You are on page 1of 9

‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬


‫حممد اخلرياوي‬
‫*‬

‫‪elkhiraoui@hotmail.fr‬‬

‫مقدمة لقد أصبحنا في الوقت الحاضر وأكثر من أي وقت مض ى في مسيس الحاجة لضبط مفاهيم راجت واستعملت‬
‫في سياقات متعددة‪ ،‬حتى شكلت مرجعية ناظمة وحاكمة للكثير من املواقف والسلوكيات لنستبين حقيقتها وماهيتها خاصة إذا‬
‫كان لها مصدر معياري ُيعتمد في توضيح ما يعتريها من لبس أو شائبة فهم تنحو بصاحبها إلى مزالق تنأى بها عن املقصد األصلي‬
‫الذي من أجله شرعت‪ .‬ومفهوم الجهاد من املفاهيم الخطيرة التي إن لم يضبط معناه بسياقه الشرعي يؤدي وال شك إلى نتائج‬
‫كارثية في الحال واملآل‪.‬‬
‫فما مفهوم الجهاد في سياقه القرآني والحديثي؟ وهل يمكن للمجتمع اإلسلمي املبادرة بععلن الجهاد في وجه األمم اخمخالفة ونن لم‬
‫تكن مبادرة في الهجوم ؟ وهل ما تقدمه بعض الجماعات اليوم من أسباب لقتالها يعتبر مسوغا شرعيا لها في ذلك؟‬
‫‪ ‬مفهوم الجهاد‪ :‬واملصدر‪ :‬الجهد بفتح الجيم‪ ،‬والضم لغة فيه‪ ،‬وجمهور العلماء على التفريق بين لغتي الفتح والضم‪،‬‬
‫فالجهد ‪ -‬بفتح الجيم ‪ -‬الغاية‪ ،‬والجهد – بضمها – الوسع والطاقة‪.‬‬
‫قال العلمة الراغب األصفهاني في مفردات القرآن‪ :‬الجهد والجهد‪ :‬الطاقة واملشقة‪ ،‬وقيل الجهد بالفتح املشقة‪ ،‬والجهد بالضم‬
‫الوسع‪.‬‬
‫واالجتهاد‪ :‬أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمل املشقة‬
‫والجهاد واخمجاهدة‪ :‬استفراغ الوسع في مدافعة العدو‪.1‬‬
‫بيد أن اللفظ اشتهر باالستعمال في القتال لنصرة الدين والدفاع عن حرمات األمة رغم أنه يدل أيضا على جهاد النفس‬
‫والشيطان‪ ،‬وجهاد الفساد والظلم واملنكر في اخمجتمع وأنواع متعددة ومختلفة تستدعي استفراغ الجهد والوسع والطاقة لتحقيق‬
‫الغاية املنشودة في ذلك وفي هذا يقول القرطبي‪" :‬املعنى العام للجهاد هو املقصود ويتجلى ذلك في االمتثال إلى جميع ما أمر هللا به‬
‫واالنتهاء عن كل ما نهى سواء عن طريق مجاهدة النفس أو الشيطان أو الظلمة والكافرين"‪.2‬‬
‫وقد قسم العلماء الجهاد إلى أربعة أقسام‪ :‬جهاد بالقلب وهو مجاهدة الشيطان والنفس عن الشهوات اخمحرمة‪ ،‬وجهاد باللسان‬
‫وهو األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وجهاد باليد وهو زجر األمراء أهل املناكر باألدب والضرب باجتهادهم ومنه إقامة الحدود‪،‬‬
‫وجهاد بالسيف وال ينصرف حيث يطلق إال إليه ‪.3‬‬
‫فحقيقة الجهاد في االصطلح بمعناه العام هو االجتهاد في حصول ما يحبه هللا تعالى واالبتعاد عما يغضبه سبحانه‪ ،‬وهو بالتالي‬
‫وجه إليها الرسالة اإلسلمية في جميع ميادين الحياة الفكرية واالجتماعية واالقتصادية‬ ‫استفراغ الطاقة لتحقيق األهداف التي ُت َّ‬
‫والعلمية والعسكرية‪ ،‬في السلم والحرب على السواء‪ ،‬فهو أوسع من اخمجالدة بالسيف في ساحات القتال ليعم ميادين الحياة‬
‫كلها‪ ،‬ونن كان معناه مخصوصا عند الفقهاء بكونه قتال الكفار كما سيأتي‪.‬‬
‫وقد جاء هذا املعنى في بعض اآليات املكية التي نزلت قبل اإلذن بالقتال‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ .1‬قوله تعالى في سورة الفرقان ‪-‬وهي سورة مكية‪َ { :-‬ف َل ُتطع ْال َكافر َ‬
‫ين َو َج ِاه ْد ُه ْم ِب ِه ِج َه ًادا ك ِب ًيرا‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ً ً‬
‫قال الطبري‪":‬جاهدهم بهذا القرآن جهادا كبيرا حتى ينقادوا لإلقرار بما فيه من فرائض هللا ويدينوا به ويذعنوا للعمل بجميعه‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫طوعا وكرها‪ ،‬وبنحو الذي قلنا في قوله (وجاهدهم به) قال أهل التأويل"‪ .4‬بل نسب هذا التفسير إلى ابن عباس رض ي هللا عنه‪،5‬‬
‫ُ‬
‫ون ِقل عن آخرين أن الضمير عائد على اإلسلم‪.6‬‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫ً‬
‫و وجه االستدالل من اآلية أن التعبير عن الجهاد بالقرآن هو من قبيل الجهاد العام الذي كان بمكة‪ ،‬خلفا للجهاد بالسنان الذي‬
‫شرع باملدينة‪.‬‬
‫َّ َّ َ َ َ ٌّ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َّ ُ َ ُ َ ْ‬
‫‪ .2‬قوله تعالى‪﴿ :‬ومن جاهد ف ِإن َما يج ِاهد ِلنف ِس ِه ِإن َّللا لغ ِني ع ِن الع ِ‬
‫املين﴾‪.‬‬
‫واملعنى‪ :‬له ثوابه‪ ،‬فالجهاد في هذا السياق هو الصبر على الشدة وقد يكون ذلك في الحرب وقد يكون على مخالفة النفس‪ .7‬قوله‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ ُ ْ ُ ُ َ َ َ َّ َّ َ َ َ ْ ُ‬
‫َّللا مل َع اْل ْح ِس ِنين﴾‪.‬‬ ‫تعالى‪﴿ :‬والذين َج َاه ُدوا ِفينا لنه ِدينهم سبلنا و ِإن‬
‫قال السدي‪" :8‬إن هذه اآلية نزلت قبل فرض القتال"‪.9‬‬
‫و وجه االستدالل من اآليتين كون سياقهما في سورة العنكبوت ‪-‬وهي سورة مكية‪ -‬يدل على أن املراد بعطلق الجهاد في هذه اآليات‬
‫هو الجهاد بامل عنى العام ال باملعنى الخا االصطليي‪ ،‬إذ لم يكن بمكة حينذذ جهاد بمعنى القتال‪ ،‬وننما املراد بالجهاد عموم‬
‫جهاد النفس على طاعة هللا تعالى ‪.‬‬
‫وأما األحاديث النبوية املتضمنة للجهاد باملعنى العام‪ ،‬فمنها ‪:‬‬
‫‪ .1‬عن عبد هللا بن عمرو رض ي هللا عنهما عن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪":‬أفضل الجهاد من جاهد نفسه‬
‫في ذات هللا عزوجل"‪.10‬‬
‫‪ .2‬وعن فضالة بن عبيد رض ي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪":-‬اْلجاهد من جاهد نفسه في‬
‫طاعة هللا"‪.‬‬
‫فهذان الحديثان داالن بنفسهما على مفهوم الجهاد باملعنى العام بما يفسح اخمجال واسعا الستعمال املصطلح في كل‬
‫جهد مستفرغ من الفرد والجماعة في كل منايي الحياة‪ ،‬إال أن مفهوم الجهاد باملعنى الخا هو الذي جرى استعماله عند‬
‫الفقهاء كما سبق وأن أشرنا‪ ،‬وفيما يلي طائفة من تعريفاتهم للجهاد باملعنى الخا ‪:‬‬
‫‪ ‬فمن الحنفية‪ - :‬قال علء الدين الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع‪" :‬وفي عرف الشرع يستعمل في بذل الوسع والطاقة‬
‫بالقتال في سبيل هللا ‪ -‬عزوجل ‪ -‬بالنفس واملال واللسان‪ ،‬أو غيرذلك‪ ،‬أو املبالغة في ذلك"‪.11‬‬
‫‪ ‬ومن املالكية‪ - :‬عرفه ابن عرفة بقوله‪" :‬الجهاد قتال مسلم كافرا غير ذي عهد إلعالء كلمة هللا أو حضوره له أو دخول‬
‫أرضه له"‪.12‬‬
‫‪ ‬ومن الشافعية‪ :‬فقد عرفه صاحب إعانة الطالبين " الجهاد‪ :‬أي القتال في سبيل هللا مأخوذ من اْلجاهدة‪ ،‬وهي املقاتلة في‬
‫سبيل هللا"‪.13‬‬
‫وهو عند الفقهاء بهذا قسمان‪ :‬جهاد دفع‪ ،‬وجهاد طلب‪.‬‬

‫‪ -‬فأما جهاد الدفع‪ :‬فهو رد الصائل ومقاومته عند مجاوزة الحدود ومهاجمته الثغور واالعتداء على أنفس املسلمين أو‬
‫أموالهم وممتلكاتهم أو حرماتهم مثل جهاد الرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وأصحابه‪ ،‬السيما في غزوتي أحد والخندق‪.‬‬
‫يقول سبحانه وتعالى‪﴿ :‬وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكون الدين هلل فإن انتهوا فال عدوان إال على الظاملين البقرة اآلية ‪193‬‬
‫ولقوله وقاتلوا في سبيل هللا الذين يقاتلونكم وال تعتدوا إن هللا ال يحب املعتدين﴾ البقرة اآلية ‪.190‬‬
‫قال الحافظ ابن عبد البر املالكي ‪:‬الجهاد ينقسم أيضا قسمين ‪:‬أحدهما ‪:‬فرض عام متعين على كل أحد ممن يستطيع املدافعة‬
‫ٌ‬
‫واجب على جميع أهل تلك الدار‬ ‫والقتال وحمل السلح من البالغين األحرار وذلك أن يحل بدار اإلسلم محاربا لهم فعذا كان ذلك‬
‫أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافا وثقاال وشبابا وشيوخا وال يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقل أو مكثر ونن عجز أهل تلك‬
‫البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا قلوا أو كثروا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة"‪.14‬‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫و قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا‪" :‬وجهاد الدفع أصعب من جهاد الطلب؛ فعن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل‪ ،‬ولهذا أبيح‬
‫للمظلوم أن يدفع عن نفسه كما قال هللا تعالى‪﴿ :‬أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا﴾‪ ،‬وقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من قتل‬
‫دون ماله فهو شهيد‪ ،‬ومن قتل دون دمه فهو شهيد"؛ ألن دفع الصائل على الدين جهاد وقربة‪ ،‬ودفع الصائل على املال والنفس‬
‫مباح ورخصة‪ ،‬فعن قتل فيه فهو شهيد"‪.15‬‬
‫‪ -‬أما جهاد الطلب‪ :‬فهو مبادرة العدو بها ومطالبته بها‪ ،‬وأهم الفروق بينه وبين جهاد الدفع أن هذا األخير يقصده كل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أحد‪ ،‬وال يرغب عنه إال متخاذل وهذا مذموم شرعا وعقل‪ ،‬وجهاد الطلب الخالص هلل يقصده سادات املؤمنين‪ ،‬وأما الجهاد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الذي يكون فيه طالبا مطلوبا فهذا يقصده خيار الناس؛ إلعلء كلمة هللا ودينه‪ ،‬ويقصده أوساطهم للدفع وخمحبة الظفر " ‪.16‬‬
‫فهو جهاد يقرره الخليفة (السلطة) لردع الدول اخمجاورة للدولة املسلمة عن التفكير في اإلخلل باألمن على الحدود وليس من‬
‫شرطه وقوع حرب بل تهديد واستعراض للقوة ونعدادها وتمرين للجيوش وليس الغرض منه إجبار الناس على تغيير دينهم بل في‬
‫غالب األحوال على معاهدات لتأمين الحدود وحسن الجوار وبالتالي ليصبح الجار دار هدنة وصلح وعهد وليس دار حرب وهو أمر‬
‫سلطاني ال دخل لإلفراد والجماعات إال بحكم كونهم جيوشا أو أعضاء في اخمجتمع بحيث عليهم أن يؤدوا خدمتهم العسكرية إذا‬
‫‪17‬‬
‫صدر إليهم األمر من السلطان لقوله تعالى ونذا استنفرتم فانفروا" كما قال عليه الصلة والسلم‬
‫يقول الدكتور السباعي ‪ ":‬حين تتأكد األمة من نية العدوان والغدر لدى ّأمة من األمم ضدها ‪ ،‬يجب عليها أن تستعد بكل ما‬
‫تملك من قوة قال تعالى‪﴿ :‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو هللا وعدوكم﴾‪ ،‬فهو استعداد‬
‫‪.4‬‬
‫للدفاع ال للعتداء ‪ ،‬وإلرهاب أعداء األمة‪ ،‬ال أصدقائها ومسامليها"‬
‫وعند التأمل والنظر في كافة املعارك التي خاضها املسلمون طالبين العدو يتضح جليا أنها كانت حروبا استباقية وقائية ممن كان‬
‫يحول بين املسلمين ودعوتهم أو ممن كان طاغيا ذا شوكة ال يؤمن جانبه ومهاجمته املسلمين وجماعتهم لوأدها في مهدها‪ ،‬فكان‬
‫املسلمون مرغمين مضطرين إلنهاء طغيان هؤالء املتجبرين حتى تبقى الدولة والصولة اللتان بهما تحفظ الدعوة فهي األصل‬
‫الذي ال محيد عنه بأي حال من األحوال فالحرب اإلسلمية كما يقرر ابن تيمية إنما هي حرب دفاعية ألن أصل العلقة مع غير‬
‫املسلمين هي املساملة ودليله في ذلك أن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يقاتل املشركين إال دفاعا‪ ،‬ألنهم قاتلوه وأخرجوه‪ ،‬ولم يبتدئ‬
‫النصارى باالعتداء بل قاتلهم ملا اعتدوا على رسله‪.18‬‬
‫وكذلك أشار العلمة الشيخ الطاهر بن عاشور إلى ذلك عند قوله تعالى‪﴿ :‬أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا بأنه تنبيه على أن‬
‫القتال املأذون فيه هو قتال جزاء على اعتداء سابق كما دل عليه أيضا قوله بأنهم ظلموا﴾‪.19‬‬
‫ً‬
‫وقد نبه في موضع آخر على أن غزوة تبوك إنما كانت ردا على هجوم محتمل من الروم بالشام كما يدل عليه حديث عمر في‬
‫الصحيح عندما جاءه أخوه من األنصار في بيته في وقت لم يكن يأتيه فيه فقال عمر أجاء صاحب غسان ألنهم كانوا يتوقعون‬
‫غزوا من أحد ملوك غسان بالشام مدعوما من الروم‪.20‬‬
‫وفي السياق ذاته من تبيان حقيقة قتال النبي صلى هللا عليه وسلم يقول محمد عبده ‪ ":‬فقتال النبي صلى هللا عليه وسلم كله كان‬
‫ً‬
‫مدافعة عن الحق وأهله وحماية لدعوة الحق ولذلك كان تقديم الدعوة شرطا لجواز القتال ‪ ،‬وننما تكون الدعوة بالحجة‬
‫والبرهان ال بالسيف والسنان ‪ ،‬فعذا ُمنعنا من الدعوة بالقوة بأن هدد الداعي أو قتل فعلينا أن نقاتل لحماية الدعاة ونشر الدين‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫‪ ،‬ال لإلكراه على الدين فاهلل يقول(ال إكراه في الدين)‪ 2،‬ويقول أيضا ﴿أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين﴾‪ ،3‬ونذا لم يوجد‬
‫من يمنع الدعوة ويؤذي الدعاة أو يقتلهم أو يهدد األمن ويعتدي على املؤمنين فاهلل تعالى ال يفرض علينا القتال ألجل سفك الدماء‬
‫ونزهاق األرواح وال ألجل الطمع في الكسب‪ ،‬ولقد كانت حروب الصحابة في الصدر األول ألجل حماية الدعوة ومنع املسلمين من‬
‫تغلب الظاملين ال ألجل العدوان‪. 4‬‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫فالجهاد بمفهومه الخا في اإلسلم هو بمثابة عملية جراحية والتي ال ينبغي بأي حال من األحوال أن تتجاوز موطن الداء وال أن‬
‫تتوسع لبتر األعضاء السليمة وبذلك يسعد الجسم البشري بسعادة وسلم دائمين‪.‬‬
‫وهذا ما ينزع عنه أن يكون قتاال خمجرد التوسع والغلبة والقضاء على اخمخالف‪ ،‬وحيث إن الجهاد مفهوم ديني وقد يشتبه على‬
‫البعض إمكان استغلله في فرض العقيدة اإلسلمية على األمم األخرى؛ فعننا نجد في النصو الشرعية السالفة الذكر ما‬
‫يوضح حدود التداخل بين األمرين‪ ،‬فالعقيدة ال ُيتصور فيها إال القناعة التامة لدى كل أحد‪ ،‬إذ ال عقيدة مع اإلكراه‪ ،‬قال‬
‫َْ‬
‫األ ْرض ُك ُّل ُه ْم َجم ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ْ َ َ َّ َ ُّ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫يعا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرش ُد ِم ْن الغ ِّ ِي﴾‪ ،‬وقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬ول ْو ش َاء َرُّب َك آل َم َن َمن ِفي‬ ‫الد ِين قد تبين‬ ‫سبحانه وتعالى‪)﴿ :‬ال ِإك َراه ِفي ِ‬
‫ُ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ْ ُ َّ‬
‫اس َح َّت ٰى َيكونوا ُمؤ ِم ِنين﴾ [يونس اآلية ‪.]99‬‬‫الن َ‬ ‫أفأنت تك ِره‬
‫أما حصول االقتناع بالعقيدة اإلسلمية فالوسيلة إليه دائما وأبدا اخمحاججة بالفكر باعتباره أساسا لإليمان‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َّ َ َ ِّ ْ ُ‬ ‫َّ ْ ُ َ ْ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫يد﴾ [ق‪ ،]45‬بل ورد تسمية هذا النوع من الجدل مع‬ ‫﴿نحن أعلم ِبما يقولون وما أنت عل ْي ِهم ِبجب ٍار فذ ِك ْر ِبالق ْر ِآن من يخاف و ِع ِ‬
‫اخمخالف جهادا "وهو قوله تعالى‪﴿ :‬وجاهدهم به جهادا كبيرا﴾ [الفرقان‪ ]52:‬قال ابن عباس‪" :‬يعني بالقرآن"‪.21‬‬
‫وقد تشدد فريق من الفقهاء فأوجبوا قتال اخمخالف مطلقا –باستثناء املُ َ‬
‫عاهد‪.22-‬‬
‫وبنقيض ذلك ذهب جمهور الفقهاء والباحثين املعاصرين إلى أن أصل العلقة مع غير املسلمين هي السلم ‪ ،‬أما الحرب فهي أمر‬
‫عارض ال يصار إليه إال عند الضرورة وذلك حيثما يكون االعتداء على املسلمين وأوطانهم أما متى كان الكفار مساملين تاركي‬
‫الدعوة اإلسلمية وشأنها فعنه ال يحل قتالهم خمجرد اخمخالفة في الدين والجهاد إنما شرع لحماية املسلمين وديارهم ودعوتهم فقط‬
‫ونال فالسلم هي األصل في العلقة بين الناس‪ ،23‬يقول اإلمام محمد أبو زهرة ‪ :‬فاألصل في العلقات الدولية في اإلسلم هو السلم‬
‫حتى يكون االعتداء باالعتداء على الدولة اإلسلمية فعل أو بفتنة املسلمين عن دينهم ‪ .‬فالحرب حينذذ تكون ضرورة أوجبها قانون‬
‫الدفاع عن النفس وعن العقيدة وعن الحرية الدينية‪ 24‬ويقول الشيخ عبد الوهاب خلف ‪ :‬والنظر الصحيح يؤيد أنصار السلم‬
‫القائلين بأن اإلسلم أسس علقات املسلمين بغيرهم على املساملة واألمان ال على الحرب والقتال إال إذا أريدوا بسوء لفتنتهم عن‬
‫دينهم أو صدهم عن دعوتهم ‪ ،‬فحينذذ يفرض عليهم الجهاد‪.25‬‬
‫‪ -‬الحكمة من مشروعية الجهاد‪ :‬كل التكاليف الشرعية مرتبطة ِبحكم ومقاصد عالية سنية علمها من علمها وجهلها‬
‫من جهلها‪ ،‬وهذه الحكم تعود بمصالح للعباد إما في الحال أو املآل ومن حكم الجهاد بمعنى املقاتلة واملنابذة بالسيف الذي تشير‬
‫إليه آيات قرآنية عديدة مبينة غاياته ومقاصده من خلل رصد أسبابه وبواعثه املتمثلة في ‪:‬‬
‫ُ َ َّ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ين ُيقاتلون ِبأ َّن ُه ْم‬ ‫‪ ‬السبب األول ‪ :‬الطرد عن الديار والحجر على الحرية الدينية ‪ :‬قال تعالى‪﴿ :‬أ ِذن ِلل ِذ‬
‫َ‬
‫اس ب ْعض ُه ْم‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َّللا الن َ‬ ‫ْ َ ْ َ ْ َ ِّ َ ْ َ ُ ُ ُّ َ َّ ُ َ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َّ َ ُ ْ ُ‬ ‫ُ ُ َ َّ َّ َ َ َ َ ْ ْ َ َ‬
‫ظ ِلموا و ِإن َّللا على نص ِر ِهم لق ِدير * ال ِذين أخ ِرجوا ِمن ِدي ِار ِهم ِبغي ِر ح ٍق ِإال أن يقولوا َربنا َّللا ولوال دفع ِ‬
‫َّللا َل َقو ٌّي َعزيز * َّالذ َ‬ ‫ص ُر ُه إ َّن َّ َ‬ ‫اس ُم َّ َ ً َ َ َ ْ ُ َ َّ َّ ُ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ص َل َوات َو َم َساج ُد ُي ْذ َك ُر ف َيها ْ‬ ‫ص َوام ُع َوب َيع َو َ‬‫ب َب ْعض َل ُه ِّد َم ْت َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ك ِثيرا ولينصرن َّللا من ين ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ ٍ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َّ َّ ُ ْ‬
‫ور﴾ [الحج ‪.]41،40،39‬‬ ‫ّلِل عا ِقبة األم ِ‬ ‫وف ونهوا ع ِن املنك ِروِ ِ‬ ‫ض أقاموا الصالة و آتوا الزكاة وأم ُروا ِباملع ُر ِ‬ ‫ْ‬
‫ِإن مكناهم ِفي األر ِ‬
‫يقول ابن هشام في سيرته شرحا لسبب نزول هذه اآلية "أن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم ُيؤذن له في‬
‫الحرب ولم تحلل له الدماء إنما يؤمر بالدعاء إلى هللا والصبر على األذى والصفح عن الجاهل وكانت قريش قد اضطهدت من‬
‫اتبعه من املهاجرين حتى فتـنوهم عن دينهم ونفوهم من بلدهم فهم من بين مفتون في دينه ومن بين معذب في أيديهم وبين هارب‬
‫في البلد فرا ًرا منهم ‪ .‬منهم من بأرض الحبشة ومنهم من باملدينة وفي كل وجه فلما عتت قريش على هللا عز وجل ّ‬
‫وردوا عليه ما‬
‫أرادهم به من الكرامة وكذبوا نبيه صلى هللا عليه وسلم وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه أذن هللا عز‬
‫وجل لرسوله صلى هللا عليه وسلم في القتال واالنتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم فكانت أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب‬
‫ُ‬
‫ونحلله له الدماء والقتال ملن بغى عليهم فيما بلغني عن ُعروة بن الزبير وغيره من العلماء قول هللا تبارك وتعالى‪(:‬أذن للذين‬
‫ُيقاتلون بأنهم ظلموا…اآليات‪ ،‬أي أني إنما أحللت لهم القتال ألنهم ظلموا ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس إال أن يعبدوا‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫هللا وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلة وآتوا الزكاة وأمروا باملعروف ونهوا عن املنكر يعنى النبي صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رض ي‬
‫هللا عنهم أجمعين ‪.26‬‬
‫َُ‬
‫‪ ‬السبب الثاني ‪ :‬إنقاذ املستضعفين وإسعافهم ‪ :‬هذا ما تش ي به آية سورة النساء في قوله سبحانه وتعالى‪(َ :‬و َما لك ْم‬
‫َّ َ ُ‬ ‫ٰ َْ‬ ‫َّ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ ِّ َ َ ِّ َ َ ْ ْ َ َّ َ ُ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ‬
‫ين َيقولون َرَّبنا أخ ِر ْجنا ِم ْن َه ِذ ِه الق ْرَي ِة الظ ِال ِم أ ْهل َها‬ ‫النس ِاء وال ِولد ِان ال ِذ‬
‫الرج ِال و ِ‬ ‫َّللا واملستض َع ِفين ِم َن ِ‬ ‫يل ِ‬ ‫ال تقا ِتلون ِفي س ِب ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫اج َع ْل َل َنا م ْن َل ُد ْن َك َول ًّيا َو ْ‬
‫اج َع ْل لنا ِم ْن ل ُدن َك ن ِص ًيرا)‪.‬‬ ‫َو ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َّ َ َ‬ ‫َّ َّ َ َ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫َّللا ال‬ ‫ين ُيقا ِتلونك ْم َوال ت ْعت ُدوا ۚ ِإن‬ ‫َّللا ال ِذ‬
‫يل ِ‬
‫َ‬
‫‪ ‬والسبب الثالث ‪ :‬رد العدوان‪ :‬وقد ورد في قوله تعالى‪﴿ :‬وقا ِتلوا ِفي س ِب ِ‬
‫ين﴾ [البقرة‪.]19:‬‬ ‫ُيح ُّب ْاملُ ْع َتد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفي هذا املعنى من رد العدوان ونيقاف الظالم عند حده دون زيادة فسر ابن جرير الطبري هذه اآلية بقوله ‪ :‬فتأويل اآلية وقاتلوا‬
‫ُ‬
‫أيها املؤمنون في سبيل هللا ‪-‬وسبيله‪ -‬طريقه الذي أوضحه‪ ،‬ودينه الذي شرعه لعباده‪ ،‬يقول لهم تعالى ذكره‪ :‬قاتلوا في طاعتي‬
‫َّ‬
‫َوعلى ما شرعت لكم من ديني‪ ،‬وادعوا إليه من َولى عنه واستكبر باأليدي واأللسن‪ ،‬حتى ُينيبوا إلى طاعتي‪ ،‬أو يعطوكم الجزية‬
‫غارا إن كانوا أهل كتاب‪ .‬وأمرهم تعالى ذكره بقتال َم ْن كان منه قتال من ُمقا ِتلة أهل الكفر دون من لم يكن منه قتال من‬‫ص ً‬‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نسائهم وذرا ريهم‪ ،‬فإنهم أموال وخ َول لهم إذا غلب املقاتلون منهم فقهروا‪ ،‬فذلك معنى قوله‪":‬قاتلوا في سبيل هللا الذين‪27‬ـ‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ويكون الدين هلل فإن انتهوا فال عدوان إال على الظاملين﴾ البقرة اية ‪:193‬‬
‫ين﴾ [النحل‪.]126:‬‬ ‫لصابر َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َُْ ْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َُْ ْ َ َ ُ‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬و ِإن عاقبتم فعا ِقبوا ِب ِمث ِل ما عو ِقبتم ِب ِه ول ِئن صبرتم لهو خير ِل ِ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ين َي ْظ ِل ُمو َن ال َّن َ‬
‫اس َو َي ْبغون ِفي‬ ‫يل َع َلى َّالذ َ‬ ‫َّ َ َّ‬
‫السب ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ ُ ْ َ َ َ َ َ ْ ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫يل‪ُ ِ ْ ،‬إنما ِ‬ ‫تعالى‪﴿ :‬ومل ِن انتصر َبعد ظل ِم ِه فأول ِئك ما علي ِهم ِمن س ِب ٍ‬‫ُ‬
‫وقوله‬
‫ور﴾ [الشورى‪]43-40:‬‬ ‫ْ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ ِّ ْ‬ ‫ْ َْ‬
‫ض ِبغي ِرالح ِق أول ِئك لهم عذاب أ ِليم‪ ،‬وملن صبروغفر ِإن ذ ِلك ِملن عز ِم األم ِ‬ ‫األر ِ‬
‫فنلحظ في اآليتين األخيرتين اإلشادة بفضيلة الصبر والتسامح بعد اإلذن بالدفاع ضد الظالم وعدوانه‪.28‬‬
‫ويتفرع من هذا الذي ذكرنا ‪ :‬املقاصد التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬حفظ البيضة ‪ -2‬صيانة الثغور ‪ -3‬حفظ األموال ‪ -4‬حفظ األعراض‬
‫‪ -6‬رد الصائل‬ ‫‪ -5‬تمكين الدعوة اإلسلمية من البلوغ للناس كافة‬
‫‪ -7‬حفظ هيبة الدولة اإلسلمية بين الدول دفعا للجرأة عليها‪.‬‬
‫‪ -‬حكم الجهاد شرعا‪ :‬إن اإلسلم يحبذ أشكال الحوار بين اخمجتمعات اإلنسانية واملساملة واملوادعة بينهم وبالتالي‬
‫فعن املظاهر السلمية للجهاد هي األولى دائما إال إن اضطر للمواجهة فيكون الجهاد فرض كفاية عند الجمهور‪.‬‬
‫قال الجصا في أحكام القرءان ‪ :‬وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ومالك وسائر فقهاء األمصار إن الجهاد فرض إلى يوم‬
‫القيامة إال أنه فرض على الكفاية إذا قام به بعضهم كان الباقون في سعة من تركه"‪ .29‬وقال أيضا ‪" :‬ومعلوم في اعتقاد جميع‬
‫املسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو ولم تكن فيهم مقاومة لهم فخافوا على بلدهم وأنفسهم وذرا ريهم أن الفرض على‬
‫كافة األمة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن املسلمين‪ ،‬وهذا ال خلف فيه بين األمة‪ ،‬إذ ليس من قول أحد من املسلمين إباحة‬
‫القعود عنهم حتى يستبيحوا دماء املسلمين وسبي ذراريهم‪ ،‬ولكن موضع الخلف بينهم أنه متى كان بعزاء العدو مقاومين له وال‬
‫يخافون غلبة العدو عليهم هل يجوز للمسلمين ترك جهادهم حتى يسلموا أو يؤذوا الجزية؟‬
‫فكان من قول عمر وعطاء وعمرو بن دينار وابن شبرمة‪ :‬أنه جائز لإلمام واملسلمين أال يغزوهم وأن يقعدوا عنهم‪.‬‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫وقال آخرون‪ :‬على اإلمام واملسلمين أن يغزوهم أبدا‪ ،‬حتى ُيسلموا أو يؤدوا الجزية‪ ،‬وهو مذهب أصحابنا وممن ذكرنا من السلف‪:‬‬
‫املقداد بن األسود وأبو طلحة وآخرين من الصحابة والتابعين‪ .‬وقال حذيفة بن اليمان‪ :‬اإلسلم ثمانية أسهم‪ ،‬وذكر سهما منها‪:‬‬
‫الجهاد‪.‬‬
‫القبلة ثم يحلف عشرة أيمان‪ :‬أن الغزو واجب‪ ،‬ثم يقول‪ :‬إن شئتم زدتكم‪.30‬‬
‫ثم ذكر قول معمر بسنده ‪ :‬كان مكحول يستقبل ِ‬
‫وهنا أقوال فقهية مهمة يذكرها الجصا عن عدد من فقهاء األمة من الصحابة و من التابعين مثل‪ :‬عطاء وابن عمر وعمرو بن‬
‫دينار ومن األئمة مثل الثوري وابن شبرمة‪ :‬أنه ليس واجبا على املسلمين أن يغزوا الكفار إذا كانوا آمنين على أنفسهم منهم‪ ،‬إنما‬
‫يجب الجهاد في حالة الخوف من شرهم وعدوانهم على املسلمين‪.31‬‬
‫وقد خالف الرأي القائل بالوجوب مطلقا اإلمام سحنون من املالكية أيضا بقوله "ليس بواجب بعد الفتح ألبتة إال أن يأمر اإلمام‬
‫فيجب االمتثال لقوله ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ال هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ونذا استنفرتم فانفروا فعلق الوجوب على‬
‫استنفار اإلمام"‪.32‬‬
‫يقول الدكتور يوسف القرضاوي موضحا قول سحنون‪ ":‬أعتقد أن الجهاد الذي نفى وجوبه سحنون إنما هو جهاد الطلب وغزو‬
‫العدو كل سنة مرة كما قال بعضهم ‪ ،‬أما جهاد الدفع واملقاومة للعدو الغازي‪ ،‬فهذا ال يماري أحد في وجوبه‪ ،33‬وبعد تقرير‬
‫املازري أنه ال خلف في وجوب دفع صائلة العدو في كل وقت على كل مستطيع‪ ،‬وأن جهاد الطلب متعين أيضا لدرء خطر محقق‬
‫الوقوع؛ ينتهي إلى أنه مع األمن يسقط وجوبه‪.34‬‬
‫واألمر نفسه يقرره ابن رشد الجد بقوله‪" :‬فعذا جوهد العدو وحميت أطراف املسلمين وسدت ثغورهم سقط فرض الجهاد عن‬
‫سائر املسلمين وكان لهم نافلة وقربة مرغبا فيها‪ ،‬إال أن تكون ضرورة مثل أن ينزل العدو ببلد من بلد املسلمين فيجب على‬
‫الجميع إغاثتهم وطاعة اإلمام في النفير إليهم"‪.35‬‬
‫وبعمعان النظر في قول اإلمام سحنون واإلمام ابن رشد الجد نجدهما يشترطان استنفار اإلمام وبدونه ال ينعقد لواء الجهاد‪ .‬قال‬
‫الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ‪:‬ويعد الجهاد القتالي في مقدمة أحكام اإلمامة‪ ،‬بل ال أعلم أي خلف في أن سياسة الجهاد‪،‬‬
‫إعلنا‪ ،‬وتسييرا‪ ،‬وننهاء‪ ،‬ونظرا لذيوله وأثاره ‪ ،‬كل ذلك داخل في أحكام اإلمامة ‪ ،‬وأنه ال يجوز ألي فرد من أفراد املسلمين‪ ،‬أن‬
‫يتنقل دون إذن اإلمام ومشورته‪ ،‬في إبرام ش يء من هذه األمور‪.36‬‬
‫ونذن فالجهاد داخل في السياسة الشرعية التي يقررها اإلمام األعظم بتقدير املصالح واملفاسد و املوازنة بينهما بما يحقق‬
‫مقصد الحق من الخلق في الدولة اإلسلمية‪.‬‬
‫‪ ‬آداب الجهاد ‪ :‬أحاط اإلسلم الجهاد املشروع بآداب رفيعة‪ ،‬تسمه بصفات السماحة‪ ،‬والرحمة والنبل‪ ،‬وتجعله أرحم حرب‬
‫وأعدلها‪ ،‬ومن تلك اآلداب ‪:‬‬
‫‪ ‬وجوب عرض اإلسلم على العدو قبل محاربته‪ ،‬فقد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا بعث بعثا قال ‪ " :‬تألفوا الناس‪،‬‬
‫وتأنوا بهم ‪ ،‬وال تغيروا عليهم حتى تدعوهم‪ ،‬فما على األرض من أهل بيت من مدر وال وبر ‪ ،‬إال أن تأتوني بهم مسلمين‪ ،‬أحب إلي من‬
‫أن تأتوني بأبنائهم وبناتهم وتقتلوا رجالهم"‪.37‬‬
‫‪ ‬تحريم قتل األطفال وتحريم قتل النساء اللئي ال يشاركن في الحرب ضد اإلسلم واملسلمين‪ ،‬قال ابن عمر ‪" :‬إن امرأة‬
‫وجدت في بعض مغازي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مقتولة ‪ ،‬فأنكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قتل النساء‬
‫والصبيان"‪.38‬‬
‫ولقول الرسول صلى هللا عليه و سلم ‪" :‬ال تقتلوا شيخا فانيا وال طفل صغيرا‪ ،‬وال امرأة"‪.39‬‬
‫ولقول أبي بكر الصديق رض ي هلل عنه ليزيد حين وجهه إلى الشام ‪" :‬ال تقتل صبيا وال امرأة وال هرما"‪.40‬‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫‪ ‬تحريم قتل الرهبان الذين انعزلوا في صوامعهم وأديرتهم للعبادة‪ ،‬وال يشاركون‪ -‬ال باملال وال بالرأي‪ -‬في إدارة الحرب‪ .‬قال‬
‫‪41‬‬
‫ابن عباس رض ي هلل عنه ‪ ":‬كان النبي صلى هللا عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال ‪ :‬ال تقتلوا أصحاب الصوامع"‪.‬‬
‫‪ ‬تحريم التمثيل بالقتلى وتحريم إحراق األشجار‪ ،‬وقتل الحيوانات‪ ،‬ونتلف املمتلكات‪ .‬قالت أمنا عائشة رض ي هلل عنها ‪":‬‬
‫كان رسول هللا صلى هللا عليه و سلم إذا أمر أمير على جيش أو سرية أو صاه في خاصته بتقوى هللا و بمن معه من‬
‫املسلمين خيرا ثم قال‪" :‬اغزوا على اسم هللا في سبيل هللا تعالى‪ ،‬قاتلوا من كفر باهلل‪ ،‬اغزوا وال تغلوا وال تغدروا وال تمثلوا‬
‫وال تقتلوا وليدا‪ ...‬الحديث"‪.42‬‬
‫‪ ‬منع حرب التوسع وبسط النفوذ وسيادة القوي ومنع حرب االنتقام والعدوان قال تعالى‪﴿ :‬وال يجرمنكم شنئان قوم‬
‫على أن صدوكم عن املسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على االثم والعدوان و اتقوا‬
‫هللا إن هللا شديد العقاب﴾ املائدة من اآلية ‪.2‬‬
‫فهذه النصو الشرعية واضحة الداللة على أن اإلسلم أحاط الجهاد املشروع بآداب عالية نفيسة‪ ،‬تجعل منه جهادا‬
‫مقدسا ذا طبيعة خاصة‪ ،‬و أهداف تربوية نبيلة‪.‬‬
‫‪ ‬الئحة املصادرواملراجع‪:‬‬
‫أحكام القرءان‪ ،‬تأليف الكياهراس ي الجصا الحنفي‪ ،‬تحقيق موس ى علي و عزت عطية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت‪ ،‬ط ‪1405‬هـ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫اإلرهاب‪ ،‬التشخيص والحلول‪ ،‬تأليف عبد هللا بن بية‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ -‬السعودية‪ ،‬ط ‪ 2007‬م‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح املعين‪ ،‬تأليف أبي بكر الدمياطي الشافعي ‪1310‬هـ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫بدائع الصنائع للكاساني طبعة دار الكتاب العربي ببيروت‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫تفسير القرءان العظيم ‪ ،‬تأليف أبو الفداء إسماعيل ابن كثير‪ ،‬سامي سلمة‪ ،‬دار طيبة‪ -‬السعودية‪ ،‬ط‪1420 ،2‬هـ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫جامع البيان (تفسير الطبري)‪ ،‬تأليف محمد بن جرير الطبري‪ ،‬تحقيق عبد اخمحسن التركي‪ ،‬دار هجر – مصر‪ ،‬ط‪1422 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫الجهاد في اإلسلم كيف نفهمه وكيف نمارسه؟‪ ،‬تأليف د محمد سعيد رمضان البوطي‪ ،‬دار الفكر املعاصر‪ -‬بيروت ودار الفكر‪ -‬دمشق‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫ط‪1414 ،1‬هـ‪.‬‬
‫الدر اخمختار وحاشية ابن عابدين عليه دار إحياء التراث العربي ببيروت‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫الذخيرة‪ ،‬تأليف شهاب الدين أحمد القرافي‪ ،‬تحقيق محمد حجي وآخرون دار الغرب اإلسلمي بيروت‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫سنن ابن ماجه‪ ،‬تأليف ابن ماجه القزويني‪ ،‬تحقيق شعيب األرنؤوط وآخرون‪ ،‬دار الرسالة العاملية‪ -‬بيروت‪ ،‬ط‪1430 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪.10‬‬
‫سنن أبي داود‪ ،‬تأليف أبي داود السجستاني‪ ،‬تحقيق شعيب األرنؤوط و محمد كامل‪ ،‬دار الرسالة العاملية‪ -‬بيروت‪ ،‬ط‪1430 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫سيرة ابن هشام‪ ،‬تأليف ابن هشام‪ ،‬تحقيق طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬شركة الطباعة الفنية املتحدة ( د مكان)‪.‬‬ ‫‪.12‬‬
‫شرح حدود ابن عرفة‪ ،‬تأليف الرصاع التونس ي‪،‬املكتبة العلمية ط‪1350 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪.13‬‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬تأليف مسلم بن الحجاج النيسابوري‪ ،‬تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ -‬بيروت( د ت)‪.‬‬ ‫‪.14‬‬
‫العلقات الدولية في اإلسلم – محمد أبو زهرة – طبعة دار الفكر العربي‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫الفروسية‪ ،‬تأليف ابن قيم الجوزية‪ ،‬تحقيق مشهور سلمان‪ ،‬دار األندلس‪-‬السعودية‪،‬ط‪1414 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪.16‬‬
‫الكافي في فقه أهل املدينة‪ ،‬تأليف ابن عبد البر‪ ،‬مكتبة الرياض الحديثة‪ -‬السعودية‪ ،‬ط‪1400 ،2‬هـ‪.‬‬ ‫‪.17‬‬
‫مسند اإلمام أحمد‪ ،‬تأليف أحمد بن حنبل الشيباني‪ ،‬إشراف شعيب األرِنؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ -‬بيروت‪،‬ط‪1420 ،2‬هـ‪.‬‬ ‫‪.18‬‬
‫املطالب العالية بزوائد املسانيد الثمانية البن حجر العسقلني‪،‬تحقيق جماعة‪ ،‬دار العاصمة ودا الغيث‪ -‬السعودية‪ ،‬ط‪1419 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪.19‬‬
‫املغني ‪ ،‬تأليف ابن قدامة املقدس ي‪ ،‬مكتبة القاهرة‪ ،‬ط ‪1388‬هـ‪..‬‬ ‫‪.20‬‬
‫املفردات في غريب القرءان‪ ،‬تأليف الراغب األصفهاني‪ ،‬تحقيق صفوان عدنان الداودي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الدار الشامية ‪ -‬دمشق بيروت الطبعة‬ ‫‪.21‬‬
‫األولى ‪ 1412 -‬هـ‪..‬‬
‫املقدمات املمهدات‪ ،‬تأليف ابن رشد الجد‪ ،‬تحقيق محمد حجي‪ ،‬دار الغرب اإلسلمي بيروت‪.‬‬ ‫‪.22‬‬
‫نظام الدولة اإلسلمية في الشؤون الدستورية الخارجية واملالية تأليف عبد الوهاب خلف – طبعة مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان –‬ ‫‪.23‬‬
‫الطبعة الثالثة سنة ‪1407‬هـ ‪1987‬م‪.‬‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫* طالب باحث بسلك الدكتوراه‪ ،‬كلية اآلداب – جامعة محمد الخامس – الرباط‪.‬‬
‫‪ 1‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬الجامع ألحكام القرءان للقرطبي ج‪99 2‬‬
‫‪.410‬‬ ‫‪ 3‬الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني لإلمام النفراوي ج‪1‬‬
‫‪ 4‬تفسير الطبري ‪23 / 19‬‬
‫‪ 5‬تفسير ابن كثير‪322 / 3‬‬
‫‪ 6‬تفسير الطبري ‪. 23/ 19‬‬
‫‪ 7‬تفسير البغوي ‪37/1‬‬
‫‪ 8‬هوأبو محمد اسماعيل بن عبد الرحمان السدي من بني عبد مناف من مشاهير مفسري التابعين روى عن ابن عباس وأنس رض ي هللا عنهما توفي سنة‬
‫‪127‬هـ طبقات املفسرين للداوودي ‪.110/1‬‬
‫‪ 9‬تفسير القرطبي ‪364/13‬‬
‫‪ 10‬أخرجه الطبراني في الكبير ‪ ،596 / 13‬وأبو نعيم في الحلية ‪.249/2‬‬
‫‪ 11‬بدائع الصنائع‪97/7 :‬‬
‫‪ 12‬شرح حدود ابن عرفة‪139 :‬‬
‫‪ 13‬إعانة الطالبين ألبي بكر (املشهور بالبكري) عثمان بن محمد شطا الدمياطي الشافعي (املتوفى‪1310 :‬هـ)‪205/4 :‬‬
‫‪ 14‬الكافي في فقه أهل املدينة ‪.205/1‬‬
‫‪ 15‬الفروسية ‪187‬‬
‫‪ 16‬املصدر نفسه‪.189 :‬‬
‫‪ 17‬اإلرهاب في ميزان الجهاد بين التحريف والتأصيل بحث منشور على موقع ‪/ http://pukcc.net/ar‬‬
‫‪ 4‬السباعي‪ :‬نظام السلم والحرب في اإلسلم ‪42 ،‬‬
‫‪ 18‬ينظرابن تيمية ألبي زهرة ‪.321-318‬‬
‫‪19‬التحرير والتنوير ‪312/17‬‬
‫‪ 20‬التحرير والتنوير‪.162/10‬‬
‫‪ 2‬سورة البقرة آية ‪256‬‬
‫‪ 3‬سورة يونس آية ‪9‬‬
‫‪ 4‬تفسير املنار ‪216 /2 :‬‬
‫‪ 21‬تفسير ابن كثير ‪.116/6 :‬‬
‫‪ 22‬الكافي في فقه أهل املدينة البن عبد البر‪.208 :‬‬
‫‪23‬‬
‫تفسير املنار لرشيد رضا‪.280/12 :‬‬
‫‪.48‬‬ ‫‪ 24‬العلقات الدولية في اإلسلم – محمد أبو زهرة – طبعة دار الفكر العربي‬
‫‪ 25‬نظام الدولة اإلسلمية في الشؤون الدستورية الخارجية واملالية تأليف عبد الوهاب خلف – طبعة مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان – الطبعة الثالثة‬
‫سنة ‪1407‬هـ ‪1987‬م ‪.77‬‬
‫‪ 26‬سيرة ابن هشام‪.79/2 :‬‬
‫‪ 27‬تفسير الطبري ‪.593/3‬‬
‫‪ 28‬اإلرهاب‪ ،‬التشخيص والحلول لعبد هللا بن بية‪.49 :‬‬
‫‪29‬أحكام القرءان ‪311/ 4‬ـ‬
‫‪ 30‬املصدر نفسه‪147-146 /3 :‬‬
‫‪ 31‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 32‬الذخيرة للقرافي ‪. 385/ 3 :‬‬
‫‪ 33‬فقه الجهاد‪.92 /1 :‬‬
‫‪ 34‬الذخيرة ‪375 /3‬‬
‫محمد الخيراوي‬ ‫مفهوم الجهاد في اإلسالم‬ ‫العدد ‪10/9‬‬

‫‪ 35‬املقدمات املمهدات البن رشد الجد‪347 / 1 :‬‬


‫‪.112‬‬ ‫‪ 36‬الجهاد في اإلسلم‬
‫‪37‬‬
‫املطالب العالية بزوائد املسانيد الثمانية البن حجر رقم الحديث‪2076:‬‬
‫‪ 38‬أخرجه مسلم في كتاب الجهاد من صحيحه ( هامش إرشاد الساري ‪)310 / 7‬‬
‫‪39‬‬
‫السنن رقم الحديث‪2250 :‬‬
‫ٍ‬ ‫رواه أبو داود في‬
‫‪289‬‬ ‫‪ 40‬املغني البن قدامة ‪ :‬ج‪9‬‬
‫‪ 41‬رواه أحمد في مسنده رقم الحديث ‪2728 :‬‬
‫‪ 42‬أخرجه مسلم في كتاب الجهاد و السير من صحيحه ( هامش إرشاد الساري ‪)297 /7‬‬

You might also like