Professional Documents
Culture Documents
المطبوعة البيداغوجية-converti
المطبوعة البيداغوجية-converti
مطبوعة بيداغوج ّية مو ّجهة لطلبة السنة األ ولى علوم اجتماعية ل.م.د
في مقياس :
مــدارس ومـنــاهــــج
الموضوع الصفحة
1 مقدمة
............................................................. عـية18
ثالثا :أبرز أنواع المناهج فيـ البحوث ااـلجتما ّ
التجريبي المنهج 18..................................................................................................1-
الوصفي المنهج 26...................................................................................................2-
التا$ريخي المنهج 31..................................................................................................3-
المقا$رن المنهج 36....................................................................................................4-
االجتماعي المسح منهج 40........................................................................................5-
الحالة ارسة د منهج 46...............................................................................................6-
المضمون تح يل ل منهج 51..........................................................................................7-
المدارس المنهجية الـكبرى الفصل الثاني :أهّـم
99 خاتمة
من األنشطة االجتماعّ$ية األخرى ،حيث أصبح الباحث االجتماعي يعتمد أكثر من ذي قبل على الدعم الذي يوفّره له
المجتمع الكبير الذي بدوره يعّلق باستم ارر آماً$ال كبيرة على المعلومات التي يوفّرها البحث االجتماعي
المو َّجه نحو اقت ارح وصياغة الحلول المالئمة لمشكالت االجتماعّ$ية.
ولو $نظرنا $إلى المستوى العالمي لوجدنا أ ّن المصادر التي توفّر الدعم الالزم إلنجاز البحو$ث
االجتماعّ$ية نت حصر $في جمع المعلومات والتطوير المستمّ$ر لمعرفة الع$ل ّم$ية .لذلك $يّتضح $ت ّق$دم المعرفة
اإلنسا ّن$ية $عمو ما وتط ور العلوم االجتماعّ$ية خص$و ًصا في أسلوب التفكير العلمي ،أل ّن المعرفة اإلنسا ّن$ية ما$
ّ$ ً$
ع$ية التي نت تج فيها$.
هي إّ$ال ثمرة الظروف التاري ّخ$ية والشروط االجتما ّ
فالبحث االجتماعي ينطوي على جهود
منظ
ّمة تسعى إلى استنباط معلومات دقيقة ومف ّصلة من
الناحي$ة التطبي ّق$ية أو $المجتم ّع$ية (الميدان العملي والو$اقع االجتماعي) دون إغفال القيمة العل ّم$ية لمعرفة$
النظّرية ،أل ّن اإلسهام النظ$ري لبحث االجتماعي يرتكز على اختبار الفروض ،صياغ$ة المفاه$يم والقضايا،$
ع$ية.
تكوين البناء$ات النظّرية والتحّقق منها وتعديلها من أجل تفسير المالحظات االمبري ّق$ية والظواهر االجتما ّ
وعليه فقد اختلف العلماء في تحديد ماهّ$ية البحث الع$لمي ،لكن هذا االختالف$ $ليس قائ ما على
ً
الخل ّف$ية النظرّية و ّا$نما على أساس اختالف الموضوعات المبحوثة والتخ ّصصات العل ّم$ية في العلوم
ع$ية ت ّع$ددت من حيث الخل ّف$ية$
االجتماعّ$ية .لذلك هناك مجموعة من التصنيفا$ت لمناهج في العلوم االجتما ّ
النظّرية التي تعتمد عليها وطبيعة الموضوعات التي تو ّظف في معالجتها .والمالحظ أ ّن التصنيفات في
ص$نف المناهج إلى فئتين رئي ّس$يتي$ن :المناهـجـ
المناه$ج تتناول الجا$نب الفلسفي أو الجوهري من المناهج ،لذلك ت ّ
القائمة على التحليل الك ّمي للبيانات والد ارسات االمبري ّقـية كا$لمنهج الوصفي والتجريبي ود ارسة الحالة
المـناهج القائمة على التحليل البنيوي والمقارنـ مثل المنهج والمسح االجتماعي ،والفئة الثانية $تمّثل في
المقارن والمنهج التاريخي.
ولو $تم ّع$نا النظر $في األبعاد الثالثة التا$لية :المعرفة العل ّم$ية والواقع االجتماعي والوسائل المنه ّج$ية،
-1-
لوجدناها تش ّكل المحاور اأ$لسا ّس$ية لعلوم االجتم$اعّ$ية التي يسعى مف ّكروها إلى نب اء معرفة عل ّم$ية تساعد في
االستخدامات التطبي ّق$ية لهذه يكون عليه ،ث م وامكا ّن$ية الت ّن$بؤ بما ُيمكن فهم وتفسير المجتمع وأج ازئه
ّ$
أن المعرفة.
-2-
ص$نف ضمن المباد ارت العلمّ$ية
وفي هذا السياق يندر$ج هذا العمل المتواضع في شكل مطبوعة ت ّ
ع$ي $ة ،وال $تي تض من محاض ارت مو ّجهة لطلب$ $ة $الس $نة $األ$ولى عل $وم
لبعد المنهجي والفك $ري في العل$ $وم االجتما ّ
ّ
ع$ي $ة في مقي$$ا$س مدار$س ومناه$ج (مقي$ $اس س $نوي) موّزع على سداس ّ $$ين خال$ل الع $ام ال$ $د ارس $ي ،حيث يش $مل
اجتما ّ
السداسي األ ول تصنيفات $المناهج العل ّم$ية ،والسد$اسي الثاني أه م المدارس المنه ّج$ية الكبرى $.وحس$ب البرنامج
ّ$ ّ$
الو ازري الم ّق$رر حا$ولنا $تسليط الضوء على الجانب العملي لبحث العلمي تماًشيا مع قد ارت وكفا$ءات الطالب،$
كما ت مت إضافة بعض التط و ارت واالّتجاهات الحديثة إلى محت $وى المدار$س.
ّ$ ّ
وتحق ًي$قا لهذا المسعى ،تّوزع محتوى المطبوعة على فصلين أسا ّس $ين ،يتناول الفصل األ ول اإلسهام
ّ$
النظري لبحث االجتماعي وتص $نيفات المناهج العلمّ$ي $ة ،حيث تض من ماهي$ $ة البحث العلمي وأه ميت$ $ه ،المنهج العلمي
ّ ّ
ع$ي ة .ويتن $ا$ول الفصل الث $اني أه م المدار$س المنه ّج$ي ة الك$برى
وأه ّميت $ه وأب $رز أن $واع المن $اهج في العل $وم االجتما ّ
ّ$
(المدرسة اإلسال ّم$ية ،المارك ّس$ية ،الماركسّ$ية ال م َح$دثة ،الو$ض ّع$ية ،الوض ّع$ية ال م َح$دثة ،البنا ّئ$ية الوظي ّف$ية$
ُ ُ
فوزية زنقوفي
الفصل األول
ومن الجدير باالهتمام أ ّن بعض الباحثين عندما ُي ق دمون على إج ارء دراسة ،يعتقدون أ ّن عملية
تجميع الكثير من اآل ارء واألفكار حول الظاهرة موضوع البحث هي الطريقة الصواب $إلج ارئه ،ويظنون أنهم
قاموا ببحث علمي .إ
ّن عرض آ ارء اآلخر$ين شيء مه م ومفيد ،ولكنه ال يح ّل المشكلة مو$ضوع البحث ،فحّلها ود ارستها
ّ$
يكون عن طريق األسلوب العلمي الذي يتطلب اال$لت ازم بخطوات البحث الع$لمي وطرقه وشروطه وأساليبه.
1-محجوب عطية الفائدي :طرق البحث العلمي في العلوم االجتماعية مع بعض التطبيقات على المجتمعات الريفية ،جامعة عمر
المختار البيضاء ،الجمهورية العربية ا ليبية1994 ،م ،ص20.
2-الهادي محمد محمد :أساليب إعداد وتوثيق البحوث العلمية $،المكتبة األ$كاديمية ،القاهرة-مصر1995 ،م ،ص29.
-4-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
3-المنظمة العربية لتنمية اإل$دارية :البحث العلمي ومشكالتـه في الوطن العربي ،القاهرة-الشارقة2006 ،م ،ص451 $.
-5-
فم$ن شروط البحث العلمي :األمانة ،ال ّج$دّ$ية ،الط$موح ،السلوك الطّ$يب والمّتزن والسير في اتجاه سليم
ومنطقي ،لكشف عن الحقائق من خالل المالحظات والتجا$رب والتساؤلات حول مواضيع المعرفة البشرية .ومن الشروط
األساسية الو$اجب توافرها في البحث العلمي هي اأ$لصالة ،والتي يقصد بها ذلك السلوك
العلمي في ك ّل طرق البحث ووسائله ومنهجه لتحقيق الهدف منه بذكاء ونظام ومنطق وأمانة علمية .وهناك
شرط آخر وهو االبتكار ،بمعنى إضافة جديدة أو الكشف عن شيء جديد ،ويعني ذلك الق ارءة
الق ارءة هي نصف االبتكار ،$والذكاء مت مم لها الواسعة لما كتبه السابقون والمعاصرون في الموضوع ،أل ّن
ّ
)(1
في الكشف عن الجديد وابتكاره $.
لذلك ال يمكن للبحث العلمي أن يكون في غاية األ$همية دون وجود على األقل واحد من هذين
الشرطين (األصا$لة واالبتكار) ،كما أنه ال يمكن متابعة أي بحث يهدف لوصو$ل إلى تحقيق نتائج معينة
أو $للكشف عن حقائق مهما كان نوعها دون اللجوء إلى كتابات وتحقيقات وبحوث سابقة في المو$ضوع
نفسه ،بمعنى أ ّن االتصال المستمر قبل وأثناء البحث بك ّل مصدر معلومات ،من شأنه أن يضيف عناصر$
جديدة مفيدة في الموضوع المبحوث.
يجب $أن $يبني نتائ$جه بصفة أساسية على الحقائق وتجميع الحقائ$ق،
وعمو ما فإ ّن البحث $العلمي
ً$
فالباحث كما سبق يمكن أن يت ّع$رف على ما يمكن أن تكون عليه آ ارء الخب ارء المفيدة ألغ ارض التعزيز
والتأكيد ،ولكنها ال تح ّل مح ّل الحقائق .وبعد أن يتأ ّكد الباحث من الحقائق ،فإنه يقوم باختبار وت ّح$ري النتائج التي يص$ل إليها
بجميع الطرق الممكنة ،لتأ ّكد $من أنه على صواب فيما انتهى إليه من نتائج ،$وذلك من
خالل وضعه لبعض اأ$لسئلة ،مثال هل يّتفق الحّ $ل مع جميع الحقائق المعروفة؟ وهل الحقائق واضحة وكافية
)(2
تل أ يد النتيجة التي وصل إليها؟. ...
ووفقا لهذه الشروط العلمية ،يتطّلب البحث العلمي ما يلي$:
-توفّر الغطاء الماّ$دي الذي يتطّلب الكثير من النفقات على الطباعة ،اإلقامة ،السفر.$..إلخ - .إج
ارءات $وعمليات النشر ،فهناك العديد من األبحاث الجيدة قد رفضت بسبب $أنها ال تحمل عناوين ّج$ذاب$ة
ُ
وب ارقة ،كذلك أ ّن طول وتعقيد إج ارءات التحكيم قد أفقدت الحماس لقيام بالبحث العلمي.
-تدعيم وحماية حقوق المؤ$لف ،وهذا يتطلب $س ّن التشريعات وتطبيقها لحماية اإلنتاج الفكري$.
– 1مبارك محمد الصاوي محمد :البحث العلمي –أسسه وطريقة كتابته ،-المكتبة األ$كاديمية ،القاهرة-مصر1992 ،م ،ص25$.
2-طلعت همام :سين وجيم عن مناهج البحث العلمي ،ط $،3مؤسسة الرسالة باالشت ارك مع دار عمار ،بيروت-لبنان1989 ،م،
ص.39،38
-البيئة الجامعية ،فمن الضروري تو$افر $بيئة علمية مناسبة لباحث $العتبار عمله البحثي جًزءا من عطائه
الجامعي.
-الم ارجع العلمية ومصادر المعرفة التي نعاني من ندرتها وقّلتها في المكتبات العربية ،م ما يش ّكل عقبة
ّ
)(1
رئيسية في القيام بالبحث العلمي الجاّ$د والمت ّم$يز $.
وبنا ًء على هذه الشروط والمتطّلبات ّتضح أهداف البحث العلمي في$:
-أ ّن عملية البحث العلمي ليست بالعملية البسيطة ،بل هي عملية معّقدة وشاقّة ،تستلزم الكثي$ر من الجهد
المن ّظم والفحص الدقيق واالختبار ا نل اقد والتق ّصي الدقيق والتحليل الصادق والنزيه ،م ما يجعل البحث العلمي
ّ
يهدف إلى نت مي $ $ة المعرف $ة البش$$رية وتطويرها بما يح ّق $ق التقّ$$دم $العلمي والحض $ا$ري ،فاإلنسان يعتم$د أساسا على البحث$
العلمي من أجل إب ارز الحقائق وكشف الخفايا $حتى يعيش على يقين بما حول $ه ،$بع ًي$دا عن الش$كوك والخ ارف $ات ،أين
يضع ح دا لألساطير واألوهام وغير ذلك من األ$مور التي ت ّس$بب في قت هقر الشعوب وتقف$
التي تتجاوز تلك المعطيات ،واذا كانت $دالالت الوصف $كيفيات $ح ّ ّس$ية $تخضع لمالحظة والتجريب المباشر،
فإ ّن دالالت التفسير م ّج$ردات عقلية ال تر$تبط بالمالحظة والتجربة ،واذا كان الو$صف يمّ$دنا بخب ارت ومعلومات
عن الموجودات واألشياء والظواهر ،فإ ّن التفسير ُيح ول تلك الخب ارت والمعلومات إلى فروض تخضع لالختبا$ر$
ّ$
)(1
التجريبي ،نل صل منها إلى تعميمات أو قوانين عامة $.
-وقد يقوم الباحث العلمي ببحث علمي من أجل الوصول إلى الحقائق والمعارف الجديدة ،ال كغاية قصوى ،بل بهدف
الت ّن$بؤ $والتح ّكم $والسيطرة والتطبيق $العملي وح ّل المشاكل التي قد تعترض ت ّق$دمه ،أل ّن الهدف األخير$
من البحث العلمي هو ح ّل المشاكل اإلنسا ّن$ية والعلمية التي قد تعترض الت ّق$دم $البشري واالقتصاد$ي والعلمي،
الرفاهي ه$دد $حياة البشرية أو $التي تقّلل من تحقيق
ة فالعلماء يحاولون إيجاد حلول مالئمة لمشاكل التي ت ّ
والسعادة.
لذلك يعتبر البحث $العلمي تكوينا مًرنا ،$مستم را ،متواص ًال وتدر ًي$با على التح ّكم والتفسير والتحليل
)(2
والت ّن$بؤ ،$نل صل في األخي$ر إلى اكتشاف الحقيقة ،بحيث نستفيد من معرفتها والتح ّكم في معطياتها $.
وعلى ضوء ما سبق ّتضح $خطوات البحث العلمي في$:
-اختيار موضوع البحث (مشكلة ،ظاهرة ،حدث اجتماعي).
-كتابة مشروع بحث بما فيه تصميم الب$حث وكيفية إج ارئه$.
-جمع المعلومات والبيانات النظرية والميداني$ة.
-نت ظيم المعلومات المج معة مع تطبيق المنهج المّتبع عليها وعلى الد ارسة كك ّل.
ّ
– 1عبد المعطي محمد علي ،السرياقوسي محمد :أساليب البحث العلمي $،مكتبة الفالح ،الكويت1988 ،م ،ص82.
2 - Ahmed Taleb: Méthodologie de préparation des mémoires et des thèses (guide du chercheur),
traduction: Bendimered Nacera, Edition Dar el Gharb, Oran-Algérie, 2004, P 30.
-تفسير البيانات والمعلومات ث م تبويبها وتحليلها.
ّ$
)(1
-الخالصة وهي تض م النتائج والتوصيات $.
ّ$
وُتنجز هذه الخطوات $عبر ثالث م ارحل:
المرحلة التحضيرية والتي تض ّمن $اختيا$ر مشكلة البحث وصياغة عنوانه ،إعداد خطة البحث ،كتابة
المقدمة $،اإلشارة إلى أهمية الد ارسة ،بيان هدف البحث والغرض منه ،تحديد مفاهيم الد ارسة ،تصميم تساؤلات
الد ارسة وفروضها ،تحديد نوع الد ارسة ،تحديد المنهج المستخدم ،تحديد مجتمع البحث( $اختيا$ر العينة)،
اإلشارة إلى الدراسات والبحوث السابقة وايضا$ح مجاالت الد ارسة$.
المرحلة الميدانية وهي مرحلة جمع البيانات.
المرحلة النهائية أين يت م تفريغ البيانات وجدولتها ،معالجتها إحصا ّئ$يا ،تح $ليل وتفسير البيانات ،الكشف
ّ$
عن القضايا التي يثيرها البحث ،$الخاتمة $وكتابة التقرير $النهائي لبحث أو $النتائج النهائية ،وصوً$ال إلى وضع
)(2
الم ارجع والمالحق .
واجماً$ال لما سبق ،تُق ّسم البحوث العلمية حسب اتفاق ذوي االختصاص كما يلي$:
-التقسيم $على أسا$س المجال الع$لمي (البحوث في مجال العلوم الطبيعية ،البحوث في مجال العلوم
االجتماعية ،البحوث في مجال اإلنسا ّن$يات).$
-التقسيم على أسا$س الهدف النهائي (البحوث العلمّ$ية البحتة ،العلوم الع$لمّ$ية التطبي ّق$ية)$.
-التقسيم على أسا$س الوسائل (البحوث الك ّم$ية ،البحوث الكي ّف$ية أو النوعّ$ية- )$.
ّ
التقسيم على أساس المجال (البحوث المكت ّب$ية أو الوثائ ّق$ية ،البحوث الميدا ّن$ية ،البحوث التجريبّ$ية ،البحو$ث
1-حسين عبد $الحميد ،أحمد رشوان :ميادين علم االجتماع ومناهج البحث العلمي $،المكتب الجامعي الحديث ،اإ$لسكندرية-مصر،
ص م.1901977،
2-بلقاسم سالطنية ،حسان الجيالن$ي :محاضرات في المنهج والبحث العلمي ،ط ،2ديوان المطبوعات الجامعية ،الج ازئر2009 ،م،
ص.99،98
يقوم الباحث فيها بد ارسة تبعية ،على مدار فترة زمنية خالل الم ارحل العمرية المختلفة ،أو في $د ارسة مدى التغّير في اتجاهات وسلوك *
مجموعة من المستهلكين الدائمين على مدار فت ارت زمنية مع$ينة.
– 3سمير محمد حسين :بحوث اإلعالم –األسس والمبادئ $،-عالم الكتب ،القاهرة-مصر1976 ،م ،ص108$.
م ما سبق يش ّكل الواقع االجتماعي بأبعاده التاريخية $و قب ضاياه ومشاكله ،ميدان علوم المجتمع
ّ
ومداخلها وي ّح$دد في نفس الوقت منظوراتها ،وبغ ّض النظر عن اختالف تص و ارت هذه العلوم واهتماماتها
ّ$
)(1
وتفسي ارتها ،فإنها تسعى إلى اكتشاف الحقيقة واالرتفاع بمستوى كفاءة أدوات البحث $.
ولقد تط ور البحث في العلوم االجتماعية بفضل اإلسهامات العلمية لالتجاهات الفكرّية خا ّصة$
ّ$
االّتجاه الوضعي والماركسي ،فاالتجا$ه الو$ضعي الذي يمثله "أوغست كونت" (1789-1857م )$في فيزيائه
العادات$
االجتماعية والديناميكية ،يعتبر سوسيو$لوجيا مؤ$سسة على نموذج المنهج العلمي ،والذي يرى بأ ّن
ُ
االجتماعية كافية لتفسير مجموع سلوكاتنا ،بسبب فعا ّل$ية األع ارف السائدة.
أ ما االتجاه الماركسي فهو محاولة إلضفاء طابع الوض ّعي$ة على السوسيولوجيا من خالل د ارسة
ّ
المجتمع انطالقا من التناقضات بين قوى اإلنتا$ج وعالقاته ،أي بين البيئة التح ّت$ية والبي$ئة الفو ّق$ية.
- 1نبيل $السمالوطي :علم االجتماع التنمية –دـراسة في اجتماعيات العالم الثالث ،-دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بيروت$-
لبنان1991 ،م ،ص9.
ثانيا :المنهج العلمي وأهميته
1-مفهوم المنهج العلمي
Method
المنهج بوزن المذهب ،والمنهاج هو الطريق الواضح ،وفي ا لغة اإلنجليزية فإ ّن كلمة
تعني النظام والترتيب وطريقة عمل شيء ) ،(1وتقابلها با $لغة الفرنسية ،Méthodeوهما كلمتان مأخوذتان
من األصل الي$وناني ،Méthodosالذي يتأّلف من مقطعين "Méta" :بمعنى ُ"$بعد" و " "hodosبمعنى
"طريق" ،وهذا يد ّل من الناحية االشتقاقية على معنى السير تبعا لطريق م ّح$دد ،وهي نفس الداللة $االشتقاقية $لكلمة
العربية "المنهج" والتي يقصد بها الطريق الواضح الم ّح$دد (2)$.وبهذا يتفق التعريف ا لغوي مع التعريف
االصطالحي إلى ّح$د كبير ،والذي يشير إلى أ ّن الم$نهج هو مجموعة من القواعد التي يت م وضعها بقصد
ّ$
الو$صول إلى الحقيقة في العلم ،أو الطر$يقة التي يّتبعها الباحث في د ارسته لمشكلة من أجل اكتشاف الحقيقة$
)(3
التي نجهلها ،أو من أجل البرهنة عليها آللخرين الذين ال يعرفونها .
وبالر$جوع إلى العهد اليوناني ،فقد استعمل أفاـلطون كلمة المنهج لداللة على البحث أو النظر أو$
)(4
لذلك فإ ّن المفهوم الحديث لمنهج ال يت ّع$دى العصر الذي$ المعرفة ،كما استعملها أرسطو بمعنى البحث $.
عاش فيه ف ارنسيس بيكون في القر$نين السادس عشر والسابع عشر ،إلى جانب $ديكاـرت الذي ساهم بدور
ف ّعال في تطوير المنهج العلمي عن طريق النقد الالذع الذي و ّجهه ألسا$ليب البحث التي سبقت العصر$
الذي عاش فيه خصوصا ا قل يا$س ال ُّصوري ) ،(5وهذا يتل ّخص في تلك $االنتقادات التي و ّجهها ديكاـرت وبيكون
إلى الفلسفة اليونانية $على وجه $التحديد .ثم $تط $ور مفهوم هذا المصطلح $في "علمـ المناهج" ،فأخذ معن ى
ً ّ$
اصطالحيا م ّح$ددا يعني طائفة من القو$اعد العامة التي تسيطر $على سير $العقل وت ّح$دد عملياته ،حتى يصل
إلى نتيجة معلومة$.
1- Gérard Durozoi, André Roussel Nathan: Dictionnaire de philosophie, Imprimé en France par I.M.E,
2003, p259.
2-نسيمة ربيعة جعفري :الـدليل المنهجي للطالب في إعداد البحث العلمي –اـلمذكرة ،الرسالة ،األطروحة ،كل التخصصات ،-ديوان
المطبوعات الجامعية ،بن عكنون ،الج ازئر2006 ،م ،ص85.
3-صالح الدين شروخ :منهجية البحث القانوني للجامعّـيين-علوم قانونية ،علوم اجتماعية $،-دار العلوم لنشر والتوزيع ،عنابة-
الج ازئر2003 ،م ،ص92 .
4-عبد الرحمان بدوي :مناهج البحث العلمي $،وكالة المطبوعات ،الكويت1977 ،م ،ص3.
5-مصطفى عمر التير :مقدمة في مبادئ وأسس البحث ااـلجتماعي ،منشو ارت الجامعة المفتوحة ،ط اربلس$-ليبيا1995 ،م ،ص22.
وي ّع$رف اربح تركي المنهج ب ّأ$نه يشير إلى الط$ريقة التي يّتبعها الباحث لد ارسة المشكلة موضوع
البحث ،وبذلك يجيب هذا المفهوم على الكلمة اال$ستفهامية "كيف؟" أي كيف يدرس الباحث $الموضوع الذ$ي$
)(1
أمامه .
والجدير بالذ كر هنا أ ّن الطريقة تختلف $عن المنهج ،فهي الكيفية اإلج ارئية التي يّتبعها الباحث $في
د ارسة أ ّي عنصر من عناصر المشكلة $المبحوثة دون الخر$وج عن المعا ير العامة التي ت ّح$دد المنهج الذي
ت ّب$ناه الباحث $في د ارسة إشكاليته البحثية .$فالطر$يقة هنا هي جزء ال يت ّج$أز عن المنهج وليست ك ّل المنهج،
أشمل وأوسع من مفهوم الط$ريقة ،لكو$نه يعني مجموع الط$رق المتبعة في تحقيق ك ل عملية من
ّ ّ الذي ي ّع$د
العمليات المت ّع$ددة التي يتض منها البحث ،باإلضافة إلى األدوات والمقا يس واالختبا ارت واإلحصاءات$
ّ
واألساليب والتقنيات ،التي تحتاج ك ّل واحدة منها طريقة م ّع$ينة لد ارسة المشكلة البحثية ،سواء $من الناحية$
النظرية أو التطبيقية.
فالطريقة ما هي ّإ$ال إحدى مك ونات المنهج ،فهي ترتبط به ارتباطا كّليا .$كما يستخدم اصط$الح
ّ$
المنهج في الفلسفة كمقابل لوسائل التي تحّقق المعرفة ،بمعنى أ ّن المنهج هو طريقة إلعادة االنتاج الفكري
)(2
والفعلي المتعّلق بموضوع الد ارسة. $
وت ّع$رفه دائرة المعارف البريطانية بأنه مصطلح عا م يشير إلى مختلف $العمليات التي ينهض عليها
ّ$
أ ّي علم من الع$لوم أو يستعين بها في د ارسة الظ$اهرة الواقعة في مجا$ل اختصاصه ،$وعلي$ه فإ ّن المنهج طريقة لتفكير$
والبحث ُيعتمد عليها في مجال تحصيل المعرفة العلمية الصادقة والثا$بتة والشاملة حول ظاهرة معينة
(.)3
ويشير الدكتور مصطفى عمر التير إلى المنهج على $أنه الطريق $أو السبيل لبحث الذي يستند إلى$
عدد من الممي ازت الرئيسي$ة ،أهمها أ ّن الظواهر $ومكوناتها والعالقات بينها موجودة بشكل مستق ّل عن الفرد
وعن آرائه واتجاهاته وتص و ارته ،وأ ّن هذه الظواهر تخضع لقوانين ثابتة تح ّكم فيها وتو ّجهها بانتظام،
ّ$
وأنه$
)(4
باإلمكان التو ّصل إلى معرفة خصائص هذه القو$اعد وأساليب $تأدية وظائفها $.
وي ّع$رفه جمال زكي بأنه الو$سيلة التي ُيم كن$نا عن طريقها الوصول إلى الحقي$قة أو مجموعة الحقا$ئق
في أ ّي موقف من المواقف ،$ومحاو$لة $اختبارها لتأ ّكد من صال ّح$يتها في مواقف أخرى ،وتعميمها نل ص$ل إلى
)(1
ما نطلق عليه اصطالح نظرية ،وهي هدف ك ّل بحث علمي $.
أ ما علم المنـاهج فهو الد ارسة $المنطقية والمن ّظمة التي ت ّح$دد مبادئ المناهج المّتبعة لوصول إلى
ّ
الحقائق ،موضوعه البحث في نب اء العلوم نب ا ًء نس ّق$يا ،أي نب ظام (االستدالل ،االستق ارء ،التفكيك ،الجمع
والنقد) ،وأسلوبه يتض من العمليات اإلج ارئية المالزمة لبحث العلمي في مختلف م ارحله (المالحظة ،$الفرضية،$
ّ
االستنتاج).
ّطة أو $است ارتيجية تستند إلى مجموعة من
اأ$لسس وبصورة عامة فإ ّن المنهج هو أسلوب من ّظم
أو $خ
والقواعد والخطوات التي تفيد في تحقيق أهداف البحث ،باتخاذه منحى علميا يتميز بجمع المعلومات والوقائع$
)(2
عن طريق المالحظة العلمية الموضوعية والمنظمة .
2-المساهمـات الفكرية في تأسيس المنهج العلمي
لقد كانت المنهجية العلمية واضحة عند علماء المسلمين في مجال العلوم الكونية والتطبيقية ،فلقد$
اإلنسا ّن$ية $على أسس علمية تحتوي على أسلوب التفكير العلمي والدقة
اعتمدوا في مختلف فروع المعرفة
واالستنتاج ،ألجل ذلك تمّ$يز التفكير اإلسالمي بالموضوعية ،أين دعا علماء اإلسالم إلى االلت ازم باألمانة $العلمية والتجّ$رد
المو$ضوعي والبحث عن الحقيقة .حيث يرى البيروني أنه على الباحث اال$ستدالل بالمعقولات$
وقياس اآل ارء بما يوافق العقل.
لقد توفّر لمسلمين منذ القدم األسلوب العلمي والمنطقي في البحث ،خاصة في مجال الع$لوم الطبي$عية
يعتبر من أعظم علماء
ابن سينا جورج أ والكيمياء والطب والصيدلة والعلوم الكونية ،فيؤكد
سارتون ّن
اإلسالم وأشهر مشاهير العلماء العالميين .كما يعتبر الفا اربي من األو$ائل المت ّق$دمين في تاريخ ت ّق$دم الفكر.
قّلب اأ$لوضاع القديمة وأنشأ $علما جديدا ،أبطل فيه علم
ابن الهيثم وتؤّ$كد الشو$اهد العلمية أ ّن
)(3
المناظر ،وأنشأ علم الضوء الحديث ،وأ ّن أثره في الضوء ال يق ّل عن أثر نيوتن في الميكانيكا.
1-جمال زكي ،السيد $ياسين $:أسس البحثـ االجتماعي $،نقال عن عمر التومي الشيباني- $م$ناهج البحث $اال$جتماعي ،-منشو ارت مج ّمع
-12-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-12-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
الغ الذي يشهد له من أسمى المرجعيات العقلية التي عرفها التاريخ ،وكذا ويعتبر البيـروني
ازلي
ّضح
التا$ريخ
دائرة بأنه من
المعار أعجب
ف الشخصيا
الفرنسي ت في
ةأ تاريخ
ّن اإلسالم.
كتا$ب وتو
"الشري
ف$
اإل$دريسي" في الجغ
ارفيا يعتبر أعظم
وثيقة علمية جغ
ارفية في القرون
الو$سطى .ويقول
بيكون عن ابن
رشد
أنه فيلسوف متين
متع مق ص ّحح
ّ
الكثير من أخطاء
الفكر اإلنسان ي$،
ّ
وأضاف $إلى ثم
ارت العقو$ل
ثروة ذات
ا فيعتبر . قي م ة
ب أعظم ) ع ل مي
1
عالم ( ن ة
نباتي منفرد
ا ظهر ة
في لب عن
ي القرون سوا
ط الوسطى ها.
ا أ ما
ّ
ر
ونضيف إلى
هذه
المساهمات
الفكرية ،ما
-
13-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
) (2
برهنته باألصا$لة واإلبداع العلمي $.
ا علم المقد
النظرية
ن االجت
السياسية وبالر$جوع إلى التطّ$ور التاريخي لمنهج العلمي ،فقد انبثق صماع مة
البن تط ور المنهج عن الفلسفة األ م على يد
خلدون، ،بحثا ّ$ ّ$
أي ن
ف ي أ نه ا ف ارنسيس بيكون وديكارت حيث كان بيكون من أ ّش$د المتمّ$ردين
ابن في
د ارسة على التقا$ليد األفالطو ّن$ية واأ$لرسطّ$ية ،فحاول
أصيلة$ خلدو النقد
قت ديم نموذج لخ ّطة السي$ر العملية ،مرّك از على أ ّن ن.
لمسائل النظام هو سر ك ل شيء ،وهذا ما يجبرنا على تجميع لذ$لك الت$اري
ّ ّ$
السياسية يعتبر
ابن خي
الوقائع واختز$انها وتفسيرها بتب ّصر وفقا قل وانين م ّح$ددة .أ
والظوا ما رينه ديكارت فقد اقتنع بأ ن العلم في صميمه هو خلدو وفي
ن ّ ّ
هر
من ي ّ الكشف عن
الطبيعية أعظم ب العالقات التي
اهت و مف يمكن التعبير
الوثيقة ض
ّكري ما عنها تعبي
ع
اإلسالم م ار رياضي$ا.
الصلة ه في
عل
باإ$لسالم وفي هذا السياق ،يرى ميلتون بارون أ ّن المنهج العلمي العصو ما
ا
ء هو شيء مشترك بين ك ّل العلوم ،يتطّلب ر
والفكر الوسط اال
وصف الوقائع التي ت مت ظروف مضبوطة ،يمكن تك
جت ى، ّ
السياسي، اررها باستخدام إج ارءات
فهو ما مالحظتها في ظ ّل
البحث$
باإلضافة الذي ع
أ ّ سس ا ل ع (.)3
إلى فكرته ر علم$
ب بمعنى أ ّن المنهج العلمي يحتوي على مجموعة من
السياسية ا م لجت ا ا
و ال العمليات األساسية والتي تمّثل في المالحظة،
غ ع
األساسية
وأرس ربي رء
التي تدعم ين ى ط.
قواعد عل
إيمانه النقد
ى
المطلق التا$ري الفل
خي ،سف
نب ظام ة كما
امتاز اال – 1بلقاسم سالط$نية ،حسان الجيالني :مرجع سابق ،ص54 .$،53
الحكم ت
جت 2-محمد زيان عمر :البحث العلمي –مناهجه وتقنياته ،-ط $،4ديوان
ما ات ي ر ظ ن المطبوعات الجامعية ،الج ازئر1983 ،م ،ص28 $.
اإل$سالمي، ه
عي – 3بلقاسم سالطنية ،حسان الجيالني :مرجع سابق ،ص28.
حيث تعتبر ة ي س ياس ل ا
الت ة
-
14-
ومن المبادئ العاـ ّمة التـي تّتفق عليها العلوم كاـفة $:الموضوعية ،الحيادية ،عدم القفز في اال$ستدالل
من م ّق$دمات جزئية إلى تعميمات مطلقة ،التم يز $بين مفهوم االرتباط والس ّب$ية مع االلت ازم بالمفهو$م اإلج ارئي
هل عملية إخض$اعها لتجربة والقيا$س.
الذي يشير إلى الظاهرة كما هي موجودة في الو$اقع ،م ّما يس ّ
وباعتبار أ ّن المنهج هو نسق من القواعد الواضحة واإلج ارءات التي يستند إليها الباحث في سبيل
الو$صول إلى نتائج علمية ،فإ ّن وظيفته ال تقتصر على تطبيق اإلج ارءات $والقواعد $المنهجية المستمّ$دة من
و ّا$نما هو تطبيق لنظرية وتسهيل االتصال العلمي بين البا$حثين .وبما أ ّن االستقصا$ءات أساسية النظرية،
لعلم ،فمن الضروري ربطها بناء منطقي من ّسق ،أل ّن األداة $األسا$سية لمدخل العلمي القائم على استقصا$ء$
االستدالل كعملية منطقية واالستدالل كسلوك منهجي لتحصيل الحقيقة .أل ّن االستدالل كعملية منطقية أو$لية$
هو ك ّل برهان دقيق ،مثل القياس أو $الحساب ،أ ما االستدالل كمنهج ،فهو السلوك العام المستخدم $في الع$لوم ،لك$ونه
ّ
ي ّع$بر عن التسلسل المنطقي المنتقل من مبادئ أو قضايا أو$لية إلى قضايا $أخرى دون االلتجاء إلى
التجربة ،وذلك في مقابل المنهج االستق ارئي أو التجريبي القائم على المالحظة والتجربة$.
البرهنة
هي استد$الل هو $الدقة والتسلسل المنطقي ،فإ ّن واذا كان الطابع الممّ$يز الرئيسي في ك ّل
استدالل ي ارعى في$ه التسليم بصدق المقدمات ،وبالتالي يرمي إلى إثبات صحة مقدمات معلومة .$وبهذا فإ ّن
)(2
البرهنة تخبرنا بصدق ما تصل إليه من نتائج ،ألنها قت وم على التسليم بصدق المقدمات .
3-المعرفة العلمية وتصنيفاتها قل د
اختلف العلماء والمف ّكرون في مصادر المعرفة وطرق الوصو$ل إليها ،فالعقال ّن$يون ومنهم ديكاـرت
يرون أ ّن العقل اإلنسان ي هو األسا$س لمعرفة ،بينما يرى التجريبّ$يون أ ّن التجربة هي المصد$ر األساسي
ّ
لمعرفة وأنها ال نت شأ في العقل إّ$ال إذا سبقتها إج ارءات وعمليات وآثار حسية .ويؤّ$كد االجتماعيون ومنهم
1-عبد $اهلل عامر الهمالي :أسلوب البحث االجتماعي وتقنياته $،منشو ارت جامعة قاريونس ،نب غازي-ليبيا1988 ،م ،ص19.
- 2طلعت همام :مرجع سابق ،ص12.،11
إيميل دوركايم ،على أ ّن الظواهر الحسية والمدر$كات هي التي تؤّ$دي إلى تكوين األفكار والتص و ارت النظرية
ّ$
التي تج مع في العقل ،وا ّن المبادئ والنظريات $ال نت بع من العقل الم ّج$رد ،وانما مرتبطة بتص و ارت اإلنسان
ّ$ ّ
)(1
وتفاعالته مع المجتمع وظواهره $.
إنسا ّن$ية ،أ ما المعرفة من ص$نف $المعرفة من حيث المو$ضوع إلى معرفة طبيعية وأخرى
وت ّ
ّ
حي ث ص$نف إلى معرفة حسية ،مع$رفة فلسفية ومعرفة علمية$.
الشكل والطبيعة ،فت ّ
وفي البحث عن تصنيفات المعرفة ،فقد وضع علماء المنهجية العديد من التص$نيفات لم ارحل تط $ور
ّ$
الفكر اإلنسان ي أو $ما يس مى بطرق الحص$ول على المعرفة منها$:
ّ ّ
• تصنيف أوغست كونت (مرحلة التفكير الالهوتي ،المر$حلة الميتافيز قي ية والمرحلة العلمية التجريبية).
• تصنيف شارلس بيرس ،والتي ق ّسمها إلى أربعة طرق:
-الطريقة المعتمدة على القناعات التقليدية ،وذلك من خالل تم ّسك األ$ف ارد بما اعتادوا عليه من الحقائق.
-الطريقة المعتمدة على السلطة ،بمعنى أ ّن المعرفة تستمّ$د من سلطة $معينة ،كالسلطة الدينية $أو $االجتماعية،
بحيث أ ّن ما يصدر من السلطة هي حقائق ال قت بل الجدل والنقا$ش.
-الطريقة $المبنية على البداهة ،والتي تّركز على أ ّن األف ارد يتفاعلون ويتّصلون في ما بينهم م ما يم ّكنهم من
ّ
التوّ $صل إلى الحقيقة.
-الطريقة العلمية ،التي تّركز على استخدام األف ارد لتجر$يب والموضوعية ،واثبات $الفر$ضيا$ت أو نفيها
)(2
بأسلوب موضوعي .
• وهناك تصنيفات أخرى على أساس الط ارئق القديمة ،والتي تس مى بأساليب التفكير القديمة $أو$
ّ
الشعبية ،حيث تض من أسلوب العادات والتقاليد والخبرة الشخصي$ة والسلطة والمحاو$لة والخطأ ،وعلى أساس
ّ
الط ارئق $الميتافيزيقي$ة القائمة على األ$سلوب الغيبي ،أسلوب اال$ستدالل القياسي وأسلوب
)(3
االستدالل اال$ستق ارئي .
فمعرفتنا بالشيء تؤّ$دي إلى الكشف عن مختلف جوانبه لكي يصبح موضوعا لمعرفة .فالمو$ضوع
الواحد في العلوم المختلفة يصبح $موضوعات مختلفة لمعرفة .فمثال يدرس التشريح بناء الكا$ئن ،وتدرس الفي$زيو$لو$جيا
وظائف أعضا$ئه ،ويدر$س الطب أم ارضه ...إلخ (2).وهذا يد ّل على ت ّع$دد بؤر االهتمام بموضوع
معرفة علم ،وحتى تكون المعرفة علما ،فهي ملز$مة بأن تأخذ با$لمنهج العلمي القائم على المالحظة والتجربة
والمقار$نة واالستق
ارء .ومن هذا المنطلق ي ّع$رف قاموس ويبستر الجديد Websterالعلم بأنه "المعرفة المن ّسقة التي نت شأ
)(3
عن المالحظة والد ارسة والتجريب ،والتي ت م بغ$رض تحديد طبيعة وأسس وأص$ول ما ت مت د ارسته" .
ّ ّ$
فالهدف األساسي لعلم هو الوصول إلى الحقي$قة واقامة الدليل عليها ،ليصبح العلم وسيلة وليس
هدفا ،ولكونه أداًة في التفكير وأسلوًبا في المم$ارسة ،فقد ابتكره اإلنسان لزيادة قدرته في اكتشاف النظام
السائد في الكون وفهم القوانين الطبيعية واالجتم$اعية عن طريق القوانين الع$لمية$.
- 1عبد المعطي محمد عساف وآخرون :التطورات المنهجية وعملية البحث العلمي $،دار وائل لنشر ،عمان-األردن2002 ،م ،ص7.
– 2م .روزنتال ،ب .بودين :الموسوعة الفلسفية ،ترجمة سمير كرم ،ط ،5دار الطليعة ،بيروت-لبنان1985 ،م ،ص510.
- 3اب ارهيم األبرش :المنهج العلمي وتطبيقاته في العلوم االجتماعية $،دار الشروق ،عمان-األردن2009 ،م ،ص31.
العلم بهذا المعنى ليس م ّج$رد قوانين ونظريا$ت وحقائق ،ولكنه منهج بحث وطريقة موضوعية
إ
ّن
لتفكير$.
4-الموضوعية والذاتية (اـلتفكير الموضوعي والتفكير الذاتي)
من أه م خصائص المنهج العلمي أنه يت ّم$يز بالموضوعية ،ويبتعد عن األفكار الذاتية والعاطفية$
ّ$
والشخصية ،فهو ال يعتمد على الشائعات ،بل يستند على المداخل الموضوعية القائمة على التجارب الواقعية،
القائمة على الواقع والخبرة وال ارفضة لكّ $ل التفسي ارت
وذلك باالستناد على الفلسفة الوضعية ألوـغست كونت
الالهوتية والميتافي$ز قي ية$.
فمضمون الفلسفة الوضعية جعلها نت تقل إلى العلوم االجتماعية ل تّخذ صو ار عديدة ّتفق مع نفس
الهدف الذي تسعى إليه العلوم الطبيعية ،أال وهو صياغة القوانين التي تحكم وقوع الظواهر ،ومن ث م فإ ّن
ّ$
هذا الهدف يتحّقق بمنهج علمي واحد يطّ$بق في كافة فروع المعرفة بغ ّض النظر عن الموضوع الذي نت او$له$
(.)1
إلى أنه على الباحث أن ينتقل من
وفي هذا السياق العلمي لتفكير الموضوعي ،يذهب دوركايم
األشياء إلى المعاني ،وأن يالحظ جميع الظواهر التي يدرسها حتى االجتماعية منها على أنها $أشياء ،وال
يجوز له أن يصل إلى معرفة األ$شياء عن طريق اآل ارء الشا$ئعة .إ ّن
الد ارسات اإلنسا ّن$ية $بحاجة إلى طريقة منهجية متميزة في تحصيل المعرفة ،والمالحظ في الد ارسات$
اإلنسا ّن$ية ،$أنن $ا ال نس $تطيع ت ّج$نب الذاتي$$ة .$فك $أ ّن الموضوعية في ال $د ارس $ات اإلنس $ا ّن$ية لها مع$نى م ّح$دد في جع$ل الوق $ائع
واضحة ت ّح$دث عن نفسهاّ ،إ$ال أ ّن الوقائع ال $تي ندرسها ون $ف ّسرها هي أفكار ومشاعر واتجاهات ومي$ $ول تكش $ف
عن نفسها في صور مختلفة ،وعلى الباحث في هذه المواقف $اا$للت ازم بعدم تدخله شخصيا وعرضها
من خال $ل تص $ور مت ّح $يز.
ّ$
واذا كان جوهر المنهج العلمي يتمثّل في اا$لرتباط الوثيق بين النظريات والخب ارت الواقعية ،وأ ّن
المالحظة والتجربة ي ّق$دمان الشواهد التي على أساسها تقبل الفروض والتعميمات أو يت م رفضها ،فإننا نعترف
ّ$
بأ ّن الدراسات اإلن$سا ّن$ية $تستخدم مختلف المناهج العلمية للجعل من عملية الفهم لظواه$ر اإلنسا ّن$ية$
واالجتماعية أد$اة لتفسير ،أل ّن الفهم هو عملية معرفية فكرية تستخدم في ك ّل م ارحل البحث العلمي ،فالفهم $كأداة
ضروري في المالحظة وصياغة الفروض وتصنيف البيانات واستخالص النتا$ئج وتفسيرها ،لذلك فهو
يلعب دو ار أساسيا في تحديد الوقائع في الد ارسات اإلنسا ّن$ية ،$ألنه يعمل على تفسيرها$.
– 1جازية كي ارن :محاضرات في المنهجية لطالب علم االجتماع ،ط $،2ديوان المطبوعات الجامعية ،الج ازئر2016 ،م ،ص16$.،15
عـية
ثالثا :أبرز أنواع المناهج في البحوث ااـلجتما ّ
1-المنهج التجريبي
قل د بدأ اإلن$سان منذ أن وجد $على سطح اأ$لرض في التعامل مع الطبيعة ،حيث استطاع عن طريق
ُ
المالحظة والتجريب الوصو$ل إلى أبعد ما يمكن ،أل ّن اهتمامه مرّكز على كيفية التكّ$يف واستثمار الطبيعة
ُ
لتعامل مع الظواهر وتفسيرها ،فاإلنسان األ ول كان يستخدم المنهج التجريبي دون أن يشعر أو يكتشف ذلك
ّ$
واآلن أصبح مكتمل الصورة باعتماده على القواعد العلمية .ويتعلق هذا المنهج بإج ارء التجار$ب للحصول
على النتا$ئج ،حيث يستخد$م التجارب الكتشاف األ$سباب والعوامل التي تؤثر في الظواهر مع التحديد الدقيق
لألسباب والمت ّغ$ي ارت التي تؤّ$دي إلى حدوث الظا$هرة وتس يرها والتحكم بها $.إ ّن
المنهج التجريبي في د ارسا$ته وتحليالته لظواهر الطبيعية واإلنسا ّن$ية يشتر$ك مع غيره من مناهج
والوقائع وعينات الد ارسة لتأكد من حقيقة الظاهرة البحث العلمي األخرى في إج ارء التجارب على الظواهر
أو إلثبات صحة الفرضية أو الحصول على النتائج.
ي ُعرف المنهج التجريبي على ّأ$نه$:
-أسلوب تجريبي يتعّلق بإدخال سبب أو عامل على حركة ظاهرة لحصول على نتا$ئج م ّع$ينة أو تأكيد
فروض
تغيير مضبو$ط على ظاهرة موضوع الد ارسة ومالحظة ما ينتج عن هذا م ّح$ددة - .أسلوب تجريبي يتعّلق
بإحداث
التغيير من آثا$ر$.
-أسلوب تجريبي يتعّلق باستخدام $إج ارءات $وتدابير ومت ّغ$ي ارت مؤثرة لمعرفة مدى تأثيرها على واقع م ّع$ين أو$
ظاهرة محّددة.
-أسلوب يتعّلق بإج ارء تجارب لمعرفة العالقة $بين عاملين أحدهما يسمى عامل تجريبي مستق ّل وآخر يسمى
عامل تابع.
)(1
ومن -أسلوب يتعّلق بإج ارء تجربة لقياس أثر $أحد المت ّغ$ي ارت المستقلة على مت ّغ$ير تابع آخر. $
المستلزمات األساسية للمنهج التجريبي (الظاهرة موضوع الد ارسة :المشكلة $/العامل التجريبي
المستق ّل :الذي يستخدم كمؤّثر في العامل التا$بع /العامل التا$بع المؤثر $فيه :التابع لعامل المستق ّل التجريبي/
1-غازي عناية :البحث العلمي –مـنهجية إعداد البحوث والرسائل الجامعية :بكالوريوس ،ماجستير ،دكتوراه $،-دار المناهج لنشر
والتوزيع ،عمان-األردن2014 ،م ،ص38.
الفرضية :$أي النتيجة المفترضة $من استخد$ام العامل التجريبي المستق ّل /العوامل األخرى $:التي يمكن أن
الظاهرة :أصحا$ب
في العامل التابع إلى جانب العامل المستق ّل /عينات الد ارسة أي مح ّل تؤّثر
الظاهرة/
زمن ومكان التجربة)$.
وبصفة عا مة تمّثل المستلزمات األسا$سية لبحث التجريبي في استخدام أسلوب التجربة وضبط
ّ
إج ارءاتها إلثبات الفروض وباستخدام العامل التجريبي مع ضبط تأثير العوامل األ$خرى.
أ ّما أسس منهج البحث التجريبي ف تمّثل في:
-إذا كان لدينا موقفان متشابهان (أ،ب) وأدخلنا $عامال جديدا (ج) على الموقف (أ) ،فإ ّن الفروق بين (أ،ب)$
تكون ناتجة عن العامل الجديد (ج).
-واذا كان لدينا موقفان متشابهان (س،ع) وحذفنا عامال من العوامل المك ونة لموقف اأ$لول ،فإ ّن الفروق
ّ$
)(1
بين (س،ع )$تعود ناتجة عن حذف هذا العامل .
-واذا أخذنا مث ًا$ال آخا$ر عن عالقة تعاطي الجنس الم ّح$رم بمرض اإليدز:$
ً$
نقوم بفحص األف ارد قبل إصابتهم بمرض اإليدز $وقبل تعاطيهم الجنس الم ّح$رم$.
نقوم بفحص األف ارد بعد إصابتهم بمرض اإليدز $وبعد تعاطيهم الجنس الم ّح$رم...
فإذا ثبتت العالقة الوثيقة بينهما ،فإ ّن ذلك يعني أ ّن الجنس الم ّح$رم هو العامل المستق ّل المؤّثر في
)(2
العامل التابع ،وهو اإل$صابة بمرض اإليدز .
ُيعتبر المنهج التجريبي من أد ّق المناهج وأكثرها وضو ًحا $في بحوث العلوم الطبيعية ،وتكم$ن أهميته
في كونه ال يقتصر على م ّج$رد وصف الظو$اهر التي تنا$ولها الد ارسة كما يحدث عادة في البحوث الوصفية$،
وال يقتص$ر على م ّج$رد التأريخ لواقعة م ّع$ينة من الماضي ،وانما يدر$س مت ّغ$ي ارت الظواهر ويتح ّكم فيها لوصول
إلى العالقات الس ّب$ية بين هذه المت ّغ$ي ارت والمت ّغ$ي ارت الثابتة $في الظاهرة المدروسة $.ويقوم
هذا المنهج على أساس منهج البحث العلمي القائم على المالحظة والفرضي$ة والتجربة الدقيقة
المضبوطة ،وهذا ما $يمّ$يزه خا ّصة $عن المنهج الو$صفي في كيفية $ضبط $المت ّغ$ي ارت ،لذلك فإ ّن البحث التجريبي
يرتبط بفكرة قانون المت ّغ$ير الواحد ،حيث يتض من محاولة ضبط ك ّل العوامل األساسية المؤّثرة في المت ّغ$ير أو
ّ
المت ّغ$ي ارت التابعة في التجربة ،أل ّن البحث التجريبي هو ذلك النوع من البحوث الذي يستخدم التجربة في
– 1ذوقان عبيدات :البحث العلمي $،دار الفكر لطباعة والنش$ر ،عمان-األردن2001 ،م ،ص239$.
- 2المرجع السابق ،ص44.
اختيار $فرض م ّع$ين ي ّق$رر العالقة بين $عاملين أو مت ّغ$يرين عن طر$يق الد ارسة لمواقف $المتقابلة التي تضبط
ك ّل المت ّغ$ي ارت ،ما عدا المت ّغ$ير الذي يهت م الباحث بد ارسة تأثي$ره.
ّ$
وعليه فإ ّن البحث التجر$يبي يقوم أساسا على أسلوب التجربة العلمية التي تكشف عن العالقات
الس ّب$ية بين المت ّغ$ي ارت المختلفة التي تفاع$ل مع الدينامّ$يات أو القوى الي تحدث في الموقف التجريبي .وكما سبق فإ
ّن البحث $التجريبي ير$تبط بقانون المت ّغ$ير الواحد ،حيث يتل ّخص هذا القانون في ّأ$نه إذا
كان هناك موقفان متشابهان تماما من جميع النو$احي ،ث م ُأضيف عنصر م ّع$ين إلى أحد الموقفين دون
ّ$
اآلخر ،فإ ّن أ ّي ت ّغ$ير أو اختالف $يظهر بعد ذلك بين $الموقفين ُيعزى إلى وجود هذا العنصر $المضاف،
وكذلك في حالة تشابه الموقفين وحذف عنصر $م ّع$ين من أحدهما دون اآلخر ،فإ ّن أ ّي اختالف أو ت ّغ$ير$
يظهر بين الموقفين ُيعزى إلى غياب هذا العنصر .ويسمى المت ّغ$ير الذي يتح ّكم فيه الباحث عن قصد في
التجربة بطريقة م ّع$ينة $ومن ّظمة بالمت ّغ$ير $المستق ّل أو $المت ّغ$ير التجريبي ،أ ما نوع الفعل أو $السلو$ك الناتج عن
ّ
المت ّغ$ير المستق ّل فيس مى بالمت ّغ$ير التابع ،وعليه تض من التجربة $على األق ّل في أبسط صورها مت ّغ$ي ار تجر$ي ّب$يا$
ّ ّ
)(1
ومت ّغ$ي ار تابعا ،ويمكن أن تشمل التجربة أكثر من مت ّغ$ير .
وعموما يت م التجريب نب ا ًء على تصميم مسبق لتجربة ،لذلك توجد ط ارئق مت ّع$ددة في هذا المجال،
ّ$
من أشهرها ط ارئق المجموعة الواحدة ،طرق المجموعات المتكافئة وطرق تدوير المجموعات أو
الطرق
التبادلية$.
كمقارنة تحصي$ل ط ّالب
تطّ$بق هذه الطرق على مجموعة واحدة من األف • ُطرق المجموعة الواحدة:
ارد،
قسم د ارسي في ظ ّل ظروف م ّع$ينة بتحصيلهم في ظ ّل ظروف أخرى لتكون الخطو$ات المّتبعة كاآلتي$:
-اختبار قبلي لمجموعة (قبل إدخال المت ّغ$ير المستق ّل$).
ّطط البا$حث. -استخدام المت ّغ$ير المستق ّل تبعا لمخ
-اختبار بعدي لمت ّغ$ير التابع$.
-حساب الفرق بين القياسين القبلي والتبعي ،ث م اختبار دا$للة هذا الفرق إحص$ائيا$.
ّ$
• طُرق المجموعات المتكافئة $:يكون بتصميم التجربة ،وذلك بأخذ مجموعتين ،واحدة ضابطة واألخرى
تجريبية* ،متساويتان ومتكافئتان .و لتأ ّكد $من تكافؤ المجموعتين ،تستخدم متو ّسطات المجموعات التجريبية
– 1طلعت همام :مرجع سابق ،ص200.،199
* المجموعة الضابطة هي المجموعة التي $ال ت ّع$رض ألثر المتغّير المستق ّل أو التجريبي .والمجموعة التجريبية هي التي $تخضع لتأثير$
المتّغير المستق ّل.
والضابطة وانح ارفاتها المعيارّية لمت ّغ$ي ارت المؤثر$ة.
• طرق تدوير المجموعات :ويكون ذلك بتدوير $نظام اإلج ارءات $أو $المجموعات ،فإن طّ$بقت على مجموعة
واحدة ،فإنها تستلزم تغيير وقت تابع الوحدات الضابطة والتجريبية ،ففي الدورة األ$ولى نبدأ با$لطريقة الضابطة
ثم التجريبية ،وفي الثاني$ة نبدأ با$لتجريبية ث م الضابطة ،ويمكن تطبيق ذلك في المجموعتين المتكافئتين.
ّ$
و لوصو$ل إلى القانون العلمي يشترط ما يلي( :شروط التجريب الجّـيد)$
-وضو$ح ودّقة الفرضيات في ذهن الباحث.
-التطبيق الدقيق اللختبا ارت التجريبية لفروض.
وايجابي$ة فاحصة.
-مالحظة التجر$بة مالحظة دقيقة ّج$دا وبموضو$عية
-تأمين احتياجات التجربة من أجهزة القي$اس والمالحظة.
-تك ارر التجربة يسمح بتعميم النتائج$.
-إذا ت ّع$ذر إج ارء التجربة مباشرة أو كان اإلج ارء مستحيال ،فمن الضروري أن يلجأ الباحث إلى التجربة$
البديل$ة ،فيعتمد على اإلحصائيات والبيانات وتحليلها (1)$.إ ّن أه م
ّ$
واجب $على الباحث في المنهج التجريبي هو ضبط التجربة $من خالل ضبط جميع العوامل
التي تؤّ$ثر في المت ّغ$ير التابع (النتيجة ،)$فإذا لم $يت ّع$رف عليها ويضبطها ال يمكنه بأ ّي حال تحديد العامل
المستق ّل (السبب ،)$فالمت ّغ$ير المستق ّل أو التجريبي هو العامل الذي نريد أن نقيس مدى تأثيره على الموقف،
والمت ّغ$ير التابع (وهو المت ّغ$ير الناتج) هو العامل الذي ينتج عن تأثير $العامل المستق ّل$.
وال يختلف المنهج التجريبي في خطواته عن قب ية المناهج األ$خرى ،فهو يبد$أ بمالحظة الظا$هرة
موضوع البحث ووضع الفروض ث م القيام با$لتجربة ومحاو$لة الوصول إلى معرفة العالقات الموجودة بين
ّ$
الظواهر واكتشاف القو$انين التي تحكمها ،ويمكن عرض هذه الخطوات كما يلي$:
-التعرف على مشكلة البحث وتحديد معالمها.
-صياغة الفر$ضيات واستنباط ما يترّتب عليها$.
-وضع تصميم تجريبي يحتوي على جمع النتا$ئج وعالقاتها وشروطها.
– 1صالح الدين شروخ :منهجية البحث القانوني للجام ّعـيين-علوم قانونية ،علوم اجتماعية ،-مرجع سابق ،ص122.$،120،121
ويترتب على الباحث :$أن $يقوم با$ختيار عّ$ينة ممّثلة لمجتمع الد ارسة ،تصنيف المفحوصين في
مجموعات متجانسة ،تحديد العوامل الغير تجريبية وضبطها ،تحديد الوسائل والمتطلبات الخا$صة بقياس$
)(1
نتائج التجربة $والتأ ّكد من ص ّحتها ،تعيين مكان التجربة ووقت إج ارئها والفترة التي تستغرقها .
خصائص وم ّمـي ازت المنهج التجريبي •
تل ّخص في ما يلي$:
-يقوم المنهج التجريبي على المالحظة الدقيقة في اختبار صدق الفرضية ،ويمكن قت سيم هذه المالحظة
المضبوطة إلى مالحظة بحتة ومالحظة مع التجرب $ة ،حيث تعتمد المالحظة البحت$$ة على عزل ص $فات الش $يء $ذهنيا من
أجل إد ارك العالق$ $ة بين خصائصه ،أي بقص $د الكش$$ف عن الق$ $وانين $العامة ،في حين $تعتمد المالحظ $ة مع التجرب $ة على
المقابلة بين الفرضيات $والوقائع $،فهي قت وم على التح $ليل الو$اقعي ،بخا$لف الما$لحظة البحتة
التي تكتفي با$لتح $ليل المنطقي.
-يكشف المنهج التجريبي عن العالقة الس ّب$ية بين الظواهر والمت ّغ$ي ارت .والمفهوم العا م لس ّب$ية هو أ ّن حادثا
ّ$
أو ظاهرة م ّع$ينة تؤّ$دي إلى حدوث حادثة أو ظا$هرة أخرى ،فحدوث ّأ$ية ظاهرة خا ّصة إذا كانت$
اجتماعية،
ال يرجع إلى عامل واحد بل إلى عوامل وظروف م ّح$ددة ومت ّع$ددة.
-إ ّن متانة المنهج التجريبي وق وته تكمن في أ ّن الباحث يحاول في ك ّل تجربة اختبار فرضية توّ $ضح وجود
ّ$
عالقة س ّب$ية منتظمة بين مت ّغ$ير وظاهرة م ّع$ينة أو مت ّغ$ير آخر ،وذلك عن طريق اختبار مجموعتين متكافئتين ومتساويتين.
كما تمّثل هذه القوة في خضوعه لتح ّكم والضبط ،فالباحث ال يكتفي بوصف وتفسير وتحليل
ما هو موجود ،بل يتد ّخل في تكوين المواقف التجريبية وفي توجيه العوامل والظروف بالحذف أو اإلثبات$
يفرض الضوابط على تجربته ،بحيث يبعد أ ي احتمال
ّ وفي تنظيمها وفي ترتيبها ،كما يمكن للباحث أن
)(2
لتد ّخل عوامل أخرى أثناء إج ارئه لتجربة .
-يسمح المنهج التجريبي بتك ارر التجربة لتأ ّكد من صحة النتائج ودّقتها ،فتعامل الباحث مع عامل واحد
وتثبيت العوامل األخرى يساعده في اكتشاف $العالقات الس ّب$ية بين المت ّغ$ي ارت بسرعة ودّقة أكثر $.لكن كيف
ه$م
أمكن إخضاعـ ميادين العلوم اإلنـسانّــية واالجتماعية لوسائل المنهج التجريبي؟ إ ّن أ ّ
ما ي ّم$يز النشاط العلمي الدقيق هو استخدام أسلوب التجربة ،حيث أ ّن التجا$رب العملية تستخدم على نطاق$
– 1عمار بوحوش ،محمد محمود الذنيبات :مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث $،ديوان المطبوعات الجامعية ،الج ازئر1999 ،م،
ص.111،110
2-عمر التومي الشيباني :مناهج البحث االجتماعي ،ط ،3مجمع الفاتح للجامعات ،ط اربلس-ليبيا1989 ،م ،ص169.،168
واسع في د ارسة الظو$اهر الفيزيائية والكيميائية ،في هذه التجا$رب يستطيع الباحث أن يتح ّكم بدرجة كبيرة
من الدّقة في المت ّغ$ي ارت المؤّثرة في الظاهرة المدروسة .وما يساعده على ذلك أ ّن هذه المت ّغ$ي ارت مادية يمكن
قياسها بواسطة أدوات ومقاييس الثبات والصدق $والموضوعية والدّقة .أ ما في العلوم االجتماعية ،يف ستخدم
ّ
المنهج التجر$يبي أسا$سا في علم النفس ،وهناك $ما يد ّل على إمكانية استخدامه في علم االجتماع والعلوم
األخرى .إذ ينظر المّؤيدون لهذا المنهج إلى الظواهر االجتماعية على أنها خاضعة نل فس القوانين التي تخضع
لها المادة ،فالقواني$ن التي تسود العا$لم الميكانيكي كالضغط والكثافة والمقاومة والتو$ازن والتجاذب$
والتنافر $...إلخ ،هي نفسها التي تطّ$بق على العا$لم االجتماعي ،والمجتمع كالطبيعة سواء بسواء ،يخضع في
بقائه وتط وره نل فس القو$اعد التي يخضع لها الع$الم الطبيعي .ومع ذلك فإ ّن العلوم االجتماعية عا مة وعلم
ّ ّ$
االجتماع بصفة خا$صة ،ما ازلت تو$اجه الكثير من الصعوبات في ما يتع$لق باستخدامها لهذا المنهج ،إذ
)(1
تفتقر تلك العلوم إلى لغة علمية والى القدرة على تحديد المفاهيم وتصنيفها بطريقة محكمة .
إ ّن لغة العلم تمتاز با$لموضوعية ،فنحن مثال ال يمكن أن نجد تعارضا في وجهات النظر بين علماء
ازلت الطبيعة أو الكيمياء حين يدرسون الح اررة أو الضوء ،وفي المقابل فإ ّن لغة العلوم االجتماعية $ما
لغة
كيفية ،كثي ار ما $تأّثر با$لنزعات الذاتية ،على عكس ا لغة الكمية لعلم $التي تهدف إلى قيا$س الظو$اهر والوقائع$
العلمية ،إذ على عالم االجتماع أن يتعامل مع الظواهر االجتماعية كما هي قائمة في المجتمع أو الواقع
االجتماعي ،ذلك أ ّن ظواهر السلوك اإلنسا$ن ي من اجتماعية ونفسية تختلف عن الظواهر الطبيعية في أنها$
ّ
معّقدة وتعتمد على العديد من العوامل المتشابكة ،ألنها تقوم على العالقات اإلنسانّ$ية التي يصعب ضبطها
والتح ّكم فيها ،وهذا ما جعل بعض العلماء يعتبر$ون العلوم االجتماعية علوما ما ازلت في مرحلة $النم و.
ّ$
علماء $االجتماع من أص$حاب المنهج التجريبي على تلك االعتراضات $بأ ّن هذا يرجع إلى وقد ّرد
حداثة علم االجتماع ،فهو لم يصل بعد إلى مر$حلة النضج $.وعلى
العموم يمكن للباحث االجتماعي مالحظ$ة األ$ف ارد وهم يعيشون في األحوال الطبيعية ،فيقوم
بتسجيل سلوكاتهم تحت هذه الظروف وفي الوقت نفسه يقوم بوصف هذه الظروف وصفا دقيقا .ويمكن
اعتبار هذا النوع من التجريب االجتماعي مالحظة منظمة ،فالتجريب هنا يقوم على أساس الت ّع$رف على
العالقة بين $بعض مظاهر السلوك اإلنسان ي وبعض ظروف الحياة $.كما يستخدم المنهج التجريبي في$
ّ
ع$ينة $لعدد من المناطق $ونطّ$بق
الد ارسات $االجتماعية حين نقوم بتجربة م ّع$ينة ،فنختار منطقة محدودة تكون ّ
1 –Bernard S. Phillips: Social Research –Strategy and Tactics-, Ed3, University of Minnesota, United States,
1976, p87.
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
عليها نظاما جديدا ،مثال ذلك $:ينشأ $مركز اجتماعي في قرية من القرى لخدمتها أو يطّ$بق نظا ما د ارس يا
ً
م ّعً $ي$نا في منطقة من المناطق ،$وبالمقارنة بين حالتها قبل التطبيق وبعده ،نستطيع التعرف على أثر هذا
)(1
النظام الجديد على الحياة االجتماعية.
والقول بأ ّن الظواهر اا$لجتماعية معّقدة وال يمكن قياسها يف ّسر بعجز الع$لماء عن م ارقبتها وقيا$سها
والتوّ $صل إلى معرفتها ،و ّلأ$نه$م لم يصلوا بعد إلى طريقة $مثلى قل ي$اسها ،ذلك $أ ّن اإلنسان يخض$ع في سلوكه
ُ
ص$رفه لسلسة من المؤث ارت االجتماعية والغير $اجتماعية ،فاالجتماعية تل ّخص في األسرة وبيئ$ة األصدقاء وت ّ
والبيئة $المدرسية والمجتمع ،والغير اجتماعية تمّ$ثل في البيئة المناخية والجغ ارفية والتضاريسية.
ولع ّل من أه م المظاهر في هذا المنهج استخدام األلفاظ والمصطلحات المستعملة في العلوم الطبيعية
ّ$
مثل :التفاعل ،التركيب ،الديناميكا والمت ّغ$ي ارت ،إضافة إلى استخدام األسا$ليب واألدوات اإلحصائ$ية.
الظواهر االجتماعية يمكن أن تخضع لمنهج التجر$بة ولفكرة القانون من جملة ما سبق يت ّب$ين أ ّن
شأنها شأن الظواهر المادية ،بمعنى يمكن استخالص قوانين دقيقة وعا مة تسمح بالت ّن$بؤ بمستقبل الظواهر$
ّ
االجتماعية$.
وفي هذا السياق ُيعتبر أوغست كونت من األوائل الذين استخدموا المنهج التجريبي في علم االجتماع،
حيث ّف$رق بين نوعين من التجريب المباشر وغير المباشر .حيث يقوم التجريب المباشر على المالحظة المطابقة
لطبيعة المعّقدة لظواهر االجتماعية $والتي تطلّب إحكام العقل لتص ور الشيء المالحظ ،أ ما
ّ ّ$
التجريب الغير مباشر ،فيقوم على إقامة الفروض التي تعتبر ثمرة النشاط الفكري ،بحيث $تكون قابلة$
اللختبار$.
وقد ل ّخص جون ستيوارت ميل قواعد المنهج التجريبي في أ ّن البا$حث يلجأ إلى استخد$ام مجموعتين
متش$ $ابهتين خاص$$ة من حيث حجم األس$$رة ومتوس $ط ال $ $دخل والطبق$ $ة المهني$$ة وتعليم اآلب$$اء وغ $ير ذل$$ك ،حيث يعطي
لمجموع $ة األ$$ولى برن $امج اجتم $اعي ت$ $ $وجيهي ،وت $ $ترك المجموع $ة ا ثل اني $ $ة دون توجي $ $ه ،وب $ $ذلك تص$ $بح$
المجموعة األ$ولى $بمثابة مجموعة تجريبية والمجموعة الثانية بمثابة مجموعة ضا$بطة ،ثم يبدأ الباحث$
بالمالحظة الفاحصة لوقوف على التغير في العالقات اإلنسا ّن$ية .كما وضع جون ستيوارت ميل في مؤلفه
"نسق المنطق" ثالث ُطرق لمنهج التجر$يبي:
-24-
اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية:الفصل األول
1 - Jean-Noël Baléo, Bernard Bourges, Philippe Courcoux : Méthodologie expérimentale : méthodes et outils
pour les expérimentations scientifiques, Edition Tec & doc Lavoisier, France, 2003, p209.
-24-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
• الطريقة األوـلى :وهي ما يعرف بطريقة االت ّـفاق ،حيث تنحصر في المقارنة بين عدد من الظواهر
والعوامل التي تكون س با
لظاهرة اأ$لولى ،أي أ ّن
وجود السبب ي ّؤ$دي إلى
وجود النتيجة$.
• الطريقة الثانيةـ :وهي طريقة االختالف$،
والتي تنحصر $في المقارنة بين حالتين متشابهتين في
جميع
الجوانب ،ما $عدا طرف واحد بحيث يوجد في
إحدى الظاهرتين وال يوجد في اآلخر ،حيث $تعتمد
هذه الطريقة
على الفكرة القائ$لة بأ ّن غياب $السبب ي ّؤ$دي إلى
غياب النتيجة.
• الطريقة الثالثة :طريقة الت ّغـير النسبي ،بمعنى أ
ّن الظاهرة التي ت ّغ$ير على نحو ما إذا ت ّغ$ير$ت
ظاهرة
أخرى ُت ّع$د س ًبا أو نتيجة لها أو مرتبطة بعالقة
س ّب$ية ،أي أ ّن النقص أو الزيادة في العّلة يرتبط$
بالنقص أو
الزيادة في المعلو$ل وهي عالقة ك ّم$ية بين
ّ
مت ّغ$يرين.
ومن أهّ$م المؤّيدين لفكرة إمكانية التو ّصل إلى
القوانين في علم االجتماع " ارد كليف ب ارون"،
"هربرت
سبنسر"" ،إيميل دوركايم" ... ،كما توّ $صل
علماء االجتماع فع ًال إلى قوانين االجتماع ،ومن
ذلك قانون
"هربرت سبنسر" الذي يرى بأ ّن الحركة
االجتما$عية تبع الجهة التي تكون فيها المقا$ومة أق
ّل ،وقانون "وورد"
الذي يشير $إلى أ ّن األف ارد يبحثون عن أكبر كسب
بأقل مجهود ،وقانون "إيميل دوركايم" عن االنتحار
الذي
يو ّضح أ ّن الميل الشخصي
-
25-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-
26-
2-المنهج الوصفي
الوصف لغة هو نقل صورة العالم الخا$رجي أو العالم الداخلي من خالل اأ$للفاظ والعبا ارت والتشابيه
واالستعا ارت التي قت وم مقام األلوان لدى الرسام ،والنغم لدى الموسيقي (1)$.أ ما
ّ
الوصف الع$لمي فيذكر خصائص ما هو كائن ،ويف ّسره وي ّح$دد الظروف والعالقات التي تو$جد
بين الوقائع ،وكذلك الممارسات الشائعة أو $السائدة والت ّع$رف على المعتقدات واالتجاهات عند األف ارد
)
والجماعات وط ارئقها في النم و والتط ور $.
ّ$ ّ$
(2وعليه فإ ّن الوصف هو رصد حال أ ّي شيء ،سواء كان وصفا $فيزيائيا ،$أم بيان خصائص مادية أو
معنوية ألف ارد أو جماعات .وقد يكون هذا الر$صد أو الوصف ك م يا م ّع$بار عنه باألرقام ،أو كيف يا أو $يجمع
ً$ ّ
)(3
بينهما .
وعلى ضوء هذا التحديد ا لفظي لو$صف ،يندر$ج المنهج الوصفي ضمن أه م المناهج في العلوم
ّ$
االجتماعية $،فهو من أكثر المناه$ج استعماال من طرف الباحثين والطالب في أغلب األبحاث $والد ارسات$
الخاصة بالع$لوم اإلنسا ّن$ية واالجتماعية .فالمنهج
الوصفي هو طريقة لوصف الظواهر المدروسة وتصويرها ك ّم$يا عن طريق جمع معلومات
ّ
م ّق$ننة عن المشكلة وتصنيفها وتحليلها واخضاع$ها لد ارسة الدقيقة$.
حيث يقوم هذا المنهج على وصف البيانات والخصائص المتّعلقة با$لظاهرة المدروسة ،كما يضع
إجابات لتساؤلات $التي يطرحها البحث $والتي تبدأ بمن أو كيف $أو أين $وغيرها .أ ما أساس المنهج الو$صفي فيقوم على
ّ
أساس عرض ود ارسة البيانات اإ$لحصائية كمقاييس النزعة المركزية ،وهو يعتبر من أكثر مناهج
البحث استخداما من قبل الباحثين ،كما يساعد في الت ّع$رف على أسباب حدوث مشكلة البحث$.
ومن أنواع الد ارسات الوصفية
وهي التي تحا$ول تحليل وتفسير وعرض واقع الظاهرة المدروسة أو تح $ليل محتوى
• الد ارسات المس ّحـية
الوثا$ئق لوصو$ل إلى نتائج أو تعميمات تعلّق بالواقع ،ومن أنواع هذه الد ارسات المسح المدرسي ،د ارسات$
ال أري العام وتحليل المضمون$.
1-عبد النور جبور :المعجم األدبي ،ط $،2دار العلم لماليين ،بيروت-لبنان 1984 ،م ،ص292.
2-جابر عبد الحميد جابر وآخرون :مناهج البحث في التربية وعلم النفس $،دار النهضة العربية ،القاهرة-مصر2002 ،م ،ص134$.
3-عمار $بوحوش ،محمد محمود الذنيبات :مرجع سابق ،ص138.
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
• د ارسة العالقـات وهي التي تقوم على وصف الع$القات بين الظواهر والعوامل الخا$رجية المرتبطة بها مثل
د ارسة الحالة$.
• الد ارسات االرـتباطية قت وم على توضيح العالقات بين مت ّغ$ي ارت الد ارسة ،بهدف تحديد درجة االرتباط بين
المت ّغ$ي ارت وعر$ضها بطريقة رقمية ،حيث $تت اروح درجات االر$تباط ما بين -1و+1.
• الد ارساـت التطويرية تقوم على د ارسة الت ّغ$ي ارت التي تحدث في بعض المت ّغ$ي ارت من خا$لل قياس المت ّغ$ير$
موضوع الد ارسة.
وعلى هذا األسا$س ،يعتبر $المنهج الوصفي طريقة منتظمة لد ارسة حقائق ارهنة ،متعّلقة بظاهرة
أو$
موقف أو $أف ارد أو أحداث $أو أوضاع م ّع$ينة ،بهدف اكتشاف حقائق جديدة أو $التحّقق من صحة حقائق
)(1
سابقة أو قد$يمة وآثارها والعالقات التي تصل بها والكشف عن الجوانب التي تحكمها .
وعليه فإ ّن المنهج الوصفي ال يقتصر على الو$صف الدقيق لظاهرة المدروسة فحسب ،بل يتعّ$$دى
بعد عملية وصف الظاهرة وجمع البيانات $عنها ووصف الظروف والممارسات المختلفة ،إلى تح $ليل هذه
البيانات $واستخ ارج االستنتاجات ،ومقارنة $المعطيات ،ث م التوصل إلى نتا$ئج يمكن تعميمها في إطار م ّع$ين.
ّ$
لذلك يع د المنهج الوصفي أسلوب أو $طريقة لد ارسة الظواهر $االجتماعية بشكل علمي من ّظم من
ُ ّ$
أ جل
)(2
الو$صول إلى أغ ارض م ّح$ددة لوضعية م ّع$ينة اجتماعية أو مشكلة أو سكان م ّع$ينين .
ع$دة أهداف تل ّخص في$:
و لد ارسات الوصفية ّ
-جمع معلومات حقيقية ومف ّصلة لظاهرة موجو$دة فعال في مجتمع معين.
-تحديد المشاكل الموجودة أو تو$ضيح بعض الظواهر.
-إج ارء مقا$رنة وتق يم لبعض الظو$اهر.
-تحديد ما يفعله األف ارد في مشكلة ما واالستفا$دة من آ ارئهم وخب ارتهم في وضع تص و ارت وخط$ط مستقبلية
ّ$
وانجاز ق ار ارت مناسبة في مشاكل ذات طبيعة مشابهة.
)(3
-إيجاد العالقة بين الظواهر المختلفة $.
-قت رير حقائق قائمة لمو$ضوع أو $ظاهرة م ّع$ينة.
-الت ّع$رف على العوامل المختلفة المسؤولة عن انتشار الظاهرة خالل مرحلة م ّع$ينة$.
1-خاطر أحمد مصطفى :البحث االجتماعي في محيط الخدمة االجتماعية $،المكتبة الجامعية ،اإلسكندرية-مصر2001 ،م ،ص278 .
-27-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
2-إحسان محمد الحسن :األسس العلمية لمناهج البحث االجتماعي $،دار الطليعة ،بيروت-لبنان1982 ،م ،ص157$.
– 3عبد الباسط عبد المعطي :البحث االجتماعي $،دار المعرفة الجامعية ،اإل$سكندرية-مصر1997 ،م ،ص141$.
-27-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
)(1
ووفقا لهذه -الكشف عن العالق$ة بين مت ّغ$يرين أو تلك التي نت طلق من فروض م ّع$ينة إلثبات ص ّحتها .
األ$هداف ،تستند البحوث الوصفية إلى أسس منهجية أه مها التجريد والتعميم ،فالتجريد
ّ
هو عملية عزل وانتقاء مظاهر م ّع$ينة كجزء من عملية قت ويمية أو توصيلية إلى اآلخرين .فال تعارض بين
التجريد وبين كون المواقف االجتماعية أكثر تعقيدا من المواقف الفيزيائية .فا$لظواهر الفي$زيائية من حيث$
البساطة والتعقيد مثل الظواهر االجتماعية بحا$جة إلى منهج علمي دقيق وأدوات قيا$س مناسبة .كما أنه ال
يوجد تعارض بين التجريد َو$ك ون ك ّل واقعة اجتما$عية منفردة ،أل ّن تفّ$رد الحادثة $االجتماعية $هو تمّ$$يز في الك م
ّ$
والكيف ،أي أنه ال يمكننا الفصل بين خصائ$ص الحادثة االجتماعية والتجريد$.
وبالنسبة لتع$ميم يف ظهر في إمكانية استخالص $حكم أو أحكام تصدق على فئة م ّع$ينة منها ،وقد
يكون التعميم شامال فيسبق بكلمة" $ك ّل" أو "جميع" أو "ال واحد" ،وقد يكون جزئيا ،فيسبق بكلمة بعض.
وبالتعميم نصل بما استق أرناه إلى ما لم نستقرئه (2).م ما
ّ
سبق نصل إلى أنه ال غنى عن البحث الو$صفي في العلوم السلوكية كك ّل ،ألنه يحّقق هدفين
أسا ّس $ين ،$هما :تزويد العاملين في المجاالت االجتماعية بمعلومات حقيقية عن الوضع ال ارهن لظواهر$
المدروسة ،وهدف علمي يتجّلى في أ ّن هذه الد ارسات تقوم بجمع الحقا$ئق والتعميمات ،م ما يزيد $في الرصيد$
ّ
)(3
المعرفي الالزم لفهم الظو$اهر والت ّن$بؤ بها $.
وبنا ًء على األسس المنهجية لبحث أو المنهج الوصفي ّتضح خطواته في$:
1-ناصف سعيد :محاضرات في تصميم البحوث االجتماعية وتنفيذها –نـماذج لدراسات وبحوث ميدانية ،-مكتبة زه ارء الشرق ،القاهرة-
مصر1997 ،م ،ص28.
– 2صالح الدين شروخ :منهجية البحث القانوني للجام ّعـيين-علوم قانونية ،علوم اجتماعية ،-مرجع سابق ،ص152$.،151
-
28-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-
29-
)(1
-الو$صول إلى النتائج وتفسيرها واستخالص التعميمات.
المطلب األو$ل لتطبيق المنهج الو$صفي هو تحديد طائفة بسيطة من الظو$اهر االجتماعية$
إ ّن
كموضوع لبحث ،وت ّع$د هذه الظواهر بالنسبة لموضوع المدروس أبسط وحدة يتأ$لف منها ،فنحن عندما نبدأ
بوصف أبسط الوحد$ات التي تت ّألف منها الظواه$ر المدروسة ،نستطيع بعد ذلك أن ُنق دم عن طريق البحث$
على تحليل المّركبات األكبر تعقيدا .وهكذا تكون الخطوة األو$لى في الد ارسة الو$صفية هي اختيار الوحدة $االجتماعية
األو$لية أو األسا$سية في المو$ضوع الم$دروس .و تمّثل الخطوة الثاني$ة في اكتشاف الطريقة المالئمة
لقياس الك مي لمختلف عنا$صر ومك ونات وحدة الد ارسة ،ذلك أ ّن وحدة الد ارسة الوصفية في مرحلة نشأتها$
ّ$ ّ
كانت مرتبطة بالتحليل الك مي ،وي ّتجلى ذلك بو$ضوح خاصة في أعمال "لوبالي" play leالذ$ي اعتقد ّأ$نه$
ّ
بدون المعالجة الك ّم$ية ،ستكون الدراسة غامضة $وغير مؤّ$كدة ،وكذا األمر بالنسبة لنتائج ،فلن تكون على
ّ
درجة عالية من الدقة $.لقد $استطاع" $لوبالي" في د ارسته $أن يجد ح ّال لهاتين المشكلتين حين اعتبر األسرة
هي الوحدة األساسية لد ارسة ،فاستخدم مي ازنية $األسرة بوصفها التعبير الك مي عن الحي$اة األسرية ،وهي
ّ
)(2
بالتالي األسا$س لتحليل الك مي لظواهر االجتما$عية .
ّ
وعلى العموم هناك شبه اتفاق بين العلماء على م ارحل المنهج الوصفي ،يف ق ّسمونها إلى مرحلتين:
أ -مرحلة االستكشاف والصياغة وفيها ي ّت$م استطالع مجال محّ$دد لبحث $وتحديد المفاهيم واألو$لويات وجمع
)(3
معلومات إلج ارء بحث عن مواقف الحياة $.
تستند الد ارسات $الكشفية $على إج ارءات منهجية م ّح$ددة ومعروفة ،وهي إج ارءات ليست $مستقّلة أو$
منعزلة بعضها عن بعض ،ولكنها تكامل في وحدة منهجية لتحقيق أهداف الدر$اسة االستطالعية .واذا كانت$
هذه الدراسات تمّثل نقطة البداية في البحث العلمي ،فإ ّن البداية دائما هي أه م الخطوات ،$إذ يتوقّف على
ّ$
نجاحها استم ارر عملية البحث .ومهما بلغت دقة المناه$ج واإلج ارءات التي يصطنعها الباحث $في م ارحل
الحقة ،ستكون عديمة القيمة إذ$ا كانت البداية غير صحيحة أو ليست مالئمة .وتض م إج ارءات الد ارسات$
ّ$
الكشفية تلخيص ت ارث العلوم االجتماعية $والميادين المختلفة $المّتصلة بمشكلة البحث $مع استشارة األف ارد ذوي
الخبرة العلمية بالمشكلة الم ارد د ارستها$.
1-صالح الدين شروخ :منهجية البحث القانوني للجام ّعـيين-عـلوم قانونية ،علوم اجتماعية ،-مرجع سابق ،ص154.
– 2جازية كي ارن :مرجع سابق ،ص29.،28
3-عمار بوحوش $،محمد محمود الذنيبات :مرجع سابق ،ص142.
ب -مرحلة التشخيص والوصف المع ّمق وفيها ُت ّح$دد الخصائص المختلفة ،$وتجمع المعلومات بوصف دقيق
لجميع جوانب $الموضوع المبحوث ،بما يس $مح بالتش$$خيص ال $دقيق ل $دوافع الموض $وع ،دون االنط$$الق من ف $روض مس $بقة.
فنحن نستطيع تصوير الخصائص االجتماعية لقري $ة من الق $رى حينما نحصل على كاف$ $ة البيان $ا$ت $المتاحة عنها مث $ل توزي ع
السن والديانات ونسبة التعليم والحا$لة الزوجية والتركيب المهني ...حيث $يطلق على
هذا النوع من الد ارسات مصطلح البحوث الو$صفية التشخي$صية ،ذلك ّأ$نها جمي ًعا تشترك في عدم وجود
)(1
فروض مبد ّئ$ية أو قضايا عا مة ُتو ّجه الباحث نحو فحص العالقة االرتباطية $بين مت ّغ$يرين .
ّ
وعليه يمكن استخالص األسلوب المّتبع في المنهج الوصفي حسب الم ارحل اآلتية$:
من علم االجتماع وعلم ا نل فس االجتماعي
الت ارث لت خيص$ والتي تمّثل في • المرحلة األولى
النظري
النظريات التي وضعت حول الجماعات الصغيرة
وادارة األف $ارد ودينامّ$يا$ت الجماعة والعلوم السلوكية
وأه م
ّ$ وتفاعلها با$لتنظيم$.
• المرحلة الثانية هي الجانب الميداني ،أي مشكلة البحث كما ي ارها المبحوثون و تمّثل على األغلب في
االستمارة التي تض م العديد من األسئلة الستيض$اح مشكلة البحث من خالل الذين يعيشونها.
ّ$
• المرحلة الثـالثة تمثّل في تحليل الحاالت التي تزيد من توضيح المشكلة وُتلقي مزيدا من الضوء عليها،
حيث يتمّثل هذا التحلي$ل خاص$ة في محاو$لة شر$ح األعداد الكمية إلى تحليل لفظي ،وصفي ،معّ$$بر عن أبعاد
)(2
الظاهرة من جميع جوانبها وتحليل الجداو$ل اإ$لحصائية تحليال منطقيا ومو$ضوعيا إلى ّح$د ما .
وعلى الرغم من أهمّ$ية المنهج الوصفي ودوره في تطوير البحوث خا ّصة في العلوم االجتماعيةّ ،إ$ال
أن$$ه يقتصر على الوص $ف الش$$ك$لي لظاهرة وال يحاول أن يت $ $ع مق إلى ما و ارء الش$$كل .كم$ا أ ّن اس$$تخدام المنهج
ّ
الوص $في في التحلي $$ل ال$ $ك مي والتحلي$ $ل اإلحص $ائي ي $$ؤّ$دي إلى الترك $يز على الج$انب الم ّا$دي لظ$اهرة ،في حين $أ ّن
ّ
لظاهرة اإلنساّ $ن$ية جاًنبا معنو يا ،وهو الجانب $المفعم بالحيوية الذي ال يمكن قياسه قيا ًسا $ك م يا .كذلك أ ّن
ّ
) (3
البيانات $الك ّم$ية المج معة يجب التعامل معها بحذر درًءا إلمكانية التحريف أو الحذف أو الت ّح$يز.$
ّ ّ
– 1محمد علي محمد :علم االجتماع والمنهج العلمي ،ط ،3دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية-مصر1986 ،م ،ص186. ،185
2-حسان الجيالني :الجماعات الصغيرة في التنظيم $،أطروحة دكتو اره دولة مقدمة إلى كلية العلوم االجتماعية التطبيقية ،جامعة الفاتح،
ط اربلس-ل$يبيا ،ماي 1999م ،ص166.
- 3عامر مصباح :منهجية البحث في العلوم السياسية واإلعالم ،ط $،3ديوان المطبوعات الجامعية ،الج ازئر2017 ،م ،ص92.
3-المنهج التاريخي
هو إعادة الماضي بواسطة جمع األ ّدلة وتقويم$ها ومن ث م تمحيصها وتأليفها ،ليت م عرض الحقائق
ّ$ ّ$
عرضا صحيحا $في مدلولاتها وفي تألي$فها و لتوّ $صل إلى استنتا$ج النتائج $ذات الب ارهين العلمية الواضحة .فهو
البحث $الذي يصف ما مضى من وقائع أو $أحداث الماضي ويدرسها $ويف ّسرها ويح ّلها على أسس علمية$
ّصل إلى حقائق وتعميمات تساعدنا في فهم الحاضر على ضوء الما$ضي والت ّن$بؤ$ منهجية دقيقة ،قب صد التو
بالمستقبل.
كما ي ّع$رف بأنه:
-فهم الحاضر والت ّن$بؤ با$لمستقبل من خالل د ارسة األحداث التا$ريخية $الماضية $والتط و ارت التي ّم$رت عليها.
ّ$
-األسلوب الذي يدرس الظواهر القديمة وتط و ارتها ،وذلك لربط بين األ$سباب والنتائج$.
ّ$
-طريقة تق ّصي الحقائق العلمية البشرية التا$ريخية لو$صول إلى نتائج $وقوانين وقواعد يمكن تعميمها
واستخدامها لت ّن$بؤ المستقبلي ضمن السياق التا$ر$يخي$.
-وسيلة جمع المعلومات التاريخي$ة البشرية من المصادر األولي$ة أو الثانوية الداخلية والخا$رجية.
)(1
وبنا ًء على هذا -الوسيلة التي يستخدمها الباحث لالستعانة با$لو$ثائق واآلثار لت ّع$رف على الحضا ارت اإلنسا ّن$ية السابقة .
الطرح المفاهيمي ،يعتقد رواد هذا المنهج أ ّن المناهج المستخدمة في الع$لوم الطبيعية
ّ
ال يمكن تطبيقها على العلوم االجتماعية ،بسب$ب الفوارق العميقة بين $العلوم االجتماعية والعلوم الطبيعية$،
فالقوانين الفيزيقية $أو قوانين الطبيعة صادقة في ك ّل زمان ومكان ،أ ما $قوانين الحي$اة االجتماعية فتختلف$
ّ
باختالف األماكن واألزمنة ،$كذلك أ ّن األحداث االجتماعية تعتمد في وقوعها على التاريخ ،$كما أنها تعتمد
أ المدخل التاريخي أيضا على الفو$ارق الحضارية ،أي تعتمد على موقف تاريخي م ّع$ين .ويعتقد ريكمان
ّن
ُيستخدم في ك ّل العلوم اإلنسانّ$ية وي ّق$دم فائدة هائلة تعتمد عليها في أبحاثها.
بالنسبة لع$لم االجتماع ،ت م استخدام المنهج التا$ريخي باعتبار الظاهرة االجتماعية حادثة تاريخية$
ّ$
تستند إلى فرضية م ّؤ$داها أ ّن معرفة الماضي ت ّؤ$دي نب ا إلى معرفة الحا$ضر والت ّن$بؤ بما سو$ف يحدث في
المستقبل $.وقد استعان علماء االجتماع بهذا المنهج لمعرفة النظم االجتماعية والعادات والتقاليد $في العصور
القديمة ،وذلك ب تّ$بع الظواهر االجتماعية المبحوثة في نشأتها وتط $ورها ،أل ّن الظواهر االجتماعية هي من
ّ$
نتاج الماضي ومح ّصلة عوامل عديدة تفاعلت مع مرور الزمن .كما أ ّن د ارسة الظواهر االجتماع$ية في حالة$
الثبات فقط دون أن يوضع في االعتبار التط و ارت المختلفة لك ّل ظاهرة عبر التا$ريخ ،تعتبر د ارسة غير كافية
ّ$
1- Maurice Bouvier-Ajam: Essai de méthodologie historique, Edition Le Pavillon, France, 1970, p22.
ّأل$نها تفتقر إلى الدّ$قة وينقصها اإل$طار $الزمني الحقيقي ،وبذ$لك يستطيع الباحث $االجتماعي الت ّع$رف على
أصول المشكلة باعتبار أ ّن هناك عالقة س ّب$ية بين الماضي والحاضر ،$ال من حيث كون الما$ضي أحد$اثا $ووقائعا
مف ّككة ،بل من حيث أنماط الحياة السائدة والنظم $االجتماعية ذات الداللة والمستوى الحضاري في
ك ّل حقبة من حقبات التاريخ$.
وعلى هذا األساس فإ ّن التا$ريخ الذي نعنيه$ $ليس م ّج$رد مجموعة من األحداث ،وليس مجّ$رد سرد
لحياة الملوك أو األم ارء ،كما أنه $ليس تسلسال لغزوات والمعارك ،بل هو ترجمة لحي$اة الشعو$ب وتط ورها
ّ$
)(1
الحضاري.
وُيعتبر الفيسلسوف اإليطا$لي جيوفاني باتيستا فيكو ُمبت دع المنهج التا$ريخي في العلوم االجتماعية،
فهو القائل بأ ّن العلم يجب أن يّتخذ العصر الذ$ي بدأ فيه الموضوع الذي نعنيه بالبحث في الظهور كنقطة
)(2
بداية الد ارسة لهذا الموضوع$.
أ ما سان سيمون فيرجع إليه الفضل في الربط بي$ن المنهج التاريخي والمنهج العلمي في الب$حث ،فقد
ّ
عّ$رف التا$ريخ بأ$نه الحالة االجتماعية لشعوب ،وعلى هذا ال يتي ّسر الوقوف على التاريخ $الحقيقي إّ$ال إذ$ا
وأوضحت بولينـ يونج أهمية التا$ريخ في البحث االجتماعي بقولها "أننا في البحث االجتماعي
نتعّقب التط ور الماضي لكي نعيد نب اء $العمليات االجتماعية ،ونربط الحاضر با$لماضي ونفهم القوى
ّ$
االجتماعية اأ$لولى التي شغلت الحا$ضر ،قب صد $الوصول إلى فهم يمكن أن يساعد في صياغة المبادئ أو
القوانين االجتماعية الخاصة بالسلوك اإلنسا$ن ي أللشخاص أو الجماعات أو النظم (3) ".أ ما عن
ّ ّ
وجهة $نظر كاـرتر فاجود في$رى أن التا$ريخ واسع كاّتساع $الحياة $نفسها ،يض م الميدان الكّ$لي
ّ$
الشامل لماضي البشري والحقائق $والبيانات $التار$يخية ،بحيث ُينظر إليها $على أنها $جزء ال يت ّج$أ$ز من عملية
1-محمد عاطف غيث :علمـ االجتماع الحضري -مدخل نظري $،-دار النهضة العربية $للطباعة والنشر $والتوزيع ،القا$هرة-مصر،
ص م.351990،
2-محمد طلعت عيسى :البحث العلمي -مبادئه ومناهجه ،-ط ،3مكتبة القاهرة الحديثة ،القاهرة-مصر1963 ،م ،ص202.
3-المرجع السابق ،ص214.
النم و االجتماعي وعملية الحياة االجتماعية الشا$ملة التي كانت تحيط بها أكثر منها حقائق مت ّف$رقة أو منفصلة$
ّ$
)(1
عن الحياة المحيطة بها.
فالتاريخ هو ذلك الوصف لحقائق والوقائع واأ$لحداث الماضية التي تست ّم$د منها األحداث الحا$ضرة
تركيبتها ونماذجها.
واذا كان المتخ ّصصون في العلوم االجتماعية $واإلنسا ّن$ية $يميلون إلى استخدام المنهج التا$ريخي،
فألنهم يريدون الوصول من خالل ذلك $إلى المبادئ والقوانين العامة عن طريق $البحث في أحد$اث التا$ريخ$
)(2
الماضية ،$وتحليل الحقائق المتعّلقة بالمشكالت اإلنسا ّن$ية والقوى االجتماعية التي ش ّكلت الحاضر.
القوانين االجتماعي$ة، وبهذا فقد تم ّكن علماء االجت$ماع بفضل هذا الم$نهج من الوصول إلى بعض
واستخدموا في ثناياه المالحظة واالستق ارء$.
ومن مصادر البحـث التـاريخي:
-السج ّالت $والوثائق المكتوبة أو الشفوية التي كانت موجودة في فترة زمنية $م ّع$ينة والمتّعلقة با$لظا$هرة موضوع
البحث.
-اآلثار التا$ريخية كا$لمباني القديمة ،األدوات والمالبس القديمة - .المج
ّالت والصحف ،$القصص ،األساطير ،الد $ارسات السابقة ،$الحكاي$$ات الشعبية ،$المذ ّك ارت ،السير الذاتي$ $ة لألشخاص ال $ذين
عايشو$ا تلك الفترة الزمني$ة ،المصادر الشخصية ،الكتب العلمية والفنية المتعلقة بحقائق$
) (3
وأحداث موضوع البحث الت$اريخي.
ومن خطوات تطبيق المنهج التاريخي:
أ -توضيح مشكلة البحث $:يشترط في مشكلة $البحث توافر $شروط كأه ّ ّم$يتها ومدى مناسبة المنهج التا$ريخي
لها وتوافر اإلمكانيات ال ّالزمة وأهمية النتا$ئج التي سيتو ّصل إليها الباحث$.
ب -جمع البيانات الالزـمةـ (التمييز بين نوعي المصادر اأ ّل$ولية والثانوية)$
• المصادر األوـلية تمّثل في السج ّالت ،الوثائق واآلثار ،وُيعتبر الق آرن الكريم من المصادر األ ولية وكذلك
ّ$
تاريخ ابن خلدون والرحالت$.$
ُكتب فيه ،وف ّك رموزها وألغازها ،لذلك على الباحث أن يكون خبي ار بمعرفة ا لغة قديمها وحديثها الذي
حّتى
يتم ّكن من تحليل ونقد وتق يم الوثي$قة $.واذا
كان التحليل اإليجابي يفيدنا في معرفة قصد المؤّلف ومعانيه وأسلو$به وحّتى ت اركيب ا لغة ،فإ ّن
التحليل السلبي يفيد في معرفة الظروف المحيطة بالمؤلّف والتي كان لها تأثير على الوثيقة .كما تدّلنا هذه
ّصة أو مصلحّ$ية أو
الظروف على معرفة الدوافع األساسية و ارء تأ$ليف الوثيقة ،هل هي دوافع خا
ع$ية
جما ّ
يريد من خاللها صاحب الوثيقة أن يدافع عنها.
د -صياغة الفروض :بعد أن ينتهي الباحث من الجمع والتحلي$ل والنقد ،يعمل على تشكيل فروض لد ارسة
تساعده في تحديد اّتجاهه ومسار $د ارسته .علما بأ ّن النقد الخا$رجي والداخلي لمعلومات $يكون بم$ثابة اختبار$
)(1
ض$يات الد ارسة $أو إثبات أو نفي لها.
فر ّ
إ ّن المشكلة الكبرى في البحوث التا$ريخية $هي نجاح الباحث $في تركيب الم ّا$دة التي يجمعها في إطار
مو ّحد ال نت اقض فيه ،أل ّن البحث التاريخي ّي$تصل بما ٍض انتهى وال توافر عنه إّ$ال بيانات جز ّئ$ية تخضع
1-ربحي مصطفى عليان وعثمان محمد غنية :مناهج وأساليب البحث العلمي ،دار الصفا ،ع ّمان-األردن2000 ،م ،ص41$.
مشاكلهم ،ومن خالل د ارسة تلك النظريات واألساليب يمكن الربط بين الظواهر الحا$لية والظواه$ر الماضي$ة.
كما أنها تساعد في فهم الجوانب اإليجابي$ة والسلب$ية لحياة الشعوب في الماضي ،وبالت$الي يستفيد اإلنسان من
نقاط ا قل وة في الماضي ،حيث $يسعى لالستعانة بها في ح ّل مشاكله $الحالية ،كما يأخذ ال عبر من نقاط$
ّ$
الضعف التي مضت فيعمل على تجّ$نبها .وبذ$لك فإ ّن هذه الد ارسات التا$ريخية تعطي فكرة مص ّغرة عن
العالقات بين الظواهر اال$جتماعية والعوامل التي ّأ$دت إلى نشأة وبروز المشاكل التي واجهها النا$س في فترة
)(3
زم ّن$ية م ّع$ينة.
أ ما عيوبه ف تجّلى في - $:أ ّن
ّ
المعرفة التا$ريخية ليست كاملة ،فهي ت ّق$دم صورة جزئية عن الماضي نظ ار لطبيعة المصادر التا$ريخية$
وت ّع$رضها لعو$امل التي قت ّلل من درجة الثقة بها مثل التلف والتزوير والت ّح$يز$.$
1-عمار بوحوش ،محمد محمود الذنيبات :مرجع سابق ،ص105.
2-عمر التومي الشيبان$ي :مناهج البحث االجتماعي ،مرجع سابق ،ص110$.
3-ذوقان عبيدات وآخرون :البحث العلمي-مفهومه ،أدواته ،أسلوبه $،-دار المجدالوي ،عمان-األردن1983 ،م ،ص173.
-صعوبة إخضاع البيانات التاريخية لتجريب ،األ$مر الذي يجعل الباحث يكتفي بعملية النقد الداخلي
والخا$رجي لوثائق.
-صعوبة التعميم والت ّن$بؤ ،$بسبب ار$تباط الظواه$ر التا$ريخية بظروف مناخية ومكانية م ّح$ددة والتي يصعب
تك اررها مرة أخرى ،كما يصعب على المؤرخين توّقع المستقبل$.
وعموما ،يستند هذا المنهج على كيفية $تفسير األحداث والوقائع وتدوين ك ّل ما حدث في الما$ضي
واذا كان التا$ريخ يعني تدوين ورواي$ة ما حدث في الماضي،
ص$ية لتاريخ األمم والشعوب.
وبطريقة تحلي ّل$ية تف ّح ّ
فإ ّن منهج البحث التاريخي يت ّح$دد في ذلك األسلوب الوثائ$قي المّتبع في جمع الحقائق والمعلوما$ت التاريخي$ة
من خالل د ارسة الوثائق والسج ّالت واآلثار$.
4-المنهج المقارنـ
المقار$نة كمنهج قائم بذاته حديثة النشأة ،لكنها قديمة قدم الفكر $اإلنسان ي $،فقد استخدمها أرسطو
ّ
وأفالطون كوسيلة لحو$ار والمناقشة ،كما استخ دمت في الد ارسات المتعّلقة با$لمواضيع العا مة والقضايا$
ّ
الجز$ئية التي تحتاج إلى الد ارسة والتدقيق ،لذلك $فإ ّن المنهج المقارن هو القيام $بعم ّل$ية التناظر أو $التقابل بين األشباه
والنظائر على ّح$د تعبير ابن خلدون والمقارنة بين خصائصها .وهو األداة المثلى في علم االجتماع$
ّأل$نه يقوم على أساس مقا$رنة الظاهرة االجتماعية في وضعين أو أوضاع مختلفة.
يعالج المنهج المقارن القصور الذي يت ّع$رض له المنهج التجريبي ،باعتبار هذا األخير يو$اجه$
صعوبات في العلوم االجتماعية ،لذلك ُيعتبر المنهج المقارن أحد المناهج الرئيسية المست َخ$دمة $في العلوم
االجتماعية.
الظواه
ر غير أ المنهج المقارن بأنه نو$ع من التجريب الغير مباشر، إيميل دوركايم يصف
ّن
االجتماعية ال تخضع جميعها لمقا$رنة ،إذ $يمكن فقط مقارنة الظواهر المتجانسة عكس ما هو قائم في
)(1
أ ما الظاهرة الظواهر الفيزيائية والتي تسهل مقارنتها قل اب ّل$يتها لتكرار وظهورها نتيجة حاالت متماثلة .
ّ
االجتماعية فهي حادثة إنسا ّن$ية $تح ّكم فيها ّح$رّية $اإلنسان وال تكّ$رر نب فس الطر$يقة $بسبب طابعها التا$ريخي.
واذا أ ارد الباحث مثال مقا$رنة مختلف الصور التي تش ّكل بها إحدى الظواهر االجتماعية في مختلف الشعوب،
1-عبد الناصر جندلي :تقنيات ومناهج البحث في العلوم السياسية واالجتماعية ،ط $،2ديوان المطبوعات الجامعية ،الج ازئر2007 ،م،
ص.169
و جدت$
ينبغي عزل هذه الظاهرة عن جميع ما عداها من مجموع الظواهر االجتماعية األخرى التي ُ
في
عصرها ،ومن الصعب هنا نت فيذ ذلك.
لذلك حكم أوغست كونت بعدم كفاية هذا المنهج ووجد أنه $ال ّب$د من ّس$د أوجه النقص $يف ه با$لمنهج
التا$ريخي ،وعليه فقد يستخدم عالم االجتماع المنهج التاريخي والمنهج المقارن م ًعا من خالل ّت$بع ظاهرة من
الظواهر االجتماعية في نشأتها وتط ورها ،ث م يقوم بمقارنتها على ّم$ر العصور في المجتمع الو$احد أو في
ّ$ ّ$
مجتمعات مختلفة ،حينئذ يس مى هذا المنهج بـالمنهج التاريخي المقارن.
ّ
وعموما فالمنهج المقارن هو الو$سيلة العل ّم$ية التي يستخدمها الباحث االجتماعي في د ارسة الظو$اهر
والعمليات والتفاعالت والمؤ ّسسات االجتماعية $دراسة مقارنة تخت ّص بد ارسة أو$جه الشبه واا$لختالف بين
الظواهر والمؤ ّسسات $في مجتمعات مختلفة وبيئات متباينة جغ ار ّف$يا واقلي ّم$يا ،وفي مجتمع واحد عبر فت ارت
)(1
بمعنى أنه طريقة لمعالجة الموضوعات ذات الطابع المقارن ببيان أوجه اا$لخت$الف وأوجه زم ّن$ية مختلفة .
التشابه بين جزئي الموضوع المبحوث.
يتض من المنهج المقا$رن مجموعة من الخطوات المنهجية والتي يمكن حصرها كما يلي:
ّ
-تحديد اإلشكالية وطر$ح التساؤلات $الفرعية التي تعكس أبعاد الد ارسة مع صياغة الفروض.
-تحديد المفاهيم والتعريفات اإلج ارئية ،بحيث يسبق المفهوم جمع البيانات الك ّم$ية .فالمفاهيم ضرورية$
ّ
كمرحلة انطالق مرج ّع$ية لتجميع الظواهر المتباي$نة ،أل ّن العلوم تعتمد على القاعدة المفاهيمّ$ية التي
1-إحسان محمد الحسن :مناهج البحث االجتماعي ،دار وائل ،األردن2005 ،م ،ص101$.
أوجه االتفاق واالختالف) ،والوجه الزماني والمك$اني (يعني المقا$رنة على أسا$س عاملي الزمان والمك$ان في
واحد ،أي مقارنة الظاهرة االجتماعية في مكان ما وزمان م ّع$ين مع تواجدها في أمكنة أخرى
آ ٍن
وأزمنة$
)(1
متباينة).
ويستخدم الباحث $المنهج المقارن بعد أن يكون قد أبرز سبب اختياره لهذا المنهج دون غيره من
البحث به في محاور البحث ا نل ظرية ،وي ّح$دد ذلك
الم$ناهج ،ليستطيع أن يف ّسر بأ ّن المنهج المقار$ن يت م
ّ$
كاآلتي:
-ي ّح$دد المحاور التي قت تضي المقارنة ويعّلل سبب $المقا$رنة ،بحيث تنحصر المقا$رنة في توضيح أو$جه
الشبه واالختا$لف وماهية الظروف السائدة.
-ربط عالقة المقارنة بين جميع محاور البحث على أن يّتبع الباحث أسلوب التحليل في المقار$نة مع
االستعانة بالتحليل الك مي كّلما تطّلب األمر ذلك ) ،(2فالمنهج المقا$رن يرتكز على :ماذا يقارن...؟،
ّ
لماذا يقارن...؟ وكيف يقا$رن...؟$
وعليه تنحصر أهمية المقا$رنة وأهدافها في:
-توفير درجة عا$لية من العمومية واكتشاف المت ّغ$ي ارت الجديدة في الظواهر بفض$ل التفسي$ر المقار$ن.
-يحّقق تجميع المفردات المتشابهة االنسجام واالّتساق بينها ،وهو شرط ضروري لبناء ّأ$ية نظ$رّية ،فكّ$لما
تمايزت البنيات ا نل ظرية كّلما ازدادت التقسيمات بينها ع ًم$قا ،وبالتالي ظهور موضوعات
-يمّ$دنا المنهج المقارن با$لتجارب التي ت ّج$نبنا $الوقوع في األخطاء السا $قب ة وتفيدنا في إعاد$ة تجار$ب
ناجحة ،م ما يساعدنا على تقويم ثقافتنا الخا ّصة.$
ّ
ّصة با$لنسبة -هو المنهج المناسب لتحليل والتفسي$ر في ميدان العلوم االجتماعية ،خا$
لمو$ضوعات )(3
المعّقدة.
في العلوم االجتماعية ،والتي نخ ّص
كما تل ّخص أهمّ$ية المنهج المقارن وأهدافه في مدى استخداماته
بالذكر منها:
1-بلقاسم سالطنية وحسان الجيالني :مرجع سابق ،ص119.
2-رشيد زرواتي :مناهج وأدوات البحث العلمي في العلوم االجتماعية $،دار الهدى ،الج ازئر ،د.س ،ص97.
3-محمد شلبي : $المنهجية في التحليل السياسي-اـلمفاهيم ،المناهج ،االقت اربات واألدوات ،-دار هومه ،الج ازئر1997 ،م ،ص72 .
ه$م المعا ير التي
• في علم االجتماع :إ ّن البحث السوسيو$لوجي يستدعي المقا$رنات التي ُتعتبر $من أ ّ
اعتمدها علماء االجتماع في أولى أبحاثهم ،حيث اعتبروها األداة األ$فضل لبحوث علم االجتماع،
ع$ية متماثلة .فالعالم االجتماعي يستعين في
ع$ية المتماثلة ُتحدث شروط اجتما ّ
أل ّن الشروط االجتما ّ
تحقيق الفروض بالتا$ريخ المقارن ،فيتنا$ول المجتمعات في أمكنة وأزمنة مختلفة وكيف أ ن الظا$ه
رة ّ
الم ّح$ددة ت ّغ$ير تب ًعا لت ّغ$ير ظاهرة أخرة م ّع$ينة ،فأساس منهج علم االجتماع هو منهج المقارنة لك$ونه
يعتمد على اإلحصاء والخطوط البيانّ$ية في شكل رياضي ،وفي هذا السياق نجد أ ّن إيميل دوركايم
)(1
قد مزج بين المنهج التا$ريخي والمنهج المقارن في د ارساته المختلفة.
• في العـلوم السياسّـية :لقد ساهم المنهج المقارن بدرجة كبيرة في تطّ$ور علم السياسة ،حيث استخد$مه
مونتيسكيو في تصنيفاته لألنظمة إلى جمهورّية مل ّك$ية دستوّرية واستبدادّ$ية ،وار$تكزت مقارنته نب ا ًء
على الممارسة الفع ّل$ية المطّ$بقة داخل النظام ،وكذا األ$مر با$لنسبة إلى ميكيـافيـلي في تصنيفه لد$ول
(الدو$لة التي يحكمها ملك واحد ،الدولة األرستق ارطّ$ية والدو$لة الديمق
ط$ية )$.وبنا ًء على هذه االستخدامات في شّتى العلوم ،يظهر المنهج المقا$رن في عالقة حتمّ$ية با$لعديد
ار ّ
من
المناهج ،مثل منهج د ارسة الحا$لة والمنهج التجر$يبي والمنهج التاريخي .في المنهج التاريخي مثال نجد أ ّن
التاريخ $ال يكون منه ًجا لم ّج$رد تجميع األحداث ،بل أل ّن المنهج المقارن يعتمد أحيًانا $على التاريخ ،أل ّن
الباحث $يلجأ $إلى توظيف التا$ريخ الستخالص قوانين عا مة حو$ل ظاهرة ما من خالل مقارنة أشكال هذه
ّ
الظاهرة عبر التاريخ ،وهنا ظهر ما يس مى بـالتاـريخ المقارن كما سبق وأن أشرنا إليه عند إيميـل دوركايم .لكن
ّ
هذا ال يعني أن نخلط بين المنهج المقار$ن والمنهج التاريخي ،فالفكرة األسا ّس$ية في المنهج
التا$ريخي هي التط ور و تبعه وتعقبه على ّم$ر الزمان ،بينما الفكرة األساّ $س$ية في المنهج المقارن هي مقارنة
ّ$
ع $ين مختلفين .كما أ ّن المنهج التاريخي يجعل الباحث يرجع بالظاهرة إلى الو ارء
الظاهرة في وضعين اجتما ّ
الحاضر في ليرى كيف نشأت وتط ورت ،وفي المنهج المقا$رن يقارن الباحث ظاهرة موجودة في
ّ$
الوقت
مجتمعين مختلفين دون الحاجة إلى أن يعود بها $إلى الماضي$.
ّصة في عالقته مع المناه$ج
وبالرغم من التطبي$قات واالستخدامات العم ّل$ية لم$نهج المقا$رن خا
األ$خرى
وأهمّ$يته وأهدافه ،إّ$ال ّأ$نه $تّخ له بعض الصعوباـت التي ندرجها كاآلتي:
-صعوبة ضبط وتحديد بعض المفاهيم الجوهّرية التي ّتسم بالطابع العا م$.
ّ$
-صعوبة تحديد الوحدة الطبي ّع$ية لمقارنة كوحدة الدولة واألبنية $المختلفة لها$.
الحقائق عن جماعة من األف ارد في بيئة م ّع$ينة من حيث ظروفهم المعيشية وأنشطتهم وتكوينهم االجتماعي .فالد
ارسات المسحية هي من أكثر الطرق المباشر$ة لتحديد الكيفية التي يشعر ويف ّكر بها األ$ف ارد حول الموضوع
1-عامر مصباح :مرجع سابق ،ص97 .
2-زينب محمد زهري :علم اجتماع المسرح -تـقنياته النظرية والمنهجية والعلمية ،-مجلس الثقافة العاّ$م ،الجماهيرية ا ليبية ،د.س،
ص.99
3-بلقاسم سالط$نية ،حسان الجيا$لني :مرجع سابق ،ص34.
الذي ُيسأ$لون فيه $،حيث تمّثل إج ارءات $هذا النو$ع من الد ارسات $في سؤال مجموعة من األف ارد (المبحوثين)
)(1
ع$دة أسئلة تمحور حول سلوكاتهم واتجاهاتهم وآ ارئهم ومعتقداتهم.
ّ
أعداد كبيرة
ّظمة على معلومات ضخمة من ع$دة محاولات من
فمنهج المسح يقوم على ّ
لحصو$ل
المسح االجتماعي هو
لجمهور م ّع$ين ،من خالل أساليب $المقابلة $المقّ$ننة أو $استبيانات م ّق$ننة .بمعنى أ ّن
أسلوب لجمع البيانات عن طريق جماعة م ّع$ينة في بيئة م ّح$ددة $.وقد يتناول المسح االجتماعي د ارسة أحد$
ّظمة أو $مجتمع الجو$انب االجتماعية مثل الرعاية الص ّحية ،النشا$ط الز ارعي واالقتص$ادي ،وذلك في من
محّلي
)(2
أو المجتمع كك ّل.
ويخت ّص منهج المسح االجتماعي بتجميع البيانات من التقارير أو الجداول الك ّم$ية أو من كليهما،
ّ
حيث يعتمد على طرق وأدوات مختلفة لتجميع تلك البيانات ،$من أه مها المالحظة وأدواتها ،القو$ائم التك اررية،
ّ
)(3
قوائم الشطب ،والتقار$ير الوصفية التي يكتبها المالحظون عن الظواهر التي يس ّجلونها.
وهناك من يذهب بع ًي$دا في تحديد معنى المسح االجتماعي عندما يكون األمر متع ًّل$قا $بتفا$صيل
البيانات $المج َّمعة ،فَ$يعتبر المسح البحث ي هو ذلك النوع من اا$لستقصاء$ات العلمية االجتماعية والذي يهت م
ّ$ ّ
بد ارسة الظروف االجتماعية واالقتصادية وغيرها في مجتمع م ّع$ين عن طريق ال ّع$ينة قب صد تجميع البيانات$
والحقائق واستخالص النتائج $الالزمة لحّ $ل المشاكل االجتماعية $.بمعنىُ ،يستخدم البحث المسحي لإلشارة
إلى البحث الميداني الوصفي ،الذي يتض من بيانات ك ّم$ية عن مشكلة اجتماعّ$ية م ّع$ينة .ويرى موزر بأ ّن
ّ ّ
منهج المسح االجتماعي يتناول دراسة الخصائص الديمغ ارفّ$ية والبيئ$ة االجتماعّ$ية واألنشطة أو اآل ارء أو$
)(4
االتجاهات السائدة في جماعة م ّع$ينة.
وعليه فإ ّن منهج المسح االجتماعي هو طريقة $لجمع البيانات حو$ل ظاهرة اجتماعية م ّع$ينة بغر$ض د ارستها
والوصول إلى استنتاجات $عن المجتمع البحثي موضوع الد ارسة ،أو بغرض بناء إشكالي$ة وفرضيات$
البحث ،أو يكون الغرض هو اإلعالم والتوعية.
1-معتز سيد عبد اه$لل وعبد اللطيف محمد خليفة :علم النفس االجتماعي ،دار غريب للطباعة والنشر ،القاهرة-مصر ،د.س،.
ص.75،74
طـور $،-دار المعرفة الجامعية ،بيروت-لبنان1999 ،م ،ص154$.
2-عبد اهلل محمد عبد الرحمن :علم االجتماع -النشأة والت ّ
3-فؤاد البهي $السيد وسعد عبد الرحمن :علم النفـس االجـتماعي -رؤية معاصرة $،-دار الفكر العربي $،القاهرة-مصر1999 ،م،
ص.326
4-عبد اهلل عامر الهمالي :مرجع سابق ،ص119.،118
وتتناول مجاالت المسح $االجتماعي بالد ارسة موضوعات اجتماعية مختلفة مثل $:د ارسة السجون،
أحوال المساجين ،المشكالت والقضايا االجتماعية المختلفة ،الجماعات من مختلف الطبقات والمستويات،
)(1
القضايا األسرية واالجتماعية واالقتصادية والسيا$سية والدينية ،فئات $المجتمع وطبقاته والفروق $بين فئاته $.
ّصصات عديدة كعلم االجتماع
لذلك ُيعتبر المسح أو$سع المناهج استخدا ما وأكثرها شيو ًعا ،فهو ُيستخدم في تخ
ً
واالقتصاد واإلعالم واإلرشاد والز ارعة.
أهم خصائصه:
ومن ّ
-يعتبر المسح االجتماعي د ارسة لواقع االجتماعي عن طريق جمع البيا$نات الالزمة والضرورية عن
المجتمع البحثي موضوع الد ارسة بطريقة من ّظمة عن طريق استمارة مقابلة أو استمارة استبيان.
-يلجأ الباحثون في العلوم االجتماعية عمو ما إلى استخدام هذا المنهج ّأل$نه يم ّكن من اختبار ص ّحة$
ً$
الفروض واإلجابة على تساؤلات البحث.$
-غا ًل$با ما يستند المسح االجتماعي على قاعدة نظرية واضحة ،كأن يت ّب$نى القائمون عليه النظرية
ُيم كن التأ ّكد من صدق بيانات المسح االجتماعي باستخدام مح ّكات خارجية $وعن طريق تط$بيق
)(2
أـساليب إحصا $ئية متط ورة.
ّ$
و لقيام بعملية المسح االجتماعي فإنه من الض$روري ّاتباع الخطوات اآلتية لحصول على المصداقية
العلمية$:
-يبدأ المسح بتحديد الغرض منه تحد ًي$دا واض ًحا ،بحيث يتض من تحديد المشكلة واالعتبا ارت العل ّم$ية التي
ّ
ُيبنى عليها وهدفه الذي ال يتحّقق ّإ$ال عن طريق التخطيط ،بمعنى البناء $النظري لعملية $كك ّل
من حيث وضع أهدافها بدقّة ،إضافة إلى نب اء تصميم نظري لألسئلة التي ُتطرح على المبحوثين وتحديد
خصائص ال ّع$ينة المطلوبة والمكان والز$مان الالزمين لتنفيذ العملية $.وبما أ ّن طريقة المسح
تحتاج إلى مساعدين ّفّ $ن $ين في جمع البيانات $،وجب إعداد هؤالء المساعدين وذلك بتدريبهم تد$ر ًي$با
كافً$يا لضمان ص ّحة البيانات المتح ّصل عليها.
1-سامي ملحم :مناهج البحث في التربية وعلم النفس $،دار المسيرة ،القاهرة-مصر2000 ،م ،ص332.
2-عامر مصباح :مرجع سابق ،ص52 .
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-جمع البيانات التي تعتمد بشكل حيوي على ذكاء وخبرة القائم بعملية المسح االجتماعي ،خاّ $صة$
في تبديد الشكوك وتلطيف العالقات وبناء االتجاهات االجتماعية من خالل الشر$ح ،التفسير،
اإلقناع ،السلوك المنبسط والصبر ،و ت م هذه الخطوة عن طريق $المقابلة واإلستفتاء $والمالحظة
ّ$
وبعض المقا ي$س الم َحّ$ددة في جمع البيانات.
-تفريغ البيانات $باستخدام الجداول ،بحيث يت م تصنيفها إلى فئات $وفق مت ّغ$ي ارت البحث من أجل
ّ$
استخدام التح يل ل اإلحصائي على نطاق واسع كتشغيل ب ارمج اإ$لحصاء اآل$لي SPSSمثال.
-بعد القيام بتفر$يغ البيانات وتحلي$لها إحصائيا $تأتي مرحلة التفسير وصياغة النتائج عن طريق القيا$س المنطقي ،بمعنى الق
ارءة الكيفية لنتائج التي ُيعطيها التحليل اإلحصائي لتقديم معاني النتائج الك ّم$ية$
ّ
واضحة ومفهومة واستخالص النتائج العا مة $مع تقدير مدى الثقة في النتائج اإلحصائ$ية.
ّ بطريقة
()1
ويقترح أصحاب موسوعة العلوم السياسية خطوات أخرى أكثر تفصي ًال نل ّخصها في جمع المعلو$مات
عبر المصادر الداخلية (التي تعّلق با$لخب ارء القا$ئمين بعملية المسح) والمصادر الخارجية (االستعانة بخب ارء
)(2
من الخارج) ،وبعد عملية جمع البيانات يت م تشكيل لجنة لمعالجة $المعلومات.
ّ$
وعمو ما تل ّخص الخطوات األساسي$ة في أ ّي مسح $اجتماعي في وجود موضوع وخ ّطة وتفر$يغ البيانا$ت
ً$
وتفسيرها$.
وبنا ًء على مجاالت المسح اا$لجتماعي وخطواته ،تن وع المسو$ح االجتماعية وفقا لألداة ال مست َخ$دمة،
ُ ّ$
ص$ية م ّع$ينة ،كأن تكون خاصة بموضوع ثابت نسب يا$
فإذا كانت األداة هي المقابلة فإنها تأخذ شك ًال م ّعً $ي$نا وخا ّ ّ
غير ّأ$نها $تطّلب وقًتا طوي ًال $.واذا كانت األداة $المست َخ$دمة هي االستبيان ،فإ ّن المسح $االجتم$اعي يرتبط$
ع$دة أن ـوـاع ،أه مها :المس $ح
بالد ارسات اال$ستط$العية بشكل كبير .$وعم ًو$ما فق$$د ق ّسم الب$ $احثون المس $ح االجتماعي إلى ّ
ّ
عن طريق $المقابلة $الشخصي$ة ،المسح عن طريق الهاتف والمسح عن طريق االستبيان البر$يدي .وي ّق$دم
أصحاب موسوعة العلوم السياسية $تصني$فين أساّ $س $ين :مسو$ح التقاطع والمسوح الطويلة .حيث $يت م في مسوح التقاطع جمع
ّ$
البيانات ّم$رة واحدة فقط ويكون الهدف هو م ّج$رد القي $ام بال $د ارسة اا$لستطالعية .أ ما $في المس$و$ح الطويل $ة فإن $ه يت م
ّ$ ّ
جمع البيانات في أكثر من ّم$رة ،وغالبا ما يرتبط هذا ا نل وع من المسح االجتماع$ي بالد ارسات$
-43-
اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية:الفصل األول
1- Robert Evola; Mbonji Edjenguèlè: Manuel d'enquête par questionnaire en Sciences sociales
expérimentales, EPU, Éditions Publibook université, Paris, 2013, p128.
94$. ص،م1994 ، الكويت، جامعة الكويت، موسوعة العلوم السياسية: محمد محمود ربيع وآخرون2-
-43-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
ولتوضيح هذه األنواع نأخذ نماذ ًجا من بعض د ارسات المسوح االجتماعية ،ومن أه م هذه الد ارسا$ت:
ّ$
• د ارسة جون هوارد الذي ُي ّع$د من كبار المص$لحين االجتماعّ $ين في إنجلت ار ومن األو$ائل الذين استخدموا
بد ارسة مقارنة ألحو$ال السجون في عّ$دة دول أوربية ،$فقد كّلفته$ منهج المسح .ففي سنة 1775م $قام هوارد
ه$دا وم ّش$قة ،$حيث جمع بيانات ك ّم$ية عن موضوع الد ارسة $واعتمد على
عملية جمع البيانات من مصادرها ج ً
ّ
المالحظة بالمشا$ركة وعلى المقابلة الشخصية في الحصول على البيانات المطلوبة .كما قضى هوارد
السنوات الخمس األخيرة من حياته في د ارسة وسائل منع انتشار الطاعون ،ولكي ي ارقب كيف كان المرضى يعاَلجون في
المستشفيات األ$وروبية أخضع نفسه عن عمد لعدوى ،وبهذه الطريقة استطاع الت ّع$رف على
الظروف الحقيقية في المص ّحات (مستشفيات $األم ارض ال م ع دَ$ية ).بعدها قام نب شر كتاب "تقرير عن
ُ
المص ّحات الرئيسية في أوروبا عام 1987م ،"$عل ما بأنه توفّي في إحدى رحالته العلمية التي كان يجمع
ً
فيها البيانات الميدا ّن$ية.$
• د ارسات فريديريك لوبالي الذي حا$ول أن يكو$ن موضوع يا وغير مت ّح$يز في أبحاثه ،فقد $قام بفحص$
مي از ّن$يات العائالت ،وناقش مع أف ارد العائلة أوجه نشاطهم المال ي واالجتماعي وفحص بإمعان دفاتر الحسابات$
ّ
اليو ّم$ية .$وفي عام 1986م أ ّسس لوبالي من ّظمة عالمية لد ارسة االقتصاد االجتماعي ،وبإدخاله الوسيلة$
الفنّ$ية الخا ّصة $بم ارقبة $العائالت ،فتح $اّتجا ًها جد ًي$دا في المشاكل االجتماعية ،$وتكمن مساهماته الر$ئيسية$
لمنهج العلمي في استخدامه بشكل شامل الخط$وط المف ّصلة لكي ترشده $في مالحظاته .فعمل على تطوير
ص$ية $واالستفتاءات $والفحص الجاّ$د لدفاتر المحاسبة وغيرها من السج ّالت الشبيهة،
تق ّن$يات المقابالت الشخ ّ
واعتبارها من أه م الوسائل لتحّقق من البيانات $،وقد قام أيضا باستخدام طريقة د ارسة الحالة أو ما نس ميه
ّ ّ$
بالوصف الموضوعي لتا$ريخ أو حالة $فرد أو مجموعة م ّع$ينة على نطاق واسع .مع العلم أ ّن د ارسات لوبالي
لم تح ّل في الو$اقع ّأ$ية $مشكلة ،إّ$ال أنها زودتنا $بمعلومات ها مة ج دا عن فصول مختارة من الحياة العائلية،
ّ ّ
ومع ذلك فقد اعتقد لوبالي بأّ$نه $اكتشف عالقة وثيقة بين الرفاهية االقتصادية لعائلة ونجاح$ها العاطفي
)(1
واالجتماعي ،وبا$لرغم من ذلك الي ازل علماء االجتماع يستخدمون منهج لوبالي في المسح.
• بالنسبة للد ارسات المسحّـية عن الرأي العاّـم ،فإ ّن لل أري العاّ$م ّق$وة كبيرة في التأثير $على سلو$ك األف ارد
والهيئات الحاكمة ،لذلك يهت م به القائمون با$لتخطيط في كثير من ميادين النشاط اإلنسان ي ،ولقد أصبحت$
ّ ّ$
الكثير من الدول تهت م باستطالع ال أري العا م بطريقة من ّظمة ،حيث ُأن شئت لذلك هيئات خاّ $صة ،واهت مت به$
ّ ّ$ ّ$
-
44-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-
45-
الشركات ورجال األعمال خاّ $صة في عمليات التسويقُ .ويعتبر االستفتاء من أه م وسائ$ل قياس ال أري العا م،
ّ$ ّ$
خا ّصة تلك اآل ارء التي وصلت إلى درجة كبيرة من االستق ارر.
وي ّق$رر كانتريل أ ّن اأ$لسئلة ذات اإلجابات المفتو$حة لها قيمتها الكبيرة في تحلي$ل اآل ارء السائدة في
المجتمع ،وأ ّن اأ$لسئلة المغلقة لها قيمتها الكبير$ة في المشكالت الم ّح$ددة تحد ًي$دا واض ًحا ،أ ما األسئلة ذات$
ّ
االحتماالت المت ّع$ددة فتفيد عندما يكون ألحد الجانبين أو لكليهما عدة احتماالت .وعمو ما ،فإ ّن نوعية األ$سئلة
ً$
المطروحة سو$اء كانت مفتوحة أو مغلقة أو مت ّع$ددة االحتماالت ،هي التي تو ّضح الموضوع
المدروس.
والمالحظ أ ّن الكثير من الشركات تطّ$بق مس ًحا لل أري العا م في ما يتعلّق باألسواق لتحديد المنتجات أو$
ّ$
التعلي$ل أو اإل$عالن من أجل إغ ارء المستهلك ،وفي هذا المجا$ل فقد حّققت المؤ ّسسات $التجارية والصناعية$
زيادة في األربا$ح من خالل أخذ الحذر من األخطاء في تسويق منتجاهم وهذا بفضل معرفة رّد فعل
)(1
المستهلك.
واجم ًا$ال ،ي ّمثل ال أري العا م اّتجا ًها يشترك فيه عدد كبير من األف ارد في مجتمع م ّع$ين ،قد يكون
ّ$
متماث ًال بين أف ارد المجتمع ،وقد يكون مختلفا $بين الجماعات الفرعية داخل اإلطار العا م.
ّ$
وهناك العديد من الم ازياـ التي تحّ$دث عنها علم$اء المنهجية $الخاصة $با$لمسح االجتماعي نل ّخصها
في:
-يم ّكن المسح االجتماعي من الحصو$ل على بيانات كثيرة يمكن اختبا$رها دون بذل مجهودات كبي$رة.
ّص ل
-تطبيق أداة المقا$بلة أو $المالحظة في المسح ،يعمل على تدقيق البيانات المتح
عليها.
مناسبة $لمبحوث لتفكير $حول اإلجا$بة عن األسئلة خاّ $ -قّلة التكاليف $المالية $ووجود فترة زمنية
ص
ة$ عند استخدام اال$ستبيان البريدي.
-ت ّم$يز المسو$ح االجتماعية بدرجة كبيرة من المرونة وعدم ت ّح$يز المستجوبين في اإلدالء بالمعلومات
الحقيقية ،حيث يسمح لقا$ئم بالمقابلة توضيح بع$ض الكلمات التي قد تبدو واضحة لمبحوث$.
-ارتفاع م ّع$دل تجاوب ال ّع$ينة مع عملية المسح اا$لجتماعي ،م ما يسمح بجمع معلومات إضافية مح ّل
ّ
)(2
اهتمام الباحث خا ّصة في محور االقت ارحات أو اآل ارء المفتوحة.
ومن عيوب المسح االجتماعي سطحية المعلومات المتح ّصل عليها بسبب االهتمام المت ازيد بجمع
بيانات كثيرة في فترة زمنية واحدة وم ّح$ددة ،كما أ ّن العديد من المستجوبين يعمدون إلى إخفاء أس اررهم لتقديم
1-محمد زيان عمر :مرجع سابق ،ص43.
2-محمد محمود ربيع وآخرون :مرجع سابق ،ص66.
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
ص$يتهم وسلوكهم االجتماعي .لكن يبقى المسح االجتماعي أحد المناهج المستخدمة
الصورة ال ّج$يدة عن شخ ّ
ع$بر عنه معتز ّسـيد عبد اهلل وعبد اللطيف محمد خليفة
على نطاق واسع في البحوث االجتماعية ،وهذا ما ّ
في أ ّن الهدف من الد ارسات المس ّح$ية هو محاولة جمع الخصائص الممّ$يزة لظاهرة م ّع$ينة قب صد استخدام
البيانات التي يت م الحصو$ل عليها لتعزيز ظروف معاشة وتأ يد ممارسات ارهنة أو لعمل تخطيطات أكثر
ّ$
)(1
كفاءة وفاع ّل$ية لتحسين الظروف والعم ّل$يات االجتماعية.
والجدير با$لذكر في المسح االجتماعي أنه يختلف عن البحث االجتماعي في أ ّن المسح االجتم$اعي
خا ّص بمكان محدود أو قرية أو مدينة أو منطقة $من المناطق ،$بينما البحث االجتماعي عا م يشمل المجتمع
ّ$
بأسره ،ويهدف إلى تحقيق غرض عا م ُيرجى منه استفادة عدد كبير من أف ارد المجتمع كمحاولة إدخال نظام التأمين
ّ$
االجتم$اعي والضمان االجتماعي ،بينما المشكلة التي يهدف إليها المسح االجتماعي تكون محدودة
كاأل ّم$ية والطالق أو ت ّع$دد الزوجات .كما يهدف البحث االجتماعي إلى د ارسة $الظواهر االجتماعية$
ّ
إلى الكشف عن األسباب المؤدية إلى مظه واالقتصادية .$.لمجتمع ،بينما يهدف المسح االجتماعي
ّ$
ر
)(2
انحاللي في تلك البيئة المحدودة لعالجه فوا$ر.
ً
معاصرة ضمن سياق الحياة الواقعية .ويف َّضل استخدامه عندما تكون هناك رغبة في د ارسة حالة تحتوي
على العديد من المت ّغ$ي ارت والعوامل المرتبطة مع بعضها البعض والتي يمكن مالحظتها .فمنهج
د ارسة الحا$لة يقوم على التع مق في د ارسة مرحلة م ّع$ينة من تا$ريخ حياة الوحدة موضوع الد ارسة
ّ
أو د ارسة $جميع الم ارحل التي ّم$رت بها ،بغرض الكشف عن العوامل التي تؤثّر في الوحدة المد$روسة وعن
العالقات الس ّب$ية بين أج ازء هذه الوحدة.
ولقد انتشر استخدام منهج د ارسة الحا$لة في مجال البحث االجتماعي عندما ساءت ظروف الع$مل
وظهرت اآلثا$ر االجتماعية $السيئة $نتيجة التوّ $سع الصناعي في ظروف الحياة $الع ما ّل$ية $.وعادة ما ُيطَّ$بق هذا
ّ
المنهج على األسرة وفي ميادين العمل المختلفة ،وبصفة خا ّصة على مؤ ّسسة أو هيئة $اجتماعية ،$حيث يقوم
-46-
اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية:الفصل األول
75.،74 ص، مرجع ساـبق:لل وعبد اللطيف محمد خليفة$ معتز سيد عبد اه1-
2- Roger Mucchielli: Le questionnaire dans l’enquête psycho-sociale -Connaissance du problème,
applications pratiques-, 10ème Ed, Entreprise Moderne d’Edition, Paris, 1993, p65.
-46-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
الباحث االجتماعي بأخذ عّ$ينات $تمّثل الطبقة التي يقوم بد ارستها ،ث م ُيجري البحث على هذه الحا$الت المختارة
ّ$
لتعميم نتائجها على المجموعة كّلها.
ع$ية من وحدات أكثر اّتساً $عا،
وتشير ال ّع$ينة االحتمالية إلى الطريقة التي ي ّت$م بها اختيار مجموعة فر ّ
)(1
ع$ية فرصة االختيار ضمن ال ّع$ينة.
بحيث يكون لك ّل وحدة ووحدة فر ّ
وهناك طريقتان ُتستخدمان في د ارسة الحا$لة :تا$ريخ الحالة $والتاريخ الشخصي لحا$لة .حيث يشمل
تاريخ الحالة ق ّصة تط ورها فيحصل الباحث على بيانات من مصادر مت ّع$ددة مثل األسرة والمدرسة ،ويستعين
ّ$
بك ّل الوثائق والسج ّالت $المتاحة التي يمكن أن تض ّمن بيانات من هذا النوع .أ ّما التاريخـ الشخصي للحالة
فهو صورة من صور تاريخ الحالة يع رض فيه الباحث الحو$ادث التي ّم$رت بالمبحوث من وجهة نظره.
وهذا يعني أ ّن تاريخ $الحالة يهت م بمدى صدق البيانات ،$أ ما التا$ريخ الشخصي لحا$لة $فيرّكز على
ّ ّ$
عرض حياة الفرد من وجهة نظره الخا
ّصة.
وليست هناك قو$اعد م ّح$ددة يهتدي إليها الباحث في اختيا$ر الحاالت لد ارسة ،ولكن يمكن القو$ل
بصفة عا مة أ ّن النتيجة تكون صحيحة إذا كانت ال ّع$ينة عشوائية وكبيرة إلى ّح$د ما ،فكّلما ازد عدد أف ارد
ّ
ال ّع$ينة كّلما $كانت النتائج أكثر دقّة وص ّحة ،إض$افة إلى وجود درجة من التجانس لوحدات المختارة للبحث$.
و تمّ$يز الد ارسة باستخدام هذا المنهج عن الحص$ر الشامل باآلتي$:
-استخدام ال ّع$ينة يوّفر جًزءا من التكاليف $والجهد والوقت ،حيث ّأ$ننا $نستخدم جًزءا من المجتمع ال
كّله$.
-يمكن الحصول على الردود الكاملة الدقيقة إذا استخدمنا جًزءا من المجتمع كّله ،م ما يسمح بمتابعة
ّ
عدد األف ارد عن طريق الزيا ارت الش$خصية.
الحصول عليه من أف ارد المجتمع
-يمكن الحصول من أف ارد ال ّع$ينة $على بيانات أكثر م ما نستطيع
ّ
كّله ،وبذلك $نستطيع توسيع مجال البحث.$
-تحليل نتائج $الحصر $الشامل يحتا$ج إلى وقت $طويل م ما ُينقص االستفادة $من البحث ،بينما ال ّع$ينة
ّ
نصل إلى تحلي$ل نتائجها في وقت سريع بما يحّقق االستفادة منها.
ظروف التعدادات قد تؤّ$دي إلى حذف بع$ض
َ -تحدث بعض األخطاء في الحصر الشامل ،إذ $أ ّن
الوحدات ،ولذلكُ $يستحسن قيا$س دّقتها بال ّع$ينة$.
-
47-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-
48-
أ ّما مصادر المعلومات فعادة ما يلجأ الباحث $إلى الحالة نفسها كما كان يفعل فرويد أثناء د ارسته
لمرضاه ،حيث $كان يطلب منهم استرجاع ذكرياتهم وخب ارتهم الماضية ،وكان يلجأ $أحيانا $إلى التنويم$
المغناطيسي ،فيكشف األف ارد عن الكثير $من الم$علومات المتعّلقة بحياتهم ،فيجمعها ويستفيد منها في تن ائجه $.كما يستفيد الباحث
في د ارسة الحا$لة من ك ّل الوثائق الشخصّ$ية والعا مة ،كالسير الذ$اتية والمذ ّك ارت وغيرها
ّ
من التقا$رير األخرى التي ُت قل ي مز ًي$دا من الضوء على الحا$لة وُتع مق البحث فيها .ولقد
ّ
استخدم العالم الفرنس$ي فريديريك لوبالي هذا المنهج في د ارسته $لألسرة ،واّتخذها كوحدة قل ي$اس
(1ولقد ت ّع$ددت مفاهيم د ارسة $الحالة ،فبعضهم يمّثلها بالد ارسة التاريخية لحا$لة أو $المجتمع ،وبعضهم
مم$يزة في خطوات $الد ارسة ) ،(2والبعض اآلخر $يجعل د ارسة الحا$لة $جزًءا منيفصل بينهما بسبب الفو$ارق ال ّ
المنهج الوصفي ،خاصة عند د ارسة العالقات المتبادلة ،وفئة أخرى ت اره منهجا $متمّ$ي از لكونه يهدف إلى
)(3
ومن أمثلة هذا اال$ختالف ما يلي: الت ّع$رف على وضعية واحدة م ّع$ينة وبطريقة تفصيلية دقيقة. $
د ارسة الحالة عند ريفلين :تنا$ول الشكوى من خالل الكشف عن أسباب حالة العميل إلى العيادة •
النفسية أو $المو ّجه ،$التاريخ التط وري لعميل ،الم$ظهر الجسمي ،الد ارسة والتحصيل ،نتائج $الفحص
ّ$
الطّ$بي ،البيئة األسرية واالجتماعية لعميل$.
د ارسة الحالة عند جونز :وتشتمل على الفحص الطّ$بي النفسي ،الصحة العا ّمة ،النواحي الد ارسية$ •
والنو$احي العقلية ،الصحة والتطور الص ّحي لحا$لة ،التا$ريخ األسري ،التا$ريخ االجتماعي ،التشخي$ص،
العالج والمتابعة.
د ارسة الحالة عند ست ارنج :تشتمل على تاريخ األسرة ،تاريخ تطّ$ور الحالة ،البيئة المح ّّلية ،التطّ$$ور •
الد ارسي ،الخ ّطة الد ارسية والمهنية ،نتا$ئج االختبا ارت والمقا يس الموضوعية ،التقارير الشخصي$ة أو$
)(4
الذاتية.
1-أحمد عباده سرحان :مقدمة في اإلحصاء االجتماعي ،الدار القومية ،مصر1963 ،م ،ص11 .
2-عطوف محمود ياسين :مدخل في علم النفس االجتماعي ،دار النهار ،بيروت-لبنان1981 ،م ،ص47$.
3-جابر عبد الحميد جابر وآخرون ،مرجع سابق ،ص165.
4-عطوف محمود ياسين :مرجع سابق ،ص47$.
وعموما فإ ّن منهج دراسة الحالة ّيتجه إلى جمع البيانات العلمية المت ّعلقة بأ ّي وحدة ،فرًدا كان أم
مؤ ّسسة أم نظا ما اجتماعيا ،قب صد الوصول إلى تعميمات متعّلقة بالوحدة المدروسة وبا$لوحدات $المتشابهة،
ً
)(1
فمن مقاصده الرئيسية الوصول إلى تعميمات.
ومن ث م يحاول الباحث من خالل منهج د ارسة الحالة أن يجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن
ّ$
هذه الحالة ،وبخا ّصة تلك المعلومات التي تّصل بتاريخ حياة الحا$لة وتط ورها ،وما إن يفر$غ الباحث من
ّ$
جمع هذه المعلومات الشاملة ،يحاول أن ي ّح$دد معالم الصورة الكّلية بخب ارت المبحوثين وتجاربهم وأفكارهم
)(2
خالل الزمن ،وتفسير هذا الموقف الّكلي.
ومن خطوات د ارسة الحالة:
-تحديد الحا$لة المطلوب د ارستها ،أي اختيا$ر الحاالت التي تمّثل المشكلة المدروسة ،بمعنى التركيز على حاالت
ع$ينات $عشوائية من المشكلة ،بحيث تكون ال ّع$ينة كافية وأن يقتصر $الباحث على حاالت$
نموذجية أو ّ
قليلة ودقيقة من أجل د ارستها بدّقة وشمو$ل في آن واحد$.
ض$ية أ ولية ث م التأ ّكد من ص ّحتها وصدقها بهدف نت ظيمها والتنسيق$ -جمع المعلومات وتدقيقها في ضوء فر
ّ ّ$ّ $
بين عناصرها.
ض$يات التي تف ّسر المشكلة $ونشأ$تها وتط ورها ،وهذا ما يس مى با$لتشخيص األ ولي لعوامل المشكلة
-وضع الفر ّ
ّ$ ّ ّ$
والذي ي ّؤ$دي إلى االستنتاجات الدقيقة$.
-اقت ارح نوع المعاملة أو العالج في ضوء ّش$دة الحالة $وقسوتها وفي ظروف بيئي$ة تساعد على نجاح العالج،
وهذا يتطّلب تب ّصار وفه ما لديناميكية السلوك اإلنسان ي في الوضع االجتماعي الذي تعمل فيه .لذلك فإ ّن
ّ ً ً$
فعالية د ارسة الحا$لة مرتبطة بالكفاءة التدريبية لبا$حث في مجال علم النفس وعلم االجتماع دون إغفال د ارسة
ّطلع على المعلوما$ت الخا$صة با$لفرد (العميل) إّ$ال الشخص القا$ئم بد ارسة الحا$لة$
الحا$لة با$ل ّس$رّية التا مة ،فال ي
ّ
واألخ ّصائي.
)(3
-المتابعة واالستم ارر لتأ ّكد من صدق التشخي$ص ومدى مناسبته لعالج.
ولتوضيح $سيرورة هذه العملية ،يقوم الباحث بما $يلي$:
كبيرة أو صغيرة ،فالوحدة الصغيرة قد تكون جزًءا من د ارسة إحدى الحاالت .فإذا كان البحث مثال ينص ّب
ّمحلي ،فإ ّن هذا المجتمع قد يكون بمثابة الحالة ،بينما تصبح $األنظمة االجتماعية على د ارسة مجتمع
والجماعات المك ونة لمجتمع المّحلي وكذلك األف ارد بمثابة أج ازء أو موقف $أو $عوامل داخلة في تك$وين الحالة.$
ّ$
1-عبد الباقي $زيدان :قواعد البحث االجتماعي $،مطبعة السعادة ،القاهرة-مصر1980 ،م ،ص271$.،270
2-محمد علي محمد :مرجع سابق ،ص293.
فمنهج د ارسة الحالة يقوم على أساس التع مق في د ارسة الوحدات المختلفة وعدم االكتفاء با$لو$صف$
ّ
)(1
الخا$رجي لموقف ،من أجل الكشف عن العالقا$ت الس بّ$ية بين أج ازء الظاهرة.
ومن م ازياـ هذا المنهج أنه يدرس الخب ارت والمواقف االجتماعية داخل السياق الذي ال تنفصل عنه
هذه الخب ارت والمو$اقف ،والذي يش ّكل مك ونات وجودها ،ومن ث م يرتبط حاضرها بماضيها ،فهو الوسيلة التي$
ّ$ ّ$
تم ّكننا من فهم الخبرة اإلنسا ّن$ية الحقيقية واالتجا$هات التي تش ّكل الو$اقع االجتماعي بحيّويته وفعا$ليته الكاملة،
فد ارسة الحالة هي من أحد أسا$ليب البحث الوصفي من خالل التحليل اال$جتماعي لظاهرة المدروسة.
ومن عيوبه أ ّن الباحث قد يلجأ $إلى تفسير الحالة من وجهة نظره ووفقا $لمشاعره الخاصة ،فيصعب
تحديد مدى صدق المعطيات وتفسيرها ،كما يؤخذ $على د ارسة الحا$لة صفة التعميم من حاالت ال تمّثل
الواقع ،ومثل هذه الحاالت $الشاّ$ذة يمكن تفاديها عن طريق المقابالت $المضبوطة والتسجيل الموّ $حد من جانب $مو ّحد،
)(2
كما قد تبرز مع اإلشارة إلى أ ّن هناك تكاليف باهضة $لعملية إج ارء المقابالت واستيفاء البيانات .
بعض الشكوك في ص ّحة البيانات المع ممة وخاصة إذا كانت البيانات غامضة ومبهمة ،م ما يض ّطر الباحث$
ّ ّ
أو يلجأ إلى التركيز على الجوانب التي ته مه ويهمل الجوانب التي أن يستغّلها لتحقيق أهداف شخص$ية
ّ
تتناقض ومعتقداته.
واجماال فإ ّن منهج دراسة الحالة $هو المنهج الو$حيد الذي يدرس الحا$الت بصورة مع مقة ودقيقة إذا
ّ
ُأح سن استخدامه وضبط مؤ ّش ارته.
ص$فا
بولسون بأنه أسلوب أو أداة أو بحث لو$صف المحتوى الظاهر أو الواضح لرسالة اإلع$المية و ً
)(2
ك م يا وموضوع يا ومن ّظ ما .
ً ّ
-يتناو$ل تحليل المضمون الخص$ائص ا لغوية والرمزية $لم ّا$دة االتصالية في شكل مصطلحا$ت تخضع
لضبط الدقيق ،وأنه يسعى لتحويل المضمون إلى ماّ$دة قابلة لتلخيص والمقا$رنة والقياس الك مي $.لذلك ُيعتبر
ّ
أداة لمالحظة ،لكنها ليست مالحظة مباشرة لسلوك أف ارد أو جماعات ،و ّا$نما هي مالحظة غير مباشرة
تقتصر على تحليل مضامين المادة اال$تصالية ،للحصو$ل على استنتاجات صحيحة ذات $صلة بفروض
الد ارسة.
تحليل المحتوى بأنه أسلوب يحّقق االستدالل الموضوعي
-وي ّع$رف ك ّل من هولستي وكارني وستون
والمن ّظم لسمات الخا$صة با$لرسا$لة.
-هو مجموعة الخطوات $المنهجية التي تسعى إلى اكتشاف المعاني الكامنة في المحتوى والعالقات$
)(3
االرتباطية بهذه المعاني من خالل البحث الك مي الموضوعي والمن ّظم لسمات الظاهرة في هذا المحتوى.
ّ
وعموما فإ ّن منهج تحليل المحتوى هو $أحد المنا$هج المست َخ$دمة في تحليل الوثا$ئق ،مضمون الك$تب
المدرس$ّ$ية $والمذ ّك ارت السياس$$ية ،الص $حف والرس $ائل اإلعالمي $ $ة ،لمعرف $ة األفك$$ار واالعتق$ $ادات $واإ$ل $ديولوجيات،$
والصور المعرفّ$ية وأنماط القي $ادة وما إلى ذل $ك .كما تجدر اإلشارة إلى أ ّن طريق $ة تحلي $ل المحت $وى ق $د استخ دمت كثي
ار في البحوث االجتماعية في د ارسة ووصف $وقياس ك مي لمحتوى العا م لظاهرة موضوع الد ارسة ،حيث$
ّ$ ّ
يتك ون هذا المحتوى من مجموعة كلمات أو رموز ،أو مفردات لغّوية ،أو مجموعة من الصور ،أو الخطابات،
ّ$
)(4
أو الصحف والمج ّالت ،أو الروايات والكتب واأ$لفالم السينمائية ،وغيرها من الوثائق الرسمية والشخصية .
وبعد التط و ارت التي شهدها منهج تحليل المضمون $،فلقد حاول العلماء تحديد وحداته التي يعتمد عليها في تحليل
ّ$
الخطاب اإلنسان ي في البحوث االجتماعية .حيث نعني بوحدة التحلي$ل الوحدة التي ستعطى درجة ،والتي قد تكون كلمة أو
ّ
ص$ية ..$.كما قد تكون سنتيمتا$ر
جملة أو $فقرة أو $مقال أو عمود أو فكرة شخ ّ
ً$
)(5
من المساحة التي تشغلها الرسا$لة االتصاّ $ل$ية ،أو $دقيقة من زمن اإلرسا$ل اإلذاعي أو التلفزيوني.
خيا ّل$ية أو حقي ّق$ية ،وهذا ما يحّتم ق ارءة العمل األد$بي سواء كانت هذه الشخصية أو فلسفي م ّع$ين،
ص$يات الواردة.
بأكمله لتم ّكن من تصنيف الشخ ّ
• وحدة الفقرة :وتعني الفق ارت التي تض من تصوير أو $وصف لموضوع المبحوث في مضمون
ّ
إعالمي م ّع$ين أو في ت ارث م ّع$ين.
• وحدة الزمنـ والمساحة :والتي تمّثل في مقا ي$س الزمن والمساحة المخ ّصصة لموضوع م ّع$ين ،حيث
ت ّع$بر عن تقسيمات المضمون إلى تصنيفات تناسب ووسيلة اإلعالم المقصودة.
فئة الموضوع أو ماذا قيل.$..؟ ،فئة تحليل المضمون إلى ص$نف الباحثون في المنه ّج$ية فئات
وي ّ
الشكل أو كيف قي$ل...؟ وفئة االتـجاه.
با نل سبة إلى فئة الموضوع التي ت ّمثل الجانب األ ول من تحلي$ل المضمون تستهدف مثال اإلجابة
ّ$
على السؤ$ال :عالم يدور محتوى الصحف؟ ،حيث ُتستخدم أسا ًسا بغرض الكشف عن م اركز االهتمام في
المحتوى بالموضوعات المختلفة التي تعرضها الصحف ،مثل تقسيم الموضوعات إلى موضوعات سي ّاس$ية،
ع$ية كالمعاهدات ،المن ّظمات الدو ّل$ية...،
اقتصادّ$ية $...،أو تقسيم الموضوعات السيا ّس$ية إلى موضوعات فر ّ
ص$نف األستاذ عبد الغفار $رشاد
وفي هذه الحالة قد ُتعتبر هذه الفئات $هي نفسه$ا وحدات التحليل .وضمن هذا السياق ّ
القصي$بي هذه الفئة إلى فئات فرعّ$ية $تش ّكل في مجموعها الفئة $الكّّلية والتي تمّثل في فئة الغايات$
والوسا$ئل (مثل :االطمئنان النفسي والوجداني ،العدالة ،المساواة ،ال ّح$رّية) ،ئف ة االتجاه وكثافة اا$لتجاه (مثل:
)(1
ص$ية $لألف ارد).
ص$يات (مث ّل الخصائص النف ّس$ية والشخ ّ
موضوعات التأ يي د أو $الرفض أو الحياد) ،فئة الشخ ّ
تلفزيونية ،$مقاالت صحفية... ،إلخ $.كما أ ّن اختيارنا نل وع الو$ثيقة $يكون بالضرورة مصحوبا بتكوين مد ونة
ّ$
لتحليل التي تض من مجموعة شاملة من الوثائق يت م على أساسها التحليل$ .بينما عند القيام با$لبحث ،فإ ّن
ّ$ ّ
تجميع مد ونة شاملة $يجعل حجمه كبيرا ،لذا يجب التقليل من عدد الوثائق المك ونة $لهذه المد ونة .واذا أردنا$
ّ$ ّ$ ً$ ّ$
االحتفاظ بنفس أغ ارض الب$حث ،فال ّب$د من اختيار عّ$ينة لمد ونة مع ضرورة م ارعاة الدقّة في تشكيل ال ّع$ينة،
ّ$
أل ّن نتائج التح $ليل لهذه المجموعة الصغيرة البّ$د أن نت طبق على المد ونة األصلّ$ية$.
ّ$
ض$يات سواء على شكل تخمين ،افت ارض أو تأكيد مؤّقت،
تمّثل الخطوة ال ّالحقة في صي$اغة الفرّ $
ض$ية تأّ $سس دائ ما على معارف قب ّل$ية (اإلطار النظري) وعلى المالحظات والحدس .وتو ّجه$ عل ًما بأ ّن الفرّ $
ً
صياغة الفرضيات $عملية $التحليل ،وفي المقابل يمكن أن يكون اختيار $الوثائق $هو الذي يو ّجه $هذا التحليل.
فال نستطيع تحليل ن ّص أو $ح ّصة $تلفزيو$نية دف$عة واحدة ،فال ّب$د من تفكيكها إلى وحدات لتحليل $.وعندما
يصبح لدينا موضوع واضح لبحث وبعض الفر$ضيات ،نستطيع الت ّن$بؤ بالمقولات.$
ص$يات $هو خطوة ها مة لتحليل
إ ّن اختيار المقولات التي تمّثل في الكلمة ،الموضوع ،الفقرة والشخ ّ
ّ
المضمون ،فالمقولات هي التي تسمح بوصف الد ارسة ،ألنها تمّثل الص$لة بين الهدف من البحث والنتائج،$
لذلك تت ّمثل قيمة تحلي$ل المضمون في قيمة مقو$لاته الشاملة $.أ ما في ما يخ ّص مالءمة اختيار $المقولات،
ّ
ص$ية الجودة والخبرة ،كما تعتمد على خبرة الباحث وحدسه ومعرفته بالمك$ان .والجدير بالذكر
فإنها تطّلب خا ّ
هنا أ ّن عم ّل$ية $وصف $النتائج $ال ّتبع قو$اعً$دا صارمة ،فاألمر يتع$لّق بتقديم خصائص المحتوى المّحلل في
ن ّص ما ،والتي ت م التعبير عنها في شكل أعداد في نهاية المرحلة السابقة ،$ث م قتّ$دم نسب مئوّية مع م ارعاة
ّ$ ّ$
)(1
ض$يات.
التدقيق ،لتأ ّكد من ص ّحة الفر ّ
عم ّل$ية تحليل المحتوى قت تضي االلت ازم بمجموعة من الخطو$ات المنه ّج$ية وعمو ما ،فإ ّن
والنظرّية$ ً$
نل ّخصها كاآلتي:
ض$يا$ته،
-تحديد الخلفية النظرية لموضوع الد ارسة ،والتي تشمل النظرّية $المت ّب$ناة ،تساؤلات $البحث ،فر ّ
أهدافه ،الوحدة المت ّب$ناة في تحليل المحتوى والتحديد الدقيق لفئات التحليل.
-نب اء استمارة لتطبيقها $في تحليل المحتوى ،بحيث $تشمل المعا ير التي تم ّكننا من الت ّع$رف على فئا$ت
المضمون.
-قياس صدق هذه االست$مارة عن طريق $عرضها $على محكمين ،وبعد استرجاع إجابات المحكمين
يقوم الباحث $بتفريغها واستبيان المعايير $التي رفضها المحكمون أو $اختلفو$ا عليها ،واالحتفاظ با$لمعايير
التي اّتفقوا عليها.
-قياس ثبات $استمارة المعايير بتطبيق االختبار القبلي وتجريبها $على مضمون إعالمي أو أدبي أو$
سياسي م ّع$ين ،مع القيام نب فس االختبا ارت لمعالجة اإلحصائية في قيا$س ثبات االستبيانات.$
1-أ $.ال ارمي و ب $.فالي :البحث فيـ االتـصال -عناصر منهجية $،-ترجمة ميلود سفاري وآخرون ،مخبر $علم $اجتما$ع اا$لتصال،
جامعة منتوري ،قسنطينة-الج ازئر2004 ،م ،ص246$.،245
ع$ينة الدر$اسة بالطريقة المناسبة لطبيعة البحث ،عل ما بأ ّن الطرق
-تحديد مجتمع الدراسة واختيارّ $
ً
االحتمالية هي األفض$ل ،فإذا كان مجتمع الد ارسة هو الصحف $الوط ّن$ية ،فنختار منه $عّ$ينة مثل
جريدة الخبر أو جريدة الشعب$.
-إعداد جداول لحساب تك ار ارت الوحدة المطّ $قب ة في ك ّل فئة من فئات البحث الم ّح$ددة من قبل البا$حث
وتبويبها وفق فئاتها ووفق المت ّغ$ي ارت المستقّلة والتابعة المختارة$.
-إدخال البيانات $الك مية في الحاسوب لقيام بعم ّل$يات التحليل اإلحصائي وقيا$س مختلف العالقات
ّ
بين المت ّغ$ي ارت قيا ًسا $ك م يا.
ّ
-التحليل الكيفي لنتائج $التي ترّتبت عن عم ّل$يات $التحليل اإ$لحصائي ،وهذا يعني ق ارءة هذه النتا$ئج
وصياغتها بطريقة أد ّب$ية ،تجعلها مفهومة ومفيدة في مجال البحوث االجتماعية.
-كتابة التقرير $النهائي أين يت م الربط بين أبعاد البحث الكّلي النظري والتطبي$قي ،والتأ ّكد من صدق
ّ$
ض$يات من عدمه ،وصياغة ا قل و$انين العا مة التي يمكن تطبيقها على الظواهر االجتما$عية
الفر ّ
ّ
)(1
المشابهة.
على هذه الخطوات المنهجية ،ي ّمثل تحلي$ل المضمون أحد أه م مناه$ج البحث في جمع وتحلي$ل
ّ$ وبنا ًء
البيانات $في البحوث االجتماعية وفق طرق خاّ $صة وم ّم$يزة ال توجد في المناهج األخرى .وغالً$با ما ينتشر
استخدامه في بحوث اإلعالم ،إّ$ال أنه $يمكن استخدامه في ميادين أخرى ،منها علم $النفس وعلم االجتماع$
في حقول البحث العلمي .ويمكن أن نل ّخص$
وعلم السياسة .وبذ$لك تزداد أهمّ$يته مع ازدياد وتو ّسع انتشاره
هذه األهمية في:
-يهدف منهج تحليل المحتوى إلى تحليل المو$ضوعات والظو$اهر وأنماط السلوك المتض منة في النصوص
ّ
والمضمون اإلعالمي والت ارث األ$دبي والثقافي.
-إنه طريق نحو اكتشاف مالمح الشخصية في الخطاب أو الن ّص من حيث السمات القيادّ$ية إن كان األمر
يتعّلق بالقيادّ$ية ،أو المضامين اإليديو$لوجي$ة إن كان األمر يتعلّق بالكتب اإليديولوجية - .$يستخدم
تحليل المحتوى كثي ار في ميادين السياسة الخا$رجية $والعالقات الدولية $عندما يتعلّق األمر بد ارسة
ص$ناع الق ارر في أزمة م ّع$ينة أو سلوكهم أثناء فت ارت الص ارع أو التوّ $سع االمب ارطوري$.
سلوك ّ
1-عامر مصباح :مرجع سابق ،ص107 $.،106
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-إنه مناسب في تحليل الوثائق التا$ريخية والسجّ $الت والمحاضر عند تحليل السياسة الخا$رجية لد$ولة م ّع$ينة ،أو نت او$ل
فترة تا$ريخية م ّع$ينة .كما هو مناسب أي$ضا في تحليل األرشيف $اإلعالمي عندما يتعّلق األمر بد ارسة
ُ -يستخدم منهج تحليل المضمون لمعرفة االتجاهات السياسي$ة التي تلّقن لألطفال في المدرسة $عن طريق
تحليل مضمون الكتاب المدرسي أو التنش$ئة السياسية لمجتمع.
-كما ُيستخدم في معرفة ثقافة وقيم واعتقادات مجتمع م ّع$ين في مرحلة م ّع$ينة من تاريخه ،عن طريق تحليل
)(1
مضمون الت ارث الثقافي ،الشعر ،النثر ،$األ$مثا$ل والحكم.
ولنجاح عملية تحليل المضمون ينبغي:
-تك ارر الق ارءة المتأ ّن$ية $والفهم العميق لماّ$دة االتصا ّل$ية مو$ضوع التحليل قبل اختيار الفئات وعدم قبول
ّأ$ية أحكام أو آ ارء أو أفكار أو افت ارضات مسبقة.$
-ترك الماّ$دة االتصالية ت ّح$دث نب فسها ،فت ّع$بر عن نفسها في شكل ئف ات تّسم بالموضوعية - .$الحفاظ على
االر$تباط الو$ثيق بين الم ّا$دة االت$صالية موضع التحليل وبين الفئات ،$بحيث تجد الفئ$ات
مح ّل الدر$اسة بسبب سيطرة أفكاره الخا ّصة $واعتقاداته على طريقة تفكيره واد اركه لألشياء ،فا$لبا$حث يتعامل
ّص ولي$س مع صاحب الن ّص $.فالتعامل مع النصوص ال يعطي الصورة الكاملة حول الشخصيات$ مع الن
الشخصية الحقيقية تغيب و ارء النصوص ،كما أ ّن تحلي$ل المضمون ال يعطي الصورة التي كتبتها ،أل ّن
-
57-
الفصل األول :اإلسهام النظري للبحث االجتماعي وتصنيفات المناهج العلمية
-
58-
)(1
إضافة إلى أ ّن تحلي$ل المضمون يطّ$بق فقط على الحقيقية عن المشاعر والعالقات وعمليات التفا$عل .
ُكت بت في الماضي ،م ما ُيظهر محدو ّد$يته في القدر$ة على الت ّن$بؤ$ الماضي ،فهو يقوم بتحليل النصوص التي
ّ
والتعامل مع الحا$ضر.
وخالصة لهذه المناهج ،تّضح أهمّ$ية المناهج الك ّم$ية في إعطاء الدّقة العلمّ$ية $لمناهج الكي ّف$ية ،وأه م منهج ال
ّ$ ّ
تستطيع المناه$ج األ$خرى االستغناء عنه هو المنهج اإلحصائي ،فالفرد العاد$ي ال يستطيع االستغناء$
في حياته اليو ّم$ية عن اإلحصاء ،فهو ي ّع$د األشي$اء ويحسب المجموع ويستخر$ج النسب المئوّية والمتو ّسطات
ويقارن ويص$ف $.فهو يرى أ ّن هذه العم ّل$يات $تقوده إلى اإلد $ارك الواضح لمحتويات البيئة والى اأ$لساليب$
من عواطفه ومشاعره ويحكم على الظو$اهر حك ما موضوع ي $ا ،فاألرق $ام هي ال$ $تي تكّلم وت ّب$ين طبيعة الظاهرة.
ً
فالب $احث عند وضعه لق $و$انين في صورة ك ّم$ي ة ،تكون نتائجه أق $رب إلى الدقّة العل ّم$ي ة وبعي $دة عن مرون $ة اأ$للف $اظ $والتعبي
ّ
ارت ا لغّوية وعن الغموض واإلبهام .فنظرة واحدة إلى رسم بيا$ني تكفي إلعطاء الفرد فكرة واضحة
-
60-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
نقصد بالمدرسة في العلوم االجتماعّ$ية مذهً$با فلسف يا أو اجتماع يا ينتمي إليه أنصار $ومعارضو$ن،
حيث يت ّق$يدون بتعاليمه ويسعون إلى تحقيق الغاية منه .ومن أه م هذه المدارس$:
ّ$
أوال :المدرسة اإلسالمّـية
ُيقصد بالنظّرية االسالمّ$ية في السوسيو$لوجيا أسلمة علم االجتماع موضو ًعا ومنه ًجا وتص وار ورؤية،
ًّ $
ع$ية واالحتكام إلى المعيار األخا$لقي والقيمي
فهي ت ّمثل العقيدة الّربانّ$ية في التعامل مع المواضيع االجتما ّ
ضمن رؤية $اسالمّ$ية $بعيدة عن الطائ ّف$ية$ أثناء التعامل مع الوقائع والظواهر المجتم ّع$ية ،و قت ديم الحلول
والمذه ّب$ية والعر ّق$ية ،واستحضار العقل اإلسالمي في التحليل والتشخيص والتركيب وتوجيه المجتمع وتعديله
وتغييره.
الت ارث اإلسالمي وتعاليمه ،فهو الحيوان المتمّ$يز بالعقل
في ظ اإلنسان إذا انطلقنا $من مفهوم
ّل
والروح والقادر على $التفكير المجّ$رد وعلى استخدام الرموز المختلفة ،ذو $ا نل زعة الطبي ّع$ية نحو االجتماع$
والقادر على صنع الثقافة وبناء الحضارة ،المتمّ$يز بطموحه ومغامراته واهتمامه بالمستقبل وح ّب التملّك وذو$
النزعة $الطبي ّع$ية نحو $التدّ$ين والتفكير $الميتافيزيق ي .ومن أه م خصائص $اإل$نسان حسب $التيار $الفكر$ي اإل$سالمي
ّ$ ّ
ّأ$نه ُخلق من طين على شكل مت ّم$يز يد ّل على عظمة الخالق وكمال قدرته ،وُيذ ّكر اإلنسان منذ بداية تكوينه
بن عم اهلل التي ال ُتحصى عليه والعالقة الوثي$قة التي تربط بينه وبين الطبيعة المحيطة به .ولكن مهما كانت
)(1
دقة خلق اإلنسان فهي ال تع د شيئا بالنسبة لقدرة اهلل وا اردته$.
ُ ًّ $ ّ
إ ّن النظرة الكّّلية الشام$لة لإلنسان التي يؤّ$ديها اإ$لسالم بما فيه من آيات قرآ ّن$ية كريمة وأحاديث نبوّية$
العقل والفطرة السليمة $وما يتماشى مع النظّريات الحديثة في شريفة وأقو$ال معتبرة لعلمائه ،هي ما يقبله
الطبيعة اإلنسا ّن$ية .فهذه ا نل ظّريات ترى أ ّن الطبيعة اإلنسا ّن$ية ال نت قسم إلى جز ّئ$يات صغيرة أو كب$يرة باختالف
جزء فيه باألج األسماء التي ُتعطى لها ،ولكّ$نها ك ّل متكامل بجميع أج ازئه ،متفاعل ،يؤّثر ويتأّثر ك ّل
ازء
األخرى .وهذا التفاعل أساس ي في إكساب الطبيعة اإلنسا ّن$ية $النمط الذي تستهدفه لها .فالتفاعل يكون بين
ّ
طبيعة إنسا ّن$ية مت ّغ$يرة وبين بيئة اجتماعّ$ية مت ّغ$يرة ومتط ورة أيضا .وتقابل
ّ$
هذه ا نل ظرة الكّّلية الشاملة لإلنسان نظّريات انشطاّ$رية تّركز في مفهومها لإلنسان وفي
كما هو الحال عند الماّّ $د $ين والح ّ ّس $ين ،أو ترّكز على الجانب العقلي يف ه كما هو الحال عند $العقلّ $ين أو$
1-محمد لبيب النجيحي :مق ّدمة في فلسفة التربية ،ط $،2مكتبة االنجلومصرية ،القاهرة-مصر1967 ،م ،ص256$.
الصحيحة لجنس البشر ّي" ،والتي أرجع فيها اإلنسان إلى ك ّم$يات من الدهن والكاربون والفو$سفور والجير$
ّ
وغيرها من المو ّا$د .إّ$ال أ ّن هذا التحليل الماّ$دي الم$تطّ$رف لطبيعة اإل$نسان ال يتماشى مع روح اإل$سالم وتعاليمه
التي تؤّ$كد في وضوح أ ّن اإل$نسان $هو جسم وعقل وروح ،وأ ّن هذه العناصر $المترابطة المتشابكة $تش ّكل ُك ال
متكام ًال يصعب إخضاعه لمثل هذا التحليل الم$عملي البسيط.
يؤّ$كد أندرو كونواي إيفي في كتاب "اهلل يتجّلى في عصر $العلم" أ ّن النو$احي الروحا ّن$ية واألخال ّق$ية
في حياة اإلنسان وما ينبغي أن تفعله ،لها أه ّم$ية بالغة با $نل سبة لسالمة اإلنس$ان ورفاهّ$يته ،وهي أه ّم$ية تفوق
ّ ّ
أه ّم$ية معرفته وسيطرته على الطبيعة الغير إنساّ $ن$ية (2) .فعلماء
ّ
ص$ية اإلنسا ّن$ية وهي الجسم والعقل
اإل$سالم عندما يعترفون بوجود هذه األبعاد الرئي ّس$ية لشخ ّ
والروح ،يؤّ$كدون على ضرورة ّا$تساقها وتعاونها وانسجامها وارضاء مطالبها جمي ًعا بدون إف ارط ،فهم
يدركون
األه ّم$ية البا$لغة لك ٍّل منها بالنسبة لحياة اإلنسا ّن$ية.
ّ
ّحتى اعتبره بعضهم أه م ما في اإلنسان وأه م ما لقد أدرك فالسفة وعلماء اإلسالم أه ّم$ية العقل،
ّ$ ّ$ ّ
ي ّم$يزه عن الكائنات ال ّح$ية $األخرى ،كما اعتبروا أ ّن مزاولة التأ مل هي أكمل حا$الت الوجود اإلنسان ي .ويو ّضح$
ّ ّ
الدكتور زكريا إب ارهيم خصائص اإلنسان في ّأ$نه ذلك الوجود البشري أو المخلوق المتسائل الذي يكاد ال
جاهزة،
دائما يتساءل ّأل$نه ال يرى في ما حوله حلوًال يك ّف عن إثارة المشاكل والتساؤلات ،$فاإلنسان
لذلك
فهو مضطّ$ر إلى أن يبحث عن التفسير الذي يز$يح النقاب عن ال ّس$ر .فاإلنسان ال يتفلسف ّأل$نه يشقى ويتأّ$لم
-
62-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
1-أحمد زكي :اأ$لخالق والقيم والعادات في حياة الناس- $م$ا مصادرها؟ ،-مجلة العربي الكويتّـية ،العدد ،168نوفمبر 1972م،
ص.9،8
2-عمر التومي الشيبان$ي :مق ّدمة في الفلسفة االسال ّمـية $،الدار العربية ،ليبيا ،تونس1990 ،م ،ص143$.،142
-
63-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
يشعر فيه اإلنسان بحاجته إلى االنتماء إلى جماعة والى مجتمع ،فإّ$نه يظ ّل حري ًصا على الحفاظ على$
ص$يته المستقّلة وكيانه المستق ّل ،ومن ث م يمكن القول بأ ّن ا نل زعة الفر ّد$ية موجودة جًنبا إلى جنب مع الرغبة
شخ ّ
ّ$
ص$ية مستقّلة
الجماعّ$ية المل ّحة في اإل$نسان .$وقد اعترف اإلسالم بهذه النزعة الفطرّية $في اإلنسان فمنحه شخ ّ
)(1
لها دورها الف ّعال في نب اء المجتمع.
كذلك يمتاز اإلنسان باستعداده لبناء $الثقافة والحضارة وصنع الت ّق$دم وبقدرته على المساهمة مع غيره
من بني البشر في ذلك البناء $والصنع .فالثقاف$ة التي من بين معانيها ذلك الت ارث المت اركم من المعارف والمفاهيم
واألفكار واآل ارء والرموز ذات الداللة والعادات والتقاليد والقوانين والقيم والمعتقدات وأسا$ليب وأنماط$
ع$ية في مفهومها المعنو ّي ،هي نتاج لتفاع$ل الفكر ّي واالجتماع ي إللنسان الحياة المختلفة والمؤ ّسسات االجتما ّ
ّ
مع أخيه اإلنسان ،ولتفاعل اإلنسان مع بيئته العا مة الثقافّ$ية واالجتماعّ$ية والطبي ّع$ية .وكما يمتاز اإلنسان
ّ
ص$ية الروح التي من مظاهرها النزعة نحو التدّ$ين والنزعة األخالقّ$ية$
ص$ية العقل ،ف ّإ$نه يمتاز أيضا بخا ّ ّ
بخا ّ ّ
واإل اردة ،وفي المقا$بل فهو يمتاز $بتقّلب طبيعته $وتّردده بين حاالت $السم و الروح ي التي تصل به أحياً$نا $إلى
ّ ّ$
مستوى المالئكة.
لقد ّتوفر لمسلمين منذ ال قدم األسلوب العلمي والمنطقي في البحث ،خا ّصة في مجال الع$لوم الطبيّ $ع$ية
والكيمياء ،والطب والصيدلة $والعلوم الكو ّن$يةُ .ويعتبر الفا اربي من المت ّق$دمين في تاريخ قتّ$دم الفكر ،$ومن أبرز
ّتأثر بفكر أرسطو علماء العرب الذين حاو$لوا أن يؤ ّسسوا منه ًجا $لعلم االجتماع ،وعلى الرغم من ّأ$نه
ذلك با$لفكر اإلسالمي من خالل كتابه المشهور "آ ارء أهل المدينة وأفالطونّ ،إال ّأنه حا$ول أن يدمج ك
ّل
الفا$ضلة" ،الذي أ ّق$ر فيه عن بداية االهتمام بالحاجة اإلنسا ّن$ية إلى االجتماع والتعاون ،بمعنى أ ّن اجتماع$
اإلنسان بأخيه اإلنسان هو ضرورة فطّرية واجتماعّ$ية ،فعندما يت م االجتماع يتحّقق التعاون من خالل قت سيم$
ّ$
)(2
العمل االجتماعي على أقوام تخت ّص ك ّل فئة $بحرفة أو $مهنة م ّع$ينة ،ومن ث م يتحّقق التكامل.
ّ$
والواقع أ ّن الفاـ اربي الذي تأّثر بجمهوّرية أفالطون وآ ارء أرسطو السياسّ$ية ،قد جمع ك ّل ذلك ومزجه
أنه لم يؤ سس لمنهج معين ،أل تفكيره بتعاليم الدين اإلسالمي ليضع تص وره حو$ل الم$دينة الفاض$لةّ ،إ$ال
ّ$ ّ ّ$
ّن
مزيج من الفلسفة $والتص وف وهو أقرب إلى التفك$ير الفلسفي$.
ّ$
-63-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
1-عبد اهلل زكريا األنصاري :بين العقل والعاطفة في عالمنا العربي المعاصر ،مجلة العربي الكوي ّتـية $،الكويت ،العدد ،157ديسمبر
ص م.9،81976،
2-بلقاسم سالط$نية ،حسان الجيالني :مرجع سابق ،ص60.،59
-63-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
ابن سينا ُيعتبر من أعظم $علماء وفي نفس هذا السياق التار$يخي الفكري ،يقول جورج سارتنـ أ
ّن اإل$سالم ومشاهير العلماء العال ّم $ين .وبالنظر إلى ابن الهيثم
فقد قّلب األو$ضاع القديمة وأنشأ $عل ما ج ًي$دا
ً
أبطل يف ه علم المناظر وأنشأ علم الضوء الحديث ،وأ ّن أثره
في الضوء ال يق ّل عن أثر نيوتن في الميكانيكا$.
الذين عرفهم التاريخ ،واـلغ كما ُيعتبر البيـروني من أه م
ص$يات$ خش ل ا $
ب أعج من ي لز ا ّ$
ّ
رواد $التفكير $العقا$لني
ّ
ص$رح بيكون بأ ّن ابن رشد فيلسوف
التا$ري ّخ$ية اإلسال ّم$ية .وي ّ
متين متع مق ص ّحح الكثير من أخطاء الفكر$
ّ
اإلنسان ّي وأضاف $إلى ثم
قت وم على التساؤ$ل الت $الي :هل هي ت $دخل في صميم النظم $االجتماعّ$ي ة؟ أم هي دخيل $ة؟ ،ف $ال يعني ذل $ك الت ّح$يز أو
والبحث عن الحقيقة .ويرى البيروني ّأ$نه على الباحث االستدالل با$لمعقولات وقياس اآل ارء لمعرفة األسباب$
المخ ّف$ية لصاحبها عن الح ّق كالعادة المأ$لوفة والتع ّصب والتظاهر واّتباع الهوى والتغالب بالر$ياسة ،فال يأخذ$
الباحث ّإ$ال ما يو$افق العقل .لذلك اعتمد علماء اإلسالم الش ّك والتجربة في البحث $العلمي ،حيث أوضحت $رسائل
إخوان الصفا $منهج البحث $العلمي في صناعة الفكر ،$وهذا ما $يد ّل على االّتجاه $العلمي لدى مف ّكري
)(3
وهكذا يكون الفضل لعرب في تأسيس المنهج العلمي ووضع قواعده. اإلسالم $.
ولقد ل ّخص علماء اإلسالم المعرفة في ثالثة أشكال:
-المعرفة الشرعّ$ية $التي تستند إلى كتاب اهلل و ّس$نة رسو$له ،و تض من العقائد والعبادات وعلوم القر$آن والحديث.
ّ
-المعرفة العق ّل$ية التي نتح ّصل عليها من خالل العقل والمنطق وعلماء الفلسفة$.
-المعرفة التجري ّب$ية والتي يتو ّصل إليها اإلنسان من خالل المشاهدة والتجربة$.
1-عائشة عبد الرحمان :القرآن وقضايا اإلنـسان $،دار العلم لماليين ،بيروت-لبنان1972 ،م ،ص56$.،55
2-بلقاسم سالط$نية ،حسان الجيالني :مرجع سابق ،ص53.
3-محمد زيان عمر :مرجع سابق ،ص20.
وعمو ما احتوى اإلسالم جملة $من ا قل و$اعد والضوابط الالزمة في طلب العلم ،م ما جعل منه ّج$ية
ّ ً$
البحث في اإلسالم ت ّم$يز $عن غيرها من المنه ّج$يات األخرى ،خا ّصة في ما يتعّلق في التالؤم بين المنهج
والموضوع والتنا$سب بين المجال المعرفي وامكا ّن$ية العقل اإلنسان ي$.
ّ
فالتالؤم بين المنهج والموضوع هو $من أبرز م ّم$ي ازت المنه ّج$ية االسال ّم$ية ونجاحها في تحقيق $العلم
ه$ية في
في ك ّل المجاالت ،حيث أ ّن لك ّل موضوع من المعرفة منهج يناسبه ،فا$لبحث في الطبيعة واكتشاف القوانين اإلل ّ
الظواهر $الطبي ّع$ية يالئمه المنهج التجريبي ،والبحث $في إثبات األخبار $والروايات $يالئمه المنهج
التا$ريخي ...وهكذا يصبح لك ّل نوع من المعرفة منهج يالئمه ،بحيث توّلد المعرفة الصحيحة $من تطبيق
بين المنهج والموضوع
التناسب عدم م المنهج المناسب لك ّل مجال من مجاالت المعر$فة .لذلك فإ ّن
ارعاة
يؤّ$دي إلى فساد كبير في مجا$ل العلم.
وبالنسبة لتناسب بين المجال المعرفي وامكا ّن$ية العقل اإلنسان ي ،فهو ما يمّ$يز المنه ّج$ية اإلسالمية
ّ
اإلسالم ال يريد أن ي ّب$دد طاقة العقل دون فائدة وال يريد أن ي ّج$ز بالعقل في عن المنه ّج$يات األخرى ،أل ّن
مجاالت من البحث فوق قد ارته ،بما $يجعله $يت ّخ$بط وال يصل إلى علم صحيح ،مثل البحث في األمور التي
)(1
استأثر اهلل بعلمها.
1-م ّكي مصطفى :البحث العلمي –آدابه وقواعده ومناهجه $،-دار هومه للطباعة والنشر $والتوزيع ،الج ازئر2013 ،م ،ص84$.،83
ثانيا :المدرسة الماركسّـية
ُيعتبر كارل ماركس من أشهر وأه م علماء االجتماع األلمان الذين ساهموا في نم و وتط ور علم
ّ$ ّ$ ّ$
االجتماع وتح ول $ه من علم فلسفي غير $دقي$ $ق إلى علم واضح المع$الم واألس $لوب والمنه ّج$ي $ة واألهداف .ول $د في ألمانيا
ُ ّ$
عام 1818م ،$أكمل د ارس $ته في جامعة جين $ا األلماني$$ة ،$وبع$د ت ّخ$رجه من الجامع$ة وحص$و$له على ش$هادة ال $دكتو
اره ،عمل صحف يا ونشر العديد من المقاالت السيا ّس$ية واالقتصادّ$ية التي يطغى عليه$ا األسلوب
)(1
ومن خالل مقاالته الصح ّف$ية كان يدعو لت ّغ$ير والثورة وقلب نظام الحكم في ألمانيا$ . ال ارديكالي الثوري
بالق وة ونقل السلطة من الملك $إلى الشعب ،ومثل هذه الكتابات دفعت الحكومة األلمانية إلى طرده من البالد$،
ّ$
فذهب إلى فرنسا وبلجيكا بعد حص$وله على ا لجوء السياس ي هناك ،ولكن سرعان ما طردته الحكومتان
ّ
الفرن ّس$ية $والبلجيكّ$ية $عندما علمتا بأفكاره الثو$رّية التي تريد قلب نظام الحكم عن طريق اعتماد أسا$ليب العنف
والق وة ،فذهب بعد ذلك إلى إنجلت ار 1851م بعد حصوله $على ح ّق ا لجوء السياس ي أين مكث يف ها قبّ$ية$
ّ ّ$
حياته .عمل مكتب يا في مكتبة المتحف $البريط$اني ،كان يتلّقى المساعدات المالّ$ية المست ّم$رة من صديقه
فريديريك انجلز .وفي مكتبة المتحف البر$يطاني استطاع كتابة معظم $مؤّلفاته والتي من أه مها مؤّلفه الشهي$ر$
ّ
" أرس المال".
عمو ما عاش ماركس في أجواء يسيطر عليها الفقر والحرمان واالضطهاد نتيجة $لألفكار الثو$رّية$
ً$
التي $كان يحملها والكتابات االستفزازّية الجريئة $التي كان ينشرها في الصحف .وكما سبق فإّ $ن مؤلّفاته $قد
عّ$برت جميعها عن أفكاره الفلس ّف$ية $واالجتماعّ$ية واالقتصادّ$ية والسياّ $س$ية ،وو ّضحت طبيعة نظّرياته وطروحاته$
األفكار المثا ّل$ية التي تدعو $إلى ت ّق$دم روح الجماعة $على روح الفرد، )(2
فقد تعلّم من فخته وقيمه الثورّية. $
ومن هيجل استعار القوانين الشمو ّل$ية التي ترسم $المسا ارت التاري ّخ$ية لحركة $المجتمعات وتربط $بين الماضي
في تناو$له لمجتمع ديا يل كتيكا* مدخ جدل فقد ت ّب$نى ماركس والحاضر والمستقبل رب
ًطا علم يا
يا ًال موزوًنا.
وعالقة أجزائه ،مفتر ًضا أ ّن المجتمع اإلنسان ي يتط ور وفق قوانين ،وبهذا يمكن التو ّصل إلى نظّرية علمّ$ية$
ّ$ ّ
تف ّسر تش ّكل المجتمع وتط وره .فالتاريخ كما يقول هيجل ويعترف به ماركس هو عم ّل$ية الخلق الذات ي لإلنسان،
ّ ّ$
1- Institut marksizma-leninizma: Marx and Engels through the eyes of their contemporaries, Progress
publishers, Moscow, Russia, 1978, p13.
2-إحسان محمد الحسن ،عدنان سليمان األحمد :المدخل إلى علم االجتماع ،دار وائل لنشر ،عمان-األردن2005 ،م ،ص137 $.$،136
ضية) تحمل منطق ياط$ور ،والفكر كعملّية يشمل وجود فكر (ق ّ * مفادها أ ّن العقل اإلنسان$ي هو أساس ومركز الحقيقة ،وأ ّن الفكر عمّلية ديناّمية دائمة الت ّ
ط$ور الفكر من خالل هذه العمّلية وجود فكرة نقيضة ،ويؤّدي التفاعل بينهما إل$ى موقف تو$فيق$ي (مح ّصلة) م ّما يؤّدي إلى ظهور نقيض ،وهكذا يت ّ
ط$ور با$لوضع
ّ تلا و التفاعّلية المستمّ$رة بصورة جد$لّية (ديا$ليكتيّكية) ،حيث استثمر ماركس هذا األسلوب الجدلي باستبد$ال الفكر كأسا$س لعمّلية التفاعل
ط$ور$.
االقتصادي فأصبح الفكر بأنواعه نتيجة لتغّي ارت االقتصاّدية بدال من أن يكون أساسا $للت ّ
ولك ّن هذه العم ّل$ية كما يؤّ$كد ماركس في معظم كتاباته تأّثر با$لقوى الد$افعة لعمل البشري أي بعالقات اإلنتاج
واد ارك الحو$ادث اإلنسا ّن$ية المذهب الجدلي في فهم تاريخ وقد أخذ ماركس من هيجل )(1
والملكّ$ية. $
والربط$
بينها .فجميع المصادر الفكّرية التي تأّثر بها كارل ماركس قد أعطت طاب ًعا م ّمً $ي$از لكتاباته العل ّم$ية وفي إب ارز
البناء $الماّ$دي لسبب أو $آلخر $ف ّإ$ن $ه ي$ $ترك انعكاساته وآث$ $اره على البناء $الف$ $وقي ،وبالت$ $ا$لي يت ّغ$ير البن $اء االجتماعي
من نمط آلخر وي $دخل المجتمع في مرحل $ة حض$اّ$رية تاري ّخ$ي $ة لم يش $هدها المجتمع من قب$ $ل .فعالق$$ات
الدين والفئة العسكرّية .ولكن عندما يسقط النظام اإلقطاعي ويح ّل محّله النظام ال $أرسمالي ت ّغ$ير
أنماط اإلنتاج ومستويات المعيشة ونوعّ$ية المهن ،وهذا الت ّغ$ير يحمل معه قي ما ومقايي ًسا و مث ًال جديدة
ُ$ ً
1- Robert Freedman: Marx on economics, Introd. by Harry Schwartz, Harmondsworth, Middlesex,
Penguin Books, Pelican books, England, 1968, p4,5.
2-إحسان محمد الحسن ،عدنان سليمان األحمد :مرجع سابق ،ص141.،140
ص م 1999،األردن-،عمان الشروق ،دار االجتماع ،علم في ّدمة مق :عثمان ارهيم إب .213-
4- Tom B. Bottomore, Maximilien Rubel: Karl Marx Selected writings in sociology and social philosophy,
Pelican books, London, 1963, p39.
العمل .فالعامل غالبا ما يبذل جهًودا تزيد قيمتها عن األجر الم ّح$دد ،وهذا ما ي ّؤ$دي إلى توسيع
أرس المال في النهاية $عند المنتج إلى اغت ارب
القاعدة اإلنتا ّج$ية وزيادة ك ميات اإلنتاج ،ويؤّ$دي ت اركم
ّ
العامل عن المنتج ونشوء الص ارع والمنافسة بينهما.
الفرد هو $الذي يخلق $الدولة لتنظيم
في السيا$سة ،بمعنى أ ّن ظاهرة االغت كما استخدم ماركس
ارب
وانهاء الن ازع بينه وبين اآلخرين ،ولكن سرعان ما يعتقد بأّ$نه مغترب عنها نتيجة لفجوة التي أموره
تفصل بينه وبين الدو$لة ،فيبدأ بالخوف منها واالبتعاد عنها ش ًي$ئا فش ًي$ئا ،ويعتبرها ق وة قتّ$يد عمله
ّ$
و ّح$ريته .فاالغت ارب عند ماركس غا ًل$با ما ي ّؤ$دي $إلى الص ارع بين المغترب والشيء المغترب عنه،
وهذا الص ارع قد يؤّ$دي إلى الثورة والتح ول$.
ّ$
ع$ية م ّما
هد سان سيمون وأتباعه لمشكلة الطبقات االجتما ّ
عـية والص ارع الطبق ّي :م ّ • الطبقات االجتما ّ
ساهم في إب ارز هذه المشكلة لدى ماركس والمار$ك ّس$ية ،بحيث تظهر أربع طبقات اجتماعّ$ية استن ًا$دا
الر$أسما ّل$ية التناف ّس$ية ،وأ ّن مسألة وجود طبقات في أنماط المجتمع الت ازل مفتو$حة على مص ارعيها.
)(1
كما أ ّن مشكلة الوعي الطبقي واإليديولوجيا الطب ّق$ية تطّلب تحلي ًال عم ًي$قا.$
إ ّن الطبقة لم تواجه في الفكر الماركس ي ّإ$ال نوعين من المجموعات الخا ّصة :الدو$لة والحز$ب
ّ
السياس ي ،وهذا من أجل إثبات أ ّن الدولة هي بالضرورة الهيئة السيادّ$ية $لطبقة ،وأ ّن الحزب الس $يا$س ي
ّ ّ
هو دائ م $ا أداة لص ارع الطب $ $ق ي .فالطبق$ $ات والص ارع الطب $ $ق ي ب $ $المفهوم الم$اركس ي يتش ّك $الن على
ّ ّ ّ ً
أسا$س قت سيم المج$تمعات إلى مجتمعات مالكة لوسائل اإلنتاج أو غير مالكة لها .وبا$لتا$لي رفض ماركس
نتا ل ّالمساواة $في الطبقات ليست إّ$ال جون ستيوارت ميل بأ دعاوي المف ّكرين المثا ّل $ين أمثال
ًجا ّن
يمكن تخفيفّ $ح$دة الصراع الطبق ي أو $حّتى إ ازلته $عن طريق التقلي$ل من توزيع الدخل ،ومن ث م
ّ ّ$
المداخيل التي يحصل عليها النا$س.
ومن هذا المنظور يتك ون المجتمع الطبق ي من طبقات أسا ّس$ية وطبقات غير أسا ّس$ية أو ما يمكن
ّ ّ$
ع$ية .فالطبقات األساّ $س$ية ترتبط نب مط اإلنتاج في مجتمع م ّع$ين من المجتمعات الطب ّق$ية أين نجد
تسميته بالفئات االجتما ّ
طبقة م ّالك وسائل اإلنتاج وطب$قة المعدومين المقهورين التي قت ف $في مواجهة
الطبقة األو$لى .في المجتمع العبود ّي نجد طبقتين أسا ّس$يتين هما طبقة أصحاب العبيد والعبيد ،وفي
المجتمع اإلقطاع ي نجد طبقتين أسا ّس$يتين هما طبقة اإلقطاعّ $ين وطبقة الف ّالحين ،وفي المجتمع
ّ
)(2
ال أرسمالي نجد طبق$$تي البرجواّزي $ة والبروليتاري $ة.
ي $ $رى كــارل ماركس أ ّن ال أرس $ما ّل$ية $كطبق$ $ة يس$$تحيل عليها أن تحّقق ت اركما ل أرس المال ومزيً$$دا من
ال $ $ثروة ما لم تحص $ل دائ ما على ف $ $ائض قيمة عمل ال $ $ع مال ،فالعامل يض $طّ$ر دائ م $ا إلى بي $ $ع ق وة عمل $ $ه
ّ$ ً ّ ً
ألصحاب األعمال في سوق العمل الذي ي ّح$ددون قواعده باستم ارر ،هذا االستغالل هو أس $ا$س الص ارع
الد$ائم
هو الق وة الدافعة ومصدر التط ور في ال ص ارع الطبق ي
ّ$ ّ$ ّ
إ ّن بين الطبقة ال سما ّل$ية $وطبقة الع مال .أر
ّ
1-جورج غوريفتش :دراسات في الطبقات االجتماعية ،ترجمة أحمد رضا ،الهيئة المصّرية العا ّمة لكتاب ،القاهرة1973 ،م ،ص6.
ظرية في علم االجتماع $،مكتبة جامعة عين شمس ،القاهرة-مصر1977 ،م ،ص173 $. 2-سمير نعيم أحمد :الن ّ
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
المجتمع الطبق ي .فكّلما ازدت ّح$دة الص ارع وأصبحت الطبقات المست َغّلة أكثر نت ظي ما و ّش$دة في
ً ّ
)
ض$د مست غّليها كّلما كان تط ور المجتمع أس$$رع.
ص ارعها ّ
ّ$
(1لقد أصبح مفهوم الطبقة االجتماعّ$ية دا ال على أه م الوحدات االجتماعّ$ية ،والتي ُتعرف بأ$نها المجمو$عة
ّ$
المتماثلة اقتصاد يا واجتماع يا من خالل عالقة متماثلة بوسائل اإلنتاج ،حيث تؤّ$دي إلى بروز طبقتين
أساسيتين بين التي تملك مقابل التي ال تملك وتعمل في اإلنتاج .وهذا ال يعني عدم وجود فئات
ّ$
أخرى ،و ّا$نما يعتبرها ماركس جماعات هام ّش$ية تح ول ضمن عم ّل$ية االستقطاب إلى أحد الطرفين.
ّ$
ويتض من هذا الطرح ما يلي- :
ّ
أ ّن ذوي األوضاع االقتصادّ$ية المتماثلة يميلون إلى العمل كجماعة مصلحة ،م ما يؤّ$دي إلى الع$مل
ّ
ض$د الطبقة األخرى.
المشترك والص ارع ّ
-أ ّن الطبقات االجتماعّ$ية االقتصادّ$ية هي أه م الجماعات في البناء االجتماع ي ،وأ ّن تاريخ عالقاتها
ّ ّ$
هو تاريخ المجتمع اإلنسان ي - .إ
ّ
ّن العالقة األسا ّس$ية بين الطبقات هي عالقة نت اقض وص ارع ،وأ ّن ناتج عم ّل$يات الص ارع هو الذي
بهذه الثورة وحدها نظ ار لت ّع$رضه$ا لظلم والحرمان ،وأ ّن انخفاض مقدرتها االقتصا$دّ$ية
ً$
-71-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
طـور الفكر االجتماعي $،مطبوعات جامعة عين شمس ،القاهرة-مصر2008 ،م ،ص229 $.
1-سعاد عطا فرج :تاريخ ت ّ
2-إب ارهيم عثمان :مرجع سابق ،ص20$.
-71-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
واالجتماعّ$ية في حاجة $إلى عقد ّا$تفاق تكتيك ي مع الطبقة $البرجو$ازّية الصغيرة والكبيرة لوقوف في
ّ
وجه الطبقة األرستق ارطّ$ية وتدمير مصالحها ونفوذها .وبعد انتصارها على هذه الطبقة تعود من
-72-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
-72-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
وبنى علم االجتماع على أسا$س الوجود قال بأسب ّق$ية الم ّا$دة على الوعي، وعليه فإ ّن ماركس
االجتم$$$$اع
ي والوعي
ّ
االجتم$$$$اع
ي.
ّ
ف$ $ $ $ $ $ $ $الوجود
االجتم$$$$ا$ع
ي يتج ّس $$$$د
ّ
في
الظ$$واهر
الماّّ $د$ي $ $ $ $ $ $ $ة
المجتم ّع$ي $ $ة
ويش$$$$$$$$$$مل
نش$$$اط األ$$$ف
ارد الم$$$و
ّج $ه نح$$و
إنت$ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ا$ج
الم$$$$$و ّا$د
والس$$$$$$$$$$$$$لع
س$$$$$$$$$$ية
األسا ّ
الس$$$$تم ارر
الحي$ $ $ $ $ $ $ $ $ $اة،
حي ث ي ت م
ّ$
باس$$$$$$$$$$تغالل
أدوات
العم$$$$$$$ل
والتأثير على
الطبيع$$$$$$$$$$$ة
وتس$ $خيرها
إلش$$$$$$$$$$$$$باع
-73-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
حاجات المجتمع .كما يشمل هذا وانهيارها كانهي$ار المجتمع اإلقطاع الماركس 1975
الوج $$$ود االجتم$$$اع ي العالق$ $ $ $ات ي يرجع إلى عّ$د عوام$ل رئيس$ّ$$ية ية في
ّ ّ علم
الم ّا$دّ$ي $ة ال$ $تي نت ش $أ داخ$ل األس $رة أ ّهمه$$ا ظه$$ور الم$$دن وت $ $ $و االجتما
ع تبني
وبين أف ارد العائل $ $ $ $ $ة وبعض من ّس $عها ،ارتف $ $اع قيمة النق$ $ود وق وة
ّ$$ مدخل
العالقات الثقافّ$ية واليوّ $م$ية و$اقع
الد$ول $ة وتط ور المف $ $اهيم ا قل ي ّم$ي $ة
ّ$ ى
األخرى .أ ما الوعي االجتماع ي فهو كّّلية
ّ ّ ع$ية لعص$ر ،إضافة إلى واالجتما ّ )(2
األفكار والنظّريات $ووجهات $النظر
اض$$$$$محالل ق وة اإلقط$$$$اعّ $ين
والمشاعر $واألع ارف ّ$$$$
والتقاليد الموجودة في مجتمع من وأصحاب األ ارضي وعدم
1-
المجتمعات والتي تعكس الوجود أ.ب.
)(1
االجتماع ي لنا$س. شبتولين
ّ ال يع$ $ني التفس$$$ير الم $اّ$دي االقتص$$ادي :
النظرية
• تقييم آ ارء ماركس العلمية لت $ $ا$ريخ اإلن$س$$ان والمجتمع أ ّن الن$ $ا$س
تحّ$ركهم الدوافع االقتص$ادّ$ية في
لقد با$لغ في أهمّ$ية العامل الماّ$د ّي الطبيعة
واعتبره العامل الم ّح$رك لعالقات والمجت
وحدها و ّا$نما أرت المارك ّس$ية أ مع
وسلوك األف ارد والجماعات، ّن العنصر األساس ي هو إنتاج والمعرف
وهذا ّ ة$،
واعادة إنتاج الحياة الحقي ّق$ية ،فبعض دار الفا
يتناقض مع الحقيقة والواقع ،حيث ال يمكن اربي،
اعتماد العامل الماّ$د ّي في تفسير الوجود عناصر بيروت
-لبنان،
1981ءا
االجتماع ي بأركانه
ّ م ،ي
ّ
ع$ية ،فهناك عالقة جد ّل$ية ص$.
الذا ّت$ية والموضو ّ 224رّ$
وتفاع$ل مستمّ$ر بين العالم $الماّ$د ّي والمثال ي 2-بعد
ّ
محمد
أو $القيم $ي .وبالنظر$ عاطف ل
ّ
غيث:رو
إلى الص ارع الطب $ $ $ $ق ي ال توج $$د طبق $ $ $ات دراساتف
ّ
في تاريخ ّد$ية
اجتماعّ$ي $ة متخاصمة ،فالحدود بين الطبق$ $ات التفكير
واتجا ي
اه
ليست واضحة بسبب ظاهرة الت ّغ$ير االجتماع تها.
النظرية
ي ،أل ّن الص ارع ال يكون بين الطبقات ب $ل نستنتج م ما سبق أ ّن ا نل ظّرية في علم
ّ
ّ االجتماع$،
المارك ّس$ية ذات طبيعة ثوّرية دا ر
بين أبناء الطبقة الواحدة .وعليه ال يمكن تفس$ير النهضة
تدعو إلى العمل على تغ ير الو$اقع العربية،
سقوط المجتمعات بعامل الص ارع الطبق ي
ّ االجتماع ي وخلق $أو$ضاع جديدة القاهرة-
ّ م ص ر،
كم$$ا اّ$دعى مــاـركس $.فس $ $قوط المجتمع$$ات ومتط ورة ،وله$ذا فإ ّن المدرسة$
ّ$ .305
ص م،
-73-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
وعمو ما تستند المارك ّس$ية على :الفلسفة األلما ّن$ية (فلسفة هيجل) واالشت $ار ّك$ية الفرن ّس$ية وأفكار سان
ً$
سيمون والدراسات االقتصادية .$فعلم قائم على منهجين هما المنهج
الجدل ي والمنهج ّ$
ّ االجتماع $الماركس ي
ّ
التا$ريخ ي ،حيث ساعد المنهج التا$ريخ ي على كشف القوانين العا مة والقوانين
ّ ّ ّ
النوعّ$ية لتط ور االجتماع ي،
ّ ّ$
وساعد المنهج الجدل ي على والذات ي في الحياة االجتماعّ$ية وكذلك
ّ ّ
التم يز بين العا م التم يز الموضوع ي
ّ$ ّ
وغير االجتماع ي ،وهذا ما والخا ّص ،الضرور ّي وغير
ّ
ساعد على إكساب علم الضرور ّي ،االجتما$ع ي
ّ
االجتماع طابعه العلم ي والنوع ي في
ّ ّ
)(1
الوقت ذاته .$سو$سيولو ّج$ية وكّّلية نب ا ّئ$ية يمكن د ارستها
وتحليلها ،كما كانت المفاهيم األسا ّس$ية في نظّرية
ماـركس
وليس تبرير ي .وبذ$لك الفضل استهدفت تص و ارته $الحاالت المستقب ّل$ية،$
في ّ ّ$
يكون لـماـركسـ فموقفه $تفسي$ر ّي
نضوج علم االجتماع بعدما أ ّسسه ابن
خلدون.
ثالثا:
المارك ّسـية
ال محَـدثة
ُ
ُيطَلق مصطلح المارك ّس$ية ال م َح$دثة على أو$لئك المف ّكرين المتم ّسكين
ُ
بالمارك ّس$ية التقليدّ$ية (كما جاءت
عند ماركس) كإطار نظري ومنهجي .ولقد ل ّخص عبد البـاسط عبد المعطي
في كتابه" $اّتجاها$ت نظرّية في
علم االجتماع" تعر ًي$فا $إجر$ائ يا $لمارك ّس$ية $ال م َح$دثة في أ ّن المارك ّس$ية الجديدة
ُ
تستند إلى المفاهيم المارك ّس$ية$
ومنطقها المنهجي والقو$انين العا مة التي توّ $صلت $إليها ،و ّأ$نها تعامل مع
ّ
-
74-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
-
75-
ورشوة البورجو$ازّيات الوط ّن$ية والتأثير اإليديولو$جي في الم ّث$قفين ،والتغلغل في المؤ ّسسات العلمّ$ية$
)(1
واإلعالمّ$ية والثقافّ$ية$.
• المسألة الطب ّقـية والثورة البروليتـاّرية :لم يضع $ماركس نفسه تعرً $ي$فا لطبقة ،$فالتعريف $الشائع هو
الذي صاغه لينين في أ ّن الطبقات هي جماعا$ت من النا$س تحتّ $ل مواق ًعا متماثلة نسب يا $في نظام
اإلنتاج االجتماعي $.ومن وجهة نظر $ماركس يت م تحديد الطبقات من خالل موقعها من نظام اإلنت$اج والتنظيم
ّ$
االجتماعي لعمل .فالمارك ّس$يون الجدد $يؤّ$كدون أ ّن ماـركس حصر الطبق$ات في (المست غّلة
والمست َّغلة) $وأ ّن الدور الثوري لبروليتا$رّية في حاجة إلى إعادة النظر خا ّصة $بعد التط و ارت التي
ّ$
ط أرت على الطبقة العاملة في المجتمعات المع$اصرة .وفي هذا السياق نجد مث ًال أ ّن ف ارنز فانـون
دون أن ننسى مساندته ماوتسي تونغ حاول إب ارز الدور الثوري لف ّالحين محاكً$يا في ذلك تجربة
)(2
المطلقة لثورة الج ازئّرية والمشا$ركة فيها.
وعمو ما ،فإ ّن المارك ّس $ين الجدد قد أثاروا العديد من التفاصي$ل التي لم يّركز عليها كارل ماركس،
ً$
ص$يات $القو ّم$ية .كما أثاروا أيضا مسأ$لة استغالل المد$ن لقرى في خا ّصة في اهتمامهم بدور األ ّمة والخصوّ $
الدول النامية .فلقد تمحورت محاولات تطوير المارك ّس$ية حول إعادة العالق $ات الجد ّل$ي $ة $بين المس $توى التحتي والف $ $وقي.
فهذا الطرح لم $يكن مس $ت م دا من عدم تواف$ $ق $الت ارث الماركس $ي مع الواق$ $ع الجدي$ $د فق$$ط ،ب $ $ل ام ّت $دت أس $باب
َ
ظهور المارك ّس$ية $الجديدة لتشمل انتقاد$ات الفكر البورجوازي التي ترّكزت في االهتمام بد $ارسة العالقات$
الطب ّق$ية والثورة ،معارضين مفهوم التدّ$رج الذيُ $يخفي العالقات الدينامّ$ية المتناقضة لطبقات .فالمارك ّس$ية
الجديدة نت ادي باألخذ بالمنظور التكاملي والكّلي ّإ$ال من أخذ بمفهوم ما بعد الحداثة .ومن بين رواد المارك ّس$ية$
ّ
ال م َح$دثة نذكر:
ُ
• جورج لوكاش 1885-1971م ،فيسلسوف وعالم اجتماع ماركسي ،حاو$ل وضع نظّرية مارك ّس$ية
في علم الجمال ،اشتهر بكتابه "التا$ريخ والوعي الطبقي 1923م "$عالج فيه عّ$دة قضايا وش ّكك في
ض$د
وفي الوعي المرتبط با$لطبقات ،وبا$لتالي فهو ّ ص ّحة الم ّا$دّ$ية التاري ّخ$ية $كما أد$رجها ماركس
التفسير العلمي الماركسي ،لذلكّ $ق$دم آ ارءه في رواد مدرسة ف ارنكفورت ّ (3).إ$ال ّأ$نه اشترك مع ماركسـ
ّ
1-علي غربي :علم االجتماع والثنائيات النظرية التقليدية المحدثة $،مخبر علم االجتماع واا$لتصال لبحث والترجمة ،جامعة قسنطينة-
الج ازئر2007 ،م ،ص152.
2-عبد الباسط عبد المعطي :اتجاهات نظرية في علم االجتماع ،مرجع سابق ،ص145.
3-عبد المجيد البصير :موسوعة علم االجتماع ومفاهيم في السياسة واالقتصاد والثقافة العا ّمة $،دار الهدى ،الج ازئر2010 ،م،
ص.384
في ت ّب$ني المنطق $الجدلي لـهيجل .ومن المفاهيم األسا ّس$ية التي نت او$لها لوكاش في تح $ليله لمجتمع ال أرسمالي مفهوم
الوعي والت ّش$يؤ* وعالقة ك ّل منهما بالت ّغ$ير والثورة والعقال ّن$ية ،$حيث $يتقابل مفهوم
الت ّش$يؤ عند لوكاش بمفهوم االغت ارب عند ماركس ،فكال المفهومين ُيستخدمان في بحث وتحليل
)(1
التناقضات في المجتمع.
أنطونيو غ ارمشي 1891-1937م ،$مف ّكر اجتماعي إيطالي ،أصبح صحف يا شه ًي$ار نش ًطا في ميدان •
السياسة في التيار $الماركسي ،فهمه مغاير لمارك ّس $ين الكالسي ّك $ين حول البناء $التحتي والبناء
الف$ $ $وقي ،حيث يجب $فهم مث$ $ $ل هذه المق$ $ولات بمع$$نى عالقاتها وفعا ّل$يتها التاري ّخ$ي $ة ال بمع$$نى وجو$دها في
)(2
ض$ية الهيمن $ة والس $يطرة من خالل تمّل $ك الق وة،
ض$ية األساس ّ$$ية ال $تي ناقش $ها غ ارمش ـي هي ق ّ
و الق ّ الواق $ع .
ّ$
حيث تبدأ الهيمنة باالنهيار مع تط ور وعي الطبقات المحرومة والمستقّلة بمصا$لحها وتشكيل
ّ$
)(3
نت ظيماتها المستّقلة ،وتم ّت$د السيطرة على قوى اإلنتاج وعالقاته.
• آالنـ تورين 1925م ،$أفكاره تمحور حول السي$طرة على إدارة الت اركم ،ملك صيغة المعرفة وفر$ض
النموذج الثقافي .حيث تبرز طبقة تح ّكم في عم ّل$يات اإلنتاج ونتائجها ،م ما يمنحها ق وة تح ّكم من خاللها
ّ$ ّ
في من ال يملكون ،كما تو ّظف الطبقة المهيمنة المعارف في وضع الب ارمج واإلش ارف على
إنتاج المعرفة .كما يرى تورين أ ّن احتكار مل ّك$ية الثروة ال يحت ّل مكانة الصدارة في عم ّل$ية الص ارع،
وبالتا$لي تفرض الق وة المتح ّكمة نموذجها الثقاف$ي الذي ي ّع$زز سيطرتها $وضمان مكاسبها وأهد$افها
ّ$
)(4
االقتصادّ$ية والسيا ّس$ية.
• بيار بورديو 2002-1930م ،$تل ّخص أفكاره في محاولته لطرح مفاهيم نث ا ّئ$ية مثل الذا ّت$ية$
ع$ية ،الوضعّ$ية والمثا ّل$ية ،$الفرد والجماعة ،وقد أ ّكد صفة النس ّب$ية والت ّغ$ير في القو$انين ،وينتهي
والموضو ّ
* الَتُشّيؤ ترجمة لكلمة (باإلنجليزية« reification) :ر يفيكيشن» (باأللمانية Verdinglichung) :ويعني تَ ُح ّ$ول العالقات يب ن البشر إلى ما يشبه العالقات بين األشياء
(عالقات آلية غير شخصية) ومعاملة الن$اس $باعتب$ارها موضعً$ا لتباد$ل .ويمكن القول بساطة شديدة بأن التَشُّيؤ $هو أن َيتحَ ّ$ول
اإلنسان إلى شيء تمركز أحالمه حو$ل األشياء فال يت$جاو$ز السطح المادي وعالم األشياء.
1-إب ارهيم عيسى عثمان :النظرية المعاصرة في علم االجتماع $،دار الشروق لنشر $والتوزيع ،عمان-األردن2008 ،م ،ص154.
2-خضر زكريا :النظريات االجتماعية المعاصرة ،ج ،1مطبوعات جامعة دمشق ،مديرية الكتب $الجامّعية ،دمشق-سوريا1988- ،
ص م.2431989،
3-إب ارهيم عيسى عثمان :مرجع سابق ،ص161.
4-المرجع السابق ،ص165.
إلى القو$ل بأ ّن أزمة علم االجتماع ناتجة $عن نظرّيات دون ركيزة امبري ّق$ية أو أعمال امبري ّق$ية $دون
)(1
توجيهات.
م ما سبق نستنتج أ ّن النظّرية المارك ّس$ية $ال م َح$دثة قد تبلورت أفكارها بعد النظّرية المارك ّس$ية الكالسي ّك$ية
ُ ّ
للحفاظ على اإ$لرث الماركسي الذي بدأ في التالشي نتيجة سقوط المعسكر الشرقي وفقدانه لعديد من
بسقوط
كارل ماركس الدويالت التي كانت تحت سيطرة االتحاد السوفياتي ،إضافة إلى عدم تحّقق نتّ$بؤ$
ع$ية.
ال أرسما ّل$ية التي ستحّ $ل محّلها االشت ار ّك$يةّ $ث$م الشيوّ $
1-إب ارهيم عيسى عثمان :مرجع سابق ،ص167.
اربعا :المدرسة الوض ّعـية
اسم ُيطلق على المذهب الوضعي الذي أ ّسسه أوغست كونت (1798-1857م) والحركة التي قام
بها ،فالو$ض ّع$ية با$لمعنى العا م هي ال أري القائل بأنه مادامت المعرفة الحقي ّق$ية $كّلها مؤ ّسسة على الخبرة الح ّ ّس$ية وال
ّ$
ت ّق$دم إّ$ال بالمالحظة والتجربة ،فإ ّن المحاولات $التأم ّل$ية أو الميتافيزي ّق$ية الكتساب المعرفة عن طريق العقل
الغير محدود بالخبرة ،من الضروري أن يت ّخلى عنها لصالح مناهج العلوم الخا ّصة.
يجتمع الوض ّع$يون على أ ّن عمل الفلسفة هو فهم المناهج التي ت ّق$دم بواسطتها الع$لوم ،وليس السعي
شرف البدء بالوض ّع$ية في كتابه إلى معرفة العالم معرفة ال تستند إلى العلوم .ولقد يكون لفرنسي بيكون
(في المبادئ واأ$لصول1623-1624 ،م ،)$فعلى الفالسفة أن يأخذوا حسبه مبادئ األشياء كما هي موجودة
في الواق$$ع ،معتمدين في ذلك على اإليمان بصدق التجارب مع االعت ارف بوج $ود حق $ائق أ و ّل$ي $ة دون أ ّي تص $ور س $ابق.
ّ$ ّ$
فصفة $وضع ي عن $ده ُتطل $ق على الحق $ائق ال $تي ال ُتف ّسر وعلى المذاهب ال $تي تق $وم عليها $.وبس$بب الت $أّثر بـبيكون أصبحت
ّ
كلمة وضعي ُتطلق على مناهج العلوم الطبي ّع$ية العتمادها على المالحظة والتجربة ،وهذ$ا
ص$رح به سانـ سيمون بأ ّن ك ّل علم ال يسي$ر السيرة ذاتها في االعتماد على المالحظة والتجربة عبا$رة
ما ّ
عن علم ظّ$ني.
وأ ما وض ّع$ية كونت فكانت أكثر من م ّج$رد فلسفة $علم ود ارسة لتط ور العقلي ،حيث ش ّكلت $جزًءا من
ّ$ ّ
الت ارث التجريبي في الفلسفة ،وبخا ّصة عند دافيد هيوم الذي برهن على أ ّن المعرفة البشرّية الحقي ّق$ية تعّلق
كّلها بأمور الواقع أو با$لمنطق $والريا$ضيات .لكن االستدالل المنطقي أو الرياضي ال يمكنه من تلقاء نفسه$
ض$يق ،في حين أ ّن معرفة واقع العالم $على
أن يخبرنا بشيء $عن طبيعة العالم ،أل ّن نتائجه محصورة في إطارّ $
خالف ذلك (1)$.من هنا نشأت $الوض ّع$ية $المنط ّق$ية التي ترجع استحالة معرفة اإلنسان لما $يجاوز خبرته
وعمو ما ُيعتبر كونت األ ول في الحديث عن الفلسفة ،حيث $يرى أ ّن لفظ الو$ضع ي يد ّل على الحقيق ي
ّ ّ ّ$ ً$
المقابل لوهم ي ،والحالة الوض ّع$ية في قانون الحالت الثالث عنده مقابلة لحا$لة ال ّالهو ّت$ية والحا$لة الميتافيزي ّق$ي ة $.والو$ضع
ّ
ي من األشياء هو الثابت والصادق ،فاأ$لخبار الوض ّع$ية عند بعضهم تكون مطابقة لو$اقع ،لذلك $فإ ّن
ّ
النظرّي ة الوض ّع$ية ّإ$نما ت $د ّل على أ ّن المعرف ة الصحيحة هي المعرف ة المب ّن$ي ة على الو$اق $ع والتجر$ب ة ،وأ ّن العل $وم
التجري ّب$ية $هي التي ُتحّقق المثل األعلى ،وأ ّن الفكر البشري ال يستطيع أن يت ّج$نب $ا لفظّ$ية والخطأ في العلم $والفلسفة ّإ$ال إذا
اّتصل با$لتجر$بة (1).فالمدرسة $الو$ض ّع$ية هي اّتجاه فكري يبني تفسير العلم $على مصطلحات$
التجربة ،حيث تستلهم الوض ّع$ية نقطة انطالقها من العلوم الطبي ّع$ية من أجل إقامة التفكير على أساس مو ّحد$.
وبالرجوع إلى سان سيمون (1760-1825م )$الذي عاش في نظام إقطاعي وسلي$ل أسرة أر$ستق ارطّ$ية
ض$د االنجليز$
يحمل لًقبا اجتماع يا هو الكونت ،$كان ضاب ًطا برتبة مالزم ّأ$ول ل ّما كانت فرنسا تخوض حرًبا ّ
في شمال الق ّا$رة األمريكّ$ية $،وقد نضج $فكره خالل الثورة الفرن ّس$ية التي كانت بمثابة ثورة على النظام االجتماعي
واالقتصادي في أوروبا عا مة وفرنسا خا ّصة ،وثورة على النظام المعرفي التقليدي السائد في فرنسا وثورة
ّ
على النظام السياسي الملكي .قام سان سيمون في مرحلة نضجه الفكر ّي (1802-1816م) بكتابات في علم اإلنس$ان
مقترحا $تحديد القو$اعد المنه ّج$ية لهذا العلم االجتماعي ،حيث كان اهتمامه الرئيسي منص با على
ربط هذه المعرفة الجديدة بالت ّغ$ي ارت االجتماعّ$ية وبالتركيز على العالقات التي ُيقيمها هذا العلم بين النظرّية$
والممارسة السيا ّس$ية ،وهو يشير بذلك إلى أ ّن ادخال الوقائع األخال ّق$ية في ميدان المعرفة هو تك ارر السيرة
العا مة من الظ$رف ي إلى الوضع ي ،ومعناه با $نل سبة إلى علوم اإلنسان إعادة إنتا$ج الصيرورة نفسها التي سبق$
ّ ّ ّ
)(2
لها أن كانت صيرورة العلوم الطبي ّع$ية.
ويقارن سان سيمون بين العلوم التي ّم$رت من الحدسي إلى الوضعي ،م ّبً$ينا أ ّن كافّة العلوم بدأت
بالتك ون على أسا$س حدس ي ،لك ّن نظام األمور هو الذي جعل منها علو ما وض ّع$ية .فعلم الفلك كان في
ً$ ّ ّ$
األصل نت جي ما ،والفيزيولوجيا التي غاصت طو$ي ًال في بحر الدجل ،قت وم اآلن على أسا$س قواعد تخضع
ً
لمالحظة و لنقاش ،وكذا األ$مر $بالنسبة إلى علم النفس الذي تخلّص من األحكام الدي ّن$ية المسبقة .لقد بدأت المقا$ربة
الو$ض ّع$ية في مرحلة الفكر الم$وسوعي الذي عرفه في القرن الثامن عشر واّتخذت
عند سان سيمون طاب ًعا تطبيق يا عمل يا وليس نظر يا مثلما كان سا ًئ$دا في المرحلة التجريدّ$ية أي العلم النظر ّي
-79-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
1-جميل صلبيبا :المعجم الفلسفي ،ج ،2دار الكتاب ،لبنان-بيروت1982 ،م ،ص578.
2-مصطفى بوجالل :مرجع سابق ،ص55.
-79-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
الم ّج$رد ،حيث ط ور الفكر الموسوعي آ ّل$يات تحليل جديدة تقوم على الت اربط بين المعرفة والواق$ع اإلنسان ي،
ّ ّ$
وبذلك يمّثل هذا الفكر مرج ّع$ية سان سيمون.
• الوض ّعـية والبحث العلمي االجتماعي
لقد ُأطلقت العديد من التسميات على المذهب الوضع ي ،مثل ّاالتجاه الطبيع ي ،االّتجاه االمبريق ي
ّ ّ ّ
و ّاالتجاه السلوك ي ،فض ًال عن إطالق كلمة العلم ذاتها على هذا المذهب ،وعندما ُينسب إليه لفظ المذهب
ّ
فإ ّن المقصود بذ$لك اعتباره بمثابة االبستيمو$لو$جيا الفلس ّف$ية التي تحظى بالنفوذ الفكر ّي في نطاق العلوم
ع$ية وبدرجات متفا$وتة .ومن دعاوي هذا الم$ذهب الوضع ي أ ّن الحقيقة نت حصر في ك ّل ما هو مت$اح
االجتما ّ
ّ
ع$ية تشترك في أساس منطق ي ومنهج ي واحد .وبذلك تعترف
أمام إد ارك الحو$ا ّس ،وأ ّن الع$لوم الطبي ّع$ية واالجتما ّ
ّ ّ
ض$يات$
الو$ض ّع$ية بالشكل االمبريقي الذي تمّثله الع$لوم والشكل المنطقي الذي يعكسه المنطق وتشاركه الريا ّ
)(1
في ذلك.
إ ّن الثورة الفرنسّ$ية ومؤّث ارتها السيا ّس$ية واا$لجتماعّ$ية التي عاشها أوغست كونت قد حّفزته على وضع
األسس النظامّ$ية لمجتمع الجديد الذي يجب أن $يتكّ$يف مع روح وتطّلعات العصر ونف ّس$ية الشعب الفرنس ي
ّ
وطبيعة مشكالت المجتمع والمبادئ الثوّرية والتح و ّل$ية التي تسيطر عليه وترسم ُأ ُطر اّتجا$هاته الم ّا$دّ$ية$
ّ$
ع$ية جديدة يمكن أن يسير $عليها المجتمع الفرنس ي ،ومثل
والمثا ّل$ية .لهذا وضع كونت قوانًينا $اجتماعّ$ية وأخال ّق$ية وشر ّ
ّ
هذه ا قل و$انين اشتّقها من عّ$دة علوم أه مها السياسة واالقتصاد والقانون وعلم النفس .وبالتا$لي ش ّكلت هذه
ّ
القو$انين الصر$ح المنهجي والموضوعي لعلم الجديد والذي يجب أن توفّر فيه الشروط التا$لية:
-أن تكون المعلومات والحقائق التي يتك ون منها علم االجتماع متكاملة ومتناسقة وعلى درجة كبيرة
ّ$
ع$ية.
من الدّقة والمو$ضو ّ
ُيساعد التفت$يش عن طرق جديدة يمكن اعتمادها في البحث العلمي الذي -على العلم الجديد
على
تثبيت وتطوير نظرّيات العلم وقوانينه الشموّ $ل$ية.
-أن يكون هذا العلم الجديد قاد ار على شرح وتوضيح نظّريات وقوانين األديان السماّوية وال $مثل
ُ ً$
واألخالق والقيم$.
-
80-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
1-سامية محمد جابر :منه ّجـيات البحث االجتماعي واإلعالم ،دار المعرفة الجامعّية ،اإلسكندرية-مصر2000 ،م ،ص128.
-
81-
ع$ية
-أن تكون ا نل ظّريات $اا$لجتماعّ$ية قادرة على الت ّغ$ير تب ًعا لتغ ير $الظروف والظواهر $االجتماّ $
ع$ية با $نل س ّب$ية والمرونة وابتعادها عن صفة$
والسلو ّك$ية .وهذا يعني ضرورة تمّ$يز $النظّريات $االجتما ّ
)(1
التع ّصب والت ّح$يز.
ولقد استعان كونت في نظرّيته االجتماعية با$لعديد من المصطلحات العلمّ$ية مثل السكون أو الثبات$
االجتماعي والدينامي ّك$ي $ة أو الت ّغ$ير االجتماعي .ويع $ني ك ـونت بالس$$كون اال$جتماعي تل $ك العالق$ $ة بين الظ$واهر والعم ّل$ي $ات
االجتماعّ$ية وتكامل بعضها مع البعض خالل نقطة زم ّن$ي $ة م ّح$ددة ،وت $داخل المؤ ّسسات وأداء ك ّل منها وظائف$ $ه
الم ّح$ددة .حيث يتج ّسد هذا التكامل في اجتماعها وتظافرها من أجل خدمة األف ارد والجماعات
لتحقيق التماسك والت اربط ،م ما يجعل المجتمع موً ّ $ح$دا وقو يا $وقادا$ر على تحقيق أهدافه القريبة $والبعيدة .ويعني
ً$ ّ
كونت بالديناميكّ$ية أو الت ّغ$ير $االجتماعي ،ت ّغ$ير $مؤ ّسسات المجتمع بمرور الزمن نتيجة ت ّغ$ي ارت تحدث في
بعضها أو جميعها ،بسبب عوامل طبي ّع$ية أو إنسا ّن$ية مقصودة أو غير مقصودة .فت ّغ$ير مؤ ّسسة م ّع$ينة يؤّثر بالضرورة
على قبّ$ية $المؤ ّسسات األخرى أين يت ّب$دل البن$$اء االجتماعي وي ّم$ر المجتمع من مرحل$ $ة حض $ارّية إلى مر$حل$ $ة أخرى
ّتسم بالت ّق$دم والنم و والفاع ّل$ية ،$مثل ت ّق$دم المجتمع من مرحلة التفكير الفلسفي إلى مر$حلة التفكير$
ّ$
العلم ي الو$اق$ $ $ $ $ $ $ع
ّ
ي .كما يرى كونت بأ ّن التضامن االجتماع ي ال يمكن أن يتحّقق بصورة كاملةّ ،إ$ال إذا و ّجه المسؤولون
ّ ّ
عنايتهم واهتمامهم بإصالح نظام التربية والتعليم ونظام األسرة والنظام السياس ي .ف $التعليم يضبط ال$غ ارئ$ز الفط$رّي ة
ّ
ويهيمن عليها ويح ول طاقاتها نحو منافذ تخدم الحضارة والمجتمع ،كما ّأ$نه يهّ$ذب المشاعر اإلنسا ّن$ية$
ّ$
)(2
ويسمو بمدركات الفرد وتص و ارته وأحكامه ،م ما يدفع اإلنسان على قت وية عالقاته االجتماعّ$ية با$آلخرين.
ّ ّ$
• قصور المدـرسة الوض ّعـية
ع$ية
يظهر القصور أو $الضعف عند $تطبيق المذهب الو$ضعي على ما يتعّلق با$لحياة االجتماّ $
اإلنسا ّن$ية ،$لذلك $كان على المذهب الوضعي أن يتجاوز مشكلة التمييز $بين $ما هو إنسان ي وما هو ماّ$دي،
ّ
ذلك التم يز الذي عّ$برت عنه اآل ارء بطرق ّج$د متن وعة ومختلفة ،وهو يحت ّل أه ّم$ية كبرى في تاريخ الفكر بما$
ّ ّ$
ينطوي عليه من مضامين قانوّ $ن$ية ودي ّن$ية $وأخال ّق$ية وسياّ $س$ية $.كما أ ّن هذا التم يزّ $ي$دعي أ ّن ك ّل ما $هو إنسان ي
ّ
وروح ي وعقل $ي أو $ذهن يّ ،إ$نما ي ّمثل نظا ما لظ$واهر يختلف $عن نظام الظاهرة الم ّا$دّ$ية ،وال يم$كن أن
ً ّ ّ ّ
ُيفهم
بواسطة الطرق المالئمة لذلك النظام اآلخر .لقد لجأ بعض الوض ّع $ين إلى رفض هذا الت ارث رف ًضا قاط ًعا
فكرة مفادها ّأ$نه طالما كانت تلك العلوم وغيرها جزًءا من الحياة اإلنسا ّن$ية ،$فهي ت ّع$د جمي ًعا ذات أهمّ$ية في
ع$ية هي ظواهر
فهم الحياة في ُمجملها ،وهناك طائفة أخرى ذهبت إلى ّا$دعاء أ ّن الظواهر اإلنسا ّن$ية واالجتما ّ
واق ّع$ية مثلها في ذلك مثل الظواهر الماّّ $د$ية.
إ ّن الفكرة الخا$لصة لمجتمع تكشف عن وجود ُن ُظم مطردة ت ّم$يز بواق ّع$يتها وقاب ّل$يتها لتنّ$بؤ ،على
ُ
الرغم من أ ّن المجتمع يشتمل على أف ارد يت ّم$يزون في ما بينهم بالمفارقة والت ّف$ر ّد$ية .وعمو ما كانت ث مة أفكار
ّ ً$
ي ّسرت فهم المجتمع واد اركه بوصفه يمّثل مست وى لواقع الذي يت ّم$يز بأّ$نه وحدة قائمة بذاتها .فالو$ض ّع$ية اهت مت
ّ ً$
بعض جوانب العلم $الطبيع ي على حساب $جوانب أخرى ،فالعلم $يت ّم$يز ب ّأ$نه امبريقي ل ّك$نه أيضا $نظر ّي إلى
ّ
ّح$د بعيد ،وليست القو$انين م ّج$رد تعميمات امبريقّ$ية س ّب$ية ،بل هي قضايا مترابطة تراب ًطا عقل يا$.
وم ما سبق نخلص إلى أ ّن إضافات أوغست كونت إلى علم االجتماع كانت قليلة ،على الرغم من
ّ
وضعه مصطلح "سو$سيو$لوجي" ،فقد تص ور البشرّية $كّلها شًيئا $هالم يا ،فلم $ي ار ع أوجه االلتقاء بين الم ارحل$
ّ$
االجتماعّ$ية المتشابهة التي تفضي إلى معرفة القوانين العا مة لتط ور االجتماعي ،لذلك يعتبر $فكره مثال يا
ّ$ ّ
سا ًب$قا لواقع وم ّحً$ركا له ،والمثا ّل$ية عنده تعني وجهة تفسيّرية ،وهو ما يتعارض مع كونه وضعي ا ،فالمجتمع
ليس ّكله تضامً$نا وتماس ًكا ،و ّا$نما فيه ص ارع وتناقض .كما أ ّن فَ$زَ$ع كونت من الت ّغ$ي ارت والثو ارت ،جعل
علم االجتماع أداة محافظة وتبرير لنظام القائم .كما ّأ$نه ت ّح$دث عن منهج المالحظة والتجربة ولم يستخدمه.
()1
مفهو
م يصبح مفهوم الثقافة ذاته تيماشيف ّتجه االهتمامات في العلوم اإلنسا ّن$ية نحو التقويم ،وفي أر
ي
)(1
قيمي ،كما تصبح الوقائع االمبري ّق$ية $بالنسبة نل ا ثقافةّ ،أل$ننا $نربطها دائ ما بالقيا$س .من هذا
ً
المنطَلق تعود ركائز النزعة الوض ّع$ية ال $م َح$دثة بعد انهيار المذهب التط وري إلى ما يتص $وره
ّ$ ّ$ ُ
ع$ية ،حيث نجد الكثير من الو$ض ّع$يون الجدد بأ ّن مناهج العلم الطبيعي مناسبة لد ارسة الظاهرة االجتما ّ
الكتابات السوسيولوجية تعتمد على أربعة عناص$ر (النزعة الك ّم$ية ،النزعة السلو ّك$ية ،النزعة الح ّ ّس$ية ،النزعة$
ّ
)(2
تأتي هذه اإليقاعات الو$ض ّع$ية الجديدة الرباعّ$ية لت ّع$بر بو$ضوح عن المشروع ال أرسمالي ،وعليه$ النف ّع$ية. )$
فإ ّن النظرّية الو$ض ّع$ية الجديدة نت ظر إلى األشيا$ء كما هي و تع مق في وصفها ،وُتدركها إد ار ًكا ح ّس يا جزئ يا$
ّ
معزًوال عن سياقها التاريخي لوقوف على اأ$لوضاع القائمة وك ّأ$نها نهاية التا$ريخي االجتماعي لإلنسان
ومجتمعه .ومن بين رواد الو$ض ّع$ية ال م َح$دثة:
ُ ّ
• جورج لندربرج 1895-1966م ،$عالم اجتماع عمل في الجامعات األمريكّ$ية ،شغل منصب أستاذ
االجتماع في جامعة واشنطن ،ت م اختياره عام 1942م رئي ًسا لجم ّع$ية األمري ّك$ية لعلم االجتما$ع ،من أبرز
ّ$
ّاالتجاه الوضعي الحديث الذي يهدف إلى تحديد اإلج ارءات المنه ّج$ية في ضوء االّتفا$ق واالقتناع م ّمثلي
ع$ية،
المفاهيم من خالل البحث عن الدالئل التجري ّب$ية أو اإلحصاّ $ئ$ية التي تمّثل الظواهر االجتما ّ بتحديد
)(3
ويرى جورج لندربرج بأ ّن ك ّل العلوم وتص ورها في ضوء مجموعة من اإلج ارءات المّ $ح$ددة .
ّ$
ع$ية
االجتما ّ
ع$ية هي بالضرورة أداة أو وسيلة تكّ$ي ّف$ية ،فك ّل بحث يبدأ عادة بعدم التوازن الذي يستشعره
أو غير االجتما ّ
الكائن العضوي .وهذا ما يّتفق $تما ما مع النزعة السلو ّك$ية التي ت ّج$نب $اإلشارة إلى ّأ$ية وقائع أو $حقائق عق ّل$ية ،لذلك
ً
تحاو$ل كل ضروب التكّ$يف في الحياة اإلنسا ّن$ية االقت ارب من موقف التو$ازن الذي يمّثل الحالة الطبي ّع$ية
)(4
أللم$ور ،وهذا ما يّتفق مع النظرّية السائدة في العلوم الطبي ّع$ية المعاصرة.
• ويليام فيلدينغ أوجبورن 1886-1959م ،عالم اجتماع أمريكي ،كان إحصائ يا ومّر ًب$يا ،$تلّقى د ارسته$
ّصل على الماجستير والدكتو اره من جامعة كولومبيا ،كان أستاً$ذا لع$لم االجتماع في في جامعة ميرسر وتح
1927م ،$وعندما أصبح رئيس قسم علم االجتماع في جامعة جامعة كولومبيا من عام 1919م إلى عام
شيكاغو ،شغل منصب الرئيس الـ 19لجمعية علم االجتماع األمري ّك$ية في عام 1929م ،وكان رئيس تحرير
1-صالح مصطفى الفّ$وال :معالم الفكر السوسيولوجي المعاصر ،دار الفكر العربي ،القاهرة-مصر1982 ،م ،ص113.
عـية المعاصرة ،منشو ارت جامعة دمشق ،سوريا2003-2004 ،م ،ص237$. 2-كامل محمد عم ارن :المدارس االجتما ّ
3-محمود أبو زيد :أعالم الفكر االجتماعي واالنـثروبولوجي الغربي المعاصر ،ج $،2دار غريب للطباعة والنشر $والتوزيع ،القاهرة-
مصر2007 ،م ،ص120.
4-نيكوال تيماشيف :نظرية علم االجتماع $،ترجمة محمود عودة وآخرين ،دار المعرفة الجامعية ،اإل$سكندرية-مصر1997 ،م ،ص287.
ّمجلة الجم ّع$ية اإلحصائّ$ية األمري ّك$ية من 1920م إلى 1926م ،وفي 1931م ت م انتخابه رئيً $سا لجم ّع$ية
ّ$
)(1
األمري ّك$ية اإلحصا ّئ$ية ،وقد لعب دوار محور يا $في وضع حجر األساس لالتّجاهات االجتماعّ$ية $الحديثة $.
ً
قل د سعى أوجبورن من خالل د ارساته إلى الحصول على معامالت ارتباط بين $المظاهر المختلفة لظواهر،
م ّؤً $ك$دا في ذلك على الموضوعات التكنولو ّج$ية واالقتصادّ$ية .وكان مؤّلفه الشهير "اآلثا$ر االجتما$عّ$ية لطي ارن
)(2
1936م" ،قد جعله قرًيبا من الجناح الرياضي لوض ّع$ية ال م َح$دثة.
ُ
• ف ارنسيس ستيوارت تشابين 1888-1974م ،$أستاذ علم االجتماع ،تح ّصل على شهادة الدكتو اره،
انتقل إلى كّّلية سميث حيث شغل منصب رئيس القسم من 1920م إلى 1940م ،$كما شغل منصب رئيس
اربطة الـ 25لعلم االجتماع األمريكي ،لعب دوا$ر ها ما في إنشاء $علم االجتماع الك مي اإلحصائ$ي في الولايات$
ّ ً
)(3
ص$نف على ّأ$نه وضعي م َح$دث معتدل كونه استعان
ي ّ ال ّمتحدة األمري ّك$ية ما بين 1920م و1940م .
ُ
باالّتجاه التجريبي الذي يتمّ$يز بدقّة المنهج التجر$يبي ،والفكرة األسا ّس$ية التي يرتكز عليها هذا المنهج كما ورد في مؤّلفه
"التصميمات التجري ّب$ية في البحوث السوسيولو ّج$ية" ،تدور حول منطق التجربة المعم ّل$ية ،قل د وافق$
تشابين الو$ض ّع$ية ال م َح$دثة في تأكيدها على التع$ريفات اإلج ار ّئ$ية في العلوم االجتماعّ$ية بالرغم من ّأ$نه اّتخذ
ُ
مو ًق$فا معتدً$ال منها ،فلقد أشار في كتاباته بأ ّن ما $يس مى بالتعريف اإلج ارئي ال ُي ّع$د ح ال نهائ يا ،بل هو م ّج$رد
ّ
ع$ية.
تطّ$ور نحو تحقيق المزيد من الموضو ّ
ض $ين وغير$هم من الوض ّع $ين يميلون إلى االهتمام باالّتجاه
وعم ًو$ما فإ ّن علماء االجتماع الرياّ $
الو$ضعي الذي يسعى إلى تأكيد أ ّن العلم وحده هو الذي يملك الحقيقة ،كما يتّفقون مع أوغست كونت في
ص$رح تيمـاشيف ّأ$نه في الوقت الذي تالشت يف هاعتماد المالحظة واالستدالل عند إج ارء التحلي$ل السوسيو$لوجي .وهنا ي ّ
الو$اق ّع$ية المعتدلة عند كونت لتح ّل محّلها نزعة إس ّم$ية متطّ$رفة ،اختفت تلك المماثا$لت العضوّية$
1-مصطفى الخ ّشاب :علم االجتماع ومدارسه ،ط $،3دار المعارف ،القاهرة-مصر1975 ،م ،ص95 $.
سادسا :المدرسة البنا ّئـية الوظي ّفـية وتط ورها
ّـ
معنى الوظيفّـية •
هناك معنيان أسا ّس$يان $في علم االجتماع الصط$الح الوظيفة ،المعنى األ ول هو الو$اجبات والفعا ّل$يات
ّ$
والنشاطات التي تقوم بها المن ّظمة االجتماعّ$ية $وتشارك مشاركة ف ّعالة $في إشباع حاجات األف ارد وتلبية$
طموحاتهم الذا ّت$ية واالجتماعّ$ية .فالوظائف اا$لجتماعّ$ية لمؤ ّسسات السيا ّس$ية هي الو$اجبات التي تقوم بها
المن ّظمات السيا ّس$ية ،والتي من خاللها يستطيع ك ّل من الفرد والمجتمع تحقيق أهدافه األسا ّس$ية وانجاز وحدة
ض روبرت ميـرتون هي نتيجة
وتكامل جماعاته ومن ّظماته المختلفة .والوظيفة االجتماعّ$ية كما ّ
يو حها
موضوعّ$ية لظاهرة اجتماعّ$ية يلمسها األف ارد والجماعات ،وقد تكون ظاهرة أو كامنة غير متوّقعة.
ع$ية لنظام الذ$ي توجد يف ه ،$حيث $تكون مقصودة و معترف بها من الوظيفة الظاهرة هي نتيجة مو$ضو ّ
ُ$
قبل األشخاص الذين يقومون بها ،أ ما الوظيفة الكامنة فهي الوظيفة $الغير متوقّعة والغير مقصو$دة من قبل
ّ
أعضاء المن ّظمة المنّفذين .أ ما المعنى الثاني لوظيفة ُف$يقصد به الت $اربط والتكامل بين المت ّغ$ي ارت (استعمال
ّ
رياضي ).إذن هناك عالقة مباشرة بين الوظيفة $التي هي نتيجة نل ظام اجتماع ي م ّع$ين والوظيفة التي هي
ّ
)(1
ترابط بين مت ّغ$ي ارت مختلفة.
إ ّن نشأة االّتجاه الوظيفي واّتساع نطاقه قد تأّثر إلى ّح$د كبير باالهتمام الواضح من طرف العلماء
بفكرة الوظيفة ،$وقد ت ّح$ددت معالمها في إطار $علم االجتماع (كنزعة سوسيو$لو ّج$ية) ،غيرّ $أ$نها $كانت واضحة وس $ابقة
في علم البي$ولوجيا وعلم النفس واالنثروبو$لوجي $ا الثقافّ$ي ة ،ففي عل $وم البي$ولوجيا ت $د$ور الوظي ّف$ي ة حول فك$رة م ّؤ$داها أ ّن ك ّل
ُ
عضو أو $جزء من نسق ُيطلق عليه كائن عضوي يؤّ$دي وظيفة $أو $وظا ًئ$فا أسا ّس$ية $لبقائه ،كما
يؤّ$دي هذا العضو بدوره وظائً$فا لنوع الذي ينتمي إلي$ه باعتباره يمّثل ن ًس$قا يتأّ$لف من مك ونات متناسقة ترتبط$
ّ$
)(2
في ما بينها ارتبا ًطا وظيف يا.
إذن تدرس وجهة النظر الوظيّ $ف$ية الوظيفة التي تؤّ$ديها عم ّل$ية ما في حياة الفرد من جهة التركيب،
أي من جهة صلة هذه الظواهر بالكائن العضو ّي في جملته ،ومن جهة قيمتها بالنسبة إلى تكّ$يفه مع البيئة$
ع$ية كمعنى ا لعب بالنسبة $لالعب ،أي الحاجات التي تشبعها الظو$اهر بالنسبة إليه ،$وذلك عن
الطبي ّع$ية أو االجتما ّ
طريق القوى الدافعة إلى السلوك .فإذا كانت مشكلة التكّ$يف هي المشكلة الكبرى في الحياة ،يكون
السؤ$ال الوظيفي :ما هي وظيفة التفكير واالنفعا$ل واإل اردة؟ ،فا$لوظي ّف$ية مع ّن$ية با$إلجابة عن السؤال "لماذا؟"$.
الو$حدات البنا ّئ$ي $ة الرئي$س$ّ$$ية لنظ $ام االجتماعي ،مع التأكي $ $د على العالق$ $ات األخال ّق$ي $ة بين الوح $دات ،إض $افة إلى
اهتمامها المت ازيد بالظروف والعو$امل التي تساعد على استق ارر وتكامل وفاع ّل$ية النظام
)(3
االجتماعي المطلوب د ارسته.
م ما سبق ،فإ ّن مفهوم الوظيفة $هو مفهوم قديم في علم االجتماع ،حيث $بدأ التفكير يف ه $مع هربرت
ّ
سبنسر وتواصل مع أوغست كونت وتطّ$ور مع إيميل دوركايم ومع سان سيمون ،ك ّل هؤالء هم ممّثلو
المدرسة الوظي ّف$ية الفرن ّس$ية .وعليه فإ ّن المر$ج ّع$يتين (الطبي ّع$ية والبيولو ّج$ية) قد أرستا مبدأين أسا ّس $ين انطلقت$
منهما المقاربة الوظي ّف$ية هما :أ ّن المجتمع مثل الجسم البشري كّّلية متكاملة ،وأ ّن ك ّل عضو من أعضاء هذا
الجسم ال يمكن فهمه إا في إطار كلية .فاالتجاهات الوظيفية في مجملها تعبر عن نموذج د ارس ي ت م
ّ$ ّ$ ّ$ ّ ّّ ّ
ّ
ل
1-فاخر عاقل :مدارس علم النفس ،دار العلم لما$ليين ،بيروت-لبنان1977 ،م ،ص94$.
2-صالح الدين شروخ :مدخل في علم االجتماع -للجام ّعـيين ،-مرجع سابق ،ص153.
3-دينكن ميتشل :معجم علم االجتماع $،ترجمة إحسان محمد الحسن ،دار الطليعة ،بيروت-ل$بنان1981 ،م ،ص104.
لعناصر والوحدات التي يتك ون منها المجتمع ،كالمن ّظمات والمؤ ّسسات$.
ّ$
وُيستعمل هذا االصطالح بكثرة في النظرّ$ية البناّ $ئ$ية الوظي ّف$ية $التي ُتعتبر من النظرّيات الحديثة $لعلم االجتماع المعاصر.
التي نت ظر إلى التنظيم على ّأ$نه مجموعة من البناءات الجز ّئ$ية المتكاملة هيكل يا وماّ$د يا من حيث
وظائف وأدوار م ّح$ددة يقوم بها ك ّل فرد أو $جماعة وك ّل قسم من أقسام التنظيم ،بحيث أ ّن أ ّي خلل في ذلك$
)(4
وقد ت ّم$يزت النظّريات البنا ّئ$ية الوظي ّف$ية بخصائص نوعّ$ية $لها أبعادها ي ّؤ$دي إلى ضياع أهداف المن ّظمة .
التحلي ّل$ية والتص ورّية القادرة على توضيح طبيعة التد$اخل بين التنظيمات .ويرجع الفضل في تط ور وازدهار
ّ$ ّ$
هذا االّتجاه إلى أعمال ك ّل من بارسونز ،ميرتوـن ،جولدنر ،سيلزنيك وغيرهم.
لتنظيمات البيروق ارطّ$ية وتأثي$رها على البناء$ات التنظيمّ$ية والسياّ $س$ية$
مّثلت تحليالت ماكس فيبـر
نقطة االنطالق با$لنسبة لوظي ّف $ين ،خا ّصة من خالل نموذجه المثال ي لبيروق ارطّ$ية ،كما اعتبره الكثير من
ّ
الوظيفّ $ين إطاا$ر تص ور يا $فكر يا ّق$دم الكثير $من اإ$لسهامات في تحليالتهم وأفكارهم ،وذلك $باعتبار $أ ّن النموذج
ّ$ ً$
المثال ي ي ّم$ثل تعبيار عن نوع من الدراسات الع$قال ّن$ية .كما استفاد الوظي ّف$يون من تعاملهم مع أفكار فيبر
ً$ ّ
بالنظر إلى البناءات التنظي ّم$ية على ّأ$نها نسق طبيع ي اجتماع ي يتأثّر بالعوامل الد$اخ ّل$ية الدينامي ّك$ية .وهكذا كانت تحليالت
ّ ّ
فيبر أحد العوامل المساهمة في وضع الفروض النظرّية التنظيمّ$ية $لوظي ّف $ين ومحا$ولة $اختبا$رها
قل د استخدم رواد المدرسة $البنا ّئ$ية الوظي ّف$ية في د ارستهم لتنظيمات أداة تص ورّية ها مة تمّثلت $في
ّ ّ$ ّ
التو$ازن الدينام ي لألنساق ،واعتبروا أ ّن هذا التو$ازن بدوره ُي َجا بُه ك ّل التهديدات التي تعترضهم $وتواجههم.
ّ
فاعتبروا أ ّن التنظيم هو نسق مفتوح يتفاعل مع البي$ئة باستم ارر على اعتبا$رها مصد ار لموارد التي يحتاجها$
ً$
التنظيم ألداء وظائفه .كما انطلق رواد المدر$سة البنا ّئ$ية $الوظي ّف$ية من اعتقاد أ ّن ا نل سق االجتماع ي له
ّ ّ
احتياجاته $الجوهّرية التي يقوم بإشباعها حّتى يست ّم$ر ويحافظ على كيانه $في انسجام واّتساق وتوازن على
)(1
الدوام ،حيث $تحّقق لنسق حا$لة التوازن من خالل تلبية واشباع أج ازئه المختلفة الحتياجا$ته.
ومن أبرز ّرـواد المدـرسة البنا ّئـية الوظي ّفـية
• هربرت سبنسر (1820-1903م) ،يتص ور المجتمع كاًئنا عضو يا في ثالثة عناصر( :$التص ور
ّ$ ّ$
ال ّكلي لمجتمع /عالقة الجزء با$لك ّل /التط ور واالنحالل الذي يخضع له ا نل موذج المجتمعي وأسباب ك ّل
ّ$
منهما ).بهذا الطرح ،فإ ّن سبنسر قد وضع أسس التص ور الوظيفي الذي أخذ عنده طاب ًعا بيولوج يا ،$وهو$
ّ$
الطابع الذي اختزله دوركايم بعد ذلك واستبدله $بطابع اجتماعي الزم االّتجاه الوظيفي (2) .وقد الحظ سبنسر
عد ًي$دا من أوجه التشا$به بين الكائنات االجتماعّ$ية والكائنات العضّوية كاآلتي - :يتمّ$يز
ك ّل من المجتمع والكائنات $العضّوية من الماّ$دة الغير عضوّية با$لنم و الو$اضح خا$لل الشطر األ$كبر$
ّ$
من وجودها ،فالرضيع ينمو حّتى يصبح طف ًال فرج ًال ،والدو$لة تصبح امب ارطورّية.
-نت مو ك ّل المجتمعات والكائنات العضّوية و تط ور في الحجم كما نت مو في درجة تعّقدها البنا$ئ ي$.
ّ ّ$
-ي ّؤ$دي التط ور سو$اء في المجتمعات أو الكائنا$ت العضوّية إلى تبا$ينات في البناء والوظيفة (3) .كما تّركزت
ّ$
اهتماماته حول د ارسة عم ّل$يات التغ ي$ر وتط ور المجتمعات اإلنسا ّن$ية ،حيث تناو$ل تط $ور
ّ$ ّ$
المجتمع قيا ًسا بتط ور الكائنات ال ّح$ية ،فالمجتمع اإلنسان ي قد تط ور من األشكال البسيطة إلى أشكال أكثر تعق ًي$دا ،ومن
ّ$ ّ ّ$
أشكال على درجة متدّ$نية من التبا$ين البنائي وتقسيم العمل إلى مجتمعات معّقدة البناء تقوم
1-اربح كعباش :علم اجتماع التنظيم $،مخبر علم اجتماع اال$تصال لبحث والترجمة ،جامعة منتوري ،قسنطينة-الج ازئر2006 ،م،
ص.157،156
-90-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
ظرية الوظ ّيفـية في علم االجتماع واالنـثروبولوجيا -الرواد والقضايا $،-جامعة عين شمس ،القاهرة-مصر2008 ،م،
2-علي ليلة :الن ّ
ص.55
3-مصطفى بوجالل :مرجع سابق ،ص107.
-90-
الفصل الثاني :أه م المدارس المنهجية الكبرى
ال ّس$باق في وضع بعض أسس نظّرية التط ور (وقد استفاد داروينـ من هذه وعموًما ،كان سبنسر
ّ$
لغاية أساسها ج األفكار) ،كما
التخّلص من ا آمن بقوانين
الضعفاء واستم ء الطبيعة
ارر األقوياء$ ت وب ّأ$نها
مثلما ينعكس ذلك في مبدأ الص
ارع والبقاء لأ$لصلح .فكانت أفكاره
أسا ًسا لنظّرية الداروي ّن$ية
)(1
ولتبسيط فكرة ع$ية.
االجتما ّ
الوظي ّف$ية $نستعين باألفكار التي
ّح$ددها سبنسر والتي وجدت استم
ارّريتها في األفكار
)(2
تلك األج ازء. 2-أحمد القصير :منهجية علم االجتماع
بينـ الوظيفية والمارك ّسـية والبنيّوية ،الهيئة
• إيميل دوركايم (1858-1917م ،)$ارتبطت الوظي ّف$ية بشكل دقيق بأعماله المصّرية العا ّمة لكتاب ،القاهرة-مصر،
التي طرحت التفسير 1985م،
ص.111
الوظيفّ $ي ،وفي بداياته األو$لى التصق دوركايم با $نل ظّرية العضّوية التي أخذها عن
3-شحاتة صيام :مرجع سابق ،ص$.
هربرت سبنسر الذي كان 90
ُيماثل أو يناظر $بين اإلنسان والكائن الح ي ،وبذلك ي ّع$د أ ول من قام بصياغة
ّ$ ّ
منه ّج$ية لهذه المماثلة وفً$قا
لمعيار الوظي ّف$ية ،حيث يرى أ ّن الحياة االجتما$عّ$ية ت ّع$د التعبير الوظيفي لبناء
)(3
تف أثي ارت االجتماع ي .
ّ
سبنسر في الوظي ّف$ية تجد امتدادها عند دوركايم في الكثير من أبحاثه ،مثل
"تقسيم العمل االجتماع ي"
ّ
و"اإلشكال األ ولي لحياة الدي ّن$ية ".لقد حاول دوركايم أن ُيفرغ المماثلة
ّ$
العضّوية من محتواها البيو$لوج ي
ّ
ُويكسبها معنى اجتماع ي ،وهو بذلك يت ّب$نى فكرة أن يكون الك ّل نات ًجا عن أج
ّ
ازئه كما يقول سبـنسر ،ويرى
أ ّن الك ّل يخلق أج ازءه ،بحيث $تفوق هذه األج ازء مك وناته ،وأ ّن هذه
ّ$
المك ونات لها حاجات واشباع$ات م ّح$ددة.
ّ$
وي ّح$دد دوركايم معالم الوظيفّ$ية و ًف$قا لما يلي$:
-رؤية المجتمع ّأ$نه نسق أو وحدة كّّلية $تأّلف من مجموعة من
الوحد$ات المرتبطة مع بعضها البع$ض.
-يسعى المجتمع بشكل عا م باعتباره ن ًس$قا إلى
ّ$
إيجاد حالة من التوازن العا م - .ث مة وجود واقعي وتص وري
ّ$ ّ ّ$
لمجتمع ،وأ ّن هناك اّتفاق عا م على القيم والمعا ير من جانب أعضاء$
ّ$
المجتمع.
-أ ّن االتّفاق على القيم والمعا ير بين أف ارد المجتم$ع يمّثل الهدف النهائي
لنظام العا م.
ّ$
-
92-
-أ ّن تحليل البناء االجتماعي وما يحويه من ُنظم وجماعات وفئات اجتماعّ$ية ينبغي أن يت م في إطار$
ّ$
)(1
تحقيق استم اررّية المجتمع وكذا في إطار $نم وه التط ور ّي.
ّ$ ّ$
إ ّن إيميل دوركايم يميل إلى جعل مفهوم الوظيفة مفهو ما نسب يا خاً $ل$يا من الحتمّ$ية ،فإذا لم يكن من
ً$
الضرور ّي اعتبار ك ّل وظيفة $تعبيا$ر عن حاجة $الجسم ،فليس من الضرور ّي أن تكون لك ّل حاجة وظيفة في
ً$
الجسم.
• ارد كليف ب ارون (1881-1955م) ،عالم إيطالي انثروبو$لوجي اجتماعي ،ازول د ارسته في جامعة
وإيميل دوـركايم ،وهو ما جعله
كمبريدج أين كان أستاً$ذا بها ،تأّ$ثرت أفكاره وآ ارؤه بكتابات أوغست كونت
ع$ية ليت م يبرز في حقل علم االجتماع المقارن الذي يستنتج المبادئ األسا ّس$ية المف ّسرة لعالقات االجتما
ّ ّ$
)(2
توظيفها في د ارسته لألنظمة اا$لجتماعّ$ية المختلفة ود ارساته المقارنة.
تعني الوظي ّف$ية عنده النظر إلى الحياة االجتماعّ$ية باعتبارها ك ال اجتماع يا ،فهي تش ّكل وحدة كّّلية$
وظي ّف$ية ،وبالمفهوم المعاصر فالوظي ّف$ية $تشير إلى أ ّن المجتمع هو نسق ،والنسق هو أداة تص وّرية ت ّح$دد
ّ$
عالقات المجتمع في إطار الك ّل بمجموعة من المبادئ التنظيمّ$ية $التي تستند إلى التساند $الوظيفي والتفاع$ل
بين أج ازء النسق وبعضها البعض (3).لذلك فإ ّن نظرّية ارد كليف ب ارون ُتشبه في خصا$ئصها نظرّية دوركايمـ
ع$ية الثقافّ$ية ،إضافة $إلى شروط التماسك والتضامن االجتم$اعي ،حيث
ومدخ ًال في د ارسة الظواهر االجتما ّ
ش ّكل هذا المدخل أساس االفت ارض البنائي ال $و$ظيفي ال $ذي يؤّ$كد مضمونه على األنساق االجتماعّ$ي ة ال $تي تحاف $ظ
على بقائها لفت ارت طويلة في حا$لة الثبا$ت ولتوّفرها على درجة عالية من التماسك والتضامن ،وهذا ما يؤّ$كد لن$ $ا
مدى إيمانه بالبناء االجتماعي كوجو$د موضوعي منفصل عن الوجود الف $ردي (فهو يعترض حول اس$تخدام المماثل $ة
العضّوية بين ما هو اجتماعي وبيولوجي) ،لذلك نجده يعتقد بأ ّن األداء الوظيفي هو ذلك
)(4
اإلسهام الذي ي ّؤ$ديه النظام في دعم البناء اال$جتماعي.
شغوف بالتنظير والتأويل وصياغة المفاهيم وتنظيم األ$فكار • تالكوت بارسونز م،)1902-1979
(
السابقة والتأ$ليف والتركيب ،عمل على تطبيق نظرّيته حول ا نل سق االجتماعي في د ارسة التنظيمات من
خالل المساهمة التي ّق$دمها في مقالة $له بعنوان" $مقترحات ألجل منظور سو$سيولوجي نل ظ$رّية التنظيمات"،
حيث اعتبر التنظيم نسً$قا مفتو ًحا ،بمعنى أ ّن التنظيم والبيئة هما مسّلمتان.
ع$ية ،بسبب تواجد قيم اجتماع ّي أوسع وأشمل ،فمنطق ّي أن يكون نسق القيم مقبوال في التنظيم و ّيتسم بالشر ّ
عا مة نل سق الوظائف $أو المناصب العليا في المجتمع .ويستخدم بارسونز نسق القيم كنقطة مرج ّع$ية أسا ّس$ية$
ّ
في تحليله لل بناءات التنظيمّ$ية ،من خالل:
ورية لتحقيق أهداف $التنظيم.
-متطّلبات المواءمة والتكّ$يف في التنظيم المرتبطة $بتوفير الموارد الضر ّ
-اإلج ارءات النظا ّم$ية الضرورّية التي يتّخذها التنظيم من أجل توفير المو$ارد في العم ّل$يات الخاّ $
ص
ة لتحقيق الهدف$.
-توّفر أنماط نظا ّم$ية تعمل على تحديد $وتنظيم االلت ازمات داخل التنظيم في حا$لة مقارنته بتنظي$مات
)(3
أخرى تمّتع نب فس المواصفات $التي يمكن تعميمها على نطاق واسع في المجتمع.
ومن أجل المحافظة على التعاون واستم ارره ،يرى بارسونز ّأ$نه $على إدارة التنظيم أن تلجأ $إلى قت ديم
المكافآت على األداء ال ّج$يد كحوافز ،أو توقيع الج ازءات لمن ال يتعاون ،أو تسخير آليات عال ّج$ية بتوفير$
مجموعة من اإلج ارءات يمكن من خاللها القضا$ء على العوائق التي تعترض التعاون$.
الفنون ،حصل على الدكتو اره عام 1936م من جامعة هارفارد وأصبح وا ًح$دا من أعضاء اله$يئة
)(2
التدري ّس$ية فيها ،كما عمل في جامعة كولمبيا وأصبح أستاذا فيها عام 1947م.
يعتبر مقاله" Toward the codification of Functional analyses in Sociology " $
ُ
أه م ما كتب فيه من نقد لبنا ّئ$ية الوظي ّف$ية ،وذلك من خالل ثالث مسّلمات يّتصف $بها التحلي$ل الوظيف $ي
ّ ّ$
وهي:
-الوحدة الوظي ّف$ية لمجتمع ،بمعنى أ ّن أج ازء النسق االجتماع ي تمّتع بدرجة عالية من التكامل في
ّ
المجتمعات البدا ّئ$ية الصغيرة دون المجتمعات الكبيرة المعّقدة ،لذا ينبغي عدم تعميم هذه المسّلمة.
-الوظيفّ$ية الشاملة ،بمعنى أ ّن ك ّل األشكا$ل وا ُل $نب ى الثقافّ$ية واا$لجتماعّ$ية في المجتمع تقوم بوظائف
إيجا ّب$ية ،وهذا قد يكون مخا ًل$فا لواقع االجتماع ي.
ّ
1-شحاتة صيام :مرجع سابق ،ص58$.
2-محمود أبو زيد :مرجع سابق ،ص144 $.
-ضرورة وجود األج ازء ،بمعنى أ ّن األج $ازء المك ونة لمجتمع ال قت وم بوظائف إيجا ّب$ية فحسب ،بل
ّ$
ورية
ع$ية والوظائف ضر ّ
ورية لعمل المجتمع كك ّل .وهذا يعني أ ّن ا ُل $نب ى االجتما ّ
ص$ار ضر ّ هي تمّثل عنا
ً
)(1
لمسيرة المجتمع الطبي ّع$ية.$
الوظائف $على أساس قت سيمها في المجتمع إلى نوعين :الوظائف الظاهرة وهي ص$نف ميـرتون
وي ّ
التي ترمي إلى تحقيقها التنظيمات االجتماعّ$ية ،والوظائف $الغير ظاهرة وهي التي ال تأ$خذ التنظيمات
االجتماعّ$ية بالحسبان$.
ولقد اختلف ميرتون مع أستاذه بارسونز في عدم التركيز على النسق ،ويبرز ذلك من خالل تصميم
نموذجه في التحليل الوظيفي ،فيه $ال ينطلق من تحليل األنساق االجتماعّ$ية ولكّ$نه يبدأ بتحليل الو$حدات$
ع$ية واألنم$اط الثقافّ$ية .ويرى
التي تأخذ شك ًال مع ًّق$دا مثل األدوار االجتماعّ$ية ،األنماط التنظيمّ$ية ،العم ّل$يات االجتما ّ
الذي قام بتجريد التص ور العضوي لـهربرت سبنسر وفصله من جذوره الفردّ$ية والبيو$لو ّج$ية وأضفاه على$
ّ$
1-سعاد عطا فرج :مرجع سابق ،ص243.
عـية ودراسة التنظيم ،ط $،3دار المعارف ،القاهرة-مصر1981 ،م ،ص80. 2-السيد الحسين$ي :الن ّ
ظرية االجتما ّ
3-السيد الحسين$ي :مرجع سابق ،ص83 $.
أرى أ ّن تكامل أنساقه ُونظمه يجع$ل منه ك ال عضو يا ،هذا الك ّل هو الذي يتوّ$لى صياغة أف
المجتمع الذي
ارده
)(1
على هيئته وهّويته ،$وبذلك $قّلب المعادلة فجعل المجتمع قاعدة لفرد و منب ًتا لجذوره.
َ$
وعمو ما فإ ّن المدرسة البنا ّئ$ية الوظي ّف$ية تش ّكل نظ$رّية جز ّئ$ية إذا ما ت مت مقارنتها بالمدرسة المارك ّس$ية
ّ ً$
التي قتّ$دم نظرة شام$لة لمجتمع ،فكرة أ ّن المجتمع مثل الجسم البشري ك ّلّية متكاملة ،وأ ّن ك ّل عضو من
أعضاء هذا الجسم ال يمكن فهمه إّ$ال في إطار كّّلية تهدف إلى تحديد مفهوم البناء الوظيف $ي أو $البناء$
ّ
االجتماع ي وفي ّأ$نه يت ّمثل في مجموعة العالق$ات االجتماعّ$ية المتباينة التي تكامل و تناسق $من خالل
ّ
األدوار االجتماعّ$ية التي يرسمها لها الك ّل وهو البناء االجتماع ي$.
ّ
1-مصطفى بوجالل :مرجع سابق ،ص124.
سابعا :مدرسة التحليل النفسي
نشأت مدرسة التحلي$ل النفسي في أحضان التطبيق الطّ$بي ،فقد ّق$دمت إسها ما علم يا $أ ّهلها $لالنضمام
ً
إلى علم النفس $.وان$تقل تأثيرها إلى مجاالت كثي$رة ،منها مجال علم االجتماعُ .يمكن تسمية مدر$سة التحليل
النفسي بتسميات عديدة ،فهي مدرسة سيكولو ّج$ية السلو$ك بالرغم من ُبعدها عن النظرة السلو ّك$ية ،وتس مى
ّ
بسيكولو ّج$ية األعماق الهتمامها الكبير بالالشعور ،أو بسيكولو ّج$ية المشاعر لكونها خالفت سيك$ولو$جيا القرن
ض$د االّتجاه الجسدي ،نتيجة أ ّن بعض
19م التي اهت ّمت بالعقل وحده .فمدرسة التحليل النفسي هي ثورة ّ
األشخاص الغير $أسوياء ال تو$جد عندهم آفات دماغّ$ية م ما ُيجب ر على البحث $عن أسباب مرضه$م في حياتهم
ّ
النف ّس$ية ،وفي عاداتهم الخاطئة في التفكير والعمل ،وفي ضعف إ اردتهم وفقدانهم لتوازنهم العاطفي .ومن أه م
ّ$
روادها سيجموند فرويد ،يهودي أوربي ،ولد في تشيكوسلوفاكيا ،عاش طفولته في ف ينا ودر$س الط ّب بها$
ُ ّ
وعمل في المخبر $الفي$زيو$لوجي س ّت سنو$ات ،ث م عمل طبًيبا وتابع د ارسة الجملة $العص ّب$ية وتشريحها وأم ارضها.
ّ$
ث م ذهب إلى شاركو في با$ريس و تلمذ $على يده لمّ$دة سنة وعاد بعدها إلى ف ينا ،$ازر مدرسة نانسي ولم$
ّ$
يعجبه عملها .استفاد $من جوزيف بروير الطبيب النمساوي والفيز$يولوجي ،حيث $تعاونا $على د ارسة األم ارض
العص ّب$ية ،$فوجد بروير أ ّن المريضة الهستر$يا ّئ$ية تشعر بتح ّسن عندما ت ّح$دث أثناء التنويم عن مرضها ،لكن
تستطيع التخّلي عنه (وجد بروير في ذلك خطا$ر) ،فتابع فرويد العمل بها .وحين ت ّع$رض فرويدـ لما ت ّع$رض
ً$
له بروير ،ناقش المسألة فوجد أ ّن عشق النسوة لطبيب المعالج $ليس ع ًش$قا $لشخصه و ّا$نما ّال$تخاذه ّن ّإ$ياه
بدي ًال عن موضوع ّح$به ّن األ ول (1).وكانت الخط$وة التا$لية أن يتخّلص فرويد من التنو$يم المغناطيسي لينتقل
ّ$
)(2
أو طريقة الت اربط ال ّح$ر ،وبطء هذه الطريقة قد إلى طريقة جديدة ابتكرها و ُعرفت باسم التذ ّكر الواعي
أوصل فرويد إلى الالشعور مباشرة ،ووجد بالتفكير واالختبار $أ ّن أحالم المريض $تعلن ال شعوره ،فشرع
بد ارسة األحالم و ّت$بعها بطريقة الت اربط $.وفي عا$م 1900م أصدر فرويد كتابه "تفسي$ر األحالم" وتاله كتاب آخر "علم
النفس المرضي لحياة اليو ّم$ية" عام 1901م ،$حيث شرح فيه هفوات اللسان والذاكرة ،وقد تتالت
والى إحياء الخبرة األص ّل$ية التي ت ّس$بب المرض واالرتفاع بها إلى مستوى الشعور لتخليص$ طبيعة مرضه
المريض من مّركبه ،وبذلك ساعد في شفاء حا$الت الشلل الهستيري ،المخاوف العص ّب$ية ،الغيبوبة والكبت$
المّركب األصلي ليس إّ$ال نتيجة لصدمة عاط ّف$ية تلّقاها المريض ،قد بأنواعه المختلفة .وافترض فرويد أ ّن
تكون خيا ّل$ية أو واق ّع$ية ،وحسبه دائ ما فإ ّن الذاكرة ال تموت تما ما (1).نستنتج أ ّن أسس الفرويدّ$ية هي الجنس$،
ً ً
الطفوّ $ل$ية والكبت .وحسب فرويد ف ّإ$ننا لم نتعّلم المخاوف باالر$تكاس الشرطي ،و ّا$نما ّأل$نها تخفي رغبات ال
يوافق المجتمع عليها ،فالخوف هو قناع $لرغبة .كما أرجع جميع العالقات اإلنسا ّن$ية إلى ا ليبيدو (الغريزة
الجن ّس$ية) ،ويقصد بها طاقة الميول التي تعود إلى ك ّل ما يشمله $لفظ الح ّب ،وهي طاقةُ $تعتبر كأّ$نها مقدار
ك مي ولكن يصعب قياسها (2).وي ّش$به فرويد التنو$يم المغناطيسي بحال الح ّب من حيثّ $أ$نه $ال يت ّع$دى بالذات$
ّ
أو األنا أو الموضوع ،ولكنه يستند إلى نو$ازع جن ّس$ية مكبوتة .كما تلعب الرموز دوار ها ما في النوم ،ف$ $الرموز في
ً
األح $الم $هي نت $ $ا$ج الرقاب $ $ة ال $ $تي تمن$ $ع الرغب $ $ات $المس $$ترة من الوض $وح الش$$عوري ،وتلعب دوا$ر ها ما في الحي $ $اة
ً
ع$ية .أ ما تفسير $الدين عند فرويد فهو مرض عصابي أساسه األفكار المتسّلطة ،وهو ما يعطي الدين
االجتما ّ
ّ
)(3
-حس$$به -الق وة والس $لطان$.
ّ$
وباختصار $فإ ّن فرويد يفّ $سر أصل المجتمع ومختلف مظاهر الحضارة نب زعات ا ليبيدو التي هي ق وة
ّ$
حياة فطرّية ،وي ّم$يز إلى جانبها $غريزة االعتداء أو $اإلتالف $والموت $،فيقوم المجتمع بتوجيه األف ارد إلى العدوان
على المجتمعات األخرى.
وعمو ما ،فإ ّن نظرّية فرويد لم تر ض علماء النفس وال علماء االجتماع ،وهو نفسه (فرويد) $يذكر
ً$
ّأ$نها عبارة عن محاولة في التفسير ،وينطبق على نظرّيته ما ينطبق على ك ّل التفسي ارت التي حاولت تفسير$
ع$ية ذات صفات مِّميزة لها $عن غيرها.
الظاهرة االجتماعّ$ية عن طريق $الحاالت الفردّ$ية ،أل ّن الحاالت االجتما ّ
1-المرجع السابق ،ص183.
2-عبد الكريم اليافي :تمهيد في علم االجتماع ،المطبعة العمومّية دمشق ،د.س ،ص452 $.
عـية ،دار النهضة العرّبية ،القاهرة-مصر1976 ،م ،ص392.
3-حسن $شحاتة سعفان :تاريخ الفكر االجتماعي والمدارس االجتما ّ
خاتمة
يتن وع الواقع المجتمعي في ك ّل مرحلة تا$ري ّخ$ية بعم ّل$يات الت اركم المعر ّف$ية التي ي ّح$ققها البا$حث ا في
ّ$ ا معالجة
ل موضو
ج عات
ت العلوم
م االجتما
ع$ية
ّ ا
ع المختلفة
ي ل تّضح
ارتباطات
ها
ومدى
تعّ$دد
اّتجاهات
ها
ومدارس
ها ،خا
ّصة في
نت اولها
لمختلف$
االتّجاها
ت
النظّ$رية
التي تش
ّكل
جًزءا
أسا$س يا
من
الحقي$قة$
العلمّ$ية$
في
حياتنا
اليو ّم$ية،
ف هي
األسا$س
الكامل و
ارء ك ّل
-99-
مذاهب المعرفة االنسا ّن$ية $وك ّل تفسير ألنماط السلو$ك المختلفة
ع$ية المت ّع$ددة والمتباينة في ك ّل مظاهر
التي يسلكها األف ارد والجماعات داخل البناءات االجتما ّ
النشاط$
ع$ي $ة $.ف $ $العلوم االجتماعّ$ي $ة ال يمكن أن ت ّ $ $ؤ$دي وظائفها $وتحّقق أهدافها دون تكام$ل وح $دة
االجتما ّ
ُأطرها ا نل ظرّية$
والفكرّية ودون تط ور األساليب المنه ّج$ي ة والبح ّث$ي ة .وبالفعل فق $د استطاع ال $رواد والمف ّك رون في مجال
ّ$
الع$لوم االجتماعّ$ي ة الوصول إلى بل$ورة وتطوير المدار$س الفكّري ة والنظرّي ة $ال$تي عملت على تمكين العلم
من نت مية مناهجه الد ار ّس$ية العلمّ$ي ة وتطوير أدوات$ $ه البحثّ$ي ة $تما ًش$يا مع الت ّغ$ي ارت ال $تي ط أرت على
المناهج والنظرّيات$
والُّ$نظم$
ع$ية$.
االجتما ّ
وأخيار نأمل أن يكون هذا العمل المتواضع إضافة نافعة إلى رصيد معرفة الطالب وعًونا له
ً$
على
متابعة البحث في الد ارسات اا$لجتماعّ$ية
المختلفة.
-
100-
المــــــــ ارجـــــــــــــــــع
-
100-
قائمة الم ارجع
4.عبد النور جبور :المعجم األدبي ،ط$،2 ازيد :علم اجتماع الن ّ
ظريات .أ
دار العلم لماليين ،بيروت-لبنان1984 ،م$. الكالسي ّكـية والنق ّدـية ،دار الكتب 1ح
المصّرية ،القاهرة-مصر، 7م
5.محمد شفيق غربال :الموسوعة العربية المو ّسعة ،ط
1997م. د
،2مؤ ّسسة الشعب ،القا$هرة-مصر1972 ،م.
.أحمد نظرية علم ارديكالّـية $،-دار
6.محمد محمود ربيع وآخرون :موسوعة العلوم السياسية$، ّ
جامعة الكويت ،الكويت1994 ،م$.
المعرفة 1سليمان االجتماع
الجامعّ$ية، 8أبو زيد- :رؤية
االسك$ندرّية- نق ّدـية مصر،
ب -الكتب
2006
7.أ .ال ارمي و ب .فالي :البحث في االتـصال -عناصر م.
منهجية $،-ترجمة ميلود سفاري وآخرون ،مخبر علم
أحمد عباده
.
اجتماع االتصال ،جامعة منتوري ،قسنطينة-الج ازئر2004 ،م. سرحان: 1
.أ.ب .شبتولين :النظرية العلمية في الطبيعة والمجتمع والمـعرفة $،دار الفا مقدمة في 9
8اربي ،بيروت-لبنان1981 ،م.$ اإلحصاء
االجتماعي$،
.إب ارهيم األبرش :المنهج العلمي وتطبيقاته في العلوم االجتماعية $،دار الدار القومية،
9الشروق ،عمان-األردن2009 ،م. مصر196 ،
.إب ارهيم عثمان :م ّقـدمة في علم االجتماع $،دار الشروق ،عمان- 3م.
1األردن1999 ،م.
0
.إب ارهيم عيسى عثمان :النظرية المعاصرة في علم االجتماع،
1دار الشروق لنشر والتوزيع ،عمان-األردن،
1م.2008
إحسان محمد الحسن :األسس العلمية لمناهج البحث االجتماعي ،دار
.
1الطليعة ،بيروت-لبنان1982 ،م.
2إحسان محمد الحسن :مناهج البحث االجتماعي $،دار وائل ،األردن،
2005 .م$.
1
3
المدخل إلى علم االجتماع $،دار
.إحسان محمد الحسن ،عدنان
وائل لنشر ،عمان-األردن$،
1سليمان األحمد:
4
م.2005
أحمد القصير :منهجية علم االجتماع بين الـوظيفية والمارـك ّسـية
والبنيّوية ،الهيئة المصّرية العا ّمة لك$تاب$، .
1
5
أحم القاهرة-مصر1985 ،م.
-
102-
.20أنور حسين عبد الرحمان وفالح محمد حسن الصافي :مناهج البحث بين النظرية والتطبيق ،التأميم لطباعة
والن$شر ،كربالء-الع ارق2005 ،م.
.21لب قاسم سالطنية ،حسان الجيالني :محاض ارت في المنهج والبحث العلمي ،ط $،2ديوان المطبوعات الج$امعية،
الج ازئر2009 ،م.
.22جابر عبد الحميد جابر وآخرون :مناهج البحث في التربية وعلم النفس $،دار النهضة العربية ،القاهر$ة$-مصر،
محا م.2002
.ج
2ض
ا
3ار
ز
ت
ي
في
ة
المن
ك هج
ي ية
لطال
اب
رعلم
نالجت ا
:ماع
،
.ط2
م $،
2ديوا
0ن
1ال م ط
6بوع
ات
الجا
مع ي
ة،
الج
ازئ
ر$،
عت -
أ ال
نم م
سش
ا نا
سا
يب
عع ه
ن
م ي ال ج
ي
ر $،ب
ح الب
الت ن ث ح
وق ث
م ا اا
يل ل
ج
-
102-
جمال زكي، ا لس ي د ياسين:
.24
االجتماعي $،-منشو ارت مج ّمع الفاتح لجامعات ،ط اربلس-ليبيا1989 ،م.
.25جورج غوريفتش :د ارسات في الطبقات االجتماعية $،ترجمة أحمد رضا ،الهيئة المصّرية العا ّمة لكتاب،
القاهرة$،
م.1973
دار النهضة العر ّب$ية ،القاهرة-
تاريخ الفكر االجتماعي والمدارس .26حسن شحات$ة سعفان:
مصر، االجتماعّـية، م .1976
حسين عبد الحميد ،أحمد رشوان :ميادين علم االجتماع ومناهج البحث العلمي $،المكتب الجامعي الحديث$،
.27
اإلسكندرية-م$صر1977 ،م.
البحث االجتماعي في محيط الخدمة االجتماعية $،المكتبة الجامعية ،اإلسكندرية-
.28خاطر أحمد مصطفى:
مصر2001 ،م.
خضر زكريا :النظريات االجتماعية المعاصرة ،ج $،1مطبوعات جامعة دمشق ،مديرية الكتب الجام ّع$ية ،دمشق$-
.29
سوريا1988-1989 ،م$.
ذوقان عبيدات وآخرون :البحث الـعلمي-مفهومه ،أدواته ،أسلوبه $،-دار المجدالوي ،عمان-األردن1983 ،م.ـ
.30
ذوقان عبيدات :البحث العلمي $،دار الفكر لطباعة والنشر ،عمان-األردن2001 ،م.
.31
اربح كعباش :علم اجتماع التنظيم $،مخبر علم اجتماع االتصال لبحث والترجمة ،جامعة منتوري ،قسنطينة-
.32
الج ازئر2006 ،م.
مناهج وأساليب البحث العلمي ،دار الصفا ،ع ّمان-
.33ربحي مصطفى عليان وعثمان محمد
ا$ألردن، غنية:
م.2000
رشيد زرواتي :مناهج وأدوات البحث العلمي في العلوم االجتماعية $،دار الهدى ،الج ازئر،
.34
د .س.
.35
زكي نجيب محمود :فلسفة وف ّن $،مكتبة االنجلو مصرية ،القاهرة-مصر196 ،
3م.
زينب محمد زهري :علم اجتماع المسرح -تـقنياته النظرية والمنهجية والعلمية ،-مجلس الثقافة .36
الع ّا$م،
الجماهيرية ا ليبية ،د.س.
.37سامي ملحم :مناهج البحث في التربية وعلم النفس $،دار المسيرة ،القاهرة-مصر2000 ،م.
.38سامية محمد جابر :منهجّـيات البحث االجتماعي واإلعالم $،دار المعرفة الجامعّ$ية ،اإلسكندرية-مصر2000 ،م$.
-
103-
طـور الفكر االجتماعي $،مطبوعات جامعة عين شمس ،القاهرة-مصر2008 ،م. .39سعاد عطا فرج :تاريخ ت ّ
ظرية التنظيم $،دار المعرفة الجامعّ$ية ،اإلسكندرية-مصر2000 ،م.
.40سعد مرسي بدر :اإليديولوجيا ون ّ
.41سمير محمد حسين :بحوث اإلعالم –األسس والمبادئ $،-عالم الكتب ،القاهر$ة-مصر1976 ،م.
.42سمير نعيم أحمد :النظرّية في علم االجتماع $،مكتبة جامعة عين شمس ،القاهرة-مصر1977 ،م.
عـية ود ارسة التنظيم ،ط ،3دار المعارف ،القاهرة-مصر1981 ،م. .43السيد الحسيني :الن ّ
ظرية االجتما ّ
.44السيد علي شتا :نظرية علم االجتماع ،مؤ ّسسة شبا$ب الجامعة ،القاهر$ة-م$صر1993 ،م.
عـية من المرحلة الكالسي ّكـية إلى ما بعد الحداثة $،مصر العربية لنشر والتوزيع$، شحاتة صيام :الن ّ
ظرية االجتما ّ .45
-مصر2008 ،م.
.صم
4لل
اد
6ج
لخ
ا
حل
م
ا ف ّعـيي
ل ين
د -
ي ع $،
نل دا
مر
ش ا لع
را لو
وا م
خل لن
:ج ش
.ت ر
مم و
2ا الت
0ع و
0زي
5ع
،
عن
اب
ة
-
ال
ج
ا
زئ
ر
،
ش صال
ر ح
و الدين
-
103-
خ :منهجية البحث القانوني للجام ّعـيين-علوم قانونية ،علوم اجتماعية $،-دار العلو$م لنشر
.47
والتوزيع ،عنابة-الج ازئر2003 ،م.
صالح مصطفى ال ّف$وال :معالم الفكر السوسيولوجي المعاصر $،دار الفكر العربي ،القاهرة-م$صر1982 ،م.
.48
طلعت همام :سين وجيم عن مناهج البحث العلمي ،ط $،3مؤسسة الرسالة باالشت ارك مع دار عمار،
.49
بيروت-
لبنان1989 ،م.
منهجية البحث في العلوم السياسية واإلعالم ،ط $،3ديوان المطبوعات الجامعية ،الج ازئر،
.50عامر مصباح:
م.2017
عائشة عبد الرحمان :القرآن وقضايا اإلنـسان $،دار العلم لماليين ،بيروت-لبنان1972 ،م$.
.51
عبد الباسط عبد المعطي :اتجاهات نظرية في علم االجتماع $،سلسلة عالم المعرفة ،الكويت1981 ،م.$
.52
–محاولة نحو رؤية نقدية لمناهجه وأبعاده $،-دار
.53عبد الباسط عبد المعطي :البحث االجتماعي
المعرفة
الجامعية ،االسكندرية-مصر1985 ،م.
عبد الباسط عبد المعطي :البحث االجتماعي $،دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية-مصر1997 ،م.
.54
عبد الباسط محمد حسن :أصول البحث االجتماعي $،مكتبة وهبة ،القاهرة-مصر1979 ،م$.
.55
عبد الباقي زيدان :قواعد البحث االجتماعي $،مطبعة السعادة ،القاهرة-مصر1980 ،م.
.56
عبد الرحمان بدوي :مناهج البحث العلمي $،وكالة المطبوعات ،الكويت197 ،
.57
7م $.عبد الغفار رشاد القصيبي :مناهج البحث في علم السياسة $،منشو ارت جامعة القاهرة ،كلية االقتصاد والع$لوم
.58
السيا$سية ،مكتبة اآلداب ،القاهرة-مصر2004 ،م.
عبد الكريم اليافي :تمهيد في علم االجتماع ،المطبعة العمو ّم$ية دمشق ،د.س.
.59
عبد اهلل عامر الهمالي :أسلوب البحث االجتماعي وتقنياته $،منشو ارت جامعة قاريونس ،نب غازي-ليبيا1988 ،م.
.60
طـور $،-دار المعرفة الجامعية ،بيروت-لبنان1999 ،م$.
.61عبد اهلل محمد عبد الرحمن :علم االجتماع -اـلنشأة والت ّ
.62عبد المعطي محمد عساف وآخرون :التطو ارت الـمنهجية وعملية البحث العلمي $،دار وائل لنشر ،عمان-
األردن2002 ،م.
-
104-
عبد المعطي محمد علي ،السرياقوسي محمد :أساليب البحث العلمي $،مكتبة الفالح ،الكويت1988 ،م.$ .63
تقنيا
.ع
6ت
ب
4ومن
د
اه
ا
ج
ل
البح
ن
ث
ا
في
ص
العل
ر
وم
ج السي
ن اسي
د ة
ل واال
ي جتم
:اعي
ة،
ط
$،2
ديوا
ن
ال م
طبو
عا
ت
ب الجامعي
ي ة ،الج
ارزئر،
و200
ت7م.
-
عطو
ل
ف
ب
محمو
ن
د
ا
ياسين:
ن
م دخ ل
،
في
1علم
9النفس
8االجتما
1عي$،
مدار
.النهار
،
-
104-
3المنه
.65 م جية
مخبر علم االجتماع واالتصال $لبحث $.في
علـم االجتماع والثنائيات النظرية التقليدية المحدثة، علي التحلي .66
غربي: ل
السيا والترجمة ،جامعة قسنط ني ة-ا$لج ازئر2007 ،م$.
سي-
علي ليلة :النظرّية الوظي ّفـية في علم االجتماع واالنـثروبولوجيا -الرواد والقضايا $،-جامعة عين المفا .67
شمس$، هيم،
القاهرة-مصر، المنا
2008م .علي معمر عبد المؤمن :مناهج البحث في العلوم االجتماعية –األساسيات والتقنيات واألساليب،- هج
.68
،
الم$جموعة االقت
العربية لتدريب والنشر ،القا$هرة-مصر، اربا
2008م. ت
واألد
مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث $،ديو$ان
عمار بوحوش ،محمو الذ ين بات: واتـ .69
المطبوعات ،-
د محمد
دا ر
الجامعية ،الج ازئر1999 ،م.
هو
مه .70 ،عمر التومي الشيباني :مقّـدمة في الفلسفة االسال ّمـية $،الدار العربية ،ليبيا ،تونس1990 ،م.
الج .71عمر التومي الشيباني :مناهج البحث االجتماعي ،ط $،3مجمع الفاتح لجامعات ،ط اربلس-ليبيا1989 ،م.
ازئر
.72 ،غازي عناية :البحث العلمي –منهجية إعداد البحوث والرسائل الجامعية :بكالوريوس ،ماجستير ،دكتو اره$،-
دار المناهج لنشر والتوزيع ،عمان-األردن2014 ،م. م.
اإلحصاء والقياس في البحث االجتماعي ،ج $،2دار 199
.73غريب محمد سيد أحمد وناجي بدر إب 7
المعرفة
ارهيم:
محمد
الجامعية ،اإلسكندرية-مصر1986 ،م. ط لع ت
فاخر عاقل :مدارس علم النفس ،دار العلم لماليين ،بيروت-لبنان1977 ،م. عيسى:
البحث .74
فؤاد البهي السيد وسعد عبد الر$حمن :علم النفس االجتماعي -رؤية معاصرة $،-دار الفكر العربي ،القاهرة$-
العلمي .75
مصر1999 ،م. -مبادئ
ه
كامل محمد عم ارن :المدارس االجتماعّـية المعاصرة $،منشو ارت جامعة دمشق ،سوريا200-2004 ،
ومناه .76
3م.
جه.77 ،-
م .روزنتال ،ب .بودين :الموسوعة الفلسفية $،ترجمة سمير كرم ،ط ،5دار الطليعة ،بيروت-لبنان1985 ،م. ط،3
المكتبة األكاديمية ،القاهرة-مصر، مكتبة
البحث العلمي –أسسه وطريقة كتابته،- القاهر .78مبارك محمد الصاوي
محمد: ة
م.1992 الحديثة
،
طرق البحث العلمي في العلـوم االجتماعية مع بعض التطبيقات على المجـتمعاتـ
القاهر .79 $محجوب عطية الفائد$ي:
ة-
مصر ،محم الريفية $،جامعة عمر المختار البيضاء ،الجمهورية العربية ا ليبية1994 ،م.
196د
محمد زيان عمر :البحث العلمي –مناهجه وتقنياته ،-ط $،4ديوان المطبوعات الجامعية ،الج ازئر1983 ،م.
شلبي:
-
105-
.80
.81
.82
-
106-
محمد عاطف غيث :د ارسات في تاريخ التفكير واتجاهات النظرية في علم االجتماع $،دار النهضة العربية، .83
القاهرة-مصر1975 ،م.
.84محمد عاطف غيث :علم االجتماع الحضري -مـدخل نظري $،-دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع،
القاهرة-مصر1990 ،م.
.85محمد عبد الحميد :تحليل المحتوى في بحوث اإلعالم $،ديوان المطبو$عات الجامعية ،الج ازئر1983 ،م.$
.86محمد علي محمد :علم االجتماع والمنهج العلمي ،ط $،3دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية-مصر1986 ،م$.
محمد لبيب النجيحي :م ّقـدمة في فلسفة التربية ،ط $،2مكتبة االنجلومصرية ،القاهرة-مصر1967 ،م $.محمود .87
.88أبو زيد :أعالم الفكر االجتماعي واالنـثروبولوجي الغربي المعاصر ،ج $،2دار غريب لطباعة والن$شر
والتوزيع ،القاهرة-مصر2007 ،م.
.89مصطفى الخ ّشا$ب :علم االجتماع ومدارسه ،ط ،3دار المعارف ،القاهرة-م$صر1975 ،م.
.90مصطفى بوجالل :علم االجتماع المعاصر بين االتـجاهات والنظريات ،ديوان المطبوعات الجام ّع$ية ،الج ازئر،
مقد م.2015
.م
9مة
ص
1في
ط
مبا
ف
دئ
ى
وأ
ع س
مس
ر البح
ث
ا االج
لت تما
ي ع
ر ي،
:منش
و
لي ار
بي ت
ا الجا
،مع
ة
1
المفت
9
وح
9
ة،
5
ط
م
اربل
.
س
$-
ا معتز
هسيد عبد
-
105-
لل وعبد ا لطيف محمد خليفة :علم النفس االجتماعي ،دار غريب لطباعة والنشر ،القاهرة$-
.92
مصر ،د.س.
–آدابه وقواعده ومناهجه $،-دار هومه لطباعة والنشر والتوزيع ،الج
.93م ّكي مصطفى :البحث العلمي
ازئر،
م .2013
المنظمة العربية لتنمية اإلدارية :البحث العلمي ومشكالتـه في الوطن العربي ،القاهرة-الشارقة2006 ،م.
.94
منير الحمزة :المكتبات الرقمية والنشر اإللـكتروني للوثائق $،دار األلمعية لنشر والتوزيع ،قسنطينة-ا$لج ازئر،
.95
م.2011
ناصر قاسمي :دليل مصطلحات علم اجتماع التنظيم والعمـل $،ديوان المطبوعات الجامعّ$ية ،الج ازئر2011 ،م$.
.96
ناصف سعيد :محاض ارت في تصميم البحوث االجتماعية وتنفيذها –نـماذج لد ارسات وبحوث ميدانية ،-مكتبة
.97
زه ارء الشرق ،القا$هرة-مصر،
1997م .نبيل السمالوطي :علم االجتماع التنمية –د ارسة في اجتماعيات العالم الثالث ،-دار النهضة العربية
.98
للطباعة
والنشر ،بيروت-لبنان1991 ،م$.
–المذكرة ،الرسالة ،األطروحة ،كل
.99نسيمة ربيعة جعفري :الدليل المنهجي للطالب في إعداد البحث العلمي
التخصصات $،-ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون ،الج ازئر2006 ،م.
100.نيكوال تيماشيف :نظرية علم االجتماع $،ترجمة محمود عودة وآخرين ،دار المعرفة الجامعية ،اإل$سكندرية-م$صر1997 ،م.
101.الهادي محمد محمد :أساليب إعداد وتوثيق البحوث العلمية $،المكتبة األكاديمية ،القاهرة-م$صر1995 ،م.
-
106-
المجالت والدوريات-ج
$،168 العدد، مجلة العربي الكويتّـية،-ا مصادرها؟$م- األخالق والقيم والعادات في حياة الناس: أحمد زكي102.
.م1972 نوفمبر
$، الكويت، مجلة العربي الكويتّـية،اطفة في عالمنا العربي المعاصر$ بين العقل والع: عبد اهلل زكريا األنصاري103.
.م1976 ديسمبر$،157 العدد
$.م1973 جوان،1 العدد$، مجلة عودة الحق المغربية،وان يتكّلم$ اإلنسان حي: محمد عزيز الحبابي104.
الرسائل واألطروحاتـ-د
لة مقدمة إلى كلية العلوم االجتماعية$ أطروحة دكتو اره دو$، الجمـاعات الصغيرة في التنظيم: حسان الجيالني105.
.م1999 ماي،ليبيا- ط اربلس، جامعة الفاتح،التطبيقية
بالفرنسية:ثانيا
A- Dictionnaires
1. Gérard Durozoi, André Roussel Nathan: Dictionnaire de philosophie, Imprimé en
France par I.M.E, 2003.
2. Joseph Sumpf et Michel Hugues : Dictionnaire de sociologie, Librairie Larousse, Paris,
1978.
B- Ouvrages
3. Ahmed Taleb: Méthodologie de préparation des mémoires et des thèses (guide du
chercheur), traduction: Bendimered Nacera, Edition Dar el Gharb, Oran-Algérie, 2004.
4. Benoit Dardenne; et al: La recherche en psychologie -méthodologie et statistique-,
Louvain-la-Neuve, Bruylant-Academia, Belgique, 2001.
5. Bernard S. Phillips: Social Research –Strategy and Tactics-, Ed3, University of
Minnesota, United States, 1976.
6. François Buton, Nicolas Mariot: Pratiques et méthodes de la socio-histoire, Presses
Universitaires de France, 2009.
7. Georges Cantecor : Le Positivisme, Hachette Livre – BNF, France, 2013.
8. Gnansa Djassoa: Méthodologie de la recherche scientifique en psychologie (Une
démarche algorithmique), Presses Académiques Francophones, France, 2013.
9. Institut marksizma-leninizma: Marx and Engels through the eyes of their
contemporaries, Progress publishers, Moscow, Russia, 1978.
10. Jean-Noël Baléo, Bernard Bourges, Philippe Courcoux : Méthodologie expérimentale :
méthodes et outils pour les expérimentations scientifiques, Edition Tec & doc Lavoisier,
France, 2003.
11. Maurice Bouvier-Ajam: Essai de méthodologie historique, Edition Le Pavillon, France,
1970.
-
106-
12. Robert Evola; Mbonji Edjenguèlè: Manuel d'enquête par questionnaire en Sciences
sociales expérimentales, EPU, Éditions Publibook université, Paris, 2013.
13. Robert Freedman: Marx on economics, Introd. by Harry Schwartz, Harmondsworth,
Middlesex, Penguin Books, Pelican books, England, 1968.
14. Roger Mucchielli: Le questionnaire dans l’enquête psycho-sociale -Connaissance du
problème, applications pratiques-, 10ème Ed, Entreprise Moderne d’Edition, Paris, 1993.
15. Tom B. Bottomore, Maximilien Rubel: Karl Marx Selected writings in sociology and
social philosophy, Pelican books, London, 1963.
-
107-