Professional Documents
Culture Documents
الحماية القانونية للأجر في ظل التشريع الجزائري
الحماية القانونية للأجر في ظل التشريع الجزائري
بن قو أمال
أستاذة محاضرة صنف"ب "
إذا كان األجر يكمن في القيمة المالية التي يلتزم المستخدم 1بدفعها للعامل مقابل الجهد أو العمل
الذي يقدمه ،فان استحقاقه له ،أصبح يلقى تعارض مع بعض مصالح ،صاحب العمل ،إذ تقوم بعض
المؤسسات الصناعية والتجارية بمخالفة القوانين بما تملكه من قوة مؤثرة في اقتصاد الدولة على حساب
الطبقة العمالية بهدف تحقيق استمرارية انتعاش وضعها االقتصادي.
تقوم هذه المؤسسات أيضا ،باستغالل هذه السلطة بهدف استمرار إنتاجيتها دون مراعاة ظروف
العمل والحقوق األساسية وأهمها الحق في األجر باعتباره مصدر رزق 2للعامل ووسيلة لضمان حية
كريمة له وألسرته ،والجزائر على غرار تشريعات الدول األخرى ،تفطنت إلى هذه المسالة وحاولت أن
تعطي لألجر قدرا من الحماية في تشريع العمل الجزائري ،باعتباره الركن األساسي في عقد العمل
وأساس استمرار عالقة العمل ،فما هي الحماية القانونية التي سنها المشرع الجزائري لحماية اجر
العامل ؟ وما مدى سلطة صاحب العمل في توقيع جزاءات على اجر العامل؟ كل هذه التساؤالت سنحاول
أن نجيب عنها من خالل ما يلي :
إن المشرع الجزائري ،حاول حماية اجر العامل من خالل عدة مبادئ كرسها في قانون العمل وقانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية ،وهذه المبادئ تتجلى فيما ما يلي :
أوال .مبدأ امتياز أجور العمال عن بقية الديون
ثانيا .مبدأ عدم قابلية الحجز على الكتلة األجرية
ثالثا :مبدأ بطالن التنازل عن األجر
1
احمد زكي بدوي ،نظام األجور والحوافز ،دار النهضة بيروت ،ص .18
2
منتدى األوراس القانوني ،محاضرات في قانون العمل2010 ،
sciencesjuridiques.ahlamontada.net
3
سمار نصر الدين ،الحماية القانونية لألجور في حالة إفالس صاحب العمل ،جيجل ،ص.242
4
راجع القانون المدني ،طبعة جديدة ،2010دار الجزيرة للنشر والتوزيع ،ص .185-184
إن هذه المادة ،ما يالحظ منها ،هو أنها أدخلت حق االمتياز للعامل ضمن حق االمتياز العام الذي
تقتصر أولويته على استفاء العامل حقه من األموال الموجودة في ذمة صاحب العمل وقت التنفيذ
فقط ،وعند عدم كفايتها تبقى أجور العمال دون وفاء.
ولكن من جهة أخرى أشار المشرع الجزائري إلى حق العامل في االمتياز الخاص ،أي :
بأن يتصدر ويسبق دين األجر كل الديون الممتازة األخرى ،وهذا من خالل المادة 89من قانون
،11/90التي أكدت على أفضلية دفع األجور وتسبيقاتها المستحقة للعامل من طرف المستخدم ولكن من
الناحية العملية ،نجد أن حق االمتياز قد ال تكون له فعالية ،ونظرا ألنه قد ال تكون للمؤسسة أصول
تغطي كل األجور ،كما انه قد تستغرق إجراءات التنفيذ وقتا طويال يتعارض مع الطابع المعيشي
لألجر ،كما ال يمتد االمتياز إلى دين األجر الناشئ بعد اإلفالس.
ثانيا .الحجز على الكتلة األجرية
العمل لنا حدود سلطة 5صاحب األجرية ،تظهر الحجز على الكتلة في
في إيقاع جزاءات مالية على العامل ،تتعلق أساسا باألجر ،وهذا سنقدم بعض الفرضيات التالية :
الفرضية األولى.
في حالة ما إذا تسبب العامل بضرر للهيئة المستخدمة ،هل يجوز لصاحب العمل أن يحجز على اجر
العامل الستفاء التعويض عما لحق المؤسسة من ضرر من جراء خطا العامل ؟
الفرضية الثانية.
في حالة ما إذا صاحب العمل أقام عالقة تعاقدية مع العامل خارج إطار عالقة العمل ،وأصبح دائن
لهذا األخير ،أي العامل ،هل يجوز له أن يحجز على األجر الستفاء دينه ؟
الفرضية الثالثة.
إذا أصبح العامل دائن للغير ،فهل يمكن لهذا األخير ،أن يحجز على آجره الستفاء دينه ؟
إن المشرع الجزائري ،أجاب عن هده المسالة من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية في الفصل
السابع ،وفقا للمواد من 775إلى ،782حيث انه سمح بالحجز على األجور ،و لكن قيد هدا الحجز بعدة
شروط :
-أن يتم الحجز بموجب سند تنفيذي وفي حدود النسب المذكورة في المادة 776من نفس القانون.
-اال يجوز الحجز على المنح العائلية
-ال يجوز أن يتجاوز الحجز نصف األجر.
كما انه سمح أن يكون الحجز على األجر بقيمة النفقة الغذائية إذا ما تعلق األمر بنفقة غذائية للقصر
أو الوالدين 6أو الزوجة ......الخ -المادة ،-777وهذا نظرا ألهميتها ،وطابعها اإلستعجالي لصالح
مستحقيها.
ما هي النسب المحددة للحجز على األجر ؟ ،هنا نجد المادة 776من قانون اإلجراءات 7المدنية
واإلدارية التي نصت على ما يلي :
%10إذا كان المرتب الصافي يساوي أو اقل عن قيمة األجر األدنى المضمون.
5
عبد السالم ذيب ،قانون العمل والتحوالت االقتصادية ،دار القصبة للنشر ، 2003ص.146
6عبيدي الشافعي ،قانون األسرة ،دار الهدى عين المليلة ،الجزائر ،2005ص.50-49
7
راجع في هذا الشأن ،الفصل السابع في الحجز على األجور والمداخيل والمرتبات ،الجريدة الرسمية العدد.21
المضمون ويساوي يفوق قيمة األجر األدنى كان المرتب الصافي % 15إذا
أو يقل عن ضعف قيمته.
% 20إذا كان المرتب الصافي يفوق ضعف األجر األدنى المضمون ويساوي أو يقل بثالث مرات عن
قيمته.
% 25إذا كان المرتب الصافي يفوق ثالث مرات قيمة األجر األدنى المضمون ويساوي أو يقل بأربع
مرات عن قيمته.
% 30إذا كان المرتب الصافي يفوق أربع مرات قيمة األجر األدنى المضمون ويساوي أو يقل بخمس
مرات عن قيمته.
ثالثا .مبدأ التنازل عن األجر :
هنا لتوضيح هدا المبدأ ،يمكن أن نطرح الفرضيات التالية :
الفرضية األولى :
إذا تحصل العامل على منفعة أو مصلحة شخصية من رب العمل ،فهل يمكن له ان يتنازل عن كل
األجر أو جزء منه لصالح صاحب العمل؟
الفرضية الثانية :
إذا تحصل العامل على منفعة أو مصلحة شخصية من شخص 8أجنبي خارج إطار عالقة العمل ،فهل
يمكن له أن يتنازل عن كل األجر أو جزء منه لصالحه ؟
الفرضية الثالثة :
إذا كان على العامل دين لصاحب العمل ،هل يمكن إجراء المقاصة على األجر ؟
إن من أهم األحكام التي يقوم عليها اآلجر هي دفعه بانتظام عند حلول اجله من قبل صاحب العمل.
إلى هذه النقطة ،ولكن بالرجوع صراحة لم يتطرق المشرع الجزائري
إلى المادة 136من قانون ،11/90نجد أنها أكدت على أن ،كل بند مخالف لألحكام التشريعية
والتنظيمية السارية يعد باطال وعديم األثر ،ونص أيضا في المادة 88من قانون ،11/90على أن تنازل
العامل 9لفائدة صاحب العمل عن األجر يعتبر باطال وعديم األثر ،ولو كان برضاه أو بمقابل منفعة أو
مصلحة.
لكن استثناءا.
-يمكن اقتطاع جزئي لألجر ،ودفعه على مراحل مثل حالة العمل المؤقت.
-يمكن إجراء المقاصة على األجر ،ولكن في حدود ضيقة ،10وذلك بالتقيد بالنسب المحددة للحجز على
األجر.
الخــــــــاتمة.
8
همام محمد محمود زهران،قانون العمل ،الدار الجامعية الجديدة ،االسكندرية 2007 ،ص.68
9
،1996 العمل العربية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن، قوانين في يوسف الياس ،محاضرات
ص .125
10
أحمية سليمان ،التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري ،الجزء األول ،ديوان المطبوعات الجامعية ،2002 ،ص.59
إن الحماية القانونية لألجر في التشريع الجزائري ال تظهر فقط من خالل المبادئ المكرسة لهذه
الحماية ،بل أيضا من خالل التدابير التي تضمن الدفع السليم لألجور ،ومنها دفع األجر بصفة
شخصية ومباشرة ،وفي الزمان والمكان العاديين وتسليم قسيمة أو كشف الراتب ،كما أن النصوص
القانونية ال تكفي وحدها إلرساء لهذه الحماية ،بل ال بد أن تتدخل كل الجهات المعنية التي تضمن
تفعيل هذه الحماية ،بداية من المؤسسة ،مرورا بمفتشية العمل ،وصوال إلى المحكمة في حالة فشل
المساعي الودية.