You are on page 1of 5

‫‪-‬تمهيد ‪:‬‬

‫بعد تعرضنا في الفصلين السابقين من الجانب التطبيقي إلى أهم اإلجراءات المنهجية ‪ ,‬و‬
‫قمنا بعض نتائج الدراسة الحالية في جداول إحصائية ‪ ,‬سنتعرض في هذا الفصل إلى مناقشة‬
‫وتفسير النتائج في ضوء الدراسات السابقة و مقارنتها بفرضيات البحث ‪.‬‬
‫مناقشة نتائج الفرضية العامة و تفسيرها‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لقد نصت الفرضية العامة للبحث على أنه نتوقع وجود إجهاد نفسي لدى‬
‫أساتذة التعليم المتوسط لمادة اللغة العربية في ظل اإلصالحات الجديدة بنسبة مرتفعة ‪ .‬ولقد‬
‫أسفرت نتائج الدراسة الحالية عن قبول فرضية البحث حيث أثبتت أن نسبة اإلجهاد لدى‬
‫أساتذة التعليم المتوسط لمادة اللغة العربية في ظل اإلصالحات الجديدة مرتفعة ‪ .‬لقد كانت‬
‫نسبة ذوي اإلجهاد المرتفع ‪ % 66.93‬و التي تتفق مع ما توصل إليه "روسيل"وآخرون‬
‫‪ , 1987‬حيث كشفت دراسته عن وجود إجهاد مهني لدى المعلمين ‪ ,‬و يمكن تفسير ذلك في‬
‫إطار النتائج السابقة المشار إليها أعاله ألن الضغوط المهنية للمعلم أكثر تأثيرا على عالقاته‬
‫بالعمل و لزمالئه و بالتالي تحدث لديه سوء التكيف و هو مظهر من ظاهر اإلجهاد النفسي ‪.‬‬
‫كما أن مصادر اإلجهاد عند األساتذة كعالقاته باإلدارة المدرسية و الزمالء و التالميذ في‬
‫الصف و عبء المسؤوليات و تعددها عليه من شأنه أن يحدث لديه إجهاد ‪ ,‬فإذا تضافرت‬
‫هذه المصادر فإن ال محالة سوف تجعل األستاذ فريسة لإلجهاد النفسي (‪.)1‬‬
‫و إذا عدنا إلى واقع متوسطاتنا سنالحظ أن عالقة األستاذ باإلدارة عادة ما تكون عالقة‬
‫ذات طابع رسمي رأسي ‪ ,‬و ذلك بما يبدو من شكوى األساتذة المتعددة من العالقات اإلدارية‬
‫و هو ما عرفناه أثناء ممارستنا للمهنة ‪.‬‬
‫و أما عالقاتهم بالزمالء فتكون في العادة ذات طابع اجتماعي و تخلو من صيغة ألكاديمية‬
‫بين األساتذة القدامى و في المقابل تأخذ طابع الندية و المنافسة في كثير من األحيان و‬
‫االتفاق أحيانا أخرى بين األساتذة الجدد ‪ ,‬و أم بين األساتذة الجدد والقدامى‬

‫(‪ WWW.ATAWEL.AHEDU.COM.44 2005 -21 )1‬محسن خضر ‪ :‬االحتراق النفسي للمعلم العربي‬
‫ص ‪4-3‬‬

‫‪56‬‬
‫فتأخذ طابع الوصاية و االستخفاف بخبرته من قبل القدامى تجاه الجدد ‪ ,‬و في المقابل‬
‫تصطبغ بصفة الرفض و االستخفاف بتحجره على معاني قديمة وبالية ‪.‬‬
‫و بطبيعة الحال فإن هذا الوضع ليس دائما إال أنه األعم و األكثر انتشارا و هو الطابع‬
‫العالئقي الذي يكون أحد المصادر القوية لإلجهاد النفسي ‪ .‬أما وضعية األستاذ داخل القسم‬
‫فإن عدد التالميذ و عامل اكتظاظ األقسام قد يحدث للمعلم نوعا من اإلجهاد النفسي في كثير‬
‫من األحيان ‪ ,‬إضافة إلى تعدد مسؤولياته فهو مرب و معلم و أب و زوج فال بد أن صراع‬
‫أدواره فيما بينها ستوقعه فريسة لإلجهاد النفسي ‪.‬‬
‫مناقشة نتائج الفرضية األولى وتفسيرها ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تنص الفرضية على أنه توجد فروق ذات داللة إحصائية في اإلجهاد النفسي اإلجهاد لدى‬
‫أساتذة التعليم المتوسط لمادة اللغة العربية في ظل اإلصالحات الجديدة باختالف جنسهم ‪.‬‬
‫وقد تم الوصول من خالل هذه الدراسة إلى أنه ال توجد فروق ذات داللة إحصائية في‬
‫اإلجهاد النفسي اإلجهاد لدى أساتذة التعليم المتوسط لمادة اللغة العربية في ظل اإلصالحات‬
‫الجديدة باختالف جنسهم ‪.‬‬
‫إذا فقد تم رفض فرضية الدراسة و قبل بالفرض البديل ( الفرض الصفري) و يمكن‬
‫تفسير هذه النتيجة في ضوء المناخ التنظيمي لألستاذ و توحد الضغوطات و وحدة الواجبات‬
‫المهنية لدى كل من األستاذ و األستاذة على حد سواء أي متماثلة و رغم توقع أن المرأة‬
‫ستكون أقل قدرات نفسية و جسدية في تحمل مشاق مهنة ما ‪ ,‬إال أن النتائج التي أسفرت‬
‫عنها الدراسة الحالية أثبتت عكس ذلك ‪ ,‬فقد تساوت المرأة مع الرجل في شعورهما باإلجهاد‬
‫و يمكن تفسير ذلك بما هو مطلوب من األستاذ رجل كان أو امرأة قد بلغ الحد األدنى‬
‫لإلجهاد بمعنى أن قدرات الرجل رغم تفوقها على قدرات المرأة إال أنها اتفقت مع ما تتطلبه‬
‫المهنة من جهد على الصعيد الجسدي و النفسي ‪.‬‬
‫و قد اتفقت نتائج الدراسة الحالية مع الدراسة التي أجرتها منظمة العمل الدولية سنة‬
‫‪ 1976‬التي تؤكد أن المرأة ليست أكثر حساسية من الرجال ن المواد الضارة و مضار‬
‫البيئة و أنه ال توجد فروق دالة في اإلجهاد النفسي المهني بين الذكور و اإلناث‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫إضافة إلى الدراسة أجراها هاينز و آخرون سنة ‪ 1978‬و التي أثبتت عدم وجود فوارق‬
‫ذات داللة إحصائية بين الذكور و اإلناث في اإلجهاد النفسي (‪.)1‬‬
‫و في دراسة لهم سنة ‪ 1980‬أثبتت الدراسة عدم وجود فروق جوهرية في مؤشرات‬
‫أمراض القلب بين الرجال والنساء كنتيجة لإلجهاد النفسي ‪.‬‬
‫و قد اختلفت نتائج الدراسة الحالية مع كل من سيزالي ‪ 1972‬و رادالوف ‪ 1975‬و‬
‫السمادوني ‪ 1989‬وأ بوسريع ‪ 1993‬توصلوا إلى استخالص في مقارنة بين النساء و‬
‫الرجال لإلجهاد النفسي وجدوا أن النساء أكثر إجهادا و فسروا ذلك بأن بنية المرأة الجسدية‬
‫ليست قوية كالرجل إضافة إلى اختالف الدراسة الحالية مع دراسة " ليروسيل " و آخرون‬
‫‪ 1987‬التي توصلت إلى أن الرجال أكثر إحساسا و تعبيرا عن اإلجهاد النفسي من النساء و‬
‫ذلك لمعاناة المعلمين من نفقات األسرة واالرتباطات المالية و غيرها (‪.)2‬‬
‫‪ -3‬مناقشة نتائج الفرضية الثانية وتفسيرها ‪:‬‬
‫تنص الفرضية الثانية على أنه توجد فروق ذات داللة إحصائية لإلجهاد النفسي لدى أساتذة‬
‫التعليم المتوسط لمادة اللغة العربية باختالف سنوات الخدمة ‪.‬‬
‫وقد أثبتت نتائج الدراسة الحالية ال وجود فروق دالة في اإلجهاد النفسي العربية باختالف‬
‫سنوات الخدمة ‪ .,‬و بذلك ال تتحقق فرضية البحث و نقبل بفرضية البديل الفرضية الصفرية‬
‫‪.‬‬
‫و يمكن تفسير هذه النتيجة في ضوء المناخ التنظيمي لألستاذ و توحد الضغوطات و‬
‫الواجبات المهنية لدى كل من األستاذ القديم والجديد على حد سواء ‪ ,‬و رغم توقع أن القديم‬
‫سيكون أقل قدرة نفسية و جسدية في تحمل مشاق مهنة التعليم ‪ ,‬إال أن النتائج‬
‫التي أسفرت عنها الدراسة أثبتت عكس ذلك ‪ ,‬فقد تساوت في اإلجهاد بين األستاذ القديم‬
‫والجديد ‪.‬‬
‫و إذا أسقطنا هذه النتائج على واقعنا المدرسي فإننا سنجد أن الذين لديهم أكثر ‪ 10‬سنوات‬
‫هم الذين يعانون من اإلجهاد النفسي في ظل اإلصالحات الجديدة هم الذين يعانون من هذه‬
‫الظاهرة نظرا لرتابة وضعهم إضافة إلى عامل تراكم اإلجهاد وعدم قدرتهم على التنقل‬
‫(‪ )1‬نوال حمداش ‪ :‬المرجع نفسه ‪ ,2002 ,‬ص ‪175‬‬
‫(‪ )2‬نوال حمداش ‪ :‬المرجع نفسه ‪ ,2002 ,‬ص ‪175‬‬

‫‪58‬‬
‫والسفر و بحكم أنهم يدرسون نفس المواد لنفس التالميذ سنة بعد أخرى ‪ ,‬فإن وسيلة التجديد‬
‫من شأنها أن تحث اإلجهاد لدى هؤالء الفئة و لكن النتائج المحصل عليها من خالل الدراسة‬
‫أثبتت العكس ‪ ,‬فقد كانت ال توجد فروق دالة بين الذين لهم أقل من ‪ 10‬سنوات وأكثر من‬
‫‪ 10‬سنوات و يفسر ذلك لعدم قدرة األستاذ مهما كان على فهم المناخ التنظيمي في ظل‬
‫اإلصالحات الجديدة و أنهم ال يملكون المعلومات المسطرة حديثا (المقاربة بالكفاءات) ألنهم‬
‫ال يعون مضامينها و أهدافها ‪ ,‬و أنهم يفتقرون إلى الخبرة الالزمة لممارسة هذا النظام‬
‫الجديد ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فالفرد الملتزم و المخلص في عمله هو أكثر تعرضا لظاهرة اإلجهاد النفسي‬
‫فاألساتذة القدامى يكون أكثر إخالصا في عملهم و أكثر التزاما ‪ ,‬و بالتالي فهم عرضة‬
‫لإلجهاد النفسي ‪.‬‬
‫‪-4‬مناقشة نتائج الفرضية الثالثة وتفسيرها ‪:‬‬
‫تنص الفرضية الثالثة على أنه توجد فروق ذات داللة إحصائية لإلجهاد النفسي لدى‬
‫أساتذة التعليم المتوسط لمادة اللغة العربية باختالف المؤهل العلمي (معهد تكنولوجي –‬
‫جامعي)‬
‫وقد أثبتت نتائج الدراسة الحالية ال وجود فروق دالة في اإلجهاد النفسي العربية باختالف‬
‫المؤهل العلمي‪ .‬و بذلك ال تتحقق فرضية البحث و نقبل بفرضية البديل الفرضية الصفرية ‪.‬‬
‫و تختلف نتائج الدراسة الحالية مع دراسة الباحثة نوال حمداش التي توصلت إلى أنه توجد‬
‫فروق ذات داللة إحصائية في شعور الزوجات العامالت الجزائريات باإلجهاد‬
‫المهني باختالف مؤهلهم العلمي ‪ ,‬فهي ترى بأنه كلما انخفض مستوى التعليمي للمرأة زاد‬
‫إجهادها النفسي (‪.)2‬‬

‫خالصة الفصل ‪:‬‬


‫(‪ )1‬علي عسكري‪ :‬المرجع نفسه ‪ ,2000 ,‬ص ‪112‬‬
‫(‪ )2‬نوال حمداش ‪ :‬المرجع نفسه‪ , 2002,‬ص ‪326‬‬

‫‪59‬‬
‫و يفسر عدم االتفاق بين نتائج الدراسة الحالية والدراسات السابقة بأن موضوع البحث‬
‫الحالي هو اإلجهاد النفسي تتأثر بعوامل عدة منها ‪:‬شخصية الفرد و القيم الثقافية و البيئة‬
‫التنظيمية ‪.‬و يفسر عدم وجود فروق دالة في اإلجهاد النفسي لدى أساتذة التعليم المتوسط‬
‫لمادة اللغة العربية باختالف مؤهلهم العلمي إلى أن األساتذة الحاملين للمؤهل العلمي‬
‫( جامعي ) هم بالفعل أكثر اطالعا على المعلومات التربوية طرائق التدريس و تقنياته‪ .‬و‬
‫لكن في المقابل فإن األساتذة ذوي المؤهل العلمي ( المعهد التكنولوجي ) فهم أكثر خبرة و‬
‫علما في سلوكات التالميذ و مراحل نموهم و متطلبات كل مرحلة و أنظمة اإلدارة المدرسية‬
‫بحكم الخبرة ‪.‬‬
‫و ذلك ما يوازن تأثير البيئة المدرسية على حالتهم النفسية ‪ ,‬فل يبدوا فروقا في شعورهم‬
‫وإحساسهم في اإلجهاد النفسي ‪.‬‬

‫‪60‬‬

You might also like