Professional Documents
Culture Documents
متهيد
يف الظرف التارخيي و االجتماعي الذي ظهر فيه ماركس كان اجملتمع األورويب بشكل عام يعيش يف ظل سيادة اإلنتاج الرأمسايل
حيث كانت هناك طبقة كبرية من السكان يف اجملتمع تنمو و تتكاثر يوما بعد يوم ،و هي حتت ظل أي ظرف لن تستطيع
العيش اال اذا عملت لقاء اجر معني و حمدد من مالكي وسائل اإلنتاج.
اكتسبت املاركسية كنسق فكري شهرهتا التارخيية بقيامها على أساس االنتقاد الذي ظهر بوضوح يف نقد الفلسفة املثالية األملانية
حيث اندت املاركسية ابلفلسفة املادية و االشرتاكية العلمية ،حيث ذاعت بني خمتلف النقاابت و االحتادات العمالية .
_ ماهية االشرتاكية
علما ان اهلدف من احملاضرة توضيح أفكار ماركس دون التعرض اىل نقد أفكاره .
1
جامعة ابجي خمتار _ عنابة _ كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري _ حماضرات يف اتريخ الفكر االقتصادي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ا 2024_2023
االشرتاكية بشكل عام تستند على النزعة اجلماعية ،و بذلك فهي تتناقض مع مضمون فكرة النزعة الفردية اليت تستند اليها
الرامسالية ،حيث ال وجود لنظام السوق و ال دور له يف حتديد حجم ة نوع السلع و اخلدمات ،ألهنا حتدد ضمن جهاز التخطيط
املركزي .
فالنظام االشرتاكي متتلك فيه الدولة مجيع عناصر اإلنتاج كاألرض و املصانع و اآلالت ،و اختاذ القرارات القتصادية من خالل
جهاز التخطيط بدال من جهاز االمثان يف النظام الرأمسايل ،و مت تطبيق االشرتاكية يف القرن العشرين عندما قامت الثورة البلشفية
يف روسيا عم . 1917
كما توجد أنواع أخرى من االشرتاكية كاالشرتاكية الدميقراطية و االشرتاكية الشعبية و اشرتاكية الدولة .
من خالل هذه احملاضرة نسلط الضوء على االشرتاكية املاركسية ( العلمية).
على عكس هيجل الذي يرى ان اتريخ العامل ما هو اال انعكاس لتطور الفكر االنساين الذي يتجه يف تطوره حنو الفكرة
املطلقة ،فان ماركس يرى ان املادة هي األساس يف التطور التارخيي ،فقد أدى هذا اىل اعتبار تطور العوامل االقتصادية ممثلة
يف اإلنتاج املادي و ما يتبعه من تقسيم العمل و ما يرتتب عن هذا التقسيم من صراع طبقي و القوة اليت تشكل و تفسر اتريخ
البشرية .و ابلتايل فهو يرى ان العامل املادي هو الذي صنع األفكار .
و دراسة التاريخ اإلنساين و تطوره نتعرف عليه ابتداءا من اوج نشاط االفراد يف جمال اإلنتاج ،و قوانني هذا التطور هو جيب
اكتشافها و دراستها ،و تشمل اهليكل االساسي لالقتصاد ،اهليكل العلوي للنظام االجتماعي و الصراع الطبقي ،و نوضح
ذلك كمايلي :
2
جامعة ابجي خمتار _ عنابة _ كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري _ حماضرات يف اتريخ الفكر االقتصادي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ا 2024_2023
-اهليكل االساسي لالقتصاد ( قوى اإلنتاج و عالقات اإلنتاج و نظام اإلنتاج االجتماعي ):
فقوى اإلنتاج هي جمموع الوسائل اليت بواسطتها يتم انتاج السلع املادية و تشمل االالت و وسائل النقل و اليد العاملة ،و
توضح املادية التارخيية ان تطور قوى اإلنتاج هي املسبب األساسي لكافة التغريات يف احلياة االجتماعية ،
اما عالقات االنتاج فهي العالقة اليت تربط االفراد ببعضهم البعض و يف عالقاهتم أبدوات اإلنتاج ،مبعىن ملكية األموال و وسائل
اإلنتاج و االمنتجات ،إضافة اىل تنظيم العمل و تقسيمه و توزيعه .
اما نظام اإلنتاج (منط االنتاج) :و هو يتكون من قوى النتاج و عالقات اإلنتاج ،حيث بدراسة قوى و عالقات اإلنتاج ميكن
ان حندد حسب ماركس أي مرحلة من النظم االقتصادية متيز جمتمع معني ،حيث يف كل مرحلة متر قوى اإلنتاج مبرحلة معينة من
عالقات اإلنتاج يالئمها و يسهل تطبيقها ،و تنوضح هذه النظام حسب تطورها التارخيي املادي كما يلي :البدائية ،الرق ،
االقطاع ،الرامسالية و أخريا االشرتاكية .كما ان تغيري قوى اإلنتاج يسبق دائما تغري عالقات اإلنتاج .
يقصد باألساس( اهليكل االقتصادي للمجتمع ) جمموع العالقات االجتماعية السائدة يف اجملتمع خاصة عالقات امللكية و
ينتج عنها من تقسيم طبقي ،و على أساسه يتم بناء النظم القانونية و السياسية و األفكار الدينية و الفلسفية يف مرحلة اترخيية
معينة .اما البناء ( اهليكل العلوي) فهو األفكار و النظرايت املذاهب السائدة يف جمتمع إضافة اىل النظم املقابلة هلا :الدولة ،
القانون ،األحزاب السياسية ،الضوابط اخللقية ...اخل ،يف اجلدلية املادية البناء ينبع من األساس .
ان حدوث الثورات االجتماعية ستؤدي حتما اىل هناية النظام الرأمسايل ،و يقصد ابلثورة االجتماعية حسب ماركس هي انتقال
اجملتمع اإلنساين من نظام انتاجي معني اىل نظام اعلى منه ،و حتدث هذه الثورات نتيجة لوجود تناقض بني قوى اإلنتاج و
عالقات اإلنتاج ،فقوى اإلنتاج يف تطور مستمر ،اما عالقات التملك فيهي بطيةة التغيري ،فالنظام الرأمسايل املرتكز على
امللكية اخلاصة و على استقالل كل مشروع عن غريه يف رسم سياسته اإلنتاجية يعترب عائقا لتقدم قوى اإلنتاج و هذا سيؤدي اىل
زوال هذا النظام ليحل حمله نظام يوفق بني الطابع االجتماعي لإلنتاج و الطابع الفردي للتملك ،فيقضي على امللكية الفردية و
يقيم عالقات جديدة و هي العالقات االشرتاكية ،بذلك حسب ماركس فاالشرتاكية حتمية اترخيية.
3
جامعة ابجي خمتار _ عنابة _ كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري _ حماضرات يف اتريخ الفكر االقتصادي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ا 2024_2023
اما الطبقات و الصراع الطبقي فهي مفجر الثورة حيث ان ختلف عالقات اإلنتاج عن قوى اإلنتاج يف النظام الرامسايل ،هذا
يؤدي اىل وجود صراع بني طبقة املالك و بني طبقة العمال ،حيث ترى املاركسية ان طبقة املالك تستغل طبقة العمال ،و
ابعتبار طبقة العمال األكثر عددا فإهنا ستنتصر يف صراعها و تفرض فيما بعد نوع جديد من عالقات اإلنتاج و هذا حيدث
فجأة يف شكل ثورة اجتماعية والصراع بني الطبقات عند املاركسيني لس مشكال جيب عالجه ،ابلعكس فهم يروه حتمية
اترخيية .
_ القيمة :بدأ ماركس بتحليل السلعة و وضح ان هلا قيم خمتلفة :
-قيمة استعمالية :يقصد هبا منفعة السلعة اليت تستطيع اشباع حاجات اجملتمع .
-قيمة تبادلية :أي قدرة السلعة على املبادلة بسلعة أخرى .مبعىن قدرة السلعة على جلب لصاحبها سلع أخرى.
-القيمة :السلع ذات قيمة من حيث اهنا جتسد العمل (حيث تقاس كمية العمل مبدته) ،و العمل هو كل جهد عضلي
او ذهين يبذله االنسان ،إضافة اىل االلة او مادة أولية ،املنتجات الطبيعية ليس هلا قيمة مامل يبذل يف اقتنائها عمل .
_ فائض القيمة :هو الفرق بني االجر الذي يشرتي به قوة عمل ،و الثمن الذي يبيع به انتج العمل ،و هو يفسر مصدر
دخول الرأمساليني و خاصة الربح ،و ينقسم فائض القيمة اىل :
-فائض القيمة املطلق :هو الفائض املطلق الذي حيصل عليه الرامسايل نتيجة زايدة عدد ساعات العمل ليزداد حجم
الفائض.
-فائض القيمة النسيب :هو الفائض املطلق الذي حيصل عليه الرامسايل نتيجة نقص وقت العمل الضروري ،أي الوقت
الالزم حلياة العامل و استمرارها ،و حيدث هذا النقص يف وقت العمل الضروري نتيجة الخنفاض امثان السلع اليت تعترب
من ضرورايت الالزمة للعامل و اسرته .
هذا الفائض سواءا مطلق او نسيب يؤدي اىل زايدة يف كمية النقود عند الرامسايل و حرمان العامل منه و هو ما يطلق
عليه ماركس ب االستغالل .
اما راس املال الثابت (مثن اآلالت و االلة ) فهو عمل ميت و ال خيلق فائض قيمة ،اذا فائض القيمة يعطيها ( قوة
العمل ) .
4
جامعة ابجي خمتار _ عنابة _ كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري _ حماضرات يف اتريخ الفكر االقتصادي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ا 2024_2023
_ الرتاكم املتزايد لراس املال :مبعىن ازدايد حجم روس األموال اإلنتاجية ،و يكون ذلك بتحقيق الرتاكم أي بتحويل فائض
القيمة اىل راس مال انتاجي ،و ينجح الرامسايل يف الوصول اىل الرتاكم عندما ينجح يف تصريف منتجاته ،
و مبا ان فائض القيمة هي األساس يف الرتاكم و اليت ينتجها العمل فالبد له من شراء قوة العمل ،و ليحصل ذلك فالبد ان
تزول ملكية صغار املالك ،و هذا يؤدي اىل تركز راس املال يف اجلهاز اإلنتاجي ابستمرار .
_تركز رؤوس االموال :تركز راس املال فرياد هبا انتشار الوحدات اإلنتاجية الكبرية على انقاض الوحدات الصغرية يف اجلهاز
اإلنتاجي ،مبعىن اخراج املشروعات الصغرية من السوق هنائيا و حتويل عدد كبري من صغار املنتجني و التجار اىل عمال فقط
عند أصحاب املشروعات الكبرية .
_ االزمات االقتصادية و فناء الرامسالية :االزمات تصدر من ذاتية نظام اإلنتاج الرامسايل الذي مييزه التناقض بني الطابع
االجتماعي لإلنتاج و الطابع الرامسايل للتملك .و هذا بدوره يؤدي اىل :
-تناقض بني اإلنتاج و االستهالك :مبعىن فقر املستهلكني و معظمها مؤلفة من عمال و فةات حمدودة الدخل و بقصور
استهالكها ابلنسبة اىل ميل االنتاج الرامسايل اىل تنمية القوى اإلنتاجية .
-التناقض بني خمتلف فروع اإلنتاج :بسبب افتقار النظام الرامسايل اىل التناسب و التناسق بني خمتلف فروع اإلنتاج
الداخلة فيه .
-التناقض بني حتسني طرق اإلنتاج و األرابح :يسعى الرامسايل اىل زايدة أرابحه بزايدة نسبة الراس املال الثابت و هو ما
تقتضيه املنافسة ،و كلما زادت نسبة الراس املال الثابت نقصت األرابح و بذلك فان السلوك املفيد ملشروع واحد على
حدة ،سيضر بسائر املشروعات .
كل هذه التناقضات حسب ماركس ستؤدي اىل انتداثر النظام الرامسايل .
5