You are on page 1of 3

‫مقدمة ‪:‬‬

‫قدم مفهوم إسرتاتيجية احمليط األزرق الربوفسوران األمريكيان "تشام كيم" و"رينيو مورجن" اللذان يعمالن يف‬
‫جامعة ىارفارد‪ ،‬إذ ألفا كتابا بعنوان ‪" :‬إسرتاتيجية احمليط األزرق"‪ ،‬طرحا فيو إسرتاتيجية غري تنافسية ميكن من‬
‫خالهلا الوصول إىل احمليطات الزرقاء والذي يرجع سبب تسميته هبذا االسم إىل التعبري عن انعدام املنافسة فيه وأن‬
‫املنظمات تكون يف حالة من الطمأنينة‪ ،‬على عكس احمليط األمحر الذي يشري إىل حالة السوق اليت تعرف باملنافسة‬
‫وكثافة ازدحام املنافسني واخلسائر اليت تلحق باملنظمات‪ ،‬والصراع على الزبائن وعلى حصص السوق‪ ،‬وحروب‬
‫األسعار ‪...‬اخل‪ ،‬وكلها تدل على شدة الضغط والصراع بني املنظمات وهنا طرح اإلشكال ما هي إسرتاجتية احمليط األزرق ؟‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية إستراتيجية المحيط األزرق‬


‫نتطرق يف هذا املبحث إىل مفهو ونشأة وتطور الفكر اإلسرتاتيجي من إسرتاتيجية إىل أخرى ‪.‬‬

‫املطلب األول ‪:‬نشأة إسرتاتيجية احمليط األزرق ‪:‬‬


‫ظهرت معايري احمليط األزرق ألول مرة يف الكتاب الذي محل نفس االسم “‪”Blue Ocean Strategy‬‬
‫وقدمه اثنان من الباحثني يف جمال إدارة األعمال يف كلية إنسياد يف معهد احمليط األزرق‪ ,‬جامعة إنسياد هي‬
‫جامعة معروفة يف جمال إدارة األعمال مقر املعهد موجود يف ماليزيا‪ ,‬ومنه خرج البحث يف كتاب حيمل أسم “‬
‫‪ ”Blue Ocean Strategy‬من تأليف الباحثة ‪ Renée Mauborgne‬والباحث ‪W. Chan‬‬
‫‪ Kim‬وكان يف العام ‪ ,2005‬حيث ركز فيه الباحثان علي النجاحات اليت حتققت نتيجة خلق جماالت‬
‫جديدة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم إستراتيجية المحيط األزرق‪:‬‬


‫نوع من االسرتاتيجيات احلديثة اليت تناولتها كتب اإلدارة االسرتاتيجية احلديثة واملعاصرة واليت استندت من‬
‫فكرة العاملان (الربوفسور دبليو شان كيم وزميلته الربوفسور رينية موبورن (‪،))Renee Mauborgne‬‬
‫تقوم هذه اإلسرتاتيجية على فكرة‪ ،‬انه ليس من الضروري على املنظمة اليت تريد حتقيق النجاح يف مسرية حياهتا‬
‫العملية ان حتتل مركزا تنافسيا قويا‪ ،‬بل ميكن ان حترز جناحا بدون منافسة‪ ،‬وذلك بان تتبىن هذه املنظمات‬
‫أسواقا جديدة تعرض فيها منتجاهتا اجلديدة‪ ،‬أو تقوم بطرح بضائع وسلع بديلة الجتذب املنافس اليها‪ ،‬وهبذا‬
‫تستطيع املنظمة حتقيق أرباحا وفرية‪ ،‬وبذكائها وريادهتا اإلسرتاتيجية تستطيع أن جتذب زبائن ومستهلكني‬
‫جدد‪ ،‬وان جتعل الزبون أكثر والء ملنتجاهتا وخدماته‪.‬‬
‫وتعرف أيضا ‪ :‬على أنها إستراتيجية للصناعات التي لم تخرج إلى حيز الوجود وهي تمثل الفراغ و‬
‫المناطق المجهولة التي لم تتكشف بعد ولم تخرج إلى المنافسة ‪.‬‬
‫املصدر‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الباري إبراهيم درة ود‪ .‬ناصر حممد سعود " جرادات من كتاب اإلدارة اإلسرتاتيجية يف القرن احلادي‬
‫والعشرين ‪ /‬النظرية والتطبيق‬

‫تعريف ثاين ‪ :‬حسب )كيم و ماوبرغن(‪ ،‬إسرتاتيجية احمليط األزرق كمصطلح‪ ،‬هي تعبري جمازي يشري إىل الوسائل‬
‫الكفيلة باكتشاف مواقع السوق اليت مل تصلها املؤسسات املنافسة‪ .‬وكإسرتاتيجية‪ ،‬تركز على استهداف‬
‫الصناعات اليت مل خترج بعد إىل حيز الوجود‪ ،‬واليت متثل الفراغ واملناطق اجملهولة يف السوق ومل يصلها‬
‫املنافسون‪ ،‬وتكون املنافسة أمرا غري مطروح ألن قواعد لعبة املنافسة مل توضع بعد ‪) .‬كيم و ماوبرغن‪،‬‬
‫‪ ، 2006‬ص ‪32‬‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬تطور التفكير االستراتيجي من إستراتيجية المحيط األحمر إلى إستراتيجية المحيط األزرق‬
‫إسرتاتيجية احمليط األمحر هي تعبري جمازي يعكس املدخل التقليدي يف التفكري االسرتاتيجي والقائم‬
‫على املنظور اهليكلي يف اإلسرتاتيجية‪ ،‬حيث يقود هذه املدخل‪ ،‬املؤسسة حنو التفكري يف مقومات التنافس‬
‫اليت تعد مبثابة املتغري احملدد لإلسرتاتيجية‪ ،‬كما أن األحوال التنافسية للصناعة وجاذبيتها هي أهم العوامل‬
‫احملددة لإلسرتاتيجية‪ )Bouglet, 2011, p86( ،‬وبالتايل فإن متطلبات جناح اإلسرتاتيجية يتأثر‬
‫بشكل كبري بالتغريات اليت حتدث يف بيئة الصناعة واليت تتمثل بزيادة حدة املنافسة وحتركات املنافسني‬
‫والتغريات احلادثة يف التكلفة واألسعار والتطورات التكنولوجية اجلديدة واحتياجات الزبائن املتغرية‪.‬‬
‫(‪)Brabandère, 1998, p51‬‬
‫وعليه يتحدد املنظور اهليكلي يف اإلسرتاتيجية من خالل حتليل الوضع التنافسي يف الصناعة احلالية‬
‫املتمثل يف حتليل قوى التنافس اخلمس املتمثلة يف املنافسني احلاليني واملنافسني احملتمل دخوهلم للصناعة‬
‫وهتديد املنتجات البديلة والقوة التفاوضية للزبائن والقوة التفاوضية للموردين )منوذج هيكل الصناعة(‪ .‬هذه‬
‫القوى هي اليت حتدد مدى جاذبية الصناعة وتوضع على أساسها وبالتوافق مع املتغريات يف البيئة الداخلية‪،‬‬
‫اإلسرتاتيجيات التنافسية املالئمة‪Porter, 1986, p. 04( .‬‬

‫أما إسرتاتيجية احمليط األزرق‪ ،‬فهي تعبري جمازي يعكس املدخل احلديث أو غري التقليدي يف‬
‫التفكري االسرتاتيجي والقائم على اإلنعتاق من املنافسة من خالل البحث عن صناعات أو أسواق مل خترج‬
‫بعد إىل حيز الوجود‪ ،‬وخلق الطلب وفرص النمو من خالل ابتكار القيمة اليت تنشأ احلاجة‪ ،‬وليس البحث‬
‫عن الطلب املوجود وحماولة تلبيته‪) .‬أبو يوسف‪ ، 2019 ،‬ص ‪) 15‬‬
‫هذا املنطق الرئيسي إلسرتاتيجية احمليط األزرق‪ ،‬فبدال من حماولة كسب املزايا التنافسية يف األسواق‬
‫القائمة‪ ،‬ينبغي أن نتحاشى املؤسسات املنافسة بالرتكيز على املطالب اليت مل يتم الوفاء هبا للزبائن احلاليني‬
‫أو اجلدد‪)،‬جرادات‪ ،‬عمرو‪ ،‬و الزير‪ ، 2017 ،‬ص ‪ ( 125‬فلماذا يتعني على املؤسسات الكفاح من أجل‬
‫األسواق القائمة إذا كانت بإمكاهنا أن ختلق أسواقا جديدة؟ تكون فيها وحدها يف السوق حبيث ال يتوافر منتج أو‬
‫خدمة إلجراء املقارنة مع أي منهما‪ ،‬فينتقل الرتكيز من السعر إىل املنتجات األعلى قيمة‪ ،‬لتصبح‬

‫بذلك أساس التفرد‪) .‬قاسم و سعيد‪ ، 2013 ،‬ص ‪) 46‬‬


‫ويوضح اجلدول التايل أبرز أوجه االختالف بني اإلسرتاتيجيتني‪.‬‬

‫الجدول ‪ : 1‬مقارنة بين إستراتيجية المحيط األحمر وإستراتيجية المحيط األزرق‬


‫إستراتيجية المحيط األزرق‬ ‫إستراتيجية المحيط األحمر‬
‫• فتح أسواق جديدة غري معروفة سابقا‬ ‫• التنافس يف األسواق احلالية‬
‫• جعل املنافسة أمرا غري مطروح متاما‬ ‫• الرتكيز على املنافسة وهزم املنافسني‬
‫• خلق احتياجات ومتطلبات جديدة للزبائن‬ ‫• استغالل احتياجات الزبائن احلالية‬
‫• كسر معادلة القيمة مقابل التكلفة )التكلفة والقيمة يف أن‬ ‫• املفاضلة بني التكلفة مقابل القيمة‬
‫واحد(‬

‫المصدر‪) :‬كيم و ماوبرغن‪ ، 2006 ،‬صفحة ‪40‬‬

‫إن تطور التفكري اإلسرتاتيجي الذي أسفر عن حتول املؤسسات حنو تبين إسرتاتيجية احمليط األزرق‬
‫ميكن أن نرجعه إىل جمموعة من الدوافع أمهها ما يلي‪) :‬بريس‪ ، 2019 ،‬صفحة ‪) 43‬‬
‫• دوافع مرتبطة بالزبائن‪ :‬إذ زادت مطالب الزبائن وارتفع بذلك حجم الضغوط على املؤسسات‬
‫باختالف أنواعها البتكار حلول إبداعية وجذرية للكثري من املشاكل اليت يواجهوهنا يف حياهتم ‪.‬‬
‫• تعاظم استخدام اهلواتف النقالة ووسائل التواصل االجتماعي الذي جعل معظم املؤسسات تفقد‬
‫السيطرة على املعلومات اخلاصة مبنتجاهتا‪ ،‬ما ترك معظم أسرار اإلنتاج والتصنيع متاحة أمام املنافسني‪.‬‬
‫• ظهور أسواق واعدة تتضمن العديد من احلاجات غري ملباة‪ ،‬أو طلب غري مكتشف ‪.‬‬
‫• احتدام املنافسة يف األسواق املعروفة ما قلص من إمكانيات التفرد عن املنافسني وأدى إىل اخنفاض‬
‫األسعار وفقدان الصناعات جلاذبيتها بسبب اخنفاض األرباح وارتفاع التكاليف الثابتة ‪.‬‬

You might also like