Professional Documents
Culture Documents
-1-
شكر
أتوجه بالشكر الى من علمني أصول المحاماة ومبادئها األستاذ عزالدين العرفاوي.
-2-
قائمة المختصرات
-ق ꞉قانون
-ص ꞉صفحة
-3-
المخطط العام
-4-
إذا كانت سلطات الدولة على علم بوجود خطر االتجار فان عدم اتخاذها التدابير المناسبة إلبعاد الفرد المعني
1المحكمة األوروبية˛ قضية را نتسيف ضد قبرص وروسيا˛الدعوى رقم ˛10/92252الحكم الصادر في 7جانفي ˛9101الفقرة 985
-5-
المقدمة
تحتفظ ذاكرة القضاء التونسي بقضية شهيرة ،سميت آنذاك بحادثة فتيات لبنان...2
بدأت القضية عندما توجهت فتاة تونسية الى اإلدارة الفرعية للوقاية االجتماعية وقدمت شكاية مفادها بانها سافرت الى
لبنان للعمل كممرضة بمصحة اال انها تفاجأت بحقيقة االمر المطلوب منها والمتمثل في الرقص ومجالسة الحرفاء بملهى
ليلي وحثهم على احتساء أكبر قدر من المشروبات الكحولية ومرافقتهم لتلبية رغباتهم الجنسية ،وقد رفضت ذلك واتصلت
مباشرة بصاحب الملهى وطلبت منه ان يمكنها من جواز سفرها لتعود ادراجها فطلب بدوره مبلغا قدره 0333االف دوالر
ثمن التذكرة والتأشيرة والتحاليل الطبية كما افتك منها هاتفها الجوال كي ال تتصل باي شخص خصوصا بعد ما شاهدته من
اجبار وضرب وعنف واكراه للتونسيات الالتي يرفضن ممارسة الجنس هناك..
وبانطالق األبحاث ،قبض على مدير الملهى وعلى 4فتيات ممن يتعاملن معه فيما تحصنت اخرتين بالفرار ،وبسماع
المظنون فيهن تبين وأنهن اعتدن تقديم خدمات جنسية في إطار عملهن مع مدير الملهى المذكور في لبنان مقابل 033
دوالر للخدمة الجنسية الواحدة كما اعترفن بضلوع اخريات في تسفير تونسيات عن طريق القطر الجزائري لفائدة نفس
الشخص مقابل 033دوالر عن كل فتاة.
وأحيل مدير الملهى تبعا لذلك من اجل التوسط في الخناء باستعمال االكراه والتحيل في حين احيلت الموقوفات من اجل
تعاطي الخناء والتوسط فيه وقضي ابتدائيا في حقهم جميعا بالسجن.3
اما الفتاة التي قدمت الشكاية فقد اعتبرت بداية متضررة ‚اال انه سرعان ما وقع العدول عن ذلك وتوجيه تهمة تعاطي
4
البغاء السري اليها
في االثناء ‚قضي في حق مدير الملهى استئنافيا بعدم سماع الدعوى 5وايدت محكمة التعقيب 6ذلك النتفاء شروط مقاضاته
من قبل المحاكم التونسية
وظل ضحايا االتجار الجنسي ‚بعد تلك الواقعة‚ يواجهون خطر العقوبات السجنية الى حين صدور قانون منع االتجار
باألشخاص ومكافحته في 30اوت .6302
2ـ سمر جعيدي‚ االتجار باألشخاص في تونس ꞉قراءة في ملفات قضائية ‚معاينة مادية ل 91محكمة تونسية ‚ جويلية ‚ 9102ص01
- 3حكم جناحي ابتدائي عدد 9978المؤرخ في 00مارس ‚انظر ملحق عدد ‚ 0يراجع في ذلك ‚سمر جعيدي ‚االتجار باألشخاص مرجع
سابق ‚ص .01
- 4قرار جناحي استئنافي عدد 5501مؤرخ في 19اوت ”9101وحيث يتضح من أوراق قضية الحال انه تم توجيه تهمة تعاطي البغاء
السري على المسماة ...وقضت محكمة البداية بثبوت ادانتها من اجل ما نسب اليها وبالتالي لم تعد متضررة وانما متهمة في نفس مرتبة
المتهم في قضية الحال ‟ يراجع في ذلك كذلك سمر جعيدي ‚االتجار باألشخاص في تونس ‚ مرجع سابق ص .01
- 5قرار جناحي استئنافي عدد 5501مؤرخ في 19اوت ‚9101انظر ملحق عدد 9
-6ق .تع عدد 8901مؤرخ في 97جانفي ‚ 9102ملحق عدد 1
-6-
وقد تأثر المشرع في سنه للقانون بأحكام بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص وبخاصة النساء
واالطفال ،فتبنى مفاهيمه وتوصياته المتعلقة بحماية الضحايا واقر وسائل عالجية ومساعدات قانونية ومادية ومنح
فرص إقامة وادماج واحترم رغبة الضحايا في العودة الطواعية وعزز التعاون في تبادل المعلومات ووضع
السياسات والبرامج والدراسات للحد من استغالل النساء واألطفال.
وقد عرف القانون ضحية االتجار بكونها الشخص الذي تضرر من احدى جرائم االتجار 7فوقع عليه الفعل او كان محال له
8او اعتبرته السلطات المختصة على نحو معقول بانه ضحية اتجار باألشخاص بصرف النظر عما إذا كان مرتكب الجرم
قد عرفت هويته او قبض عليه او حوكم او أدين.9
كما عرف االتجار باألشخاص بكونه" استقطاب او تجنيد اشخاص او نقلهم او تنقيلهم او تحويل وجهتهم او ترحيلهم او
إيوائهم او استقبالهم باستعمال القوة او السالح او التهديد بهما او غير ذلك من اشكال االكراه او االختطاف او االحتيال او
الخداع او استغالل نفوذ او تسليم او قبول مبالغ مالية او مزايا او عطايا او وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على
شخص اخر وذلك بقصد االستغالل أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك األفعال او بوضعه على ذمة الغير
الستغالله ويشمل االستغالل استغالل بغاء الغير او دعارته او غيرها من اشكال االستغالل الجنسي او السخرة او الخدمة
قسرا او االسترقاق او الممارسات الشبيهة بالرق او االستعباد او التسول او نزع األعضاء او االنسجة او الخاليا او
اال مشاج او االجنة او جزء منها او غيرها من اشكال االستغالل األخرى "..10
وقد شهد مفهوم االتجار باألشخاص نقدا واسعا من قبل أنصار مبدا شرعية الجرائم والعقوبات الذين عابوا عليه امكانية
فسح المجال ال ضافة أوجه استغالل أخرى قد تمس في المستقبل من مبدا ال جريمة دون نص ومن مبدا المساواة العقابية
خصوصا وان صور االستغالل المذكورة وردت على سبيل الذكر وليس الحصر.
في المقابل ،اعتبر أنصار المفهوم ان طبيعة الجريمة استوجبت ان يكون التعريف بصيغة مفتوحة تقدر على استيعاب
الجرائم المستحدثة وذلك لحماية الضحايا وعدم الوقوع في فراغ تشريعي جديد وغلق الباب على التنظيمات العصابية التي
قد تستغل مبدا شرعية الجرائم والعقوبات لصالحها فتنشط في صور ال يجرمها القانون.
ويبقى هذا الجدل القانوني سابقا ألوانه خصوصا وان تطبيق القانون في المحاكم أنبا بمشاكل أخرى بعيدة كل البعد عن
اشكالية مبدا شرعية الجرائم والعقوبات والصيغة المفتوحة لمفهوم االتجار.
لم يكن في استطاعة ضحايا قضية” فتيات لبنان‟ اللجوء الى المحاكم الوطنية المختصة إلنصافهم الفعلي من اية اعمال
تنتهك حقوقهم األساسية وذلك لغياب قانون يسمح لهم آنذاك ببلوغ العدالة الجزائية.
اما اليوم ‚وبعد صدور قانون يمنع االتجار باألشخاص ويكافحه‚ يمكن للضحايا بلوغ العدالة الجزائية واللجوء الى المحاكم
الوطنية (الجزء األول) ليطبق القضاة في شانهم ما يرونه صالحا من قوانين (الجزء الثاني).
مظاهر الحماية
كرس قانون منع االتجار باألشخاص حقوقا أساسية (الفصل األول) وحماية جزائية للضحايا (الفصل الثاني) متأثرا في ذلك
بمقتضيات بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص وبخاصة النساء واالطفال.
-9-
الفصل األول :إقرار حقوق أساسية للضحايا
اقر المشرع بقانون منع االتجار باألشخاص حماية قضائية للضحايا (المبحث األول) وخدمات دعم ومساعدة اجتماعية
وقانونية تسهر على توفيرها الهيئة الوطنية لمكافحة االتجار باألشخاص (المبحث الثاني) .
تختص السلطات القضائية باتخاذ التدابير الحمائية الالزمة لضمان سالمة (الفقرة األولى) وخصوصية الضحية (الفقرة
الثانية).
تنص المادة السادسة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص على ان” تحرص كل دولة طرف في الحاالت
التي تقتض ي ذلك وبقدر ما يتيحه قانونها الداخلي على صون الحرمة الشخصية لضحايا االتجار باألشخاص وهويتهم
وجعل اإلجراءات القانونية المتعلقة بالجريمة سرية”.
وتعتبر السالمة البدنية او الشخصية لضحايا االجرام المنظم من اوكد الواجبات المحمولة على الدول المصادقة على
بروتوكول باليرم وعلى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي تنص بدورها في المادة الخامسة
والعشرين على ان” تتخذ كل دولة طرف تدابير مالئمة في حدود امكانياتها لتوفير المساعدة والحماية لضحايا الجرائم
المشمولة بهذه االتفاقية خصوصا في حاالت تعرضهم للتهديد باالنتقام او الترهيب ‟.
وقد استلهمت المواثيق الدولية المذكورة توصياتها من مقتضيات اول صك عالمي صدر سنة 125891يعنى بحقوق
ضحايا االجرام وينص في مبدئه السادس على ضرورة” اتخاذ تدابير ترمي الى االقالل من ازعاج الضحايا الى أدنى حد
وحماية خصوصياتهم عند االقتضاء وضمان سالمتهم فضال عن سالمة اسرهم والشهود المتقدمين لصالحهم من التخويف
واالنتقام‟ .
ولم يكن المشرع التونسي بمعزل هو االخر عن هذه التوصيات او التطلعات الدولية في ابعاد الضحية عن خطر االيذاء اذ
يمكن قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته الضحايا من التمتع بالتدابير الكفيلة بحمايتهم الجسدية والنفسية 13ويسمح
لهم في حاالت الخطر الملم ان يطلبوا من السلطة القضائية المتعهدة عدم الكشف عن هويتهم.
-12اعالن األمم المتحدة بشأن المبادئ األساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة‚ 12نوفمبر .4291
- 13الفصل 11ق .منع االتجار باألشخاص
- 10 -
وفي صورة الموافقة على الطلب تضمن هوية الضحايا وغيرها من البيانات التي من شانها الكشف عنهم بدفتر سري
مرقم وممضى من وكيل الجمهورية يقع فتحه لديه في الغرض وفي هذه الحالة ال تحرر معطيات الضحايا بمحاضر
سماعهم وانما ترفق بمحاضر مستقلة تحفظ بملف منفصل عن الملف األصلي.14
و يمكن لقاضي التحقيق او لغيره من الهيئات القضائية اجراء اعمال البحث او االذن بانعقاد الجلسة بغير محلها وذلك
حفاظا على سالمة الضحية.15
وتمثل سالمة الضحية المعيار األساسي في اإلبقاء على التدبير الحمائي او رفعه اذ يجوز لقاضي التحقيق االذن برفع
التدبير المشار اليه بالفصلين 15و 15من قانون منع االتجار بناء على طلب يتقدم به المظنون فيه او نائبه في الكشف
عن هوية األشخاص المشمولين بالحماية ويبت القاضي في مطلب رفع التدبير في اجل أقصاه أربعة أيام من تاريخ تقديمه
وذلك بعد التأكد من جدية الطل ب ومن عدم تعريض حياة الضحية او افراد اسرتها الى الخطر ويقبل قراره االستئناف لدى
دائرة االتهام 16من طرف وكيل الجمهورية أو بطلب ممن صدر القرار بالكشف عن هويته والمظنون فيه أو محاميه
والقائم بالحق الشخصي قبل مضي عشرة أيام من تاريخ االطالع بالنسبة لوكيل الجمهورية ومن تاريخ اإلعالم بالنسبة
17
. لمن عداه
وال يمكن في أي حال ،أن تنال التدابير الحماية من حق المظنون فيه أو نائبه في االطالع على مضمون المحاضر
18
. وغيرها من أوراق الملف وذلك مع مراعاة أحكام الفصل 581من مجلة اإلجراءات الجزائية
يحق للضحايا المحميين السيطرة على بياناتهم الشخصية ومنع تداولها لدى العموم بتمكينهم من تعيين محل مخابرتهم لدى
وكيل الجمهورية المختص ترابيا في صورة دعوتهم الى االدالء بتصريحاتهم لدى مأموري الضابطة العدلية او لدى
قاضي التحقيق او غيره من الهيئات القضائية وتضمن في هذه الحالة هوياتهم ومقراتهم االصلية بدفتر سري معد للغرض
مرقم وممضى من قبل وكيل الجمهورية يقع فتحه لديه للغرض.19
كما يمكنهم طلب اجراء الجلسات بصورة سرية ويحجر في هذه الحالة نشر المعلومات عن المرافعات أو القرارات التي
من شأنها النيل من الحياة الخاصة للضحا يا أو سمعتهم دون المساس بالضمانات األخرى المقررة بالنصوص الخاصة.20
هذا‚ و تتم معالجة جميع المعطيات والبيانات المتعلقة بضحايا االتجار باألشخاص وفق التشريع الجاري به العمل في
مجال حماية المعطيات الشخصية.21
وتعتبر معطيات شخصية كل البيانات مهما كان مصدرها او شكلها والتي تجعل شخصا طبيعيا معرفا او قابال للتعريف
بطريقة مباشرة او غير مباشرة باستثناء المعلومات المتصلة بالحياة العامة او المعتبرة كذلك قانونا. 22
ويقصد بمعالجة المعطيات الشخصية العمليات المنجزة سواء بطريقة آلية أو يدوية من شخص طبيعي أو معنوي والتي
تهدف خاصة إلى جمع معطيات شخصية أو تسجيلها أو حفظها أو تنظيمها أو تغييرها أو استغاللها أو استعمالها أو إرسالها
أو توزيعها أو نشرها أو إتالفها أو االطالع عليها وكذلك جميع العمليات المتعلقة باستغالل قواعد البيانات أو الفهارس أو
السجالت أو البطاقات أو بالربط البيني.23
ويحجر قانون حماية المعطيات الشخصية معالجة المعطيات الشخصية المتعلقة بالجرائم او بمعاينتها او بالتتبعات الجزائية
او بالعقوبات او بالتدابير االحترازية او بالسوابق العدلية 24ويعاقب مرتكبها بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها عشرة
االف دينار.25
كما يعاقب قانون حماية المعطيات الشخصية كل من تعمد إحالة المعطيات الشخصية لغاية تحقيق منفعة لنفسه أو لغيره أو
إللحاق مضرة بالمعني باألمر 26بالسجن مدة عام وبخطية قدرها خمسة آالف دينار دون ان يمنع ذلك من تطبيق العقوبة
األشد والمنصوص عليها بقانون منع االتجار باألشخاص إذا ما ثبتت المضرة بتعريض حياة الضحية للخطر.
وبقدر ما شدد المشرع في حماية المعطيات الشخصية لضحايا االتجار بقدر ما كرس جملة من المساعدات القانونية
واالجتماعية التي تساهم في النهوض بهم ورد االعتبار إليهم.
يحق للضحايا المساعدة القانونية (الفقرة األولى) والحصول على خدمات الدعم المناسبة لتأهيلهم صحيا واجتماعيا
(الفقرة الثانية).
- 12 -
الفقرة األولى :الحق في المساعدة القانونية
يحق للضحايا الوصول الى الهيئات القضائية (ا) والجبر الفوري لألضرار التي لحقت بهم (ب).
" ينبغي ان يعامل الضحايا معاملة انسانية تحترم كرامتهم وحقوق االنسان الخاصة بهم ."27
وتقتضي المعاملة االنسانية للضحية احترام حقها في المساعدة القانونية والحصول على خدمات االرشاد القانوني بلغة
تفهمها وتمكينها من محام واحترام حقها في الحضور والمشاركة في الخصومة وعدم ترحيلها قسرا الستكمال اجراءات
التقاضي وبلوغ العدالة الجزائية.28
وقد استجاب قانون منع االتجار باألشخاص لهاته المقتضيات فنص على انه:
-تتكفل الهيئة الوطنية لمكافحة االتجار باألشخاص بإرشاد الضحايا حول األحكام المنظمة لإلجراءات القضائية واإلدارية
الكفيلة بمساعدتهم على تسوية وضعيتهم والحصول على التعويض المناسب عن األضرار الالحقة بهم وذلك بلغة تفهمها
الضحية. 29
-تتولى الهيئة متابعة الملفات الخاصة بالضحايا لدى السلط العمومية بالتنسيق والتعاون مع المنظمات غير الحكومية ومد
بحقوقهم. ي د المساعدة لهم عند االقتضاء لرفع العراقيل التي قد تعيق التوصل
-ت منح اإلعانة العدلية لضحايا االتجار باألشخاص لمباشرة اإلجراءات القضائية المدنية أو الجزائية المتعلقة بهم وتتولى
الهيئة مساعدتهم على تكوين ملفاتهم قصد الحصول على اإلعانة العدلية طبقا لإلجراءات القانونية الجاري بها العمل
وينظر في مطلب اإلعانة العدلية مع مراعاة الوضعية الخصوصية للضحية.30
-يمنح لألجنبي الذي يحتمل أن يكون ضحية إحدى جرائم االتجار باألشخاص الحق في التمتع بفترة تعافي وتفكير يمكن
أن تمتد شهرا قابلة للتجديد مرة واحدة ويمارس المعني باألمر هذا الحق بطلب منه لمباشرة اإلجراءات القضائية
واإلدارية ويمنع ترحيله في بحر تلك المدة.31
-تنظر المصالح المعنية في طلبات الضحايا األجانب الخاصة باإلقامة مؤقتا بالبالد التونسية أو التمديد فيها لمباشرة
إجراءات التقاضي الرامية إلى ضمان حقوقهم ،مع مراعاة وضعيتهم الخاصة.32
-27مبادئ األمم المتحدة األساسية والتوجيهية المتعلقة بحق ضحايا االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق االنسان واالنتهاكات
الخطيرة للقانون اإلنساني الدولي في التقاضي والتعويض مبادئ فان بوفن بسيوني القرار عدد 61/418المؤرخ في 46ديسمبر 1111
يمثل التعويض أكثر اشكال االنتصاف شيوعا ويستحق دفعه عن الضرر الناجم من فعل غير مشروع دوليا من ذلك
جرائم االتجار باألشخاص.
ويمكن في هاته الحالة ان يشمل االنتصاف التعويض الذي يدفع عن الضرر البدني والنفسي والفرص الضائعة وفقدان
الدخل والضرر المعنوي والتكاليف الطبية والقانونية وغيرها من المصاريف الناتجة عن االنتهاكات الجسيمة التي لحقت
بالفرد جراء استغالله.33
وقد نص قانون منع االتجار باألشخاص على الحق في التعويض من خالل تمكين الضحايا ،الصادرة لفائدتهم أحكام باتة
بالتعويض تعذر تنفيذها على المحكومين ضدهم ،من أن يطلبوا الحصول على تلك المبالغ من خزينة الدولة مقابل حلول
هاته األخيرة محلهم في استخالص المبالغ التي وقع صرفها.34
ويأتي التعويض من خزينة الدولة في مرحلة الحقة لمحاولة رد حق الضحايا بالتنفيذ على المجرمين " ينبغي أن يدفع
المجرمون أو الغير المسؤولون عن تصرفاتهم ،حيثما كان ذلك مناسبا ،تعويضا عادال للضحايا أو ألسرهم أو لمعاليهم.
وينبغي أن يشمل هذا التعويض إعادة الممتلكات ومبلغا لجبر ما وقع من ضرر أو خسارة ،ودفع النفقات المتكبدة نتيجة
لإليذاء ،وتقديم الخدمات ورد الحقوق."35
ت عمل الهيئة الوطنية لمكافحة االتجار باألشخاص بالتنسيق مع المصالح والهياكل المعنية على توفير المساعدة الطبية
واالجتماعية الضرورية للضحايا.
ويتمتع الضحايا بالمساعدة الطبية وبمجانية العالج والتداوي صلب الهياكل الصحية العمومية وتقوم الهيئة الوطنية
36
لمكافحة االتجار باألشخاص بالتنسيق مع المنظمات والجمعيات بتوفير ما يلزم لضمان التعافي الجسدي والنفسي لهم
وقد خلقت لذلك أرضية تعاون بينها وبين مختلف المتداخلين لدعم مجهوداتها ،في مكافحة االتجار باألشخاص وحماية
الضحايا وتوفير المساعدة والرعاية الالزمة لهم ،فأبرمت اتفاقيات شراكة مع جمعيات 37تعهدت بضمان االحاطة الطبية
للضحايا من ذلك:
-جمعية بيتي
كما ينتفع الضحايا بالمساعدة االجتماعية الضرورية إليوائهم وتيسير اعادة ادماجهم في الحياة االجتماعية مع االخذ بعين
االعتبار سنهم وجنسهم وحاجياتهم الخصوصية واالمكانيات المتاحة لذلك.38
وتلعب الجمعيات دور رئيسي في إيواء الضحايا وتوفير الحاجيات الغذائية الالزمة كما تعمل صحبة الهياكل والمؤسسات
39
على االلمام بكافة متطلبات الضحية.
المبحث األول :عدم االعتداد برضاء الضحية لتقدير وقوع جريمة االتجار باألشخاص
ال يعتد برضاء الضحية إذا استعملت في جرائم االتجار باألشخاص احدى الوسائل المنصوص عليها
بالفصل الثاني من قانون منع االتجار باألشخاص (الفقرة األولى) او إذا كانت الضحية طفال او شخصا عديم االهلية او
من ذوي اإلعاقة الذهنية( 40الفقرة الثانية).
-القوة أي اللجوء الى العنف بالضرب والجرح وقطع عضو من البدن او جزء منه او تشويه بالوجه.41
-االختطاف أي نقل الضحية من مكان تواجدها الى مكان اخر بقصد اخفائها واحكام السيطرة المادية عليها.45
-االحتيال أو الخداع أي إظهار خالف ما يخفيه االنسان كان توعد الضحية بإمكانية حصولها على اذن عمل وإقامة
قانونية وظروف نظامية لتفاجأ الحقا بخالف ذلك.46
-حالة االستضعاف أي استغالل كل وضع يعتقد فيه الشخص انه مضطر للخضوع لالستغالل الناجم عن كونه طفال او
عن وضعي ته غير القانونية او حالة الحمل لدى المرأة او حالة االحتياج الشديد او حالة المرض الخطير او حالة اإلدمان
او حالة قصور ذهني او بدني يعوق الشخص المعني عن التصدي للجاني.47
وتشمل الوسائل كذلك تسليم او قبول مبالغ مالية او مزايا او عطايا او وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على
شخص اخر لتجنيده لالتجار.49
الفقرة الثانية :إذا كانت الضحية طفال او شخصا عديم االهلية او من ذوي اإلعاقة الذهنية
يتميز قانون منع االتجار باألشخاص عن المجلة الجزائية وعن مجلة حماية الطفل بتطوره وتشبعه بمبادئ علم
الضحية ويعتبر القانون كل من الطفل وعديم االهلية وذو اإلعاقة الذهنية فئة تؤسس لحالة استضعاف50يمنع بموجبها
مؤاخذتهم او اعتبارهم باي حال من األحوال شركاء في األفعال المجرمة 51ليتجاوز بذلك نطاق االعفاء من العقاب
-41نجاة الجوادي‚ االتجار بالنساء في القانون الجزائي‚ أطروحة دكتوراه في القانون الخاص‚ كلية الحقوق والعلوم السياسية تونس
المنار‚ السنة الجامعية ‚ 9108– 9107ص 08
-42صنفه الفصل األول من القانون عدد 55لسنة 4262المتعلق بضبط توريد األسلحة واالتجار فيها ومسكها وحملها
-43رامي متولي القاضي ‚مكافحة االتجار بالبشر في القانون المصري والتشريعات المقارنة ‚دار النهضة العربية ‚القاهرة ‚1144
ص.442
-44مصطفى العدوي ‚ االتجار بالبشر ماهيته واليات التعاون الدولي لمكافحته ‚ دائرة القضاء ‚ابو ظبي االمارات العربية المتحدة ‚1141
‚ص11
-45رامي متولي القاضي ‚مكافحة االتجار بالبشر في القانون المصري والتشريعات المقارنة‚مرجع سابق ‚ص448و449
-46نجاة الجوادي‚ تجريم االتجار بالنساء في القانون التونسي‚مرجع سابق‚ص11
-47العدد 1من الفصل 1ق.منع االتجار باالشخاص
-48نجاة الجوادي‚ تجريم االتجار بالنساء في القانون التونسي‚مرجع سابق‚ص18
-49العدد 4من الفصل 1ق.منع االتجار باالشخاص
-50تعني حالة االستضعاف استغالل كل وضع يعتقد فيه الشخص انه مضطر للخضوع لالستغالل الناجم عن كونه طفال او عن وضعيته
غير القانونية او حالة الحمل لدى المرأة او حالة االحتياج الشديد او حالة المرض الخطير او حالة اإلدمان او حالة قصور ذهني او بدني
يعوق الشخص المعني عن التصدي للجاني.
-51الفصل 1ق .منع االتجار باالشخاص
- 16 -
المكرس بالمجلة الجزائية (ا) ونطاق الحماية الواردة للطفل المهدد بمجلة حماية الطفل (ب) ويفرض صفة الضحية
وما يتبعها من نتائج على المنظومة القانونية.
” ال يعاقب من لم يتجاوز سنه ثالثة عشر عاما عند ارتكابه الجريمة او كان فاقدا للعقل‟52 .
باستثناء هذا النص الذي يحمي الصغير غير المميز والمجنون فان الصغير المميز وضحايا االتجار الرشد ومنقوصي
االهلية يواجهون خطر اإلحالة وعدم االعفاء من المسؤولية الجزائية دون أدني اعتبار للظروف او الوسائل التي
استعملت إلخضاعهم ‚ وهو ما حصل في حادثة فتيات لبنان الالتي احلن من اجل تعاطي الخناء والتوسط فيه.
لذلك مثل قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته دعامة لحماية الطفل اذ تجاوز نطاق مبدا االعفاء من العقاب الوارد
بالفصل 59م ج ووسع من الفئة المشمولة بعدم المؤاخذة الجزائية ليشمل الصغير المميز والغير مميز واعتبر انه من
غير الضروري توفر الوسيلة لقيام اركان جريمة االتجار عندما تكون الضحية طفال او شخصا عديم االهلية او ذو
إعاقة ذهنية.53
ويقصد بالطفل كل انسان عمره اقل من 81عاما ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى احكام خاصة ‚54اما عديم االهلية فهو
الصغير غير المميز الذي لم يتجاوز سنه 81عاما 55والمجنون الذي فقد عقله بصفة دائمة او متقطعة ‚ 56اما ذو
اإلعاقة الذهنية فهو كل شخص له نقص دائم في القدرات العقلية او الحسية ولد به او لحق به بعد الوالدة يحد من
قدرته على أداء نشاط او أنشطة ويقلص من فرص ادماجه في المجتمع.57
للوقوف على مدى تجاوز قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته للحماية الواردة بمجلة حماية الطفل وجب التطرق
﴿أوال﴾ لمفهوم الطفل المهدد و﴿ثانيا﴾ لنطاق حماية الطفولة المهددة بمجلة حماية الطفل.
-52الفصل 18م ج
-53الفصل 2ق.منع االتجارباالشخاص
-54الفصل 1م ح ط
-55الفصل 025م ا ش
-56الفصل 051م ا ش
-57القانون التوجيهي عدد 81لسنة لسنة 9112المؤرخ في 02اوت 9112المتعلق بالنهوض باألشخاص ذوي اإلعاقة و حمايتهم
- 17 -
أ) فقدان الطفل لوالديه وبقاؤه دون سند عائلي.
ب) تعريض الطفل لإلهمال والتشرد.
ج) التقصير البيّن والمتواصل في التربية والرعاية.
د) اعتياد سوء معاملة الطفل.
ه) استغالل الطفل ذكرا كان أو أنثى جنسيا.
و) استغالل الطفل في اإلجرام المنظم على معنى الفصل 81من هذه المجلة.
ز) تعريض الطفل للتسول أو استغالله اقتصاديا.
ح) عجز األبوين أ و من يسهر على رعاية الطفل عن اإلحاطة والتربية "
و يعد من قبيل االستغالل الجنسي للطفل ذكرا كان أو أنثى تعريضه ألعمال الدعارة سواء بمقابل أو بدونه
وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة.58
اما االستغالل االقتصادي فهو تعريض الطفل للتسول أو تشغيله في ظروف مخالفة للقانـون أو تكليفه بعمــل من
شأنه أن يعوقــه عن تعليمـه أو يكــون ضـارا بصحته أو بسالمتـه البدنيـة أو المعنوية.59
تضمن المجلة حق الطفل في التمتع بمختلف التدابير الوقائية ذات الصبغة االجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها من
األحكام واإلجراءات الرامية إلى حمايتـه من كافة أشكال العنف أو الضرر أو اإلسـاءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو
اإلهمال أو التقصير التي تؤول إلى إساءة المعاملة أو االستغالل ‚60كما تمتعه بكل ضمانات القانون اإلنساني الدولي
المنصوص عليها بالمعاهدات الدولية المصادق عليها بصفة قانونية ‚61وتمنع تشريكه في الحروب والنزاعات المسلحة او
استغالله في مختلف أشكال اإلجرام المنظم بما في ذلك زرع أفكار التعصب والكراهيـة فيـه وتحريضـه على القيــام
62
‚و تؤكد على ضرورة مراعاة مصلحة الطفل الفضلى في جميع اإلجراءات التي تتخذ بشأنه بأعمــال العنف والترويـع
سواء من قبل المحاكم او السلطات اإلدارية او مؤسسات الرعاية االجتماعية العمومية او الخاصة.63
-58الفصل 11م ح ط
-59الفصل 16م ح ط
-60الفصل 1م ح ط
-61الفصل 49م ح ط
-62الفصل 42م ح ط
-63الفصل 1م ح ط
- 18 -
وقد اهتمت المجلة بالتدابير الوقائية واألليات الحمائية للطفل المهدد فكانت اجراءات التعاطي مع المشكل بطيئة تفرض
إشعار مندوب حماية الطفولة واالستعانة باألبحاث االجتماعية وتحديد اإلجراء المناسب واقتراح التدابير المالئمة ذات
الصبغة االتفاقية أو تقرير رفع األمر إلى قاضي األسرة..
في المقابل‚ تعتبر المجلة بان الصغير الذي بلغ الخامسة عشر عاما له القدرة على خرق القوانين الجزائية اذ ينص الفصل
81منها على انه " يتمتع الطفل الذي لم يبلغ سنه ثالثة عشر عاما بقرينة غير قابلة للدحض على عدم قدرته على خرق
القوانين الجزائية وتصبح هذه القرينة بسيطة إذا ما تجاوز الثالثة عشر عاما ولم يبلغ بعد الخامسة عشرة "‚وتكمن الخطورة
هنا إذا ما قام الطفل بفعل مجرم ولم تتفطن السلطات الى كونه ضحية اتجار او الى كون ذلك الفعل مرتبط بإحدى جرائم
االتجار ليجد نفسه جانحا تطبق في شانه مجلة حماية الطفل والمجلة الجزائية.
64
اال انه تجاوز نطاق حماية ولئن اخضع بدوره قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته االطفال الى مجلة حماية الطفل
الفصل 81ليصبح كل من لم يبلغ سنه 81عاما ال يعتد برضاه وال يشترط في حقه لقيام جريمة االتجار باألشخاص
استعمال احدى الوسائل المنصوص عليها بالفصل 0من القانون كما انه ال يؤاخذ من اجل ارتكابه جرما مرتبطا بإحدى
جرائم االتجار التي كان ضحيتها.
المبحث الثاني :عدم مؤاخذة الضحية في ارتكابها جرم مرتبط مباشرة بإحدى جرائم االتجار باألشخاص
ال يؤاخذ من ارتكب جرما مرتبطا ارتباطا مباشرا بإحدى جرائم االتجار باألشخاص (الفقرة األولى) التي كان ضحية
لها( 65الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :ضرورة االرتباط المباشر للجرم بإحدى جرائم االتجار باألشخاص
ال يمكن للضحية ان تنتفع بمبدأ عدم المؤاخذة اال متى أمكن لها اثبات ان الجريمة التي اقترفتها ‚على غرار دخول بلد ما
بطريقة غير شرعية او تزوير وثائق سفر او التسول او الدعارة ‚ متصلة او متعلقة بصورة مباشرة بكونها متاجر بها.66
وقد تبنى المشرع هذا المبدأ بالفصل السادس من قانون منع االتجار باألشخاص اال انه سكت عن ذكر الجرائم المرتبطة
التي قد تقترفها الضحية مما أدى بالبعض الى اعتبار األفعال المنصوص عليها بالفصل 55و 51و 51من قبيل
67
التي يقصدها الفصل السادس و قد استندوا في ذلك الى القانون النموذجي لألمم المتحدة الذي فسر مفهوم االفعال
الجرائم المرتبطة باالتجار واعتبرها خصوصا من قبيل ꞉
64
-الفصل 1ق.منع االتجار باالشخاص
-65الفصل 6ق منع االتجار باألشخاص
-66حلمي التومي‚ دليل حول قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته في تونس ‚قانون عدد 50لسنة ‚9105تونس ‚ماي 9102ص. 91
-67عمر اليحياوي ‚ خصوصية التجريم في قانون االتجار باألشخاص ‚ محاضرة مرقونة‚ملتفي دولي حول االتجار بالنساء واألطفال أيام 8
و 9ديسمبر ‚1149كلية الحقوق والعلوم السياسية ‚تونس المنار
- 19 -
”-اعداد محل الجتماع افراد جماعة إجرامية منظمة
-توفير باي وسيلة كانت أموال او أسلحة او معدات او وسائل نقل او تجهيزات او مؤونة او خدمات لفائدة جماعة
اجرامية منظمة
-ارشاد او تدبير او تسهي ل او مساعدة او التوسط او التنظيم باي وسيلة كانت ولو بدون مقابل دخول شخص الى التراب
التونسي او مغادرته بصفة قانونية او خلسة
وتعتبر هاته األفعال من قبيل الجرائم المسهلة لالتجار لكنها قد تختلف في كثير من األحيان عما تجبر على فعله الضحية
كإرغامها على استهالك المخدرات وبيعها او استقطاب ضحايا اخرين او التجسس او الزج بها في مشاريع وهمية قصد
تبييض األموال وغيرها من األفعال التي ال يمكن حصرها بقدر ما يمكن كشفها في إطار األبحاث والتقصي.
اتى قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته بمبدأ عدم االعتداد برضاء الضحية في تقدير وقوع جريمة االتجار
باألشخاص وأضاف مبدا عدم مؤاخذتها الرتكابها جرما مرتبطا ارتباطا مباشرا بإحدى جرائم االتجار.
ويجد هذا االعفاء سنده في كون الضحية قد ترغم أحيانا ،لغاية اخضاعها ،على ارتكاب جملة من األفعال التي تخدم افراد
التنظيم العصابي المنظم كاستغاللها في بيع المخدرات او تشريكها في استقطاب غيرها وتمكينها من ان تمارس عليهم ما
مورس عليها في السابق من وسائل وافعال غير قانونية كالخداع او االحتيال او االيهام او التدليس او التستر او عرقلة
سير العدالة او عدم اشعار السلط وغيرها من الجرائم الكفيلة بإقناعها انها مذنبة في حق الدولة والمجتمع.
اما إذا ارتكبت الضحية فعال مجرما بعيدا كل البعد عن ارتباطه بإحدى جرائم االتجار فان مسؤوليتها الجزائية تظل قائمة
وال يمكن لها باي حال من األحوال ان تنتفع بتبعية الحماية المنصوص عليها بالفصل السادس من قانون منع االتجار
- 20 -
باألشخاص ،وهو فصل على اهميته كفيل بإنقاذ العديد من الضحايا ذلك انه لو تواجد زمن قضية فتيات لبنان لما وقعت
احالتهن من اجل التوسط في الخناء و العتبرت االفعال من قبيل الجرائم المرتبطة باالتجار الن الفتيات وقع استغاللهن
جنسيا وتجنيدهن الستقطاب غيرهن من التونسيات وقد ذكرت المتضررة ذلك في األبحاث اال ان المحكمة االبتدائية
بتونس رات خالف ذلك وقضت في شانهم بالسجن متمسكة في ذلك بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وبغياب نص
منصف لضحايا االتجار آنذاك .
اقر قانون منع االتجار باألشخاص حق الضحية في الحماية القضائية وفي المساعدة القانونية واالجتماعية والصحية وقد
تأثر في ذلك بجملة من الصكوك الدولية أهمها بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص وبخاصة النساء
واألطفال وبإعالن األمم المتحدة بشأن المبادئ األساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة.
كما اقر قانون منع االتجار باألشخاص حماية جزائية للضحية واعتبر انها غير مسؤولة عن افعالها إذا استعملت في حقها
الوسائل المنصوص عليها بالعدد األول من الفصل الثاني لقانون منع االتجار باألشخاص او إذا ارتبطت تلك االفعال
بطريقة مباشرة بإحدى جرائم االتجار التي كانت ضحية لها.
وقد نجح قانون منع االتجار باألشخاص في تطوير المنظومة الجزائية وفي تكريس تقاليد جديدة من شانها ان ترد
االعتبار للضحية وان تحفظ حقها امام الدولة والمجتمع..
- 21 -
الجزء الثاني
- 22 -
نقائص الحماية
كشف تطبيق قانون منع االتجار باألشخاص عن تداخل قوانين أخرى ساهمت في الحد من حماية الضحايا (الفصل األول)
كما كشف تطبيق القانون عن عدم التكوين الجيد للمتدخلين في المسار القضائي للضحية وعن خطورة ذلك على مال
الملفات الموضوعة امام القضاء (الفصل الثاني).
يمنع قانون منع االتجار باألشخاص ترحيل الضحية األجنبية اثناء فترة التعافي والتفكير( 71الفقرة األولى) في حين يجيز
القانون المتعلق بحالة األجانب بالبالد التونسية طردها إذا ما شكل تواجدها خطرا على االمن العام للبالد (72الفقرة
الثانية).
منع القانون التونسي ترحيل األجنبي الذي يمكن ان يكون ضحية اتجار اثناء فترة التعافي والتفكير المقدرة بشهر قابل
للتجديد مرة واحدة.
وقد اعتمد المشرع الفرنسي نفس المدة وهوما دفع باللجنة االستشارية الفرنسية لحقوق االنسان ان تقترح إمكانية التمديد
في فترة التعافي والتفكير لتصل الى حدود ثالثة أشهر.73
اما المشرع اإليطالي فقد مكن ضحايا االتجار األجانب من فترة تعافي وتفكير معقولة تقدر ب 8أشهر كما اذن بمنحهم
اإلقامة خالل تلك المدة بغض النظر عن تعاونهم او ادالئهم بشهاداتهم.74
ويعتبر موقف المشرع االيطالي ‚ بخصوص منح اإلقامة ‚ مخالف لما توخاه المشرع التونسي اذ تنظر السلط التونسية
المعنية في منح اإلقامة المؤقتة لضحية االتجار المتعاونة التي تقرر االنخراط في التتبعات الجزائية 75وتسند لها بطاقة
إقامة مؤقتة ،وفق القانون عدد 7لسنة 8181المتعلق بحالة األجانب بالبالد التونسية ،ال تتجاوز مدة صلوحيتها العام اال
بترخيص من كاتب الدولة للداخلية.76
اال ان هاته المدة تعتبر غير كافية الستكمال االجراءات وبلوغ العدالة الجزائية والحصول على حكم بات في التعويض
لتواجه الضحية بذلك خطر الترحيل إذا ما رفض التمديد ولم تراعى وضعيتها الخاصة في ذلك.
وقد تزداد األمور تعقيدا إذا ما كانت الضحية األجنبية قاصر اذ لم يخص المشرع األطفال األجانب بأحكام استثنائية تتعلق
باإلقامة المؤقتة او العادية خاصة إذا كانوا غير مصحوبين بأوليائهم كما لم تتطرق مجلة حماية الطفل لحقوق الطفل
االجنبي.77
في المقابل‚ تعتبر وضعية ضحايا االتجار األجانب ‚ بالبلدان األوروبية ‚ واضحة وقد نظمتها اتفاقية مجلس أوروبا بالمادة
" 84تسلم كل دولة طرف رخصة إقامة قابلة للتجديد لفائدة الضحايا في حال:
-إذا اعتبرت السلطة المختصة ان اقامتهم ضرورية بسبب تعاونهم مع السلطات ألغراض التحقيق".
لئن كان الفصل 41من قانون منع االتجار باألشخاص واضح وصريح في منعه لترحيل األجنبي الذين يحتمل ان يكون
ضحية اتجار اثناء فترة التعافي والتفكير اال ان التطبيق كشف عن عدم احترام تلك المدة وعن الترحيل القسري للضحايا
بسبب عدم االخذ بعين االعتبار جدية المؤشرات التي تفيد بأنهم ضحايا اتجار وبسبب تطبيق مقتضيات القانون عدد 7
78
لسنة 5849المتعلق بحالة األجانب بالبالد التونسية.
79
ويعتبر هذا القانون اجنبيا الشخص الذي ليست له الجنسية التونسية سواء كانت له جنسية اجنبية او لم تكن له جنسية
كما يجيز طرده إذا شكل وجوده بالتراب التونسي خطرا على االمن العام.80
ويواجه الضحايا المحتملين خطر تطبيق هاته المقتضيات خصوصا إذا كانت اقامتهم غير شرعية او كانوا محل تتبعات
جزائية او إذا لم يقع اعالم الهيئة الوطنية لمكافحة االتجار باألشخاص في شانهم.
حد قانون القضاء على العنف ضد المرأة من الحماية المفترضة لألطفال ضحايا العمل المنزلي وذلك بتعارضه مع احكام
قانون منع االتجار باألشخاص وتسببه في حصول الجناة على عقوبات سجنية ال تتجاوز مبدئيا الستة أشهر( 81الفقرة
األولى) ،كما ساهمت مجلة الشغل بعقوباتها المالية البسيطة في عدم ردع المسيرين عن استغالل األطفال وتشغيلهم في
األعمال التي يمكن بحكم طبيعتها أو الظروف التي يقع القيام بها أن تعرض صحة أو سالمة أو أخالق األطفال للخطر
(الفقرة الثانية).
يعتبر البعض انه من الصعب اثبات جريمة االتجار باألشخاص لذلك فانه من الضروري وجود نص اخر يقضي بإدانة
ومعاقبة مشغلي األطفال بالمنازل حتى لو كانت العقوبة المقررة في ذلك اقل بكثير من تلك المنصوص عليها بقانون منع
االتجار باألشخاص ومكافحته.
ويشهد قانون القضاء على العنف ضد المرأة انتقادات شديدة بسبب ذلك الفصل الذي يسمح تطبيقه꞉
-بإقرار عقوبة بسيطة على مشغلي األطفال خصوصا وان القضاة يرفضون تطبيق قانون منع االتجار باألشخاص على
82
العائالت ويعتبرون عقوباته قاسية ومن شانها ان تودي باألسر واالولياء
-بالتعارض مع المخطط الوطني لمكافحة عمل األطفال في تونس للفترة الممتدة بين 5151-5151والذي اكدت بمقتضاه
وزارة الشؤون االجتماعية ان تجربة العمل المنزلي لدى الفتيات العامالت تبتدأ في سن الحادية عشر بالنسبة ل % 91
منهن.83
على الرغم من صدور قانون منع االتجار باألشخاص‚ مازال المشرع يعتبر ان تشغيل األطفال بالمقاطع والمناجم
والحضائر من قبيل المخالفة الموجبة للعقاب بخطية مالية ال تتجاوز الستين دينار وان لمتفقدي الشغل المطالبة بإبعاد
األطفال الواقع استخدامهم إذا ما تراوح سنهم بين 00و 02عاما.
وتمنع مجلة الشغل استغالل األطفال وتشغيلهم في األعمال التي يمكن بحكم طبيعتها أو الظروف التي يقع القيام بها أن
تعرض صحة أو سالمة أو أخالق األطفال للخطر من ذلك العمل تحت األرض أو المناجم أو المقاطع او العمل بالحضائر
التي تجري بها عمليات استرجاع المعادن القديمة أو تحويلها أو إيداعها والعمل بالمؤسسات الفالحية التي تتطلب قدرة
بدنية كبيرة إلنجاز األشغال المعهودة .84
وتعاقب المجلة كل مسير أو رئيس يخالف أحكامها ويضبط بصدد تشغيل أطفال في األماكن السابق ذكرها بخطية مالية
تتراوح قيمتها بين اثنتي عشر دينار وستون دينار على أال تفوق قيمة الخطايا في المجمل خمسة آالف دينار.85
يطرح المتدخلون في المسار القضائي للضحية عديد التساؤالت اهمها كيفية التمييز بين ضحية االتجار الجنسي والمتهمة
بممارسة الدعارة( 88الفقرة األولى) اذ ربما يتم اعتبار االولى من الذين مارسوا الدعارة طوعا دون االخذ بالظروف التي
أحاطت بها فتعاقب على ذاك األساس وربما تكون الثانية مذنبة وانخرطت بكل طواعية في شبكة الدعارة وللهروب من
العقاب ادعت بانها ضحية اتجار 89فكيف يمكن التمييز بين الضحية والمجرم وكيف يقع تجاوز هذا االشكال (الفقرة
الثانية)
-86ينص الفصل 1على انه ” ـ يُقصد بالمصطلحات التالية على معنى هذا القانون -1 :االتجار باألشخاص
يعد اتجارا باألشخاص استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواءهم أو استقبالهم باستعمال
القوة أو السالح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال اإلكراه أو االختطاف أو االحتيال أو الخداع أو استغالل حالة استضعاف أو استغالل
نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد
االستغالل أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك األفعال أو بوضعه على ذمة الغير الستغالله.
ويشمل االستغالل استغالل بغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال االستغالل الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو االسترقاق أو
الممارسات الشبيهة بالرق أو االستعباد أو التسول أو نزع األعضاء أو األنسجة أو الخاليا أو األمشاج أو األجنة أو جزء منها أو غيرها من
أشكال االستغالل األخرى”.
-87ينص الفصل 15على انه” يكون العقاب بالسجن مدة خمسة عشر عاما وبخطية من خمسين ألف دينار إلى مائة ألف دينار إذا ارتكبت
جريمة االتجار باألشخاص:
ـ ضد طفل أو باستخدامه،
ـ ضد امرأة حامل،
ـ ضد شخص عديم األهلية أو من ذوي اإلعاقة الذهنية او باستخدامه
ـ ضد مجموعة من ثالثة أشخاص فأكثر،
ـ إذا كان مرتكب الجريمة زوجا للضحية أو أحد أصولها أو فروعها أو وليها أو كانت له سلطة عليها،
ـ إذا ارتكبت الجريمة ممن استغل صفته أو السلطة أو التسهيالت التي خولتها له وظيفته أو نشاطه المهني،
ـ إذا ارتكبت الجريمة بتدليس وثائق الهوية أو السفر او اإلقامة
ـ إذا ارتكبت الجريمة باستخدام مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية،
ـ إذا نتج عن الجريمة إصابة الضحية بسقوط أو عجز بدني مستمر لم تتجاوز درجته العشرين بالمائة”.
-88سمر جعيدي‚ االتجار باألشخاص في تونس‚ مرجع سابق‚ص58
-89سمر جعيدي‚ االتجار باألشخاص في تونس‚ مرجع سابق‚ص58
- 27 -
ويواجه هؤالء إشكالية جدية في التعرف عليها بسبب عدم تلقيهم التكوين الكافي حول قانون منع االتجار باألشخاص.
وقد كشفت الدراسة الميدانية للملفات القضائية ب 51محكمة تونسية تفاوت التكوين بالنسبة لجميع المتداخلين ليؤكد
القضاة المتعهدون بمثل هذه الجرائم انه ال وجود لتكوين فعلي في الغرض وانه ليس هناك اختصاص على مستوى
المحاكم وان التكوين الذي تلقاه البعض منهم نظري باألساس.90
بدورهم أكد المحامون المتعهدون بقضايا الضحايا األجانب انهم لم يتلقوا تكوينا خاصا في هذا المجال وان مكونات
المجتمع المدني تجعل من دورهم محدودا من خالل تكليفهم بتحرير شكاية دون مطالبتهم بمتابعتها وال ببيان مالها.91
اما اعوان الضابطة العدلية فقد شهدوا تدريب الفرقة المركزية بتونس واحداث وحدة مكافحة االتجار باألشخاص في
اإلدارة الفرعية للوقاية االجتماعية غير ان االشكال بالنسبة إليهم يكمن في ان جرائم االتجار باألشخاص متواجدة على
كامل تراب الجمهورية يبحث فيها أعوان الحرس واعوان الشرطة ممن ليسوا مكونين في الغرض وهو ما سيؤثر على
كيفية سماع الضحية والتفطن اليها والتعهد بها.92
تلعب الهيئة الوطنية لمكافحة االتجار باألشخاص دورا هاما في إنجاح المسار القضائي للضحية وتعمل على تلقي
االشعارات واستقبال الضحايا الذين باتوا يتوجهون اليها مباشرة فتقوم بسماعهم وارشادهم واالحاطة بهم.93
كما وفرت الهيئة 19مساعدة قضائية من مجمل 815حالة مشتبه في كونها اتجار باألشخاص كما تدخلت لمنع ترحيل
األجانب المشتبه في كونهم ضحايا وهي بصدد التنسيق مع وزارة الداخلية لتفعيل حقهم في اإلقامة الوقتية ومتابعة
قضاياهم.94
وتقوم الهيئة بتنظيم دورات تكوينية للمتدخلين في المسار القضائي للضحية من قضاة ومحامين واعوان ضابطة عدلية
وصحافيين ومجتمع مدني بهدف تعزيز تمكنهم من قانون منع االتجار باألشخاص وتعرفهم على الضحايا وحمايتهم لهم
اال انها تواجه في ذلك صعوبات مالية كبيرة منعتها من تعزيز تلك الدورات ومن القيام بالمهام الموكولة اليها بمقتضى
الفصل 14من قانون منع االتجار باألشخاص.
أثر عدم التكوين الجيد لمختلف المتدخلين في المسار القضائي للضحية على مال الملفات المطروحة امام القضاء
خصوصا المتعلقة منها بجرائم االستغالل الجنسي (الفقرة األولى) واالقتصادي (الفقرة الثانية).
- 29 -
نظرت محكمة قرمبالية مؤخرا في شبهتي اتجار ب قصد االستغالل الجنسي وقد قضت في األولى بسند قانوني مخالف
لنص االتجار وذلك باعتبار " األفعال المنسوبة للمتهمين من قبيل استخدام شخص قاصر بقصد الخناء او بدفعه الى
95
الفجور او الفساد وفق احكام الفصلين 555رابعا و 555أوال من المجلة الجزائية "
وتعود وقائع هاته القضية الى شروع مسير فعلي بملهى ليلي الى استقطاب فتيات قصر ودعوتهن الى الفجور ومجالسة
الحرفاء وممارسة الجنس معهم مقابل مبالغ مالية متفاوتة.
وقد احيل المسير من اجل االتجار باألشخاص في حين احيل البقية من اجل المشاركة في ذلك اال ان المحكمة اعتبرت ان
الجريمة ال تستقيم في حق المتهمين لغياب حالة االستضعاف لدى القصر " وحيث ان ما اتاه المظنون فيهم ال يمكن ان
يشكل األركان القانونية لجريمة اإلحالة ضرورة ان فصل قانون منع ومكافحته يقتضي عند حالة االستضعاف ان يكون
في اعتقاد الضحية انه في حالة تضطره ل لخضوع لالستغالل كان يكون في حالة االحتياج الشديد او في وضعية غير
قانونية ..وحيث ان الوضعية االجتماعية والمادية للفتيات القصر المغرر بهن في قضية الحال بدءا بابنتي المظنون فيها ال
96
يمكن ان تشكل حالة استضعاف"..
ويطرح موقف المحكمة أكثر من تساؤل حول حسن تطبيق مقتضيات الفصل الخامس من قانون منع االتجار باألشخاص
الذي ينص على انه " ..ال يشترط لقيام أركان االتجار باألشخاص استعمال تلك الوسائل إذا كانت الضحية طفال أو
شخصا عديم األهلية أو من ذوي اإلعاقة الذهنية"..
وحول مفهوم حالة االستضعاف ذلك ان المحكمة بحثت في حالة الخضوع الناجم بسبب االحتياج او الوضعية غير
القانونية للشخص وتناست أولى حاالت الخضوع المنصوص عليها بقانون منع االتجار باألشخاص وهي صغر سن الفرد
" يُقصد بالمصطلحات التالية على معنى هذا القانون:
-حالة استضعاف:
أيّ وضع يعتقد فيه الشخص أنه مضطر للخضوع لالستغالل الناجم خاصة عن كونه طفال أو عن وضعيته غير القانونية
أو حالة الحمل لدى المرأة أو حالة االحتياج الشديد أو حالة المرض الخطير أو حالة اإلدمان أو حالة قصور ذهني أو
للجاني.". بدني يعوق الشخص المعني عن التصدي
واما شبهة االتجار الثانية فقد وجه فيها قاضي التحقيق لدى المحكمة االبتدائية بقرمبالية "تهمة مواقعة انثى بدون رضاها
على المظنون فيه واعتبار األفعال المنسوبة للمظنون فيها من قبيل استخدام شخص بدفعه الى الفجور والفساد وحفظ
مازاد على ذلك لعدم كفاية الحجة "
وقد كانت طلبات النيابة العمومية المضمنة بملف قضية الحال تتمثل في ان " ما اتاه المتهمان من أفعال ال يمكن اال ان
تندرج ضمن خانة استقطاب او إيواء شخص باستعمال التهديد او االكراه والخداع واالحتيال واستغالل حالة استضعاف
وذلك بنية االستغالل المادي وتحصيل األموال بالنسبة للمتهمة وباستغالل الضحية جنسيا في البغاء والتسول واالستغالل
الجنسي لخاصة نفسه بالنسبة للمتهم مما يشكل في جانب المتهمين جريمة االتجار باألشخاص " اال ان قاضي تحقيق رأى
خالف ذلك وفتح النقاش بين النيابة والتحقيق ايدت فيه دائرة االتهام والمجلس قرار ختم التحقيق ليقضى مؤخرا في
القضية وفق اإلحالة المذكورة أعاله ووفق نصها.98
قضت الدائرة الجنائية لدى المحكمة االبتدائية بسليانة بتاريخ 55نوفمبر 5157في القضية عدد 591بعدم سماع الدعوى
في حق المتهمين باالتجار باألشخاص.99
وتتلخص وقائع القضية في االشتباه بأجنبي يتوسط ألبناء بلده اإليفواريين في العمل باجر شهري يتراوح بين 511و111
د مقابل عمولة خالصة لنفسه تقدر بأجرة عمل 5او 1أشهر يقبضها في حق االيفواريين الذين يباشرون العمل طيلة تلك
الفترة من دون اجر.100
ولئن وجه قاضي التحقيق تهمة االتجار باألشخاص لألجنبي وتهمة المشاركة في االتجار باألشخاص للتونسيين الذين
تعامال معه اال ان المحكمة رات غير ذلك وقضت في حقهم جميعا بعدم سماع الدعوى
بناء على:
-تصريحات المتهم " وحيث ثبت من تصريحاته ان غايته كانت اعانة أبناء بلده على إيجاد شغل وانه يتم توفير شغل
محترم باجر قدره 511و 111د شهريا مقابل ساعات عمل قانونية ولم يصدر عنه أي فعل الستغاللهم"
-وتصريحات الشهود الذين أكدوا عدم تعرضهم ألي استغالل اقتصادي او جنسي او اي نوع اخر من األذى.
-97يراجع في ذلك قرار ختم البحث المذكور أعاله وكذلك سمر جعيدي ‚ االتجار باألشخاص في تونس ‚مرجع سابق ص 49
-98سمر جعيدي‚ االتجار باالشخاص في تونس‚ مرجع سابق ‚ص49
-99ملحق عدد 6
-100سمر جعيدي‚ االتجار باالشخاص في تونس‚ مرجع سابق ‚ ص 11
- 31 -
ويشهد هذا الحكم انتقادات شديدة في ظل تواجد شاهدتين من شانهما ادانة األجنبي وهما شهادة "راوول" و "كاراموكو"
حيث صرح ‟راوول‟ لدى قلم التحقيق بان ثمن تذكرة الطائرة يقدر ب 8272د لكن جوزي اخذ 8022د وانه لم يستطع
المناقشة على الرغم من المساس بحقوقه ألنه في موقف ضعف ويرغب في الشغل وال يعرف أحد وهو في بلد أجنبي
فقبل على مضض كما أضاف بان جواز سفره سلمه جوزي للمؤجر وتم ارجاعه له من قبل باحث البداية عند سماعه لديه
‚في حين افاد ‟كاراموكو‟ بان عائلته هي من دفعت له ثمن التذكرة وان جوزي استولى على مبلغ قدره 8222د من
101
المؤجر وتركه هناك ليعمل دون اجر‟..
ويبدو ان المحكمة قد اهملت هاتين الشهادتين وأنها لم تكرس حماية فعلية للضحايا باإلضافة الى عدم اعتماد األبحاث
على وسائل طرق التحري الخاصة فكانت النتيجة انكار الضحايا لواقعة االتجار وكشف هوية المبلغ عن شبهة االتجار
واالفراج عن المتهم وضياع حقوق االفراد واندثار حادثة االتجار..
ويتحمل جميع المتدخلين في المسار القضائي للضحايا االيفواريين هاته النتيجة التي قد تتسبب في إمكانية معاودة إيذائهم
في المستقبل...
كشف تطبيق قانون منع االتجار باألشخاص عن عديد الصعوبات التي يجب الوقوف عندها ومعالجتها من ذلك ضرورة
مراجعة القوانين التي تتعارض مع احكامه وتتسبب اما في سجن الضحية واما في افالت الجناة من العقاب ومعاودة إيذاء
الضحايا.
كما كشف تطبيق قانون منع االتجار باألشخاص على عدم تمكن القضاة والمحامين واعوان الضابطة العدلية من التعرف
على الضحية او تمييزها عن المجرم وعلى عدم فهمهم عناصر الركن المادي لجريمة االتجار باألشخاص ويعود ذلك
باألساس الى عدم تلقيهم تكوينا كافيا في الغرض.
وقد أثر ذلك على مال الملفات الموضوعة امام القضاء وعلى حقوق الضحايا وعلى نجاعة القانون ونجاحه في
حمايتهم...
- 33 -
الخاتمة
يمثل االتجار باألشخاص ثالث مصدر للربح من الجريمة المنظمة بعد تجارة المخدرات واألسلحة ويشمل الرجال والنساء
واألطفال ممن يقعون ضحية الخطف القسري واالستدراج لممارسة أشكال مهينة من األعمال لمصلحة المتاجرين بهم.102
ويختلف هذا النوع من التجارة عن التجارة بمفهومها االقتصادي إذ يتخذ من اإلنسان موضوعا له ويجعله سلعة ويتيح
تداوله واستغالله بوسائل غير مشروعة تشكل انتهاكا يتنافى مع القوانين واألعراف الدولية.103
ورغم صدور مجموعة متنوعة من الصكوك الدولية التي تعنى بمكافحة استغالل األشخاص عموما إال أن بروتوكول منع
وقمع االتجار باألشخاص وبخاصة النساء واألطفال المكمل التفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
يعتبر أول صك عالمي يتناول على وجه الخصوص جميع جوانب االتجار باألشخاص.104
وقد استجاب المشرع التونسي في قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته للتوصيات الواردة بأحكام البروتوكول فاقر
حقوقا أساسية للضحية واعفاها من المسؤولية الجزائية وأحدث منهجية جديدة في التعامل معها تحفظ حقوقها وخصوصيتها
‚اال ان التطبيق كشف عن صعوبات عدة تحد من نطاق الحماية المذكورة وذلك بسبب عدم تكوين المتدخلين في المسار
القضائي للضحية بشكل كاف يمكنهم من التعرف عليها و تمييزها عن بقية المجرمين‚ وبسبب تواجد قوانين أخرى في
المنظومة القانونية تقر عقوبات ابسط بكثير من تلك المنصوص عليها بقانون منع االتجار باألشخاص
-102هشام عبد العزيز مبارك ‚ماهية االتجار بالبشر بالتطبيق على القانون البحريني رقم 0لسنة 9118بشان مكافحة االتجار باألشخاص‚
‚9112ص9
-103مكافحة االتجار بالبشر‚ مركز الدراسات و البحوث القانونية ،جامعة نايف للعلوم األمنية الرياض ‚ 1141ص19
-104حافظ العبيدي ،خصوصيات االتجار بالبشر‚ مجلة القضاء والتشريع ،العدد ‚0افريل ‚ 9109ص 65
- 34 -
لذلك وجب مراجعة المنظومة ومعالجة النصوص التي تتعارض مع قانون منع االتجار وتتسبب في معاودة إيذاء الضحية
كما وجب تامين دورات تكوينية مكثفة لكافة المتدخلين في المسار القضائي للضحية ليساهموا بدورهم في تطبيق
مقتضيات قانون منع االتجار باألشخاص على الوجه األمثل.
المالحق
- 35 -
قائمة المالحق
- 36 -
قائمة المراجع
باللغة العربية .I
.0المؤلفات الخاصة
-هشام عبد العزيز مبارك ‚ماهية االتجار بالبشر بالتطبيق على القانون البحريني رقم 0لسنة 6332بشان
مكافحة االتجار باألشخاص‚ . 6339
-مصطفى العدوي ‚ االتجار بالبشر ماهيته واليات التعاون الدولي لمكافحته ‚ دائرة القضاء ‚ابو ضبي االمارات
العربية المتحدة ‚6304
-رامي متولي القاضي ‚ مكافحة االتجار بالبشر في القانون المصري والتشريعات المقارنة‚
.9االطروحات
-نجاة الجوادي‚ االتجار بالنساء في القانون الجزائي‚ أطروحة دكتوراه في القانون الخاص‚ كلية الحقوق
والعلوم السياسية تونس المنار‚ السنة الجامعية 6302– 6302
.1الدراسات والتقارير
ـ سمر جعيدي‚ االتجار باألشخاص في تونس ꞉قراءة في ملفات قضائية ‚معاينة مادية ل 63محكمة تونسية ‚
جويلية 6309
-حلمي التومي‚ دليل حول قانون منع االتجار باألشخاص ومكافحته في تونس ‚قانون عدد 20لسنة ‚6302
تونس ‚ماي 6309
-التقرير السنوي للهيئة الوطنية لمكافحة االتجار باألشخاص ‚6302الهيئة الوطنية لمكافحة االتجار
باألشخاص‚ وزارة العدل‚ تونس‚ 60جانفي .6309
-حافظ العبيدي ،خصوصيات االتجار بالبشر‚ مجلة القضاء والتشريع ،العدد ‚4افريل .6306
- 37 -
-مكافحة االتجار بالبشر ،مركز الدراسات والبحوث ،جامعة نايف للعلوم األمنية ،الرياض 5155
-حقوق االنسان واالتجار باألشخاص ‚ المفوضية السامية لألمم المتحدة ‚ صحيفة وقائع عدد ‚ 54نيويورك
و جنيف .5151
.0المحاضرات والمقاالت
-رشيدة الجالصي‚ موقع الضحية في الخصومة الجزائية‚ مقال ‚بصدد النشر.
-عمر اليحياوي ‚ خصوصية التجريم في قانون االتجار باألشخاص ‚ محاضرة مرقونة ‚ ملتقى دولي حول
االتجار بالنساء واألطفال أيام 2و 2ديسمبر ‚ 6302كلية الحقوق والعلوم السياسية تونس المنار .
- Charles- eric- cless, les organisations internationales et la traite des êtres
humains, fondements et objectifs des incriminations et des peines en droit européen et
international, colloque organisé par FUSL a Bruxelles ,2013.
- Lisa Dumoulin Rapport sur la lutte contre la traite et l’exploitation des êtres humains ,l
approche financiere en question‚ 2014
- 4eme Rapport General sur les activités du GRETA , Strasbourg ,2015
- 38 -
الفهرس
9 المقدمة
55 الجزء األول مظاهر الحماية
55 الفصل األول إقرار حقوق أساسية للضحايا
55 المبحث األول الحق في الحماية القضائية
55 الفقرة األولى الحق في السالمة البدنية
55 الفقرة الثانية الحق في الخصوصية
55 المبحث الثاني الحق في المساعدة
55 الفقرة األولى الحق في المساعدة القانونية
55 ا -الحق في الوصول الى الهيئات القضائية
51 ب -الحق في التعويض
51 الفقرة الثانية الحق في المساعدة الطبية واالجتماعية
54 الفصل الثاني إقرار حماية جزائية للضحايا
54 المبحث األول عدم االعتداد برضاء الضحية لتقدير وقوع جريمة االتجار باألشخاص
54 الفقرة األولى عند استعمال احدى الوسائل المنصوص عليها في القانون
57 الفقرة الثانية إذا كانت الضحية طفال او شخصا عديم االهلية او من ذوي اإلعاقة الذهنية
57 ا -تجاوز نطاق االعفاء من العقاب الوارد بالمجلة الجزائية
59 ب -تجاوز نطاق الحماية الواردة بمجلة حماية الطفل
59 -5مفهوم الطفل المهدد
51 -5نطاق حماية الطفل المهدد
51 المبحث الثاني عدم مؤاخذة الضحية في ارتكابها جرما مرتبطا بإحدى جرائم االتجار
51 الفقرة األولى ضرورة االرتباط المباشر للجرم بإحدى جرائم االتجار
51 الفقرة الثانية ضرورة توفر صفة الضحية لمرتكب الجرم
55 خالصة الجزء األول
55 الجزء الثاني نقائص الحماية
51
الفصل األول الحماية المحدودة للضحايا
51 المبحث األول الحماية المحدودة للضحية األجنبية
51 الفقرة األولى محدودية فترة المنع من الترحيل
51 الفقرة الثانية إمكانية ترحيل الضحية األجنبية
54 المبحث الثاني الحماية المحدودة للصحية الطفل
54 الفقرة األولى تجنيح عمل األطفال بالمنازل
57 الفقرة الثانية مخالفة استغالل األطفال بالمناجم والمقاطع والحضائر
- 39 -
57 الفصل الثاني خطورة المسار القضائي للضحايا
57 المبحث األول صعوبة التعرف على الضحية
59 الفقرة األولى بسبب عدم تكوين المتدخلين في المسار القضائي للضحية
59 الفقرة الثانية دور الهيئة في التعريف بالضحية
58 المبحث الثاني تمايز التوجهات القضائية في جرائم االتجار باألشخاص
58 الفقرة األولى بخصوص االستغالل الجنسي
51 الفقرة الثانية بخصوص االستغالل االقتصادي
55 خالصة الجزء الثاني
55 الخاتمة
51 المالحق
54 المراجع
59 الفهرس
- 40 -