You are on page 1of 19

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫هل فسر القرآن؟‬


‫• هذا التساؤل يبدو كأنه غريب قاس متنكر آلثار األئمة والعلماء بيد أنه حق‪.‬‬
‫محل الغ اربة ‪ :‬أن هذا التساؤل يخالف الواقع المنظور من تاريخ اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وما تحويه‬
‫المكتبات اإلسالمية شرقا وغربا من كتب التفاسير تدل قطعا على أن القرآن لقي من العناية في‬
‫تفسيره ما لم يقع لكتاب سوا ه‪.‬‬
‫• ومن ثم كان القرآ ن العظيم هو أصل جميع علوم اإلسالم والمعارف العربية‪.‬‬
‫• والمتسائلون عن تفسير القرآن ال ينكرون ذلك‪ ،‬وإنما يقصدون بتساؤلهم أن الكتب المؤلفة في‬
‫تفسير القرآن‬
‫‪ -‬هل هي نهاية ما يمكن أن يفهم من معاني آيات القرآن؟‬
‫‪ -‬هل استوعب األوائل معاني القرآن كلها ولم يتركوا لألواخر شيئا؟‬
‫‪ -‬هل في هذه التفاسير غنية كاملة لمن يتطلب هداية الق آرن الكريم باعتباره خاتم الكتب‬
‫السماوية‪.‬‬
‫هداية القرآن‬
‫• هداية القرآن هي عماده إعجازه المعنوي األصيل الذي ال يختلف عبر القرو ن‪ ،‬وهذا اللون من‬
‫اإلعجاز هو مناط الحجة البالغة على أنه تنزيل من حكيم حميد ‪.‬‬
‫• اإلعجاز نوعان ‪:‬‬
‫‪.1‬اإلعجاز المعنوي األصيل في القرآن ميزاته ‪:‬‬
‫‪ -‬إعجاز الهداية‪،‬‬
‫‪ -‬أزلي وجودا أي وصف ِذاتي للقرآن ال ينفك ِعنه بل هو الحجة العامة علِى الخلق جميعا‪{.‬‬
‫اج َتمعت ْاْل ْنس واْل ِج ُّن عَلى أن يأ ُْتوا ِبم ْث ِل ه َذا اْل ْقرآ ِن ال يأ ُْتو َن ِ ِ‬
‫بم ْثلِه َو ْلو َك َ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُق ْل ِ‬
‫لئن‬
‫ظهيرا}‬ ‫ض َ‬
‫َلب ْع ٍ‬ ‫ض ُه ْم‬
‫َب ْع ُ‬
‫• اإلعجاز األسلوبي هذا مقابل األول ميزاته ‪:‬‬
‫‪ -‬إعجاز الفوق البياني المعبر عن المعنى المقصود المؤدي إلى تصوير الهداية أكمل تصوير‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬وهو إعجاز ذاتي للقرآن أيضا لكن أزلي تنزال أي هي الحجة الخاصة لتثبيت الحجة العامة‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬وهداية القرآن وإعجازه مودعة على التحقيق تماما في كل ِآية ِ‬
‫من آيِاته‪ ،‬غير أن استقصاء‬
‫لكلِ َمات‬
‫مداداً َ‬
‫ان اْلَب ْحر َ‬ ‫ِ‬
‫جزئيات هذه الهداية أمر تنفد دونه األعمار وفيه قوله تعالى ‪ُ { :‬ق ْل ْلو َك َ‬
‫ات ربي َو ْلو ِجْئَنا ِب ِم ْثلِ ِه َم َددا }‬
‫لم ُ‬
‫أن َت ْن َف َد َك َ‬
‫فد اْلَب ْحر َقْب َل ْ‬
‫ربي لَن َ‬
‫❖ وهناك أصول الهداية القرآنية العشرة التي يجب أن يقوم على دعائمها تفسيره في كل‬
‫زمان ومكان يتضح منها أن ما خلفه لنا أئمة التفسير لم يستوف البحث فى جميع‬
‫جوانب الهداية القرآنية‪.‬‬
‫اْلصل اْلول ‪ :‬العقيدة‬

‫• هذا اْلصل يستهدف‪ :‬تحقيق الحقائق التى تحتاج إليه البشرية لتوسل بها مقطع الحق في‬
‫تأسيس اإليمان بمعرفة هللا تعالى مع كمال صفاته‪ ،‬ال يدفعه الشبهة‪.‬‬
‫أساليب ِهداية ِِ‬
‫القرآن معلومات وهي ‪:‬‬ ‫من ِ‬
‫• ولهذا اللون ِ‬
‫ِ‬
‫عظمة الِوجود ِاإللهي بما يدل على‬ ‫مبثوث في ِآياته الكونِية التي سيقت ِ‬
‫لبيان‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬هذه األساليب‬
‫وحدنيته ووتفرده في القدرة على اإلبداع والخلق‬
‫‪ -‬وقد بلغ اطالع بعض الناظرين لهذا النوع من األيات الكونية ( المدعم للعقيدة ) إلى أكثر‬
‫‪ ٥٠٠‬مائة أية‬
‫‪ -‬أكثر أسلوبها تسوق الوصف االلهي قضية إخبار عن واقع قطعي الوقوع‪ ،‬ثم تلحقه بذكر‬
‫البرهان الواضح على صدق هذا الوقوع‬
‫‪ -‬القران ال يضع الوجود االلهي موضع االحتمال‪ ،‬كما كان استدالله بااليات الكونية ال يقصد‬
‫الى نفي طرف في قضية ذات طرفين ليثبت الطرف االخر‪ ،‬وإنما يقصد إلى توجيه المدارك‬
‫العقلية والمشاعر الوجدانية اطالع المشاهد في واقعها المشهود بالعقل والوجدان‬
‫يم * ِإ ان ِفى َخْل ِق‬ ‫ٱلرحمَٰن ا ِ‬ ‫َٰحد ۖ آ َٰ‬ ‫َٰ‬ ‫َٰ‬
‫ٱلرح ُ‬ ‫ال ِإَل َه ِإ اال ُه َو ا ْ َ ُ‬ ‫من شواهدها ‪ :‬قوله تعالى ‪َ { :‬وإَِل ُه ُك ْم ِإَل ٌه َو ِ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ اِ‬ ‫ض و ْ ِ َٰ ِ ا ِ‬ ‫ٱلس َم َََٰٰو ِت َو ْ‬
‫ٱختَلف ٱلْيل َوٱلنا َه ِار َوٱْلُفْلك ٱلتى تَ ْجرِى فى ٱْل َب ْح ِر ِب َما َي َنف ُع ٱلنا َ‬
‫اس َو َمآ‬ ‫ٱأل َْر ِ َ‬ ‫ا‬
‫اة وتَص ِر ِ‬ ‫ٱألَرض بعد موِتها وب اث ِف ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٱَّلل ِمن ا ِ ِ‬
‫يف‬ ‫يها من ُكل َدآب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َح َيا ِبه ْ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ٱلس َمآء من امآء َفأ ْ‬ ‫َنز َل ا ُ َ‬ ‫أَ‬
‫ض َآل ََٰي ٍت لَِق ْو ٍم َي ْع ِقلُو َن }‬
‫ٱأل َْر ِ‬‫ٓء َو ْ‬ ‫ٱلسما ِ‬ ‫ٱلرََٰي ِح و ا ِ‬
‫ٱلس َحاب ٱْل ُم َس اخ ِر َب ْي َن ا َ‬ ‫ِ َ‬
‫‪2‬‬
‫قال القاضي عبد الجبار ( أحد أئمة المعتزلة ) في تفسير هذه األية ‪ :‬إن سائر األجسام‬
‫واألع ارض وإن كانت تدل على الصانع‪ ،‬فهو تعالى خص هذه األشياء الثمانية بالذكر؛‬
‫ألنها جامعة بين كونها دالئل وبين كونها نعما على المكلفين على أوفر حظ ونصيب‪ ،‬ومتى‬
‫كانت الدالئل كذلك كانت أنجع في القلوب وأشد تأثي ار في الخواطر"‬
‫ممن بحث عن اْلمور الثمانية أيضا اإلمام فخر الرازي بأسلوب فلسفي قديم‬
‫ِ‬
‫إبطالها بالبر ِ‬
‫هان‬ ‫طريق البرهنة ِم ِتنزال ِمع ِشبه المنحرفين لتقريرها ثم‬
‫• ِومن هذا النوع آيات تتخذ ِ‬

‫آله ٌة إال هللا ل َف َس َد َتا‬


‫فيهما َ‬
‫َ‬ ‫ان‬
‫من اْلرض ُه ْم ُينشرو َن * ْلو َك َ‬ ‫العقلي منها‪ {:‬أَمِ َّات َخ ُذوا َ‬
‫آله ًة َ‬
‫أل َع َّما َي ْف َع ُل َو ُه ْم ُي ْسألون }‬ ‫ِ‬
‫ان اللله رب اْل َعرش َعما يص ُفو َن * الُي ْس ُ‬ ‫َف ُس ْب َح َ‬

‫اْلصل الثاني‪ :‬التشريعات التعبدية‬

‫• هذا اْلصل ‪:‬‬


‫۟‬
‫ين‬ ‫ٱَّلل م ْخلِ ِ‬
‫ص‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫‪ -‬عماده في هذا النوع من الهداية إفراد هللا بالعبادة ( إخالص ) ‪ :‬قال ‪ :‬ل َي ْعبُ ُد َ ُ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫و‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫َلهُ ٱلد َ‬
‫‪ -‬يستهدف وسيلة االتصال باهلل تعالى وبيان تحقيق أكمل هداية تصل المخلوق بالخالق صلة‬
‫ِ‬
‫اك ُم‬
‫اعبُ ُدوا َرب ُ‬ ‫أيها النا ُ‬
‫اس ْ‬ ‫تعبد تتق بل العقول أوضاعها التعبدية وصورها الحسية‪ ،‬قال تعالى‪َ { :‬يا َ‬
‫لك ْم تتُقو َن}‬
‫لع ُ‬ ‫ين ِم ْن َقْب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لك ْم َ‬ ‫الذي َخلَق ُك ْم َوالذ َ‬
‫• هذا األصل في الهداية القرآنية يشمل جميع أنواع العبادات التي شرعها هللا ‪ ،‬وتتمثل فى‬
‫أركان اإلسالم األربعة بعد الشهادتين‪ .‬وهي الصالة والزكاة والصوم والحج لمن استطاع‬

‫➢ أما الصالة ‪ :‬فهو أخلصه ألنه موضع مناجة العبد لربه كما قال تعالى ‪ِ :‬إنَِّنى‬
‫ٱلصَل ٰوةَ لِ ِذ ْكرِى‬
‫ٱعبُ ْدِنى َوأ َِق ِم َّ‬ ‫ٰ‬
‫ٱّللُ َّل ِإَل َه ِإ َّّل أ ََنا َف ْ‬
‫أ ََنا َّ‬
‫➢ أما الزكاة ‪ :‬فهي أخت الصالة فى الذكر وقرينتها فى تطهير النفس اإلنسانية‬
‫وهما معقد الرذائل الفردية واالجتماعية‬

‫‪3‬‬
‫➢ أما الصوم ‪ :‬الركن الجامع بين تهذيب النفس وتطهيرها من رجس الغ ارئز المادية‪،‬‬
‫وبين مقام الزلفى إلى هللا بعمل ال تتحرك فيه الجوارح ‪،‬بل القلب وهو نية خالصة‬
‫وهذا هو السر فيما حكاية الرسول صلى هللا عليه وسلم عن ربه سبحانه‪" :‬كل‬
‫عمل ابن آدم له إال الصيام فإنه لي " ومن عجيب هداية القرآن فيه عدم تكرر‬
‫ذكره فى القرآن إشارة إلي أن األعمال الخفية تعتمد على اإلشارة والرمز والصوم‬
‫ين ِمن َقْبلِ ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين آمُنواْ ُك ِتب َع ْلي ُكم ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ام َك َما ُكت َب َعلى الذ َ‬
‫الصََي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ياأيها الذ َ َ‬
‫صمت { َ‬
‫لك ْم َتتَّ ُقو َن}‬
‫لع ُ‬
‫َ‬
‫أما الحج ‪ :‬فهو الركن االجتماعي التهذيبي يتعارف المسلمون في ساحته‪،‬‬
‫ويتبادلون ال أري والفكرة‪ ،‬ويؤدون الشعائر في هذا الركن إيمانا وتسليما‪ ،‬ال يسألون‬
‫لماذا؟ ولكنهم يسألون كيف صنع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ فيصنعون كما‬
‫صنع؛ ومنه قول عمر رضي هللا عنه مخاطبا الحجر األسود‪" :‬إني أعلم أنك حجر‬
‫ال تضر وال تنفع‪ ،‬ول وال أني أريت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ِ‬
‫يق بلك ما‬
‫قبلتك‪.‬‬

‫اْلصل الثالث ‪ :‬سياسة الخلق‬

‫• هذا النوع من الهداية يستهدف تحقيق النظم في تدبير شؤون الحياة على أوضاع متناسقة‬
‫من سياسة الخلق سياس ًة تعتمد على العدل والرحمة‪ ،‬واإلخاء والمحبة بين أبناء اإلنسانية‪.‬‬
‫• فمنابع هذا اْلصل في هداية القرآن ‪ :‬من العنايه االلهية بتقوية دعائم العدل بين الناس كلها‬
‫جمِيعا حقا واجبا‬‫الناس ِ‬
‫ِ‬ ‫العد َل ِ‬
‫بين‬ ‫الكل ِ‬ ‫يطلب من ِ‬ ‫والفضائل العملية األخرى ولهذا نجد القرآن ِ‬
‫لها َوإِ َذا‬ ‫ؤدواْ اْلماَن ِ‬
‫ات إِلى ْ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫أه َ‬ ‫َ‬ ‫رك ْم أن ُت ُّ‬
‫ْم ُ‬
‫‪ -‬وقد قرنه باْلمانة قال تعالى ‪ { :‬إ َّن الل َََه َيأ ُ‬
‫ان َسميعاً َب ِصي ار‬
‫لَّلا َك َ‬
‫إن ََّّ‬ ‫إن َّال َّل ََهِ َّ‬
‫عما َيعظُ ُك ْم به َّ‬ ‫َح َك ْمتُ ْم َب ْي َن الناس أن َت ْح ُك ُمواْ باْل َع ْدل َّ‬
‫}‬
‫تعريف كل منهما ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫اْلمانة ‪ :‬كل ما يؤتمن عليه اإلنسان من أمور الدين والدنيا‪ ،‬فهي شاملة لجميع التكاليف‬
‫الشرعية‪ ،‬وأمانة اإلنسان مع ربه ونفسه‪ ،‬وأسرته وعشيرته‪ ،‬ومجتمعه عاما وخاصا‪.‬‬
‫العدل‪ :‬فهو المي ازن اإللهى الذي توزن به عالئق الحياة واألحياء‪ ،‬ويقصد به‪ :‬إقامة موازين‬
‫الحقوق والواجبات بين كافة الخلق ‪،‬دون التفرقة فى لون أو لغة أو عقيدة أو مذهب‬
‫ونحلة‪ ،‬أو فكرة في الحياة‪.‬‬
‫‪ -‬يقرن العدل بأمرين فى جانب الطلب‪ ،‬وبثالثة أمور فى جانب النهي قال تعالى ‪ِ { :‬إ َّن‬
‫ٱْل ْح َٰس ِن َوإِيتَا ِئ ِذى ٱْلُق ْرَب ٰى َوَي ْن َه ٰى َع ِن ٱْلَف ْح َشا ِء َوٱْل ُم َ‬
‫نك ِر َوٱْل َب ْغ ِى‬ ‫ٱّللَ يأمر } ِبٱْل َع ْد ِل و ِْ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ظ ُك ْم َل َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن‬
‫َي ِع ُ‬
‫األمور التي قرن بها العدل في جانب الطلب فهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلحسان‪ :‬الم ارقبة هلل في كمال العمل إتقانه وإخالص النية فيه‪ ،‬وإيصال النفع به‬
‫إلى عموم الخلق حسب الطاقة‪.‬‬
‫‪ .2‬إيتاء ذ وي القربى أي‪ :‬صلة الرحم في أعم م ارتبها‪ ،‬وخص الق اربة بالذكر؛ ألن حقهم‬
‫أوكد وأقرب‪.‬‬
‫األمور التي قرن بها العدل في جانب النهي فهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الفحشاء‪ ،‬يراد بها كل عمل بذيء تشمئز منه النفوس الكريمة‪ ،‬وتستفحشه الفطر السليمة‪.‬‬
‫‪ .2‬المنكر‪ :‬كل فعل أو قول يبلغ من القبح مرتبة تنفر عنها الطبائع السليمة ‪ ،‬وتنكرها الشارئع‬
‫اإللهية ‪،‬‬
‫‪ .3‬البغي‪ ،‬وهو تجاوز الحد‪ ،‬فيدخل فيه بغي األخالق كالكبر والغرور‪ ،‬ويشمل شطط األعمال‬
‫كالظلم والغضب‪ ،‬والقسوة‪ ،‬والحقد والنفاق والمكر والكيد‪ ،‬وسائر مفسدات األخالق‪.‬‬
‫التنبيه ‪ :‬تقديم العدل في االية الكريمة إشارة الى أنه أساس الفضائل العملية‬
‫‪ -‬قد أفرد البيان القراني بالعدل في ايات أخرى وجه فيها الخطاب الى المؤمنين خاصة باعتبارهم‬
‫القوامين على األمانة وهديه في سياسة الخلق‪ ،‬ويبالغ في جانب الذاتيه االنسانيه باقامه موازن‬
‫العدل على النفس وعدم الميل إلى األهل أو القرابة أو بأي سبب من األسباب قال تعالى ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫۟‬ ‫۟‬ ‫َٰيٓأَي ا ِ‬
‫ِين ۚ ِإن‬
‫ب‬
‫ر‬ ‫ق‬‫َ‬
‫ٱأل‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ِ‬
‫ل‬‫و‬‫َٰ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِ‬
‫َو‬‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬‫س‬‫ِ‬ ‫َنف‬
‫أ‬ ‫ى‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫و‬ ‫ل‬‫و‬ ‫َّلل‬
‫ا‬ ‫ٓء‬
‫ا‬‫د‬ ‫ه‬‫ش‬ ‫ط‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫َٰ‬
‫ْ‬
‫َ َ ْ َ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ ُ َ َ َ َ ْ َ َٰٓ ُ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫امنُ ُ ُ َ َ‬
‫م‬ ‫و‬
‫ا‬ ‫ق‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ين َء َ‬
‫ُّها ٱلذ َ‬
‫َ َ‬

‫‪5‬‬
‫۟‬ ‫۟‬ ‫ِ ۟‬ ‫۟‬
‫ضوا َفِإ ان َا‬
‫ٱَّلل‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫و‬‫َ‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫ۥ‬ ‫و‬ ‫ل‬‫ت‬ ‫ِن‬
‫َ ْ ُ َ َْ ُ ٓ ْ ُ ْ ُ‬‫إ‬
‫و‬ ‫ۚ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ل‬‫د‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫َن‬
‫أ‬ ‫ٱَّللُ أ َْوَل َٰى ِب ِه َما ۖ َف َال تَتاِب ُع ْ َ َ َٰٓ‬
‫ى‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ير َف ا‬‫َي ُك ْن َغِنيًّا أ َْو َف ِق ًا‬
‫ان ِب َما تَ ْع َملُو َن َخِب ًا‬
‫ير‬ ‫َك َ‬
‫‪ -‬أقوال العلماء عن العدل‬

‫• ابو جعفر الطبري ‪ :‬العدل ميزان هللا في االرض به يرد من الشديد على الضعيف ومن‬
‫الكاذب على الصادق ومن المبطل على المحق وبالعدل يصلح الناس‬

‫• ابو بكر الجصاص في قوله تعالى كونوا قوامين بالقسط قد افاد االمر بالقيام بالحق والعدل‬
‫وذلك موجب على كل احد انصاف الناس من نفسه فيما يلزمه لهم وانصاف المظلوم في‬
‫من ظالمه ومن الظالم من ظلمه الن جمع ذلك من القيام بالقسط‬
‫اْلصل االربع‪ :‬الوشائج – أي ِ‬
‫الصالت ‪ -‬اإلجتماعية بين اْلف ارد والجماعة‬
‫ِ‬
‫ويقصد بهذا النوع ‪ :‬تحقيق أفضل نظام تقوم على دعائمه وشائج الصالت بين األفارد في‬ ‫•‬
‫المجتمع الموحد في إطار المصاهرة والنسب‪ ،‬كما يقصد به تحقيق أفضل النظام الذي تقوم‬
‫عليه الصالت العامة بين الجماعات في المجتمعات التى تربطها وشيجة اإليمان باهلل ورسوله‬
‫وشريعته ويربطها ايضا وشائج خاصة بالوطن‪.‬‬
‫ِ‬
‫وشيجة المصاهرة‬ ‫• وفنجد ِ‬
‫آيات القر ِ‬
‫آن تتحدث عن أصل النوع اإلنساني وكيفة تفرعه عن طريق‬
‫والنسب‪:‬‬
‫ِ‬
‫من الماء َب َش ار َف َج َعله َُ َن َسباً ِو ْ‬
‫صه ار } هذه إشارة إلى أن في القربى وسائج‬ ‫لق َ‬
‫{ َو ُهو الذي َخ َ‬
‫أوالصالت بينهم في جانبيها‬
‫• ثم نجد األية التي تتحدث عن انبثاق االفراد من المنبع االنساني عن طريق الزواج قوله تعالى‪:‬‬

‫لق مْن َها َز ْو َج َها َوَب َّث مْن ُه َما َ‬


‫رجاال‬ ‫س َواِ َ‬
‫حد ٍَة َو َخ َ‬ ‫الناس اتَّ ُقواْ ُ‬
‫ربك ُم الذي َخل َق ُك ْم من ن ْف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ياأيها‬
‫َ‬
‫آء‬
‫نس ً‬
‫َكثي ار َو َ‬
‫• القرآن يبرز في هذه اآلية حقيقة الوشيجة بين نوعي االنسان فيخبر عن واقع االبداع فيهما‪،‬‬
‫وهو ان النفس االصيلة التي هي المنبع االول ابدعت ابداعا بمحض الفيض االلهي { أول‬
‫الخلق آدم وحواء ) وان النفس االخرى انبشعت منها بعنوان الزوجية بقوة الخلق والتقدير‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫• اما الوسائج في المجتمع الموحد على إطار االيمان باهلل ورسوله وشريعته فأشار القران الى هذه‬
‫الوشيجة بين المؤمنين قال تعالى ‪ { :‬انما المؤمنون اخوة } فااليمان وشيجة االيخاء بين عامة‬
‫المؤمنين في أقطار االرض فالمؤمن أينما كان هو أخو المؤمن‬
‫۟‬ ‫۟‬
‫ٱَّللَ َوَال تُ ْش ِرُكوا ِب ِه ۦ َش ْيـًا ۖ َوبِٱْل ََٰولِ َد ْي ِن ِإ ْح ََٰس ًنا َوب ِِذى ٱْلُق ْرَب َٰى َوٱْل َي َٰتَ َم َٰى َوٱْل َم ََٰس ِك ِ‬
‫ين َوٱْل َج ِار ِذى‬ ‫ٱعبُ ُدوا ا‬
‫• َو ْ‬
‫ۢ‬
‫ٱَّللَ َال يُ ِح ُّب َمن‬
‫يل َو َما َمَل َك ْت أ َْي َمَٰنُ ُك ْم ۗ ِإ ان ا‬ ‫ٱلسِب ِ‬‫اح ِب ِبٱْل َجن ِب َو ْٱب ِن ا‬ ‫ٱلص ِ‬‫ٱْلُق ْرَب َٰى َوٱْل َج ِار ٱْل ُجنُ ِب َو ا‬
‫ور‪ .‬هذه االيه جمعت سائر عالئق االنسان باالنسان في مجتمع االيمان‬ ‫اال َف ُخ ًا‬
‫ان ُم ْختَ ً‬
‫َك َ‬
‫فالمؤمنون متكافلون في مقومات الحياة النفسهم ولمن عاش في كنفهم من غيرهم‬
‫اْلصل الخامس ‪ :‬إيقاظ العقل وتحريره‬
‫ِ‬
‫يقصد بهذا النوع ‪ :‬عناية القرآن عناية خاصة بعوامل طارئة أثرت على وجود العقل‪ ،‬وقي اد ْته‬ ‫•‬
‫بأغاللها‪ ،‬فال بد من إصالحها وإطالق العقل من رقب تها‪ ،‬ووضع أصول ثابتة لفهم الحقائق‬
‫الكونية والحكم عليها‪.‬‬

‫بار ِ‬
‫عصره‪،‬‬ ‫❖ فمن تلك العوامل ما يتمثل فى الحوار بين رسول هللا إب ارهيم عليه ِ‬
‫السالم وبين ِج ِ‬
‫فنجده يوقظ العقل الذي مات بمرور الزمان فيعود إلى في صورة كاملة القدره والقوة مع‬
‫لَّلا‬
‫اه َُّ‬ ‫آت ُ‬‫أن َ‬‫هيم في ربه ْ‬ ‫بر َ‬ ‫آج إِ ا‬
‫ألم َتر إِلى الذي َح َّ‬ ‫عناصر العمق والشمول‪ ،‬قال تعالى‪ْ { :‬‬
‫أحِيي و ِ‬ ‫اْلمْلك إِ ْذ َقال إب ار ِهيم ربي ِ‬
‫لَّلا‬
‫إن ََّّ‬ ‫يم َف َّ‬ ‫يت َق َ ِ ِ‬
‫ال إ ْباره ُ‬ ‫أم ُ‬ ‫ال أَنا ْ َ‬ ‫يت‪َ ،‬ق َ‬‫الذي ُي ْحِيي َوُي ِم ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫لَّلا ال َي ْه ِدي اْل َق ْوَم‬ ‫ْت ِبها ِمن اْلمَغر ِب َفب ِه َت ِ‬
‫الذي َك َفر َو َُّّ‬ ‫ُ‬ ‫ق َفأ َ َ َ ْ‬
‫ش َِر ِ ِ‬
‫س ِم َن اْل َم ْ‬ ‫َيأ ِْتي ِب َّ‬
‫الش ْم ِ‬
‫ين }‬‫الظَّالِ ِم َ‬
‫‪ -‬ففي هذه اآلية احتج إب ارهيم عليه السالم على باهر قدرة هللا تعالى الذي يدركه العقل النير‪،‬‬
‫هو بأن اإلله هو الذي يبدع الحياة بقدرته ومشيئته‪ ،‬ويسلبها عن كل كائن فيميته‪ ،‬وهذا حظ‬
‫العقل النير في فهم اإلحياء و َاإلماتة اللتين خاصة اإللهية‬
‫‪ -‬فلما تبين البراهيم قالدة عقل هذا الطاغية الجهول ليس لديه صالحية ادراك المعقوالت لم‬
‫يفهم االحياء واإلماتة كما في واقع االمر بل فهمهما فهما ماديا خاليا من الشمول واالبداء‬
‫فقال‪ { :‬أنا أحيي وأميت } يريد من االحياء واالماتة شيء مادي بمعناهما الحركي من‬

‫‪7‬‬
‫اإلنجاب والقتل الذي قدر عليه اإلنسان غيره‪ ،‬يملكهما في تسلطه على حياة الناس بسلطان‬
‫القوة والطغيان‪ ،‬عدل إبراهيم إلى لون آخر من البرهان المنسجم مع مدركاته الحسي بقوله‬
‫غرب َفب ِهت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َلَّلا َيأِْتي ِب ا‬
‫الذي َكَفر }‬ ‫س ِم َن اْل َم ْش ِِر ِق َفأْت ِب َها ِم َن اْل َم ِْ ِ ُ َ‬
‫الش ْم ِ‬ ‫تعالى ‪ َ{ :‬ا‬
‫فإن اا‬
‫هذه البرهان يشترك في إدراكه العقل والحس‬
‫‪ -‬أو يسأل لماذا عدل إبراهيم إلي حجة أخرى؟ قلنا ألمرين‪:‬‬
‫بيان موا طن داللته من طريق القياس على فعل ال يشك في حصوله من القادر‬ ‫‪.1‬‬
‫المختار‪ ،‬وفيه بيان لخطأ فهم اإلحياء واإلماتة عند هذا الكافر الجاهل‪ ،‬وفيه كذلك بيان‬
‫لمعنى اإلحياء واإلماتة اللتين هما من خصوص األلوهية‪.‬‬
‫إقامة دليل آخر تالئم مداركه‪ ،‬وال يملك له ردا‪ ،‬وهو اإلتيان بالشمس من المشر ق‬ ‫‪.2‬‬
‫وهذا فعل إبداعي ال يقدر عليه إال اإلله الحق‪ ،‬ونظيره معارضه‪ ،‬وهو اإلتيان بالشمس من‬
‫المغرب‪ ،‬وهو أيضا ال يقدر عليه إال اإلله الحق‪.‬‬
‫❖ نق أر أيضا لونا من المحاورة التي تصور المنهج العقلي في ادراك الحقائق الكونيه وهو قوله‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱلس َم َٰٰو ِت َو ْ‬ ‫ِ ِٰ‬ ‫ِٰ‬
‫ين * َفَل َّما َج َّن‬ ‫ض َولِ َي ُكو َن م َن ٱْل ُموِقن َ‬ ‫ٱأل َْر ِ‬ ‫وت َّ‬ ‫يم َمَل ُك َ‬ ‫تعالى ‪َ :‬وَك َذل َك نُرِى إ ْب َره َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ين * َفَل َّما َرَءا ٱْلَق َم َر‬ ‫ٱل َءافل َ‬ ‫ال َّل أُحب ْ‬ ‫ال َٰه َذا َربِى ۖ َفَل َّما أََف َل َق َ‬ ‫َعَل ْيه ٱلْي ُل َرَءا َك ْوَك ًبا ۖ َق َ‬
‫ين‬ ‫ون َّن ِمن ٱْلَقو ِم َّ ِ‬
‫ٱلضال َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ال َلِئن لَّ ْم َي ْه ِدِنى َربِى َأل ُ‬
‫َك َ‬ ‫ال َٰه َذا َربِى ۖ َفَل َّما أََف َل َق َ‬ ‫از ًغا َق َ‬ ‫* َب ِ‬
‫ال َٰيَق ْو ِم ِإِنى َبرِىء ِم َّما تُ ْش ِرُكو َن‬ ‫ال َٰه َذا َربِى َٰه َذا أَ ْك َب ُر ۖ َفَل َّما أََفَل ْت َق َ‬ ‫ٱلش ْم َس َب ِ‬
‫از َغ ًة َق َ‬ ‫َفَل َّما َرءا َّ‬
‫َ‬
‫ين *‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َحن ًيفا ۖ َو َما أ ََنا م َن ٱْل ُم ْش ِرِك َ‬ ‫ٱأل َْر َ‬ ‫ٱلس َم َٰٰو ِت َو ْ‬
‫ط َر َّ‬ ‫ِإِنى َو َّج ْه ُت َو ْج ِه َى لِلَّ ِذى َف َ‬

‫۟‬
‫❖ محاورة إبراهيم مع أبيه وقومه قال تعالى ‪ِ :‬إ ْذ َق َ ِ ِ ِ ِ ِ ۦ‬
‫ال ألَبيه َوَق ْومه َما تَ ْعبُ ُدو َن ؟ َقالُ َ ْ ُ ُ ْ َ ً‬
‫اما‬ ‫ن‬ ‫َص‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫و‬
‫۟‬ ‫ِِ‬
‫ض ُّرو َن‪َ ،‬قالُوا َب ْل َو َج ْد َنآ‬ ‫ون ُك ْم ِإ ْذ تَ ْد ُعو َن‪ ,‬أ َْو َي َنف ُع َ‬
‫ون ُك ْم أ َْو َي ُ‬ ‫ال َه ْل َي ْس َم ُع َ‬ ‫ين ! َق َ‬ ‫ظ ُّل َل َها ََٰعكف َ‬ ‫َف َن َ‬
‫ٓء َنا َك ََٰذلِ َك َيْف َعلُو َن‬
‫َء َابا َ‬
‫ٓؤ ُه ْم َال َي ْع ِقلُو َن َش ْيـًا َوَال َي ْهتَ ُدو َن وقال في سورة أخرى ‪ََٰ :‬ق َل‬ ‫ان َء َابا ُ‬‫وفي سورة أخرى ‪ :‬أ ََوَل ْو َك َ‬
‫أ ََوَل ْو ِج ْئتُ ُكم‬
‫۟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٓء ُك ْم ( لكنهم ال يعقلون شيئا وغللوا عقولهم وال يتفكرون ) ۖ َقالُٓوا‬ ‫ُّ‬
‫َه َد َٰى م اما َو َجدت ْم َعَل ْيه َء َابا َ‬ ‫ِبأ ْ‬
‫ِإناا ِب َمآ أ ُْرِسْلتُم‬
‫‪8‬‬
‫ِب ِه ۦ ََٰك ِف ُرو َن‬
‫مالحظة ‪ :‬بدأت القصة باعالن ابراهيم قبحه نحله ابيه آزار في اتخاذه اصناما الهة يعبدها‬
‫وقومه من دون هللا على ترتيب اآليات‪ ،‬وهذا الحدوث حدث قبل إ ارءة هللا خليله ابراهيم‬
‫عليه السالم ملكوت السماوات واالرض ألن هذا بعض آثار يقين إراهيم ‪-‬ع س‪ ،-‬مع‬
‫أن األقراب إلى الصواب هذا الموقف الشديد من أبيه وقومه من خليل هللا يبعد جدا أن‬
‫يكون إال بعد أن أراه هللا آيته الكونية‪ ،‬ولكن سياق اآلية يقتضي ذلك ويخالف ما يشبه‬
‫اإلجماع عند المفسرين لقوله تعالى ‪ { :‬وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات واألرض }‬
‫يقول فخر الرازي ‪ :‬والمعنى ‪ :‬ومثل ما اريناه من قبح عباده االصنام نريه ملكوت‬ ‫•‬
‫السماوات واالرض‬
‫يقول صاحب المنار من المحدثين ‪ :‬وكما ارينا ابراهيم الحق في امر ابيه وقومه ‪....‬‬ ‫•‬
‫كنا نري ملكوت السماوات واالرض على هذه الطريقه التي يعرف بها الحق‬
‫الحل على هذا المشكل ‪ :‬بان حال ابراهيم التي وقعت مشبها بها ومشا ار اليها هي تبصيره‬
‫بمحض نور العقل ليدرك قبح عبادة االصنام التي انكرها على ابيه قبل الرسالة وهذا امر‬
‫مركوز في الفطر السليمة وال سيما فطر من علم هللا أنه ممن اصطفاه بحمل رسالة الحق‬
‫والتوحيد من أنبياء هللا ورسله النهم محفوظون عن مقاررفة الشرك والرضا به‬
‫اْلصل السادس ‪ :‬عوامل الدفع القيادية في المجتمع اإلسالمي‬
‫يقصد به ‪ :‬عوامل تدفع باألمة اإلسالمية إلى آفاق االنطالق حرةً كريمة متحررة من‬ ‫ِ‬ ‫•‬
‫غوائل الجمود والتأخر‪ ،‬وذل االستسالم لواقع الحياة فى المجتمعات اإلسالمية و الكوارث‬
‫التي قعدت بها عن النهوض الفكري واالجتماعي‪.‬‬

‫مثال العوامل التي تدفع المسلمين إلى اإلنطالق‬


‫‪ -‬هداية القرآن تطلب لكافة المؤمن باإلتحاد بوحدة اإليمان كما في تاريخ األمم اإلسالمية (‬

‫لألمة اإلسالمية تاريخ مع هداية القرآن التي جمعت أشتاتا من األمم والشعوب‪ ،‬ووحدت بينهم‬

‫‪9‬‬
‫بوشيجة اإليمان‪ ،‬فصاروا أمة واحدة لها مقوماتها االجتماعية ونظامها السياسي‪ ،‬وثرواتها‬

‫االقتصادية ومعالمها ِ‬
‫الفكرية )‬

‫‪ -‬هداية القرآن تتطلب إلى جميع المؤمنين أن يكونوا أمة موحدة الغاية في حمل راية الخالفة‪،‬‬

‫قوامة على العدل‪ ،‬داعية الى الخير آمرة بالمعروف ساعية في االصالح ناهية عن المنكر‬
‫الخي ِر ويأْمرو َن ِبالمعر ِ‬ ‫ِ‬
‫وف‬ ‫َ ُْ‬ ‫محذة من ارتكابه‪ ،‬حيث قال تعالى‪َ { :‬ولتَ ُكن م ْن ُك ْم أ امةٌ َي ْد ُعو َن إلى َ ْ َ َ ُ ُ‬
‫فلحو َن }‬ ‫ِ‬
‫الم ُ‬ ‫الم ْن َك ِر َو ُِأوَالئ َك ُه ُم ُ‬
‫َو َِ ْين َه ْو َن َع ِن ُ‬
‫‪ -‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضيلة الفضائل االجتماعيه التي يرتفع على دعائمها‬
‫اصالح المجتمع فكانوا خير امة اخرجت للناس لتكون رائدة االصالح في الحياة قيمة‬
‫اس تَأْمرو َن ِبٱْلمعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وف‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُخ ِر َج ْت للنا ِ ُ ُ‬ ‫على موزين العدالة حيث قال تعالى ‪ُ :‬كنتُ ْم َخ ْي َر أُ امة أ ْ‬
‫ٱَّللِ‬
‫نك ِر َوتُ ْؤ ِمنُو َن ِب ا‬ ‫َوتَ ْن َه ْو َن َع ِن ٱْل ُم َ‬
‫۟‬ ‫۟‬
‫ٓء ِاَّللِ َوَل ْو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِ‬
‫امنُ ُ ُ َ ا َ ْ ْ ُ َ َ َ‬
‫ا‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫ط‬ ‫س‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ين‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫و‬‫َٰ‬ ‫ق‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ين َء َ‬
‫‪ -‬القيمة على موازين العدالة ‪َٰ { :‬يٓأَي ا ِ‬
‫ُّها ٱلذ َ‬ ‫َ َ‬
‫۟‬
‫ٱَّللُ أ َْوَل َٰى ِب ِه َما ۖ َف َال تَتاِب ُعوا ٱْل َه َوَٰٓى‬
‫ير َف ا‬‫ِين ۚ ِإن َي ُك ْن َغِنيًّا أ َْو َف ِق ًا‬ ‫َنف ِس ُك ْم أ َِو ٱْل ََٰولِ َد ْي ِن َو ْ‬
‫ٱألَْق َرب َ‬ ‫َعَل َٰٓى أ ُ‬
‫۟‬ ‫۟‬ ‫ِ ۟‬
‫ير }‬‫ان ِب َما تَ ْع َملُو َن َخِب ًا‬ ‫ك‬
‫ََ َ‬ ‫ٱَّلل‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ف‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫َو‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫ۥ‬
‫أَن تَ ْعدلُ َ َ ُ ٓ ْ ُ ْ ُ َ‬
‫ا‬
‫و‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ِن‬ ‫إ‬
‫و‬ ‫ۚ‬ ‫ا‬
‫و‬
‫اْلشياء التي ال بد أن يتحفظ بها في إقامة العدل‬
‫‪ -‬ان يكون عمله نابعا من القلب‬
‫‪ -‬ان يكون مخلص هلل ال تشوبه رياء او عجب‬
‫‪ -‬عدم الميل إلى أحد بشيء ما ولو للقرابة‬
‫‪ -‬اال تخصص نفسه من دون الناس بالخروج عن دائره تطبيق العدل‬
‫‪ -‬اجتناب المظالم في القول والعمل والسلوك كما يقوم به على أعز الناس عليه وأحبهم‬
‫لديه واقربهم منه‬
‫‪ -‬ثم بين أن منصب الخالفة يتطلب ِأداء حق تمكين هللا للناس ِفى األرض بإعطائهم‬
‫ِ‬ ‫نص ُرهُٓۥ ۗ ِإ ان ا‬ ‫نص َران ا‬
‫ٱَّللَ َلَق ِو ٌّى َع ِز ٌيز * الذ َ‬
‫ين‬ ‫ٱَّللُ َمن َي ُ‬ ‫سلطان الخالفة وقوة المنعة ‪َ {:‬وَل َي ُ‬
‫ِ‬
‫الم ْن َكر }‬
‫بالم ْع ُروف َوَن َه ْوا َعن ُ‬
‫أم ُروا َ‬
‫الصالةَ َو ُ ا‬
‫آتوا الزَكاةَ َو َ‬ ‫اموا ا‬ ‫ِ‬ ‫إن َم اك ُ‬
‫ناه ْم في ْاأل ْرض أ َق ُ‬ ‫ْ‬

‫‪10‬‬
‫التفكير ميزة االنسان‬
‫‪ -‬ميز به هللا اإلنسان عن سائر المخلوقات فقد حثه ودفعه الى ممارستها وحرم عليه‬
‫ان يعطلها حتى يميتها في نفسه فيصير بعد موتها فيه كالحيوان األعجم‪ ،‬فقد أشار‬
‫قر باسم ربك الذي خلق خلق االنسان‬
‫القران الى هذه المعاني في قوله تعالى ‪ ( :‬ا أ‬
‫اقر وربك اْل كرم الذي علم بالقلم علم اإل نسان ما لم يعلم ) فقد اتصلت‬
‫من علق أ‬
‫االيه الثانيه في وصف هللا بالخلق على خلق االنسان فقط ما ان هللا خالق كل شيء‬
‫من انسان وغيره لكنه خص االنسان بالذكر لوصفه بالعلم خاصا كما في األية التي‬
‫بعدها ( علم االنسان ما لم يعلم )‬
‫إشادة القرآن بالعلم والعلماء‬
‫❖ لقد أشاد القرآن بذكر العلم والعلماء والتعلم فى آيات عديدة منها‪:‬‬
‫۟ ۟‬
‫ٱَّلل أََّنهُ ۥ َالٓ إِ ََٰل َه إَِّال ُه َو َوٱْل َم ََٰلِٓئ َك ُة َوأُوُلوا‬
‫‪ -‬تلحق العلماء وأولو العلم باهلل والمالئكة ‪َ :‬ش ِه َد َّ ُ‬
‫ًۢ‬
‫يم‬‫ك‬‫يز ٱْلح ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ز‬‫ِ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ٱ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ٱْل ِعْلمِ َقآِئما ِبٱْل ِق ْس ِط ۚ َالٓ ِإ ََٰل َه ِإَّ‬
‫ال‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫ين َي ْعَل ُمو َن‬ ‫‪ -‬استنكر االمساوة بين الذين يعلمون والذين ال يعلمون ‪ُ :‬ق ْل َه ْل َي ْس َتوِى َّٱلذ َ‬
‫۟ ۟‬ ‫ِ‬
‫َو َّٱلذ َ‬
‫ين َال َي ْعَل ُمو َن ۗ ِإَّن َما َي َت َذ َّكُر أُوُلوا ْٱْلَ ْل ََٰب ِب‬
‫اع ٌل ِفى‬ ‫‪ -‬استحقاق آدم بالخالفة في األرض بهذه الميزة ‪ :‬وإِ ْذ َقال رُّب َك لِْلم ََٰلِٓئ َك ِة إِِنى ج ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ض َخلِي َف ًة ۖ َقاُلٓ ۟وا أ ََتجعل ِفيها من ي ْف ِس ُد ِفيها ويس ِفك ِ‬
‫ٱلد َمآ َء َوَن ْح ُن ُن َس ِب ُح ِب َح ْم ِد َك‬ ‫ْٱْل َْر ِ‬
‫َ ََ ْ ُ‬ ‫َُْ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫َس َمآ َء ُكَّل َها ثُ َّم َعَر َ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫ال إِِن ٓى أ ْ‬
‫َعَل ُم َما َال َت ْعَل ُمو َن * َو َعَّل َم َء َاد َم ْٱْل ْ‬ ‫س َل َك ۖ َق َ‬ ‫َوُن َقد ُ‬
‫ِ‬ ‫نتم َٰص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٓ‬‫َٰ‬ ‫ِ‬ ‫ًۢ‬ ‫عَلى ٱْلم ََٰلِٓئ َك ِ‬
‫ين‬ ‫ق‬ ‫د‬
‫ُ ُْ َ َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ء‬ ‫ٓ‬
‫ال‬‫ؤ‬ ‫ه‬ ‫ء‬
‫ْ َ َ َُ‬ ‫ٓ‬
‫ا‬ ‫م‬ ‫َس‬
‫أ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ى‬ ‫ِ‬
‫ن‬‫و‬ ‫ِ‬
‫ال أ ُ‬
‫ـ‬‫ب‬ ‫َن‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال عداوة بين العلم والدين‬
‫• أن اإلنسانية تصير في أكمل صورها عندما تحقق هدفها الذي خلقت لها هو خالفة‬
‫األرض وعمارتها بالعلم والمعرفة فاالرض بدون إنسان غير قابل للتصور واالنسان‬
‫بدون علم شيء غير قابل للتصور ولكن علم اإلنسان في عمارة هذه األرض متفاوت‬
‫فالنتيجة كذلك ومن البديهي ان األمة األسبق إلى هذه معاني العلم والمعرفة أقوى‬
‫تغلب األمم المتخلفة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫• اإلنسان باعتبار أقويته للعلم والعقل واسترشاده بهما على صنفين ‪:‬‬
‫‪ -‬صنف منخدعون بالظواهر أخذوا يسمون هذا االتجاة العلمي " إتجاها عقالنيا‬
‫وعلمانيا" ويسمون رجااله "بالعقالنيين والعلمانيين" يقصد به إقامة عداوة بين العلم‬
‫وااليمان ال يؤمنون بما وراء المادة والغيبيات بأنها ال يستند على علم صحيح ألنها‬
‫موهومة غير حقيقة وهم‪ ،‬وهم قليلون‬
‫‪ -‬صنف مسترشدون وهم في مقابلتهم جماهير غفيرة من مفكري االنسانية وعلمائها هم‬
‫يقررون أ ن العلم يدعو الى االيمان و الغوص على معرفة أسرار حقائق األشياء كل‬
‫ذلك يدعو الى االيمان والتصديق بانه ال يمكن لهذه المخلوقات الدقيقة الصنع‪،‬‬
‫ونظامها وقواعدها وسننها مضبوطة بحساب دقيق‪ ،‬ال يمكن ان تكون نتيجة حصدفة‬
‫عمياء او حركة هوجاء وانما البد لها من صانع متصف بالحكمة والعلم والقدرة وهو‬
‫هللا جل جالله‬
‫• اإليمان مع اْلديان ‪:‬‬
‫‪ -‬في أغلب أمرها من الغيبيات لكنها تقوم على األدلة العقلية وتثبتها األدلة النقلية من‬
‫الرسول ويصف القران الكريم المتقين بأنهم ‪ :‬الذين يؤمنون بالغيب الذي اليخضع‬
‫للتجربة والمالحظة بل يرتكز معظم أمرها على ما يثبته العلم والبحث بل هو أظهر‬
‫من المشاهد كما يقول القائل ‪:‬‬
‫إنما الكون خيال وهو حق الحقيقة ‪ #‬كل من أدرك هذا حاز أسرار الخليقة‬
‫‪ -‬قد أثنى هللا على المؤمنين بالغيب بأنهم مهتدون مفلحون متقون مؤمنون بما أنزل‬
‫الى محمد – ص ‪ -‬وما أنزل على من قبله من الرسل ‪ََٰ :‬ذلِك ٱْل ِك َٰتَب َال ريب ۛ ِف ِ‬
‫يه ۛ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ين * ٱلا ِذ َ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‬‫ٱلصَل َٰوةَ َو ِم اما َرَزْق ََٰن ُه ْم يُنفُقو َن * َوٱلذ َ‬
‫يمو َن ا‬‫ين يُ ْؤمنُو َن بٱْل َغ ْيب َويُق ُ‬ ‫ُه ًدى لْل ُمتاق َ‬
‫اخ َرِة ُه ْم يُوِقنُو َن * أ ُ۟وََٰلِٓئ َك َعَل َٰى ُه ًدى‬ ‫ُنزل ِمن َقبلِك وبِٱلء ِ‬
‫ْ َ َ َْ‬ ‫ُنز َل ِإَل ْي َك َو َمآ أ ِ َ‬
‫يُ ْؤ ِمنُو َن ِب َمآ أ ِ‬
‫ِمن اربِ ِه ْم ۖ َوأ ُ۟وََٰلِٓئ َك ُه ُم ٱْل ُمْفلِ ُحو َن‬
‫‪ -‬العلم والبحث والتفوق المادي والحضاري والتكنولوجي من شأنه أال يتنافى مع االيمان‬
‫النه اذا اعتبرناه مظه ار ح ضاريا فان االيمان والتدين من قديم الزمان يعتبر في نظر‬
‫‪12‬‬
‫المؤرخين والمفكرين والفالسفة من أبرز الظواهر الحضارة وأخلده وأدومه في تاريخ‬
‫البشرية جميعا منذ فجر وجودها إلى أن تقوم الساعة‬
‫يقول القائل ‪ :‬اذا االيمان ضاع على أمان وال دنيا لمن لم يحيي دينا‬
‫ومن جعل الحياه بغير دين فقد جعل الفناء لها‬
‫قرينا‬

‫الربط بين العلم وااليمان‬


‫❖ في عملية الربط بين العلم وااليمان‬
‫‪ -‬أن نشبه االيمان بشجرة كبيرة عتيدة مباركة‪ ،‬وجذورها واصولها التي تعطيها النماء‬
‫والحيوية والقوه هي العلم والبحث والنظر والتفكر فان كان جذورها هي البحث والنظر‬
‫فثمارها هي السلوك النظيف واالخالق القويمة‪ .‬وتشبيه اإليمان بالشجرة الثابتة قد‬
‫نطق به القرآن ‪ ( :‬الم ترى كيف ضرب هللا مثال كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها‬
‫ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب هللا االمثال للناس‬
‫النهم يتذكرون ) كما شبه الكفر بالشجرة الخبيثة ‪ ( :‬ومثل كلمة حبيثة كشجرة‬
‫خبيثة اجتثت من فوق االرض وما لها من قرار )‬
‫۟‬ ‫ِ‬ ‫۟‬ ‫‪ ( -‬يرَف ِع َّ ِ‬
‫ُوتوا ٱْل ِعْل َم َدَر ََٰج ٍت ۚ َو َُّ‬
‫ٱَّلل ِب َما َت ْع َمُلو َن َخ ِب ٌير )‬ ‫أ‬ ‫ين‬‫ذ‬
‫ُْ َ َ ُ‬‫َّ‬
‫ٱل‬ ‫و‬ ‫م‬‫نك‬‫م‬‫ِ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫امُن‬ ‫ٱَّلل َّٱلذ َ‬
‫ين َء َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫فالمرفوعون في الدنيا لهم قيمة في االنسانية وفي االخرة في أعلى العاليين والذين‬
‫أمنوا وصدقوا تصديقا جازما باهلل ومالئكته‪ ،‬هم الذين حباهم هللا نعمة العلم واالستدالل‬
‫والتفكر في مجاالت المعارف المادية والمعارف النظرية وااليمان والعلمي مرتبطان‬
‫بعضهما ببعض‪ ،‬فان االيمان ال يكون مقبوال اال اذا كان مستندا على الدليل المؤسس‬
‫على العلم والمعرفة‪ ،‬وفي نظر جماهير العلماء المفكرين أن إيمان المقلد ال يحكم له‬
‫بالصحة بل مردودا به‬
‫وكل من آمن بالتقليد إيمانه لم يخل من ترتيد‬ ‫‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫ق ۗ أَوَلم ي ْك ِ‬
‫ف ِبَرب َ‬
‫ِك‬ ‫ِ‬ ‫يه ْم َء ََٰاي ِت َنا ِفى ْٱل َف ِ‬
‫اق َوِف ٓى أَن ُفس ِه ْم َحتَّ َٰى َي َتَبَّي َن َل ُه ْم أََّنهُ ٱْل َح ُّ َ ْ َ‬ ‫‪َ ( -‬سُن ِر ِ‬
‫يد ) ان الجاحدين اعطيت فرصه وسعه النطاق للبحث والنظر‬ ‫أََّنهُ ۥ َعَل َٰى ُك ِل َش ْى ٍء َش ِه ٌ‬
‫في سائر االفاق من عجائب الخلق والتكوين مادة وروحا‪ ،‬جعل هللا فيها مجاال للبحث‬
‫والنظر يندفع الناظر الى هذه المجاالت بفطرتهم االنسانيه من حب البحث والنكر‬
‫واالستطالع فيتركون ازمه هذه المخلوقات واسرار ودقائق ما فيها فيوصلهم ذلك الى‬
‫معرفه العظيم الحق المبين الن نتيجتها قاضية بان الصنعة تدل على الصانع واالثر‬
‫يدل على المؤثر وأنه ال شيء من ال شيء‬
‫تأمل سطور الكائنات فانها من المأل االعلى إليك دالئل‬
‫خط فيها لو أملت خطها اال كل شيء ما خال هللا باطل‬

‫المادية والروحيهة‬
‫• مذهبان متقابالن قديما كقدم الفكر الفلسفي المنظم ويقولون أنه احدى حجر الفاتكان‪،‬‬
‫وهي صورة شهيرة في حائط اسمها " مدرسة أثينا " صورها النحات االيطالي المشهور‬
‫"روفايل" ‪ ,‬في هذه الصورة أرسطو و أفالطون ومن حولهما من أتباعهما‪ ،‬هذه الصورة‬
‫تشير افالطون باصبعه الى السماء وارستو الى االرض رم از عن المذهبين ‪ :‬السماء‬
‫( روحية ) األرض ( ما دية )‪ ،‬وهما ال تزاالن الى اليوم في حرب عوان كل يطلب‬
‫الغلبة في عالم الفلسفة‬
‫• ميزات مذهب المادية‬
‫‪ .1‬ال شيء غير المادة وليست الحياة وال الحركة اال وظيفة من وظائف المادة او‬
‫صفة من صفاتها‪ ،‬بدليل ‪ :‬اذا عرى المادة عن االنحالل فال حياة لها‬
‫‪ .2‬ما نسميه عقال او روحا او فك ار ليس اال شكال من أشكال المادة او مظه ار من‬
‫مظاهرها المتنوعه والظواهر النفيسه ليست اال وظيفة للمخ فسائر االفكار وااليرادات‬
‫والعواطف تتوقف على قوه المخ وعمله وحجمه وتركيبه‬

‫‪14‬‬
‫‪ .1‬المادة لم يخلقها هللا وال االنسان بل هي قديمة أزلية ال تفنى ولكنه تغير في‬
‫األشكال فقط‬
‫‪ .2‬هي موضوع العلوم المادية والحسية بأنواعها وفروعها المختلفة‬
‫تنبيه ‪ :‬المادية على هذا هي مذهب الحادي ينكر وجود شيء غير المادة ال يعترف‬
‫بآلهة وال بأرواح وال بمالئكة وال بجن وال بشياطين‪ ،‬بل قالوا ‪ :‬ما كان وجود نفيس‬
‫منفصل عن الجسم مستقل عن المادة اال لغوا اختلقه فالسفة علم النفس ليس له قيمة‬
‫علمية‬
‫• ميزة مذهب الروحانية‬
‫‪ .1‬ال شيء غير الروح وليست المادة اال ظاهر من الظواهر وال نستطيع أن ندرك‬
‫حقائق األشياء بحواسنا بل بعقولنا المجرد‪ ،‬فكان إذن أن تكون حقيقة االشياء المدركة‬
‫بالعقل المجرد شيئا روحيا مجردا‪ ،‬بعبارة أخرى ‪ :‬الموجود االول والحقيقي هو الفكر‬
‫واالشياء مظاهر تنتمي اليه وتدل عليه ( الروح أساس األشياء )‬
‫‪ .2‬هي موضوع علوم الفلسفة والحكمة النظرية وكان على أرس هذه الموضوعات‬
‫البحث في وجود العلة االولى ‪،‬المحرك األول‪ ،‬والخالق األعلى جل جالله‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫‪ -‬المذهب الروحاني بعد المذهب المادي فالعقل البشري شغوف بالغيب واالسرار‬
‫‪ -‬أن المادة ال وجود لها من الخارج وإنما يخيل الينا أنها موجودة وال وجود إال‬
‫الروح والعقل‬
‫‪ -‬والعقل فهو يطبع الصور في عقولنا وليست االراء واالفكار الخياالت باطلة بل‬
‫هي الموجودات الحقيقة التي ال تقبل التغير ( قالهما باركلي )‬
‫• ميزة مذهب اْلثنينية‬
‫‪ .1‬له اساسان متحدان امتزج بعضهما ببعض وهما المادة والروح‪ ،‬اذا له عن المذهبين‬
‫االولين الذاهبين الى ان هناك اساسا واحدا اما المادة وإما الروح‬

‫‪15‬‬
‫‪ .2‬هذا المذهب دفع عنه فالسفة عظام‪ ،‬ذهبا للثلج والمتدينين فاسبه بل فالسفة‬
‫اليونان‪ ،‬والرواقيون‪ ،‬ديكارت‪ ،‬ولوتز‪ ،‬فخته كلهم قالوا بهذا المذهب‬
‫‪ .3‬ظله هذا المذهب صاحب السلطان في القرون الوسطى االتفاقه مع التعاليم‬
‫الدينية‬
‫‪ .4‬الماده والروح هو اساس االديان كلها‪ ،‬يقول هيجل ‪ :‬في رسالته الواحدية " كل‬
‫االديان الغابره والمذاهب الفلسفيه القديمه على هذا المذهب االفنيني تعتقد ان هللا‬
‫والعالم والخالق والمخلوق الروح والمادة عنصران منفصال بعضهما عن بعض تمام‬
‫االنفصالڜض‬
‫شهادة علماء المادة‬
‫• يقول نيوتن ( أعظم علماء الطبيعة ) ‪:‬‬
‫‪ " -‬ال تشكوا في الخالق‪ ،‬النه مما ال يعقل ان تكون الضرورة وحدها هي قائدة الوجود‬
‫الن الضرورة عمياء متجانسة في كل مكان وزمان ال يتصور ان يصدر منها هذا‬
‫التنوع في الكائنات وال هذا الوجود كله‪ ............‬ان هذا كله ال يعقل ان يصدر‬
‫اال من كائن ازلي له حكمة وارادة‬
‫‪ -‬ان الحركات الحاليه للكواكب ال يمكن ان تنشا من فعل الجاذبيه العامه النه يجب‬
‫لكي تدور هذه الكواكب حول الشمس ان توجد يد إلهية تدفعها الى الخط الممارسة‬
‫لمداراتها يجب وجود سبب يعلم كميات المادة الموجودة في األجرام السماوات‬
‫المختلفة‪ ( ،‬ثم القوه الخارقه ثم المسافات بين الكواكب وتوابعها‪ ،‬وتقدير السرعة التي‬
‫يمكن ان تدور بها هذه الكواكب‪) ....‬‬

‫التأمل يهدي الى االيمان‬


‫• إن الفكر االنساني بالنسبة لالعتراف بوجود هللا ابتلىه طائفة ال تؤمن اال بما تحس‬
‫وترى وتسمع‬

‫‪16‬‬
‫يقولون ‪" :‬كيف نؤمن بشيء ال ندركه"‪ ،‬هذه الطائفه مع ما لديه مما ذهبت ليس لها‬
‫دليل على إنكار الخالق سوى االستبعاد المجرد عن الدليل‬
‫لكن في مقابلة هذه القلة كثيرة كثرة من الفالسفة والمفكرين وجماهير الخلق وكذلك‬
‫الديانات‪ ،‬وهذه الطائفة الثاني ة مع ما تذهب اليه من وجود الخالق ولديها من‬
‫االدلة والبراهين الكثيرة‪ .‬واليك تصور تأمل الصوفية العلمية ‪ :‬ما من حركة او‬
‫سكون او ذرة صغيرة أو كبيرة اال وهي شاهدة ناطقة بوجود هللا‪ ،‬متى غابه حتى‬
‫يطلب‪.‬‬
‫• ولما كانت االدلة والبراهين كثيره سنختار في هذا المقام ما هو أوضح وأنسب منهج‬
‫القران الكريم باختيار الدليل المسمى بدليل " العناية " وهي العناية االلهية والحكمة‬
‫الربانية التي تبدو في نظام الكائنات سائر المخلوقات من أمثلته ‪:‬‬
‫‪ -‬لو ذهبنا ننظر في قوله تعالى ( الذي احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق االنسان من‬
‫طين * ثم جعل نسله من زالله من ماء مهين * ثم سواه ونفخ فيه من روحه‬
‫وجعل لكم السمع واالبصار واالفئدة قليال ما تشكرون ) ‪ :‬فمحال ان تكون على‬
‫سبيل الصدفة من غير حكيم صانع العناية والحكمة التي ترى في سائر الكائنات‬
‫الموجودات‬
‫‪ -‬قوله تعالى ‪ ( :‬وهللا خلق كل دابه من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من‬
‫يمشي على رجليه ومنهم من يمشي على أربع يخلق هللا ما يشاء ان هللا على كل‬
‫شيء قدير ) ‪ ( :‬الم يروا الى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن اال هللا‬
‫ان في ذلك اليات لقم يؤمنون )‬
‫لو ننظر الى ما في علم الحيوان من عجائبه في خلقه واجهزته الدمويه والهضميه‬
‫والعصبيه والتنفسيه وسائر الحيوانات من أنواعها وأجناسها وألوانها وأصواتها المختلفة‪،‬‬
‫وطريقة الحياة واألكل ونظام معيشتها ال ادركنا ان هذا التخصص والتمايز والتنوع‬
‫لم يكن اتفاقا وصدفه بل كان بصنع فاعل حكيم ليس من جنس الحوادث‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬لو ذهبنا ننظر الى ما في عالم النباتات من عجائب وسنن ونواميس تحير فيها‬
‫العقول كيف توضع الحب في االرض الرطبة فال تتلفها الرتبه والعفونه إلى غيري‬
‫ذلك من خصائص عندما تنمو وتكبر حتى تكون شجرة مثمرة تنفع للناس وجميع‬
‫نوامسها ونظامها الدقيقة‪ .‬كما بينه تعالى ‪ ( :‬وهو الذي أنشا جنات معروشات وغير‬
‫معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه )‬
‫وقوله ‪ ( :‬ولم ترى أن هللا انزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانه )‬
‫‪ -‬لو ذهبنا الى عالم الكواكب من عجائب كيف أنها رفعت بال عمد او حبال تشير في‬
‫الفضاء بدقة ونظام في سيرها ال يرتبط بعضها ببعض نعلم من حركاتها عدد السنين‬
‫والحساب وااليام والليالي والشهور وتنوع بسبب سيرها الفصول السنوية من صيف‬
‫الى شتاء الى ربيع الى خريف وغير ذلك ألدركنا أن تخصيص كل فرد من أفراد‬
‫هذه الكواكب دليل قاطع على أ نه البد لذلك التخصيص من فاعل مختار عالم بالحكم‬
‫والمصالح قال تعالى ‪ ( :‬هللا الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على‬
‫العرش وسخر الشمس والقمر كله يجري الجل مسمى ) ( والشمس والقمر بحسبان‬
‫والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها وضع الميزان )‬
‫‪ -‬الرياح ‪ :‬والهواء ‪ ( :‬هللا الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف‬
‫يشاء ويجعله كشفا فترى الودق يخرج من خالله فاذا اصاب به من يشاء من‬
‫عباده اذا هم يستبشرون )‬
‫‪ -‬بحار انهار جبال ووديان وصحاري وصخور ومعادن و مستخرجات من باطنها‬
‫ومستخرجات من قشرتها السطحية‪ ،‬والى ما في الماء من اجوبه وملوحه وجزر ومد‬
‫وتيارات سطحه وسلفيه وامواج كالجبال واخرى هادية‬

‫العلم وااليمان توأمان في فطرة االنسان وتعاليم االسالم‬


‫• النظر والتأمل وحب االستطالع ( العلم ) التدين والوثوق بالغيبيات ( اإليمان ) اللذين‬
‫هما غريزتين أودعهما في بنى اإلنسان‪،‬‬
‫‪18‬‬
‫فان التسامي بالعلم يجعله في خدمة الحقيقة الكبرى واإليمان بها‪ ،‬كما ان التسامي‬ ‫•‬
‫بااليمان يجعله مؤسسا على علم واستدالل‪ ،‬كل منهما مكمل لصاحبه يحتاج أحدهما‬
‫اآلخر‬
‫• العلم وااليمان يعتبران دعامتين تمكنان الفرد من شق طريقه في الحياة الناجحة‪،‬‬
‫وتكفالن رغد العيش‪ ،‬واطمئنان النفس‪ ،‬وإرضاء هللا‪ ،‬واألمن والسكينة‬
‫• لكي نستطيع الصمود في المعركه البد من علم يدعمه ايمان باهلل اللتين توضحان‬
‫معالم الطريق ونقضي على كل أثر التخلف ونلحق بركوب التقدم‬
‫• هاتان الدعامتان تحققتان على االهداف العالية وتكفالن رغد العيش وحياة طيبة‬
‫عندما تتشرفت النفوس على تطبيقها وتنفيذها‬
‫تنبيه ‪ :‬شهادة الرئيس "أنوار السادات" ان الدولة العصرية ال يمكن ان تقوم اال بهاتين‬
‫الدعامتين العلم وااليمان ‪.‬‬

‫‪19‬‬

You might also like