You are on page 1of 2

‫رابعا‪ :‬المذهب البراجماتي‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريفه‪ :‬تعدّدت تعريفاتها‪ ،‬إال أنها تشترك في المضمون العام‪..‬‬


‫‪ -‬هي تيار فلسفي يحدّد معنى وحقيقة جميع المفاهيم من خالل عواقبها العملية‪..‬‬
‫أن "العقل ال يبلغ غايته إال إذا قاد صاحبه إلى العمل الناجح‪ ،‬فالفكرة الصحيحة‬ ‫‪ -‬هي المذهب القائل ّ‬
‫هي الفكرة الناجحة‪ ،‬أي الفكرة التي تحقّقها التجربة‪ ،‬وال يقاس صدق القضية إال بنتائجها العملية"‪.‬‬
‫‪ -‬يصطلح عليها كذلك بـ "الذرائعية" "األداتية"‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬لمحة عن ظروف النّشأة‪ :‬نشأت الفلسفة البراجماتية في الواليات م أ‪ ،‬وكانت مالزمة لذلك‬
‫خصوصا على المستوى االقتصادي‪ ،‬أواخر القرن الـ ‪ 19‬ومطلع القرن الـ ‪ .20‬وقد ساعد في نجاحها‬
‫وانتشارها‪ ،‬توافق مبادئها مع مبادئ النظام الرأسمالي السائد‪ ،‬والذي كان بمثابة التربة الخصبة التي‬
‫نموها‪..‬‬
‫أسرعت في ّ‬
‫‪ -‬كما كان من دوافع ظهورها‪ ،‬ذلك العجز الذي أصاب الفلسفات التقليدية‪ ،‬في قدرتها على مسايرة‬
‫الرهانات التي أوضحت مدى‬ ‫التطورات والرهانات التي فرضتها الحياة االقتصادية والعلمية‪ ،‬وهي ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫حاجة اإلنسان إلى عقل عملي‪ ،‬بإمكانه أن يدفع نحو فلسفة جديدة تساير تغيّرات ومتطلبات الحياة اليومية‬
‫المجردة التي خاضت فيها الفلسفات التقليدية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العملية‪ ،‬بعيدا عن الجداالت الفكرية‬
‫‪ -‬كما تأثرت في مضمون عقيدتها الفكرية‪ ،‬بالعقل العملي عند كانط‪ ،‬وفكرة اإلرادة عند شوبنهاور‪،‬‬
‫وفلسفة نظرية التطور( داروين وسبنسر) خصوصا فكرة البقاء لألصلح‪ ،‬والفلسفة النفعية وبخاصة في‬
‫مستوى الحياة األخالقية وقيمها‪..‬‬
‫المجرد؛ إنها‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬يمكن اعتبار البراجماتية بمثابة ثورة فكرية على الفلسفات التقليدية ذات الطابع الفكري‬
‫مجرد آلية تفكير نظري عقيم‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫فلسفة عملية‪ ،‬تدفع بالعقل ليكون آلية منتجة عمليا‪ ،‬وليس‬
‫‪ -‬من أبرز روادها‪" :‬تشارلز بيرس" ‪" /1914 -1839‬وليم جيمس" ‪" /1910 -1842‬جون ديوي"‬
‫‪.1952 -1856‬‬
‫* لمحة مختصرة عن فلسفة جيمس البراجماتية‪ :‬يؤسس "وليم جيمس" نظريته في المعرفة على‬
‫التجربة العملية‪ ،‬المتمثلة في النجاح والنفع‪ ،‬وليس التجربة بالمفهوم التقليدي‪ ..‬فليست الحقيقة هي ما‬
‫نحس به‪ ،‬وإنما هي ما نستفيد منه وينفعنا عمليا‪،‬‬‫ّ‬ ‫نعقله أو‬
‫‪ -‬في مجال التجربة النفسية مثال تقاس الحقيقة بدرجة الشعور بالراحة والسعادة‪ ،‬وفي مجال التجربة‬
‫العقلية تقاس الحقيقة بدرجة الفائدة الفكرية وما يحققه الفكر من أفكار عملية معقولة‪ ،‬وفي مجال العلوم‬
‫التجريبية مثل الفيزياء فالحقيقة تبرز في االستفادة من التنبؤ والقدرة العملية في التأثير على الظواهر‬
‫الفيزيائية‪ ،‬وأ ّما في مجال التجربة الدينية‪ ،‬فالحقيقة تقاس بطمأنينة النّفس‪ ،‬وقدرة المؤمن على تغيير‬
‫سلوكه نحو األفضل‬
‫‪ -3‬المبادئ الكبرى للمذهب البراجماتي‪:‬‬
‫التصورات‪ ،‬أو اعتبار‬‫ّ‬ ‫‪ -‬الحقيقة تقاس بقيمة النتائج‪ ،‬بمعنى النظرة البعدية في تقييم األفكار وضبط‬
‫الممارسة العملية هي من تحدد مدى صدق النتائج‪ ،‬وال يمكن تحديد وضبط قيمة أية فكرة أو معتقد أو‬
‫سلوك‪ ،‬إال قياسا بما يترتّب عنها من نتائج وآثار عملية‪ ،‬والبراغماتيون بهذا يرفضون التفسيرات‬
‫النظرية واألحكام القبلية‪ ،‬ويجعلون من النجاح العملي المقياس الفعلي للقبول أو الرفض‪ ،..‬يقول‬
‫تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية‬ ‫ّ‬ ‫تصورنا لموضوع ما هو‬ ‫ّ‬ ‫"تشارز بيرس"« ّ‬
‫إن‬
‫الحق النجاح وآية الباطل اإلخفاق»‪« ،‬كل ما يؤدي إلى النجاح‬ ‫ّ‬ ‫ال أكثر»‪ ..‬ويقول "وليم جيمس" «آية‬
‫فهو حقيقي‪ ،‬وما هو صالح ألفكارنا ومفيد لنا بأي حال من األحوال؛ هو حقيقي»‪..‬‬
‫‪ -‬الحقيقة من طبيعة نسبية متغيرة‪ ،‬وال وجود لحقائق ضرورية ومطلقة‪ ،‬فهي تتصف بالمرونة والقابلية‬
‫مجرد أداة مرشدة نحو بلوغ‬ ‫ّ‬ ‫للمراجعة المستمرة تبعا لظروف ووقائع الحياة العملية‪ ،‬ويصبح العقل هنا‬
‫الحقيقة (المصالح والنجاحات العملية الممكنة)‪ ،‬وليس هو من يفرض الحقيقة ويحدّدها‪ ..‬يقول "وليم‬
‫جيمس" «أسمي الفكرة صادقة حين ابدأ بتحقيقها تحقيقا تجريبيا‪ ،‬فإذا ما انتهيت من التحقيق وتأكدت من‬
‫سالمة الفكرة‪ ،‬س ّميتها نافعة‪ ،»..‬وينتج عن الطابع النسبي للحقيقة‪ ،‬أن تكون هذه األخيرة ليست هدفا في‬
‫ذاتها بقدر ما هي منطلق لحقيقة أخرى تنتج عنها‪ ،‬يقول جون ديوي «الوصول غلى هدف ما هو نقطة‬
‫انطالق لهدف آخر»‪....‬‬
‫‪ -‬رفض فكرة الفصل بين الفكر والواقع‪ ،‬أو بين العلم النظري والعلم التطبيقي العملي‪ ،‬فالبراجماتية‬
‫فلسفة عملية واقعية‪ ،‬لكن ليس بعيدا عن الفكر النظري الذي يو ّجه ويرشد تلك الحياة العملية‪...‬‬
‫‪ -‬البراجماتية فلسفة مشاريعية‪ ،‬فهي تتخذ من التخطيط المشاريعي وسيلة لبلوغ األهداف (مشاريع‬
‫مبررا لمشروعية‬ ‫التعليم‪ ،‬السياسة االقتصاد‪ )..‬وكل هذا منطلقه اإليمان بنسبية القيم‪ ،‬واعتبار النجاح ّ‬
‫تبرر الوسيلة)‪..‬‬
‫المخططات الفكرية (الغاية ّ‬
‫والتصورات الخارقة المتح ّكمة في ظواهر الكون؛ إنها ثورة ضد الفكر‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬البراجماتية ترفض األفكار‬
‫الخرافي والميتافيزيقي‪ ،‬وال تقبل إال بالتفسيرات الواقعية القابلة للتحقق‪ .‬إن العقل وسيلة الحياة العملية‪،‬‬
‫وليست تفسير عالم الغيب المجهول‪..‬‬

‫مالحظة‪ :‬لالستزادة أكثر يمكن االستئناس بالمصادر والمراجع التالية‪:‬‬


‫‪ -‬وليام جيمس‪ ،‬البراجماتية‪ ،‬تر‪ ،‬محمد علي العريان‪//‬‬
‫‪ -‬وليم جيمس‪ ،‬معنى الحقيقة‪ ،‬تر‪ ،‬أحمد األنصاري‪//‬‬
‫‪ -‬وليم جيمس‪ ،‬مبادئ علم النفس‪//‬‬
‫‪ -‬جون ديوي‪ ،‬المدرسة والمجتمع‪ ،‬تر‪ ،‬أحمد حسن الرحيم‪//‬‬
‫‪ -‬جون ديوي‪ ،‬إعادة البناء في الفلسفة‪ ،‬تر‪ ،‬أحمد األنصاري‪//‬‬
‫‪ -‬جون ديوي‪ ،‬الطبيعة البشرية والسلوك اإلنساني‪ ،‬تر‪ ،‬محمد لبيب النحيحي‪//‬‬
‫‪ -‬علي عبد الهادي المرهج‪ ،‬الفلسفة البراجماتية‪ .‬أصولها ومبادئها‪//‬‬
‫‪ -‬منصور بن عبد العزيز الحجيلي‪ ،‬البراجماتية‪ .‬عرض ونقد‪//‬‬
‫‪ -‬وول ديورانت‪ ،‬قصة الفلسفة من أفاطون إلى جون ديوي‪//‬‬
‫‪ -‬برتراند راسل‪ ،‬حكمة الغرب "الفلسفة الحديثة والمعاصرة"‪//‬‬

You might also like