You are on page 1of 14

‫إسهام المقاربة المعرفية في اتخاذ القرار أثناء‬

‫ترجمة المفاهيم االقتصادية اإلسالمية‬


‫بن بالي طيب‬
01 ‫معهد الترجمة – جامعة أحمد بن بلة – وهران‬
tayeb.benbali@yahoo.com
‫ش هد الع الم ث ورة معرفي ة ط ورت المف اهيم التقليدي ة البنيوي ة والس لوكية والحاس وبية إلى تي ار مع رفي متكام ل‬:‫الملخص‬
‫المش ارب يرك ز على تحلي ل العملي ات الذهني ة للم ترجم قص د تمكين ه من اس تغالل ك ل قدرات ه الذهني ة لتحقي ق العملي ة‬
‫ إن ترجم ة المف اهيم‬.‫ خاص ة إذا تعل ق األم ر بنص إلهي المص در رب وبي الدالل ة أال وه و الق رآن الك ريم‬،‫التواص لية‬
‫االقتصادية اإلسالمية وفق المقاربة المعرفية يتيح للمترجم استيفاء جل قدراته الذهنية وتنشيط ذاكرته القصيرة وطويلة‬
‫المدى وتحليل نتائجها وفق خواريزمات رياضية تساعد الذهن باالعتماد على اللسانيات التوليدية على انتقاء أقربها لمبنى‬
‫ومعنى المفهوم االقتصادي اإلسالمي الذي ورد بلسان عربي مبين في محاولة إليفاء شحنته الداللية والعاطفية والروحية‬
.‫لدى قارئ الترجمة‬

‫ الترجم ة االقتص ادية‬-‫ اتخ اذ الق رار‬-‫ المف اهيم االقتص ادية اإلس المية‬-‫ الترجم ة‬-‫ العل وم المعرفي ة‬:‫الكلم&&ات المف&&اتيح‬
.‫اإلسالمية‬

Contribution de l’Approche Cognitive à la Prise de Décision pendant la


Traduction des Concepts Economiques Islamiques

Résumé : Le monde a connu une révolution cognitive qui a développé les approches
traditionnelles constructiviste, behavioriste et computationnelle vers un courant cognitif
interdisciplinaire focalisant sur les opérations mentales du traducteur dans le but de lui
permettre de mieux exploiter ses capacités mentales afin de parvenir à l’opération
communicationnelle, surtout lorsqu’il s’agit d’un texte sacré d’origine divin en l’occurrence
du Coran. La traduction des concepts économiques islamiques, selon le processus cognitif,
permet au traducteur d’interpeller toutes ses capacités mentales, et de mobiliser sa mémoire
courte et à long terme, puis analyser ses résultats selon un algorithme mathématique prêtant
main forte au cerveau en appuyant la linguistique générative afin de sélectionner l’équivalent
le plus proche en matière de terme et de sens du concept économique islamique parut dans
une langue arabe pure, et ce, dans l’objectif de satisfaire sa charge sémantique, affective et
spirituelle chez le lecteur de la traduction.
Mots clés : Sciences cognitives – Traduction – Concepts économiques islamique- La Prise de
Décision – La Traduction Economique Islamique.

The Cognitive Approach’s Contribution in Decision Making when Translating


Islamic Economic Concepts.

Abstract: The world is witnessing a cognitive revolution that has developed the traditional
concepts: structural, behaviorist, and computational, into an interdisciplinary cognitive current
that focuses on analyzing the translator's mental process in order to allow him to exploit all
his mental capacities, in the aim of fulfilling a communicative process, particularly when it is
about a holy text with a divine origin, which is Coran. Translating Islamic economic concepts
according to the cognitive approach permits the translator to call for all his mental capacities,
and activateshis short and long term memory, then analyzes its results through a mathematical
algorithm. This later, basing on generative linguistics, helps the brain to pick an equivalent
term which is the closest to the Islamic economic one in both sense and form in the aim of
well transmitting its semantic, affective and spiritual charge to the reader.

keywords: Cognitive Sciences - Translation, - Islamic Economic Concepts - Decision


Making - Islamic Economic Translation.

Tayeb BENBALI
‫مقدمة‪:‬‬

‫تط ور درس الترجم ة من ذ التس عينات‪ ،‬س عيا وراء تحقي ق ج ودة للترجم ة‪ ،‬إذ لم تع د الترجم ة تل ك الممارس ة‬
‫اللسانية البحتة‪ ،‬بل تجاوزت ذلك بحثا وراء العمليات الذهنية للمترجم‪ ،‬فأقحمت عدة علوم وفق مقاربات معرفية نذكر‬
‫منها على سبيل المثال ال الحصر علم النفس المعرفي‪ ،‬وعلم األعصاب واللسانيات‪ ،‬والذكاء االصطناعي والفلسفة‪ .‬أمام‬
‫هذا الزخم المعرفي‪ ،‬يواجه مترجم النصوص المقدسة نصا قرآنيا‪ ،‬يحمل أحكاما ومفاهيم إسالمية اقتصادية‪ ،‬تحمل في‬
‫طياتها نظاما اقتصاديا إسالميا يشهد رواجا كبيرا في العالم الغربي خالل اآلونة األخيرة‪.‬‬

‫ظه رت المقارب ة المعرفي ة ك رد على التي ار الس لوكي في س تينيات الق رن الماض ي‪ ،‬بحيث أنه ا تتج اوز النم وذج‬
‫‪ Paradigme‬وتحاول االهتمام بـما يعرف بـ ‪-‬العلبة السوداء‪ -‬التي تختزل مجموع العمليات الذهنية في عقل المترجم‬
‫أثناء القيام بعمله‪ ،‬بحيث ساهمت العلوم المعرفية في تحقيق وثبة نوعية سعيا وراء جودة للترجمة‪.‬‬

‫ت درس العل وم المعرفي ة الس يرورات المعرفي ة عام ة والمنهج التجري بي ال ذي يأخ ذ ص ورة التج ريب الرم زي‬
‫االفتراض ي‪ .‬وتتفاع ل م ع جمل ة من التخصص ات العلمي ة أهمه ا‪ :‬علم النفس‪ ،‬اللس انيات‪ ،‬المعلومي ات‪ ،‬المنط ق والعل وم‬
‫العصبية‪)Le Moigne, 1986, P 331-340(.‬‬

‫تشكل األداءات المعرفية ‪les performances cognitives‬لمختلف األنظمة الطبيعية (علم النفس‪ ،‬لسانيات‪،‬‬
‫علم االجتماع‪ ،‬اقتصاد‪ ،‬علوم األعصاب)‪ ،‬واألنظمة االصطناعية (الكترونيات‪ ،‬معلوميات‪ ،‬ذكاء اصطناعي‪ ،‬إنسانية آلية‬
‫‪ )la robotique‬وحدة البنية المعرفية المتمثلة في معرفة افتراضية فعلية‪ ،‬وتشترك في كونها تعمل على فهم المشكالت‬
‫وحله ا واتخ اذ الق رارات بش أنها‪( .‬أنظ ر الش كل‪ )01‬إذ تش كلت العل وم المعرفي ة في نظ ر أغلب الب احثين نتيج ة ث ورة‬
‫إبس تيمولوجية ثالثي ة األبع اد وال تي أث رت على الت والي في علم النفس واللس انيات والمعلوماتي ة بحيث تش كل ه ذه‬
‫التخصصات النواة الصلبة للعلوم المعرفية‪.‬‬
‫أم ا بالنس بة للس ياق ال ترجمي‪ ،‬فقد أص بح تكام ل المع ارف ل دى الم ترجم حتمي ة ال ب د منه ا‪ ،‬إذ تع دت المهم ة‬
‫التواصلية للترجمة مرحلة النقل اللغوي فحسب‪ ،‬فأصبحت تتناول عدة علوم معرفية تتداخل وتتكامل مع بعضها البعض‪.‬‬
‫ت درجت العل وم المعرفي ة من ذ نش أتها على ثالث ة نم اذج مكلم ة لبعض ها البعض‪ ،‬فنج د النم وذج المعرف اتي ‪le‬‬
‫‪ paradigme cognitiviste‬وك ذا النم وذج االفتراض ي ‪ ،le paradigme connexionniste‬وأخ يرا بداي ة من‬
‫التسعينات ظهرت األنظمة الديناميكية المعرفية‪.‬‬
‫ابستمولوجيا‬
‫ميطا معرفية‬

‫العلوم المعرفية‬
‫تنظيم المعلومات الرمزية وتحويلها‬

‫أدوات معرفية‬

‫طبيعية‬
‫اصطناعية‬ ‫أنظمة‬
‫أنظمة‬

‫إدراك‪ ،‬فهم‪ ،‬حل‪ ،‬إنتاج‬


‫علوم األعصاب‬ ‫‪-‬‬
‫إلكترونيات‬
‫‪-‬علم النفس‬ ‫‪-‬‬
‫معلوميات‬
‫‪-‬لسانيات‬ ‫‪-‬‬
‫اصطناعي‬ ‫‪-‬علم ذكاء‬
‫االجتماع‬ ‫‪-‬‬
‫إنسانية آلية‬
‫‪-‬اقتصاد‬ ‫‪-‬‬

‫علوم االتصال‬

‫(الشكل ‪ )01‬البنية العامة لعلوم المعرفة وتكنولوجياتها(‪)Tiberghien, 1989, P23‬‬

‫النموذج المعرفاتي ‪:le paradigme cognitiviste‬‬

‫يفض ل العالق ات بين ال ذهن والحاس وب‪ ،‬بحيث تمخض عن دمج أفك ار‬
‫المتخصص ين في علم النفس والمعلوماتي ة ( ال ذكاء االص طناعي)‪ ،‬باإلض افة إلى‬
‫رواد اللسانيات على شاكلة شومسكي وكذا بعض الفالسفة‪ .‬ويمثله حاليا باحثون‬
‫أمث ال شومس كي ‪ Chomsky‬وف ودور ‪ Fodor‬وبيليش ين ‪ .Pylyshyn‬إذ تبل وت‬
‫تلك األبحاث في مخطط سداسي ظهر سنة ‪( 1978‬أنظر الشكل ‪.)02‬‬ ‫الشكل ‪ :02‬المخطط السداسي للنموذج المعرفاتي‬

‫النموذج االفتراضي ‪:connexionniste‬‬

‫يفضل العالقات بين الدماغ والحاسوب‪ ،‬بحيث يعتمد على تمثيالت افتراضية في الدماغ على شاكلة الحاسوب‪.‬‬
‫يصف جيري لوفي ‪ Jiri Levy‬العملية الترجمية بأنها مجموعة من القرارات التي يختار المترجم من خاللها‬
‫المكافئ من بين مجموعة احتماالت‪ ،‬وذلك وفقا لتعليمات محددة تدخل في إطار استراتيجية تقوم على تحقيق أكبر فاعلي ة‬
‫بأقل مجهود‪ 4)Obdržálková, 2016, p 307 ( .‬إذ تخضع عملية اتخاذ القرار حيال ترجمة مفهوم ما إلى مجموعة‬
‫من المعايير وفق الداللة اللغوية والشحنة العاطفية‪ ،‬تحدد من خاللها انتقاء المكافئ المناسب‪.‬‬
‫تعتبر اللسانيات أحد أهم الفروع المؤسسة للمقاربة المعرفية‪ ،‬إذا شهدت ما يعرف حاليا بعلم الداللة المعرفي ‪la‬‬
‫‪ sémantique cognitive‬وال ذي اتخ ذ من النح و التولي دي ‪ la grammaire générative‬لشومس كي قاع دة ألبحاث ه‪،‬‬
‫بحيث "ال تعت بر اللس انيات المعرفي ة نظري ة واح دة‪ ،‬وإ نم ا هي إط ار علمي يش مل نظري ات وب رامج بحث مم يزة عماده ا‬
‫شرح العالقة الحميمية بين اللغة والكفاءات المعرفية األخرى" (‪. )Wilson & Keil, 1999, p 134‬‬

‫بع د ه ذا ك ان لزام ا أن يت أثر علم الترجم ة ب العلوم والمقارب ة المعرفي ة لت أثر اللس انيات به ا‪ ،‬وه و المرتب ط‬
‫باللسانيات ارتباطا تاريخيا وعضويا‪ ،‬حتى صار قطاعا واسعا من علم الترجمة مرتبط بالمقاربة المعرفية‪ ،‬بل إن بعضا‬
‫من البحوث الحديثة تصنف "علم الترجمة علما معرفيا"‪)Politis, 2007, p02(.‬‬

‫تبدو للعيان عملية المد والجزر على المستوى النفسي للمترجم أثناء القيام بعمله (أنظر الشكل ‪ ،)03‬إذ تؤدي‬
‫عملية تفكيك الشيفرة الداللية والنحوية إلى ما تسميه المدرسة التأويلية بـ"التجريد اللغوي"‪ ،‬أي عملية "االنعتاق من اللفظ‬
‫والبحث عن المعنى" (‪ ،)Lederer, 1994, p 1‬وهنا تتدخل ذاكرة العمل أو ما يعرف بالذاكرة قصيرة المدى التي تمثل‬
‫الحيز الذهني الذي تتم فيه عملية التفكير‪ ،‬بحيث تستقبل ذاكرة العمل المعلومات لدمجها مع المحفزات الحسية الخارجية‬
‫قصد تك وين مع نى للمفه وم‪ ،‬كم ا تخلق ب الموازاة م ع ال ذاكرة طويل ة المدى رواب ط ذهني ة تس اعدها على اس تنباط المعنى‬
‫باالستعانة بالمعارف الموضوعاتية المخزنة مسبقا‪.)Ballui, 2007, p 02( .‬‬

‫كما يقسم أيضا كريستيان بالوي ‪ Christian Ballui‬الذاكرة طويلة المدى إلى قسمين‪ ،‬أولها الذاكرة العرضية‬
‫‪ la mémoire épisodique‬أو م ا يس مى بال ذاكرة األتوبيوغرافي ة‪ ،‬ال تي تعم ل على استحض ار األش خاص واألح داث‬
‫واألم اكن والمواص فات وف ق إطاره ا الزم اني والمك اني‪ ،‬معتم دة على الس ياق بالدرج ة األولى لت ذكرهم‪ .‬أم ا الثاني ة فهي‬
‫الذاكرة الداللية ‪ la mémoire sémantique‬التي تقوم بتجميع المعارف العامة إلدراجها في الذهن دون األخذ بعين‬
‫االعتب ار إطاره ا الزم اني أو الظ روف ال تي ج انبت ح دوثها‪ ،‬وذل ك قص د اس تعادتها بس هولة أثن اء عم ل ال ذاكرة طويل ة‬
‫المدى‪.)Ballui, 2007, p 08(.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تتمثل مهمة علم النفس المعرفي في تحليل االحتماالت األكثر قوة التي تثير المحفزات الحسية وتسمح‬
‫بالتعلم واالكتساب واإلدماج وإ عادة استعمال المعارف‪ .‬كما يعتبر المعرفيون الذات المتعلمة ذاتا نشيطة تبني مكتسباتها‬
‫وتدمجها وتعيد استعمال المعارف‪ ،‬علما أن هذه المعارف تبنى تدريجيا‪.‬‬

‫السياق – الوضعية التواصلية‬


‫معلومات حول الوضعية‬
‫تنبيه‬
‫المرسل‬ ‫معلومات دقيقة‬

‫المرسلة أالمدى‪:‬‬
‫الذاكرة طويلة‬
‫تبادلمعلومات دقيقة‬
‫ذاكرة العمل‬ ‫معارف تصريحية‬ ‫‪‬‬
‫الترجمان‬ ‫‪/‬‬ ‫المترجم‬
‫وغير تصريحية‬
‫‪ -‬استرجاع وإ رسال المعلومات إلى الذاكرة‬
‫تفكيك الشيفرة الداللية والنحوية‬
‫طويلة المدى‪.‬‬
‫‪-‬دمج الخطاب المعرفي ‪ /‬العاطفي‬
‫إضافة عناصر إلى الوضعية التواصلية‪.‬‬
‫‪ -‬التصميم المنطقي للمفاهيم‬
‫والمقترحات عن طريق‬
‫االستدالل‪.‬‬

‫الحوصلة واستنباط المعنى‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫استنباط السياق‬ ‫استنباط السياق الداخلي للسياق‬ ‫‪‬‬
‫الخارجي‬

‫الت‬ ‫إعادة صياغة المرسلة (أ) باللغة المستقبلة (ب)‬


‫جــ‬ ‫المستقبل‬
‫ـري‬
‫د‬
‫الل‬
‫غـــ‬
‫الشكل ‪ :03‬إعادة الصياغة على المستوى النفسي لدى المترجم(‪)Martinez, 2005, p 39‬‬

‫ور ّد‪ ،‬إذا سمح علم النفس المعرفي بتطوير آليات اشتغال‬
‫يشتغل الدماغ أثناء العملية الترجمية وفق عملية أخذ َ‬
‫ال دماغ‪ ،‬كم ا س اعدت العل وم العص بية على فهم طريق ة اش تغال ال دماغ بش كل ج زئي‪ ،‬وذل ك بتحدي د القواع د العص بية‬
‫المس ؤولة عن المع ارف‪ .‬ويش ير ق اي ‪ guy‬إلى أن الخالي ا العص بية هي أهم الخالي ا المس ؤولة عن معالج ة المعلوم ات‪،‬‬
‫ال تي تتم عن طري ق تب ادالت إلكتروكيميائي ة‪ ،‬حيث تتب ادل الخالي ا العص بية الرس ائل فيم ا بينه ا بفض ل رواب ط تص لها‬
‫ببعضها‪ ،‬وتعرف باسم "البوصالت العصبية"‪(.‬ساسي‪ ،2014 ،‬ص‪.)163‬‬

‫يع الج ال دماغ المعلوم ات المس تقبلة بفض ل نظام ه المع رفي ال ذي يص فه رواد المقارب ة المعرفي ة ب النموذج‬
‫الحاس وبي‪ ،‬إذ يح ول ج ل الرم وز المس تقبلة إلى عملي ات ذهني ة‪ ،‬بحيث يت أثر ال دماغ ب المحفزات الحس ية الخارجي ة ال تي‬
‫تن ّش ط المعارف القبلية المخزنة في الدماغ حتى يتسنى للمترجم استحضارها عند الضرورة‪.‬‬
‫يظه ر المخط ط العرض ي(أنظ ر الش كل ‪ )04‬طريق ة اش تغال دم اغ متل ق م زدوج اللغ ة أثن اء الق راءة‪ ،‬إذ تعت بر‬
‫المناطق الداكنة المسؤولة عن الوظائف اللغوية في الدماغ بحيث يعتبر ‪ aire de Broca‬العنصر المركزي المسؤول عن‬
‫وظائف التكلم‪ ،‬أما ‪ aire de Wernicke‬العنصر المسؤول عن عملية الفهم اللغوي‪)Lee-Jahnke,2005, p365( .‬‬
‫إذ يرتبط العنصرين بـأربطة عصبية تسمى "الشعاع المقوس ‪."Faisceau Arqué‬‬

‫لقد ساهمت العلوم العصبية بشكل فعال في الكشف عن النشاط الذهني للدماغ‪،‬‬
‫بحيث يستقبل ‪ cortex visuel primaire‬في النصف اليساري لدماغ المترجم‬
‫المفهوم المراد ترجمته عن طريق العين‪ ،‬ومن ثم ينتقل إلى ‪aire de‬‬
‫‪ ernicke W‬مرورا بـ ‪ Gyrus Angulaire‬ليكون مجموعة تصورات وتمثيالت‬ ‫الشكل ‪ :04‬مخطط عرضي الشتغال الدماغ‬

‫ذهنية باالستعانة بالمعارف القبلية للمترجم حول المفهوم‪ .‬كما يساهم النصف‬
‫اليميني لدماغ المترجم في تحفيز الشحنة العاطفية‪ ،‬إذ يعتبر المسؤول عن‬
‫النشاط الحركي للمترجم‪ ،‬وكذا نبرة صوته‪ ،‬وهزله من جديته‪( .‬أنظر الشكل‬
‫‪.)05‬‬
‫الشكل ‪ :05‬مخطط عرضي الشتغال الدماغ‬
‫يت أثر النص ف اليمي ني ل دماغ الم ترجم أثن اء عملي ة اس تيعاب بعض المف اهيم‪ ،‬إذ‬
‫يستعصى عليه فهمها لعدم وجود تصور منطقي قبلي في النصف اليساري للدماغ‪ ،‬فينتج عن ذلك ارتباك وعنعنة وبعض‬
‫الحركات‪.‬خاصة إذا تعلق األمر بالصور البيانية والمحسنات البديعية‪ ،‬أي كل ما تجاوز معناه داللته اللفظية‪.‬‬
‫بع د ب روز النم وذج االفتراض ي ‪ ،le paradigme connexionniste‬ظه ر ال ذكاء االص طناعي كوس يلة تمكن‬
‫ال دماغ من اس تغالل ج ل خالي اه العص بية‪ ،‬إذ أرس ى ك ل من ‪ newell‬و‪ Simon‬اللبن ات األولى له ذا العلم‪ ،‬بحيث يم ّكن‬
‫الذكاء االصطناعي المترجم من تجاوز العمليات الذهنية العادية كالفهم واستعمال اللغة وغيرها‪.‬‬

‫يساهم الذكاء االصطناعي كإجراء ذهني يسعى لتحليل سلسلة من األهداف الممكنة لمشكلة ما‪ ،‬ومن ثم استكشاف‬
‫واستقصاء كل العمليات التي من شأنها أن تعطي حال للمشكلة‪.‬‬

‫كما يعتبر الذكاء االصطناعي الخاليا العصبية للمخ نوعا من الخواريزمات الرياضية التي تعطي حال لعدد من‬
‫المش كالت‪ .‬إذ تتجلى ق وة ه ذه الخالي ا في طريق ة معالجته ا لع دة بيان ات في آن واح د‪ ،‬مم ا يكس بها س رعة فائق ة في‬
‫المعالجة‪.‬‬

‫المفاهيم االقتصادية االسالمية‪:‬‬

‫المفه وم لغ ةً من مص در "فهم"‪ ،‬والفهم معرفت ك بالش يء بالقلب‪ ،‬فهمه فهم اً‪ ،‬وفهم ا وفهام ه‪ :‬علم ه‪.‬وتفهم الكالم‪:‬‬
‫فهمه شيئاً بعد شيء‪(.‬ابن منظور‪ ،2008،‬ص‪)459‬‬
‫النط ق (اآلم دي‪ ،2003 ،‬ص ‪ ،)74‬وه و وح دة معرفي ة‬
‫أم ا اص طالحا فه و م ا فهم من اللف ظ في غ ير مح ل ُ‬
‫مستقلة ال ترتبط بالضرورة بلغة من اللغات أو بلهجة من اللهجات وإ نما تنتمي مباشرة إلى المستوى الفكري (كلود لوم‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪ ،)20‬كما تعد المفاهيم أساس التفكير‪ ،‬والتحليل‪ ،‬والتنظير في كافة العلوم‪ ،‬وفي مختلف األبحاث‪ .‬وتختلف‬
‫تعريفات المفه وم تبع اً للنظ رة الخاصة بك ل علم أو مج ال من مجاالت المعرفة‪ ،‬فك ل علم ينظ ر إلى المفه وم من زاويت ه‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫يتكون المفهوم عبر ثالث عمليات ذهنية معقدة‪ ،‬هي التعميم والتخصيص والتجريد‪ ،‬ويبقى في حالة فكرة حتى‬
‫يجد طريقه إلى شكل من أشكال التعبير اللغوي أو الرمزي (ولد خليفة‪ ،2004 ،‬ص ‪ ،)554‬فهو باألحرى وحدة فكرية‬
‫ُيعبر عنها بمصطلح أو رمز حرفي أو أي رمز آخر‪.‬‬

‫تتكون قاعدة المفاهيم من ثالث مستويات تجريدية (ولد خليفة‪ ،2004 ،‬ص‪:)562‬‬
‫مستوى اصطالحي‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫مستوى الخاصيات الحدية أو التعريفية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ت‪-‬مستوى التمثيل‪.‬‬

‫انطالق ا مم ا قي ل ح ول دالل ة المفه وم‪ ،‬يت وجب على الم ترجم أن يجس نبض النص الحام ل للمف اهيم باس تعمال‬
‫أدوات إجرائي ة تمكن ه من س بر أغ وار المفه وم وتتب ع طيف ه ومدلول ه‪ ،‬إذ يحم ل المفه وم ش حنة علمي ة ومعرفي ة‪ ،‬تاريخي ة‬
‫وعاطفية‪.‬‬

‫أما في يخص النص القرآني الرباني المصدر‪ ،‬السماوي الداللة‪ ،‬فمفاهيمه تتعدى الشحنة العلمية المعرفية إلى‬
‫شحنة فقهية روحية‪ ،‬إذ يحمل في ثناياه أحكاما للفرد المسلم‪ ،‬تجعل من ترجمتها عائقا أمام المترجم الذي يتوجب امتالكه‬
‫لمكمالت معرفية ومعارف فوق لسانية كي يتسنى له تحقيق النقل اللغوي السليم للمفهوم اإلسالمي‪.‬‬

‫إن ه لمن األهمي ة بمك ان أن نؤك د أن المفه وم يختل ف عن المص طلح في أن ه يرك ز على الص ورة الذهني ة‪ ،‬أم ا‬
‫المصطلح فيركز على الداللة اللفظية للمفهوم‪ ،‬كما أن المفهوم أسبق من المصطلح‪ ،‬فكل مفهوم مصطلح‪ ،‬والعكس غير‬
‫صحيح‪ ،‬وينبغي التأكي د على أن المفه وم ليس ه و المص طلح‪ ،‬وإ نم ا ه و مضمون ه ذه الكلم ة‪ ،‬وداللة ه ذا المص طلح في‬
‫ذهن المتعلم‪ ،‬ولهذا يعتبر التعريف بالكلمة أو المصطلح هو "الداللة اللفظية للمفهوم"‪.‬‬

‫وعلي ه‪ ،‬يمكن الق ول ب أن كلم ة "الص الة" مثالً م ا هي إال مص طلح لمفه وم معين ينتج عن إدراك العناص ر‬
‫المشتركة ألدائها كالتكبير وقراءة القرآن‪ ،‬والقيام والركوع والسجود‪ ،‬والتشهد والسالم‪ .‬وكلمة‪" ‬الحج‪" ‬مصطلح لمفهوم‬
‫معين ينتج عن إدراك العناصر المشتركة لمناسكه كاإلحرام‪ ،‬والطواف حول الكعبة المشرفة‪ ،‬والسعي بين الصفا والمرة‪،‬‬
‫والوقوف بعرفات‪ ،‬والنزول بالمزدلفة‪ ،‬والرجم‪ ،‬والحلق أو التقصير‪ .‬والزكاة أيضا ما هو إال مصطلح لمفهوم معين ينتج‬
‫عن إدراك العناصر المشتركة كالصدقة والنصاب‪ ،‬واإلحسان وغيرها‪.‬‬
‫إن ترجم ة المف اهيم اإلس المية وف ق مقارب ة معرفي ة يتيح للم ترجم تفعي ل التحليالت الذهني ة‪ ،‬على ش اكلة تص ور‬
‫منطقي للمفهوم االقتصادي‪ .‬إذ يتطلب اتخاذ القرار إزاء ترجمة المفهوم االقتصادي اإلسالمي تنشيط القدرات المعرفية‬
‫والنفسية والرياضية للمترجم‪.‬‬

‫مثال ‪ :01‬يقول تعالى في اآليات التالية‪:‬‬

‫ضلُوا ِب َرا ِّدي ِر ْزقِ ِه ْم َعلَ ٰى َما َملَ َكتْ أَ ْي َما ُن ُه ْم َف ُه ْم فِي ِه َ‬
‫س َوا ٌء‬ ‫الر ْز ِق ۚ َف َما الَّذِينَ ُف ِّ‬ ‫ض ُك ْم َعلَ ٰى َب ْع ٍ‬
‫ض فِي ِّ‬ ‫﴿ َوهَّللا ُ َف َّ‬
‫ضل َ َب ْع َ‬ ‫‪‬‬
‫ۚ أَ َف ِبن ِْع َم ِة هَّللا ِ َي ْج َحدُونَ (‪﴿﴾ )71‬النحل ‪﴾71‬‬
‫نذكر على سبيل المثال ال الحصر بعض الترجمات‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫»‪« Et Allah a favorisé certains d’entre vous plus que d’autres en richesse …. ‬‬
‫)‪(Abdelaziz, 2009, p 346‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« Allah fais prospérer certains plus que d’autres parmi vous ….. » (Chouraki, 1990,p‬‬
‫)‪373‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« Allah a favorisé les uns d’entre vous par rapport aux autres dans la répartition de ses‬‬
‫)‪Dons…. » (Hamidullah, 1999, p 274‬‬
‫مفه&&وم "ال&&رزق"‪ :‬ه و إدراك العناص ر المقترن ة بالكس ب والعم ل واألج ر والم ال والرض ا والطبي ات‪ ،‬إذ يعت بر‬
‫مادی اً أو معنویاً‪ .‬وعليه‪ ،‬فهو ک ل ما یک ون فیه‬
‫أعم من أن یکون رزق اً ّ‬
‫ال رزق في اللغة العطاء المس تمر والدائم‪ ،‬وه و ُّ‬
‫نصیب للعباد من عند اهلل ینتفعون به من مواد غذائیة ومسکن وملبس‪ ،‬أو علم وعقل وفهم وإ یمان وإ خالص‪.‬‬

‫إن ترجمة مفهوم "الرزق" إلى اللغة الفرنسية وفق المقاربة المعرفية يستلزم استثمار ما تطرقنا إليه في الشق‬
‫فعل عمل الذاكرة قصيرة المدى ( ذاكرة العمل)‪ ،‬فترسل‬
‫النظري من البحث‪ ،‬إذ أن قراءة المفهوم في خضم سياق اآلية ُي ّ‬
‫الخاليا العصبية المتمركزة في الشق اليساري للدماغ لـ‪ cortex visuel primaire‬رموزا تعبر عن المفهوم إلى منطقة‬
‫‪ Wernicke‬المس ؤولة عن الفهم‪ ،‬م رورا بـ ‪ .Gyrus Angulaire‬كم ا يس اهم الش ق اليمي ني لل دماغ في ه ذه المرحل ة‬
‫بموائمة انفعاالته مع عملية الفهم‪.‬‬

‫يس اهم علم النفس المع رفي في ه ذه المرحل ة بتنش يط ج ل المع ارف المخزن ة مس بقا وربطه ا منطقي ا ب دالالت‬
‫السياق والوضعية التواصلية للمرسلة‪ .‬إن استحضار المعارف الموضوعاتية القبلية إلجراء ذهني يتأثر بكل المحفزات‬
‫الحسية الخارجية وكذا إطار العمل‪ .‬وعليه‪ ،‬تتدخل نفسية المترجم بشكل دائم في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫فعل مبحث الداللة المعرفي ‪ la sémantique cognitive‬عدة مرادفات وألفاظ تقترن بالمفهوم الذي هو‬
‫كما ُي ّ‬
‫الملم بالثقاف ة اإلس المية ألفاظ ا كالكس ب والعم ل واألج ر والم ال‬
‫بص دد ترجتم ه‪ ،‬إذ يق ترح ال دماغ اآللي للم ترجم الع ربي ّ‬
‫والرضا والطيبات‪.‬‬
‫يع الج مبحث ال ذكاء االص طناعي ه ذه المقترح ات الداللي ة للمفه وم‪ ،‬ويح رص على انتق اء أقربه ا للمع نى وف ق‬
‫طوع‬
‫تمثيالت خوارزمية رياضية‪ ،‬بحيث يتواصل وعلم النفس المعرفي الذي يستقبل إشارات من الذاكرة طويلة المدى تُ ّ‬
‫عملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫إن عملي ة اتخ اذ الق رار أثن اء ترجم ة مفه وم "ال رزق" في اآلي ات الفارط ة ترتب ط ومرجعي ة الم ترجم‪ ،‬إذ ترتك ز‬
‫ذاكرت ه طويل ة الم دى على المع ارف ف وق اللس انية المخزن ة مس بقا‪ .‬في حين تبقى العملي ة التوثيقي ة للمفه وم من خالل‬
‫التفاسير الواردة وأسباب نزول اآلية اإلجراء الترجمي الذي يعين ذاكرة العمل على اتخاذ القرار‪.‬‬

‫إن هذه العملية تتيح للمترجم توليد أكبر عدد ممكن من المكافئات وربطها بسلسلة تمثيالت ذهنية ترتكز على ما‬
‫يح وزه ال ذهن من مع ارف‪ ،‬بحيث إن تنش يط ال ذهن في مث ل هك ذا س ياقات تس مح ل ه بتش غيل ك ل الخالي ا العص بية‪ ،‬مم ا‬
‫يعطي نجاعة أكثر في الحصول على المكافئ الذي يؤدي العملية التواصلية‪.‬‬

‫إن ترجمة هذا المفهوم إلى البيئة الفرنسية بـ ‪ dons‬أو ‪ attributions‬أو ‪ bienfaits‬إلجحاف في حق المفهوم‪،‬‬
‫الذي يتجاوز معناه المادي والمعنوي‪ ،‬إلى معنى أخروي أبدي‪ ،‬ال مقابل له في الفرنسية‪ ،‬بحيث كان من األجدر اق تراض‬
‫المفهوم بالحرف الالتيني ‪ El-Rizk‬وإ ضافة حاشية للترجمة توضح مدلوله وأقرب المكافئات إليه معنى‪.‬‬

‫مثال ‪ :02‬يقول تعالى في محكم تنزيله‪:‬‬

‫اعفَ ًة َواتَّقُوا اللَّ َه لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفِل ُح َ‬


‫ون‪ ] ﴾ ‬آل عمران‪[130 :‬‬ ‫ض َ‬‫َض َعافًا ُم َ‬ ‫آم ُنوا اَل تَأْ ُكلُوا ِّ‬
‫الر َبا أ ْ‬ ‫ُّها الَّ ِذ َ‬
‫ين َ‬ ‫﴿‪َ  ‬يا أَي َ‬

‫‪‬‬ ‫‪  « O vous qui croyez ! Ne vivez pas de l’usure produisant plusieurs fois le double.‬‬
‫)‪Craignez Dieu ! Peut-être serez-vous heureux » (Masson, 1967,p79‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  « O les croyants ! Ne pratiquez pas l’usure en multipliant démesurement votre capital.‬‬
‫)‪Et craignez Allah afin que vous réussissiez » (Hamidullah, 1999, p66‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« O vous qui devîntes croyants, ne mangez pas l’usure plusieurs fois multipliée,‬‬
‫)‪craignez Allah, afin que cultiviez »(Abdelaziz, 2009, p127‬‬

‫مفهوم الربا ‪ :‬الربا في اللغة ‪ :‬الزيادة المطلقة‪ ،‬يقال ربا الشيء يربو إذا زاد (حماد‪ ،2008 ،‬ص ‪ ،)219‬أما‬
‫اص طالحا فهي مش ترك بين ع دة مع ان‪ :‬األول ك ل عق د فاس د‪ ،‬والث اني عق د في ه فض ل‪ ،‬والقبض في ه مفي د للمل ك الفاس د‪،‬‬
‫والث الث فض ل ش رعي خ ال عن ع وض ش رط ألح د المتعاق دين في عق د المعاوض ة‪ ( .‬الشرباص ي‪ ،1981 ،‬ص‬
‫‪)190،191‬‬

‫إن ترجمة مفهوم "الربا" وفق المقاربة المعرفية يختلف ومرجعية المترجم‪ ،‬إذ يتبادر للمترجم العربي ذو الخلفية‬
‫اإلسالمية مباشرة حكم فقهي حيال المفهوم‪ ،‬في حين يراها المترجم الغربي فائدة مربحة ال ضير منها‪ ،‬مع أنها محرمة‬
‫في الديانة المسيحية وتجيزها اليهودية مع من ال يدينونها‪.‬‬
‫إن م رور المفه وم بالمراح ل الذهني ة في ال دماغ ع بر الخالي ا العص بية لتولي د أك بر ع دد من المكافئ ات الممكن ة‬
‫وربطه ا بس ياق اآلي ة راج ع بالدرج ة األولى إلى ال ذاكرة طويل ة الم دى للم ترجم‪ ،‬إذ تتحكم المع ارف القبلي ة للم ترجم‬
‫المخزنة في هذه الذاكرة بدرجة أكبر في توجيه ذهن المتلقي إلى المعنى الصحيح‪.‬‬

‫كم ا تتطلب ذاك رة العم ل القي ام ب البحث الوث ائقي ح ول المفه وم مت أثرة بعملي ة دمج الش حنة المعرفي ة والعاطفي ة‬
‫للمفهوم وكذا سياق الوضعية التواصلية والمحفزات الحسية الخارجية لمحيط المترجم‪.‬‬

‫إنه لمن األهمية بمكان أن ننوه إلى االختالف الحاصل في مرجعية المترجم‪ ،‬فيتأثر ال محالة بالشحنة العاطفية‬
‫تجاه المفهوم‪ ،‬إذ تسمح اللسانيات المعرفية بتوليد ألفاظ لدى المترجم الع ربي ذو الخلفية اإلسالمية على شاكلة‪ :‬فائدة‪،‬‬
‫مال‪ ،‬فضل‪ ،‬الزيادة‪ ،‬تأجيل‪ ،‬دين‪ ،‬قرض‪ ،‬عقد‪ ،‬بيع ‪ ،‬حرام ‪...‬‬

‫إن اس تنباط المك افئ المناس ب حي ال مفه وم "الرب ا" يس تلزم إدراك ك ل العناص ر المحيط ة ب ه‪ ،‬من إط ار ت اريخي‬
‫ودالل ة لغوي ة وش حنة عاطفي ة وحكم فقهي للمفه وم‪ .‬إذ ترجم ه عدي د الم ترجمين بـ ‪ Usure‬وال تي تع ني حس ب الق اموس‬
‫اللغوي ‪: Larousse‬‬

‫‪« Intérêt, profit qu’on exige d’un agent ou d’une marchandise prêtée, au-dessus du‬‬
‫»‪taux fixé par la loi ou établi par l’usage en matière de commerce ‬‬

‫أم ا اص طالحا فنج دها في ق اموس الكت اب المق دس كالت الي‪intérêt abusif tiré de l’argent » «:‬‬
‫)‪ (Vigoureux, 1912, p 2365‬بحيث حرم اليهود الربا فيما بينهم في العهد القديم وأباحوها مع غير اليهود‪ ،‬بالرغم‬
‫من ذلك فقد مارس اليهود الربا فيما بينهم وخالفوا ما جاء في العهد القديم‪ ،‬وال يزالون يمارسونها إلى يومنا هذا‪ .‬وكذلك‬
‫األمر بالنسبة للمسيحية‪ ،‬بحيث ظل التعامل بالربا مباحا ال حرج منه مع األجانب‪.‬‬

‫‪« Vers l’époque évangélique, le prêt à l’intérêt restait toujours légitime vis-à-vis les‬‬
‫‪étrangers, et sur sa pratique que se fondaient les opérations de banque auxquelles Notre‬‬
‫)‪Seigneurs fut allusion » (Vigoureux, 1912, p 2366‬‬

‫انطالق ا من مفه وم "الرب ا" وف ق المع اجم االقتص ادية اإلس المية وك ذا دالل ة المك افئ «‪ » Usure ‬في المع اجم‬
‫اللغوية والفقهية الفرنسية‪ ،‬فإن هذه الترجمة ال تؤدي غرض المفهوم الذي يتجاوز بعده الداللي‪ ،‬إذ يتعذر إيجاد المكافئ‬
‫في البيئة الفرنسية للمفهوم التي تتميز بأغلبيتها المسيحية اليهودية‪ ،‬بحيث يتبادر لقارئ الترجمة حيال داللة «‪» Usure ‬‬
‫أنه فعل مباح ال حرج منه‪ ،‬وعليه فاألرجح أن نقترض المفهوم بالحرف الالتيني ‪ El-Ribà‬مع إضافة تهميش للترجمة‬
‫تشرح المفهوم في إطاره االقتصادي اإلسالمي‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫على إث ر الدراس ة بش قيها النظ ري والتط بيقي‪ ،‬يت بين لن ا أن المقارب ة المعرفي ة إج راء ذه ني تس اهم في ه ع دة‬
‫تخصص ات تس عى لتحقي ق التكام ل قص د ترجم ة تفي المع نى المع بر عن ه وأغراض ه التواص لية‪ .‬كم ا كش فت الدراس ة أن‬
‫المفه وم االقتص ادي اإلس المي يعت بر عص ب الترجم ة القرآني ة‪ ،‬إذ يحتكم إلى اإلط ار الت اريخي للمفه وم‪ ،‬وداللت ه اللغوي ة‬
‫عربيا‪ ،‬وشحنته العاطفية عند قارئه‪ ،‬وحكمه الفقهي لدى مستعمليه‪ ،‬ومنه نستخلص النتائج التالية‪:‬‬

‫تساهم المقاربة المعرفية في تنشيط ذهن المترجم وفق العملية التواصلية المرجوة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تمثل المقاربة المعرفية الحلول وفق رموز رياضية في الذهن قصد معالجتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تسمح المقاربة المعرفية باستغالل أكبر للقدرات الذهنية للمترجم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تتيح المقاربة المعرفية للمترجم معرفة طريقة عمل الدماغ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يساهم علم النفس المعرفي في استحضار جل المعارف المخزنة في الذاكرة طويلة المدى‪ ،‬وكذا تحيينها في‬ ‫‪-‬‬
‫ذاكرة العمل من خالل عملية البحث التوثيقي‪.‬‬
‫يعتبر البحث التوثيقي إجراءا ترجميا ال مناص منه قصد إثراء المعارف الذهنية للمترجم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يساهم علم النفس المعرفي في تنشيط المعارف‪ ،‬وإ دراك المفهوم االقتصادي اإلسالمي بكل جوانبه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تعتمد عملية اتخاذ القرار لدى المترجم على التحصيالت الذهنية الواردة قصد اختيار المكافئ السليم معنى‬ ‫‪-‬‬
‫ومبنى‪.‬‬
‫تتأثر عملية اتخاذ القرار حيال المفهوم االقتصادي اإلسالمي بخلفية المترجم الدينية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫على عكس المفاهيم العلمية‪ ،‬يحمل المفهوم االقتصادي اإلسالمي حكما فقهيا حيال مسألة ما‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ سورية‬.‫ دمشق‬.‫ دار المعرفة‬.4‫ ط‬.)‫هـ‬1420( .‫ رواية حفص عن عاصم‬،‫القرآن الكريم‬ -1


.‫ لبنان‬.‫ بيروت‬.‫دار صادر‬.12 ‫المجلد‬.‫ لسان العرب‬.)1429 – 2008( .‫ جمال الدين محمد‬،‫ابن منظور‬ -2
.‫ دار الصميعي للنشر والتوزيع‬.3 ‫ ج‬.1‫ط‬.‫ االحكام في أصول األحكام‬.)2003(.‫ علي بن محمد‬،‫اآلمدي‬ -3
.‫ المملكة العربية السعودية‬.‫الرياض‬
.‫ سوريا‬.‫ دمشق‬.‫ دار القلم‬.1‫ ط‬.‫ معجم المصطلحات المالية واالقتصادية في لغة الفقهاء‬.)2008( .‫ نزيه‬،‫حماد‬ -4
-‫ جامعة أحمد بن بلة‬،‫ معهد الترجمة‬.‫ رسالة دكتوراه‬."‫"طرق ومناهج تعليم الترجمة‬.)2014( .‫ أمال‬،‫ساسي‬ -5
.‫ الجزائر‬.01‫وهران‬
.‫ لبنان‬.‫ بيروت‬.‫ دار الجيل‬.‫ المعجم االقتصادي االسالمي‬.)1981( .‫ أحمد‬،‫الشرباصي‬ -6
.‫ المنظمة العربية للترجمة‬.1‫ط‬.‫بسام بركة‬/‫ ترجمة ريما بركة‬.‫ علم المصطلح‬.)2012( .‫ماري‬،‫كلودلوم‬ -7
.‫ لبنان‬.‫بيروت‬
‫ مجلة مجمع اللغة‬."‫ نحو قواعد للمعطيات المفهومية‬:‫ "المفهوم والمصطلح‬.)2004( .‫أحمد العربي‬،‫ولد خليفة‬ -8
.03 ‫ الجزء‬.79 ‫ المجلد‬.‫ سوريا‬.‫ دمشق‬.‫العربية‬
9- Abdelaziz, Zeinab. (2009). Le Qur’àn : Traduction du sens de ses versets. Conveying
Islamic Message Society. Alexandrie. Egypte.
10- Ballui, Christian. (2007). « Cognition et déverbalisation ». Journal Méta . vol 52.
N°01.
11- Chouraqui, André. (1990).le Coran : l’Appel. Robert Laffont. Paris. France.
12- Hamidallah, Mouhammad. (1999-1420). Le Noble CORAN et la traduction en langue
française de ses sens. Complexe Roi Fahd pour l’impression du Noble Coran. Al-
Madinah Al-Munawwarah. Royaume d’Arabie Saoudite.
13- Lee-Jahnke, Hannelore. (2005). “New cogntive approaches in process-oriented
translation training”. Meta Journal, Vol 50, N° 02.
14- Lederer, Mariane. (1994). La traduction aujourd’hui : le modèle interprétatif.
Collection Hachette. Paris. France.
15- Le Moigne, Jean-Louis. (1986). Intelligence des mécanismes, ed Fayard, Paris,
France.
16- Martínez, López. (2005). « Réflexions sur la déverbalisation  ». mémoire de fin
d’études non publié. Institut Superior de Traducteur et Interprètes .Bruxelles.
Belgique.
17- Masson, Denise. (1967). Le Coran. Bibliothèque de la Pléiade. Gallimard. Bruges.
Belgique.
18- Obdrzalkova, Vanda. (2016). “ translation as decising making process : an
application of the model proposed by JIRI LEVY to a translation into a non-mother
tongue”. Mutatis Mutandis. Vol 9. N° 2.
19- Politis, Michel. (2007). « Introduction ». Journal Meta, vol 52, N1, P02.
20- Tiberghien, G. (1989). Psychologie cognitive et science de la cognition. In J.M.
Monteil et M.Fayol : La psychologie scientifique et ses applications. Grenoble :
P.U.G. (22-23)
21- Wilson, A. Robert&Keil .C. Frank.(1999). The MIT encyclopedia of the cognitive
sciences, Bradford books.1st ed. The MIT Press. University of Cambridge. London.
England.

You might also like