Professional Documents
Culture Documents
موضوع الرسوم شبه الضريبية في عالقته بالسياسة الجبائية قلما يكون مثار نق&&اش عم&&ومي ،فح&&تى الخط&&اب الم&&الي الرس&&مي
يتحاشى الحديث عن هذا النوع من الفروض التي ال تختل&&ف من حيث طبيعته&&ا وخصائص&&ها عن تل&&ك المنص&&وص عليه&&ا في المدون&&ة
العامة للضرائب ،فهي األخرى مستوعبة لكافة مواصفات الفرض الضريبي المتمثلة في الطابع اإلجباري والنق&&دي ،وع&&دم اش&&تراط
مقابل جراء دفعها .
لكن تبقى الرسوم الشبه ضريبية مطبوعة بخصوصيات تثير العديد من التساؤالت واالس&&تفهامات خصوص&&ا فيم&&ا يتص&&ل بحكام&&ة
السياسة الجبائية ،فهي أوال تدخل في المجال التنظيمي وإحداثها يكون بمقتض&&ى مراس&&يم ،كم&&ا أنه&&ا ال تتواف&&ق م&&ع أح&&د أهم مب&&ادئ
الميزانية – مبدأي الوحدة والشمولية – فهي ترد خارج وثيقة الميزانية ومواردها يتم تخصيصها لوجهة إنفاق محددة مسبقا .
موض&&وع المداخل&&ة مس&&اءلة السياس&&ة الجبائي&&ة المنتهج&&ة ب&&المغرب من حيث حكامته&&ا ( المح ور األول)خصوص&&ا في م&&ا يتعل&&ق
بمشروعية هذا النوع من الفروض المسماة بالشبه ضريبية ومدى احترامها لكل من مبدأي المشروعية والدستورية وأسبقية ال&&ترخيص
البرلماني ،وفي (محور ثاني ) الحديث عن المنهجية التي اعتمدها المشرع المغربي في تناوله للموضوع والتي دش&&نها ص&&دور ق&&انون
اإلطار رقم 69.19الصادر بتاريخ 26يوليو . 2021
المحور األول :هشاشة البناء القانوني للرسوم شبه الضريبية .
المادة 67من القانون التنظيمي رقم 130.13هي التي تشكل األساس القانوني والذي يسمح بإعداد الرسوم شبه الض&&ريبية حيث
ينص على كونه&&ا " تف&&رض بمرس&&وم يتخ&&ذ ب&&اقتراح من ال&&وزير المع&&ني ب&&األمر وال&&وزير المكل&&ف بالمالي&&ة الرس&&وم ش&&به الض&&ريبية
المقبوضة ألجل مصلحة اقتصادية أو اجتماعية لفائدة شخص اعتباري خاضع للقانون العام غير الدولة والجماعات الترابية أو شخص
اعتباري خاضع للقانون الخاص مكلف بمهام المرفق العام ".
أول المالحظات اعتماد المراسيم كآلية إلحداث هذه الرسوم مما يشكل تعارضا واضحا مع مقتضيات الدستور باألخص المادة 39
التي تخص القانون وحده المختص بإحداث وتوزيع التكاليف والتحمالت العمومية ،والمادة 71ال&&تي تنص ص&&راحة على أن التش&&ريع
في ما يتصل بالنظام الضريبي ووعاء الضرائب ومقدارها وطرق تحصيلها اختصاص حصري للبرلمان .
والحال أن الرسوم شبه الضريبية توضع خارج أي تدخل من جهة البرلمان إحداثا و ترخيصا ،صحيح أن اإلح&&داث ش&&أن تنظيمي
لكن غياب الترخيص البرلماني يطرح أكثر من عالمة استفهام ويمس في الصميم المشروعية الضريبية التي تس&&تلزم حي&&ازة ت&&رخيص
من البرلمان للقيام بعمليات استخالص االقتطاعات المالية التي تقع على دافعي الضرائب.
وبتصفحنا لمختلف قوانين المالية المعتمدة بالمغرب ال يسعنا سوى اإلش&&ارة وباس&&تغراب إلى غي&&اب اإلذن وال&&ترخيص البرلم&&اني
السنوي منذ قانون مالية سنة 2001إلى يومنا هذا ،على خالف قوانين المالية السابقة على هذا التاريخ ،والتي كانت تتض&&من م&&ادة
تكرر كل سنة مالية تأذن وترخص بتحصيل هذه الفروض ،بحيث تنص ص&&راحة على " اس&&تمرار اس&&تيفاء الرس&&وم ش&&به الض&&ريبية
خالل السنة وفقا ألحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ".
الرسوم شبه الضريبية بطبيعتها تشكل خرقا لمبدأي الوحدة والشمول ،حيث تدرج موارد ونفقات هذه الرسوم خارج قانون المالي&&ة
مما يتعارض مع الفقرة 2من القانون التنظيمي ، 130.13والفقرة 1من نفس المادة والقانون التي تقض&ي برص&د مجم&وع الم&داخيل
لتنفيذ مجموع النفقات ،أو ما يسمى بقاعدة عدم التخصيص ،والحال أن هذه الرسوم تخصص لتغطية نفقات الشخص االعتباري .
المحور الثاني :تدعيم مشروعية الرسوم شبه ضريبية أحد مداخل إصالح السياسة الجبائية بالمغرب :
حدد قانون اإلطار رقم 69.19في المادة 13منهجية للتعامل مع االشكاالت التي تطرحها الرسوم شبه الضريبية ،وحص&&رها في
التزام المشرع الضريبي بسن تدابير تستهدف ترشيد وتبسيط قواعد الوعاء والتحصيل .
هذا االلتزام من طرف المشرع الضريبي المغربي يظ&ل محتش&ما إذا أخ&دنا بعين االعتب&ار الم&وارد ال&تي ت&ذرها حيث بلغت 5ملي&ار
درهم سنتي 2021 .2020وقاربت ال 5مليار درهم سنة . 2022
كان لزاما على المشرع الضريبي التصدي للضبابية التي سادت والزالت منهجي&ة التع&اطي م&ع ه&ذا الص&نف من الم&وارد من خالل
تحديد جدول زمني واضح إلصالح هذه الرسوم كما هو الشأن بالنس&بة لب&اقي الض&رائب األخ&رى ،خصوص&ا إذا علمن&ا أن المراس&يم
المحدثة لها تبقى محصنة تحصينا يجاوز القوانين الضريبية األخ&رى ،فه&ذه المراس&يم تبقى ص&الحة م&ا لم يتم إلغائه&ا بمرس&وم وليس
هناك أي تحديد زمني يجبر الجهاز التنفيذي بتجديدها ،وهذا مناقض لروح الدس&&تور وك&&ذا االجته&&اد الفقهي والق&&انوني المق&&ارن ال&&ذي
يضع سقفا زمنيا لهذه المراسيم ال يتجاوز خمس سنوات ،تصبح حالة انقضاء هذه المدة غير ذات مفعول وأثر ق&&انوني ،مم&&ا يس&&تلزم
إعادة إقرارها من خالل استصدار مراسيم جديدة ،حتى ال نصبح أمام مراسيم يمتد مفعوله&&ا في ال&زمن من غ&ير انقط&&اع ،وه&ذا ه&و
حال بعض المراسيم التي صدرت في تواريخ قديمة دون أن تجدد ،وكمثال على ذلك الرسم على التنمية التعاوني&&ة لفائ&&دة مكتب تنمي&&ة
التعاون الذي صدر مرسوم إحداثه سنة ... 1997
في القانون المقارن ،خصوصا الفرنسي المشرع كان أكثر جرأة في التعامل م&&ع الرس&&وم ش&&به الجبائي&&ة ،حيث أط&&ر ه&&ذه الرس&&وم
بمقتضى المادة 2من مرسوم صادر /30أكتوبر 1980 /والتي تنص ص&&راحة على تق&&ادم ه&&ذه المراس&&يم بم&&رور خمس 5س&&نوات ،
واألكثر من ذلك تم نسخ المادة 67من القانون التنظيمي المتعلق بقوانين المالية الصادر سنة 2001حيث نصت على العم&&ل إص&&الح
هذه الرسوم في اتجاه اندثارها بتاريخ /1يناير ، 2005على خالف المادة 67من الق&&انون التنظيمي المغ&&ربي رقم 130.13ال&&ذي لم
يعمل سوى على إعادة إدراج نفس مقتضيات المادة 5الواردة في المرس&&وم رقم 2.98.401المتعل&&ق بإع&&داد وتنفي&&ذ ق&&وانين المالي&&ة
الصادر بتاريخ /26أبريل. 1999/
لهذا يلزم تعديل مقتضيات القانون التنظيمي 130.13وتحديد موقف صريح من طرف المشرع المالي المغربي في اتجاه المزي&&د من
التأطير والتوجه نحو إما إدراج مواردها ضمن الموارد الميزانية العامة ،وحذف تلك التي ت&&بين ع&&دم فعاليته&&ا ونجاعته&&ا ،كم&&ا يل&&زم
نشر تقرير أو على األقل تقديم معطيات واضحة حول هذه الرسوم على غرار التقارير المصاحبة لمشروع قانون المالية .
عل