You are on page 1of 18

‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬

‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫الفكر الوجودي في الع راق القديم‪ /‬ممحمة جمجامش نموذجا‬

‫أ‪.‬م‪.‬د حسين سيد نور جالل االعرجي‬


‫جامعة واسط ‪ /‬كمية التربية لمعموم االنسانية‬
‫‪Hussiennoor82@gmail.com‬‬

‫الممخص‪:‬‬
‫تعالج ىذه الد راسة مفيوم الوجودية اوال ومن ثم في الفكر الع راقي القديم فضال‬
‫بعد ىا فكرة تعبر عن سعي البشرية في معالجة‬
‫عن اساليب ذلك المفيوم ودوافعو‪ّ ،‬‬
‫واقعية لموجود البشري ‪ .‬وكانت ممحمة جمجامش عينة الفكر الذي تمت د راستو في‬
‫بحثنا ‪ .‬في الد راسة تعقبنا بداية الفكر الوجودي في التاريخ القديم‪ ،‬سيما من خالل‬
‫االساطير التي عدت محاوالت سعى االنسان فييا الوصول الى اجابات تعمل وجوده‬
‫فضال عن الغاية‪ ،‬وبالتالي تعبر عن طريقة التفكير التي سمكيا لفيم ذاتو ‪ .‬لذا فان‬
‫ممحمة جمجامش تعالج فكرة مركزية تتمثل في الوجود البشري‪ ،‬فضال عما سيؤول اليو‬
‫مصير البشرية‪ ،‬فالوجودية بحسب المفيوم العام‪ ،‬اتجاه فمسفي يتخذ من اإلنسان‬
‫موضوعا لو‪ ،‬ليس من خالل التفكير فقط‪ ،‬وا نما من خالل الفعل والشعور أي أنيا‬
‫ترتبط باإلنسان كفرد حي‪ ،‬فضال عن اب راز الوجود وخصائصو‪ ،‬وجعمو سابقا عمى‬
‫الماىية فيو ينظر الى االنسان عمى انو وجود ال ماىية‪ ،‬ويؤمن بالحرية المطمقة التي‬
‫تمكن الفرد من ان يصنع نفسو بنفسو‪ ،‬ويممئ وجوده عمى النحو الذي يالئمو‪ ،‬بعيدا‬
‫عن الوجود الميتافيزيقي ‪.‬‬

‫الكممات المفتاحية‪ :‬الفكر ‪ ,‬الوجودية ‪ ,‬ممحمة كمكامش ‪ ,‬العراق القديم‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
2020 / ‫ شباط‬/‫الجزء األول‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬
Exis te ntial Thought in Ancie nt Iraq

Gilgame s h Epic as a M ode l

Summary

This study deals with the concept of existentialism first and


then in the ancient Iraqi thought as well as the methods and reality
of that concept. Then as it considered as an idea that reflects
humanity's quest for a realistic treatment of human existence. The
Epic of Gilgamesh was a sample of thought that was studied in our
research. In this study, we followed the beginning of existential
thought in ancient history, especially through the myths in which
there were countless attempts by the human being to reach answers
that explain his existence as well as the end, and thus express the
way of thinking that he took to understand himself. Therefore, the
Epic of Gilgamesh deals with a central idea represented in human
existence, as well as what will happen to the fate of humanity.
Existentialism according to the general concept, is a philosophical
trend that takes the human being as a concept of it, not only
through thinking, but rather through action and feeling. It is
connected to the human being as a living individual as well as
highlighting the existence and its characteristics, and making it
prior to its essence. It looks at the human being as the existence of
no essence and believes in the absolute freedom that enables the
individual to create himself or himself and fill his presence in a
way that suits him far from metaphys ica l existence

Ke y words : e xis te ntial thought, the e pic of Gilgame s h, ancie nt


Iraq.

306
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫المقدمة‬

‫قدمت الحضارة البشرية نتاجا متالحقا عبّ ر عن اص رار االنسان وقدرتو عمى‬
‫العيش بطرق مبتكرة ومختمفة قادرة عمى تمكينو من التكيف مع البيئة التي عاشيا‪،‬‬
‫فاصطبغت كل حضارة بطابع مازىا عن غيرىا‪ .‬اذ اجتمعت جممة م ن العوامل افرزت‬
‫الكثير من االفكار والمعتقدات والبنى الفكرية التي تمكننا من تتبع الفكر الوجودي‪،‬‬
‫الذي بقي ردحا طويال من الزمن من غير د راسة‪.‬‬

‫لمفكر الوجودي حضور في النتاج االدبي في الع راق القديم ‪ ،‬اذ جاء ضمن‬
‫اىم نتاج ‪،‬ادبي وفمسفي‪ ،‬ناقش بوضوح سعي االنسان لحل مشكمة فيم الوجود‪ ،‬تمثل‬
‫بممحمة جمجامش‪ ،‬ذلك الذي رفض ما اعتاد عميو البشر عندما ارتضوا بالموت نتيجة‬
‫حتمية لنياية االنسان‪ .‬اذ اتبع منيجا رفض فيو االنساق الفكرية التقميدية وبدا ببحث‬
‫واقع جديد يتم من خاللو طرح رؤى جديدة عميا تمكن االنسان من البقاء‪ .‬لذا فان‬
‫حدود البحث تمثمت في النتاج االدبي الع راقي القديم وبالتحديد ممحمة جمجامش‪.‬‬

‫تتمثل مشكمة البحث في الوقوف عمى االساليب الفكرية التي اتبعاىا االنسان‬
‫ف ي فيم وجوده وكيفية معالجتيا في النتاج االدبي الع راقي القديم‪ ،‬فضال عن اساليب‬
‫بعد ىا فكرة تعبر عن سعي البشرية في معالجة واقعية لموجود‬
‫ذلك المفيوم ودوافعو‪ّ ،‬‬
‫البشري‪ .‬وكانت ممحمة جمجامش عينة الفكر الذي تمت د راستو في بحثنا‪.‬‬

‫تقوم فرضية البحث عمى ان ممحمة جمجامش احتوت وعالجت فكرة مركزية‬
‫تمثمت في الوجود البشري‪ ،‬فضال عما سيؤول اليو مصير البشرية‪ ،‬فالوجودية بحسب‬
‫المفيوم العام‪ ،‬اتجاه فمسفي اتخذ من اإلنسان موضوعا لو‪ ،‬ليس من خالل التفكير‬
‫فقط‪ ،‬وا نما من خالل الفعل والشعور‪ ،‬أي أنيا ترتبط باإلنسان كفرد حي‪ ،‬فضال عن‬
‫اب راز الوج ود وخصائصو‪ ،‬وجعمو سابقا عمى الماىية‪ ،‬فيو ينظر الى االنسان عمى انو‬
‫وجود ال ماىية‪ ،‬ويؤمن بالحرية المطمقة التي تمكن الفرد من ان يصنع نفسو بنفسو‪،‬‬
‫ويممئ وجوده عمى النحو الذي يالئمو‪ ،‬بعيدا عن الوجود الميتافيزيقي‪.‬‬

‫‪303‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫تكمن اىمية الد راسة في اثبات السبق الفكري في معالج ة اخطر واعمق مشكمة‬
‫واجييا ويواجييا االنسان المتمثمة بمصيره‪ ،‬وكيف اخرجيا بمنظور وجودي في وقت‬
‫مبكر من تاريخ البشرية‪ .‬سيما وانيا احتوت مشكمة محورية تتعمق بحياة البشر الفانية‪،‬‬
‫بحيث قصت ممحمة جمجامش الرحمة الفكرية التي سمكيا االنسان من اجل الوصول‬
‫الى الحقيقة ال مرتبطة بالواقع ال باألمنيات او الماورائيات‪ .‬بل قدمت مثاال واضحا في‬
‫ارتباط الحياة بالمادة بشكل اوثق من اي شيء اخر‪.‬‬

‫قسم البحث الى محاور عديدة‪ ،‬كان اوليا مفيوم الوجودية‪ ،‬فضال عن الثاني‬
‫الذي خصص لمفكر الوجودي في الع راق القديم وتناولنا ممحمة جمجامش نموذجا لذلك‬
‫الفكر‪ ،‬وخصص المحور االخر لسمات الفكر الوجودي‪ ،‬اما المحور االخير فقد درس‬
‫اسباب ظيور ذلك الفكر في الع راق القديم بدء اً ‪.‬‬

‫تميز الفكر الوجودي بسمات عامة ولكن كان أكثرىا وضوحا أنو بدأ من‬
‫االفكار‬ ‫اإلنسان ال من الطبيعة‪ .‬فيو مختص بالذات أكثر منو بالموضوع‪ .‬ارتبطت‬
‫ا لوجودية بواقع االنسان البيئي‪ ،‬ليذا فقد يقال أن التساؤل األساسي حول الذات‬
‫البشرية قد كافح بالفعل لكي يعبر عن نفسو في الحقبة التي كان فييا الفكر البشري‬
‫أسطوري الطابع وىذا واضح بصفة خاصة في األساطير التي تحكي أصل اإلنسان‪.‬‬
‫ىناك الكثير من الد راسات حول ممحمة جمج امش‪ ،‬واغمبيا خصص لموضوع‬
‫البحث عن الخمود‪ ،‬فضال عن الد راسات االدبية‪ .‬ولكننا نبحث في ىذه الد راسة اسموب‬
‫التفكير الواقعي‪ ،‬المرتبط بصفات االنسان وطبيعتو‪ ،‬اذ اصبح الركيزة االساسية لألفكار‬
‫التي افرزت المدرسة الوجودية حتى اصبحت تيا را فكريا لو سماتو وممي زاتو‪.‬‬
‫استعان الباحث بمجموعة من الد راسات الفمسفية واالدبية السابقة‪ ،‬فضال عن‬
‫الد راسات التاريخية‪ ،‬بسبب طبيعة موضوع البحث‪ .‬كان من اىم تمك الد راسات كتاب‬
‫الوجودية مذىب انساني لجان بول سارتر‪ ،‬ترجمة عبد المنعم الحفني‪ ،‬الذي يؤكد فيو‬
‫عمى ان الوجودية نزعة طبيعية لدى االنسان‪ ،‬فض ال عن كتاب الوجودية لجون‬
‫ماكوري‪ ،‬ترجمة امام عبد الفتاح ذلك الكتاب الذي تناول الوجودية كتيار فمسفي نيض‬
‫في اوربا بعد عصر النيضة‪ ،‬وىنالك كتاب اخر كرسو محمد سعيد العشماوي لد راسة‬

‫‪303‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫تاريخ الوجودية‪ ،‬اذ انكر فيو (ظمما) الفكر الوجودي في بالد ال رافدين من خالل تناولو‬
‫ل حضا رات كثيرة وغيب عمدا الحضارة الع راقية القديمة‪ .‬واعتمدنا نسخة الممحمة التي‬
‫ترجميا نائل حنون اذ تعد بحق افضل الترجمات واحدثيا من النص المسماري الى‬
‫النص العربي‪ ،‬وجاءت لتعبر عن المفاىيم التي عبر عنيا صاحب االرض بشكل‬
‫حقيقي‪.‬‬
‫قسم البحث الى محاور عديدة‪ ،‬كان اولي ا مفيوم الوجودية‪ ،‬فضال عن الثاني‬
‫الذي خصص لمفكر الوجودي في الع راق القديم وتناولنا ممحمة جمجامش نموذجا لذلك‬
‫الفكر‪ ،‬وخصص المحور االخر لسمات الفكر الوجودي‪ ،‬اما المحور االخير فقد درس‬
‫اسباب ظيور ذلك الفكر في الع راق القديم بدء اً ‪.‬‬
‫نظ را لطبيعة مادة البحث وسبل معال جتيا استخدمنا التفكيكية منيجا يحاول ان‬
‫يفكك النصوص والمفاىيم لموصول الى البنية االساسية التي بمورت االفكار التي‬
‫ظيرت عمى شكل نتاج ادبي كممحمة جمجامش‪.‬‬
‫توصمت الد راسة الى ان الوجودية طريقة التفكير االولى التي سمكيا االنسان‬
‫لفيم ذاتو‪ ،‬سيما ان الوجودية اضحت فم سفة تتصدى لمعالجة مدلوالت الحياة والموت و‬
‫المعاناة واأللم‪ ،‬مبينا في الوقت ذاتو ان الفكر الوجودي في الع راق القديم حاجة‬
‫االنسان الممحة الى الواقع العممي‪ ،‬بعيدا عن الفيم المثالي لموجود‪ .‬وتجمت اصالة‬
‫الفكر الوجودي في الع راق القديم من خالل ممحمة جمجامش التي نيجت البحث عن‬
‫معنى الوجود الحقيقي لمبشر‪.‬‬

‫مفيوم الوجودية ‪Existence‬‬


‫لم يظير الفكر الوجودي بشكل مفاجئ‪ ،‬بل مثّل مرحمة ميمة من مراحل الفكر البشري‪ ،‬ميد‬
‫لظيوره عوامل ومقدمات عديدة ٔ‪.‬‬
‫اختمف تعريف مفيوم الوجود بين المغات الحية األوربية إلى العربية‪ ،‬ففي المغات األوربية و‬
‫أغمبيتيا مشتق من المغة الالتينية‪ ،‬يفيد معنى الخروج من الشيء‪ ،‬فأصل المفظ في المغة الالتينية‬
‫مكون من شطرين ىما ‪ ex/stere‬المقطع األول ‪ ex‬يعني الخروج بينما الثاني ‪ stere‬البقاء في‬ ‫ّ‬
‫العالم‪ ،‬وىكذا انتقل المفظ إلى المغات األوربية بما يحتويو من شحنة تعبيرية و ما يرمز إليو من فكر‪،‬‬

‫‪303‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫فالوجود في المغة الفرنسية ‪ existence‬اما في االنجميزية فـ‪ existence :‬اما في المغة األلمانية فـ‪:‬‬
‫‪.ٕ existenz‬‬
‫ىمو الوصول الى فيم‬ ‫اما الوجودية بالمعنى االصطالحي األوسع فإنيا كل جيد فكري ّ‬
‫معنى الوجود ٖ‪ ،‬واصبح فيما بعد تيا ار فكريا مثّل فمسفة تتمحور حول تحميل الوجود‪ ،‬والطريقة التي يجد‬
‫بيا البشر أنفسيم موجودين في العالم‪ .‬الفكرة ىي أن البشر موجودون أوالً ثم يقضي كل فرد حياتو في‬
‫تغيير جوىره أو طبيعتو‪ .‬وبعبارة أبسط‪ ،‬ا ن الوجودية فكر ييتم بإيجاد الذات ومعنى الحياة من خالل‬
‫اإلرادة الحرة ‪ ،‬واالختيار‪ ،‬والمسؤولية الشخصية‪.‬‬
‫اإلنساني وعالقتو بالوجود الخارجي (الكون‬ ‫تقوم الوجودية عمى البحث في مسألة الوجود‬
‫ّ‬
‫والمجتمع) وموقفو من ىذا الوجود‪ ،‬وىو قائم عمى‪:‬‬
‫التمرد‪ :‬الذي يصبو اإلن سان من خاللو إلى تحقيق الذات بعد مواجية مخاطر الحياة وغيرىا‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫من األمور التي تعيق وجود اإلنسان‪.‬‬
‫العبث‪ :‬الذي ال يمكننا الحديث عنو إال إذا أشرنا إلى مشكمة الموت التي ّأرقت ادباء العراق‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫القديم وجعمتيم يتفطنون إلى ال جدوى الحياة‪.‬‬
‫فالعصب الرئيس لموجودية أن يحي ى اإلنسان في الوجود‪ ،‬وليس مجرد التفكير فيو‪ ،‬اي أن‬
‫يعيشو في تجاربو الحية‪ ،‬وما يعانيو في صراعو مع الوجود في العالم‪ ،‬بخالف مجرد النظر إلى الحياة‬
‫من خارجيا‪ ،‬النظر إلى الوجود موضوعو‪ .‬وىو ما يجعل الذات المفردة مركز البحث‪ ،‬واألصل الذي‬
‫تصدر عنو كل األفكار واألفعال ‪ .‬بيد أن وجود الموجود ال يتحقق دفعة واحدة‪ ،‬فيو ليس ذلك الشيء‬
‫الذي نكتشفو مرة واحدة‪ ،‬بل ىو الشيء الذي نخمقو بواسطة الحرية‪ .‬فالموجود ىو وجود دائم غير‬
‫مكتمل‪ ،‬ىو ما يصير‪ ،‬ىو شروع واستقبال ٗ لذا فان الوجودية تحاول التعبير عن المدى الكامل من‬
‫الوجود الذي يعرف مباش رة وعمى نحو عيني في فعل التواجد نفسو ٘‪ .‬ان وجية نظر الوجوديين قائمة‬
‫عمى ان نقطة بداية الفرد تتحدد بما ُي سمى "الموقف الوجودي"‪ ،‬أو شعور بفقدان التوجو واالرتباك أو‬
‫الفزع في وجو عالم عبثي بال معنى ‪.ٙ‬‬

‫الوجودية في الفكر العراقي القديم‬


‫يمكن أن نتعقب جذور الوجودية من خالل األساطير في الحضارات القديمة سيما حضارة‬
‫العراق القديم‪ ،‬اذ ظل موضوع األساطير وتفسيرىا مثار اىتمام عدد كبير من الباحثين منيم شمنج‬

‫‪310‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫‪ JSchelling‬وشتراوس ‪ Strauss‬حتى كاسيرر ‪ Cassirer J‬ويونج ‪ JJung‬وبمتمان ‪Bultmann‬‬


‫والياد ‪ Eliade‬وكثيرون غيرىم‪ ،‬وكميم بذلوا جيودا مكثفة في عمم تفسير األساطير ‪ ،ٚ‬وفق رؤى‬
‫مختمفة‪.‬‬
‫بذلت جيود حثيثة لتفسير االساطير عمى انيا محاوالت االنسان االولى لفيم حقيقة الذات‪.‬‬
‫فاألسطورة ظاىرة معقدة وتقبل تفسيرات متعددة ‪ ،ٛ‬صارع فييا اإلنسان نفسو في سبيل توضيح‬
‫الغموض الذي يكتنف وجوده‪ ،‬محاوال ايجاد اإلجابات عمى ان تناقضات الوجودية الظاىرة في ىذا‬
‫الوجود كميا محاوالت حقبة ما قبل الفمسفة وما قبل الفينومينولوجيا‪ . Phenomenology‬لمتعبير في‬
‫صور ميثولوجية أسطورية ‪ Mythology‬عن وعي اإلنسان بالوجود الذي الزمو منذ بداية وجوده ‪.ٜ‬‬
‫دأب اإل نسان منذ فجر التاريخ عم التمرد والثورة من أجل امتالك حريتو ااممة ألن الحرية‬
‫ٓٔ‬
‫اتفيو عبء حريتو الخاصة‪ ،‬ووجوده‬ ‫سيما ان االنسان يحمل عم‬ ‫تمثل الوجود اإلنساني ذاتو‬
‫المتميز باالعتماد عم ذاتو مجبر عم سحب ال مسؤولياتو من أية قوة عموية ٔٔ‪.‬‬
‫فالرعب من الكون عمى سبيل المثال يظير عند بعض الشعوب ال كميا وفي ظروف تاريخية‬
‫معينة‪ ،‬فيناك اختالفات وفروق حتى داخل عصر الفكر األسطوري نفسو ٕٔ‪ ،‬وتمك الظروف وجدت‬
‫مجتمعة في بالد الرافدين منذ وقت مبكر‪.‬‬
‫ان األساطير التي تحدثت عن العالم اآلخر ليست تأمالت بدائية حول نياية العالم‪ ،‬لكنيا‬
‫محاوالت لمعثور عمى إطار من الفيم فيو مكان لموجود البشري الفاني‪ .‬فالحياة األخرى تعبر عن مدى‬
‫فيم اإلنسان لوجوده بوصفو وجودا يتجو نحو نياية ٖٔ‪.‬‬
‫عبرت الوجودية عن رفض الفكر البشري االنساق التقميدية‪ ،‬وجياده من اجل التركيز في‬
‫ً‬
‫مشكالت االنسان ومصيره‪ ،‬فضال عن م ا ييدد وجوده ومصيره‪ ،‬اذ ان كممة وجود تجعل االنسان‬
‫متصفا بالواقعية التي تعني‪ :‬ان صميم الحياة البشرية ليست سوى تساؤل عن معنى الوجود ٗٔ‪ .‬فكمما‬
‫عدنا في التاريخ البشري وجدنا الدافع الوجودي قويا ٘ٔ‪ .‬وأوضحت جيود االنسان القديم أنو حتى عندما‬
‫كان في مرحمة تطوره العقمي التي سبقت الفمسفة وسبقت تكوين الحس النقدي‪ ،‬قد انشغل بالفعل بتمك‬
‫المشكالت التي سوف تشكل الغالبية العظمى من قضايا الفمسفة الوجودية مثل السر الغامض لموجود‬
‫البشري والتناىي‪ ،‬واإلثم‪ ،‬والموت‪ ،‬واألمل‪ ،‬والحرية‪ ،‬والمعنى‪ .‬اذ ان تمك الحقيقة تنشأ من صميم بنية‬
‫الوجود البشري ذاتو ‪.ٔٙ‬‬
‫افرزت ممحمة جمجامش الكثير من المفردات التي تركز في مفيوم الوجودية ‪ ،ٔٚ‬اذ ترشد‬
‫شمخة انكيدو ان الخبز ضرورة الحياة والجعة قسمة البالد كما في النص‪:‬‬
‫‪311‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫"كل االكل يا انكيدو‬


‫فيو سمة الحياة‪,‬‬
‫‪18‬‬
‫واشرب الجعة فيي شيمة البمدان"‬
‫ولم تكن تمك المفردات الوحيدة في مقتنيات الفكر الوجودي في ممحمة جمجامش بل كانت‬
‫‪ٜٔ‬‬
‫تدير الحانة التي وصل الييا جمجامش متسربال‬ ‫ىناك وقفة اخرى لصاحبة الحانة‪ ،‬اذ كانت سدوري‬
‫ال بالحزن‪ ،‬فتسألو سدوري عن سبب ظيوره بيذا الشكل وعالمات الحزن بادية عميو‪،‬‬ ‫ًبجمد حيوان ومثق ّ‬
‫فيخبرىا بموت أنكيدو وكيف أنو اس تمر ّيبكيو ستة أيام وسبع ليال وامتنع عن دفنو حتى ظير الدود‬
‫عمى جثتّو‪ ،‬وعندىا غمره الخوف من الموت‪ ،‬إذ تيقن إنو سيالقي المصير نفسو الذي القاه أنكيدو‪،‬‬
‫تفسخ جسد صديقو وتحول إلى‬ ‫حدث ألنكيدو كان أكثر مما يحتممو ‪ ،‬فأمام ناظريو ّ‬
‫ْ‬ ‫ذلك أن ما‬
‫طين ٕٓ‪.‬‬
‫تعالج ممحمة جمجامش فكرة مركزية تتمثل في الوجود البشري‪ ،‬فضال عن ما ستؤول اليو‬
‫مصير البشرية‪ ،‬فالوجودية بحسب المفيوم العام‪ ،‬اتجاه فمسفي يقوم عمى ابراز الوجود وخصائصو‪،‬‬
‫وجعمو سابقا عمى الماىية فيو ينظر الى االنسان عمى انو وجود ال ماىية‪ ،‬ويؤمن بالحرية المطمقة‬
‫التي تمكن الفرد من ا ن يصنع نفسو بنفسو‪ ،‬ويممئ وجوده عمى النحو الذي يالئمو‪ ،‬بعيدا عن الوجود‬
‫الميتافيزيقي ٕٔ‪ .‬اي أن مثل ىذا المون من الفكر يبدأ من اإلنسان‪ ،‬بوصفو موجودا ال بوصفو ذاتا‬
‫مفكرة ٕٕ‪ ،‬لذا يمكن عد تمك الممحمة وعيا أسطوريا عمى عتبة الفمسفة باسم (دراسة الموت) ٖٕ‪.‬‬
‫فنجد مفردات اخ رى تؤكد اىتمام العراقيين القدماء بالفكر المقتصر عمى معرفة حقيقة الوجود‬
‫البشري‪ ،‬ووجوب التعامل مع تمك الحقيقة التي تتحرك وفق نطاق طبيعة االنسان الخاضع لقوى‬
‫الطبيعة وليس لشي اخر‪.‬‬
‫ال يمكن الحديث عن بداية الفكر الوجودي بشكل موثق قبل ممحمة جمجامش‪ ،‬فجمجامش‬
‫يمثل شخصية لم تشعر بحدودىا في الحياة وغير متأكد منيا‪ ،‬ليذا تحول إلى ممك متغطرس ومتيور‪.‬‬
‫اشعر المواطنين في نياية المطاف أنيم ميددون من زعيميم‪ ،‬وأنيم يدعون إلى إلو السماء آنو‬
‫لتحريرىم من سيدىم المتغطرس‪ .‬يأمر آنو اإللية أرورو إلنشاء الرجل األول‪ ،‬إنكيدو‪ ،‬كمنافس‬
‫لجمج امش ‪ ،‬في محاولة التخاذه صديقا‪ ،‬امال في جمب السالم لروحو‪.‬‬
‫أيضا تطور جمجامش‪ .‬فقد بدا‬
‫ومن خالل متابعة تطور انكيدو ‪ Enkidu‬عن كثب‪ ،‬نفيم ً‬
‫انكيدو أوال كحيوان‪ ،‬يشرب من النير مع القطعان ويحمي الحيوانات من الصيادين‪ .‬ولكن عندما واجو‬

‫‪312‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫إنسانا‪ .‬اذ حل المشكالت الوجودية والعممية‪ ،‬من‬


‫ً‬ ‫ىويتو الحقيقية كإنسان‪ ،‬بدأ في فيم احتماالت كونو‬
‫خالل إيجاد فكرة مجردة والعمل عمى تحقيقيا‪ ،‬والعمل عمى ان يكون المثل األعمى‪ .‬وأخي اًر‪ ،‬بعد وفاتو‬
‫ادرك حدوده الفعمية من خالل الموت‪ ،‬وبالتالي يحرر روحو ليعيش لألبد في العالم السفمي‪ ،‬اذ يكتشف‬
‫مفيوم األبدية كنتيجة إلنجازات المرء خالل حياتو ٕٗ‪.‬‬
‫اما بالنسبة الى جمجامش فان المتتبع لحياتو يجد النمط الذي عاشو عن كثب‪ ،‬ففي بداية‬
‫حياتو عاش كممك‪ ،‬واعتقد أنو ال يمكن أن يموت‪ ،‬وليس امامو ما يخشاه كفرد‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أصبح‬
‫قادر عمى تقدير الحياة عمى ما ىي عمييا‪ .‬ولكن عندما‬
‫قائدا غير ناضج ومتيور‪ ،‬دون أن يكون ًا‬
‫ً‬
‫موت إنكيدو اجبر جمجامش عمى مواجية مشاكمو الوجودية‪ ،‬و قرر السفر مع أورشنابي عبر محيط‬
‫الموت‪ ،‬إلى الجانب اآلخر حيث سيجد حكمة الحياة (أبسو ‪" ،‬العمق")‪ .‬ىادفا من وراء ذلك معرفة‬
‫نفسو والعالم من حولو‪ .‬وىنا تتشكل العالقة بين المادة والعالم المثالي‪ ،‬الموت والحياة ٕ٘‪.‬‬
‫وبين ايدي الباحثين نص قدم حوا ار بين جمجامش وسدوري اعطي جوىر الوجودية المتمثمة‬
‫بمراعاة طبيعة وجود االنسان‪ ،‬وكيف اصبحت فكرة الموت مرك از لمقمق الذي يعد مبعثا اصيال لفكرة‬
‫الوجودية كما في النص‪:‬‬
‫" وجيك مدل عمى مسافر ( قط ع دربا بعيدا؟‬
‫ولماذا اسود ّوجيك من البرد والحر؟‬
‫ولماذا تجوب البرية البسا جمد أسد؟‬
‫يقول جمجامش! ليا ‪ ,‬لصاحبة الحانة‪:‬‬
‫كيف ال تكون وجنتاي غائرتين ووجيي منكمشا‪,‬‬
‫وفكري مثقال ‪ ,‬ومالمحي منيكة ؟‬
‫كيف ال يكمن األسى في داخمي‪,‬‬
‫و ال يكون وجيي مدال عمى مسافر (قطع) دربا بعيدا؟‬
‫يسود وجيي من البرد والحر؟‬
‫كيف ال ّ‬
‫وكيف ال أجوب البرية البسا جمد أسد؟‬
‫فصديقي ‪ ,‬حمار الوحش النافر‪ ,‬حمار الجبال الوحشي ‪ ,‬نمر البرية ‪,‬‬
‫‪.............‬‬
‫انكيدو‪ ,‬صديقي الذي أحبو بقوة ‪ ,‬ومعي خاض كل الصعاب ‪,‬‬

‫‪313‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫غمبو قدر البشر‪.‬‬


‫ستة ايام وسبع ليال بكيت عميو‪,‬‬
‫لم أعطو لمقبر‪,‬‬
‫حتى سقطت دودة من أنفو‪,‬‬
‫فبت أُّحذر من الموت ‪,‬‬
‫أصبحت أخاف الموت وأجوب البرية‪,‬‬
‫وقصة صديقي مخيمة عمي‪.‬‬
‫فكيف أستطيع أن أسكت ا‪ ,‬كيف أستطيع أن أىدأ؟‬
‫صديقي الذي أحبو أصبح مثل الطين‪,‬‬
‫وانا‪ ,‬الم انم مثمو‪,‬‬
‫‪26‬‬
‫وال اقوم عمى مدار الدىر؟‬
‫ىذه المرة ادرك جمجامش ان و وجب عميو اكتشاف ذاتو وعميو مكافحة واجابة األسئمة‬
‫الوجودية األبدية‪ ،‬من أجل إيجاد قوة جديدة لفيم الحياة‪ ،‬تمك المقدمات التي دفعت جمجامش الى‬
‫الوصول الى التعاسة نظ ار لسوداوية المقبل من المصير‪ ،‬الذي عد محتوما عمى بني البشر‪ .‬اما فيما‬
‫يخص جواب سدوري فيتمثل في النص‪:‬‬
‫" يا جمجامش‪ ,‬الى اي تييم؟‬
‫ان الحياة التي تبحث عنيا لن تجدىا‪.‬‬
‫فحينما خمق االلية البشر‪,‬‬
‫حددوا الموت لمبشر‪,‬‬
‫ومسكوا الحياة بأيدييم‪.‬‬
‫اما انت‪ ,‬يا جمجامش‪ ,‬فميكن كرشك ممموء‬
‫ابتيج عمى الدوام‪ ,‬صباحا ومساء‪,‬‬
‫اقم احتفاال في كل يوم‪,‬‬
‫ارقص والعب صباحا ومساء‪,‬‬
‫لتكن ثيابك نظيفة‪,‬‬
‫ليكن راسك مغسوال‪ ,‬ليكن مستحما(دائما) بالماء‪,‬‬

‫‪314‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫ارع الصغير الذي يمسك بيدك‪.‬‬


‫لتسعد القرينة بحضنك‪.‬‬
‫فيكذا ىو سفر البشرية" ‪.27‬‬
‫اعتقد جمجامش أنو شبيو باإللية‪ ،‬وبالتالي ليس عميو أن يواجو الموت أو الحزن أو الوحدة‪،‬‬
‫ألن تمك أجزاء من مصير اإلنسان‪ .‬لذلك قررت اآللية خمق أنكيدو ‪ ،Enkidu‬كمرآة لتعكس جمجامش‬
‫وتبين لو الصورة الحقيقية لنفسو‪ .‬لذا فان كممات صاحبة الحانة توجو جمجامش الى صميم الوجودية‬
‫التي تضع االنسان في اطار واقعو المرتبط بوجوده المادي وليس المعنوي‪ ،‬رافضة بالوقت نفسو ما‬
‫تعممو االنسان من مفاىيم قد تدفعو الى البحث عن حمول تمكنو من الحصول عمى نتائج مغايره‬
‫لحقيقة الوجود البشري‪ .‬وال سيما ان ما قام بو جمجامش يخص ذاتو ال االخرين‪ ،‬وبعبارة اخرى ان‬
‫الفكرة‪ ،‬التي بحث عنيا‪ ،‬تخصو ىو وليس عامة البشر‪ ،‬فمثمت نوعا من انواع االنطالق من االنانية‪.‬‬
‫وفي مكان اخر من الممحمة يؤكد اوتنابشة‪ ،‬ان الموت يشمل الجميع‪ ،‬وال يمكن الحد ان يراه‬
‫او يسمع صوتو‪ ،‬فاإلنسان ميما فعل في ىذه الحياة فسيذىب‪ ،‬ويتحول فجأة الى فناء‪ .‬فال يوجد ما‬
‫يماثل الموت‪ ،‬وال يوجد عمى االرض ميت يسمم عمى حي ‪ ،ٕٛ‬اذ ان جمجامش ممك يشرع في السعي‬
‫من أجل الخمود‪ .‬و لكنو يتعمم أن ىناك وسائل طبيعية‪ ،‬لذلك الخمود ‪.ٕٜ‬‬
‫لم تترك االسطورة مسالة الخمود بالطرق المادية‪ ،‬فعمى الرغم من عدم تصديق جمجامش‬
‫لحكمة الفكر الوجودي وواقعو الذي منحتو لو سدوري‪ ،‬فانو استمر في بحثو عن الخمود بالوسائل‬
‫المادية التي مثمتيا نبتة الخمود‪.‬‬
‫فجمجامش طمب من اوتنابشة حين التقى بو ان يخبره سر الخمود‪ ،‬فأجابو اوتنابشة االسموب‬
‫الوجودي المادي نفسو عندما طمب منو ان يبقى ستة ايام وسبع ليال من دون ان يأخذ ه النوم‪ ،‬الذي‬
‫يمثل شكال اخر لمموت ٖٓ‪ ،‬فيو يؤكد عمى ضرورة احترام االنسان لطبيعتو البشرية ذات القدرات‬
‫المحددة‪ ،‬واكد ان ال احد يستطيع الحصول عمى الحياة الخالدة‪ .‬كما في النص‪:‬‬
‫"ىمم‪ ,‬ال تنم ستة ايام وسبع ليال‪.‬‬
‫حالما جمس القرفصاء‪,‬‬
‫نفشت عميو سنة نوم كالضباب‪.‬‬
‫يقول اوتانبشة ليا‪ ,‬لصاحبتو‪:‬‬
‫انظري ىذا الرجل القوي الذي اراد الحياة (الخالدة)‬

‫‪315‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫نفشت عميو سنة نوم كالضباب‪.‬‬


‫صاحبتو تقول لو‪ ,‬الوتانبشة القاصي‪:‬‬
‫المسو فيستيقظ الرجل‪,‬‬
‫ليرجع بسالم عمى الطريق الذي جاء عميو‪,‬‬
‫ليرجع الى بالده عبر البوابة التي خرج منيا" ‪.31‬‬
‫وادرك جمجا مش انو نام تمك االيام السبعة يشكو الوتنابشة حيرتو وعدم معرفتو الى اين عميو ان‬
‫يذىب‪ ،‬فالموت بانتظاره اينما ذىب‪:‬‬
‫" ماذا يمكنني ان افعل يا اوتنابشة‪ ،‬والى اين يمكنني ان اذىب؟‬
‫لقد استولى لص (عمى ذىني)‪ ،‬والموت مقيم في بيت سريري‪،‬‬
‫وحيثما وضعت (قدمي) يكون الموت ىناك" ٕٖ‪.‬‬
‫رات التفسيرات الوجودية في األساطير المحاوالت األولى التي تممس فييا اإلنسان الطريق‬
‫نحو العثور عمى اليوية ‪ Identity‬فإن تحدثنا عن األصول البشرية فذلك إقرار بمون من الفيم‬
‫الذاتي ٖٖ‪.‬‬
‫سمات الفكر الوجودي‬
‫تميز الفكر الوجودي بسمات عامة ولكن كان أكثرىا وضوحا أنو بدأ من اإلنسان ال من‬
‫الطبيعة‪ .‬فيو مختص بالذات أكثر منو بالموضوع ٖٗ‪.‬‬
‫وتتمخص مبادئ الوجودية في النقاط التالية‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬االنطالق من الذات التي ىي مركز المبادرة ومقر الوجدان والشعور‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬اإلنسان موجود متكامل بعقمو ومشاعره‪ ،‬وجسده وروحو‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬المعارف والخبرات نسبية دوماً‪ ،‬وال توجد حدود حاسمة نيائية ليا بل تبقى فييا ثغرات‪ ،‬وليس‬
‫ىناك حقيقة مطمقة‪.‬‬
‫ٗ ‪ -‬تشتبك الذات الفردية بالعالم الخارجي اشتباك تفاعل‪ ،‬وكل من ىذين الطرفين شرط لوجود الطرف‬
‫اآلخر وىذا ىو الواقع‪.‬‬
‫المعيش‪ ،‬أي الراىن ( أىميةٌ مركزية)‪:‬‬
‫٘ ‪ -‬لمواقع َ‬

‫‪316‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫اليومي ىو الميم وال عبرة لمماضي ألنو غير موجود‪ ،‬أما المستقبل فيجب أن نوجده‪ ،‬وشعار‬ ‫ّ‬
‫اسو ومشاعره‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫وح‬ ‫وجوده‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫جي‬‫الخار‬ ‫العالم‬ ‫مع‬ ‫اصل‬
‫و‬ ‫مت‬ ‫د‬
‫الفر‬
‫و‬ ‫نا)‪،‬‬ ‫وى‬
‫ُ‬ ‫اآلن‬ ‫(أنا‬ ‫‪:‬‬‫الوجودي‬
‫ّ‬
‫وجسده‪.‬‬
‫اإلنساني‪ ،‬وال إنسانية من دونيا‪ ،‬والحرية لدى الوجوديين تعمل ضمن‬ ‫‪ - ٙ‬الحرّية تتمثل بالوجود‬
‫ّ‬
‫دية ال ضمن المعايير األخالقية والسياسية والدينية السائدة‪.‬‬
‫المعايير الفر ّ‬
‫‪ - ٚ‬يتخذ الفرد ق ارره وموقفو‪ ،‬وىذا الموقف ذو قيمة مستقبمية ألنو اتجاه في عممية تجديد المستقبل‬
‫حين تتالقى القناعات والمواقف في نقطة واحدة‪.‬‬
‫كل األشكال الجاىزة والموروثة والسائدة ألنيا قيود تحد الحرية الفردية‪ ،‬ولذا فيي‬
‫‪ - ٛ‬ترفض الوجودية ّ‬
‫ترفض الدين‪.‬‬
‫‪ - ٜ‬ىنالك وجوديات عديدة‪ ،‬بعدد منظّرييا‪ ،‬ولكنيا جميعاً تتفق في التركيز عمى موضوعات أساسية‬
‫التمزق‪ ،‬واليأس‪،‬‬
‫مثل‪ :‬الحرية‪ ،‬الموقف اإلرادي‪ ،‬المسؤولية‪ ،‬الفرد‪ ،‬اإلثم‪ ،‬واالغتراب‪ ،‬والضياع‪ ،‬و ّ‬
‫والسأم‪ ،‬وا الستالب‪ ،‬والخيبة‪ ،‬والرفض‪ ،‬والقمق ٖ٘‪ ،‬والموت ‪.ٖٙ‬‬

‫اسباب نشأة الفكر الوجودي‬


‫تجمعت مجموعة من الظروف و األوضاع‪ ،‬ساعدت في ظيور الفكر الوجودي‪ ،‬فالنزعة‬
‫الذاتية و ما مر بو االنسان من احداث مروعة ومفجعة حمت بو سيما الموت‪ ،‬ذلك الشي الذي عجز‬
‫عن كنيو‪ ،‬فدخل الياس الى نف سو وشعر بالتوتر ونوع من االنييار والضياع‪.‬‬
‫ولعل ىذا السبب فيما يطمقونو عادة عن "الوجودية" من أنيا فمسفة الحياة‪ ،‬وفي صميم اسميا‬
‫يدل عمى انيا تضع "مشكمة الوجود" قبل أي إشكال آخر‪ ،‬وتشير إلى قيمة الوجود قبل اي قيمة أخرى‬
‫وتفترض امتياز الوجود عمى أية صفة أخرى مست وية إلى األفراد‪ ،‬وعمى أية حقيقة خاصة باآلدميين‪،‬‬
‫فكون اإلنسان "موجودا" أىم من كونو مفك ار وأىم من كونو حساسا‪ ،‬وأىم من كونو كذا وكذا من‬
‫الصفات التي اعتاد المفكرون أن ينسبوىا إليو‪.ٖٚ‬‬
‫ان الوجود البشري ىو وجود في العالم‪ ،‬فميس ثمة وجود بشري بال بيئة‪ .‬ومن ىنا فالبد لو‬
‫من االعتراف بالجسد المكون لموجود البشري‪ ،‬ألن المرء ال يمكن أن يكون في العالم و يتفاعل مع‬
‫البيئة إال من خالل الجسد‪ .‬والواقع أن الوجوديين لم يكونوا جميعا واضحين حول الطابع الجسدي‬
‫لموجود البشري ‪.ٖٛ‬‬

‫‪313‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫ارتبطت االفكار الوجودية بواقع االنسان البيئي فيصف ثوركيمد ج اكبسون اختالف المزاج‬
‫بين شعب مصر وشعب العراق عمى النحو التالي‪" :‬أن الشعور بعدم األمان و بضعف اإلنسان شعور‬
‫‪ٖٜ‬‬
‫‪ .‬ليذا فقد‬ ‫يتغمغل في كل ظاىرة من ظواىر حضارة ما بين النيرين لم يكن لو وجود في مصر"‬
‫يقال أن التساؤل األساسي حول الذات البشرية قد كافح بالفعل لكي يعبر عن نفسو في الحقبة التي‬
‫كان فييا الفكر البشري أسطوري الطابع وىذا واضح بصفة خاصة في األساطير التي تحكي أصل‬
‫اإلنسان ٓٗ ‪.‬‬
‫ان الطبيعة في العراق ال تضبط نفسيا‪ ،‬انيا تتحكم بمشيئة االنسان‪ ،‬وتدفعو الى الشعور‬
‫بتفاىتو ازاءىا‪ ،‬وذىنية الحضارة العراقية القديمة انعكاس لتمك الطبيعة‪ ،‬فميس ىناك ما يدفع االنسان‬
‫الى االعتداد بنفسو امام قوى الطبيعة التي اوحت لو مقدار ضعفو‪ ،‬فيفعم القمق والتوجس في نفسو‬
‫ويشعره عجزه بإمكانيات الوجود المأساوية ٔٗ‪.‬‬
‫يييم جمجامش في البرية حزينا ًعمى وفاة أنكيدو‪ ،‬وفي رأسو تزدحم أسئمة كثيرة عن الموت‬
‫والمصير الذى سيالقي ِو مثمما حدث ألنكيدو‪ .‬ويتحدث إلى نفسو عن خوفو من الموتٕٗ يقمق اإللو‬
‫كش من حالة جمجامش فيكممو من السماء محذ ار اياه من أنو سوف لن يحظى بالحياة الخالدة التي‬
‫معبر ًعن عدم تقبمو لحقيقة الموت وعدم تسميمو بوجوب الرحيل إلى عالم‬
‫ينشدىا‪ .‬فيجيبو جمجامش ّا‬
‫ٖٗ‬
‫األموات والبقاء فيو إلى األبد محروما ًمن نور الشمس ‪ .‬لذا فمموجودية منبع اخر تمثل في ظيور‬
‫فكرة جديدة عن حقوق االنسان والمطالبة بالعدالة في الحياة‪ .‬فالموت شر بل العقاب االكبر‪ .‬لذا‬
‫ٗٗ‬
‫تساءل االنسان ما الداعي الى موت االنسان اذا لم يكن اقترف اثما؟‬

‫االستنتاجات‬
‫ٔ ‪ -‬الوجودية طريقة التفكير االولى التي سمكيا االنسان لفيم ذاتو‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬إن الوجودية فمسفة تتصدى لمعالجة مدلوالت الحياة والموت و المعاناة واأللم‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬بين الفكر الوجودي في العراق حاجة االنسان الممحة الى الواقع العممي‪ ،‬بعيدا عن الفيم المثالي‬
‫لموجود‪.‬‬
‫ٗ ‪ -‬تتجمى اصالة الفكر الوجودي في العراق القديم من خالل ممحمة جمجامش التي نيجت البحث‬
‫عن معنى الوجود الحقيقي لمبشر‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫٘ ‪ -‬مثل الفكر الوجودي في العراق رفض االنساق الفكرية التقميدية والقديمة وحاول من خالليا اثبات‬
‫حقيقة الوجود من خالل البحث والتقصي‪ ،‬مبتعدا عن ما الفو االنسان من مفاىيم اصبحت تحكم‬
‫الحياة‪ ،‬اذ كان ذلك الفكر قائما عمى التمرد والتحقق من عبثية تمك الحياة‪.‬‬
‫‪ - ٙ‬أىم خاصية تميز ىذا النمط من الفكر أنو يبدأ من اإلنسان وليس من الطبيعة‪ .‬إنو فكر يؤسس‬
‫لفيم لمذات ‪ ،Subject‬أكثر منو لمموضوع ‪.Object‬‬
‫‪ - ٚ‬مثل اجتماع الظروف الموضوعية في العراق من البيئة والعقل اىم االسباب التي ادت الى‬
‫اسبقية ظيور الفكر الوجودي‪.‬‬
‫‪ - ٛ‬ان االحساس بالوجود يميز االنسان عن غيره من المخموقات‪.‬‬
‫‪ - ٜ‬يمكن القول ان خمق أنكيدو كان رسالة واضحة إلرجاع جمجامش الى الحيز الواقعي الذي يؤطر‬
‫حياة البشر‪.‬‬
‫تباينت اسباب نشوء الفكر الوجودي بين البيئة واالحباط ال نفسي‪ ،‬فضال عن احساس اإلنسان‬ ‫ٓٔ ‪-‬‬
‫باالغتراب وما يصاحبو من يأس وقمق‪ ،‬جعمتو يشعر بالحاجة إلى الوجود الواقعي‪.‬‬
‫ان رمزية اختيار صاحبة الحانة إلسداء نصيحة تتعمق بمقتنيات الفكر الوجودي كان تعبير‬ ‫ٔٔ ‪-‬‬
‫عن ان تمك المقتنيات بديييات يمتمكيا عامة الناس في العراق القديم‪ ،‬اذ لم يختر مؤسس‬
‫الممحمة حكيما إلسداء تمك الفكرة‪.‬‬
‫ان الوجودية في العراق القديم قائمة عمى التمرد‪.‬‬ ‫ٕٔ ‪-‬‬

‫المصادر‪:‬‬

‫ٔ ‪ -‬مدكور‪ ،‬ابراىيم‪ ،‬معجم الفمسفة‪ ،‬الييئة العامة لممطابع األميرية‪.ٜٖٔٛ ،‬‬


‫ٕ ‪ -‬ماكوري‪ ،‬جون‪ ،‬الوجودية‪ ،‬ترجمة امام عبد الفتاح‪ ،‬سمسمة كتب عالم لمعرفة‪ ،‬الكويت ٕ‪.ٜٔٛ‬‬
‫ٖ ‪ -‬حيدريان شيری‪ ،‬أحمد رضا ‪ ،‬منير زيبائ ‪ ،‬مفيوم الحرية بين النقد والدراسة قراءة تحميمية مقارنة ف اتابات‬
‫عشر ‪-‬‬ ‫مطاع صفدی وسارتر أنموذجا‪ ،‬مجمة إضاءات نقدية (فصمية محكّمة)السنة الثالثة ‪ -‬العدد الثان‬
‫شتاء ٕ‪ ٖٜٔ‬ش‪ /‬اانون األول ٖٔ‪ ٕ۰‬م‪.‬‬
‫ٗ ‪ -‬محمود‪ ،‬عمي حنفي‪ ،‬قراءة نقدية في وجودية سارتر‪ ،‬المكتبة القومية لمنشر طنطا‪ ،‬مصر‪.ٜٜٔٙ ،‬‬
‫يع‪.ٜٔٛٗ ،‬‬
‫يخ الوجوديةٌ في الفكر البشري‪ ،‬دار الثقافة لنشر و التوز ٌ‬
‫سعيد‪ ،‬تار ٌ‬
‫ٌ‬ ‫٘ ‪ -‬العشماوي ‪ ،‬محمد‬
‫‪ - ٙ‬بدوي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬الوجودية‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ - ٚ‬حنون‪ ،‬نائل‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الخريف لمنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق ‪،ٕٓٓٙ‬‬

‫‪313‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫‪ - ٛ‬جوليفيو‪ ،‬ريجيس ‪ ،‬المذاىب الوجودية‪ ،‬ترجمة فؤاد كامل‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار االدب‪ ،‬بيروت‪.ٜٔٛٛ ،‬‬
‫‪ - ٜ‬الديدي‪ ،‬عبد الفتاح ‪ ،‬االتجاىات المعاصرة في الفمسفة‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪ ،‬طٕ‪.ٜٔٛ٘ ،‬‬
‫ٓٔ ‪ -‬فرانكفورت‪ ،‬ىنري‪ ،‬واخرون‪ ،‬ما قبل الفمسفة‪ ،‬طٕ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات والنشر‪ ،‬بيروت ٓ‪.ٜٔٛ‬‬
‫‪11- Mirsea Eliade, Aspects du mythe, Gallimard, Paris, 1963,‬‬
‫‪12- Ky ALLOW ADI W AMITILA, A PHILOSOPHICAL LABYRINTH: TRACING TWO CRITICAL‬‬
‫‪MOTIFS IN KEZILAHABI'S PROSE WORKS, AAP 55 (1998.‬‬
‫‪13- Nicolas de Warren, He Who Saw the Deep The Epi c of Gilgamesh in Patočka’s‬‬
‫‪Philosophy of History, (Husserl Archives – KU Leuven).‬‬
‫‪14- The Philosophy of Gilgamesh, American Nihilist Underground Society (ANUS),‬‬
‫‪March 1, 2007.‬‬
‫‪15- Nick Bostrom, A History of Trans humanist Thought, Faculty of Philosophy, Oxford‬‬
‫‪University, Journal of Evolution and Technology - Vol. 14 - April 2005.‬‬

‫اليوامش‬

‫عمي حنفي محمود‪ ،‬قراءة نقدية في وجودية سارتر‪ ،‬المكتبة القومية لمنشر طنطا‪ ،‬مصر‪ ،ٜٜٔٙ ،‬صٖ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫يع‪ ، ٜٔٛٗ ،‬ص ٔٔ‬


‫يخ الوجود يةٌ في الفكر البشري‪ ،‬دار الثقافة لنشر و التوز ٌ‬
‫سعيد العشماوي‪ ،‬تار ٌ‬
‫محمد ٌ‬
‫ٕ‬

‫المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.ٚ‬‬ ‫ٖ‬

‫عبد الرحمن بدوي‪ ،‬الوجودية‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬صٕٖٔ ‪.ٕٔٗ-‬‬ ‫ٗ‬

‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬ترجمة امام عبد الفتاح‪ ،‬سمسمة كتب عالم لمعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص‪ٔٛ‬‬ ‫٘‬

‫‪6‬‬
‫‪Robert C. Solomon, Existentialism (McGraw-Hill, 1974, pp. 1–2‬‬
‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،ٜٕٔٛ ،‬ص‪.ٗٓ- ٖٜ‬‬ ‫‪ٚ‬‬

‫‪8‬‬
‫‪Mirsea Eliade, Aspects du mythe, Gallimard, Paris, 1963, p.9.‬‬
‫ماكوري‪ ،‬جون‪ ،‬الوجودية‪ ،‬ص صٔٗ ‪.ٕٗ-‬‬ ‫‪ٜ‬‬

‫المصدر نفسو‪ ،‬صٕٓٓ‪.‬‬ ‫ٓٔ‬

‫أحمد رضا حيدريان شيری‪ ،‬منير زيبائ ‪ ،‬مفيوم الحرية بين النقد والدراسة قراءة تحميمية مقارنة ف اتابات‬ ‫ٔٔ‬

‫مطاع صفدی وسارتر أنموذجا‪ ،‬مجمة إضاءا ت نقدية (فصمية مح ّكمة)السنة الثالثة ‪ -‬العدد الثان عشر ‪-‬‬
‫شتاء ٕ‪ ٖٜٔ‬ش‪ /‬اانون األول ٖٔ‪ ٕ۰‬م‪ ،‬ص‪.ٛٚ‬‬

‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬صٗٗ‪.‬‬ ‫ٕٔ‬

‫المصدر نفسو‪ ،‬صٕٗ‪.‬‬ ‫ٖٔ‬

‫‪320‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫عمي حنفي محمود‪ ،‬قراءة نقدية في وجودية سارتر‪ ،‬المكتبة القومية لمنشر طنطا‪ ،‬مصر‪ ،ٜٜٔٙ ،‬ص٘ ‪.ٚ-‬‬ ‫ٗٔ‬

‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬صٔٗ‪.‬‬ ‫٘ٔ‬

‫المصدر نفسو ‪ ،‬صٕٗ ‪.ٖٗ-‬‬ ‫‪ٔٙ‬‬

‫‪17‬‬
‫‪KY ALLOW ADI W AMITILA, A PHILOSOPHICAL LABYRINTH: TRACING TWO‬‬
‫‪CRITICAL‬‬
‫‪MOTIFS IN KEZILAHABI'S PROSE WORKS, AAP 55 (1998).p. 79.‬‬
‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬طٔ ‪ ،‬دار الخريف لمنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق ‪ ،ٕٓٓٙ‬صٖ‪.ٜ‬‬ ‫‪ٔٛ‬‬

‫وىي إلية ذات دور ثانوي ‪ ،‬تعيش عمى ساحل البحر المحيط الذي وصل إليو جمجامش‬ ‫‪ٜٔ‬‬

‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬صٗ٘‪.‬‬ ‫ٕٓ‬

‫ابراىيم مدكور‪ ،‬معجم الفمسفة‪ ،‬الييئة العامة لممطابع األميرية‪ ، ٜٖٔٛ ،‬ص ٕٔٔ‪.‬‬ ‫ٕٔ‬

‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬ص‪.ٜٔ‬‬ ‫ٕٕ‬

‫‪23‬‬
‫‪Nicolas de Warren, He Who Saw the Deep The Epic of Gilgamesh in Patočka’s‬‬
‫‪Philosophy of History, (Husserl Archives – KU Leuven).p,1-19‬‬
‫‪24‬‬
‫‪The Philosophy of Gilgamesh, American Nihilist Underground Society (ANUS),‬‬
‫‪March 1, 2007.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬ص ص ٖٕٓ ‪.ٕٓٗ-‬‬ ‫‪ٕٙ‬‬

‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬ص صٕٗٓ ‪.ٕٓ٘-‬‬ ‫‪ٕٚ‬‬

‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬ص ‪.٘ٙ‬‬ ‫‪ٕٛ‬‬

‫‪29‬‬
‫‪Nick Bostrom, A History of Trans humanist Thought, Faculty of Philosophy,‬‬
‫‪Oxford University, Journal of Evolution and Technology - Vol. 14 - April 2005,p.1.‬‬
‫ىنري فرانكفورت‪ ،‬ما قبل الفمسفة‪ ،‬طٕ ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات والنشر‪ ،‬بيروت ٓ‪ ،ٜٔٛ‬صٕٓ٘‪.‬‬ ‫ٖٓ‬

‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬ص‪.ٕٕٜ‬‬ ‫ٖٔ‬

‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬صٖٕٓ‪.‬‬ ‫ٕٖ‬

‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬صٓٗ‪.‬‬ ‫ٖٖ‬

‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬ص‪.ٔٛ‬‬ ‫ٖٗ‬

‫لممزيد حول القمق الوجودي انظر‪ :‬ريجيس جوليفيو‪ ،‬المذاىب الوجودية‪ ،‬ترجمة فؤاد كامل‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار االدب‪،‬‬ ‫ٖ٘‬

‫بيروت‪ ،ٜٔٛٛ ،‬صٕ٘‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثامن والثالثون‬ ‫جامعة واسط‬
‫الجزء األول‪ /‬شباط ‪2020 /‬‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫عمي حنفي محمود‪ ،‬قراءة نقدية في وجودية سارتر‪ ،‬المكتبة القومية لمنشر طنطا‪ ،‬مصر‪ ،ٜٜٔٙ ،‬صٗٔ ‪-‬‬ ‫‪ٖٙ‬‬

‫‪.ٔٙ‬‬
‫عبد الفتاح الديدي‪ ،‬االتجاىات المعاصرة في الفم سفة‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪ ،‬طٕ‪،ٜٔٛ٘ ،‬‬ ‫‪ٖٚ‬‬

‫صٖٕٔ‪.‬‬
‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬صٗٓٔ‪.‬‬ ‫‪ٖٛ‬‬

‫ىنري فرانكفورت‪ ،‬ما قبل الفمسفة‪ ،‬ص‪146-147‬‬ ‫‪ٖٜ‬‬

‫جون ماكوري‪ ،‬الوجودية‪ ،‬صٔٗ‪.‬‬ ‫ٓٗ‬

‫ىنري فرانكفورت‪ ،‬ما قبل الفمسفة‪ ،‬ص‪.ٔٗٛ- ٔٗٚ‬‬ ‫ٔٗ‬

‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬صٕ٘‪.‬‬ ‫ٕٗ‬

‫نائل حنون‪ ،‬ممحمة جمجامش‪ ،‬صٕ٘‪.‬‬ ‫ٖٗ‬

‫ىنري فرانكفورت‪ ،‬ما قبل الفمسفة‪ ،‬ص‪.ٕٗٙ‬‬ ‫ٗٗ‬

‫‪322‬‬

You might also like