You are on page 1of 11

‫الغير‬

‫الفرفار العياشي‬

‫أكرب عقاب يل أن أعيش وحيدا يف اجلنة مالربانش‬


‫مع الوعي بالذات هاحنن يف األرض اليت هبا مولد احلقيقة هيجل‬
‫اإلنسان كائن خيتلف اختالفا كليا عن احليوان الذي ال يتخطى جمرد اإلحساس بالذات‪ ،‬فاإلنسان‬
‫يعي ذاته يف اللحظة اليت يقول فيها " أنا " حبسب تصور هيجل‪ ،‬وهو ما يعين اإلحساس بالتفرد‬
‫والتمايز عن باقي املوجودات مبا فيها األخر سواء كان شبيها أو غريبا عن الذات فالواقع البشري‬
‫هو واقع اجتماعي ‪ ،‬حيث اإلنسان يعيش جتربة احلياة املشرتكة مع األخر مادام اإلنسان كائنا‬
‫اجتماعيا‪ ،‬ال يولد اإلنسان إنسانا وإمنا يصبح كذلك ‪ ،‬فحىت احلمقى واجملانني يشاركوننا يف‬
‫االنتماء لإلنسانية ‪ ،‬إننا لسنا وحدنا يف هذا العامل فاألخر موجود معنا حىت ولو كان بعيدا عنا إنه‬
‫ما دام يشغل حيزا من تفكرينا ‪.‬‬
‫إذن كيف تتحدد العالقة بني الذات واألخر‪ ،‬وهل األخر ضروري لوجود الذات‪ ،‬وما طبيعة‬
‫العالقة املفرتضة مع هذا األخر هل هي عالقة تعايش سلمي أم عالقة صراع ‪ ،‬أسئلة أساسية توجه‬
‫مسائلتنا هلذا املوضوع ‪.‬‬
‫دالالت املفهوم ‪:‬‬
‫تتحدد داللة الغري يف الفهم الشائع يف اآلخر ‪ ،‬أو اآلخرين الذين خيتلفون عين اعتمادا على مقياس‬
‫حمدد‪ ،‬فالغري هو املخالف يل واملختلف عين حسب معيار اجلنس أو العرق‪ ،‬الدين ‪ ،‬الثقافة ‪ ،‬اللغة ‪،‬‬
‫فاآلخر أو الغري هو ذلك الذي ال يشاركين نفس االنتماء الثقايف‪ ،‬احلضاري‪ ،‬والعرقي وبذلك‬
‫فداللة الغري يف التمثل الشائع واملشرتك تتحدد مبعىن السلب‪ ،‬اآلخر ليس الذات ‪.‬‬
‫يقدم " لسان العرب " البن منظور حتديدا لغويا للغري حيث الغري مشتق من التغري وتغايرت األشياء‬
‫أي اختلفت‪ ،‬حتديد يكرس نفس الفهم املتداول على اعتبار أن اآلخر أو الغري هو املخالف واملباين‪.‬‬
‫أما معجم روبري فاألخر يتحدد بكونه " من ليس نفس الشخص " ‪ .‬غري أن هذا التحديد السليب‬
‫لألخر باعتباره املغاير واملختلف عن األنا يبقى حتديدا جمردا غري ملموس‪ ،‬ال يشري إىل فرد بعينه أو‬
‫مجاعة معينة حيث يتم حصر األخر يف الغريب ‪ ،‬املغاير ‪ ،‬البعيد ‪ ،‬األجنيب وكل من ال يشاركين‬
‫نفس اهلوية‪ ،‬وتتحدد عالقة الذات باألخر وفق معيار العالقة القائمة بينهما ونظرة أحدمها لألخر ‪،‬‬
‫قد تأخذ هذه العالقة طابعا صراعيا ( العنف ‪ ،‬السخرية ‪ ،‬امليز العنصري ‪ ،‬التطرف الديين ‪،‬‬
‫التعصب العرقي ‪ ،‬الصراع االجتماعي ) وقد تكون العالقة عالقة تضامن وتعايش مادام األخر هو‬
‫الشبيه والصديق يؤكد اسرتاوس األخر هو أخ لنا يف اإلنسانية ‪.‬‬
‫الداللة اللغوية سواء داخل التحديد العريب أو الالتيين جتعل الغري واآلخر هو املخالف و املغاير وان‬
‫وجد بعض االختالف بني التحديدين حول طبيعة االختالف هل هو كلي ومطلق أم اختالف‬
‫نوعي وجزئي ‪.‬‬
‫أما يف املناولة الفلسفية فان اآلخر والغري يتحدد على حنو دقيق على اعتبار أن الغري هو األنا الذي‬
‫ليس أنا‪ ،‬كما حدد ذلك سارتر‪ ،‬وقد يكون تعريف الغري مسألة غري ممكنة وفق التحديد االرسطي‬
‫حيث أن الشيء أما أن يكون مطابقا لذاته أو خمالفا هلا ‪.‬‬
‫األكيد أن الداللة الفلسفية للمفهوم تضعنا يف مأزق حقيقي وإشكال ‪،‬حيث يصبح الغري هو األخر‬
‫ويف نفس الوقت ليس أخرا‪ ،‬مطابقا ومغايرا ‪ ،‬فان يكون اآلخر هو األنا الذي ليس أنا معناه‬
‫التواجد يف قلب اإلشكالية على اعتبار أن األنا يف مدلوله الفلسفي هو الذات املفكرة‪ ،‬الذات اليت‬
‫تعي ذاهتا بشكل مباشر عرب آلية الوعي والفكر‪ ،‬الوعي الذي يؤسس وجود الذات‪ .‬ومبقابل الذات‬
‫كأنا عاقلة وفاعلة يوجد ما حييط بالذات أي املوضوعات‪ ( Les objets‬ما يوجد خارج الذات‬
‫‪. ) ob/ je‬‬
‫فأالنا ال يكون أبدا أنا إال إذا كان حاضرا أمام ذاته حضورا مباشرا وكان وعيه شخصيا وإراديا‪،‬‬
‫لذا تتحدد مالمح اإلشكال كيف أعي شيئا خارجا عين‪ ،‬على اعتبار أن اآلخر هو األنا الذي ليس‬
‫أنا ‪ ،‬وحىت أن عرفته سيصبح اآلخر موضوعا ويفقد صفة اإلنسانية وكيف أعرفه كذات بعد أن‬
‫أصبح موضوعا يشبه كل املوجودات اجلامدة اليت حتكمها قوانني العطالة‪ ،‬وليس قوانني اإلرادة‬
‫والوعي واحلرية‪ .‬يرافق هذا اإلشكال حول طبيعة معرفة اآلخر‪ ،‬إشكاال آخر ذو طبيعة تواصلية‬
‫كيف أتواصل مع من حتول إىل موضوع فقد إرادته وحريته‪ ،‬وحتول إىل كتلة هالمية‪ ،‬وكيف‬
‫يتسىن لإلنسان أن يكسر كل احلواجز والوسائط لتحقيق تواصل أفضل ‪.‬‬
‫احملور األول ‪ :‬إشكالية إثبات وجود الغري ‪ ،‬وهل وجوده ضروري لوجودي ‪.‬‬
‫إشكالية الغري إشكالية فلسفية حديثة‪ ،‬أصبحت انشغاال فلسفيا مركزيا خاصة يف حلظة هيجل ‪،‬‬
‫حيث الوعي اخلاص بالذات يرتبط بوجود األخر وفق عالقة صراعية ‪ ،‬غري أن مركزية الغري‬
‫كموضوع يف الفلسفة احلديثة‪ ،‬ال يعين غيابه يف اإلنتاج الفلسفي قبل ذلك وميكن استحضار حلظة‬
‫سقراط وأفـالطون يف سجالهتم الفلسفية مع السوفسطائيني حيث ينظر إليهم من زاوية األخر‬
‫املغاير‪ ،‬األخر السليب (‪. )l’autre négatif‬‬
‫حيث حدد أفالطون مسافة اختالف مع السوفسطائي كذات مغايرة ومناقضة لذات الفيلسوف‬
‫من حيث ‪:‬الفيلسوف احلق يعترب الوجود احلقيقي كجوهر ‪ être‬ويبحث عن احلقيقة‪ ،‬وينشد‬
‫الفضيلة بعيدا عن املصلحة‪ ،‬أما األخر املغاير السوفسطائي وفن املنظور األفالطوين فهو احملب‬
‫للظواهر ‪ ،L’apparaître‬ومعرفته مرتبطة باملصلحة ‪ ،‬ويهتم باآلراء فهو ليس فيلسوف وإمنا‬
‫(فيلذوق )‪.‬‬
‫هذه العالقة املتوترة بني الذات واآلخر ستأخذ بعدا مركزيا يف فلسفة هيجل ‪.‬‬
‫ميكن إذن ومن داخل هذه النظرة استحضار السؤال املركزي حول طبيعة العالقة بني الذات‪/‬‬
‫األخر ‪ ،‬حيث هل ميكن اعتبار األخر ضروري لوجود الذات ؟ أم أن وجود األخر هو وجود‬
‫افرتاضي فقط ‪.‬‬
‫تصور ديكارت ‪:‬‬
‫ممارسة الشك يعين اخذ مسافة بني الذات واألخر‪ ،‬وبني الذات وباقي املوضوعات‪ ،‬فالذات‬
‫بوصفها ذات مفكرة هلا الثقة العمياء يف قدرهتا العقلية والتأملية لفهم والسيطرة على كل ما يوجد‬
‫خارجا عنها [ ‪ ] OBJET‬ومتثله بشكل شفاف ويقيين‪ ،‬حيث تصبح الذات العاقلة باعتبارها‬
‫نورا فطريا وإدراكا هو األساس اليت تتم على أساسه معرفة األشياء اخلارجية فيما فيها‬
‫اآلخرأطروحة ديكارت ‪R. Descartes‬‬
‫سبقت اإلشارة أن فلسفة ديكارت شكلت االنعطافة يف مسرية الفلسفة اإلنسانية حيث اعتربها‬
‫هيدجر األرض الصلبة ‪ le sol fermé‬الذي ستؤسس عليه الفلسفة احلديثة بنياهنا ‪ ،‬األرض‬
‫الصلبة لن تكون إال الذات املفكرة ‪ le sujet pensant‬وبالتايل سيكون الكوجيطو " أنا أفكر‬
‫أنا موجود " ‪ " je pense , je suis‬األساس املتني واحلقيقة اليقينية األوىل لبناء الفلسفة احلديثة‬
‫على أساس الذات الفردية من خالل االنطالق من وعي الذات لذاهتا كلحظة يقينية ودون‬
‫وساطات من أحد‪ ،‬فالذات قادرة على معرفة ذاهتا جتسيدا " ملبدأ الكوجيطو وعلى اعتباره أنه تعبري‬
‫عن فعل الوعي الذايت كنشاط حدسي‪.‬‬
‫فإثبات حقيقـة الذات املفكرة متر عرب جتربة الشك ‪ ، Doute‬الشك الـذي يقـود إىل اليقني‪ ،‬الشك‬
‫حىت يف املسلمات‪ ،‬حىت تصل الذات إىل احلقيقة اليقينية األوىل اليت ال تقبل الشك ويف حقيقة‬
‫الوجود املفكر (األنا املفكر) واعتبارها احلقيقة اليت تفرض نفسها على الفكر والعقل ببداهة‬
‫ووضوح ‪ ،‬ومن مث يكون وجود األنا املفكر مستقل عن وجود الغري‪ ،‬لذا يصبح وجود الغري متوقفا‬
‫على حكم العقل واالحتكام إىل نور العقل باعتباره الضمانة الوحيدة املوصلة حلقيقة دون االعتماد‬
‫على احلواس أو املالحظة لإلثبات وجود الغري‪ ،‬ألهنا كثريا ما ختطئ وختدع يقينية العقل وخداع‬
‫احلواس لذا يقرر ديكارت أن معرفة الغري أو اآلخر هي معرفة عقلية ومتوقفة على شهادة العقل‬
‫شهادة احلواس ‪.‬‬
‫ديكارت يدشن مرحلة وحدانية الذات ‪ ( Le solipsisme‬أنا وحدي موجود) حيث كل ذات‬
‫تعترب ذاهتا حقيقة مكتفية بذاهتا ‪ ،‬ومتلك يقني وجودها بشكل فردي عرب آلية التفكري ‪ ،‬فاإلنسان‬
‫يعي ذاته بذاته دون احلاجة إىل وساطات الغري حىت ولو كان هذا الغري مشاهبا يل ‪.‬‬
‫الذات يف التصور الديكاريت منعزلة عزلة مطلقة ال تثبت غريها وال حتتاج ال حد أن يثبتها لكن إىل‬
‫أي مدى ستبقى الذات تعيش يف االستقالل بطويل عن اآلخرين ‪ ،‬أليست الذات يف حاجة إىل‬
‫اآلخر إلثبات ذاهتا‪ ،‬أال ميكن احلديث عن الذات اجلماعية بدل الذات الفردية ‪ ،‬احلديث عن حنن‬
‫بدل احلديث عن األنا ‪.‬‬
‫يؤسس ديكارت لتجربة جديدة ‪ ،‬جتربة الذات العارفة اليت متنح لألشياء وجودها أو إلغائه‪ ،‬فوجود‬
‫األشياء مرتبط بتجربة التفكري والوعي وممارسة الشك كعملية عقلية‪ ،‬الشك ممارسة ذاتية ال متارس‬
‫بالنيابة يعين أن ما يتم تأكيده هو وجود الذات املفكرة وفق مبدأ الكوجيطو أنا أفكر إذن أنا‬
‫موجود األخر فهو جازا وممكن مادام فعل التفكري ال ميارس بالنيابة نيابة عن األخر لذا فوجوده‬
‫يتحدد وفق منطق االستدالل باملماثلة مادام يشبهين فهو موجود يأكد ديكارت لو نظرنا إىل الناس‬
‫من نافذة وهم يتحركون يف الشارع فماذا نرى أكثر من املعاطف والقبعات اليت تكسوا أشباحا أو‬
‫ناسا باهتني يتحركون بواسطة دوالب ‪ ،‬فجوهر الذات هو الفكر الذي ال يتحقق إال مبمارسة‬
‫تأملية خاصة‪ ،‬إذن فوجود اآلخر جائر ذو صبغة افرتاضية ‪.‬‬
‫تصور هيجـل ‪:‬‬
‫حسب هيكل األخر ضروري لوجود الذات ‪ ،‬مادام اإلنسان يعيش يف عالقة معه اكثر ما يعيش يف‬
‫فرديته اخلاصة‪ ،‬فالوعي حسب هيجل هو وعي شقي يتطور وينمو من اجل بلوغ مرحلة االكتمال‬
‫بطريقة جدلية‪ ،‬ففي البدء ينحصر إدراك اإلنسان لذاته يف اإلحساس املباشر ما دام غارقا ومنغمسا‬
‫يف احلياة العضوية‪ ،‬حيث حيىي بشكل حيواين من خالل غرائزه ومهمته تنحصر يف احلفاظ على‬
‫حياته اجلسدية يف هذه املرحلة تكون عالقته بالوجود والطبيعة عالقة مباشرة وحسية حيث يلغي‬
‫كل ما هو مغاير له وال يعرتف إال حبقيقته كذات (مرحلة األطروحة )‪ ،‬يف حني اآلخر هو كذلك‬
‫ميلك حقيقته كذات ‪ ،‬وبعد مرحلة اإلحساس املباشر يعمل اإلنسان على جتاوز هذا الوجود احلسي‬
‫حني تنتصر رغبته اإلنسانية على رغبته احليوانية ‪ ،‬هو ما يعين أن تصب رغبات الذات على رغبة‬
‫ذات أخرى وليس على شيء طبيعي هذا الوضع يولد صراعا مع اآلخر من اجل إشباع الرغبة وهو‬
‫صراع من اجل االعرتاف على اعتبار ان حتقيق الوعي بالذات يعين نفي رغبة اآلخر مادامت الرغبة‬
‫اإلنسانية ال يتحقق إشباعها إال عن طريق عملية النفي والقضاء على ما ليس " أنا " فاإلنسان‬
‫يتغدى على الرغبات ‪ ،‬رغبات اآلخرين عكس احليوان الذي يتغدى على األشياء واإلنسان ال‬
‫يصبح كذلك إال يف حالة انتصار رغبته اإلنسانية ‪ ،‬الرغبة يف السيادة على رغبته احليوانية ‪ /‬الرغبة‬
‫يف احلياة ‪ ،‬مع العلم أن كل رغبة هي رغبة يف قيمة ما ‪ ،‬فرغبة احليوان تتمثل يف قيمة احلفاظ على‬
‫قيمته احليوانية ‪ /‬اإلشباع الغريزي ‪ ،‬أما اإلنسان فإنسانيته مشروطة بعنصر املخاطرة برغبته احليوانية‬
‫‪ /‬التضحية باجلسد من اجل رغبته اإلنسانية ‪ /‬الرغبة يف السيادة ‪ ،‬لذا تدخل الذوات يف صراع‬
‫رغبات ‪ ،‬صراع حياة أو موت ‪ ،‬صراع من اجل االعرتاف ‪ ،‬هذا الصراع هو ما ينتجه عنه أو‬
‫عالقة إنسانية ‪ :‬عالقة السيد والعبد ‪ ،‬املنتصر واملخاطر حبياته احليوانية يصبح سيدا ‪ ،‬أما العبد‬
‫فريغب يف احلفاظ على حياته من داخل هذه العالقة الصراعية ينشئ الوعي بالسيادة والوعي‬
‫بالعبودية غري أن املوت الفعلي ال حيقق االعرتاف وإمنا استسالم أحد الطرفني حني يفضل احلياة عن‬
‫املوت ‪ ،‬فاملنهزم ‪ /‬العبد اختار احلياة بذل املوت ‪ ،‬أما السيد املنتصر فهو الذي اختار احلياة من‬
‫خالل األقدام على املوت وطلبها والتضحية حبياته ‪ /‬أطلب املوت توهب لك احلياة ‪.‬‬
‫إذن ال ميكن للوعي البشري‪ ،‬الوعي بالذات والوعي باآلخر أن يتشكل إال إذا تواجهت رغبتان‬
‫على األقل ‪ ،‬حيث كل كائن مستعد أن يذهب إىل ابعد حد إلشباع رغباته والقضاء على رغبات‬
‫اآلخر ونفيها ‪ .‬وفق هذه العالقة الصراعية ينشئ وعيان ‪ :‬وعي السيادة وعي العبودية ‪.‬‬
‫فخالفا للتصور الديكاريت الذي يؤسس وجود الذات على أساس املعرفة‪ ،‬حيث اإلنسان العارف‬
‫يبقى سجني االطمئنان السليب ما دام يعي ذاته ويتمثل باقي املوجودات بشكل شفاف ويقيين وفق‬
‫عملية استداللية تأملية‪ ،‬أما هيجل فينظر إىل اإلنسان باعتباره كائنا يتغدى على الرغبات وحتقيق‬
‫الرغبة يدفعه إىل اخلروج من حالة االطمئنان السليب إىل العمل إلشباع رغبته ‪ ،‬وإشباع الرغبات ال‬
‫يتحقق إال عن طريق النفي‪ ،‬أي نفي موضوع الرغبة مثال إشباع رغبة اجلوع يعين القضاء ونفي‬
‫طبق الطعام ‪ ،‬وحتقيق اإلحساس بالسيادة والوعي بالذات كسيد يعين إقصاء وعي اآلخر‪.‬‬
‫احملور الثاين ‪ :‬معـ ــرفــة اآلخ ـ ــر ‪.‬‬
‫معرفة اآلخر ممكنة أم مستحيلة ؟‬
‫إن طرح السؤال هبذه الصيغة معناه افرتاض قابلية الغري للمعرفة وهو ما يعين اعتبار الغري موضوعا‬
‫أو شيئا ألن فعل املعرفة هو نشاط دهين متارسه الذات العارفة على موضوع املعرفة‪ ،‬وهو ما يعين‬
‫اعتبار اآلخر كشيء أو كموضوع بارد فاقد للخصوصية اإلنسانية ( احلرية – اإلرادة –‬
‫الوعي ) ‪ ،‬ميكن اإلقرار أن السؤال حول معرفة الغري يطرح إشكاال معرفيا وتواصليا بني الذات‬
‫واآلخر عموما ميكن استحضار رؤيتني فلسفيتني إلشكال معرفة الغري وكيفية التعامل معه ‪.‬‬
‫تصور جون بول سارتر ‪:‬‬
‫معرفة الغري كذات غري ممكنة مما يعين ضرورة حتويله إىل موضوع ‪ ،‬والعالقة معه هي عالقة متوترة‬
‫ومسمومة ‪.‬‬
‫حسب سارتر افرتاض معرفة الغري يعين حتويله إىل موضوع والتعامل معه كشيء بارد ال قيمة له‬
‫فاقد للحرية واإلرادة والوعي ‪ ،‬إذن فمعرفة الذات يف نظر ساتر مشروطة بوجود آخر الذي هو‬
‫شرط ملعرفة ذايت ‪ ،‬حالة اخلجل مثال حني يكون اإلنسان وحيدا يف حديقة ويتصرف بشكل‬
‫طبيعي باعتباره مركز العامل ‪ ،‬لكن مبجرد ال يكتشف فردا أخر يراقبه حيس باخلجل ‪ ،‬إذن فالذات‬
‫اكتشفت خجلها بسبب وجود اآلخر ‪ ،‬وليس لعامل نفسي وذايت ‪ ،‬فالذات يف حاجة إىل األخر‬
‫لتعرف نفسها " ‪J’ai besoin de la médiation de l’autrui pour être ce‬‬
‫‪" que je suis‬‬
‫فعن طريق الرؤية ينكشف الغري ألن وراء نظرته ذات حتكم وتفكر وحني حتكم الذات عن األخر‬
‫حتوله إىل موضوع ‪ ،‬حيث كل واحد حيول اآلخر ويشيئه بواسطة الرؤية ‪ ،‬لذا فالوعي بالذات عند‬
‫سارتر يتحدد وفق معيار التمايز عن اآلخر‪ ،‬الن خصوصية كل وعي تتحدد بقدرته على اخذ‬
‫املسافة " ‪ " se distancier‬والرتاجع أمامه " ‪ " prendre recul‬وعدم االلتصاق به "‬
‫‪ " décoller se‬فظهور اآلخر أمام الذات يعين حتويله إىل موضوع ‪ ،‬هذه هي اللحظة األوىل‬
‫للنفي املتبادل ‪ ،‬الذات تنفي الغري ‪ ،‬والغري ينفي الذات ‪ ،‬النفي يعين حتويل آخر إىل موضوع ‪،‬‬
‫حيث كل طرف يريد أن يشغل مركز العامل وحمطة االهتمام وألن الرؤية " ‪ " le regard‬تدفع‬
‫الذات إىل اخلجل واىل اهلروب من العامل واالحنصار داخل حدود الذات ‪.‬‬
‫فاآلخر أو الغري ضروري ملعرفة الذات ( جتربة اخلجل مثال ) لوال اآلخر ملا عرفت الذات خجلها ‪،‬‬
‫إذن فالعالقة بني الذات واآلخر عالقة تشييئية صراعية كل واحد يشيء اآلخر ‪ ،‬هذه العالقة‬
‫املتوترة بني الطرفني تطرح إشكاال اجتماعيا وأزمة تواصل مع اآلخر الغري اإلنساين م دام موضوعا‪،‬‬
‫فاقد ملا هو إنساين ‪ ،‬لذا يصبح اآلخر يف تصور سارتر مصدر خطر ما دام وجوده يعين حلظة النفي‬
‫األول للذات مما يولد عالقة متوترة معه وأحيانا عالقة صراعية ما دام اآلخرون هم اجلحيم ‪،‬‬
‫فالتعامل معه واالجتاه إليه عبارة عن فعل بارد تغيب فيه اإلنسانية ‪ ،‬واإلحساس بالتعاطف ‪.‬‬
‫فاهلدف من هذه العالقة هو معرفة اآلخر وليس التعرف والتعارف معه ما دام اآلخر غري مؤهل‬
‫القامة فعل تواصلي حقيقي مع الذات ما دام موضوعا فاقد لإلرادة واحلرية وهو مصدر خطر‬
‫وغواية‪ ،‬والعالقة معه هي عالقة دائمة مسمومة ومتوترة ‪.‬‬
‫تصور مريلوبونيت ‪ :‬أن العالقة املعرفية املتأزمة والصراعية بني الذات واآلخر ليست هي العالقة‬
‫الوحيدة واملمكنة‪ ،‬وبسبب هذه األزمة هو نظرهتا لآلخر من زاوية العقل والفكر واحلساب القائم‬
‫على التجريد والتقسيم ‪.‬‬
‫لذا يؤكد بونيت أن معرفة الغري تقتضي مين التعاطف معه ‪ ،‬الن اآلخر وعي ال أستطيع معرفته إال‬
‫إذا اعتربته ذات إنسانية حيس ويفكر ويعي مما يعين قناة معرفته تكون عرب التعاطف معه ومشاركته‬
‫يف أحاسيسه والتفاعل معه يف دائرة ما هو إنساين ‪ ،‬فلكي اعرف وأتعرف على اآلخر علي أوال‬
‫معرفة ذايت لكي اعي اآلخرين ‪ .‬فمعرفة اآلخرين عن طريق العقل معناه إفقار وجودهم وتشيئهم‬
‫حيدد بونيت نظرة جديدة ملعرفة اآلخر‪ ،‬أو باألحرى التعرف عليه ليس من قناة املعرفة وإمنا عن‬
‫طريق التواصل والتفاعل واملشاركة احلية من خالل االنفتاح على الغري‪،‬الن العامل ليس هو ما أفكر‬
‫فيه ‪ ،‬لكن هو ما أعيشه ‪.‬‬
‫تصور جيل دولوز ‪Jill Deleuze‬‬
‫الغري يف رأي دولوز هو بنية ‪ Structure‬أو نظام العالقات والتفاعالت بني األفراد كأغيار‪،‬‬
‫فاإلنسان يف عالقته بالواقع حسب دولوز حياول تنظيم واقعه وادراك مكوناته من مجيع اجلهات‪،‬‬
‫وهو ما يفرتض وجود اآلخرين ليدركوا مامل تستطع الذات إدراكه فما ال أستطيع إدراكه يصبح‬
‫مرئيا من طرف الغري ‪ ،‬وبالتايل يصبح الغري هو بنية إدراكي ألنه يشاركين إدراك األشياء ويكمل‬
‫إدراكي هلا وكأنه يوجد كهامش على جمال إدراكي كمجال ممكن ‪ ،‬أما مسألة غياب اآلخر‬
‫فمعناه تطابق الوعي باملوضوع وبذلك ختتفي إمكانية اخلطأ ليس ألن اآلخر يشكل حمكمة الواقع‬
‫إمنا غياب اآلخر جيعل الوعي يلتصق باملوضوع وينطبق معه ‪.‬‬
‫احملور الثالث العالقة مع الغري‪:‬‬
‫سبق التأكيد على أن العالقة بني الذات والغري هي عالقة مركبة ومعقدة الن مضمون هذه العالقة‬
‫يرتاوح بني الصداقة والكراهية ‪ ،‬احلب والعداوة ‪ ،‬التعصب والتسامح الوفاء واخليانة ‪ ،‬إمجاال ميكن‬
‫احلديث عن منوذجني هلذه العالقة ‪ :‬العالقة اإلجيابية ‪ ،‬العالقة السلبية وبالتايل نتساءل ملاذا يرتبط‬
‫األنا باآلخر برباط الصداقة هل نباءا على غاية أم اعتباره غاية يف ذاته أم ألنه يشبهنا أم هو ضدنا ؟‬
‫أم هو مفيد لنا ‪ ...‬ويف نفس الوقت ملاذا نرفض اآلخر وحناول إقصاءه وتكون عالقتنا معه عالقة‬
‫صدام وكراهية ؟‬
‫معاجلة هذا اإلشكال من خالل التصورات الفلسفية اآلتية ‪:‬‬
‫يؤكد مالربانش ‪ :‬اكرب عقاب يل هو أن أعيش وحيدا يف اجلنة ‪ ،‬فاإلنسان كائن اجتماعي حيي وفق‬
‫جتربة العيش املشرتك كتجربة أساسية متيز العيش اإلنساين‪ ،‬فاإلنسان يف نظر ارسطو كائن سياسي‬
‫يعيش مع األخر جتربة التمدن مادامت جتربة الوحدة جتربة قاسية تفرض على الذات كعقوبة‪،‬‬
‫السجن االنفرادي أو النفي مثال ‪ ،‬فتجربة العيش املشرتك أو التمدن تعين أن يكون الفرد مدنيا حيي‬
‫حياة اجتماعية وحيرتم قوانني املدينة ويدافع عليها ويؤسس لعالقة الصداقة كفعل وكاختيار واعي‬
‫لذات باألخر يف عالقتها باألخر‪ ،‬غري أن الواقع االجتماعي واليومي يربز أن العالقات االجتماعية‬
‫ليست هي عالقة احرتام وتضامن كثريا ما يصبح العنف واإلقصاء والكراهية هي أساس العالقات‬
‫والتعامل اإلنساين عموما ميكن رصد منوذجني هلذه العالقة ‪ :‬العالقة اإلجابة الصداقة‪ ،‬العالقة‬
‫السلبية الغرابة‬
‫التصور األول العالقة اإلجابة مع األخر الصداقة منوذجا ‪.‬‬
‫تصور أفالطون ‪:‬‬
‫يناقش أفالطون العالقة مع األخر من خالل استحضار كل الصور املمكنة بني األنا واألخر يف‬
‫حماورة أفالطون ليزيس ‪ Lysis‬املخصص لبحث الصداقة ينطلق من فرضيات حيث أما أن يكون‬
‫أساس الصداقة التشابه أو التضاد أو أن تكون الصداقة هي حالة وجودية وسطى بعد إقصاء‬
‫االحتمالني يقر أن أساس الصداقة هو حالة وجودية بني الكمال املطلق والنقص املطلق‪ ،‬الن من‬
‫يتصف بالكمال املطلق ال حيتاج إىل اآلخر ومن يتصف بالشر املطلق تنتفي فيه الرغبة لفعل اخلري‪،‬‬
‫لذا فالصديق هو من حياول البحث عن اخلري والكمال والن الصداقة هي حمبة متبادلة بني األنا‬
‫والغري‪ ،‬فاألنا يبحث يف الغري عما يكمله‪.‬‬
‫فاملطلق يكون يف حالة اكتفاء وال حيتاج إىل الغري أما الصداقة فهي فعل حبت عن جري اكرب وكمال‬
‫أمسى بالتايل فهي عالقة حمبة متبادلة بني األخر واالنا تتجه حنو كسب مزيدا بني اخلري واحملبة‪ ،‬واحملبة‬
‫هي وسيلة لرتبية الروح على التأمل وحب التفكري واالنتقال من تأمل اجلسم إىل تأمل األفكار‬
‫اجلميلة ومنها إىل الفعال اجلميلة ‪.‬‬
‫تصور ارسطو‪:‬‬
‫ينضر ارسطو إىل الصداقة كقيمة عملية وجتربة مشرتكة بني أناس فضالء تعاش داخل املدينة فهي‬
‫فعل واقعي ال تقوم على الفالطوين أي تربية النفس على حب األفكار‪ ،‬وقد حدد ارسطو ثالثة‬
‫أنواع لصداقة ‪.‬‬
‫الصداقة املبنية على املنفعة والصداقة املبنية على املتعة وهدا النموذجني مؤقتني وسريعي الزوال تزول‬
‫الصداقة بزوال املنفعة أو املتعة‪ ،‬أما الصداقة احلقيقة فهي صداقة الفضيلة ‪ ،‬ألهنا تقوم على حمبة اخلري‬
‫واجلمال لذاته أوال‪ ،‬مث حمبة اخلري ألصدقائه ثانيا هذا النوع من الصداقة نادر جدا وتكوينه حيتاج‬
‫ملدة طويلة قد حنب الطبيب ليس لشخصه ولكن لطبه حمبة منفعة فالصداقة يف نظر ارسطو هي‬
‫ممارسة فعل احملبة باعتباره القرار احلر االختيار احلر بالعيش مع األخر‪.‬‬
‫‪L’AMITIE C’EST LE CHOIX LIBRE D’ETRE‬‬
‫‪ENSEMBLE ,C’EST LE CHOIX QUI FOND LA‬‬
‫‪COMMUNITE POLITIQUE‬‬
‫فالصداقة تعين فعـل املشاركـة واقتسـام جتربة حياة مشرتكة بلحظاهتـا السعيدة واحلزينة ‪AIMER‬‬
‫‪ C’EST PARTAGER‬بذلك تصبح الصداقة هي أساس بناء اجملتمع مرتابط ومنسجم ‪،‬‬
‫حتقيقها يشرتط وجود األخر احملب للخري‪ ،‬وليس األخر الشرير إهنا مساعدة األخر على الوجود أما‬
‫الكراهية فهي إقصاء األخر أو حىت العمل على إفنائه ‪ ،‬حب األخر لشخصه مساعدته على الوجود‬
‫وحب احلياة والعيش ومشاركته منط حياته الفاضلة‪ ،‬االستمتاع معه وحتمل املعاناة معه‪.‬‬
‫غري انه جيب اإلشارة إىل أن الصداقة مع األخر ال تتحقق إال بوجود ذات فاضلة الن الشرير ال‬
‫ميكن أن يصادق أحدا مادام يتصرف حتت توجيه رغباته‪ ،‬يعيش اضطرابا يف سلوكه أما اإلنسان‬
‫الفاضل فهو الذي يتصرف مبنطق العقل حيب اخلري لذاته كما حيب اخلري لصديق ‪.‬‬
‫العالقة السلبية مع األخر الغرابة منوذجا ‪ :‬والتصرف مبنطق اهلوية املعلقة ‪.‬‬
‫مثة رؤية فلسفية تنظر إىل األخر باعتباره مصدر شر وخطر يهدد وجود الذات مما يعين وجود‬
‫عالقة متوترة بني األنا والغري ‪/‬عالقة مسمومة‪.‬‬
‫نستحضر هذه االستشهادات ‪:‬‬
‫‪-‬ال أحد يولد عادال ‪.‬‬
‫‪-‬اإلنسان ذئب الخيه اإلنسان هوبز‬
‫‪-‬االمسان الكبرية خلقت لتآكل االمسان الصغرية حماورة غلوكون‬
‫‪-‬ال منارس العدالة إال رغما عنا حماورة غلوكون‬
‫‪-‬اآلخرون هم اجلحيم سارتر‬
‫إن معىن أن نعيش هو جوهريا أن ننهب وجنرح ونعتدي على الضعيف والغريب‪ .‬نيتشه‬
‫تضعنا هذه االستشهادات املوزعة على مساحة الفكر الفلسفي أمام إشكالية العالقة املتوترة مع‬
‫األخر باعتباره مصدر خطر وغواية لدا يصبح العنف واإلقصاء الطريق األمثل لتعامل معه ‪.‬‬
‫إذن النظر إىل األخر كغريب يعين التعامل معه مبنطق اهلوية املغلقة حيث اعتباره عدوا خيالف ويهدد‬
‫وحدة ومتاسك اجلماعة باعتباره كائن غريب ‪ ،‬لذا احلفاظ على وحدة اجلماعة ومتاسكها يستدعي‬
‫معاداته واحلذر منه ‪.‬‬
‫الغرابة إذن يف إطار العال قات االجتماعية املتداولة شعور قد تدفع األنا الفردية أو اجلماعية إىل‬
‫إقصاء الغري أو تدمريه أو الشعور بالعدوانية جتاهه أو على األقل مقابلته بالالمباالة والتهميش‪ .‬أن‬
‫الدوافع حنو الغريب هي يف الغالب دوافع سلبية‪ .‬إهنا تلك املواجهة الدائمة اليت تؤدي إىل دابة‬
‫االختالف لصاحل الذات ‪ ،‬فالتعامل مبنطق اهلوية املغلقة يعين اعتبار األخر الغريب خصم وعدو‬
‫جيب حماربته والقضاء عليه وهو ما يولد توترا وصراعا يف العالقات اإلنسانية ‪.‬‬
‫تصور جوليا كريستيفا ‪. Julia Kristéva‬‬
‫الغريب أو اآلخر يف حتديد كريستيفا يتحدد بكونه ليس ذلك القادم من بعيد‪ L’étranger‬ومن‬
‫خارج اجلماعة والذي يهدد وحدة ومتاسك وانسجام هذه اجلماعة ‪ ،‬فوحدة اجلماعة وانسجامها‬
‫ليس سوى مظهرا عاما خيفي وراءه تناقضات داخلية ‪ ...‬فاجلماعة تضم غرباء من داخلها قبل أن‬
‫يأيت الغريب اخلارجي املغاير ثقافيا ودينيا وعرقيا ‪.‬وهو ما يفيد التعامل مع األخر الغريب مبنطق‬
‫اهلوية املنفتحة على اعتبار ثقافة األخر تغين ثقافيت ‪ ،‬وتعدد الثقافات إغناء للتجربة البشرية ‪.‬‬
‫تصور كريستيفا يطرح قضية يف غاية األمهية وهي التأكيد على الطابع املفتوح للمجتمعات‬
‫املتطورة‪ ،‬فالتطور يقاس بقدر التسامح واالحرتام لكل اخلصوصيات‪ ،‬كما سيؤكد ذلك ال حقا‬
‫سرتاوت ‪.‬‬

You might also like