تكون األسئلة مترابطة ومتتابعة ومتناسلة ،كما نجد ذلك في امتحانات
ومسائل الرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية ؛ ألن هذا ظلم وإجحاف في حق
املتعلم ،بل البد أن تكون األسئلة منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون
هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم.
/5قاعدة :3/2
228- DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ?,
Revue Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,3663, p. 17-36.
386
كفاءة املتعلم إال في فرصتين على ثالث .ومن هنا ،البد أن يتوفر نموذج التقويم
املقدم للمتعلم على ثالث وضعيات -مشكالت لحلها في الرياضيات أو في أية وحدة
دراسية أخرى ،أو تقديم وضعية واحدة بثالث تعلميات مستقلة ومختلفة كتكوين
ثالث جمل في اللغة العربية بالنسبة للتلميذ املبتدىء.
وعليه ،تعني قاعدة دوكيتيل ( )De Keteleالتي تسمى بقاعدة 6/2أن نسبة النجاح
الكفائي هو اإلجابة عن وضعيتين من ثالث وضعيات 229.والبد من االحتكام أوال إلى
معيار الحد األدنى بدل االحتكام إلى معيار اإلتقان التكميلي.
/6قاعدة :4/3
الينبغي أن نرجح كفة معيار اإلتقان ،بأي حال من األحوال ،على معيار الحد األدنى
الذي يتمثل في معيار املالءمة ،ومعيار االنسجام ،ومعيار االستخدام السليم ألدوات
املادة؛ ألن السبب في فشل املتعلم وتعثره يعود إلى اهتمام املدرس املقوم بمعايير
اإلتقان بدل معيار الحد األدنى .كما ينبغي التقليص من مؤشرات معايير اإلتقان .
فالرسوب الواهم يعود إلى ترجيح كفة معيار اإلتقان على معيار الحد األدنى عند
الكثير من املدرسين التقليديين.لذا ،قدم دوكيتيل قاعدة ¾ ليبين لنا أن معيار
اإلتقان الينبغي أن يتعدى الثلث من مجموع النقط.230
229 -DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ? P.
17-36.
230 -DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi, p.
17-36.
387
املعيار 4 املعيار 3 املعيار 2 املعيار 1
الورقة 1
الورقة 2
الورقة 3
الورقة 4
الورقة 5
الورقة 6
الورقة 7
الورقة 8
الورقة 9
الورقة 10
/7املؤش ـ ـرات:
املؤشر ( )Indicateurهو عالمة واضحة ودقيقة وملموسة قابلة للمالحظة تسمح
بأجرأة معيار معين .ويعني هذا أن املؤشرات في خدمة معايير التقويم كمعيار
املالءمة ،ومعيار االنسجام ،ومعيار الجودة واإلتقان ،ومعيار االستخدام السليم
ألدوات املادة .وينبغي أن تكون املؤشرات واضحة وملموسة وقابلة للتطبيق .ومن ثم،
388
فهي التي تسعفنا في الحكم على مدى تمكن املتعلم من كفاية ما .وهي التي تجعل
املعايير أيضا أكثر وضوحا وانسجاما ومقبولية ضمن الوضعية اإلدماجية.
وتتخذ املؤشرات الكيفية طابعا وصفيا ،وتنصب على تبيان األخطاء وتصحيحها
ومعالجتها.
وعليه ،تقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل ،فقد يكون مؤشرا كيفيا،
كأن نطالب املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في
389
وصفه ،وقد يكون مؤشرا كميا حينما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف
ثلثي من الجمل صحيحة لكي ينال .6 / 2
وقد تنوعت هذه الوضعيات حسب املراحل األربع للسنة الدراسية اإلدماجية،
وخصص لكل مرحلة وضعيتان .وقد أرفقت هذه الوضعيات اإلدماجية بالصور
والوثائق واألسناد والتعليمات.
ومن جهة أخرى ،يمكن الحديث عن ثالث شبكات أساسية في إطار الوضعية
اإلدماجية وهي :شبكة التمرير أو االستثمار ،وشبكة التحقق ،وشبكة التصحيح .
390
أ -شبكة التمريرأو االستثمار
نعني بشبكة التمرير ،أو بطاقة االستثمار ،أو جذاذة توظيف الوضعية ( Fiche
)d’exploitation de la situationتلك الشبكة التي تستعمل ملصاحبة املتعلم خالل
اإلنجاز قصد تدبير محكم لتعلم حل الوضعية اإلدماجية بفهم هذه الوضعية،
ومعرفة املهام ،وإنجاز املطلوب وفق مواصفات اإلنتاج املنتظر.
ويقصد ببطاقة تمرير وضعية أو بطاقة استثمار تلك البطاقة التي تتضمن
توضيحات وتفسيرات تشرح للمتعلم كيفية تمرير الوضعية ،وسبل استثمارها .وأكثر
من هذا ،فهي خارطة طريق منهجية يرافق هها األستاذ التالميذ في مختلف مراحل
إنجاز الوضعيات.
391
يقصد بشبكة التحقق تلك الشبكة التي تستعمل للتثبت من مدى تحقق املعايير في
إطار التقويم الذاتي .ويستعملها املتعلم للتأكد من مدى احترامه للتعليمات واملعايير
املطلوبة كأن يقارن إنتاجه بتلك املعايير التي تذيلت هها الوضعية اإلدماجية.
وتستعمل شبكة التحقق ،أو شبكة التقويم الذاتي ،من قبل املتعلم لقياس درجة
نمو الكفاية املرصودة ،ومدى التحكم فيها .وترتكز هذه الشبكة القائمة على التحقق
من صحة املعلومات ،والتثبت من الحلول املقترحة ملعالجة الوضعية املعطاة .كما
يستعملها املدرس للتثبت من مدى تمكن املتعلم من الكفاية املستهدفة.
املؤشرات :تتفرع املعايير إلى مجموعة من املؤشرات الكمية والكيفية التي تساعد
املتعلم على التقويم الذاتي بطريقة صحيحة وموضوعية.
392
مساعدته على التعلم الذاتي؛
ّ
نموذج أول من نماذج شبكة التحقق
املادة.....:اسم التلميذ..........:املستوى......:املرحلة..:
أتحقق..........
393
•إذا ..............
•إذا ..............
•إذا ..............
أتحقق..........
•إذا ..............
•إذا ..............
•إذا ..............
أتحقق..........
•إذا ..............
•إذا ..............
•إذا ..............
املعيار : 7اإلتقان
394
أتحقق..........
•إذا ..............
395
املعيار .3انسجام اإلنتاج :أتحقق من:
ُ
ذكرت أخطا ًرا منطقية و ّ
اقعية لإلنقطاع عن الدراسة.
ّ
منطقية للعودة إلى الدراسة. ً
حججا ّ
قدمت
استعملت أدوات الربط.
397
هل ورقتني منظمة
بشكل جيد؟
-231الحسن اللحية :بيداغوجيا اإلدماج ،منشورات املعرفة ،الرباط ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2232م ،ص.222:
398
وينقسم جدول شبكة التصحيح إلى خانتين :خانة خاصة باملعايير املندرجة ضمن ما
يسمى بمعيار الحد األدنى ،وهي :معيار املالءمة ،ومعيار االستعمال السليم ألدوات
املادة ،ومعيار االنسجام .وفي الخانة الثانية ،توجد ثالث تعليمات لكل معيار .وبعد
ذلك ،ينقط املدرس املتعلمين حسب هذه املعايير والتعليمات الثالث .وهناك املعيار
الرابع هو معيار اإلتقان ،ويتعلق بجودة العمل خطا وقراءة ،وخلوه من التشطيب.
399
19
21
21
22
23
24
25
26
27
28
29
31
مجموع عدم التحكم
نسبة عدم التحكم
الورقة 1
الورقة 2
400
الورقة 3
الورقة 4
الورقة 5
الورقة 6
الورقة 7
الورقة 8
الورقة 9
الورقة 10
تصحيح اإلنشاء
سلـم التنقيـط تعريفـه املعيـار
3نقط من 0أسطر إلى 32سطرا ماعدا ذلك عدد األسطر التي يتكون منها منتوج التلميذ الحجم
1نقطة ملحوظة :السطر يعني أربع كلمات فما فوق إال إذا كانت
كلمة واحدة أو كلمتان أو ثالث كلمات كافية لتشكيل جملة
حوارية
6نقط مالءمة تامة (حضور العناصر الثالثة) مالءمة املكتوب للمطلوب : املالءمة
3نقط
401
مالءمة جزئية :حضور العنصرين ( )6+3أو ()2+6
1نقطة
حضور العنصرين ( )3+2أو أحدهما فقط
3نقط وضوح الخط بغض النظر عن ارتباط 6كلمات غير مقروءة على األكثر املقروئية
1نقطة أكثر من 6كلمات غير مقروءة املحتوى باملطلوب
6نقط 7أخطاء على األكثر كيفما كان نوع الخطأ تراعى املؤشرات اآلتية : اللغة
األخطاء اللغوية ،األخطاء
3نقط ما بين 3أخطاء و 4أخطاء
النحوية ،األخطاء اإلمالئية،
1نقطة ما فوق 4أخطاء
األخطاء الصرفية ،األخطاء
التركيبية ،األخطاء التعبيرية
3نقط االستعمال الخاطئ لعالمات الترقيم 6مرات على األكثر استعمال عالمات الترقيم عالمات الترقيم
استعماال سليما
استعمال عالمات الترقيم استعماال خاطئا ،أكثر من 6
مرات أو عدم استعمالها إطالقا
1نقطة
يالحظ أن شبكة التصحيح تستخدم للتقويم واملعالجة ،والهدف منها هو التثبت من
مدى التحكم في املعايير ،ومدى تحقق الكفاية املستهدفة ،اعتمادا على مجموعة من
املؤشرات الكيفية (الحجم املحدد ،وجودة املقروئية ،وسالمة اللغة ،وتوظيف
عالمات الترقيم ،والترتيب ،واملالءمة ،ونمط الكتابة املستخدمة ،)...واملؤشرات
الكمية (سلم التنقيط) .ويمكن للمدرس واملتعلم معا أن يستعينا بشبكة التصحيح
بغية تقويم اإلنتاج كما وكيفا.
402
شبكة تفريغ وتصنيف نتائج املتعلمين
االستخدام السليم
درجة االنسجام درجة للموارد درجة املالءمة
باملعالجة
التحكم
النقطة
التحك التحكم
باملعالجة
م تع تع تع تع تع تع تع تع تع املتعلمون
اللمالحظة
املستهدفون
املستهدفون
املستهدفون
باملعالجة
3 2 1 3 2 1 3 2 1
1
2
3
4
5
6
7
8
9
11
11
12
13
14
15
16
17
18
19
21
21
22
23
24
25
26
27
403
واالمتحانات والروائز بغية تشخيص مواطن الضعف والقوة ،بتمثل املعالجة
الداخلية التربوية والديدكتيكية ،وتمثل املعالجة الخارجية ذات الطابعين النفس ي
واالجتماعي .بمعنى أن املعالجة تهدف إلى اكتشاف األخطاء ،وتشخيصها ،ووصفها،
وتقديم معالجة إجرائية ناجعة .ومن ثم ،تستند املعالجة الديدكتيكية إلى أربع
مراحل:
الكشف عن األخطاء.
وصف األخطاء.
ويعني هذا أن املصحح أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في
موضوعه حسب سياقها ومظانها .وبعد ذلك ،يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج
الشخص ي ،فيصنفها إلى أنواع ،مثل :أخطاء صوتية ،وأخطاء إمالئية ،وأخطاء
صرفية ،وأخطاء داللية ،وأخطاء تركيبية ،وأخطاء تداولية...وبالتالي ،يحدد مواطن
القوة والضعف لدى املتعلم ،بالبحث عن أسباب هذه األخطاء ،متسائال عن
مصدرها :هل ترجع إلى مصدر داخلي ديدكتيكي وتربوي أم إلى مصدر خارجي نفس ي
واجتماعي؟! بمعنى البحث عن العوامل الذاتية واملوضوعية التي تكون سببا في تلك
األخطاء.
وفي األخير ،يقترح املصحح أو املقوم مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء
والنواقص والتعثرات التي قد ترتبط باملدرس ،أو املتعلم ،أو بالنظام التربوي العام.
وال تتم املعالجة إال إذا تكرر الخطأ مرات عدة.أما الذي يقوم باملعالجة ،فقد يكون
404
املدرس نفسه ،أو املتعلم نفسه في إطار التصحيح الذاتي ،أو تلميذ آخر ،أو قد
يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا أو ملحقا إداريا أو تربويا ،وقد يلتجئ
كذلك إلى وسائل اإلعالم ،والسجالت الذاتية ،والبرامج الرقمية ...
وعليه ،تكون املعالجة بطريقة التشخيص ،ورصد التعثرات ،وتصنيف األخطاء ،ويتم
إصالح األخطاء ومعالجتها بطريقة فورية موجهة ،أو بطريقة بعدية (مبدأ الفارقية)،
وخالصة القول ،تستلزم الوضعية وجود ذات مؤهلة تتفاعل مع وضعية مأخوذة من
املحيط أو البيئة التي تعيش فيها هذه الذات .وتتميز تلك الوضعية السياقية بكونها
معقدة ،أو مركبة ،أو صعبة.أي :إنها بمثابة عائق كبير يثير مشاكل وتحديات
406
وصعوبات للمتعلم ،وتتطلب منه أن يجد لها حلوال مناسبة ،قد تكون تلك الحلول
فردية أو ثنائية أو جماعية.
407
خاتمة
وهكذا ،نخلص إلى أنه من الصعب الحديث عن مدرس جيد إال إذا كان يمتلك ثالث
كفايات رئيسة مهمة هي :كفاية التخطيط،وكفاية التدبير ،وكفاية التقويم.
وإذا كانت كفاية التخطيط قائمة على وضع خطط هندسية استشرافية قريبة
ومتوسطة وبعيدة ،فإن كفاية التدبير قائمة على أجرأة هذه املخططات وتطبيقها
وتنفيذها وتنزيلها واقعيا وميدانيا.
أما كفاية التقويم ،فتستند إلى معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخبراته
وقدراته الكفائية حين يوضع أمام وضعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها
املستعصية .ومن ثم ،يساعد التقويم املدرس الكفء على معرفة مستوى التالميذ،
وتحديد مواطن القوة والضعف لديهم .كما يسعفه في اختيار املناهج والبرامج
الصالحة لتحسين املنظومة التربوية والديدكتيكية .ويفيده كذلك في معرفة مدى
تحقق األهداف والكفايات املرجوة البلوغ إليها ،ويعطيه صورة واضحة عن مدى ما
تحققه املدرسة من نتائج ،ويسهم عددا وتقديرا في التوجيه واإلرشاد املدرس ي .233
وهكذا ،نصل إلى أن املدرس الكفء والجيد هو الذي يتمثل الطرائق الجديدة في
التدريس ،ويمتلك ثالث كفايات رئيسة وأساسية اليمكن الفصل بينها هي :كفاية
التخطيط ،وكفاية التدبير ،وكفاية التقويم.
-233محمد الدريج :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى
سنة ،3600ص.04-03:
408
وفيما يتعلق بالوضعيات ،فهناك الوضعيات الديدكتيكية ،والوضعيات غير
الديدكتيكية ،والوضعيات اإلدماجية ،والوضعيات التقويمية .وتخضع هذه
الوضعيات لثالث مراحل ديدكتيكية رئيسة هي :التخطيط ،والتدبير ،والتقويم.
409
ثبت املصادرواملراجع
املعاجم العامة:
-3ابن منظور :لسان اللسان ،الجزء الثاني ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة
األولى.3666 ،
-2ابن منظور :لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى 2226م.
-6أحمد حسن الزيات وآخرون :املعجم الوسيط ،املكتبة اإلسالمية ،استانبول،
تركيا،
املعاجم التربوية:
-7أحمد أوزي :املعجم املوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م.
-3أحمد أوزي :املعجم املوسوعي الجديد لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م.
-3جرجس ميشال جرجس :معجم مصطلحات التربية والتعليم ،دار النهضة
العربية للطبع والنشر والتوزيع ،الطبعة األولى 2223م.
-4خالد الصمدي :مصطلحات تعليمية من التراث ،منشورات املنظمة اإلسالمية
للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو ،الطبعة األولى سنة 2220م.
-0الزبير مهداد :معجم األلفاظ واملصطلحات التربوية في التراث العربي ،مركز عبد
العزيز بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الطبعة األولى سنة 2233م.
-6عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م.
-32عبد الكريم غريب :املعجم في أعالم التربية والعلوم اإلنسانية،منشورات عالم
التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2224م.
410
املصادر:
-33أرسطو :فن الشعر ،ترجمة:عبد الرحمن بدوي ،مكتبة النهضة املصرية ،طبعة
3636م.
-37أحمد شبشوب :املدخل إلى الديدكتيك العامة ،منشورات رمسيس ،دفاتر في
التربية ،العدد3664/2م.
-34بيير ديش ي :تخطيط الدرس لتنمية الكفايات ،ترجمة :عبد الكريم غريب،
منشورات عالم التربية ،مطبعة دار النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،
.2226
411
-36جان بياجي :التوجهات الجديدة للتربية ،ترجمة :محمد الحبيب بلكوش ،دار
توبقال للنشر ،الدار البيضاء ،املغر ب ،الطبعة األولى سنة3660م.
412
-24الحسن اللحية :االمتحانات املهنية (علوم التربية) ،منشورات املعارف ،الرباط،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م.
-67عبد اللطيف الفارابي وآخران :البرامج واملناهج ،دار الخطابي للطباعة والنشر،
الطبعة األولى سنة 3662م.
413
-63عبد الكريم غريب :بيداغوجيا اإلدماج ،منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م.
-72علي أحمد مدكور :طرق تدريس اللغة العربية ،دار املسيرة ،عمان ،األردن،
الطبعة الثانية 2232م.
-73غي آفانزيني :الجمود والتجديد في التربية املدرسية ،ترجمة :عبد هللا عبد
الدائم ،دار العلم للماليين ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 3603م.
-76لحسن مادي :تكوين املدرسين ،نحو بدائل لبناء الكفايات ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار اليضاء،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م.
414
-73محمد حسين آل ياسين :املبادئ األساسية في طرق التدريس العامة،
منشورات دارالقلم ،بيروت ،لبنان ،ومكتبة الشعب ،بغداد ،العراق.
املراجع األجنبية:
415
56- A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS,
Paris, 1989.
57-Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans Probio
revue, 16, 4, Bruxelles : Association des professeurs de biologie (ASBL)
,1993.
416
65- Giordan A. (1999) Une didactique pour les sciences
expérimentales. Paris : Belin.
417
77-Reuter Y. dir. (2007/2010) Dictionnaire des concepts
fondamentaux des didactiques. Bruxelles: De Boeck.
78- ROEGIERS, X : Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles :
De Boeck Université, 2003.
79-ROEGIERS, X : L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck Université,
2004.
80-Roegiers, X, la pédagogie de l’intégration en bref, Rabat, 2006 .
80-ROEGIERS, X.,Avec la collaboration de DE KETELE, J.-M. Une
pédagogie de l'intégration, Bruxelles-Paris : De Boeck Université,2222.
:املق ــاالت
،) مقابلة مع فليب پيرنو:( بناء الكفايات: باوال جونتيل وروبيرتا بنتشيني-84
محمد العمارتي والبشير: تعريب،الكفايات في التدريس بين التنظير واملمارسة
.م2227 الطبعة األولى سنة، الرباط، مطبعة أكدال،اليعكوبي
418
-85حسن بوتكالي (:مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب پيرنو) ،الكفايات في
التدريس بين التنظير واملمارسة ،مطبعة أكدال ،الرباط ،الطبعة األولى سنة .2227
-03كسافيي روجييرز :التدريس بالكفايات(وضعيات إلدماج املكتسبات) ،ترجمة:
عبد الكريم غريب ،منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 2224م.
-04محمد نادر سراج ( :التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر
الراهن) ،الفكرالعربي املعاصر ،لبنان ،العددان ،03/02 :السنة 3662م.
-00ميلود أحبادو ( :مقومات املنهاج التعليمي) ،مجلة التدريس ،الرباط ،املغرب،
العدد السابع.
-06نيكو هرت (:بصدد املقاربة عبر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى
مواطنين نقديين؟) ،الكفايات في التدريس بين النظرية واملمارسة ،مطبعة
أكدال،الرباط،الطبعة األولى سنة 2227م.
الدالئل الوزارية:
-66وزارة التربية الوطنية :مراجعة املناهج التربوية الكتاب األبيض ،مشروع منقح
ومزيد ،نونبر 2222م.
419
-67وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي :الكتاب
املدرس ي مسار إصالح ،مديرية املناهج ،قطاع التربية الوطنية ،الرباط ،املغرب،
الطبعة األولى سنة 2223م.
-63وزارة التربية الوطنية :دليل الحياة املدرسية ،الرباط ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 2226م.
-63وزارة التربية الوطنية :دليل املقاربة بالكفايات ،مكتبة املدارس ،الدار البيضاء،
املغرب ،الطبعة األولى دجنبر2226م.
-64وزارة التربية الوطنية :دليل بيداغوجيا اإلدماج ،مكتبة املدارس ،الدار
البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2226م.
-60وزارة التربية الوطنية :دليل اإلدماج ،املستوى الثالث من التعليم االبتدائي،
مطبعة األحداث ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2232م.
-66وزارة التربية الوطنية :كراسة الوضعيات اإلدماجية ،الجزء األول ،املستوى
السادس ،مطبعة املعارف الجديدة ،الرباط ،املغرب2232 ،م.
-42وزارة التربية الوطنية :دليل األساتذة الجدد بالتعليم االبتدائي ،منشورات
مديرية تكوين األطر ،مركز اإلمام الغزالي لتكوين املعلمين واملعلمات ،أكادير ،املغرب،
2233-2232م.
-43وزارة التربية الوطنية :الدليل املنهجي لدعم النجاح املدرس ي ،الرقم ،3مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2236م.
الــويبوغر افــيا:
-42زهور باقي( :أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ")،
موقع هسبريس ،املغرب ،االثنين 32غشت 2236م.
http://hespress.com/portraits/86476.htm
420
-46مجد خضر( :الفرق بين املنهج واملقرر)
http://mawdoo3.com/
421
السيرة العلمية:
-جميل حمداوي من مواليد مدينة الناظور باململكة املغربية سنة 3636م .
-حاصل على دبلوم الدراسات العليا سنة 3663م في موضوع (العنوان في الشعر
العربي الحديث واملعاصرنحو مقاربة سيميائية) بميزة حسن جدا.
-حاصل على دكتوراه الدولة سنة 2223م في الرواية ،وكان موضوع األطروحة (
مقاربة النص املوازي في روايات بنسالم حميش) بميزة حسن جدا.
-حاصل على إجازتين :األولى في األدب العربي ،والثانية في الشريعة والقانون .كما تابع
دراساته الجامعية في الفلسفة وعلم النفس وعلم االجتماع بكليتي اآلداب بفاس
وتطوان.
422
-أستاذ التربية الخاصة والعامة ،وأستاذ علم التدريس في اللغة العربية ،وعلوم
التربية باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين بالجهة الشرقية (وجدة/املغرب).
-كان سابقا أستاذ األدب الرقمي ومناهج النقد األدبي بماستر الكتابة النسائية بكلية
اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان.
-كان سابقا أستاذ الرواية ومناهج مابعد الحداثة وعلم التحقيق بماستر النثر العربي
القديم بكلية اآلداب تطوان.
-كان سابقا أستاذ الصحافة بماستر الترجمة والتواصل والصحافة بمدرسة فهد
العليا بطنجة (املغرب).
-كان سابقا أستاذ مادة حضارات البحر األبيض املتوسط بالكلية املتعددة
التخصصات بالناظور.
-يدرس -اآلن -علم النفس التربوي ،وعلوم التربية ،ومناهج البحث التربوي ،وطرائق
التدريس ،واإلحصاء التربوي ،ومناهج البحث التربوي.
ّ
-شاعر ،وناقد ،وباحث ،وسيناريست ،ومحكم ،وكاتب مسرحي ،وخبير تربوي،
ومؤطر ومحاضر ثقافي وفني ،ومكون تربوي ،ومستشار في كثير من املجالت العربية
والدولية املحكمة وغير املحكمة.
-مخرج مسرحي.
423
-باحث فني وناقد سينمائي وتشكيلي وموسيقي.
-يعد من املنظرين العرب األوائل للقصة القصيرة جدا ،والكتابة الشذرية ،والبالغة
الرحبة ،والصورة السردية... ،
-كتب حوالي 3232كتاب ورقي وإلكتروني.وههذا ،يكون أكثر إنتاجا في الثقافة العربية
اإلسالمية.
-نشر أكثر من 3622مقال علمي محكم وغير محكم في الصحف األجنبية والعربية
واملغربية ،دون أن ننس ى ما نشرناه من مقاالت في مواقع إلكترونية ،فهي كثيرة جدا.
-له موقع إلكتروني مجاني يضم كتبا عديدة موجهة للباحثين والطلبة للتحميل
بعنوان( موقع الثقافة للجميع)
Hamdaoui.ma
426
-ترجمت مقاالته ودراساته إلى اللغة الفرنسية ،واللغة الفارسية ،واللغة الكردية،
والبنغالية ،واألندونيسية...
-منح جميل حمداوي لقب شخصية العام من أفضل مائة شخصية مؤثرة في العالم
لعام 2223م من قبل الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين
الشعوب.
-نشر الباحث مقاالته في املجالت املغربية ( مجلة ضفاف -مجلة املجرة -مجلة
فضاءات مغربية -مجلة فكر -مجلة املقاومة وجيش التحرير املغربي -مجلة فكر
ونقد -مجلة علوم التربية -مجلة آفاق -مجلة إيقاظ -مجلة الحياة املدرسية -مجلة
الفرقان -مجلة رهانات -مجلة التذكرة -مجلة نغم -مجلة كتابات -مجلة الحياة
الفنية-مجلة أدليس-مجلة نوافذ -مجلة األزمنة الحديثة-مجلة التاريخ العربي-مجلة
امللتقى -مجلة طنجة األدبية -مجلة شؤون إستراتيجية -مجلة لكل النساء -مجلة
اهتمامات تربوية – مجلة دعوة الحق -مجلة أمل -مجلة رهانات -مجلة مدارات
التربية والتكوين -مجلة اإلدارة التربوية -مجلة الذاكرة الوطنية -ومجلة الغنية،
ومجلة الثقافة املغربية.)...
427
-نشر في املجالت العربية والخليجية ،مثل :مجلة الكويت (الكويت) ،ومجلة عالم
الفكر(الكويت) ،ومجلة الراوي(السعودية) ،ومجلة الفيصل (السعودية) ،ومجلة
الشؤون التربوية (الكويت) ،ومجلة األدب اإلسالمي ( السعودية) ،ومجلة جريدة
الفنون( الكويت) ،ومجلة عشتروت (سوريا) ،ومجلة الكرمل( فلسطين) ،ومجلة
املجلة العربية (السعودية) ،ومجلة العربي (الكويت) ،ومجلة نزوى (عمان)،ومجلة
البيان (الكويت) ،ومجلة الجوبة (السعودية) ،ومجلة التسامح (سلطنة عمان)،
ومجلة الغدير(لبنان) ،ومجلة الفرقان (األردن) ،ومجلة اآلطام (السعودية) ،ومجلة
شانؤ (كوردستان) ،ومجلة (هةنار) كوردستان ،ومجلة الدوحة (قطر) ،ومجلة
حوليات التراث (الجزائر) ،ومجلة أبعاد (السعودية) ،ومجلة اإلشراق (العراق)،
ومجلة املنهاج (لبنان) ،ومجلة املسرح العربي (اإلمارات العربية املتحدة) ،ومجلة
إبداع (مصر) ،ومجلة املعرفة(السعودية) ،ومجلة الرافد (اإلمارات العربية املتحدة)،
ومجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية(الكويت)،ومجلة الحياة املسرحية(سوريا)،
ومجلة الفيصل األدبية (السعودية) ،ومجلة جرش الثقافية (األردن) ،ومجلة
سيميائيات (الجزائر) ،ومجلة قضايا إستراتيجية (تونس) ،ومجلة املسرح (الشارقة)،
ومجلة العربية والترجمة (لبنان) ،ومجلة الجسرة (قطر) ،ومجلة كتابات معاصرة
(لبنان) ،ومجلة العربية والترجمة (لبنان) ،ومجلة عتبات الثقافية (مصر) ،ومجلة
الصورة واالتصال(الجزائر) ،ومجلة الكلمة (لبنان)،ومجلة لسان العرب (ليبيا)،
.وسردم العربي(كردستان) ،ومجلة قصص(تونس) ،ومجلة املستقبل العربي (لبنان)،
ومجلة اإلمارات الثقافية (اإلمارات) ،والحياة الثقافية (تونس)،ومجلة اإلصالح
اإللكترونية (تونس) ،ومجلة الرقيم(العراق) ،ومجلة أيقونات (الجزائر) ،ومجلة رؤية
سينمائية (اإلمارات العربية املتحدة) ،ومجلة (املوقف األدبي) السورية ،ومجلة
428
(قصص) تونس ،ومجلة الحرس الوطني(السعودية) ،ومجلة العالم (السعودية)،
ومجلة فصول (مصر) ،ومجلة سمات(البحرين) ،ومجلة املنافذ الثقافية (لبنان)،)...
ومجلة الفكر العربي املعاصر(لبنان)،ومجلة جيل العلوم اإلنسانية واالجتماعية
(الجزائر) ،ومجلة (األقالم) العراق،ومجلة شؤون عربية (مصر) ،ومجلة جرش
الثقافية (األردن) ،ومجلة أدب ونقد (مصر) ،ومجلة االجتهاد املعاصر (لبنان)،
ومجلة أقالم عربية(اليمن) ،ومجلة أبحاث ودراسات تربوية(لبنان) ،ومجلة فرقد
اإلبداعية (السعودية) ،ومجلة دراسات معاصرة(الجزائر)( ،مجلة الطفولة العربية)
الكويت ،ومجلة االستغراب(لبنان) ،ومجلة شؤون األوسط (لبنان) ،وصحيفة فنون
الخليج (السعودية) ،ومجلة الفيصل (السعودية) ،ومجلة جيل الدراسات السياسية
والعالقات الدولية (لبنان) ،ومجلة (املوقف األدبي) سورية ،ومجلة دراسات
استشراقية (لبنان) ،ومجلة (شرفات) (العراق) ،ومجلة (أقالم عربية) (اليمن)،
ومجلة (ضفاف عربية) العراق ،ومجلة (أبحاث ودراسات تربوية) لبنان ،ومجلة
(جيل) لبنان...
-نشر أيضا مقاالته في املجالت العاملية ( مجلة العرب األسبوعي ( لندن) ،ومجلة
الكلمة ( لندن) ،صوت العروبة(الواليات املتحدة األمريكية) ،ومجلة القلم األدبي
(لندن ) ،ومجلة صدى املهجر(الواليات املتحدة األمريكية) ،ومجلة عالم الغد (ڤيينا
بالنمسا) ،وصحيفة العاملية (كاليفورنيا بالواليات املتحدة األمريكية) ،)...،ومجلة
جامعة ابن رشد (هولندا) ،ومجلة الزمان (لندن)...
-نشر مقاالته في الجرائد املغربية الوطنية ( االتحاد االشتراكي -العلم -طنجة األدبية
-روافد ثقافية -املنعطف الثقافي-الشمال -رسالة األمة-أنغميس -العالم األمازيغي-
املنعطف -أگراو -يومية الناس -جريدة مالمح ثقافية -جريدة الرأي املغربية -جريدة
التجديد-الجريدة التربوية -مرايا مغربية -جريدة الرأي الحر -بيان اليوم-العدالة
والتنمية -النهار املغربية -املنتدى األمازيغي -عين على الفن -الشروق املغربية -األيام-
الفسحة-القصة املغربية -الخبر-املساء -أقالم املغرب -اقالم الغد -جريدة العاصمة-
األخبار.)......
-نشر مقاالت عدة في كثير من املواقع اإللكتورنية ،مثل :دروب ،واملثقف ،والوطن،
والحوار املتمدن،والندوة العربية ،واملثقف ،وملتقى شعراء العرب ،واملجلة العربية،
والفوانيس ،ومنبر دنيا الوطن ،وصوت العروبة ،والصحيفة ،وديوان العرب ،وأقالم
الثقافية ،وأفق الثقافي ،وفراديس ،وفضاءات ،وجدار ،ومنتدى مسرحيون ،ومسرح
الطائف ،والتجديد العربي ،والقصة العربية ،والقصة العراقية ،ورجال األدب،
وعراق الكلمة ،وشعراء العراق ،وبوابة املغرب ،واتحاد كتاب اإلنترنت العرب،
والفوانيس ،واملناهل .....
-صاحب مقاربات نقدية جديدة وأصيلة هي :املقاربة الشذرية ،واملقاربة الوسائطية
أو امليديولوجية ،واملقاربة القالبية ،واملقاربة املقاصدية ،واملقاربة امليكروسردية،
واملقاربة الطوبيقية ،واملقاربة الفيزيائية في دراسة الحركة في األدب والفن ،و املقاربة
الهايكية ،و املقاربة البنيوية الدياكرونية ،وسيميوطيقا التوتر ،والبيداغوجيا
اإلبداعية ،والتربية الناقدة ،وتربية امللكات ،والبالغة الرحبة ،والبالغة الرقمية...
-ومن أهم كتبه :الجديد في الدرس البالغي ،واالستغراب ،واالستعراب اإلسباني في
خدمة األدب العربي ،واالستشراق ،وسوسيولوجيا األسلوب ،ونحو املقاربة
الكوسمولوجية ،ومن هم البربر؟ ،والحكاية الشعبية األمازيغية ،والسرد األمازيغي
بمنطقة الريف ،ومدخل إلى اللسانيات األمازيغية ،ولسانيات النص ،واألدب الرقمي،
والجهة في اللغة العربية ،واملقاربة امليديولوجية ،و سيميوطيقا التوتر ،وفقه
النوازل ،ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسالمي ،ومحطات العمل الديدكتيكي ،وتدبير
431
الحياة املدرسية ،وبيداغوجيا األخطاء ،ونحو تقويم تربوي جديد ،والشذرات بين
النظرية والتطبيق ،والقصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق ،والرواية التاريخية،
تصورات تربوية جديدة ،واإلسالم بين الحداثة وما بعد الحداثة ،ومجزءات التكوين،
ومن سيميوطيقا الذات إلى سيميوطيقا التوتر ،والتربية الفنية ،ومدخل إلى األدب
السعودي ،واإلحصاء التربوي ،ونظريات النقد األدبي في مرحلة مابعد الحداثة،
ومقومات القصة القصيرة جدا عند جمال الدين الخضيري ،وأنواع املمثل في
التيارات املسرحية الغربية والعربية ،وفي نظرية الرواية :مقاربات جديدة،
وأنطولوجيا القصة القصيرة جدا باملغرب ،والقصيدة الكونكريتية ،ومن أجل تقنية
جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ،والسيميولوجيا بين النظرية والتطبيق ،واإلخراج
املسرحي ،ومدخل إلى السينوغرافيا املسرحية ،واملسرح األمازيغي ،ومسرح الشباب
باملغرب ،واملدخل إلى اإلخراج املسرحي ،ومسرح الطفل بين التأليف واإلخراج،
ومسرح األطفال باملغرب ،ونصوص مسرحية ،ومدخل إلى السينما املغربية ،ومناهج
النقد العربي ،والجديد في التربية والتعليم ،وببليوغرافيا أدب األطفال باملغرب،
ومدخل إلى الشعر اإلسالمي ،واملدارس العتيقة باملغرب ،وأدب األطفال باملغرب،
والقصة القصيرة جدا باملغرب،والقصة القصيرة جدا عند السعودي علي حسن
البطران ،وأعالم الثقافة األمازيغية...
-من أعضاء الهيئة االستشارية العلمية في كثير من املجالت العربية والدولية ،مثل:
مجلة جرش التابعة لجامعة األردن ابتداء من العدد 23لسنة 2222م ،ومجلة ابن
رشد ههولندة ،ومجلة أطلنتيس ،مجلة (عتبات) الثقافية املصرية ،و (مجلة كتابات
معاصرة) الصادرة بلبنان ابتداء من العدد 323سنة 2230م ،ومجلة (العلوم
القانونية) املغربية التي يشرف عليها نبيل بوحميدي وميمون خراط ،و
432
(مجلةاآلداب واللغات والعلوم اإلنسانية) الصادرة عن كلية اآلداب واللغات
بجامعة الشاذلي بن جديد ،الطارف ،الجزائر ،و مجلة ابن رشد ههولندة ،ومجلة
الصورة واالتصال بالجزائر ،ومجلة القلم األدبي بلندن ،ومجلة أجراس الثقافية
باملغرب ،ومجلة فضاءات مغربية ،ومجلة أدب الطفل بالجزائر...
www.rifculture.net
-رئيس مختبر ابن خلدون للتربية والتعليم باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين
بالجهة الشرقية ،فرع الناظور.
433
-رئيس مختبر مسرح الشباب.
-الهاتف النقال2342637660:
-الهاتف املنزلي2363666700:
-الواتساب2342637660:
-اإليميلHamdaouidocteur@gmail.com:
Jamilhamdaoui@yahoo.fr
434
يتناول هذا الكتاب مجموعة من الدروس واملحاضرات التي تندرج
ضمن مادة الديدكتيك أو مادة التربية الخاصة.ومن ثم ،يتوجه
الكتاب إلى املكونين واألساتذة والطلبة املهتمين بقضايا التربية
والتعليم بصفة خاصة .ومن ثم ،يجمع هذا الكتاب املبسط
وامليسر مجموعة من املفاهيم واملصطلحات املتعلقة
بالديدكتيك أو فن التدريس .ويعني هذا أن الكتاب تعريف مجمل
بقضايا علم الديدكتيك ومجاالته من خالل التوقف عند
مفاهيمه ،ودراسة مواضيعه املتشعبة ،واستكشاف قضاياه
املختلفة واملتعددة ،واستقصاء مرجعياته النظرية والتطبيقية.
435