You are on page 1of 39

‫فن التلخيص‬

‫محمد رزق‬
‫اإلعداد العلمي‬

‫والفني لهذه‬

‫المادة ملك‬

‫للعالمات التالية‪:‬‬

‫‪insidecenter2019@gmail.com‬‬

‫‪00201272632921‬‬

‫‪2‬‬
‫املقدمة‬
‫الحمــد للــه الــذي خلــق اإلنســان وعلمــه البيــان‪ ،‬ووهــب لــه العقــل ليعقــل عــن ربــه مــا‬
‫رشعــه وأبــان‪ ،‬وأنــزل القــرآن تبــرة للعقــول واألذهــان‪ ،‬وأرســل رســوله بالهــدى والبــاغ‬
‫والتبيــان‪ ،‬وقيَّــض مــن عبــاده مــن نظــم العلــم بأفصــح لســان‪ ،‬أحمــده حمـ ًدا ميــأ امليــزان‪،‬‬
‫وأشــهد أن ال إلــه إال اللــه وحــده ال رشيــك لــه‪ ،‬كل يــوم هــو يف شــأن‪ ،‬وأشــهد أن ســيدنا‬
‫ونبينــا محم ـ ًدا عبــده ورســوله‪ ،‬املبعــوث إىل النــاس كافــة بالدليــل والربهــان‪ ،‬اللهــم صـ ِّـل‬
‫وســلم عــى عبــدك ورســولك محمــد‪ ،‬وعــى آلــه وأصحابــه ومــن تبعهــم بإحســان‪.‬‬

‫أما بعد؛‬
‫فــإن العلــم والثقافــة ميــدان خصــب لــكل متعلــم‪ ،‬إذا أراد أن يســتزيد من اإلحاطــة بلغته‪،‬‬
‫ودينــه‪ ،‬ومبــادئ أ َّمتــه‪ ،‬التــي حملــت مشــعل الحضــارة اإلنســانية والــراث العلمــي‪ ،‬واعتنــت‬
‫بجميــع العلــوم والثقافــات؛ فرتجمتهــا وطورتهــا‪ ،‬وأضافــت إليهــا املزيــد مــن االكتشــافات‬
‫يف شــتى العلــوم؛ فأخرجــت لنــا مــن جــراء ذلــك كلــه الكتــب واملؤلفــات يف شــتى املجــاالت‪،‬‬
‫وإ َّن مــن املســلامت أن الكتــاب هــو مصــدر الحيــاة الدينيــة والعقليــة والثقافيــة واالجتامعيــة‬
‫منــذ أن ُعرفــت الكتابــة‪ ،‬وتنطبــق هــذه املسـلّمة عــى ســائر األمــم مــن أصحــاب الحضــارات‪.‬‬
‫فيجــب أن يحــرص طالــب العلــم أو أي شــخص يرغــب يف قــراءة وفهــم كتــاب مــا عــى‬
‫تلخيصــه دامئًــا‪ ،‬يك يســتوعبه بشــكل أفضــل‪ ،‬ويكســب الوقــت يف فهــم وحفــظ املعلومــات‬
‫املهمــة‪ ،‬ولذلــك تطرقــت يف هــذا البحــث إىل رشح املباحــث األساســية التــي متكــن كل دارس‬
‫أو باحــث مــن التلخيــص بشــكل صحيــح متقــن‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫املبحث األول‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬تعريف التلخيص‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬الفرق بني التلخيص وإعادة الصياغة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الفرق بني التلخيص واالختصار واإليجاز‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬بعض األمثلة للتفرقة بني التلخيص واالختصار‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬حجم التلخيص ونسبته إىل األصل‪.‬‬
‫ً‬

‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬مبادئ كتابة التلخيص‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬الخطوات التي يجب أن يتبعها الباحث عند التلخيص‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬طريقة تلخيص الكتاب‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬بعض املالحظات التي تخص أنواع الكتب املراد تلخيصها‪.‬‬

‫املبحث الثالث‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬فوائد التلخيص‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬مدى اهتامم املؤلفني بالتلخيص‪.‬‬
‫التخصص يف التلخيص‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ثالثًا‪:‬‬
‫راب ًعا‪ :‬أبعاد الجهد العلمي يف صنعة التلخيص‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تحليل عنارص الجهد العلمي يف التلخيص‪.‬‬
‫ً‬

‫‪4‬‬
‫املبحث الرابع‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬قواعد تلخيص النص‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬خصائص التلخيص‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مالحظات حول وظائف التلخيص يف التأليف العريب‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬النصوص املالمئة وغري املالمئة للتلخيص‪.‬‬

‫الخامتة‪.‬‬

‫املراجع واملصادر‬

‫‪5‬‬
‫املبحث األول‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬تعريف التلخيص‬
‫لغــة(‪ :)1‬التبيــن والــرح‪ ،‬والتلخيــص‪ :‬التقريــب واالختصــار يقــال‪ :‬لخصــت القــول أي‬
‫اقتــرت فيــه‪ ،‬واختــرت منــه مــا يحتــاج إليــه ويقــال‪ :‬هــذا ملخــص مــا قالــوه أي حاصله‪،‬‬
‫ومــا يــؤول إليــه‪ ،‬فهــو إذًا أخــذ الخالصــة يقــال‪ :‬لخــص القــول‪ :‬أي أخــذ خالصتــه‪ ،‬وقربــه‪،‬‬
‫واختــره‪.‬‬

‫اصطال ًحا‪:‬‬
‫يعرف ابن مسعود التلخيص بأنه‪« :‬إيراد األصول وحذف الفضول» (‪ .)2‬أما ابن عبد الرب‬
‫فيعتربه‪« :‬اكتفاء بالدرر والفرائد» (‪.)3‬‬
‫ومــن زاويــة التأليــف يعرفــه ابــن خلــدون بأنــه‪« :‬تدويــن برنامــج مختــر يف كل علــم‬
‫يشــتمل عــى حــر مســائله وأدلتهــا باختصــار يف األلفــاظ وحشــو القليــل منهــا باملعــاين‬
‫الكثــرة مــن ذلــك الفــن» (‪.)4‬‬
‫كــا يع ـ ِّرف حاجــي خليفــة املختــرات مــن زاويــة اســتخدامية بأنهــا‪« :‬تجعــل تذكِــر ًة‬
‫لــرؤوس املســائل‪ ،‬ينتفــع بهــا امل ُ ْنتَ ِهــي لالســتحضار‪ ،‬ورمبــا أفــادت بعــض املبتدئــن األذكيــاء‬
‫لرسعــة هجومهــم عــى املعــاين مــن العبــارات الدقيقــة » (‪.)5‬‬
‫(‪ )1‬محمد جمعة العيسوي‪ ،‬دورة رسيعة ومخترصة يف فن التلخيص وما يشابهه‪ ،‬ص‪4‬‬
‫(‪)2‬ابن مسعود‪ ،‬أبو الخري زايد ابن رفاعة ‪ ،‬جوامع إصالح املنطق البن السكيت‪ ،‬حيدر آباد‪ ،‬دائرة املعارف العثامنية ‪1354‬هـ‪،‬‬
‫ص‪.3‬‬
‫(‪)3‬ابــن عبــد الــر القرطبــي‪ ،‬جــال الديــن أبــو عمــر يوســف النمــري ‪463‬هـــ‪ ،‬الــدرر يف اختصــار املغــازي والســر تحقيــق‬
‫شــوقي ضيــف‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهــرة‪ ،‬دار املعــارف‪.1983 ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪)4‬ابــن خلــدون‪ ،‬عبــد الرحمــن بــن محمــد‪ ،‬املقدمــة‪ ،‬تحقيــق عــي عبــد الواحــد وايف‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬دار نهضــة مــر‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص‪.1242‬‬
‫حاجي خليفة‪ ،‬كشف الظنون‪ ،‬املقدمة‪.35/1 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫ويُعــ ّرف االتحــاد األمريــي للمكتبــات التلخيــص ‪ abridgment‬بأنــه‪ :‬تحويــل نــص‬
‫مكتــوب إىل شــكل مختــر‪ ،‬تــم خاللــه التكثيــف(‪ ،condensation )1‬والحــذف ‪omission‬‬
‫مــع الحفــاظ عــى املعنــى العــام‪ ،‬وعــى طريقــة العــرض املســتخدمة يف األصــل‪.‬‬

‫ويستخدم التلخيص أحيانًا كمرادف للكلامت التالية‪:‬‬


‫املســتخلص ‪ ،abstract‬املجمــل الــوايف(‪ ،compendiun )2‬الخالصــة‪ ،‬امللخــص املوجــز‪،‬‬
‫الزبــدة‪ ،‬املجمــل‪ ،‬وكل هــذه املصطلحــات تعنــي تلخيــص نــص أطــول‪ ،‬رغــم وجــود اختالفــات‬
‫يف مفهومهــا‪.‬‬
‫ومن املهم اإلشارة إىل دقة التعريفات العربية القدمية للتلخيص وتركيزها عىل أهم‬
‫األدوار والقيم املطلوبة يف التلخيص‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الرفق باملتلقي (القارئ)‬
‫‪ -2‬االقتصار عىل الحقائق واألصول والدرر‪.‬‬
‫‪ -3‬الحذف‪.‬‬
‫‪ -4‬قلة األلفاظ وكرثة املعاين‪.‬‬
‫‪ -5‬التذكري برؤوس املعاين‪.‬‬
‫بينام يضيف تعريف ‪ A.L.A‬األدوار والقيم التالية‪:‬‬
‫‪ -6‬الحفاظ عىل طريقة العرض املستخدمة يف األصل‪.‬‬
‫‪ -7‬الــدور الــذي يقــوم بــه غــر مؤلــف النــص األصــي يف التلخيــص‪ ،‬ويف اللغــة العربيــة‬
‫نجــد عــدة كلــات متقاربــة يف املعنــى تــدل عــى االختصــار واملختــرات‪ ،‬وهــي‪:‬‬
‫االختصار‪( :‬ومنها املخترص)‬

‫(‪ )1‬يعطــي مجــدي وهبــه كلمــة التلخيــص كمقابــل لكلمــة ‪ ،condensation‬لتعنــي تقديــم خالصــة لكتــاب مطــول يقــدم‬
‫بطريقــة مشــوقة مســتوعبة جميــع العنــارص املهمــة يف األصــل‪ .‬انظــر‪Magdi Wahba. A dictionary of .terms:p84 :‬‬
‫‪.literary‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪)IPid.P81( :‬‬

‫‪7‬‬
‫اإليجاز‪( :‬ومنها املوجز والوجيز)‬
‫التلخيص‪( :‬ومنها امللخص)‬
‫والتلخيــص أو التحويــل املكثــف للنــص‪ ،‬قــد ينطــوي عــى التضحيــة بكثــر مــا يوجــد‬
‫يف النــص األصــي مــن أمثلــة ومناقشــات‪ ،‬وأوجــه للخــاف يف الــرأي‪ ،‬كــا يقــوم عــى‬
‫التضحيــة بالظــال املوضحــة للمعنــى مــن أســاليب البالغــة وجامليــات التعبــر يف النــص‬
‫األصــي وقــد توجــد يف النــص املطــول درجــات متعــددة يف الحكــم عــى األشــياء‪ ،‬وعنــد‬
‫التلخيــص قــد يختــزل ذلــك يف درجــات صارخــة مــن الرفــض والقبــول‪ ،‬أو االســتهجان أو‬
‫االستحســان‪ ،‬حيــث يبــدو تكثيــف املعــان يف التلخيــص شــبي ًها بتكثيــف األلــوان‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬الفرق بني التلخيص وإعادة الصياغة‪:‬‬


‫إعــادة الصياغــة هــي‪ :‬ســبك وصياغــة نــص مــا بأســلوبك‪ ،‬وقــد يــأيت يف نفــس الحجــم‬
‫تلخيصــا واختصــا ًرا لعبــارة‪ :‬يف الوقــت الراهــن‬
‫ً‬ ‫األصــي للنــص مــن حيــث الطــول‪ ،‬فتقــول‬
‫اآلن أو اليــوم‪ .‬أمــا يف حالــة إعــادة الصياغــة فقــط ميكــن أن نقــول‪ :‬يف الوقــت الحــايل أو‬
‫يف وقتنــا هــذا‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الفرق بني التلخيص واالختصار وااليجاز‬


‫يف الحقيقــة مل يتــح إيجــاد فــروق بــن املختــر واملوجــز وامللخــص يف مجــال التأليــف‪،‬‬
‫وفيــا يــي تعريــف باملعــاين اللغويــة لهــذه الكلــات‪:‬‬
‫‪ -1‬التلخيــص‪ :‬مــن ل َخــص‪ ،‬والتلخيــص‪ :‬التقريــب واالختصــار‪ ،‬واالقتصــار يف القــول‪.‬‬
‫(وهنــاك معنــى آخــر للتلخيــص مخالــف متا ًمــا للشــائع‪ ،‬ومخالــف ملعنــاه يف هــذا البحــث‪،‬‬
‫وهــو التبيــن والــرح)‬
‫ـر) اختصــار الــكالم إيجــازه‪ ،‬وهــو أن تحــذف الفضــول مــن‬ ‫‪ -2‬االختصــار‪( :‬مــن َخـ َ‬
‫كل يشء وأن تســتوجز (تــرع) مبــا يــأيت عــى املعنــى‪ ،‬وكذلــك االختصــار يف الطريــق(‪.)1‬‬

‫َص‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب مادة خ َ‬

‫‪8‬‬
‫‪ -3‬اإليجــاز‪ :‬و َجــز الــكالم قـ َـل يف بالغــة‪ .‬وأوجــزه اختــره‪ ،‬وقــال بــن ســيده‪ :‬بــن‬
‫اإليجــاز واالختصــار فــرق منطقــي‪ ..‬وأمــر َو ْجــز ووا ِجــز ووجيــز ومو َجــز ومو ِجــز(‪.)1‬‬
‫ويســتخدم لفــظ املقتــر للداللــة عــى املختــر‪ ،‬وهــو مــن االقتصــار‪ .‬وهنــاك لفــظ‬
‫يبــدو قري ًبــا مــن األلفــاظ الســابقة‪ ،‬وهــو اإلجــال واملجمل‪(:‬جمــل الــيء‪ :‬أي جمعــه‪،‬‬
‫وأجمــل الــيء جمعــه عــن تفرقــه‪ ،‬وأجمــل الحســاب‪ :‬إذا جمعــت آحــاده وكملــت أفــراده‪،‬‬
‫أي أحصــوا وجمعــوا فــا يــزاد فيهــم وال ينقــص)‪ ،‬وهــذا اللفــظ أنســب يف مجــاالت أخــرى‬
‫مــن التأليــف عندمــا يقصــد بــه حــر املفــردات‪ ،‬وإن كان اإلجــال أحيانًــا يعنــي‪ :‬املعالجة‬
‫املوجــزة‪.‬‬
‫ومــا ســبق أيضً ــا يتضــح الفــرق بــن التلخيــص واالختصــار إذا عرفــت االختصــار‬
‫كــا ذكرنــا هــو حــذف الفضــول مــن الــكالم‪ ،‬يقــال اختــر الــكالم‪ :‬أوجــزه‪ ،‬وعليــه فــكل‬
‫تلخيصــا فكالهــا يشــرك يف تقليــل الــكالم األصــي‬
‫ً‬ ‫تلخيــص اختصــار وليــس كل اختصــار‬
‫لكــن التلخيــص يزيــد بأنــه ال يكتفــي بحــذف الفضــول فقــط‪ ،‬بــل بإعــادة الصياغــة وحســن‬
‫الرتتيــب‪.‬‬
‫أصــا بــن االختصــار والتلخيــص واإليجــاز‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عــى أن بعــض العلــاء ال يفرقــون‬
‫فمنــه تعريــف الخطيــب تب ًعــا لإلمــام النــووي يف كتابــه تهذيــب األســاء‪ :‬االختصــار هــو‪:‬‬
‫إيجــاز اللفــظ مــع اســتيفاء املعنــى‪ .‬لكــن قــال صاحــب تــاج العــروس‪ :‬وقــد فــرق بعــض‬
‫املحققــن بــن االختصــار واإليجــاز فقــال‪:‬‬
‫اإليجــاز‪ :‬تحريــر املعنــى مــن غــر رعايــة للفــظ األصــي بلفــظ يســر‪ ،‬واالختصــار‪:‬‬
‫تجريــد اللفــظ اليســر مــن اللفــظ الكثــر مــع بقــاء املعنــى‪ .‬بنــا ًء عــى قــول املحققــن‬
‫يتضــح أن اإليجــاز مــرادف للتلخيــص(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كامل عرفات نبهان‪ ،‬عبقرية التأليف العريب‪ ،‬ص‪203‬‬


‫(‪)2‬محمد جمعة العيسوي‪ ،‬دورة رسيعة ومخترصة يف فن التلخيص وما يشابهه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫راب ًعا‪ :‬بعض األمثلة للتفرقة بني التلخيص واالختصار‬
‫مثال للتلخيص من كتب الفقه‪:‬‬
‫مــا قــام بــه شــيخ اإلســام زكريــا األنصــاري يف مواضــع مــن كتابــه أســنى املطالــب‬
‫منهــا هــذا املوضــع قــال رحمــه اللــه تعــاىل‪« :‬فقــد نــص عليــه الشــافعي يف األم فقــال‪ :‬وإذا‬
‫باعــه العبــد عــى أن ال يبيعــه مــن فــان‪ ،‬أو عــى أن يبيعــه منــه‪ ،‬أو عــى أن ال يســتخدمه‪،‬‬
‫ملخصــا مــا ســبق‪« :‬فتلخــص أن‬
‫ً‬ ‫أو عــى أن ينفــق عليــه كــذا وكــذا؛ فالبيــع فاســد»‪ ،‬ثــم قــال‬
‫مذهــب الشــافعي يف اشــراط مــا ال غــرض فيــه البطــان»‪ ،‬فهــو قــد اســتخلص مــن نــص‬
‫الشــافعي‪-‬رحمه اللــه‪ -‬الســابق فكرتــه التــي متثلــت يف املثــال الــذي ذكــره اإلمــام الشــافعي‬
‫ثــم ذكــر ملخصــه يف ألفــاظ يســرة مقد ًمــا ذلــك بقولــه‪ :‬فتلخــص‪.‬‬
‫أمــا االختصــار يكــون بحــذف حــرف زائــد أو كلمــة أو كلــات لــو حذفــت مل يتغــر‬
‫املعنــى‪.‬‬

‫ومن أمثلة االختصار‪:‬‬


‫مثــال االختصــار بحــذف حــرف‪ :‬مــا علــق بــه شــيخ اإلســام زكريــا عــى الشــيخ رشف‬
‫الديــن إســاعيل املقــري يف قولــه‪ :‬واالســتعداد لــه‪-‬أي املــوت_ بالتوبــة ورد املظــامل‪،‬‬
‫وللمريــض آكــد‪ ،‬وبالصــر وتــرك الشــكوى‪ ،‬قــال شــيخ اإلســام زكريــا‪ :‬لــو حــذف املصنــف‬
‫البــاء أي يف قولــه بالصــر كان أخــر وأوىل‪ ،‬وهــو يف حــذف حــرف‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مثال االختصار بحذف كلمة وإقامة ضمري مقامه‪:‬‬
‫مــا علــق بــه عــى قولــه‪ :‬ولزمــه التصــدق بعــن املــال فقــال شــيخ اإلســام‪ :‬لــو قــال‬
‫بعينــه كان أخــر‪.‬‬

‫مثال االختصار بحذف الكلامت‪:‬‬


‫مــا علــق بــه عــى قولــه‪ :‬ويجــوز أن يســلم‪ ،‬ويســلم إليــه إن كان رأس املــال يف الذمــة‪،‬‬
‫ولــو خلفــه أعمــى ويــوكل يف اقباضــه أو قبضــه رأس املــال يف املجلــس‪ ،‬فقال شــيخ اإلســام‪:‬‬
‫ولــو تــرك قولــه رأس املــال كان أخــر وأوىل فإنــه مذكــور قبــل فريجــع إليــه الضمــر‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬حجم التلخيص ونسبته إىل األصل‬


‫ً‬
‫تنطــوي بنيــة التلخيــص عــى نــوع مــن اإلخــال بالتــوازن بــن حجــم املعــاين وكــم‬
‫األلفــاظ‪ ،‬وهــذه العالقــة متثــل مــا ميكــن أن نســميه (بالخصخصــة الحرجــة) يف عمليــة‬
‫التلخيــص أو اللحظــة الفاصلــة بــن اإلقــال واإلخــال‪.‬‬
‫ـول‬
‫ولقــد كانــت امللخصــات يف العصــور املبكــرة مــن التأليــف العــريب تحقــق توازنًــا معقـ ً‬
‫بــن العبــارات واملعــاين‪ ،‬ولكنهــا يف العصــور التاليــة حرصــت عــى اســتيعاب املطــوالت يف‬
‫متــون تلخيصيــة مكثفــة فجــاءت عســرة الفهــم واحتاجــت إىل رشوح وحـ ٍ‬
‫ـواش(‪.)1‬‬

‫تلخيص التلخيص (املخترص)‬


‫اســتخدم حاجــي خليفــة كلمــة مختــر لتعنــي (تلخيــص التلخيــص)‪ ،‬ومثــال ذلــك قولــه‪:‬‬
‫وللتلخيــص مختــرات منهــا‪:‬‬
‫‪ – 1‬تلخيــص التلخيــص للتوقــاين (‪900‬هـــ)‪ ،‬وهــو مختــر لتلخيــص املفتــاح للقزوينــي‬
‫(‪739‬هـ)‪.‬‬
‫‪ – 2‬مخترص التربيزي (‪621‬هـ) يف فروع الشافعية‪ ،‬وقد لخصه من الوجيز‪.‬‬

‫(‪)1‬هــادي نهــر‪ ،‬رشح اللمحــة البدريــة يف علــم اللغــة العربيــة‪ ،‬البــن هشــام‪ ،‬بغــداد‪ ،‬الجامعــة املســتنرصية‪1977 ،‬م‪/1،‬‬
‫‪.28-26‬‬

‫‪11‬‬
‫ولكــن كلمــة املختــر اســتخدمت أيضً ــا يف عناويــن أخــرى بغــر هــذه الداللــة املحــددة‪،‬‬
‫فقــد تعنــي تلخيــص نــص مطــول يف إطــار تدريــج النــص‪ ،‬وقــد تعنــي التأليــف املختــر‬
‫منــذ البدايــة‪ ،‬مثــل املختــر يف النحــو‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫املبحث الثاين‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬مبادئ كتابة التلخيص‬
‫من أهم الرشوط التي يجب مراعاتها قبل البدء يف تلخيص كتاب ما يأيت‪:‬‬
‫‪ -1‬عــدم اإلقــدام عــى تغيــر معلومــات الكتــاب األساســية أو التعديــل عليهــا؛ يك ال‬
‫تتحــول املعلومــات مــن صحيحــة إىل خاطئــة أو مح ّرفــة‪ ،‬وبالتــايل تفقــد أي عالقــة لهــا يف‬
‫معلومــات الكتــاب األصليــة‪.‬‬
‫مثل أو معلومات الكتاب األصلية‪.‬‬
‫‪ -2‬يفضل عدم تكرار كتابة األمثلة‪ ،‬أو املقدمة ً‬
‫‪ -3‬يجــب التمييــز بــن النــص الرئيــي والنــص الثانــوي أو النصــوص املتفرعــة يك‬
‫نســتطيع تحديــد مــا هــو املهــم ومــا هــي املعلومــات األقــل أهميــة‪.‬‬
‫‪ -4‬الكتابة بأسلوب متسلسل‪ ،‬وتنسيق األفكار واملعلومات بطريقة منظمة(‪.)1‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬الخطوات التي يجب أن يتبعها الباحث عند التلخيص‬


‫قبــل البــدء بالتلخيــص أو االختصــار ال بُـ ّد مــن فهــم صناعــة التأليــف حتــى ال يذهــب‬
‫التلخيــص أو االختصــار مبــا أراده املؤلــف أو املتكلــم مــن كالمــه فيصبــح اختصــا ًرا مخـ ًـا‬
‫باملعنــى‪ ،‬فــكل فكــرة أو رأي يريــد صاحبــه أن يصــل بــه إىل غــره ال بُــ ّد أن يضعهــا يف‬
‫جملــة وتبنــي كل جملــة عــى كلمــة مفتاحيــة هــي الكلمــة األساســية يف تلــك الجملــة‪ ،‬بحيــث‬
‫لــو حذفــت منهــا مل نفهــم شــيئًا مــن املطلــوب‪ ،‬وقــد نتوســع يف الــكالم فنعــر عــن الفكــرة‬
‫بفقــرة كاملة‪-‬عــدة جمــل مناســبة‪ -‬لخدمــة الفكــرة نفســها وتبنــى هــذه الجمــل وترتبــط‬
‫ارتباطًــا وثي ًقــا بالجملــة األوىل التــي نســميها الجملــة األساســية‪ ،‬أمــا الجمــل التــي تليهــا‬
‫فهــي جمــل شــارحة أو مفصلــة ثــم أدلــة وبراهــن لتأكيــد صحــة الفكــرة‪ ،‬وهكــذا تكتــب‬
‫وتصــاغ كتــب الفقــه‪.‬‬
‫(‪)1‬محارضة بعنوان كيفية كتابة تلخيص كتاب‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=yXnIyUY22QA&feature=youtu.be‬‬

‫‪13‬‬
‫ومن هنا ميكن القول اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬الكلمــة املفتاحيــة (األساســية)‪ ،‬وهــي التــي تصــاغ بهــا متــون الفقــه‪ ،‬مثــال ذلــك‪ :‬عنــد‬
‫الــكالم عــى رشوط صحــة العقــد تجــد املتــون تقــول ورشطــه‪ :‬العقــل‪ ،‬البلــوغ‪ ...،‬إلــخ‪ ،‬الحــظ‬
‫وضــع الفكــرة يف كلمــة واحــدة‪.‬‬
‫‪ -2‬الجملــة األساســية‪ :‬وعليهــا تصــاغ بهــا الــروح املختــرة ج ـ ًدا‪ ،‬والكتــب املختــرة‬
‫التــي ميكــن اختصارهــا يف متــون بحــذف كلهــا إال الكلمــة املفتاحيــة‪.‬‬

‫فنجده يعرب عن املوضوع السابق بقوله‪ ،‬ويشرتط يف العاقدين‪:‬‬


‫عاقل‬
‫أ‪ -‬أن يكون العاقد ً‬
‫ب‪ -‬أن يكــون العاقــد بال ًغــا‪ ...‬إلــخ‪ ،‬فنالحــظ أنــه وضــع الكلمــة املفتاحيــة يف جملــة‬
‫مفيــدة مســتفاد مــن طبيعــة املوضــوع‪ ،‬ففــي البيــع يقــول‪ :‬البائــع واملشــري‪ ،‬ويف اإلجــارة‬
‫يقــول‪ :‬املؤجــر واملســتأجر‪ ...‬وهكــذا‪.‬‬
‫‪ -3‬الجمــل املفــرة أو الشــارحة‪ :‬هــي التــي يضــع فيهــا مــا يوضــح فكرتــه ويجليهــا‬
‫فيضــع عــدة جمــل لتوضيــح معنــى الكلمــة املفتاحيــة منطوقهــا ومفهومهــا فتجــده يعــر عــن‬
‫املوضــوع الســابق بقولــه‪ :‬ويشــرط يف العاقديــن‪:‬‬
‫عاقــا ‪ ،‬والعقــل هــو كــذا‪ ....‬فــا يصــح عقــد املجنــون ‪ ،‬وأمــا‬
‫ً‬ ‫أ‪ -‬أن يكــون العاقــد‬
‫الســكران فكــذا وكذا‪...‬إلــخ‪.‬‬

‫وقــد يقتــر عــى املفهــوم فقــط يف الغالــب فيقــول‪ :‬ويشــرط يف‬


‫العاقدين‪:‬‬
‫عاقل‪ ،‬فال يصح عاقد املجنون‪ ،‬وأما السكران فكذا وكذا‪...‬إلخ‪.‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون العاقد ً‬
‫‪ -4‬األدلــة والرباهــن‪ :‬وهــي التــي يضــع فيهــا مــا يؤكــد صحــة فكرتــه فيقــول‪ :‬ويشــرط‬
‫يف العاقديــن‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يكــون العاقــد عاقـ ًـا والعقــل هــو كــذا‪ ...‬فــا يصــح عقــد املجنــون ‪ ،‬وأمــا الســكران‬
‫فكــذا وكذا‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫لقوله صىل الله عليه وسلم‪ :‬رفع القلم‪...‬إلخ‪ .‬ويسوق أدلته من املعقول والقياس‪.‬‬
‫فــإذا مــا أردنــا رشح مــن قمنــا بالخطــوات الثالثــة التــي بعــد الكلمــة املفتاحيــة فوضعنــا‬
‫املــن يف جملــة أساســية‪ ،‬وإذا مــا أردنــا التوســع ذكرنــا األدلــة والرباهــن‪ ،‬وإذا أردنا التوســع‬
‫والتوضيــح أكــر ذكرنــا الجمــل الشــارحة‪ ،‬وقــد اختــص الفقــه بحــذف املرحلــة الرابعــة يف‬
‫بعــض العصــور فجــاءت كتــب مطولــة بــا أدلــة‪ ،‬وإمنــا جــاءت مرحلــة األدلــة والرباهــن‬
‫أخــرة كــا هــي يف النصــوص املطولــة حيــث توضــع الجمــل الشــارحة بينهــا وبــن الجمــل‬
‫األساســية ألنهــا تــرح الجمــل األساســية وليســت األدلــة وقــد تــأيت بعــد جملــة شــارحة‬
‫لوجــود داللــة النــص عــى الفكــرة املــرادة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ثالثًا‪ :‬طريقة تلخيص الكتاب‪:‬‬
‫‪ -1‬يف البدايــة نقــرأ الكتــاب بطريقــة رسيعــة وشــاملة‪ ،‬يك نعــرف مــا بداخلــه مــن أفــكار‬
‫ونقــاط أساســية‪ ،‬ويك نحــدد الفكــرة التــي يــدور حولهــا الكتــاب‪.‬‬
‫‪ -2‬بعــد قــراءة الكتــاب ومعرفــة األفــكار األساســية نكــون قــد حددنــا طبيعــة املعلومــات‬
‫التــي يف الكتــاب‪ ،‬هــل هــي عبــارة عــن قصــة مثـ ًـا‪ ،‬أو أن الكتــاب ملــئ باملعلومــات القيمــة‬
‫والحديثــة أو أنــه عبــارة عــن عــدة فصــول مقســمة‪.‬‬
‫وقلــا يك نرتــب فيهــا أفكارنــا‪ ،‬ونحــدد مــا هــي األفــكار‬
‫ً‬ ‫‪ -3‬بعدهــا نحــر ورقــة‬
‫األساســية التــي يجــب أن نكتبهــا‪ ،‬ومــا هــي املعلومــات الفرعيــة التــي ميكــن أن نســتغني‬
‫عنهــا‪.‬‬
‫‪ -4‬بعــد ذلــك نحــر الكراســة التــي نرغــب يف أن نلخــص بهــا الكتــاب ونقــوم مبراجعــة‬
‫املعلومــات األساســية التــي قمنــا بتحديدهــا مــرة أخــرى‪.‬‬
‫‪ -5‬نســتنتج بعــد ذلــك املوضــوع الرئيــس الــذي يــدور حولــه الكتــاب‪ ،‬وصياغتــه بطريقــة‬
‫بســيطة مــع املحافظــة عــى أصــل الفكــرة‪.‬‬
‫‪ -6‬نبدأ بعد ذلك بكتابة املعلومات األساسية واملهمة يف الكراسة عىل شكل نقاط‪.‬‬
‫‪ -7‬نقرأ املعلومات الفرعية مرة أخرى‪ ،‬ونلخص صلب املوضوع منها يف كراسة‪.‬‬
‫‪ -8‬نربــط األفــكار األساســية باألفــكار الفرعيــة بطريقــة ســهلة ومسلســلة بحيــث نكتــب‬
‫النــص املهــم‪ ،‬ثــم بعدهــا نكتــب النــص األقــل أهميــة‪.‬‬
‫‪ -9‬إذا كان الكتــاب يتكلــم حــول املواضيــع الدينيــة‪ ،‬والحظنــا وجــود الكثــر مــن الشــواهد‬
‫الدينيــة املتكــررة يف نفــس املوضــوع‪ ،‬فيفضــل عــدم تكــرار الشــواهد التــي تتكلــم عــن نفــس‬
‫املوضــوع‪ ،‬واالكتفــاء بشــاهد واحــد لتوضيــح املعلومــة وتأكيدهــا‪.‬‬
‫‪ -10‬أمــا إذا كان الكتــاب يتكلــم عــن املســائل الرياضيــة والحساســة‪ ،‬ففــي هــذا املوضــوع‬
‫را يف األفــكار ألنهــا عبــارة عــن حســابات وأرقــام وأي خطــأ‬ ‫لــن نســتطيع أن نغــر كثــ ً‬
‫صغــر قــد يــؤدي إىل عــدم فهــم املســألة وعــدم حلهــا بالطريقــة الصحيحــة‪ ،‬لذلــك يفضــل‬
‫أن نأخــذ األمثلــة كــا هــي‪ ،‬ولكــن لــو كان هنــاك تكــرار أكــر مــن مثــال يف نفــس املوضــوع‬
‫ـال واحـ ًدا عــى كل موضــوع يك ال نكــرر نفــس األفكار‪.‬‬
‫فــا داع لكتابتهــا كلهــا‪ ،‬بــل نكتــب مثـ ً‬

‫‪16‬‬
‫‪ -11‬وإذا كان الكتــاب يتكلــم عــن التاريــخ‪ ،‬فهنــا ال نســتطيع أن نغــر يف ترتيــب وتنظيــم‬
‫النصــوص التاريخيــة‪ ،‬ويفضــل تلخيصهــا بطرقــة مختــرة‪ ،‬ولكــن دون أن نغــر شــيئًا يف‬
‫التواريــخ‪ ،‬أو تسلســل األزمــان والقصــص‪.‬‬
‫‪ -12‬أمــا إذا كان الكتــاب عبــارة عــن قصــة مــا‪ ،‬وغــر مقســم لفصــول وأبــواب‪ ،‬فيمكــن‬
‫قراءتــه كلــه‪ ،‬وكتابــة ملخــص عنــه بطريقــة مبســطة‪ ،‬ولكــن مــع الحفــاظ عــى النقــاط‬
‫األساســية يف القصــة‪.‬‬
‫‪ -13‬بعــد االنتهــاء مــن تلخيــص الكتــاب يف الكراســة‪ ،‬يفضــل القيــام مبراجعــة الفقــرات‬
‫التــي قمنــا بكتابتهــا‪ ،‬والتأكــد مــن أن املعلومــات صحيحــة وليــس هنــاك خطــأ يف رسد‬
‫األفــكار وترتيبهــا‪.‬‬
‫‪ -14‬التأكــد مــن ترتيــب األفــكار بشــكل متسلســل‪ ،‬وإذا الحظنــا أن هنــاك بعــض املعلومات‬
‫غــر مهمــة فيمكــن االســتغناء عنها‪.‬‬
‫‪ -15‬مراجعــة املواضيــع واألفــكار األساســية‪ ،‬يك نتأكــد مــن أننــا مل ننــس كتابــة أي يشء‬
‫مهــم يف التلخيــص‪.‬‬
‫‪ -16‬التأكــد مــن أن التلخيــص شــامل‪ ،‬ويــرح النقــاط املهمــة بــكل إيجــاز وبطريقــة‬
‫مبســطة يك ال نشــعر بصعوبــة عنــد القيــام مبراجعــة التلخيــص‪.‬‬
‫‪ -17‬الحــرص عــى أن يكــون التلخيــص متوازنًــا‪ ،‬بحيــث ال تطغــى فقــرة مــا عــى باقــي‬
‫الفقــرات‪ ،‬بــل نكتــب الفقــرات بشــكل متــوازن ومتســا ٍو ومتناســق‪.‬‬
‫را إلنهــاء تلخيــص الكتــاب برسعــة‪ ،‬ويف حــال عــدم فهــم فقــرة‬
‫‪ -18‬عــدم االســتعجال كثـ ً‬
‫مــا‪ ،‬فيفضــل قراءتهــا مــرة أخــرى‪ ،‬يك تكــون مفهومــة وســهلة االســتيعاب‪ ،‬وبالتــايل يكــون‬
‫تلخيصهــا صحي ًحــا ومفيـ ًدا‪.‬‬
‫‪ -19‬هنــاك كلــات مفتاحيــة(‪ ،)1‬وكلــات ختاميــة ألي موضــوع يف الكتــاب‪ ،‬وعليــه ال بُـ ّد‬
‫مــن امتــاك املهــارات الالزمــة لتحديدهــا وتجنبهــا عنــد تلخيــص الكتــاب‪ ،‬ألنهــا عبــارة عــن‬
‫مقدمــة‪ ،‬وهــي ليســت موضــوع الكتــاب‪.‬‬

‫(‪)1‬الكلمــة املفتاحيــة‪ :‬هــي الكلمــة األساســية يف الجملــة بحيــث لــو حذفــت منهــا مل نفهــم شــيئًا مــن املطلــوب‪ ،‬محمــد‬
‫جمعــة العيســوي‪ ،‬دورة رسيعــة ومختــرة يف فــن التلخيــص ومــا يشــابهه‬

‫‪17‬‬
‫‪ -20‬الرتكيــز دامئًــا عــى األفــكار األساســية واملهمــة يف الكتــاب للتأكــد مــن فهمهــا‬
‫جيــ ًدا‪ ،‬وإعــادة صياغتهــا بطريقــة صحيحــة‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬بعض املالحظات التي تخص أنواع الكتب املراد تلخيصها‪:‬‬

‫ً‬
‫أول الكتب الدينية‪:‬‬
‫إن الكتــب الدينيــة منهــا العلمــي املوجــه لطلبــة العلــم‪ ،‬مثــل كتــب الفقــه‪ ،‬والحديــث‪،‬‬
‫والعقيــدة‪ ،‬وهــذه الكتــب تلخــص بنفــس ترتيــب عرضهــا يف الكتــاب األصــي‪.‬‬
‫ومنهــا الكتــب الدينيــة الدعويــة وهــي‪ :‬الكتــب املوجهــة لعمــوم املســلمني‪ ،‬وهــذه الكتــب‬
‫ـا‬
‫يفضــل تلخيصهــا عــن طريــق اختيــار األفــكار الرئيســية التــي تخــدم هــدف الكتــاب‪ ..‬علـ ً‬
‫را مــن هــذه الكتــب الدينيــة والتــي تتحــدث بالخصــوص عــن الرقائــق أو تخاطــب‬ ‫بــأن كثـ ً‬
‫العاطفــة‪ ،‬تفقــد الكثــر مــن تأثريهــا إذا مــا تــم تلخيصهــا‪ ،‬وذلــك مثــل كتــاب (ال تحــزن)‪،‬‬
‫ألن فائدتهــا األساســية تكــون يف تأثــر الكلــات والقصــص املفصلــة املذكــورة فيهــا عــى‬
‫مــن يقــوم بقراءتهــا‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬كتب التنمية الذاتية‬


‫را مــن هــذه الكتــب يغلــب عليــه التكــرار‪ ،‬وهــذا التكــرار غالبًــا مــا يكــون مقصو ًدا‬
‫إ َّن كثـ ً‬
‫يف كثــر مــن األحيــان؛ ألن نســبة كبــرة مــن قــراء هــذه الكتــب ال يكونــون قــرا ًء متمرســن‪،‬‬
‫ـخاصا تواجههــم مشــكلة مــا يتعــرض الكتــاب لحلها‪.‬‬ ‫بــل إنهــم يف الغالــب مــا يكونــون أشـ ً‬
‫وهــذه النوعيــة مــن القــراء غال ًبــا مــا تقــوم بقــراءة الكتــاب عــى فــرات متباعــدة فرتاه‬
‫را‬
‫كل أســبوع مثـ ًـا يقــرأ فصـ ًـا أو عــد ًدا مــن الصفحــات‪ ،‬وغال ًبــا يكــون قــد نــى جــز ًء كبـ ً‬
‫مــا قــرأه‪ ،‬وهنــا يكــون التكــرار مــن قبــل املؤلــف ليعيــد تذكــر القــارئ بالنقــاط املهمــة‪.‬‬
‫وهــذا األمــر يتوقــف عــى مــدى حرفيــة املؤلــف يف التكــرار واســتخدامه عــى الوجــه‬
‫األمثــل‪ ..‬وعليــه فــإن أفضــل وســيلة لتلخيــص هــذه الكتــب هــو اختيــار األفــكار الرئيســية‬
‫التــي تخــدم هــدف الكتــاب‪ ،‬وليــس تلخيــص الكتــاب بنفــس التسلســل املعــروف‪ .‬هــذا إذا كان‬
‫الكتــاب يســتحق التلخيــص‪ ،‬ألن غال ًبــا مــا تكــون نســبة كبــرة مــن هــذه الكتــب ال تســتحق‬
‫التلخيــص‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ثالثًا‪ :‬كتب السري الذاتية‬
‫أول تحديــد هدفــك مــا إذا كان هدفــك تلخيــص الســرة الذاتيــة‬‫وهنــا يجــب عليــك ً‬
‫للشــخص الــذي يتحــدث عنــه الكتــاب‪ ،‬واألفضــل هــو تلخيــص الــدروس املســتفادة مــن‬
‫ســرته الذاتيــة‪.‬‬
‫لــو كانــت عنــدك الرغبــة يف تلخيــص الســرة الذاتيــة نفســها فغال ًبــا ســتتبع تسلســل‬
‫مهتــا‬
‫ً‬ ‫الكتــاب‪ ،‬وتذكــر املعلومــات الخاصــة بامليــاد واملنشــأ وغريهــا‪ .‬بينــا لــو كنــت‬
‫بالــدروس املســتفادة‪ ،‬فلســت بحاجــة لوجــود هيــكل مرتابــط بــل يكفيــك حينهــا ذكــر الدروس‬
‫املســتفادة عــى شــكل نقــاط أو أفــكار وكل نقطــة أو فكــرة قــم بعدهــا مبــارشة بذكــر ملخــص‬
‫الــدروس املســتفادة منهــا عــى حســب فهمــك‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬كتب الروايات‬


‫قــد ال تجــد الكثــر مــن الفائــدة يف تلخيــص الروايــات غالبًــا!! ألن الهــدف الرئيــي‬
‫مــن قــراءة الروايــات هــو متعــة قــراءة األحــداث والتفاصيــل‪ ،‬كــا أن تلخيــص القصــة لــه‬
‫هيــكل نجمــل عنــارصه فيــا يــي‪:‬‬
‫‪ -1‬املقدمة وتذكر فيها الشخصيات واملكان والزمان والعالقة بينهام‪.‬‬
‫‪ -2‬الرصاع وتذكر فيه املشكلة أو األزمة بني الشخصيات‪.‬‬
‫‪ -3‬النهاية وتذكر فيها حل املشكلة ونهاية الرصاع‪.‬‬
‫ـدل مــن تلخيــص أحــداث الروايــة تلخيص واســتخراج الــدروس املســتفادة‬
‫ومــن املمكــن بـ ً‬
‫منهــا كــا ذكرنــا ســابقًا يف تلخيــص الســر الذاتيــة‪.‬‬
‫يف بعــض األحيــان قــد تجــد صعوبــة يف تحديــد األفــكار الرئيســية والفرعيــة التــي متثــل‬
‫هيــكل الكتــاب ويف هــذه الحالــة مــن املمكــن أن تســتخدم أســلوب الخرائــط الذهنيــة‪،‬‬
‫تفصيــا يف املصــادر واملراجــع التــي‬
‫ً‬ ‫والخرائــط الذهنيــة هــي‪ :‬مــن األســاليب املذكــورة‬
‫تخــص التخطيــط الفعــال‪ ،‬وإليــك طريقــة إعدادهــا تفصيـ ًـا‪:‬‬
‫يف منتصــف الورقــة اكتــب اســم الكتــاب يف دائــرة أو مربــع‪ ،‬ثــم قــم بتحديــد فكــرة‬
‫رئيســية واحــدة مــن األفــكار املوجــودة يف الكتــاب والتــي تخــدم هــدف الكتــاب الــذي قمــت‬

‫‪19‬‬
‫بتحديــده مســبقًا بشــكل واضــح‪ ،‬ثــم قــم برســم خــط متفــرع مــن املركــز ينتهــي أيضً ــا بشــكل‬
‫دائــرة أو مربــع واذكــر بــه هــذه الفكــرة الرئيســية ‪ ،‬ثــم قــم بعدهــا بتجديــد فكــرة فرعيــة أو‬
‫أكــر تنــدرج تحــت هــذه الفكــرة الرئيســية‪ ،‬وذلــك مــن خــال تفريعــات بعــدد هــذه األفــكار‬
‫منتهيــة أيضً ــا بدوائــر صغــرة أو مربعــات‪ ،..‬ثــم بعــد ذلــك قــم بالعــودة إىل املركــز وتحديــد‬
‫فكــرة رئيســة أخــرى بتفريعــة جديــدة ومحــاوالت أخــرى‪ ..‬وهكــذا حتــى تنتهــي مــن كل‬
‫األفــكار الرئيســية وبعدهــا ســيكون امللخــص بالشــكل التــايل‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫وهذه صور لبعض أشكال الخرائط الذهنية‬

‫‪21‬‬
‫ويفضــل أن ينتهــي تلخيصــك بتعقيــب بــه وجهــة نظــرك الشــخصية يف الكتــاب ســواء‬
‫ـا بــأن ذكــر هــذا التعقيــب مــن األمور التي تســاعدك‬
‫اإليجابيــة أو الســلبية بالنســبة لــك‪ ..‬علـ ً‬
‫عــى تطويــر قدرتــك عــى القــراءة النقديــة‪.‬‬
‫إن القــدرة عــى تلخيــص الكتــب هــي مهــارة مرنــة يتحســن فيهــا املســتوى عــن طريــق‬
‫التدريــب واملامرســة‪ ،‬وألنهــا مهــارة مرنــة فالتدريــب عليهــا ال يســتلزم الدقــة بقــدر مــا‬
‫يســتلزم أســاليب مختلفــة والتعلــم مــن كل تجربــة متــر بهــا‪.‬‬
‫وال تنــس أنــه ال بُـ َد مــن مراجعــة املواضيــع واألفــكار األساســية جيـ ًدا يك نتأكــد مــن أننــا‬
‫مل ننــس كتابــة أي يشء مهــم يف التلخيــص‪ ،‬والتأكــد أيضً ــا مــن أن التلخيــص شــامل ويــرح‬
‫النقــاط املهمــة بــكل إيجــاز وبطريقــة مبســطة يك ال نشــعر بصعوبــة عنــد القيــام مبراجعــة‬
‫التلخيــص وقراءتــه مــرة أخــرى(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬محارضة بعنوان كيف تلخص كتابًا‪:‬‬


‫‪www.youtube.com/watch?v=mCELvkrUQSw&feature=youtu.be‬‬

‫‪22‬‬
‫املبحث الثالث‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬فوائد التلخيص(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬ســهولة فهــم واســتيعاب املعلومــات املوجــودة يف الكتــاب‪ ،‬فهنــاك بعــض األشــخاص‬
‫يواجهــون صعوبــة يف فهــم املعلومــات التــي يف الكتــب عنــد قراءتهــا ألول مــرة‪.‬‬
‫‪ -2‬إن قيــام الطالــب بقــراءة وفهــم واســتيعاب الكتــاب‪ ،‬وتلخيصــه بطريقتــه الخاصــة‬
‫يســهل عليــه حفــظ الكتــاب بشــكل رسيــع ويف فــرة قصــرة‪.‬‬
‫‪ -3‬مهــارة التلخيــص تنمــي مهــارة الــذكاء عنــد الطــاب‪ ،‬وتجعلهــم أكــر اعتــا ًدا عــى‬
‫أنفســهم يف فهــم أي معلومــة مــا مهــا كانــت صعبــة‪ ،‬ألن قيــام الطالــب بالقــراءة والتحليــل‬
‫وإعــادة الكتابــة تجعلــه أكــر قــدرة عــى الفهــم والحفــظ والرتكيــز‪.‬‬
‫را املراجعــة والفهــم‬
‫‪ -4‬عندمــا يقــرأ الطالــب مــا قــام بتلخيصــه يســهل ذلــك عليــه كث ـ ً‬
‫ألنــه قــد يكــون ال يســتطيع االســتيعاب والفهــم مــن أســلوب كاتــب الكتــاب‪ ،‬لذلــك ينصــح‬
‫املدرســون الطــاب دامئًــا عنــد عــدم فهــم املعلومــات التــي يف الكتــب بالقيــام بتلخيصهــا‬
‫بطريقــة مختــرة يك يســهل فهمهــا وحفظهــا بطريقــة ســهلة ورسيعــة‪.‬‬
‫‪ -5‬التلخيــص أيضً ــا ينمــي املهــارات الكتابيــة لطالــب‪ ،‬ويجعلــه أكــر قــدرة عــى متييــز‬
‫املعلومــات املهمــة مــن املعلومــات غــر املهمــة‪ ،‬ومعرفــة مــا الــذي يجــب قراءتــه وحفظــه‬
‫ـرا أثنــاء املراجعــة ألن هنــاك طالبًــا‬
‫برتكيــز‪ ،‬ومــا يجــب تجنبــه وعــدم الرتكيــز عليــه كثـ ً‬
‫يضيعــون وقتهــم بداخــل كل حــرف بداخــل الكتــاب‪ ،‬ويف النهايــة يالحظــون أن تفكريهــم‬
‫قــد تشــتت وأنهــم غــر قادريــن عــى الرتكيــز‪ ،‬بســبب عــدم متيــز املعلومــات املهمــة عــن‬
‫غريهــا‪ ،‬ولذلــك يجــب أن يحــرص الطالــب أو أي شــخص يرغــب يف قــراءة كتــاب مــا عــى‬
‫تلخيصــه دامئًــا يك يســتوعبه بشــكل أفضــل ويكســب الوقــت يف فهــم وحفــظ املعلومــات‬
‫املهمــة‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬برتجمة وترصف عن مقالة‪:‬‬
‫‪Irs.ed.uiuc.edu,Som Guildelines on Academic Summary.Writing and Paraphrasing.‬‬

‫‪23‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬مدى اهتامم املؤلفني بالتلخيص‪:‬‬
‫اهتــم كثــر مــن املؤلفــن العــرب بتلخيــص النصــوص‪ ،‬ويف هــذا املجــال نالحــظ مــا‬
‫يــي‪:‬‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬الجمع بني التلخيص والتأليف‪:‬‬
‫اشــتهر كثــر مــن املؤلفــن بالجمــع بــن التلخيــص والتأليــف‪ ،‬ومــن هــؤالء ابــن رشــد‬
‫الفيلســوف(‪595‬هـ)‪ ،‬الــذي تألقــت تلخيصاتــه القيمــة لكتــب أرســطو املرتجمــة ورشوحــه‬
‫ومناقشــاته وعروضــه لهــذه الكتــب‪ ،‬إىل جانــب إنتاجــه العلمــي األصيــل الــذي ألفــه يف‬
‫مجــاالت مختلفــة(‪.)1‬‬
‫وكانــت أغلــب مؤلفــات ابــن منظــور (‪711‬هـــ) اختصــار الكتــب «األدب والتاريــخ‬
‫املطولــة كاألغــاين والعقــد والذخــرة ومفــردات ابــن البيطــار‪ ،‬وتاريــخ دمشــق»‪ ،‬ورمبــا‬
‫غلبــت مخترصاتــه خمســائة مجلــد‪ ،‬كــا يذكــر الســيوطي (‪911‬هـــ)‪ ،‬وقــد ألــف ابــن‬
‫منظــور لســان العــرب‪ ،‬وجمــع فيــه بــن التهذيــب واملحكــم والصحــاح وحواشــيه والجمهــرة‬
‫والنهايــة(‪.)2‬‬
‫وكان الذهبــي (‪748‬هـــ) مول ًعــا باالختصــار‪ ،‬ويــروى أنــه اختــر أكــر مــن خمســن‬
‫كتابًــا(‪ ،)3‬ومــن هــذه األمثلــة نالحــظ أن التلخيــص كان نشــاطًا علم ًيــا مصاح ًبــا لنشــاط‬
‫التأليــف األصــي لــدى مؤلفــن مبدعــن‪ ،‬مــا يدفــع إىل االعتقــاد بــأن التلخيــص يرتبــط‬
‫غالبًــا برغبــة قويــة يف تحصيــل العلــم‪ ،‬وبأنــه ينمــي ملــكات التأليــف األخــرى‪ ،‬ويبــدو أنــه‬
‫را مــن املؤلفــن عــى توفــر مــادة علميــة ملؤلفاتهــم األصليــة‪.‬‬‫ســاعد كثـ ً‬

‫التخصص يف التلخيص‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ثالثًا‪:‬‬
‫لوحــظ أن بعــض امللخصــن قــد ركــز اهتاممــه عــى تلخيــص مؤلفــات مؤلــف معــن‪،‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كامل عرفات نبهان‪ ،‬عبقرية التأليف العريب‪،‬ص‪.207‬‬
‫(‪ )2‬انظــر‪ :‬الســيوطي‪ ،‬جــال الديــن عبــد الرحمــن‪ ،‬بغيــة الوعــاة يف طبقــات اللغويــن والنحــاة‪ ،‬تحقيــق‬
‫محمــد أبــو الفضــل إبراهيــم‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مطبعــة عيــى البــايب الحلبــي‪.248/1 ،1964 ،‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬الذهبي ومنهجه يف كتابة تاريخ اإلسالم‪ ،‬ص‪.115-111‬‬

‫‪24‬‬
‫ومــن هــؤالء الفتــح بــن عــي البنــداري (‪643‬هـــ)‪ ،‬الــذي اشــتهر باختصــاره كتــب عــاد‬
‫الديــن األصفهــاين‪ ،‬ولكنــه يختلــف عــن منــوذج ابــن رشــد يف عالقتــه العلميــة واالبداعيــة‬
‫مبؤلفــات أرســطو (‪322‬ق‪.‬م)‪ ،‬حيــث تناولهــا ابــن رشــد مــن زوايــا متعــددة كالــرح‬
‫والتعليــق والتلخيــص وغــر ذلــك‪.‬‬
‫كــا نجــد منوذ ًجــا آخــر للرتكيــز عــى مؤلفــات مؤلــف معــن‪ ،‬يتمثــل يف عبــد الرحمــن‬
‫بــن إســاعيل املعــروف باألقليــدي الــذي ألــف مختــرات لكتــب أرســطو الثامنيــة يف‬
‫املنطــق(‪.)1‬‬

‫راب ًعا‪ :‬أبعاد الجهد العلمي يف صنعة التلخيص(‪:)2‬‬


‫يتســم التلخيــص يف بعــض األحيــان عــى مهــارة صانعــه‪ ،‬وعــى املزايــا التــي يحققهــا‪،‬‬
‫وقــد نجــد عــدة تلخيصــات لنــص واحــد يتألــق بعضهــا ويخبــو البعــض اآلخــر وفيــا يــي‬
‫أبعــاد الجهــد العلمــي يف التلخيــص‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬تركيب الجهود العلمية يف التلخيص وتداخلها‬
‫كانــت صنعــة التلخيــص يف بعــض األحيــان تشــمل جهــو ًدا علميــة مركبــة كــا تأسســت‬
‫لهــا خلفيــات منهجيــة عرفهــا التأليــف العــريب‪ ،‬وقــد تبــدت يف منــاذج التلخيــص نفســها‬
‫إىل جانــب حديــث بعــض املؤلفــن عنهــا‪ ،‬مثــل حاجــى خليفــة (‪1067‬هـــ) (‪ ،)3‬والقنوجــي‬
‫(‪1307‬هـ) (‪.)4‬‬

‫خامسا‪ :‬تحليل عنارص الجهد العلمي يف التلخيص‪:‬‬


‫ً‬
‫التلخيــص‪ :‬هــو أكــر مــن مجــرد اختصــار اللفــظ وإبقــاء املعنــى‪ ،‬فهــو يف بعــض‬
‫الحــاالت اشــتغال كامــل بالنــص األصــي وجهــد تأليــف واســع‪ ،‬يضيــف إىل التلخيــص‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬ماجد فخري‪ ،‬رسائل ابن باجه اإللهية‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار النهار‪،1968 ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كامل عرفات نبهان‪ ،‬عبقرية التأليف العريب‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫(‪ )3‬حاجي خليفة‪ ،‬كشف الظنون‪.35/1،‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬صديق بن حسن القنوجي‪ ،‬أبجد العلوم‪.211-209/1،‬‬

‫‪25‬‬
‫أحيانًــا عمليــات تأليفيــة مكملــة كالتذييــل واالســتدراك وغريهــا‪ ،‬ومــن الــروري تحليــل‬
‫الجهــد العلمــي يف التلخيــص إىل عنــارص وعمليــات مفــردة فيــا يــي‪:‬‬

‫‪ -1‬اختصار اللفظ‬
‫‪ -2‬متثيــل املعــاين املوجــودة بالنــص‪ ،‬أو مــوارة املعنــى‪ ،‬وذلــك هــو املفــرض‬
‫نظريًــا يف التلخيــص بحيــث ال يزيــد وال ينقــص عــا جــاء يف األصــل مــن املعــاين(‪ ،)1‬وقــد‬
‫اتبــع ابــن األثــر الجــزري هــذا املنهــج بدقــة عندمــا لخــص كتــاب األنســاب للســمعاين‪،‬‬
‫فقــد حافــظ متا ًمــا عــى املعــاين الــواردة باألصــل حتــى لــو كان يــرى ويعــرف مــا يخالفها‪،‬‬
‫وعــر عــن ذلــك بقولــه‪« :‬إننــي اتبعــت املصنــف (يقصــد الســمعاين)‪ ،‬يف كالمــه الــذي أنقله‬
‫ال غــره حتــى إنــه ينقــل الــيء عــى الشــك وأعلمــه يقي ًنــا فأنقلــه عــى الشــك‪ ،‬ويذكــر‬
‫الــيء متيق ًنــا وأنــا أشــك فيــه فأنقلــه عــى يقينــه‪ ،‬ويذكــر يف الرتجمــة إنســانًا غــره أوىل‬
‫بالذكــر منــه‪ ،‬ورمبــا كان بعــض مــن أدركنــاه‪ ،‬فأتــرك مــا عنــدي ملــا ذكــره»‬

‫‪ -3‬حذف أشياء من النص‪ :‬وقد يشمل الحذف شي ًئا مام ييل‪:‬‬


‫أ‪ -‬الحشــو والتطويــل‪ ،‬وقــد يشــمل ذلــك مــا يتخطــاه الزمــن أو يأبــاه العقــل واملنطــق يف‬
‫نصــوص الســابقني‪.‬‬
‫ب‪ -‬األمثلة والشواهد والتعليل والتمثيل إال للرضورة‪.‬‬
‫جـــ‪ -‬بعــض األبــواب‪ ،‬فقــد اقتــر القزوينــي عــى القســم الثالــث مــن كتــاب الســكايك‬
‫وحــذف أبــو حيــان بعــض األبــواب مــن كتــاب ابــن عصفــور‪.‬‬
‫د‪ -‬التفريعات الغامضة‬
‫(‪.)2‬‬
‫هـ‪ -‬التكرار‬

‫(‪ )1‬كــا يــرى مجــدي وهبــه يف تعريــف املوجــز‪ ،‬وقــد أورد مثـ ً‬
‫ـال لذلــك‪ :‬املوجــز يف القانــون‪ ،‬البــن‬
‫النفيــس املرصي(‪816‬هـــ)‪ ،‬الــذي اختــره مــن القانــون البــن ســينا‪ .‬انظــر‪Magdi Wahba. :‬‬
‫‪.OP.Cit.pl abridgment‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كشف الظنون‪.554/1،‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -4‬االهتامم باألسلوب‪ ،‬ويشمل ذلك‪:‬‬
‫حسن العبارة‪ ،‬أو حسن التقرير بأسلوب موجز‪ ،‬كام يشري القنوجي‪.‬‬
‫التبســيط واإلخــاء مــن التعقيــد‪ ،‬والرتجمــة(‪ )1‬بلغــة الطالبــن‪ ،‬أي‪ :‬مراعــاة مســتوى‬
‫القــراء املقصوديــن بالتلخيــص‪.‬‬

‫‪ -5‬التوضيح‪ ،‬ويشمل‪:‬‬
‫أ‪ -‬وضع تعريفات أكرث دقة ووضو ًحا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تسهيل الفهم‬
‫جـ‪ -‬بيان املهم من وجوه وجهات النظر‬
‫د‪ -‬تعريف امللتبس من التوجيهات والتعليالت واألقوال‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تقريب األدلة بترصيح املطويات‪.‬‬
‫و‪ -‬تصــور املســألة يتمثــل فيــا يتعلــق بالقواعــد وتشــكيل فيــا يتعلق بالشــكل‪ ،‬كالهندســة‬
‫والهيئــة وغريها‪.‬‬

‫‪ -6‬النقد واملقارنة‪ ،‬ويشمل ذلك‪:‬‬


‫أ‪ -‬إبداء الرأي ومناقشة مؤلف النص األصيل‪.‬‬
‫ب_ التعليق واملقارنة‬
‫جـ‪ -‬الرتجيح بني التوجيهات وإبداء األسلم واألقرب منها‪.‬‬

‫‪ -7‬التصحيح وضبط املشكل‪.‬‬


‫‪ -8‬التحقيــق والتدقيــق والتقــي‪ ،‬وهــو عمــل علمــي شــاق يتشــعب يف مســارات‬
‫كثــرة ومباحــث وموضوعــات متعــددة‪ ،‬لضبــط وتحقيــق مســائل لغويــة أو فقهيــة أو‬
‫(‪ )1‬ترجمة كالمه‪ ،‬أي فرسه بلسان آخر‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬مادة رجم‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تاريخيــة أو غريهــا‪ ،‬ويســتلزم ذلــك (االســتنارة مبراجــع أخــرى يف املوضــوع)‪ ،‬أو اســتطالع‬
‫آراء العلــاء‪ ،‬ويدخــل يف هــذا املجــال تخريــج األحاديــث النبويــة يف بعــض النصــوص‪.‬‬

‫‪ -9‬إعادة ترتيب النص‪ ،‬وقد شمل ذلك بعض األوجه التالية‪:‬‬


‫‪ -‬دمج بعض األبواب‪.‬‬
‫‪ -‬جمــع مــا تفــرق يف األبــواب‪ ،‬أو (تلخيــص املشــتت) (‪ )1‬بتعبــر القنوجــي‪ ،‬أي تقريــب‬
‫املشــتت‪.‬‬

‫‪ -10‬االســتهداء بنــاذج أخــرى مــن ملخصــات ســابقة للنص نفســه‬


‫(‪،)2‬‬

‫وهــو مــا يشــار إليــه يف هــذا البحــث باصطــاح النمذجــة‪.‬‬

‫(‪ )1‬القنوجي‪ ،‬أبجد العلوم‪.211/1،‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كامل عرفات نبهان‪ ،‬عبقرية التأليف العريب‪ ،‬ص‪.206‬‬

‫‪28‬‬
‫املبحث الرابع‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬قواعد تلخيص النص‪:‬‬
‫‪ – 1‬قاعدة الحذف‪:‬‬
‫ومــن خاللهــا ميكــن حــذف كل الجمــل التــي ال تســهم يف فهــم النــص مثــل‪ :‬تجريــد‬
‫الزمــان واملــكان‪ ،‬ووصــف األشــياء واألشــخاص‪ ،‬واألعــال الثانويــة‪.‬‬
‫‪ -2‬قاعدة الدمج‪:‬‬
‫حيث ميكن دمج الجملة يف جمل أخرى تشكل رشطًا الز ًما‪ ،‬أو نتيجة للجملة‪.‬‬
‫‪ -3‬قاعدة البناء‪:‬‬
‫إذ ميكــن بنــاء جملــة مــن جمــل وإحاللهــا محلهــا بــرط أن تكــون الجملــة املبنيــة هــي‬
‫الناتــج الطبيعــي للجمــل‪.‬‬
‫‪ -4‬قاعدة التعميم‪:‬‬
‫وميكنــك حينهــا اســتبدال مجموعــة مــن الجمــل بجمــل تعميميــة تحمــل يف ذاتهــا املعــاين‬
‫التــي حملتهــا الجمــل املســتبدلة‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬خصائص التلخيص‪:‬‬


‫‪ -1‬أنه عملية فكرية‪.‬‬
‫‪ -2‬مهارة لغوية راقية‪.‬‬
‫‪ -3‬صورة مصغرة ألصل مطول‪.‬‬
‫‪ -4‬رضب من اإليجاز يراعى فيه الحجم املطلوب‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -5‬يدل داللة كاملة عىل املوضوع واألفكار الرئيسة فيه‪.‬‬
‫‪ -6‬نسق من الجمل والعبارات املرتابطة(‪.)1‬‬

‫(‪ً ) 1‬‬
‫نقل عن مقال بعنوان فن التلخيص‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مالحظات حول وظائف التلخيص‪:‬‬
‫‪ -1‬حفــل التلخيــص بأشــكال متعــددة مــن الجهــود العلميــة التــي بذلهــا املؤلفــون‪ ،‬تــدرج‬
‫مــن املحاولــة الفرديــة واملوهبــة الشــخصية حتــى وصــل إىل فــن لــه أســس وتقاليــد مــن‬
‫خــال تراكــم الخــرات والنــاذج‪ ،‬واســتطاع التلخيــص أن يطــوع نفســه مبقــدرة يف كثــر‬
‫مــن األحيــان لخدمــة األغــراض املنشــودة‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنظــر إىل خصائــص الجهــد العلمــي يف التلخيــص‪ ،‬ميكــن القــول بــأن التلخيــص‬
‫مل يكــن دامئًــا مجــرد اختصــار للنــص وتقليــل مــن حجمــه‪ ،‬مــع االحتفــاظ بأكــر قــدر مــن‬
‫املعــاين فحســب‪ ،‬بــل كان يف بعــض األحيــان تطويـ ًرا وتحســي ًنا وإضافــة وتجديـ ًدا وتقوميًــا‬
‫ـكل مــن أشــكال القــوة والفاعليــة يف الثقافــة العربيــة‪ ،‬تتجــدد بــه‬ ‫ونق ـ ًدا وتوضي ًحــا‪ ،‬وشـ ً‬
‫النصــوص وتــزداد قيمتهــا وفاعليتهــا‪ ،‬وكان مــن املمكــن لكثــر مــن املؤلفــن الذيــن لخصــوا‬
‫ـدل مــن ذلــك إىل تأليــف كتــب‬ ‫وأضافــوا وحســنوا‪ ،‬أال يلجئــوا إىل التلخيــص‪ ،‬وأن يتجهــوا بـ ً‬
‫جديــدة مــع اســتخدام النصــوص الســابقة (كمراجــع)‪ ،‬ولكــن تقاليــد العلــم كانــت غاليــة‬
‫وواضحــة يف كثــر مــن األحيــان‪ ،‬وطاملــا كان (النــص إمــام الفــن)‪ ،‬فــإن النــص الــذي‬
‫يحظــى بهــذه املكانــة كان يحظــى بجهــود متعــددة لتشــغيله وتلخيصــه‪ ،‬ومل يكــن ذلــك العمــل‬
‫تكــرا ًرا بــل كان يف كثــر مــن األحيــان إبدا ًعــا وإتقانًــا وانتــا ًء‪.‬‬
‫‪ -3‬كانــت الوظيفــة املبــارشة للتلخيــص يف التأليــف العــريب‪ ،‬هــي توفري نصــوص (بديلة)‪،‬‬
‫تنــوب يف الغالــب عــن النصــوص األصليــة الصعبــة أو املطولــة‪ ،‬وكان الغــرض األســايس مــن‬
‫التلخيــص هــو احتــواء النــص وتحديــد اتجاهــه مبزيــد مــن الدقــة يف حــدود املوضــوع‬
‫والوظيفــة والرتكيــز عــى األهــداف الرئيســية املوجــودة أو املنشــودة للنــص األصــي‪ ،‬وقــد‬
‫حققــت بعــض التلخيصــات هــذه الغايــة بدرجــة بالغــة مــن اإلتقــان‪ ،‬وأخفقــت تلخيصــات‬
‫أخــرى واعتــرت محــاوالت فاشــلة‪ ،‬ويف بعــض األحيــان مفســدة للنــص األصــي‪.‬‬
‫‪ -4‬ارتبطت وظيفة التلخيص مبستويني متقابلني من القراء‪ ،‬هام‪:‬‬
‫أ‪ -‬امل ُ ْن َت ِهــي‪ :‬وهــو الــذي درس العلــم ويحتــاج إىل التلخيــص الســتحضار وتذكــر رؤوس‬
‫املســائل‪ ،‬بحســب تعبــر حاجــي خليفــة‪.‬‬
‫ب‪ِ -‬‬
‫املبتدي‪ :‬وهو طالب العلم املكلف بالحفظ كقاعدة ورصيد للتعلم‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وكان للحفــظ يف تلــك العصــور مربراتــه‪ ،‬مــن حيــث طبيعــة العلــم ووســائل تح ُّملــه‬
‫وتوصيلــه مــن جيــل إىل جيــل‪ ،‬ومــن حيــث (نــدرة الكتــب وصعوبــة الحصــول عليهــا)‪ ،‬ومــن‬
‫أجــل االســتعداد لإلجابــة عــى أي ســؤال‪ ،‬ومــن أجــل ذلــك وجــدت املختــرات واملتــون يف‬
‫مجــاالت مختلفــة مــن العلــم‪ ،‬وكان لهــذه الظاهــرة ســلبيات وجــدت مــن ينتقدهــا‪ ،‬ومنهــم‬
‫ابــن خلــدون الــذي انتقــد كــرة االختصــارات‪ ،‬وإخاللهــا بالتعليــم وإفســادها للملــكات(‪.)1‬‬
‫ويف ظــل النظريــات الرتبويــة الحديثــة‪ ،‬تو َّجــه ســهام النقــد إىل هــذه الطريقــة يف‬
‫التعليــم‪ ،‬ولكــن الحفــظ مل يكــن يف التعليــم القديــم ميثــل نهايــة املطــاف‪ ،‬بــل كان ميثــل‬
‫قاعــدة معلومــات ت ُختــزن يف ذاكــرة الفــرد‪ ،‬ثــم يصاحبهــا الــرح واملناقشــة واالســتيعاب‬
‫عــى مــدى العمــر‪ .‬ولقــد بــدأ بعــض املفكريــن املعارصيــن يعيــد تقييــم ظاهــرة املختــرات‬
‫واملتــون‪ ،‬وجدواهــا يف عمليــة التعلُّــم‪.‬‬
‫‪ُ -5‬وجــد التلخيــص منــذ املراحــل املبكــرة للتأليــف العــريب‪ ،‬وقــام بــدور مهــم يف كل هــذه‬
‫املراحــل‪ .‬ومنهــا‪« :‬املرحلــة الحضاريــة التاليــة ملراحــل الجمــع والتدويــن والنقــد والتمحيــص‬
‫يف نشــأة الحــرة العربيــة ويف جميــع فــروع املعرفــة‪ ،‬فقــد قــام العلــاء بتدويــن خالصــات‬
‫حصلــوا يف كتــب ورســائل‪ ،‬كل يف مجــال اختصاصــه»(‪.)2‬‬ ‫مــا َّ‬
‫ميــا إىل القــارئ‬
‫‪ -6‬قــام التلخيــص بــدور مهــم لتوصيــل النصــوص األجنبيــة املرتجمــة قد ً‬
‫تطــوري يف حضــارات الشــعوب‪« ،‬يبــدأ‬ ‫ٍّ‬ ‫العــريب يف حينــه‪ ،‬ورمبــا يصــح تصــور هيــكلٍ‬
‫بالرتجمــة‪ ،‬ثــم التلخيــص‪ ،‬ثــم االســتيعاب‪ ،‬ثــم التأليــف املســتقبل»‪ .‬وإن كان ذلــك ينطبــق‬
‫عــى الجانــب العاملــي مــن ثقافــة األمــة‪ ،‬وال ينطبــق عــى ثقافتهــا الخاصــة‪ ،‬كــا نجــد يف‬
‫التأليــف العــريب يف اللغــة والفقــه واألدب مثـ ًـا‪ ،‬والــذي بــدأ مبكـ ًرا وقبــل مراحــل الرتجمــة‬
‫مــن علــوم اليونــان وغريهــم بكثــر‪.‬‬
‫‪ -7‬ظهــر الولــع بالتلخيــص يف مرحلــة تاليــة مــن التاريــخ العلمــي العــريب‪ ،‬ويالحــظ ذك‬
‫منــذ القــرن الســابع الهجــري ومــا يليــه‪ ،‬وقــد شــهدت هــذه القــرون انكبــاب العلــاء عــى‬
‫تلخيصــا ورش ًحــا وتحشــية‪ ..‬إلــخ‪ ،‬ومــن أبــرز هــؤالء‪:‬‬
‫ً‬ ‫مؤلفــات الســابقني‪ ،‬واالشــتغال بهــا‬
‫الذهبــي (‪748‬ه)‪ ،‬وابــن منظــور (‪711‬ه)‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن خلدون‪ ،‬املقدمة‪ ،‬تحقيق عيل عبد الواحد‪.1242/2،‬‬


‫(‪ )2‬محمود إسامعيل‪ ،‬سوسيولوجيا الفكر اإلسالمي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬دار الثقافة‪1980 ،‬م‪.159/1،‬‬

‫‪32‬‬
‫ويســاق لتعليــل ذلــك أســباب تاريخيــة منهــا الحــرص عــى التكيــف مــع أخطــار الغــزوات‬
‫واألهــوال التــي تعــرض لهــا العــامل العــريب واإلســامي وتدمــر كثــر مــن املخطوطــات‬
‫العربيــة‪ ،‬واندفاعهــم نحــو إعــداد تلخيصــات للثقافــة العربيــة اإلســامي املهــددة‪ ،‬بحيــث‬
‫ميكــن اســتيعابها ونقلهــا عنــد مواجهــة األخطــار‪.‬‬
‫‪ -8‬وصلــت بعــض املختــرات إىل درجــة مــن اإلتقــان جعلتهــا تفــوق النصــوص األصليــة‬
‫يف قيمهــا وأدائهــا‪ ،‬ويشــر أبــو الحســن الشــاري يف فهرســه إىل بعــض املختــرات التــي‬
‫فضلــت عــى األمهــات‪ ،‬ومنهــا‪:‬‬
‫أ‪ -‬مخترص العني للخليل بن أحمد‪ ،‬للزبيدي‪.‬‬
‫ب‪ -‬مخترص الزاهر يف معاين الكالم لألنبار‪ ،‬للزجاجي‪.‬‬
‫جـ‪ -‬مخترص سرية ابن إسحاق‪ ،‬البن هشام(‪.)1‬‬
‫‪ -9‬كان للتلخيــص أهميــة خاصــة بالنســبة للتأليــف املوســوعي واملرجعــي الــذي يحتــاج‬
‫إىل تجميــع وحــدات ومعلومــات مركــزة يتــم مجانســتها «أي‪ :‬تجميعهــا بحســب موضــوع أو‬
‫نــوع معــن» وعرضهــا‪ ،‬وقــد طالــع التهانــوي‪( ،‬حــوايل ‪1158‬ه) مختــرات العلــوم‪ ،‬واقتبــس‬
‫منهــا املصطلحــات التــي أوردهــا يف كشــاف اصطالحــات الفنــون‪ ،‬كــا اتخــذت التلخيصــات‬
‫(‪)2‬‬
‫مصــادر للتأليــف عندمــا تعــذر الحصــول عــى األصــول بعــد تخريــب املغــول للعامل العــريب‬
‫‪ ،‬وال زلنــا نجنــي مثــار هــذه التلخيصــات حتــى اليــوم‪ ،‬بعــد ضيــاع كثــر مــن األصــول‪.‬‬
‫‪ -10‬امتــد تأثــر امللخصــات العربيــة إىل الحضــارة األوروبيــة الالتينيــة‪ ،‬التــي مكَّنتهــا‬
‫ملخصــات الفــارايب وابــن ســينا ألرســطو وأفالطــون وغريهــا مــن التعــرف مــن جديــد‬
‫عــى الفكــر اليونــاين(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬السيوطي‪ ،‬املزهر يف علوم اللغة‪.87/1 ،‬‬


‫(‪ )2‬روزنتــال‪ ،‬فرانتــز‪ ،‬مناهــج العلــاء املســلمني يف البحــث العلمــي‪ ،‬ترجمــة أنيــس فريحــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬دار‬
‫الثقافــة‪1980 ،‬م‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )3‬حامــد ربيــع‪ ،‬التجديــد لفكــري لل ـراث اإلســامي وعمليــة إحيــاء الوعــي القومــي‪ ،‬دمشــق‪ ،‬دار اجللــي‪،‬‬
‫‪1982‬م‪ ،‬ص‪.79‬‬

‫‪33‬‬
‫راب ًعا‪ :‬النصوص املالمئة وغري املالمئة للتلخيص‬
‫ميثــل التلخيــص مدرســة متطــورة يف التأليــف العــريب ثــم فيــه تكثيــف واختــزال رمــوز‬
‫االتصــال مــن الكلــات والجمــل‪ ،‬وقــد تأثــرت بالتلخيــص جوانــب جامليــة مصاحبــة للســياق‬
‫العــام للنــص‪ ،‬فتغلــب طابــع الوظيفــة الجــاف عــى النــص وأصبــح النــص يتســم بالصالبــة‪،‬‬
‫را مــن خــواص اإليحــاء والبذريــة التــي تكمــن يف‬ ‫ورمبــا فقــدت النصــوص املختــرة كثـ ً‬
‫النــص األصــي‪.‬‬
‫نصوصــا يف معظــم فــروع املعرفــة؛ كاللغــة والفقــه والفلســفة‬
‫ً‬ ‫وقــد شــمل التلخيــص‬
‫والرياضيــات والطــب‪ ...‬إلــخ‪.‬‬
‫نصوصــا ال تقبــل التلخيــص بطبيعتهــا؛ ألن النــص يف هــذه الحالــة ميثــل‬ ‫ً‬ ‫ولكــن هنــاك‬
‫قيمــة يف حــد ذاتــه‪ ،‬ولــه خصوصيته التــي ال تســمح بالتــرف يف بنيته األصليــة‪ .‬فالنصوص‬
‫الدينيــة املقدســة‪ ،‬واألشــعار والقصــص عــى ســبيل املثــال‪ ،‬ال يجــدي معهــا ســوى التعامــل‬
‫مــع األفــكار مبصاحبــة النــص األصــي‪ .‬فليــس مــن املقبــول فن ًّيــا أو أدب ًّيــا أن يلخــص نــص‬
‫أديب‪ ،‬ولكــن املمكــن هــو عــرض الخــط الرئيــي للعمــل األديب أو حبكتــه األدبيــة‪.‬‬
‫ومــن املمكــن يف النصــوص الوظيفيــة العلميــة والتعليميــة أن يظهــر التلخيــص كبديــل‬
‫للنــص األصــي‪ ،‬ولكــن أقــى مــا ميكــن بالنســبة للنــص املقــدس أو الترشيعــي أو األديب هــو‬
‫تقديــم وســيط لألفــكار الرئيســة‪ ،‬ســواء بالتعريــف املبــديئ بهــا أو بخدمــة النــص األصــي‬
‫عــن طريــق رشحــه أو إيجــاده املفاتيــح والكشــافات التحليليــة املوصلــة إليــه‪ .‬ومــن املمكــن‬
‫تفســر العمــل األديب أو نقــده أو التعليــق عليــه أو تحليلــه‪ .‬ولكـ َّن أحـ ًدا ال يســتطيع أن ينشــئ‬
‫تلخيصــا أدبيًّــا لعمــل أديب يكــون بديـ ًـا عنــه(‪. )1‬‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كامل عرفات نبهان‪ ،‬عبقرية التأليف العريب‪ ،‬ص‪217-216‬‬


‫‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫«عنوان الكتاب»‬ ‫ملخص الكتاب‪:‬‬

‫هدف الكتاب‪:‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪..............................................................................................................................‬‬
‫‪..........................‬‬
‫فكرة رئيسة (‪)1‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪..............................................................................................................................‬‬
‫‪..............................‬‬
‫فكرة فرعية ‪1‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪.................................................................‬‬
‫فكرة فرعية ‪2‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪................................................................‬‬
‫فكرة فرعية ‪3‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪................................................................‬‬
‫فكرة رئيسة (‪)2‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪................................................................‬‬

‫‪35‬‬
‫فكرة فرعية ‪1‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪.................................................................‬‬
‫فكرة فرعية ‪2‬‬
‫‪.........................................................................................................................‬‬
‫‪.................................................................‬‬
‫تعقيــب‪ :‬ويشــتمل عــى وجهــة نظــرك الشــخصية أو األمــور التــي اتفقــت فيهــا مــع‬
‫الكتــاب أو مل تتفــق‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الخامتة‬

‫‪ -1‬التلخيص متثيل مكثف‪ ،‬تطويق ملعظم محتوى النص األصيل‪.‬‬

‫‪ -2‬التلخيص استبعاد املكرر أو الشواهد والرشوح غري املالئم‪.‬‬

‫‪ -3‬التلخيــص صياغــة مكثفــة جديــدة ملحتــوى النــص‪ ،‬بتــرف يصــل أحيانًــا إىل اإللغــاز‬
‫والتعقيــد والجفــاف‪ ،‬ولــذا فمعظــم األســلوب يف امللخــص للمل ِّخــص إال إذا قــام املؤلــف‬
‫بتلخيــص كتابــه‪.‬‬

‫‪ -4‬ال تضف أي أفكار أو معلومات يف امللخص ال تخدم الهدف املحدد‪.‬‬

‫‪ -5‬التلخيــص اســتيعاب محتــوى النــص األصــي لغــرض وظيفــي محــدد‪ :‬الحفــظ‪،‬‬


‫االســتخدام كأداة إرشــادية‪ ،‬أو املرجعــي (يف الفقــه‪ /‬القضــاء‪ /‬النحــو‪ /‬الطــب‪.).../‬‬

‫‪ -6‬القائــم بالتلخيــص يف خدمــة املؤلــف األصــي ومعيــار نجاحــه القــدرة عــى توصيــل‬
‫معظــم أفــكاره‪.‬‬

‫تكامــل املعلومــات واألفــكار وتدرجهــا بقــدر معــن وتنوعهــا لخدمــة الغــرض األصــي مــن‬
‫التأليف‪.‬‬

‫‪ -7‬القدرة عىل تلخيص الكتب مهارة مرنة ‪.Soft Skill‬‬

‫‪ -8‬يف النهايــة فــإن الهــدف مــن التلخيــص هــو تعميــق فهمنــا للكتــاب‪ ،‬ســهولة اســرجاع‬
‫املعرفــة الح ًقــا‪ ،‬مشــاركة املعرفــة لآلخريــن‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫املراجع واملصادر‬

‫•ابــن خلــدون‪ ،‬عبــد الرحمــن بــن محمــد‪ ،‬املقدمــة‪ ،‬تحقيــق عــي عبــد الواحــد وايف‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬دار نهضــة مــر‪.‬‬
‫•ابــن عبــد الــر القرطبــي‪ ،‬جــال الديــن أبــو عمــر يوســف النمــري ‪463‬هـــ‪ ،‬الــدرر‬
‫يف اختصــار املغــازي والســر تحقيــق شــوقي ضيــف‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهــرة‪ ،‬دار املعــارف‪.1983 ،‬‬
‫•ابــن مســعود‪ ،‬أبــو الخــر زايــد ابــن رفاعــة ‪ ،‬جوامــع إصــاح املنطــق البن الســكيت‪،‬‬
‫حيــدر آبــاد‪ ،‬دائرة املعــارف العثامنيــة ‪1354‬هـ‪.‬‬
‫•‪ -4‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط دار املعارف‪.‬‬
‫•‪ -5‬الســيوطي‪ ،‬جــال الديــن عبــد الرحمــن‪ ،‬بغيــة الوعــاة يف طبقــات اللغويــن‬
‫والنحــاة‪ ،‬تحقيــق محمــد أبــو الفضــل إبراهيــم‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مطبعــة عيــى البــايب‬
‫الحلبــي‪.1964 ،‬‬
‫•‪ -6‬بشــار عــواد معــروف‪ ،‬الذهبــي ومنهجــه يف كتابــة تاريــخ اإلســام‪ ،‬النــارش عيىس‬
‫البــايب الحلبي‪.‬‬
‫•‪ -7‬صديــق بــن حســن القنوجــي ‪ ،‬أبجــد العلــوم‪ ،‬وزارة الثقافــة واإلرشــاد القومــي‬
‫دمشــق ‪ -‬دار الكتــب العلميــة‪ ،‬ســنة النــر‪.1978 :‬‬
‫•‪ -8‬حاجــي خليفــة‪ ،‬كشــف الظنــون عــن أســامي الكتــب والفنــون‪ ،‬تحقيــق محمــد‬
‫رشف الديــن; النــارش‪ :‬دار إحيــاء الــراث العــريب‪.‬‬
‫•‪ -9‬حامــد ربيــع‪ ،‬التجديــد لفكــري للــراث اإلســامي وعمليــة إحيــاء الوعــي القومــي‪،‬‬
‫دمشــق‪ ،‬دار الجيل‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫•‪ -10‬روزنتــال‪ ،‬فرانتــز‪ ،‬مناهــج العلــاء املســلمني يف البحــث العلمــي‪ ،‬ترجمــة أنيــس‬
‫فريحــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬دار الثقافــة‪1980 ،‬م‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫•‪ -11‬كــال عرفــات نبهــان‪ ،‬عبقريــة التأليــف العــريب‪ ،‬ط وزارة األوقــاف والشــؤون‬
‫اإلســامية‪ ،‬الكويــت‪.‬‬
‫•‪ -12‬محمــود إســاعيل‪ ،‬سوســيولوجيا الفكــر اإلســامي‪ ،‬الــدار البيضــاء‪ ،‬دار الثقافة‪،‬‬
‫‪1980‬م‪.‬‬
‫•‪ -13‬هــادي نهــر‪ ،‬رشح اللمحــة البدريــة يف علــم اللغــة العربيــة‪ ،‬البــن هشــام‪ ،‬بغــداد‪،‬‬
‫الجامعة املســتنرصية‪1977 ،‬م‪.‬‬
‫ •‬ ‫‪14- terms. Magdi Wahba. A dictionary of literary‬‬
‫ •‬ ‫‪15- Som Guildelines on Academic Summary.Writing and Paraphrasing.‬‬
‫•‪ -16‬محارضة بعنوان كيفية كتابة تلخيص كتاب‪:‬‬
‫ •‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=yXnIyUY22QA&feature=youtu.be‬‬
‫•‪ -17‬محارضة بعنوان كيف تلخص كتابًا‪:‬‬
‫ •‬ ‫‪www.youtube.com/watch?v=mCELvkrUQSw&feature=youtu.be.‬‬

‫‪39‬‬

You might also like