Professional Documents
Culture Documents
الإرجاء
الإرجاء
السلف بشدة) مِن بدعة اإلرجاء ،كونها بدع ًة ُمنحرف ًة مِن شأنها تمييع دين ُ
المسلمين ،بجعلِها ارتكاب َّ ذر علماء
ح ّ
المسلمين بالتخلي عن ُممارسة دينهم
جمهور ُ
كبائر الذنوب وحتى الكُفر أ ْم ًرا ه ِي ّ ًنا .فمِن خالل اإلرجاء ،بدأ ُ
واستبدلوا أعمالهم الصالحة بالعمل الدنيوي – واألسوأ – باألعمال ال ِبدعية .حتى أنّهم انشغلوا بعي ًدا عن تعلُّم
ة غامضة مِن “الوعي” – وركّزوا بداًل مِن ذلك على العِلم الدنيوي فقط. دِين – بِما يكفيهم أنْ يكونوا في حال ٍ
ال ّ
ة وصفها ال ُفضيل ابن عِياض رحمه هللا (ت 187هـ) بقوله( :كيف بك إذا بقيت إلى
وببطء ،سا َد الجهل إلى َمرحل ٍ
ُ
المؤمن والكافر ،وال ب ْين األمين والخائن ،وال ب ْين
فرّقون ب ْين الحق) والباطل ،وال ب ْين ُ أناسا ال ُي ِ
ً شاهدت فيه
َ نزما ٍ
معرو ًفا وال ُينكرون ُمنك ًرا) [اإلبانة) الكُبرى].
ُ الجاهل والعالِم )،وال يعرفون
ّق ابن بَط ّة رحمه هللا (ت 387هـ) على كالم ال ُفضيل ،بقوله( :فإنا هلل وإنّا إليه راجعون ،فإنّا قد بلغْنا ذلك َعل َ
ن رجال ً ممن وهب هللا له عقاًل صحي ً
حا ،وبص ًرا ناف ًذا ،فأمعن نظره ،ور َّدد وسمِعناه ،وعلِمنا أكثره وشاهدناه ،فلو أ ّ
م األشهرن األكثر األع ّ
فِكره ،وتأ ّمل أ ْمر اإلسالم وأهله ،وسلك بأهله الطريق األقصد ،والسبيل األرشد ،لتبيَّن له أ ّ
جة )،وانقلبوا عن صحيح الحجة ).ولقد مح َّ
ِن الناس قد نكِصوا على أعقابهم ،وارتدُّوا على أدبارهم ،فحا ُدوا عن ال َ
م َ
ِن الناس يستحسنون ما كانوا يستقبحون ،ويستحلون ما كانوا ُيحرمون ،ويعرفون ما كانوا ُينكرون، كثير م َ
ٌ أضحى
ِن أهل اإليماندِين )،وال م ْ
ن كانوا على بصير ٍة في هذا ال ّ
أفعال َم ْ
ُ مسلمين ،وال
وما هذه – رحِمكم هللا – أخالقُ ال ُ
به واليقين) [اإلبانة الكُبرى].
ضا ،لو ظهر لهم َمن يدعي النُّبوة مع أسراب كالطير يتبع بعضهم بع ً
ٌ (والناس في زماننا هذا
ُ وقال ابن بَط ّة أي ً
ضا:
شيَعًا)
ن رسول هللا ﷺ خاتم األنبياء ألتَّبعوه ،أو َمن يدعي الربوبية) لوجد على ذلك أتباعً ا و ِ علمهم بأ ّ
[اإلبانة الكُبرى].
حِد أنْ يكون على
مو ّ
مجاهد ال ُ
مهم لل ُ
ِن ال ُ
نم َ
منحرف ،فإ ّ
ما أصاب األمة هو نتيجة هذا االبتداع ال ُ
ن الكثير ِم ّ
وأل ّ
بصير ٍة مِن هذه الظاهرة وخاصة في الكيفية التي تنتمي بها إلى الجهاد.
السلف وتحذيرهم الشديد) مِـن اإلرجاءَّ
هجر تعلُّم
ِ إلى سيقود هّ نأ يعلمون وكانوا مبكر. ت
ٍ وق في ِنه
م روا ذ
ّ ح قد كانوا اإلرجاء ُهورظ دواه ش
َ ِ الذين لف السَّ
وممارسته.
دِين ُ ال ّ
[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ يهود القبلة)1
(المرجئة ُ
ُ قال سعيد بن جبير رحمه هللا (ت 95هـ):
ِن فتنة األزارقة) “واألزارقة
المرجئة أخوفُ على هذه األمة م ْ
(لفتنة ُ
ُ قال إبراهيم النخعي رحمه هللا (ت 96هـ):
[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ ِن الخوارج”)
ةم َ فرق ٌ
[السنة) – عبد هللا بن اإلمام
ُّ ِن األزارقة)
ع َّدت ِِهم م َ
ِن ِ
(المرجئة أخوف عندي على أهل اإلسالم م ْ ُ وقال أي ً
ضا:
أحمد].
[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ المرجئة)
ِن ُأعذر عندي م َ
ُ ضا( :الخوارج وقال أي ً
[السنة – عبد هللا بن
ُّ ع من الثياب الرقيقة”
ِن ثوب سابري) “والسابري نو ٌدِين أرقّ م ْ
المرجئة ال ّ
ت ُ ضا( :تَ َر َك ِوقال أي ً
اإلمام أحمد].
ِن أمرهم كثير ،فإياك
الش ُّر م ْ
َّ المرجئة؟) فقال( :أَ َّو ُه ،ل ّفقوا قواًل ،فأنا أخافهم على األمة،
وسئِل( :ما ترى في رأي ُ
ُ
اآلج ِري].
ُ وإياهم) [الشريعة) –
[السنة) – عبد هللا بن اإلمام
ُّ المرجئة) ِن الناس أكثر حماق ًة عن طريق رأيهم م َ
ِن هذه ُ وقال أي ً
ضا( :ال أعرف م َ
أحمد].
مجوسا) [الاللكائي].
ً وقال ُمجاهد رحمه هللا (ت 104هـ)( :يبدؤون فيكم ُمرجئة ،ثم يكونون َق َد ِرية ،ثم يصيرون
شيء
ٌ ِن األهواء
وكان قتادة رحمه هللا (ت 118هـ) ويحيى بن أبي كثير رحمه هللا (ت 129هـ) يقوالن( :ليس م َ
[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ ِن اإلرجاء)
أخوف عِندنا على األمة م َ
المرجئة باليهود)
ِن ُبنهار أشبه م َ
ٍ نهار
ٌ بليل ،وال
ٍ ليل
ٌ الحسين رحمه هللا (ت 118هـ)( :ما
وقال محمد بن علي بن ُ
[الاللكائي].
ِن هذه – يعني
أضر على أهله م ْ
َّ ة
ابتدعت في اإلسالم بدع ٌ)
ه ِري رحمه هللا (ت 124هـ)( :ما ُ
الز ْ
وقال اإلمام ُ
اآلج ِري].
ُ اإلرجاء[ )-الشريعة –
المرجئة والرافضة) [الاللكائي].
(هم أعداء هللاُ ،
المعتمِر رحمه هللا (ت 132هـ)ُ :
وقال منصور بن ُ
ِن
دِين) مِنهم م َ
وقال ُمغيرة بن مِقسم الض َِّب ّي رحمه هللا (ت 133هـ)( :وهللا الذي ال إله إال هو ،ألنا أخوفُ على ال ّ
[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ مرجئة )- ساق – يعني ال ُال ُف ّ
هو ش ٌّر مِنهم – يعني
ن ُ
أعرف َم ْ
ِ هو ،ما
سليمان األعمش رحمه هللا (ت 148هـ)( :وهللا الذي ال إله إال ُ وقال ُ
[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ مرجئة )-
ال ُ
خالل].
[السنة) – ال َ
ُّ دين اإلرجاء)
ُ حدث (دين ُم ْ
ٌ سفيان الثوري رحمه هللا (ت 161هـ): وقال ُ
مرجئة) [الاللكائي].
ِن ال ُ ضا وهو يقل ّب َو َر َ
ق ال ُقرآن( :ما أح ٌد أبعد مِنه م َ وقال أي ً
مرجئة يَكْذبون على (هم أخبث قوم ،وحسبك بالرافضة خب ًثا ،ولك ّ
ن ال ُ ش ِريك القاضي رحمه هللا (ت 177هـ)ُ : وقال َ
[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ هللا)
ن
جال أو الدابة؟) فقال( :استقضاء فُال ٍ
د ّ
جا ،ال ّ
مبارك رحمه هللا (ت 181هـ)( :أي ُُّهم أسرع خرو ً
وسئِل عبد هللا بن ال ُ
ُ
[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ جال))
د ّ
دابة أو ال ّ
ِن خروج ال ّ
مسلمين م ْالجهمي على ُبخارى أش ُّد على ال ُ
صيبونَ به مِن ُدنياهم
ملُوكُ ،ي ُ
(دين ُيوافق ال ُ
ٌ عن اإلرجاء ،فأجاب: ِ م ْيل رحمه هللا (ت 204هـ)
ش َ
وسئِل ال َنضْر بن ُ
ُ
صون به مِن دِينهم) [البداية) والنهاية]2.
و ُينق ُ
مسلمين أنْ يتجاهلوا بفداحة هذا االبتِداع؟
ِن اإلرجاء ،فكيف لل ُ
السلف قد حذ َُّروا بشدة) م َ
َّ إذا كان
أسراب كالط ّير” – ابن بَط ّة
ٌ “الناس في زماننا هذا
أصـل ومعنى اإلرجاء
ُ
عن الخوارج) دون االعتماد على
ِ رجئة أنْ ي ْنأوا بأن ُفسِهم
ُ الم
ف الخوارج .فحاول ُ فعل على انحرا ٍِ اإلرجاء َر َّد ُة
ُ كان
أحسن وجه ،حين
ِ جبير رحمه هللا هذا علىالسلف سعيد بن ُ َّ ِم ابتدعوا فِرقتهمَ .ف َّ
س َر عال ُ ُ السنة .وبِفعلهم ذلك، ُّ
من نبيكم؟” مثَل الصابئين ،أتوا اليهود فقالوا لليهود“ :ما دينكم؟” ،قالوا“ :اليهودية” ،قالوا“ :ف َ المرجئة ك َ
قالَ ( :مثَل ُ
ن ت ِبعكم؟” قالوا“ :الجنّة” ،ثم أتوا النصارى فقالواَ “ :من أنتم ،وما دينكم؟” قالوا:
م ْ
“موسى” ،قالوا“ :فماذا لِ َ
قالواُ :
من نبيكم؟” قالوا“ :عيسى”،كتابكم؟” قالوا“ :اإلنجيل” ،قالوا“ :ف َ
ُ وديننا النصرانية” )،قالوا“ :فما
ُ “نحن النصارى
ُ
نحن نصارى )-
ُ نحن يهود وال
ُ “فنحن ب ْين ذ ْين – ”.أي ال
ُ ن تبِعكم؟” قالوا“ :الجنّة” )،قالوا:م ْ
قالوا“ :فماذا لِ َ
[الاللكائي].
لكي يكُونَ المرء
ْ أساسا
ً المنكرات
ل ُ ك ُك ّ
ل الفرائض وتَ ْر ِ
ِعل ُك ّ
ِن ف ِ
والمرجئة ردُّوا على الخوارج الذين جعلوا م ْ
ُ
ن المرء ،حتى
المنكرات ال ُيؤثِّر في إيما ِ
ل ُ ل ُك ّ
ل الفرائض) وفع َ
ك ُك ّ
ن تَ ْر َ
ما ،بجوابهم ببدعتهم الخاصة ،زاعمين أ ّ ُمسل ً
مل َعن واقعِ اإليمان ،وبالتالي “أرج ُؤوا” العمل بعد تعريف اإليمان ،وهذا ك أركان اإلسالم ُكلَّها! فقد َف َ
صلُوا ال َع َ لو تَ َر َ
هو الجذر اللغوي لكلمة اإلرجاء ،فاإلرجاء يعني تأخير الشيء أو تأجيله*.
ِن المهم أواًل ت َذ ُّكر
وعواقب عملية عديدة – بعضها سيتم مناقشته – ولكن م ْ
ٌ ومظاهر
ٌ خصائص
ٌ ِداعهم هذا له
وابت ُ
ِن اإلرجاء. حر ُروا أنفسهم م َ
السلف لإليمان ال يعني أنّهم َّ
َّ ن االتفاق الظاهري لبعض ال ُعلماء والدُّعاة) مع تعريف
أ ّ
الحكم
ن ُ المعاصرين ،الذين يقولون أ ّ
صر “السلفيين” ُ
يكون أوضح عند تمعُّن المرء في أقوال ُعلماء ال َق ْ
ُ وهذا
كفر أكبر ،ولكن ال ُيح ّققون العواقب العملية لهذه األحكام
ٌ المسلمين هو
د ُ بالقوانين الوضعية وتأييد الكُفار ض ّ
النظرية على النظام السعودي.
أشخاص في
ٌ ومبرر لكُفر أسيادهم .وبالمثل ،كان هناك
السلف وال ُعلماء وذلك البتِداع َم ْهرب ُ
َّ بداًل ُ ،ي ِ
حرّفون أقوال
قول
ٌ السلف لإليمان كلم ًة بكلمة“ ،اإليمان
َّ وكرروا بانتظام تعريف
َّ صوا في مجال الحديث) هذا العصر الذين تخصّ ُ
المسلم لو
ن ُ وعمل ،يزيد وينقص” .ومع ذلك فإنّهم يعارضون صراح ًة اآلثار ُ
المترتبة على هذا التعريف بزعمِهم أ ّ ٌ
ما وفي النهاية سيدخل الجنة!) فجعلوا بذلك ديًا هللا تما ًما ،فإنّه يبقى ُمسل ً
ك الصالة والزكاة) والصوم والحجُ ،متح ِّ
تَ َر َ
ِن اإلسالم ُمجرد دعوى ليس له واقع.
م َ
السلف لإلرجاء
َّ تـعـريف
مرجئة َف َ
صلُوا العمل عن تعريف اإليمانُ ،محافظين على اإلقرار بالقلب والقول باللسان في جوهرهما، ُمبتدعو ال ُ
ن اإليمان ال يزيد وال ينقص .فكان ن ُمحم ًدا رسول هللا .وزعموا أي ً
ضا أ ّ والقول باللسان هو شهادة أنْ ال إله إال هللا وأ ّ
ن
ن ال َت ْرك الكامل للفرائض ال ُيؤثر على إيمان المرء ،وأ ّ
مها أ ّ
ِن اآلثار والعواقب والتحوُّالت ،أه ُ
لفهمِهم لإليمان َعد ٌد م َ
سلم
ٍ دِين) بالضرورة – والواجب) على كل ُم
ِن ال ّ
ن الجهل بأشهر المسائل) المعلومة م َ غير موجو ٍد كظاهرة ،وأ ُّ النفاق
له باإليمان.
أنْ يعرفها بالضرورة – ال دخل ُ
مـرجئة *
مل ِزم عند ال ُ
االنقياد بالطاعة غير ُ
جز ًءا أساسيًا مِن اإليمان.
ن انقياد الجوارح هلل والطاعة له ليس ُ
ل السنة) بزعمهم أ ّ
مرجئة أه َ
ِف ال ُ
يخال ُ
اإليمان قول ،ونحن نقول
ُ مرجئة يقولونسفيان بن ُعيينة رحمه هللا (ت 199هـ) عن اإلرجاء ،فأجاب( :ال ُ سئِل ُُ
ك الفرائض 3،وسمُّوا شهد أنْ ال إله إاّل هللا ُمص ًِرّا بقلبه على تَ ْر ِ
ِ مرجئة أوجبوا الجنّة لمن ل وعمل ،وال ُاإليمان قو ٌ
ُ
حارم مِن غير استحالل َمعصية ،وتَ ْرك م ِ كوب ال َ
َ ن ُر
وليس بسواء ،أل ّ
َ حارم،
م ِ ة ُركوبِ ال َ
تَ ْرك الفرائض ذنبًا بمنزل ِ
وعلماء اليهود،
الفرائض ُمتعم ًدا مِن غير جهل وال عذر ،كُفر .وبيان ذلك في أمر آدم صلوات هللا عليه وأمر إبليس ُ
مِي
فس ّ
ُ ِن الخالدين) أ ّما آدم فنهاه هللا عن أكل الشجرة) وحرّمها عليه ،فأكل مِنها ُمتعم ًدا ليكون َملَ َ
كا أو يكون م َ
مِي كاف ًرا ،وأما
فس ّ
ُ ها ُمتعم ًدا
ح َد َ ض عليه سجد ٌة واحدة َف َ
ج َ لعنه هللا فإنّه ف ُِر َ
ُ ِن دون كفر ،وأ ّما إبليس
عاصيًا م ْ
يعرفون أبناءهم وأق ُّروا باللسان ولم يتبعوا ي رسول كما ِ فعرفُوا ن ْعت النبي ﷺ وأنّه نب ٌّ ِ ُعلماء اليهود
ِن األنبياء ،وأ ّما ترك
فركوب المحارم ِمثْل ذنب آدم عليه السالم وغيره م َ
ماهم هللا عز وجل كُفا ًراُ ،
شريعته فس َّ
ُفر ُعلماء
ُفر ِمثْل ك ِ
حود فهو ك ٌ ج ُ
غير ُ
ِ ِن
ةم ْ لعنه هللا ،وتركها على معرف ٍ ُ ُفر إبليس
ُفر ِمثْل ك ِ
الفرائض جحو ًدا فهو ك ٌ
[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ اليهود ،وهللا أعلم)
ن أقرّ بالصالة والزكاة والصوم
أناسا يقولونَ “ :م ْ
ً ن
تأ ّ قال عبد هللا بن الزبير الحميدي رحمه هللا (ت 219هـ)( :و ُأ ْ
خبِ ْر ُ
فهو ُمؤمن ،ما لم يكُن جاح ًدا)، ويصلي ُمستدب َر القبلة حتّى يموت ُ ِن ذلك شيء حتّى يموتُ ، ولم يفعل م ْ
ْ والحج
قرّا بالفرائض واستقبال القبلة” ،فقلت :هذا الكُفر الصُّراح وخِالفُ كتاب هللا تركه ذلك فيه إيمانه) وكان ُم ً
ُ ن
إذا َعلِم أ ّ
ِين لَ ُه ال ّ)
ِّين} [البينة)]5 :
ِد َ المسلمين .قال تعالى { َو َما ُأم ُِروا إِاَّل لِيَ ْع ُب ُدوا اللَّ َه ُم ْ
خلِص َ وسنة رسوله وعلماء ُ
ن قال هذا فقد َك َف َر باهلل وردّ عليه ُ
أمره وعلى الرسول ما جاء به عن هللا) [الاللكائي] .وعل ّق اإلمام أحمدَ ( :م ْ
[الاللكائي].
ن قو ًما يقولون“ :من ترك ِن قولهم أ ّ
المرجئة حتى صار م ْت ُوقال إسحاق) بن راهويه رحمه هللا (ت 238هـ)( :غَ لَ ِ
أمره إلى
جحود لها إنّا ال ُنك ّف ُِرهُ ،يرجأ ُ
ٌ ِن غير
الصلوات المكتوبات ،وصوم رمضان ،والزكاة )،والحج ،وعامة الفرائض ،م ْ
هو ُمقِرّ” ،فهؤالء الذين ال شك فيهم – ،يعني في أنّهم ُمرجئة [ )-مسائل اإلمام أحمد وإسحاق بن هللا بعد ،إذا ُ
راهويه].
م
وه ْ
خ ُذ ُ
م َو ُ
وه ْ
ُّم ُ
جدت ُ
ث َو َ
ح ْي ُ
ِين َ
ش ِرك َ ح ُر ُم َفاق ُْتلُوا ا ْل ُ
م ْ خ اأْل َ ْ
ش ُه ُر ا ْل ُ انسلَ َ
َ ه تعالىَ { :ف ِإذَا السلف أي ً
ضا بقولِ ِ َّ ل
واستد ّ
ِيم} [التوبة:
ور َّرح ٌ
هللا غَ ُف ٌ
َ م إِنَّ خلُّوا َ
س ِبيلَ ُه ْ صاَل َة َوآتَ ُوا ال َّز َكا َة َف َ
اموا ال َّ ابوا َوأَ َق ُ ص ٍد َف ِإن تَ ُل َم ْر َ
م ُك َّ م َوا ْق ُع ُدوا لَ ُه ْ
وه ْ
ص ُر ُ
اح ُ
َو ْ
مونَ } [التوبة.]11 : ِل اآْل يَاتِ لِ َق ْو ٍم يَ ْعلَ ُ
ِين َو ُن َفصّ ُ
د ِ) ُم فِي ال ّ صاَل َة َوآتَ ُوا ال َّز َكا َ)ة َفإِ ْ
خ َوا ُنك ْ اموا ال َّابوا َوأَ َق ُ ،]5وقولهَ { :فإِن تَ ُ
ل توبتهم مِن الشِرك. المشركين) الصال َة وإيتا َءهم الزكاة شرطٌ لق َُبو ِ ن إقام َة ُ فهذه اآليات ُتبيّن أ ّ
ك طاعته – هو
ن اإلعراض عن رسول هللا ﷺ – ب َت ْر ِ ضا بجميع اآليات التي ُتب ِي ّن أ ّ ل ال ُعلماء أي ً
واستد ّ
ين} [آل عمران4.]32 : كاف ِِر َهللا اَل ُيحِبُّ ا ْل َ
َ ل َفإِن تَ َولَّ ْوا َفإِنَّ سو َ ُل أَطِي ُعوا اللَّ َه َو َّ
الر ُ كُفر .قال تعالى{ :ق ْ
ن جبريل عليه
هريرة رضي هللا عنهما ،وفيه أ ّ
البخاري و ُمسلم عن ُعمر وأبو ُ
ث رواه ُ
ضا بحدي ٍ ل ال ُعلماء أي ً
واستد ّ
ي ﷺ ،وقال“ :يا ُمحمد ،أخبرني عن اإلسالم؟” .قال“ :اإلسالم أنْ تشهد أنْ السالم جلس إلى النب ّ ِ
ج البيت إنْ استطعت إليه
وتح ّ
ُ ن ُمحم ًدا رسول هللا ،وتقيم الصالة ،و ُتؤتي الزكاة )،وتصوم رمضان،
ال إله إال هللا وأ ّ
سبيال” .قال“ :صدقت” .وفي رواية ،قال جبريل“ :فإن فعلت هذا ،فأنا ُمسلم؟” قال“ :نعم” .قال“ :صدقت”.
[صحيح :رواه ابن منده].
ن ُمحم ًدا ضا بحديث النبي ﷺُ ( :أم ُ
ِرت أنْ أقاتل الناس حتى يشهدوا أنْ ال إله) إال هللا ،وأ ّ واستدل ّوا أي ً
بحق اإلسالم،
ِّ موا مِني دِماءهم وأ ْموالهم ،إاّل
ص ُ
رسول هللا ،و ُيقيموا الصالة ،و ُيؤتوا الزكاة )،فإذا فعلوا ذلكَ ،ع َ
وحِسا ُبهم على هللا تعالى) [رواه البخاري و ُمسلم].
المسلم
ن صل ّى صالتنا ،واستقبل قبلتنا ،وأكل ذبيحتنا ،فذلك ُ ضا بحديث النبي ﷺَ ( :م ْ واستدل ّوا أي ً
الذي له ِذ َّم ُة هللا و ِذ َّم ُة رسوله) [رواه البخاري عن أنس].
ك الصالة ُمرت ًّ
دا )،وإجماعِ الصحابة) في اعتبار القبائل التي امتنعت عن واستدلُّوا على إجماعِ الصحابة باعتبارهم تَ ِ
ار َ
دة )*.وآخره الدليل الذي ُيث ِبت ُك ْفر األحزاب الذين) امتنعوا بالقوة عن أحكام الشريعة) األُخرى الواضحة
الزكاة ُمرت ّ
الرّبَا.
مثل تحريم الخمر ،وتحريم سِفاح القربى ،وتحريم ِ ُ والمعلومة،
م ْر َو ِزي رحمه هللا (ت 294هـ)( :ثُم ذكرنا األخبار المرويَّة عن النبي صر ال َ
قال اإلمام اإلمام ُمحمد بن ن ْ
ن الصحابة)
ِن إقامتها ،ثم جاءنا َع ِ
ن امتنع م ْ ِن المِلة ،وإباحة َق ْتل َم ِ
ﷺ في إكفار تاركها ،وإخراجه إياه) م َ
قد ِر الصالة].
ِنهم خِالفُ ذلك) [تعظيم ْ ن أح ٍد م ُ
ْل ذلك ،ولم يَجِئنا َع ْ رضي هللا عنهم ِمث ُ
ح ْي َنا َ
حا َوالَّذِي أ ْو َه ُنو ً
صى بِ ِ
ِين َما َو َّ
د ِ
ِن ال ّ ع لَك ْ
ُم م َ {ش َر َ
َ وقال ال ُفضيل بن عِياض رحمه هللا (ت 187هـ)( :قال تعالى:
باع
هو االت ّ ُ ِين ُ د ُ
ِين َوال تَ َت َف َّرقُوا فِيهِ} [الشورى .]13 :فال ّ
د َ ِيسى أَنْ أَق ُ
ِيموا ال ّ وسى َوع َ م َو ُم َ
ه إِ ْب َراهِي َ
ص ْي َنا بِ ِ إِلَ ْي َ
ك َو َما َو َّ
التصديق
ُ) ِين
د ُ في ُأ ُمور العمل ،وكذلك في األُ ُمور الباطنة ،كما كان هؤالء األنبياء صل ّى هللا وسلم وبارك عليهم ،فال ّ
ترك العمل ،أو التفريق بين القول والعمل.ُ ه والتف ُّرق فيه ورسله بإقامت ِ ُ ص َف ُه هللا ،وكما أَ َم َر أنبياء ُه بالعمل ،كما َو َ
ِن الشِرك جعلها
ِين}) [التوبة .]11:فالتوبة م َ
د ِ ُم فِي ال ّ صال َة َوآتَ ُوا ال َّز َكا َ)ة َف ِإ ْ
خ َوا ُنك ْ ابوا َوأَ َق ُ
اموا ال َّ قال هللا عز وجلَ { :ف ِإنْ تَ ُ
هللا تعالى قواًل وعماًل بإقامة الصالة وإيتاء الزكاة .وقال أصحاب الرأي – يقصِد ُ
المرجئة “ :-ليس الصال ُة وال الزكا ُ)ة
مة نب ِي ّه ،ولو كان القول كما يقولون ،لَ ْ ِن اإليمان” ،افترا ًء على هللا وخِال ًفا لكتاب ِ
ه وسن ِ ِن الفرائض) م َ
شيء م َ
ٌ وال
[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد].
ُّ الرّ َّدة)
ل ِ بكر أه َ
ٍ ُيقاتل أبو
ِن الزكاة) عند اإلقرار وأعطوه ذلك باأللسنة.
وقال القاسم بن سالم رحمه هللا (ت 224هـ)( :فلو أنّهم ُممتنِ ُعون م َ
جهاد
ُ دِق لهذا
والمص ّ
ُ قبله ،وناق ً
ضا لإلقرار والصالة.. ما ِْن الزكاة كان ذلك ُمزيال ً لِ َ
وأقاموا الصالة غير أنّهم ُممتنِ ُعون م َ
ُ
ل هللا ﷺ مهاجرين واألنصار على َم ْنعِ العرب الزكاة كجها ِد رسو ِ بكر الصديق رحمة هللا عليه بال ُ ٍ أبي
ي ال ُّذريَّة واغتنا ِم المال .فإنما كانوا مانعين لها غير
وس ْب ّ ِ
ك الدماء َ س ْف ِ َ
فرق بينهما في َ سواء ال
ٌ ل الشرك)
أه َ
قبلها الحق ًة به
صارت ُمضاف ًة إلى ما ْ
َ ة
ت شريع ٌ جاحدين بها ،ثم كذلك كانت شرائع اإلسالم كُلها ،كُلما نَ َزلَ َ
ن اإليمان بالقول)
ن ذهب أ ّ
م ْوضِع الذي غَ لِط فيه َم ْ
قال ألهله ُمؤمِنون .وهذا هو ال َ
في ُاسم اإليمانُ ،
ُ ويشملها جميعًا
[اإليمان].
بكر الصديق ،أعلمهم عِندي بعد رسول هللا ﷺ، ٍ وقال ابن أبي عاصِم رحمه هللا (ت 287هـ)( :وأبو
الرّ َّدة ،وقد نازله أصحاب النبي
ِن الدليل على ذلك قوله في أهل ِ
وأفضلهم ،وأزهدهم ،وأشجعهم ،وأسخاهم .وم َ
ن الكُفر ببعضِ
ل ما أوجب هللا عليهم ،أو ُيقاتلهم ،ورأى أ ّ ﷺ على أنْ يَ ْقبَل مِنهم بع ً
ضا ،فأبَى إاّل ُك َّ
[السنة].
ُّ م على قِتالهمَ ،ف ُعلِم أنّه الحق)) ل دِما َءهم ،ف َع َز َ
التنزيل ُيح ُّ
ع الصحابة آراءهم .قال ُعمر بن الخطاب رضي هللا عنه: م َ
أج َ
وبعد النقاش األولي الذي أشار إليه ابن أبي عاصِمْ ،
ومسلم]. فعرفت أنّه الحق)) [رواه البخاري ُ
ُ بكر للقتال
ٍ ص ْد َر أبي
ح َ
ش َر َ
رأيت هللا عز وجل قد َ
ُ هو إاّل أنْ
(فوهللا ما ُ
تمسكهم
ُّ سئِل شيخ اإلسالم ابن تيمية عن قتال التتار مع سليمان آل الشيخ رحمه هللا( :لَ ّ
ما ُ قال الشيخ ُ
موا مِن اتباع أصل اإلسالم ،قال:
ما زع ُ
بالشهادتين ولِ َ
متواترة مِن هؤالء القوم وغيرهم فإنّه يجب)
ة ُممتنعة عن التزام شريعة مِن شرائع اإلسالم الظاهرة ال ُ
“كُل طائف ٍ
طقِين بالشهادتين ،و ُملتزمين بعض شرائعه ،كما قاتل أبو بكر
ع ذلك نا ِ
قتالهم حتى يلتزموا شرائعه ،وإنْ كانوا َم َ
الصديق والصحابة) رضي هللا عنهم مانِعِي الزكاة .وعلى ذلك اتفق ال ُفقهاء بعدهم.
دِماء ،واألموال،
ة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات ،أو الصيام ،أو الحج ،أو عن التزام تحريم ال ّ فأيَّما طائف ٌ
م ْيسر ،أو عن نكاح ذوات المحارم )،أو عن التزام جهاد الكفار ،أو ضرب الجزية) على أهل الكتاب، والخمر ،والزنا ،وال َ
ن
دِين) – ومح َّرماته التي ال ُعذر ألح ٍد في جحودها وتركِها – التي يكفر الجاحد لوجوبها .فإ ّ وغير ذلك مِن واجبات ال ّ
مما ال أعلم فيه خال ًفا بين العلماء”… فإذا كان َمن ال َت َز َ
ممتنِعة ُتقاتل عليها وإنْ كانت ُمقرّ ًة بها .وهذا ِم ّ
الطائفة ال ُ
ك باهلل و ُدعِي إلى
من أش َر َ
الرّبا أو ال ِزّنا 5يكون كاف ًرا يجب) قتاله ،فكيف بِ َ
دِين كلها إاّل تحريم الميسر أو ِ شرائع ال ّ
من َعبَ َد غير هللا ،فأبى عن ذلك ،واستكبر وكان مِن الكافرين)[ ).تيسير العزيز دِين) هلل والبراءة والكُفر بِ َ
إخالص ال ّ
الحميد].
وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا( :والصحابة) لم يقولوا“ :أأنت ُمق ٌّر لوجوبها أو جاح ٌد لها؟” هذا لم ُيعهد عن
الخلفاء والصحابة بحال .بل قد قال الصديق ل ُعمر“ :وهللا لو منعوني َع َناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول هللا
ن طوائفًا حد الوجوب .وقد ُروي أ ّج ْ
منع ال َ
المبيح للقتال ُمجرد ال َ
ل ُ ج َع َ
ﷺ لقاتلتهم على منعها” .ف َ
قتل ُمقاتِلَتِهم
ُ خلُوا بها .ومع هذا فسِير ُة الخلفاء فيهم سِير ٌة واحدة :وهي منهم كانوا ُيقِرّون بالوجوب ،لكن ب ِ
الرّ َّدة)[ .الكلمات النافِعة
وغنيمة أموالهم والشهاد ُة على قتالهم بالنار ،وسمُّوهم جميعهم أهل ِ
ُ وسبي ذراريهم
ُ
– عبد هللا بن محمد بن عبد الوهاب].
االمتناع عن الزكاة) بالقوة
ُ ك الصالة ِر َّد ًة ،فكيف بإبطال التوحيد بالشرك) األكبر! وبالمِثل ،إذا كانوأخي ًرا ،إذا كان تَ ْر ُ
الديمقراطية الوثني والقتال في سبيله!
ُ دينِ كُف ًرا ،فكيف بالدعوة) إلى
مرجئة
”حصانة“ الجهل عند ال ُ
ِلم ُمنتش ًرا ومعلو ًما.
المرجئة ،العِلم الضَّروري ليس جز ًءا أساسيًا في اإليمان حتى لو كان هذا الع ُ سب بعض ُ ح َب َ
ن الكعبة حق وأنها رجل قال“ :أعلم أ ّ
ٍ سئِل في المسجد) الحرام عن من ُع ِرفوا باإلرجاء قد ُ
ن أبا حنيفة وهو ِم ّ
يأ ُّر ِو َ
“مؤمن” .فقال سفيان
ؤمن هو؟ قالُ :
ٌ أم
بيت هللا عز وجل ،ولكن ال أدري أهي التي بمكة أو التي بخراسان”ُ .
رجل
ٍ سئِل عن ِن الكافرين حتّى يستبين أنّها الكعبة المنصوبة في الحرم” .ثُم ُ
الثوري“ :أنا أشهد أنّه عند هللا م َ
حمد آخر”.
ٌ حمد الذي كان بالمدينة) مِن قريش أو ُم
ٌ ن ُمحم ًدا حق وأنّه رسول ،ولكن ال أدري أهو ُمقال“ :أعلم أ ّ
خالل،
ؤمن هو؟ قال“ :نعمُ ،مؤمن” .فقال سفيان“ :هو عند هللا مِن الكافرين”[ .رواه عبد هللا بن اإلمام أحمد ،وال َ
ٌ أم
ُ
ن أبا حنيفة
وروي أ ّ
والاللكائي] .وعل ّق الحميدي واإلمام أحمد على هذه الرواية بقولَ ( :من قال هذا فقد كفر)ُ .
استتِيب مرتين[ .الاللكائي]6.
ُ الذي أجاب قد
يزيد وال ين ُقص ،ويكفيه االعتقاد
ُ ن اإليمان ال
مبني على الفهم الخاطئ بأ ّ
ٌ المبالِغ لل ُعذر بالجهل7
هذا الفهم ُ
ملُوا هذا االعتقاد ُيواجهون واقع
ح َ
بالقلب والنطق باللسان (بإقرار اإليمان في القلب والكالم به فقط) .أولئك الذين) َ
يزيد وين ُقص في هذا المضمون8.
ُ ن اإليمان
مقادير ُمختلفة مِن اإلدراك والعِلم واإلقرار ،مما يعني أ ّ
ٌ ن الناس لديهم أ ّ
غير محدو ٍد باهلل ورسوله ﷺ – بالقلب وباللسان – ُ إقرار
ٌ ن اإليمان هومرجئة بالقول أ ّ
لذلك ر َّد بعض ال ُ
ن ُمحم ًدا هو رسول هللا ،ولكن ال يعرف شي ًئا عنه أو عن دينه،شخص أ ّ
ٌ بدون التفصيل في األمر .وبذلك ،إذا “أقرّ”
الوقت
ُ ل ال َّتعلُّم ،وحتى لو كان للشخصومتعار ًفا وسه َ
فإنّه ال يزال ُيعتبر ُمؤم ًنا ،حتى لو كان هذا العِلم منتش ًرا ُ
والفرصة الكافي ْين لتعلُّم هذا العِلم الجوهري واألساسي!
ُ
ل فرد ،قد جعل مِن ال ُعذر بالجهل ل ظرف و ُك ّ
ل مسألة و ُك ّمبالَغ فيه لل ُعذر بالجهل ،الذي يشمل ُك ّهذا الفهم ال ُ
ِل البقاء في جهله على تعلُّم أساسيات دينه! قال الشافعي رحمه الفرضية الدائمة ،وبالتالي صار الشخص) ُيفضّ ُ
ألجل جهله ،لكان الجهل خي ًرا مِن العلم ،إ ْذ كان يحطُّ عن العبد أعبا َء التكليف ،و ُيريح قلبه
ِ هللا( :لو ُع ِذ َر الجاهل
اس َعلَى
ِ بالحكم بعد التبليغ و التمكين ،قال تعالى{ :لِئَاَّل يَكُونَ لِل َّن
ُ ضروب التعنيف ،فال حجة للعبد في جهله مِن ُ
ل} [النساء[ )]165 ):المنثور في القواعد]).
س ِ
ة بَ ْع َد ال ُّر ُ
ج ٌ
ح َّ
ه ُاللَّ ِ
يسع بال ًغا غي َر مغلوبٍ على عقله جهلُه ،مِثل الصلوات الخمس ،وأ ّ
ن ُ ما “ال ع ْل ُ
م عا َّمة ِم َّ هناك ِ
وبَ ِي ّن الشافعي أنَّ ُ
م عليهم ال ِزّنى والقتل
ح َّر َ شهر رمضان ،وح ُّ
ج البيت إذا استطاعوه ،وزكا ٌة في أموالهم ،وأنّه َ ِ صوم
ُ هلل على الناس
والسرقة والخمر ،وما كان في معنى هذا مما ُكلِّف العباد أنْ يعقلُوه ويعملوا به و ُيعطوه مِن أنفسهم وأموالهم وأنْ
صّا في كتاب هللا وموجو ٌد عا ً ّما عند أهل اإلسالم،
ح َّرم عليهم .وهذا الصِّنف كُله مِن العلم موجو ٌد ن ً
ما َ
يكفُّوا ع ّ
من َمضى مِنهم يحكونه عن رسول هللا ،وال يتنازعون في حكايته وال وجوبه عليهم ،وهذا العِلم ينقله عوامهم ع ّ
الذي ال ُيمكن فيه ال َغلَط مِن الخبر وال التأويل وال يجوز فيه التنا ُزع” [الرسالة].
هو التزام التوحيد الخالص؟) أوضح منها ُ
ُ كالم الشافعي يشمل القوانين واألحكام الواضحة) لإلسالم ،فما
قال اإلمام البربهاري رحمه هللا (ت 329هـ)( :قال ُعمر بن الخطاب رضي هللا عنه“ :ال ُعذر ألح ٍد عند هللا بعد البينة
جة ،وانقطع ال ُعذر”)
الح َّ
وثبتت ُه ًدى تركه حسبه ضاللة ،قد تبيَّنت األمورُ ، هدى ،وال في ُ بضاللة ركِبها حسِبها ُ
السنة]).
ُّ [شرح
هاًل ُأصول التوحيد واإليمانما إذا أنكر جا ِ
ن المر َء ال يكُون ُمسل ً
ل ال ُعلماء بعد ٍد مِن اآليات مِن ال ُقرآن على أ ّ
واستد َّ
نِين أَ ْولِيَا َء مِن ُدو ِ الشيَاط َ َّ خ ُذوا ضاَل لَ ُة إِنَّ ُه ُ
م اتَّ َ م ال َّ ق َعلَ ْي ِه ُ ح َّى َو َف ِري ًقا َ ه َد ٰ ض الفِطرة والقرآن .قال تعالىَ { :ف ِري ًقا َ وعا َر َ
حيَا ِةم فِي ا ْل َ س ْع ُي ُه ْ ل َ ض َّ ِين َ مااًل * الَّذ َ) ين أَ ْع َ
س ِر َ) خ َ ل ُن َن ِب ّ ُئكُم بِاأْل َ ْ ه ْ ُل َس ُبونَ أَنَّ ُهم م ُّْه َت ُدونَ } [األعراف{ .]30 :ق ْ ح َ ه َويَ ْاللَ ِ
مِيم لَ ُه ْم فَاَل ُنق ُ مال ُُه ْ ت أَ ْع َ حبِطَ ْ ه َف َ م َولِقَائِ ِ) ِين َك َف ُروا بِآيَاتِ َربِّ ِه ْ ك الَّذ َ ص ْنعًا * ُأو ٰلَئِ َ حس ُِنونَ ُ م ُي ْ س ُبونَ أَنَّ ُه ْ ح َ م يَ ْ ه ْ
ال ُّد ْنيَا َو ُ
م أَ ْبلِغ ُ
ْه ه ُث َّم اللَ ِ ع كَاَل َ م َ س َى يَ ْ ح َّت ٰ ك َفأَج ِْر ُه َ جا َر َ اس َت َ ِين ْ ش ِرك َ م ْ ِّن ا ْل ُ
ح ٌد ّ)ِم َ ة َو ْزنًا} [الكهفَ { .]105-103 :وإِنْ أَ َ م ا ْل ِقيَا َم ِ يَ ْو َ
ح َّتى ِّين َ ِين ُم ْن َفِكّ) َش ِرك َ م ْ ل ا ْلكِ َتابِ َوا ْل ُ ه ِ ِن أَ ْ ِين َك َف ُروا م ْ ُن الَّذ َ م يَك ِ مونَ } [التوبة{ .]6 :لَ ْ م اَّل يَ ْعلَ ُ م َق ْو ٌ ك بِأَنَّ ُه َْم ْأ َم َن ُه ٰ َذلِ َ
ول آ َم َّنا ِن ال َّناسِ َمن يَ ُق ُ ة} [الب ِي ّنةَ { .]3-1 :وم َ م ٌب َق ِِّيّ) َحفًا ُمطَ َّه َر ًة * فِي َها ك ُُت ٌ ص ُ ِن اللَ ِ
ه يَ ْتلُو ُ ول م َ س ٌ م ا ْلبَ ِِّيّ) َن ُة * َر ُتَ ْأتِيَ ُه ُ
ش ُع ُرونَ * فِي م َو َما يَ ْ خ َد ُعونَ إِاَّل أَن ُف َ
س ُه ْ هللا َوالَّذ َ
ِين آ َم ُنوا َو َما يَ ْ َ ِعونَ
خاد ُ
ؤمنين * ُي َ
َ م
هم بِ ُ بِاللَ ِ
ه َوبِا ْليَ ْو ِم اآْل خ ِِر َو َما ُ
ِدوا فِي اأْل َ ْرضِ َقالُوا إِنَّ َ
ما م اَل ُت ْفس ُ ل لَ ُه ْما َكا ُنوا يَ ْكذ ُِبونَ * َوإِذَا قِي َ َاب أَل ٌ
ِيم بِ َ م َعذ ٌ هللا َم َرضًا َولَ ُه ْ
م ُ ه ُ ض َف َزا َد ُ
ُقلُوبِ ِهم َّم َر ٌ
ِن َك َ
ما اس َقالُوا أَ ُن ْؤم ُ ن ال َّن ُ ما آ َم َ م آم ُِنوا َك َ ل لَ ُه ْ
ش ُع ُرونَ * َوإِذَا قِي َِدونَ َو ٰلَكِن ال يَ ْ م ْفس ُ م ا ْل ُه ُ م ُ ِحونَ * أَاَل إِنَّ ُه ْ صل ُ
ن ُم ْ ح ُنَ ْ
ُم َف ْو َ
ق ص َواتَك ْ ِين آ َم ُنوا اَل تَ ْر َف ُعوا أَ ْ
مونَ } [البقرة{ .]13-8 :يَا أَيُّ َها الَّذ َ) اء َو ٰلَكِن اَّل يَ ْعلَ ُ
الس َف َه ُ ُّ م
ه ُ م ُ اء أَاَل إِنَّ ُه ْ
الس َف َه ُُّ ن
آ َم َ
[الحجرات9.]2 ): ش ُع ُرونَ } م اَل تَ ْنت ْ َ
ُم َوأ ُ ما ُلك ْ َ
حبَطَ أ ْع َ َ
ض أن ت َ ْ ل َك َ ج َه ُروا لَ ُه بِا ْل َق ْو ِ ِي َواَل تَ ْ
ُ ُم لِبَ ْع ٍ
ضك ْ ج ْه ِر بَ ْع ِ ص ْوتِ ال َّنبِ ّ) َِّ
ن ُمحم ًدا رسول هللا – أمر الشهادة) – بأنْ ال إله إال هللا وأ ّ من يَ َّدعي اإلسالم في ِ ذر بالجهل لِ َ وعليه ،ليس هناك ُع ٌ
ومقتضياتها (االستسالم هلل بالتوحيد ،واالنقياد له بالطاعة ،وباتِّباع النبي ﷺ) 10.وبالنسبة ومعانيها ُ
م
معذور فيه لفتر ٍة ُمؤقتة فقط ،ألنّه ُمل َز ٌ
ٌ المسلم الجديد) جاهاًل ببعضها ،ولكن هذا الحال
لبقية األركان ،فق َْد يكون ُ
فأحد نواقض اإلسالم ،تحدث ال ُعلماء عنه بأنّه) (اإلعراض عن دين هللا ،ال ُ بطلب العلم للخالص مِن هذا الجهل)،
ِين
ج ِرم َ ِن ا ْل ُ
م ْ ض َع ْن َها إِنَّا م َ م أَ ْع َر َ ه ُث َّ ت َربِّ ِمن ُذ ِكّ َر بِآيَا ِم ِم َّ ن أَ ْ
ظل َ ُ يتعلمه وال يعمل به ،والدليل قوله تعالىَ { :و َم ْ
مى َوالَّذ َ)
ِين ُّس ً ّ
لم َ ج ٍق َوأَ َ
ح ِّما إِال َّ بِا ْل َ
ض َو َما بَ ْي َن ُه َ ما َواتِ َواألَ ْر َ الس َ َّ خلَ ْق َناِمونَ } [السجدة .]22 ):وقوله تعالىَ { :ما َ ُمن َتق ُ
ضونَ } [األحقاف[ )]3:نواقض اإلسالم – اإلمام ُمحمد بن عبد الوهاب]. ما ُأنذ ُِروا ُم ْع ِر ُ
َك َف ُروا َع َّ
شا ُّكون في هؤالء الطواغيت) وأتباعهم هل ضا( :ما ذكرتم … أنّكم َ وقال اإلمام ُمحمد بن عبد الوهاب رحمه هللا أي ً
ن الذي لم ت ُقم عليه
أوضحته لكم مِرا ًرا ،فإ ّ
ُ قامت عليهم الحجة )،فهذا مِن العجب )،كيف تش ُّ
كون في هذا وقد
ة مثل الصرف ة خفي ٍ ة بعيدة ،أو يكون ذلك في مسأل ٍ حديث عه ٍد باإلسالم والذي نشأ ببادي ٍ) ُ) جة) هو الذي الح َّ
ُ
ن م
َ ْ ف القرآن وهُ هللا ة ج ح ن
ّ ُ َّ فإ كتابه في ا ه م َ
ك
ْ َ َ حَ وأ هللا أوضحها التي ِين
د
ّ ال ول ص
ُ ُ
أ ا م
ّ وأ ف، يعر
ِ حتى ر ف ك
ُ َّي فال والعطف
جة)[ .الرسائل الشخصية]. الح َّ
بلغته ُ
ُ َه ال ُقرآن فقدبلغ ُ
مـرجئةمـوجود عند ال ُ
ُ النِّفاق غير
صغيره.
ُ كبير ُه وال
ُ مرجئة أنْ ال نِفاق ،ال يرى بعض ال ُ
ل،
ل ،وال عمل” ،ونقول“ :قو ٌمرجئة ثالث :يقولون“ :اإليمان قو ٌقال سفيان الثوري رحمه هللا( :خالفُ ما بيننا وبين ال ُ
يزيد ،وال ينقص” ،ونحن نقول“ :النِّفاق” )،وهم يقولون“ :ال
ُ يزيد وينقص” ،وهم يقولون“ :ال ُ وعمل” ،ونقول“ :إنّه
نِفاق”) [صفة النِّفاق – الفريابي]11.
ناس يزعمون أنْ ال نِفاق ،وال يخافون النِّفاق ،فقال( :وهللا ألنْ
ٍ ُ
خبِر الحسن) البصري رحمه هللا (ت 110هـ) عن أُأ ْ
منافقون خالل] .وقال أي ً
ضا( :لوال ال ُ ي مِن طِالع -مِلء -األرض ذهبًا) [السنة) – ال َ أحب إل َّ
َّ أعلم أنّي بري ٌء مِن النِّفاق
ؤمن فيما
ٍ ضا( :وهللا ما على ظهر األرض مِن ُم الستوحشتم في الطرقات) [اإلبانة الكبرى – ابن بَط ّة] .وقال أي ً
نافق فيما مضى وفيما يأتي إاّل
ٌ مضى وال فيما يأتي إاّل وهو يخاف النِّفاق على نفسه ،وما على ظهر األرض ُم
آمن من النِّفاق) [صفة النفاق – الفريابي].
ٌ وهو
هو الكُفر واإليمان) ،فقال أيوب:
السِختياني رحمه هللا (ت 131هـ) ،فقال( :إنّما ُ ّ المرجئة أليوب رجل مِن ُ ٌ وجاء
أم كفار؟)
هم ْ أمؤمنون ُم} [التوبةُ ،]106 : وب َعلَ ْي ِه ْ
م َوإِ َّما يَ ُت ُ
ِذ ُِّب ُه ْ ج ْونَ ألَ ْم ِر اللَ ِ
ه إِ َّما ُي َع ّ) خ ُرونَ ُم ْر َ
(أرأيت قولهَ { :وآ َ
َ
ل آية في ال ًقرآن فيها ذِكر النِّفاق فإني أخافُها على نفسي!)
فسكت الرجل ،فقال أيوب( :اذهب فاقرأ ال ُقرآن ،ف ُك ّ
[اإلبانة الكبرى – ابن بَط ّة].
وحذَّر حذيفة بن اليمان رضي هللا عنهما مِن الطوائف) التي ستظهر في المستقبل ،فقال( :وتقول “الطائفة”)
رهما مع الدجال).
يحش ُ
ُ كافر وال ُمنافق .حقٌّ على هللا أنْ
ٌ ن المالئكة ،ما فينا
المؤمنين باهلل كإيما ِ
إيمان ُ
ُ األخرى:
خالل]. [السنة – ال َ
ُّ
ج َّذ هللا أقدامهم) [اإلبانة) الكُبرى – ابن بَط ّة].
كافر وال ُمنافق”َ .
ٌ وقال ابن مسعود رضي هللا عنه( :يقولون“ :ما فينا
المنافقين .ثُم قال( :اتَّ ُقوا أنْ
المرجئة هي نعت ُ ج اإلمام أحمد (رحمه هللا) أنَّ من المسائل التي ُينكرها ُ وقد أ ْد َر َ
خالل].[السنة) – ال َ
ُّ المرجئة عن أَ ْم ِر دينكم)
ُيزل ّكم ُ
طق
ن اإليمان يكفيه ُن ٌ
خ َر ِميّة” زعمت أ ّ
فالمرجئة الذين) أنكروا النفاق فعلوا ذلك بطريقت ْين ُمختلفت ْين :ففرقة “ال َ
ُ
بالمؤمنين ،رغم ُ المنافقين في زمن النبي ﷺ القلب النفاقُ األكبر .ف َن َع ُتوا ُ
َ باللسان حتى لو خالطَ
يزيد وال ين ُقص .وهذا ال َّزعم
ُ ن اإليمان ال
ة أخرى أ ّ
مت فرق ٌ
“المؤمنين” ذاهبون إلى جهنم .و َز َع َ ُ ن هؤالء
اعتقادهم أ ّ
ن وجود النفاق
ن وجوده في قلب المرء يستلزم نقص اإليمان عنده .ومع ذلك ،فإ ّ
يستوجِب إنكار النفاق األصغر ،أل ّ
المبيَّنات في القرآن والسنة .فإضاف ًة إلى سورة ُ
المنافقون وسورة – األكبر واألصغر – هو مِن المسائل) الواضحات ُ
التوبة ،هناك العديد) من اآليات واألحاديث) التي تصف هذه الظاهرة.
تعير إلى هذه مرة ،وإلى هذه
ُ َل الشاة العائِرة ب ْين الغنمين،
منافق َمث ُ
َل ال ُ
قال رسول هللا ﷺَ ( :مث ُ
مرة) [رواه ُمسلم عن ابن عمر] .وفي رواية أخرى( :ال تدري أيُّها تَ ْتبع) [صحيح :رواه النسائي عن ابن عمر] .هذا
يمون في “المنطقة الرمادية” بين اإليمان والكفر.المنافقين يَ ِه ُ
ن ُ الحديث ُيب ِي ّن أ ّ
ضا( :أكثر ُمنافقي ُأمتي قُرا ُؤها) [حسن :رواه اإلمام أحمد عن عبد هللا بن َع ْ
مرو] .ف َع َّد وقال ﷺ أي ً
المعطلة لصفاتِ هللا والجهمية وأهل األهواء وغيرهم” [خلق أفعال العباد] .واصطالح ال ُقرّاء ِنهم “ال ُقرّاء) ُ
البخاري م ُ
ُ
وفهمِهم ْ وتالوتهم، حفظهم، ة و ق
ُ َّ ِب اشتهروا لماء ع ال
ّ ُ نأل )
، ِين
د
ّ ال لماء ع
ُ إلى لإلشارة )
ة الصحاب زمن في ستخدم يُ كان
ومشاورته ،كُهواًل كانوا أو شبانًا) [صحيح البخاري]. جلِس ُعمر ُ
أصحاب َم ْ
َ لل ُقرآن ،كما في الحديث( ):كان ال ُقرّاء
ليم اللِّسان) [صحيح :رواه اإلمام أحمد
نافق َع ِ
ٍ ل ُم
قال رسول هللا ﷺ( :أخوفُ ما أخافُ على أمتي ُك ّ
عن ُعمر].
ذر رضي هللا ث) آخرَ .فق َْد روى أبو ٍ
ضلِّين المذكورين في حدي ٍ م ِ
ِن ال ُعلماء ال ُ
هم م َ
منافقين عليمي اللسان ُ
هؤالء ال ُ
جال) أخوفني على أمتي) قالها ثالثًا، د ّ
عنه أنّه كان يمشي مع النبي ﷺ ،فقال النبي( :ل َغ ْي ُر ال ّ
ضلِّين) [صحيح :رواه ة ُم ِ
جال أخوفك على أمتك؟) قال( :أئِم ٌ
د ّ
فسأله أبو ذر( :يا رسول هللا ،ما هذا الذي غير ال ّ
اإلمام أحمد عن أبو ذر].
ن العديد) مِنهم
ل أخرى في النِّفاق األصغر – وهو مِن كبائر الذنوب – باإلضافة إلى أ ُّ ضا خصا ٌ وألهل البدع أي ً
مدخل إليه .قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه ج ُذور البدعة) هي الكُفر وهي ال َ ن ُُمنافقون و ُملحدون تما ًما .هذا أل ّ
البدعة أي ً
ضا ُ) ب الكُفر) [منهاج السنة]).
شع ِة مِن ُشعب ٌ
ل مبتدعٍ إال وفيه ُ
ة مِن الكُفر ،فما مِن قو ِ هللا( :البدع ُمشتق ٌ
ُ
ع ب ْين اإلسالم الحنيف وبين ال ُك ْف ِر الصُّراح … منطقة رمادية أخرى للنِّفاق. موض ٌ
رجاًل مِن أصحاب رسول هللا
السنة) فكأنّما أرى ُ
ُّ رجاًل مِن أهل
رأيت ُ
ُ) وقال ال ُفضيل ابن عِياض رحمه هللا( :إذا
السنة) – البربهاري] .وقال
ُّ رجاًل مِن ُ
المنافقين) [شرح رأيت رجاًل مِن أهل البدع فكأنّما أرى ُ
ُ ﷺ ،وإذا
أي ً
ضا( :عالمة النفاق أنْ يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة) [اإلبانة) الكبرى – ابن بَط ّة] .وقال اإلمام أبو قِالبة
[السنة)
ُّ رحمه هللا (ت 104هـ)( :ما أجِد مثل أهل البدعة) إال أهل النفاق ،فاهلل ذكر النفاق بتضادّ األقوال واألعمال)
خالل].– ال َ
المؤمنين
وقال ابن تيمية رحمه هللا( :ولهذا كثي ًرا ما يكون أهل البدع مع القدرة ُيشبِهون الكفار في استحالل قتل ُ
والمعتزلة والجهمية وفروعهم ،ومنهم َمن يسعى في قتل المقدور عليهُ وتكفيرهم كما يفعله الخوارج والرافضة
المنافقين ،يستعملون التقية والنفاق كحال
مِن ُمخالفيه ،إ ّما بسلطانه ،وإ ّما بحيلته ،ومع العجز ُيش ِبهون ُ
المؤمنين ومع
هم مع القدرة) يحاربون ُ
وأهل الكتاب ُ
ُ المشركين
ن ُ ة مِن الكُفر ،فإ ّ
ن البدع مشتق ٌالمنافقين ،وذلك أل ّ
ُ
العجز يناف ُقونهم) [الفتاوى الكُبرى].
مِي جميعالسلف أيوب السختياني ُيس ّ
َّ ن عالِم
سالم ابن أبي ُمطِيع رحمه هللا (ت 173هـ) بأ ّ فق ذلك ،قال َ وو َ
ِ
ن الخوارج اختل ُفوا في االسم ،واجتمعوا على السيف) [الاللكائي].
أهل األهواء والبدع بالخوارج .فكان يقول( :إ ّ
نة رابعِ الخلفا ِء الراشدين علي بن أبي طالب رضي
س ُفهو ُّ
ملوا السالح معروفٌ جي ًداُ . ح َ
وحكْم قِتال أهل البدع إذا َ
ُ
ل هللا ﷺ على أدعياء اإلسالم أولئك الذين رسو ِسنة ُد الخوارجَ .فق َْد أقام ُّهللا عنه في حربه ض ّ
سقِمت قلوبهم بِالبِدعة والنفاق.
اعدِل!” فقال ُعمر بن الخطاب رضي ي ﷺ“ :يا ُمحمدْ ،
الخو ْيصِرة)) قال للنب ّ ِ
ؤسِس فرقة الخوارج (ذو ُ
ُم ّ
أقتل
ُ منافق” .فقال ﷺَ “ :معا َذ هللا أنْ يتحدث الناس أنّيهللا عنه“ :دعني يا رسول هللا ،فأقتل هذا ال ُ
الرمية”[ .رواه
ِن َّ
هم م َالس ُ
َّ مرق
ن هذا وأصحابه) يقر ُؤون ال ُقرآن ال ُيجاوز حناجرهم ،يمرقُون مِنه كما يَ ِ
أصحابي .إ ّ
ن النبي
منافق ،بل إ ّف ُعمر للرجل بال ُص َ
لم ُينكِر النبي ﷺ على َو ْ ُمسلم عن جابر بن عبد هللا] .فهنا ْ
ور في القلب – وهي ض ٌ
ح ُدِينية التي ليس لها ُ ه عمر بوصفِه خِصل ًة م َ
ِن النفاق :وهي األعمال ال ّ دعم ما جاء بِ ِ
منحرفة لنفس ؤسِس هذه الفِرقة ال ُ
ع ﷺ عم َر مِن قتل ُم ّ تالوة ال ُقرآن ال تجاوز الحناجر .-ثم َم َن َ
المنافق المعلُوم عبد هللا بن ُأبي بن سلُول ،الذي قال“ :لئِن رجعنا إلى المدينة) قتل ألجله ُ السبب الذي لم يَ ُ
المنافق” .فقال النبي
األعز مِنها األذل” .فقام عمر فقال“ :يا رسول هللا ،دعني أضرب ُعنق هذا ُ ُ ن
ليخرج ّ
ُ
ومسلم عن جابر بن عبد هللا]. ن محم ًدا يقتل أصحابه”) [رواه البخاري ُ
ﷺَ “ :د ْعه ،ال يتحدث الناس أ ّ
ثم قال النبي ﷺ عن الخوارج“ :يقتلون أهل اإلسالم ،ويدعون أهل األوثان ،لئِن أدركتهم ألقتل َّنهم
الخدري].
ومسلم عن أبو سعيد ُ البخاري ُ قتل عاد” [رواه ُ
سنة رسول هللا المشترك .والرواية األخيرة ُت ْ
ظ ِه ْر ُّ هما ُ
وجذر ُ
ُ فاألحاديث الواردة ُت ْ
ظ ِه ُر التشابه) بين النفاق واالبتداع
ﷺ مع الخوارج.
ة ُمطلَقة ومر ًة أخرى ،بعض ُمرجئة العصر الحديث) ُمضطربون .فهم يعتقدون أنَّ ال َّت ْر َ
ك الكامل للجهاد هو خصل ٌ
ن ُمنافقي العصر الحديث) يشاركون في المعارك والدفاع عن الخطوط األمامية ،فال ُيمكن للنفاق ،ولكن أل ّ
ن
الخو ْيصِرة وعبد هللا بن سلول كالهما شاركا في غزواتٍ ضارية ،وأ ّ
ن ذي ُ
ينس ْون أ ّ
َ فهم
منافقينُ .
اعتبارهم من ال ُ
الرّ َّدة بجانب
ح ُروب ِ منافقين البدو خاضوا المعارك أثناء ُ
ن ال ُ
الخوارج خاضوا المعارك في سبيل انحرافاتهم )،وأ ّ
مكاسب
ٌ مقابل منافقون يتركون المعارك حين ال يكون لها في ال ُ ُمس ْيلمة وأولئك الذين) امتنعوا عن الزكاة .فال ُ
ملة. منافقة ،وحين تشقُّ عليهم المصاعِب ال ُ
محت َ دنيوية ،وحين ال تخدِم َمصالحهم ال ُ
ِن
مم ْ هلَكُوا َما ا ْن َت َ
ص ْف َت ْ حذيفة( :لو َ
منافقين) ،فقال له ُ
حذيفة رضي هللا عنه أحدهم يدعو( :اللهم أهلك ال ُ سمِع ُ َ
خالل].
[السنة – ال َ
ُّ عد ِوّكُم)
ُ
لهم) [حسن :رواه اإلمام
ق ُخاَل َ
دِين) بأقوا ٍم ال َ
سي ِؤّيد هذا ال ّ
ُ ن هللا
وهذا ُيوافِق حديث) النبي ﷺ( :إ ّ
أحمد عن أبي بكرة].
من يدعيلرجل ِم ّ
ٍ حني ًنا ،فقال
(ش ِه ْدنا مع رسول هللا ﷺ وسلم ُ هريرة رضي هللا عنهَ : قال أبو ُ
اإلسالم“ :هذا مِن أهل النار” ،فلما حضر القتال قاتل الرجل قتااًل شدي ًدا فأصابته جراحة فقيل“ :يا رسول هللا،
وقد مات” ،فقال النبي ﷺ“ :إلى
ْ الذي قلت له إنّه مِن أهل النار ،فإنّه قد قاتل اليوم قتااًل شدي ًدا
حا شدي ًدا )،فلما كان
هم على ذلك إ ْذ قِيل إنه“ :لم يمت ،ولكن به جِرا ً النار” .فكاد بعض الناس أن يرتاب ،فبينما ُ
فأخبِر النبي ﷺ بذلك فقال“ :هللا أكبر ،أشهد أنّي عبد مِن الليل لم يصبر على الجِراح فقتل نفسه”ُ ،
دِين) بالرجل
ن هللا ليؤيد هذا ال ّ
نفس ُمسلِمة ،وإ ّ
ٌ هللا ورسوله” ،ثم أَ َمر بِالاًل فنادى بالناس“ :إنّه ال يدخل الجنة إال
ومسلم].
الفاجر”[ .رواه البخاري ُ
ع َمنة من خِصال النِّفاق ،كما جاء في حديث) النبي ﷺ( :أرب ٌ هو ُمرتكِب ال ُفجور ،وهي خِصل ٌ والفاجر ُ
خلَّ ٌ
ة مِن نفاق حتى يدعها :إذا ح َّدث كذب ،وإذا خلَّة مِنهن كانت فيه ُ ُن فيه كان ُمناف ًقا خال ً
صا ،و َمن كانت فيه ُ ك َّ
جب رحمه مرو] .قال ابن َر َ ومسلم عن عبد هللا بن َع ْ جر) [رواه البخاري ُ وع َد أخلف ،وإذا خاصم َف َعاهد غَ َدر ،وإذا َ
ما يدعو إليه الكذب،والباطل ح ً ّقا ،وهذا ِم ّ
ُ خرج عن الحق عم ًدا حتى يص ِي ّ َر الحقُّ باطاًل جور :أنْ يَ ُ
هللا( :يعني بال ُف ُ
جور يهدي إلى النار”)
ن ال ُف ُ
جور ،وإ ّ
ن الكذب يهدي إلى ال ُف ُ
كما قال النبي ﷺ“ :إياكم والكذب ،فإ ّ
ل
(أي مال عن الحق) وقال الباط َ
ْ كم] .وقال ال َّن َو ِوي أثناء تعليقه على معنى كلمة “ َف َ
ج ْر”: ح َ
[جامِع ال ُعلُوم وال ِ
[شرح صحيح ُمسلم]. ُ والكذب)
حاسم في االنتصار في
ٌ دور
ٌ قد يشاركون فِي الجِهاد ،وحتى قد يكون لهم و ُتدلِّل الروايات السابقة أنَّ ُ
المنافقين ْ
بعض الغزوات.
ؤمنين} [البقرة]8 :
َ م
م بِ ُ ه َوبِا ْليَ ْو ِم اآلخ ِِر َو َما ُ
ه ْ المنافقين الذين) قالوا{ :آ َم َّنا بِاللَّ ِ
ن ُ قال شيخ اإلسالم ابن تيمية“ :فإ ّ
والمسلمون ُيناكحونهم ويوارثونهم كما ُ ويغزون،ُ ومون ،ويحجُّون، ويص ُ
ُ هم في الظاهر ُمؤمنون يصلُّون مع الناس،ُ
[مجموع الفتاوى].
ُ المنافقون على عهد رسول هللا) كان ُ
منافقون على عصر رسول هللا ﷺ ُيجاهدون في سبيل هللا قال اإلمام محمد بن عبد الوهاب( :كان ال ُ
السنية].
ُّ ويصلُّون مع رسول هللا ﷺ الصلوات الخمس ويحجُّون معه) [الدُّرر
بأموالهم وأنفسهمُ ،
المنافقين الذين شاركوا في غزوتي تبوك وبني ن ُ عدد مِن آيات ال ُقرآن في شأ ِ ٌ وعالو ًة على هذاُ ،أوح َ
ِي
س َت ْه ِز ُؤنَ * الم تَ ْ ه ُك ْن ُت ْسولِ ِ ه َو َر ُ ه َوآياتِ ِ) ُل أَبِاللَ ِ)بق ْ وض َونَ ْل َع ُ خ ُ ُن إِنَّما ُك َّنا نَ ُ م لَيَ ُقول َّ سأَ ْل َت ُه ْ ِن َ صطلِق ،مِنها آياتَ { :ولَئ ْ الم ْ ُ
ِين} [التوبة ،]66-65 ):وآية: ج ِرم َ م كا ُنوا ُم ْ َ
ِب طائِ َف ًة بِأنَّ ُه ْ ذ ْ ُم ُن َع ّ ة ِم ْنك ْ ن طائِ َف ٍ ف َع ْ ُم إِنْ نَ ْع ُ م بَ ْع َد إِيمانِك ْ تَ ْع َتذ ُِروا َق ْد َك َف ْر ُت ْ
هللا
م ُ َموا إِال َّ أَنْ أَغْ ُ
ناه ُ م يَنالُوا َوما نَق ُ همُّوا بِما لَ ْ م َو َ ِه ْ
سالم ِ م َة ا ْل ُك ْف ِر َو َك َف ُروا بَ ْع َد إِ ْ ه ما قالُوا َولَق َْد قالُوا َك ِل َ ح ِل ُفونَ بِالل ّ ِ {يَ ْ
م فِي اأْل َ ْرضِ خ َر ِة َوما لَ ُه ْ ما فِي ال ُّد ْنيا) َواآْل ِ هللا َعذابًا أَلِي ً م ُ ذ ْب ُه ُم َوإِنْ يَ َت َولَّ ْوا ُي َع ِّخ ْي ًرا لَ ُه ْ ك َ وبوا يَ ُ ه َفإِنْ يَ ُت ُ ضلِ ِِن َف ْ سول ُُه م ْ َو َر ُ
خ ْي ٌر لَّك ْ
ُم ه َو َل ُ ش ًًّرّ)ا لَّكُم بَ ْ
س ُبو ُه َ ح َ ُم اَل تَ ْ ة ّ)ِمِّنك ْ صب َ ٌ ك ُع ْ جا ُءوا بِاإْل ِ ْف ِ ِين َ ِير} [التوبة ،]74 ):وآية{ :إِنَّ الَّذ َ ي َوال نَص ٍ ِن َولِ ّ ٍ م ْ
وأخريات م} [النور .]11 :اآلية األخيرة ُ َاب َعظِي ٌ م لَ ُه َعذ ٌ َّى كِ ْب َر ُه ِم ْن ُه ْ ْم َوالَّذِي تَ َول ٰ ِن اإْل ِ ث ِبم َ س َ) ئ ِّّ)ِم ْن ُهم َّما ا ْك َت َ ِل ا ْم ِر ٍ لِ ُك ِّّ)
مؤمنين عائشة) رضي هللا عنها .وكان ف ُأ ِ ّ
م ال ُ منافقون حملتهم بِقذْ ِ
مِن سورة النور ُتغط ِّي األحداث التي بدأ فيها ال ُ
صطلِق.
م ْ
هذا أثناء غزوة بني ال ُ
إرجاء أدعِياء الجهاد
دد الرسمي
ن الفصائل العسكرية قبل التم ّ
لو كان لمرء أنْ يتم ّعن في ساحة المعركة في الشام ،فإنّه سيرى أ ّ
ة بين أربعة فِئات:
للدولة اإلسالمية واقع ٌ
)1فصائل إسالمية بأجندة دولية.
)2فصائل “إسالمية” بأجندة وطنية.
)3فصائل وطنية بأجندة “إسالمية”.
مقراطية.
)4فصائل علمانية بأجندة دي ُ
مهاجرين بفارغ الصبر ولم تكُن خائف ًة من حضورهم.
ملت كل الفصائل اإلسالمية التي استقبلت ال ُ
ش َ
الفِئة األولى َ
بمختلف درجات الوطنية وعناصرها. دمت أجندة “إسالمية” ولكن مزجتها ُ ملت كل الفصائل التي ق ّ
ش َالفئة الثانية َ
دمت أجندة وطنية ،مع اإلبقاء على اللغة والثقافة “اإلسالميت ْين”
ملت جميع الفصائل التي ق ّ ش َالفئة الثالثة َ
كعوامل للتحفيز والتبرير في دعايتها .فزعمت أنّها غير علمانية12.
ن قادة فصائل الفئة الثانية لديهم خلفية “سلفية”سطحي تقريبًا باستثناء أ ّ
ٌ ال َف ْرق بين الفئت ْين الثانية والثالثة
ملت تلك الفصائل التي تنتمي رسميً ّا إلى
فش َ
َ “ممارسات” دينية أكثر .أ ّما الفئة الرابعة وجنودها يعرضون ُ
المقِيم في تركيا.
الحر (“ FSAفسا”) ُ
المجلس العسكري األعلى للجيش السوري ُ
ن أساسن الفئة الرابعة كانت) فِئ َة ِر َّدة 13.لك ّ
المنتمين للفئة األولى أ ّ
المقاتلين ُك ب ْين ُمعظم ُ
هناك ش ٌّ
لم يكُن ُ
المصابين باإلرجاء كان في الفئت ْين الثانية) والثالثة اللَّتان تل ّقتا جميعًا وعلى حد سواء
اإلشكال بالنسبة ألولئك ُ
ِن األنظمة العربية ،والغربية ،وتركيا،
الدعم الخاص) (لكن كان معلو ًما عند الفصائل األخرى) والدعم العام م َ
والس ُرورية
ّ “المسلمين”،
ُ الحر ،وجماعة اإلخوان
واالئتالف الوطني السوري (“ SNCسنك”) ،والجيش السوري ُ
وعلماء البالط السعوديين .العديد مِن قادة الفصائل
“المسلمين”)ُ ،
ُ (وهي باألساس نسخة) “سلفية” مِن اإلخوان
الحر)، “اإلسالمية” والوطنية أنفسهم ينتمون أي ً
ضا كأفراد إلى المجلس الوطني السوري ،والجيش السوري ُ
“المسلمين” ،وعلى الرغم مِن أنَّ هذه العضوية لم تكُن رسمي ًة في ُمعظم الحاالت )،إاّل أنّها
ُ وجماعة اإلخوان
مكنه إنكار تِلكُم العالقات والدعم وال ُعضوية .وفوق كل
العدو ُي ُ
ُ كانت معلُومة عند الفصائل األخرى .فال الصديق وال
ن ُمعظم هذه الفصائل كانت) ُمصابة داخليا بال ِبدع (بعضها كان الكُفر) ولكن بِدعهم هذه لم تكُن يو ًما هذا ،فإ ّ
الموالية للسعودية)، الس ُرورية ،والجامية (“السلفية” ُ
ّ ُمعتق ًدا “رسميًا” .فالفصائل “اإلسالمية” ُأصيبت بداء
(المغالِية في اإلرجاء وتعطيل صفات هللا) ،واإلخوانية (منهجية
ُ واإلرجاء .أ َّما الفصائل الوطنية ف ُأصيبت بداء الجهمية
“المسلمين”) ،والصُّوفية ،وال ُق ُبورية (عبادة القبور).
ُ جماعة اإلخوان
ثم يأتي النِّفاق … فالفصائل “اإلسالمية” والوطنية تقول أنّها ُمستقلة عن المجلس الوطني السوري والجيش
المقيم ْين في تركيا ،ولكنها تتلقى الدعم) مِن قيادة المجلس الوطني السوري والجيش السوري
الحر ُ
السوري ُ
المقيم ْين في تركيا قد زاروا مقرات هذه
الحر ُ
وممثّلِين عن المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُ
الحرُ ،
ُ
الحر
ن قيادات هذه الفصائل زارت فنادق المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُ
الفصائل في الشام ،كما أ ّ
في تركيا.
ض ُيوف مِن قِبَل الدبلوماسيين العرب في قطر والمملكة العربية
ن قادة هذه الفصائل يتم استقبالهم ك ُ
ما أ ّ
ك َ
ن الفصائل “اإلسالمية” كان لها
السعودية .ومِن جديد ،جميع الفصائل – بما فيها جبهة الجوالني – َعلِمت أ ّ
ممثّلِيات الدبلُوماسية ،واالستخبارات ،ووسائل اإلعالم، دِي األنظمة العربية بما في ذلك ال ُ عالقات ُمع ّقدة مع ُمرت ّ
ٌ
تتلق
َ منحرفة ادّعت بشكل ُمنتظم أنّها لم َ
ن غالب هذه العالقات كان ُمعل ًنا .كُل هذه الفصائل ال ُ و”ال ُعلماء” ،كما أ ّ
دعي أنّها ُ مشروط” .وهذه الفصائل “اإلسالمية” الوطنية ُتعلن أي ً
ضا أخ َّوتها معًا ،وت ّ ُ مِن ُمؤيديها سوى الدعم) “الغير
الحر ألسبابٍ سياسية أو عسكرية .و ُت ْدلِي الفصائل تختلف مع المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُ
تضمينات ُمبطَّنة بالكُفر الصُّراح أحيانًا ،أو األسوأ من ذلك أن تكون تلك
ٌ نحرفة فيها
“اإلسالمية” والوطنية ببياناتٍ ُم ِ
ن أكثر “قبواًل ” ،أو في بعض
جه بذلك ،تتراجع عن أقوالها ،أو تحرّفها نحو َمعا ٍ
البيانات في ُمجملِها كُف ًرا .وعندما ُتوا َ
بحجج “الشريعة”. األحيان ُتدافع عن باطلها ُ
مختلفة – على الرغم من امتالكها السلطة – فإنّها لم ُتطبِ ّق أب ًدا) شريعة هللا في أراضيها هذه الفصائل ال ُ
“المشت َركة”) و”الشرعية” والتي كانت “ ُتخط ِّط” – ألكثر مِنُ محاكم حررة” .وبداًل من ذلك ،أقا َمت اللجان وال َ
“الم َّ
ُ
ن اللجنة)
المنكر ،إ ّما أل ّ
تأمر بالمعروف ،ولم تنهى عن ُ الح ُدود ،ولم ُ
طب ّق ُ
لم ُت ِ
عامين – لتطبيق الشريعة ولكن ْ
ن المحكمة تحكُم فقط في مجاالتٍ ُمعيَّنة مِن الحياة) (حتّى المناسب لم يَحِن للقيام بذلك ،أو أل ّ
ن الوقت ُ
دعي أ ّ
ت ّ
محاكم) تك َّونت مِن قُضاة ال تتعارض مع مشاعر الحواضن ،وال تتعارض مع مصالح الفصائل األخرى) .هذِه اللجان وال َ
والمرجئة والجهمية واإلخوانُ الس ُرورية والجامية
ّ المنحرفة المذكورة) مِن َق ْبل:
ُمختلفين مِن ُمختلف الخلفيات ُ
ُ
واألسوأ مِن ذلك ،ال ُقضاة العلمانيين الذين) لم ينش ُّقوا عن المحامين العلمانيين،
وال ُق ُبورية والصُّوفية وحتى مِن ُ
“علماء” أدعياء الجهاد – ُك ِل ّ ُفوا معًا
ل هؤالء – باإلضافة إلى ُ
ِن ِر َّدتِهم! ُك ُّ
وبوا م ْ
يت ُ
لم ُ
خ ًرا لكنّهم ْ
النظام البعثي إاّل ُمؤ َّ
بتطبيق الشريعة…
أعداد كبيرة مِن الجنود الذين) ال ُيحافظون ال على الصلوات الخمس وال على صيام
ٌ ص ُفوفها
والفصائل الوطنية في ُ
هم
س ِر ْ ُ
وأموالهم وأ َ
ْ ِهم
ور عيش ْ ُ
المسلمين في أ ُم ِالسكان ُ ُّ رمضان ،ويعملون كعصاباتٍ ُتؤذي
المهاجرين واألنصار في الدولة
المنحرفون السالح على ُ
والمبتدعة ُ
ُ ثم ُأطلِقت الصحوات وحمل هؤالء ُ
المنافقون
الحر ،وجبهة ُثوّار
اإلسالمية .وقد فعلوا ذلك جنبًا إلى جنب وبالتعاون مع المجالس) العسكرية للجيش السوري ُ
و”علماء” الطواغيت
ُ معروف ،والماركسيين مِن حزب ال ُعمال الكردستاني “البي كي كي”،
ُ سوريا الخاصة بجمال
ش َ
كروا الطواغيت العرب َعل ًنا على دعمهم. العرب ووسائل إعالمهم .حتى أنّهم َ
شرت عن نفاقها المنافقة (التي َك َّن الفصائل ُ زعموا أ ّ
ُ المرجئة في الشام؟ لقد فما الذي فعله أدعياء الجهاد) ُ
المهاجرين وأفاضلهم .واخترعوا خاص ًة دعوى إرجا ٍء جديدة)، المجاهدين ُ َ
ل مِثل ُمعاملة أ ْعالم ُ
د أنْ ُتعام َ
دت) ال ُب ّوارت ّ
ن ابن سلول حين عاش ن “إيمان عبد هللا ابن ُأبَي (ابن سلول) يَ ْعدِل إيمان أبي بكر الصِّديق” )،وعليه ،فإ ّ وهي أ ّ
الرّ َّدة ،كان يتعيّن على الصِّديق أنْ
ح ُروب ِ
المهاجرين واألنصار أثناء ُ
ل السيف) على ُ
م َ
ح َ
ليش َه َد خِالفة الصِّديق و َ
الرّ َّدة
للحكم بينه وبين ابن سلول وذلك لتحدي ِد ما إذا كان ابن سلول قد ارتكب ِ ُ ِئ َمحكم ًة ُمشترك ًة ُمستقلة ُينش َ
قبل تم ُّرده .واألسوأ من
أم الُ ،رغم كل خِصال النفاق األكبر الواضحة التي كان ُيظهرها ابن سلول طوال حياته ْ
المنافقين اآلخرين – الذين) دون شك ضم قضا ًة مِن ُ
المشت َركة كان عليها أنْ تَ ُ
المستقلة أو ُ
محكمة ُذلك ،أنَّ ال َ
ُيكِنُّون التقدير والوالء البن سلول – شرط عدم انتمائهم إلى قبيلة ابن سلول نفسها .وكان يتعين على هذه
بحق ابن سلول!
ّ دِيق) قد ارتكب أيّة مظالم
صّ ّ
دد) ما إذا كان ال ِ
مستقلة” أنْ ُتح ِّ
محكمة “ال ُ
ال َ
منافقة بعد ظ ُُهور الصحوات – وفي العديد من الحاالت
باإلضافة إلى ذلك ،كُل بيان وفعل كُفر قامت به الفصائل ال ُ
دة
ومقبول وذلك لتبرير تحالُف أدعياء الجهاد) مع الصحوات المُّرت ّ
ُ قبله – سيتم إعادة) تفسيره إلى معنى إيجابي
د الدولة
ضد الدولة اإلسالمية .فلو قالواُ ( :نقاتل ألجل الديمقراطية ،والدولة المدنية )،ونريد الدعم) األميركي ض ّ
ن الدولة المدنية)
ن الديمقراطية هي الشورى وأ ّ يعتقدون أ ّ
ُ د اإلرهاب) ،سيقولون( :ربما كانوا اإلسالمية .نحن ض ّ
الشيوخ.
ُّ رهم بعض د الخوارج الذين ك َّف ُ المشروط ض ّ
ُ وربما أنّهم ُيريدون الدعم غير
نقيض الدولة) البوليسيةُ .
ُ هي
ْ
بجهل ِِهم والواجب أنْ
ْ ورون معذ ُ
ُ مسلمين .في النهاية ،جمي ُع ُهم د ال ُ
وربما أنّهم بكلمة اإلرهاب يقصدون اإلرهاب ض ّ
ُ
ُيعاملُوا كما لو كا ُنوا ُمجاهدين ُمسلمين كاملي األهليَّة ،إلى ْأنْ يتم تشكيل َمحكمة ُمستقلةُ /مشت َركة ،وكل َمن
فهم خوارج!) في النهاية ،كان ال ُعذر بالجهل دِرعً ا يستعمله أدعياء الجهاد)
ِحون إليهُ ،
م ُ
يقولون بتكفيرهم أو ُيل ّ
ِن الحاالت – للدفاع عن الفصائل العلمانية
كثير م َ
ٍ منافقة التي أصبحت ِر َّد ُتها واضحة و – فيللدفاع عن الفصائل ال ُ
بشكل سافِر ،الكُل ضد الدولة اإلسالمية14.
ٍ
مح َّررة”
حكُم بالشريعة على الرغم مِن سيطرتها على األراضي “ال ُ ن هذه الفصائل لم تَ ْ
لو أشار أحدهم إلى أ ّ
دار حرب 15وال ينبغي أنْ ُتقام
ن الشام ُ
ن أدعياء الجهاد) سيقولون أ ّ
د الدولة التي طبَّقت الشريعة )،فإ ّ
وقاتلوا ض ّ
المسلمين وأهليهم له األولوية على
ن جها َد الدفع ض َّد أولئك الذين) ُيؤذون حياة ُ
الح ُدود!) وسيقول البعض أ ّ
فيها ُ
ن الواجبان يتعارضان مع بعض!
ة أو بأخرى أ ّ ما يعني بطريق ٍ تطبيق التوحيد (الشريعة)ِ ،م ّ
ِن الجنود الذين) ال ُيصلون الصلوات الخمس وال
وحدات كاملة م َ
ٌ ن بعض هذه الفصائل لديها
ولو أشار أحدهم إلى أ ّ
ِن
المسلمين ويسرقون أموالهم ،فسوف ُيجِيبون بأنّه) بعد خمسين عا ًما م َ ومون رمضان ،والذين) يسفِكون دماء ُيص ُ
ُ
عذر هذه الفصائل بسبب “أخطائها” ويعتمد عليها في ُمقاتلة العدوَ ُ ي أن المرء على البعثيين كم ح
ُ )
ت تح الحياة
وهو الدولة اإلسالمية!
المشترك ،أال ُ ُ
ُ
دِين) (أساسيات الشهادتين) ،وأصولها المعلُومة
مل أركان ال ّ
غ أدعياء الجهاد في مفهوم ال ُعذر بالجهل ليش َلذلك بَالَ َ
المعاصرة الواضحة عند ُمعظم العوام (مثل َمعنى
المعروفة) ،والحقائق) ُ
ُ (من االقتناع وااللتزامات والمحظورات
الحر) .وقلَّلُوا
الديمقراطي ،وعلمانية المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُُ الديمقراطية ،وآليات النظام
ُ
بشكل عام .وأنكروا أي ً
ضا ظاهرة النِّفاق في األحكام العملية. ٍ أي ً
ضا مِن خطر تَ ْرك أركان اإلسالم وتطبيق الشريعة
الرّ َّدة
المنحرف القوة الدافعة ألدعياء الجهاد في الشام (جبهة الجوالني) لمساعدة) صحوات ِ
فأصبح هذا اإلرجاء ُ
ِن
نم ْ
ْم هذا معروفٌ جي ًدا ،قال اإلمام محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا( :أ ّ
وحك ُ
د الدولة اإلسالمية! ُ
في الحرب ض ّ
المسلمين ،والدليل قوله تعالى{ :يَا أَيُّ َها الَّذ َ
ِين آ َم ُنو ْا ال َ ومعاونتهم على ُ المشركين ُ نواقض اإلسالمُ :مظاهرة ُ
ِين}
م الظَّالِم َ هللا ال َ يَ ْهدِي ا ْل َق ْو َ
َ م إِنَّ م أَ ْولِيَاء بَ ْعضٍ َو َمن يَ َت َول َُّهم ّمِنك ْ
ُم َفإِنَّ ُه ِم ْن ُه ْ صا َرى أَ ْولِيَاء بَ ْع ُ
ض ُه ْ ِذو ْا ا ْليَ ُهو َد َوال َّن َ
تَ َّتخ ُ
ن مِن الثِّياب الواهِنة حتى تركهم ُعرا ًة
ه َ
ل أدعياء الجهاد مِن دِينهم أ ْو َ
ج َع َ
[المائدة[ )]51 ):نواقض اإلسالم] .وهكذا َ
صحوات.
ل ُنظرائهم ال َّ
ومكشوفين كحا ِ
ُ دِين)
ِن ال ّ
م َ
ِن هذا اإلرجاء في الشام بتف ُّرجِها على لألسف ،كانت االستخبارات العربية والغربية قادرة على االستفادة م ْ
صحوات .وباتوا يأملُون في تكرار التجربة على أراضي ويدافعون عن ال َّ وهم ُيقاتلون الدولة) اإلسالمية ُ
أدعياء الجهاد ُ
هللا إِاَّل أَن ُيتِ َّ
م ُنو َر ُه َولَ ْو َك ِر َه ِه ْ ْ
م َويَأبَى ُ ه بِأَ ْف َواه ِ يدونَ أَن ُي ْ
ط ِف ُئوا ُنو َر اللَ ِ {ي ِر ُ الجهاد األُخرى ،ولكن ُ
نسوا قول هللا تعالىُ :
ا ْل َ
كاف ُِرونَ } [التوبة.]32 :
————الهامش————–ـ
مرجئة دي ًنا يعتقد أتباعه بدخول الجنّة وإنْ تركوا األعمال األساسية لإليمان (أركان اإلسالم األربعة بعد -1ابتدع ال ُ
َ
المغرورين الذين قِيل فيهم{ :أ َف ُت ْؤ ِم ُنونَ بِبَ ْعضِ فهم أشبه باليهود الشهادتين) ويزعمون اإلثبات لكالمهم! وعليهُ ،
ُ
َ حون{ :لَن تَ َ
ار إِاَّل أيَّا ًما
س َنا ال َّن ُ
م َّ صرّ ُ
ص ْي َنا} [البقرة ،]93 :و ُي ِ
م ْع َنا َو َع َ
{س ِ
َ ض} [البقرة ]85 :ويقولون: ا ْلكِ َتابِ َوتَ ْك ُف ُرونَ بِبَ ْع ٍ
ن بعضهم ي أّ ّ السلف اإلرجاء بالنصرانية ،كما ُر ِو ََّ وقد قا َرنَ ْ و{س ُي ْغ َف ُر لَ َنا} [األعراف.]169 :
َ َّم ْع ُدو َد ًة} [البقرة]80 :
ن الخالص
مون أ ّ
يزع ُ
ن النصارى ،مِثل اليهودُ ،
ة مِن النصرانية) [الاللكائي] .وذلك أل ّ
شعب ٌ
قال( :ات ُقوا اإلرجاء ،فإنّه ُ
ُل
ي أعمال تسند هذه األقوال على اإلطالق؛ أجاب هللا تعالى اليهود في قوله{ :ق ْ مجرّدة دون أ ّ مكن باألقوال ال ُ ٌ ُم
ه حا ط َ ْ
ت بِ ِ س ِي ّ َئ ًة َوأَ َ ب َ س َ ى َمن َك َ مونَ * بَلَ ٰ هللا َع ْه َد ُه أَ ْم تَ ُقولُونَ َعلَى هللاِ َما اَل تَ ْعلَ ُ
ِف ُ خل َ ه َع ْه ًدا َفلَن ُي ْ م عِن َد اللَّ ِ أَتَّ َ
خذْ ُت ْ)
م فِي َها ه ْة ُ اب ا ْل َ
ج َّن ِ) ح ُ ص َ حاتِ ُأو ٰلَئِ َ
ك أَ ْ صالِ َملُوا ال َّ خال ُِدونَ * َوالَّذ َ
ِين آ َم ُنوا َو َع ِ م فِي َها َه ْ
ار ُ اب ال َّن ِ
ح ُص َك أَ ْخطِي َئ ُت ُه َف ُأو ٰلَئِ ََ
هو ًدا أَ ْو ن كانَ ُ ج َّن َة إِال َّ َم ْل ا ْل َ خ َ ن يَ ْد ُ خال ُِدونَ } [البقرة .]82-80 ):وأجاب هللا تعالى النصارى واليهود في قولهَ { :وقالُوا لَ ْ َ
ع ْن َد ج ُر ُه ِِن َفلَ ُه أَ ْ حس ٌ ه َو ُم ْ ه َو ُ ج َه ُه لِل ِم َو ْسل َ َ ن أَ ْ
ِين * بَلى َم ْ م صا ِدق َ ُم إِنْ ُك ْن ُت ْ
ُل ها ُتوا ُب ْرهانَك ْ مق ْ ك أَمانِي ُُّه ْ
نَصارى تِ ْل َ
ل ا ْلكِ َتابِ ه ِ يِ أَ ْ
ُم َواَل أَ َمانِ ّ س بِأَ َمانِ ِي ّك ْ ح َز ُنونَ } [البقرة .]112-111 :وفي قوله تعالى{ :لَّ ْي َ م يَ ْ ه ْ م َوال ُ خ ْوفٌ َعلَ ْي ِه ْ ه َوال َ َربِّ ِ
ه َوَى َو ُ ُ َ
حاتِ مِن َذ َك ٍر أ ْو أنث ٰ صالِ َِن ال َّ لم َ م ْه َولِيً ّا َواَل نَصِي ًرا * َو َمن يَ ْع َ
ن الل ّ ِ ه َواَل يَج ِْد لَ ُه مِن ُدو ِ ج َز بِ ِسو ًءا ُي ْ ل ُ م ْ َمن يَ ْع َ
ن ُمجرّد ادّعاء اإليمان مونَ نَقِي ًرا} [النساء .]124-123 ):أعلن اليهود والنصارى أ ّ ظل َ ُ
ة َواَل ُي ْ
ج َّن َ)خلُونَ ا ْل َ ك يَ ْد ُِن َف ُأو ٰلَئِ َ ُم ْؤم ٌ
برسلِهم كان كافيًا إلنقاذهم مِن النار حين تخليهم عن الجوانب الرئيسية لهذا اإليمان ،وهي عندهم اتبّاع آخر ُ
ن رحمة هللاالمق َّدسة .وأخي ًرا ،إ ّ
األنبياء ُمحمد ﷺ في األقوال واألعمال ،كما ُت ُن ِب ّئ به في ك ُُتبِهم ُ
الشِرك والكُفر!
ّ ومغفرته ليست بال ُعذر الرتكاب المعاصي والمظالم عدى
المسلمين الرتكاب المزيد مِن برّر لملوك ُ
الم ِ
دِين وتهوين خطر المعاصي – أعطُوا ُ ُ -2مرجئة الماضي – بتمييع ال ّ
المعاصرين تشريع القوانين الوضعية والتحا ُلف) معبر ُروا للطواغيت ُ
المعاصرين َّ
المرجئة ُالمعاصي والظُلم .وبعض ُ
المسلمين. د ُ دِين) ض ّ
والمرت ّ
ُ اليهود والنصارى والوثنيينُ
خا ُه}) [األعراف .]111 :قال الطبري في تفسيره: َ أو
ْ ْ َ َِه
ج رَ أ ُوا
ل ا َ
ق { تعالى: قال التأخير، ِنم اإلرجاء أصل ِم:جتر الم
* ُ
خ ُروه ،أو ألنّهم قال بتأخير
بالمرجئة ألنّهم أرجؤوا العمل عن ُمسمى اإليمان ،أي أ َّ ُ سمُّوا
وقد ُ
ْ خِره).
أي أ ّ
(أرجِه ْ
ن اإليمان ال
اشت ِهر قول بعضهم( :أ ّ
ُ قول بال عمل ،كما
ٌ ن اإليمان
هم َمن يقولون أ ّ
والمرجئة ُ
ُ العقاب يوم القيامة.
ضر معه ذنب ،كما ال تنفع مع الكفر طاعة).يَ ُ
ك ال َعمل.
المترجِم :االنقياد ُينافي تَ ْر َ
* ُ
ح
-3بقوله الفرائض يعني أركان اإلسالم األربع بعد الشهادتين (وهي الصالة والزكاة) والصوم والحج) ،كما هو واض ٌ
كفر أكبر .أ ّما بالنسبة لألركان الثالثة األُخرى، ٌ ن تَ ْرك الصالة اتفق الصحابة صراح ًة على أ ّ ّ في االقتباس الالحق.
الحكْم على الشخص الذي يترك أحد هذه الثالثة .وهللا أعلم. فهناك خِالفٌ في الرأي بين ال ُعلماء الالحقين في ُ ُ
ِين}
م ْؤ ِمن َ ٰ ُ
ك َو َما أولَئِ َ
ك بِا ْل ُ ٰ َّى َف ِر ٌ
يق ِ ّم ْن ُهم ّمِن بَ ْع ِد َذلِ َ م يَ َت َول ٰ َ
ل َوأطَ ْع َنا ُث َّ
سو ِ
الر ُ -4قال تعالىَ { :ويَ ُقولُونَ آ َم َّنا بِاللَّ ِ
ه َوبِ َّ
ها إِاَّل
صاَل َ َّى} [القيامة .]32-31 :وقال تعالى{ :اَل يَ ْ َّى * َو ٰلَكِن َكذ َ
َّب َوتَ َول ٰ صل ٰ ص َّد َ
ق َواَل َ [النور .]47 :وقال تعالى{ :فَاَل َ
َّى} ى َمن َكذ َ
َّب َوتَ َول ٰ ِي إِلَ ْي َنا أَنَّ ا ْل َعذ َ
َاب َعلَ ٰ َّى} [الليل .]16-15 :وقال تعالى{ :إِنَّا َق ْد ُأوح َ َى * الَّذِي َكذ َ
َّب َوتَ َول ٰ اأْل َ ْ
شق ٰ
وهو إثم )،وبين حظة :هناك فرق بين ُمجرد العِصيان لرسول هللا ﷺ في بعض األُ ُمورُ ، [طهُ .]48 :مال َ
ي مِن أوامِر دينه على اإلطالق .حالة) العِصيان ال َّتامة هذه تستلزم تَ ْرك الصلوات
عِصيانه تما ًما بعدم اتباع أ ّ ٍ
الخمس ،وهو كُفر.
الرّبا أو
لمجرد ُممارسة القِمار أو ِ
كفر أكبر .أ ّما بالنسبة) ُ
ٌ ن االمتناع بالقوة بهذه المحظُورات هو -5كلماته ُتوضِّح أ ّ
ال ِزّنا فهذا إثم ،وليس مِن الكُفر األكبر.
المترجِم :انظُر أ ِدل ّة “إجماع الصحابة) على تكفير تارك الصالة أو الزكاة”
* ُ
ن النبي محمد ﷺ مِن قريش ،وأنّه عاش في المدينة) المنورة
ن الكعبة في مكة المكرمة ،وأ ّ
-6واقع أ ّ
مسلمين في كل مكان .بل أمر ُمتعارف عند ال ُ
ن قبره في المدينة المنورة ،هو ٌ (بعد الهجرة مِن مكة المكرمة) ،وأ ّ
م في دار اإلسالم
دعي الجهل في هذا وهو ُمقي ٌ اليهود والنصارى .فكيف ُيمكن للمرء أنْ ي ّ
ُ و ُمتعارف عند كثير مِن
وواقف أمام الكعبة داخل المسجد) الحرام!
ٌ حكْم “الخلفاء العباسيين” واألمويين وفي زمن كِبار الفقهاء،
أثناء ُ
مرجئة .انظُر النقوالت عن اإلمام
مبالغ فيها عند ال ُ
فهوم شرعي ،ولكن ليس بالصورة ال ُ -7ال ُعذر بالجهل هو َم ُ
محمد بن عبد الوهاب في هذا المقال لتفسير التطبيق الصحيح لهذا المفهوم.
-8بحسب) أهل السنة ،فاإليمان يزيد وينقص بمستوى إقرار القلب واللسان والجوارح ،باألقوال واألعمال ،وليس
متعلِّق بمسائل العقيدة.
مجرد العِلم ال ُ
ب ُ
-9وانظُر اآليت ْين 43-42من سورة النمل ،واآليات 29-25من سورة هود ،وتفسير أبي جعفر الطبري رحمه هللا (ت
دِين”).
فسِرين – لبعض اآليات المن ُقولة في المقال ،وكتابه “التبصير في معالم ال ّ
م ّ310هـ) – إمام ال ُ
أمور
ٍ ضا الصفحات 23-22مِن دابق العدد َ .7ذ َك َر ال ُعلماء أ ّ
ن العِلم واالنقياد واإلخالص – باإلضافة إلى -10انظُر أي ً
أخرى – شروطٌ لهذه الشهادة .هذه الشروط هي أضدا ٌد للجهل ،وللترك الكامل للعمل ،وللشرك .وعليه ،كيف
ما؟
التارك للصالة ُمسل ً
ِ شرك أو
م ِيمكن اعتبار المرء ال ُ
ِن
-11انظُر الصفحات 66-62مِن دابق العدد ،7لتقرأ عن خِصال النفاق األكبر التي يجهلها الحزبيين) واأل ِدل ّة م َ
المنافقين إذا أظهروا نفاقهم.
ال ُقرآن التي تفرض جِهاد ُ
العلمانية/الديمقراطية صراحة.
ُ ويشار إليها بالفصائل الوطنية لتمييزها عن الفصائل
ُ -12
دة) هذه األقل تأثي ًرا في تحريف الجهاد .وكان
المرت ّ
-13بسبب طبيعة الشعب) السوري ،كانت الفصائل العلمانية ُ
الحر والمجلس الوطني السوري – االعتماد أكثر على
المقيمين في تركيا – الجيش السوري ُ دين) ُ المرت ّ
على ُ
الفئت ْين الثانية والثالثة لتحقيق التأثير على األحداث في الشام .فاستخدموا عالقاتهم ودعمهم ألجل هذا الغرض.
بشكل عام
ٍ المختلِفة – انهارت
دة – المجالس) العسكرية للجيش السوري الحر والكتائب) ُ المرت ّ
والفصائل العلمانية ُ
المنافقة ُيشار
دعي حملها أجندة) وثقافة أكثر “إسالمية”ُ .مالحظة :الفصائل ُ
المنافقة التي ت ّ
على يد الفصائل ُ
ِن المنطقة الرمادية للنفاق إلى سواد
ت الحق م َ
قد انتقلت في وق ٍ
إليها بالنفاق لذات األسباب التاريخية .فهي ْ
الرّ َّدة في األقوال واألعمال بعد أن حصلت على “الحرية”) لكشف كُفرها من خالل الصحوات.
ِ
جال بالجهل إذا
د ّ
المعاصرين ،فما الذي سيمنع بعضهم مِن إعذار ال ّ
المرجئة ُ
-14إذا كان الجهل سبيل لل ُعذر عند ُ
ادّعى النُّبوة والربوبية ليقاتلوا في ص ّفِه ضد أولئك الذين يك ّفِرونه؟
-15قال ابن قُدامة رحمه هللا( :و ُتقام الحدود في ال ُثغور ،بغير خِالف نعلمه ،ألنّها من بالد اإلسالم ،والحاجة) داعية
وهو
ش ِرب الخمر ثمانينُ ،
ن َ
ب ُعمر إلى أبي عبيدة ،أنْ يجلد َم ْإلى زجر أهلها ،كالحاجة) إلى زجر غيرهم ،وقد َك َت َ
دار اإلسالم ،فكيف الحال باألراضي التي ِن ِ
المسلمين م ْ[المغْني] .إذا كانت ثُغور ُ
ُ ِن ال ُثغور)
وهو م َ
بالشامُ ،
المصطلَح
ن ُ المرجئة معنى دار الحرب ليعني األرض التي تشهد الحرب ،في حين أ ّ تحميها ال ُّث ُغور؟ شوّه هؤالء ُ
لم تشهد هذه األرض حربًا!
المسلمين حتى لو ْ
هدنة مع ُ ُيشير إلى األرض التي يحكمها الكفار بِ ُدون ُ
المقال منشور بتاريخ 10جمادى اآلخر 1436هـ 30 ،مارس 2015م
ترجمة Abdulaziz_Shamr
تصميم Abu_Abdullah