You are on page 1of 16

‫الثامنة ف العقار للمصلحة العامة‬

‫إعداد‬
‫الدكتور بكر بن عبد ال أبو زيد‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال ‪ ،‬وبعد ‪. . .‬‬
‫فإن العقود البية منتشرة ف كتب الحدثي وتفريعات الفقهاء ؛ كبيع مال الحتكر ‪،‬‬
‫والتسعي ‪ ،‬والشفعة ‪ ،‬وقسمة الجبار ‪ ،‬وبيع مال الفلس ‪ ...‬ونو ذلك ‪ ،‬ومنه الثامنة‬
‫ف العقار للمصلحة العامة ‪ ،‬العروف بلسان العصر باسم (نزع ملكية العقار للمصلحة‬
‫العامة) ‪.‬‬
‫وقد تكلم الفقهاء عليه قديًا وحديثًا ‪ ،‬وهذه أباث متصرة تلم شتات ما تناثر ف هذه‬
‫السألة لا لا من أهية ف العصر الراهن ‪ ,‬بل صارت تثل ظاهرة حضارية ف الدن‬
‫والقرى والمصار ‪ ،‬كتوسعة الساجد وإنشائها ‪ ،‬والطرق ومدها ‪ ،‬ونو ذلك ف‬
‫أعقاب تلبية متطلبات الضارة ومعايشتها ‪ ،‬ولهيتها ‪ ،‬أدخلت ف مشروع (وثيقة‬
‫حقوق النسان ف السلم) من أن الناس مسلطون على أملكهم ‪ ،‬ويوز لول المر‬
‫نزع اللك من مالكه لصلحة عامّة لقاء تعويض فوري عادل ‪.‬‬
‫وقد أدرت البحث فيها على ما يلي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬التعريف بفردات العنوان ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬تهيد عن اللكية ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬القيود الواردة عليها ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬الثامنة ف العقار للمصلحة العامة ‪.‬‬
‫__________‬
‫وفيه ستة فروع ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬وقائعها على مدى العصور السلمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬كلم الفقهاء فيها ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أدلتها ‪.‬‬
‫‪ - 4‬شروطها ‪.‬‬
‫‪ - 5‬موقف الالك منها ‪.‬‬
‫‪ - 6‬حكم نزع العقار من مالكه ليتملكه آخرون ‪.‬‬
‫فإل بيانا ‪:‬‬
‫أولًا ‪ :‬التعريف بفردات العنوان ‪.‬‬
‫هذا العنوان (نزع ملكية العقار للمصلحة العامة) اصطلح حادث ف العصر الاضر ‪،‬‬
‫وهو لدى الفقهاء ينطوي تت ما يطلقون عليه (‪: )1‬‬
‫ا ‪ -‬العقود القهرية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الكراه بق ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الكراه الائز ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الب اللل ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الب الشرعي ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬نزع ملكية العقار للمصلحة العامة للشيخ عبد العزيز بن عبد النعم ص‬
‫‪. 437‬‬
‫ومن مفرداته ‪ :‬الشفعة ‪ ،‬التسعي ‪ ،‬بيع مال الحتكر ‪ ،‬بيع مال الفلس ‪ ،‬جب غي‬
‫السلم على بيع عبده السلم ‪ ،‬قسمة الجبار ‪ ،‬إجبار مالك رقيق أو حيوان ببيعه إذا ل‬
‫ينفق عليه ‪ . . .‬وهكذا ف عدة فروع منتشرة ف عدد من أبواب الفقه ‪.‬‬
‫فيتبقى التعريف بأمرين ‪:‬‬
‫‪ -1‬اللك‬
‫‪ -2‬الصلحة العامة ‪.‬‬
‫أما اللك فهو ف اصطلح الفقهاء ‪:‬‬
‫اتصال شرعي بي النسان وبي شيء يكون مطلقًا لتصرفه فيه ‪ ،‬وحاجزا عن تصرف‬
‫غيه فيه (‪. )1‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال تعال (‪: )2‬‬
‫(اللك ‪ :‬هو القدرة الشرعية على التصرف ف الرقبة) ‪.‬‬
‫ومدار اللك ف تعريفاتم على الشرعية ف أسبابه ‪ ،‬فحيث يكون ملكًا شرعيا تترتب‬
‫عليه آثاره (حقوق التملك) الشرعية‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫الصلحة العامة ‪:‬‬
‫أصبح نزع ملكية العقار لعموم الصلحة ف أي بلد يشكل ظاهرة حضارية ف العصر‬
‫الراهن ‪ ,‬وذلك لتحقيق مصال اللق الضرورية ف أعقاب تغي وجوه التعايش ‪،‬‬
‫وظهور الخترعات من السيارات والقطارات ونوها ‪ ،‬لتسهيل سبل التعايش وتوفي‬
‫المن ونو ذلك من الصال ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬تذيب الفروق ‪. 234 /4 ،‬‬
‫(‪ )2‬الفتاوى الكبى ‪347 ، 114 /3‬‬

‫ومنه ‪ :‬بناء الساجد ‪ ،‬وتوسعتها ‪ ،‬وإياد اليادين ‪ ،‬ومد الطرقات ‪. . .‬‬


‫والصلحة على مراتب ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬الصلحة ف الضروريات ‪ :‬بتوفي ما يفظ للناس ضروريات حياتم المس‬
‫الشهورة ‪ :‬حفظ الدين ‪ ،‬والنفس ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬والنسل ‪ ،‬والال ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الصلحة ف الاجيات ‪ :‬وهي ما يتاجه الناس للتوسعة ‪ ،‬ورفع الضيق والرج ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الصلحة ف التحسينات ‪ :‬وهي الخذ با يليق ف ماسن العادات ‪ ،‬ومكارم‬
‫الخلق ‪.‬‬
‫الصلحة العامة ‪:‬‬
‫تتاز الصلحة العامة عن الصلحة الاصة بالشمول وعموم النفع ‪ ،‬فلذا كانت أول‬
‫بالتقدي وعموم النفع ‪ ،‬سواء كان عمومها لهل بلد أو حي ‪ ,‬أو إقليم أو ملكة من‬
‫المالك ‪ ،‬وهكذا كلما كان اتساع نفعها كان تقيقها ورعاية تصيلها ألزم وأول ‪.‬‬
‫وال أعلم ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬تهيد عن اللكية ‪:‬‬
‫با أن اللكية الفردية للشياء وحيازتا والختصاص با غريزة طبيعية لبن آدم ‪ ،‬فقد‬
‫واكبته منذ عهد ابن آدم عليه السلم ‪ ،‬كما قال ال تعال ‪:‬‬
‫ح ّق ِإذْ َق ّربَا ُق ْربَانًا فَُتقُّب َل ِمنْ َأ َحدِهِمَا َولَ ْم يَُتقَّبلْ ِمنَ اْل َآخَرِ‬
‫{ وَاْتلُ عَلَ ْي ِهمْ نََبَأ ابْنَيْ َآدَ َم بِالْ َ‬
‫ي } [الائدة ‪. ]27 :‬‬
‫ك قَا َل إِنّمَا يََتقَّبلُ ال ّلهُ مِ َن الْمُّتقِ َ‬
‫قَا َل َلأَقْتُلَّن َ‬
‫وقد ذكر الفسرون ‪ :‬ابن كثي ‪ ،‬والقرطب ‪ ،‬وغيها أن ‪ :‬هابيل كان صاحب غنم ‪،‬‬
‫وقابيل كان صاحب زرع ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫__________‬

‫وقال تعال متنا على خلقه ‪َ { :‬أوََل ْم َيرَوْا َأنّا خَ َلقْنَا لَ ُه ْم مِمّا عَمِلَتْ أَْيدِينَا َأْنعَامًا َف ُهمْ َلهَا‬
‫مَاِلكُونَ } [ يس ‪]71:‬‬
‫وبتطور النوع النسان وتكاثره تولدت اللكية الماعية ‪ ،‬لتشابك مصالها وتبادلا ‪,‬‬
‫ونشأت أيضًا اللكية العامة الت يرتفق با الميع دون استثناء ‪ ,‬مثل ‪ :‬الطرقات ‪ ،‬وما‬
‫على الرض من كل وما ف البحار من صيد ‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬
‫وما زال بنو آدم على هذا النوال تري عليه حياتم الفردية ‪ ،‬والماعية والعامة ‪.‬‬
‫وف خصوص العرب كانت هذه جارية لديهم ف جزيرتم يتعاملون با ‪ ,‬ويأخذون‬
‫بأسباب التملكات الفردية مثلًا من ‪ :‬البيع ‪ ،‬والشراء ‪ ،‬والرث ‪ ،‬والتوارث ‪ ،‬وهكذا‬
‫‪.‬‬
‫فلما جاء ال بالسلم علم منه بالضرورة (التملك) ف حدود ‪ :‬قواعد ‪ ،‬وضوابط ‪،‬‬
‫ومعال ‪ ،‬يتوارث العلم والعمل با عامة السلمي من ميدان التشريع والتطبيق ف‬
‫الباحثات كافة من منقول وغي منقول بأسباب نصبها ال تعال ‪ ،‬موجبة للتملك ‪ :‬من‬
‫الحياء ‪ ،‬والتحويط ‪ ،‬والرث ‪ ،‬والوصية ‪ ،‬والبة ‪ ،‬والبيوعات ‪ ،‬ونوها من (أسباب‬
‫التملك) ف إطار الشرع الطهر ‪ ,‬فل يوز الخذ بسبب التملك من الحرمات‬
‫وشوائبها ؛ كالربا والغش ‪ ،‬والغتصاب ‪ ،‬ونو ذلك ‪.‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬يَا َأيّهَا الّذِينَ َآمَنُوا اتّقُوا ال ّلهَ َوذَرُوا مَا َب ِقيَ ِم َن ال ّربَا إِنْ ُكنُْتمْ ُم ْؤمِنِيَ‬
‫س َأمْوَالِ ُكمْ‬
‫ب ِمنَ ال ّلهِ وَ َرسُوِل ِه وَإِ ْن تُبُْت ْم فَ َلكُمْ رُءُو ُ‬
‫ح ْر ٍ‬
‫(‪َ )278‬فإِنْ َل ْم َتفْعَلُوا َف ْأ َذنُوا بِ َ‬
‫لَا تَظْلِمُو َن َولَا تُظْلَمُو َن } [ البقرة ‪. ] 279 ، 278 :‬‬
‫__________‬
‫وصانه عن اعتداء الغي عليه ‪ ,‬فقال سبحانه ‪َ { :‬ولَا َتأْكُلُوا َأمْوَالَ ُكمْ بَيَْن ُكمْ بِالْبَا ِطلِ }‬
‫[ البقرة ‪. ]188 :‬‬
‫كما فصل سبحانه آثاره (حقوق التملك) من التوارث ‪ ،‬والزكوات ‪ ،‬والصدقات ‪،‬‬
‫والقوق ‪ ،‬والرتفاق ‪ ،‬والنتفاع ‪ .‬وهلم جرا ‪ ،‬ما يتسب حاية وصيانة لذا التشريع‬
‫ف التملك ‪ ،‬وتصرف مالكه به ‪ ،‬وإباحة استعماله بوجوه ( حقوق التملك ) من ‪:‬‬
‫الستعمال ‪ ،‬والستغلل ‪ ،‬والتصرف ‪ ،‬مشمولة بصفت الطلق والدوام ف إطار‬
‫التشريع الطهر ‪ ،‬فل يوز استعمال (حق التملك) ف مرم مثلًا ‪.‬‬
‫وقد تواردت نصوص الشرع الطهر من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي ال‬
‫عنهم ‪ ،‬وأقضيتهم على هذه الصول العظيمة الت تعل النوع النسان يعيش ف ظل‬
‫حياة رغيدة على صراط مستقيم مصونًا من الكاسب الحرمة الت فصلها ال سبحانه ‪,‬‬
‫ص َل لَ ُك ْم مَا َحرّمَ عَلَ ْي ُكمْ } [ النعام ‪ . ] 119 :‬وزجر عنها‬
‫فقال لعباده ‪َ { :‬و َقدْ فَ ّ‬
‫سهِ } [ النساء ‪:‬‬
‫ب ِإثْمًا َفِإنّمَا يَ ْكسُِبهُ عَلَى َن ْف ِ‬
‫وعن كل إث ‪ ,‬فقال تعال ‪ { :‬وَ َم ْن يَ ْكسِ ْ‬
‫‪ . ] 111‬مفوفًا بوجوه البذل اللزامية الت ل تحف بالالك وملكه والطوعية الت‬
‫تنبئ عن شرف نفسه وتساعد على بقاء جنسه ‪ ،‬ولذا كانت النفقات الشرعية زكاة‬
‫وطهرة وناء ‪ ،‬فسبحان من شرع فأحكم با نى عنه ‪ ،‬وأمر وألزم ‪.‬‬
‫__________‬

‫ولذا بسط العلماء أحكام التملك وآثاره ف مؤلفاتم الديثية والفقهية وغيها ‪ .‬فإل‬
‫بيان ما يتعلق منها بنع اللكية للمصلحة العامة ‪:‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬القيود الواردة على اللك ف (أسبابه وحقوقه) ‪:‬‬
‫دل الستقراء لنصوص الشرع على أن هذه اللكية بقدر ما فيها من إطلق وثبات‬
‫ودوام لسباب تلكها وحيازتا والختصاص با ف قالب الشرع ‪ ،‬فإن هذا الالك له‬
‫حق الستعمال والستغلل والتصرف ببيع ونوه ف حدود الشرع ‪ ،‬برعاية حقوق ال‬
‫وحقوق عباده على كل الالي ‪.‬‬
‫والشرع قد دل ف مصادره وموارده على صيانة الالك وحايته ف حقه وأسبابه ‪,‬‬
‫باعتباره مالكًا مسالًا يعايش إخوانه السلمي ‪ ،‬ويعيش لبنة بناء لرعاية مصالهم‬
‫وتوفيها ف ميط جواره وأقاربه وأهل حيه وأهل بلده وعامة السلمي ‪ ,‬وهذا ما‬
‫يندرج تت قاعدت الشريعة من (تمل الضرر الاص لدفع الضرر العام) و(الضرر‬
‫الشد يزال بالضرر الخف) ونوها من قواعد دفع الضرر والترجيح بي الصال ‪.‬‬
‫ولذا دل الستقراء على ورود قيود على (أسباب التملك) و(حقوقه) من جهات‬
‫ثلث ‪:‬‬
‫‪ -1‬قيود لصلحة الالك نفسه ‪.‬‬
‫‪ -2‬قيود لصلحة فرد آخر أو أفراد‪.‬‬
‫‪ -3‬قيود لصلحة السلمي عامة ‪.‬‬
‫__________‬
‫وإيضاحها كما يلي على وجود تداخل وتلزم ف بعضها ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬قيود لصلحة الالك نفسه ‪ ،‬فل يوز كسبها من مرم كالمر ‪ ,‬ول صرفها‬
‫فيه‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬قيود لصلحة الغي من الفراد ‪ ،‬فل يوز كسبها باغتصاب مال الغي ‪ ،‬ول‬
‫استغللا با يضر الغي كالوار ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬قيود لصلحة السلمي عامة ‪ ،‬وهي الت ل تتص بواحد معي ‪ ،‬أو جاعة‬
‫معيني ‪ ,‬فل يوز أن يتملك مرافق السلمي العامة ؛ كالطرق ‪ ،‬والرحاب ‪ ،‬والعادن ‪،‬‬
‫والراعي ‪ ،‬وسوح الديار ‪.‬‬
‫ولذا صار لثبوت التملك شرعًا بالحياء شروطه العتبة شرعًا عند الفقهاء ‪ ،‬كالنهي‬
‫عن تلقي اللب ‪ ،‬وبيع حاضر لباد ‪ .‬وهكذا ‪.‬‬
‫وعند التزاحم للمصال العامة والاصة يرجح بينها ‪ ,‬فتغلب الصلحة الراجحة على‬
‫الرجوحة ‪ ,‬والعامة على الاصة ‪ ،‬سواء كانت عن طريق التحقيق والياب بإيادها ‪,‬‬
‫مثل حاجة البلد إل نزع عقار من ملك مالكه لبناء مسجد للكافة ‪ ,‬أو قنطرة ونو‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫أو عن طريق الدفع للذى والضرر عن السلمي ؛ كمنع الالك من استعمال عقاره‬
‫الملوك له ف وسط بلدة أو حي بآلت ذات أصوات مزعجة ‪ ،‬أو فيها ماطر ‪ ،‬أو‬
‫مصنع للسنت أو لواد ذات روائح كريهة ‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬
‫__________‬

‫رابعًا ‪ :‬الثامنة ف العقار للمصلحة العامة ‪:‬‬


‫وفيه الباث التية ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬وقائعها على مدى العصور السلمية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬كلم الفقهاء فيها ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أدلتها ‪.‬‬
‫‪ - 4‬شروطها ‪.‬‬
‫‪ - 5‬موقف الالك منها ‪.‬‬
‫‪ - 6‬حكم نزع اللك ليتملكه آخرون ‪ .‬وهذا بيانا ‪:‬‬
‫الفرع الول ‪ :‬تاريخ نزع ملكية العقار وجلة من وقائعها على توال العصور ‪.‬‬
‫التاريخ التشريعي لنع ملكية العقار لصلحة السلمي العامة هو من أول يوم هبطت‬
‫فيه قدما النب صلى ال عليه وسلم ؛ مهاجرة ( الدينة النبوية النورة ) ‪.‬‬
‫ا ‪ -‬ففي صحيح البخاري وغيه (‪( : ، )1‬قصة مهاجرة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫ومعه الصديق أبو بكر رضي ال عنه إل الدينة ‪ ,‬وفيه بروك راحلة النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ف موضع السجد اليوم‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬صحيح البخاري ‪ ، 61 /5 :‬جامع الترمذي ‪ ، 121 /2 .‬أسد الغابة ‪/1 :‬‬
‫‪ ، 86‬الصابة ‪ ،‬طبقات ابن سعد ‪.4 /2‬‬

‫وهو مربد مر ‪ :‬لسهل وسهيل غلمي يتيمي ف حجر أسعد بن زرارة ‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم حي بركت به راحلته ‪ (( :‬هذا إن شاء ال النل ‪ ،‬ث دعا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم الغلمي ‪ ،‬فساومهما بالربد ‪ ،‬ليتخذه مسجدًا ‪ ،‬فقال‬
‫‪ :‬بل نبه لك يا رسول ال ‪ ،‬فأب رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يقبله منهما هبة ‪,‬‬
‫حت ابتاعه منهما ‪ ،‬ث بناه مسجدًا )) اهـ ‪.‬‬
‫‪ - 2‬مثامنة النب صلى ال عليه وسلم لبن النجار ف حائطهم لبناء مسجده صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫(عن أنس رضي ال عنه قال ‪ :‬أمرن النب صلى ال عليه وسلم ببناء السجد ‪ ,‬فقال ‪:‬‬
‫(( يا بن النجار ثامنون بائطكم هذا قالوا ‪ :‬ل وال ‪ ,‬ل نطلب ثنه إل إل ال ‪. )) .‬‬
‫رواه البخاري (‪)1‬‬
‫‪ - 4 ، 3‬توسعته صلى ال عليه وسلم لسجده الشريف ‪ .‬وشراء بئر رومة لسقيا‬
‫السلمي عامة ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬فتح الباري ‪ ، 525 /1 :‬باب ‪ ، 48‬الصلة ومواضع أخرى ف البيوع وغيها ‪.‬‬
‫عن ثامة بن حزن القشيي قال ‪:‬‬
‫" شهدت الدار حي أشرف عليهم عثمان رضي ال عنه ‪ ,‬فقال ‪ :‬ائتون بصاحبيكم‬
‫اللذين ألباكم علي ‪ ،‬قال ‪ :‬فجيء بما كأنما جلن ‪ ،‬أو كأنا حاران ‪ ،‬قال ‪ :‬فأشرف‬
‫عليهم عثمان ‪ ,‬فقال ‪ :‬أنشدكم بال والسلم ‪ ،‬هل تعلمون أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قدم الدينة وليس ماء يستعذب غي بئر رومة ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ (( :‬من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلء السلمي بي له منها ف النة ؟‬
‫فاشتريتها من صلب مال ‪ ،‬فأنتم اليوم تنعون أن أشرب منها حت أشرب من ماء‬
‫البحر ‪ ،‬قالوا ‪ :‬اللهم نعم ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬أنشدكم بال والسلم ‪ ,‬هل تعلمون أن السجد ضاق بأهله ‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬من يشتري بقعة آل فلن فيزيدها ف السجد بي له منها ف‬
‫النة ‪ ,‬فاشتريتها من صلب مال ‪ )) .‬رواه الترمذي (‪. )1‬‬
‫‪ - 5‬مع بن ساعدة ف مكان مقابرهم سوقًا للمسلمي (‪: )2‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬جامع الترمذي ‪ ،‬رقم ‪ . 3787‬وقصة بئر رومة أصلها ف صحيح البخاري ‪،‬‬
‫وسنن النسائي وغيها ‪ .‬انظر فتح الباري ‪. 409 - 406/ 5‬‬
‫(‪ )2‬وفاء الوفاء ‪.748 /2‬‬
‫فقد خرج السنهوري ‪ ،‬عن تاريخ ابن زبالة بسنده عن عباس بن سهل ‪ ,‬عن أبيه ‪:‬‬
‫(( أن النب صلى ال عليه وسلم أتى بن ساعدة ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن جئتكم ف حاجة ‪،‬‬
‫تعطون مكان مقابركم ‪ ،‬فأجعلها سوقًا ‪ ,‬وكانت مقابرهم ما حاذت دار ابن أب ذئب‬
‫إل دار زيد بن ثابت ‪ ،‬فأعطاه بعض القوم ‪ ،‬ومنعه بعضهم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬مقابرنا ‪ ،‬ومرج‬
‫نسائنا ‪ .‬ث تلوموا ‪ ،‬فلحقوه وأعطوه إياه ‪ ,‬فجعله سوقًا ‪ )) .‬اهـ ‪.‬‬
‫ف عصر اللفاء الراشدين ‪:‬‬
‫وقد حفظت كتب الديث والسي ‪ ،‬وتاريخ الرمي الشريفي ‪ ،‬وغيها من كتب‬
‫التاريخ العامة وقائع متعددة ف توسعة الرمي لا ضاقا بالصلي ونزع ملكيات الدور‬
‫الحيطة لذلك ف عصر اللفاء الراشدين رضي ال عنهم ‪ ,‬فمن أصحاب الدور من‬
‫تصدق با ول يقبل العوض ‪ ،‬ومنهم من ثامنوه فقبله ‪ ،‬ومنهم من بيعت عليه جبًا‬
‫لتوسعة السجد ‪.‬‬
‫الوقائع ف هذا ف عصر اللفاء الراشدين وغيهم من الصحابة رضي ال عنهم يطول‬
‫البحث بسياقها ‪ ,‬لكن أذكر رؤوس السائل لا مع الدللة على مصادرها ‪ ,‬ليقف‬
‫الراغب عليها ف مظانا ‪ ,‬وال الوفق ‪.‬‬

‫‪ -1‬توسعة الليفة الراشد عمر بن الطاب رضي ال عنه للمسجد النبوي الشريف ‪,‬‬
‫أخرجها ابن سعد ف الطبقات ‪ ، 14 ، 13/ 4 :‬السنن الكبى للبيهقي ‪.168 /6 :‬‬
‫وانظر وفاء الوفاء ‪. 488 ، 483 ،482/ 2 :‬‬
‫‪ - 2‬توسعته رضي ال عنه للمسجد الرام ‪:‬‬
‫انظر فيها ‪ :‬أخبار مكة للزرقي ‪ , 55 - 54 /2 :‬الذهب السبوك للمقريزي ‪14‬‬
‫وفيه ‪:‬‬
‫(وف سنة سبع عشرة اعتمر عمر رضي ال عنه ‪ ،‬وبن السجد الرام ‪ ،‬ووسع فيه ‪،‬‬
‫وأقام بكة عشرين ليلة ‪ ،‬وهدم على قوم أبوا أن يبيعوا دورهم ‪ ،‬وعوضهم أثانا من‬
‫بيت الال ) اهـ ‪.‬‬
‫وف مموع هذه الوقائع عن عمر رضي ال عنه ‪ ,‬أن نزع الدور إما بالبيع لقاء تعويض‬
‫عادل ‪ ,‬أو هبة الالك لداره ‪ ,‬أو تصدقه با لسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪,‬‬
‫أو البيع على صاحبها جبًا وهدم الدار عند امتناعه ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬سجن عارم ف مكة ‪ .‬وشراء دار له ف خلفة عمر رضي ال عنه ‪ ,‬كما ف ‪:‬‬
‫مصنف عبد الرزاق ‪ ،‬وابن أب شيبة ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬والبخاري معلقًا ‪ .‬انظر ‪ :‬فتح‬
‫الباري ‪. 75 /5 :‬‬
‫__________‬

‫‪ - 4‬توسعة الليفة الراشد عثمان رضي ال عنه للمسجد النبوي الشريف ‪ .‬كما ف‬
‫فتح الباري ‪ ، 408/ 5:‬وفاء الوفاء ‪. 502/ 2 :‬‬
‫‪ - 5‬توسعة ابن الزبي رضي ال عنه للمسجد الرام ‪ .‬كما ف تاريخ مكة للزرقي ‪/2‬‬
‫‪55‬‬
‫‪ - 6‬توسعة السجد النبوي الشريف ف عهد إمارة عمر بن عبد العزيز رحه ال تعال‬
‫بأمر عبد اللك بن مروان ‪ .‬كما ف الذهب السبوك للمقريزي ‪ :‬ص ‪.30‬‬
‫وف الب ‪:‬‬
‫(فقوم عمر بن عبد العزيز الملك قيمة عدل ‪ ،‬وأعطى الناس أثانا) اهـ ‪.‬‬
‫والب بطوله مفصل ف تاريخ ابن النجار ص ‪. 84 - 81‬‬
‫‪ - 7‬توسعة الوليد بن عبد اللك للمسجد النبوي الشريف ‪ .‬كما ف السي للذهب ‪2‬‬
‫‪ .218/‬وابن كثي ‪ 77/ 9 ،273/ 5 :‬وفاء الوفاء ‪.513/ 2 :‬‬
‫‪ - 8‬توسعة السجد الرام ف عهد أب جعفر النصور م ‪ .‬سنة ‪ 158‬هـ ‪ ,‬كما ف‬
‫أخبار مكة للزرقي ‪ .57/ 2:‬وتاريخ ابن كثي ‪.42/ 14 - 149 ، 74 /10 :‬‬
‫__________‬
‫‪ - 9‬توسعة السجد الرام ف زمن الهدي م ‪ ,‬سنة ‪ 169‬هـ ‪ .‬كما ف السي للذهب‬
‫‪ . 402/ 7‬تاريخ ابن كثي ‪132/ 10 :‬‬
‫‪ -10‬توسعة جامع قرطبة ف ولية عبد الرحن بن معاوية بن هشام بن عبد اللك بن‬
‫مروان م ‪ .‬سنة ‪ 172‬هـ رحه ال تعال ‪ .‬كما ف سي أعلم النبلء ‪- 220 /8:‬‬
‫‪.221‬‬
‫‪ - 11‬توسعة السجد النبوي ف عهد بيبس عام ‪ 668‬هـ ‪ .‬كما ف ‪ :‬تاريخ ابن‬
‫كثي ‪.256/ 13‬‬
‫وهكذا ف وقائع يطول ذكرها وسياقها ‪ ،‬ولينظر على سبيل الثال ‪:‬‬
‫سي أعلم النبلء ‪ . 221 /8 ، 379 / 3 ، 218/ 2 :‬النتظم ‪. 212/ 10 :‬‬
‫تاريخ ابن كثي‪ .‬ذيل الروضتي ‪ :‬ص ‪ . 87‬الصابة ‪ . 204/ 3 :‬معال اليان ‪/2 :‬‬
‫‪. 38 - 37‬‬
‫الفرع الثان ‪ :‬كلم الفقهاء ف هذه السألة (‪: )1‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر ف نزع اللكية للمصلحة العامة عند العلماء ‪ .‬فتاوى قاضيخان‪، 293 /4 :‬‬
‫شرح علي حيدر على الجلة ‪ ، 245/ 3:‬وفاء الوفاء ‪.501 ، 500 ، 482 /2 :‬‬

‫ل يصل الوقوف على خلف يؤثر ف جواز نزع ول المر أو نائبه أي ملك فردي أو‬
‫مشترك لتحقيق مصلحة عامة تعود على السلمي بالنفع لتوسعة الطرق والساجد‬
‫ونوها ‪.‬‬
‫بل تكاد تتفق كلمتهم على ذلك ‪ ،‬وأن هذا من الكراه بق ‪ ,‬وأكتفي بنص واحد من‬
‫كل مذهب من الذاهب الربعة (‪: )1‬‬
‫ا ‪ -‬ف حاشية الشلب على شرح الكن للزيلعي ‪:‬‬
‫(ولو ضاق السجد على الناس وبنبه أرض لرجل ‪ ،‬تؤخذ أرضه بالقيمة كرهًا‪ ،‬ولو‬
‫كان بنب السجد أرض وقف على السجد ‪ ,‬فأراد أن يزيدوا شيئًا ف السجد من‬
‫الرض ‪ ,‬جاز ذلك بأمر القاضي) اهـ ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وقال الطاب ‪:‬‬
‫(من الب الشرعي ‪ :‬جب من له ريع يلصق السجد ‪ ،‬وافتقر لتوسيع السجد به على‬
‫بيعه لتوسيع السجد ‪ ) ...‬اهـ ‪.‬‬
‫ويأت كلم الشاطب الالكي ف ‪ :‬مبحث الشروط ‪.‬‬
‫‪ -3‬ف الحكام السلطانية للماوردي ذكر فعل عمر رضي ال عنه ف توسعة الرمي‬
‫الشريفي ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظرها مموعة مررة ف نزع ملكية العقار للمصلحة العامة ‪ :‬ص ‪450 - 437‬‬
‫للشيخ ابن عبد النعم ‪.‬‬

‫‪ -4‬وللحنابلة ف منصوص المام أحد رحه ال تعال ‪ ،‬ويأت كلم ابن القيم رحه ال‬
‫تعال ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬ف أدلتها ‪:‬‬
‫والدلة فيها ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬عمل النب صلى ال عليه وسلم وعمل خليفتيه الراشدين ‪ ،‬عمر وعثمان رضي ال‬
‫عنهما ‪ ،‬وعمل ابن الزبي رضي ال عنه ‪.‬‬
‫وتوارث العمل بذلك إل عصرنا من غي نكي ‪ ,‬وعليه تواردت كلمة الفقهاء رحهم‬
‫ال تعال ‪.‬‬
‫‪ - 2‬دخولا تت قواعد الشريعة العامة ف نفي الضرر ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تمل الضرر الاص لدفع الضرر العام ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الضرر الشد يزال بالضرر الخف ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الشريعة جاءت بتحصيل القاصد وتكميلها ‪ ,‬وتعطيل الفاسد وتقليلها ‪.‬‬
‫وال أعلم ‪.‬‬
‫__________‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬شروطها ‪:‬‬


‫ف ضوء ما تقدم يكن تصنيف شروط نزع ملكية العقار للمصلحة العامة على ما يلي‬
‫‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون نازع العقار ول المر أو نائبه فيه ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون نزعه لصلحة عامة ‪.‬‬
‫وهي كما تقدم الت يستفيد منها عموم اللق ؛ كالساجد والطرقات ‪ ،‬واليادين‬
‫ونوها ‪ ،‬وكلما اتسعت دائرة النتفاع ‪ ,‬كانت الضرورة إليها أشد ‪ ,‬فتوسعة السجد‬
‫الرام ‪ ،‬أو السجد النبوي الشريف ليست كتوسعة مسجد حي من أحياء السلمي ‪.‬‬
‫وهكذا ‪.‬‬
‫قال الشاطب رحه ال تعال (‪: )1‬‬
‫( الصال العامة مقدمة على الصلحة الاصة ‪ ،‬وقد زادوا ف مسجد رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم من غيه ما رضي أهله ‪ ،‬وما ل ‪ .‬وذلك يقضي بتقدي مصلحة العموم‬
‫على مصلحة الصوص ‪ ,‬ولكن بيث ل يلحق الصوص مضرة ) اهـ ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يكون نزعه مقابل بذل عوض عادل ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬الوافقات ‪. 275 /2 :‬‬
‫وبذله على مرتبتي ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬مساومة الالك ومثامنته كما تقدم ف حديث أنس رضي ال عنه ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬التقوي العادل ف حال امتناع الالك ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون العوض فوريا ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫الفرع الامس ‪ :‬موقف اللك منها ‪:‬‬
‫من السلمات ف الشرع الطهر أن اللك مسلطون على أملكهم ‪ ,‬فل ينتقل اللك من‬
‫مالكه إل عن رضا واختيار ‪ ،‬قال ال تعال ‪ { :‬لَا تَأْكُلُوا أَ ْموَاَلكُ ْم بَيَْن ُكمْ بِالْبَا ِط ِل ِإلّا أَنْ‬
‫ض مِ ْن ُكمْ } [ النساء ‪] 29 :‬‬
‫تَكُو َن تِجَا َرةً َع ْن َترَا ٍ‬
‫وف الديث أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ (( :‬ل يل مال امرئ مسلم إل بطيب‬
‫نفس منه )) ‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحه ال تعال (‪: )1‬‬
‫(الناس مسلطون على أموالم ‪ ،‬ليس لحد أن يأخذها أو شيئًا منها بغي طيب‬
‫أنفسهم ‪ ،‬إل ف الواضع الت تلزمهم الخذ فيها ) اهـ ‪.‬‬
‫ومن الواضع اللزمة الت ترد على هذا التصرف الطلق ‪ :‬نزع اللك للمصلحة العامة‬
‫من باب ترجيح الصال العامة على الاصة ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬الطرق الكمية ‪ :‬ص ‪. 256‬‬

‫قال ابن القيم رحه ال تعال ‪:‬‬


‫(يوز إخراج الشيء من ملك صاحبه قهرًا بثمنه للمصلحة الراجحة ) اهـ ‪.‬‬
‫والصلحة الراجحة ما كانت للعامة كما يعلم ما تقدم من وقائع الثامنة على اللكية ‪،‬‬
‫وكلم الفقهاء ‪.‬‬
‫وعليه ‪ :‬فإن الالك الذي يقع ملكه ف دائرة ما يراد نزعه لتحقيق مصلحة عامة ‪,‬‬
‫ينبغي أن يبيع ذلك اللك عن رضا واختيار ؛ تقيقًا للمصلحة العامة ‪ ،‬كتوسعة مسجد‬
‫أو سابلة ونوها ‪ ،‬مت كان ذلك البيع لقاء عوض عادل فوري ل وكس ول شطط ‪.‬‬
‫وهذا ما قررته ( وثيقة حقوق النسان ف السلم ) ‪.‬‬
‫وإنه إذا ل يرض وامتنع فيكون تنعه غي مشروع ‪ ,‬فيجبه ول المر أو نائبه بذلك ‪,‬‬
‫وينع منه ملكه (للمصلحة العامة) لقاء تعويض فوري عادل ‪ ،‬لتحقيق مصلحة عموم‬
‫اللق ‪.‬‬
‫فهذا من الكراه بق ‪ ،‬وقد تقدم ف وقائع نزع اللكية على مدى العصور أمثلة لذا ‪.‬‬
‫وله نظائر لدى الفقهاء ف (العقود البية) كما تقدم ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫الفرع السادس ‪ :‬ف حكم نزع اللكية الفردية أو الوقوفة ليتملكها ويستثمرها آخرون‬
‫‪.‬‬
‫__________‬

‫قد علم من الشرع بالضرورة حرمة مال السلم ‪ ,‬وأنه ل سلطان لغي مالكه عليه ‪،‬‬
‫وأن نزع العقار جبًا على مالكه مقيد بشروط وضوابط يلزم توفرها ليصح الشروط ‪،‬‬
‫وإل فيكون باطلًا وجبًا بغي حق ‪ ،‬ومن هذه الشروط ‪ ،‬بل هو أساسها الشد ‪ :‬أن‬
‫يكون العقار ( للمصلحة العامة ) ‪ ,‬والعقار الذي ينع من يد مالكه أو واقفه ليتملكه‬
‫آخرون يفتقد الشرط الذكور ( الصلحة العامة ) ‪ ,‬فيكون هذا من باب الظلم لفرد له‬
‫الصفة الكاملة الطلقة ف ملكه استعمال واستغلل وتصرفًا ‪ ,‬ث تنع ليد أجنب عنها‬
‫ليستغلها ‪ ,‬مثلًا فهذا تصرف ينابذ مشروعية التملك وحقوقه ‪ ،‬وهو من التظال‬
‫والغصوب الت نى ال عنها ورسوله ‪ ،‬ول يقرها أهل العلم واليان و (( كل السلم‬
‫على السلم حرام ‪ :‬دمه وماله وعرضه )) ‪ .‬والاصل أن هذا النوع من التصرف‬
‫تنسحب عليه أحكام ( الغصب ) وأن إقراره بوابة الولوج ف التيار الادي العاصر من‬
‫أن اللكية الفردية شر ‪ ،‬تشل فعاليته ويصر ف أضيق الدود ‪.‬‬
‫اللهم فاحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ‪ ،‬ودنيانا الت فيها معاشنا ‪ ،‬وآخرتنا‬
‫الت إليها معادنا ‪ .‬وصلى ال وسلم على نبينا ورسولنا ممد وآله وصحبه ‪.‬‬
‫الدكتور بكر بن عبد ال أبو زيد‬
‫__________‬

You might also like