Professional Documents
Culture Documents
5
–1إشكالية الدراسة:
إن سر اهتمام الباحثين في العلوم اإلنسانية بالصحة النفسية ،يرجع بالدرجة األولى
إلى اإلنسان و صعوبة مسايرته للمواقف من حوله مما أدى إلى صعوبة توافق ،إذ للوسط
الذي يعيش فيه تأثير كبير عليه ،فالمدرسة مثال تعد من المراحل الحاسمة في حياة الطفل،
حيث فيها تتشكل شخصيته بفضل عملية المحاكاة و التأثير المتبادل.
التلميذ في المرحلة المتوسطة يكون في بداية مرحلة المراهقة فعلى المتعاملين معه أن
يتمهلوا في الحكم عليه ،كما أشار إلى ذلك كل من جالل كايد حمزة و آخرون حيث بينوا أنه"
من األخطاء التي يرتكبها المعلمون أو اآلباء أثناء تطبيقهم إلجراءات العقاب اعتقادهم بأنها
ستكون مثيرات عقابية لسلوك الطفل دون االنتباه ألثر هذه اإلجراءات على السلوك ،فإذا
الحظ المعلم أو األهل بأن إجراءاتهم العقابية ال تحدث تغيرا على نمط وتكرار السلوك ،يمكن
القول بأن هذا اإلجراء ليس عقابا و قد يكون تعزيزا".
( جالل كايد حمزة و آخرون ،2007 ،ص . ) 48
السؤال الذي يطرح كما قدمه محمد إقبال محمود" هل للعقاب مكان في التربية؟ وهل
شعور الطالب بالضيق المرتبط بحل المسائل حال خاطئا يساعد على تجنب الخطأ في
المستقبل؟ " ( محمد إقبال محمود ،2006 ،ص ،) 62لإلجابة على هذا السؤال يقول ابن خلدون
في مقدمته " إن الشدة على المتعلمين مضرة بهم ألنه يدخل الضيق عليهم ويذهب بنشاطهم و
يدعوا للكذب و الخبث لتفادي العقوبة " ( محمد جاسم محمد ، 2004،ص .) 209كما تؤكد هذا
القول الدراسة التي اختبرت عام 1958أثر التشجيع والمديح و أثر التثبيط و التقريع على
120فرد من أفراد العينة ،و قد دلت النتائج باختصار على أن الطالب الذين شجعوا و
مدحوا تمكنوا من حل المشكلة أكثر من سواهم بكثير.
(محمد إقبال محمود ،ص .)59،60
فهذه الدراسة تقر بأن الثواب له نتائج خير من العقاب على السلوك ،لكنها لم تأخذ بعين
االعتبار الفروق الفردية.
6
أثبتت إحدى الدراسات سنة 1941التي درست فيها انجازات 574طالب تتراوح
صفوفهم بين السنة األولى من المدرسة اإلعدادية و بداية الجامعة و كان المطلوب إلى
الطالب قراءة شيفرة في ظروف تتراوح بين المديح و التقريع ،ولقد وجد ت أن بعض الفرق
تعطي خير نتاج حين تمتدح و أن أخرى تعطي خير نتاج حين تقرع و أن األمر مع ذلك
يتوقف إلى حد كبير على المجرب ( المعلم ) ،و قد استنتج هذا العالم من دراسته أن من
واجب المعلم أن يتجنب اإلثارة الشديدة للطالب سواء بالمديح أو بالتقريع على حد سواء
(محمد إقبال محمود ،ص ،) 62هذه الدراسة تثبت أن أسلوب التعزيز يؤثر في التالميذ بحسب
طبيعة شخصياتهم ،منهم من يتأثر بالثواب في حين ال يؤثر فيه العقاب والعكس صحيح.
ومن هنا نجد أن مسألة التعزيز في المواقف التدريسية ،تحتل اهتماما خاصا من
التربويين ،إذ يدور حول هذه المسألة جدل مستمر يكاد ينتقل من جيل إلى جيل ،فدور
المدرسة ال يتوقف على اعطاء المعلومات فحسب و إنما االهتمام بجوانب أخرى وضحها
إبراهيم قشقوش في قوله " على المدرسة القيام بدور هام يتعلق بتوافق طالبها و تكيفهم
الشخصي و االجتماعي ،ألن وظيفة المدرسة ليست قاصرة على مجرد تحصيل مجموعة من
المعلومات تتصل بهذا المجال ،أو ذلك في مجاالت العلم والمعرفة ،بل هي تمارس من
تأثيرها و مسؤولياتها على جبهة عريضة تمتد بحيث تشمل شخصية الطالب بكليته وشموله"
269 ( . ( إبراهيم قشقوش ، 1980،ص
و بالتالي فقد تناولت العديد من الدراسات موضوع التوافق فهالة السيد تناولت دراسة
موضوعها التكيف األسري و المدرسي لدى الموهوبين في المرحلة الثانوية والتي هدفت إلى
معرفة توافق الطلبة الموهوبين أسريا و مدرسيا و أثر الجنس على الموهبة والتكيف و ذلك
خالل الموسم 1988و توصلت الدراسة إلى أن الطلبة الموهوبين لديهم قدرة عالية على
التكيف األسري و المدرسي ( أماني محمد ناصر،2006 ،ص.)24
أثبتت الدراسة أن الطلبة الموهوبين أكيد طلبة متوافقين أسريا و دراسيا ،ولكن في
المقابل حتى الطلبة غير الموهوبين قد تكون لديهم قدرة عالية في التوافق األسري والمدرسي
.
7
أما الباحث عبد الكريم قريشي تناول دراسة بعنوان مشكالت التوافق لدى المراهق
[انوي من
[اة طالب التعليم الث[
[دفت إلى معرفة معان[
[ة ،و ه[
الجزائري في المدرسة الثانوي[
[كالت
[ذه المش[
باختالف مشكالت التوافق الشخصي و االجتماعي و االقتصادي و عالقة ه[
[الب وذلك خالل
[اعي للط[
[ادي و االجتم[
باختالف التخصص و الجنس و المستوى االقتص[
الموسم 1999م ،و توصل إلى أن المراهق الجزائري بالتعليم يعاني من مشكالت توافقية و
[أثير عوامل
أن هذه المشكالت تتأثر بالمستوى االقتصادي و االجتماعي للمراهق بينما يقل ت[
أخرى كمتغير التخصص العلمي و متغير الجنس.
)عبد الكريم قريشي، 1999،ص .)8
و هاتين الدراستين تبينان أن التوافق خاصة الدراسي ،يتوقف على المثيرات التي
يتعرض لها الفرد داخل الفصل و خارجه ،فإذا لم يكن التلميذ متوافق فلن يستطيع إحراز
النجاح كما يولد لديه نوع من النفور من المدرسة و بالتالي يؤدي به إلى الفشل.
و انطالقا من هذا جاء االهتمام بالموضوع الذي يركز على دراسة:
إدراك تالميذ سنة ثانية متوسط أسلوب العقاب في التدريس و عالقته بتوافقهم الدراسي .
–2أهداف الدراسة :
-الكشف عن العالقة بين إدراك تالميذ سنة ثانية متوسط أسلوب العقاب في التدريس
و توافقهم الدراسي.
-الكشف عن مدى االختالف في إدراك تالميذ سنة ثانية متوسط أسلوب العقاب في
التدريس حسب متغير الدراسة ( الجنس ).
-التعرف على وجهة نظر التالميذ الخاصة ألسلوب العقاب ،و توعيتهم بحقيقته بغية
تجنب السلوكات التي تؤدي بهم إليه.
-محاولة التعرف على السلوكات التي تدفع بالمعلمين إلى استخدام أسلوب العقاب.
-التحسيس بأهمية هذا الموضوع لدى أفراد العملية التعليمية ،حتى نستطيع تقديم
المساعدة للتلميذ و ذلك عن طريق توعية المعلمين بكيفية استخدام أسلوب العقاب بطرق
صحيحة من أجل الوصول بالتالميذ إلى تحقيق النجاح و التوافق الدراسي.
8
-الوقوف على واقع ظاهرة العقاب داخل األقسام الدراسية و مدى انتشارها في
المرحلة المتوسطة باعتبارها مرحلة انتقالية مهمة في حياة التلميذ.
-3أهمية الدراسة:
تكمن أهمية هذا البحث في أنه يتناول موضوع من المواضيع الهامة التي تتعلق بطرق
التعامل بين المعلم و تالميذه و التي تؤثر على كثير من الجوانب في شخصية التلميذ خاصة
النفسية ،و لقد وقع اختيارنا على ظاهرة التوافق الدراسي ،إذ نسلط الضوء على أسلوب
العقاب في التدريس و عالقته بالتوافق الدراسي لدى تالميذ سنة ثانية متوسط.
كما حاولنا من خالل هذا البحث:
-تهيئة الجو المناسب في المدرسة و الذي يمكن التلميذ من التحصيل الجيد والقدرة
على االنجاز.
-التقليل من الظواهر المنتشرة في المدارس حاليا ،كالتسرب المدرسي و كثرة
الغيابات.
-التعرف على طرق استخدام العقاب بصورة صحيحة للتغلب على العديد من
المشكالت التي تؤثر على مردود التلميذ األكاديمي و أدائه التربوي و توافقه الدراسي
باألخص.
-توعية المعلمين و مساعدتهم على فهم حاجات التالميذ و عدم التسرع في الحكم
على استجاباتهم و سلوكا تهم حيث تعتبر هذه المرحلة مرحلة حرجة فهي تمثل بداية
المراهقة ،حيث نجد التلميذ في هذه الفترة أحوج لمن يحتويه ال لمن ينفره.
–4تساؤالت الدراسة :
من خالل الدراسات السابقة و النظر إلى الميدان صغنا التساؤالت التالية :
أ -هل توجد عالقة ارتباطية بين إدراك تالميذ سنة ثانية متوسط أسلوب العقاب في التدريس
و توافقهم الدراسي؟
ب -هل يوجد اختالف بين إدراك تالميذ سنة ثانية متوسط أسلوب العقاب في التدريس
وتوافقهم الدراسي حسب متغير الجنس؟
–5فرضيات الدراسة:
9
تتمثل الفرضيات فيما يلي:
أ -ال توجد عالقة ارتباطية بين إدراك تالميذ سنة ثانية متوسط أسلوب العقاب في التدريس و
توافقهم الدراسي.
ب -ال يوجد اختالف في إدراك تالميذ سنة ثانية متوسط أسلوب العقاب في التدريس و
التوافق الدراسي حسب متغير الجنس.
-6حدود الدراسة:
1- 6الحدود الجغرافية :ينتمي مجتمع الدراسة إلى بعض متوسطات والية
الوادي ،و البالغ عددها متوسطتين.
6-2الحدود الزمنية :تم تطبيق الدراسة األساسية يوم .26/04/2010 :
–7التعريف اإلجرائي لمفاهيم الدراسة:
7-1إدراك أسلوب العقاب في التدريس :هو مختلف األساليب السلبية التي يتعرض لها
التلميذ من طرف معلميه من قبيل الضرب ،الشتم ،السخرية ،و التي تتضمن اإلنقاص من
شأن المتعلم وذلك كما تقيسه األداة المعدة في الدراسة الحالية وهو نوعان:
-التالميذ المدركين ألسلوب العقاب :نعتبر األفراد الذين ترتفع درجاتهم عن متوسط
المقياس مدركين ألسلوب العقاب في التدريس.
-التالميذ الغير مدركين ألسلوب العقاب :نعتبر األفراد الذين تنخفض درجاتهم عن
متوسط المقياس غير مدركين ألسلوب العقاب في التدريس.
7-2التوافق الدراسي :هو جزء من التوافق النفسي و االجتماعي ،وقد اعتمدنا في تعريفنا
( في التوافق الدراسي " بأنه مان(yong man1979 تعريف واضع االختبار و قد عرف يونغ
قدرة التلميذ على التفاهم داخل حجرة الدرس على النظام وإقامة عالقات طيبة بينه و بين
أساتذته و يتضمن هذا المقياس ثالث أبعاد :الجد واالجتهاد ،اإلذعان ،العالقة بالمدرس"
( محمد قريشي ، 2002 ،ص .) 12
10