You are on page 1of 13

‫الجمهوريـة الجزائـريـة الديمــقراطيـة الشعبيـة‬

‫‪République Algérienne Démocratique et Populaire‬‬


‫وزارة التعليــم الــعالـي والبحـث العلمـي‬
‫‪Ministère de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche scientifique‬‬
‫‪Centre Universitaire‬‬ ‫‪sscientifique sScientifique‬‬ ‫المركــز الجامعي‬
‫‪Abdelhafid Boussouf‬‬ ‫‪Mila‬‬ ‫عبد الحفيظ بوالصوف ميلة‬

‫ُّ‬
‫‪Institut des lettres et des languesngues‬‬ ‫مع ــهد آلاداب واللــغات‬
‫ُّ‬ ‫‪www.centre-univ-mila.dz‬‬
‫املقياس‪ :‬تعليمية اللغات‬ ‫الدكتور‪ :‬سميرمعزوزن‬

‫العام الجامعي‪2222 - 2222 :‬‬ ‫السنة‪ :‬ألاولى ماستر – لسانيات تطبيقية‬

‫َّ‬
‫املحاضرة الثانية‬

‫‪1‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫املحاضرة الثانية بعنوان‪ :‬تعليمية اللغات( املفهوم و النشأة)‪.‬‬
‫مما يجدر التنويه به –ههنا‪ -‬أن التطور الهائل الذي شهده الغرب وال يزال يشهده في تعليمية اللغات‬
‫يدفعنا إلى التساؤل عن املكانة التي يحظى بها هذا العلم في البلدان العربية‪ .‬إذ عرف البحث في ديداكتيك‬
‫اللغات عند الغرب تطورا كبيرا في نشأته ومفهومه وموضوعه ومنهجه انتهت نتائجه في النهاية بمعرفة‬
‫أفضل لعناصر العلمية التعليمية(املعلم‪ ،‬املتعلم‪ ،‬واملحتوى)‪.‬‬

‫إذ تجلى أثر هذا التطور في تقيد املعلم واملتعلم وتمثلهما ملجموعة من املفاهيم والتصورات واملمارسات‬
‫التعليمية داخل ألاقسام التعليمية‪ .‬وألامر أبعد من ذلك‪ ،‬فقد استخدمت التعليمية في كثير من العلوم‬
‫التي لها عالقة صلة بها؛ وبذلك لم يعد يقتصر استخدام هذا املصطلح في حقل تعليمية اللغات فقط‪ ،‬بل‬
‫تعداه إلى سائر العلوم واملعارف ألاخرى‪ .‬غير أن املالحظ واملتجلى للعيان في البالد العربية‪ ،‬أن هذا العلم لم‬
‫ينل املكانة التي يستحقها‪ ،‬رغم أنه ظهرت مبادرات وآراء تنادي باإلصالح التربوي وتكوين املعلمين وإعادة‬
‫صياغة مناهج تعليمية جديدة تستجيب الحتياجات املتعلمين ومتطلبات العصر‪ ،‬إال أنها بقيت مجرد‬
‫تصورات وآراء ال قيمة لها ما لم يتم فعال ترجمتها بصورة ممنهجة وفعالة في الواقع املمارسة التعليمية‬
‫داخل ألاقسام الدراسية‪.‬‬

‫ألامر الذي يتطلب منا‪ -‬في ضوء ما تم عرضه آنفا‪ -‬بعث مصطلح الديداكتيك في البلدان العربية كحقل‬
‫معرفي ومعرفة طبيعة موضوعه وعالقته بالعلوم ألاخرى‪ ،‬وهو ما يسمح لنا بفتح ورشات إصالحية عميقة‬
‫في منظومتنا التربوية تستجيب وتتكيف مع ما يشهده العالم من تطور في هذا العلم‪.‬‬
‫ُّ‬
‫‪:1‬تعريف تعليمية اللغات(‪:)Didactique des langues‬‬

‫‪ – 1 – 1‬لغة‪:‬‬

‫تجدر إلاشارة – ههنا‪ -‬إلى أن مصطلح التعليمية من املصطلحات املستحدثة في اللغة العربية‪ ،‬وقد أخذ‬
‫من املادة اللغوية للفعل" علم" والذي يعني "التعليم" ‪ .‬وقد ورد في لسان العرب في مادة "علم"‪ ":‬علمت‬
‫الش يء أعلمه علما؛ عرفته‪ ،‬وعلم العلم وأعلمه إياه فتعلمه‪ ،‬ويقال تعلم في موضع اعلم‪ .‬وفي حديث‬

‫‪2‬‬
‫الدجال‪(:‬تعلموا أن ربكم ليس بأعور) بمعنى اعلموا‪ ."1‬وبعد التدقيق وإلامعان في تعريف ابن منظور‬
‫يمكننا أن نقف في مادة "علم" على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن نتعلم معرفة ونعلمها لغيرنا‪.‬‬

‫‪ -‬يحمل معنى "علم" السمة والعالمة والداللة على الش يء‪.‬‬

‫غني عن البيان‪ ،‬أن مصطلح التعليمية يقابله في اللغة اليونانية مصطلح(‪ )Didaktikos‬والذي‬
‫يعني‪":‬دراسة طرق التدريس أوتقنيات التدريس‪ ."2‬ومن هنا‪ ،‬تحمل الكلمة معنى فلنتعلم أو يعلم بعضنا‬
‫بعضا أو أتعلم منك ‪ .‬ثم نزيد على ما تقدم‪ ،‬فنقول‪ :‬إن كلمة(‪ )Didaktikos‬أخذت من كلمة(‪)Didaskein‬‬
‫التي تعني درس أو علم(‪ ،)Enseigner‬كما يعني مصطلح(‪ )Didakhé‬التعليم‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬نفهم من‬
‫هذا املصطلح أنه ال يحمل معنى إلقاء املعارف على املتعلم من قبل املعلم‪ ،‬إنما ألامر يتجاوز ذلك إلى‬
‫التفاعل وألاخذ والعطاء بين املعلم واملتعلم باملفهوم التربوي الحديث لعملية التعليم‪ .‬وكانت الكلمة تطلق‬
‫عندهم على ضرب من الشعر الذي يعمل دراسة وشرح وتحليل املذاهب الفلسفية والعلمية لعامة الناس‬
‫وتبليغ وشرح وتبسيط داللتها املستعصية‪.‬‬

‫مما يجدر ذكره أن مصطلح ديداكتيك(‪ )Didactique‬في مجال العالج النفس ي يطلق عليه‬
‫مصطلح(‪ )Didactogenie‬الذي يعني الاضطرابات النفسية أو النفس‪ -‬جسدية التي يعمل على إثارتها‬
‫وخلقها في املتعلم‪ .‬ويستعمل مصطلح(‪ )Didacticiel‬على قدرة الفرد على التعلم الذاتي بفضل استخدام‬
‫الحاسوب‪ ،‬ويكون هذا التعليم مبرمجا‪ .‬إذ يقول حبيب تلوين في هذا السياق‪ ":‬ال يجب أن ننس ى بأنه من‬
‫العوامل التي شجعت على انتشار تيار الديداكتيك في الغرب – التي ال ينتبه الكثيرون لدينا‪ -‬هو حاجة‬
‫مصممي برامج الكمبيوتر التعليمية التجارية ملا يسمى(‪ )Les didacticiels‬إلى بعض التقنيات التربوية‬
‫السريعة والبسيطة من أجل بناء برامج توجه للجمهور لتعليم بعض املمارسات غير املتخصصة‪،‬‬
‫ككيفية تهيئة حديقة املنزل أو إعداد همبرغر‪ ...‬ومن جاءت الديداكتيك لتقدم لغير املتخصص يد‬
‫العون في شكل دالئل مبسطة ومجهزة إلعداد برامج التعلم الذاتي لبعض املهمات البسيطة‪."3‬‬

‫‪1‬بن مكرم ابن منظور ألانصاري الافريقي املصري‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مجلد‪ ، 22:‬دت‪ ،‬ص‪584- 584- 584‬‬

‫‪Foulquié ,p, dictionnaire de la langue pédagogique, P.U.F ,paris,2000,p126,1272‬‬

‫‪3‬حبيب تلوين‪ ،‬مغالطات الديداكتيك والديداكتيكيين‪ ،‬مجلة سلسلة منشورات مخبر العمليات التربوية والسياق الاجتماعي‪ ،‬دار الغرب‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪228‬‬

‫‪3‬‬
‫مما يجدر التنويه به أيضا في هذا السياق‪ ،‬أن مصطلح الديداكتيك(‪ )Didactique‬قد ورد في بعض‬
‫املعاجم اللغوية مرادفا ملصطلح بيداغوجيا(‪ ،)Pédagogie‬إذ نلحظ للمصطلح مرادفات كثيرة –مثال‪ -‬في‬
‫اللغة الفرنسية‪ ،‬إذ نجد تربوي(‪ )Educatif‬وثقافي(‪ )Culturel‬ووثائقي(‪)Documentaire‬‬
‫وبيداغوجي(‪ )Pédagogique‬ومدرس ي(‪.4)Scolaire‬‬

‫‪ – 2‬اصطالحا‪:‬‬

‫نود قبل الولوج إلى التعريف الاصطالحي ملصطلح التعليمية التأكيد على أن تعريف التعليمية في‬
‫الدراسات وألابحاث التربوية من املصطلحات التي كانت والتزال لم تعرف الاستقرار في البحث حول‬
‫مفهومها؛ فاملصطلح يكتنفه الكثير من الغموض والجدل باملقارنة مع املصطلحات ألاخرى املستخدمة في‬
‫التعليم‪ .‬ويعزى السبب في كل هذه الاضطرابات الكثيرة التي يشهدها هذا العلم إلى عدم تحديد بعد معالم‬
‫استقاللية هذا العلم عن العلوم ألاخرى؛ أي بقي حبيس تجاذبات مجموعة من آلاراء والتصورات حول‬
‫الارتباط الوثيق بين علم تعليم اللغات والعلوم ألاخرى‪.‬‬

‫الغرو أن هذا العلم الذي عرف الكثير من الاختالفات عند الغرب في تحديد مفهومه‪ ،‬فهو عند العرب‬
‫ظل في موضع جدال ونقاش حول املصطلح ألانسب املقابل ملصطلح(‪ .)Didactique‬فمصطلح التعليميات‬
‫هو املصطلح ألاكثر شيوعا واستخداما عندنا في الجزائر‪ ،‬ونراه –حست تصورنا‪ -‬املصطلح ألاصح في‬
‫الاستعمال قياسا على "لسانيات‪ ،‬وبصريات‪ ،‬ورياضيات‪ .‬وفي املغرب يستخدمون مصطلح الديداكتيك‬
‫تجنبا ألي لبس في مفهوم املصطلح‪ ،‬وإن كان البعض يتحفظ عن هذا املصطلح ألنه ينأى عن قواعد اللغة‬
‫العربية‪ .‬ولهذا تجد املغاربة قد فضلوا تعريب مصطلح" ديداكتيك" بدال من ترجمته تجنبا في هذا السياق‬
‫لكل لغط اصطالحي‪ .‬ومن خالل إطالعنا على الكثير من الكتب املغربية في هذا السياق‪ ،‬نجدهم‬
‫يستعملون بكثرة مصطلح" ديداكتيك" والاستثناء الوحيد الذي وجدناه هو عند (دمحم الدريج)‪ 5‬الذي‬
‫استعمل مصطلح"علم التدريس مرادفا ملصطلح " ديداكتيك"‪ .‬وفي تونس يستعملون مصطلح تعليمية‬
‫املواد‪ ،‬و"علم التدريس" مصطلح يستخدمه بكثرة أهلنا في العراق‪ ،‬في حين في مصر وألاردن يقابلون‬
‫مصطلح التعليمية بمصطلح تطوير التعليم‪ .‬ولعل هذه الاختالفات‪ -‬حسب رؤيتنا وتصورنا املتواضع‪ -‬يعود‬

‫‪El Magharibi dictionnaire de la langue françaises , chihab, Alger,19996, p1824‬‬

‫‪ 5‬دمحم الدريج‪ ،‬مدخل إلى علم التدريس‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪، 2995 ،‬ص‪8 - 4‬‬

‫‪4‬‬
‫أساسا إلى تعدد مناهل الترجمة من جهة‪ ،‬وإلى الترادف الذي تعرفه اللغة العربية من جهة أخرى‪ .‬واملخطط‬
‫آلاتي الذي سنقدمه سيوضح الاختالفات التي ترجم بها مصطلح(‪:)Didactique‬‬

‫‪Didactique‬‬

‫تطويرالتعليم‬ ‫علم التدريس‬ ‫تعليمية املواد‬ ‫ديداكتيك‬ ‫تعليمية‬

‫الشكل التوضيحي رقم(‪ )10‬يوضح املصطلحات املستعملة في ترجمة مصطلح(‪)Didactique‬‬

‫نود أن نشير ‪ -‬في بداية هذه املحاضرة‪ -‬إلى التعريف الذي قدمه ميالري(‪ )G . Mialaret‬بقوله‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫" الديداكتيك موضوع يهتم بالتدريس مع تحديد وسائل العلمية التعليمية ‪ -‬التعليمة‪."6‬‬

‫بناء على هذا التعريف نخلص إلى أن الديداكتيك تهتم بالتدريس الذي يتجاوز ما يقدمه املعلم في‬
‫القسم إلى مساعدة املتعلمين على تحصيل العلوم واملعارف وتربيتهم وتنمية شخصياتهم في جميع جوانبها‬
‫النفسية والعقلية واملعرفية والاجتماعية‪ .‬مع العلم أن التعليمية تستهدف دراسة عناصر العملية‬
‫التعليمية‪ ،‬ومحالة إيجاد أفضل الطرائق لتطوير التعليم بما يستجيب الحتياجات العصر‪.‬‬

‫وقد عرفها كوست(‪ )Coste‬على أنها‪ ":‬مجموع الخطابات املكتوبة واملنطوقة املنتجة حول تعليم‬
‫وتعلم املعارف واملهارات املساهمة في معرفة واستعمال لغة غيرلغة املنشأ‪"7‬‬

‫ما تجدر إلاشارة إليه –ههنا‪ -‬في التعريف الذي قدمه كوست هو أن اهتمام تعليمية اللغات يتجاوز‬
‫الخطابات الشفوية واملكتوبة املنتجة في اللغة ألاولى أو ما يعرف بلغة املنشأ داخل ألاقسام الدراسية إلى ما‬
‫ينتجه املتعلم من خطابات خارج جدران القسم‪.‬‬

‫‪ 6‬عبد العالي عارف‪ ،‬الطرق الديداكتيكية‪ ،‬محاولة في التصنيف‪ ،‬مجلة الدرسات النفسية و التربوية‪ ،‬املغرب‪،‬العدد‪، 22‬ديسمبر‪،2992‬ص‬
‫‪22‬‬

‫‪D . Coste , construction et évolution des discours de la didactique du FLE ,ELA ,N61,Didier édition, paris,1976 ,p53 7‬‬

‫‪5‬‬
‫ُّ‬
‫في سياق آخر يشير دانيال بايلي(‪ )Danielle Baillez‬في كتابه "مصطلحات تعليمية اللغات"( ‪Les‬‬
‫‪ )mots de la didactique des langues‬بقوله‪ ":‬هذا العلم باملعنى الدقيق‪ ،‬ذلك الشق التطبيقي ألي‬
‫تعليم نظري‪ ،‬والذي يستند إلى علم(لسانيات‪ ،‬وعلم وظائف ألاصوات) كما يعمل على إعداد أو تحضير‬
‫َّ‬
‫أجهزة تجريبية من أجل مالحظة ردود التالميذ‪ ،‬واستراتيجياتهم التعليمية‪ ،‬وأخطائهم والعمل على‬
‫معالجتها‪."8‬‬

‫بناء على هذا التعريف‪ ،‬نرى أن تعليمية اللغات علم متداخل الاختصاصات مع علوم أخرى؛أي أنها في‬
‫الفكر التربوي املعاصر أصبحت جسرا يربط بين علوم وتخصصات كثيرة‪ ،‬على اعتبار أنها علم إجرائي‬
‫ميداني يطبق نتائج أبحاث هذه العلوم‪ ،‬ويستثمر فيها إليجاد حلول وطرائق تعليمية فعالة للمشاكل التي‬
‫تعترض العلمية التعليمية‪ -‬التعليمية‪ .‬خاصة أن الواقع التعليمي في منظومتنا التعليمية يكشف لنا عدم‬
‫جدوى املناهج التعليمية املطبقة آلان‪ ،‬وعدم استجابتها ملا يتطلبه واقع استعمالنا الطبيعي والعفوي‬
‫للغتنا في استعمالنا اليومي لها‪ ،‬من حيث التنويع في التعابير املوظفة بحسب ما تفرضه علينا أحوال‬
‫الخطابات الحقيقية العفوية غير املصطنعة‪.‬‬

‫عليه‪ ،‬تتوخى التعليمية تقويم إنتاجات التالميذ الشفوية والكتابية واستراتيجياتهم التعليمية املتبعة مع‬
‫العمل على معالجة أخطائهم وتقويمها بما يسمح لهم بتجنبها‪ .‬وبذلك يستطيع املتعلم التعبير عن مختلف‬
‫أغراضه الخطابية والتواصلية بلغة فصيحة خالية من مختلف ألاخطاء الصوتية والتركيبية والداللية‪،‬‬
‫وهو ما يسمح له باالستعمال الجيد للغة في مختلف املواقف وألاغراض التواصلية‪.‬‬

‫جدير بالذكر‪ ،‬أن تعليمية اللغات(‪ )Didactique des langues‬ترتبط أساسا في جوهرها بتغطية‬
‫مجموعة املقاربات العلمية لتعليم اللغات‪ ،‬وتلتقي بذلك بين علوم كثيرة أهمها اللسانيات وعلم الاجتماع‬
‫وعلم النفس وعلم التربية‪ .9‬إن ما سقناه سابقا وبإيجاز يحلينا إلى طرح التساؤل التالي‪ :‬ماذا تجني‬
‫التعليمية من وراء مفاهيم العلوم السالفة الذكر؟ وهل يمكننا حقيقة تجسيد مفاهيم هذه العلوم في‬
‫واقع ممارستنا التربوية والتعليمية؟‪.‬‬

‫يرى كثير من أهل الاختصاص‪ -‬في هذا السياق‪ -‬أن البحث في مجال اللسانيات وعلم النفس وعلم‬
‫الاجتماع وعلم التربية يختلف عن البحث في مجال تعليمية اللغات‪ ،‬غير أنه ال يمكننا إنكار عالقة‬

‫‪Danielle Baillez , Les mots de la didactique des langues(le cas de l’anglais- lexique)édition , ophrys, France ,1998,p688‬‬

‫‪9‬ينظر‪ :‬فتحي فارس ومجيد الشارني‪ ،‬مداخل إلى تعليمية اللغة العربية‪ ،‬دار دمحم علي للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪ ، 2222 ، 2‬ص‪22‬‬

‫‪6‬‬
‫التعليمية بهذه العلوم؛إذ تعمل التعليمية على استثمار النتائج النظرية لهذه العلوم في معالجة املشاكل‬
‫التي تعترض العملية التعليمية‪ -‬التعلمية في واقع املمارسة التعليمية اليومية‪.‬‬

‫أضف إلى كل ما سبق ذكره‪ ،‬أن تعليم اللغات ال يهم الباحث املتخصص في اللسانيات فقط‪ ،‬بل‬
‫الباحثين في علوم التربية‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم الاجتماع‪ ،‬وحتى ألاطباء املتخصصين في ألاعصاب‬
‫والتبليل(علم أمراض الكالم)‪ ،‬ألنه اليمكننا استثمار نظريات اللساني في ميدان تعليم اللغات إال إذا تم‬
‫الاستثمار في الوقت نفسه نظريات الباحث في العلوم ألاخرى‪.10‬‬

‫ثم نزيد على ما تقدم‪ ،‬فنقول‪ :‬إنه إذا كان الهدف الذي تصبو إليه التعليمية هو إيجاد حلول تعليمية‬
‫ملشاكل تعليمية مطروحة آلان في التعلم في حد ذاته‪ ،‬إال أن التعلم ليس من صلب اهتمامات التعليمية‪ ،‬بل‬
‫هو من اهتمامات علم النفس التربوي‪ .‬ألامر الذي جعل البعض يميل الى اعتباره علما تطبيقيا موضوعه‬
‫تحليل العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬وتحضير وتجريب وتقويم الاستراتيجيات التربوية وإعداد نماذج‬
‫معيارية‪.11‬‬

‫تتركز الدراسات الديداكتيكية كل اهتماماتها وجهودها ‪ -‬في دراساتها الحالية آلان‪ -‬على كل ما يخدم‬
‫الوضعيات التعلمية؛أي ما يخدم املتعلم بالدرجة ألاولى‪ .‬إذ أصبح دور املعلم يتجلى فقط في مرافقة‬
‫املتعلم وتوجيه وإرشاده‪ ،‬وفي اختيار له املادة التعليمية على وفق معايير علمية دقيقة تستجيب مليوالته‬
‫ورغباته وحاجاته النفسية والاجتماعية‪ ،‬مع تحديد في ذلك للطريقة التعليمية املناسبة لتعلماته وتسخير‬
‫كل ألادوات والوسائل التعليمية املناسبة إليصال ذلك املحتوى التعليمي إلى ذهن املتعلم حتى يتجسد في‬
‫سلوكاته وأداءاته املعرفية واللغوية والعقلية والاجتماعية‪.‬‬
‫ُّ‬
‫‪ -2‬نشأة علم تعليم اللغات وتطوره‪:‬‬

‫مما الشك فيه عند أهل الاختصاص‪ ،‬أن علم تعليم اللغات أثار الكثير من الغلط والجدال الكبير في‬
‫نشأته وحدوده وموضوعه؛ وذلك بحكم أنه كان في بداية نشأته متصال باللسانيات التطبيقية‪ ،‬فهو فرع‬
‫من فروعها‪ ،‬ثم بعد ذلك أصبح علما قائما بذاته له منهجه وموضوعه وحدوده‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬ال‬

‫‪10‬ينظر‪ :‬هشام صويلح‪ ،‬توظيف النظريات اللسانية والتعليمية في تدريس اللغة العربية‪ ،‬مجلة املمارسات اللغوية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪،‬‬
‫العدد‪،2222 ، 25:‬ص‪42‬‬

‫‪11‬ينظر‪ :‬طالب عيس ى‪ ،‬في سؤال الديداكتيك‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جوان‪ ، 2224‬ص‪242‬‬

‫‪7‬‬
‫يمكننا بأي حال من ألاحوال التعرف على حدود علم تعليم اللغات ومنهجه إال من خالل تتبعنا للجذور‬
‫الابستيمولوجية ألاصلية لهذا العلم‪ ،‬ومعرفة ألاشواط والتطورات التي قطعها في الزمان واملكان مع مرور‬
‫الوقت‪.‬‬

‫تشير الكثير من الدراسات وألابحاث أن مصطلح ديداكتيك(‪ )Didactique‬دخل إلى اللغة الفرنسية‬
‫سنة ‪ 2445‬واستخدمت أيضا كلمة ديداكتيك في علم التربية سنة ‪ 2422‬من قبل كشوف كل من‬
‫هيلنج(‪ )K.Helwig‬ويواخيم جانج(‪ )J .Jang‬من خالل تحليلهما ألعمال املربي فولف كانج رايتش( ‪Wulf‬‬
‫‪ )2424 - 2442( )Gang Ratiche‬في بحثهم في نشاطات رايتش التعليمية‪ ،‬والذي ظهر تحت عنوان‪ ":‬تقرير‬
‫مختصر في الديداكتيك؛ أي فن التعليم( التدريس) عند رايتش‪.12‬‬

‫بناء على ما سبق ذكره‪ ،‬يتضح لنا أن ما يعنيه مصطلح التعليمية يبقى مرادفا ملعنى فن التعليم‪ ،‬ويرتبط‬
‫أيضا هذا املصطلح بنوع من الخبرات واملعارف التطبيقية‪ ،‬وهو ما استخدمه بن أموس‬
‫كومينوس(‪ " J . A . Comminius ")2444‬في كتابه الديداكتيك الكبرى(‪ ،)Didactique Magna‬إذ يقول‬
‫عنه‪ ":‬إنه يعرفنا بالفن العام لتعليم الجميع كل ش يء‪ ،‬أي أنه فن لتعليم الجميع مختلف املواد‬
‫التعليمية‪."13‬‬

‫ما يجدر التنويه به – ههنا‪ -‬أن البعض من الباحثين يرون أن إلارهاصات ألاولى في البحث الديداكتيكي‬
‫تعود إلى سنة ‪ 2944‬تاريخ إرسال أول مركبة روسية إلى عالم الفضاء التي كانت تسمى‬
‫" سبوتنيك "(‪ )SPOTNIK‬وهو ألامر الواقع الذي وضع العالم الغربي أما تحدي تكنولوجي ترتبت عنه‬
‫قناعة بأن الاستثمارات املالية الضخمة وحدها ال تكفي‪ ،‬بل يقتض ي ألامر توفير الكفاءة العلمية‪ ،‬ألامر‬
‫الذي أسرع في تكوين لجان إلاصالح التربوي‪ ،‬ومنها لجنة الدراسات في العلوم الفيزيائية سنة‪ 2944‬ولجنة‬
‫نيفيلد ‪ 2942 – 2942‬ولجنة الغاريغ بفرنسا‪ ،‬ومنهامختبر‪ LIREST‬الذي أشرف عليه دوالكوت‪ ،‬وكذلك‬
‫‪ LDPES‬للعلوم الفيزيائية‪.14‬‬

‫‪12‬ينظر‪:‬حريزي موس ى‪ ،‬علم التدريس(الديداكتيك)‪ ،‬مجلة دراسات نفسية وتربوية‪ ،‬العدد‪ ، 24‬ورقلة‪ 4 ،‬ديسمبر‪، 2222‬ص‪54‬‬

‫‪ 13‬لورس ي عبد القادر‪ ،‬التعليمية ومفاهيمها ألاساسية‪ ،‬محاضرة ألقيت في ملتقى الشيخ عمي السعيد‪،‬غرداية‪ ،‬الجزائرن ‪ 29‬جوان ‪2222‬‬
‫‪،‬ص‪2‬‬

‫‪ 14‬ينظر‪ :‬عبد الجليل معروف‪ ،‬ديداكتيك العلوم‪ :‬النشأة والتطور‪ ،‬إلاتحاد الاشتراكي‪ ،‬املغرب‪ ، 2222 ،‬ص‪24‬‬

‫‪8‬‬
‫هكذا في هذا املسار تدرج مفهوم مصطلح الديداكتيك من كونه فنا إلى مفهوم كنظرية للتعليم تستهدف‬
‫الفرد‪ .‬إذ يرى العالم والفيلسوف ألاملاني هاربرت(‪ )Herbert‬مؤسس القواعد العلمية لهذه النظرية‬
‫وأنصاره" أن الوظيفة الرئيسية للتعليمية هي تحليل لنشاط املعلم في املدرسة‪ ،‬بينما يرى‬
‫ديوي(‪ )Dewey‬أن التعليمية نظرية للتعلم ال للتعليم‪ ."15‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬فقد عمل هاربرت على وضع‬
‫القواعد وألاسس العامة للتعليمية‪ ،‬والتي تستهدف تربية الفرد وتوجيهه؛ أي نظرية هاربرت تهتم بكل ماهو‬
‫تعليمي ومختلف ألانشطة التعليمية التي يقوم بها املعلم داخل القسم‪ ،‬والهدف املتوخى من التربية هو‬
‫تنمية شخصية املتعلم من جميع جوانبها وليس جمع املعارف واملعلومات‪.‬‬

‫في سياق آخر‪ ،‬يرى ديوي ضرورة املشاركة الفعالة وإلايجابية للمتعلم في العملية التعليمية‪ -‬التعلمية بما‬
‫يملكه من قدرات ومؤهالت وكفاءات تؤهله لهذه املشاركة‪ .‬وزد على ذلك‪ ،‬يرى أن الوظيفة ألاسمى‬
‫للتعليمية تتجلى وتظهر في التعلم ال في التعليم‪.‬‬

‫توجهت الدراسات الحديثة‪ -‬فيما توجهت إليه‪ -‬إلى التأكيد على مصطلح التعليمية يعود تاريخ ظهوره في‬
‫الفكر اللساني الحديث إلى مكاي(‪ )M.F.Makey‬الذي بعث من جديد املصطلح القديم(‪)Didactique‬‬
‫للحديث عن املنوال التعليمية‪ .‬وفي هذا إلاطار‪ ،‬تساءل أحد الدارسين قائال‪ ":‬ملاذا ال نتحدث أيضا عن‬
‫تعليمية اللغات(‪)Didactique des langues‬بدال من اللسانيات التطبيقية( ‪La linguistiques‬‬
‫ُّ‬
‫‪ )appliquée‬فهذا العمل سيزيل الكثير من الغموض واللبس‪ ،‬ويعطي لتعليمية اللغات املكانة التي‬
‫تستحقها‪."16‬‬

‫بناء على ما سبق ذكره‪،‬ومن خالل رصدنا وتتبعنا ملصطلح الديداكتيك من تاريخ ظهوره حتى وقتنا‬
‫الراهن‪ ،‬يتبين لنا أنه هدفه يتوخى وضع طرائق ومناهج تعليمية على وفق ضوابط وأسس علمية ونفسية‬
‫واجتماعية مدروسة‪ ،‬وتستجيب الحتياجات املتعلم وميوالته ورغباته وحاجاته وخصائصه العمرية‪ .‬ورغم‬
‫التطورات التي عرفها مصطلح التعليمية‪ ،‬إال أنه‪ -‬حتى آلان‪ -‬يعرف الكثير من الاختالالت في الضبط‬
‫وحدود مجاله وعلميته أو فنيته‪.‬‬

‫‪Decorte et Coll, Les fondements de l’action didactique, édition Bruxelles,2ème15‬‬


‫‪édition,1992,pp 329 - 337‬‬

‫‪Colin Denis Gérard, Linguistiques appliquée et didactique des langues , Armand colin 16‬‬
‫‪paris,1972 ,p09‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ – 3‬أقطاب املثلث الديداكتيكي(‪:)Le triangle didactique‬‬

‫تتضمن العالقة التفاعلية الترابطية التالزمية بين ألاقطاب الثالث( املعلم‪ ،‬املتعلم‪ ،‬املحتوى)إذ تشكل‬
‫الرؤوس الثالث املثلث التعليمي‪ .‬وزد على ذلك‪ ،‬تربط بين رؤوس املثلث مفاهيم تحددها العالقة القائمة‬
‫بين عناصر العملية التعليمية الثالث(املعلم‪ ،‬املتعلم‪ ،‬املحتوى)‪.‬‬

‫ما تجدر إلاشارة إليه –ههنا‪ -‬أن العالقة الجامعة بين املعلم واملتعلم هي عالقة العقد الديداكتيكي( ‪Le‬‬
‫‪ )contrat didactique‬التي " تمثل مجمل العالقات التي تحدد بصفة صريحة في بعض الحاالت وضمنية‬
‫في أغلبها‪ .‬ماهي الواجيات التي يقوم بها املعلم واملتعلم خالل حصة تعليمية‪ -‬تعلمية‪ ."17‬إذ إن التعاقد‬
‫الديداكتيكي مجموعة من القواعد التي تحدد ما يتوجب على كل من طرفي العملية التعلمية( املعلم‪،‬‬
‫املتعلم) القيام به؛أي بعبارة أخرى مجموعة من السلوكيات املنتظرة من الطرفين أثناء عرض الدرس‬
‫وهو ما سيكون موضوع املحاسبة أمام الطرف آلاخر‪.‬‬

‫من هنا‪ ،‬يبقى العقد الديداكتيكي عبارة عن ميثاق يبرم في القسم يتم وضعه في بداية السنة الدراسية‪،‬‬
‫وتتحدد بموجبه حقوق وواجيات كل طرف من أطراف العملية التعليمية قصد تحقيق مجموعة من‬
‫ألاهداف السلوكية واملعرفية واللغوية‪ .‬ويتضمن العقد الديداكتيكي طرفين أساسيين هما‪ :‬املعلم‬
‫واملتعلم‪ ،‬ومجموعة من ألاطراف غير املباشرة‪ ،‬نذكر منها‪ :‬مفتش املادة‪ ،‬ألاسرة‪ ،‬إلادارة التربوية‪ .‬وسنوضح‬
‫في الشكل التوضيحي آلاتي أطراف العقد الديداكتيكي‪:‬‬

‫الطرفان ألاساسيان‪:‬‬

‫المعلم والمتعلم‬

‫أطراف العقد الديداكتيكي‬

‫ألاطراف غير املباشرة‪:‬‬

‫مفتش املادة‪ ،‬ألاسرة‪ ،‬إلادارة التربوية‬

‫الشكل التوضحي رقم‪ 12‬يوضح أطراف التعاقد الديداكتيكي‬

‫‪ 17‬بعلي الشريف حفصة‪ ،‬التعليمية‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد‪ ، 22‬الوادي‪ ،‬يونيو‪، 2222‬ص‪22‬‬

‫‪10‬‬
‫في حين ترتبط عالقة املعلم باملحتوى فيما يعرف بالنقل الديداكتيكي(‪ )Le transfert didactique‬الذي‬
‫يعمل على نقل املحتوى أو املعرفة من طابعها النظري إلى طابعها العملي التعليمي‪ ،‬وهي من أصعب ألامور‬
‫نظرا للمراحل وألاطوار التي تقطعها هذه العملية حتى تصل إلى طابعها التعليمي؛ أي بعبارة أخرى يقصد‬
‫بالنقل الديداكتيكي الانتقال من املعرفة النظرية(‪ )Le contenu théorique‬إلى معرفة علمية عملية قابلة‬
‫للتعليم(‪.)Un savoir enseigne‬‬

‫عليه‪ ،‬نقوم في البداية بضبط املعرفة الذي نريد تعليمها للمتعلم‪ ،‬لتنتقل بعد ذلك إلى وضع مناهج‬
‫تعليمية وصياغتها على وفق الخصوصية املعرفية لكل تخصص‪ ،‬إذ يجب أن يشتمل الكتاب املدرس ي على‬
‫حد أدنى من املعرفة في التخصص املوضوع حتى نغرس في املتعلمين ما يسمى باملعرفة املدرسية( ‪Savoir‬‬
‫‪ )scolaire‬لتختتم في النهاية بضبط كل معايير التقييم والتقويم املختلفة للمناهج التربوية‪ .‬وتعتبر عملية‬
‫النقل الديداكتيكي من أهم العمليات املهمة والشاملة لكل التخصصات العلمية وألادبية التي تستهدف‬
‫تحويل املعرفة من طابعها الابستيمولوجي النظري وتجزئتها إلى أطر معرفية محددة وعملية تظهر في‬
‫املمارسات التعليمية – التعلمية‪ .‬وسنوضح عملية النقل الديداكتيكي على وفق املخطط التوضحي آلاتي‪:‬‬
‫النقل الديداكتكي‬

‫املعرفة النظرية‬

‫املعرفة املدرسية‬

‫ُ‬
‫املعرفة املدرسة‬

‫املعرفة املكتسبة‬

‫الشكل التوضيحي رقم‪ 13‬يوضح النقل الديداكتيكي‬

‫غني عن البيان‪ ،‬أن العالقة التي تربط املتعلم باملحتوى التعليمي هي عالقة التمثل الديداكتيكي( ‪Le‬‬
‫‪ )représentation didactique‬التي ترتبط أساسا بقدرة املتعلم على تمثل املعارف املقدم له وتجسيدها في‬
‫سلوكياته وأداءاته اليومية‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬وجب على املعلم أن يطور ويغير في سلوكيات املتعلم بما‬
‫يستهدف التكوين الجيد للمتعلم من النواحي ألاخالقية والنفسية والاجتماعية والتربوية‪ .‬ويمكننا إجمال‬
‫كل ما سبق ذكره على وفق املخطط التوضيحي آلاتي‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫الشكل التوضيحي رقم(‪ )14‬يوضح أقطاب املثلث الديداكتيكي‬

‫‪ – 4‬موضوع التعليمية‪:‬‬

‫مما الشك فيه‪ ،‬أن تعليمية اللغات في بداية نشأتها ارتبطت كثيرا باللسانيات التطبيقية‪ ،‬فهي فرع من‬
‫فروعها‪ ،‬خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار في هذا السياق‪ ،‬أنها ترتبط بمجموعة من العلوم من مثل(علم‬
‫النفس‪ ،‬علم الاجتماع‪ ،‬علم اللسان‪ ،‬علم التربية) وتدرس النشاط اللغوي إلانساني‪ .‬ثم بعد انفصلت‬
‫تعليمية اللغات عن اللسانيات التطبيقية وأصحبت علما قائما بذاته له أسسه وقواعده ومبادئه‪،‬‬
‫واستعانت هي أيضا بالعلوم السالفة الذكر في تعليم اللغة للناطقين بها وبغيرها‪ ،‬وأصبحت بعد ذلك تهتم‬
‫بمتغيرات كثيرة من متغيرات العملية التعليمية‪ ،‬نذكر منها‪:18‬‬

‫‪ – 2‬املتعلم من حيث الاستراتيجيات التي يكتسب بها اللغة‪ ،‬وألاخطاء التي يرتكبها‪،‬وآليات استيعاب وفهم‬
‫اللغة وإنتاجها‪.‬‬

‫‪ – 2‬املحيط الاجتماعي‪ ،‬وباألخص عالقة اللغة بالجماعات وأساليب استعمالها في املجتمع‪ ،‬ووصفها‬
‫ضمن لغات أخرى‪.‬‬

‫‪ – 2‬املادة التعليمية‪ ،‬وقد اتجه البحث في هذا الصدد إلى النظريات واملقاربات اللسانية‪ ،‬ومحالة‬
‫استثمارها في بناء وضعيات ديداكتيكية لتدريس اللغات‪.‬‬

‫‪18‬عبد اللطيف الفارابي وآخرون‪ ،‬معجم علوم التربية‪ ،‬سلسلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجيدة‪ ،‬العدد‪ 29‬و‪ ،22‬املغرب‪، 2995 ،‬ص‪49‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ – 5‬التدريس وما يرتبط به من تكوين املدرسين وطرائق تعليمية‪ ،‬واستعمال الوسائط وأساليب التقويم‪.‬‬

‫بناء ما كل سبق ذكره‪ ،‬تسعى التعليمية إلى إلاجابة على جملة من التساؤالت من قبيل‪ :‬من يعلم؟( املعلم)‬
‫وملن يعلم؟( املتعلم) وكيف يعلم؟ ( الطريقة) وبماذا يعلم؟( املحتوى التعليمي)وملاذا يعلم؟ ( ألاهداف‬
‫التربوية)‪.‬‬

‫‪13‬‬

You might also like