Professional Documents
Culture Documents
111
112
بالعلم ،وفي ح�ضنِ ال ّدول ِة الإ�سالم ّي ِة الفت ّي ِة (ال�شّ ا ّب ِة) ِ وفي هذ ِه البيئ ِة الخ�صب ِة
كل وق ِت ِهالعلم الذي تو ّل َع ِب ِه (�أح َّب ُه وتع ّل َق ِب ِه) ،ووه َب ُه َّ
أحمد على ِ حت عينا الخليلِ بنِ � َ تف ّت ْ
الخليل بقو ِة المالحظ ِة، َ بي
ال�ص َّ (ف�ض َل ُه و�أعطا ُه) ّ خ�ص اهلل ُ ّ وقد َّ واهتمام ِه وحيا ِت ِهْ ،
ِ
�شيء ،وتت�أ ّمال ِن ِه طوي ًال ،وت�س�أالن كل ٍ عند ِّ �شديد ي�ش ُّع في عيني ِه اللتين تتوقّفانِ َ وبذكاء ٍ ٍ
عند ظاهرِ الأ�شيا ِء بل تغو�صانِ في َعن ُه ،ثم تتعم ّقان في ال ّتفكير في ِه ،فال تقفانِ َ
بذلك فك الألغا ِز والأ�سرارِ ،وت�صالنِ �إلى حقيق ِة الأ�شيا ِء ،فكان َ العمقِ ،وتبحثانِ عن ِّ
نتائجبذلك ،بل ت�سعى �إلى الو�صولِ �إلى َ وتدرك ثم ال تكتفي َ ُ نموذج العبقري ِة التي ُ
تفهم َ
كل �إن�سانٍ في ال ّدنيا. بعلم ِه َّ
ي�ساعد ِ َ يتمنى �أن
كان ّ علم ،بل �إن ُه َ
طالب ٍ كل ِ ت�ساعد َّ
ُ وقواعد
َ
وكانت رغب ُت ُه الجامح ُة في خدم ِة إ�سالمْ ، الخليل عا�شق ًا للغت ِه العرب ّي ِة ولدين ِه ال ِ
ُ وكان
َ
كان العلم وتع ّل ِم العرب ّي ِة� ،إذْ َ طلب ِ اجتهاد ِه في ِ ِ بب في
ال�س َ
إ�سالم والم�سلمين هي ّ ال ِ
إ�سالمي
ّ ين ال لمن �أرا َد �أن يف َه َم ال ّد َ (يجب) ْ ُ غيور ًا عليها ،فهي ُل َغ ُة القر�آنِ َّ ،
والبد
َ
وو�صل لي َل ُه واجتهد،
َ وتعب
كد َ فقد َّ ولذلك َْ يتقن ال ّلغ َة العرب ّي َة على خيرِ ٍ
وجه، �أن َ
رف) (ع َ أدرك َ وفهم معانيها ،و� َ بنها ِر ِه حتى تف ّوقَ في درا�س ِة الل ّغ ِة العرب ّي ِةِ ،
أهم علما ِء المدر�س ِة الب�صر ّي ِة. فنونَها و�آدا َبها ،وغدا (�أَ�صبح) من � ِ
113
114
بن �أبي الن ِ
ّجود عا�صم ِ
ٍ وح�ض َر حلق َة القارئِ
العلمَ ، دروب ِ بعد � ْأن �سعى (�سا َر وم�شى) في ِ
من ال ِ
أعراب (البدو ابن كثيرٍ ،ثم تع ّلم ال ّلغ ِة العرب ّي ِة َ
في الكوف ِة ،و�أخذَ في مكة عن قارئها ِ
ونجد وتهام َة ،كما �أ ّن ُه تتلمذَ علىال�صحرا ِء) �أهلِ الف�صاح ِة والبالغ ِة في الحجا ِز ٍ من �أهلِ ّ
�شيوخ ِه
�شهد َل ُه جمي ُع ِ وقد َ بن العال ِءْ ، �أيدي �أئم ِة ال ّلغ ِة العرب ّي ِة في ع�صرِ ِه �أمثال �أبي عمرو ِ
أعالم (�أ�شهرِ علما ِء) النّح ِو (معلمي ِه) بالذّ كا ِء وال ّتفوقِ ،وعن ُه �أخذَ النّح َو وال ّلغ َة جي ٌل ِم ْن � ِ
أ�صمعي
ّ ّحوي ،ووهب بن جرير وال �أمثال �سيبوي ِه والنّ�ضر بن �شميل وهارون بن مو�سى الن ّ
الجه�ضي.
ّ والك�سائي وعلي بن ن�صرّ
ال ّدعا ُء الم�ستجا ُب
أحمد يوم ًا ،فتع ّل َق ب�أ�ستا ِر الكعب ِة ،و�س�ألَ
بن � َ ُ
الخليل ُ حج
وق ْـد َّ
وطلب ِم ْن ُه) �أَ ْن يه ُبه (يعطي ُه) علم ًا
(ابتهل َ َ اهلل َمت�ض ّرع ًا
لم ي�سبقه �إليه �أح ٌد ،وال ُي�ؤخذُ �إال ع ْن ُه فيكون َل ُه خي ُر
أنعم عليه نعم ًة طيب ًة) اهلل ُ فمن (� َالعلم و أ�جـ ُر ُهَّ ،
ذلك ِ َ
اعتكف في ِه (� َ
أقام َ عل ِي ِه ،فما كا َد يعو ُد �إلى بي ِت ِه ،حتى
علم
وقد و�ض َع َ خرج على النّا� ِس ْ و َل��زِ َم)� ،إلى � ْأن َ
(علم موازين ال�شِّ عرِ )َ ،
وكان ال َع ُرو�ضِ كام ًال ِ
115
116
ا�س ،وهو نح ُ بعد � َّأن م َّر يوم ًا ب�سوقِ النّحا�سين (مفردها ّ ذلك َ َ
ط�ستٍ ّحا�س ويبي ُع ُه) ف�سم َع وقع مطرق ٍة على َم ْن ي�صن ُع الن ِ
فلمعت في ذه ِن ِه فكر ُة ال َع ُرو�ض ،وهذا ْ (�آني ٍة من الن ِ
ّحا�س)
��ان للخليلِ عل ٌم ّغم ،وك َ يحتاج �إلى معرف ٍة بال ِ
إيقاع والن ِ ُ العلم
ُ
نف�س ِه(نا�سي ًا َل َه ْا) بي�س بي ِت ِه ذاه ًال َع ْن ِ
ظل َح َ بذلك ،وقـد َّ كبي ٌر َ
يتمتم (يقولُ ُ ِ
ل�ضبط �أوزانِ ما يرف ُع �أ�صاب َع ُه �أو يح ّرك ُها ٍ
ببطء
ي�ضبط َ وقد ا�ستطا َع � ْأن مفهوم) ِب ِه ِم ْن ال�شِّ عرِ ْ ،
ٍ كالم ًا َ
غير
نظم ال�شِّ عرِ حتى الآن، أوزان خم�س َة ع�ش َر بحر ًا يجري عليها ُ � َ
الكالم، ِ الخليل ال�شِّ ع َر َع ْن غيرِ ِه من فنونِ
ُ وبهذ ِه ال ُبحو ِر م ّي َز
الف�ضل على ال ّلغ ِة العرب ّي ِة وعلى ال�شِّ عر� ،إذْ
ُ كان َل ُه
وبذلك َ َ
ياع. بذلك من االختاللِ ّ
وال�ض ِ حفظ ُه َ َ
117
118
دخل يوم ًا
وقد َ كان َل ُه ول ٌد جاه ٌلْ ، عبد ال ّرحمنِ َ كان ُيكنّى ب�أبي ِ الخليل الذي َ َ ويقالُ �إِ ّن
ّا�س �صارخ ًاّ � " :إن أبيات �شعرٍ ب�أوزانِ ال َع ُرو�ض ،فخرج �إلى الن ِ قط ُع � َفوجد ُه ُي ّوالد ِهَ ، على ِ
الخليل مخاطب ًاُ ّا�س على الخليلِ ،و�أخبرو ُه بما قالَ اب ُن ُه ،فقالَ فدخل الن َُ �أبي قد ُج َّن "،
َ
الجاهل: اب َن ُه
تعلم ما تقولَ َعذَ ل ُتكا كنت ُ لو َ تعلم ما �أقولُ عذرتني كنت ُ "لو َ
وعلمت �أن َّك جاه ٌل َف َعذَ ْر ُتكـا"
ُ ـلت مقالتي فعذلـتني لــكن جه ـ َ
أحمد؛ ليتع ّلموا على يدي ِه َ
العلم العبقري الخليلِ بنِ � َ
ّ العلم على �شيخهِ م أقبل طلب ُة ِ وقد � َ
الخليل خير ًا
ُ الجديد الذي ابتك َر ُه ،فكانوا يالزمونه (يرافقو َن ُه وال يفارقو َن ُه) ،ف� ْإن ر�أى َ
ذلك (عك�س) َ َ َ
خالف ا�ستبقاهم ،و� ْإن ر�أى
ُ فيهم ،وا�ستعداد ًا َ
عند ُهم لتع ّل ِم ال َع ُرو�ض
علم �آخر.ون�صح ُهم بتع ّل ِم ٍ
َ �صر َف ُهم ب� ٍ
أدب،
العلم
ثرو ٌة من ِ
عظم (المف�ضلِ َ
عند ُه) ممن �أخذوا الكثي َر من ِ ّ وكان �سيبوي ِه ُ
تلميذ الخليلِ الأثيرِ َ
الزم ُه طوي ًال ،وع ْن ُه َ
نقل الكثي َر من الم�سائلِ والآرا ِء علم ِه في النّمو بعد �أن َ ِ
يقارب) ثالثمئ ٍة و�سبعين
ِ (الكتاب) في نحو (ما ِ في كتا ِب ِه ال�شّ هيرِ
وعظيم ف�ض ِل ِه.
ِ مو�ضع ًا ُمعترف ًا َل ُه بوافرِ ِ
علم ِه،
أنتج ْت) عبقر ّي ُة الخليلِ ِبن � َ
أحمد وتفتقت (� َْ
إبداع عمالقٍ ،و�إنجازٍ باهرٍ
جديد عن � ٍ من ٍ
ٍ
جماعات من العلما ِء كي يحتاج �إلى
ُ
119
يث بن ِ فكتب ع ْنهُ) على طال ِب ِه ال ّل ِ
(قال َل ُه َ وكان َق ْد �أم َ
�لا ُه َ معجم في ال ّلغ ِة العرب ّي ِةْ ،
ٍ ينجزوا مثله ،ف أ� ّل َف �أ ّو َل
كالم َها .وقد بـد�أ الخلي ُل َ
ي�ضبط ال ّلغ َة ويح�ص َر (يح ّد َد ويع ّد َد) َ معجم ِه �أن
دف الخليلِ من َو ْ�ض ِع ِ وكان َه ُ المظفّرِ َ ،
فكان ترتي ُب ُه كالآتي:الحروف في ِه َو ْفقَ مخارج َهاَ ،
َ الحروف ثم بتقليبِ ال ّلفظ ِة على ِّ
كل �أوج ِه َها ،وق ْد رت َّب ِ بترتيبِ
120
(العين)؛ ل ّأن
َ ع ح هـ ،خ غ ،ق ك ،ج �ش �ض� ،ص �س ر ،ط د ت ،ظ ث ذ ،ف ب م ،و ا ى ،الهمزة ،و�أ�سما ُه
الحروف المرتّب ِة على التوالي ِ معجم ِه؛ و�س ّمى مجموعات الحروف في ِ ِ ُ
الحرف الأ ّو ُل في ترتيبِ العين هو
َ
(التّرتيبِ ) حلق ّي ًة ،ولهوي ًة ،وهجر ّي ًة ،و�أ�سل ّي ًة ،ونطع ّي ًة ،ولثو ّي ًة ،وذلق ّي ًة ،و�شفو ّي ًة ،وهوائ ّي ًة .و َق ْد تو ّق َف في
�شواهد نثر ّي ٍة و�شعر ّي ٍة وقر�آن ّي ٍة.
َ وال�صرف ّي ِة ،وذك َر في ِه
عند كثيرٍ من الق�ضايا ال ّنحو ّي ِة ّ معجم ِه َ
نفات (ال ُكتب) ِمن َها: الم�ص ِالعرب .كما َل ُه كثي ٌر من ّ أحمد أ� ّولَ َم ْن ح�ص َر �أ�شعا َر ِ بن � َ ُ
الخليل ُ وكان
َ
ِ
الحروف. كتاب معاني كتاب العواملِ ُ ، ّغمُ ، كتاب الن ِ
واهدُ ، كتاب ال�شّ ِ
رو�ضُ ، كتاب ال َع ِ ُ
عوب الأخرى اختالطهم بغيرِ ِهم من ال�شّ ِ ُ العرب ِ
ب�سبب عند ِ والكالم َ
ِ ول ّما �شا َع الخط�أُ في القراء ِة
أحمد حـ ًّال ذك ّي ًا وناجح ًا (نافع ًا) بن � َ ُ
الخليل ُ خا�ص) الذي �أ�سلموا حديث ًاَ ،
وجد ال �سيما (ب�شكلٍ ٍ
(ا�ستخدام الن ِ
ّقاط ب�شكلٍ ِ إعجام
تنقيط ال ِ َ لهذ ِه الم�شكل ِة ،بعد � ْأن اختر َع تلميذُ ُه �أبو ال ِ
أ�سود ال ّد� ّ
ؤلي
ُ
الخليل كالجيم والحا ِء والخا ِء) ،وذلك ب� ْأن اختر َع ِ الحروف المت�شابه ِةِ ٍ
مخ�صو�ص للتمييز بين
ّظام الذيوالهمزات وهمز َة الو�صلِ ،وبقي هذا الن ُ ِ كون
وال�س َ وال�ضم َة ّ
أوجد ال�ش ّد َة ّ الحركات ،ف� َِ ر�سم
َ
اخترع ُه معمو ًال ِب ِه حتى الآن.
َ
العال ُم الفقيرُ ال ّزاه ُد
يملك �شيئ ًا) زاهد ًا بالمالِ َ � ،
أ�شعث ال�شَّ عرِ (غي َر م�صف ٍّف) الخليل حيا َت ُه فقير ًا معدم ًا (ال ُ
ُ َ
عا�ش
يكن ي�شكو من فقرِ ِهَ ،
وكان المالب�س والنّعلِ (الحذا ِء) غي َر م�شهو ٍر ال يعر ُف ُه الن ُ
ّا�س� ،إال إ� ّن ُه لم ْ ِ مم ّزقَ
ق�صب) َل ُه في الب�صر ِة
(بيت من �شجرٍ �أو ٍ �ص ٍ كان ُ
يعي�ش في خُ ٍّ غم من أ� ّن ُه َ ُمقب ًال على ِ
العلم ،على ال ّر ِ
كانبعلم ِه ،وما َ
يملك فل�سين ،وتالمذ ُت ُه يك�سبون المالَ الكثي َر ِ والد ِه ،ال ُ قد ور َث ُه عن ِ
في ب�ستانٍ كان َ
(يجاهد) عام ًا ،ويح ُّج عام ًا حتى تُوفي.
ُ كان عفيف ًا زاهد ًا بال ّدنيا ،يغزو فقد َ يبالي (يهت ُّم) َ
بذلكْ ،
121
يرف�ض َ
ذلك ،ويكتفي ُ الملوك �إلى الخليلِ يطلبون ر�ضا ُه ،ويعر�ضون علي ِه عطا َء ُهمَ ،
فكان ُ وقد �سعى
ْ
حبيب ِبن المه ّلبِ ِبن �أبي �صفر ِة ال ّ
أزدي، �سليمان ِبن ٍ
َ رف�ض �أن يكون معلم ًا ومرب ّي ًا ِ
البن بالقليلِ ،حتى �إ ّن ُه َ
ُ
الخليل: كان يعطيه َل ُه ،ف� َ
أن�شد �سليمان ما َ
ُ (حاكم) فار�س والأهوازِ ،فقط َع عن ُه
َ وكان والي
َ
122
للـ ّرزقِ حــتى َي َت ـ ـ َو ّفــاني � ّإن الذي �شَ َّق فـمي �ضـ ِ
ـام ٌ ن
مالك حرماني زادك في َ َح َرم ْتنَني خير ًا قلي ًال فم ـا
و�ضاعف َل ُه
َ كتاب (ر�سالةَ) اعتذارٍ �إلي ِه، أر�سل َ وندم ،و� َ
فخجلَ ، َ �سليمان قولُ الخليلِ ،
َ فبل َغ
اتب.ال ّر َ
العال ُم الحكي ُم
كان رج ًال �صالح ًا عاق ًال حليم ًا فقد َ(�صفات و�أخالق ًا) كريم ًةْ ، ِ َ
�شمائل وهب اهلل ُ َ
الخليل وقد َ
الح َك ِم والأ�شعار التي تد ُّل على خبر ِت ِه بالن ِ
ّا�س وكان َل ُه الكثي ُر من ِ ّا�س) حكيم ًاَ ، (يحترم ُه الن ُُ وقور ًا
كان يت ّغنى بقولِ ال�شّ اعر الأخطلِ : والحيا ِة ،وكثير ًا ما َ
ك�صالح الأعمالِ
ِ ذُ ْخر ًا ُ
يكون و�إذا اف َت َق ْر َت �إلى الذّ خائرِ لم تجِ ْد
الخليل الم�شهور ِة:
ِ وم ْن � ِ
أقوال ِ
فلي�س
هلل َ العلم– �أوليا َء ِ أهل ِ الطائف ُة –يعني � َ تكن هذ ِه ّ "� ْإن ل َْم ْ
أحد ثالث ٍة؛لقيت � َ
خرجت من منزلي ُ ُ ولي" .وقوله�":إذا هلل تعالى ٌّ ِ
يوم فائد ٍة� ،أو رج ًال مثليَ ،
فذلك فذلك ُ ب�شيء منيَ ، أعلم ٍ �إ ّما رج ًال � ُ
وكان يقولُ ":ال ّز ُ
اهد َم ْن ثواب"َ ، يوم ٍ فذلك ُ مذاكر ٌة� ،أو رج ًال دونيَ ،
كذلك�" :إذا � َ
أردت �أن َ ".وكان يقولُ
َ يفقد الموجو َد يطلب المفقو َد حتى َ لم ِ
فجال�س غي َر ُه".
ْ تعرف خط َ�أ مع ّل َم َك َ
123
كان غاي ًة في ال ّتوا�ض ِع ،ف�إذا �أفا َد �إن�سان ًا �شيئ ًا لم ي�شعر ُه ب�أ ّنه
وعلى ال ّرغم من عبقر ّي ِة الخليلِ �إ ّال �أ ّن ُه َ
ال�شك َر ،و�أ�شع َر ُه ب�أ ّن ُه ا�ستفا َد من ُه .وهذ ِه الأخالقُ الكريم ُة ْ
جعلت أحد �شيئ ًا � َ
أجزل َل ُه ّ �أفا َد ُه ،و� ْإن ا�ستفا َد ِم ْن � ٍ
مثل الخليلِ ،والبن �شميلٍ " :ما ر�أى الرا�ؤون َ ذلك ُ
يقول النّ�ض ُر ُ علما َء ع�صرِ ِه ُي�شيدون ِب ِه (يمدحون ُه) ،وفي َ
ٍ
وم�سك فلينظ ْر �إلى أحب � ْأن ينظ َر �إلى رجلٍ من ٍ
ذهب بن عيين َةَ " :م ْن � َّ �سفيان ُ
ُ نف�س ِه"َ ،
وقال مثل ِ ر�أى الخلي ُل َ
124
بن �شميلٍ في مع ّل ِم ِه الخليلِ �" :أكلت ال ّدنيا ِ
بعلم حين َ
قال النُّ�ض ُر ُ أحمد " .في َالخليلِ ِبن � َ
بن َ
".وقال محم ٌد ُ ابن عونٍ ِم َن الخليلِ بال�س ّن ِة َ
بعد ِ أعلم ّأيت رج ًال � َ
الخليلِ وكت ِب ِه"،وقال":ما ر� ُ
أحمد وال �أجمع".ال�صحاب ِة �أذكى من الخليلِ ِبن � َ بعد ّ �سلاّ ٍم":لم يكن ِ
للعرب َ
البح ُث حتى النّهاي ِة
هاج�س ُ العلم هو ِ إخال�ص) في تح�صيلِ البحث عن الحقيق ِة والتفاني (العملِ ب� ٍ ُ ��ان
ك َ
كان �سبب ًا في مو ِت ِه ،ففي �سن ِة اهتمام) الخليلِ حتى �آخرِ لحظ ٍة من حيا ِت ِه ،بل َ ِ (مح ّر ُك ومحو ُر
ِ
الم�سجد ُ
الخليل ي�سي ُر في وخم�س و�سبعين �أو مئ ٍة و�ستين للهجر ِة َ
كان ٍ مئ ٍة و�سبعين هجري �أو مئ ٍة
وال�صغي ُر ،وبينما ـاب ،ي�ستطي ُع �أن يتق َن َها الكبي ُر ّ من�شغ ًال بال ّتفكير في �إيجاد طريق ٍة �سهل ٍة للح�س ِ
وانقلب على ظهرِ ِه َ هـو م�ستغرقٌ في تفكيرِ ِهَ ،
�صد َم ْت ُه �ساريـ ٌة (عامو ٌد) فان�صد َع (انك�س َر) ر� ُأ�س ُه،
للعلم ول ّلغ ِة العرب ّي ِةَ ،
فكان ابنَها البا َّر وهب حيا َت ُه ِعبقري َ
ٍّ م ّيت ًا ،لتنتهي بهذ ِه الحادث ِة المحزن ِة حيا ُة
المح�سن �إليها).
َ (المخل�ص لها
َ
أخل�ص ِ
هلل عابدَ �، زاهد ٍ لعالم ٍ العلم وتاريخ ًا م�شرق ًا ٍ الخليل للإن�سان ّي ِة ثرو ًة من ِ ُ وقد َ
ترك ْ
فعلت هلل ما ُ أيام":وا ِ قبل مو ِت ِه ب� ٍ ذلك قالَ َ وللعلم،وتر ّف َع عن لهو ال ّدنيا وعن معا�صي َها .وفي َ ِ
وددت �أنّي
ُ ف�ضل فكرٍ �صرف ُت ُه على جه ٍة كان لي ُ أخاف على نف�سي م ْن ُه،وما َ قط (�أبـد ًا) � ُ فع ًال ُّ
يغفر اهلل ُلي الت� َ
أويل قط،و�أرجو �أن َ كذبت متع ّمد ًا ُّ
ُ وماعلمت �أنّي
ُ كنت �صرف ُت ُه �إلى غيرِ َها، ُ
ف�سير)".(ال ّت َ
125
ل ّون معنا
126
127