Professional Documents
Culture Documents
58
بدا على الحالة االستعداد إلجراء المقابلة وذلك لقدومه في الوقت المحدد ،وقد ظهر
عليه التشوق قبل بدء الجلسة ،ثم بدأت الجلسة و ذلك بان قدمت الطالبة لمحة عن مجريات
المقابلة والطريقة التي ستتم بها ،ومن ثم بدأت بطرح أول السؤال المتعلق بكيف تحس مع
نفسك ؟ وكانت اإلجابة " ماذابيا ننسى وما نحكيش أصال " متبعا ذلك بطأطأة الرأس ثم
صمت لمدة قصيرة ثم تابعت في طرح السؤال الموالي وهو :هل أنت راض عن نفسك
وكانت اإلجابة " لو كان الوضع أحسن من هكذا وما ذابيا اإلنسان يكون خير من هالك ".
أما عن طرح السؤال الخاص بالحوار مع نفسه وماذا يجد عند ذاك؟ فقد بدا على
الحالة بعض التردد في البداية ومن ثم أجاب بأنه " نخاف من كالم العباد ،العباد هم اللي
نخاف منهم " ،وحين طرح السؤال الذي بعده وهو ماذا تحب من هذه الدنيا؟ استرسل في
اإلجابة وقال " حاب نخدم ونبني مستقبلي ،حوش ،نتزوج ،ما نيش نحوس عن حتى شيء
آخر " ثم طرح السؤال الموالي والذي يتحدث عن هل هناك موضوع معين تتحدث به مع
نفسك دائما ،فأجاب بإصرار على التناسي لكي ال يبقى في باله حيث قال " نتناسى ديما ،
نتناسى وما كاين حتى موضوع نخليه في بالي بش نخمم فيه ".
أما عن السؤال ما إذا كان يعرف من هو؟ وماذا يريد؟ وإلى أين هو ذاهب فأجاب "
إنسان طيب نحب نخدم الناس وحاجتي ديما نعطيها ،و مانديرش المشاكل و عمري ما
جرحت واحد ,وراني راضي بالشيء إلي راني فيه وحاب نخدم ونريح ونتزوج " وثم كيف
تمشي في هذه الدنيا؟ ظهر على الحالة عدم الرغبة في اإلجابة أو عدم تقديم إجابة واضحة أو
كاملة حيث كانت اإلجابة " ما نحبش نحكي ال مع روحي وال مع العباد ،نحب ننسى ونخاف
نقول سري للناس ألنهم ما يشدوش السر ".
وفيما يخص السؤال الذي يتعلق بانتمائه للمجتمع الذي هو فيه بدت على الحالة
مظاهر القلق الذي رافقته اإلجابة التالية "شوي ،حاس ديما راني ضياف وسط الفامي إنتاعي
" أما عن عالقته بالمحيطين به فإجابته على هذا السؤال كانت " مانيش داخل فيهم ياسر،
طبيعي ساكن " ،طرحت الطالبة السؤال الخاص بمتى تحس بالوحدة؟ ومتى تحب الجلوس
وحدك وقد أتبعت اإلجابة القلق الذي لوحظ من قبل إلى جانب صمت دام لمدة طويلة وكانت
59
اإلجابة " نقلق إذا قعدت وحدي ،ما نقعد شي وحدي ،وإذا قعدت نروح لإلنترانت أو ندير أي
حاجة نلهي بيها روحي " .
أما عن السؤال الموالي وهو عن قضاء وقت فراغه ؟ "نروح نلعب الكرة أو نشد
االنترنت أو نتفرج التلفزيون "
ومن ثم بدأت مظاهر القلق تخف التي كانت تبدو عليه وقد أجاب على سؤال من هم
أقرب الناس إليك وكيف هي عالقتك معهم حيث قدم اإلجابة وتعلو وجهه ابتسامة ورغبة في
التحدث واإلجابة عن ذلك حيث قال " صديقتي عرفتها في عرس ،نحبها وهي أقرب الناس
إلي وكون نحكيلها ما تهربش مني " ثم انتقلت إلى السؤال الموالي هل تحب العزلة؟ وأجاب "
ما نحبش نقعد وحدي " أما فيما يتعلق بجلوسه في مناسبة ما وإحاطة الناس به وبماذا يشعر
فأجاب " نضحكوا عادي المهم موضوع عام ،وإذا كانت حداثا عادي ,وما نحبش الحس ياسر
وإذا لقيت عبد نعرفه نقعد معاه على جنب ".
وقد بدا على الحالة مظهر الرضا عند إجابته عن سؤال كيف ترى الحياة التي تعيشها
فأجاب " عادي مسلم أيدي لربي متقبل كل شيء ويكبر اإلنسان تنقص عنه المشاكل " أما
رده عن ما إذا قام بإنجاز عمل ما وبماذا يشعر؟ قال " نبني مستقبلي بالخدمة والزواج ،إذا
وصلت للهدف هذاك خالص ".
أما عن ما يتعلق بتقبله للواقع الذي يعيش فيه "متقبل واقعي ,حليت عيني لقيت روحي
هنايا معاهم ,ويرجع الفضل لوالديا ".
وأجاب عن السؤال اآلتي وهو عن الموت وما هو بالنسبة لك فقال " هو حاجا بيد ربي
بصح كي يموت لي واحد تغيضني ،إنشاء اهلل ما تكونش ".
وفيما يتعلق باإلجابة عن سؤال لماذا أتيت إلى الحياة؟ "ألنو عندي هدف وبش نبني
مستقبلي " وقد كررت الحالة هذه اإلجابة من حيث بناء المستقبل إلى جانب ما الحظته
الطالبة من إصرار على تحقيق ذلك.
أما عن معنى لما يقوم به في هذه الحياة قال " كاين حوايج تدوم وحوايج ال ،كيما
الخدمة ،وإنسان يشاركك حياتك ,واللي ما عند هاشي معنى نطيشها "
60
ثم تقدمت بطرح آخر سؤال هل تحب الحياة؟ ولماذا؟ فأجاب " راضي بصح حبيتها ال ألنو
فيها جوانب سمحة وبشعة ".
1-3التحليل العام للمقابلة مع الحالة األولى :
من خالل إجراء المقابلة النصف موجهة مع الحالة األولى يمكن تحليلها كاآلتي:
تبين لنا أن الحالة من خالل المقابلة يخاف من مواجهة نفسه ,وال يفضل مناقشة أي
موضوع بينه وبين ذاته وال يترك مجاال للتفكير فيه حتى ،وذلك من خالل إجابته على أكثر
من سؤال قائال " ماذابيا ننسى ،ما نحكيش أصال ،وما كاين حتى موضوع نخليه في بالي بش
نخمم فيه " وهذا قد يدل على عدم قدرة أو خوف الحالة من الحوار مع نفسها أو قطع الحوار
الذاتي ،وذلك كلما بدرت على ذهنه أفكار لم يكن يرد مناقشتنا مع نفسه وهذا ما ذهبت إليه
سناء زهران على إن غربة الذات هي عدم قدرة الفرد التواصل مع نفسه ،وشعوره
باالنفصال عن ذاته.
( سناء زهران ،2004،ص )109
والحظنا أيضا على الحالة عدم قدرته على مواجهة نفسه ومواجهة الناس وذلك من
خالل قوله " ما نحبش نحكي ال مع روحي وال مع الناس " وقد يدل هذا على استخدام الحالة
لميكانيزم دفاع وهو الكبت ,والذي قد يعود لخبرات صادمة تعرض لها و ال يرغب في
تذكرها ,وبذلك يتخلص من الحوار مع نفسه ومع اآلخرين ،وهذا ما ذهب إليه فرويد إلى أن
الفرد يلجأ إلى الكبت كآلية دفاعية تلجأ إليها األنا كحل للصراع الناشئ بين رغبات الفرد
وأحالمه مما يؤدي بالتالي إلى االغتراب النفسي.
( حسين المحمداوي ، 2007 ،ص )20
كما صرح الحالة بأنه يخاف من الناس ومن كالمهم وخاصة في المواضيع التي
تشكل لديه حساسية " نخاف من كالم العباد ،العباد هم اللي نخاف منهم " وقد يدل هذا على
عدم قدرته على مواجهة الناس في مثل هذا الوضع ،إذ نجد أن من أسباب االغتراب النفسي "
هو عدم قدرته المغترب على مجابهة الناس.
( حسن المحمداوي ,2007,ص ) 17
61
وظهر لنا من خالل المقابلة أيضا أن الحالة شديد الحساسية وسريع التأثير مما يجعله
ال يقترب من المشاكل على حد قوله " ما نديرش المشاكل ،عمري ما جرحت واحد " كما
ظهر حساسيته أيضا من خالل السلوكات التي بدت عليها ,من احمرار للعينين التي كادت
تدمع حين لفظ بأنه شخص يملك جانبا كبيرا من الطيبة " نايا إنسان طيب نشتي نخدم الناس
وحاجتي ديما نعطيها " وقد يدل هذا على النظرة التي يحملها الحالة من عدم رؤية بعض
الناس له كالباقي منهم ،فربما يشكلون له مصدر قلق بحيث أنه يبحث عن الراحة واالستقرار
في حياته "حاب نخدم ونريح ونتزوج " أما عن شعوره باالنتماء لمجتمعه فقد قدم اإلجابة
بإتباع لحركات نفي قام بها برأسه " شوي حاس ديما راني ضياف وسط الفامي إنتاعي " وقد
يكون هذا داال على أنه يشعر بالغربة وسط أقاربه ،لعدم تفاعله أو تواصله معهم أو اللتزامه
الصمت حين يجلس معهم " نايا طبعي ساكت " وقد يعزز ذلك عدم ثقته بالناس الناتج على
حد قوله بأنهم ال يحتفظون بالسر " ما نثقش فيهم ألنهم مايشدوش السر" ،إذ أن شعور الفرد
باالنفصال عن اآلخرين واإلحساس بعدم االنتماء يشعره بأنه وحيد منفصل عن مجتمعه.
( عباس يوسف ، 2004 ،ص ) 23
وهذا ما أكده قائال " مانيش داخل فيهم ياسر"
أما عن سؤال الوحدة أخذ الحالة صمتا لمدة طويلة تجاوزت العشر دقائق متأثرة بذلك
مطأطأة رأسه ومن ثم أجاب " نقلق إذا قعدت وحدي ،ما نقعدشي وحدي " وقد يعزز هذا
ويثبت ما ذكر في أول التحليل من غربة عن الذات من خالل هروبه من الجلوس وحده.
وأما ما لوحظ على الحالة في المحور األخير من المقابلة بأنها تحدد هدفا في حياتها
تسعى لتحقيقه وترسم له خططا مستقبلية وذلك حسب إجابته " نبني مستقبلي ألنو عندي هدف
وإذا وصلت ليه خالص " وقد يدل هذا على أن الحالة ترى لحياته معنى وذلك من خالل
عيشها هذه الفترة عالقة عاطفية تبني من خاللها الهدف الذي تراه وتصبوا إليه ،وهذا ما
دعمته بأكثر من إجابة في المحاور الثالثة " حاب نخدم ،نتزوج" إذ المراهق الذي يكون
لنفسه هدفا محددا ويسعى بكل جهده إلى تحقيقه فإن ذلك يعطيه اإلحساس باألمان.
( إجالل سري ، 2003 ،ص )114
62
كما أن الحالة وبصفة عامة متقبل لوضعه وللواقع الذي يعيشه والفضل يرجع لوالديه
الكافلين على حد قولها " متقبل واقعي ألني حليت عيني لقيت روحي هنايا ويرجع الفضل
لوالديا ".
1-4نتائج تحليل المقابلة مع الحالة األولى :
من خالل ما ورد في تحليل المقابلة مع الحالة يمكن تفسيرها على الشكل التالي:
-الحالة يعيش غربة عن الذات من خالل عدم قدرته على التواصل مع نفسه الناتج عن
تعمد الحالة على استبعاد أي موضوع يستلزم أن يناقشه مع نفسه.
ومع عدم رغبة الحالة في التحدث مع نفسه ومع اآلخرين نتج عنه الكبت الذي يعيشه.
-الحالة يعيش عزلة اجتماعية من خالل خوفه من الناس ومن كالمهم وعدم شعوره
باالنتماء إليهم الناتج عن حساسيته اتجاه وضعه.
-من خالل عيش الحالة قصة عاطفية جعله بذلك يحدد هدفا في حياته يسعى ألجل تحقيقه
,وتحقق من خالل ذلك معنى لوجوده.
.2الحالـــة الثانيــة
2-1تقديم الحالة
االسم :فريد
السن 20 :سنة
المستوى الدراسي :أولى ثانوي ( متوقف عن الدراسة ومتحصل على دبلوم ).
المستوى االجتماعي :متوسط
سبب التكفل :عقم األم الكافلة.
فريد مراهق مجهول الوالدين ,يبلغ من العمر 20سنة أخذته أمه التي تكفله وعمره
سنة و سبعة أشهر من مؤسسة استشفائية.
تلقى فريد تربية عادية من كافليه عرف حقيقة وضعه وهو في سن الثامنة من جدته
(أم األب) رفض الحقيقة في البداية ومن ثم تقبلها تدريجيا.
63
ال حظنا على فريد الهدوء في الكالم يتخلله التشتت مع الطيبة في شخصيته ,يعيش
فريد أوضاع اجتماعية مزرية وذلك نتيجة المستوى االجتماعي األقل من المتوسط إال أنه
متقبل وضعه هذا ويحمد اهلل عليه.
أما عن والديه الحقيقيين فإن فريد يرغب في البحث عنهما وإيجادهما بهدف التعرف
على نسبه ال أكثر على حسب قوله.
عاطل فريد حاليا عن العمل بسبب وعك صحي متمثل في إجرائه لعمليتين جراحيتين
على التوالي.
ـ:
2-2ملخص مضمون مجريات المقابلة مع الحالة الثانية
كانت المقابلة مع الحالة يوم السبت 26أفريل 2010على الساعة الواحدة زواال
ودامت حوالي 45دقيقة.
وصل الحالة متأخرة على موعد المقابلة المتفق عليه بنصف ساعة ,وكان السبب
بحث عن المكان حسب قوله.
أجلست الحالة في مكانها المخصص و استقبل الوضع بصدر رحب واالبتسامة لم
تفارق وجهه.
بدأت الطالبة بتقديم مقدمات بطبيعة األسئلة المطروحة وتحت أي عنوان تندرج ,بعد
تهيأ الحالة لسماع األسئلة بدأت المقابلة بطرح أول سؤال و هو كيف تحس مع نفسها؟ أجاب
" متفائل بالمستقبل ونخمم واش الزم ندير فيه " ثم ألحقت بسؤال هل أنت راض عن نفسك؟
أجاب " الحمد هلل راض على روحي ،ألني عايش في الدنيا قنوع والزم ندير هكا واهلل نيأس
من ها الدنيا " أما حين يحاور نفسه ماذا يجد أجاب " ديما مع روحي نحسب حساب واش
ندير قبل كل شيء ".
أما عن ماذا يحب من هذه الدنيا أجاب مبتسما " ربي سبحانه وأمي إلي ربتني ".
كما صرح الحالة بأن هناك موضوع يتحدث به مع نفسه " آي ،حاب نعرف والديا
الحقيقيين " مع مالحظة تأثر الحالة عند هذه اإلجابة مما جعله يكرر نفس اإلجابة في السؤال
الموالي ،أما عن مسار حياته أجاب الحالة " نمشي هككا ".
64
مع نهاية أسئلة المحور األول لوحظ بداية التوتر على الحالة الذي ظهر من خالل
ـ فصرح بنعم مع التظاهر بأنه مستجيب لما يسمعه،
تشتت انتباهه فسأل عن إمكانية المواصلة
فبدأت بسؤال هل تنتمي إلى المجتمع الذي أنت فيه أجاب " آي ننتمي إلى المجتمع إلى راني
فيه ألنه ما جرحنيشي أبدا " ثم ألحقته بنوع عالقته مع المحيطين بها أجاب " عالقتي بيهم
جيدة وخاصة والديا وأصحابي الزوز "ثم اضاف " عندي زوز صحاب واحد ما يعرف لوخر
".
لكن حين طرح سؤال الوحدة لوحظ على الحالة بأنه تأثر بالسؤال وعزز ذلك التأثر
بإجابته " ما نحبش الوحدة ،نقلق منها ،وما نحبش نقعد وحدي " أما عن كيفية قضاء وقت
فراغه وأين؟ صرح " كي نكون قاعد ما عندي والو نقعد في الحوش مع والديا " لكون أن
ولدتها اقرب الناس إليها وذلك على حسب قوله لسؤال الذي يواليه ,ظهر تأثر الحالة ثانية
عند طرح سؤال العزلة ؟ وأكد هذا التأثر بالطريقة التي أجاب عليها السؤال مع تغير في
تعبيرات الوجه " ما نحبهاش وما نحبش نقعد وحدي ،نتقلق من قعدان وحدي " ثم سكت
ثواني واتبع اإلجابة " حتى لو تقلقت من حاجة نروح نتوضأ ونصلي بش نبرد وإال نروح
نرقد ".
أما عن شعوره عندما يحيطون به الناس في مناسبة معينة قال الحالة " نحب
التجمعات على حسب الناس إلي فيها وما نحبش نطول فيها ".
زاد التوتر على الحالة من خالل تغير جلسته وإخراجه لهاتفه النقال وأصبح غير
متجاوب مع الطالبة ,إال أنه عملت جاهدة على احتواء الموقف و تحسيس الحالة بأن المقابلة
قربت على النهاية ولم يبقى فيها سوى بضع أسئلة ،وواصلت بطرحها وسألته عن كيف
يرى الحياة التي يعيشها " الحياة إلي عايشها عادي مقتنع بها وحاب األفضل ديما " أما عن
شعوره عندما ينجز عمال قال " نتفائل ونفرح إني درت حاجة فيها فايدة " كما أن الحالة
متقبل الواقع الذي يعيشه " متقبله بما فيه البشع والسمح " أما بالنسبة للموت يقول الحالة "
الموت حاجة مكتوبة علينا ومؤمن بها " كما عن إتيانه للحياة " كل واحد عنده على واش جاء
في هالدنيا والدينا امتحان ,وربي يجيبك في الدنيا ليمتحنك ".
65
كما أجاب الحالة على هل يقوم به في هذه الحياة له معنى أجاب " آي ,كل ما نديره في
هالدنيا ليه معنى ".
وختم الحالة المقابلة برد السؤال األخير والمتعلق بهل تحب الدنيا ؟ بسؤال مماثل ثم
أجاب " آي الحياة جميلة وسمحة ".
66
على هذا إجابته على السؤال الرابع " كي نكون قاعد ما عندي والو ،نقعد في الحوش مع
والديا " إذ تفضل الحالة قضاء وقت فراغه في الغالب في البيت ،وهذا قد يدل على انعزاله،
وشعور الحالة باالنفصال عن اآلخرين وعدم االنسجام معهم وعدم قدرته على التكيف
االجتماعي وهذا ما سماه الباحثين االغتراب النفسي.
( قيس النوري، 1979 ،ص )18
لوحظ زيادة التوتر والقلق على الحالة من خالل ما بدى عليه من تنهيدات في كالمه
وانشغاله بهاتفه النقال واالختصار الشديد إلجاباته ,وعدم التمعن في فهم السؤال كما كان
يفعل في المحاور األولى .
وبعد طرح السؤال الثالث للمحور األخير أجابه بأنه " متقبله بما فيه البشع والسمح "
إذ الحظنا على الحالة إيماءات على وجهه تعكس ما أجاب عليه ،باإلضافة إلى تقديم كلمة "
بشع " على كلمة " سمح " وهذا قد يدل على أن الحالة عاشت خيرات أليمة وصادمة إذ أن
الخبرات الصادمة عند إجالل سري من األسباب النفسية المؤدية لالغتراب النفسي.
( سناء زهران ،2004 ،ص .) 108
كما ظهر على الحالة الوازع الديني من خالل مالحظة تجاوبه وإجابته بثقة على
األسئلة التي لها جانب من الدين و إجابته ألكثر من سؤال " لو تقلقت من حاجة نروح نتوضأ
ونصلي بش نبرد " وكذا " الدنيا امتحان ،واهلل يجيبك في الدنيا ليمتحنك " ,والذي قد يدل على
البيئة الدينية التي نشأت فيها الحالة والتي نتج عنها أن يرى لوجوده هدف ،وكل ما يقوم به
في هذه الحياة له معنى " كل واحد عنده علواش جاء في هالدنيا " وكذا " كل ما ندير فيه في
هالدنيا ليه معنى ".
أما عن السؤال األخير فرد الحالة على هذا السؤال بسؤال مماثل "و أنت تحبين الحياة
؟" ثم أجاب عنه مع ترك الجواب مفتوح " الحياة جميلة و سمحة " وقد يدل على هروب
الحالة من اإلجابة إلى جانب الشعور باستهزاء الحالة من السؤال.
من خالل ما في التحليل العام للمقابلة مع الحالة الثانية يمكن تفسيرها على الشكل التالي:
67
-لجأ الحالة إلى الحوار الذاتي في اآلونة األخيرة في موضوع واحد فقط ،وهو البحث عن
والديه الحقيقيين ،الناتج عن عدم ثقته في الناس ،الناتج عن عدم ثقته في الناس ،إال أنه يخاف
من مواجهة نفسه في مواضيع أخرى ،الدال على االضطراب والتناقض الذي تعيشه الحالة.
-يفضل الحالة العزلة نتيجة شعوره باالنفصال عن اآلخرين والذي تبين من خالل تفضيله
الجلوس في المنزل في أكثر األوقات.
-رغم وجود التناقض في الحالة ،إال أنه يرى لوجوده معنى في الحياة والذي يكون نتيجة
الوازع الديني الذي نشأ وتربى عليه الحالة.
.3الحالــــة الثالثة
3-1تقديم الحالة
االسم :صبرينة.
السن 18 :سنة.
المستوى الدراسي :أولى ثانوي.
المستوى االجتماعي :تحت المتوسط.
سبب التكفل :زواج األم الكافلة من رجل عاقر.
صبرينة مراهقة مجهولة الوالدين تبلغ من العمر 18سنة أخذتها أمها التي كفلتها
وعمرها لم يتجاوز 03شهور من مؤسسة استشفائية.
واجهت صبرينة حرمانا في تربيتها إذ توفيت أمها وعمرها 7سنوات ,فأخذتها عائلة
صديقة للعائلة الكفيلة بوالية أخرى وبقيت معها مدة 6أشهر ثم تداولت السكن ما بين جدتها
( أم الكفيلة ) وخالتها ولم تستقر إال بعد زواج أخيها الذي تربى معها و هو في مثل وضعيتها
وعمرها 11سنة.
أما عن حقيقة وضعها فقد كانت على علم بذلك منذ الصغر إال أنها لم تكن تعي األمر
إال بعد كبرها ومن ثم أدركت األمر وتقبلته شيئا فشيئا.
الحظنا على صبرينة الهدوء والخجل مع ذكاء وإلى جانب العناد في بعض األحيان
مع الجرأة كما تمتاز بالطيبة .
68
صبرينة اآلن طالبة في الثانوي ( سنة أولى ثانوي ) تفكر كثيرا في وضعها األمر
الذي أثر على دراستها.
تعيش صبرينة أوضاع اجتماعية مزرية وذلك نتيجة للمستوى االجتماعي الذي يعتبر
تحت المتوسط.
أما بالنسبة لألصدقاء فإنهم بالنسبة لها مجرد مصلحة حيث ال تثق بهم وتعتبرهم
مجرد استغالليين.
أما عن والديها الحقيقيين فهي ترغب في التعرف عليهما بهدف معرفة النسب ال
أكثر.
69
وأما فيما يتعلق بإجابتها عن السؤال عندما تحاورين نفسك ماذا تجدين ؟ فقد ذكرت
بان هناك أمر يشغلها دائما وهو " لو كان األم اللي ربتني عايشة ,وال كاين عبد أخر عايشة
عن جاله وعنجال رضاه "
وحين طرح السؤال الذي بعده والخاص بماذا تحبين من هذه الدنيا ؟ فأجابت " حابة
راحة البال ألني مانيش حاسة باألمان ,أمي ماتت ,و أخوالي بعاد عليا ومانيش داخال فيهم ".
ذكرت الحالة بأنها تتمنى أمنية وهي إجابتها عن السؤال التالي وهو حول وجود
موضوع معين تتحدث به مع نفسها دائما " أنو نجيب أوالد نربيهم أحسن تربية ونوصلهم
أعلى المراتب ومستعدة نتعب عنجالهم ,المهم ما يعشوش الوضع اللي عيشه نايا ".
ثم تقدمت الطالبة بطرح سؤال هل تعرفين من أنت وماذا تريدين ؟ وإلى أين ذاهبة ؟
أجابت " إنسانة لقيطة ,إنسانة تحرمت من طفولتها وتتمنى الحياة المستقبلية تكون أحسن
ورايحه إلى ( ) Xأو المجهول على حد قولها " .ثم تابعت اإلجابة عن السؤال اآلتي وهو
كيف تمشي في هذه الحياة فأجابت " خايفة ,ما نثقش في الناس ألنهم ما يقولوش الصراحة
في وجهك وهذي حاجة نكرها فيهم ويصاحبوك عن جال المصلحة كلهم ".
تم االنتقال إلى المحور التالي بطرح أول سؤال فيه وهو هل تنتمين إلى المجتمع الذي
أنت فيه ؟ أجابت " هو ينتمنى ليا أما نايا ال ,ألني ما نثقش في حتى واحد " .
وأما عن عالقتها بالمحيطين بها فقد ذكرت " نحب نقعد وحدي وعالقتي بهم سطحية
وأهلي فوق السطحية "أما عن عالقتها باألصدقاء ,فهي تقول "ما عدتش نمن حاجة اسمها
ـ نايا عنهم هم ما يصقصوش عني وهم أصحاب مصلحة
الصداقة ألني إذا ما صقصيتيش
بالنسبة ليا" ،وعند إجابتها عن سؤال متى تحسين بالوحدة ومتى تحبين الجلوس لوحدك ؟
فأجابت " أصال كل األوقات وحدي نفرح لروحي ونحزن لروحي ما نحب يشاركني حتى
واحد وكي يجونا الناس ما نقعدش معاهم " .أما إجابتها عن السؤال كيف تقضي وقت
فراغها؟ " نخدم حاجا في إيدي وال نتفرج التلفزيون ".
وحين طرح السؤال الموالي والمتعلق بمن هم أقرب الناس إليك وكيف هي عالقتك
معهم ترددت الحالة ثم أجابت " جارتي -س -هي أختي الكبيرة ومش جارتنا بركا هي
أكثر بالنسبة ليا هي تفهمني ونحبها ليا وما يشاركني فيها حتى واحد ".
70
وقد أجابت عن السؤال هل تحبين العزلة بـ " إذا بش نقعد مع الناس ويجيبولي
المشاكل نقعد وحدي خير ".
وعندما تقدمت الطالبة بطرح السؤال إذا أحاط بك الناس في مناسبة معينة بماذا
تشعرين طلبت الحالة وقتا لتوضح أمر وهو أنها تحب الناس وتحب الجلوس معهم ومن ثم
أجابت " نحس روحي غريبة ألني مش داخال في الناس " وتابعت إجابتها عن كيف ترى
الحياة التي تعيشينها فقالت " مضطربة غير آمنة " " ،ألنو ماكنش عبد نعيش عنجاله " أما
عن سؤال عندما تنجز عمل بماذا تشعر أجابت " نحس أني خدمت حاجة تفيدني ألني
خدمت عن روحي " وفيما يتعلق بهل أنت متقبلة الواقع الذي تعيشين فيه قالت " متقبلة أكيد
ألني ما نقدش نبدله عاالبيها قابالته " أما عن سؤال الموت وما هو بالنسبة لها ،ومن ثم
أجابت " هناء ،راحة ،كي نعيش حياة مش راضية عنها نقول نموت خير " وفي رأيك لماذا
أتيت إلى الحياة أجابت " جيت بش نبني ،نفيد ونستفيد نخدم حاجا نلقى في اآلخر ثمارها
وربي خالقنا لهدف ،وأكبر هدف هو عمل الخير ،ألنو يعود ليا وللناس لخرين " وهل الذي
تقومين به في هذه الحياة له معنى قالت " له معنى بالنسبة ليا فقط مثال قرايتي إذا قريت ليا
وإذا ما قريتش كذلك ليا " ومن ثم طرح آخر سؤال والمتعلق بهل تحبين الحياة ؟ ولماذا؟
أجابت " في الوقت هذا ال ،ألنو ما كانش عبد معين نعيش عنجاله".
72
وتحب الحالة وتفضل الجلوس لوحدها كثيرا في معظم أوقاتها " نقعد كل األوقات
وحدي نفرح لروحي ونحزن لروحي " وهذا قد يدل على انعزالها وبقاءها وحيدة،مما
أشعرها ذلك بأنها إنسانة غريبة وسط المجتمع الذي تعيش فيه " نحس روحي غريبة وسطهم
" وقد استقبلت هذا السؤال بصمت لمدة طويلة مع احمرار للعين ورغبة في البكاء مما جعلنا
ندرك الوضع الذي هي عليه من شعورها بعدم االنتماء والعزلة وقد يعزي هذا أيضا إلى عدم
ثقتها في من هم حولها.
( عباس يوسف،2004،ص )23
تعيش الحالة حياة مضطربة غير آمنة تخلو من سند تلجأ إليه كلما احتاجت له " حياتي
مضطربة غير آمنة " قد يرجع هذا إلى عدم إحساسها باألمان واالستقرار الناتج عن
االضطراب في التنشئة الذي عاشته في فترة الطفولة و ال تزال تعيشه وقد يرجع هذا إلى
غياب مصدر األمان الذي تبحث عنه " لو انو األم اللي ربتني كانت عايشة " والتي من
خاللها قد تشعر الحالة باالنتماء .
الوضع والواقع الذي تعيشه الحالة المليء بالحرمان واإلحباط والضغوطات أدى بها
إلى أن غاصت في أفكار سوداوية نتج عنها اليأس من الحياة و أصبحت ترى من الموت
راحة لها " الموت ،الموت هناء وراحة " وقد يدل ذلك على عدم رضاها عن الوضع الذي
تعيشه وترفض حبها للحياة " في الوقت هذا ال " كما لوحظ على الحالة أيضا حبها للتملك
الذي ظهر من خالل أجابتها في المحور الثاني عن أقرب الناس بالنسبة لها " هي جارتي
"س" نحبها ليا وحدي وما يشاركني فيها حتى واحد " وعزز ذلك إجابتها مرتين بان قيامها
بأي إنجاز يعود بالفائدة لها فقط " ألني خدمت عن روحي " و " عندها معنى بالنسبة ليا نايا
بركا ".
وقد يعتبر ذلك اضطراب عالئقي الذي نتج عن الخبرات الصادمة التي عاشتها في
مرحلة الطفولة والتي تعتبر من العوامل النفسية لالغتراب النفسي .
( سناء زهران،2004،ص )108
.4الحالة الرابعة
4-1تقديم الحالة
االسم :سارة
السن 17 :سنة
المستوى الدراسي :أولى ثانوي
المستوى االجتماعي :جيد
سبب التكفل :رغبة األم في تربية يتيم
سارة مراهقة مجهولة الوالدين ،تبلغ من العمر 17سنة ،أخذتها أمها التي تكفلها
وعمرها 24يوما من مؤسسة استشفائية.
تلقت سارة تربية اتسمت بالدالل المفرط والخوف الزائد عليها ،عرفت حقيقة وضعها
العام الماضي من قبل أمها التي تكفلها عندما كانت تدرس في السنة التاسعة أساسي مما أدى
إلى انخفاض مستواها الدراسي حينها.
تقبلت سارة الحقيقة تدريجيا لكونها كانت تسمع من قبل أنها ليست ابنة تلك العائلة.
الحظنا على سارة حدة الذكاء ،كما تمتاز بحضور بديهي مع العصبية في المزاج والعناء
وفرط الحركة.
74
وضع سارة في الوقت الحالي مستقرة مع عائلتها الكافلة ووالديها أغلى شيء عندها
وال تتخيل الحياة من دونهما.
تواصل سارة دراستها حاليا وترغب في أن تتحصل على شهادة جامعية لتؤمن
مستقبلها.
أما عن والديها الحقيقيين ترغب في التعرف عليهما لكن ليس في الوقت الحاضر
وذلك حتى تنهي دراستها ،وذلك بهدف التعرف على نسبها ال أكثر.
75
أهلي يتهنو عليا "،أما عن إجابتها كيف تسيرين في هذه الحياة ؟ أجابت ماتي،ماتي ،مانش
مستقيمة في تصرفاتي ،شوي عوجه ".
انتهت الطالبة من طرح أسئلة المحور األول والدخول إلى المحور الثاني وكان ذلك
مع استجابة الحالة لها وتشوقها لسماع أسئلة أخرى ،وهذا ال يستبعد أن الحالة كانت مفرطة
الحركة بشكل كبير ،إال أنها كانت ذكية في إجاباتها.
طرحت الطالبة على الحالة سؤال هل تنتمين إلى المجتمع الذي أنت فيه؟ أجابت "أنا
منهم وهم مني "أما عن عالقتها باآلخرين صرحت " عادي ما كاين حتى مشاكل ألني ،نحب
الناس وعالقتي معاهم مليحة،عندي صاحبات يؤمنوني على سرهم ،بصح نايا ما نعطي
سري ألني ما نثق في حتى واحد ".
أما سؤال الوحدة استقبلته الحالة بشيء من االبتسامة قائلة "كي نتعارك مع بابا وال
ماما ".أما عن رغبتها في الجلوس وحدها قالت "نقعد وحدي كي نكون مقلق" وتقضي الحالة
وقت فراغها على حد قولها "كي نقعد قاعدة ما عندي حتى شيء نخدم حاجه في أيدي ،وإال
نتفرج على التلفزيون "أما عن سؤال اقرب الناس إليها وشكل العالقة معهم ،قالت
الحالة"ماما،بابا،إخوتي وأخواتي ،وعالقتي معاهم سمحة ،وممكن تظهر مشاكل مع إخوتي
بصح تروح مع األيام ".
كما أجابت الحالة عن سؤال العزلة بكل ثقة مما ظهر من خالل طريقة اإلجابة "أكيد
كيما الزم نقعد مع الناس،الزم نقعد مع روحي ،ألنو عندها حق عندي" .
أما عن شعورها عندما يحيطون الناس بها في مناسبة معينة قالت "نحب نقعد مع
الناس على حسب نفسيتي ،إذا كنت مريحة نفرح بيهم وبالعكس ".
دخلت الطالبة للمحور األخير ،والحالة ما زالت مستجيبة معها ومرتاحة لها ،إذ سئلت
الطالبة الحالة عن الحياة التي تعيشها كيف تراها ،أجابت "مثلي مثل غيري ،بل خير من
ناس ياسر" ،أما عن شعورها عندما تنجز عمال قالت "نحس روحي كد المسؤولية " ،واصلت
الطالبة بسؤال هل أنت متقبلة الواقع الذي تعيشين فيه" تمنيت إنوا هاذوما والديا الحقيقيين"،
أما الموت فتراه الحالة على حد قولها "حاجا مكتوبة علينا "،أما بالنسبة لسبب مجيئها للحياة "
بش نخدمو حاجه سمحه في المجتمع ،نرضي والديا ،ونرضي ربي و الناس الكل ،جينا هكا
76
للدنيا " ،كما أجابت الحالة سؤال هل ما تقومين به في هذه الحياة له معنى أجابت برفع
حواجب العين مع ارتفاع في نبرة الصوت " مدام ديرتها أكيد عندها معنى ".
و ختمت الحالة المقابلة بإجابتها على آخر سؤال فيها و هو هل تحبين الحياة ؟ و لماذا
؟ فقالت " أكيد نحبها ألني نحب نعيش و نستمتع بالحياة إلي أعطاهيلي ربي " .
77
كما الحظنا عال الحالة الثقة في النفس بصورة كبيرة من خالل طريقة إجابتها ألسئلة
المقابلة "نحس روحي كد المسؤولية "وكذا "مادام درتها أكيد ليها معنى عندي "،الحالة تحب
الحياة التي تعيشها الشيء الذي تبين من خالل إجابتها "نحب الحياة أكثر،ألني نحب نعيش
ونستمتع بالحياة " وقد يدل هذا على أنها ترى لوجودها معنى في الحياة وأنها أتت لتحقيق
هدف معين "بش نخدموا حاجه سمحة في المجتمع ،أرضي والديا ،وأرضي ربي ،والناس
الكل هكا جينا للدنيا .
وهكذا فان اعتماد اآلباء أسلوب التفهم والتقبل والحوار على قضاء حاجاتهم ألجل
إعطائهم القدرة على تحمل المسؤولية وبث روح الثقة في النفس عندهم إذ يعمل هذا على
انعدام ظهور االغتراب النفسي لدى المراهق.
(سناء زهران،2004،ص)114
وهذا ما وجدناه عند العائلة المتكفلة بالحالة الرابعة .
78
ـ الدراسة :
مناقشة النتائج في ضوء فرضية
بعد تحليلنا للمقابالت للحاالت األربعة التي قمنا بدراستها ،توصلنا إلى نتائج متقاربة لثالث
حاالت بخالف حالة واحدة ،حيث كانت نتائج الدراسة على النحو التالي :إثبات الفرضية في
ثالثة حاالت ،ونفيها في حالة واحدة .
إذ تعاني الحالتين األولى و الثانية االغتراب النفسي من خالل تجليه في بعدين من األبعاد
المدروسة ،و هي الغربة عن الذات و العزلة االجتماعية .
حيث تظهر الغربة عن الذات عند الحالة األولى في خوفه من مواجهة الناس و عدم رغبته
في تذكر حقيقة وضعه ،مما نتج عنه تعمد النسيان و ذلك على حد قوله ،حيث يلجأ الحالة
إلى ذلك لتخلص من أي فكرة أو موقف ال يرغب في استذكاره .
أما عزلته االجتماعية فتظهر في عدم ثقته في الناس و الخوف من كالمهم ،األمر الذي
انعكس على عدم شعور الحالة باالنتماء للمحيطين به .و يرجع السبب الرئيسي في تجلي
هذين البعدين لدى الحالة نتيجة تعرضه لصدمة نفسية في مرحلة تعتبر حساسة من عمره ،و
التي كان سببها معرفة الحالة لحقيقة وضعه .
توصلنا تقريبا لنفس النتائج مع الحالة الثانية ،في تجلي نفس األبعاد عندها مع اختالف في
أسباب تجليها على ما يبدو .
إذ يرجع تجلي الغربة عن الذات لدى الحالة الثانية إلى عدم قدرته على مواجهة نفسه من
خالل تجنبه الجلوس وحيدا ،رغم انشغاله في الفترة الحالية بفكرة رغبته في البحث عن
79
والديه الحقيقيين ،باإلضافة إلى تجلي بعد العزلة االجتماعية و الذي يرجع إلى محدودية
العالقات التي يقيمها الحالة مع المجتمع الخارجي ،و تفضيله قضاء معظم أوقات فراغه في
البيت ،و قد ذهبت في هذا السياق دراسة " كااليبرس " 1987في إرجاع االغتراب النفسي
إلى عوامل نفسية ( الذات ) و اجتماعية ( المجتمع ) ،و اقترح بضرورة دمج و مشاركة
المراهقين في األنشطة االجتماعية مما يزيده الثقة في النفس مع تحمل المسؤولية.
( ثناء الضبع ،الجوهرة آل سعود ،ب س ،ص) 35
و يرجع تجلي هذه األبعاد عند الحالة الثانية إلى الخبرات الصادمة التي تعرض إليها الحالة
في طفولته ،مع ما لحظناه من تناقض في شخصيته .
و هذا ما يؤكد تحقيق الفرضية عند كل من الحالة األولى و الثانية .
أما بالنسبة لبعد الالمعنى نجد األمر نفسه حيث ترى الحالتين األولى و الثانية أن لوجودهما
معنى في هذه الحياة ،من خالل عيش الحالة األولى لقصة عاطفية رسم من خاللها هدفا ،أما
الحالة الثانية فيرجع إلى طبيعة التنشئة التي تتسم بالطابع الديني .
أما الحالة الثالثة فتعاني االغتراب النفسي من خالل تجليه في بعدي العزلة االجتماعية و
شعورها بالالمعنى ،إذ تشترك هذه الحالة مع الحالتين األولى و الثانية في تجلي بعد العزلة
االجتماعية عندها ،و التي تظهر في نفس السياق تقريبا للحالة األولى و هي في انعدام الثقة
في الناس إال أنها تختلف في سبب ظهورها ،إذ ترجع أسبابه بالنسبة للحالة الثالثة للحرمان
العاطفي الذي عاشته في مرحلة الطفولة باإلضافة إلى اضطراب في التنشئة االجتماعية .
مع تجلي بعد الالمعنى لدى الحالة الثالثة و الذي ظهر من خالل األفكار السوداوية التي
تحملها الحالة والتي نتج عنها اليأس من الحياة ،باإلضافة إلى غياب شخص تشعر باالنتماء
إليه و تعيش ألجله وهذا على حسب قولها .
و هذا ما كشفت عنه دراسة "حمزة مختار " 1996على أن التنشئة البيئية السلبية التي يعيشها
الفرد تؤدي إلى توتره و انفعاله و شعوره بالوحدة النفسية و انه ال ينتمي إلى المجتمع الذي
هو فيه مما يشعره باالغتراب النفسي .
(حمزة مختار،1996،ص )138
و هذا ما يؤكد تحقق الفرضية عند الحالة الثالثة .
80
و يتجلى بعد الغربة عن الذات عند الحالة الثالثة و ذلك ألنها اتخذت من ذاتها ملجأ تتخلص
به من الواقع الذي ال ترغب في مواجهته ،و تحاورها كشخص آخر ال تثق في غيره .
أما الحالة الرابعة فإنها ال تعاني االغتراب النفسي ،مما ال يتجلى في أي بعد من األبعاد
المدروسة ،و يرجع ذلك لطبيعة العالقة القائمة بين الحالة ووالديها الكافلين ،إذ تتصف هذه
المعاملة الوالدية بالتفهم و التقبل و الحوار مما نتج عند الحالة الثقة بالنفس و إحساسها
بالمسؤولية ،و الذي ظهر من خالل تقبل الحالة لوضعها و رؤيتها بأنها أفضل بكثير من
غيرها .
و مما يتبين لنا أن الفرضية لم تتحقق مع هذه الحالة .
إن تجلي نفس األبعاد لدى كل من الحالة األولى و الثانية بحيث يرجع ذلك إلى مكانة الذكر
في المجتمع الذي تمت فيه الدراسة ،باعتباره أكثر تفاعال و تواصال به من الجنس اآلخر.
و باعتبار أن طبيعة األنثى تختلف عن طبيعة الذكر ،من حيث أنها ذات طابع استدخالي و
احتوائي و خانعة في الغالب ،هذا األمر يفسر انعكاس وجود الوالدين في الشعور باالغتراب
النفسي ،و هذا ما تبين عند الحالتين الثالثة و الرابعة .
وعلى ضوء هذه النتائج التي توصلنا إليها مع الحاالت التي قمنا بدراستها ،تبين لنا أن ثالثة
حاالت تعاني االغتراب النفسي من خالل تجليه في احد األبعاد المدروسة ،و حالة واحدة ال
تعاني االغتراب النفسي بنفس الدرجة مما يعني أن ما افترضناه في بداية الدراسة قد تحقق
عموما لدى هذه الفئة و هي فئة المراهقين مجهولي النسب المكفلين .
81
خالصة عامة للنتائج
على ضوء هذه النتائج التي توصلنا إليها نستخلص أن:
-الحالتين األولى والثانية يعانيان االغتراب النفسي ،من خالل تجليه في غربتهما عن
الذات و عزلتهما االجتماعية.
ـ
-الحالة الرابعة ال تعاني االغتراب النفسي مما ال يتجلى في أي بعد من األبعاد الموضوعة.
-الحالة الثالثة تعاني االغتراب النفسي من خالل تجليه في عزلتها االجتماعية و شعورها
بالالمعنى.
معنى هذا أن ما افترضناه في بداية الدراسة قد تحقق .
غير أن هذه النتائج تبقى في حدود حاالت الدراسة ومعطياتها والمنهج المتبع به.
الصعوبــــات
أكيد أن لكل دراسة صعوبات تواجهها ،ونحن في دراستنا هذه واجهتنا صعوبات
وعقبات كادت أن تعيق بحثنا هذا ونستخلصها في ما يلي:
-الصعوبة الكبيرة في إيجاد مجموعة البحث وذلك لحساسية وضعهم.
-فقر الوالية للمؤسسات اإليوائية الخاصة لهذه الحاالت ،األمر الذي جعلنا إلزاما تغيير
مجرى دراستنا.
-ندرة المراجع الخاصة بفئة مجهولي النسب لالستعانة بها.
-النقص الشديد للدراسات السابقة الخاصة بفئة مجهولي النسب العتماد عليها في الجانب
النظري والتطبيقي.
83
84