You are on page 1of 16

‫حقوق العامل املصاب فى القانون السودانى‬

‫( دراسة مقارنة )‬
‫د‪ .‬أمحد املصطفى حممد صاحل الصادق‬
‫أستاذ القانون اخلاص املشارك‬
‫عميد كلية القانون – جامعة شندى‬
‫مستخلص البحث‬
‫أصابة العمل هى تلك اإلصابة التى تقع للعامل وهو يؤدى عمله مع وجود عالقة سببيَّة‬
‫بين العمل والحادث ‪ ،‬ويلزم لتحققها أن تكون تلك اإلصابة هى التى نتج عنها الضرر للعامل ‪،‬‬
‫نص على إجراءات يتعيَّن على العامل إتباعها ‪،‬‬ ‫وأَّل يكون العامل تع َّمد إصابة نفسه ‪ .‬القانون َّ‬ ‫َّ‬
‫وعدم إتباع تلك اإلجراءات يعطى لصاحب العمل الحق فى وقف صرف األجر الذي يتقاضاه‬
‫العامل ‪ ،‬ذلك ألنَّه فى حالة إنقطاع عن العمل ‪ ،‬كما يفقده حقه فى التعويض ‪.‬‬
‫التشريع السوداني إعتبر ما يدفع للعامل أجر ‪ ،‬بينما أطلق عليها التشريع السعودى‬
‫معنى يختلف عن اآلخر‪ ،‬فاألجر مستحق والمعونة قد تأتى على‬ ‫ً‬ ‫مسمى معونة ‪ ،‬ولك ٌل منهما‬
‫التبرع ‪ .‬كذل ك القانون السودانى جاء بميزة أفضل للعامل حيث قضى بأن يتم حساب‬ ‫ُّ‬ ‫سبيل‬
‫ونص‬
‫َّ‬ ‫نص عليها عقد العمل إذا تض َّمن شروط أفضل من تلك التي‬ ‫التعويض وفقا ً للشروط التى َّ‬
‫عليها القانون ‪.‬‬
‫مدة التقادم فى حالة عدم قيام العامل باإلبالغ عن إصابة العمل َّل تقوم على مجرد قاعدة‬
‫إجرائيَّة شكليَّة يمكن تجاوزها ألى سبب من األسباب بل تقوم على قاعدة موضوعيَّة ثابتة‬
‫شخص غير صاحب العمل ‪ ،‬أن‬ ‫ٍ‬ ‫تعرض لإلصابة من‬ ‫شرع ‪ .‬كما يجوز للعامل الذى َّ‬ ‫قررها ال َّ‬
‫يرجع على ذلك الشخص مطالبا ً بالتعويض ع َّما لحقه من ضرر ‪ ،‬غير أنَّه َّل يجوز له أن يجمع‬
‫أن المطلوب هو جبر الضرر فحسب ‪.‬‬ ‫بين المسئوليَّة العقديَّة والمسئوليَّة التقصيريَّة ‪ ،‬إذ َّ‬

‫‪Abstract‬‬

‫‪The injury that happen to the employee during his work course‬‬
‫‪and which has causality relationship and resulting damage, is‬‬
‫‪considered as a work injury. This Work injury should not be intended by‬‬
‫‪the employee himself. The law urges the employee some procedures to‬‬
‫‪follow, otherwise the employer has the right to stop the employee‬‬
‫‪salary as an absentee as well as he will lose his right compensation.‬‬

‫]‪[1‬‬
‫‪The Sudanese legislation considers what is paid for the employee‬‬
‫‪as a salary; meanwhile the Saudi considers it as aid. Salary is a right but‬‬
‫‪aid is a type of donation. Moreover the Sudanese legislation has‬‬
‫‪distinction that the compensation could be according to the conditions‬‬
‫‪of the contract if they are more beneficial for the employee than the‬‬
‫‪law itself.‬‬

‫‪In case the employee doesn’t inform his accident, he might lose‬‬
‫‪his right of compensation.‬‬

‫‪The employee who is injured by a person other than his employer,‬‬


‫‪has no the right to claim compensation from that person. Contractual‬‬
‫‪and shortening responsibilities should not be joined together as the aim‬‬
‫‪is to compensate the employee harm.‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫إهتمت قوانين العمل والتشريعات ذات الصلة فى كافة البلدان بالعامل ‪ ،‬بإعتباره الطرف‬
‫األضعف فى العالقة التعاقديَّة الناشئة بينه وصاحب العمل ‪ ،‬ونجدها وضعت على عاتق صاحب‬
‫العمل إلتزاما ً بأن يتخذ اإلحتياطات الالزمة لحماية العامل أثناء العمل من األخطار التى قد‬
‫يتعرض لها بسبب أدائه للعمل ‪ ،‬وكذلك األمراض الناجمة عن العمل واآلَّلت المستعملة ‪ .‬كما‬ ‫َّ‬
‫ألزمت تلك التشريعات صاحب العمل بأن يعلن فى مكان ظاهر فى المنشأة التعليمات الخاصة‬
‫بسالمة العمل والعمال باللغة التى يفهمها العمال ‪.‬‬
‫فى ذات الوقت ألزمت العامل بأن يستعمل األساليب الوقائية التى تحول دون وقوع الحوادث‬
‫واألخطار ‪ ،‬وأن يحافظ دائما ً على إستعمال هذه األساليب وأَّل يتهاون فيها ‪ ،‬وأن يسعى دوما ً‬
‫الى تنفيذ التعليمات الموضوعة من أجل المحافظة على صحته وصحة اآلخرين من اإلصابات‬
‫واألمراض ‪ ،‬وأن يتقيَّد بكل اإلرشادات التى تصدر من صاحب العمل ‪ ،‬وأن َّل يسلك سلوكا ً من‬
‫شأنه أن يجلب الضرر له ولغيره من العمال ‪ ،‬وإَّل فقد حقه فى التعويض عند اإلقتضاء ‪.‬‬
‫المشرع فرض على صاحب العمل إتخاذ اإلحتياطات الالزمة لحماية العمال من‬ ‫ِّ‬ ‫ولما كان‬
‫األخطار ‪ ،‬فإنَّه أيضا ً قد ح َّمله نفقات ومصروفات هذه اإلحتياطات ‪ ،‬وألزمه بحقوق لمصلحة‬
‫تعرض إلصابة بسبب العمل وأثنائه ‪ ،‬من هذه الحقوق أن يتكفَّل بنفقات العالج وكل‬ ‫العامل إذا َّ‬
‫ما يلزم له ‪ ،‬وأن يدفع للعامل أجره أثناء فترة العالج ‪ ،‬وأن يعوضه فى حالة أصبح غير قادر‬
‫على مواصلة العمل بقدر العجز الذى أصابه ‪.‬‬

‫]‪[2‬‬
‫املبحث األول‬
‫مفهوم إصابة العمل‬
‫أوالً ‪ :‬تعريف العمل ‪:‬‬
‫العمل لغة يقصد به الصنعة و المهنة والحرفة والفعل (‪ ، )2‬ولقد ورد لفظ عمل ومشتقاته‬
‫ع َملَ ُك ۡم‬
‫ٱّللُ َ‬‫سيَ َرى َّ‬ ‫ٱع َملُوا فَ َ‬
‫فى كثير من آيات القرآن الكريم‪ ،‬ومن هذه اآليات قال تعالى‪َ ( :‬وقُ ِّل ۡ‬
‫ش ٰ َهدَ ِّة فَيُن َِّبئ ُ ُكم ِّب َما ُكنت ُ ۡم ت َعۡ َملُونَ ) سورة التوبة‬ ‫ب َوٱل َّ‬ ‫ع ِّل ِّم ۡٱلغ َۡي ِّ‬
‫ست ُ َردُّونَ ِّإلَ ٰى ٰ َ‬ ‫سولُ ۥهُ َو ۡٱل ُم ۡؤ ِّمنُ َۖ‬
‫ونَ َو َ‬ ‫َو َر ُ‬
‫ع ِّملُونَ ) سورة هود اآلية ‪، 121‬‬ ‫علَ ٰى َم َكانَ ِّت ُك ۡم ِّإنَّا ٰ َ‬ ‫ٱع َملُوا َ‬ ‫اآلية ‪َ ( ، 105‬وقُل ِّللَّذِّينَ ََّل ي ُۡؤ ِّمنُونَ ۡ‬
‫( ِّل َي ۡأ ُكلُوا ِّمن ثَ َم ِّرِّۦه َو َما َع ِّملَ ۡتهُ أ َ ۡيدِّي ِّه ۡۚۡم أَفَ َال َي ۡش ُك ُرونَ ) سورة يس اآلية ‪.35‬‬
‫النبى الكريم صلى هللا عليه وسلَّم إحترف الرعى ‪ ،‬فقال صلوات هللا وسالمه عليه ‪ " :‬ما بعث‬
‫هللا نبيَّا ً إَّل رعى الغنم ‪ ،‬فقال أصحابه ‪ :‬وأنت ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬كنت أرعاها على قراريط ألهل‬
‫مكة(‪. " )3‬‬
‫أن اإلنسان َّل يرتفع شأنه ‪ ،‬وَّل تعلو مكانته ‪ ،‬وَّل تصان كرامته إَّل‬ ‫بهذا يتضح لنا َّ‬
‫بالعمل ‪ ،‬فالعمل سنة نبويَّة ‪ ،‬وضرورة إجتماعيَّة ‪َّ ،‬ل حياة للفرد وَّل شأن للمجتمع بدونه ‪.‬‬
‫أما معنى العمل فى الفقه يقصد به غالبا ً الفالح أو األجير ‪ ،‬قال تعالى ‪( :‬قَالَ ۡت ِّإ ۡحدَ ٰى ُه َما‬
‫ين ) سورة القصص اآلية ‪ . 26‬والعمل فى‬ ‫ي ۡٱأل َ ِّم ُ‬ ‫ت ۡٱلقَ ِّو ُّ‬ ‫ٱس ۡت َ َج ۡر َ‬
‫ٱس ۡت َ ِّج ۡر َۖهُ إِّ َّن خ َۡي َر َم ِّن ۡ‬
‫ت ۡ‬ ‫ٰيََٰٓأَبَ ِّ‬
‫عمومه ينصرف الى جهد يبذله اإلنسان ‪ ،‬سواء كان جهدا ً ذهنيَّا ً أو بدنيَّاً‪ ،‬قل َّ هذا الجهد أو كثر ‪،‬‬
‫عال شأنه فى تقدير المجتمع أو هبط وزنه ‪ ،‬فكل جهد يبذله اإلنسان يسمى عمالً ‪ .‬فهو كل نشاط‬
‫ينصرف الى إنتاج سلعة أو خدمة ذات ثمن فى المجتمع للوفاء بحاجاته ومطالبه الماديَّة‬
‫والمعنويَّة ‪ .‬ويعتبر العمل هو الدعامة الثانيَّة فى كل نظام إقتصادى ‪ ،‬فالعمل والمال هما‬
‫الدعامتان اإلقتصاديتان ‪.‬‬
‫أن النبى صلى هللا عليه وسلم قال ‪ ( :‬أعطوا األجير أجره قبل أن يجف‬ ‫َّ‬ ‫ورو ى إبن ماجة َّ‬
‫ضا على العمل وحرضا عليه وهو‬ ‫أن الكتاب والسنة المط َّهرة ح َّ‬ ‫عرقه) (‪ . )3‬ومن ذلك نجد َّ‬
‫خير وزيادة ‪.‬‬ ‫لآلخرة عبادة وفى الدنيا ٌ‬

‫ثانيَّاً ‪ :‬تعريف اإلصابة ‪:‬‬


‫يقصد باإلصابة فى مجال العمل الضرر الذى يلحق الجسم من جراء تأثير خارجى ‪،‬‬
‫وعلى ذلك َّل تعتبر‬
‫ثالثا ً ‪ :‬تعريف إصابة العمل ‪:‬‬
‫عرفها قانون التعويض عن إصابات العمل بأنَّها ‪ ( :‬يقصد بها اإلصابة الناشئة عن‬ ‫َّ‬
‫حادث نشأ أثناء العمل أو بسببه أو اإلصابة بأحد األمراض المهنيَّة الواردة بالجدول الملحق‬
‫]‪[3‬‬
‫(‪)12‬‬
‫بقانون العمل)(‪ . )13‬الالئحة التنفيذيَّة لقانون التأمين اإلجتماعى ورد فيها ‪ :‬تعتبر إصابة عمل‬
‫‪:‬‬
‫‪ . 1‬كل إصابة تحدث للمؤ َّمن عليه نتيجة حادث يقع إثناء تأدية العمل أو بسببه ‪.‬‬
‫‪ . 2‬كل إصابة طريق بسبب حادث يقع للعامل أثناء فترة ذهابه للعمل أو عودته منه ‪ ،‬بشرط أن‬
‫يكون الطريق الذى يسلكه لم يتغيَّر إتجاهه أو يتوقف أو يتخلَّف عنه ألغراض شخصيَّة أو‬
‫مصلح ة َّل تمت لعمله بصله ‪ ،‬على أن يثبت ذلك بتقرير الشرطة وتقرير المفتش الميدانى‬
‫وتقرير اإلصابة ‪.‬‬
‫‪ . 3‬اإلصابة التى تحدث للمؤمن عليه أثناء التنقالت والمأموريات والسفر ‪ ،‬المدفوعة التكاليف‬
‫من قبل صاحب العمل وبناء على توجيهاته ‪.‬‬
‫‪ . 4‬إصابة المؤمن عليه بأحد األمراض المهنيَّة الملحقة بالجدول رقم (‪ )5‬الملحق بالقانون ‪.‬‬
‫عرفها بأنَّها ‪ ( :‬الحوادث التى تقع أثناء العمل أو بسببه واألمراض‬ ‫أما النظام السعودى َّ‬
‫المهنيَّة المبيَّنة فى المادة السابعة والعشرون ‪ ،‬وتعدُّ إصابة عمل كل حادث يقع للمشترك أثناء‬
‫العمل أو يقع له بسبب العمل كما يعدُّ فى حكم ذلك أيضا ً كل حادث يقع للمشترك أثناء طريقه من‬
‫مسكنه الى محل العمل أو بالعكس ‪ ،‬أو أثناء طريقه من محل عمله الى المكان الذى يتناول فيه‬
‫طعامه أو تأدية صالته أو بالعكس ‪ ،‬وتعدُّ بذات الوصف الحوادث التى تحدث أثناء تنقالت‬
‫المشترك التى يقوم بها بقصد أداء مهمة كلفه بها صاحب العمل(‪.)22‬‬
‫أن إصابة العمل هى أى إصابة تقع‬ ‫يالحظ مما ورد فى المادتين أعاله أنَّهما تتفقان فى َّ‬
‫أن النظام السعودى توسع فى‬ ‫للعامل أثناء العمل أو نتجت تلك اإلصابة بسبب تأدية عمله ‪ ،‬غير َّ‬
‫التعريف لمصلحة العامل بأن شمل التعريف إصابة تقع للعامل خارج الحدود الضيِّقة لنطاق‬
‫أن كل حادث يقع للعامل أثناء‬ ‫المنشأة أو المؤسسة التى يعمل بها ‪ .‬ومن ذلك يتضح لنا بحق َّ‬
‫العمل أو يقع له بسبب العمل يعتبر إصابة عمل ‪ ،‬كما يعتبر كذلك من قبيل إصابات العمل‬
‫أن سببها العمل ‪.‬‬‫األمراض التى يثبت َّ‬
‫أن تعريفات إصابة العمل فى القانون المقارن تشترك فى عنصرين هما‪:‬‬ ‫ومما سبق يتضح َّ‬
‫‪ . 1‬ربط اإلصابة بمكان العمل ‪ :‬ويقصد بمكان العمل المجال الجغرافى الذى يتواجد فيه المؤمن‬
‫عليه لتنفيذ العمل المكلف به ‪ ،‬أو الواجب الذى عليه أداءه ويكون خاضعا ً فيه لسلطة وإشراف‬
‫أن اإلصابة تحققت فى المكان الذى‬ ‫أن كل واقعة يثبت فيها َّ‬ ‫صاحب العمل حقيقة أو حكما ً ‪ .‬أى َّ‬
‫يؤدى فيه العامل وظيفته أو عمله أو األماكن التى تكون متعلقة بالعمل فهى إصابة عمل ‪.‬‬
‫‪ . 2‬ربط اإلصابة بسبب العمل ‪ :‬ذلك يعنى أن توجد صلة بين اإلصابة بسبب العمل والعمل نفسه‬
‫‪ ،‬أى أن تكون اإلصابة التى قد وقعت بسبب العمل ‪ ،‬ويعتبر ذلك من المسائل الموضوعيَّة التى‬
‫تختص بها محكمة الموضوع(‪. )4‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬ما يشترط لتحقق إصابة العمل ‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬يجب أن تتوافر إصابة عمل ‪:‬‬
‫مما جاء بالمادتين أنَّه يلزم إلعتبار اإلصابة إصابة عمل أن تكون أثناء العمل أو بسببه ‪.‬‬
‫إذن يلزم إلعتبار الحادثة إصابة عمل تحقق شرطين َّل يغنى أحدهما عن اآلخر هما‪ :‬أن يقع‬
‫الحادث الذى يؤدى لإلصابة بسبب العمل ‪ ،‬وأن يقع هذا الحادث أثناء العمل ‪.‬‬
‫هنا يثور سؤال بعد إقرارنا لما إشترطته المادتين فى الحادثة التى تعدُّ إصابة عمل هو ‪ :‬ما‬
‫المقصود " بسبب العمل وأثنائه " ؟‬
‫]‪[4‬‬
‫يقصد بوقوع الحادث بسبب العمل وجود عالقة سببيَّة بين العمل والحادث ‪ ،‬بمعنى أن‬
‫يكون األول " أى العمل" قد أدى أو على األقل قد ساهم فى وقوع الثانى " أى الحادث " ‪ .‬لكن‬
‫يالحظ هنا أنَّه يكفى وجود السببيَّة الناشئة عن طبيعة العمل وظروف أدائه ومكانه ‪ ،‬وغير ذلك‬
‫مما يعتبر ذا عالقة كافيَّة بالعمل ‪ ،‬بحيث يسهم أيَّا ً من هذه األمور فى وقوع الحادث ‪ ،‬حتى لو‬
‫كان ذلك بطريق غير مباشر ‪ ،‬وَّل يشترط فى السببيَّة أن تكون مادية مباشرة (‪ .)5‬وهذا ما يعبَّر‬
‫عنه بعبارة " لو َّل العمل لما كان الحادث " ‪.‬‬
‫ويقصد بوقوع اإلصابة أثناء العمل كل إصابة تقع للعامل وهو يؤدى عمله ‪ ،‬أى خالل ما‬
‫يسمى بساعات العمل الفعليَّة ‪ ،‬وإن كان البعض يوسع من فترة أثناء العمل يجعلها شاملة‬
‫لألوقات التى يقوم فيها العامل بما يعتبر تابعا ً ألداء العمل(‪ ،)6‬مثل ما ذهب اليه النظام السعودى‬
‫كوقوع اإلصابة للعامل وهو فى طريقه من مسكنه الى مكان العمل أو العكس ‪.‬‬
‫الشرط الثانى ‪ :‬يلزم أن تكون إصابة العمل هى سبب الضرر للعامل ‪:‬‬
‫فإذا تبيَّن برغم وقوع اإل صابة ‪ ،‬أن الضرر قد وقع من شئ آخر غيرها ‪ ،‬فال يلتزم رب‬
‫العمل بتعويض العامل ‪ ،‬ولكى يتحقق هذا الشرط ‪ ،‬يلزم توافر رابطتين متعاقبتين للسببيَّة ‪:‬‬
‫‪ . 1‬إذ يلزم أن يسبب العمل اإلصابة ‪.‬‬
‫‪ . 2‬وأن تسبب اإلصابة الضرر ‪.‬‬
‫وهذه مسألة واقع يستقل بتقديرها قاضى الموضوع ‪ .‬إذن هناك عوامل تشترك مع اإلصابة‬
‫فى إحداث الضرر ‪ ،‬هذه العوامل أو األسباب قد تكون سابقة لإلصابة ‪ ،‬وقد تكون َّلحقة‬
‫لوقوعها (‪.)7‬‬
‫األسباب السابقة لإلصابة كما لو كان جسم اإلنسان مهيئا ً ألن تسبب اإلصابة األذى الذى‬
‫حدث له ‪ ،‬كما لو كان العامل مريضا ً بقلبه ‪ ،‬فقام بمجهود شاق إقتضاه العمل فترتبت على هذا‬
‫المجهود الشاق الوفاة ‪ ،‬فال تؤثر هذه األسباب السابقة فى إلتزام رب العمل بتعويض العامل ‪،‬‬
‫أن المجهود الشاق الذى بذله العامل كان هو األمر األخير الذى جعل األذى يتحقق‬ ‫بإعتبار َّ‬
‫ولوَّل ه لما وقع الضرر ‪ .‬وما يسير عليه القضاء يكتفى بين اإلصابة والضرر بعالقة سببية‬
‫عارضة ‪ .‬لكن يشترط فى هذه الحالة أن تكون اإلصابة قد أسهمت هى ذاتها فى وقوع الضرر‬
‫بدور فعَّال ‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن تقع اإلصابة من غير عمد العامل ‪:‬‬
‫أى أن تقع اإلصابة من غير إهمال واضح أو خطأ جسيم من جانب العامل َّل يوجد مبرر له‬
‫يخفف من جسامته ‪ .‬ويلزم أن يكون السلوك الفاحش أو الخطأ الجسيم مقصودا ً من العامل ‪ ،‬فأى‬
‫عمل أو إمتناع عن عمل مهما بلغت درجة الخطأ الجسيم فيه َّل يكفى إذا حصل من غير قصد‬
‫من العامل ‪ .‬وعلى ذلك إذا تع َّمد العامل إصابة نفسه أو أتى سلوكا ً جسيما ً مقصودا ً فإنَّه يحرم من‬
‫التعويض ‪ .‬وما تجدر اإلشارة اليه أنَّه َّل صعوبة بالنسبة الى تع ُّمد العامل إصابة نفسه كما لو‬
‫ألقى بنفسه أمام اآللة قاصدا ً اإلنتحار ‪.‬‬
‫خالصة القول أصابة العمل هى تلك اإلصابة التى تقع للعامل وهو يؤدى عمله مع وجود‬
‫عالقة سببيَّة بين العمل والحادث ‪ ،‬ويلزم لتحققها أن تكون تلك اإلصابة هى التى نتج عنها‬
‫الضرر للعامل ‪َّ ،‬‬
‫وأَّل يكون العامل تع َّمد إصابة نفسه ‪.‬‬
‫املبحث الثانى‬

‫]‪[5‬‬
‫احلق فى العالج والرعايَّة الطبيَّة‬
‫كفلت القوانين للعامل الحق فى تلقى العالج والرعاية نتيجة لإلصابات التى تلحق به بسبب‬
‫نص قانون التعويض عن إصابات العمل على ذلك‬ ‫الحوادث التى تقع أثناء تأديته لعمله ‪ ،‬وقد َّ‬
‫بالقول(‪: )23‬‬
‫تعرض إلصابة عمل بعرض نفسه للكشف الطبى على نفقة صاحب العمل‬ ‫‪ . 1‬يقوم العامل الذى َّ‬
‫لدى الطبيب الذى يعينه صاحب العمل وذلك بعد اإلبالغ عن اإلصابة ‪ ،‬فإذا لم يكن العامل قادرا ً‬
‫يبلغ صاحب العمل ليوفر له أكثر مالئمة إلجراء الكشف الطبى عليه ‪،‬‬ ‫على ذلك فيجب عليه أن ِّ‬
‫ويجوز للعامل فى جميع األحوال أن يعرض نفسه على أى طبيب فى مستشفى حكومى للكشف‬
‫عليه ‪.‬‬
‫‪ . 2‬يكون إثبات إصابة العمل بواسطة طبيب صاحب العمل أو أى طبيب مستشفى حكومى ‪.‬‬
‫‪ . 3‬إذا ثبت إمتناع العامل الذى أُصيب بإصابة عمل عن عرض نفسه على الطبيب أو إتباع‬
‫ألن العامل فى حالة‬ ‫إرشاداته ‪ ،‬يجوز لصاحب العمل وقف صرف األجر الذى يتقاضاه ذلك َّ‬
‫اإلنقطاع عن العمل بسبب اإلصابة ‪.‬‬
‫‪ . 4‬يجب على العامل الذى أُصيب بإصابة عمل أن يتبع إرشادات الطبيب الذى يقوم‬
‫(‪)24‬‬
‫بمعالجته‬
‫(‪)25‬‬
‫نص على ‪:‬‬ ‫نظام العمل السعودى َّ‬
‫فإن صاحب العمل يلتزم بعالجه ‪،‬‬ ‫‪ . 1‬إذا أُصيب العامل بإصابة عمل ‪ ،‬أو بمرض مهنى ‪َّ ،‬‬
‫ويتح َّمل جميع النفقات الألزمة لذلك ‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ‪ ،‬بما فيها اإلقامة فى‬
‫المستشفى ‪ ،‬والفحوص والتحاليل الطبيَّة ‪ ،‬واألشعة ‪ ،‬واألجهزة التعويضيَّة ‪ ،‬ونفقات اإلنتقال‬
‫الى أماكن العالج ‪.‬‬
‫‪ . 2‬تعدُّ اإلصابة إصابة عمل وفق ما منصوص عليه فى نظام التأمينات اإلجتماعيَّة ‪ ،‬وتعدُّ‬
‫األمراض المهنيَّة فى حكم إصابات العمل ‪ ،‬كما يعدُّ تاريخ أول مشاهدة طبيَّة للمرض فى تاريخ‬
‫اإلصابة ‪.‬‬
‫نالحظ أنَّه ك ٌل من القانون السودانى والنظام السعودى كفال للعامل المصاب تلقى العالج و‬
‫المشرع السودانى ألزم العامل‬
‫ِّ‬ ‫الرعاية الطبية وكل ما يلزم على نفقة صاحب العمل ‪ ،‬غير َّ‬
‫أن‬
‫المصاب بإتباع إجراءات معيَّنة عند اإلصابة هى ‪:‬‬
‫‪ . 1‬أن يقوم العامل المصاب بإبالغ صاحب العمل عن اإلصابة ‪.‬‬
‫‪ . 2‬أن يعرض نفسه على الطبيب الذى يعينه صاحب العمل ‪ ،‬مع جواز أن يعرض نفسه على‬
‫أى طبيب فى مستشفى حكومى ‪.‬‬
‫‪ . 3‬إذا لم يكن قادرا ً على عرض نفسه على الطبيب يجب عليه إبالغ صاحب العمل ليقوم بتدبير‬
‫إجراء الكشف عليه ‪.‬‬
‫‪ . 4‬إتباع إرشادات الطبيب المعالج ‪.‬‬
‫النظام السعودى لم ينص على إجراءات معيَّنة يلزم العامل بإتباعها كما جاء فى القانون‬
‫السودانى ‪ ،‬غير أنَّه ترك أمر تحديد اإلجراءات النِّظاميِّة بشأن اإلبالغ عن إصابات العمل الى‬
‫وزير العمل ‪ ،‬ليتولى بدوره إصدار القرارات الالزمة لتنظيم اإلجراءات وبيان كيفيَّة اإلبالغ‬

‫]‪[6‬‬
‫عن اإلصابات ‪ ،‬حيث جاء فيه ‪ ( :‬تحدد بقرار من الوزير إجراءات اإلبالغ عن إصابات‬
‫العمل)(‪.)26‬‬
‫عدم إتباع العامل المصاب لهذه اإلجراءات يعطى لصاحب العمل الحق فى وقف صرف‬
‫األجر الذى يتقاضاه العامل ‪ ،‬ذلك ألنَّه فى حالة إنقطاع عن العمل ‪ ،‬كما يفقده حقه فى التعويض‬
‫‪ .‬ذلك ما قضت به المحكمة العليا (‪ )32‬فى قضية محمد المكى ضد شركة أم تى إن‪ ،‬حيث قامت‬
‫أن عدم قيام العامل بإتباع اإلجراءات المحددة إلثبات إصابة العمل ‪،‬‬ ‫بشطب الطعن إيجازيا ً إذ َّ‬
‫يفقد العامل حقه فى المطالبة بالتعويض ‪.‬‬
‫وكان الطاعن قدم طعنه بأنَّه عمل مع المطعون ضدها موظف بخدمات اإلتصال ‪ ،‬وأنَّه‬
‫تعرض إلصابة أدَّت الى ضعف فى السمع العصبى نتج عنه إصابته بعجز جزئى‬ ‫َّ‬ ‫بسبب العمل‬
‫فى السمع ‪ ،‬قدره القومسيون الطبى بنسبة ‪ ، %20‬طلب الحكم له بالتعويض عن اإلصابة ‪.‬‬
‫أن الطاعن فشل فى إثبات إصابته وفقا ً لمقتضيات القانون‬ ‫صدر حكم المحكمة العليا تأسيسا ً على َّ‬
‫‪ ،‬الذى يتطلب أن يكون إثبات اإلصابة بواسطة الطبيب الخاص لصاحب العمل ‪ ،‬علما ً َّ‬
‫بأن‬
‫الطاعن ذهب الى طبيبه الخاص وليس طبيب صاحب العمل أو الطبيب الذى يحوله له أو أى‬
‫طبيب حكومى ‪.‬‬
‫فى ذات الوقت هناك إلتزامات تقع على صاحب العمل قبل وقوع اإلصابة ‪ ،‬وإلتزامات‬
‫أخرى أثناء وقوع اإلصابة ‪ .‬وإلتزامات صاحب العمل عند وقوع اإلصابة وفقا ً لقانون التعويض‬
‫عن إصابات تتمثل فى ‪:‬‬
‫‪ . 1‬إبالغ مدير مكتب العمل ‪.‬‬
‫‪. 2‬أن يتم اإلبالغ خالل مدة َّل تتجاوز اليوم الثالث لوقوع الحادث ‪.‬‬
‫باإلضافة لإللتزامين السابقين أوجب قانون العمل (‪ )27‬على صاحب المصنع التبليغ عن‬
‫الحوادث التى تقع أثناء ساعات العمل اليوميَّة وذلك عند نهاية اليوم األول الذى حدثت فيه‬
‫اإلصابة ‪ ،‬وتسببت فى وفاة أى عامل أو حريق أو إنفجار ‪ ،‬أو أدت الى حادث حسيم أو تعطيل‬
‫أى عامل عن أداء عمله ليوم واحد أو أكثر ‪.‬‬
‫النظام السعودى جاء فيه ‪َّ :‬ل يلتزم صاحب العمل بما ورد فى المواد ( ‪،137 ،133‬‬
‫‪ )138‬من هذا النظام إذا ثبت أى مما يأتى ‪:‬‬
‫أن العامل تع َّمد إصابة نفسه ‪.‬‬ ‫‪َّ . 1‬‬
‫‪ . 2‬أن اإلصابة حدثت بسبب سلوك مقصود من جانب العامل ‪.‬‬
‫أن العامل إمتنع عن عرض نفسه على طبيب ‪ ،‬أو إمتنع عن قبول معالجة الطبيب المكلف‬ ‫‪َّ . 3‬‬
‫(‪)16‬‬
‫بعالجه من قبل صاحب العمل دون سبب مشروع ‪.‬‬
‫المشرع السعودى رفع اإللتزامات الواقعة على عاتق‬ ‫ِّ‬ ‫مما ورد فى هذه المادة نجد َّ‬
‫أن‬
‫صاحب العمل من ‪ ،‬تح ُّمل جميع النفقات العالجيَّة الالزمة لعالج العمل المصاب بإصابة عمل‪،‬‬
‫واألجر الذى يدفع للعامل أثناء فترة العالج ‪ ،‬وكذلك مبلغ التعويض الذى يصرف للعامل إذا ما‬
‫نتج عن اإلصابة عجز جزئى ‪ ،‬أو عجز دائم كلى ‪ ،‬أو أدت اإلصابة الى وفاته ‪ .‬أعفى هذا‬
‫النَّص صاحب العمل من هذه اإللتزامات وَّل يكون ملزما ً بأداء شئ منها إذا ما ثبت أن العامل قد‬
‫أن اإلصابة فى هذه الحالة َّل تكون إصابة عمل‪ ،‬فضالً على‬ ‫تع َّمد إصابة نفسه ‪ ،‬والعلة فى ذلك َّ‬
‫أن‬ ‫أن العامل يكون سئ النيَّة فى تنفيذه إللتزاماته التعاقديَّة إضرارا ً بصاحب العمل ‪ .‬حيث َّ‬
‫المبادئ العامة فى العدالة تقتضى بعدم جواز إستفادة الشخص من ُجرم إقترفه ‪ ،‬بحيث يجعله‬
‫]‪[7‬‬
‫هذا ال ُجرم فى وضع أفضل مما كان عليه ‪ .‬وبالتالى إذا ما تع َّمد العامل إصابة نفسه فإنَّه َّل‬
‫يستحق أى نفقات عالجيَّة أو أجر أو تعويض عن إصابته(‪.)5‬‬
‫أن التشريعات السودانية والنظام السعودى وضعا إلتزاما ً جوهريَّا ً من‬ ‫مما سبق نالحظ َّ‬
‫اإللتزامات الواجبة على صاحب العمل بمقتضى العالقة التعاقديَّة التى نشأت بينه وبين العامل‪،‬‬
‫وهذا اإللتزام يتمثل فى عالج العامل الذى يعمل فى منشأته ولحسابه وأُصيب بإصابة عمل ‪ ،‬أو‬
‫بمرض مهنى ‪ .‬ومن قبيل إصابات العمل بتر أحد أعضاء جسم العامل أو فقدها نتيجة عمله على‬
‫أحد األجهزة أو المعدات الموجودة بالمنشأة أو المصنع الذى يعمل فيه ‪ ،‬أو إصابته بحادث‬
‫إصطدام بسيارة نتيجة لقيادته لسيارة المنشأة التى يعمل فيها ‪ ،‬على الرغم من إتباعه التعليمات‬
‫واألنظمة المتبعة بشأن المرور ‪ ،‬أو إصابته بمرض نتيجة المتخلفات من عمليات التصنيع ‪،‬‬
‫كاإلصابة بالربو واإللتهاب الرئوى نتيجة لتصاعد األبخرة والغازات من المصنع أو المنشأة ‪.‬‬
‫وغير ذلك العديد والعديد من اإلصابات واألمراض التى قد يتعرض لها العامل من جراء عمله‬
‫المشرع صاحب العمل بتح ُّمل جميع النفقات الآلزمة لعالج العامل سواء‬ ‫ِّ‬ ‫فى المنشأة ‪ .‬فالزم‬
‫بطريقة مباشرة أو غير مباشرة شاملة كاإلقامة فى المستشفى ‪ ،‬وإجراء كافة الفحوص والتحاليل‬
‫الطبيَّة الالزمة وإجراء األشعة ‪ ،‬فضالً عن إلتزامه بدفع ثمن األجهزة التعويضية ونفقات‬
‫اإلنتقال الى أماكن العالج ‪.‬‬

‫املبحث الثالث‬
‫احلق فى التعويض‬
‫أوالً ‪ :‬تعويض األجر ‪:‬‬
‫تعرض العامل إلصابة نتيجة لحادث وقع أثناء ساعات العمل أو بتكليف من صاحب‬ ‫ُّ‬
‫العمل ‪ ،‬يؤدى الى إنقطاعه عن العمل ‪ ،‬ويحول دون نفاذ ما تفرضه عليه العالقة التعاقديَّة‬
‫الناشئة بينه وصاحب العمل ‪ ،‬مما يحتِّم تنظيم تقاضيه األجر خالل فترة اإلنقطاع ‪.‬‬
‫التشريعات نظمت ذلك بأن كفلت له الحق بأن يستحق أجره أثناء فترة العالج بتراتيب‬
‫قانونيَّة معيَّنة ‪ .‬قانون التعويض عن إصابات العمل السودانى ‪ ،‬قضى بإستحقاق العامل لألجر‬
‫خالل فترة اإلنقطاع عن العمل بسبب إصابة العمل ‪ ،‬وجاء فيه(‪:)24‬‬
‫‪َّ . 1‬ل يجوز إنهاء عقد أى عامل بسبب إنقطاعه عن العمل للعالج بسبب إصابة عمل حدثت له‬
‫‪ ،‬الى أن يتم عالجة ويتقرر عدم لياقته للخدمة ‪.‬‬
‫‪ . 2‬بالرغم من أحكام أى قانون آخر يدفع صاحب العمل للعامل أثناء العالج أجره عن فترة‬
‫اإلنقطاع عن العمل على الوجه اآلتى ‪:‬‬
‫أ ‪ .‬فى الستة شهور األولى يدفع له األجر كامالً ‪.‬‬

‫]‪[8‬‬
‫ب ‪ .‬فى الستة أشهر الثانية يدفع له نصف األجر بعد أن يستنفد أجازته السنوية العادية بأجر‬
‫كامل ‪.‬‬
‫ج ‪ .‬فيما زاد عن ذلك يدفع له ثلث األجر الى أن يتم شفاؤه أو يثبت عجزه وفقا ً ألحام هذا القانون‬
‫‪.‬‬
‫(‪)25‬‬ ‫َّ‬
‫النظام السعودى نظم ذلك على النحو اآلتى ‪:‬‬
‫‪ . 1‬للمصاب فى حالة عجزه المؤقت عن العمل الناجم عن إصابة عمل الحق فى معونة مالية‬
‫تعادل أجره كامالً لمدة ثالثين يوما ً ‪.‬‬
‫‪ %75 . 2‬من أجره طوال الفترة التى يستغرقها عالجه ‪.‬‬
‫‪ . 3‬إذا بلغ العالج سنة أو تقرر طبيَّا ً عدم إحتمال شفائه وحالته الصحيَّة َّل تمكنه من العمل‬
‫ويعوض عن اإلصابة ‪ .‬وَّل يكون لصاحب العمل الحق فى‬ ‫َّ‬ ‫عدَّت اإلصابة عجزا ً كليَّا ً ينهى العقد‬ ‫ُ‬
‫إسترداد ما دفعه الى المصاب خالل تلك السنة ‪.‬‬
‫يتعرض إلصابة‬ ‫َّ‬ ‫أن هذه المواد قررت للعامل الذى‬ ‫مما جاء فى مواد القانونيين أعاله نجد َّ‬
‫عمل أدت الى عجزه المؤقت عن العمل ‪ ،‬أن يتقاضى أجره ‪ ،‬بيد أنَّهما إختالفا فى كيفيَّة تقاضى‬
‫ذلك األجر أثناء فترة العالج الى أن يتقرر شفاؤه أو عدم صالحيته للخدمة ‪.‬‬
‫القانون السودانى جاء بوضعيَّة أفضل للعامل من نظيره السعودى ‪ ،‬حيث نجده إبتدا ًء‬
‫تلقى العالج بسبب‬ ‫قضى صراحة بعدم جواز إنهاء عقد العامل بسبب إنقطاعه عن العمل أثناء ِّ‬
‫اإلصابة التى حدثت له ‪ ،‬بينما يفهم ذلك ضمنا ً فى القانون السعودى ‪ .‬كذلك التشريع السودانى‬
‫إعتبر ما يدفع للعامل أجر ‪ ،‬بينما أطلق عليها التشريع السعودى مسمى معونة ‪ ،‬ولك ٌل منهما‬
‫التبرع ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫معنى يختلف عن اآلخر‪ ،‬فاألجر مستحق والمعونة قد تأتى على سبيل‬ ‫ً‬
‫أيضا ً فى القانون السودانى تأتى المدة التى يتقاضى فيها العامل أجره مع تدرجه أطول ‪،‬‬
‫مقارنة مع نظيره السعودى الذى وضع لها سقف أعلى َّل يمكن تجاوزه وهو سنة ‪ .‬فيكون‬
‫إستمر فى حالة العجز‬‫َّ‬ ‫للعامل الحق فى أن يتقاضى أجره كامالً فى الستة أشهر األولى ‪ ،‬فإذا‬
‫يستحق أجازته السنوية العادية بأجر كامل ‪ ،‬بعد هذه المدة فإنَّه يدفع له نصف األجر فى الستة‬
‫أشهر الثانية ‪ ،‬ما زاد عن ذلك يدفع له ثلث األجر الى أن يتم شفاؤه أو يثبت عجزه ‪ .‬وإذا ما قرر‬
‫عجزه وفقا ً ألحكام القانون يترتَّب على ذلك إنهاء العقد وتعويض العامل عن إصابته ‪ ،‬وَّل يكون‬
‫لصاحب العمل الحق فى إسترداد ما دفعه الى العامل المصاب خالل تلك الفترة ‪.‬‬
‫المشرع السودانى لم يحدد مدة قصوى لتقاضى العامل المصاب أجره خالل‬ ‫ِّ‬ ‫يمكن القول َّ‬
‫بأن‬
‫فترة اإلصابة ‪ ،‬وإنَّما تدرج فى إنقاص المستحق من األجر الكامل الى حد الثلث الى أن يشفى أو‬
‫المشرع السعودى وضع لها سقفا ً أعلى وهو سنة بعدها إما شفاء أو‬ ‫َّ‬ ‫يثبت عجزه المستديم ‪ ،‬أما‬
‫تفوق على نظيره السعودى وكفل للعامل المصاب‬ ‫إنهاء للعقد ‪ ،‬وبهذا يكون القانون السودانى َّ‬
‫حماية أفضل خالل فترة اإلصابة ‪.‬‬
‫ثانيَّاً ‪ :‬تعويض اإلصابة ‪:‬‬
‫اإلصابة المقصودة هنا هى تلك اإلصابة التى تنتج عن حادث وقع أثناء العمل و تؤدى‬
‫الى الوفاة أو العجز الجسيم ‪ .‬وتعتبر اإلصابة ناشئة من حادث وقع أثناء العمل أو بسببه‪ ،‬أو‬
‫إصابته بأحد األمراض المهنيَّة الواردة فى الجدول الملحق بقانون العمل ‪ ،‬إذا أدت الى وفاة‬
‫العامل عند حدوثها أو نتج عنها عجز َّل تقل نسبته عن ‪ ، %40‬بغض النظر ع َّما إذا كان‬
‫]‪[9‬‬
‫العامل عند حدوث تلك اإلصابة مخالفا ً ألحكام أى قانون أو لوائح تكون مطبقة على خدمته أو‬
‫مخالفا ً ألى تعليمات صادرة من صاحب العمل ‪ ،‬إذا كانت األفعال التى يقوم بها تتصل بأغراض‬
‫صنعة العمل أو أعماله(‪.)8‬‬
‫نص القانون على إستحقاق العامل للتعويض حيث جاء فيه(‪:)11‬‬ ‫وقد َّ‬
‫ُ‬
‫‪ . 1‬يدفع صاحب العمل للعامل الذى أصيب إصابة عمل تعويضا ً وفقا ً ألحكام هذا القانون أو‬
‫وفقا ً ألى شروط أفضل ‪.‬‬
‫‪َّ . 2‬ل يكون العامل مستحقا ً ألى تعويض بموجب هذا القانون على أى إصابة تنشأ عن سوء‬
‫تصرف خطير ومقصود من جانب ذلك العامل ما لم تؤد تلك اإلصابة الى الوفاة أو عجز َّل تقل‬ ‫ُّ‬
‫نسبته عن ‪. %40‬‬
‫نص القانون على التعويض عن وفاة العامل المصاب ‪ ،‬و التعويض فى حالتى العجز‬ ‫وقد َّ‬
‫الكلى والعجز الجزئى على النحو اآلتى بيانه ‪:‬‬
‫‪ . 1‬إذا توفى العامل بسبب إصابة العمل فيدفع صاحب العمل الى أفراد العائلة تعويضا ً يساوى‬
‫األجر اليومى للمتوفى وقت حدوث اإلصابة عن تسعمائة يوم(‪. )12‬‬
‫‪ . 2‬إذا أدت إصابة العمل الى عجز كلى فيكون مقدار التعويض مبلغا ً مساويا ً ألجر العامل وقت‬
‫حدوث اإلصابة عن ألف ومائتين وستين يوما ً (‪.)13‬‬
‫‪ . 3‬أ ‪ .‬إذا أدت اإلصابة الى عجز جزئى فيكون مقدار التعويض حسب نسبة العجز الجزئى من‬
‫مقدار التعويض المستحق فى حالة العجز الكلى ‪.‬‬
‫ب ‪ .‬إذا تسبب الحادث الواحد فى أكثر من إصابة فيجب أن تجمع التعويضات التى تمنح بموجب‬
‫أحكام هذا القانون بالنسبة الى كل إصابة على أَّل تزيد تلك التعويضات فى مجموعها عن مقدار‬
‫التعويض الواجب دفعه فى حالة العجز الكلى الناشئ عن تلك اإلصابات(‪. )14‬‬
‫نظام العمل السعودى ورد فيه(‪:)15‬‬
‫‪ . 1‬إذا نتج عن اإلصابة عجز دائم كلى ‪ ،‬أو أدت اإلصابة الى وفاة المصاب ‪ ،‬فللمصاب أو‬
‫المستحقين عنه الحق فى تعويض يقدَّر بما يعادل أجره لمدة ثالث سنوات بحد أدنى قدره أربعة‬
‫وخمسون ألف لاير ‪.‬‬
‫فإن المصاب يستحق تعويضا ً معادَّلً لنسبة ذلك‬ ‫‪ . 2‬أما إذا نتج عن اإلصابة عجز دائم جزئى ‪َّ ،‬‬
‫العجز المقدَّر ‪ ،‬وفقا ً لجدول دليل نسب العجز المعتمد ‪ ،‬مضروبةً فى قيمة تعويض العجز الدائم‬
‫الكلى ‪.‬‬
‫المشرع السودانى والسعودى فى هذه المواد كيفيَّة تقدير التعويض المستحق‬ ‫ِّ‬ ‫حدد ك ٌل من‬
‫للعامل المصاب بعجز دائم سواء أكان هذا العجز كليَّا ً أو جزئيا ً بشرط أن يكون هذا العجز كما‬
‫تقدَّم نتيجة إصابة عمل ‪ ،‬فإذا تسببت هذه اإلصابة فى إحداث عجز دائم كلى للعامل أو نتج عنها‬
‫وفاة المصاب ‪ ،‬فيكون للمصاب الذى ثبت عجزه أو المستحقين عنه فى حالة وفاته الحق فى‬
‫(‪)14‬‬ ‫تعويض يجرى حسابه بالكيفيَّة التى وردت فى ِّكال القانونين ‪ ،‬فى ذات الوقت نجد َّ‬
‫أن القانون‬
‫نص عليها عقد العمل إذا تض َّمن‬ ‫السودانى قضى بأن يتم حساب التعويض وفقا ً للشروط التى َّ‬
‫ونص عليها القانون ‪ .‬أما إذا كانت اإلصابة نتيجة عن سوء تصرف‬ ‫َّ‬ ‫شروط أفضل من تلك التى‬
‫أن العامل تع َّمد إصابة نفسه‪ ،‬فأنه فى‬ ‫خطير أوسلوك أرعن مقصود من جانب العامل ‪ ،‬أى َّ‬
‫(‪)14‬‬
‫‪.‬‬ ‫صت عليه مواد القانون‬ ‫الحالة َّل يستحق التعويض الذى ن َّ‬

‫]‪[10‬‬
‫تقدير نسبة العجز ‪:‬‬
‫القانون(‪ )11‬أوجب عند تقدير نسبة العجز مراعاة المادة (‪ )4/13‬من قانون القمسيون‬
‫الطبى لسنة ‪1974‬م ‪ ،‬إذ يقوم القمسيون الطبى العام بتقدير نسبة العجز وإثبات أنواعه فى‬
‫حاَّلت إصابت العمل واألمراض المهنيَّة ‪ ،‬وتقدَّر نسبة العجز وفقا ً ألحكام الفصل السابع من‬
‫َّلئحة القمسيون الطبى لسنة ‪1974‬م ((ت َّم إلغاء قانون القمسيون الطبى لسنة ‪1974‬م بموجب قانون‬
‫القمسيون الطبى القومى لسنة ‪2008‬م ‪ ،‬وكانت المادة (‪ )4/13‬المشار اليها تتعلق بتقدير نسبة العجز وإثبات‬
‫أنواعه ‪ ،‬ولم يرد فى قانون القمسيون الطبى القومى لسنة ‪2008‬م أى نص يتناول نسبة العجز وإثبات أنواعه‬
‫نص على اإلبقاء على اللوائح والقواعد ‪ ،‬وبالتالى تعتبر الالئحة التى تتض َّمن النسب‬
‫‪ ،‬ولكن عند إلغاء القانون َّ‬
‫ساريَّة ))‪.‬‬
‫نسبة العجز وأنواعه جاءت فى أورنيك وزارة الصحة اإلتحاديَّة ‪ ،‬القمسيون الطبى أورنيك‬
‫نمرة (‪ )2‬الصادر بموجب أحكام الفصل السابع من َّلئحة القمسيون الطبى لسنة ‪1974‬م حيث‬
‫حددت الالئحة جدول النسب المئويَّة للعجز أو العاهة الناتجة عن الحادث أو اإلصابة كما يلى‪:‬‬

‫العجز الكامل ‪: %100‬‬


‫‪ . 1‬فقد عضوين ‪.‬‬
‫‪ . 2‬فقد اليدين أو جميع األصابع و ِّكال اإلبهامين ‪.‬‬
‫‪ . 3‬فقد النظر كليَّا ً ‪.‬‬
‫‪ . 4‬الشلل الكلى ‪.‬‬
‫‪ . 5‬اإلصابة التى ينجم عنها إلزام الفراش بصفة مستديمة ‪.‬‬
‫‪ . 6‬فقد العين الباقية لعامل بعين واحدة ‪.‬‬
‫‪ . 7‬فقد الزراع لعامل أو موظف بزراع واحدة ‪.‬‬
‫‪ . 8‬فقد الرجل الواحدة لعامل أو موظف برجل واحدة ‪.‬‬
‫‪ . 9‬إصابة الدماغ مصحوبة أو غير مصحوبة بكسر عظام الرأس إذا نتج عنها جنون عام‬
‫يستدعى العالج بمستشفى أو مصحة األمراض العقليَّة ‪.‬‬
‫‪ . 10‬نزيف مخى مصحوب بشلل غير قابل للشفاء ‪.‬‬
‫‪ . 11‬إصابة بالدماغ مع شلل نصفى غير تام مصحوب بفزيا ‪.‬‬
‫‪ . 12‬إصابة بالسلسلة الفقريَّة نتج عنها شلل الطرفين أو األطراف ‪.‬‬
‫(‪)20‬‬
‫ألى شخص‬ ‫تلك هى الحاَّلت التى تعتبر نسبة العجز فيها كاملة ‪ ،‬وكفلت الالئحة‬
‫تضرر من قرار اللجنة ‪ ،‬أن يتقدَّم بطلب للسيد الوزير الصحة إلعادة النظر فى القرار ‪ ،‬على أن‬
‫يتم ذلك خالل شهر من تاريخ صدور قرار اللجنة ‪.‬‬
‫العجز اجلزئى ‪:‬‬
‫ويتم حسابه بمقدار التعويض حسب نسبة العجز الجزئى من مقدار التعويض المستحق فى‬
‫حالة العجز الكلى(‪. )14‬‬
‫سقوط احلق فى التعويض ‪:‬‬
‫تعرض إلصابة عمل أن يقدِّم طلب التعويض بنفسه أو‬ ‫القانون(‪ )18‬أوجب على العامل الذى َّ‬
‫بواسطة أحد أفراد عائلته ‪ ،‬خالل مدة َّل تزيد عن سنتين من تاريخ وقوع الحادث الذى أدى الى‬
‫]‪[11‬‬
‫اإلصابة ‪َّ ،‬ل بعد العالج أو أثناءه ‪ .‬إذا لم يقم العامل أو أى شحص من أفراد عائلته باإلبالغ‬
‫يسقط حقه فى التعويض بإستثناء ثالث حاَّلت ‪:‬‬
‫أن صاحب العمل كان يعلم بالحادث الذى نتجت عنه اإلصابة فى مدة َّلتجاوز‬ ‫‪ . 1‬إذا ثبت َّ‬
‫شهرين من تاريخ وقوع ذلك الحادث ‪.‬‬
‫ع ِّل َم بوقوع الحادث بوقت معقول ‪.‬‬‫أن صاحب العمل َ‬ ‫‪َّ . 2‬‬
‫أن عدم اإلبالغ أو المطالبة يرجع الى سبب مقبول لدى المحكمة ‪.‬‬ ‫‪ . 3‬إذا ثبت َّ‬
‫قررت بأنَّه " تنقضى دعوى التعويض عن إصابات العمل‬ ‫)‬‫‪31‬‬‫(‬
‫وفى قضاء للمحكمة العليا‬
‫بمضى سنتين من تاريخ وقوع الحادث الذى نتجت عنه إصابة العمل وذلك دون إعتبار لفترة‬
‫وأن مدة التقادم فى هذه الحالة َّل تقوم على مجرد قاعدة إجرائيَّة شكليَّة يمكن تجاوزها‬ ‫العالج ‪َّ ،‬‬
‫شرع " ‪.‬‬ ‫ألى سبب من األسباب بل تقوم على قاعدة موضوعيَّة ثابتة قررها ال َّ‬

‫املبحث الرابع‬
‫حقوق العامل املصاب‬
‫وفق ًا لقواعد املسؤوليَّة التقصرييَّة‬
‫المسؤوليَّة التقصيريَّة تأتى نتيجة لإلخالل بإلتزامات وواجبات يفرضها القانون وإستوجب‬
‫أن القانون يوجب على اإلنسان‬ ‫مراعاتها حيث يترتب على عدم مراعاتها أضرارا ً للغير ‪ ،‬إذ َّ‬
‫عدم اإلضرار بغيره ‪ ،‬فإن وقعت تلك األفعال الضارة حتى وإن لم يقصدها الفاعل يتوجب عليه‬
‫تحمله إلتزامات وإن لم يقصدها ‪ ،‬إَّل أنَّه يلزمه جبرها‬‫تح ُّمل تبعتها وتصبح فى ذمته ‪ ،‬ومن ث َّم ِّ‬
‫وهذه ما تسمى باإللتزامات غير اإلدراديَّة(‪. )9‬‬
‫فى بعض األحايين قد تقع إصابة العمل فى مكان العمل من شخص غير صاحب العمل‬
‫يتعرض العامل إلصابة نتج عنها كسر ساقه بسبب‬ ‫َّ‬ ‫مما يرتب فى ذمته مسؤوليَّة ‪ .‬مثال ذلك أن‬
‫شخص غير‬
‫ٍ‬ ‫رجوع شاحنة تقوم بتفريغ أغراض خاصة بالعمل ‪ .‬فالكسر ت َّم بمكان العمل من‬
‫صاحب العمل ‪ .‬هنا يثور سؤال ‪ :‬هل يجوز لذلك العامل أن يرجع على ذلك الشخص الذى‬
‫سبب له الضرر؟ وهل يجوز له الجمع بين التعويضين ‪ ،‬تعويض من صاحب العمل وتعويض‬
‫من ذلك الغير ؟‬
‫القانون السودانى جاء فيه ‪ :‬إذا حدثت أصابة العمل التى يستحق عليها التعويض بموجب‬
‫أحكام هذا القانون فى ظروف يترتب عليها مسؤوليَّة قانونيَّة بأن يدفع أى شخص آخر غير‬
‫صاحب العمل تعويضا ً عن األضرار الناشئة عن اإلصابة ‪:‬‬
‫أ ‪ .‬يجوز للعامل أن يتخذ إجراءات طلب التعويض ضد ذلك الشخص عن األضرار التى حدثت‬
‫له ‪ ،‬وضد أى شخص آخر يكون ملزما ً بدفع تعويض ‪ ،‬على أَّل يجوز الجمع بين التعويض عن‬
‫تلك األضرار والتعويض بموجب أحكام هذا القانون ‪.‬‬
‫ب ‪ .‬إذا كان العامل المصاب قد حصل على تعويض منه بموجب أحكام هذا القانون ‪ ،‬فيجوز‬
‫طلب منه دفع التعويض بموجب أحكام المادة (‪)25‬‬ ‫لصاحب العمل دفع التعويض ألى شخص ُ‬
‫أن يرجع بقيمة المبالغ المستحقة بموجب أحكام هذا القانون التى دفها على الشخص الملزم‬
‫بها(‪. )22‬‬

‫]‪[12‬‬
‫أن القانون السودانى أعطى العامل المصاب الحق فى أن يرجع على‬ ‫من النص المتقدِّم نجد َّ‬
‫الشخص ا لذى سبب له الضرر غير صاحب العمل ويطالبه بالتعويض ‪ ،‬ولكن َّل يحق له الجمع‬
‫بين التعويض الناشئ عن اإللتزام الناشئ عن العقد بين صاحب العمل والعامل ‪ ،‬والتعويض‬
‫صا ً مشابه لما جاء‬ ‫المترتب عن الفعل الذى سبب الضرر للعامل ‪ .‬فى النظام السعودى لم أجد ن َّ‬
‫فى القانون السودانى ‪.‬‬
‫وإصابة العمل التى تحدث ألى عامل أو تكون راجعة الى إهمال ‪ ،‬أو فعل متع َّمد من‬
‫صاحب العمل أو أحد األشخاص الذين يعملون لديه ومسؤوَّلً عن أعمالهم أو تقصيرهم ‪ ،‬يمنح‬
‫العامل الحق فى رفع دعوى مدنيَّة ويكون للعامل الحق فى الحصول على تعويض عن األضرار‬
‫التى لحقت به من صاحب العمل (‪. )4‬‬
‫أن الضرر يتم جبره فحسب ‪ ،‬وهذا يعنى أنَّه َّل يحق للشخص إذا ما‬ ‫الثابت فقها ً وقضا ًء َّ‬
‫قُضى له بالتعويض وفقا ً لقواعد أى من المسئوليتين ‪ ،‬أن يقوم بالمطالبة مرة أخرى بمقتضى‬
‫القواعد األخرى ‪ ،‬إذ مفاد ذلك حصوله على أكثر مما لحقه من أضرار ‪ ،‬بينما األصل هو جبر‬
‫أن ذلك الجمع قد نبذته كل اآلراء الفقهيَّة ‪ ،‬أن كان يقصد به المقاضاة بأى‬ ‫الضرر فحسب ‪ .‬كما َّ‬
‫من المسئوليتين إذا خسر إحدهما نظرا ً لتجافى ذلك مع مبدأ حجيَّة األمر المقضى ‪.‬‬
‫أما القضاء نجده لم يقطع برأى مو َّحد فى ذلك الشأن ‪ ،‬فبينما نجد منها ما َّل يقر مبدأ الجمع‬
‫‪ ،‬ذهب بعضها الى عكس ذلك ‪ ،‬ما يذهب الى إمكان الجمع بين المسئوليتين ‪.‬‬
‫فقد جاء ‪ ( :‬بأنَّه َّل يجوز المطالبة بتعويض وفقا ً ألحكام المسئوليَّة التقصيريَّة وذلك حيث‬
‫كان سبب الدعوى هو اإلخالل بالعقد(‪ ، ))28‬بينما قضاء آخر(‪ )29‬ذهب الى إمكان ذلك الجمع‬
‫أن المدعى له الحق على‬ ‫حيث جاء فيه ‪ ( :‬القاعدة التى تقوم عليها المسئوليَّة التقصيريَّة ‪ ،‬هى َّ‬
‫المدعى عليه الذى يتو َّجب عليه إتخاذ الحذر والحيطة بحيث إذا أخ َّل المدعى عليه بذلك الواجب‬
‫فأن ذلك يعتبر سببا ً لتحقيق المسئوليَّة ‪ .‬والمسئوليَّة‬ ‫‪ ،‬مما ترتب عليه وقوع الضرر للمدعى َّ‬
‫التقصيريَّة هى تقوم الى جانب المسئوليَّة العقديَّة على الرغم من أنَّها نشأت سبب العالقة‬
‫التعاقديَّة بين الطرفين ) ‪.‬‬
‫المحكمة العليا حسمت األمر فى قضيَّة حامد محمد حسن ضد ورثة عليَّة حيث قررت عدم‬
‫إن الجمع يعنى تمكين المدعين باألخذ‬ ‫الجمع بين المسئوليتين وجاء فى حكمها تبريرا ً لذك ‪َّ ( :‬‬
‫فإن اإللتزام يكون‬ ‫بما يختاروه من خصائص كل مسئوليَّة وهذا َّل يجوز ‪ ،‬ففى حالة وجود عقد َّ‬
‫فى الحدود التى رسمها هذا العقد وليس للمتعاقد اللجؤ الى المسئوليَّة التقصيريَّة ‪ .‬أما حيث كان‬
‫اإللتزام من النوع الذى يفرضه ك ٌل من العقد والقانون فيكون عندئذ للطرف المتضرر الخيار‬
‫بين المسئوليتين)(‪ . )30‬كما برر ذلك الحكم عدم جواز الجمع باإلضافة الى ما تقدَّم ‪ ،‬بأنَّه يرجع‬
‫الى إختالف طرق إثبات الخطأ فى الحالتين ‪ ،‬فيبنما يقع إثباته على المدعى فى دعوى العقد ‪،‬‬
‫فإن دعوى المسئوليَّة التقصيريَّة تقوم على خطأ مفترض يتعيَّن على المدعى عليه نفيه ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫تعرض لإلصابة‬ ‫خالصة القول نجد أنه الثابت فقها ً وقضا ًء وقانونا ً ‪ ،‬أنَّه يجوز للعامل الذى َّ‬
‫شخص غير صاحب العمل ‪ ،‬أن يرجع على ذلك الشخص مطالبا ً بالتعويض ع َّما لحقه من‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫ضرر ‪ ،‬غير أنَّه َّل يجوز له أن يجمع بين المسئوليَّة العقديَّة والمسئوليَّة التقصيريَّة ‪ ،‬إذ َّ‬
‫أن‬
‫المطلوب هو جبر الضرر فحسب ‪ ،‬وأنَّه بالخيار باألخذ بأى منهما ‪ .‬وفى حالة األخذ بالمسئوليَّة‬
‫العقديَّة يحق لصاحب العمل بعد دفع مبلغ التعويض أن يرجع على ذلك الشخص الذى سبب‬
‫اإلصابة للعامل بالمبلغ الذى ت َّم دفعه ‪.‬‬
‫]‪[13‬‬
‫فى تقديرى وحتى َّل يفقد العامل المصاب حقه فى التعويض أن يأسس دعواه على كل ما‬
‫يوصله الى ما يريد عن طريق الطلب اإلحتياطى فى الدعوى المرفوعة ‪ ،‬بمعنى له أن يرفع‬
‫دعواه مستندا ً على أسباب عقديَّة وإحتياطا ً على أسباب تقصيريَّة مشمولين فى ذات عريضة‬
‫الدعوى ‪ ،‬بحيث إذا ثبت حقه إستنادا ً على األسباب العقديَّة إستغنت المحكمة عن الخوض فى‬
‫فإن الفرصة متاحة له فى ذات الدعوى‬‫األسباب التقصيريَّة ‪ ،‬بينما إذا فشل فى الدفع األساسى ‪َّ ،‬‬
‫إلثبات ما يطالب به إحتياطيَّا ً أى إستنادا ً على األسباب التقصيريَّة ‪.‬‬
‫اخلامتة ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬النتائج ‪:‬‬
‫‪ .1‬أصابة العمل هى تلك اإلصابة التى تقع للعامل وهو يؤدى عمله مع وجود عالقة سببيَّة‬
‫بين العمل والحادث ‪ ،‬ويلزم لتحققها أن تكون تلك اإلصابة هى التى نتج عنها الضرر‬
‫وأَّل يكون العامل تع َّمد إصابة نفسه ‪.‬‬‫للعامل ‪َّ ،‬‬
‫نص عليها القانون يعطى لصاحب العمل‬ ‫‪ . 2‬عدم إتباع العامل المصاب لإلجراءات التى َّ‬
‫الحق فى وقف صرف األجر الذى يتقاضاه العامل ‪ ،‬ذلك ألنَّه فى حالة إنقطاع عن العمل‬
‫‪ ،‬كما يفقده حقه فى التعويض ‪.‬‬
‫‪ .2‬التشريع السودانى إعتبر ما يدفع للعامل أجر ‪ ،‬بينما أطلق عليها التشريع السعودى‬
‫معنى يختلف عن اآلخر‪ ،‬فاألجر مستحق والمعونة قد تأتى‬ ‫ً‬ ‫مسمى معونة ‪ ،‬ولك ٌل منهما‬
‫التبرع ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫على سبيل‬
‫نص عليها عقد‬ ‫َّ‬ ‫‪ . 3‬القانون السودانى قضى بأن يتم حساب التعويض وفقا ً للشروط التى‬
‫ونص عليها القانون ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫العمل إذا تض َّمن شروط أفضل من تلك التى‬
‫‪ . 4‬مدة التقادم فى حالة عدم قيام العامل باإلبالغ عن إصابة العمل َّل تقوم على مجرد قاعدة‬
‫إجرائيَّة شكليَّة يمكن تجاوزها ألى سبب من األسباب بل تقوم على قاعدة موضوعيَّة ثابتة‬
‫شرع ‪.‬‬ ‫قررها ال َّ‬
‫شخص غير صاحب العمل ‪ ،‬أن يرجع على‬ ‫ٍ‬ ‫تعرض لإلصابة من‬ ‫‪ . 5‬يجوز للعامل الذى َّ‬
‫ذلك الشخص مطالبا ً بالتعويض ع َّما لحقه من ضرر ‪ ،‬غير أنَّه َّل يجوز له أن يجمع بين‬
‫أن المطلوب هو جبر الضرر فحسب ‪.‬‬ ‫المسئوليَّة العقديَّة والمسئوليَّة التقصيريَّة ‪ ،‬إذ َّ‬
‫ثانيَّاً ‪ :‬التوصيات ‪:‬‬
‫أن يتم النص بأن يقوم العامل أو من ينوب عنه باإلبالغ فقط عن تلك اإلصابة التي‬ ‫‪.1‬‬
‫تقع خارج مكان العمل ‪ ،‬ألن اإلصابة التي تقع داخل مكان العمل يفترض علم‬
‫صاحب العمل بها من واقع يومية األحوال‪.‬‬
‫القانون ألزم العامل الذي يتعرض إلصابة عمل أن يقدِّم طلب التعويض بنفسه ‪ ،‬أو‬ ‫‪.2‬‬
‫بواسطة أحد أفراد عائلته‪ .‬أوصى بأن تعدَّل عبارة "أوبواسطة أحد أفراد عائلته" ‪،‬‬
‫ويستعاض عنها بعبارة " أومن ينوب عنه"‪.‬‬
‫املصادر واملراجع ‪:‬‬
‫‪ .1‬القرآن الكريم ‪.‬‬
‫‪ .2‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ‪.‬‬
‫]‪[14‬‬
‫‪ .3‬السنن الكبرى للبيهقي ‪ ،‬ج ‪.8‬‬
‫‪ .4‬د ‪ .‬حيدر أحمد دفع هللا ‪ ،‬عقد العمل والتأمينات اإلجتماعيَّة فى السودان ‪2007 ،‬م ‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ .5‬د ‪ .‬أسامة عطية محمد عبد العال ‪ ،‬الوجيز فى نظام العمل السعودى ‪ ،‬مكتبة الرشد ‪،‬‬
‫‪2014‬م ‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .6‬د ‪ .‬مهدى أحمد عبد القادر ‪ ،‬شرح قانون العمل ‪ ،‬بدون ‪1999 ،‬م ‪ ،‬ط‪. 1‬‬
‫‪ .7‬د‪ .‬السيد محمد السيد عمران ‪ ،‬شرح قانون العمل الكويتى ‪ ،‬وحدة التأليف والنشر ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق ‪1997 ،‬م ‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .8‬أ‪.‬د‪ .‬حاج آدم حسن الطاهر ‪ ،‬موسوعة قوانين العمل والتأمينات اإلجتماعيَّة ‪2013 ،‬م ‪،‬‬
‫ط‪. 1‬‬
‫‪ .9‬أ ‪.‬د‪ .‬محمد الشيخ عمر دفع هللا ‪ ،‬اإللتزامات غير اإلدرادية ‪2007،‬م ‪،‬ط‪. 1‬‬
‫‪ .10‬د ‪ .‬حيدر أحمد دفع هللا ‪ ،‬إصابات العمل والتأمينات اإلجتماعيَّة ‪2007،‬م ‪ ،‬ط‪. 1‬‬
‫القوانني‪:‬‬
‫‪ .11‬قانون إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪. )10‬‬
‫‪ .12‬قانون إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪. )12‬‬
‫‪ .13‬قانون إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المدة (‪. )13‬‬
‫‪ .14‬قانون إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المدة (‪. )14‬‬
‫‪ .15‬قانون نظام العمل السعودى لسنة ‪1425‬هـ ‪ ،‬المادة (‪. )138‬‬
‫‪ .16‬قانون إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪ ، )10‬قانون العمل السعودى لسنة‬
‫‪1425‬هـ ‪ ،‬المادة (‪. )139‬‬
‫‪ .17‬قانون إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪. )18‬‬
‫‪ .18‬قانون إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪. )9‬‬
‫‪ .19‬قانون التعويض عن إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪. )24‬‬
‫‪َّ .20‬لئحة القمسيون الطبى لسنة ‪1974‬م ‪ ،‬المادة (‪. )13‬‬
‫‪ .21‬الالئحة التنفيذيَّة لقانون التأمين اإلجتماعى لسنة ‪2004‬م ‪ ،‬المادة (‪. )32‬‬
‫‪ .22‬نظام العمل السعودى لسنة ‪ 1425‬هـ ‪ ،‬المادة (‪. )34‬‬
‫‪ .23‬قانون التعويض عن إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪) 8‬‬
‫‪ .24‬قانون التعويض عن إصابات العمل لسنة ‪1981‬م ‪ ،‬المادة (‪) 7‬‬
‫‪ .25‬نظام العمل السعودى لسنة ‪1425‬هـ ‪ ،‬المادة (‪)37‬‬
‫‪ .26‬قانون العمل السعودى لسنة ‪ 1425‬هـ ‪ ،‬المادة (‪)141‬‬
‫‪ .27‬قانون العمل لسنة ‪1997‬م السودانى ‪ ،‬المادة (‪)92‬‬
‫الدوريات ‪:‬‬
‫‪ .28‬مجلة األحكام القضائية لسنة ‪1975‬م‬
‫‪ .29‬مجلة األحكام القضائيَّة لسنة ‪1995‬م‬
‫‪ .30‬مجلة األحكام القضائيَّة لسنة ‪1977‬م‬
‫‪ .31‬مجلة األحكام القضائية لسنة ‪1996‬م ‪.‬‬
‫]‪[15‬‬
‫‪ .32‬مجلة األحكام القضائية لسنة ‪2012‬م ‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫]‪[16‬‬

You might also like