Professional Documents
Culture Documents
التواصــل
التواصــل
تقديــم
يعد علم التواصل من العلوم التي تحظى بأهمية بالغة عند الدارسين ،مهما اختلفت
وتنوعت تخصصاتهم .ولهذا نجد مجموعة من الباحثين قد اهتموا بتقديم سلسلة من األبحاث
والدراسات التي تسعى لبلورة رؤية متكاملة ،تأخذ بعين االعتبار السياق الثقافي واالجتماعي
لكل جوانب التواصل اإلنساني.
هكذا ،إذن ،أصبحنا في عصرنا الحاضر في حاجة ملحة إلى دراسات نظرية وتطبيقية
تهم مجال التواصل اإلنساني؛ سواء في عالقته باللغة (منطوقة أو مكتوبة) ،أو في عالقته
باأليقونات المصاحبة للرسالة اللغوية (رموزـ إشارات ـ حركات ،)...أو في عالقته بالثقافة،
أو بالنظر في كل هذه المكونات من أجل االرتقاء بالتواصل اإلنساني ،واستثماره في مختلف
مناحي السلوك البشري ،من مثل :التواصل والحياة المهنية ،والتواصل والحياة العامة،
والتواصل وفهم اآلخر.
1ـ مفهوم التواصل لغة واصطالحا
أ ـ لغة:
من خصائص اإلنسان أنه كائن اجتماعي ال يمكن أن يعيش في عزلة ،يقول ابن خلدون
في مقدمته ":إن االجتماع اإلنساني ضروري ”.بمعنى أن حياة اإلنسان ال تستقيم إال بتعاونه
مع أبناء جنسه لتوفير الغذاء والملبس والمأوى ولدفع األعداء .فوجود الجماعة أساسي في حياة
اإلنسان ،ألنه خلق ليمد جسور التواصل مع اآلخر ،خلق لكي يفعل ويتفاعل.
يفيد التواصل في اللغة العربية االقتران واالتصال والصلة والترابط وااللتئام والجمع
واإلبالغ واالنتهاء واإلعالم
جاء في لسان العرب أن أصل (تواصل) من " وصل :وصلت الشيء وصال وصلة ،والوصل
ضد الهجران( )...والوصل خالف الفصل( )...وفي التنزيل العزيز :ولقد وصلنا لهم القول،
أي وصلنا ذ كر األنبياء وأقاصيص من مضى بعضها ببعض ،لعلهم يعتبرون .واتصل الشيء
بالشيء :لم ينقطع( )...والوصل ضد الهجران .التواصل ضد التصارم“.
يش ير ابن منظور إلى أن التواصل هو تلك الصلة القوية بين الناس والترابط المتين فيما
بينهم .كما يحمل داللة نقل األخبار وربط الشيء بالشيء .تتضمن لفظة " التواصل " في عمقها
تفاعال ،فالمعنى الغالب لصيغتها الصرفية هو المطاوعة والمشاركة.
أما في اللغة الفرنسية فقد ظهر فعل تواصلcommuniquer
و“التواصل“ communicationفي النصف الثاني من القرن الرابع عشر الميالدي ،ومعناه
األصلي الذي هو "شارك في " قريب من الالتينية وفعلها communicareوتعني الوضع
داخل وحدة والوجود في عالقة .وهذا الوضع داخل وحدة ما يحمل ـ ظاهريا ـ وحدة األجسام.
عرف هذا المصطلح تطورات كثيرة عبر العصور ،وعموما يمكن إجمال معانيه في
التعاريف األربعة اآلتية:
إرسال شيء ما لشخص ما.
التحدث عن شيء ما.
التحاور مع شخص ما.
االنتقال من مكان إلى آخر.
ب ـ اصطالحا:
يدل التواصل في االصطالح على عملية نقل األفكار والتجارب وتبادل المعارف
والمشاعر بين الذوات واألفراد والجماعات .وقد يكون هذا التواصل ذاتيا شخصيا أو تواصال
غيريا ،وقد ينبني على الموافقة أو على المعارضة واالختالف.
يعرف شارل كولي 1 charles cooleyالتواصل قائال« :هو الميكانزيم الذي بواسطته
توجد العالقات اإلنسانية وتتطور .إنه يتضمن كل رموز الذهن مع وسائل تبليغها عبر المجال
وتعزيزها في الزمان .ويتضمن أيضا تعابير الوجه وهيئات الجسم والحركات ونبـــرة الصوت
والكلمات والكتابات والمطبوعات والقطارات والتلغراف والتلفون وكل ما يشمله آخر ما تم في
االكتشافات في المكان والزمان".
(charles cooley :« social organisation » ,cité in :J Lohisse : la
)communication anonyme :édition universitaire 1969 , P .42
2ـ أنواع التواصل
عند الحديث عن التواصل ،أو أثناء استعمال هذا المفهوم بمثابة مقاربة تحليلية ،أو
منهجية إجرائية في استقراء العالقات التفاعلية ،أو قراءة النصوص والخطابات ،أو فهم
الروابط الذهنية والوجدانية والحركية ،ال بد من استحضار مجموعة من المفاهيم النظرية،
والعناصر األساسية التطبيقية باعتبارها مكونات جوهرية في عملية التبادل والتفاعل والتأثير.
وهذه العناصر هي:
1ـ زمنية التواصل.
2ـ المكانية أو المحلية.
3ـ السنن أو لغة التواصل (التشفير والتفكيك).
4ـ السياق.
5ـ رهانات التواصل.
6ـ التواصل اللفظي ( اللغة المنطوقة والمكتوبة) ،والتواصل غير اللفظي (اللغة الجسدية
والسيميائية).
7ـ إرادة التواصل (بث اإلرسالية قد يكون إراديا أو غير إرادي).
8ـ الفيدباك أو التغذية الراجعة ،وذلك بتصحيح التواصل ،وتقويته ،وتدعيمه ،وإنهائه.
وقد دأب الباحثون والمهتمون بحقل التواصل اإلنساني عموما ،على تقسيمه إلى قسمين كبيرين
هما :التواصل اللفظي ،والتواصل غير اللفظي؛ حيث يرتكز هذا التقسيم على اللغة المستعملة
في العمليات التواصلية المختلفة.
1تشارلز هورتون كولي ) 17( (Charles Cooleyأغسطس 7 - 1864مايو )1929كان عالم اجتماع أمريكي وابن توماس كولي.
عضوا مؤسسًا ورئيسها الثامن لرابطة علم االجتماع
ً درس وقام بتدريس االقتصاد وعلم االجتماع في جامعة ميتشيغان ،كما كان
األمريكية .ول عله معروف أكثر بمفهومه عن الذات الزجاجية ،وهو مفهوم أن الذات تنبثق من تفاعالت األفراد في المجتمع وتصورات
اآلخرين.
أ ـ التواصل اللفظي:
يعتمد التواصل اللفظي على أصوات ،ومقاطع ،وكلمات ،وجمل .ويتم عبر القناة الصوتية
السمعية ،أي يقوم أساسا على اللغة اإلنسانية.
يؤكد األلسني الفرنسي أندريه مارتينيه أن اللغة اإلنسانية باعتبارها مؤسسة من
المؤسسات اإلنسانية «إنما تنتج عن الحياة في المجتمع ،وهذا هو تماما حال اللغة اإلنسانية التي
تدرك بشكل أساسي كأداة للتواصل".
وقد كانت الوظيفة التواصلية في اللغة معروفة عند النحاة وعلماء اللغة العربية القدامى،
فابن جني (392 – 302ه بالموصل) يقول في الباب الثاني من كتاب الخصائص" :القول على
2
اللغة وما هي" أما حدها " :فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم".
وبما أن التواصل اللفظي يعتمد على اللغة المنطوقة وعلى اللغة المكتوبة ،فإن مهارات
المحادثة واالستماع والكتابة تشكل عناصر مهمة في كل عملية تواصلية .بل إن نجاح التواصل
أو فشله يرتبط بمدى قدرة كل من المرسل والمتلقي على استثمارها على أحسن وجه.
مهارة المحادثة:
تعد المحادثة أهم مهارة لدى المتكلم ،نظرا للدور األساسي الذي تحققه أثناء عملية
التواصل .ولهذا على المتكلم أن يراعي جملة من الشروط واألهداف في كالمه ،منها:
ـ سالمة اللغة نحوا وصرفا.
ـ تجنب العبارات والجمل الطويلة المشتتة لذهن المتلقي وتركيزه.
ـ تجنب االستطراد والتفريع غير الضروري حرصا على محورية الفكرة.
ـ التعبير عن األفكار بأسلوب جميل غير ممل؛ أي أن يكون الكالم بينا وداال ولطيفا.
ـ استشعار الثقة بالنفس وامتالك الشجاعة األدبية في التعبير.
كما أن للصوت دورا مهما في العملية التواصلية القائمة أساسا على اإللقاء والتحدث أمام
الجمهور .يتجلى ذلك فيما يتركه من تأثير في نفوس المستمعين ،سلبا أو إيجابا .فقد يساعد
المتلقي على الفهم الجيد لكالم صاحبه إذا كان يتناسب مع المعاني ،والتراكيب اللغوية المختلفة
من تعجب ،واستفهام ،وإنكار ...وقد يتسبب في ضياع المعنى وعدم إبالغه ،إذا لم يعرف
المتكلم كيف يكيف صوته ،بين الحين واآلخر ،مع ما يريد إيصاله لمستمعيه ،لذلك يحتاج كل
من يتولى القيادة أو اإلدارة إلى البراعة في فن اإللقاء والتعبير ،ليتمكن من إيضاح وجهة نظره
بلغة بينة ،وأساليب مقنعة ،تحقق التفاعل بينه وبين جمهوره.
مهارة االستماع:
يشكل االستماع مهارة أساسية بالنسبة للمستمع ،تحكمها عمليات ذهنية مختلفة أهمها
الفهم والتحليل ،واالستنتاج .لذلك تحتاج هذه المهارة إلى ذهن صاف قادر على الربط واإلدراك.
إن االستماع ليس إجراء لنقل فكرة من ذهن المتكلم إلى ذهن المستمع ،بل هو إجراء لبلوغ فهم
مشترك لدى كل منهما.
ويمكن أن نحدد بعض أنواع االستماع بالنظر إلى الهدف منه:
2كتاب الخصائص هو أحد أشهر الكتب التي كتبت في فقه اللغة وفلسفتها ،وأسرار العربية ووقائعها .يناقش ابن جني في هذا الكتاب بنية اللغة وفقهها
وأصولها .يبدأ الكتاب بباب في مناقشة إلهامية اللغة واصطالحيتها ،وعرض لقضايا من أصول اللغة :كالقياس ،واالستحسان ،والعلل ...والحقيقة
والمجاز ،والتقديم والتأخير ،واألصول والفروع ،واختتم بحديث عن أغالط العرب ،وسقطات العلماء .فتح ابن جني بهذا الكتاب في اللغة العربية
أبوابا جديدة لدراستها .أهدي هذا الكتاب للسلطان بهاء الدولة البويهي .تمت طباعة الكتابة ألول مرة في مصر في عام 1913م إال أن الكتاب وقتها
لم ينشر كامال .بعدها طبع الكتاب كامال محققا على يد محمد علي النجار عام 1955.
ـ االستماع للفهم وجمع المعلومات.
ـ االستماع من أجل التقييم واالنتقاد.
ـ االستماع من أجل حل مشكل.
ـ االستماع من أجل تحقيق المتعة والسعادة.
مهارة الكتابة:
تستعمل مهارة الكتابة لتأدية عدة أغراض تواصلية متنوعة ،كإعداد الكلمة التي سنلقيها
أمام جمهور معين ،أو تدوين األفكار ،وتلخيص المحاضرات ،وأخذ النقط .ونستعملها كذلك
إلعداد التقارير الصحفية أو اإلدارية ...لذلك يجب استثمارها بشكل جيد ،يضمن تحقيق تواصل
أفضل مع المتلقي .ويمكن االستعانة بالنصائح اآلتية:
ـ استعمال المصطلحات الواضحة التي ال تحتمل أكثر من معنى واحد ،تجنبا لسوء
الفهم ،أو التأويل غير المناسب.
ـ الكتابة بأسلوب سهل خال من التعقيد.
ـ تحديد األفكار بدقة.
ب ـ التواصل غير اللفظي:
تقوم القناة البصرية بدور أساسي في التواصل؛ ألنه ال يوظف فقط نسقا لغويا منطوقا
فحسب ،بل يستعمل ،كذلك ،نظاما من اإلشارات ،والحركات ،واإليماءات التي تندرج فيما
يسمى بالتواصل غير اللفظي ،وهو يتجلى بشكل واضح في المسرح والميم والموضة
والرقص ..إنه مجموع الوسائل االتصالية التي تقوم على الحركات وهيئات الجسم ،وعلى كيفية
تنظيم األشياء .يقول فرويد " :من له عينان يرى بهما يعلم أن البشر ال يمكن أن يخفوا أي سر،
فالذي تصمت شفتاه يتكلم بأطراف أصابعه ".
من هنا يساعدنا التواصل المرئي على تحديد الجوانب اآلتية:
ـ تحديد المؤشرات الدالة على االنفعاالت والعالقات الوجدانية بين المتواصلين.
ـ تعزيز الخطاب اللغوي ،وإغناء الرسالة وتدعيمها بالحركات لضمان استمرارية
التواصل.
ـ التعبير عن الهو ية الثقافية للمتواصلين من خالل نظام الحركات واإلشارات الجسدية.
وقد حدد هاريسون 3 Harrissonبعض العناصر التي تتصل بالتواصل غير اللفظي
وحصرها في:
التعابير المنجزة بواسطة الجسد :
ـ أي كل اإلشارات والحركات الجسدية التي يستعملها الفرد في تواصله مع اآلخرين ،إما في
ارتباط مع الكالم ،أو مستقلة عنه؛ كأن يحرك رأسه تعبيرا عن الرفض .أو يعطي انطباعا
بالحزن من خالل طأطأة الرأس ووضع اليدين في الجيب مثال.
3ـ اإلشارات اليدوية لها أدوار متعددة في العملية التواصلية؛ ألنها تحمل العديد من المعاني،
مثل إشارة اإلبهام نحو األعلى ،الدالة على النجاح.
ـ الوجه كتاب يقرأ الناس من خالله معان قوية؛ أي إن الوجه مرآة عاكسة لكل العواطف
والمشاعر الداخلية التي تبرز بشكل عفوي.
3
راندال هاريسون :أستاذ بجامعة والية ميتشيغن حاصل على دكتوراه في شعبة التواصل بنفس الجامعة عام .1964
طريقة اللباس :
ـ اللباس هو أول ما ينتبه إليه كل شخص في تواصله مع اآلخرين .ويمكن أن يزيد من
احترام الشخص بين الناس ،أو يقلل من شأنه.
استعمال المجال والديكور :
ـ الطريقة التي نؤثث بها فضاءنا الخاص تتحدث عنا.
اآلثار التي تحدثها األلوان :
ـ فاللون األبيض مثال يدل في اليابان والدول اآلسيوية األخرى على الموت والحداد ،وفي
الثقافة اإلسالمية يدل على الطهارة والصفاء ،كما قد يوحي بالسلم واالستسالم.
3ـ خصائص التواصل الفعال:
أ ـ خصائص مرتبطة بالمرسل والمتلقي والخطاب وقنوات التواصل وتقنياته:
وضوح الهدف من التواصل لدى األطراف واألفراد المعنيين به.
التركيز على الكيف بدل الكم في التواصل.
وضوح األسلوب واللغة ومناسبتهما ألهداف التواصل وللمعنيين به.
اعتماد أساليب االستمالة والتحبيب واإلقناع.
سيادة التفكير اإليجابي على التواصل بين األطراف واألفراد المعنيين بالتواصل ،وعلى
المواقف من العمل والقضايا التي تكون موضوعا للتواصل.
استمرارية التواصل داخل المؤسسة ومع الشركاء بواسطة وسائط وقنوات معروفة لدى
المعنيين.
تكامل وسائط التواصل وتنوع قنواته بكيفية تعزز أدوار التواصل.
تتطلب جودة التواصل اعتماد خطة تواصلية هادفة تيسر اإلعالم والتفاعل داخليا
وخارجيا ،وتقوي انخراط المتعلمين والعاملين بالمؤسسة والشركاء .ويمكن االستئناس
بالمضامين المقترحة بعده إلعداد خطة لتفعيل أدوار التواصل بصفته دعامة أساسية له .وعموما
يمكن حصر وظائف التواصل في اآلتي:
• نقل الرموز الذهنية وتبليغها زمكانيا بوسائل لغوية وغير لغوية.
• التأثير على اآلخر من حيث تمتين العالقات اإلنسانية ،وتفعيلها على المستوى اللفظي
وغير اللفظي.
• يتيح تبادل األخبار واآلراء بين كافة المعنيين.
• يخلق تفاعال وتعاونا وتنسيقا بين مختلف مجالس المؤسسة وفرق العمل المحدثة بها.
• يخدم إشعاع المؤسسة والعالقات مع الشركاء واالنفتاح على المحيط
• ي تيح إرساء الشفافية وحسن تدبير الحياة المدرسية ومشاريعها.
• ي نمي التفاعل مع شركاء المدرسة من آباء وأمهات ،وفاعلين اجتماعيين واقتصاديين.
• يضمن اإلخبار بالمراحل والعمليات المنجزة ،ويمكن من تقويمها والحصول على تغذية
راجعة.
• يضمن إشراك األطراف المعنية في اتخاذ القرار وتوزيع األدوار.
• يخدم إشعاع المؤسسة إعالميا.
-نماذج من التواصل
هناك كثير من نظريات التواصل التي حاولت مقاربة وفهم نظام التواصل؛ لذلك من الصعب
استقراء كل النظريات التي تحدثت عن التواصل ،بل سنكتفي ببعض النماذج التواصلية
المعروفة قصد معرفة التطورات التي لحقت هذه النظريات والعالقات الموجودة بينها:
1-النموذج السلوكي:
وضعه المحلل النفسي األمريكي الزويل Lasswell D. Haroldسنة 1948ويتضمن مايلي:
من؟ (المرسل) يقول ماذا؟ (الرسالة) بأية وسيلة؟ (وسيط) لمن؟ (المتلقي) وألية غاية (التأثير)
يرتكز هذا النموذج على خمسة عناصر ،وهي:
المرسل ـ الرسالة -القناة -المتلقي -األثر.
ويمكن إدراج هذا النموذج ضمن المنظور السلوكي الذي انتشر كثيرا في الواليات المتحدة
األمريكية ،ويقوم على ثنائية المثير واالستجابة .ويتمظهر هذا المنظور عندما يركز الزويل
على الوظيفة التأثيرية ،أي التأثير على المرسل إليه من أجل تغيير سلوكه إيجابا وسلبا .ومن
سلبيات هذا النظام أنه يجعل المتقبل سلبيا في استهالكه ،ومنظوره سلطوي في استعمال وسائل
التأثير اإلشهاري في جذب المتلقي والتأثير عليه في صالح المرسل.
و للتمثيل :فالمدرس هو المرسل ،والتلميذ هو المتلقي ،والرسالة ما يقوله المدرس من معرفة
وتجربة ،ثم الوسيط الذي يتمثل في القنوات اللغوية وغير اللغوية ،واألثر هو تلك األهداف التي
ينوي المدرس تحقيقها عبر تأثيره في التلميذ.
2-النموذج الرياضي
وضعه المهندس كلود شانون Claude Shannonسنة 1949والفيلسوف وارين Waren
Weaver.ويركز على المكونات التالية:
مرسل ــــ ترميز ــــ رسالة ــــ فك الترميز ــــ متلقي
يعتمد هذا النظام التواصلي على عملية الترميز أو التشفير ،فالمرسل هو الذي يمكن أن يتقمص
دوره المدرس حيث يرسل رس الة معرفية وتربوية مسننة بلغة وقواعد ذات معايير قياسية أو
سماعية يتفق عليها المرسل والمرسل إليه الذي يتمثل في التلميذ أو الطالب .فالمدرس يرسل
خطابه التربوي عبر قناة لغوية أو شبه لغوية أو غير لغوية نحو التلميذ /الطالب الذي يتلقى
الرسالة ثم يفك شفرتها ليفهم رموزها عن طريق تأويلها واستظهار قواعدها.
يهدف هذا النموذج إلى فهم اإلرسال التلغرافي وذلك بفهم عملية اإلرسال من نقطة Aإلى B
بوضوح دقيق دون إحداث أي انقطاع أو خلل في اإلرسال بسبب التشويش .ويتلخص مبدأ هذا
النظام بكل بساطة في ":يرسل مرسل شفرته المسننة إلى متلق يفك تلك الشفرة" .ومن ثغرات
هذا النظام الخطي أنه ال يطبق في كل وضعيات التواصل ،خاصة إذا تعدد المستقبلون ،وانعدم
الفهم االجت ماعي والسيكولوجي أثناء التفاعل التواصلي بين الذوات المفكرة .كما يبقى المستقبل
سلبيا في تسلمه للرسائل المشفرة.
3-النموذج االجتماعي :
هو نموذج ريلي وريلي Riley &Rileyالذي يعتمد على فهم طريقة انتماء األفراد إلى
الجماعات .فالمرسل هو المعتمد والمستقبل هم الذ ين يودعون في جماعات أولية اجتماعية مثل
العائالت والتجمعات والجماعات الصغيرة...
وهؤالء األفراد يتأثرون ويفكرون ويحكمون ويرون األشياء بمنظار الجماعات التي ينتمون
إليها والتي بدورها تتطور في حضن السياق االجتماعي الذي أفرزها .ويالحظ أن هذا النموذج
ينتمي إلى عل م االجتماع والسيما إلى علم النفس االجتماعي حيث يرصد مختلف العالقات
النفسية واالجتماعية بين المتواصلين داخل السياق االجتماعي .وهذا ما يجعل هذا النظام يساهم
في تأسيس علم تواصل الجماعة la communication de groupe.
ومن المفاهيم التواصلية المهمة داخل هذا النظام نجد مفهوم السياق االجتماعي واالنتماء إلى
الجماعة.
4-النموذج اللساني
يعد رومان جاكبسون Roman Jackobsonواضع هذا النموذج سنة ,1964إذ اعتبر أن
اللغة وظيفتها األساسية هي التواصل ،وارتأى أن للغة ستة عناصر وهي :المرسل والرسالة
والمرسل إليه والقناة والمرجع واللغة .ولكل عنصر وظيفة خاصة :فالمرسل وظيفته انفعالية
تعبيرية ،والرسالة وظيفتها جمالية من خالل إسقاط محور االستبدال على محور التركيب،
والمرسل إليه وظيفته تأثيرية وانتباهية ،والقناة وظيفتها حفاظية ،والمرجع وظيفته مرجعية أو
موضوعية ،واللغة أو السنن وظيفتها(ه) لغوية أو وصفية.
وهناك من يظيف الوظيفة السابعة للخطاب اللساني وهي الوظيفة األيقونية بعد ظهور كتابات
جاك دريدا J. Derridaوالسيميوطيقا.
ولتوضيح مفاهيم جاكبسون أكثر نعود إلى المجال التربوي والديداكتيكي للتمثيل والشرح:
قلنا سابقا أن من وظائف التواصل لدى رومان جاكبسون:
1-الوظيفة المرجعية :يلجأ المدرس هنا إلى الواقع أو المرجع لينقل للتلميذ أو الطالب معلومات
وأخبارا تحيل على الواقع ،أي تهيمن هنا المعارف الخارجية والمعارف التقريرية المرتبطة
بمراجع وسجالت كالمرجع التاريخي والمرجع األدبي والمرجع اللساني والمرجع الجغرافي...
2-الوظيفة التعبيرية :تتدخل في هذه الوظيفة ذات المرسل وذلك من خالل انفعاالته وتعابيره
الذاتية ومواقفه وميوالته الشخصية واإليديولوجية.
3-الوظيفة التأثيرية :تنصب على المتلقي ،ويهدف المرسل من ورائها إلى التأثير على مواقف
أو سلوكات وأفكار المرسل إليه؛ لذلك يستعمل المدرس لغة الترغيب والترهيب والترشيد من
أجل تغيير سلوك المتعلم.
4-الوظيفة الشعرية أو الجمالية :إن الهدف من عملية التواصل هو البحث عما يجعل من
الرسالة رسالة شعرية أو أجناسية جمالية ،وذلك بالبحث عن الخصائص الشعرية والجمالية
مثل التركيز على جمالية القصيدة الشعرية ومكوناتها وسماتها البالغية.
5-الوظيفة الحفاظية :التركيز على القناة وذلك لوظيفة حفاظية و إفهامية كأن يستعمل المدرس
خطابا شبه لغوي أو لغوي أو حركي من أجل تمديد التواصل واستمراره بين المدرس والتالميذ/
الطلبة ،وذلك باستعمال بعض المركبات التعبيرية التالية ( :أرجوكم أن تنتبهوا إلى الدرس)( ،
انظروا هل فهمتم؟) ( ،اسمع أنت!) الخ
6-الوظيفة الميتالغوية أو الوصفية :يركز المدرس عبر هذه الوظيفة على شرح المصطلحات
والمفاهيم الصعبة والشفرة المستعملة مثل شرح قواعد اللغة والكلمات الغامضة الموجودة في
النص والمفاهيم النقدية الموظفة أثناء الشرح.
وقد تأثر جاكبسون في هذه الخطاطة التواصلية بأعمال فرديناند دوسوسير Ferdinand. De
Saussureوالفيلسوف المنطقي اللغوي جون أوسطينJohn L. Austin.
-5النموذج اإلعالمي:
هذا النموذج اإلعالمي قائم على توظيف التقنيات اإلعالمية الجديدة كالحاسوب واإلنترنت
والذاكرة المنطقية المركزية في الحاسوب .ومن مرتكزات هذا النموذج:
-خطوة االتصال وخلق العالقة الترابطيةphase de mise en contact/connexion
-خطوة إرسال الرسائل
-خطوة اإلغالقphase de clôture/déconnexion.
العلوم المرتبطة بالتواصل
يرتبط التواصل بعدة علوم ومعارف يمكن حصرها في المسالك المعرفية التالية:
أ -علم التدبير والتسيير
ب -العالقات العامة
ت -التربية العامة والخاصة
ث -علم التسويق أو الماركتينغ
ج -الشبكة اإلعالمية وتقنيات التواصل
ح -تواصل األزمة في ميدان تسيير التواصل أثناء األزمة
خ -نظريات اإلخبار واإلعالم
د-السيميولوجيا.
مظاهر التواصــــــــل
أ -التواصل الوجداني:
إن من بين وظائف التواصل التأثير على المتلقي سلبا أو إيجابا ،فهناك تواصل كلما أمكن لجهاز
معين وباألخص جهاز حي أن يؤثر على جهاز آخر بتغيير فعله انطالقا من تبليغ إرسالية.
وبهذا المفهوم ،يفيد التواصل كل التأثيرات التي يمارسها نظام على آخر مثل تلك العالقة التي
تنبني على تطبيق أوامر وتعليمات أو ترديد إحداث تغيير في سلوك اآلخر .وتعتبر السلوكية
من أهم التيارات السيكولسانية التي ركزت على الوظيفة التأثيرية؛ ألن التواصل حسب
المنظور السلوكي يرتكز على مفهومي المثير واالستجابة .لذلك يؤثر السلوك اللفظي أو غير
اللفظي على المتلقي تأثيرات وجدانية تكون لها انعكاسات إيجابية مثل التعاون والتماثل
واالندماج ،وانعكاسات سلبية مثل التعارض والصراع والتنافس .ومن ثم ،فالعمليات اإليجابية
أقوى أثرا وأبقى من العمليات السلبية ،وإال لما بقيت المجتمعات اإلنسانية أو تقدمت نحو الرقي
والنهوض ،فالصراع والعمليات السالبة عموما مجالها محدود ،وكذلك أسلوبها؛ ذلك ألن الحياة
تضطر األفراد بمختلف مصالحهم أو مواقفهم إلى أن يوافقوا أنفسهم باآلخرين وأن يتخلصوا
من الصراع إلى االندماج أو التكيف مع البيئة .يقصد بالتواصل الوجداني في مجال البيداغوجيا
اكتساب الميول واالتجاهات والقيم وتقدير جهود اآلخرين وذلك من خالل تفاعله مع المادة
المدروسة واكتسابه الخبرات بأنواعها المباشرة وغير المباشرة .ولقد خصص للمجال الوجداني
صنافات بيداغوجية ،ومن بين المهتمين بهذا المجال " كراتهول Krathwolالذي خصص
صنافة تتكون من خمسة مستويات ذات صلة وثيقة بالمواقف والقيم واالهتمامات واالنفعاالت
واألحاسيس والتوافق والمعتقدات واالتجاهات :فكرية كانت أو خلقية .وهذه المستويات هي:
1-التقبل
2-االستجابة
3-الحكم القيمي
4-التنظيم
5-التمييز بواسطة قيمة أو بواسطة منظومة من القيم.
ب -التواصل المعرفي:
التواصل المعرفي هو الذي يهدف إلى نقل واستقبال المعلومات ،وهو تواصل يركز على
الجوانب المعرفية ومراقيها ،أو بتعبير آخر إنه يركز على اإلنتاجية والمردودية .ويهدف هذا
التواصل إلى نقل الخبرات والتجارب إلى المتلقي وتعليمه طرائق التركيب والتطبيق والفهم
والتحليل والتقويم بصفة عامة .إنه يهدف إلى تزويد المتلقي بالمعرفة والمعلومات الهادفة .ومن
ثم ،يقوم هذا التواصل على تبادل اآلراء ونقل المعارف وتجارب السلف إلى الخلف.
ويساهم السلوك اللفظي وغير اللفظي في التواصل المعرفي إذا تم احترام شروط السيكولوجيا
التي تحيط بالمتلقي أو يعيشها .فالرفع من اإلنتاجية المعرفية ال يتم إال عبر سلوكات لفظية
ديموقراطية تعتمد على روح المشاركة والتسيير الذاتي والتفاعل الديناميكي البناء ،وعبر
سلوكات لفظية وغير لفظية مثل حركات التنظيم والحركات الديداكتيكية وحركات التقويم
والتمجيد .وهكذا ال يمكن عزل التواصل المعرفي عن التواصل الوجداني إال من باب المنهجية
ليس إال .وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل المعرفي كصنافة بلوم Bloomالتي
تتمثل في المراقي التالية:
1-المعرفة
2-الفهم
3-التطبيق
4-التحليل
5-التركيب
6-التقييم.
ج -الجانب الحركي:
يمكن الحديث عن التواصل الحركي والحسي الذي يتناول ما هو غير معرفي ووجداني.
ويتمظهر هذا التواصل في إطار اآللية والمسرح الميمي والرياضة الحركية...
ويتضمن هذا التواصل في المجال التربوي" مجموعة متسلسلة من األهداف تعمل على تنمية
المهارات الحركية ،واستعمال العضالت والحركات الجسمية .7".ومن أهم صنافات هذا
التواصل الحركي نجد صنافة هارو Harrowالتي وضعها صاحبها سنة .1972وتتكون هذه
الصنافة من ست مراق أساسية ،وهي:
1-الحركات االرتكاسية
2-الحركات الطبيعية األساسية
3-االستعدادات اإلدراكية
4-الصفات البدنية
5-المهارات الحركية لليد
6-التعابير الجسدية.
التواصل من المنظور اللساني والفلسفي:
يذهب مجموعة من اللسانيين إلى أن اللغة وظيفتها التواصل كفرديناند دو سوسير الذي يرى
في كتابه " محاضرات في اللسانيات العامة" ( )1916أن اللغة نسق من العالمات واإلشارات
هدفها التواصل خاصة أثناء اتحاد الدال مع المدلول بنيويا أو تقاطع الصورة السمعية مع
المفهوم الذهني .وهو نفس المفهوم الذي كان يرمي إليه تقريبا ابن جني في كتابه " الخصائص"
عندما عرف اللغة بأنها " أصوات يعبر بها قوم عن أغراضهم" .ويعرف أندري مارتيني
André Martinetاللغة بأنها عبارة عن تمفصل مزدوج وظيفتها التواصل .ويعني هذا أن
اللغة يمكن تقسيمها إلى تمفصل أول وهو المونيمات (الكلمات) ،وبدورها تنقسم إلى فونيمات
(أصوات) ،ومورفيمات (مقاطع صرفية) ،وهي تشكل التمفصل الثاني .لكن األصوات اليمكن
تقسيمها إلى وحدات أخرى ألن الصوت مقطع ال يتجزأ .وإذا جمعنا الفونيمات بعضها البعض
كونا مونيمات ،وإذا جمعنا الكلمات كونا جمال ،والجمل تكون الفقرات والمتواليات ،والفقرات
تكون النص ،ويكون النص -تأليفا واستبداال -ما يسمى باللغة التي من أهدافها األساسية
التواصل.
ويذهب رومان جاكبسون إلى أن اللغة ذات بعد وظيفي ،وأن لها ستة عناصر وست وظائف:
المرسل وظيفته انفعالية ،المرسل إليه وظيفته تأثيرية ،والرسالة وظيفتها جمالية ،والمرجع
وظيفته مرجعية ،والقناة وظيفتها حفاظية ،واللغة وظيفتها وصفية.
إذا كان الوظيفيون يرون أن اللغة واضحة تؤدي وظيفة التواصل الشفاف بين المتكلم والمستمع
فإن أزوالد دوكرو Ducrotيرى أن اللغة ليست دائما لغة تواصل واضح وشفاف ،بل هي لغة
إضمار وغموض وإخفاء .ويعني هذا أن الفرد قد يوظف اللغة كلعبة اجتماعية للتمويه والتخفية
وإضمار النوايا والمقاصد .ويكون اإلضمار اللغوي ألسباب دينية واجتماعية ونفسية وسياسية
وأخالقية .فمهرب المخدرات قد ال يستعمل اسم مهرباته بطريقة مباشرة بل يستعمل الرموز
لإلخفاء كأن يقول لصديقه :هل وصلت الحناء ؟ كما أن أسلوب الخطاب الديني قد يحتاج إلى
تفسير وشرح وتأويل ،وهذا يعني أن اللغة فيها أوجه داللية عدة مما يزيد من غموضها وعدم
شفافيتها التواصلية.
ويذهب روالن بارت Roland Barthesبعيدا عندما اعتبر أن اللغة هي بعيدة عن التواصل،
وجعلها لغة سلطة مصدرها السلطة .ويعني هذا أن اإلنسان عبد للغة وحر في نفس الوقت.
فالمتكلم عندما يتحدث لغة أجنبية فهو خاضع لقواعدها وتراكيبها ولمنظومتها الثقافية ،ولكنه
في نفس الوقت يوظف هذه اللغة كيفما يشاء ويطوعها جماليا وفنيا ،فاللغة الفرنسية استبدت
كثيرا بالشعب الجزائري لمدة طويلة مما أخضعته لقواعدها وسننها اللساني؛ وعلى الرغم من
ذلك نجد األدباء الجزائريين بقدر ما هم خاضعين لهذه اللغة األجنبية يتخذونها سالحا لهم بكل
حرية للتنديد باالس تعمار الفرنسي ونقده والهجوم عليه وتطويع تلك اللغة وتعريبها .كما أن
السلطة الحاكمة قد تفرض اللغة التي تناسبها لفرض سيطرتها السياسية واإليديولوجية إذ بالقوة
قد نفرض اللغة ،كما أن اللغة هي التي تمنح السلطة السياسية للفئة الحاكمة.
وهكذا ،نستنتج أن اللغة قد تكو ن أداة للتواصل الشفاف كما يمكنها أن تكون لغة لإلضمار
والتمويه واإلخفاء كما يمكن أن تكون أداة للسلطة وسلطة في نفس الوقت.
وقد طرح مفهوم األنا والغير في الخطاب الفلسفي كثيرا من اإلشكاليات التي تنصب كلها في
كيفية التعامل مع الغير وكيف يمكن لألنا النظر إلى الغير؟!
يذهب الفيلسوف األلماني هيجل على أن العالقة بين األنا والغير هي عالقة سلبية قائمة على
الصراع الجدلي كما توضح ذلك نظريته جدلية السيد والعبد .أما جان بول سارتر فيرى أن
الغير ممر ووسيط ضروري لألنا إال أن الغير جحيم ال يطاق ألنه يشيىء الذات أو األنا .لهذا
ي دعو سارتر إلى التعامل مع الغير بحذر وترقب وعدوان ،وأنه يستحيل التعايش بين األنا
والغير أو التواصل بينهما مادام الغير يستلب حرية األنا ويجمد إرادته .لذلك قال " :أنا
واآلخرون إلى الجحيم".
بيد أن ميرلوبونتي رفض نظرية سارتر التجزيئية العقالنية ،واعتبر أن العالقة بين األنا والغير
إيجابية قائمة على االحترام والتكامل والتعاون والتواصل .وأساس هذا التواصل هو اللغة.
أما شيلر فيرى أن العالقة بين األنا والغير قائمة على التعاطف الوجداني والمشاركة العاطفية
الكلية مع الغير وال تقوم على التنافر أو البغض والكراهية .ويرى جيل دولوز أن العالقة
التواصلية بين األنا والغير في المجال المعرفي البنيوي قائمة على التكامل اإلدراكي.
التواصل من المنظور السيميائي:
تندرج تحت إطار سيميولوجيا التواصل أبحاث كل من برييطو Prietoوجورج مونان
Mouninوبويسنس Buyssensومارتينيه Martinetوغيرهم .وهؤالء جميعا يتفقون
على أن العالمة السوسيرية تتشكل من وحدة ثالثية وهي :الدال والمدلول والقصد .وهم يركزون
كثيرا في أعمالهم على الوظيفة التواصلية .وال تختص هذه الوظيفة التواصلية بالرسالة اللسانية
المنطوقة فحسب ،بل توجد في أنظمة غير لسانية أخرى كاإلعالنات والشعارات والخرائط
والالفتات والمجالت والنصوص المكتوبة وكل البيانات التي أنتجت لهدف التواصل .وتشكل
كل األنماط المذكورة عالمات ،ومضامينها رسائل أو مرسالتMESSAGES.
خاتمة:
خالصة القول ،يعد التواصل عملية تبادل للمعلومات واألفكار والتوجيهات من شخص
آلخر ومن مجموعة ألخرى ،وهي عملية تحدث التفاعل بين األفراد والمجموعات داخل
المؤسسة وبين المدرسة وشركائها .إنه دعامة لمختلف مكونات الحياة المدرسية ومشاريعها،
وركيزة لعمليات التدبير من تخطيط وتنظيم وتوجيه وتنسيق ومراقبة وتنشيط وتقويم وتتبع،
بهدف اإلعالم والتعبئة والتأثير واإلقناع واالقتناع واتخاذ القرار الذي يتطلب توافر كافة
المعلومات الممكنة عن االحتماالت المختلفة وآثارها ليكون قرارا رشيدا.