You are on page 1of 52

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة قاصدي مرباح –ورقلة‬

‫كلية اآلداب واللغات‬

‫قسم‪ :‬اللغة واألدب العربي‬

‫تحت عنوان‪:‬‬

‫نقد الرواية عند جابر عصفور‬


‫ـ الرواية واالستنارة نموذجا ً ـ‬

‫مذكرة تخرج إلستكمال متطلبات نيل شهادة الماستر في اللغة و األدب العربي‬
‫تخصص ‪ :‬النقد األدبي ومصطلحاته‬
‫إشــــــراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعــــــــــداد الطالبة ‪:‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي حمودين‬ ‫‪ -‬آمنة الدوم‬


‫لجنة أعضاء المناقشة‪:‬‬
‫رئيسا‪.‬‬ ‫أستاذ بجامعة ورقلة‬ ‫أ‪ /‬د – كمال علوش‬
‫مشرفا ومقررا‪.‬‬ ‫أستاذ بجامعة ورقلة‬ ‫أ‪ /‬د‪ -‬علي حمودين‬
‫عضوا مناقشا‪.‬‬ ‫أستاذ بجامعة ورقلة‬ ‫أ‪ /‬د‪ -‬أحمد سي لكبير التيجاني‬

‫تاريخ المناقشة‪9502/50/92 :‬م‪.‬‬

‫السنة الجامعــية‪9502/9502 :‬‬


‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة قاصدي مرباح –ورقلة‬

‫كلية اآلداب واللغات‬

‫قسم‪ :‬اللغة واألدب العربي‬

‫تحت عنوان‪:‬‬

‫نقد الرواية عند جابر عصفور‬


‫ـ الرواية واالستنارة نموذجا ً ـ‬

‫مذكرة تخرج إلستكمال متطلبات نيل شهادة الماستر في اللغة و األدب العربي‬
‫تخصص ‪ :‬النقد األدبي ومصطلحاته‬

‫إشــــــراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعــــداد الطالبة ‪:‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي حمودين‬ ‫‪ -‬آمنة الدوم‬

‫السنة الجامعــية‪9502/9502 :‬‬


‫اإلهــــــــــــــــــداء‬
‫إلى من قال فيهما الرحمن ‪:‬‬

‫(وخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا)‪.‬‬

‫إلى من ربياني صغي ار‬

‫إلى من أتمنى أن أنال رضاهما وأنا كبيرة‬

‫إلى من وقفا بجانبي طيلة حياتي وأرادا تتويجي أميرة‪.‬‬

‫فأنتما من تستحقان التتويج‪،‬اليوم في مملكتي المتواضعة التي أردتماها قبسا منيرا‪،‬‬

‫وشعلة متوهجة في ظلمة األيام العسيرة ‪ ،‬والدي ‪.‬‬

‫إلى أخواتي اللواتي لم تلدهن أمي‪ ،‬من تحلين باإلخاء وتميزوا بالوفاء والعطاء‪ ،‬إلى‬

‫ينابيع الصدق الصافي من معهن سعدت وبرفقتهن في دروب الحياة الحلوة سرت‬

‫صديقاتي‪ :‬إلى القلب الطاهر الرقيق والنفس والوجه المفعمين بالبراءة‪،‬حبيبتي وخالتي‬

‫دولت‪ ،‬إلى من تضيء لي الطريق وتقف معي في كل ضيق‪ ،‬حبيبتي وصديقتي عتيقة‪،‬‬

‫إلى سندي وقوتي ومالذي ومهجة حياتي‪ ،‬المدللة ورفيقة حياتي أختي أم هاني ‪.‬‬

‫والى من تذوقت معهم أجمل اللحظات‪ ،‬زميالتي طالبات ماستر دفعة‪.9502/9502‬‬


‫شكــر وعرفــان‬

‫اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء األرض وملء ما شئت‬

‫من شيء بعد ‪،‬أهل الثناء والمجد ‪،‬أشكرك ربي على نعمك التي ال تعد وال تحصى‪.‬‬

‫أحمدك ربي وأشكرك على أن يسرت لي إتمام هذا البحث على الوجه الذي أرجو أن‬

‫ترضى به عني‪ ،‬وال يسعني في هذا المقام إال أن أتوجه بالشكر إلى مشرفي الفاضل‬

‫األستاذ الدكتور "علي حمودين " فقد كان عونا لي في بحثي هذا وذلك بفضل توجيهاته‬

‫ومالحظاته القيمة‪ ،‬كما أتوجه بخالص الشكر واالمتنان إلى جميع أساتذة قسم اللغة‬

‫العربية‪ ،‬بجامعة قاصدي مرباح ‪.‬‬

‫وأرى أن أقف شاكرة ألستاذي الفذ الدكتور" أحمد حاجي "الذي كان نعم المعين فجزاه‬

‫اهلل عني خيرا‪.‬‬

‫كما أتقدم بشكري الجزيل في هذا اليوم إلى أساتذتي الموقرين في لجنة المناقشة رئاسة‬

‫وأعضاء لتفضلهم علي بقبول مناقشة هذه المذكرة ‪،‬كما أشكر كل من ساندني وأعانني‬

‫على إنجاز هذا البحث ‪،‬فلهم في النفس منزلة وان لم يسعف المقام لذكرهم‪ ،‬فهم أهل‬

‫للفضل والخير والشكر ‪.‬‬


‫مقدمــــة‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫إن المتتبع للحركة األدبية على مستوى الساحة العربية وما تعج به من دراسات نقدية‬
‫وتحليالت نصية بمختلف األجناس األدبية‪ ،‬يتضح أن هناك حركة نقدية مسايرة للحركة‬
‫األدبية تتماشى تبعا للتطور اإلبداعي والمسار الفني‪.‬‬

‫كما عرفت ألوان النثر القصصي في األدب العربي الحديث تطو ار كبي ار مما أكسبها‬
‫مكانة عالية بين األجناس األدبية‪ ،‬غير أن هذه الفنون ال تزال قيد المراجعة النقدية ‪،‬منذ‬
‫ظهورها في مطلع القرن العشرين‪ ،‬وبذلك ظهرت آراء تقول بأن الفن القصصي الحديث بما‬
‫فيه الرواية إنما ه و مستورد وتقليد من الغرب‪،‬أي أنها تطورت وأصبحت قصة فنية أو رواية‬
‫فنية بتأثير الغرب‪ ،‬وال ينفي ذلك تطور النثر القصصي إلى أشكال سردية مثل القصة‬
‫والقصة القصيرة والرواية‪..‬الخ‪.‬حيث رافق هذا النهوض ظهور اتجاهات نقدية مواكبة لنهضة‬
‫تعنى بنقد فنون النثر القصصي ومن بينها نقد الرواية باعتبارها جنسا أدبيا حديث النشأة‬
‫مقارنة مع تلك األجناس األدبية األخرى التي لها أصول تراثية‪.‬‬

‫فهذه الدراسة في النقد المعاصر تعنى بمناولة الرواية من منظور نقدي‪،‬ولعل تجربة‬
‫النقاد المعاصرين أسهمت بشكل أو بآخر في بلورة مفهوم نقدي حول األجناس األدبية‬
‫المعاصرة وكما خرج الخطاب األدبي في الفترة المعاصرة تحديدا عن اإلطار التقليدي طرح‬
‫إشكاليات ومفاهيم جديدة متعلقة بالتصور والرؤيا فكان التركيز على الجانب القصصي‬
‫واإليحائي الرمزي ‪،‬فظهرت الكثير من الروايات تعنى بنقد الرواية فجاءت الدراسة موسومة‬
‫بنقد الرواية عند جابر عصفور الراوية واالستنارة نموذجا‪.‬‬

‫أما االشكالية فقد لخصتها في السؤال التالي‪:‬‬

‫واالستنارة؟‬ ‫الرواية‬ ‫كتابه‬ ‫في‬ ‫عصفور‬ ‫لجابر‬ ‫النقدية‬ ‫الرؤية‬ ‫هي‬ ‫ما‬

‫أ‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫وتندرج تحتها جملة من األسئلة الفرعية هي‪:‬‬

‫كيف عالج جابر عصفور موضوع الرواية في كتابه الرواية واالستنارة ؟‬

‫هل أسهم جابر عصفور في بلورة مفهوم نقدي يتعلق بالرواية؟ ما هي مرجعيات الناقد‬
‫للرواية؟‬

‫و من أهم أسباب ودوافع اختياري للموضوع أنه يستجيب لضوابط فكرية ونقدية التي‬
‫أميل إليها فكريا‪.‬‬

‫والثاني هو بروز وجهات نظر جديدة في نقد الرواية والقصة على حد سواء والتأثير‬
‫الكبير للنقاد والباحثين العرب بها في أقطار الوطن العربي‪ ،‬مما يبين شدة المؤثرات األجنبية‬
‫الغربية في تكوين الناقد العربي األدبي الحديث وكانت الطريقة المتبعة في إنجاز هذا البحث‬
‫واإلجابة عن اشكالياته كاآلتي‪:‬‬

‫قسم م م مممت البحم م م ممث إلم م م ممى فصم م م مملين مسم م م ممبوقين بتقم م م ممديم‪ ،‬ومم م م ممدخل‪ ،‬وخاتمم م م ممة ‪،‬خصصم م م ممت‬
‫الم م م ممدخل بالح م م ممدي ث ع م م ممن التجرب م م ممة النقدي م م ممة لج م م ممابر عص م م ممفور‪ ،‬وي م م ممأتي الفص م م ممل النظ م م ممري‬
‫للموضم مموع‪ ،‬وقس م مممته إل م ممى مبحث م ممين‪ ،‬خصص م ممت المبح م ممث األول بالح م ممديث ع م ممن حي م مماة ج م ممابر‬
‫ق م مراءة حم ممول المدونم ممة‬ ‫عصم ممفور وت ارثم ممه النقم ممدي‪ ،‬ثم ممم خصصم ممت المبحم ممث الثم مماني بتقم ممديم‬
‫"كتم مماب الروايم ممة واالسم ممتنارة"‪ ،‬ثم ممم يم ممأتي الفصم ممل التطبيقم ممي للموضم مموع‪ ،‬تناولم ممت فيم ممه المفم مماهيم‬
‫الن قدي م م ممة للكت م م مماب‪ ،‬وقسم م م مممته إل م م ممى مبحثم م م ممين ‪ ،‬خصص م م ممت المبحم م م ممث األول بالح م م ممديث عم م م ممن‬
‫المدين م ممة والرواي م ممة‪ ،‬ث م ممم خصص م ممت المبح م ممث الث م مماني بالح م ممديث ع م ممن المم م مرأة ونش م ممأة الرواي م ممة‪،‬‬
‫إليه مما‬ ‫الت ممي توص ممل‬ ‫ونخل ممص إل ممى خاتم ممة ‪،‬حي ممث تناول ممت فيه مما أه ممم النت ممائج‬
‫البح م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م ممث‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫أما عن منهج البحث المعتمد فقد اتبعت المنهج التحليلي االستقرائي الذي يعتمد على‬
‫آلية الوصف والتحليل‪ ،‬حيث أق أر المدونة النقدية قراءة متفحصة مع التركيز على الجوانب‬
‫التي ذكرت في الخطة ومدى توفرها داخل الكتاب وأعرف هذه الجوانب وأتوسع فيها ثم‬
‫محاولة نقدها‪.‬‬

‫جابر عصفور من بين النقاد الذين تناولوا موضوع نقد الرواية بالدراسة‪ ،‬إال أن الدراسات‬
‫السابقة حسب علمي غير موجودة في هذا الموضوع‪ ،‬إال أنه لم تكن هناك دراسات نقدية‬
‫وتحليلية سابقة في كتاب الرواية واالستنارة عند جابر عصفور‪.‬‬

‫أما عن أهم المصادر التي اعتمدتها في دراستي فهي كاألتي ‪:‬‬

‫‪ .1‬جابر عصفور‪ ،‬نظريات معاصرة‪.‬‬


‫‪ .2‬حسين حمودة‪ ،‬الرواية والمدينة‪.‬‬
‫‪ .3‬محمد عابد الجابري ‪،‬إشكالية األصالة والمعاصرة‪.‬‬

‫الواحمد القهمار علممى عونمه وتوفيقممه‪،‬‬ ‫وبعمد همذا ال يسممعني إال أن أتوجمه بالحممد والشممكر‬
‫ث مم التقممدم بخممالص الشممكر واالمتنممان ألسممتاذي المشممرف "علممي حمممودين" الممذي لممم يبخممل علممي‬
‫بتوجيهاته أثناء مراجعته لهذا البحث للخمروج بمه‪ ،‬كمما أممل لمه بمأوج االزدهمار‪ ،‬ومما تموفيقي إال‬
‫بم م م م م م م م م م م م م م مما عليم م م م م م م م م م م م م م ممه توكلم م م م م م م م م م م م م م ممت واليم م م م م م م م م م م م م م ممه أبم م م م م م م م م م م م م م ممت واليم م م م م م م م م م م م م م ممه المصم م م م م م م م م م م م م م ممير‪.‬‬

‫ج‬
‫تـمـــهيــد‬
‫تجربة جابر عصفور النقدية‬ ‫تمهيد‪:‬‬

‫تمهيد‪ :‬تجربة جابر عصفور النقدية‬


‫جابر عصفور من النقاد الذين بذلوا مجهودا واف ار وحقيقيا في التنظير النقدي‪ ،‬وعلى‬
‫مدى مشواره العامر سعى بدأب كبير وولع غير مسبوق في متابعة التيارات والمذاهب النقدية‬
‫الحديثة في تجلياتها المختلفة التي راوحت بين نظريات الكالسيكية والتعبير الرومانسية‬
‫والواقعية االشتراكية مرو ار إلى النقد الجديد والشكلية الروسية‪ ،‬ثم البنيوية اللغوية والبنيوية‬
‫التوليدية‪ ،‬فنقد ما بعد الحداثة وصوال إلى النقد الثقافي الذي يبدي جابر عصفور له حماسا‬
‫‪1‬‬
‫كبيرا‪ ،‬بحسب كتاباته في السنوات األخيرة‪.‬‬
‫فهو من الشخصيات اإلبداعية المعاصرة التي أثرت المشهد الثقافي العربي على‬
‫مدى أكثر من نصف قرن لنبوغه المبكر واستباقه الخوض في معترك الكتابة واألدب والنقد‬
‫فهو واحد من طليعة النقد العربي المتميزين جعل الشعر على هامش اهتمامه‪ ،‬وانه ابن‬
‫مخلص لمرجعيته النظرية والفكرية والتي تنصب على درس أنساق األدبي في أبعاده‬
‫االجتماعية والسياسية ‪.‬ولن تجد نظرية أو تيا ار نقديا مهما لم يكتب عنه أو يتعرض له‬
‫بالتحليل والقراءة‪ ،‬حيث تميزت دراساته النقدية والفكرية بالعمق والدقة العلمية‪ ،‬كما تميز‬
‫خطابه النقدي بكل ما هو فكري واجتماعي وسياسي وثقافي بأفق تنويري وجدلي‪ ،‬وبذلك‬
‫يواكب حركية النقد واتجاهاته النظرية والمنهجية وكما يالحظ في دراساته األدبية والنقدية‬
‫رفعه القداسة عن النصوص يعني أن الدراسة األدبية عنده تقوم باالنفتاح على قراءة‬
‫‪2‬‬
‫النصوص األدبية و التراثية والحديثة والمعاصرة‪.‬‬
‫ومن خالل هذا الطرح نستنج أن جابر عصفور انتهج منهجا سار عليه فالمنهج‬
‫عنده ليس تصو ار يطبق قس ار على النصوص بل هو خلق لممكنات النصوص ذاتها ‪.‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬إيهاب سيد أحمد ‪،‬أسئلة النقد والناقد في عمل جابر عصفور‪،‬جريدة العين‪،‬اإلمارات‪،6102،‬ص‪https://al-.0‬‬
‫‪ain.com/article/95886‬‬
‫‪2‬ينظر‪ :‬إيهاب سيد أحمد ‪،‬أسئلة النقد والناقد في عمل جابر عصفور ‪،‬ص‪.6‬‬

‫‪9‬‬
‫تجربة جابر عصفور النقدية‬ ‫تمهيد‪:‬‬

‫فالناقد المثالي عنده هو الذي يجعل المنهج الواحد مجاله الخاص في كل مرة يمارس فيها‬
‫‪1‬‬
‫عملية النقد التطبيقي ‪.‬‬
‫إن التجربة النقدية عند جابر عصفور مكنته من أن يحتل مكانة رائدة في عالمنا العربي‪،‬‬
‫ذلك من خالل مختلف كتاباته النقدية والفكرية والتي عرفت بممارسة النقد العميق والبناء‪.‬‬
‫والحظت من خالل دراستي في نقد الرواية لناقد جابر عصفور في كتابه الرواية‬
‫واالستنارة‪ ،‬أنه كان منحا از لسرد العربي بصفة عامة والرواية بصفة خاصة‪ .‬وذلك راجع‬
‫ألسباب عدة منها ‪:‬‬
‫عدم تطور الرواية مقارنة بالشعر‪ ،‬فهي لم تلق رواجا‪ ،‬فهي تعد مجاال أرحب لدراسة‬
‫النقدية‪ ،‬فهو اعتبر الرواية الجنس األدبي األقدر على التعبير عن مشاكل وهموم ومستجدات‬
‫الواقع االجتماعي وكذا الثقافي‪ ،‬ومن خالل تتبعه لتطور الرواية العربية والمصرية في نشأتها‬
‫الروائي‪.‬‬ ‫الفن‬ ‫وهو‬ ‫جديد‬ ‫أدبا‬ ‫الوسطى‬ ‫والطبقة‬ ‫التنوير‬ ‫أسس‬ ‫كيف‬ ‫رأى‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬إيهاب سيد أحمد ‪،‬أسئلة النقد والناقد في عمل جابر عصفور‪،‬ص‪.6‬‬

‫‪10‬‬
‫‪0‬‬
‫الفصل األول‬
‫ال ُم َؤلِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬
‫المبحث األول‪ :‬المؤلف ( التعريف جابر عصفور)‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المؤلف ( كتاب الرواية واالستنارة)‬


‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التعريف بالناقد جابر عصفور (كاتب وناقد مصري)‬ ‫‪1‬‬

‫يعد جابر أحمد عصفور من أهم النقاد المعاصرين في األدب‪ ،‬عرف كاتبا‬ ‫‪2‬‬

‫وناقدا مصريا‪ ،‬ولد في ‪22‬مارس‪ 1411‬بالمحلة الكبرى‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫متحصل على شهادة الليسانس من قسم اللغة العربية بكلية اآلداب جامعة القاهرة‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫بتقدير ممتاز‪ ،‬وهذا في يونيو ‪1492‬م‪ ،‬وقد تحصل على درجة الماجستير من قسم اللغة‬ ‫‪5‬‬

‫العربية بكلية اآلداب جامعة القاهرة بتقدير ممتاز أيضا‪ ،‬في يوليو‪1494‬م‪ ،‬ثم تحصل على‬ ‫‪6‬‬

‫درجة الدكتوراه من قسم اللغة العربية بكلية اآلداب جامعة القاهرة‪ ،‬بمرتبة الشرف األولى‬ ‫‪7‬‬

‫‪1‬‬
‫عام‪.1493‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ )0‬خبراته العملية‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫فقد عمل كأستاذ للنقد األدبي بكلية اآلداب جامعة القماهرة‪ ،‬ورئميس قسمم بالجامعمة‬ ‫‪10‬‬

‫ذاتها في ‪1443‬م‪،‬وأمين عام للمجلس األعلمى للثقافمة فمي نفمس السمنة‪ ،‬وأسمتاذ ( ازئمر) للنقمد‬ ‫‪11‬‬

‫العربي جامعة هارفاد الواليات المتحدة(فبراير‪ /‬مايو‪ ،)1442‬وقد قام بأعمال رئميس مجلمس‬ ‫‪12‬‬

‫إدارة الهيئ ممة العام ممة ل ممدار الكت ممب والوث ممائق القومي ممة م ممن ‪1449/9/9‬وحت ممى ‪،1449/3/ 1‬‬ ‫‪13‬‬

‫وعضمو بمالمجلس القمومي للممرأة‪ ،‬ومقمرر لجنمة الثقافمة واإلعمالم‪ ،‬وعضمو المكتمب التنفيمذي‬ ‫‪14‬‬

‫أسمتاذ ( ازئمر) لممبدب العربمي الحممديث‪،‬‬ ‫بمالمجلس القمومي للممرأة منمذ تأسيسمه إلممى اليموم‪ ،‬ثممم‬ ‫‪15‬‬

‫مرة أخمرى بجامعمة هارفمارد‪ ،‬الواليمات المتحمدة (فب اريمر ممايو ‪ ،)2001‬وعضمو لجنمة اآلداب‬ ‫‪16‬‬

‫والد ارسممات اللغويممة بمكتبممة اإلسممكندرية منممذ تشممكيلها فممي مممارس ‪ .2003‬ومممدي ار للمركممز‬ ‫‪17‬‬

‫‪2‬‬
‫الق م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م ممومي للترجمم م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م ممة فم م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م م ممي ‪.2009/3/22‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬نظريات معاصرة‪ ،‬القراءة للجميع‪ ،‬مكتبة األسرة ‪،‬الهيئة العامة للكتاب ‪،‬ص‪.2‬‬
‫‪2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور الرواية واإلستنارة‪ ،‬مجلة دبي الثقافية‪ ،‬دار الصدى للصحافة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬االمارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،‬نوفمبر ‪ ،2011‬ص‪.109‬‬

‫‪12‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ )9‬نشاطاته الثقافية‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫فتمثل في عضويته لجمعيات أدبية‪ ،‬كالجمعية األدبية المصرية‪ ،‬اتحاد الكتاب‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ومجلس إدارة جمعية النقاد‪ ،‬والمجلس األعلى لرعاية اآلداب‪ ،‬لجنة الدراسات األدبية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫وسكرتير عام للرابطة المصرية التحاد كتاب آسيا وأفريقيا‪ ،‬وكل نشاطاته الثقافية السابقة‬ ‫‪4‬‬

‫كانت بالقاهرة‪.‬وعن عضوية لجان تحكيم الجوائز القومية‪ :‬جوائز الدولة التشجيعية‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪1‬‬
‫مصر‪،‬جائزة مؤسسة التقدم العلمي‪ ،‬الكويت جائزة سلطان العويس‪ ،‬اإلمارات‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ )3‬دورياته األدبية المتخصصة‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫ورئيس تحريرها ‪ 1442‬و حتى‬ ‫فهو نائب رئيس تحرير "مجلة فصول"‬ ‫‪8‬‬

‫‪1444‬م‪ .‬وعضو هيئة تحرير مجالت‪ :‬المهد‪ ،‬األردن ألف‪ ،‬الجامعة األمريكية‪ ،‬القاهرة‪ .‬عالم‬ ‫‪9‬‬

‫الفكر و ازرة اإلعالم‪ ،‬الكويت مجالت‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعات صنعاء واليرموك والكويت‬ ‫‪10‬‬

‫وبغداد والرياض واإلمارات وعضو هيئة االستشارية لمشروع»كتاب في الجريدة « الصادر‬ ‫‪11‬‬

‫عن اليونسكو‪ ،‬وعضو الهيئة االستشارية لمشروع» كتاب للجميع « الصادر عن جامعة‬ ‫‪12‬‬

‫الدول العربية‪ ،‬وعضو الهيئة االستشارية للمجلة العربية للعلوم اإلنسانية الصادرة عن جامعة‬ ‫‪13‬‬

‫الكويت‪ ،‬و مستشار تحرير مجلة الجسرة الثقافية الصادرة عن نادي الجسرة الثقافي‬ ‫‪14‬‬

‫االجتماعي بقطر ورئيس تحرير دورية نجيب محفوظ الصادرة عن المجلس األعلى للثقافة‬ ‫‪15‬‬

‫‪2‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫‪2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫‪13‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ )4‬الجوائز العلمية التي تحصل عليها‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫تحصل على جائزة أفضل كتاب في الدراسة النقدية‪ ،‬ثم جائزة أفضل كتاب في‬ ‫‪2‬‬

‫الدراسات األدبية‪ ،‬ثم تحصل على جائزة أفضل كتاب في الدراسات اإلنسانية‪ ،‬كما تحصل‬ ‫‪3‬‬

‫أيضا على الوسام الثقافي التونسي من رئيس جمهورية تونس ‪،‬أكتوبر ‪،1442‬وجائزة سلطان‬ ‫‪4‬‬

‫بن علي العويس الثقافية‪ ،‬ودرع رابطة المرأة العربية‪ ،‬و جائزة اإلبداع العربي في مجال‬ ‫‪5‬‬

‫اآلداب‪ ،‬وجائزة اليونسكو الشارقة للثقافة العربية وجائزة الدولة التقديرية في مجال اآلداب‬ ‫‪6‬‬

‫المجلس األعلى للثقافة‪2004 ،‬م ووسام المكافأة الوطنية من درجة قائد من ملك المغرب‪،‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪1‬‬
‫فبراير ‪2010‬م‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ )0‬إنتاجه العلمي‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫ـ الكتب ‪:‬‬ ‫‪10‬‬

‫الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي ومفهوم الشعر‪ ،‬و المرايا المتجاورة‪،‬‬ ‫‪11‬‬

‫واإلحيائية واإلحيائيين و قراءة التراث النقدي (الطبعة األولى‪ ،‬دمشق‪ ،)1441 ،‬والتنوير‬ ‫‪12‬‬

‫‪2‬‬
‫يواجه اإلظالم ومحنة التنوير‪ ،‬وهوامش على دفتر التنوير‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫ـ (الطبعة الثانية ‪،‬القاهرة ‪0220‬م)‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫إضاءات‪ ،‬وأنوار العقل‪ ،‬وآفاق العصر‪ ،‬ونظريات معاصرة‪ ،‬وزمن الرواية‪ ،‬وضد‬ ‫‪15‬‬

‫التعصب واستعادة الماضي‪ ،‬وذاكرة للشعر‪ ،‬وقراءة النقد األدبي وأوراق ثقافية ومواجهة‬ ‫‪16‬‬

‫اإلرهاب قراءة في األدب الروائي وفي محبة األدب والرهان على مستقبل واالحتفاء بالقيمة‬ ‫‪17‬‬

‫وغواية التراث ودفاعا عن الم أرة ومن هناك كتاب الهالل ورؤى العالم عن تأسيس الحداثة‬ ‫‪18‬‬

‫العربية في الشعر‪ ،‬ومقاالت غاضبة وجامعة دينها العلم‪ ،‬و نقد ثقافة التخلف ونحو ثقافة و‬ ‫‪19‬‬

‫‪1‬ينظر ‪ :‬جابر عصفور‪،‬الرواية واالستنارة ص‪.110‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪14‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫النقد األدبي والهوية الثقافية وزمن جميل مضى‪ ،‬وفي محبة الشعر و نجيب محفوظ اإلنجاز‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫األدبي‪.‬‬ ‫والقيمة و الهوية الثقافية والنقد‬ ‫‪2‬‬

‫‪ )2‬أهم الكتب التي ترجمها‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫عصر البنيوية‪ ،‬ترجمة والماركسية والنقد األدبي‪ ،‬والنظرية األدبية المعاصرة‬ ‫‪4‬‬

‫واتجاهات النقد المعاصر والخيال‪ ،‬األسلوب‪ ،‬الحداثة المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‬ ‫‪5‬‬

‫‪.2002‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ )2‬كتب عن أعمال الدكتور جابر عصفور‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫م ابن الوليد يحيى‪ » ،‬التراث والقراءة في الخطاب النقدي عند جابر عصفور« ‪ ،‬أطروحة‬ ‫‪8‬‬

‫لدرجة الماجستير‪ ،‬جامعة الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬مطبوعة في كتاب عن الهيئة العامة لقصور‬ ‫‪9‬‬

‫الثقافة‪ ،‬القاهرة ‪.1444‬‬ ‫‪10‬‬

‫م محي الدين محسب وآخرون؛ جابر عصفور ‪ :‬اإلنجاز العلمي‪ ،‬مطبعة أبو هالل‪ ،‬المنيا‬ ‫‪11‬‬

‫‪.1442‬‬ ‫‪12‬‬

‫م ملف خاص عن اإلنجازات العلمية‪ ،‬بقلم العديد من النقاد‪ ،‬مجلة الحداثة‪،‬‬ ‫‪13‬‬

‫العدد‪ ،2014‬بيروت‪ ،‬خريف ‪.1449‬‬ ‫‪14‬‬

‫م عدد تذكاري خاص بقلم العديد من النقاد‪ ،‬مجلة الحدث‪ ،‬يونيو ‪ ،2001‬باريس‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫م ملف خاص بقلم العديد من الدارسين‪ ،‬الملحق الثقافي‪ ،‬صحيفة الجزيرة السعودية العدد‬ ‫‪16‬‬

‫‪ ،119‬االثنين ‪ 20‬نوفمبر ‪.2009‬‬ ‫‪17‬‬

‫م ملف خاص بقلم العديد من الكتاب والنقاد‪ ،‬جريدة األسبوعية‪ ،‬الصادرة عن اتحاد الكتاب‬ ‫‪18‬‬

‫‪2‬‬
‫العرب بدمشق‪ ،‬العدد ‪ 1012‬في ‪، 2009/2/10‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪،‬ص‪.112-111‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.113‬‬

‫‪15‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تقديم الكتاب (المؤلف) ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫في ‪ 109‬صفة يأتي كتاب» الرواية واالستنارة « (مجلة دبي الثقافية الصادر‬ ‫‪2‬‬

‫عن دار الصدى‪ ،‬باإلمارات المتحدة العربية‪ ،)2011،‬للناقد واألكاديمي المعروف جابر‬ ‫‪3‬‬

‫عصفور‪ ،‬استكماال لجهوده التنظيرية السابقة في مواكبة التيارات النقدية الحديثة وعرض‬ ‫‪4‬‬

‫أفكارها الكبرى ضمن سياقات إنتاجها معرفيا وثقافيا‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫وعبر تقدمة وسبعة فصول كبيرة‪ ،‬يستعرض جابر عصفور في كتابه الرواية‬ ‫‪6‬‬

‫واالستنارة بدراسة جملة من القضايا التي تتصل بالمراحل التي سبقت ظهور الرواية العربية‬ ‫‪7‬‬

‫المعاصرة‪ ،‬فجابر عصفور في هذا الكتاب يربط بين » ظهور الرواية عربيا وعصر االستنارة‬ ‫‪8‬‬

‫والذي يقصد به تلك الحقبة الذهبية التي برزت فيها كوكبة من األسماء األدبية والفكرية ممن‬ ‫‪9‬‬

‫أسهموا في تمهيد الدرب أمام الرواية العربية في الظهور‪ ،‬بإيجادهم منظومة تقديمية أعلت‬ ‫‪10‬‬

‫من شأن العقل على النقل‪ ،‬واالجتهاد على التقليد ‪ ،‬والتسامح على التعصب‪ ،‬وهو ما يتكئ‬ ‫‪11‬‬

‫عليه للتأكيد على التالزم الوثيق بين فن الرواية واالستنارة‪ ،‬من خالل إشارته للوعي المديني‬ ‫‪12‬‬

‫ودور المرأة في نشأة الرواية ‪،‬إلى جانب إلى جانب ما قدمته الترجمة للمشهد الروائي العربي‬ ‫‪13‬‬

‫عموما « ‪.1‬‬ ‫‪14‬‬

‫يذكر جابر عصفور في مستهل مقدمته أنه بدَأ التفكير في قضايا االستنارة‬ ‫‪15‬‬

‫ومشكالتها سنة‪1224.‬م‪ ،‬حينما أشرف مع مجموعة من زمالئه على إقامة احتفالية سميت‬ ‫‪16‬‬

‫ب» مائة عام من االستنارة «‪ ،‬وكان يقصد بذلك أن نقطة البداية هي عام ‪ 1224:‬م الذي‬ ‫‪17‬‬

‫ولد فيه كل طه حسين وعباس محمود العقاد‪.‬‬ ‫‪18‬‬


‫‪19‬‬

‫‪1‬جابر عصفور‪،‬الرواية واالستنارة‪ ،‬مجلة دبي الثقافية‪ ،‬دار الصدى ‪،‬للصحافة والنشر والتوزيع ‪،‬ط‪،1‬االمارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،‬نوفمبر ‪ ،2011‬ص ‪.9- 9‬‬

‫‪16‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫ويشير إلى أن المقصود بفكر االستنارة‪ ،‬هو ذلك الفكر الذي يبدأ مما تركه رفاعة‬ ‫‪2‬‬

‫الطهطاوي بعد رحلته إلى باريس‪ ،‬وجمال الدين األفغاني في أثناء إقامته بمصر‪ ،‬ومحمد‬ ‫‪3‬‬

‫عبده‬
‫‪1.‬‬
‫‪4‬‬

‫وفي مدخل الكتاب الذي عنونه ب» الوعي المديني « يرى جابر عصفور أن‬ ‫‪5‬‬

‫الرؤية الصاعدة في مطلع النهضة العربية انطوت على نزعة عقالنية أساسية هي نوع من‬ ‫‪6‬‬

‫الوعي المديني المحدث‪ ،‬الذي يجسد وعود المجتمع المدني ويستجيب لمعاني العقد‬ ‫‪7‬‬

‫االجتماعي الذي تأسس به الدولة المدنية‪ ،‬والمقصود بالوعي المديني هو فكر المدينة‬ ‫‪8‬‬

‫المتحولة بوساطة عمليات التحديث التي تؤدي إلى تغيير عالقات الثقافة ‪،‬وأدوات إنتاج‬ ‫‪9‬‬

‫المعرفة في المجتمع‪ ،‬وهذا ما ينتج عنه إيجاد رؤية مدنية واعدة لعالم صاعد ترمز إليه‬ ‫‪10‬‬

‫المدينة المتحولة وتجسد مالمحه ‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫ويذكر المؤلف أن ما يهدف إليه ويحاول التدليل عليه هو أن التسارع في حركة‬ ‫‪12‬‬

‫االستنارة العربية‪ ،‬بما انطوت عليه أو تجسدت فيه هو الذي أدى إلى تأسيس فن الرواية‬ ‫‪13‬‬

‫بوصفه فن المدينة المحدثة التي يبحث عقلها النوعي عن معادلة اإلبداعي وأداته الفنية‬ ‫‪14‬‬

‫يعبر بها عن هواجس التحول وهموم التغير وأحالم التقدم‪.‬وتلك هي البداية التي‬
‫المميزة التي ّ‬ ‫‪15‬‬

‫تأصل بها مبدأ الحرية الالزمة للوعي المديني في حركة اجتهاده المتعددة األبعاد والمجاالت‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪16‬‬

‫ومنها المجال اإلبداعي الذي يتصدره فن الرواية‪ ،‬بوصفه الفن الذي يبدأ من انفتاح األفق‬ ‫‪17‬‬

‫لحرية العقل في االجتهاد ‪،‬ويجسد عالقات التنوع والمغايرة واالختالف بقدر ما يتجسد بها‪،‬‬ ‫‪18‬‬

‫خصوصا من حيث هي نواتج طبيعية الجتهاد العقل النوعي الذي ينطوي عليه الوعي‬ ‫‪19‬‬

‫المديني المحدث‪ ،‬ومن حيث هي شروط محايثة في فن الرواية نفسه «‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬محمد سيف اإلسالف بو فالقة‪ ،‬قراءة في كتاب الرواية واالستنارة‪ ،‬مجلة فكر الثقافية‪،2012 ،‬ص‪.1‬‬

‫‪17‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫ويرى المؤلف أن ازدهار فن الرواية ال يفارق السياق التوليدي لتأصيل الوعي‬ ‫‪2‬‬

‫المديني المحدث الذي يلفي في الرواية الوجه اإلبداعي الفائز‪ ،‬وال سيما حين يتم تأسيس‬ ‫‪3‬‬

‫الوعي المديني ألهمية المساواة بين أصحاب العقول في اختالفها ‪،‬وأهمية التعدد بين أشكال‬ ‫‪4‬‬

‫اإلبداع في تباينها ‪ ،‬ويهدف إلى تأكيد عدم التمييز بين البشر أو إبداعهم على أساس الجنس‬ ‫‪5‬‬

‫‪1.‬‬ ‫أو الثروة أو العقيدة أو العرق‬ ‫‪6‬‬

‫‪ )0‬تمثيالت المدينة وغواية التحديث‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫في الفصل األول من الكتاب يتحدث جابر عصفور عن» تمثيالت المدينة‬ ‫‪8‬‬

‫المتحولة « ‪ ،‬ويشير إلى أن عالقة رواية النهضة بما انطوت عليه من أفكار االستنارة‪ ،‬وهي‬ ‫‪9‬‬

‫األفكار التي تم فيها التجاوب بين عقالنية التراث العربي اإلسالمي وعقالنية عصر األنوار‬ ‫‪10‬‬

‫األوربي‪،‬تؤكد تولد هذه الرواية عن مدينة متحولة تظهر في عيني من يتأملها عن بعد‪ ،‬كما‬ ‫‪11‬‬

‫لو كانت عالقات معمارها نفسه تعكس عالقات أفكارها المتصارعة‪ ،‬فهي تبدو موازاة رمزية‬ ‫‪12‬‬

‫بحيزها المعماري للرؤى التي تختصم في المدينة بين أنصار اإلتباع ودعاة االبتداع وقد‬ ‫‪13‬‬

‫المراش (‪1293‬م‪1239‬م) في‬ ‫استشهد المؤلف في هذا الصدد بما كتبه فرنسيس فتح ا‬ ‫‪14‬‬

‫كتابه» رحلة باريس « وما دبجه علي مبارك حينما وصف متغيرات المدينة المتحولة ‪،‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪2‬‬
‫القاهرة‪،‬في المجلدات األولى من كتابه» الخطط التوفيقية «‬ ‫‪16‬‬

‫ف م م م ممي الفصم م م م ممل الثم م م م مماني ينتق م م م ممل المؤلم م م م ممف إلم م م م ممى مناقش م م م ممة قضم م م م ممية » غوايم م م م ممة‬ ‫‪17‬‬

‫التح م م م م ممديث « ‪ ،‬ويم م م م م ممذهب فم م م م م ممي مسم م م م م ممتهل مناقشم م م م م ممته إلم م م م م ممى أن العالقم م م م م ممة بم م م م م ممين الم م م م م مموعي‬ ‫‪18‬‬

‫المحم م م م ممدث وعمليم م م م ممات التحم م م م ممديث المم م م م ممادي عالقم م م م ممة وثيقم م م م ممة‪ ،‬ويتبم م م م ممادل طرفاهم م م م مما التم م م م ممأثر‬ ‫‪19‬‬

‫والتم م م م م م ممأثير‪ ،‬وكم م م م م م ممل واحم م م م م م ممد منهمم م م م م م مما يوصم م م م م م ممل علم م م م م م ممى غي م م م م م م مره فم م م م م م ممي المدينم م م م م م ممة التم م م م م م ممي‬ ‫‪20‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.20-14‬‬

‫‪18‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أفكارها في الوقت الذي تجدد فيه أساليب حياتها المعنوية والمادية‪ ،‬والتالزم بين الوعي‬ ‫‪1‬‬

‫المحدث وعمليات التحديث المادي يجعل منه وعياً مدينياً في كل األحوال‪ ،‬الذي يقصد به‬ ‫‪2‬‬

‫الوعي الذي ينطلق من اآللة وعالقات إنتاجها‪ ،‬وال يفارق أنساقها المعرفية أو منظومات‬ ‫‪3‬‬

‫المعلومات المرتبطة بها‪.‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪5‬‬
‫ويؤكد جابر عصفور على أن سرديات الرحلة إلى عواصم التقدم كانت إحدى‬ ‫‪6‬‬

‫نقاط البداية التي سرعان ما تحولت إلى قص روائي حديث‪ ،‬ويقارن في مناقشته لهذه الفكرة‬ ‫‪7‬‬

‫بين ما كتبه علي مبارك في روايته الموسومة بم«علم الدين»‪ ،‬و«تخليص اإلبريز» لرفاعة‬ ‫‪8‬‬

‫الطهطاوي‪ ،‬فيرى أن الصلة بينهما متعددة األبعاد‪ ،‬فرواية علي مبارك لم تفقد صلة الرحم‬ ‫‪9‬‬

‫التي جمعتها بسرد«تخليص اإلبريز» الذي سبقها بنحو ثالثين عامًا‪ ،‬فقالب الرحلة الوصفي‬ ‫‪10‬‬

‫في«تخليص اإلبريز» لم يفارق السرد الروائي في«علم الدين» التي كان هدفها إشاعة النوع‬ ‫‪11‬‬

‫نفسه من االستنارة‪ ،‬كما أن توتر الدهشة في رحلة المكان والزمان والوعي ال يتغير جذرياً ما‬ ‫‪12‬‬

‫بين العملين اللذين ال يكفان عن التأمل في متغيرات التحديث التي ترتبط بالحضور الواعد‬ ‫‪13‬‬

‫لآللة التي أغوت الوعي المحدث بأفاعيلها‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫ومن جانب آخر يرى جابر عصفور أن رواية «علم الدين» تختلف عن «الساق‬ ‫‪15‬‬

‫على الساق» التي كتبها أحمد فارس الشدياق بأمرين‪ :‬أولهما أن السرد في«علم الدين»‬ ‫‪16‬‬

‫يقترب من الرواية بالقياس إلى «الساق على الساق»‪ ،‬وثانيهما‪ ،‬أن إطار الرحلة في «الساق‬ ‫‪17‬‬

‫على الساق» يقترن بمحاولة اكتشاف «ما هو الفارياق»‪ ،‬وذلك في تقلبه بين الديانات‬ ‫‪18‬‬

‫واألقطار والمذاهب‪ ،‬في حين أن «علم الدين» تتميز بأن إطار الرحلة فيها هو إطار رحلة‬ ‫‪19‬‬

‫الوعي الذي يجاوز قصوره من خالل االرتحال في العوالم التي تكشف له ما لم يكن يعرفه‪،‬‬ ‫‪20‬‬

‫فم«الساق على الساق» ال تحتوي على مشاعر الدهشة التي عوضت بالسخرية التي تنفي‬ ‫‪21‬‬

‫‪19‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القداسة عن األشخاص أو األفكار وتضعها موضع المساءلة من منظور «األنا» التي‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫تسعى إلى اكتشاف هويتها الفارقة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ )9‬الـمرأة ونشأة الرواية العربية‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫في الفصل الثالث تطرق جابر عصفور إلى موضوع «المرأة ونشأة الرواية‬ ‫‪5‬‬

‫العربية» ‪ ،‬وأشار إلى أن اتساع رقعة التعليم المدني للبنات أفضى في مصر والشام إلى‬ ‫‪6‬‬

‫ظهور عدد من كاتبات الرواية الالئي سبقن قاسم أمين في الدعوة إلى «المرأة الجديدة»‪،‬‬ ‫‪7‬‬

‫وتحريرها بوساطة الكتابة‪ ،‬ومن داخل فعل الكتابة في اآلن ذاته‪ ،‬وتعد الرائدة األولى هي‬ ‫‪8‬‬

‫عائشة التيمورية التي كتبت «نتائج األحوال في األقوال واألفعال» سنة‪1302:‬هم‪ ،‬فهي تعد‬ ‫‪9‬‬

‫المرأة األولى التي َّ‬


‫عبدت الطريق لكتابة المرأة للرواية‪ ،‬وقد سبقت أليس بطرس البستاني التي‬ ‫‪10‬‬

‫نشرت رواية «صائبة» سنة‪1241:‬م‪ ،‬ونشرت لبيبة هاشم رواية بعنوان «حسناء الحب»‬ ‫‪11‬‬

‫سنة‪1242:‬م‪ ،‬وصدرت بعدها بسنة رواية زينب فواز األولى «حسن العواقب» فالكاتبات‬ ‫‪12‬‬

‫األربع عائشة التيمورية وأليس بطرس البستاني ولبيبة هاشم وزينب فواز يعتبرن رائدات‬ ‫‪13‬‬

‫الرواية العربية في القرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫كما ظهرت الصحافة النسائية‪ ،‬فصدرت مجلة «الفتاة» الشهرية التي أنشأتها‬ ‫‪15‬‬

‫هند نوفل في اإلسكندرية سنة‪1242:‬م‪ ،‬وصدرت مجلة«أنيس الجليس» التي أسستها‬ ‫‪16‬‬

‫ألكسند ار مليتادي في السنة نفسها‪ ،‬وأصدرت روز حداد مجلة بعنوان «السيدات والرجال»‬ ‫‪17‬‬

‫سنة‪1422:‬م‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫وقد اتسعت رقعة النشاط الصحافي النسائي‪ ،‬وبرزت على الساحة مجموعة من‬ ‫‪19‬‬

‫المجالت من بينها مجلة «فتاة الشرق» التي أصدرتها لبيبة هاشم‪ ،‬ومجلة «المرأة المصرية»‬ ‫‪20‬‬

‫التي كانت تصدرها باسم عبد الملك‪ ،‬وقد تضافرت هذه المجالت مع الكثير من‬ ‫‪21‬‬

‫‪1‬ينظر ‪:‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪،‬ص‪. 111-112‬‬

‫‪20‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الصحف وعبرت عن الوعي المديني المحدث‪ ،‬وأكدت على دور المرأة الكاتبة الحاضرة‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫إبداعياً وفكرياً‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ )3‬الريادة الـمسيحية‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫في الفصل الرابع من الكتاب‪ ،‬يرى جابر عصفور أنه ليس من قبيل المصادفة‬ ‫‪5‬‬

‫أن يكون أبناء األقليات الطائفية والعرقية هم األكثر حماسة في تبني قيم الوعي المدني‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫والتعبير عنها وتجسيدها في إبداعهم الروائي‪ ،‬ويدلل على ذلك بأن أغلب أسماء المؤسسين‬ ‫‪7‬‬

‫األوائل لفن الرواية في القرن التاسع عشر هم من أبناء الطوائف المسيحية‪ ،‬مثل‪ :‬أحمد فارس‬ ‫‪8‬‬

‫المراش‪ ،‬وسليم البستاني‪ ،‬وأخته أليس البستاني‪،‬‬


‫ّ‬ ‫الشدياق‪ ،‬وخليل الخوري‪ ،‬وفرنسيس فتح ا‬ ‫‪9‬‬

‫وجرجي زيدان‪ ،‬وفرح أنطون‪ ،‬ولبيبة هاشم‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫وينبه إلى معرفة أبناء هذه الطوائف للغات األجنبية‪ ،‬نظ اًر إلى تعليمهم الطائفي‬ ‫‪11‬‬

‫ال مباش ًار‬


‫وصالتهم الباكرة بالثقافات األجنبية‪ ،‬واشتغالهم بأعمال الترجمة التي تتطلب تعام ً‬ ‫‪12‬‬

‫اء‬
‫مع الجاليات األجنبية‪ ،‬وهذا ما جعل إسهامهم متمي اًز في مجاالت الفن القصصي‪ ،‬سو ً‬ ‫‪13‬‬

‫الخالص‪2.‬‬ ‫بالترجمة المباشرة أو التعريب أو التأليف‬ ‫‪14‬‬

‫‪15‬‬

‫‪ )4‬الترجمة وانطاق المسكوت عنه‪:‬‬ ‫‪16‬‬

‫خصص جابر عصفور الفصل الخامس من الكتاب لدراسة موضوع «الترجمة‬ ‫‪17‬‬

‫وانطاق المسكوت عنه»‪ ،‬حيث يؤكد من خالل هذا الفصل على أن أساس انفتاح الوعي‬ ‫‪18‬‬

‫المديني في عصر النهضة على العالم هو ترجمة المعروف من إبداعات «اآلخر» في‬ ‫‪19‬‬

‫اآلداب األجنبية عن طريق إتاحة مختلف األعمال القصصية‪ ،‬فقد كان شيوع المترجم‬ ‫‪20‬‬

‫بوساطة «الصحافة» يوازي إعادة قراءة القصص التراثية التي أتاحتها المطبعة للجمهور‪،‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ص‪.190-12،‬‬


‫‪ 2‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪،‬ص‪.194-199‬‬

‫‪21‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وقد قدم المؤلف مجموعة من المالحظات التي تتعلق بالمترجمات في تلك الحقبة‪ ،‬حيث‬
‫لفت انتباهه كثرة الترجمة عن الفرنسية بالقياس إلى اإلنجليزية‪ ،‬وهذا األمر يرجع إلى قوة‬
‫العالقة الثقافية بفرنسا التي اتجهت إليها البعثات األولى لبجيال التي ضمت أمثال‪ :‬رفاعة‬
‫الطهطاوي‪ ،‬وعلي مبارك‪.‬‬
‫إضافة إلى نزوع أغلب األعمال المترجمة إلى الكالسيكية‪ ،‬وهذا ما يتجلى في‬
‫الكثير من الروايات المترجمة التي تميل إلى النزعة العقالنية‪ ،‬وتتميز بأنها ذات طابع‬
‫تعليمي ونزوع أخالقي‪ ،‬فهي تنزع نحو الخيال المتعقل وتبتعد عن الخيال الرومانتيكي‬
‫المحلق‪.‬‬
‫ويرى المؤلف أن اإلقبال على القصص المترجمة في الجرائد والمجالت هو‬
‫تأكيد على استجابتها لرغبات شرائح قراء الطبقة الوسطى‪ ،‬ويعبر عن التحول من طراز‬
‫سردي شفاهي إلى طراز سردي كتابي فرض بسبب انتشار أدوات إنتاج المعرفة وعالقاتها‬
‫في المدينة الحديثة‪ ،‬وهذا ما يعد تجسيدًا لعالمة دالة من عالمات الوعي المديني‪ ،‬والسيما‬
‫حين تتأصل في هذا الوعي نزعة إنسانية نتجت عن تنوع أعراق المدينة وأجناسها وطوائفها‬
‫ومعتقداتها‪ ،‬وهذا ما ج ّذر في عقول أبناء المدينة طبيعية الشعور بوجود اآلخر الذي يختلف‬
‫والموطن‪1.‬‬ ‫عنهم في اللغة والديانة‬

‫‪ )0‬أليجوريات النهضة واشكال الهوية‪:‬‬


‫في الفصلين األخيرين من الكتاب قدم جابر عصفور مجموعة من التحليالت‬
‫والرؤى الفكرية التي تتصل بأليجوريات النهضة واشكال الهوية‪.‬‬
‫مهد المؤلف لموضوع »أليجوريات النهضة«‪ 2‬بتعريف الرواية األليجورية‪ ،‬و«هي الرواية‬
‫التي تقول شيئاً وتعني غيره في أبسط تعريفاتها‪ ،‬وتتحول أحداثها وشخصياتها إلى معادل‬

‫‪ 1‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪،‬ص‪.222‬‬


‫‪ 2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.299-292‬‬

‫‪22‬‬
‫ال ُمؤَ لِفْ َوال ُمؤَ لَفْ‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫رمزي مباشر ألفكار كاتبها‪ ،‬أو إشارة غير مباشرة لنماذج أو مواقف في العالم الذي تتولد‬
‫منه‪ ،‬معتمدة في بناء أحداثها وشخصياتها على ما يشبه االستعارة المكنية التي يراد بها الزم‬
‫معناها وليس ظاهر معناها‪ .‬وألنها رواية ال تستطيع أن تشير إلى موضوعها إشارة مباشرة‬
‫بسبب حواجز الرقابة الصارمة‪،‬فإنها تراوغ السلطة التي تناوشها‪ ،‬وتتحول إلى إستراتيجية‬
‫خطاب مقموع‪ ،‬يتحايل على سلطات المنع في المجتمع‪ ،‬ويناورها بتورياته السردية الملتبسة‬
‫التي تومئ إلى مراميها الباطنة بواسطة القرينة الدالة» (ص‪.)292-299:‬‬
‫وينبه جابر عصفور إلى أنه البد من قراءة الرواية األليجورية بوصفها رواية‬
‫مجازية االنتقال فيها من ملزم المعنى إلى الزمه‪ ،‬وحركة القراءة فيها ال تتوقف على المعنى‬
‫ال على المعنى الثاني غير المباشر‪.‬‬
‫األول المباشر إال بوصفه دلي ً‬
‫وقد احتلت الرواية األليجورية مكانة دالة في مجاالت القص في عصر‬
‫النهضة‪ ،‬وذلك على مستوى الممارسة العملية لفنون القص التي كانت ترمي إلى إنطاق‬
‫المسكوت عنه من خطاب المجتمع‪ ،‬وعلى مستوى الوعي النظري بأهداف القص ووظائفه‬
‫التنويرية في مجتمع يهدف من خالل طليعته إلى تأسيس مالمحه المدنية‪ ،‬وقد مارست‬
‫الرواية األليجورية إبداعها بواسطة التمثيالت الكنائية التي ساعدت المتمردين‪ ،‬وقد أشار‬
‫المراش في منتصف القرن‬ ‫المؤلف إلى كل من الشدياق وعلي مبارك‪ ،‬وفرانسيس فتح ا‬
‫التاسع عشر‪.‬‬
‫في دراسته » إلشكال الهوية « ‪، 1‬أشاد المؤلف برواية خليل الخوري «وي‪ .‬إذن‬
‫لست بإفرنجي» التي تتجلى أهميتها في أنها تكمل ملمحاً في غاية األهمية من المشكالت‬
‫التي عولجت في روايات كتاب القرن التاسع عشر‪ ،‬فقد شغل خليل الخوري نفسه بقضية‬
‫الهوية‪ ،‬فما كتبه في روايته هو تمثيل كنائي لبفكار التقريرية التي صاغها لتأكيد ما أطلق‬
‫عليه اسم «الوجود األهلي»‪ ،‬والذي يقصد به إلى هوية كل أمة وضرورة الحفاظ عليها ‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.322-314‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬
‫المبحث األول ‪ :‬المدينة والرواية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المرأة والرواية‬


‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المدينة والرواية‬


‫‪ -‬تمثيالت المدينة المتحولة‪:‬‬

‫إن الرواية بما تنطوي عليه من مزايا لعل‪ ،‬أبرزها طرحها لقضايا المجتمع‬
‫المعاصر جعلها تحضا بمكانة ال ينافسها فيها جنس أدبي آخر إلى جانب‪ ،‬جمالياتها الفنية‬
‫التي تلون بها أدبنا العربي الحديث‪ ،‬وهذا ما أدى بجابر عصفور لتقصي‪ ،‬وتتبع أثاره لمعرفة‬
‫آلية تشكل مالمح هذا الجنس ورصد آلياته‪.‬‬

‫أثبتت الرواية العربية المعاصرة قدرتها الفذة‪ ،‬في طرح مشكالت المجتمع العربي‬
‫بطريقة يستشف منها القارئ ويستطلع التغيرات التي ط أرت على البيئة العربية‪ ،‬بمفهومها‬
‫الحديث بعد أن كان الشعر هو الديوان الذي يؤرخ تاريخ العرب‪ ،‬ويبين مالمح وطريقة‬
‫عيشهم لتقفز الرواية وتحطم كل القيود وتتمرد على القواعد وتنصب نفسها كوسيلة أولى في‬
‫التعبير عن واقع البيئة ; والمتمثلة في كل ما يحيط بالعمل‪ ،‬من سياقات تدخل في التكوين‬
‫األ ساسي لبناء الرواية فهذه األخيرة أثبتت قدرتها المتميزة على إيصال فهم نقدي لإلنسان‪،‬‬
‫والمكان والعمارة والعمران فهي لديها القدرة على وصف البيئات المتنوعة وصفا يبرز‬
‫االختالف الجذري‪ ،‬بين األماكن واإلنسان القاطن في هذا المكان على اعتبار‪ ،‬أن هذا‬
‫المكان يؤثر في اإلنسان‪ ،‬لذا فالمدينة واإلنسان من العالقات التي حضيت بنصيب وافر من‬
‫المعالجات النقدية‪ ،‬فالمدينة من الموضوعات التي جسدت معالم التطور الفني في الرواية‬
‫الحديثة‪ ،‬ويبرهن لذلك القول أن "الرواية كائن مديني إنتسابا إلى المدينة الضخمة بديهة في‬
‫نقد الرواية ال سيما في نقد رواية القرنين التاسع عشر والعشرين"‪ ،1‬على اعتبار أن الرواية‬
‫تصور الواقع بما يحتويه من حقائق تثبت عالقته الوطيدة بالرواية التي تعيش مع اإلنسان‬
‫جنبا لجنب ‪.‬‬

‫‪1‬حسن حمودة‪ ،‬الرواية والمدينة( نماذج من كتاب الستينيات في مصر )‪،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪،‬شركة األمل للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬دط‪ ،2000،‬ص‪. 14‬‬

‫‪25‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واستنادا لما يقال‪ :‬بأن ألف ميل تبدأ بخطوة فإن اإلشارة إلى العالقة القائمة‪،‬‬
‫بين المدينة والرواية تعود إلى قرون خلت‪ ،‬على يد هيغل الذي طرحها في كتابه االستيطيقا‬
‫‪1‬‬
‫حيث حور لها بفكرة أن الرواية ملحمة برجوازية"‬

‫والمتمعن في كتاب جابر عصفور الرواية واالستنارة عند حديثه عن تمثيالت‬


‫المدينة المتحولة‪ ،‬حيث يشير إلى "أن عالقة رواية النهضة بما انطوت عليه من أفكار‬
‫االستنارة وهي األفكار التي تم فيها التجاوب بين عقالنية التراث العربي اإلسالمي وعقالنية‬
‫عصر األنوار األوربي تؤكد تولد هذه الرواية عن مدينة متحولة تستهل خطى التحديث التي‬
‫تالزمها أو تترتب عليها نزعات محدثة ‪,‬يختلف بها وعي المدينة عن وعي غيرها من المدن‬
‫‪2‬‬
‫التقليدية التي تظل غارقة في سباتها النقلي "‬

‫يستشف أن جابر عصفور جسد تصوره حول عالقة رواية النهضة‪ ،‬أو ما‬
‫يسمى بالرواية اإلحيائية النهضوية‪ ،‬التي جسدت معاني االستنارة والتي تعني ذلك التجاوب‪،‬‬
‫ال ذي حدث بفعل التفاعل بين التراث العربي اإلسالمي وعصر األنوار األوربي‪ ،‬نتج عنه‬
‫جنس جديد وليد ارتبط بوعي المجتمع المدني‪ ،‬الذي استجاب لمتغيرات التحديث في مقابل‬
‫انغالق المدن التقليدية في نفورها من اآلخر‪.‬‬

‫وفي هذا المقام ال يسعنا القول إال أن دور وعي المجتمع المدني األساس‬
‫على حسب أري جابر عصفور هو المساهمة‪ ،‬في بلورة وصياغة الفن الروائي كما كانت‬

‫‪1‬حسن حمودة‪ ،‬الرواية والمدينة‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪2‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪ ،‬كتاب مجلة دبي الثقافية‪ ،‬دار الصدى للصحافة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬نوفمبر ‪،2011‬‬
‫ص‪.14‬‬

‫‪26‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المدينة تبدو منقسمة على نفسها بين بقايا قديمها‪ ،‬وجديدها بين أنصار اإلتباع ودعاة‬
‫االبتداع‪ ،‬كما عكست الرواية الحديثة فضاء المدينة العربية التي جمعت القديم بالحديث أو‬
‫الموروث‪ ،‬بالوافد بواسطة عمليات عديدة كاإل ازحة واإلحالل والمجاورة والتداخل‪ ،‬وقد استشهد‬
‫المؤلف في هذا الصدد بما حدث في القاهرة التي تخلقت فيها مالمح ما أطلق عليه علي‬
‫المراش في كتابه "رحلة باريس"حيث‬ ‫مبارك " الخطط التوفيقية "وما كتبه فرنسيس فتح ا‬
‫تناول الكاتب مدينة القاهرة التي شهدت الطفرة المدنية في العمران ومشاهدته من تنمية ومن‬
‫تحوالت عمرانية وثقافية واقتصادية‪ ،‬على غرار بقية المدن التقليدية التي ظلت مناهضة‬
‫لعمليات التحديث‪ .‬وخاصة أن المؤلف ال يرى صيغة أفضل من السرد الروائي‪ ،‬إلستيعاب‬
‫المتغيرات العمرانية واإلجتماعية والسلوكية واإلعتقادية‪ ،‬وهذا الفن الوليد في نظره يساهم في‬
‫إرساء قيم العدالة والمساوات والحرية والتفاعل والحوار‪ ،‬يقول جابر عصفور في هذا " لم يكن‬
‫غير فن الرواية فنا يستطيع بمرونة شكله تجسيدا لتحوالت العالقة بين الطوائف واألجناس‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫واألعراق البشرية في فضاء المدينة اإلحيائية المتحولة بدورها "‬

‫وباختياره لمدينة مصر التي ارتبطت بعمليات التحديث‪ ،‬وارساء قوانين المجتمع‬
‫المديني‪ ،‬واختيارها كبؤرة للحداثة السياسية والفكرية واألدبية‪ ،‬لم يغفل جابر عصفور عن‬
‫الدور الذي قامت به البعثات العلمية في عهد الخديوي إسماعيل‪ ،‬المتمثلة في رحلة علي‬
‫مبارك إلى باريس‪ ،‬الذي نقل الحضارة الغربية المتمثلة في العمران األوربي إلى الحضارة‬
‫العربية وجعل مدينة القاهرة قطعة من أوروبا‪ ،‬في المنشآت العمرانية والتعليم والسياسة‬
‫والثقافة‪ ،‬كما جسد طموح طليعة أرادت أن تجعل من القاهرة قطعة‪ ،‬من أوروبا في العمران‬
‫والتقدم‪ ،‬حيث وصف أدوات التحديث المادية وأثرها على الوعي في روايته "علم الدين "وما‬
‫فعله في هذه الرواية سوى جانب من الكتابة السردية المعبرة عن التناقضات والمتغيرات‬
‫والتعارضات متمثلة في أسلوب السرد الروائي‪ ،‬حيث الوصف الذي يلتقط متغيرات العمران‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪27‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والشخصيات التي وضيفتها التعليق على هذه التناقضات والمتغيرات‪ ،‬واألحداث التي يراد لها‬
‫‪1‬‬
‫تجسيد التحول أو اإلشارة إليه"‪.‬‬

‫ويتابع جابر في سرد أريه عن التحول الذي شهدته مدينة القاهرة‪ ،‬حيث عقد‬
‫_ ما عرف بخطط المقريزي _مع ما جاء به علي‬ ‫مقارنة بين ما جاء به المقريزي‬
‫مبارك_ما عرف بالخطط التوفيقية _‪:‬‬

‫فكتاب الخطط القديمة للمقريزي يعتبر "حامال األحوال مصر بتاريخها وأثارها‬
‫ومجتمعاتها وجغرافيتها االقتصادية واالجتماعية والسياسية حتى شوارعها وأسواقها وأثارها‬
‫وجوامعها وقصورها ودروبها ومدارسها بل إن بعض الدارسين يعلق بإعجاب على الكتاب‬
‫قائال‪ :‬يمكننا القول أنه لم يترك شارعا والحيا وال صرحا أثريا في مصر أال وتناوله بالحديث‬
‫والتبيان والشرح وميزته أنه لم يكن وصفيا انطباعيا لكل ذلك‪ ،‬بل غلب عليه الطابع البحثي‬
‫التحليلي باألسلوب الخلدوني"‪ 2‬أما علي مبارك وما اصطلح عليه بالخطط التوفيقية تلك‬
‫الخطط التي أصبحت تميز أخطاط العمران القاهري "وهي األخطاط التي يتقابل فيها‬
‫"البوليفار" العريض مع " الحارة " الضيقة التي بقيت في األحياء القديمة‪ ،‬وجود المدرسة‬
‫المدنية المحدثة مع وجود المدرسة الدينية التقليدية‪ ،‬أماكن اللهو وأماكن العبادة‪ ،‬ظهور‬
‫‪3‬‬
‫المرأة في أحياء ومؤسسات واخفاء المرأة في أحياء ومؤسسات مقابلة ‪" .‬‬

‫ومن خالل هذه المتعارضات والتناقضات‪ ،‬يظهر جليا الفرق الجوهري بين‬
‫ثقافة األنا المتمثلة في القاهرة القديمة واألخر المتمثل في القاهرة الحديثة‪ ،‬سواء من المنظور‬
‫الثقافي أو العقائدي أو حتى السلوكي أو المعماري أو االقتصادي أو السكاني‪ ،‬ونستطيع أن‬
‫نقول أن جابر عصفور عرض لنا بعضا من أري المراش الذي يظهر للعيان بشكل جلي‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪2‬ينظر ‪ :‬تقي الدين علي المقريزي‪ ،‬الخطط المقرزية‪ ،‬تق ‪ ،‬مكتبة مدبولى‪.1442‬‬
‫‪3‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.92‬‬

‫‪28‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والمتمثل في أن هذا األخير وصف البيئة المصرية بشكل سطحي‪ ،‬يخفي بين ثناياه حقائق‬
‫ال تكاد تخفى عن ال أري العام حيث صرح وأعلن للمب قوله " أخذت أجوب أسواق القاهرة‬
‫وأطوف في شوارعها وأتفرج عل مشتهراتها مدة ستة أيام‪ ،‬فلم أعثر على ما يستحق الذكر أو‬
‫يروق الخاطر سوى خزانة التحف المصرية وجامع القلعة الذي بناه محمد علي باشا ‪"......‬‬
‫وبما أن زيارة المراش لمصر كانت أقصر من أن تستوعب الرؤية الحقيقية للبيئة أو المدينة‬ ‫‪1‬‬

‫المصرية فقد أظهر قصو ار في نقل الصورة المعمارية لمدينة القاهرة‪ ،‬التي لطاما كانت‬
‫حا ضرة في عقول الدارسين بالمدح واإلعجاب وهذا ما جعل أري المراش ال يتعدى مجرد‬
‫النظرة الضيقة لمدينة بشساعة القاهرة التي ال يمكن البتة الحكم عليها من خالل كم شارع أو‬
‫زقاق ونستطيع القول أن قول المراش يفضي بنا إلى أن القاهرة في ذلك الزمن لم تشهد تغي ار‬
‫حضاريا في الجانب العمراني واستثنى من ذلك محاوالت التغيير التي قام بها علي باشا‪.‬‬

‫أراد المؤلف أن يثبت من خالل هذه التناقضات‪ ،‬مدى تخلف وانغالق المدينة‬
‫القديمة التي الزالت في سباتها الطويل في مقابل المدينة الحديثة‪ ،‬بمالمح التجديد واالنفتاح‬
‫حيث ورد ذكر المدينة في العديد من النصوص السردية الروائية‪ ،‬باعتبار الرواية ألصق‬
‫الفنون بالمجتمع‪ ،‬كما استطاعت الرواية أن تعبر عن هذا األخير بمختلف تناقضاته وصوره‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫كما جاءت المدينة في الرواية العربية بين اإليجاب والسلب‪ ،‬مجسدتا موقف‬
‫التراث من الحداثة حيث اتخذ أصحابها مواقف محددة تباينت بين الرفض والقبول‪ ،‬لذا "جاء‬
‫تاريخ المدينة العربية الجديدة حامال لمعاناة مزدوجة‪،‬هي المعاناة من الذات والتراث العربي‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن اآلخر والمدينة الغربية‪ ،‬أي كان اإلحساس متوت ار بين قبول المدينة المعاصرة ورفضها"‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪2‬إبراهيم رماني‪ ،‬أسئلة الكتابة النقدية‪( ،‬قراءة في األدب الجزائري الحديث )‪،‬المؤسسة الجزائرية للطباعة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ط‪ ،‬د‬
‫ت‪،‬ص‪.99‬‬

‫‪29‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫في ظل كل هذه التعارضات وما نتج عنها من تناقضات‪ ،‬توزعت بناء على‬
‫ذلك ثالثة اتجاهات رئيسة تمثل مواقف متباينة أال وهي ‪(:‬الطائفة المحدثة ‪/‬الطائفة القديمة ‪/‬‬
‫الطائفة التي تتراوح بين اإليجاب والسلب ) لذلك وجدنا أنفسنا ملزمين بالخوض في مجموع‬
‫التساؤالت التي يكاد ينبني عليها هذا التناقض وهي ‪:‬‬

‫‪ -‬ما هي أ سباب ومرجعيات وخلفيات تعدد الطوائف وانقسامها في نظرتها للمدينة؟ وهل‬
‫لذلك عالقة بالفترة الزمنية والتاريخية التي برزت فيها هذه الطائفة ؟‬
‫‪ -‬ما هي أهم هذه الروايات التي تمثل هذه الطوائف الثالث والى أي مدى تعبر عن‬
‫مبادئ هذه الطوائف ؟‬
‫‪ -‬هل لتعدد األشكال السردية عالقة بالقديم والجديد؟‬
‫‪ -‬ماذا أضافت هذه الطوائف للساحة األدبية والنقدية على حد سواء؟‬
‫‪ -‬ما هو تأثير ممثلي هذه الطوائف وما هي بصمتهم التي تميز كل واحد منهم عن‬
‫األخر على الرواية بصفة عامة؟‬
‫ما مدى وعي المتلقي بمصداقية طائفة دون أخرى ؟‬

‫وأخي ار نختتم جملة التساؤالت لنكشف عن كنه اآلراء التي اختلفت فانقسمت‬
‫على حسب رأي جابر عصفور إلى طوائف تسعى كل واحدة منها إلى إثبات وجهة نظرها‬
‫وعلى هذا األساس تعددت صور المدينة وتنوعت في عقول أبنائها على حسب موضع كل‬
‫طائفة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أ)الطائفة المحدثة‪:‬‬
‫وهي الداعية إلى التحديث والمستفيدة منه‪ ،‬ومن ثم لم تر في آثاره الجانبية‬
‫السلبية سوى ثمن قليل البد من دفعه لتحقيق التقدم‪.‬والمثال البارز لهذه الطائفة علي مبارك‬
‫نفسه )مهندس القاهرة الحديثة وطليعة األفندية (‪ ،‬الذي صاغ االستجابة اإليجابية لهذه‬
‫‪1‬‬
‫الطائفة في روايته "علم الدين" والتي جعلها على لسان شيخ عقالني مستنير‪.‬‬
‫ونستطيع القول بأن هذه الطائفة لم تكترث لما قيل أو عقب عن فكرتهم التي ترمي‬
‫بالتراث إلى سلة المهمالت بحيث يرفضون العودة إلى التراث‪ ،‬كليا مع التعصب لكل ما هو‬
‫جديد وحجتهم في ذلك مواكبة العصر واتخاذ الغرب األوربي كمعادل موضوعي يرقى كلما‬
‫اقترب منه ويفسد كلما ابتعد وانحرف ‪.‬‬

‫ب)الطائفة القديمة‪:‬‬
‫وهي التي ناهضت عمليات التحديث وقاومتها‪ ،‬ووسمتها ببدعة الضاللة التي‬
‫تفضي إلى الكفر واإللحاد‪ .‬كما هاجمت فن الرواية البازغ الذي اقترن بتأسيس المدينة‬
‫الحديثة‪ ،‬والمثال الدال لهذه الطائفة "الشاعر أحمد شوقي"في سردية» شيطان بنتاءور «‬
‫المنشورة عام ‪ ،1401‬ليرصد فيها مشاهد الزمن الحاضر بعيني الحكيم القديم الذي لم يرى‬
‫من المدينة سوى "صور ممسوخة‪ ،‬وأشباح معوجة‪ ،‬وأعضاء كمختلط األشالء من الضياع‬
‫التناسب"‪ 2‬فهذه الطائفة انغلقت على نفسها وجعلت سدا منيعا بينها وبين أي شيء يهدد‬
‫استقرارها فهي ترفض كل ما يمت للغرب بصلة أي أنها وقفت على النقيض مما قامت عليه‬
‫الطائفة المحدثة‪.‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪،‬الرواية واالستنارة‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪،‬الرواية واالستنارة ‪،‬ص‪.26،‬‬

‫‪31‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نستطيع القول بأن كال الطائفتين وقعتا في فخ إلغاء األخر وعدم قبول‬
‫الوساطة والجمع بين ما هو قديم أي التراث وما هو جديد الحداثة ومن هنا يبرز ال أري‬
‫التوفيقي المستنير الذي يمازج بين التراث واالنتقاء من كل ما هو جديد ما يناسب وينفع‬
‫الساحة األدبية وهذا ال أري هو‪:‬‬

‫ج( طائفتي االستجابة الموجبة واالستجابة السالبة‪:‬‬


‫وهي الطائفة التي تنحوا إلى قبول الجديد ما ظل محققا لتطلعاتها‪ ،‬غير‬
‫متعارض مع األنساق الفكرية التي تنطوي عليها‪ ،‬وترفض ما يترتب على عمليات التحديث‬
‫التي تربك أنساقها اإلدراكية الموروثة‪ ،‬والمثال البارز على ذلك » حديث عيسى بن هشام «‬
‫التي يتصدرها الباشا القديم المنبعث من قبره بحيلة سرد الروائي‪. 1‬‬

‫هذه الطائفة رأت بأن الحداثة ال تقف حائال دون استمرار الماضي والتراث في‬
‫الحاضر‪ ،‬أي أن عملية تحديث الحاضر "ال تبدأ من الصفر"‪ ،‬وال تتم "بإلغاء التراث في سلة‬
‫المهمالت"‪.2‬‬

‫هذه النظرة الداعية لتحديث وفق المنظور التوفيقي ال تعني "رفض التراث‪ ،‬وال‬
‫القطيعة مع الماضي‪ ،‬بقدر ما تعني االرتفاع بطريقة التعامل مع التراث إلى مستوى ما‬
‫"‪3‬‬
‫أي أن الرؤية وفق هذه الطائفة تربط بين الماضي والحاضر‪ ،‬وتنظر‬ ‫نسميه بالمعاصرة‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.99‬‬


‫‪2‬محمد عابد الجابري ‪،‬إشكالية األصالة والمعاصرة ‪،‬الفكر العربي الحديث والمعاصر‪ ،‬صراع طبقي أم مشكل ثقافي‪،‬‬
‫ضمن التراث وتحديات العصر في الوطن العربي‪ ،‬مجموعة من المؤلفين مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،1429،‬ط‪،2‬‬
‫ص‪.22‬‬
‫‪ 3‬محمد عابد الجابري ‪،‬التراث والحداثة ‪،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪،1441 1‬ص‪.12‬‬

‫‪32‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إلى الماضي ضمن شروطه االجتماعية والتاريخية‪ ،‬المنتجة له‪ ،‬والقادرة على االستمرار‬
‫‪1‬‬
‫والتفاعل مع الواقع لدفع عملية التطور إلى األمام‪.‬‬

‫ويبدو من خالل هذا التصنيف‪ ،‬الذي وضعه جابر عصفور‪ ،‬حسب توجه كل‬
‫طائفة‪ ،‬هو هاجس التراث في الفكر العربي المعاصر‪ ،‬بين القبول والرفض‪ ،‬إزاء عمليات‬
‫التحديث‪ ،‬يبرره اختالف في التوجه الفكري والثقافي والعقائدي والتاريخي‪ .‬ومن خالل هذه‬
‫االستجابات المتعارضة والمواقف المتباينة استطاعت‪ ،‬هذه الطوائف أن تضعنا أمام قضية‬
‫شائكة وهي جدلية التراث والحداثة‪ ،‬والتي كانت محل اهتمام العديد من الدارسين كما كان‬
‫لها حظ أوفر من الدراسات في الساحة األدبية والنقدية على حد سواء‪ ،‬فإعادة أو كتابة‬
‫التاريخ ليست ترفا أو استرجاع لزمن عبر الكلمات بل هي استعادة للتاريخ الذي نحن نتاجه‬
‫ونعيش نتائجه وانعكاساته على حياتنا وواقعنا بشكل أو بأخر‪ ،‬إنه استعادة للهوية لما في‬
‫الكلمة من معنى‪.‬‬

‫هل يمكن أن ننفصل عن الماضي بمجرد أنه ضروري بالطبع‪ ،‬ال غير أن‬
‫البعض يحاول الهروب منه خوفا مما جرى والبعض يهرب إليه بحثا عن الذكرى والبعض‬
‫يعيد قراءته التماسا للجمال في أثاره وأطالله أو بحثا عما غمض منه‪ ،‬فنحن جزء من‬
‫الماضي شئنا أم أبينا ننتمي إليه كما ينتمي إلينا فهو جزء من هويتنا‪.‬‬

‫ويؤكد جابر عصفور بأن وعي مثقف المدينة أحوال مدينته المتحولة‪،‬‬
‫بالضرورة يفضي إلى تعدد وتنوع أساليب عرض تصورات هذه المدينة‪ ،‬فدراية المثقف بأن‬
‫مدينته الحالية نتيجة حتمية لتطورات سبقتها وهو العامل األساس في وعي هذا المثقف‬
‫بأحوال عصره‪ ،‬بحيث ينطلق من هذا الموضع ليعرض تفاصيل مدينته بما هو كائن وليس‬
‫بما كان أو ما سيكون‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد رياض وتار‪ ،‬توظيف التراث في الرواية العربية المعاصرة ‪ ،‬منشورات اتحاد كتاب العرب‪ ،‬دمشق ‪ ،2002،‬ص‬
‫‪.29‬‬

‫‪33‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لقد أدى هذا التداخل بين المواقف المتعارضة‪ ،‬كما يرى جابر عصفور إلى تعدد‬
‫التمثيالت السردية‪ ،‬يقول "وأتصور أن تعدد التمثيالت السردية‪ ،‬من منظور هذه االستجابات‬
‫المتعارضة‪ ،‬كان يعني تعدد األشكال السردية نفسها‪ ،‬تلك التي ساعدت على تنوعها مرونة‬
‫الذي استوعب األشكال التراثية العربية القديمة واألشكال األوربية‬ ‫النوع الروائي الجديد‬
‫‪1‬‬
‫الحديثة للقص"‪.‬‬

‫ذلك يعني أن تعد التمثيالت السردية انطوت على وجود ألوان تراثية تمثلت في‬
‫السرد القديم الذي اتخذته كل طائفة فنا لتعبير على توجهاتها ومواقفها سواء ذات النظرة‬
‫التجديدية أو التقليدية وهو "فن المقامة " كما هو موجود في مؤلف "حديث عيسى بن هشام"‪،‬‬
‫و سردية " شيطان بنتاءور" لشاعر أحمد شوقي‪ ،‬و"علم الدين" لعلي مبارك‪.‬‬

‫وفي هذا السياق يرى جابر عصفور أن الفن الروائي‪ ،‬الوليد قد استوعب‬
‫أشكال القص األوربي ‪,‬في حين يرى أن هذا الشكل المستعار لم يستخدم بحالته الخام و إنما‬
‫أعيد إنتاجه عكس شخصية المجتمع العربي‪ ،‬كما تطور هذا الفن الروائي الجديد من خالل‬
‫التالقح بين التراث العربي والتراث اإلنساني الغربي المتمثل في أشكال التمثيل الكنائي أو‬
‫كما يسميه جابر عصفور )األليجوريا( وهي التي تقول شئ وتعني شيئا آخر‪ ،‬كتوظيف‬
‫الكناية والمجاز والتورية ‪...‬الخ‪ ،‬مثل رواية "علم الدين " لعلي مبارك‪ ،‬و"غابة الحق"‬
‫لفرنسيس مراش‪" ،‬والساق على الساق"‪ ،‬أحمد فارس الشدياق‪ ،‬من وراء رموز وأقنعة التي‬
‫‪2‬‬
‫عرفها كتاب النهضة‪.‬‬

‫لقد استطاعت الرواية العربية أن تشكل مالمحها‪ ،‬بعد ما وظفت تقنيات القص‬
‫الغربي الحديث بعد إعادة إنتاجه واإلفادة منه كما أعادة توضيف التراث العربي‪ ،‬بما يخدم‬
‫تقنيات الفن الروائي الحديث في صراع متوتر بدأ من "الساق على الساق" وانتهى بانسحاب‬

‫‪1‬جابر عصفور‪،‬الرواية واالستنارة ‪،‬ص‪.99‬‬


‫‪2‬‬
‫ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪34‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫قالب "المقامة" الذي لم يصمد أمام متغيرات السرد الروائي الفني مع ظهور رواية "زينب"‬
‫لحسين هيكل‪ ،‬سنة لقترابها من تقنيات الرواية المعاصرة‪ ،‬التي تجاوزت كتابة النهضة‪ ،‬بعد‬
‫‪1‬‬
‫أن ذاب "التمثيل الكنائي" في مجال القص في عصر النهضة في مواقف النقد االجتماعي‪.‬‬

‫ومن هذا المنظور‪ ،‬يؤكد جابر عصفور أن التأليف الروائي الجديد‪ ،‬كان‬
‫ضربا من المثاقفة أو التفاعل الذي وصل الخبر ة الموروثة بالخبرة المكتسبة‪ ،‬القديم والجديد‬
‫المنطوي على نزوع عقالني يناقض معنى اإلتباع والنقل‪ .‬من هنا يفهم العمل الذي قام به‬
‫جابر عصفور في الجمع بين المورث والوافد‪ ،‬هو الدعوة االنفتاح على األخر‪ ،‬ذلك أنه ال‬
‫يؤمن بوجود التعارضات والتناقضات ذو نزعة عقالنية‪.‬‬

‫وما قصده جابر عصفور في دراسته لنشأة الرواية العربية هو أن يتحرر الناقد‬
‫من أي معيار إبداعي خارجي ال يراعي خواص التاريخ العربي في المقام األول‪ ،‬وال يفصل‬
‫بين األسلوب الجمالي ووظيفته‪ ،‬فقد عكست الرواية العربية وعي المجتمع المدني‪ ،‬التي تولد‬

‫النهضة‪.‬‬ ‫منها فن رواية‬


‫‪2‬‬

‫هذا وقد أوجد جابر عصفور خلط بين مصطلح "الرواية" و"التمثيل"في الزمن‬
‫الباكر من النهضة‪ ،‬فقد كان كال االصطالحين يشير إلى معنى قرينه ويتبادل معه الوضع‪،‬‬
‫سليم الخوري عن المسرح في "مجلة الضياء"‬ ‫وقد استشهد في هذا الصدد بما كتبه‬
‫(‪12‬أفريل سنة‪ 1944،‬تحت عنوان » الروايات والروائيون « ‪،‬في المقابل كتب حنا النقاش‬
‫عن" المراسح والروايات "في الجزء الحادي والعشرين من السنة الثانية "لمجلة المقتطف" وكان‬
‫‪3‬‬
‫حنا النقاش يقصد بالكلمتين المتجاورتين داللة واحدة تشير إلى فن التمثيل‪.‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪،‬ص‪.92‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪3‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪،‬ص‪.91‬‬
‫‪35‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هذا الخلط بين الرواية والمسرحية‪ ،‬إذ كان يطلق اسم الرواية على األعمال‬
‫المسرحية والقصصية مع انطالقتها ذلك عائد لعدم وضوح معالم الفن الروائي ومالمحه في‬
‫تلك الفترة‪ .‬وذلك راجع إلى بعض المتمسكين بفن المقامة في أعمالهم النثرية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المرأة والرواية‪:‬‬


‫المرأة ونشأة الرواية العربية‪:‬‬
‫إن الولوج إلى عالم الكتابة الروائية النسوية‪ ،‬يعود إلى ما كشفته هذه‬
‫األخيرة من روايات في مجموعها من طليعة إبداعات المرأة العربية وما تحويه‪ ،‬هذه‬
‫اإلبداعات من خصوصية تبين تفردها اإلبداعي‪ ،‬وما تدل عليه من مستوى وعي المرأة‬
‫وتطلع عصر بأكمله‪ ،‬خاصة في أواخر القرن التاسع عشر الذي شهد تطو ار في الفكر‬
‫واإلنتاج األدبي وخاصة في العالم العربي‪.‬‬
‫ومن النقاد الذين اهتموا بالمرأة الحظوا منذ فترة مبكرة تأثير وعي المرأة‪،‬‬
‫ووجوب تعليمها وتحريرها من مختلف أشكال الحرمان والمطالبة بالحقوق على المجتمع‬
‫وتقدمه‪ ،‬ومن هنا يؤكد قاسم أمين أن تحرير المرأة ليس مطلبا إنسانيا فحسب‪ ،‬بل إنه‬
‫ضروري للتقدم القومي أو الوطني وعلى المصريين كما قال إذا أرادو أن يكونوا أمة حية‬
‫راقية متمدنة "قلنا أن نقول لهم توجد وسيلة تخرجكم من الحالة السيئة التي تشكون منها‬
‫‪1‬‬
‫وتصعد بكم إلى األعلى مراتب التي كما تشتهون أال وهي تحرير نسائكم من قيود الجهل"‬
‫وفيما تؤكد الدراسات أن الحجاب في مؤلفات قاسم أمين يعني الحجب الكامل للمرأة وربما‬
‫عزلها في المنزل أو عن الحياة المشتركة في الواقع المعاش‪.‬‬
‫وفي هذا السياق يرى جابر عصفور أن الطليعة اإلبداعية من المثقفين في‬
‫سياق نشأة الرواية العربية ساهمت بشكل أو بآخر في بروز نزعة نسائية طالعة‪ ،‬من شرائح‬
‫المجتمع الطبقة الوسطى المنطوية على قيم المجتمع المدني المحدث‪ ،‬تمثلت في تلك النظرة‬
‫الجديدة إلى المرأة وذلك من خالل كتابات كل من رفاعة الطهطاوي في كتابه" تخليص‬

‫المرة والرواية السعودية ‪ ،‬جريدة الوطن‪،‬الكويت ‪. 2012‬‬


‫‪1‬ينظر‪ :‬خليل علي حيدر ‪ ،‬أ‬
‫‪http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=168447‬‬

‫‪37‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اإلبريز في تخليص باريز"‪ ،1231‬في مصر وما دعا إليه بطرس البستاني في لبنان‪ ،‬وكال‬
‫االثنين أثمرت جهودهما في الدعوة إلى تعليم المرأة وتأكيد حضورها في المجتمع كما ارتبط‬
‫اسم البستاني بالتعليم المدني‪ ،‬منذ أن أنشأ المدرسة الوطنية في بيروت وأنشأ مجموعة من‬
‫الصحف أبرزها جريدة الجنان كما ألح على أهمية تعليم المرأة ضمن مسعاه التنويري‪ . 1‬أي‬
‫أن اإلبداع النسوي في مجال الكتابة الروائية وخاصة في العالم العربي تشكل ضمن ظروفه‬
‫التاريخية التي ساعدته في البروز إلى الساحة العربية والنقدية على سواء‪ ،‬واذا كنا نعترف‬
‫لمصر بدور الريادة في قضايا المرأة وتحريرها وولوجها إلى عالم الكتابة نستعير من مارغو‬
‫بدران" البدايات األولى التي استخدم فيها مصطلح النسوية في مصر فقد كان ذلك عام‬
‫‪ 1404‬عندما نشرت ملك حنفي ناصف مجموعة من المقاالت عدها الكثيرون عالمة فارقة‬
‫في تاريخ الم أرة وقد نشرت هذه الخطابات تحت عنوان النسائيات ومضمون هذه النسائيات‬
‫يكشف عن مطالبة بتحسين وضع الم أرة بالتعليم وفتح فرص العلم ورفع أشكال االضطهاد‬
‫عن المرأة وقد نشرت هذه النسائيات على صفحات الجريدة التابعة لحزب األمة الوطني‬
‫‪2‬‬
‫األمر الذي ساعد في انتشار الصوت األنثوي ليصل قطاعات عريضة من الجنسين"‬
‫كما أن هناك اعتقادا في العالم العربي بأن النقاش النسائي بدأه في العالم‬
‫كدليل على وجود بواكير لظهور مصطلح‬ ‫العربي قاسم أمين في كتابه تحرير الم أرة‬
‫النسوية وقد استخدم هذا المصطلح بشكله الرسمي عام ‪ 1423‬وكان ذلك عن طريق الحزب‬
‫‪3‬‬
‫النسائي المصري‪.‬‬
‫ويؤكد جابر في المقابل‪ ،‬أن إتساع رقعة التعليم المدني للبنات خاصة في‬
‫مصر‪ ،‬والشام عدد من كاتبات الرواية الالئي سبقن قاسم أمين في الدعوة إلى "المرأة‬
‫الجديدة" وتحريرها بواسطة الكتابة ومن داخل الكتابة في اآلن ذاته‪ .‬ومن هؤالء الرائدة عائشة‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪ ،‬ص‪.120‬‬


‫‪2‬رزان محمود إبراهيم‪ ،‬في النقد النسوي إشكاليات ومالمح‪ ،‬ص‪. 4‬‬
‫‪3‬ينظر‪ :‬رزان محمود ابراهيم‪ ،‬في النقد النسوي إشكاليات ومالمح‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪38‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التيمورية التي أسدرت سريتها الدالة "نتائج األحوال في األقوال واألفعال" سنة ‪1302‬ه‪ ،‬بذلك‬
‫كانت المرأة العربية األولى التي مهدت لكتابة المرأة في الرواية‪.‬سبقت بذلك أليس بطرس‬
‫البستاني التي نشرت روايتها "صائبة "سنة ‪ ،1241‬قبل ثماني سنوات من نشر الرواية األولى‬
‫للبيبة هاشم بعنوان "حسناء الحب"سنة ‪ 1242‬وهي الرواية التي تبعتها بعام واحد رواية زينب‬
‫فواز األولى "حسن العواقب " التي تعتبر وتعد الكاتبات األربع عائشة التيمورية وأليس بطرس‬
‫‪1‬‬
‫بحق‪.‬‬ ‫البستاني ولبيبة هاشم وزينب فواز رائدات الرواية العربية في القرن التاسع عشر‬
‫كما ظهرت الصحافة النسائية‪ ،‬وظهرت فيه مجالت خاصة‪ ،‬مثل مجلة‬
‫الفتاة الشهرية التي أنشأتها هند نوفل (مدام دبانة ) في األسكندرية سنة‪. 1242 ،‬وصدرت‬
‫مجلة "أنيس الجليس" التي أنشأتها ألكسند ار مليتادي أفرينو في السنة نفسها‪ ،‬وصدرت مجلة‬
‫"السيدات والبنات "الشهرية التي أنشأتها روز أنطون سنة ‪ ،1403‬وأصدرت روز حداد مجلة‬
‫بعنوان " السيدات والرجال" في أفريل سنة ‪ .1422‬وكلها مجالت تضافرت مع صحف‬
‫النهضة الداعية إلى االستنارة والمعبرة عن الوعي المدني المحدث ‪,‬تأكيدا لدور المرأة الكاتبة‬
‫المهتمة بقضايا تحرر المرأة وتحريرها‪ ،‬وتأكيدا للحضور اإلبداعي للمرأة كاتبة الرواية التي لم‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬‬ ‫تتأخر طويال في اللحاق بالرجل‬
‫وفي المقابل يؤكد جابر عصفور أن انتشار فكرة الصالونات األدبية دليل‬
‫على ارتفاع درجة الوعي الذي وصلت إليه الم أرة ومدى التطور الذي قطعته الحركة النسائية‬
‫في مصر ضمن عالقات مجتمع مدني‪ ،‬واعد منها صالون مي زيادة في تحرره الذي‬
‫جمع كتاب عصرها أمثال العقاد وطه حسين بعكس صالون ملك حنفي ناصف الذي‬
‫اقتصر على النساء فقط فهذه األخيرة أبدت تحفضها حسب أري جابر عصفور_تجاه‬

‫‪1‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪،‬ص‪.121‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪39‬‬
‫المفاهيم النقدية في الكتاب‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الروايات الغرامية على اعتبا ارها غير مناسبة لمن يعيشون فترة مراهقة حيث أبدت أريها تجاه‬
‫‪1‬‬
‫هذا وصرحت بأن اآلباء هم من عليهم أن يختاروا ألبنائهم ما يرونه أصلح لسنهم ووعيهم "‬
‫هذا ما يجعلنا نحكم حكمنا االبتدائي عليها أن توجهها الفكري توجه‬
‫إصالحي محافظ يسعى لبث الروح التقليدية المحافظة للمجتمع العربي‪ ،‬في المقابل يصف‬
‫جابر عصفور أن مللك ناصف حفني ذات نظرة ضيقة بحكم توجهها المحافظ بخالف‬
‫الكاتبات األخريات ذات النظرة الواعية أمثال زينب فواز ولبيبة هاشم وأليس بطرس البستاني‬
‫وغيرهن في نظره تناولت الرواية الغرامية األوربية ومن هنا نستنتج أن توجه الكاتب يدعو‬
‫إلى أن ملك حفني ناصف ظلت تحاول أن تحافظ‬ ‫إلى االنفتاح نحو األخر واألخذ منه‬
‫على مكانة المرأة وذاتيتها من خالل التراث والثقافة العربية‪.‬‬
‫ويأتي قول حسين هيكل مناص ار وداعما للروائيات العربيات عند عقده‬
‫مقارنة بين التشجيع الذي شهده الكتاب الغرب وبين اإلهمال المفرط لهذا الجانب في‬
‫المجتمع العربي خاصة السيدات‪ ،‬حيث أنه لو توفرت لهن ما حظيت به مثيالتهن من‬
‫‪2‬‬
‫السيدات الغربيات لكان األدب العربي السباق في كل ما يتعلق بالفن واإلبداع القصصي‪.‬‬
‫ومن هنا يظهر جليا أري جابر عصفور حين عقب عما قاله حسين هيكل‬
‫فيما يخص الكتابات النسوية فبالرغم من أنهن سبقنه إلى فن الرواية إال أنه تجاهل كتابتهن‬
‫اإلب داعية خاصة القصصية منها ويبدوا أن جابر يريد أن يحيلنا إلى أن حضور الم أرة‬
‫الروائية المبدعة في الساحة األدبية في تلك الحقبة دليل على وجود وعي يتقبل المرأة إلى‬
‫جانب الرجل دون وجود عراقيل تعيق تكاتف وتعاضد الجنسين جنبا إلى جنب ‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة ‪ ،‬ص‪.199_192‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪،‬ص‪.199‬‬

‫‪40‬‬
‫الخاتمـــــــة‬
‫الخاتــــمة‬

‫الخاتــــمة ‪:‬‬

‫من خالل دراستي النقدية لكتاب الرواية واالستنارة لجابر عصفور‪ ،‬التي احتوت على‬
‫ركيزتين أساسيين في تشكل معالم الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬أال وهما المدينة بكل مفارقاتها‬
‫والمرأة التي بوعيها استطاعت أن تسمو بالفن الروائي العربي على الرغم من المعوقات التي‬
‫شهدتها في معترك الكتابة النسوية المهمشة أنذاك‪.‬‬
‫وبعد الفراغ من هذا البحث توصلت إلى مجموعة من النتائج منها ‪:‬‬
‫‪ ‬يعد كتاب الرواية واالستنارة لناقد جابر عصفور من أهم الكتب النقدية المعاصرة التي‬
‫طرحت معالم تشكل الرواية العربية الحديثة على مر التاريخ‪.‬‬
‫‪ ‬الرؤية النقدية لدى جابر عصفور تجمع بين الحداثة واألصالة وذلك من خالل تأكيده‬
‫على دور التنوير الذي عرفته النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ ‬أسس جابر عصفور لمفهوم نقدي جديد برؤى فلسفية أال وهو العقل التنويري أو ما‬
‫سماه باإلستنارة‪.‬‬
‫‪ ‬أثر المدينة وتحوالتها هو الذي أسهم في بروز فن الرواية عند جابر عصفور‪.‬‬
‫‪ ‬دور الوعي المديني والطبقة الوسطى عند جابر عصفور أدى إلى تأسيس جنس‬
‫أدبي ارتقى إلى مكانة رفيعة بين األجناس األدبية في الساحة العربية المعاصرة أال وهو‬
‫الرواية‪.‬‬
‫‪ ‬دور عملية االستنارة في بلورة الوعي المديني الذي كان السبب المباشر في تطور‬
‫الرواية العربية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫المصـادر والمراجـــع‬
‫المصادر و المراجع‪:‬‬

‫والمراجع‪:‬‬ ‫قائمة المصادر‬


‫أ‪ .‬المصـادر‪:‬‬
‫‪ )1‬جابر عصفور‪ ،‬الرواية واالستنارة‪ ،‬مجلة دبي الثقافية‪ ،‬دار الصدى‪ ،‬للصحافة‬
‫والنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلمارات العربية المتحدة ‪ ،‬نوفمبر‪.2011،‬‬
‫‪ )2‬جابر عصفور‪ ،‬نظريات معاصرة‪ ،‬القراءة للجميع‪ ،‬مكتبة األسرة‪ ،‬المجلس األعلى‬
‫للشباب والرياضة‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‬

‫ب‪ .‬المراجع‪:‬‬
‫‪ )1‬المقريزي تقي الدين أحمد بن علي‪ ،‬بالخطط المقريزية‪ ،‬صفحات من تاريخ مصر‬
‫المواعظ واإلعتبار بذكر الخطط واألثار‪ ،‬تق‪ ،‬محمد رينهم‪ ،‬مديحة شرقاوي‪ ،‬مكتبة‬
‫مدبولى ‪.1442،‬‬
‫‪ )2‬حسن حمودة‪ ،‬الرواية والمدينة‪( .‬نماذج من كتاب الستينيات في مصر) ‪ ،‬الهيئة العامة‬
‫لقصور الثقافة‪ ،‬شركة األمل للطباعة والنشر ‪ ،‬دط ‪. 2000 ،‬‬
‫‪ )3‬رزان محمود ابراهيم ‪ ،‬في النقد النسوي إشكاليات ومالمح‪.‬‬
‫‪ )1‬محمد الجابري‪ ،‬التراث والحداثة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪.1441،1‬‬
‫‪ )2‬محمد رياض وتار‪ ،‬توظيف التراث في الرواية العربية المعاصرة ‪ ،‬منشورات اتحاد‬
‫كتاب العرب‪ ،‬دمشق‪.2002 ،‬‬
‫‪ )9‬محمد عابد الجابري‪ ،‬إشكالية األصالة والمعاصرة‪ ،‬الفكر العربي الحديث والمعاصر‪،‬‬
‫صراع طبقي أم مشكل ثقافي ‪،‬ضمن الت ارث وتحديات العصر في الوطن العربي‪،‬‬
‫مجموعة من المؤلفين مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪.1429 ،2‬‬
‫‪ )9‬إبراهيم رماني‪ ،‬أسئلة الكتابة النقدية‪( ،‬قراءة في األدب الجزائري الحديث) المؤسسة‬
‫الجزائرية للطباعة‪ ،‬الجزائر‪ .‬د ط‪ .‬د ت‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫المصادر و المراجع‪:‬‬

‫ج‪ .‬المجالت والجرائد‪:‬‬


‫‪ )1‬خليل علي حيدر‪ ،‬المرأة والرواية السعودية‪ ،‬جريدة الوطن‪ ،‬الكويت‪.2012 ،‬‬
‫‪ )2‬محمد سيف اإلسالم بوفالقة‪ ،‬مجلة فكر الثقافية‪ ،‬نوفمبر‪.2012 ،‬‬
‫جريدة العين‪،‬‬ ‫أسئلة النقد والناقد في عمل جابر عصفور‪،‬‬ ‫‪ )3‬إيهاب سيد أحمد‪،‬‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪. 2019 ،‬‬

‫د‪ .‬مواقع االنترنت‪:‬‬


‫‪http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=168447‬‬ ‫‪)0‬‬
‫‪https://al-ain.com/article/95886‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪45‬‬
‫الفهـرس‬
‫الفهرس‬

‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الفهرس‬
‫‪/‬‬ ‫اإلهداء‬
‫‪/‬‬ ‫الشكر والعرفان‬
‫(أ‪.‬ج)‬ ‫مقدمة‬
‫‪10-9‬‬ ‫تمهيد‪ :‬تجربة جابر عصفور النقدية‬
‫الفصل األول‪ :‬المؤلف والمدونة‬
‫‪00-12‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المؤلف ( التعريف بجابر عصفور)‬

‫‪23-02‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المؤلف ( كتاب الرواية واالستنارة)‬

‫الفصل الثاني‪ :‬المفاهيم النقدية في الكتاب‬


‫‪32-90‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المدينة والرواية‬

‫‪45-32‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المرأة والرواية‬

‫‪42‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪40-44‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪42‬‬ ‫الفهرس‬
‫‪/‬‬ ‫الملخص‬

‫‪47‬‬
‫الملخص‪:‬‬

‫الملخص بالعربية‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على عالمة بارزة في صرح الثقافة واإلبداع‬
‫العربي‪ ،‬وبما أسداه من أعمال أدبية ونقدية باعتباره كاتبا وناقدا يزاوج بين النقد واألدب‬
‫والترجمة ‪،‬هذا ما جعل مؤلفاته ذات بعد مرجعي‪ ،‬أثرت في المشهد النقدي العربي‪ ،‬واذا‬
‫نظرنا إلى نقده الذي يكمن في الرواية و االستنارة! كيف أسس العقل التنويري والمجتمع‬
‫المدني والطبقة الوسطى اللبنة األولى التي تشكل عليها الفن الروائي‪ ،‬تبوء مكانة الرفيعة‬
‫بين األجناس األدبية األخرى‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الرواية‪ ،‬االستنارة‪ ،‬رواية النهضة‪ ،‬الرواية اإلحيائية‪ ،‬المرأة‪.‬‬


:‫الملخص‬

:‫الملخص بالفرنسية‬

Resume:

Cette étude vise à identifier un grand célèbre auteur arabe


dans l'édifice de la culture arabe et la créativité, quelqu'un qui présente
beaucoup des œuvres littéraires. comme un écrivain il a associé entre
la critique, la littérature et la traduction, C e qui fait ses œuvres
comme référence indispensable, et son influence sur la scène
monétaire arabe, qui se trouve dans le roman, la façon dont les
fondements de l'esprit éclairé, la société civile et la classe moyenne
premier bloc qui forment l'art narratif, ce dernier prenne position haute
entre autres genres.
Mots – clés: le romen, lumières, roman renaissance, le
roman bio, femmes.
:‫الملخص‬

:‫الملخص باإلنجليزية‬

Abstract:

This study aims to identify a great famous Arabic author in


the building of Arab culture and creativity, someone who presents
many literary works. As a writer, it combines between criticism,
literature and translation, which makes his works as indispensable
reference, and he's influence on the Arabic monetary scene, which is
in the novel, the way the foundations of the Enlightened mind, civil
society and the first block middle class that form narrative art, the
latter takes a high position among other genres.

Key words: the novel, enlightenment, renaissance novel, the


biological novel, woman.

You might also like