You are on page 1of 24

‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫إشكالية التواصل في الوسط الجامعي‪ :‬دراسة سيميولوجية لعالقة األستاذ بالطالب‪.‬‬

‫‪The problem of communication at the university :A Symiological study of the‬‬


‫‪relationship between the teacher and the student‬‬

‫أ‪ /‬حنان رزايقية **‬


‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫د‪/‬اسعيداني السالمي*‬

‫الملخص‪:‬‬

‫تعترب اللغة بأشكاهلا املختلفة الوسيلة الرئيسية للتواصل اجملتمعي‪ ،‬فمن أجل فهم عملية التواصل بني خمتلف‬
‫األفراد‪ ،‬البد من تفكيك خمتلف الدالالت اللغوية واألنشطة السلوكية‪ ،‬اليت تعرب عن الرتسبات الذهنية املخزنة لدى‬
‫كل فرد‪ ،‬وهو األمر الذي يوجب االستعانة مبنهج يستطيع تفسري خمتلف العالمات واإلشارات اللغوية‪ ،‬وترمجة األفكار‬
‫يف خمتلف األوساط االجتماعية بصفة عامة‪ ،‬والوسط اجلامعي بصفة خاصة‪.‬‬

‫لذلك تسعى هذه الدراسة لالعتماد على املنهج السيميولوجي لفهم العملية التواصلية يف األوساط اجلامعية املتمثلة يف‬
‫عالقة األستاذ والطالب‪ ،‬ذلك أن هذا املنهج يسمح بدراسة وفهم اخلطابات النصية ورصد كل األنشطة البشرية‬
‫بالتفكيك والرتكيب‪ ،‬والتحليل والتأويل‪ ،‬وهو األمر الذي يسمح بفهم خمتلف التفاعالت احلاصلة يف الوسط اجلامعي‬
‫عامة‪ ،‬والتفاعالت احلاصلة بني األستاذ والطالب‪ ،‬بغية الوصول إىل وضع آليات متكن خمتلف الفواعل اجلامعية من‬
‫حتقيق التفاعل اإلجيايب فيما بينها‪ ،‬األمر الذي يؤدي إىل حل املشاكل اجلامعية‪ ،‬اليت تنبع أساساً من إشكالية الفهم‬
‫املزدوج‪-‬إجيايب‪/‬سليب‪ -‬هلذه التفاعالت‪ .‬وانطالقا مما مت طرحه أعاله ميكن طرح التساؤل العام التايل‪:‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الوسط اجلامعي‪ ،‬التواصل‪ ،‬السيميولوجيا‬

‫*‪ -‬أستاذ حماضر "أ" بكلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية –جامعة املسيلة‪-‬اجلزائر‪.‬‬‫‪1‬‬

‫**‪ -‬طالبة دكتوراه يف العلوم السياسية –جامعة باتنة‪-‬اجلزائر‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪172‬‬
2019 ‫) –جوان‬01(‫العدد‬- )02( ‫المجلد‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

Abstract:
Language with its different forms is considered as main means for social
communication. In order to understand the process of communication between
different individuals ,it is necessary to dismantle the various linguistic signs and
behavioral activities which reflect the mental deposits stored by each individual,
which necessitates the use of a method that can interpret the various marks , signs of
language and the translation of ideas in various social circles in general and in the
university center in particular.Therefore, this study seeks to rely on the Semiology
approach to understand the communicative process in academic circles. This
approach allows the study and the understanding of textual discourses and the
monitoring of all human activities by deconstruction, analysis, and interpretation.
This allows for understanding of the various interactions in the university
environment, whether between :the teacher and the student , the student and the
administration, the administration and the teacher or between the employees and the
student...ext. In order to develop mechanisms that enable different university
students to achieve positive interaction among them, which leads to solve university
problems which in its turn are caused by the problematic of The Double positive\
negative understanding of these social interactions

Key words: university circles, communication, semiology

:‫مقدمة‬
‫ ذلك أن هذه العملية تعمل على تفكيك خمتلف‬،‫متثل عملية التواصل ركيزة أساسية يف خمتلف العالقات احلياتية‬
‫ وهذا ما يستدعي ضرورة التعامل احلذر من خمتلف‬،‫الرموز واإلشارات وحتويلها للغة للتفاهم واالنسجام اجملتمعي‬
.‫ وبلوغ الفعالية املنشودة‬،‫شركاء عملية التواصل االجتماعي لتحقيق أهداف هذه العملية‬
،‫الطالب‬/‫ خاصة فيما يتعلق بعالقة األستاذ‬،‫إن الفهم املناسب لعملية التواصل مهم جدا يف األوساط اجلامعية‬
‫ وحتقيق الرسالة التعليمية املطلوبة من‬،‫ذلك آلن هذه العالقة معقدة ينبغي التعامل معها حبذر لبلوغ اهلدف املنشود‬
‫ لذلك فإن االعتماد على املنهج السميولوجي كمدخل حملاولة فهم أبعاد هذه العالقة مبختلف متثالهتا ورموزها‬،‫الطرفني‬
.‫ وحيقق أهدافها‬،‫ يساعد يف توضيح معامل هذه العالقة لريسم حدودها وأسسها‬،‫وتعقيداهتا اللغوية والرمزية‬
‫ لذلك يعد االعتماد‬،‫فالسميولوجيا كعلم يهدف لتفكيك كل األنشطة اإلنسانية ومن مث حتليلها وإعادة تركيبها‬
‫ مهم جداً ملا هلذا العلم من القدرة‬،‫عليه كمنهج لتحليل العالقة التواصلية بني الطالب واألستاذ يف الوسط اجلامعي‬

173
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫على فك شفرات هذه العملية التواصلية‪ ،‬والبحث يف خمتلف تفاصيلها‪ ،‬من أجل التوصل إىل نتائج وحلول تدعم‬
‫سبل التواصل االجيايب بني خمتلف أطراف هذه العالقة‪.‬‬
‫اإلشكالية‪:‬‬
‫تشكل العالقة بني األستاذ والطالب ركيزة أساسية ملختلف جوانب العملية التواصلية يف الوسط اجلامعي‪ ،‬لذلك‬
‫وجب الرتكيز على حيثيات هذه العالقة يف اجلامعة بصفة عامة‪ ،‬واجلامعة اجلزائرية بصفة خاصة‪ ،‬من أجل التوصل‬
‫حلل ملختلف املشكالت اليت يعاين منها قطاع التعليم‪ ،‬أو على األقل تقدمي بعض احللول اليت من شأهنا ترقية العالقة‬
‫التواصلية‪ ،‬ومن مثة حتسني املنتوج العلمي يف اجلامعة اجلزائرية‪ ،‬هذه األخرية اليت تعاين من غياب وهتميش للعملية‬
‫التواصلية بني خمتلف فواعل الوسط اجلامعي‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص بني األستاذ والطالب‪ ،‬األمر الذي أصبح ميثل‬
‫حتدي ورهان يدفع باجلامعة اجلزائرية حنو أزمة تواصلية حتمية على املدى البعيد‪ ،‬قد تؤدي لفشل املنظومة التعليمية‬
‫لبلوغ اهلدف املنشود‪ ،‬لذلك وجب فهم أبعاد العملية التواصلية يف الوسط اجلامعي بصفة عامة واجلزائرية بصفة خاصة‪،‬‬
‫من إجناح العملية البيداغوجية والتعليمة‪ ،‬وحتسني وترقية مردود اجلامعة اجلزائرية‪.‬‬
‫ومنه فإن السعي لتفسري العملية التواصلية اجلامعية‪ ،‬وتفكيك أركاهنا‪ ،‬وفهم مرتكزاهتا وخمتلف رموزها‪ ،‬باالعتماد‬
‫على منهج علمي شامل يستطيع تقدمي فهم صحيح هلذه العملية‪ ،‬وهو ما مينح القدرة على تقدمي حلول ومعاجلة‬
‫فعالة ملختلف املشاكل اليت تعاين منها اجلامعة ‪.‬‬
‫انطالقا مما مت طرحه أعاله ميكن طرح إشكالية هذه الدراسة يف السؤال التايل‪:‬‬
‫كيف ميكن حتليل وتفسري خمتلف التفاعالت التواصلية يف الوسط اجلامعي من منظور مسيولوجي؟‬
‫ويتفرع عن هذه اإلشكالية أسئلة فرعية كالتايل‪:‬‬
‫كيف تتجسد مسيولوجيا التواصل بني األستاذ والطالب؟‬ ‫‪-‬‬
‫ما هي األساليب واللغة اليت من املمكن أن يتبعها األستاذ إليصال الرسائل والتأثري يف الطلبة؟‬ ‫‪-‬‬
‫ما هي أهم االسرتاتيجيات الواجب إتباعها لتحقيق جناعة العملية التعليمية والبيداغوجية؟‬ ‫‪-‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫يتمثل اهلدف من هذه الدراسة يف العمل على طرح ومعاجلة جمموعة من التساؤالت املرتبطة بإشكالية‬
‫التواصل يف أوساط اجلامعة من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية حماولة توضيح بعض املشاكل والعراقيل اليت حالت دون حتقيق‬
‫التفاعل اإلجيايب ضمن هذا الوسط‪ ،‬واليت متثل إحدى أهم أسباب تراجع املردود العلمي يف أوساط اجلامعة العربية‬

‫‪174‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫بصفة عامة واجلزائرية بصفة خاصة‪ ،‬ومنه حماولة التصدي ملختلف األزمات اليت تشهدها اجلامعة ووضع حلول متكن‬
‫من حتقيق التفاعل اإلجيايب‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلطار المفاهيمي للدراسة‪:‬‬

‫‪ -1‬ضبط مفهوم التواصل‪ :‬التواصل يقابله املصطلح األجنيب ‪ Continuité‬وهو يعين االستمرارية‪،‬‬
‫ويتضمن مفهوماً آخر يتالمس معه‪ ،‬وهو مفهوم االتصال ‪ ،Communication‬والشيء ذاته‬
‫بالنسبة ملصطلح الال تواصل ‪ Discontinuité‬والذي يعين االنقطاع واالنفصال معاً‪ ،‬حيث يرى‬
‫هيدغر ‪ Heidegger‬بأنه "ينبغي فهم ظاهرة التواصل يف معىن واسع وانطولوجي‪ ،‬فالقول الذي‬
‫يسمح مثالً بنشر "بالغ" أو إعالن صحيفة إخبارية ليس إال حالة خاصة من حاالت التواصل يف‬
‫معناه العام (‪ )...‬فهو حيسن املشاركة عليها عند التصور‪ ،‬إذ هو يف حقيقة األمر تسلسل على غاية‬
‫من التعقيد"(مهيبل‪ ،2005 ،‬ص‪.)18‬‬

‫أما يف اللغة العربية؛ فقد ورد حتديدها يف قاموس احمليط ولسان العرب على أهنا مشتقة من "وصل" والذي يعين‬
‫الصلة وبلوغ الغاية‪ ،‬فوصل الشيء إىل الشيء وصوالً وتوصل إليه أي انتهى إليه وبلغه ويعين أيضاً؛ املواصالت‬
‫والبالغ"(هامل‪ ،2009 ،‬ص‪ ،)24‬فالتواصل هو "اإلبالغ أو االطالع واإلخبار‪ ،‬أي نقل "خرب ما" من شخص‬
‫إىل آخر وإخباره به واطالعه عليه (شعبان‪ ،2011،‬ص‪ .)9‬وهذا ما يعين وجود عالقة توصيل وربط‪.‬‬
‫واحلقيقة أن تعريف التواصل أمر شائك للغاية‪ ،‬والسبب يف ذلك هو االهتمام الكبري الذي أصبحت توليه العديد‬
‫من حقول املعرفة اإلنسانية لدراسته والبحث فيه‪ ،‬وهذا ما نتج عنه اختالف يف حتدياته وتنوع تصوراته ومقارباته وتعدد‬
‫مناذجه النظرية‪ ،‬ويشري "طلعت منصور" يف هذا الصدد إىل أن "هناك مخسة وعشرين تصوراً خمتلفاً ملصطلح اتصال‬
‫جيري استخدامه يف البحث‪ ...‬وقد ظهر فيما نشر من كتب ودراسات مخسون وصفاً للعملية االتصالية‪ ،‬ومنذ أن‬
‫نشرت "شانون وويفر ‪ "1949‬منوذجهما الرياضي عن االتصال‪ ،‬ظهر أكثر من مخسة عشر منوذجاً خمتلفاً يف تفسري‬
‫االتصال"(شعبان‪ ،2011 ،‬ص‪ ، )9‬ومع ذلك جند أن كلمة اتصال اليت تشري إىل نفس معىن كلمة تواصل هي‬
‫ترمجة عن كلمة "‪ "Communication‬باللغة االجنليزية املشتقة عن الكلمة الالتينية "‪ "Communis‬وتعين‬
‫مشرتك واشرتاك (هامل‪ ،2009 ،‬ص‪.)24‬‬
‫ويتوافق التحديد اللغوي لالتصال مع التحديد االصطالحي له‪ ،‬فيعرف االتصال اصطالحاً "على أنه نقل األفكار‬
‫واملشاعر واملعلومات والتأثريات باإلضافة للتوزيع والتفاوض‪ ،‬ويعرفه نبيل عارف على أنه "عملية نقل املعلومات‬
‫‪175‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫والرغبات واملشاعر واملعرفة والتجارب إما شفوياً أو باستعمال الرموز والكلمات والصور واإلحصاءات بقصد اإلقناع‬
‫والتأثري على السلوك"(هامل‪ ،2009 ،‬ص ‪.)24‬‬

‫ويف نفس السياق يعرفه "سامية حممد" على أنه "عملية اشرتاك ومشاركة يف املعىن من خالل التفاعل الرمزي"(هامل‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪.)24‬‬
‫أما بالنسبة لإلداريني فريون أن االتصال هو الوسيلة اليت تتم بواسطتها تبادل أو نقل املعلومات‪ ،‬واألفكار‪،‬‬
‫واحلقائق واملشاعر من جهة إىل أخرى حىت يتحقق الفهم املوحد وكذلك توافر نفس املعلومات واألفكار واحلقائق‬
‫جلميع األطراف الذين تشملهم عملية االتصال‪ ،‬ويرى علماء النفس أن االتصال هو‪ :‬عملية تبادل األفكار واآلراء‬
‫واملعلومات عن طريق احلديث أو الكتابة أو اإلشارات(بونوة‪ ،2016 ،‬ص‪.)166‬‬
‫ويستند التواصل‪-‬حسب رومان جاكسون (‪ -)R.Jakobson‬إىل ستة عناصر أساسية هي‪ :‬املرسل‪ ،‬واملرسل‬
‫إليه‪ ،‬والرسالة‪ ،‬والقناة‪ ،‬واملرجع‪ ،‬واللغة‪ ،‬وللتوضيح أكثر ميكن القول بأنه‪ :‬يرسل املرسل رسالة إىل املرسل إليه‪ ،‬حيث‬
‫تتضمن هذه الرسالة موضوعاً أو مرجعاً معيناً‪ ،‬وتكتب هذه الرسالة بلغة يفهمها كل من املرسل واملتلقي‪ ،‬ولكل رسالة‬
‫قناة حافظة‪ ،‬كالظرف بالنسبة للرسالة الورقية‪ ،‬واألسالك املوصلة بالنسبة للهاتف والكهرباء‪ ،‬واألنابيب بالنسبة للماء‪،‬‬
‫واللغة بالنسبة ملعاين النص اإلبداعي‪ ،‬هذا وهتدف سيميولوجيا التواصل إىل اإلبالغ‪ ،‬عرب عالماهتا وأماراهتا وإشاراهتا‪،‬‬
‫والتأثري يف الغري عن وعي أو غري وعي‪ ،‬وبتعبري آخر تستعمل السيميولوجيا جمموعة من الوسائل اللغوية وغري اللغوية‬
‫لتنبيه اآلخر‪ ،‬والتأثري فيه عن طريق إرسال رسالة وتبليغها إياه‪ ،‬ومن هنا فالعالمة تتكون من ثالث عناصر‪ :‬هي الدال‬
‫واملدلول والوظيفة القصدية (حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪.)44‬‬

‫وبذلك فاالتصال يشتمل على عالقة حمورية بني طرفني تتمثل يف عالقة التأثري والتأثر‪-‬تفاعل بني طرفني‪ ،-‬عالقة‬
‫أخذ ورد تتجسد بشكل عملي يف عملييت التوزيع والتفاوض‪ ،‬ويضاف إىل ذلك القنوات املستعملة كالرموز والكلمات‬
‫والصور‪ ،..‬هبدف إحداث تغيري أو تعديل السلوك املستهدف‪ ،‬وهو ما سنتطرق إليه يف احملاور الالحقة‪.‬‬
‫ويف كتاب عامل اللسانيات السويسري الشهري "فرديناند دي سوسري" ‪ Ferdinand de Saussure‬املعنون‬
‫ب "دروس يف األلسنة العامة" حيث يعيد للمصطلح يف شكله اللغوي كل أمهيته وداللته االنفرادية‪ ،‬ذلك أن أي لغة‬
‫توصف تزامنيا‪ -‬كما يرى دي سوسري‪ -‬وهي نظام من العناصر املرتابطة‪ ،‬أي عناصر معجمية وفنولوجية‪ ،‬وليس‬
‫بوصفها جمموع الكيانات مكتفية بذاهتا‪ ،‬وأن املصطلحات اللغوية جيب أن تعرف بالنسبة لبعضها وليس بشكل‬
‫مطلق‪ ،‬وأن العالقات يف جمال اللغة عالقات تبادلية تقوم يف البعدين األساسيني للرتكيب اللغوي التزامين‪ :‬البعد األفقي‬

‫‪176‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫املنطبق على تتابع امللفوظ‪ ،‬والبعد الرأسي "الرتابطي" املتمثل يف أنظمة العناصر أو الفئات املتقابلة‪ ،‬وهذا يف الواقع‬
‫رفض للرأي القائل بأن اللغة بداهلا ومدلوهلا ما هي إال منظومة من القيم اجملردة(مهيبل‪ ،2005 ،‬ص‪.)12‬‬

‫إن هذا التفسري يف مستوى معني ميثل أرقى ما وصلت إليه املناهج املعرفية اللغوية املعاصرة‪ ،‬وهي توليد املعىن من‬
‫كل كلمة تقريباً على حدا‪ ،‬حبيث تفضي هذه الطريقة يف النهاية إىل القضاء على التسيب املزدهر يف جمال اللغة‬
‫امليتافيزيقية باخلصوص‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية فإن البعد اللغوي له أمهية يف حتديد ماهية اإلنسان‪ ،‬فهو‬
‫يتشكل من حيث هو ذات كما يقول "إميل بنفنست" ‪ "Emile Benvéniste‬يف اللغة وباللغة (إذ هي وحدها‬
‫اليت تؤسس يف حقيقة األمر مفهوم "األنا" ضمن واقعها الذي هو واقع الوجود‪ ،‬إن الذاتية اليت نبحث فيها هنا هي‬
‫قدرة املتكلم على أن يطرح بنفسه باعتباره "ذاتاً"‪ ،‬وهي ال تعرف بواسطة الشعور الذي يعيشه كل واحد بأنه هو‬
‫نفسه‪ ،‬بل تعرف باعتبارها الوحدة النفسية اليت تتعاىل كلية التجارب املعيشة اليت جتمعها هذه الوحدة النفسية وتضمن‬
‫دوام الوعي‪ ،‬إن أمهية اللغة تكمن يف أن اإلنسان أودع فيها عاملاً خاصاً به إىل جانب العامل اآلخر‪ ،‬كما يرى "نيتشه"‬
‫وخاصة وأنه كان من الثائرين على نوع من اللغة ال قيمة هلا سوى تعليم الغباء والتقوقع وهي لغة "املدرسية"(مهيبل‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.)13‬‬

‫إن اللغة كما يقول إميل هي "التعبري الرمزي بامتياز و األكثر جناعة من كل أنظمة التواصل األخرى‪ ،‬لكن هذا‬
‫التواصل اللغوي ال ميكنه بأي حال من األحوال أن يكون مكتفياً بذاته‪ ،‬وأن يشكل خطاً معرفياً متكامالً‪ ،‬فإذا كانت‬
‫اللغة بالنسبة لأللسين غرضاً خصوصياً‪ ،‬فإهنا بالنسبة للباحث أداة لبلوغ تصوراته األولية املوجودة يف الذهن (مهيبل‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪ ، )18‬فاإلنسان مدفوع لالتصال ال حمالة‪ ،‬بل إن اإلنسان يكتشف قدرته على االتصال منذ بداية‬
‫حياته‪ ،‬ويتميز اإلنسان يف اتصاله عن بقية الكائنات احلية بقدرته الفائقة على ترميز تواصله بينه وبني بين جنسه وعلى‬
‫تنظيمه وهيكلته‪ ،‬حيث يرى ‪" Gilles Guerin-Talpin‬أن اندماج الفرد يف اجملتمع قائم على تكيفه وعلى‬
‫أهليته لالتصال‪...‬فاالتصال املرمز يظهر كضرورة لبقاء اإلنسان يف حميطه"(هامل‪ ،2009 ،‬ص‪ ، )25‬وبذل فعملية‬
‫االتصال عملية يستطيع من خالهلا طرفان أو أكثر أن يشرتكا يف فكرة أو مفهوم أو عمل معني‪ ،‬وهذا يعين أن أحد‬
‫الطرفني لديه معلومات أو مهارات أو أفكار معينة يريد نقلها إىل الطرف األخر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬السيميولوجيا‪ :‬الموضوع‪ ،‬والمنهج‪ ،‬واالتجاهات‬

‫يعد املنهج السيميولوجي من أهم املناهج النقدية املعاصرة اليت وظفت ملقاربة مجيع اخلطابات النصية‪ ،‬ورصد كل‬
‫األنشطة البشرية بالتفكيك والرتكيب‪ ،‬والتحليل والتأويل‪ ،‬بغية البحث عن آليات إنتاج املعىن‪ ،‬وكيفية إفراز الداللة عرب‬
‫‪177‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫مساءلة أشكال املضامني‪ ،‬مع سرب أغوار البنيات العميقة داللة ومنطقاً‪ ،‬من أجل فهم تعدد البىن النصية‪ ،‬وتفسريها‬
‫على مستوى البنية السطحية تركيباً وخطاباً‪ ،‬ومن مث يهدف املنهج السيميولوجي إىل استكشاف البنيات الداللية اليت‬
‫تتضمنها اخلطابات واألنشطة البشرية بنية وداللة ومقصدية‪ ،‬والبحث عن األنظمة التواصلية تقعيداً وجتريداً ووظيفة‬
‫(حمداوي‪ ،2015 ،‬ص ‪.)7‬‬

‫‪ .1‬ضبط مفهوم السيميولوجيا‪:‬‬


‫السيميولوجيا هي ذلك العلم الذي يبحث يف أنظمة العالمات‪ ،‬سواء كانت لغوية أم أيقونية أم حركية‪ .‬ومن مث‬
‫فإذا كانت اللسانيات تدرس األنظمة اللغوية‪ ،‬فإن السيميولوجيا تبحث يف العالمات غري اللغوية اليت تنشأ يف حضن‬
‫اجملتمع‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فاللسانيات هي جزء من السيميولوجيا حسب العامل السويسري "فرديناند دوسوسري" ( ‪F.De‬‬
‫‪ ،)Saussure‬مادامت السيميولوجيا تدرس مجيع األنظمة‪ ،‬كيفما كان سننها وأمناطها التعبريية‪ :‬لغوية أو غريها‪،‬‬
‫ولقد حصر دوسوسري هذا العلم يف دراسة العالمات ذات البعد االجتماعي‪ ،‬ويعين هذا أن السيميولوجيا تبحث يف‬
‫حياة العالمات داخل احلياة االجتماعية‪-‬هلا وظيفة اجتماعية‪ ،-‬وهلا أيضاً عالقة وطيدة بعلم النفس االجتماعي‬
‫(حمداوي‪ ،2015 ،‬ص ‪ ، )8‬فإذا كانت اللسانيات تدرس كل ما هو لغوي ولفظي‪ ،‬فإن السيميولوجيا تدرس ما‬
‫هو لغوي وما هو غري لغوي‪ ،‬أي تتعدى املنطوق إىل ما هو بصري‪ ،‬كعالمات املرور‪ ،‬ولغة الصم والبكم‪ ،‬والشفرة‬
‫السرية‪ ،‬ودراسة األزياء‪ ،‬وطرائق الطبخ‪ ،‬وإذا كان "فرديناند دوسوسري" يرى أن اللسانيات هي جزء من علم اإلشارات‬
‫أو السيميولوجيا‪ ،‬فإن روالن بارت‪ ،‬يف كتابه (عناصر السيميولوجيا)‪ ،‬يقلب الكفة‪ ،‬فريى أن السيميولوجيا هي اجلزء‪،‬‬
‫واللسانيات هي الكل (حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪.)40‬‬

‫وهكذا فقد استلهم روالن بارت عناصر لسانية للدفع بالبحث السيميائي إىل األمام‪ ،‬باالعتماد على ثنائيات‬
‫منهجية لسانية‪ ،‬مثل‪ :‬اللسان والكالم‪ ،‬الدال واملدلول‪ ،‬واملركب والنظام‪ ،‬والتقرير واإلحياء‪ ،‬أما "بيري غريو" ‪Pierre‬‬
‫‪ Guiraud‬فيعترب السيمياء بأنه "العلم الذي يهتم بدراسة أنظمة العالمات‪ :‬اللغات‪ ،‬وأنظمة اإلشارات‪،‬‬
‫والتعليمات‪ ،‬إخل‪ ...‬وهذا التحديد جيعل اللغة جزءاً من السيمياء (حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪.)10‬‬

‫أما "بويسنس" فريى أن السيميولوجيا " تعين دراسة أساليب التواصل‪ ،‬واألدوات املستخدمة للتأثري يف املتلقي‬
‫قصد إقناعه أو حثه أو إبعاده‪ ،‬أي أن موضوع هذا العلم هو التواصل‪ ،‬وخباصة التواصل اللساين والسيميائي(بنكراد‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪ ، )43‬وقد انتقد بعض السيميائيني‪" :‬بويسنس" ‪ ،Buyssens‬وبربيطو‪ ،Prieto‬وجورج مونان‬
‫‪ G.Moinin‬على نظرهتم هذه ورأوا أن العودة إىل النظرية السوسريية حيل إشكالية العالمة‪ ،‬ألن أصحاب هذا‬
‫‪178‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫االجتاه حصروا السيمياء يف دراسة أنساق العالمات ذات الوظيفة التواصلية‪ ،‬فذهب مونان إىل القول أنه ينبغي من‬
‫أجل تعيني الوقائع اليت تدرسها السيميائية تطبيق "القياس األساسي القاضي بأن هناك سيميوطيقا أو سيميولوجيا إذ‬
‫حصل التواصل(جاب اهلل‪ ،2006 ،‬ص‪.)2‬‬

‫يتعلق األمر بالعالمات اليت تكون اإلرساليات األساسية للتواصل اإلنساين كيفما كانت مكونات هذه اإلرساليات‪،‬‬
‫مسعية‪ ،‬بصرية مسعية‪ ،‬مسعية بصرية‪ ،‬مشية‪ ،‬حركية‪...‬اخل‪ ،‬ومبوازاة النص السوسريي جاء بريس مبقاربة خمتلفة ملا مساه‬
‫السيميوطيقا املشبعة باملنطق ذي القيم املتعددة‪ ،‬مقاربة توسع من مفهوم الدليل ليستوعب خمتلف الظواهر كيفيات‬
‫وموجودات وضروريات‪ ،‬وبذلك ميكن القول إن اخلالف بني سوسري وبريس يعترب خالفاً مركزياً‪ ،‬فقد انعكس على‬
‫أتباعهما‪ ،‬هذا الصراع الذي حدده "جورج مونان" (كمواجهة بني أنصار سيميائيات التواصل‪ ،‬وسيميائيات‬
‫املعىن(زغنيه‪ ،2002،‬ص ‪.)264‬‬

‫وبالتايل ظهر اجتاهان متعارضان لتأويل خمتلف لدورة الكالم السوسريية‪ ،‬مها‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬خيص كالً من "بريطو ومونان ومارتيين وبويسنس" وغريهم من الباحثني يقوم على أن وظيفة‬
‫اللسان األساسية هي التواصل‪ ،‬ومن مث فإن (العالمات اللسانية تنقسم إىل صنفني كبريين‪ :‬عالمات الكالم‪ ،‬وعالمات‬
‫الكتابة)‪ ،‬ويعين ذلك أن حتديد معىن تعبري معني رهني بتعيني مقاصد املتكلمني والكشف عنها‪ ،‬وأبرز دعاه هذا‬
‫االجتاه هو هريش (زغنيه‪ ،2002،‬ص ‪.)266‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬يعارض االجتاه األول‪ ،‬ويناصر سيمولوجيا الداللة‪ ،‬ومن ممثلي هذا االجتاه (روالن بارت)‪ ،‬حيث‬
‫يرى بأن اللغة ال تستنفذ كل إمكانيات التواصل‪ ،‬فنحن نتواصل سواء توفرت القصدية أم مل تتوفر‪ ،‬بكل األشياء‬
‫الطبيعية والثق افية سواء كانت اعتباطية أم غري اعتباطية‪ ،‬لكن املعاين اليت تسند إىل هاته األشياء الدالة ما كان هلا أن‬
‫حتصل دون توسط اللغة‪ ،‬إذا أن تفكيك ترميزية األشياء يتم بالضرورة بواسطة اللغة باعتبارها النسق الذي يقطع العامل‬
‫وينتج املعاين‪ ،‬وهلذا السبب كانت املعرفة السيميولوجية قائمة على املعرفة اللسانية‪ ،‬وهذا يعين أنه ال ميكن الفصل بني‬
‫التواصل والداللة‪ ،‬وأن اللغة يف حقيقة أمرها تتمفصل حوهلما معاً‪ ،‬فالبحث يف األنساق الدالة حبث يف الدالالت اليت‬
‫يتم توصيلها إىل اإلنسان بشكل واع أو بشكل غري واع (زغنيه‪ ،2002 ،‬ص ‪.)266‬‬

‫‪ .2‬التطور التاريخي للسيميولوجيا‪ :‬السيميولوجيا ‪ ،Sémiologie‬مصطلح ظهر يف أوروبا‪ ،‬يرتبط ب‬


‫"دوسوسري" الذي استعمل مصطلح سيميولوجيا يف كتابه "حماضرات يف اللسانيات العامة" سنة ‪1916‬م‪ ،‬ويعترب‬
‫‪179‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫روالن بارت "‪ "Roland Barthes‬من املدافعني عن مصطلح السيميولوجيا‪ ،‬وخاصة يف كتابه (عناصر‬
‫السيميولوجيا)‪ ،‬حيث اعترب فيه السيميولوجيا جزءاً من اللسانيات برصده لبعض الثنائيات املنهجية‪ ،‬مثل‪ :‬الدال‬
‫واملدلول‪ ،‬و"الدياكرونية" (التطورية) و"السانكرونية" (التزامنية)‪ ،‬واحملور األفقي‪ ،‬واحملور الرتكييب‪ ،‬واللغة والكالم‪،‬‬
‫والتضمني (اإلحياء) والتعيني (التقرير احلريف)‪ ،‬وهذه الثنائيات كان قد تناوهلا "دوسوسري" بإسهاب مستفيض يف كتابه‬
‫"احملاضرات يف اللسانيات العامة"‪ ،‬عندما كان يف حلظة التقنني لعلم لغوي جديد هو اللسانيات الذي أقامه على‬
‫أنقاض مرحلة "الفيلولوجيا" "فقه اللغة"‪ ،‬ويف هذا الصدد يرى روالن بارت أنه "جيب‪ ،‬منذ اآلن‪ ،‬تقبل إمكانية قلب‬
‫االقرتاح السوسريي‪ ،‬فليست اللسانيات جزءاً‪ ،‬ولو مفصالً‪ ،‬من السيميولوجيا‪ ،‬ولكن اجلزء هو السيميولوجيا‪ ،‬باعتبارها‬
‫فرعاً من اللسانيات‪("..‬حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪.)10‬‬
‫من املعروف أن "فرديناند دوسوسري" (‪ )1913-1857‬عامل لغوي سويسري‪ ،‬وهو مؤسس اللسانيات‬
‫والسيميولوجيا‪ ،‬كما يتضح ذلك يف كتابه (حماضرات يف اللسانيات العامة) الذي ألفه عام ‪1916‬م‪ ،‬بيد أن‬
‫السيميائيات هلا تاريخ طويل‪ ،‬وجذور موغلة يف القدم‪ ،‬إذ تعود يف امتداداهتا إىل الفكر اليوناين مع أرسطو‪ ،‬وأفالطون‪،‬‬
‫والرواقيني‪ ،‬كما تطورت أيضاً مع فالسفة عصر النهضة‪ ،‬وفالسفة مرحلة عصر األنوار‪ ،‬و العرب القدامى‪ ،‬لكن هذه‬
‫املسامهات تبقى متواضعة جداً‪ ،‬أو عبارة عن أفكار متناثرة حتتاج إىل تنسيق نظري‪ ،‬ونظام منهجي ومنطقي‪ ،‬أما‬
‫البداية احلقيقية للسيميولوجيا‪ ،‬فقد كانت مع التصور السوسريي‪ ،‬إذ قطع هذا العلم اجلديد أشواطاً علمية ملحوظة‪،‬‬
‫واخرتق العديد من العلوم واملعارف‪ ،‬بل إنه أعاد ترتيب العالقات بينه وبني اللسانيات واالبستمولوجيا والفلسفة‪،‬‬
‫وعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع واألكسيوماتيك‪ ،‬لقد انتقلت السيميائيات من تبعيتها للسانيات‪ ،‬إىل قيامها جبمع مشل‬
‫العلوم‪ ،‬والتحكم فيها‪ ،‬وأنتجت أدوات معرفية ملقاربة خمتلف الظواهر الثقافية‪ ،‬باعتبارها أنساقاً تواصلية ودالالت‪،‬‬
‫وعلى الرغم من أهنا تبدو متعددة‪ ،‬حيث إن هذه الكلمة قد استعملت لتغطي ممارسات متنوعة‪ ،‬فإن هلا وحدة عميقة‬
‫تتجلى يف كوهنا تنظر إىل خمتلف املمارسات الرمزية لإلنسان باعتبارها أنشطة رمزية وأنساقاً دالة‪ ،‬وبذلك أوجدت‬
‫لنفسها موقعاً إبستمولوجيا شرعياً‪ ،‬هذا وتدرس السيميولوجيا عند "دوسوسري" األنساق القائمة على اعتباطية الدليل‪،‬‬
‫ومن مث هلا احلق يف دراسة الدالئل الطبيعية كذلك‪ ،‬أي أن هلا موضوعني رئيسيني‪ :‬الدالئل االعتباطية والدالئل‬
‫الطبيعية‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬ومن مميزات الدليل السوسريي (حمداوي‪ ،2015 ،‬ص ‪:)21‬‬

‫‪ -1‬الدليل صورة نفسية مرتبطة باللغة ال بالكالم‪.‬‬


‫‪ -2‬يستند الدليل إىل عنصرين أساسيني‪ :‬الدال واملدلول‪ ،‬مع إبعاد الواقع املادي أو املرجعي؛ ألن إقصاء املرجع‬
‫يعين أن لسانيات "دوسوسري" شكالنية‪ ،‬وليست ذات بعد مادي وواقعي كما عند "جوليا كريستيفا"‪.‬‬
‫‪180‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫‪ -3‬اعتباطية الدليل واتفاقيته‪ ،‬مع استثناء األصوات الطبيعية احملاكية‪ ،‬وصيغة التعجب والتأمل‪.‬‬
‫‪ -4‬يعترب النموذج اللساين يف دراسة األدلة غري اللفظية هو األمثل واألصل يف املقايسة‪.‬‬
‫‪ -5‬إن الدليل السوسريي حمايد وجمرد ومستقل‪ ،‬يقصي الذات واإليديولوجيا‪.‬‬
‫هذا وقد أغفل دوسوسري بعض املؤشرات الضرورية يف التدليل‪ ،‬كالرمز‪ ،‬واإلشارة‪ ،‬واأليقون‪ ،‬وقد حصر عالمته يف‬
‫إطار ثنائي قائم على الدال واملدلول‪.‬‬
‫‪ .3‬خصائص النظام السيميولوجي‪ :‬ميكن تقدمي خصائص النظام السيميولوجي بإجياز فيما يلي(زغنيه‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪:)270‬‬
‫‪ -1‬يتميز النظام السيميولوجي بالطريقة اليت يؤدي هبا الوظيفة‪ ،‬أي الطريقة اليت يصل هبا النظام والسيما احلاسة‬
‫(السمع والبصر)‬
‫‪ -2‬جمال الصالحية وهو اجملال الذي يفرض النظام نفسه داخله‪ ،‬حيث ميكن التعرف عليه وإتباعه (نظام السلوك‬
‫مثالً)‪.‬‬
‫‪ -3‬طبيعة الدليل وعددها وهي مرتبطة بكيفية تأدية الوظيفة وجمال صالحيتها‪.‬‬
‫‪ -4‬نوعية التوظيف وترجع إىل العالقة اليت تربط الدالئل ومتنح كل دليل وظيفة متميزة‪.‬‬
‫‪ -5‬مجاالت السيميولوجيا‪ :‬تتمثل فيما يلي (سلطاني‪ ،2006 ،‬ص‪:)77‬‬
‫‪ -6‬تحليل المدلول‪ :‬هتتم السيميولوجيا بالدرجة األوىل باملدلوالت‪ ،‬أي الدال واملدلول‪ ،‬أي أن هدف‬
‫السيميولوجيا األول هو اكتشاف املدلوالت‪ ،‬وترى أنه ال ميكن إرسال دال بدون أن يكون هناك مدلول‪.‬‬
‫‪ -7‬العالمات غير لسانية‪ :‬وتضم العالمات اللمسية‪ ،‬الشمية والذوقية‪...‬إخل‪ ،‬أي املتعلقة باحلواس‪ ،‬واألكثر‬
‫استعماال عكس العالمات السمعية البصرية واأليقونية‪.‬‬
‫‪ -8‬العالمات السمعية البصرية‪ :‬وهو جمال من جماالت السيميولوجيا‪ ،‬حيث أن التطور التكنولوجي للوسائل‬
‫السمعية البصرية‪ ،‬جعل لالتصال دورا فعاال يف شبكة السمعي البصري‪ ،‬وهو ما ساعد على توسيع جماالت التواصل‬
‫اإلنساين‪.‬‬
‫‪ -9‬العالمات األيقونية‪ :‬املصطلح يتكون من كلمة يونانية قدمية تعين "صورة" والصورة يف اجملتمعات الغربية‪،‬‬
‫هي قبل كل شيء "صورة اهلل" التمثيل مير عرب التمثيل الغييب‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫‪ -10‬اللغة الصامتة‪ :‬إن االتصال بني شخصني ال يعين فقط مبادالت شفهية‪ ،‬وحىت يف إطار االتصال الكالمي‪،‬‬
‫التعبري قد يكون بطريقة غري لسانية‪ ،‬كاحلركات‪ ،‬اإلشارات‪ ،‬اإلمياءات‪..‬اخل‪ ،‬فاألفراد ال يقتصر كالمهم بالكلمات‪،‬‬
‫بل أيضاً بأجسادهم‪ ،‬حركاهتم وتنظيمهم يف املكان والزمان‪ ،‬وهنا يتشكل ما مساه هال ‪ Hall‬باللغة الصامتة‪.‬‬
‫‪ .4‬سيمولوجيا التواصل‪:‬‬
‫لقد اتضحت مالمح سيميولوجيا التواصل يف اجتهادات (إريك بويسنس ‪ )Eric Buysses‬و(جورج مونان‬
‫‪ )G.Monin‬و(لويس بريتو ‪ )Louis Pretto‬حيث يرى هذا األخري أن " استعمال العالمات ميكن من حتديد‬
‫التواصل‪ ،‬حياول من خالهلا املرسل ‪ Le destinateur‬خماطبة املرسل إليه ‪ le destinataire‬أو إمداده بأمارة‬
‫أو إشارة معينة"(عبد الواحد‪ ،2014 ،‬ص‪.)39‬‬

‫يقدم جاكبسون تصوراً مهماً حول سيمياء التواصل مفاده أن هذا العلم يقوم على عملية مكونة من ستة عناصر‬
‫هي‪ :‬املرسل واملرسل إليه والرسالة والقناة واملرجع واللغة‪ .‬وللتوضيح أكثر ميكن القول‪ :‬أن يرسل املرسل رسالة إىل‬
‫املرسل إليه حيث تتضمن هذه الرسالة موضوعاً معيناً‪ ،‬وتكتب هذه الرسالة بلغة يفهمها كل من املرسل واملتلقي‪.‬‬
‫أو غري وعي‪،‬‬ ‫وهتدف سيميولوجيا التواصل عرب عالماهتا وأماراهتا وإشاراهتا إىل اإلبالغ والتأثري على الغري عن وعي‬
‫وبتعبري آخر تستعمل السيميولوجيا جمموعة من الوسائل اللغوية وغري اللغوية لتنبيه اآلخر والتأثري عليه عن طريق إرسال‬
‫رسالة وتبليغها إياه ‪.‬ومن هنا فالعالمة تتكون من ثالثة عناصر‪ :‬الدال واملدلول والوظيفة القصدية‪ ،‬كما أن التواصل‬
‫نوعان‪ :‬تواصل إبالغي لساين لفظي (اللغة) وتواصل إبالغي غري لساين (عالمات املرور مثالً) (خدران‪،2017 ،‬‬
‫ص‪.)12‬‬

‫إن الوظيفة اخلاصة بالبنيات السيميائية اليت تسمى باأللسنية هي التواصل‪ ،‬وال ختتص هذه الوظيفة باأللسنية‪،‬‬
‫وإمنا توجد أيضاً يف البنيات السيميائية اليت تشكلها األمناط السننية غري اللسانية‪ ،‬ولذلك ميكن للسيمياء حسب‬
‫"بويسنس"‪ Buyssens :‬أن تعرف باعتبارها دراسة طرق التواصل‪ ،‬أي دراسة األدوات املستعملة للتأثري على الغري‪،‬‬
‫فالتواصل يف رأي بويسنس هو ما يكون موضوع السيمياء‪ ،‬وهناك العالمات العفوية واألمارات العفوية املغلوطة‪،‬‬
‫واألمارات القصدية‪ ،‬فالسيمياء تركز على األنساق الداللية اليت تقوم على القصدية التواصلية‪ ،‬بل إن السيمياء‬
‫"السيميوطيقا"‪ ،‬كما يقول بريطو‪ :‬ينبغي عليها أن هتتم‪ -‬فيما يرى "بويسنس"‪ -‬بالوقائع القابلة للتواصل‪ ،‬وهو الذي‬
‫يشكل موضوع السيمياء‪ ،‬والتواصل املراد هو من جنس التواصل اللساين‪ ،‬ألن هذا التواصل هو التواصل احلقيقي‬

‫‪182‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫(جاب اهلل‪ ،2006،‬ص‪ ، )2‬وبالتايل ميكن تقسيم التواصل السيميائي إىل‪ :‬إبالغ لساين‪ ،‬وإبالغ غري لساين‪،‬‬
‫فبإبالغ "التواصل" اللساين يتم عرب االستخدام اللغوي‪-‬لفظي‪ ، -‬وتواصل إبالغي غري لساين (عالمات املرور مثالً)‪.‬‬

‫ومن مثة‪ ،‬فإن الكالم ليس فعال فرديا –كما قال دي سوسري‪ -‬إمنا هو ظاهرة اجتماعية يكون اهلدف منها‬
‫التأثري يف اآلخرين والدفع هبم حنو التواصل‪ ،‬فالسيميولوجيا –من هذا التصور‪ -‬ترغمنا على العودة إىل الوظيفة‬
‫األساسية يف اللغات‪ ،‬وهي التواصل من حيث التأثري يف اآلخر عن طريق مؤشرات جتعلنا نتعرف على حالة‬
‫الشخص الذي يسعى إىل التأثري فينا‪ ،‬غري أن السيميولوجيا هتتم باملؤشرات العرفية سواء أكان العرف ضمنيا‬
‫(تقليد الطفل لوالديه) أم صرحيا (وضع مصطلحات علمية)‪ ،‬فالفرد حسب رأي "بوسنيس" داخل اجملتمع يف‬
‫حاجة إىل اآلخرين‪ ،‬فمن خالل مؤشرات تشري إىل نفسية اآلخر يف حال احلزن مثال‪ ،‬ذلك يعزى إىل السلوك‬
‫اإلنساين الذي يصدره اإلنسان‪ ،‬فمن خالل الكالم ميكن أنستشف احلالة النفسية لآلخرين‪ ،‬ورغبتهم يف‬
‫التواصل‪ ،‬فما مييز اإلنسان عن احليوان أنه يتكلم ويؤشر عن حالته النفسية عن نية قصد‪ ،‬فمثال الطفل واحليوان‬
‫ال ميكننا أن نفهم من أفعاهلما أهنما يرغبان يف التواصل؛ ألن ذلك يدخل يف الطابع الطبيعي وهو ما يسمى‬
‫باملؤشر (سبب يؤدي إىل نتيجة) وال يكون قصديا‪ .‬نقول مثال إن كثرة الضغط قد ينتج عنه اإلنفجار‬
‫(الورداشي‪ ،2017 ،‬ص‪ .)2‬فمثال األستاذ عندما يوحي بتعبرياته ونربة صوته ومالحمه كعالمات ودالالت‬
‫توحي بأنه يف حالة غضب يوحي ذلك للطالب بالتزام الصمت‪.‬‬
‫إن جل احلركات اليت تصدر منا فهي يف حاجة إىل تعليق‪ ،‬فعندما نشري حبركة إىل شخص بعيد هبدف اجمليء‪،‬‬
‫فإننا ندعوه إ ىل التواصل ألن هذا الفعل إرادي‪ ،‬يف حني أن قبضة اخلطيب السياسي‪ ،‬مثال عندما جيمع أصابع يده‪،‬‬
‫فهي تعبري عن حالة نفسية ال واعية‪ ،‬فكل فعل تواصلي يشكل عالقة اجتماعية‪ ،‬وذلك يتم بواسطة الصيغة اليت قد‬
‫تكون نفيا أو إثباتا أو أمرا‪ .‬فنربة الصوت متكن اآلخرين من فهم قصدنا أوال‪ ،‬والرتاتبية االجتماعية ثانيا‪ ،‬إضافة إىل‬
‫أمثلة أخرى تتعلق بأنظمة تواصلية غري لغوية‪ ،‬كإشارات الطريق‪ ،‬وضرب الطاولة كإعالن من األستاذ لفرض الصمت‬
‫أثناء احلصة‪.‬‬

‫لقد حصر السيميائيون السيميائية مبعناها الدقيق‪ ،‬يف دراسة أنساق العالمات ذات الوظيفة التواصلية‪ ،‬وهكذا‬
‫يذهب "مونان" إىل القول بأنه ينبغي من أجل تعيني الوقائع اليت تدرسها السيميائية تطبيق املقياس األساسي القاضي‬
‫بأن هناك سيميوطيقا أو سيميولوجيا إذا حصل التواصل‪ ،‬والتواصل لدى "بويسنس" هو اهلدف املقصود من‬
‫السيميولوجيا‪ ،‬وهذا ما أكده برييطو ينبغي للسيميولوجيا حسب "بويسنس"‪ ،‬أن هتتم بالوقائع القابلة لإلدراك املرتبطة‬
‫حباالت الوعي‪ ،‬واملصنوعة قصداً من أجل التعريف حباالت الوعي هذه‪ ،‬ومن أجل أن يتعرف الشاهد على وجهتها‪...‬‬
‫التواصل يف رأي "بويسنس" هو ما يكون موضوع السيميولوجيا‪ ،‬ومثة أمارات متنوعة كاألمارات العفوية‪ ،‬واألمارات‬
‫‪183‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫العفوية املغلوطة‪ ،‬واألمارات القصدية‪ ،‬حبيث تركز السيميولوجيا تدرس البنيات السيميوطيقية مهما كانت‬
‫وظيفتها(حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪.)25‬‬
‫ولسيمياء التواصل حموران اثنان مها‪ :‬العالمة والتواصل‪ ،‬ويتشعب كل حمور من هذين احملورين إىل أقسام‪ ،‬وهكذا‬
‫ميكن أن ينقسم التواصل السيميائي إىل إبالغ لساين‪ ،‬وإبالغ غري لساين‪ ،‬فالتواصل اللساين يتم عرب الفعل الكالمي‪،‬‬
‫فعند "ديسوسري" البد من متكلم وسامع‪ ،‬باإلضافة إىل تبادل احلوار عرب الصورة الصوتية والصورة السمعية بينما‬
‫التواصل لدى "شينون وويفر" يتم عرب الرسالة من قبل املتكلم إىل املستقبل‪ ،‬وهذه الرسالة يتم تشفريها‪ ،‬فرتسل عرب‬
‫القناة‪ ،‬ويشرتط فيها الوضوح وسهولة املقصدية لنجاح هذه الرسالة قصد أداء وظيفتها‪ ،‬وبعد التسليم يقوم املرسل إليه‬
‫بتفكيك الشفرة وتأويلها‪ ،‬أما التواصل غري اللفظي أو غري اللساين‪ ،‬فيعتمد على أنظمة سننية غري أنساق اللغة‪ ،‬وهي‬
‫حسب "بويسنس" مصنفة حسب معايري ثالثة(حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪:)25‬‬

‫أ‪ -‬معيار اإلشارية النسقية‪ :‬حيث تكون العالمات ثابتة ودائمة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬الدوائر‪ ،‬واملثلثات‪،‬‬
‫واملستطيالت‪ ،‬وعالمات السري‪.‬‬

‫ب‪ -‬معيار اإلشارية الالنسقية‪ :‬عندما تكون العالمات غري ثابتة وغري دائمة على عكس املعيار األول حنو‪:‬‬
‫امللصقات الدعائية‪.‬‬
‫ت‪ -‬معيار اإلشارية‪ :‬حيث العالقة جوهرية بني معىن املؤشر وشكله‪ ،‬كالشعارات الصغرية اليت ترسم عليها مثالً‪:‬‬
‫قبعة‪ ،‬أو مظلة‪ ،‬مث تعلن على واجهات املتاجر دليالً على ما يوجد فيها من البضائع‪.‬‬
‫وميثل هذه السيميولوجيا –سيميولوجيا التواصل‪ -‬كل من‪ :‬برييطو‪ ،‬ومونان‪ ،‬وبويسنس‪ ،‬الذين يعتربون الدليل جمرد‬
‫أداة تواصلية تؤدي وظيفة التبليغ‪ ،‬وحتمل قصداً تواصلياً‪ ،‬وهذا القصد التواصلي حاضر يف األنساق اللغوية وغري‬
‫اللغوية‪ ،‬كما أن الوظيفة األولية للغة هي التأثري يف املخاطب من خالل ثنائية األوامر والنواهي‪ ،‬لكن هذا التأثري قد‬
‫يكون مقصوداً‪ ،‬وقد ال يكون مقصوداً‪ ،‬ويستخدم يف ذلك جمموعة من األمارات واملعينات اليت ميكن تقسيمها إىل‬
‫ثالث (حمدواي‪ ،2015 ،‬ص‪:)45‬‬

‫‪ -11‬األمارات العفوية‪ :‬هي وقائع ذات قصد مغاير لإلشارة‪ ،‬حتمل إبالغاً عفوياً وطبيعياً‪ ،‬مثال‪ :‬لون السماء‬
‫الذي يشري بالنسبة للصياد السمك إىل حالة البحر يوم غد‪.‬‬
‫‪ -12‬األمارات العفوية المغلوطة‪ :‬هي اليت تريد أن ختفي الدالالت التواصلية للغة‪ ،‬كأن يستعمل متكلم ما لكنة‬
‫لغوية‪ ،‬ينتحل من خالهلا شخصية أجنبية‪ ،‬ليومهنا أنه غريب عن البلد‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫‪ -13‬األمارات القصدية‪ :‬هي اليت هتدف إىل تبليغ إرسالية‪ ،‬مثل عالمات املرور‪ ،‬وتسمى هذه األمارات القصدية‬
‫أيضاً بالعالمات‬
‫ثانيا‪ :‬عالقة األستاذ الجامعي بالطالب‪ :‬دراسة اسقاطية للمنهج السيميولوجي‪:‬‬
‫يعترب البحث من منظور سيميولوجي للقضايا اإلنسانية ركيزة مهمة لدراسة احلياة داخل الوسط اجلامعي‪ ،‬ألهنا‬
‫تساعدنا على فهم السلوك اإلنساين واالجتماعي بصفة عامة‪ ،‬فالسيمولوجيا كمنهج مهم للكشف عن احلقائق‬
‫والتصورات اليت نطرحها دائما‪.‬‬

‫إن حماولة فهم العالقة القائمة بني األستاذ والطالب باعتبارها أهم عالقة داخل الوسط اجلامعي‪ ،‬باالعتماد على‬
‫املنهج السيميولوجي‪ ،‬سيكون مفيد على اعتبار أنه يقدم شرحا ملختلف التفاعالت الداللية واللغوية‪ ،....‬وهو ما‬
‫يساعد على تقدمي تصور يسهم يف تطور هذا الوسط االجتماعي املهم‪ ،‬من خالل السعي لتحقيق تواصل إجيايب بني‬
‫خمتلف الشرائح‪.‬‬

‫يف هذا اإلطار يقول ديكورت ‪ ،Decorte‬إن الفصل كما كان يتم فيه فعل التعليم‪-‬التعلم‪ ،‬ليس جمرد جتميع‬
‫جملموعة من األفراد (أستاذ‪-‬طلبة) يساهم كل منهم حبصته الفردية‪ ،‬بل إنه أوال وقبل كل شيء عبارة عن كلية متارس‬
‫ضمنها تأثريات متبادلة بني أعضائه‪ ،‬فاألستاذ والطلبة على حد سواء يكونون حقل تفاعالت اجتماعية‪ ،‬ويقيمون‬
‫شبكة من العالقات الوجدانية وعالقات اجنذاب وتنافر وتعاطف وكراهية‪ ،‬وحتدد بنية ذلك احلقل يف ذات الوقت‬
‫الطريقة اليت يشارك هبا كل من األستاذ والطلبة يف عملية التعليم‪-‬التعلم"‪ ،‬ويف السياق يتضح بأن عملية حتديد مفاهيم‬
‫العالقة والتواصل وكذا التفاعل والكشف عن ترابطهما وتداخلها‪ ،‬عملية جد هامة يف موضوع دراسة أية عالقة بني‬
‫طريف العملية التعليمية‪ ،‬وهي أدوات إجرائية هامة متكننا الحقاً إضافة إىل مفاهيم أخرى‪ ،‬من فهم العالقة الرتبوية‬
‫أستاذ‪/‬طالب (شعبان‪ ،2011 ،‬ص‪.)11‬‬
‫‪ -1‬وهناك مناذج عديدة من تصنيفات العالقة الرتبوية تبني مدى التمايز بني تلك املعايري‪ ،‬نذكر أمهها فيما يلي‬
‫(شعبان‪،2011 ،‬ص ‪:)12‬‬
‫األول‪ :‬تصنيف "دينو"‪ :‬حيث مييز بني أشكال أربعة من العالقات أستاذ‪/‬طالب‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ -1‬العالقة اليت يكون فيها فعل األستاذ متمركزاً حول ذاته حبيث يتحدد دوره يف تقدمي املعرفة‪.‬‬
‫‪ -2‬العالقة اليت يتمركز فيها الفعل التعليمي حول الطالب‪ ،‬وهنا يكتفي األستاذ بإعادة بناء املعرفة والقيام بدور‬
‫املرشد واملنشط‪.‬‬
‫‪185‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫‪ -3‬العالقة اليت يؤدي فيها األستاذ دور "احملفز"‪ ،‬إذ يسهل سريورة التعليم‪ -‬التعلم من غري أن يوجهه أو يشارك‬
‫فيها ويستجيب لطلبات املتعلمني‪ ،‬أي الطلبة‪.‬‬
‫‪ -4‬العالقة اليت يصبح فيها األستاذ متعلماً‪.‬‬

‫ويتجلى األساس الذي يقيم عليه "دينو" تصنيفه هذا من خالل اعتباره أن تصور األدوار اليت يقوم هبا األستاذ‬
‫والطلبة يف إطار العالقة الرتبوية ليس جمرد مسألة منهجية؛ بل هو أيضاً قضية سياسية تربوية ليس جمرد مسألة منهجية؛‬
‫بل هو أيضاَ قضية سياسية تعليمية‪ ،‬حيث أن السياسة التعليمية املعتمدة يف جمتمع ما توجه يف نظره‪ ،‬بفضل مؤسساهتا‬
‫وتنظيماهتا عالقات األساتذة باملتعلمني‪ ،‬لكن دون التدخل فيها بشكل مباشر وحتديدها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تصنيف "جان ديكلو ‪ :"Duclos‬فهو يرى أن العالقات أستاذ‪ -‬طالب تتخذ أشكاالً ثالثة أساسية‪،‬‬
‫هي‪:‬‬

‫‪ -1‬العالقة اليت يكون فيها املدرس هو الفاعل األساسي‪ ،‬وتقوم على أساس ترويض الطالب اعتماداً على قيم‬
‫السلطة والنظام واالمتثال‪ ،‬هلذا فهي تتصف باألبوية‪.‬‬
‫‪ -2‬العالقة اليت حتتل فيها املادة الدراسية مركز الفعل التعليمي‪ ،‬وقيمها األساسية هي العقالنية‪ ،‬والفعالية‪،‬‬
‫وتتصف بكوهنا ذات طابع "تقين"‪.‬‬
‫‪ -3‬العالقة اليت يكون االهتمام األكرب فيها موجهاً حنو املتعلم أو الطالب‪ ،‬ومبدئها األساسي احرتام شخصيته‬
‫وتثبيت قيم احلرية واالستقاللية واإلبداعية لديه‪ ،‬هلذا تتسم هذه العالقة بالتلقائية وتبىن على تعامل شورى‬
‫أو دميقراطي باملصطلح العصري‪ ،‬إن االختالف بني هذه األشكال من العالقات أستاذ‪/‬طالب يستند يف‬
‫رأي "جان ديكلو" إىل اختالف التصور املقام عن اجلامعة أو املؤسسة الرتبوية ووظيفتها االجتماعية وعن‬
‫مواصفات اإلنسان املراد تكوينه من خالهلا‪ ،‬إذ أن هناك حالياً؛ حسب اعتقاده‪ ،‬ثالثة تصورات أساسية‬
‫عن اجلامعة‪ :‬التصور الذي يرى أن عليها أن تعطي األولوية للمعطى الثقايف يف احلفاظ على إرث املاضي‬
‫وإعادة إنتاجه وحفظ التوازن االجتماعي‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫الثالث‪ :‬تصنيف "حانون" ‪ :Hanoun‬ومييز "حانون" هنا بني شكلني أساسيني مها‪:‬‬

‫‪ -1‬عالقة متمركزة حول األستاذ أو املدرس‪ ،‬وتتسم حسب تعبريه بتوجيهية كاملة‪ ،‬إذ يتدخل األستاذ يف أدىن‬
‫حدث أو حركة يقوم هبا الطالب‪ ،‬مما جيعل من "املتعلم" جمرد متلق سليب ملا يقدمه "املدرس"‪ ،‬ويقوم هذا‬
‫املوقف على جتاهل شبه كامل "للمتعلم" مما خيلق لديه عدوانية وقلقاً يرمي به يف موقف دفاعي‪.‬‬
‫‪ -2‬عالقة متمركزة حول "املتعلم‪ ،‬ويصفها "باالنتظارية"‪ ،‬وتقوم على أساس موقف غري توجيهي كلي‪ ،‬حبيث‬
‫ترتك مجيع املبادرات يف يد "املتعلمني"‪ ،‬مما يؤدي يف هذه احلالة إىل أن يتكون لدى "املتعلم" نوع من عدم‬
‫التوازن وميل حنو عدم احلسم‪.‬‬

‫وينطلق "حانون" يف تصنيفه هذا من أن العالقة أستاذ‪ /‬طالب تتأثر بعمق مبا ختلقه الوضعية التعليمية ذاهتا من‬
‫تناقضات وجدانية سواء لدى املدرس أو لدى املتعلمني‪ ،‬مما يكون له انعكاس مباشر على "األسلوب" الرتبوي الذي‬
‫يعتمده املدرس‪ ،‬وبالتايل على مواقفه العالئقية داخل الفصل‪ ،‬وتؤدي تلك التناقضات الوجدانية اليت يعيشها املدرسون‬
‫إىل عدم توازن العالقة الرتبوية اليت يقيموهنا مع طلبتهم‪ :‬فهم إما يركزون على اجلانب الوجداين فيها‪ ،‬فيقيمون بالتايل‬
‫عالقات شخصية وجدانية معهم‪ ،‬وإما أن خيضع سلوكهم الرتبوي ملتطلبات املؤسسة ومقتضيات الوظيفة املنوطة هبم‪،‬‬
‫فيتسم بالتايل بالالشخصية وباختاذ قرارات عقالنية‪ ،‬وهذا ما يؤدي إىل إفراز الشكلني املشار إليهما من العالقة الرتبوية‬
‫(شعبان‪ ،2011،‬ص‪.)14‬‬
‫ميكن بصفة عامة التمييز بني شكلني أساسيني للعالقة الرتبوية (شعبان‪ ،2011،‬ص ‪:)15‬‬
‫* عالقة تندرج ضمن النموذج الرتبوي التقليدي ومن بني مميزاهتا مركزية األستاذ‪ -‬امتالكه وممارسته لسلطة شبه‬
‫مطلقة‪ -‬األستاذ مصدر املعرفة‪ -‬الطالب جمرد طرف سـليب يتلقـى املعرفـة ومتارس عليه سلطة األستاذ‪ -‬التفاعالت‬
‫ذات اجتاه وحيد أي من املدرس حنو الطالب‪.....‬‬
‫* عالقة تربوية تندرج ضمن النموذج الرتبوي احلديث أو الرتبية احلديثة ومن بني مميزاتـه‪ :‬الطالب (فرد أو مجاعة)‬
‫هو مركز فعل التعليم‪-‬التعلم‪ ،‬األستاذ جمرد موجه أو مرشد‪ -‬املعرفة ناجتـة عن نشاط الطالب ومرتبطة بانشغاالته‬
‫وليست صادرة عن األستاذ‪ -‬التفاعالت عامة وشاملة أي تتم بني الطلبة يف أغلب األحيان وبينهم وبني األستاذ‪...‬‬
‫‪ -2‬المدخل اإلبداعي إلعداد األستاذ في العصر الحديث‪ :‬لقد استخدم "جون ديوي" املصطلح ليشري بـه‬
‫إىل عناصـر اخلـربة "التدبريـة " و"اإلبداعية" اليت يهدف إىل حتقيقها‪ ،‬وينظر "ديوي" إىل مفهوم "التدبر" باعتباره نتاجا‬
‫للتفـاعالت بني األفراد والسياقات اليت يعملون فيها‪ ،‬وبالتايل فإن "التدبر" يزيد من قدرتنا على بناء مـداخل جديدة‬

‫‪187‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫يف إعداد األستاذ واملعلم‪ ،‬تستجيب هذه القدرة لطبيعة التدريس التفاعلية‪ ،‬ويشري مفهوم التعليم اإلبداعي بشكل عام‬
‫إىل الرغبة يف االستغراق يف عملية تقومي ومنو ذاتيني وهذه العملية تتضمن املرونة والتحليل اجلاد والوعي االجتماعي‪،‬‬
‫ويتعارض التعليم "اإلبداعي" مـع العمل الروتيين الذي حتكمه التقاليد والعادات والسلطة والتعريفات والتوقعات‬
‫املؤسسية‪ ،‬ومـن مث فإن األستاذ املبدع يف حاجة إىل أن يتوافر له ثالث خصائص (شعبان‪ ،2011،‬ص ‪:)32-24‬‬
‫‪ -3‬االنفتاح العقلي يف التعامل مع خمتلف اآلراء والنظريات‪.‬‬
‫‪ -4‬حتمل املسؤولية واالستعداد للخضوع لسلطة العقل ‪.‬‬
‫‪ -5‬االلتزام الصادق ‪.‬‬
‫إن احلديث عن املدخل اإلبداعي ألستاذ التعليم العايل يفضي إىل التواصل اإلجيايب عرب فهم واعي لسيميولوجيا‬
‫التواصل‪ ،‬اليت هتدف إىل حتقيق تفاعل وتأثري إجيايب بني الطرفني من خالل الفهم الصحيح للعالمات والدالالت‬
‫الصادرة عن كل طرف من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى حماولة تصويب هذا التواصل السيميولوجي مبا خيدم اهلدف‬
‫التعليمي‪.‬‬
‫ليس مثة اتفاق بني الباحثني حول مفهوم التعليم اإلبداعي‪ ،‬حيث تتعدد هذه املفاهيم بـني املدارس الفكرية اليت‬
‫ينتمون إليها‪ ،‬فهناك التعليم اإلبداعي الرباغمايت أو الذرائعي‪ ،‬وهنـاك أيضـا التعليم اإلبداعي القائم على املعلومات‪،‬‬
‫وغريه القائم على العقالنية الفنيـة‪ ،‬واملفـاهيم األخـرى النقدية‪ ،‬ومن املنظور النقدي فإ ّن التعليم اإلبداعي يتضمن‬
‫اسرتاتيجيات وأسـاليب للتعامـل مـع اخلصائص املتشابكة للمواقف التعليمية‪ ،‬وهو ما يسميه "سكوين" (إبداع‪-‬أثناء‪-‬‬
‫الفعل)‪ ،‬وبالتـايل فإن التعليم ليس جمرد سلسلة من األنشطة الفنية احملددة واملخططة‪ ،‬ولكنه عملية إبداع فين‪ ،‬وفعـل‬
‫حدسي تلقائي خالق‪ ،‬كما أنه مشروع أخالقي يتطلب تفكريا نقديا لتطوير نظريات موقفية حول التعليم اجليد‪،‬‬
‫واستنادا إىل آراء "سكوين" تتحدد لدينا عشرة مبادئ ميكن على ضـوئها فهـم التعلـيم اإلبداعي‪ ،‬وهي ‪1:‬‬

‫‪ -1‬أنه ين بغي فهم التعليم اإلبداعي على أنه نوع من أنواع اخلطاب‪ ،‬مبعىن أنه يوحي بالكثري من املعاين‪،‬‬
‫واألحكام والقصص اليت ميكن يف ضوئها إنتاج رؤية جديدة لألحداث‪.‬‬

‫‪ -2‬أ ّن اخلربة والتجربة هي اليت متنح التعليم اإلبداعي القدرة على العمل‪ ،‬فإبداعنا ألمر مـا يعين خربتنا بكل‬
‫العناصر املكونة له‬

‫‪ -3‬أ ّن التعليم اإلبداعي يعين إعادة النظر مرة أخرى يف القيم واملمارسات اليت نظـن أهنا أصبحت من املسلمات‬
‫أو األمور البديهية‬
‫‪188‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫‪ -4‬أ ّن التعليم اإلبداعي خيتص مبعرفة كيف نفكر ألنفسنا‪ ،‬ومبعىن كيف نصف ونفسر ونربر ممارساتنا التعليمية‪.‬‬

‫‪- -‬أنه ينبغي فهم التعليم اإلبداعي على أنه موقف حبثي شامل‪ ،‬فهو ليس جمرد جمموعة مـن طرق البحث‬
‫جلمع املعلومات والرباهني حول املمارسات التعليمية‪ ،‬إنه عملية إبداع شاملة تعتمـد أحيانا على هذه األدوات‬
‫بالطبع كوسيلة للوصول إىل تكوين رؤية إشكالية لعملييت التعليم والتعلم‬
‫‪- -‬أ ّن ال تعليم اإلبداعي عملية هادفة‪ ،‬فاإلبداع يؤدي إىل إنتاج املعرفة حول حتسني وتطوير العملية التعليمية‪،‬‬
‫فاهلدف هو تكوين بناء معريف تتم يف إطاره اإلصالحات التعليمية‬
‫‪- -‬أ ّن التعليم اإلبداعي ال يتم إال بواسطة أفراد ميكن وصفهم بأهنم مفكـرون نقـديون‪ ،‬ميتلكون اللغة‪ ،‬واحلجج‪،‬‬
‫واملهارات والقدرة اليت متكنهم من تغيري الوضع الراهن من أجل حتسـني نوعية التعليم‪.‬‬
‫‪- -‬أ ّن التعليم اإلبداعي هو طريقة حلل رموز أو تفسري اإلطار العام للممارسات التعليميـة اليت تبدو كبديهيات‬
‫مسلم هبا‬
‫‪- -‬أ ّن التعليم اإلبداعي حيتل موقع القلب بالنسبة لفكرة ربط النظرية بالتطبيق ‪.‬‬

‫‪ -10‬أ ّن التعليم اإلبداعي حيتل موقعا تتالقى عنده الطرق املتعددة للمعرفة‪ ،‬واإلطار العـام الذي حيتل فيه التعليم‬
‫اإلبداعي موقع املركز هو إطار ما بعد احلداثة وأساليبها املعرفية ويف مقدمتها البنيوية االجتماعية‪ ،‬وهي اليت تعني‬
‫األستاذ املبدع على بناء فهمه لقدرتـه الرتبويـة والتعليميـة‪ ،‬وتساعده على تفسري الفعل اإلنساين ومن مث توجيهه‬
‫الوجهة املرغوبة (شعبان‪ ،2011 ،‬ص ‪.)28‬‬

‫وبذلك فالتعليم اإلبداعي يعتمد على ترشيد الفعل واخلطاب التعليمي‪ ،‬انطالقاً من كون كل فعل أو خطاب‬
‫لغوي وغري لغوي يتجاوز الداللة إىل اإلبالغ والقصدية الوظيفية‪ ،‬ميكننا إدراجه ضمن سيميولوجيا التواصل‪ ،‬وكمثال‪:‬‬
‫عندما يستعمل األستاذ داخل القسم جمموعة من اإلشارات اللفظية وغري اللفظية املوجهة للطالب ليؤنبه أو يعاتبه‬
‫على سلوكاته الطائشة‪ ،‬فإن الغرض منها هو التواصل والتبليغ (حمداوي‪ ،2015 ،‬ص ‪)45‬‬
‫لقد اجت هت العديد من اجلامعات للتخلي عن املداخل التقليدية يف إعداد األستاذ‪ ،‬وبـدأت يف إعادة تصميم‬
‫مداخل جديدة متاما تؤدي إىل إدخال املمارسات اإلبداعية يف كل جوانـب خـربة الطالب‪ ،‬ومن بني هذه اجلامعـات‬
‫علـى سـبيل املثـال ال احلصـر جامعـة "كونيكتيكـت" األمريكية اليت طورت ونفذت برناجما للممارسة اإلبداعيـة يف جمـال‬
‫إعـداد األستاذ على مستوى الدرجة اجلامعية األوىل‪ ،‬وكذلك درجة املاجستري‪ ،‬ويربط هذا الربنامج بـني النظرية والتطبيق‪،‬‬

‫‪189‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫وذلك من خالل استخدام مراكز التنمية املهنية للمعلمني‪ ،‬واالستخدام املكثـف حللقات البحث صغرية العدد من‬
‫أجل إتاحة الفرصة للطلبة يف التعلم حتت إشراف أعضـاء هيئـة التدريس وتوجيههم‪ ،‬ومع انتشار فكرة التعليم اإلبداعي‬
‫أخذت مؤسسات إعداد األستاذ يف كـثري مـن الـدول املتقدمة‪ ،‬وبصفة خاصة الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬يف إدخال‬
‫اإلبداع كعنصر مكون من عناصـر برامج إعداد األستاذ وتدريبه‪ ،‬وذلك يف شكل نشاط يقوم على العالقة اجلدلية بني‬
‫الفعل الفـردي وبني السياق الثقايف الذي يعمل فيه‪ ،‬فالتعليم خربة معاشة متارس ضغوطها على املعلم الذي جيب أن‬
‫يكون مهيئاً للتعامل مع املفاجآت يف الفصل الدراسي واألحداث اليومية اليت ال تستطيع التنبـؤ هبا‪ ،‬وكذا للتأثري الفعال‬
‫يف الطلبة بشكل يستجيب معها املتعلم بتلقائية لشخصية األستاذ‪ ،‬حنو تصور جديد لدور األساتذة اجلامعيني لتطوير‬
‫التواصل مع الطلبة وتعزيز القيم لديهم بعيدا عن الرؤية التقليدية للعالقة بني األستاذ والطالب‪ :‬ميكن القول بأ ّن الرؤية‬
‫الثابتة اليت ال ميكن احلياد عنها‪ ،‬هي املكانة الكبرية الـيت حيتلـها "األستاذ" يف العملية الرتبوية‪ ،‬واليت تستوجب الرتكيز‬
‫عليها سواء مـن خـالل التكـوين الواجب عمله لألساتذة‪ ،‬أو من خالل ما يراد أن تعزيزه للطلبة عرب املناهج التعليمية‬
‫أو األهـداف الرتبوية اليت ترمسها السياسات واالسرتاتيجيات يف هذا اجملال‪ ،‬من الواضح أن التشريعات الرمسية املتعلقة‬
‫بأهداف التعليم اجلامعي على املستويات القطرية واإلقليمية والدولية تنص – ولو بدرجات متفاوتة‪ -‬على أن للقيم‬
‫موقعا مهما يف هذا التعليم‪ ،‬ويتناغم ذلك مع ما تفيده مراجعة األدبيات املتخصصة باألبعاد القيمية واألخالقية للتعليم‬
‫اجلامعي‪ ،‬سواءً الكتب املنهجية‪ ،‬أو حبوث الدوريات العلمية وأعمال املؤمترات ووثائق اجلامعات‪ ،‬حيث تؤّكد على أن‬
‫البعد األخالقي من عمل اجلامعة كان دوما مصدر قوهتا وإنتاجيتها‪ ،‬وأ ّن هذا البعد نفسه أصبح يف العقود األخرية‬
‫مصدر ضعفها وتدهورها(شعبان‪ ،2011 ،‬ص ‪.)28‬‬

‫لقد ظهرت العديد من الوسائل واألوساط اليت تتناول عمليات التواصل مع أطياف اجملتمع حبسب كل جمال‬
‫تواصلي‪ ،‬واليت منها األسلوب "اإلعالمي" احلديث الذي تستخدمه الوسائل اإلعالمية يف التعامل والتواصل مع‬
‫اجلمهور‪ ،‬الذي أثبت جناعته إىل حد كبري يف التأثري على الناس وتعزيز بعض املفاهيم اليت تريد متريرها‪ ،‬فاألستاذ‬
‫اجلامعي أصبح اليوم يف حاجة إىل االحتكاك أكثر بالواقع‪ ،‬وال عيب البتة أن يعمد إىل التجارب احلديثة يف عمليات‬
‫التواصل أو يف االستفادة من بعض املعارف اجلديدة اليت ختتص بتشريح وتأصيل التعامل مع الناس واجلماعات‪ ،‬من‬
‫أجل التكوين على طريقة التأثري يف الطلبة وتعزيز القيم لديهم‪ ،‬حيث أ ّن هناك بعض املفاهيم اجليدة اليت بدأت حتتل‬
‫حيزا مهما يف العصر احلايل‪ ،‬ومن أمثلة ذلك تلك الربامج املهتمة بالتنمية البشرية‪ ،‬وتنمية مهارات التواصل والتأثري‪،‬‬
‫والربجمة اللغوية العصبية اليت تطرح اسرتاتيجيات وتصنع أسسا قوية لتنمية وتطوير املتكونني على مستوى االجتاه‬

‫‪190‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫والسلوك والتأثري فيهما بشكل إجيايب‪ ،‬غري أن ما جاءت به الدراسات اإلعالمية والسيميولوجية هو من أجود ما قد‬
‫يستفيد منه األستاذ اجلامعي يف هذا اجملال (شعبان‪ ،2011 ،‬ص ‪.)29‬‬

‫يف هذا اإلطار يعرب ‪ ،mabille alber‬يف كتابه ‪ ،profiles de profs‬بالقول‪ " :‬كعديد من األساتذة‬
‫تساءلت حول املعاين املعطاة هلذه املهنة‪ ،‬سوى بالنسبة يل أوللطلبة واجملتمع‪ ،‬وما املقصود بالتدريس؟‪...‬ما هي املعارف‬
‫والقدرات األساسية اليت أرغب يف إكساهبا لطلبيت؟ أي النشاطات اليت جيب القيام هبا لتسهيل اكتساب هذه القدرات‬
‫األساسية اليت أرغب يف إكساهبا لطلبيت؟ أي النشاطات اليت جيب القيام هبا لتسهيل اكتساب هذه القدرات؟ منهجييت‬
‫يف التقييم الطلبة على أي أساس ترتكز؟ يف األخري ما هي الغاية املنشودة من فاعلية عملي هذا؟ ما هو دوري يف‬
‫القسم‪ ،‬الصف؟ أي منط تواصلي على بنائه مع طالبيت؟ أي مفهوم أمحله عن التكوين العلمي‪ ،‬األكادميي؟ كيف‬
‫ميكن الربط بني النظري والتجريب؟ كيف ميكن التجسيد للنظري وتنظري التطبيقي؟ أي وسيلة ميكن اعتمادها لكسر‬
‫اإلحساس بالعزلة؟ ‪ ،‬باإلضافة إىل األسئلة التالية‪ :‬من أين يبدأ؟ ما هي وسيلة الضبط املناسبة؟ وما هي طريقة التدريس‬
‫املناسبة؟ وكيف يتم إثارة دافعية الطلبة؟ وكيف يتم التخطيط للدرس؟ وما طريقة التقومي املناسبة؟ (سناني‪،2012 ،‬‬
‫ص‪ ، )16‬كل هذه األسئلة تندرج ضمن سياق سيميولوجي تواصلي بني األستاذ والطالب‪ ،‬حول كيفية القدرة على‬
‫إيصال فكرة أو فعل لتأثري يف الطرف األخر‪ ،‬وكيف سيتقبل ويفسر الطرف املتلقي كل عالمة وداللة وإشارة لغوية‬
‫وغري لغوية يف دورة متثل دورة التعليم بني األستاذ والطالب ضمن الوسط اجلامعي‪.‬‬

‫لقد كان دور اجلامعة يف ضوء الفلسفة الرتبوية القدمية‪ ،‬مقتصرا على استقبال الطالب وتزويده باملعارف واملعلومات‪،‬‬
‫اليت تنمي اجلانب املعريف لديه فقط‪ ،‬وتكون عبارة عن عملية حشو منظمة‪ ،‬وخمطط هلا للمعلومات يف ذهن الطالب‬
‫دون االهتمام باجلوانب األخرى يف شخصيته على الرغم من أمهيتها الكبرية خللق وبناء الشخصية املتكاملة له ليكون‬
‫عنصرا اجت ماعيا فاعال ومؤثرا يف حميطه والوسط الذي يعيش فيه‪ ،‬وبالتايل يف جمتمعه الذي ينتمي إليه‪ ،‬ومن العناصر‬
‫األساسية لتحقيق هذا الغرض هو األستاذ اجلامعي الذي يكون له الدور الكبري واملميز يف تكوين شخصية الطالب‬
‫املعرفية وتنمية مواهبه العلمية والثقافية بدرجة كبرية ومؤثرة‪ ،‬ألن الطالب وخاصة وهو يف مرحلة الشباب يكون متأثرا‬
‫كثريا بشخصية األستاذ اجلامعي الذي ينهل منه املعلومات العلمية‪ ،‬وبذلك قد جيعله قدوة حسنة يقتدي هبا ويهتم‬
‫أصيال من املعلومات اليت ينبغي‬
‫مبا يقوله له ويزوده من معلومات أثناء احملاضرة‪ ،‬فالطالب يعترب األستاذ اجلامعي منبعا ً‬
‫االستفادة منه واستغالله بأفضل صورة لبناء شخصيته يف اجلانب املعريف وحىت األخالقي‪ ،‬وهنا يأيت دور األستاذ‬
‫اجلامعي يف حتقيق هذا اهلدف من خالل استخدامه طرائق تدريسية ذات كفاءة وفعالية وتكون مشوقة‪ ،‬واالستفادة‬

‫‪191‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫من التقنيات التعليمية احلديثة وأحدث االبتكارات العلمية ملساعدته يف إيصال املادة العلمية إىل ذهن الطالب بأفضل‬
‫صورة وأسرعها ومساعدته على االحتفاظ هبا ألطول مدة ممكنة‪ ،‬وإمكانية االستفادة منها يف حل املشكالت املستقبلية‬
‫اليت تواجهه(شعبان‪ ،2011،‬ص‪.)32‬‬

‫يعد التدريس من أهم الوظائف اليت ارتبطت بالتعليم اجلامعي منذ نشأته؛ فهو نشاط ميارسه أستاذ اجلامعة هبدف‬
‫السعي لتحقيق عملية التعليم‪ ،‬يتم عن طريق نقل املعارف واخلربات‪ ،‬وتنمية املهارات وامليول‪ ،‬واكتساب القيم‪،‬‬
‫واكتشاف املواهب‪ ،‬واالطالع على كل جديد‪ ،‬وتنمية العادات الصحية وفلسفة احلياة للطالب؛ مما يسهم يف تطوير‬
‫ا لقوى البشرية‪ ،‬ورفع كفاءهتا‪ ،‬وتنمية قدرهتا؛ لتهيئتها ألعمال ونشاطات متعددة جملاالت العمل‪ ،‬ولكي ميارس أستاذ‬
‫اجلامعة وظيفة التدريس على الوجه األكمل ينبغي عليه أن يكون متمكناً يف جمال ختصصه‪ ،‬واسع االطالع؛ لكي يلم‬
‫بأحداث النظريات والتطبيقات يف جمال ختصصه‪ ،‬يعرض موضوعات الدرس بطريقة واضحة ومنطقية‪ ،‬يراعي الفروق‬
‫الفردية بني الطالب‪ ،‬ويستخدم –يف شرحه‪ -‬ألفاظاً واضحة وحمددة‪ ،‬كما يعمل على توفري املناخ املالئم لنجاح‬
‫العملية التعليمية‪ ،‬والذي يتضمن التوجيه واإلرشاد والعالقات اإلنسانية‪ ،‬واستخدام وسائل تعليمية‪ ،‬ويربط بني اجلوانب‬
‫التطبيقية والنظرية‪ ،‬ويلتزم باألسلوب الشوري يف املناقشة واحلوار‪ ،‬ويتقبل اآلراء العلمية املعارضة‪ ،‬ويراعي الظروف‬
‫االجتماعية واالقتصادية للطالب‪ ،‬ويثري محاس الطالب للدرس واملناقشة باستخدام أساليب متنوعة يف التدريس تقوم‬
‫على استخدام تقنيات املعلومات احلديثة والرتكيز على التعليم الذايت والتفكري‪ ،‬واإلبداعي التحليلي (سناني‪2012،‬‬
‫ص‪.)59‬‬

‫وهنا ويف إطار التحليل السيميولوجي للعالقة بني الطالب واألستاذ‪ ،‬جند أن األستاذ قد يلجأ إىل فعل‬
‫سيميائي أو خطاب يف عالقته مع الطالب لتعبري عن حالة أو فكرة معينة‪ ،‬ولكن إذا مل يستطيع توصيل ما‬
‫يريد‪ ،‬وأراد تغيريه فإنه يلجأ إىل سلوكات تكون مؤشرا إلخبار اآلخرين عن احلاالت اليت يريدهم أن يفهموها‪،‬‬
‫ذلك أن التأثري يف الطالب يكون من خالل التصرفات‪ ،‬والسلوكيات‪ ،‬واألفعال أكثر من التواصل غري مستند‬
‫للسلوك وفعل‪.‬‬
‫إن الفعل السيميائي حيمل داللة معينة‪ ،‬جتعله يكون فعال للتواصل‪ ،‬ذلك أن كل فعل سيميائي حيتاج دائماً‬
‫نوعاً من التجسيد على أرض الواقع ليؤدي دوره املطلوب‪ ،‬فجملة مثل‪:‬‬
‫"املطر يهطل" قد تقصد الزوجة مقاصد مثل‪" :‬خذ معطفها"‪" ،‬ال خترج"‪ ...‬إخل‪ ،‬إال أن ما يهم اللساين يف‬
‫هذه احلال أن املطر يهطل‪ ،‬أما األسباب اليت جعلت الزوجة تتحدث فإهنا ال هتم اللساين‪ ،‬إمنا ستكون من‬
‫اهتمام التداويل الذي يبحث يف سياق وظروف القول ونفسية صاحب القول‪ ،‬وإذا ألقى أستاذ حماضرة يف‬

‫‪192‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫موضوع معني وطلب أن يكرر الفعل نفسه‪ ،‬فإنه لن يكرر احملاضرة األوىل بشكل دقيق‪ ،‬ولكن احلاضرين لن‬
‫جيدوا أدىن اختالف بني الفعل األول والفعل الثاين‪ ،‬ألهنم أخذوا اخلصائص املشرتكة بني الفعلني‪ ،‬ومن مث‬
‫يعممون ذلك يف أذهاهنم‪ ،‬ألن التجريد هو التعميم‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يف ختام هذه الورقة البحثية ميكن حتديد أهم االستنتاجات اليت مت التوصل إليها حول موضع إشكالية‬
‫التواصل يف الوسط اجلامعي‪ :‬دراسة سيميولوجية لعالقة األستاذ‪/‬الطالب‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -6‬تستند عالقة األستاذ‪/‬الطالب يف الوسط اجلامعي على جمموعة من احملددات التفاعلية اليت يسعى من‬
‫خالهلا الطرفني للتواصل فيما بينهما بغية تأدية وظيفته‪ ،‬فاألستاذ يقوم بوظيفته اإلرسالية عرب تقدمي جمموعة من‬
‫املعلومات واألفكار والسلوكيات‪ ،‬يف حني أن الطالب الذي يتلقى هذه الرسالة مبختلف عالماهتا ودالالهتا‬
‫اللغوية واللفظية وغري اللفظية يسعى لتفسريها مبا يتوافق وإدراكاته املختلفة‪ ،‬لريد بدوره على هذه الرسالة بشكل‬
‫لغوي وغري لغوي يف عملية تغذية اسرتجاعية‪ ،‬هذه األخرية اليت تعترب عملية مهمة بني الطرفني‪ ،‬فكلما كان‬
‫الفهم السيميولوجي التواصلي اجيايب وصحيح كلما كانت املخرجات ترقى لتحقيق تفاعل إجيايب‪ ،‬وبالتايل‬
‫احلصول على خمرجات ختدم الوظيفة التعليمية‪ ،‬لتحقيق أداء متميز ذو كفاءة عالية‪.‬‬
‫‪ -7‬إن املعضلة التواصلية يف األوساط اجلامعية‪-‬املمثلة يف هذه الدراسة يف عالقة األستاذ‪/‬الطالب‪ ،-‬هي‬
‫إشكالية فهم مزدوج بني طريف االتصال‪ ،‬فهم إجيايب وسليب يف الوقت ذاته بني الطرفني‪ ،‬فكلما استطاع املرسل‬
‫تبليغ مقصده بصورة صحيحة‪ ،‬يف مقابل تفسري هذه الرسالة من قبل املتلقي بشكل يتواءم ومقاصد املرسل‪،‬‬
‫كلما حققت هذه العملية التواصلية مقاصدها‪ ،‬وتفادى الطرفني الدخول يف هذه املعضلة‪.‬‬
‫ويف األخري ما ميكن اإلشارة إليه هو أنه‪ ،‬جيب أن تكون العالقة بني األستاذ والطالب ودية ألقصى درجة‪،‬‬
‫وتؤكد وترمي إىل التفاعل االجيايب الذي يساعد الطالب على تقبل األستاذ واملادة والقدرة على اإلبداع والتفوق‪،‬‬
‫حيث تعتمد هذه العالقة النموذجية على األخذ والعطاء واالحرتام املتبادل‪ ،‬والفهم والتوظيف اجليد ملختلف‬
‫األفعال والسلوكيات والعالمات والدالئل من الطرفني للوصول إىل هذا التفاعل واالتصال االجيايب الذي خيدم‬
‫الوظيفة التعليمية‪.‬‬
‫أما عن أهم التوصيات اليت ميكن تقدميها يف إطار هذه الدراسة هي كالتايل‪:‬‬
‫‪ -‬إىل اجلهات املعنية بصنع القرار يف الوسط اجلامعي سواء تعلق األمر بالوزارات املعنية أو برؤساء اجلامعات‬
‫وخمتلف التنسيقيات واألجهزة التابعة للجامعة‪ ،‬العمل على تنظيم جمموعة من الدورات التكوينية يشرف‬

‫‪193‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫عليها خرباء يف سيمولوجيا التواصل‪ ،‬يف فرتات خمتلفة يكون هدفها األساسي السعي إلمداد األستاذ‬
‫اجلامعي مبختلف طرق التواصل الفعالة‪ ،‬واألدوات اليت ميكن استعماهلا لتحقيق تأثري إجيايب على الغري‪-‬‬
‫الطالب‬
‫‪ -‬جيب على املؤسسات اجلامعية تبين مناهج تعليمية‪ ،‬هتدف لتحديد حدود وآليات التواصل بني األستاذ‬
‫والطالب‪ ،‬وهو ما يضمن معرفة كل طرف ملقاصد الطرف اآلخر‪ ،‬مما يسهل العملية التواصلية والتعليمية‪ ،‬ليؤدي‬
‫ذلك بدوره لتحسني املخرجات التعليمية‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫المجلد (‪- )02‬العدد(‪– )01‬جوان ‪2019‬‬ ‫المجلة الجزائرية لبحوث اإلعالم والرأي العام‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫بنكراد‪ ،‬سعيد‪ .)2015( .‬السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاهتا‪ .‬اجلزائر‪ :‬منشورات االختالف‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫بونوة‪ ،‬علي‪" .)2016( .‬العالقات اإلنسانية وأثرها على الرضا الوظيفي‪ :‬دراسة حالة لعمال صندوق‬ ‫‪.2‬‬
‫الضمان االجتماعي‪-‬وكالة اجللفة‪ ."-‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم يف علم االجتماع‪ ،‬جامعة‬
‫حممد خيضر‪-‬بسكرة‪ ،-‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية قسم العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫جاب اهلل‪ ،‬أمحد‪29-28( .‬نوفمرب‪".)2006‬الصورة يف سيميولوجيا التواصل" ‪.‬امللتقى الوطين الرابع‬ ‫‪.3‬‬
‫"السيمياء والنص األديب"‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬اجلزائر‪ :‬جامعة حممد خيضر بسكرة‪.‬‬
‫محداوي‪ ،‬مجيل‪ .)2015( .‬االجتاهات السيميوطيقية‪( :‬التيارات واملدارس السيميوطيقية يف الثقافة الغربية)‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ط‪.1.‬املغرب‪ :‬مكتبة املثقف‪.2015 ،‬‬
‫زغينه‪ ،‬علي‪ 16-15( .‬أفريل ‪" )2002‬املنهج السيميائي‪ :‬اجتاهاته وخصائصه"‪ .‬امللتقى الوطين الثاين‬ ‫‪.5‬‬
‫السيمياء والنص األديب‪ .‬اجلزائر‪ :‬جامعة حممد خيضر بسكرة‪.‬‬
‫سلطاين‪ ،‬فضيلة‪" .)2006( .‬صور الكتب ومستوى التحصيل الدراسي للتلميذ‪ :‬التعليم االبتدائي منوذجاً"‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫رسالة مكملة لنيل شهادة ماجستري يف علوم اإلعالم واالتصال‪ .‬كلية العلوم اإلنسانية واحلضارة اإلسالميةـ‪.‬‬
‫سناين‪ ،‬عبد الناصر‪" .)2012( .‬صعوبات اليت يواجهها األستاذ اجلامعي املبتدئ يف سنوات األوىل من‬ ‫‪.7‬‬
‫مسريته املهنية‪ :‬دراسة ميدانية كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية جامعة باجي خمتار‪-‬عنابة‪."-‬رسالة خترج لنيل‬
‫شهادة دكتوراه يف العلوم‪ ،‬جامعة منتوري حممود قسنطينة‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬قسم‬
‫علم النفس والعلوم الرتبوية واألرطفونيا)‪.‬‬
‫شعبان‪ ،‬مسري‪ 6( .‬مارس ‪" .)2011‬عالقة األستاذ اجلامعي بالطالب وأثرها يف تعزيز الوسطية"‪ .‬أحباث مؤمتر‬ ‫‪.8‬‬
‫اجلامعات العربية يف تعزيز مبدأ الوسطية بني الشباب العريب‪ .‬اململكة العربية السعودية‪ :‬جامعة طيبة‪.‬‬
‫عبد الواحد‪ ،‬كرمية‪" .)2014( .‬سيمولوجيا االتصال يف اخلطاب االشهاري البصري"‪ ،‬مجلة الواحات‬ ‫‪.9‬‬
‫للبحوث والدراسات ‪7.‬‬
‫مهيبل‪ ،‬عمر‪ .)2005( .‬إشكالية التواصل يف الفلسفة الغربية املعاصرة‪ .‬الطبعة األوىل‪ .‬بريوت‪ ،‬اجلزائر‪:‬‬ ‫‪.10‬‬
‫منشورات االختالف‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪.‬‬
‫هامل‪ ،‬مهدية‪".)2009( .‬اتصال األزمة يف املؤسسة اجلزائرية‪" :‬دراسة حاالت لوحدات من املؤسسات‬ ‫‪.11‬‬
‫الصناعية واخلدمية"‪ .‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم فرع تنمية وتسيري املوارد البشرية‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري‪-‬قسنطينة‪ ،-‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬قسم علم االجتماع‪.‬‬
‫الورداشي‪ ،‬حممد‪" .)2017( .‬قراءة يف كتاب السيميولوجيا والتواصل‪ .‬ل إريك بويسنس‪ ،‬ت‪ :‬جواد بنيس"‪،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫احلوار املتمدن‪ ،‬العدد ‪ ،2017 ،5732‬مت تصفح املوقع يوم ‪ ،2019/4/01‬على الرابط التايل‪:‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=582930&r=0‬‬
‫‪195‬‬

You might also like