Professional Documents
Culture Documents
القنوات الفضائية والتغير القيمي في الأسرة الجزائرية. دراسة ميدانية بمنطقة الحضنة بالمسيلة.
القنوات الفضائية والتغير القيمي في الأسرة الجزائرية. دراسة ميدانية بمنطقة الحضنة بالمسيلة.
تاريخ نشر المقال2016/03/01: تاريخ قبول نشر المقال2015/09/29 : تاريخ استقبال المقال2015/09/19:
ممخص:
أن جيبل
تحوالتو ،لدرجة ّ
تتناول الدراسة إحدى الموضوعات اليامة وىو التغير ،الذي أصبح اليوم أكثر سرعة وجذرية في ّ
عدة أنماط من التحوالت االجتماعية .ولعل الذي ساىم إلى في زيادة وتيرة ىذه الحركية التي تكاد تنأى عن
واحدا قد يعايش ّ
إن أخطر
المراقبة ىو الثقافة المتنوعة الوافدة عبر القنوات الفضائية التي أصبحت تشكل جزء من الحياة االجتماعية لؤلسرةّ .
ما يمكن أن تتعرض لو ىذه األخيرة ىو أن يطال التغير أحد وظائفيا األساسية وىو إنتاج القيم والمحافظة عمييا.
تمثل الدراسة محاولة إللقاء الضوء عمى التغير الذي تعرضت قيمتي الحياء والعبلقات االجتماعية بفعل القنوات الفضائية في
منطقة المسيمة .وانطمقت من إشكالية وفرضيات وتحديدا ألىميتيا وأىدافيا ولمفاىيميا االصطبلحية واإلجرائية ،وحاولت
التطرق –سوسيولوجيا -إلى المضامين القيمية في البرامج القنوات الفضائية .ومنيجيا تبنت المنيج الوصفي ،وجمعت البيانات
باستعمال أداة االستبيان طبقت عمى عينة حجميا( ) 708مفردة اختيرت عمديا ،وقد انتيت الدراسة إلى أن قيمة الح ياء كانت
الكممات المفتاحية :القنوات الفضائية ،القيم ،األسرة. أكث ار تأث ار وتغي ار مقارنة بقيمة العبلقات االجتماعية والقرابية.
Satellite television and the change in the value system of the Algerian family.
Abstract
The study addresses treats one of the important topics « the change”, which has
become faster and more radical day to day, so much so that one generation may survive
several aspects of social transformations. Perhaps what contributed to the increase of the
phenomenon is a diverse expatriate culture through satellite channels, which have
become a part of the social life of the family. The most dangerous thing that can be
experienced by the latter is a change that affects basic functions which is to produce
values and maintain them.
The study represents an attempt to shed light on the change, which came under the
values of modesty and social relations by satellite channels in Msila. And it started from
the problematic assumptions and specifying its importance, objectives and concepts of
conventional and procedural, and -sociologically- we tried to address the implications of
value in satellite programs. And adopted a descriptive approach, and collected data
using a questionnaire tool applied to the sample size (304) Single chosen intentionally,
the study concluded that the value of modesty were affected by the change compared to
the value of social relationships and kinship.
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
92
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
مقدمة:
من السمات التي الزمت المجتمعات اإلنسانية عبر مسيرتيا التاريخية منذ عصر الجمع وااللتقاط وصوال إلى عصر
التراكم الرأسمالي ما يسمي بظاىرة التغير االجتماعي ،وىي ظاىرة طبيعية تحدث في المجتمع نتيجة سمسمة
التفاعبلت والتبادالت والعبلقات االجتماعية ،والتي تؤدي في األخير إلى التغير الدائم ،ولكن الذي أصبح ممفتا
لبلنتباه ىو ما داىم المجتمع في نياية األلفية الثانية وبداية األلفية الثالثة مدة من عدم اليقين الحاد حول المستقبل
بعد أن أخذ المجتمع يتغير بسرعة أكبر من أي وقت مضى.
حيث أصبح العالم اليوم يزدحم في مجمل أجزائو ومختمف مجاالتو بمستجدات ومتغيرات لم يسبق لو أن
شيدىا في مراحل سابقة ،ىذه التحوالت شكمت منعطفا ىاما في حياة الشعوب جعمتيا تدرك شيئا فشيئا ومرحمة تمو
األخرى بأنيا مقدمة عمى العيش في عصر جديد بات حقيقة أال وىو عصر الغزو الفضائي بمختمف وسائمو ولعل
أىميا القنوات الفضائية التي أصبحت تشكل جممة من التحديات ال سيما التحديات القيمية عمى األسرة .وعميو جاء
ىذا البحث ليبحث في بعض التحديات القيمية التي تواجييا األسرة في زمن البث الفضائي الوافد ،من خبلل دراسة
التغيرات التي تعرضت ليا قيمتي الحياء والعبلقات االجتماعية والقرابية في األسرة.
- 1اإلشكالية >
يعد البث التمفزيوني عبر األق مار الصناعية من أبرز سمات القرن الحالي التي ميزت مجتمعات العالم والمجتمع
الجزائري عمى وجو الخصوص ،إذ غدا جزءا حيويا من الحياة اليومية لئلنسان واألسرة الجزائرية لدرجة أصبح
االستغناء عنو ضربا من الخيال ،لقد جعل اإلنسان في اتصال دائم وآني وحي مع ما يحدث في العالم؛ ليختصر
العالم العريض في مسمى "القرية الكونية" .ومن دون شك ،أن ىذا االنفتاح الواسع عمى العالم المميء بالثقافات
المتمايزة والحضارات المختمفة ،جعل المجتمع الجزائري يتعرض لمضامين حضارية ثقافية وقيمية متنوعة قد تؤثر
عمى القيم المحمية ،األمر الذي أثار الكث ير من اليواجس والتخوفات ،وأحيانا التحفظ والحياد بخصوص مصير قيم
المجتمع الجزائري ،وعميو جاء ىذا البحث ليمقي الضوء عمى موضوع" القنوات الفضائية والتغير في القيم في مجتمع
المسيمة كمجال لمدراسة الميدانية ،لذا يحاول البحث اإلجابة عمى التساؤل التالي> ىل مازالت األ سرة بالمسيمة
محافظة عمى قيمتي الحياء والعبلقات االجتماعية والقرابية في ظل البث الفضائي التمفزيوني الوافد؟
- 2الفرضيات
أ -الفرضية األولى :يميل مشاىدي برامج الق نوات الفضائية إلى تفضيل المشاىدة الجماعية في األسرة مما يؤدي
إلى التضحية بقيمة الحياء بسبب البرامج اليابطة أخبلقيا
ب -الفرضية الثانية :يميل مشاىدي قنوات الفضائية إلى قضاء أوقات أطول في المشاىدة؛ مما يؤدي إلى قمة
التفاعل وضعف العبلقات االجتماعية والقرابية وحدوث خبلفات في األسرة
- 3أهمية الدراسة وأهدافها :تكتسي ىذه الدراسة أىمية بالغة كونيا تعالج إحدى الموضوعات الفكرية والعممية التي
أصبحت تمثل محط أنظار العالم أال وىي الثورة في وسائل اإلعبلم واالتصال خاصة منيا المرئية والمسموعة ،وما
تشكمو من آثار وتغيرات عمى القيم في األسرة ،فإستراتيجية مواجية مخاطرىا تقتضي الوقوف عمى أبعاد ىذه
الظاىرة ودراستيا وتحميميا وكشف جوانبيا المختمفة ،أمبل في الوصول إلى نتائج يمكن عمى ضوئيا اتقاء سمبياتيا
وتوجيو فوائدىا باالتجاه الذي يحقق المنفعة لممجتمع بشكل عام ،وىذا ما يسعى إليو ىذا البحث .وتيدف ىذه
الدراسة إلى الكشف عن التغير الذي ط أر قيمتي الحياء والعبلقات االجتماعية في األسرة المحمي بمنطقة المسيمة
تحت تأثير القنوات الفضائية
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
93
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
94
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
د -القواعد والقياسات اإلحصائية :بعد جمع البيانات من الميدان ،قام الباحثان بمعالجتيا با ستخدام برنامج
spss ما يعرف بنظام الحزمة اإلحصائية لمعموم االجتماعية
السوسيولوجي التراث في التمفزيونية البرامج في القيمية المضامين -6
أ -قيمة الحياء :لم يعد صحيحا أن مواد الترفيو ال تنطوي عمى ّأية قيمة اج تماعية أو ثقافية أو سياسية أو تعميمية
أو تربوية؛ بل قد تخرج عن نطاق القيم والمبادئ التي ال تعد ترفييا ،لدرجة أصبحت لعبا بالمشاعر واألحاسيس
واألخبلق.11 والمبادئ لمقيم وضربا
لقد أص بحت القنوات الفضائية تتنافس فيما بينيا لتحقيق الربح المادي ،باعتبارىا قنوات ذات مسمك تجاري ،لذلك
يفسر االنتشار المذىل لمفضائيات التي تثير الغرائز وتشجع تسعى جادة الختيار المادة المفيدة ماديا ،األمر الذي ّ
الجنس بما يتعارض وعادات وتقاليد وقيم الكثير من البمد ان ،بل وال تنسجم مع المناخ الثقافي السائد لمخالفتيا لمقيم
واألعراف .فاإلعبلم المحمول عبر الفضائيات أصبح نسخة لئلعبلم الغربي الذي ال يكاد يحمل سوى برامج المّيو
الخميع والتفكير السطحي ،وضالّة العقل ،واالبتعاد عن أساسيات الحياة ،وقتل روح المعرفة والعمم ،وطمس روح
اإلبداع والمسؤولية ،واطبلق العنان لبلمسؤولية وزيادة البلمباالة بالقيم واألخبلق في صورة اندفاع وتقمص
لمسموكيات المشاىدة .فسيطرت النزعة المادية أمام استيبلك اإلنسان لسمع غريبة> موسيقى البوب ،واألزياء الغربية
غير المحتشمة ،وارتداء الفتيات لسراويل الرجال ،والفتيان لسراويل أقرب إلى سراويل الفتيات ،وانتشرت صيحات
المودة الفاضحة المروج ليا ،تحت مسمى االنفتاح ومواكبة التطور والحضارة ،فأصبحت المرأة ترتدي "البنطالون"
مع فضح الخمار . 12فالثقافة المحمولة عمى الفضائيات ىي ثقافة الكسب السريع ،واإليقاع السريع ،والتسمية الوقتية،
وادخال السرور عمى النفس ،ومم ّذات الحس ،واثارة الغرائز ،ثقافة الجريء والجميبلت وداالس وليس "أوشين" ،وتيبط
ىذه الثقافة االستيبلكية في الثقافة التقميدية؛ فينشأ الخصام الثقافي بين قديم مغمق وجديد تابع ،ويضيع اإلبداع
الثقافي بين المطرقة والسندان .13حتى القنوات الفضائية العربية أصبحت في خطورتيا ال تقل عمى القنوات
األجنبية ،من خبلل ترويجيا لمضامين ىابطة ،بعد أن تحولت إلى قنوات تجارية قائمة عمى أساس الربح والتنافس
بين رجال األعمال ،دون العناية بمضمون الرسالة اإلعبلمية ،ونتيجة لعجزىا عن التمويل البلزم مالت إلى
اإلعبلنات الخميعة والى االستدانة من البنوك ،وشغل الجانب األكبر من ساعات اإلرسال بالمباريات الرياضية
14
. المستوردة األجنبية المضامين أو والمطربات المطربين ومشاىير واألغاني
إن المنفعة والتسمية والترفيو سيؤديان إلى إضع اف مقاومة الفرد إلغراءات المنبيات التي يتعرض ليا طوال فترة
ّ
حياتو ،وسيضعف حتما الحكم الخمقي لديو وسيكون أكثر تأث ار باإليحاءات الصادرة عن البرامج ،فبل مكان اليوم
لمممنوع في عالم االتصال واإلعبلم والفضائيات العربية تتحدث عن ممارسة الجنس قبل الزواج ،وتحمل البضاعة
البلأخبلقية ،وتقوم بأداء دور السمسار الجنسي المتاجر بأجساد النساء ،والذي يعرض مشاىد تخل وتخدش الحياء،
المخص صة
ّ ويعرف بمفاتن الفتيات ويدون أرقام ىواتفين ،بيدف ترتيب واتمام مراسم الّمقاء المستنكر ،حتى البرامج
ّ
لؤلطفال تحمل في طياتيا مضامين غير مناسبة لعقميم ،مثل قصص الحب والغرام ،وبعض المقطات الخميعة التي
تقوم بتدمير قيم وأخبلقيات األطفال وتساىم في ذوبان شخصيتيم وتمييعيا .15وقد ترتب عمى الفضائيات األجنبية
الوافدة آثار سمبية عمى األسرة العربية أدت إلى تخمخل منظومة القيم األسرية حيث توارت معظم القيم األخبلقية.16
فإن التحوالت التي تشيدىا المجتمعات؛ ستؤدي إلى إصابة األسرة التي سميت "بممتص الصدمات العمبلق" وىكذا ّ
ولعل المظير المثير ليذا التفكك ،يتمثل في فقدانيا المتزايد لقدرتيا عمى االستمرار كمرجعية قيمية
ّ في المجتمع،
القيم. إلنتاج ومتنوعة جديدة مصادر لنشوء لمناشئة وأخبلقية
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
95
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
ب -قيمة العالقات االجتماعية :لقد استطاعت وسائل اإلعبلم الحديثة أن تطأ التقاليد وتشوه األنماط االجتماعية
كرسيا الزمن منذ أمد طويل؛ فأدت إلى غرس قيم
وتزعزع عادات تصل إلى مئات السنين وممارسات حضارية ّ
جديدة ومحو القيم المحمية ومحو ما يسمى "أسس حماية المجتمع" .ويشير" دانييل بل" إلى أن وصول البث
الفضائي المباشر إلى البيوت سيؤدي إلى حدوث تغييرات عميقة في القيم االجتماعية ،مؤكدا أن حجم ىذه التغييرات
يوازي مقدار التغيير الحاصل في الميدان االقتصادي بع د وصول ىذا البث .كما توقع الخبراء أن تكون عمميات
انتقال القيم من مجتمع إلى آخر من السيولة ،بحيث يمكن الحديث مستقببل عن مجتمع معمومات عالمي ،وأن ىذه
القيم المتاحة لجميع المجتمعات تعبر في الواقع عن المجتمعات التي تحتكر ىذه الصناعة ،ولكن عممية انتشارىا
ستكون في مجتمعات تختمف تركيبتيا االقتصادية واالجتماعية والسياسية اختبلفا كبيرا .فيمكن لممحطات الفضائية
أن تؤدي إلى خمق االضطراب االجتماعي وعدم االستقرار في العبلقات االجتماعية التقميدية ،السيما عند شعوب
دول العالم الثالث ،فضبل عن ظيور معتقدات متطايرة غير ثابتة ،وخمق وضع تصبح فيو المشاعر الذاتية أكثر
االجتماعي.17 التنظيم أو لمنشاط اجتماعي مشروع بأي الجماعي االلتزام من أىمية
لقد تحولت ظاىرة امتبلك أطباق البث الفضائي عمى المستوى االجتماعي إلى نوع من التباىي بنوعية أجيزة القنوات
مما
الفضائية العادية والرقمية ،وتوحي ىذه "المظيرية" باحتمال بروز مبلمح طبقية ذات مستويات معيشية متباينة؛ ّ
ممن يتشابيون في نمط قد يثير بعض الحساسيات تدفع إلى تحديد العبلقات االجتماعية بين الطبقات االجتماعية ّ
حياتيم ،وىذا األمر يؤدي إلى تقميص العبلقات االجتماعية بين أفراد المجتمع .18وحتى الثقافة االستيبلكية العالمية
المحمولة عمى وسائل اإلعبلم ،والمجانسة الثقافية؛ جعمت الناس يشعرون من خبلل قيام المنتجون العالميون
بتسويق ماركات مثل> "نايكي وسوني" التي ترمز إلى الحياة التي يطمح إلييا الناس ،بأن تمك المنتجات تبقى ممكا
19
فإن برامج البث الوافد من الفضاء لكثرتيا وتنوعيا
مشاعا بين الطبقات الغنية .ىذا من جية ،ومن جية أخرى؛ ّ
ستجعل من أفراد األسرة يقضون ساعات طويمة في المشاىدة ،األمر الذي قد يؤدي إلى التقميل من عممية التفاعل
االجتماعي األسري بين أعضائيا ،وستقل عممية التفاعل المف ظي ،وىو أم ار يشكل تيديدا حقيقيا لمبناء االجتماعي
األسري.20
إن المجوء إلى الزمن اإلعبلمي قد يعبر عن الحاجة الماسة إلى التواصل أو االنتماء لآلخرين ،أي الحصول عمى
الحس االجتماعي ،ولكن ما يبلحظ عمى ىذا االرتباط أنو غير حقيقي ،وانما ىو ارتباط رمزي أو وىمي ،ومن ثم
ومؤقتة.21 شكمية بصفة إال األصمية الحقيقية الرغبة يحقق ال فيو
ومن المحتمل أن يؤدي توفر المحطات التمفزيونية الوافدة وبشكل واسع لمجميور إلى انشغال أفراد األسرة بالتعرض
22
مما يقمل من فرص االىتمام بالواقع ،وقد يؤدي التعرض ليا إلى اليروب من الواقع بدال من مواجيتو. ليا؛ ّ
كما ازداد الغمو في البلمنطقية والغاء العقل في فيم األشياء والعبلقات واألحداث (األفبلم الخيالية مثل> أفبلم
الفضاء والصحون الطائرة) .إضافة إلى تمجيد المغامرة الفردية والشعور بالعظمة الذاتية وقتل اإلحساس
بالجماعة.23
لقد وفرت اإلمكانيات المستقبمية لؤلسرة وزودتيا بالوكيل اآللي ليعيش أفرادىا في رفاىية ورخاء وتقدم ،حقا ّإنو
التطور الذي يدعو إلى الكسل والخمول والترىل وحجم الكثير من الطاقات التي يعد التفاعل والمشاركة االجتماعية
أم ار الزم ا لتفجيرىا وفك قيودىا ،وتحريرىا من العبودية واالستعباد وصمت إلى حد أصبح تسمية األبناء واختيار
شريك حياتيم من ميمة الوكيل اآللي . 24لقد أصبح اإلنسان في العصر الحديث يعيش اغترابا اجتماعيا؛ نتيجة
بل لكثير من مشكبلتو التي يعاني منيا ومنفذا سيبل فينشغل بعالمو
انسياقو في قيم غريبة وافدة من الخارج يعدىا ح ّ
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
96
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
اليوتوبي ،وييتم بتنظيم عبلقات ىذا العالم ليقوم بعدىا بمحاكاة الشخصيات التي خمقيا ليصبح غير مكترث بوجود
اآلخرين ،وعندما يحصل الفرد عمى ما يرغب ويريد دون أن يكون في إطار االجتماع والتكافل واألسرة ،يبدأ
باالنعزال تدريجيا واالنكفاء عمى الذات والتقوقع مع عوالمو الجديدة ،العالم الفرضي الخالي من التواصل اإلنساني
الحقيقي. 25
وفي الحديث عن العبلقات االجتماعية ،يذكر البعض أنو من بين أسباب األزمة التي تتعرض ليا األسرة ،ىو
طغيان قيمتين أساسيتين عمى اإلنسان ىما قيمة الرغبة الجامحة لحيازة المال واالستكثار منو ،وتقييم كل شيء عمى
أساس قيمتو المادية ،وقيمة المنافسة غير الشريفة القائمة عمى استبعاد اآلخر .26وأخي ار يمكن القول أن البث
الفضائ ي الوافد يعمل عمى تقويض أركان البناء االجتماعي وتماسكو في المجتمع العربي ،إضافة إلى تنمية الروح
الفردية ،وتشجيع التمرد وا ضعاف والء اإلنسان ألسرتو ومجتمعو وثقافتو ،وابراز حالة فقدان الذات المقترنة بعدم
الرضا.27
سيتم في ىذ ه النقطة عرض النتائج الدراسة الميدانية وتحميميا وتفسيرىا ،وذلك - 7نتائج الدراسة الميدانية:
- عمى النحو اآلتي> أ -قيمة الحياء:
الجدول( :) 1توزيع أفراد عينة الدراسة حسب طبيعة المشاهدة والتحكم في اختيار نوع البرامج المشاهدة في األسرة.
يوضح الجدول أعبله ،توزيع أفراد عينة الدراسة حسب نوع المشاىدة ،وما إذا كان ىناك تحكم في اختيار
نوعية البرامج المشاىدة في القنوات الفضائية ،وقد صمم ىذا الجدول ألجل الكشف عن طبيعة المشاىدة في األسر
مجال الدراسة ،ثم ىل يوجد تدخل أو تحكم في اختيار نوعية البرامج المشاىدة ،عمى اعتبار أن القنوات الفضائية
عمى اختبلفيا ،قد تتضمن مشاىد تيدد قيمة الحياء واالحتشام ،والتي تعد قيمة تعكس عمق الثقافة التي تتميز بيا
عام بشكل الجزائرية األسرة
بالنسبة لطبيعة المشاىدة ،فتشير بيانات الجدول أن أغمب األسر تشاىد القنوات الفضائية بشكل جماعي ،حيث
فرديا يشاىدون ممن (<)%7<. مقابل الدراسة، عينة إجمالي من ()% :5.6 نسبتيم بمغت
وحسب ما إذا كان ىناك تدخل من طرف الوالدين في اختيار برامج معينة لممشاىدة في األسرة ،فكانت النتائج
متقاربة بين من أجابوا باإليجاب والنفي ،مع تفاوت بسيط لصالح من أجابوا باإليجاب ،أي (= )%97.من أجابوا
فإن ىناك ( )%77.:من بأنو يوجد تدخل مقابل ( )% 8:.5لمن أجابوا عكس ذلك ،وحسب بيانات الجدول؛ ّ
إجمالي عينة الدراسة يشاىدون بشكل جماعي وال يوجد تدخل أو تحكم في اختيار نوعية البرامج المشاىد ة
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
97
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
تعكس ىذه النتائج مدى الخطورة والتيديد الذي تتعرض لو األسرة ،كون أن المشاىدة في أغمب الحاالت ىي
جماعية بينما يوجد غياب لمتحكم والرقابة في المشاىدة .وبحس اب كاي مربع ،فقد كانت الفروق دالة إحصائيا عند
مستوى( ، )% 5وىذا ما يعكس أن الموقف االجتماعي من حيث أن المشاىدة فردية أو جماعية يؤثر عمى األعضاء
الداخمون في الموقف من حيث التدخل في اختيار البرامج أم ال .؛ كما يبلحظ أن المشاىدة الفردية ىي األخرى
مرتفعة ،ومن ث م فإن ىذه الفردية واالنعزالية تيدد قيمة أخرى ال تقل أىمية عمى قيمة الحياء ،وىي قيمة العبلقات
االجتماعية ،كما تيدد قوة الترابط التي كانت تتميز بيا األسرة المسيمية .وعميو تمتمك القنوات الفضائية قدرة كبيرة في
تيديد العبلقات االجتماعية التقميدية من خبلل إبراز معتقدات متطايرة غير مستقرة وغير ثابتة ،أو من خبلل خمق
وضع تصبح فيو المشاعر الذاتية أكثر أىمية من االلتزام االجتماعي بأي مشروع لمنشاط أو التنظيم االجتماعي.28
-الجدول( :) 2توزيع أفراد عينة الدراسة حسب طبيعة المشاهدة في األسرة ومشاهدة البرامج التي ال تتناسب وقيمنا
وعاداتنا وتقاليدنا وديننا؟
ىل تشاىد في بيتك بعض البرامج التي ال
قيــمة درجة كاي تتناسب وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا؟
sig الحرية مربع المجموع ال نعم المشاىدة
118 94 24
بمفردك
38.8% 30.9% 7.9%
.878 5 0.:55 186 141 45 مع العائمة
61.2% 46.4% 14.8%
304
235 69
100.0 المجموع
77.3% 22.7%
%
تشير بيانات الجدول أعبله إلى وجود نسبة معتبرة ممن يشاىدون برامج ال تتناسب وقيم وعادات المجتمع
ودينو ،إذ بمغت نسبتيم (; )%66.مقابل ( )% ;;.7ممن نفوا ذلك ،كما يبلحظ وجود نسبة ضئيمة ممن يشاىدون
بمفردىم برامج ال تتناسب وتتماشى مع قيمنا ،حيث بمغت نسبتيم (= ،)% ;.ولعل النقطة الممفتة لبلنتباه ىي تمك
الفئة التي تشاىد وبشكل جماعي في األسرة برامج ال تتماشى مع قيمنا ،حيث بمغت نسبتيا (<)%58.
نستنتج من خبلل ما سبق أن أكثر من خمس األسر بقميل ت شاىد برامج ال تتفق مع قيمنا وعادتنا وتقاليدنا وديننا،
إن البرامج
مع وجود نسبة ضئيمة ممن يشاىدون فرديا وجماعيا برامج في القنوات الفضائية ال تتماشى مع قيمناّ .
التي ال تتناسب وقيم وعادات وتقاليد المجتمع ،من دون شك ،أنيا تشكل خط ار عمى قيمة الحياء في المجتمع مجال
الدراسة ،فوجود نسبة معتبرة من المشاىدة الجماعية في األسرة لمبرامج التي تيبط بقيمة الحياء ،يمثل تيديدا حقيقيا
ليذه القيمة .فعبل لقد استقطب ظيور التمفزيون األنظار ،فأصبح الفرد يرى بعينو أكثر من الرؤية باإلدراك والوعي
29
فإن األفكا ر االجتماعية والمعتقدات والمفاىيم والقناعات التي تعرضيا القنوات
الفردي والجماعي .ومن ثم؛ ّ
الفضائية والتي أنتجت ألول مرة في بمدىا األصمي سيعاد إنتاجيا عمى مستوى المجتمعات المستقبمة حسب بيار
30
بورديو
-ا لجدول( :) 3توزيع أفراد عينة الدراسة حسب طبيعة المشاهدة ومشاهدة أفراد األسرة لبرامج ال تتناسب وقيمنا وعاداتنا
وتقاليدنا وديننا؟
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
98
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
99
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
نستنتج من خبلل ما سبق أن تقريبا نصف أسر مجال الدراسة أصبحت األغاني االستعراضية التي تحمل في
أغمبيتيا صور مفضوحة لمفنانات والراقصات أشبو بالعاريات بالنسبة ليا سموكيات ومظاىر عادية ،ويعد ىذا تحوال
ألن
عميقا وتغي ار جذريا تعرضت لو األسرة ،ومؤشر بوجود قبوال اجتماعيا صريحا أو عمى أقل تقدير قبوال ضمنياّ .
النماذج السموكية المعروضة وما تتضمنو من صور ورموز وحركات وأصوات وايماءات وكبلم ذا جاذبية منقطعة
النظير ،كميا يتم حفظيا وتسجل لتؤشر في مراحل تالية لبداية السموك من طرف المبلحظ حسب النظرية التفاعمية
الرمزية.31
-الجدول( :) 5توزيع أفراد عينة الدراسة حسب طبيعة المشاهدة والموقف عند مرور مشاهد تخل بالحياء.
ما ىو موقفك عندما تمر عميك لقطات فييا ما يخل
قيمة بالحياء؟ المشاىد
sig درجة كــاي موقف ال افعل تغيير ة
الحرية مربع المجموع آخر شيئا القناة االنصراف
118 4 26 50 38
بمفردك
38.8% 1.3% 8.6% 16.4% 12.5%
.002 3 14.60 186 3 16 111 56 مع
3 61.2% 1.0% 5.3% 36.5% 18.4% العائمة
304 7 42 161 94
المجموع
100.0% 2.3% 13.8% 53.0% 30.9%
يبلحظ من خبلل الجدول( ) 9أن غالبية أفراد عينة الدراسة ذكروا أنو عندما تمر مشاىد مخمة بالحياء
واالنصراف(= ،)% 70.وعدم القيام بأي رد فإنيم يمجئون إلى تغيير القناة ،حيث بمغت نسبتيم (،)%97
فعل(< .)% 57.وىذا بشكل عام ،وبربط ىذا المتغير مع نوع المشاىدة فردية أو جماعية ،فتشير بيانات الجدول أن
أغمب أفراد عينة الدراسة الذين يشاىدون بشك ل جماعي يمجئون إلى تغيير القناة ( ،)%7:.9واالنصراف
( ،)% 5<.8وعدم القيام بأي رد فعل ( .)% 7.9وفي حالة المشاىدة الفردية فيكون تغيير القناة ىو الرد الفعل
الغالب.
وربما ما ييم من خبلل ما سبق ىو أن الرد الفعل اتجاه مرور لقطات ومشاىد مخمة باآلداب وبالحياء ىو رد
فعل ايجابي يتراوح بين تغيير القناة واالنصراف .وتعكس ىذه النتائج بوجود رفض لممشاىد المخمة بالحياء خاصة
أثناء المشاىدة الجماعية ،وعمى أن الفضائيات تتضمن برامجيا ميما كان نوعيا مشاىد تستيدف ضرب قيمة
الحياء في المجمعات المستقبمة ،وىذا ما أكدتو النظرية "ال تفاعمية الرمزية" من أن القائم باالتصال يسعى إلى إحداث
تغيير في سموك المشاىدين .حيث يقول "كارل ىوالند" أن القائم بالرسالة ينقل عمدا منبيات بغية التأثير في
اآلخرين . 32وكما أكده أيضا "بيار بورديو .وبحساب مربع كاي كانت الفروق دالة إحصائيا عند مستوى( ،)%5من
حيث أن طبيعة الموقف االجتماعي يؤثر في االستجابة عند مرور مشاىد مخمة باآلداب ،وىو واضح من خبلل
التحميبلت السابقة والنسب الموضحة في الجدول أعبله.
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
100
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
101
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
إن وجود خبلفات بين أفراد األسرة السيما الحادة والمستمرة منيا يؤثر عمى العبلقات االجتماعية األسرية،
ّ
وعمى استمرارىا ،ومن ثم سنحاول من خبلل ىذا الجدول أن نتبين ما إذا كانت مشاىدة القنوات الفضائية يؤدي إلى
حدوث خبلفات بين أعضاء األسر بسبب عدم التفاىم في اخت يار نوعية البرامج المشاىدة ،وبسبب رغبة كل واحد
في مشاىدة ما يحمو لو ،وعما إذا كانت ىذه الخبلفات ترتبط بكون المشاىدة جماعية أو فردية ،حيث التنبؤ بوقوع
فإن النسب متقاربة بين من يرون أن الفضائيات
خبلفات يزداد في مثل الحالة األولى ،وحسب بيانات الجدول؛ ّ
تؤدي إل ى نشوب خبلفات بسبب عدم التفاىم حول اختيار برامج محددة وبين من يرى عكس ذلك )%99.7( ،لمن
أجابوا بالنفي مقابل (; )% 88.لمن أجابوا باإليجاب ،وكانت الفروق غير دالة إحصائيا عند مستوى (.)%5
ورغم أن الفروق كانت غير دالة إحصائيا؛ إالّ أنّو يبلحظ االرتفاع الممح وظ في نسبة ممن يشاىدون جماعيا
ويرون أن القنوات تؤدي إلى حدوث خبلفات ،مقارنة ممن يشاىدون بمفردىم ،وىو مؤشر بأن كثرة المشاىدين عمى
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
102
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
التمفزيون الواحد مع اختبلف األذواق وأوقات المشاىدة -مع تدخل عوامل أخرى -قد يكون مصد ار لمخبلف السيما
مع تعدد القنوات الفضائية وتنوع برامجيا ،وىذا ما يؤثر عمى قيمة العبلقات االجتماعية األسرية
-الجدول( :) 9توزيع أفراد عينة الدراسة حسب عدد ساعات المشاهدة في اليوم ومدى وجود صعوبة أثناء
المشاهدة وبعدها في التواصل مع األسرة.
مدى وجود صعوبة أثناء المشاىدة
قيمة درجة كاي المجموع عدد ساعات المشاىدة وبعد ىا في التواصل مع األسرة
sig الحرية مربع ال نعم في اليوم
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
103
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
الجماعية في األسرة مما ي ؤدي إلى التضحية بقيمة الحياء بسبب البرامج الهابطة أخالقيا".
فإنيا معرضة لمخطر والتراجع،
فبالنسبة ليذه القيمة – حسب نتائج الدراسة الميدانية -في المجتمع مجال الدراسة؛ ّ
بسبب توافر عوامل عدة منيا> المشاىدة الجماعية لبرامج تيبط بقيمة الحياء خاصة وأن غالبية األسر تمتقي عمى
الشاشة الواحدة ،مع وجود نوع من االستسبلم والتضحية ليا ،وتفضيل لسمع ثقافية وقيم تختمف عن الثقافة والقيم
المحمية ،ويزيد من الخطر المشاىدة الجماعية لدى أغمب األسر ،وأكثر من ثمث األسر بقميل تشاىد جماعيا وال
تتحكم في اختيار نوعية البرامج المشاىدة؛ وبالرغم من الردود األفعال االيجابية التي سجمت لدى غالبية األسر
لتجنب المواقف والمشاىد المخمة بالحياء من خبلل القيام بتغيير القناة أو االنصراف أثناء المشاىدة الجماعية لبرامج
ألن تمك المشاىد ستكرر ،مع تكرر
القنوات الفضائية؛ إال أن خرق المحظورات االجتماعية قد بدأ ،ولن ينتيي؛ ّ
الموقف نفسو ،وميما كانت الممانعة ،فإنيا ستقل أمام عنصر المفاجئة والجاذبية ،وسيتم قبول ذلك مع مرور الوقت
ولم ال يتحول إلى سموك.
وأما بالنسبة لمفرضية الثانية التي صيغت عمى النحو اآلتي> " يميل مشاهدي قنوات الفضائية إلى قضاء أوقات
أطول في المشاهدة؛ مما يؤدي إلى قمة التفاعل وضعف العالقات االجتماعية والقرابية وحدوث خالفات في
األسرة".
فحسب نتائج الدراسة الميدانية ،لم يظير تأثير القنوات الفضائية عمى قيمة العبلقات االجتماعية ؛ سواء في التقميل
من االجتماع بين أعضاء األسرة الواحدة ،أو في التقميل من فرص التزاور بين األىل واألقارب .كما لم يظير أثر
القنوات الفضائية في الدراسة الحالية في حدوث الخبلفات األسرية ،وا ّن كانت النسب تؤشر بحدوث الخبلفات
السيما في األسر الممتدة ،حيث أنو مع التقاء األسر عمى الشاشة الواحدة.
ولم يكن لمقنوات الفضائية األثر في صعوبة التواصل االجتماعي مع اآلخرين أثناء الموقف الذي يجتمع فيو أعضاء
األسرة أمام الشاشة (وان كان أن أكثر من ثمث األسر بقميل تقر بوجود صعوبة في التواصل أثناء وبعد المشاىدة).
فإن قيمة العبلقات األسرية والحرص عمى استمرارىا والعناية بيا ،مازالت قوية ويبدو أن الخطر ييدد فقط
ومن ثم؛ ّ
أن نصفذلك االجتماع الحميمي الذي كان يتم بين األسر في الماضي ،حيث أخذت مكانو القنوات الفضائية؛ ذلك ّ
العينة يشاىدون من ساعة إلى ساعتين ،وربع العينة يشاىدون من ثبلثة ساعات إلى أربعة ساعات في اليوم ،وىو
حجم ساعي معتبر .إن كثرة االنغماس في الزمن اإلعبلمي ك مشاىدة التمفزيون عمى سبيل المثال؛ يكون ومن دون
شك عمى حساب الزمن االجتماعي ،ومن ثم تقل العبلقات والروابط االجتماعية المباشرة بين األفراد.
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
104
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
الخاتمة:
تتعرض إلى نوع من الصدمة االجتماعية حيت تتعطل المنظومة إذن يبدو أن األسرة في مدينة المسيمة
ال قيمية أو تتعرض لمخمل ،أو تصبح القيم غير وظيفية وقوية ،ويبدو أن األخذ بأسباب الحداثة المنمذجة في القنوات
الفضائية قد جعل األسرة تعيش تذبذب تفتقد فيو إلى مرجعية قيمية واضحة ومحددة توجو سموك أعضائيا ،لقد
اصطدمت القيم القديمة بما ىو جديد من القيم الوافدة ،فينا ك قيم متجذرة في الشخصية تم اكتسابيا من خبلل عممية
التنشئة االجتماعية األسرية ،وىناك قيم يتم اكتسابيا من خبلل القنوات الفضائية ،فيقع التصادم بينيما عمما أنو ليس
من السيولة إزاحة القيم التقميدية المحمية المكتسبة من منطمق أن التغير القيمي يتم بشكل تدريجي وبطي ء خاصة
في الجانب البلمادي ،وفي المقابل تمتمك القيم الوافدة أيضا قوة يدعميا التمفزيون كوسيمة إعبلمية سائدة وكأداة
تمتمك آليات قوية في االختراق .وحسب نتائج الدراسة الميدانية ،فإن قيمة الحياء كانت القيمة األكثر تأثي ار مقارنة
بقيمة العبلقات االجتماعية ،ومن دون شك أن ىناك استيداف وتركيز كبيرين لضرب ىذه القيمة األخبلقية والدينية،
ألنو متى تخمى المجتمع عنيا؛ فإنو من اليسير أن تصاب بقية القيم األخرى.
الهوامش:
) :الفضائٌات وقادة الرأي ،دراسة أثرها على السلوك االتصالً ،العربً للنشر والتوزٌع ،ط ،1القاهرة - 12005 ، .،هناء السٌد(
ص. 37
- 2سعٌد ناصف( : )2007تأثٌر القنوات الفضائٌة فً منظومة القٌم االجتماعٌة ،دراسة اجتماعٌة مٌدانٌة ،دار النور للطباعة ،ط،1
مصر ،فبراٌر ،،ص 11.
- 3سعٌد ناصف( :)2007المرجع نفسه :ص26.
- 4عبد المجٌد بن مسعود(1914هـ) :القٌم اإلسالمٌة التربوٌة والمجتمع المعاصر ،كتاب األمة ،سلسلة دورٌة تصدر كل شهرٌن،
السنة ،12العدد ،67وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمٌة ،ط ،1قطر ، .ص37.
- 5أمٌنة علً كاظم( : )1993التغٌر االجتماعً والثقافً فً المجتمع القطري ،دراسة مٌدانٌة لمدٌنة الدوحة ،حجر للنشر والطباعة
والتوزٌع واإلعالن ،ط ،1جٌزة ،ص.25
- 6محمد الدقس( : )1996التغٌر االجتماعً بٌن النظرٌة والتطبٌق ،دار مجدالوي للنشر والتوزٌع ،ط ،2عمان -األردن ، ،ص15
- 7فادٌة عمر الجوالنً( : )1993التغٌر االجتماعً مدخل النظرٌة الوظٌفٌة لتحلٌل التغٌر ،مؤسسة شباب الجامعة ،اإلسكندرٌة، ،
ص13
– 8مورٌ س أنجرس( : )2006منهجٌة البحث العلمً فً العلوم اإلنسانٌة ،تدرٌبات عملٌة ،ترجمة بوزٌد صحراوي ، ،دار القصبة
للنشر ،ط ،2الجزائر ، ،ص167
9- Ranjit K., research methodology a step-by-step guide for beginners, arrangement with
Pearson education inc. Australia. 2005. p126
10-ibid. p 132
- 11عٌسانً رحٌمة( : )2006مدخل إلى اإلعالم واالتصال ،المفاهٌم األساسٌة والوظائف الجدٌدة فً عصر العولمة اإلعالمٌة،
مطبوعات الكتاب والحكمة ،ط ،1باتنة -الجزائر .،ص159
- 12مازن مرسول محمد الربٌعً( : )2004اإلبعاد االجتماعٌة والثقافٌة للمعلوم اتٌة ،دراسة مٌدانٌة فً مدٌنة بغداد ،رسالة مقدمة لنٌل
درجة الماجستٌر فً علم االجتماع ،إشراف :أ.د /عبد المنعم علً نجرس الحسنً ،قسم علم االجتماع ،كلٌة اآلداب ،جامعة بغداد ،بغداد،
العراق .،ص95 ،94 ،89
- 13حسن حنفً ،صادق جالل العظم( : )2000ما العولمة ،دار الفكر ،دمشق -سورٌا ،دار الفكر المعاصر ،لبنان -بٌروت ،ط، ،2
ص30
) :مرجع سابق ،ص - 14200539- 38هناء السٌد(
- 15مازن مرسول محمد الربٌعً( : )2004مرجع سابق ،ص90- 89
- 16عبد الرزاق محمد الدلٌمً( : )2005عولمة التلفزٌون ،دار جرٌر للطبع والتوزٌع ،ط ،1عمان -األردن .،ص8
- 17مً العبد هللا : )2006التلفزٌون وقضاٌا االتصال فً عالم متغٌر ،دار النهضة العربٌة ،ط ،1بٌروت -لبنان .،ص255- 254
- 18عبد الرزاق محمد الدلٌمً( : )2005مرجع سابق ص78
- 19علً احمد طه(" : )2001العولمة والنظام التعلٌمً فً الوطن العربً -الٌمن نموذجا" ،فً :مجلة دراسات اجتماعٌة(فصلٌة) ،السنة
الثانٌة ،العدد السادس ،ربٌع ،تصدر عن قسم الدراسات االجتماعٌة ،بٌت الحكمة ،بغداد.ص60
- 20مازن مرسول محمد الربٌعً(: )2004مرجع سابق ،ص45 ،43
- 21عبد الرحمن عزي( : )2009االعالم وتفكك البنٌات القٌمٌة فً المنطقة العربٌة ،قراءة معرفٌة فً الرواسب الثقافٌة ،سلسلة الكوثر،
الدار المتوسطٌة للنشر ،االمارات العربٌة المتحدة .،ص34
- 22مً العبد هللا( : ) 2006مرجع سابق ،ص256
- 23المرجع نفسه( ،)2006ص258
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
105
أ .عبد الناصر عزوز ،أ .مختار رحاب القنوات الفضائية والتغير القيمي في األسرة الجزائرية.
- 24مازن مرسول محمد الربٌعً( : )2004مرجع سابق ،ص49
- 25مازن مرسول محمد الربٌعً( : )2004مرجع سابق ،ص42- 40
-أحمد كمال أبو المجد(" : )2001أزمة القٌم وأثرها على األسرة العربٌة والمسلمة" ،فً :سلسلة الدورات مطبوعات أكادٌمٌة 26
المملكة العربٌة حول :أزمة القٌم ودور األسرة فً تطور المجتمع العربً المعاصر ،الدورة الربٌعٌة لسنة ،2001سنة 1422هـ - 26-
27ابرٌل ،2001مطبعة المعارف الجدٌدة ،الرباط ، ،ص123
- 27عبد الرزاق محمد الدلٌمً( : )2005مرجع سابق ،ص70
مجلة الدراسات والبحوث االتجماايةة – جامعة الشييد حمة لخضر -الوادي العدد ،59مارس 2016.ص ص()50:- 92
106