You are on page 1of 15

‫اإلرجاء‪ ،‬أخطر البدع‪ ،‬وأثره على الجهاد في الشام‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫السلف بشدة) مِن بدعة اإلرجاء‪ ،‬كونها بدع ًة ُمنحرف ًة مِن شأنها تمييع دين ُ‬
‫المسلمين‪ ،‬بجعلِها ارتكاب‬ ‫َّ‬ ‫ذر علماء‬
‫ح ّ‬
‫المسلمين بالتخلي عن ُممارسة دينهم‬
‫جمهور ُ‬
‫كبائر الذنوب وحتى الكُفر أ ْم ًرا ه ِي ّ ًنا‪ .‬فمِن خالل اإلرجاء‪ ،‬بدأ ُ‬
‫واستبدلوا أعمالهم الصالحة بالعمل الدنيوي – واألسوأ – باألعمال ال ِبدعية‪ .‬حتى أنّهم انشغلوا بعي ًدا عن تعلُّم‬
‫ة غامضة مِن “الوعي” – وركّزوا بداًل مِن ذلك على العِلم الدنيوي فقط‪.‬‬ ‫دِين – بِما يكفيهم أنْ يكونوا في حال ٍ‬
‫ال ّ‬
‫ة وصفها ال ُفضيل ابن عِياض رحمه هللا (ت ‪187‬هـ) بقوله‪( :‬كيف بك إذا بقيت إلى‬
‫وببطء‪ ،‬سا َد الجهل إلى َمرحل ٍ‬
‫ُ‬
‫المؤمن والكافر‪ ،‬وال ب ْين األمين والخائن‪ ،‬وال ب ْين‬
‫فرّقون ب ْين الحق) والباطل‪ ،‬وال ب ْين ُ‬ ‫أناسا ال ُي ِ‬
‫ً‬ ‫شاهدت فيه‬
‫َ‬ ‫ن‬‫زما ٍ‬
‫معرو ًفا وال ُينكرون ُمنك ًرا) [اإلبانة) الكُبرى]‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الجاهل والعالِم‪ )،‬وال يعرفون‬
‫ّق ابن بَط ّة رحمه هللا (ت ‪387‬هـ) على كالم ال ُفضيل‪ ،‬بقوله‪( :‬فإنا هلل وإنّا إليه راجعون‪ ،‬فإنّا قد بلغْنا ذلك‬ ‫َعل َ‬
‫ن رجال ً ممن وهب هللا له عقاًل صحي ً‬
‫حا‪ ،‬وبص ًرا ناف ًذا‪ ،‬فأمعن نظره‪ ،‬ور َّدد‬ ‫وسمِعناه‪ ،‬وعلِمنا أكثره وشاهدناه‪ ،‬فلو أ ّ‬
‫م األشهر‬‫ن األكثر األع ّ‬
‫فِكره‪ ،‬وتأ ّمل أ ْمر اإلسالم وأهله‪ ،‬وسلك بأهله الطريق األقصد‪ ،‬والسبيل األرشد‪ ،‬لتبيَّن له أ ّ‬
‫جة‪ )،‬وانقلبوا عن صحيح الحجة‪ ).‬ولقد‬ ‫مح َّ‬
‫ِن الناس قد نكِصوا على أعقابهم‪ ،‬وارتدُّوا على أدبارهم‪ ،‬فحا ُدوا عن ال َ‬
‫م َ‬
‫ِن الناس يستحسنون ما كانوا يستقبحون‪ ،‬ويستحلون ما كانوا ُيحرمون‪ ،‬ويعرفون ما كانوا ُينكرون‪،‬‬ ‫كثير م َ‬
‫ٌ‬ ‫أضحى‬
‫ِن أهل اإليمان‬‫دِين‪ )،‬وال م ْ‬
‫ن كانوا على بصير ٍة في هذا ال ّ‬
‫أفعال َم ْ‬
‫ُ‬ ‫مسلمين‪ ،‬وال‬
‫وما هذه – رحِمكم هللا – أخالقُ ال ُ‬
‫به واليقين) [اإلبانة الكُبرى]‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬لو ظهر لهم َمن يدعي النُّبوة مع‬ ‫أسراب كالطير يتبع بعضهم بع ً‬
‫ٌ‬ ‫(والناس في زماننا هذا‬
‫ُ‬ ‫وقال ابن بَط ّة أي ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫شيَعًا)‬
‫ن رسول هللا ﷺ خاتم األنبياء ألتَّبعوه‪ ،‬أو َمن يدعي الربوبية) لوجد على ذلك أتباعً ا و ِ‬ ‫علمهم بأ ّ‬
‫[اإلبانة الكُبرى]‪.‬‬
‫حِد أنْ يكون على‬
‫مو ّ‬
‫مجاهد ال ُ‬
‫مهم لل ُ‬
‫ِن ال ُ‬
‫نم َ‬
‫منحرف‪ ،‬فإ ّ‬
‫ما أصاب األمة هو نتيجة هذا االبتداع ال ُ‬
‫ن الكثير ِم ّ‬
‫وأل ّ‬
‫بصير ٍة مِن هذه الظاهرة وخاصة في الكيفية التي تنتمي بها إلى الجهاد‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫السلف وتحذيرهم الشديد) مِـن اإلرجاء‬‫َّ‬
‫هجر تعلُّم‬
‫ِ‬ ‫إلى‬ ‫سيقود‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫يعلمون‬ ‫وكانوا‬ ‫مبكر‪.‬‬ ‫ت‬
‫ٍ‬ ‫وق‬ ‫في‬ ‫ِنه‬
‫م‬ ‫روا‬ ‫ذ‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫قد‬ ‫كانوا‬ ‫اإلرجاء‬ ‫ُهور‬‫ظ‬ ‫دوا‬‫ه‬ ‫ش‬
‫َ ِ‬ ‫الذين‬ ‫لف‬ ‫الس‬‫َّ‬
‫وممارسته‪.‬‬
‫دِين ُ‬ ‫ال ّ‬
‫[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫يهود القبلة)‪1‬‬
‫(المرجئة ُ‬
‫ُ‬ ‫قال سعيد بن جبير رحمه هللا (ت ‪95‬هـ)‪:‬‬
‫ِن فتنة األزارقة) “واألزارقة‬
‫المرجئة أخوفُ على هذه األمة م ْ‬
‫(لفتنة ُ‬
‫ُ‬ ‫قال إبراهيم النخعي رحمه هللا (ت ‪96‬هـ)‪:‬‬
‫[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ِن الخوارج”)‬
‫ةم َ‬ ‫فرق ٌ‬
‫[السنة) – عبد هللا بن اإلمام‬
‫ُّ‬ ‫ِن األزارقة)‬
‫ع َّدت ِِهم م َ‬
‫ِن ِ‬
‫(المرجئة أخوف عندي على أهل اإلسالم م ْ‬ ‫ُ‬ ‫وقال أي ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫أحمد]‪.‬‬
‫[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫المرجئة)‬
‫ِن ُ‬‫أعذر عندي م َ‬
‫ُ‬ ‫ضا‪( :‬الخوارج‬ ‫وقال أي ً‬
‫[السنة – عبد هللا بن‬
‫ُّ‬ ‫ع من الثياب الرقيقة”‬
‫ِن ثوب سابري) “والسابري نو ٌ‬‫دِين أرقّ م ْ‬
‫المرجئة ال ّ‬
‫ت ُ‬ ‫ضا‪( :‬تَ َر َك ِ‬‫وقال أي ً‬
‫اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ِن أمرهم كثير‪ ،‬فإياك‬
‫الش ُّر م ْ‬
‫َّ‬ ‫المرجئة؟) فقال‪( :‬أَ َّو ُه‪ ،‬ل ّفقوا قواًل ‪ ،‬فأنا أخافهم على األمة‪،‬‬
‫وسئِل‪( :‬ما ترى في رأي ُ‬
‫ُ‬
‫اآلج ِري]‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وإياهم) [الشريعة) –‬
‫[السنة) – عبد هللا بن اإلمام‬
‫ُّ‬ ‫المرجئة)‬ ‫ِن الناس أكثر حماق ًة عن طريق رأيهم م َ‬
‫ِن هذه ُ‬ ‫وقال أي ً‬
‫ضا‪( :‬ال أعرف م َ‬
‫أحمد]‪.‬‬

‫مجوسا) [الاللكائي]‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال ُمجاهد رحمه هللا (ت ‪104‬هـ)‪( :‬يبدؤون فيكم ُمرجئة‪ ،‬ثم يكونون َق َد ِرية‪ ،‬ثم يصيرون‬
‫شيء‬
‫ٌ‬ ‫ِن األهواء‬
‫وكان قتادة رحمه هللا (ت ‪118‬هـ) ويحيى بن أبي كثير رحمه هللا (ت ‪129‬هـ) يقوالن‪( :‬ليس م َ‬
‫[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ِن اإلرجاء)‬
‫أخوف عِندنا على األمة م َ‬
‫المرجئة باليهود)‬
‫ِن ُ‬‫بنهار أشبه م َ‬
‫ٍ‬ ‫نهار‬
‫ٌ‬ ‫بليل‪ ،‬وال‬
‫ٍ‬ ‫ليل‬
‫ٌ‬ ‫الحسين رحمه هللا (ت ‪118‬هـ)‪( :‬ما‬
‫وقال محمد بن علي بن ُ‬
‫[الاللكائي]‪.‬‬
‫ِن هذه – يعني‬
‫أضر على أهله م ْ‬
‫َّ‬ ‫ة‬
‫ابتدعت في اإلسالم بدع ٌ)‬
‫ه ِري رحمه هللا (ت ‪124‬هـ)‪( :‬ما ُ‬
‫الز ْ‬
‫وقال اإلمام ُ‬
‫اآلج ِري]‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اإلرجاء‪[ )-‬الشريعة –‬
‫المرجئة والرافضة) [الاللكائي]‪.‬‬
‫(هم أعداء هللا‪ُ ،‬‬
‫المعتمِر رحمه هللا (ت ‪132‬هـ)‪ُ :‬‬
‫وقال منصور بن ُ‬
‫ِن‬
‫دِين) مِنهم م َ‬
‫وقال ُمغيرة بن مِقسم الض َِّب ّي رحمه هللا (ت ‪133‬هـ)‪( :‬وهللا الذي ال إله إال هو‪ ،‬ألنا أخوفُ على ال ّ‬
‫[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫مرجئة ‪)-‬‬ ‫ساق – يعني ال ُ‬‫ال ُف ّ‬
‫هو ش ٌّر مِنهم – يعني‬
‫ن ُ‬
‫أعرف َم ْ‬
‫ِ‬ ‫هو‪ ،‬ما‬
‫سليمان األعمش رحمه هللا (ت ‪148‬هـ)‪( :‬وهللا الذي ال إله إال ُ‬ ‫وقال ُ‬
‫[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫مرجئة ‪)-‬‬
‫ال ُ‬
‫خالل]‪.‬‬
‫[السنة) – ال َ‬
‫ُّ‬ ‫دين اإلرجاء)‬
‫ُ‬ ‫حدث‬ ‫(دين ُم ْ‬
‫ٌ‬ ‫سفيان الثوري رحمه هللا (ت ‪161‬هـ)‪:‬‬ ‫وقال ُ‬
‫مرجئة) [الاللكائي]‪.‬‬
‫ِن ال ُ‬ ‫ضا وهو يقل ّب َو َر َ‬
‫ق ال ُقرآن‪( :‬ما أح ٌد أبعد مِنه م َ‬ ‫وقال أي ً‬
‫مرجئة يَكْذبون على‬ ‫(هم أخبث قوم‪ ،‬وحسبك بالرافضة خب ًثا‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن ال ُ‬ ‫ش ِريك القاضي رحمه هللا (ت ‪177‬هـ)‪ُ :‬‬ ‫وقال َ‬
‫[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫هللا)‬
‫ن‬
‫جال أو الدابة؟) فقال‪( :‬استقضاء فُال ٍ‬
‫د ّ‬
‫جا‪ ،‬ال ّ‬
‫مبارك رحمه هللا (ت ‪181‬هـ)‪( :‬أي ُُّهم أسرع خرو ً‬
‫وسئِل عبد هللا بن ال ُ‬
‫ُ‬
‫[السنة – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫جال))‬
‫د ّ‬
‫دابة أو ال ّ‬
‫ِن خروج ال ّ‬
‫مسلمين م ْ‬‫الجهمي على ُبخارى أش ُّد على ال ُ‬
‫صيبونَ به مِن ُدنياهم‬
‫ملُوك‪ُ ،‬ي ُ‬
‫(دين ُيوافق ال ُ‬
‫ٌ‬ ‫عن اإلرجاء‪ ،‬فأجاب‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫م ْيل رحمه هللا (ت ‪204‬هـ)‬
‫ش َ‬
‫وسئِل ال َنضْر بن ُ‬
‫ُ‬
‫صون به مِن دِينهم) [البداية) والنهاية]‪2.‬‬
‫و ُينق ُ‬
‫مسلمين أنْ يتجاهلوا بفداحة هذا االبتِداع؟‬
‫ِن اإلرجاء‪ ،‬فكيف لل ُ‬
‫السلف قد حذ َُّروا بشدة) م َ‬
‫َّ‬ ‫إذا كان‬
‫‪ ‬‬
‫أسراب كالط ّير” – ابن بَط ّة‬
‫ٌ‬ ‫“الناس في زماننا هذا‬
‫‪ ‬‬
‫أصـل ومعنى اإلرجاء‬
‫ُ‬
‫عن الخوارج) دون االعتماد على‬
‫ِ‬ ‫رجئة أنْ ي ْنأوا بأن ُفسِهم‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫ف الخوارج‪ .‬فحاول ُ‬ ‫فعل على انحرا ِ‬‫ٍ‬ ‫اإلرجاء َر َّد ُة‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫أحسن وجه‪ ،‬حين‬
‫ِ‬ ‫جبير رحمه هللا هذا على‬‫السلف سعيد بن ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِم‬ ‫ابتدعوا فِرقتهم‪َ .‬ف َّ‬
‫س َر عال ُ‬ ‫ُ‬ ‫السنة‪ .‬وبِفعلهم ذلك‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫من نبيكم؟”‬ ‫مثَل الصابئين‪ ،‬أتوا اليهود فقالوا لليهود‪“ :‬ما دينكم؟”‪ ،‬قالوا‪“ :‬اليهودية”‪ ،‬قالوا‪“ :‬ف َ‬ ‫المرجئة ك َ‬
‫قال‪َ ( :‬مثَل ُ‬
‫ن ت ِبعكم؟” قالوا‪“ :‬الجنّة”‪ ،‬ثم أتوا النصارى فقالوا‪َ “ :‬من أنتم‪ ،‬وما دينكم؟” قالوا‪:‬‬
‫م ْ‬
‫“موسى”‪ ،‬قالوا‪“ :‬فماذا لِ َ‬
‫قالوا‪ُ :‬‬
‫من نبيكم؟” قالوا‪“ :‬عيسى”‪،‬‬‫كتابكم؟” قالوا‪“ :‬اإلنجيل”‪ ،‬قالوا‪“ :‬ف َ‬
‫ُ‬ ‫وديننا النصرانية”‪ )،‬قالوا‪“ :‬فما‬
‫ُ‬ ‫“نحن النصارى‬
‫ُ‬
‫نحن نصارى ‪)-‬‬
‫ُ‬ ‫نحن يهود وال‬
‫ُ‬ ‫“فنحن ب ْين ذ ْين‪ – ”.‬أي ال‬
‫ُ‬ ‫ن تبِعكم؟” قالوا‪“ :‬الجنّة”‪ )،‬قالوا‪:‬‬‫م ْ‬
‫قالوا‪“ :‬فماذا لِ َ‬
‫[الاللكائي]‪.‬‬
‫لكي يكُونَ المرء‬
‫ْ‬ ‫أساسا‬
‫ً‬ ‫المنكرات‬
‫ل ُ‬ ‫ك ُك ّ‬
‫ل الفرائض وتَ ْر ِ‬
‫ِعل ُك ّ‬
‫ِن ف ِ‬
‫والمرجئة ردُّوا على الخوارج الذين جعلوا م ْ‬
‫ُ‬
‫ن المرء‪ ،‬حتى‬
‫المنكرات ال ُيؤثِّر في إيما ِ‬
‫ل ُ‬ ‫ل ُك ّ‬
‫ل الفرائض) وفع َ‬
‫ك ُك ّ‬
‫ن تَ ْر َ‬
‫ما‪ ،‬بجوابهم ببدعتهم الخاصة‪ ،‬زاعمين أ ّ‬ ‫ُمسل ً‬
‫مل َعن واقعِ اإليمان‪ ،‬وبالتالي “أرج ُؤوا” العمل بعد تعريف اإليمان‪ ،‬وهذا‬ ‫ك أركان اإلسالم ُكلَّها! فقد َف َ‬
‫صلُوا ال َع َ‬ ‫لو تَ َر َ‬
‫هو الجذر اللغوي لكلمة اإلرجاء‪ ،‬فاإلرجاء يعني تأخير الشيء أو تأجيله‪*.‬‬
‫ِن المهم أواًل ت َذ ُّكر‬
‫وعواقب عملية عديدة – بعضها سيتم مناقشته – ولكن م ْ‬
‫ٌ‬ ‫ومظاهر‬
‫ٌ‬ ‫خصائص‬
‫ٌ‬ ‫ِداعهم هذا له‬
‫وابت ُ‬
‫ِن اإلرجاء‪.‬‬ ‫حر ُروا أنفسهم م َ‬
‫السلف لإليمان ال يعني أنّهم َّ‬
‫َّ‬ ‫ن االتفاق الظاهري لبعض ال ُعلماء والدُّعاة) مع تعريف‬
‫أ ّ‬
‫الحكم‬
‫ن ُ‬ ‫المعاصرين‪ ،‬الذين يقولون أ ّ‬
‫صر “السلفيين” ُ‬
‫يكون أوضح عند تمعُّن المرء في أقوال ُعلماء ال َق ْ‬
‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫كفر أكبر‪ ،‬ولكن ال ُيح ّققون العواقب العملية لهذه األحكام‬
‫ٌ‬ ‫المسلمين هو‬
‫د ُ‬ ‫بالقوانين الوضعية وتأييد الكُفار ض ّ‬
‫النظرية على النظام السعودي‪.‬‬
‫أشخاص في‬
‫ٌ‬ ‫ومبرر لكُفر أسيادهم‪ .‬وبالمثل‪ ،‬كان هناك‬
‫السلف وال ُعلماء وذلك البتِداع َم ْهرب ُ‬
‫َّ‬ ‫بداًل ‪ُ ،‬ي ِ‬
‫حرّفون أقوال‬
‫قول‬
‫ٌ‬ ‫السلف لإليمان كلم ًة بكلمة‪“ ،‬اإليمان‬
‫َّ‬ ‫وكرروا بانتظام تعريف‬
‫َّ‬ ‫صوا في مجال الحديث)‬ ‫هذا العصر الذين تخصّ ُ‬
‫المسلم لو‬
‫ن ُ‬ ‫وعمل‪ ،‬يزيد وينقص”‪ .‬ومع ذلك فإنّهم يعارضون صراح ًة اآلثار ُ‬
‫المترتبة على هذا التعريف بزعمِهم أ ّ‬ ‫ٌ‬
‫ما وفي النهاية سيدخل الجنة!) فجعلوا بذلك‬ ‫ديًا هللا تما ًما‪ ،‬فإنّه يبقى ُمسل ً‬
‫ك الصالة والزكاة) والصوم والحج‪ُ ،‬متح ِّ‬
‫تَ َر َ‬
‫ِن اإلسالم ُمجرد دعوى ليس له واقع‪.‬‬
‫م َ‬
‫‪ ‬‬
‫السلف لإلرجاء‬
‫َّ‬ ‫تـعـريف‬
‫مرجئة َف َ‬
‫صلُوا العمل عن تعريف اإليمان‪ُ ،‬محافظين على اإلقرار بالقلب والقول باللسان في جوهرهما‪،‬‬ ‫ُمبتدعو ال ُ‬
‫ن اإليمان ال يزيد وال ينقص‪ .‬فكان‬ ‫ن ُمحم ًدا رسول هللا‪ .‬وزعموا أي ً‬
‫ضا أ ّ‬ ‫والقول باللسان هو شهادة أنْ ال إله إال هللا وأ ّ‬
‫ن‬
‫ن ال َت ْرك الكامل للفرائض ال ُيؤثر على إيمان المرء‪ ،‬وأ ّ‬
‫مها أ ّ‬
‫ِن اآلثار والعواقب والتحوُّالت‪ ،‬أه ُ‬
‫لفهمِهم لإليمان َعد ٌد م َ‬
‫سلم‬
‫ٍ‬ ‫دِين) بالضرورة – والواجب) على كل ُم‬
‫ِن ال ّ‬
‫ن الجهل بأشهر المسائل) المعلومة م َ‬ ‫غير موجو ٍد كظاهرة‪ ،‬وأ ّ‬‫ُ‬ ‫النفاق‬
‫له باإليمان‪.‬‬
‫أنْ يعرفها بالضرورة – ال دخل ُ‬
‫‪ ‬‬
‫مـرجئة *‬
‫مل ِزم عند ال ُ‬
‫االنقياد بالطاعة غير ُ‬
‫جز ًءا أساسيًا مِن اإليمان‪.‬‬
‫ن انقياد الجوارح هلل والطاعة له ليس ُ‬
‫ل السنة) بزعمهم أ ّ‬
‫مرجئة أه َ‬
‫ِف ال ُ‬
‫يخال ُ‬
‫اإليمان قول‪ ،‬ونحن نقول‬
‫ُ‬ ‫مرجئة يقولون‬‫سفيان بن ُعيينة رحمه هللا (ت ‪199‬هـ) عن اإلرجاء‪ ،‬فأجاب‪( :‬ال ُ‬ ‫سئِل ُ‬‫ُ‬
‫ك الفرائض‪ 3،‬وسمُّوا‬ ‫شهد أنْ ال إله إاّل هللا ُمص ًِرّا بقلبه على تَ ْر ِ‬
‫ِ‬ ‫مرجئة أوجبوا الجنّة لمن‬ ‫ل وعمل‪ ،‬وال ُ‬‫اإليمان قو ٌ‬
‫ُ‬
‫حارم مِن غير استحالل َمعصية‪ ،‬وتَ ْرك‬ ‫م ِ‬ ‫كوب ال َ‬
‫َ‬ ‫ن ُر‬
‫وليس بسواء‪ ،‬أل ّ‬
‫َ‬ ‫حارم‪،‬‬
‫م ِ‬ ‫ة ُركوبِ ال َ‬
‫تَ ْرك الفرائض ذنبًا بمنزل ِ‬
‫وعلماء اليهود‪،‬‬
‫الفرائض ُمتعم ًدا مِن غير جهل وال عذر‪ ،‬كُفر‪ .‬وبيان ذلك في أمر آدم صلوات هللا عليه وأمر إبليس ُ‬
‫مِي‬
‫فس ّ‬
‫ُ‬ ‫ِن الخالدين)‬ ‫أ ّما آدم فنهاه هللا عن أكل الشجرة) وحرّمها عليه‪ ،‬فأكل مِنها ُمتعم ًدا ليكون َملَ َ‬
‫كا أو يكون م َ‬
‫مِي كاف ًرا‪ ،‬وأما‬
‫فس ّ‬
‫ُ‬ ‫ها ُمتعم ًدا‬
‫ح َد َ‬ ‫ض عليه سجد ٌة واحدة َف َ‬
‫ج َ‬ ‫لعنه هللا فإنّه ف ُِر َ‬
‫ُ‬ ‫ِن دون كفر‪ ،‬وأ ّما إبليس‬
‫عاصيًا م ْ‬
‫يعرفون أبناءهم وأق ُّروا باللسان ولم يتبعوا‬ ‫ي رسول كما ِ‬ ‫فعرفُوا ن ْعت النبي ﷺ وأنّه نب ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ُعلماء اليهود‬
‫ِن األنبياء‪ ،‬وأ ّما ترك‬
‫فركوب المحارم ِمثْل ذنب آدم عليه السالم وغيره م َ‬
‫ماهم هللا عز وجل كُفا ًرا‪ُ ،‬‬
‫شريعته فس َّ‬
‫ُفر ُعلماء‬
‫ُفر ِمثْل ك ِ‬
‫حود فهو ك ٌ‬ ‫ج ُ‬
‫غير ُ‬
‫ِ‬ ‫ِن‬
‫ةم ْ‬ ‫لعنه هللا‪ ،‬وتركها على معرف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُفر إبليس‬
‫ُفر ِمثْل ك ِ‬
‫الفرائض جحو ًدا فهو ك ٌ‬
‫[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫اليهود‪ ،‬وهللا أعلم)‬
‫ن أقرّ بالصالة والزكاة والصوم‬
‫أناسا يقولون‪َ “ :‬م ْ‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫تأ ّ‬ ‫قال عبد هللا بن الزبير الحميدي رحمه هللا (ت ‪219‬هـ)‪( :‬و ُأ ْ‬
‫خبِ ْر ُ‬
‫فهو ُمؤمن‪ ،‬ما لم يكُن جاح ًدا‪)،‬‬ ‫ويصلي ُمستدب َر القبلة حتّى يموت ُ‬ ‫ِن ذلك شيء حتّى يموت‪ُ ،‬‬ ‫ولم يفعل م ْ‬
‫ْ‬ ‫والحج‬
‫قرّا بالفرائض واستقبال القبلة”‪ ،‬فقلت‪ :‬هذا الكُفر الصُّراح وخِالفُ كتاب هللا‬ ‫تركه ذلك فيه إيمانه) وكان ُم ً‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫إذا َعلِم أ ّ‬
‫ِين لَ ُه ال ّ)‬
‫ِّين} [البينة‪)]5 :‬‬
‫ِد َ‬ ‫المسلمين‪ .‬قال تعالى { َو َما ُأم ُِروا إِاَّل لِيَ ْع ُب ُدوا اللَّ َه ُم ْ‬
‫خلِص َ‬ ‫وسنة رسوله وعلماء ُ‬
‫ن قال هذا فقد َك َف َر باهلل وردّ عليه ُ‬
‫أمره وعلى الرسول ما جاء به عن هللا)‬ ‫[الاللكائي]‪ .‬وعل ّق اإلمام أحمد‪َ ( :‬م ْ‬
‫[الاللكائي]‪.‬‬
‫ن قو ًما يقولون‪“ :‬من ترك‬ ‫ِن قولهم أ ّ‬
‫المرجئة حتى صار م ْ‬‫ت ُ‬‫وقال إسحاق) بن راهويه رحمه هللا (ت ‪238‬هـ)‪( :‬غَ لَ ِ‬
‫أمره إلى‬
‫جحود لها إنّا ال ُنك ّف ُِره‪ُ ،‬يرجأ ُ‬
‫ٌ‬ ‫ِن غير‬
‫الصلوات المكتوبات‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬والزكاة‪ )،‬والحج‪ ،‬وعامة الفرائض‪ ،‬م ْ‬
‫هو ُمقِرّ”‪ ،‬فهؤالء الذين ال شك فيهم‪ – ،‬يعني في أنّهم ُمرجئة ‪[ )-‬مسائل اإلمام أحمد وإسحاق بن‬ ‫هللا بعد‪ ،‬إذا ُ‬
‫راهويه]‪.‬‬
‫م‬
‫وه ْ‬
‫خ ُذ ُ‬
‫م َو ُ‬
‫وه ْ‬
‫ُّم ُ‬
‫جدت ُ‬
‫ث َو َ‬
‫ح ْي ُ‬
‫ِين َ‬
‫ش ِرك َ‬ ‫ح ُر ُم َفاق ُْتلُوا ا ْل ُ‬
‫م ْ‬ ‫خ اأْل َ ْ‬
‫ش ُه ُر ا ْل ُ‬ ‫انسلَ َ‬
‫َ‬ ‫ه تعالى‪َ { :‬ف ِإذَا‬ ‫السلف أي ً‬
‫ضا بقولِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬
‫واستد ّ‬
‫ِيم} [التوبة‪:‬‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫هللا غَ ُف ٌ‬
‫َ‬ ‫م إِنَّ‬ ‫خلُّوا َ‬
‫س ِبيلَ ُه ْ‬ ‫صاَل َة َوآتَ ُوا ال َّز َكا َة َف َ‬
‫اموا ال َّ‬ ‫ابوا َوأَ َق ُ‬ ‫ص ٍد َف ِإن تَ ُ‬‫ل َم ْر َ‬
‫م ُك َّ‬ ‫م َوا ْق ُع ُدوا لَ ُه ْ‬
‫وه ْ‬
‫ص ُر ُ‬
‫اح ُ‬
‫َو ْ‬
‫مونَ } [التوبة‪.]11 :‬‬ ‫ِل اآْل يَاتِ لِ َق ْو ٍم يَ ْعلَ ُ‬
‫ِين َو ُن َفصّ ُ‬
‫د ِ)‬ ‫ُم فِي ال ّ‬ ‫صاَل َة َوآتَ ُوا ال َّز َكا َ)ة َفإِ ْ‬
‫خ َوا ُنك ْ‬ ‫اموا ال َّ‬‫ابوا َوأَ َق ُ‬‫‪ ،]5‬وقوله‪َ { :‬فإِن تَ ُ‬
‫ل توبتهم مِن الشِرك‪.‬‬ ‫المشركين) الصال َة وإيتا َءهم الزكاة شرطٌ لق َُبو ِ‬ ‫ن إقام َة ُ‬ ‫فهذه اآليات ُتبيّن أ ّ‬
‫ك طاعته – هو‬
‫ن اإلعراض عن رسول هللا ﷺ – ب َت ْر ِ‬ ‫ضا بجميع اآليات التي ُتب ِي ّن أ ّ‬ ‫ل ال ُعلماء أي ً‬
‫واستد ّ‬
‫ين} [آل عمران‪4.]32 :‬‬ ‫كاف ِِر َ‬‫هللا اَل ُيحِبُّ ا ْل َ‬
‫َ‬ ‫ل َفإِن تَ َولَّ ْوا َفإِنَّ‬ ‫سو َ‬ ‫ُل أَطِي ُعوا اللَّ َه َو َّ‬
‫الر ُ‬ ‫كُفر‪ .‬قال تعالى‪{ :‬ق ْ‬
‫ن جبريل عليه‬
‫هريرة رضي هللا عنهما‪ ،‬وفيه أ ّ‬
‫البخاري و ُمسلم عن ُعمر وأبو ُ‬
‫ث رواه ُ‬
‫ضا بحدي ٍ‬ ‫ل ال ُعلماء أي ً‬
‫واستد ّ‬
‫ي ﷺ‪ ،‬وقال‪“ :‬يا ُمحمد‪ ،‬أخبرني عن اإلسالم؟”‪ .‬قال‪“ :‬اإلسالم أنْ تشهد أنْ‬ ‫السالم جلس إلى النب ّ ِ‬
‫ج البيت إنْ استطعت إليه‬
‫وتح ّ‬
‫ُ‬ ‫ن ُمحم ًدا رسول هللا‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬و ُتؤتي الزكاة‪ )،‬وتصوم رمضان‪،‬‬
‫ال إله إال هللا وأ ّ‬
‫سبيال”‪ .‬قال‪“ :‬صدقت”‪ .‬وفي رواية‪ ،‬قال جبريل‪“ :‬فإن فعلت هذا‪ ،‬فأنا ُمسلم؟” قال‪“ :‬نعم”‪ .‬قال‪“ :‬صدقت”‪.‬‬
‫[صحيح‪ :‬رواه ابن منده]‪.‬‬
‫ن ُمحم ًدا‬ ‫ضا بحديث النبي ﷺ‪ُ ( :‬أم ُ‬
‫ِرت أنْ أقاتل الناس حتى يشهدوا أنْ ال إله) إال هللا‪ ،‬وأ ّ‬ ‫واستدل ّوا أي ً‬
‫بحق اإلسالم‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫موا مِني دِماءهم وأ ْموالهم‪ ،‬إاّل‬
‫ص ُ‬
‫رسول هللا‪ ،‬و ُيقيموا الصالة‪ ،‬و ُيؤتوا الزكاة‪ )،‬فإذا فعلوا ذلك‪َ ،‬ع َ‬
‫وحِسا ُبهم على هللا تعالى) [رواه البخاري و ُمسلم]‪.‬‬
‫المسلم‬
‫ن صل ّى صالتنا‪ ،‬واستقبل قبلتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا‪ ،‬فذلك ُ‬ ‫ضا بحديث النبي ﷺ‪َ ( :‬م ْ‬ ‫واستدل ّوا أي ً‬
‫الذي له ِذ َّم ُة هللا و ِذ َّم ُة رسوله) [رواه البخاري عن أنس]‪.‬‬
‫ك الصالة ُمرت ًّ‬
‫دا‪ )،‬وإجماعِ الصحابة) في اعتبار القبائل التي امتنعت عن‬ ‫واستدلُّوا على إجماعِ الصحابة باعتبارهم تَ ِ‬
‫ار َ‬
‫دة‪ )*.‬وآخره الدليل الذي ُيث ِبت ُك ْفر األحزاب الذين) امتنعوا بالقوة عن أحكام الشريعة) األُخرى الواضحة‬
‫الزكاة ُمرت ّ‬
‫الرّبَا‪.‬‬
‫مثل تحريم الخمر‪ ،‬وتحريم سِفاح القربى‪ ،‬وتحريم ِ‬ ‫ُ‬ ‫والمعلومة‪،‬‬
‫م ْر َو ِزي رحمه هللا (ت ‪294‬هـ)‪( :‬ثُم ذكرنا األخبار المرويَّة عن النبي‬ ‫صر ال َ‬
‫قال اإلمام اإلمام ُمحمد بن ن ْ‬
‫ن الصحابة)‬
‫ِن إقامتها‪ ،‬ثم جاءنا َع ِ‬
‫ن امتنع م ْ‬ ‫ِن المِلة‪ ،‬وإباحة َق ْتل َم ِ‬
‫ﷺ في إكفار تاركها‪ ،‬وإخراجه إياه) م َ‬
‫قد ِر الصالة]‪.‬‬
‫ِنهم خِالفُ ذلك) [تعظيم ْ‬ ‫ن أح ٍد م ُ‬
‫ْل ذلك‪ ،‬ولم يَجِئنا َع ْ‬ ‫رضي هللا عنهم ِمث ُ‬
‫ح ْي َنا‬ ‫َ‬
‫حا َوالَّذِي أ ْو َ‬‫ه ُنو ً‬
‫صى بِ ِ‬
‫ِين َما َو َّ‬
‫د ِ‬
‫ِن ال ّ‬ ‫ع لَك ْ‬
‫ُم م َ‬ ‫{ش َر َ‬
‫َ‬ ‫وقال ال ُفضيل بن عِياض رحمه هللا (ت ‪187‬هـ)‪( :‬قال تعالى‪:‬‬
‫باع‬
‫هو االت ّ ُ‬ ‫ِين ُ‬ ‫د ُ‬
‫ِين َوال تَ َت َف َّرقُوا فِيهِ} [الشورى‪ .]13 :‬فال ّ‬
‫د َ‬ ‫ِيسى أَنْ أَق ُ‬
‫ِيموا ال ّ‬ ‫وسى َوع َ‬ ‫م َو ُم َ‬
‫ه إِ ْب َراهِي َ‬
‫ص ْي َنا بِ ِ‬ ‫إِلَ ْي َ‬
‫ك َو َما َو َّ‬
‫التصديق‬
‫ُ)‬ ‫ِين‬
‫د ُ‬ ‫في ُأ ُمور العمل‪ ،‬وكذلك في األُ ُمور الباطنة‪ ،‬كما كان هؤالء األنبياء صل ّى هللا وسلم وبارك عليهم‪ ،‬فال ّ‬
‫ترك العمل‪ ،‬أو التفريق بين القول والعمل‪.‬‬‫ُ‬ ‫ه والتف ُّرق فيه‬ ‫ورسله بإقامت ِ‬ ‫ُ‬ ‫ص َف ُه هللا‪ ،‬وكما أَ َم َر أنبياء ُه‬ ‫بالعمل‪ ،‬كما َو َ‬
‫ِن الشِرك جعلها‬
‫ِين}) [التوبة‪ .]11:‬فالتوبة م َ‬
‫د ِ‬ ‫ُم فِي ال ّ‬ ‫صال َة َوآتَ ُوا ال َّز َكا َ)ة َف ِإ ْ‬
‫خ َوا ُنك ْ‬ ‫ابوا َوأَ َق ُ‬
‫اموا ال َّ‬ ‫قال هللا عز وجل‪َ { :‬ف ِإنْ تَ ُ‬
‫هللا تعالى قواًل وعماًل بإقامة الصالة وإيتاء الزكاة‪ .‬وقال أصحاب الرأي – يقصِد ُ‬
‫المرجئة ‪“ :-‬ليس الصال ُة وال الزكا ُ)ة‬
‫م‬‫ة نب ِي ّه‪ ،‬ولو كان القول كما يقولون‪ ،‬لَ ْ‬ ‫ِن اإليمان”‪ ،‬افترا ًء على هللا وخِال ًفا لكتاب ِ‬
‫ه وسن ِ‬ ‫ِن الفرائض) م َ‬
‫شيء م َ‬
‫ٌ‬ ‫وال‬
‫[السنة) – عبد هللا بن اإلمام أحمد]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الرّ َّدة)‬
‫ل ِ‬ ‫بكر أه َ‬
‫ٍ‬ ‫ُيقاتل أبو‬
‫ِن الزكاة) عند اإلقرار وأعطوه ذلك باأللسنة‪.‬‬
‫وقال القاسم بن سالم رحمه هللا (ت ‪224‬هـ)‪( :‬فلو أنّهم ُممتنِ ُعون م َ‬
‫جهاد‬
‫ُ‬ ‫دِق لهذا‬
‫والمص ّ‬
‫ُ‬ ‫قبله‪ ،‬وناق ً‬
‫ضا لإلقرار والصالة‪..‬‬ ‫ما ْ‬‫ِن الزكاة كان ذلك ُمزيال ً لِ َ‬
‫وأقاموا الصالة غير أنّهم ُممتنِ ُعون م َ‬
‫ُ‬
‫ل هللا ﷺ‬ ‫مهاجرين واألنصار على َم ْنعِ العرب الزكاة كجها ِد رسو ِ‬ ‫بكر الصديق رحمة هللا عليه بال ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أبي‬
‫ي ال ُّذريَّة واغتنا ِم المال‪ .‬فإنما كانوا مانعين لها غير‬
‫وس ْب ّ ِ‬
‫ك الدماء َ‬ ‫س ْف ِ‬ ‫َ‬
‫فرق بينهما في َ‬ ‫سواء ال‬
‫ٌ‬ ‫ل الشرك)‬
‫أه َ‬
‫قبلها الحق ًة به‬
‫صارت ُمضاف ًة إلى ما ْ‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ت شريع ٌ‬ ‫جاحدين بها‪ ،‬ثم كذلك كانت شرائع اإلسالم كُلها‪ ،‬كُلما نَ َزلَ َ‬
‫ن اإليمان بالقول)‬
‫ن ذهب أ ّ‬
‫م ْوضِع الذي غَ لِط فيه َم ْ‬
‫قال ألهله ُمؤمِنون‪ .‬وهذا هو ال َ‬
‫في ُ‬‫اسم اإليمان‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ويشملها جميعًا‬
‫[اإليمان]‪.‬‬
‫بكر الصديق‪ ،‬أعلمهم عِندي بعد رسول هللا ﷺ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وقال ابن أبي عاصِم رحمه هللا (ت ‪287‬هـ)‪( :‬وأبو‬
‫الرّ َّدة‪ ،‬وقد نازله أصحاب النبي‬
‫ِن الدليل على ذلك قوله في أهل ِ‬
‫وأفضلهم‪ ،‬وأزهدهم‪ ،‬وأشجعهم‪ ،‬وأسخاهم‪ .‬وم َ‬
‫ن الكُفر ببعضِ‬
‫ل ما أوجب هللا عليهم‪ ،‬أو ُيقاتلهم‪ ،‬ورأى أ ّ‬ ‫ﷺ على أنْ يَ ْقبَل مِنهم بع ً‬
‫ضا‪ ،‬فأبَى إاّل ُك َّ‬
‫[السنة]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫م على قِتالهم‪َ ،‬ف ُعلِم أنّه الحق))‬ ‫ل دِما َءهم‪ ،‬ف َع َز َ‬
‫التنزيل ُيح ُّ‬
‫ع الصحابة آراءهم‪ .‬قال ُعمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪:‬‬ ‫م َ‬
‫أج َ‬
‫وبعد النقاش األولي الذي أشار إليه ابن أبي عاصِم‪ْ ،‬‬
‫ومسلم]‪.‬‬ ‫فعرفت أنّه الحق)) [رواه البخاري ُ‬
‫ُ‬ ‫بكر للقتال‬
‫ٍ‬ ‫ص ْد َر أبي‬
‫ح َ‬
‫ش َر َ‬
‫رأيت هللا عز وجل قد َ‬
‫ُ‬ ‫هو إاّل أنْ‬
‫(فوهللا ما ُ‬
‫تمسكهم‬
‫ُّ‬ ‫سئِل شيخ اإلسالم ابن تيمية عن قتال التتار مع‬ ‫سليمان آل الشيخ رحمه هللا‪( :‬لَ ّ‬
‫ما ُ‬ ‫قال الشيخ ُ‬
‫موا مِن اتباع أصل اإلسالم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ما زع ُ‬
‫بالشهادتين ولِ َ‬
‫متواترة مِن هؤالء القوم وغيرهم فإنّه يجب)‬
‫ة ُممتنعة عن التزام شريعة مِن شرائع اإلسالم الظاهرة ال ُ‬
‫“كُل طائف ٍ‬
‫طقِين بالشهادتين‪ ،‬و ُملتزمين بعض شرائعه‪ ،‬كما قاتل أبو بكر‬
‫ع ذلك نا ِ‬
‫قتالهم حتى يلتزموا شرائعه‪ ،‬وإنْ كانوا َم َ‬
‫الصديق والصحابة) رضي هللا عنهم مانِعِي الزكاة‪ .‬وعلى ذلك اتفق ال ُفقهاء بعدهم‪.‬‬
‫دِماء‪ ،‬واألموال‪،‬‬
‫ة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات‪ ،‬أو الصيام‪ ،‬أو الحج‪ ،‬أو عن التزام تحريم ال ّ‬ ‫فأيَّما طائف ٌ‬
‫م ْيسر‪ ،‬أو عن نكاح ذوات المحارم‪ )،‬أو عن التزام جهاد الكفار‪ ،‬أو ضرب الجزية) على أهل الكتاب‪،‬‬ ‫والخمر‪ ،‬والزنا‪ ،‬وال َ‬
‫ن‬
‫دِين) – ومح َّرماته التي ال ُعذر ألح ٍد في جحودها وتركِها – التي يكفر الجاحد لوجوبها‪ .‬فإ ّ‬ ‫وغير ذلك مِن واجبات ال ّ‬
‫م‬‫ما ال أعلم فيه خال ًفا بين العلماء”… فإذا كان َمن ال َت َز َ‬
‫ممتنِعة ُتقاتل عليها وإنْ كانت ُمقرّ ًة بها‪ .‬وهذا ِم ّ‬
‫الطائفة ال ُ‬
‫ك باهلل و ُدعِي إلى‬
‫من أش َر َ‬
‫الرّبا أو ال ِزّنا‪ 5‬يكون كاف ًرا يجب) قتاله‪ ،‬فكيف بِ َ‬
‫دِين كلها إاّل تحريم الميسر أو ِ‬ ‫شرائع ال ّ‬
‫من َعبَ َد غير هللا‪ ،‬فأبى عن ذلك‪ ،‬واستكبر وكان مِن الكافرين)‪[ ).‬تيسير العزيز‬ ‫دِين) هلل والبراءة والكُفر بِ َ‬
‫إخالص ال ّ‬
‫الحميد]‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪( :‬والصحابة) لم يقولوا‪“ :‬أأنت ُمق ٌّر لوجوبها أو جاح ٌد لها؟” هذا لم ُيعهد عن‬
‫الخلفاء والصحابة بحال‪ .‬بل قد قال الصديق ل ُعمر‪“ :‬وهللا لو منعوني َع َناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول هللا‬
‫ن طوائفًا‬ ‫حد الوجوب‪ .‬وقد ُروي أ ّ‬‫ج ْ‬
‫منع ال َ‬
‫المبيح للقتال ُمجرد ال َ‬
‫ل ُ‬ ‫ج َع َ‬
‫ﷺ لقاتلتهم على منعها”‪ .‬ف َ‬
‫قتل ُمقاتِلَتِهم‬
‫ُ‬ ‫خلُوا بها‪ .‬ومع هذا فسِير ُة الخلفاء فيهم سِير ٌة واحدة‪ :‬وهي‬ ‫منهم كانوا ُيقِرّون بالوجوب‪ ،‬لكن ب ِ‬
‫الرّ َّدة)‪[ .‬الكلمات النافِعة‬
‫وغنيمة أموالهم والشهاد ُة على قتالهم بالنار‪ ،‬وسمُّوهم جميعهم أهل ِ‬
‫ُ‬ ‫وسبي ذراريهم‬
‫ُ‬
‫– عبد هللا بن محمد بن عبد الوهاب]‪.‬‬
‫االمتناع عن الزكاة) بالقوة‬
‫ُ‬ ‫ك الصالة ِر َّد ًة‪ ،‬فكيف بإبطال التوحيد بالشرك) األكبر! وبالمِثل‪ ،‬إذا كان‬‫وأخي ًرا‪ ،‬إذا كان تَ ْر ُ‬
‫الديمقراطية الوثني والقتال في سبيله!‬
‫ُ‬ ‫دين‬‫ِ‬ ‫كُف ًرا‪ ،‬فكيف بالدعوة) إلى‬
‫‪ ‬‬
‫مرجئة‬
‫”حصانة“ الجهل عند ال ُ‬
‫ِلم ُمنتش ًرا ومعلو ًما‪.‬‬
‫المرجئة‪ ،‬العِلم الضَّروري ليس جز ًءا أساسيًا في اإليمان حتى لو كان هذا الع ُ‬ ‫سب بعض ُ‬ ‫ح َ‬‫ب َ‬
‫ن الكعبة حق وأنها‬ ‫رجل قال‪“ :‬أعلم أ ّ‬
‫ٍ‬ ‫سئِل في المسجد) الحرام عن‬ ‫من ُع ِرفوا باإلرجاء قد ُ‬
‫ن أبا حنيفة وهو ِم ّ‬
‫يأ ّ‬‫ُر ِو َ‬
‫“مؤمن”‪ .‬فقال سفيان‬
‫ؤمن هو؟ قال‪ُ :‬‬
‫ٌ‬ ‫أم‬
‫بيت هللا عز وجل‪ ،‬ولكن ال أدري أهي التي بمكة أو التي بخراسان”‪ُ .‬‬
‫رجل‬
‫ٍ‬ ‫سئِل عن‬ ‫ِن الكافرين حتّى يستبين أنّها الكعبة المنصوبة في الحرم”‪ .‬ثُم ُ‬
‫الثوري‪“ :‬أنا أشهد أنّه عند هللا م َ‬
‫حمد آخر”‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫حمد الذي كان بالمدينة) مِن قريش أو ُم‬
‫ٌ‬ ‫ن ُمحم ًدا حق وأنّه رسول‪ ،‬ولكن ال أدري أهو ُم‬‫قال‪“ :‬أعلم أ ّ‬
‫خالل‪،‬‬
‫ؤمن هو؟ قال‪“ :‬نعم‪ُ ،‬مؤمن”‪ .‬فقال سفيان‪“ :‬هو عند هللا مِن الكافرين”‪[ .‬رواه عبد هللا بن اإلمام أحمد‪ ،‬وال َ‬
‫ٌ‬ ‫أم‬
‫ُ‬
‫ن أبا حنيفة‬
‫وروي أ ّ‬
‫والاللكائي]‪ .‬وعل ّق الحميدي واإلمام أحمد على هذه الرواية بقول‪َ ( :‬من قال هذا فقد كفر)‪ُ .‬‬
‫استتِيب مرتين‪[ .‬الاللكائي]‪6.‬‬
‫ُ‬ ‫الذي أجاب قد‬
‫‪ ‬‬
‫يزيد وال ين ُقص‪ ،‬ويكفيه االعتقاد‬
‫ُ‬ ‫ن اإليمان ال‬
‫مبني على الفهم الخاطئ بأ ّ‬
‫ٌ‬ ‫المبالِغ لل ُعذر بالجهل‪7‬‬
‫هذا الفهم ُ‬
‫ملُوا هذا االعتقاد ُيواجهون واقع‬
‫ح َ‬
‫بالقلب والنطق باللسان (بإقرار اإليمان في القلب والكالم به فقط)‪ .‬أولئك الذين) َ‬
‫يزيد وين ُقص في هذا المضمون‪8.‬‬
‫ُ‬ ‫ن اإليمان‬
‫مقادير ُمختلفة مِن اإلدراك والعِلم واإلقرار‪ ،‬مما يعني أ ّ‬
‫ٌ‬ ‫ن الناس لديهم‬ ‫أ ّ‬
‫غير محدو ٍد باهلل ورسوله ﷺ – بالقلب وباللسان –‬ ‫ُ‬ ‫إقرار‬
‫ٌ‬ ‫ن اإليمان هو‬‫مرجئة بالقول أ ّ‬
‫لذلك ر َّد بعض ال ُ‬
‫ن ُمحم ًدا هو رسول هللا‪ ،‬ولكن ال يعرف شي ًئا عنه أو عن دينه‪،‬‬‫شخص أ ّ‬
‫ٌ‬ ‫بدون التفصيل في األمر‪ .‬وبذلك‪ ،‬إذا “أقرّ”‬
‫الوقت‬
‫ُ‬ ‫ل ال َّتعلُّم‪ ،‬وحتى لو كان للشخص‬‫ومتعار ًفا وسه َ‬
‫فإنّه ال يزال ُيعتبر ُمؤم ًنا‪ ،‬حتى لو كان هذا العِلم منتش ًرا ُ‬
‫والفرصة الكافي ْين لتعلُّم هذا العِلم الجوهري واألساسي!‬
‫ُ‬
‫ل فرد‪ ،‬قد جعل مِن ال ُعذر بالجهل‬ ‫ل ظرف و ُك ّ‬
‫ل مسألة و ُك ّ‬‫مبالَغ فيه لل ُعذر بالجهل‪ ،‬الذي يشمل ُك ّ‬‫هذا الفهم ال ُ‬
‫ِل البقاء في جهله على تعلُّم أساسيات دينه! قال الشافعي رحمه‬ ‫الفرضية الدائمة‪ ،‬وبالتالي صار الشخص) ُيفضّ ُ‬
‫ألجل جهله‪ ،‬لكان الجهل خي ًرا مِن العلم‪ ،‬إ ْذ كان يحطُّ عن العبد أعبا َء التكليف‪ ،‬و ُيريح قلبه‬
‫ِ‬ ‫هللا‪( :‬لو ُع ِذ َر الجاهل‬
‫اس َعلَى‬
‫ِ‬ ‫بالحكم بعد التبليغ و التمكين‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬لِئَاَّل يَكُونَ لِل َّن‬
‫ُ‬ ‫ضروب التعنيف‪ ،‬فال حجة للعبد في جهله‬ ‫مِن ُ‬
‫ل} [النساء‪[ )]165 ):‬المنثور في القواعد]‪).‬‬
‫س ِ‬
‫ة بَ ْع َد ال ُّر ُ‬
‫ج ٌ‬
‫ح َّ‬
‫ه ُ‬‫اللَّ ِ‬
‫يسع بال ًغا غي َر مغلوبٍ على عقله جهلُه‪ ،‬مِثل الصلوات الخمس‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ما “ال‬ ‫ع ْل ُ‬
‫م عا َّمة ِم َّ‬ ‫هناك ِ‬
‫وبَ ِي ّن الشافعي أنَّ ُ‬
‫م عليهم ال ِزّنى والقتل‬
‫ح َّر َ‬ ‫شهر رمضان‪ ،‬وح ُّ‬
‫ج البيت إذا استطاعوه‪ ،‬وزكا ٌة في أموالهم‪ ،‬وأنّه َ‬ ‫ِ‬ ‫صوم‬
‫ُ‬ ‫هلل على الناس‬
‫والسرقة والخمر‪ ،‬وما كان في معنى هذا مما ُكلِّف العباد أنْ يعقلُوه ويعملوا به و ُيعطوه مِن أنفسهم وأموالهم وأنْ‬
‫صّا في كتاب هللا وموجو ٌد عا ً ّما عند أهل اإلسالم‪،‬‬
‫ح َّرم عليهم‪ .‬وهذا الصِّنف كُله مِن العلم موجو ٌد ن ً‬
‫ما َ‬
‫يكفُّوا ع ّ‬
‫من َمضى مِنهم يحكونه عن رسول هللا‪ ،‬وال يتنازعون في حكايته وال وجوبه عليهم‪ ،‬وهذا العِلم‬ ‫ينقله عوامهم ع ّ‬
‫الذي ال ُيمكن فيه ال َغلَط مِن الخبر وال التأويل وال يجوز فيه التنا ُزع” [الرسالة]‪.‬‬
‫هو التزام التوحيد الخالص؟)‬ ‫أوضح منها ُ‬
‫ُ‬ ‫كالم الشافعي يشمل القوانين واألحكام الواضحة) لإلسالم‪ ،‬فما‬
‫قال اإلمام البربهاري رحمه هللا (ت ‪329‬هـ)‪( :‬قال ُعمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪“ :‬ال ُعذر ألح ٍد عند هللا بعد البينة‬
‫جة‪ ،‬وانقطع ال ُعذر”)‬
‫الح َّ‬
‫وثبتت ُ‬‫ه ًدى تركه حسبه ضاللة‪ ،‬قد تبيَّنت األمور‪ُ ،‬‬ ‫هدى‪ ،‬وال في ُ‬ ‫بضاللة ركِبها حسِبها ُ‬
‫السنة]‪).‬‬
‫ُّ‬ ‫[شرح‬
‫هاًل ُأصول التوحيد واإليمان‬‫ما إذا أنكر جا ِ‬
‫ن المر َء ال يكُون ُمسل ً‬
‫ل ال ُعلماء بعد ٍد مِن اآليات مِن ال ُقرآن على أ ّ‬
‫واستد َّ‬
‫ن‬‫ِين أَ ْولِيَا َء مِن ُدو ِ‬ ‫الشيَاط َ‬ ‫َّ‬ ‫خ ُذوا‬ ‫ضاَل لَ ُة إِنَّ ُه ُ‬
‫م اتَّ َ‬ ‫م ال َّ‬ ‫ق َعلَ ْي ِه ُ‬ ‫ح َّ‬‫ى َو َف ِري ًقا َ‬ ‫ه َد ٰ‬ ‫ض الفِطرة والقرآن‪ .‬قال تعالى‪َ { :‬ف ِري ًقا َ‬ ‫وعا َر َ‬
‫حيَا ِة‬‫م فِي ا ْل َ‬ ‫س ْع ُي ُه ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض َّ‬ ‫ِين َ‬ ‫مااًل * الَّذ َ)‬ ‫ين أَ ْع َ‬
‫س ِر َ)‬ ‫خ َ‬ ‫ل ُن َن ِب ّ ُئكُم بِاأْل َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُل َ‬‫س ُبونَ أَنَّ ُهم م ُّْه َت ُدونَ } [األعراف‪{ .]30 :‬ق ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َويَ ْ‬‫اللَ ِ‬
‫م‬‫ِيم لَ ُه ْ‬‫م فَاَل ُنق ُ‬ ‫مال ُُه ْ‬ ‫ت أَ ْع َ‬ ‫حبِطَ ْ‬ ‫ه َف َ‬ ‫م َولِقَائِ ِ)‬ ‫ِين َك َف ُروا بِآيَاتِ َربِّ ِه ْ‬ ‫ك الَّذ َ‬ ‫ص ْنعًا * ُأو ٰلَئِ َ‬ ‫حس ُِنونَ ُ‬ ‫م ُي ْ‬ ‫س ُبونَ أَنَّ ُه ْ‬ ‫ح َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ال ُّد ْنيَا َو ُ‬
‫م أَ ْبلِغ ُ‬
‫ْه‬ ‫ه ُث َّ‬‫م اللَ ِ‬ ‫ع كَاَل َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬‫ى يَ ْ‬ ‫ح َّت ٰ‬ ‫ك َفأَج ِْر ُه َ‬ ‫جا َر َ‬ ‫اس َت َ‬ ‫ِين ْ‬ ‫ش ِرك َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِّن ا ْل ُ‬
‫ح ٌد ّ)ِم َ‬ ‫ة َو ْزنًا} [الكهف‪َ { .]105-103 :‬وإِنْ أَ َ‬ ‫م ا ْل ِقيَا َم ِ‬ ‫يَ ْو َ‬
‫ح َّتى‬ ‫ِّين َ‬ ‫ِين ُم ْن َفِكّ) َ‬‫ش ِرك َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ا ْلكِ َتابِ َوا ْل ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ِن أَ ْ‬ ‫ِين َك َف ُروا م ْ‬ ‫ُن الَّذ َ‬ ‫م يَك ِ‬ ‫مونَ } [التوبة‪{ .]6 :‬لَ ْ‬ ‫م اَّل يَ ْعلَ ُ‬ ‫م َق ْو ٌ‬ ‫ك بِأَنَّ ُه ْ‬‫َم ْأ َم َن ُه ٰ َذلِ َ‬
‫ول آ َم َّنا‬ ‫ِن ال َّناسِ َمن يَ ُق ُ‬ ‫ة} [الب ِي ّنة‪َ { .]3-1 :‬وم َ‬ ‫م ٌ‬‫ب َق ِِّيّ) َ‬‫حفًا ُمطَ َّه َر ًة * فِي َها ك ُُت ٌ‬ ‫ص ُ‬ ‫ِن اللَ ِ‬
‫ه يَ ْتلُو ُ‬ ‫ول م َ‬ ‫س ٌ‬ ‫م ا ْلبَ ِِّيّ) َن ُة * َر ُ‬‫تَ ْأتِيَ ُه ُ‬
‫ش ُع ُرونَ * فِي‬ ‫م َو َما يَ ْ‬ ‫خ َد ُعونَ إِاَّل أَن ُف َ‬
‫س ُه ْ‬ ‫هللا َوالَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنوا َو َما يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِعونَ‬
‫خاد ُ‬
‫ؤمنين * ُي َ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫هم بِ ُ‬ ‫بِاللَ ِ‬
‫ه َوبِا ْليَ ْو ِم اآْل خ ِِر َو َما ُ‬
‫ِدوا فِي اأْل َ ْرضِ َقالُوا إِنَّ َ‬
‫ما‬ ‫م اَل ُت ْفس ُ‬ ‫ل لَ ُه ْ‬‫ما َكا ُنوا يَ ْكذ ُِبونَ * َوإِذَا قِي َ‬ ‫َاب أَل ٌ‬
‫ِيم بِ َ‬ ‫م َعذ ٌ‬ ‫هللا َم َرضًا َولَ ُه ْ‬
‫م ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ض َف َزا َد ُ‬
‫ُقلُوبِ ِهم َّم َر ٌ‬
‫ِن َك َ‬
‫ما‬ ‫اس َقالُوا أَ ُن ْؤم ُ‬ ‫ن ال َّن ُ‬ ‫ما آ َم َ‬ ‫م آم ُِنوا َك َ‬ ‫ل لَ ُه ْ‬
‫ش ُع ُرونَ * َوإِذَا قِي َ‬‫ِدونَ َو ٰلَكِن ال يَ ْ‬ ‫م ْفس ُ‬ ‫م ا ْل ُ‬‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ِحونَ * أَاَل إِنَّ ُه ْ‬ ‫صل ُ‬
‫ن ُم ْ‬ ‫ح ُ‬‫نَ ْ‬
‫ُم َف ْو َ‬
‫ق‬ ‫ص َواتَك ْ‬ ‫ِين آ َم ُنوا اَل تَ ْر َف ُعوا أَ ْ‬
‫مونَ } [البقرة‪{ .]13-8 :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ)‬ ‫اء َو ٰلَكِن اَّل يَ ْعلَ ُ‬
‫الس َف َه ُ‬ ‫ُّ‬ ‫م‬
‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫اء أَاَل إِنَّ ُه ْ‬
‫الس َف َه ُ‬‫ُّ‬ ‫ن‬
‫آ َم َ‬
‫[الحجرات‪9.]2 ):‬‬ ‫ش ُع ُرونَ }‬ ‫م اَل تَ ْ‬‫نت ْ‬ ‫َ‬
‫ُم َوأ ُ‬ ‫ما ُلك ْ‬ ‫َ‬
‫حبَطَ أ ْع َ‬ ‫َ‬
‫ض أن ت َ ْ‬ ‫ل َك َ‬ ‫ج َه ُروا لَ ُه بِا ْل َق ْو ِ‬ ‫ِي َواَل تَ ْ‬
‫ُ‬ ‫ُم لِبَ ْع ٍ‬
‫ضك ْ‬ ‫ج ْه ِر بَ ْع ِ‬ ‫ص ْوتِ ال َّنبِ ّ) ِّ‬‫َ‬
‫ن ُمحم ًدا رسول هللا –‬ ‫أمر الشهادة) – بأنْ ال إله إال هللا وأ ّ‬ ‫من يَ َّدعي اإلسالم في ِ‬ ‫ذر بالجهل لِ َ‬ ‫وعليه‪ ،‬ليس هناك ُع ٌ‬
‫ومقتضياتها (االستسالم هلل بالتوحيد‪ ،‬واالنقياد له بالطاعة‪ ،‬وباتِّباع النبي ﷺ)‪ 10.‬وبالنسبة‬ ‫ومعانيها ُ‬
‫م‬
‫معذور فيه لفتر ٍة ُمؤقتة فقط‪ ،‬ألنّه ُمل َز ٌ‬
‫ٌ‬ ‫المسلم الجديد) جاهاًل ببعضها‪ ،‬ولكن هذا الحال‬
‫لبقية األركان‪ ،‬فق َْد يكون ُ‬
‫فأحد نواقض اإلسالم‪ ،‬تحدث ال ُعلماء عنه بأنّه) (اإلعراض عن دين هللا‪ ،‬ال‬ ‫ُ‬ ‫بطلب العلم للخالص مِن هذا الجهل‪)،‬‬
‫ِين‬
‫ج ِرم َ‬ ‫ِن ا ْل ُ‬
‫م ْ‬ ‫ض َع ْن َها إِنَّا م َ‬ ‫م أَ ْع َر َ‬ ‫ه ُث َّ‬ ‫ت َربِّ ِ‬‫من ُذ ِكّ َر بِآيَا ِ‬‫م ِم َّ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ظل َ ُ‬ ‫يتعلمه وال يعمل به‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪َ { :‬و َم ْ‬
‫مى َوالَّذ َ)‬
‫ِين‬ ‫ُّس ً ّ‬
‫لم َ‬ ‫ج ٍ‬‫ق َوأَ َ‬
‫ح ِّ‬‫ما إِال َّ بِا ْل َ‬
‫ض َو َما بَ ْي َن ُه َ‬ ‫ما َواتِ َواألَ ْر َ‬ ‫الس َ‬ ‫َّ‬ ‫خلَ ْق َنا‬‫ِمونَ } [السجدة‪ .]22 ):‬وقوله تعالى‪َ { :‬ما َ‬ ‫ُمن َتق ُ‬
‫ضونَ } [األحقاف‪[ )]3:‬نواقض اإلسالم – اإلمام ُمحمد بن عبد الوهاب]‪.‬‬ ‫ما ُأنذ ُِروا ُم ْع ِر ُ‬
‫َك َف ُروا َع َّ‬
‫شا ُّكون في هؤالء الطواغيت) وأتباعهم هل‬ ‫ضا‪( :‬ما ذكرتم … أنّكم َ‬ ‫وقال اإلمام ُمحمد بن عبد الوهاب رحمه هللا أي ً‬
‫ن الذي لم ت ُقم عليه‬
‫أوضحته لكم مِرا ًرا‪ ،‬فإ ّ‬
‫ُ‬ ‫قامت عليهم الحجة‪ )،‬فهذا مِن العجب‪ )،‬كيف تش ُّ‬
‫كون في هذا وقد‬
‫ة مثل الصرف‬ ‫ة خفي ٍ‬ ‫ة بعيدة‪ ،‬أو يكون ذلك في مسأل ٍ‬ ‫حديث عه ٍد باإلسالم والذي نشأ ببادي ٍ)‬ ‫ُ)‬ ‫جة) هو الذي‬ ‫الح َّ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫ف‬ ‫القرآن‬ ‫و‬‫ه‬‫ُ‬ ‫هللا‬ ‫ة‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫ن‬
‫ّ ُ َّ‬ ‫فإ‬ ‫كتابه‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ك‬
‫ْ َ َ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫وأ‬ ‫هللا‬ ‫أوضحها‬ ‫التي‬ ‫ِين‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ول‬ ‫ص‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫وأ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫يعر‬
‫ِ‬ ‫حتى‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬
‫ُ َّ‬‫ي‬ ‫فال‬ ‫والعطف‬
‫جة)‪[ .‬الرسائل الشخصية]‪.‬‬ ‫الح َّ‬
‫بلغته ُ‬
‫ُ‬ ‫َه ال ُقرآن فقد‬‫بلغ ُ‬
‫‪ ‬‬
‫مـرجئة‬‫مـوجود عند ال ُ‬
‫ُ‬ ‫النِّفاق غير‬
‫صغيره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كبير ُه وال‬
‫ُ‬ ‫مرجئة أنْ ال نِفاق‪ ،‬ال‬ ‫يرى بعض ال ُ‬
‫ل‪،‬‬
‫ل‪ ،‬وال عمل”‪ ،‬ونقول‪“ :‬قو ٌ‬‫مرجئة ثالث‪ :‬يقولون‪“ :‬اإليمان قو ٌ‬‫قال سفيان الثوري رحمه هللا‪( :‬خالفُ ما بيننا وبين ال ُ‬
‫يزيد‪ ،‬وال ينقص”‪ ،‬ونحن نقول‪“ :‬النِّفاق”‪ )،‬وهم يقولون‪“ :‬ال‬
‫ُ‬ ‫يزيد وينقص”‪ ،‬وهم يقولون‪“ :‬ال‬ ‫ُ‬ ‫وعمل”‪ ،‬ونقول‪“ :‬إنّه‬
‫نِفاق”) [صفة النِّفاق – الفريابي]‪11.‬‬
‫ناس يزعمون أنْ ال نِفاق‪ ،‬وال يخافون النِّفاق‪ ،‬فقال‪( :‬وهللا ألنْ‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫خبِر الحسن) البصري رحمه هللا (ت ‪110‬هـ) عن أ‬‫ُأ ْ‬
‫منافقون‬ ‫خالل]‪ .‬وقال أي ً‬
‫ضا‪( :‬لوال ال ُ‬ ‫ي مِن طِالع ‪-‬مِلء‪ -‬األرض ذهبًا) [السنة) – ال َ‬ ‫أحب إل َّ‬
‫َّ‬ ‫أعلم أنّي بري ٌء مِن النِّفاق‬
‫ؤمن فيما‬
‫ٍ‬ ‫ضا‪( :‬وهللا ما على ظهر األرض مِن ُم‬ ‫الستوحشتم في الطرقات) [اإلبانة الكبرى – ابن بَط ّة]‪ .‬وقال أي ً‬
‫نافق فيما مضى وفيما يأتي إاّل‬
‫ٌ‬ ‫مضى وال فيما يأتي إاّل وهو يخاف النِّفاق على نفسه‪ ،‬وما على ظهر األرض ُم‬
‫آمن من النِّفاق) [صفة النفاق – الفريابي]‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫هو الكُفر واإليمان)‪ ،‬فقال أيوب‪:‬‬
‫السِختياني رحمه هللا (ت ‪131‬هـ)‪ ،‬فقال‪( :‬إنّما ُ‬ ‫ّ‬ ‫المرجئة أليوب‬ ‫رجل مِن ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وجاء‬
‫أم كفار؟)‬
‫هم ْ‬ ‫أمؤمنون ُ‬‫م} [التوبة‪ُ ،]106 :‬‬ ‫وب َعلَ ْي ِه ْ‬
‫م َوإِ َّما يَ ُت ُ‬
‫ِذ ُِّب ُه ْ‬ ‫ج ْونَ ألَ ْم ِر اللَ ِ‬
‫ه إِ َّما ُي َع ّ)‬ ‫خ ُرونَ ُم ْر َ‬
‫(أرأيت قوله‪َ { :‬وآ َ‬
‫َ‬
‫ل آية في ال ًقرآن فيها ذِكر النِّفاق فإني أخافُها على نفسي!)‬
‫فسكت الرجل‪ ،‬فقال أيوب‪( :‬اذهب فاقرأ ال ُقرآن‪ ،‬ف ُك ّ‬
‫[اإلبانة الكبرى – ابن بَط ّة]‪.‬‬
‫وحذَّر حذيفة بن اليمان رضي هللا عنهما مِن الطوائف) التي ستظهر في المستقبل‪ ،‬فقال‪( :‬وتقول “الطائفة”)‬
‫رهما مع الدجال)‪.‬‬
‫يحش ُ‬
‫ُ‬ ‫كافر وال ُمنافق‪ .‬حقٌّ على هللا أنْ‬
‫ٌ‬ ‫ن المالئكة‪ ،‬ما فينا‬
‫المؤمنين باهلل كإيما ِ‬
‫إيمان ُ‬
‫ُ‬ ‫األخرى‪:‬‬
‫خالل]‪.‬‬ ‫[السنة – ال َ‬
‫ُّ‬
‫ج َّذ هللا أقدامهم) [اإلبانة) الكُبرى – ابن بَط ّة]‪.‬‬
‫كافر وال ُمنافق”‪َ .‬‬
‫ٌ‬ ‫وقال ابن مسعود رضي هللا عنه‪( :‬يقولون‪“ :‬ما فينا‬
‫المنافقين‪ .‬ثُم قال‪( :‬اتَّ ُقوا أنْ‬
‫المرجئة هي نعت ُ‬ ‫ج اإلمام أحمد (رحمه هللا) أنَّ من المسائل التي ُينكرها ُ‬ ‫وقد أ ْد َر َ‬
‫خالل]‪.‬‬‫[السنة) – ال َ‬
‫ُّ‬ ‫المرجئة عن أَ ْم ِر دينكم)‬
‫ُيزل ّكم ُ‬
‫طق‬
‫ن اإليمان يكفيه ُن ٌ‬
‫خ َر ِميّة” زعمت أ ّ‬
‫فالمرجئة الذين) أنكروا النفاق فعلوا ذلك بطريقت ْين ُمختلفت ْين‪ :‬ففرقة “ال َ‬
‫ُ‬
‫بالمؤمنين‪ ،‬رغم‬ ‫ُ‬ ‫المنافقين في زمن النبي ﷺ‬ ‫القلب النفاقُ األكبر‪ .‬ف َن َع ُتوا ُ‬
‫َ‬ ‫باللسان حتى لو خالطَ‬
‫يزيد وال ين ُقص‪ .‬وهذا ال َّزعم‬
‫ُ‬ ‫ن اإليمان ال‬
‫ة أخرى أ ّ‬
‫مت فرق ٌ‬
‫“المؤمنين” ذاهبون إلى جهنم‪ .‬و َز َع َ‬ ‫ُ‬ ‫ن هؤالء‬
‫اعتقادهم أ ّ‬
‫ن وجود النفاق‬
‫ن وجوده في قلب المرء يستلزم نقص اإليمان عنده‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫يستوجِب إنكار النفاق األصغر‪ ،‬أل ّ‬
‫المبيَّنات في القرآن والسنة‪ .‬فإضاف ًة إلى سورة ُ‬
‫المنافقون وسورة‬ ‫– األكبر واألصغر – هو مِن المسائل) الواضحات ُ‬
‫التوبة‪ ،‬هناك العديد) من اآليات واألحاديث) التي تصف هذه الظاهرة‪.‬‬
‫تعير إلى هذه مرة‪ ،‬وإلى هذه‬
‫ُ‬ ‫َل الشاة العائِرة ب ْين الغنمين‪،‬‬
‫منافق َمث ُ‬
‫َل ال ُ‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪َ ( :‬مث ُ‬
‫مرة) [رواه ُمسلم عن ابن عمر]‪ .‬وفي رواية أخرى‪( :‬ال تدري أيُّها تَ ْتبع) [صحيح‪ :‬رواه النسائي عن ابن عمر]‪ .‬هذا‬
‫يمون في “المنطقة الرمادية” بين اإليمان والكفر‪.‬‬‫المنافقين يَ ِه ُ‬
‫ن ُ‬ ‫الحديث ُيب ِي ّن أ ّ‬
‫ضا‪( :‬أكثر ُمنافقي ُأمتي قُرا ُؤها) [حسن‪ :‬رواه اإلمام أحمد عن عبد هللا بن َع ْ‬
‫مرو]‪ .‬ف َع َّد‬ ‫وقال ﷺ أي ً‬
‫المعطلة لصفاتِ هللا والجهمية وأهل األهواء وغيرهم” [خلق أفعال العباد]‪ .‬واصطالح ال ُقرّاء‬ ‫ِنهم “ال ُقرّاء) ُ‬
‫البخاري م ُ‬
‫ُ‬
‫وفهمِهم‬ ‫ْ‬ ‫وتالوتهم‪،‬‬ ‫حفظهم‪،‬‬ ‫ة‬ ‫و‬ ‫ق‬
‫ُ َّ ِ‬‫ب‬ ‫اشتهروا‬ ‫لماء‬ ‫ع‬ ‫ال‬
‫ّ ُ‬ ‫ن‬‫أل‬ ‫)‬
‫‪،‬‬ ‫ِين‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لماء‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫إلى‬ ‫لإلشارة‬ ‫)‬
‫ة‬ ‫الصحاب‬ ‫زمن‬ ‫في‬ ‫ستخدم‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫كان‬
‫ومشاورته‪ ،‬كُهواًل كانوا أو شبانًا) [صحيح البخاري]‪.‬‬ ‫جلِس ُعمر ُ‬
‫أصحاب َم ْ‬
‫َ‬ ‫لل ُقرآن‪ ،‬كما في الحديث‪( ):‬كان ال ُقرّاء‬
‫ليم اللِّسان) [صحيح‪ :‬رواه اإلمام أحمد‬
‫نافق َع ِ‬
‫ٍ‬ ‫ل ُم‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪( :‬أخوفُ ما أخافُ على أمتي ُك ّ‬
‫عن ُعمر]‪.‬‬
‫ذر رضي هللا‬ ‫ث) آخر‪َ .‬فق َْد روى أبو ٍ‬
‫ضلِّين المذكورين في حدي ٍ‬ ‫م ِ‬
‫ِن ال ُعلماء ال ُ‬
‫هم م َ‬
‫منافقين عليمي اللسان ُ‬
‫هؤالء ال ُ‬
‫جال) أخوفني على أمتي) قالها ثالثًا‪،‬‬ ‫د ّ‬
‫عنه أنّه كان يمشي مع النبي ﷺ‪ ،‬فقال النبي‪( :‬ل َغ ْي ُر ال ّ‬
‫ضلِّين) [صحيح‪ :‬رواه‬ ‫ة ُم ِ‬
‫جال أخوفك على أمتك؟) قال‪( :‬أئِم ٌ‬
‫د ّ‬
‫فسأله أبو ذر‪( :‬يا رسول هللا‪ ،‬ما هذا الذي غير ال ّ‬
‫اإلمام أحمد عن أبو ذر]‪.‬‬
‫ن العديد) مِنهم‬
‫ل أخرى في النِّفاق األصغر – وهو مِن كبائر الذنوب – باإلضافة إلى أ ّ‬‫ُ‬ ‫ضا خصا ٌ‬ ‫وألهل البدع أي ً‬
‫مدخل إليه‪ .‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه‬ ‫ج ُذور البدعة) هي الكُفر وهي ال َ‬ ‫ن ُ‬‫ُمنافقون و ُملحدون تما ًما‪ .‬هذا أل ّ‬
‫البدعة أي ً‬
‫ضا‬ ‫ُ)‬ ‫ب الكُفر) [منهاج السنة]‪).‬‬
‫شع ِ‬‫ة مِن ُ‬‫شعب ٌ‬
‫ل مبتدعٍ إال وفيه ُ‬
‫ة مِن الكُفر‪ ،‬فما مِن قو ِ‬ ‫هللا‪( :‬البدع ُمشتق ٌ‬
‫ُ‬
‫ع ب ْين اإلسالم الحنيف وبين ال ُك ْف ِر الصُّراح … منطقة رمادية أخرى للنِّفاق‪.‬‬ ‫موض ٌ‬
‫رجاًل مِن أصحاب رسول هللا‬
‫السنة) فكأنّما أرى ُ‬
‫ُّ‬ ‫رجاًل مِن أهل‬
‫رأيت ُ‬
‫ُ)‬ ‫وقال ال ُفضيل ابن عِياض رحمه هللا‪( :‬إذا‬
‫السنة) – البربهاري]‪ .‬وقال‬
‫ُّ‬ ‫رجاًل مِن ُ‬
‫المنافقين) [شرح‬ ‫رأيت رجاًل مِن أهل البدع فكأنّما أرى ُ‬
‫ُ‬ ‫ﷺ‪ ،‬وإذا‬
‫أي ً‬
‫ضا‪( :‬عالمة النفاق أنْ يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة) [اإلبانة) الكبرى – ابن بَط ّة]‪ .‬وقال اإلمام أبو قِالبة‬
‫[السنة)‬
‫ُّ‬ ‫رحمه هللا (ت ‪104‬هـ)‪( :‬ما أجِد مثل أهل البدعة) إال أهل النفاق‪ ،‬فاهلل ذكر النفاق بتضادّ األقوال واألعمال)‬
‫خالل]‪.‬‬‫– ال َ‬
‫المؤمنين‬
‫وقال ابن تيمية رحمه هللا‪( :‬ولهذا كثي ًرا ما يكون أهل البدع مع القدرة ُيشبِهون الكفار في استحالل قتل ُ‬
‫والمعتزلة والجهمية وفروعهم‪ ،‬ومنهم َمن يسعى في قتل المقدور عليه‬‫ُ‬ ‫وتكفيرهم كما يفعله الخوارج والرافضة‬
‫المنافقين‪ ،‬يستعملون التقية والنفاق كحال‬
‫مِن ُمخالفيه‪ ،‬إ ّما بسلطانه‪ ،‬وإ ّما بحيلته‪ ،‬ومع العجز ُيش ِبهون ُ‬
‫المؤمنين ومع‬
‫هم مع القدرة) يحاربون ُ‬
‫وأهل الكتاب ُ‬
‫ُ‬ ‫المشركين‬
‫ن ُ‬ ‫ة مِن الكُفر‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن البدع مشتق ٌ‬‫المنافقين‪ ،‬وذلك أل ّ‬
‫ُ‬
‫العجز يناف ُقونهم) [الفتاوى الكُبرى]‪.‬‬
‫مِي جميع‬‫السلف أيوب السختياني ُيس ّ‬
‫َّ‬ ‫ن عالِم‬
‫سالم ابن أبي ُمطِيع رحمه هللا (ت ‪173‬هـ) بأ ّ‬ ‫فق ذلك‪ ،‬قال َ‬ ‫وو َ‬
‫ِ‬
‫ن الخوارج اختل ُفوا في االسم‪ ،‬واجتمعوا على السيف) [الاللكائي]‪.‬‬
‫أهل األهواء والبدع بالخوارج‪ .‬فكان يقول‪( :‬إ ّ‬
‫نة رابعِ الخلفا ِء الراشدين علي بن أبي طالب رضي‬
‫س ُ‬‫فهو ُّ‬
‫ملوا السالح معروفٌ جي ًدا‪ُ .‬‬ ‫ح َ‬
‫وحكْم قِتال أهل البدع إذا َ‬
‫ُ‬
‫ل هللا ﷺ على أدعياء اإلسالم أولئك الذين‬ ‫رسو ِ‬‫سنة ُ‬‫د الخوارج‪َ .‬فق َْد أقام ُّ‬‫هللا عنه في حربه ض ّ‬
‫سقِمت قلوبهم بِالبِدعة والنفاق‪.‬‬
‫اعدِل!” فقال ُعمر بن الخطاب رضي‬ ‫ي ﷺ‪“ :‬يا ُمحمد‪ْ ،‬‬
‫الخو ْيصِرة)) قال للنب ّ ِ‬
‫ؤسِس فرقة الخوارج (ذو ُ‬
‫ُم ّ‬
‫أقتل‬
‫ُ‬ ‫منافق”‪ .‬فقال ﷺ‪َ “ :‬معا َذ هللا أنْ يتحدث الناس أنّي‬‫هللا عنه‪“ :‬دعني يا رسول هللا‪ ،‬فأقتل هذا ال ُ‬
‫الرمية”‪[ .‬رواه‬
‫ِن َّ‬
‫هم م َ‬‫الس ُ‬
‫َّ‬ ‫مرق‬
‫ن هذا وأصحابه) يقر ُؤون ال ُقرآن ال ُيجاوز حناجرهم‪ ،‬يمرقُون مِنه كما يَ ِ‬
‫أصحابي‪ .‬إ ّ‬
‫ن النبي‬
‫منافق‪ ،‬بل إ ّ‬‫ف ُعمر للرجل بال ُ‬‫ص َ‬
‫لم ُينكِر النبي ﷺ على َو ْ‬ ‫ُمسلم عن جابر بن عبد هللا]‪ .‬فهنا ْ‬
‫ور في القلب – وهي‬ ‫ض ٌ‬
‫ح ُ‬‫دِينية التي ليس لها ُ‬ ‫ه عمر بوصفِه خِصل ًة م َ‬
‫ِن النفاق‪ :‬وهي األعمال ال ّ‬ ‫دعم ما جاء بِ ِ‬
‫منحرفة لنفس‬ ‫ؤسِس هذه الفِرقة ال ُ‬
‫ع ﷺ عم َر مِن قتل ُم ّ‬ ‫تالوة ال ُقرآن ال تجاوز الحناجر ‪ .-‬ثم َم َن َ‬
‫المنافق المعلُوم عبد هللا بن ُأبي بن سلُول‪ ،‬الذي قال‪“ :‬لئِن رجعنا إلى المدينة)‬ ‫قتل ألجله ُ‬ ‫السبب الذي لم يَ ُ‬
‫المنافق”‪ .‬فقال النبي‬
‫األعز مِنها األذل”‪ .‬فقام عمر فقال‪“ :‬يا رسول هللا‪ ،‬دعني أضرب ُعنق هذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ليخرج ّ‬
‫ُ‬
‫ومسلم عن جابر بن عبد هللا]‪.‬‬ ‫ن محم ًدا يقتل أصحابه”) [رواه البخاري ُ‬
‫ﷺ‪َ “ :‬د ْعه‪ ،‬ال يتحدث الناس أ ّ‬
‫ثم قال النبي ﷺ عن الخوارج‪“ :‬يقتلون أهل اإلسالم‪ ،‬ويدعون أهل األوثان‪ ،‬لئِن أدركتهم ألقتل َّنهم‬
‫الخدري]‪.‬‬
‫ومسلم عن أبو سعيد ُ‬ ‫البخاري ُ‬ ‫قتل عاد” [رواه ُ‬
‫سنة رسول هللا‬ ‫المشترك‪ .‬والرواية األخيرة ُت ْ‬
‫ظ ِه ْر ُّ‬ ‫هما ُ‬
‫وجذر ُ‬
‫ُ‬ ‫فاألحاديث الواردة ُت ْ‬
‫ظ ِه ُر التشابه) بين النفاق واالبتداع‬
‫ﷺ مع الخوارج‪.‬‬
‫ة ُمطلَقة‬ ‫ومر ًة أخرى‪ ،‬بعض ُمرجئة العصر الحديث) ُمضطربون‪ .‬فهم يعتقدون أنَّ ال َّت ْر َ‬
‫ك الكامل للجهاد هو خصل ٌ‬
‫ن ُمنافقي العصر الحديث) يشاركون في المعارك والدفاع عن الخطوط األمامية‪ ،‬فال ُيمكن‬ ‫للنفاق‪ ،‬ولكن أل ّ‬
‫ن‬
‫الخو ْيصِرة وعبد هللا بن سلول كالهما شاركا في غزواتٍ ضارية‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن ذي ُ‬
‫ينس ْون أ ّ‬
‫َ‬ ‫فهم‬
‫منافقين‪ُ .‬‬
‫اعتبارهم من ال ُ‬
‫الرّ َّدة بجانب‬
‫ح ُروب ِ‬ ‫منافقين البدو خاضوا المعارك أثناء ُ‬
‫ن ال ُ‬
‫الخوارج خاضوا المعارك في سبيل انحرافاتهم‪ )،‬وأ ّ‬
‫مكاسب‬
‫ٌ‬ ‫مقابل‬ ‫منافقون يتركون المعارك حين ال يكون لها في ال ُ‬ ‫ُمس ْيلمة وأولئك الذين) امتنعوا عن الزكاة‪ .‬فال ُ‬
‫ملة‪.‬‬ ‫منافقة‪ ،‬وحين تشقُّ عليهم المصاعِب ال ُ‬
‫محت َ‬ ‫دنيوية‪ ،‬وحين ال تخدِم َمصالحهم ال ُ‬
‫ِن‬
‫مم ْ‬ ‫هلَكُوا َما ا ْن َت َ‬
‫ص ْف َت ْ‬ ‫حذيفة‪( :‬لو َ‬
‫منافقين)‪ ،‬فقال له ُ‬
‫حذيفة رضي هللا عنه أحدهم يدعو‪( :‬اللهم أهلك ال ُ‬ ‫سمِع ُ‬ ‫َ‬
‫خالل]‪.‬‬
‫[السنة – ال َ‬
‫ُّ‬ ‫عد ِوّكُم)‬
‫ُ‬
‫لهم) [حسن‪ :‬رواه اإلمام‬
‫ق ُ‬‫خاَل َ‬
‫دِين) بأقوا ٍم ال َ‬
‫سي ِؤّيد هذا ال ّ‬
‫ُ‬ ‫ن هللا‬
‫وهذا ُيوافِق حديث) النبي ﷺ‪( :‬إ ّ‬
‫أحمد عن أبي بكرة]‪.‬‬
‫من يدعي‬‫لرجل ِم ّ‬
‫ٍ‬ ‫حني ًنا‪ ،‬فقال‬
‫(ش ِه ْدنا مع رسول هللا ﷺ وسلم ُ‬ ‫هريرة رضي هللا عنه‪َ :‬‬ ‫قال أبو ُ‬
‫اإلسالم‪“ :‬هذا مِن أهل النار”‪ ،‬فلما حضر القتال قاتل الرجل قتااًل شدي ًدا فأصابته جراحة فقيل‪“ :‬يا رسول هللا‪،‬‬
‫وقد مات”‪ ،‬فقال النبي ﷺ‪“ :‬إلى‬
‫ْ‬ ‫الذي قلت له إنّه مِن أهل النار‪ ،‬فإنّه قد قاتل اليوم قتااًل شدي ًدا‬
‫حا شدي ًدا‪ )،‬فلما كان‬
‫هم على ذلك إ ْذ قِيل إنه‪“ :‬لم يمت‪ ،‬ولكن به جِرا ً‬ ‫النار”‪ .‬فكاد بعض الناس أن يرتاب‪ ،‬فبينما ُ‬
‫فأخبِر النبي ﷺ بذلك فقال‪“ :‬هللا أكبر‪ ،‬أشهد أنّي عبد‬ ‫مِن الليل لم يصبر على الجِراح فقتل نفسه”‪ُ ،‬‬
‫دِين) بالرجل‬
‫ن هللا ليؤيد هذا ال ّ‬
‫نفس ُمسلِمة‪ ،‬وإ ّ‬
‫ٌ‬ ‫هللا ورسوله”‪ ،‬ثم أَ َمر بِالاًل فنادى بالناس‪“ :‬إنّه ال يدخل الجنة إال‬
‫ومسلم]‪.‬‬
‫الفاجر”‪[ .‬رواه البخاري ُ‬
‫ع َمن‬‫ة من خِصال النِّفاق‪ ،‬كما جاء في حديث) النبي ﷺ‪( :‬أرب ٌ‬ ‫هو ُمرتكِب ال ُفجور‪ ،‬وهي خِصل ٌ‬ ‫والفاجر ُ‬
‫خلَّ ٌ‬
‫ة مِن نفاق حتى يدعها‪ :‬إذا ح َّدث كذب‪ ،‬وإذا‬ ‫خلَّة مِنهن كانت فيه ُ‬ ‫ُن فيه كان ُمناف ًقا خال ً‬
‫صا‪ ،‬و َمن كانت فيه ُ‬ ‫ك َّ‬
‫جب رحمه‬ ‫مرو]‪ .‬قال ابن َر َ‬ ‫ومسلم عن عبد هللا بن َع ْ‬ ‫جر) [رواه البخاري ُ‬ ‫وع َد أخلف‪ ،‬وإذا خاصم َف َ‬‫عاهد غَ َدر‪ ،‬وإذا َ‬
‫ما يدعو إليه الكذب‪،‬‬‫والباطل ح ً ّقا‪ ،‬وهذا ِم ّ‬
‫ُ‬ ‫خرج عن الحق عم ًدا حتى يص ِي ّ َر الحقُّ باطاًل‬ ‫جور‪ :‬أنْ يَ ُ‬
‫هللا‪( :‬يعني بال ُف ُ‬
‫جور يهدي إلى النار”)‪ ‬‬
‫ن ال ُف ُ‬
‫جور‪ ،‬وإ ّ‬
‫ن الكذب يهدي إلى ال ُف ُ‬
‫كما قال النبي ﷺ‪“ :‬إياكم والكذب‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل‬
‫(أي مال عن الحق) وقال الباط َ‬
‫ْ‬ ‫كم]‪ .‬وقال ال َّن َو ِوي أثناء تعليقه على معنى كلمة “ َف َ‬
‫ج ْر”‪:‬‬ ‫ح َ‬
‫[جامِع ال ُعلُوم وال ِ‬
‫[شرح صحيح ُمسلم]‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والكذب)‬
‫حاسم في االنتصار في‬
‫ٌ‬ ‫دور‬
‫ٌ‬ ‫قد يشاركون فِي الجِهاد‪ ،‬وحتى قد يكون لهم‬ ‫و ُتدلِّل الروايات السابقة أنَّ ُ‬
‫المنافقين ْ‬
‫بعض الغزوات‪.‬‬
‫ؤمنين} [البقرة‪]8 :‬‬
‫َ‬ ‫م‬
‫م بِ ُ‬ ‫ه َوبِا ْليَ ْو ِم اآلخ ِِر َو َما ُ‬
‫ه ْ‬ ‫المنافقين الذين) قالوا‪{ :‬آ َم َّنا بِاللَّ ِ‬
‫ن ُ‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪“ :‬فإ ّ‬
‫والمسلمون ُيناكحونهم ويوارثونهم كما‬ ‫ُ‬ ‫ويغزون‪،‬‬‫ُ‬ ‫ومون‪ ،‬ويحجُّون‪،‬‬ ‫ويص ُ‬
‫ُ‬ ‫هم في الظاهر ُمؤمنون يصلُّون مع الناس‪،‬‬‫ُ‬
‫[مجموع الفتاوى]‪.‬‬
‫ُ‬ ‫المنافقون على عهد رسول هللا)‬ ‫كان ُ‬
‫منافقون على عصر رسول هللا ﷺ ُيجاهدون في سبيل هللا‬ ‫قال اإلمام محمد بن عبد الوهاب‪( :‬كان ال ُ‬
‫السنية]‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ويصلُّون مع رسول هللا ﷺ الصلوات الخمس ويحجُّون معه) [الدُّرر‬
‫بأموالهم وأنفسهم‪ُ ،‬‬
‫المنافقين الذين شاركوا في غزوتي تبوك وبني‬ ‫ن ُ‬ ‫عدد مِن آيات ال ُقرآن في شأ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وعالو ًة على هذا‪ُ ،‬أوح َ‬
‫ِي‬
‫س َت ْه ِز ُؤنَ * ال‬‫م تَ ْ‬ ‫ه ُك ْن ُت ْ‬‫سولِ ِ‬ ‫ه َو َر ُ‬ ‫ه َوآياتِ ِ)‬ ‫ُل أَبِاللَ ِ)‬‫بق ْ‬ ‫وض َونَ ْل َع ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ُن إِنَّما ُك َّنا نَ ُ‬ ‫م لَيَ ُقول َّ‬ ‫سأَ ْل َت ُه ْ‬ ‫ِن َ‬ ‫صطلِق‪ ،‬مِنها آيات‪َ { :‬ولَئ ْ‬ ‫الم ْ‬ ‫ُ‬
‫ِين} [التوبة‪ ،]66-65 ):‬وآية‪:‬‬ ‫ج ِرم َ‬ ‫م كا ُنوا ُم ْ‬ ‫َ‬
‫ِب طائِ َف ًة بِأنَّ ُه ْ‬ ‫ذ ْ‬ ‫ُم ُن َع ّ‬ ‫ة ِم ْنك ْ‬ ‫ن طائِ َف ٍ‬ ‫ف َع ْ‬ ‫ُم إِنْ نَ ْع ُ‬ ‫م بَ ْع َد إِيمانِك ْ‬ ‫تَ ْع َتذ ُِروا َق ْد َك َف ْر ُت ْ‬
‫هللا‬
‫م ُ‬ ‫َموا إِال َّ أَنْ أَغْ ُ‬
‫ناه ُ‬ ‫م يَنالُوا َوما نَق ُ‬ ‫همُّوا بِما لَ ْ‬ ‫م َو َ‬ ‫ِه ْ‬
‫سالم ِ‬ ‫م َة ا ْل ُك ْف ِر َو َك َف ُروا بَ ْع َد إِ ْ‬ ‫ه ما قالُوا َولَق َْد قالُوا َك ِل َ‬ ‫ح ِل ُفونَ بِالل ّ ِ‬ ‫{يَ ْ‬
‫م فِي اأْل َ ْرضِ‬ ‫خ َر ِة َوما لَ ُه ْ‬ ‫ما فِي ال ُّد ْنيا) َواآْل ِ‬ ‫هللا َعذابًا أَلِي ً‬ ‫م ُ‬ ‫ذ ْب ُه ُ‬‫م َوإِنْ يَ َت َولَّ ْوا ُي َع ِّ‬‫خ ْي ًرا لَ ُه ْ‬ ‫ك َ‬ ‫وبوا يَ ُ‬ ‫ه َفإِنْ يَ ُت ُ‬ ‫ضلِ ِ‬‫ِن َف ْ‬ ‫سول ُُه م ْ‬ ‫َو َر ُ‬
‫خ ْي ٌر لَّك ْ‬
‫ُم‬ ‫ه َو َ‬‫ل ُ‬ ‫ش ًًّرّ)ا لَّكُم بَ ْ‬
‫س ُبو ُه َ‬ ‫ح َ‬ ‫ُم اَل تَ ْ‬ ‫ة ّ)ِمِّنك ْ‬ ‫صب َ ٌ‬ ‫ك ُع ْ‬ ‫جا ُءوا بِاإْل ِ ْف ِ‬ ‫ِين َ‬ ‫ِير} [التوبة‪ ،]74 ):‬وآية‪{ :‬إِنَّ الَّذ َ‬ ‫ي َوال نَص ٍ‬ ‫ِن َولِ ّ ٍ‬ ‫م ْ‬
‫وأخريات‬ ‫م} [النور‪ .]11 :‬اآلية األخيرة ُ‬ ‫َاب َعظِي ٌ‬ ‫م لَ ُه َعذ ٌ‬ ‫َّى كِ ْب َر ُه ِم ْن ُه ْ‬ ‫ْم َوالَّذِي تَ َول ٰ‬ ‫ِن اإْل ِ ث ِ‬‫بم َ‬ ‫س َ)‬ ‫ئ ِّّ)ِم ْن ُهم َّما ا ْك َت َ‬ ‫ِل ا ْم ِر ٍ‬ ‫لِ ُك ِّّ)‬
‫مؤمنين عائشة) رضي هللا عنها‪ .‬وكان‬ ‫ف ُأ ِ ّ‬
‫م ال ُ‬ ‫منافقون حملتهم بِقذْ ِ‬
‫مِن سورة النور ُتغط ِّي األحداث التي بدأ فيها ال ُ‬
‫صطلِق‪.‬‬
‫م ْ‬
‫هذا أثناء غزوة بني ال ُ‬
‫‪ ‬‬
‫إرجاء أدعِياء الجهاد‬
‫دد الرسمي‬
‫ن الفصائل العسكرية قبل التم ّ‬
‫لو كان لمرء أنْ يتم ّعن في ساحة المعركة في الشام‪ ،‬فإنّه سيرى أ ّ‬
‫ة بين أربعة فِئات‪:‬‬
‫للدولة اإلسالمية واقع ٌ‬
‫‪ )1‬فصائل إسالمية بأجندة دولية‪.‬‬
‫‪ )2‬فصائل “إسالمية” بأجندة وطنية‪.‬‬
‫‪ )3‬فصائل وطنية بأجندة “إسالمية”‪.‬‬
‫مقراطية‪.‬‬
‫‪ )4‬فصائل علمانية بأجندة دي ُ‬
‫مهاجرين بفارغ الصبر ولم تكُن خائف ًة من حضورهم‪.‬‬
‫ملت كل الفصائل اإلسالمية التي استقبلت ال ُ‬
‫ش َ‬
‫الفِئة األولى َ‬
‫بمختلف درجات الوطنية وعناصرها‪.‬‬ ‫دمت أجندة “إسالمية” ولكن مزجتها ُ‬ ‫ملت كل الفصائل التي ق ّ‬
‫ش َ‬‫الفئة الثانية َ‬
‫دمت أجندة وطنية‪ ،‬مع اإلبقاء على اللغة والثقافة “اإلسالميت ْين”‬
‫ملت جميع الفصائل التي ق ّ‬ ‫ش َ‬‫الفئة الثالثة َ‬
‫كعوامل للتحفيز والتبرير في دعايتها‪ .‬فزعمت أنّها غير علمانية‪12.‬‬
‫ن قادة فصائل الفئة الثانية لديهم خلفية “سلفية”‬‫سطحي تقريبًا باستثناء أ ّ‬
‫ٌ‬ ‫ال َف ْرق بين الفئت ْين الثانية والثالثة‬
‫ملت تلك الفصائل التي تنتمي رسميً ّا إلى‬
‫فش َ‬
‫َ‬ ‫“ممارسات” دينية أكثر‪ .‬أ ّما الفئة الرابعة‬ ‫وجنودها يعرضون ُ‬
‫المقِيم في تركيا‪.‬‬
‫الحر (‪“ FSA‬فسا”) ُ‬
‫المجلس العسكري األعلى للجيش السوري ُ‬
‫‪ ‬‬
‫ن أساس‬‫ن الفئة الرابعة كانت) فِئ َة ِر َّدة‪ 13.‬لك ّ‬
‫المنتمين للفئة األولى أ ّ‬
‫المقاتلين ُ‬‫ك ب ْين ُمعظم ُ‬
‫هناك ش ٌّ‬
‫لم يكُن ُ‬
‫المصابين باإلرجاء كان في الفئت ْين الثانية) والثالثة اللَّتان تل ّقتا جميعًا وعلى حد سواء‬
‫اإلشكال بالنسبة ألولئك ُ‬
‫ِن األنظمة العربية‪ ،‬والغربية‪ ،‬وتركيا‪،‬‬
‫الدعم الخاص) (لكن كان معلو ًما عند الفصائل األخرى) والدعم العام م َ‬
‫والس ُرورية‬
‫ّ‬ ‫“المسلمين”‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الحر‪ ،‬وجماعة اإلخوان‬
‫واالئتالف الوطني السوري (‪“ SNC‬سنك”)‪ ،‬والجيش السوري ُ‬
‫وعلماء البالط السعوديين‪ .‬العديد مِن قادة الفصائل‬
‫“المسلمين”)‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫(وهي باألساس نسخة) “سلفية” مِن اإلخوان‬
‫الحر‪)،‬‬ ‫“اإلسالمية” والوطنية أنفسهم ينتمون أي ً‬
‫ضا كأفراد إلى المجلس الوطني السوري‪ ،‬والجيش السوري ُ‬
‫“المسلمين”‪ ،‬وعلى الرغم مِن أنَّ هذه العضوية لم تكُن رسمي ًة في ُمعظم الحاالت‪ )،‬إاّل أنّها‬
‫ُ‬ ‫وجماعة اإلخوان‬
‫مكنه إنكار تِلكُم العالقات والدعم وال ُعضوية‪ .‬وفوق كل‬
‫العدو ُي ُ‬
‫ُ‬ ‫كانت معلُومة عند الفصائل األخرى‪ .‬فال الصديق وال‬
‫ن ُمعظم هذه الفصائل كانت) ُمصابة داخليا بال ِبدع (بعضها كان الكُفر) ولكن بِدعهم هذه لم تكُن يو ًما‬ ‫هذا‪ ،‬فإ ّ‬
‫الموالية للسعودية)‪،‬‬ ‫الس ُرورية‪ ،‬والجامية (“السلفية” ُ‬
‫ّ‬ ‫ُمعتق ًدا “رسميًا”‪ .‬فالفصائل “اإلسالمية” ُأصيبت بداء‬
‫(المغالِية في اإلرجاء وتعطيل صفات هللا)‪ ،‬واإلخوانية (منهجية‬
‫ُ‬ ‫واإلرجاء‪ .‬أ َّما الفصائل الوطنية ف ُأصيبت بداء الجهمية‬
‫“المسلمين”)‪ ،‬والصُّوفية‪ ،‬وال ُق ُبورية (عبادة القبور)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫جماعة اإلخوان‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ثم يأتي النِّفاق … فالفصائل “اإلسالمية” والوطنية تقول أنّها ُمستقلة عن المجلس الوطني السوري والجيش‬
‫المقيم ْين في تركيا‪ ،‬ولكنها تتلقى الدعم) مِن قيادة المجلس الوطني السوري والجيش السوري‬
‫الحر ُ‬
‫السوري ُ‬
‫المقيم ْين في تركيا قد زاروا مقرات هذه‬
‫الحر ُ‬
‫وممثّلِين عن المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُ‬
‫الحر‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫الحر‬
‫ن قيادات هذه الفصائل زارت فنادق المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُ‬
‫الفصائل في الشام‪ ،‬كما أ ّ‬
‫في تركيا‪.‬‬
‫ض ُيوف مِن قِبَل الدبلوماسيين العرب في قطر والمملكة العربية‬
‫ن قادة هذه الفصائل يتم استقبالهم ك ُ‬
‫ما أ ّ‬
‫ك َ‬
‫ن الفصائل “اإلسالمية” كان لها‬
‫السعودية‪ .‬ومِن جديد‪ ،‬جميع الفصائل – بما فيها جبهة الجوالني – َعلِمت أ ّ‬
‫ممثّلِيات الدبلُوماسية‪ ،‬واالستخبارات‪ ،‬ووسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫دِي األنظمة العربية بما في ذلك ال ُ‬ ‫عالقات ُمع ّقدة مع ُمرت ّ‬
‫ٌ‬
‫تتلق‬
‫َ‬ ‫منحرفة ادّعت بشكل ُمنتظم أنّها لم‬ ‫َ‬
‫ن غالب هذه العالقات كان ُمعل ًنا‪ .‬كُل هذه الفصائل ال ُ‬ ‫و”ال ُعلماء”‪ ،‬كما أ ّ‬
‫دعي أنّها‬ ‫ُ‬ ‫مشروط”‪ .‬وهذه الفصائل “اإلسالمية” الوطنية ُتعلن أي ً‬
‫ضا أخ َّوتها معًا‪ ،‬وت ّ‬ ‫ُ‬ ‫مِن ُمؤيديها سوى الدعم) “الغير‬
‫الحر ألسبابٍ سياسية أو عسكرية‪ .‬و ُت ْدلِي الفصائل‬ ‫تختلف مع المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُ‬
‫تضمينات ُمبطَّنة بالكُفر الصُّراح أحيانًا‪ ،‬أو األسوأ من ذلك أن تكون تلك‬
‫ٌ‬ ‫نحرفة فيها‬
‫“اإلسالمية” والوطنية ببياناتٍ ُم ِ‬
‫ن أكثر “قبواًل ”‪ ،‬أو في بعض‬
‫جه بذلك‪ ،‬تتراجع عن أقوالها‪ ،‬أو تحرّفها نحو َمعا ٍ‬
‫البيانات في ُمجملِها كُف ًرا‪ .‬وعندما ُتوا َ‬
‫بحجج “الشريعة”‪.‬‬ ‫األحيان ُتدافع عن باطلها ُ‬
‫‪ ‬‬
‫مختلفة – على الرغم من امتالكها السلطة – فإنّها لم ُتطبِ ّق أب ًدا) شريعة هللا في أراضيها‬ ‫هذه الفصائل ال ُ‬
‫“المشت َركة”) و”الشرعية” والتي كانت “ ُتخط ِّط” – ألكثر مِن‬‫ُ‬ ‫محاكم‬ ‫حررة”‪ .‬وبداًل من ذلك‪ ،‬أقا َمت اللجان وال َ‬
‫“الم َّ‬
‫ُ‬
‫ن اللجنة)‬
‫المنكر‪ ،‬إ ّما أل ّ‬
‫تأمر بالمعروف‪ ،‬ولم تنهى عن ُ‬ ‫الح ُدود‪ ،‬ولم ُ‬
‫طب ّق ُ‬
‫لم ُت ِ‬
‫عامين – لتطبيق الشريعة ولكن ْ‬
‫ن المحكمة تحكُم فقط في مجاالتٍ ُمعيَّنة مِن الحياة) (حتّى‬ ‫المناسب لم يَحِن للقيام بذلك‪ ،‬أو أل ّ‬
‫ن الوقت ُ‬
‫دعي أ ّ‬
‫ت ّ‬
‫محاكم) تك َّونت مِن قُضاة‬ ‫ال تتعارض مع مشاعر الحواضن‪ ،‬وال تتعارض مع مصالح الفصائل األخرى)‪ .‬هذِه اللجان وال َ‬
‫والمرجئة والجهمية واإلخوان‬‫ُ‬ ‫الس ُرورية والجامية‬
‫ّ‬ ‫المنحرفة المذكورة) مِن َق ْبل‪:‬‬
‫ُمختلفين مِن ُمختلف الخلفيات ُ‬
‫ُ‬
‫واألسوأ مِن ذلك‪ ،‬ال ُقضاة العلمانيين الذين) لم ينش ُّقوا عن‬ ‫المحامين العلمانيين‪،‬‬
‫وال ُق ُبورية والصُّوفية وحتى مِن ُ‬
‫“علماء” أدعياء الجهاد – ُك ِل ّ ُفوا معًا‬
‫ل هؤالء – باإلضافة إلى ُ‬
‫ِن ِر َّدتِهم! ُك ُّ‬
‫وبوا م ْ‬
‫يت ُ‬
‫لم ُ‬
‫خ ًرا لكنّهم ْ‬
‫النظام البعثي إاّل ُمؤ َّ‬
‫بتطبيق الشريعة…‬
‫أعداد كبيرة مِن الجنود الذين) ال ُيحافظون ال على الصلوات الخمس وال على صيام‬
‫ٌ‬ ‫ص ُفوفها‬
‫والفصائل الوطنية في ُ‬
‫هم‬
‫س ِر ْ‬ ‫ُ‬
‫وأموالهم وأ َ‬
‫ْ‬ ‫ِهم‬
‫ور عيش ْ‬ ‫ُ‬
‫المسلمين في أ ُم ِ‬‫السكان ُ‬ ‫ُّ‬ ‫رمضان‪ ،‬ويعملون كعصاباتٍ ُتؤذي‬
‫المهاجرين واألنصار في الدولة‬
‫المنحرفون السالح على ُ‬
‫والمبتدعة ُ‬
‫ُ‬ ‫ثم ُأطلِقت الصحوات وحمل هؤالء ُ‬
‫المنافقون‬
‫الحر‪ ،‬وجبهة ُثوّار‬
‫اإلسالمية‪ .‬وقد فعلوا ذلك جنبًا إلى جنب وبالتعاون مع المجالس) العسكرية للجيش السوري ُ‬
‫و”علماء” الطواغيت‬
‫ُ‬ ‫معروف‪ ،‬والماركسيين مِن حزب ال ُعمال الكردستاني “البي كي كي”‪،‬‬
‫ُ‬ ‫سوريا الخاصة بجمال‬
‫ش َ‬
‫كروا الطواغيت العرب َعل ًنا على دعمهم‪.‬‬ ‫العرب ووسائل إعالمهم‪ .‬حتى أنّهم َ‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫شرت عن نفاقها‬ ‫المنافقة (التي َك َّ‬‫ن الفصائل ُ‬ ‫زعموا أ ّ‬
‫ُ‬ ‫المرجئة في الشام؟ لقد‬ ‫فما الذي فعله أدعياء الجهاد) ُ‬
‫المهاجرين وأفاضلهم‪ .‬واخترعوا خاص ًة دعوى إرجا ٍء جديدة‪)،‬‬ ‫المجاهدين ُ‬ ‫َ‬
‫ل مِثل ُمعاملة أ ْعالم ُ‬
‫د أنْ ُتعام َ‬
‫دت) ال ُب ّ‬‫وارت ّ‬
‫ن ابن سلول حين عاش‬ ‫ن “إيمان عبد هللا ابن ُأبَي (ابن سلول) يَ ْعدِل إيمان أبي بكر الصِّديق”‪ )،‬وعليه‪ ،‬فإ ّ‬ ‫وهي أ ّ‬
‫الرّ َّدة‪ ،‬كان يتعيّن على الصِّديق أنْ‬
‫ح ُروب ِ‬
‫المهاجرين واألنصار أثناء ُ‬
‫ل السيف) على ُ‬
‫م َ‬
‫ح َ‬
‫ليش َه َد خِالفة الصِّديق و َ‬
‫الرّ َّدة‬
‫للحكم بينه وبين ابن سلول وذلك لتحدي ِد ما إذا كان ابن سلول قد ارتكب ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِئ َمحكم ًة ُمشترك ًة ُمستقلة‬ ‫ُينش َ‬
‫قبل تم ُّرده‪ .‬واألسوأ من‬
‫أم ال‪ُ ،‬رغم كل خِصال النفاق األكبر الواضحة التي كان ُيظهرها ابن سلول طوال حياته ْ‬
‫المنافقين اآلخرين – الذين) دون شك‬ ‫ضم قضا ًة مِن ُ‬
‫المشت َركة كان عليها أنْ تَ ُ‬
‫المستقلة أو ُ‬
‫محكمة ُ‬‫ذلك‪ ،‬أنَّ ال َ‬
‫ُيكِنُّون التقدير والوالء البن سلول – شرط عدم انتمائهم إلى قبيلة ابن سلول نفسها‪ .‬وكان يتعين على هذه‬
‫بحق ابن سلول!‬
‫ّ‬ ‫دِيق) قد ارتكب أيّة مظالم‬
‫صّ ّ‬
‫دد) ما إذا كان ال ِ‬
‫مستقلة” أنْ ُتح ِّ‬
‫محكمة “ال ُ‬
‫ال َ‬
‫منافقة بعد ظ ُُهور الصحوات – وفي العديد من الحاالت‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كُل بيان وفعل كُفر قامت به الفصائل ال ُ‬
‫دة‬
‫ومقبول وذلك لتبرير تحالُف أدعياء الجهاد) مع الصحوات المُّرت ّ‬
‫ُ‬ ‫قبله – سيتم إعادة) تفسيره إلى معنى إيجابي‬
‫د الدولة‬
‫ضد الدولة اإلسالمية‪ .‬فلو قالوا‪ُ ( :‬نقاتل ألجل الديمقراطية‪ ،‬والدولة المدنية‪ )،‬ونريد الدعم) األميركي ض ّ‬
‫ن الدولة المدنية)‬
‫ن الديمقراطية هي الشورى وأ ّ‬ ‫يعتقدون أ ّ‬
‫ُ‬ ‫د اإلرهاب)‪ ،‬سيقولون‪( :‬ربما كانوا‬ ‫اإلسالمية‪ .‬نحن ض ّ‬
‫الشيوخ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫رهم بعض‬ ‫د الخوارج الذين ك َّف ُ‬ ‫المشروط ض ّ‬
‫ُ‬ ‫وربما أنّهم ُيريدون الدعم غير‬
‫نقيض الدولة) البوليسية‪ُ .‬‬
‫ُ‬ ‫هي‬
‫ْ‬
‫بجهل ِِهم والواجب أنْ‬
‫ْ‬ ‫ورون‬ ‫معذ ُ‬
‫ُ‬ ‫مسلمين‪ .‬في النهاية‪ ،‬جمي ُع ُهم‬ ‫د ال ُ‬
‫وربما أنّهم بكلمة اإلرهاب يقصدون اإلرهاب ض ّ‬
‫ُ‬
‫ُيعاملُوا كما لو كا ُنوا ُمجاهدين ُمسلمين كاملي األهليَّة‪ ،‬إلى ْأنْ يتم تشكيل َمحكمة ُمستقلة‪ُ /‬مشت َركة‪ ،‬وكل َمن‬
‫فهم خوارج!) في النهاية‪ ،‬كان ال ُعذر بالجهل دِرعً ا يستعمله أدعياء الجهاد)‬
‫ِحون إليه‪ُ ،‬‬
‫م ُ‬
‫يقولون بتكفيرهم أو ُيل ّ‬
‫ِن الحاالت – للدفاع عن الفصائل العلمانية‬
‫كثير م َ‬
‫ٍ‬ ‫منافقة التي أصبحت ِر َّد ُتها واضحة و – في‬‫للدفاع عن الفصائل ال ُ‬
‫بشكل سافِر‪ ،‬الكُل ضد الدولة اإلسالمية‪14.‬‬
‫ٍ‬
‫مح َّررة”‬
‫حكُم بالشريعة على الرغم مِن سيطرتها على األراضي “ال ُ‬ ‫ن هذه الفصائل لم تَ ْ‬
‫لو أشار أحدهم إلى أ ّ‬
‫دار حرب‪ 15‬وال ينبغي أنْ ُتقام‬
‫ن الشام ُ‬
‫ن أدعياء الجهاد) سيقولون أ ّ‬
‫د الدولة التي طبَّقت الشريعة‪ )،‬فإ ّ‬
‫وقاتلوا ض ّ‬
‫المسلمين وأهليهم له األولوية على‬
‫ن جها َد الدفع ض َّد أولئك الذين) ُيؤذون حياة ُ‬
‫الح ُدود!) وسيقول البعض أ ّ‬
‫فيها ُ‬
‫ن الواجبان يتعارضان مع بعض!‬
‫ة أو بأخرى أ ّ‬ ‫ما يعني بطريق ٍ‬ ‫تطبيق التوحيد (الشريعة)‪ِ ،‬م ّ‬
‫ِن الجنود الذين) ال ُيصلون الصلوات الخمس وال‬
‫وحدات كاملة م َ‬
‫ٌ‬ ‫ن بعض هذه الفصائل لديها‬
‫ولو أشار أحدهم إلى أ ّ‬
‫ِن‬
‫المسلمين ويسرقون أموالهم‪ ،‬فسوف ُيجِيبون بأنّه) بعد خمسين عا ًما م َ‬ ‫ومون رمضان‪ ،‬والذين) يسفِكون دماء ُ‬‫يص ُ‬
‫ُ‬
‫عذر هذه الفصائل بسبب “أخطائها” ويعتمد عليها في ُمقاتلة العدو‬‫َ ُ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫المرء‬ ‫على‬ ‫البعثيين‬ ‫كم‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫)‬
‫ت‬ ‫تح‬ ‫الحياة‬
‫وهو الدولة اإلسالمية!‬
‫المشترك‪ ،‬أال ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫دِين) (أساسيات الشهادتين)‪ ،‬وأصولها المعلُومة‬
‫مل أركان ال ّ‬
‫غ أدعياء الجهاد في مفهوم ال ُعذر بالجهل ليش َ‬‫لذلك بَالَ َ‬
‫المعاصرة الواضحة عند ُمعظم العوام (مثل َمعنى‬
‫المعروفة)‪ ،‬والحقائق) ُ‬
‫ُ‬ ‫(من االقتناع وااللتزامات والمحظورات‬
‫الحر)‪ .‬وقلَّلُوا‬
‫الديمقراطي‪ ،‬وعلمانية المجلس الوطني السوري والجيش السوري ُ‬‫ُ‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬وآليات النظام‬
‫ُ‬
‫بشكل عام‪ .‬وأنكروا أي ً‬
‫ضا ظاهرة النِّفاق في األحكام العملية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أي ً‬
‫ضا مِن خطر تَ ْرك أركان اإلسالم وتطبيق الشريعة‬
‫الرّ َّدة‬
‫المنحرف القوة الدافعة ألدعياء الجهاد في الشام (جبهة الجوالني) لمساعدة) صحوات ِ‬
‫فأصبح هذا اإلرجاء ُ‬
‫ِن‬
‫نم ْ‬
‫ْم هذا معروفٌ جي ًدا‪ ،‬قال اإلمام محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا‪( :‬أ ّ‬
‫وحك ُ‬
‫د الدولة اإلسالمية! ُ‬
‫في الحرب ض ّ‬
‫المسلمين‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪{ :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنو ْا ال َ‬ ‫ومعاونتهم على ُ‬ ‫المشركين ُ‬ ‫نواقض اإلسالم‪ُ :‬مظاهرة ُ‬
‫ِين}‬
‫م الظَّالِم َ‬ ‫هللا ال َ يَ ْهدِي ا ْل َق ْو َ‬
‫َ‬ ‫م إِنَّ‬ ‫م أَ ْولِيَاء بَ ْعضٍ َو َمن يَ َت َول َُّهم ّمِنك ْ‬
‫ُم َفإِنَّ ُه ِم ْن ُه ْ‬ ‫صا َرى أَ ْولِيَاء بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْ‬ ‫ِذو ْا ا ْليَ ُهو َد َوال َّن َ‬
‫تَ َّتخ ُ‬
‫ن مِن الثِّياب الواهِنة حتى تركهم ُعرا ًة‬
‫ه َ‬
‫ل أدعياء الجهاد مِن دِينهم أ ْو َ‬
‫ج َع َ‬
‫[المائدة‪[ )]51 ):‬نواقض اإلسالم]‪ .‬وهكذا َ‬
‫صحوات‪.‬‬
‫ل ُنظرائهم ال َّ‬
‫ومكشوفين كحا ِ‬
‫ُ‬ ‫دِين)‬
‫ِن ال ّ‬
‫م َ‬

‫ِن هذا اإلرجاء في الشام بتف ُّرجِها على‬ ‫لألسف‪ ،‬كانت االستخبارات العربية والغربية قادرة على االستفادة م ْ‬
‫صحوات‪ .‬وباتوا يأملُون في تكرار التجربة على أراضي‬ ‫ويدافعون عن ال َّ‬ ‫وهم ُيقاتلون الدولة) اإلسالمية ُ‬
‫أدعياء الجهاد ُ‬
‫هللا إِاَّل أَن ُيتِ َّ‬
‫م ُنو َر ُه َولَ ْو َك ِر َه‬ ‫ِه ْ ْ‬
‫م َويَأبَى ُ‬ ‫ه بِأَ ْف َواه ِ‬ ‫يدونَ أَن ُي ْ‬
‫ط ِف ُئوا ُنو َر اللَ ِ‬ ‫{ي ِر ُ‬ ‫الجهاد األُخرى‪ ،‬ولكن ُ‬
‫نسوا قول هللا تعالى‪ُ :‬‬
‫ا ْل َ‬
‫كاف ُِرونَ } [التوبة‪.]32 :‬‬
‫‪ ‬‬

‫————الهامش————–ـ‬

‫مرجئة دي ًنا يعتقد أتباعه بدخول الجنّة وإنْ تركوا األعمال األساسية لإليمان (أركان اإلسالم األربعة بعد‬ ‫‪ -1‬ابتدع ال ُ‬
‫َ‬
‫المغرورين الذين قِيل فيهم‪{ :‬أ َف ُت ْؤ ِم ُنونَ بِبَ ْعضِ‬ ‫فهم أشبه باليهود‬ ‫الشهادتين) ويزعمون اإلثبات لكالمهم! وعليه‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫حون‪{ :‬لَن تَ َ‬
‫ار إِاَّل أيَّا ًما‬
‫س َنا ال َّن ُ‬
‫م َّ‬ ‫صرّ ُ‬
‫ص ْي َنا} [البقرة‪ ،]93 :‬و ُي ِ‬
‫م ْع َنا َو َع َ‬
‫{س ِ‬
‫َ‬ ‫ض} [البقرة‪ ]85 :‬ويقولون‪:‬‬ ‫ا ْلكِ َتابِ َوتَ ْك ُف ُرونَ بِبَ ْع ٍ‬
‫ن بعضهم‬ ‫ي أّ ّ‬ ‫السلف اإلرجاء بالنصرانية‪ ،‬كما ُر ِو َ‬‫َّ‬ ‫وقد قا َرنَ‬ ‫ْ‬ ‫و{س ُي ْغ َف ُر لَ َنا} [األعراف‪.]169 :‬‬
‫َ‬ ‫َّم ْع ُدو َد ًة} [البقرة‪]80 :‬‬
‫ن الخالص‬
‫مون أ ّ‬
‫يزع ُ‬
‫ن النصارى‪ ،‬مِثل اليهود‪ُ ،‬‬
‫ة مِن النصرانية) [الاللكائي]‪ .‬وذلك أل ّ‬
‫شعب ٌ‬
‫قال‪( :‬ات ُقوا اإلرجاء‪ ،‬فإنّه ُ‬
‫ُل‬
‫ي أعمال تسند هذه األقوال على اإلطالق؛ أجاب هللا تعالى اليهود في قوله‪{ :‬ق ْ‬ ‫مجرّدة‪  ‬دون أ ّ‬ ‫مكن باألقوال ال ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُم‬
‫ه‬ ‫حا ط َ ْ‬
‫ت بِ ِ‬ ‫س ِي ّ َئ ًة َوأَ َ‬ ‫ب َ‬ ‫س َ‬ ‫ى َمن َك َ‬ ‫مونَ * بَلَ ٰ‬ ‫هللا َع ْه َد ُه أَ ْم تَ ُقولُونَ َعلَى هللاِ َما اَل تَ ْعلَ ُ‬
‫ِف ُ‬ ‫خل َ‬ ‫ه َع ْه ًدا َفلَن ُي ْ‬ ‫م عِن َد اللَّ ِ‬ ‫أَتَّ َ‬
‫خذْ ُت ْ)‬
‫م فِي َها‬ ‫ه ْ‬‫ة ُ‬ ‫اب ا ْل َ‬
‫ج َّن ِ)‬ ‫ح ُ‬ ‫ص َ‬ ‫حاتِ ُأو ٰلَئِ َ‬
‫ك أَ ْ‬ ‫صالِ َ‬‫ملُوا ال َّ‬ ‫خال ُِدونَ * َوالَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنوا َو َع ِ‬ ‫م فِي َها َ‬‫ه ْ‬
‫ار ُ‬ ‫اب ال َّن ِ‬
‫ح ُ‬‫ص َ‬‫ك أَ ْ‬‫خطِي َئ ُت ُه َف ُأو ٰلَئِ َ‬‫َ‬
‫هو ًدا أَ ْو‬ ‫ن كانَ ُ‬ ‫ج َّن َة إِال َّ َم ْ‬‫ل ا ْل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن يَ ْد ُ‬ ‫خال ُِدونَ } [البقرة‪ .]82-80 ):‬وأجاب هللا تعالى النصارى واليهود في قوله‪َ { :‬وقالُوا لَ ْ‬ ‫َ‬
‫ع ْن َد‬ ‫ج ُر ُه ِ‬‫ِن َفلَ ُه أَ ْ‬ ‫حس ٌ‬ ‫ه َو ُم ْ‬ ‫ه َو ُ‬ ‫ج َه ُه لِل ِ‬‫م َو ْ‬‫سل َ َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ِين * بَلى َم ْ‬ ‫م صا ِدق َ‬ ‫ُم إِنْ ُك ْن ُت ْ‬
‫ُل ها ُتوا ُب ْرهانَك ْ‬ ‫مق ْ‬ ‫ك أَمانِي ُُّه ْ‬
‫نَصارى تِ ْل َ‬
‫ل ا ْلكِ َتابِ‬ ‫ه ِ‬ ‫يِ أَ ْ‬
‫ُم َواَل أَ َمانِ ّ‬ ‫س بِأَ َمانِ ِي ّك ْ‬ ‫ح َز ُنونَ } [البقرة‪ .]112-111 :‬وفي قوله تعالى‪{ :‬لَّ ْي َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َوال ُ‬ ‫خ ْوفٌ َعلَ ْي ِه ْ‬ ‫ه َوال َ‬ ‫َربِّ ِ‬
‫ه َو‬‫َى َو ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حاتِ مِن َذ َك ٍر أ ْو أنث ٰ‬ ‫صالِ َ‬‫ِن ال َّ‬ ‫لم َ‬ ‫م ْ‬‫ه َولِيً ّا َواَل نَصِي ًرا * َو َمن يَ ْع َ‬
‫ن الل ّ ِ‬ ‫ه َواَل يَج ِْد لَ ُه مِن ُدو ِ‬ ‫ج َز بِ ِ‬‫سو ًءا ُي ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َمن يَ ْع َ‬
‫ن ُمجرّد ادّعاء اإليمان‬ ‫مونَ نَقِي ًرا} [النساء‪ .]124-123 ):‬أعلن اليهود والنصارى أ ّ‬ ‫ظل َ ُ‬
‫ة َواَل ُي ْ‬
‫ج َّن َ)‬‫خلُونَ ا ْل َ‬ ‫ك يَ ْد ُ‬‫ِن َف ُأو ٰلَئِ َ‬ ‫ُم ْؤم ٌ‬
‫برسلِهم كان كافيًا إلنقاذهم مِن النار حين تخليهم عن الجوانب الرئيسية لهذا اإليمان‪ ،‬وهي عندهم اتبّاع آخر‬ ‫ُ‬
‫ن رحمة هللا‬‫المق َّدسة‪ .‬وأخي ًرا‪ ،‬إ ّ‬
‫األنبياء ُمحمد ﷺ في األقوال واألعمال‪ ،‬كما ُت ُن ِب ّئ به في ك ُُتبِهم ُ‬
‫الشِرك والكُفر!‬
‫ّ‬ ‫ومغفرته ليست بال ُعذر الرتكاب المعاصي والمظالم عدى‬
‫المسلمين الرتكاب المزيد مِن‬ ‫برّر لملوك ُ‬
‫الم ِ‬
‫دِين وتهوين خطر المعاصي – أعطُوا ُ‬ ‫‪ُ -2‬مرجئة الماضي – بتمييع ال ّ‬
‫المعاصرين تشريع القوانين الوضعية والتحا ُلف) مع‬‫بر ُروا للطواغيت ُ‬
‫المعاصرين َّ‬
‫المرجئة ُ‬‫المعاصي والظُلم‪ .‬وبعض ُ‬
‫المسلمين‪.‬‬ ‫د ُ‬ ‫دِين) ض ّ‬
‫والمرت ّ‬
‫ُ‬ ‫اليهود والنصارى والوثنيين‬‫ُ‬
‫خا ُه}) [األعراف‪ .]111 :‬قال الطبري في تفسيره‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫و‬
‫ْ ْ َ َ‬‫ِه‬
‫ج‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ُوا‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال‬ ‫التأخير‪،‬‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫اإلرجاء‬ ‫أصل‬ ‫ِم‪:‬‬‫ج‬‫تر‬ ‫الم‬
‫* ُ‬
‫خ ُروه‪ ،‬أو ألنّهم قال بتأخير‬
‫بالمرجئة ألنّهم أرجؤوا العمل عن ُمسمى اإليمان‪ ،‬أي أ َّ‬ ‫ُ‬ ‫سمُّوا‬
‫وقد ُ‬
‫ْ‬ ‫خِره)‪.‬‬
‫أي أ ّ‬
‫(أرجِه ْ‬
‫ن اإليمان ال‬
‫اشت ِهر قول بعضهم‪( :‬أ ّ‬
‫ُ‬ ‫قول بال عمل‪ ،‬كما‬
‫ٌ‬ ‫ن اإليمان‬
‫هم َمن يقولون أ ّ‬
‫والمرجئة ُ‬
‫ُ‬ ‫العقاب يوم القيامة‪.‬‬
‫ضر معه ذنب‪ ،‬كما ال تنفع مع الكفر طاعة)‪.‬‬‫يَ ُ‬
‫ك ال َعمل‪.‬‬
‫المترجِم‪ :‬االنقياد ُينافي تَ ْر َ‬
‫* ُ‬
‫ح‬
‫‪ -3‬بقوله الفرائض يعني أركان اإلسالم األربع بعد الشهادتين (وهي الصالة والزكاة) والصوم والحج)‪ ،‬كما هو واض ٌ‬
‫كفر أكبر‪ .‬أ ّما بالنسبة لألركان الثالثة األُخرى‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ن تَ ْرك الصالة‬ ‫اتفق الصحابة صراح ًة على أ ّ‬ ‫ّ‬ ‫في االقتباس الالحق‪.‬‬
‫الحكْم على الشخص الذي يترك أحد هذه الثالثة‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬ ‫فهناك خِالفٌ في الرأي بين ال ُعلماء الالحقين في ُ‬ ‫ُ‬
‫ِين}‬
‫م ْؤ ِمن َ‬ ‫ٰ‬ ‫ُ‬
‫ك َو َما أولَئِ َ‬
‫ك بِا ْل ُ‬ ‫ٰ‬ ‫َّى َف ِر ٌ‬
‫يق ِ ّم ْن ُهم ّمِن بَ ْع ِد َذلِ َ‬ ‫م يَ َت َول ٰ‬ ‫َ‬
‫ل َوأطَ ْع َنا ُث َّ‬
‫سو ِ‬
‫الر ُ‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪َ { :‬ويَ ُقولُونَ آ َم َّنا بِاللَّ ِ‬
‫ه َوبِ َّ‬
‫ها إِاَّل‬
‫صاَل َ‬ ‫َّى} [القيامة‪ .]32-31 :‬وقال تعالى‪{ :‬اَل يَ ْ‬ ‫َّى * َو ٰلَكِن َكذ َ‬
‫َّب َوتَ َول ٰ‬ ‫صل ٰ‬ ‫ص َّد َ‬
‫ق َواَل َ‬ ‫[النور‪ .]47 :‬وقال تعالى‪{ :‬فَاَل َ‬
‫َّى}‬ ‫ى َمن َكذ َ‬
‫َّب َوتَ َول ٰ‬ ‫ِي إِلَ ْي َنا أَنَّ ا ْل َعذ َ‬
‫َاب َعلَ ٰ‬ ‫َّى} [الليل‪ .]16-15 :‬وقال تعالى‪{ :‬إِنَّا َق ْد ُأوح َ‬ ‫َى * الَّذِي َكذ َ‬
‫َّب َوتَ َول ٰ‬ ‫اأْل َ ْ‬
‫شق ٰ‬
‫وهو إثم‪ )،‬وبين‬ ‫حظة‪ :‬هناك فرق بين ُمجرد العِصيان لرسول هللا ﷺ في بعض األُ ُمور‪ُ ،‬‬ ‫[طه‪ُ .]48 :‬مال َ‬
‫ي مِن أوامِر دينه على اإلطالق‪ .‬حالة) العِصيان ال َّتامة هذه تستلزم تَ ْرك الصلوات‬
‫عِصيانه تما ًما بعدم اتباع أ ّ ٍ‬
‫الخمس‪ ،‬وهو كُفر‪.‬‬
‫الرّبا أو‬
‫لمجرد ُممارسة القِمار أو ِ‬
‫كفر أكبر‪ .‬أ ّما بالنسبة) ُ‬
‫ٌ‬ ‫ن االمتناع بالقوة بهذه المحظُورات هو‬‫‪ -5‬كلماته ُتوضِّح أ ّ‬
‫ال ِزّنا فهذا إثم‪ ،‬وليس مِن الكُفر األكبر‪.‬‬
‫المترجِم‪ :‬انظُر أ ِدل ّة “إجماع الصحابة) على تكفير تارك الصالة أو الزكاة”‬
‫* ُ‬
‫ن النبي محمد ﷺ مِن قريش‪ ،‬وأنّه عاش في المدينة) المنورة‬
‫ن الكعبة في مكة المكرمة‪ ،‬وأ ّ‬
‫‪ -6‬واقع أ ّ‬
‫مسلمين في كل مكان‪ .‬بل‬ ‫أمر ُمتعارف عند ال ُ‬
‫ن قبره في المدينة المنورة‪ ،‬هو ٌ‬ ‫(بعد الهجرة مِن مكة المكرمة)‪ ،‬وأ ّ‬
‫م في دار اإلسالم‬
‫دعي الجهل في هذا وهو ُمقي ٌ‬ ‫اليهود والنصارى‪ .‬فكيف ُيمكن للمرء أنْ ي ّ‬
‫ُ‬ ‫و ُمتعارف عند كثير مِن‬
‫وواقف أمام الكعبة داخل المسجد) الحرام!‬
‫ٌ‬ ‫حكْم “الخلفاء العباسيين” واألمويين وفي زمن كِبار الفقهاء‪،‬‬
‫أثناء ُ‬
‫مرجئة‪ .‬انظُر النقوالت عن اإلمام‬
‫مبالغ فيها عند ال ُ‬
‫فهوم شرعي‪ ،‬ولكن ليس بالصورة ال ُ‬ ‫‪ -7‬ال ُعذر بالجهل هو َم ُ‬
‫محمد بن عبد الوهاب في هذا المقال لتفسير التطبيق الصحيح لهذا المفهوم‪.‬‬
‫‪ -8‬بحسب) أهل السنة‪ ،‬فاإليمان يزيد وينقص بمستوى إقرار القلب واللسان والجوارح‪ ،‬باألقوال واألعمال‪ ،‬وليس‬
‫متعلِّق بمسائل العقيدة‪.‬‬
‫مجرد العِلم ال ُ‬
‫ب ُ‬
‫‪ -9‬وانظُر اآليت ْين ‪ 43-42‬من سورة النمل‪ ،‬واآليات ‪ 29-25‬من سورة هود‪ ،‬وتفسير أبي جعفر الطبري رحمه هللا (ت‬
‫دِين”‪).‬‬
‫فسِرين – لبعض اآليات المن ُقولة في المقال‪ ،‬وكتابه “التبصير في معالم ال ّ‬
‫م ّ‬‫‪310‬هـ) – إمام ال ُ‬
‫أمور‬
‫ٍ‬ ‫ضا الصفحات ‪ 23-22‬مِن دابق العدد ‪َ .7‬ذ َك َر ال ُعلماء أ ّ‬
‫ن العِلم واالنقياد واإلخالص – باإلضافة إلى‬ ‫‪ -10‬انظُر أي ً‬
‫أخرى – شروطٌ لهذه الشهادة‪ .‬هذه الشروط هي أضدا ٌد للجهل‪ ،‬وللترك الكامل للعمل‪ ،‬وللشرك‪ .‬وعليه‪ ،‬كيف‬
‫ما؟‬
‫التارك للصالة ُمسل ً‬
‫ِ‬ ‫شرك أو‬
‫م ِ‬‫يمكن اعتبار المرء ال ُ‬
‫ِن‬
‫‪ -11‬انظُر الصفحات ‪ 66-62‬مِن دابق العدد ‪ ،7‬لتقرأ عن خِصال النفاق األكبر التي يجهلها الحزبيين) واأل ِدل ّة م َ‬
‫المنافقين إذا أظهروا نفاقهم‪.‬‬
‫ال ُقرآن التي تفرض جِهاد ُ‬
‫العلمانية‪/‬الديمقراطية صراحة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ويشار إليها بالفصائل الوطنية لتمييزها عن الفصائل‬
‫‪ُ -12‬‬
‫دة) هذه األقل تأثي ًرا في تحريف الجهاد‪ .‬وكان‬
‫المرت ّ‬
‫‪ -13‬بسبب طبيعة الشعب) السوري‪ ،‬كانت الفصائل العلمانية ُ‬
‫الحر والمجلس الوطني السوري – االعتماد أكثر على‬
‫المقيمين في تركيا – الجيش السوري ُ‬ ‫دين) ُ‬ ‫المرت ّ‬
‫على ُ‬
‫الفئت ْين الثانية والثالثة لتحقيق التأثير على األحداث في الشام‪ .‬فاستخدموا عالقاتهم ودعمهم ألجل هذا الغرض‪.‬‬
‫بشكل عام‬
‫ٍ‬ ‫المختلِفة – انهارت‬
‫دة – المجالس) العسكرية للجيش السوري الحر والكتائب) ُ‬ ‫المرت ّ‬
‫والفصائل العلمانية ُ‬
‫المنافقة ُيشار‬
‫دعي حملها أجندة) وثقافة أكثر “إسالمية”‪ُ .‬مالحظة‪ :‬الفصائل ُ‬
‫المنافقة التي ت ّ‬
‫على يد الفصائل ُ‬
‫ِن المنطقة الرمادية للنفاق إلى سواد‬
‫ت الحق م َ‬
‫قد انتقلت في وق ٍ‬
‫إليها بالنفاق لذات األسباب التاريخية‪ .‬فهي ْ‬
‫الرّ َّدة في األقوال واألعمال بعد أن حصلت على “الحرية”) لكشف كُفرها من خالل الصحوات‪.‬‬
‫ِ‬
‫جال بالجهل إذا‬
‫د ّ‬
‫المعاصرين‪ ،‬فما الذي سيمنع بعضهم مِن إعذار ال ّ‬
‫المرجئة ُ‬
‫‪ -14‬إذا كان الجهل سبيل لل ُعذر عند ُ‬
‫ادّعى النُّبوة والربوبية ليقاتلوا في ص ّفِه ضد أولئك الذين يك ّفِرونه؟‬
‫‪ -15‬قال ابن قُدامة رحمه هللا‪( :‬و ُتقام الحدود في ال ُثغور‪ ،‬بغير خِالف نعلمه‪ ،‬ألنّها من بالد اإلسالم‪ ،‬والحاجة) داعية‬
‫وهو‬
‫ش ِرب الخمر ثمانين‪ُ ،‬‬
‫ن َ‬
‫ب ُعمر إلى أبي عبيدة‪ ،‬أنْ يجلد َم ْ‬‫إلى زجر أهلها‪ ،‬كالحاجة) إلى زجر غيرهم‪ ،‬وقد َك َت َ‬
‫دار اإلسالم‪ ،‬فكيف الحال باألراضي التي‬ ‫ِن ِ‬
‫المسلمين م ْ‬‫[المغْني]‪ .‬إذا كانت ثُغور ُ‬
‫ُ‬ ‫ِن ال ُثغور)‬
‫وهو م َ‬
‫بالشام‪ُ ،‬‬
‫المصطلَح‬
‫ن ُ‬ ‫المرجئة معنى دار الحرب ليعني األرض التي تشهد الحرب‪ ،‬في حين أ ّ‬ ‫تحميها ال ُّث ُغور؟ شوّه هؤالء ُ‬
‫لم تشهد هذه األرض حربًا!‬
‫المسلمين حتى لو ْ‬
‫هدنة مع ُ‬ ‫ُيشير إلى األرض التي يحكمها الكفار بِ ُدون ُ‬

‫‪ ‬‬
‫المقال منشور بتاريخ ‪ 10‬جمادى اآلخر ‪ 1436‬هـ ‪ 30 ،‬مارس ‪ 2015‬م‬

‫ترجمة ‪Abdulaziz_Shamr‬‬
‫تصميم ‪Abu_Abdullah‬‬

You might also like