You are on page 1of 13

‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بين السيميائية والتأويل "إيكو" في مواجهة ّ‬


‫املؤولة التداولية‬

‫‪Between :semiotics and hermeneutics ( Eco) in the face of pragmatic‬‬


‫‪interpretative‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫فوزية بوالقندول‪Fouzia Boulkandoul ،‬‬

‫جامعة منتوري قسنطينة‪University of Mentouri Brothers Constantine 1 ،1‬‬

‫‪boulkandoul.fouzia@umc.edu.dz‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تاريخ القبول ‪2021-04-22‬‬ ‫‪2020-10-27‬‬ ‫تاريخ االستالم‬

‫‪282‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملخص‪:‬‬

‫استثمر الناقد اإليطالي "أمبرتو إيكو" مفاهيم عديدة منبثقة عن ظاهراتية "هوسرل" ليؤسس للتأويل ‪ ،‬و مادام التأويل يبحث‬
‫عن املعنى الخفي الذي ال يظهر إال عبر العالمة فإن العالقة بين السيميائية و التأويل متينة جدا‪ ،‬و من هنا أمكننا القول بأن‬
‫(السيميائيات في املقام األول هي نظرية للتأويل)‪ .‬ضمن هذا السياق‪ ،‬يهدف هذا البحث إلى االشتغال على كشف حدود تأثير‬
‫التوجه السيميائي في النموذج الهيرمينوطيقي (التأويلي) بالنسبة لطروحات "إيكو" و من ّ‬
‫ثم الوقوف على مظاهر تجلي‬
‫السيميائيات في نشاط "إيكو" التأويلي‪ .‬كما تبحث هذه الورقة في الكيفية التي جعل بها "إيكو" السيميائية بحثا في شروط اإلنتاج‬
‫و التداول و االستهالك‪ .‬كل هذا و غيره أمكننا من الوصول إلى نتائج أهمها أن التأويل ليس هو الغاية األسمى إليكو بل كينونة هذا‬
‫التأويل في عالقته بالنص "املفتوح"‪.‬‬

‫كلمات مفتاحية‪ :‬العالمة‪ ،‬السميوزيس‪ ،‬التأويل‪ ،‬التداولية‪ ،‬الهرمسية‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬

‫‪The Italian critic Umberto Eco has invested is many concepts emanating from the‬‬
‫‪"Husserle" phenomenon to establish the interpretation, and as long as the‬‬
‫‪interpretation seeks the hidden meaning that appears only through the mark, the‬‬
‫‪relationship between semiotics and interpretation is very strong, hence we can say‬‬
‫‪that (semiotics in the first place is a theory of interpretation). In this context, this‬‬
‫‪research aims to work to explore the limits of the effect of the semiotic orientation in‬‬
‫‪the herminotical model in relation to the "Echo" thesis and then to identify the‬‬
‫‪manifestations of the manifestations of semiotics in echo's interpretive activity. This‬‬
‫‪paper also examines how Eco has made semiotics a research on the terms of‬‬
‫‪production, trading and consumption. All of this and others enable us to reach‬‬
‫‪conclusions, the most important of which is that interpretation is not the supreme‬‬
‫‪purpose of Eko, but the fact that this interpretation is in relation to the "open" text .‬‬

‫‪Keywords: Tag, Semiosis, Interpretation, Pragmatism, Hermetism.‬‬


‫رجل أقل ما يمكن أن يوصف به هو "املوسوعي" فهو روائي وفيلسوف‬ ‫‪.‬مقدمة‪:‬‬
‫ّ‬
‫ومحرر مقاالت وتربوي ومترجم وكاتب سيناريو وناقد أدبي ومشتغل‬
‫لم يكن صاحب أطروحة "فلسفة اللغة" يتوقع ‪-‬وهو في‬
‫على السيميائيات الثقافية؛ كاإلشهار والصورة والسينما واملوضة‬ ‫العقد الخامس من عمره‪ّ -‬‬
‫أن ْ‬
‫وس َم "الروائي" ُ‬
‫سيضاف إلى وسمه‬
‫والفولكلور‪ ،‬كما كان له باع طويل في فلسفة القرون الوسطى‪،‬‬
‫األصلي "السيميائي الفيلسوف"‪ ،‬بعد صدور روايته األولى "اسم‬
‫والثقافة الجماهيرية‪ ،‬إضافة إلى وظيفة "األستاذية" في الجامعة‪.‬‬
‫الوردة" (عام ‪ )1978‬كما ال يتوقع ‪-‬أيضا‪ -‬قارئ "أمبرتو‬
‫إيكو" ‪ )2016-1932(Umberto Eco‬الكيفية التي سيتلقى بها معارف‬

‫‪283‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫"إيكو" على ذاته املعرفية وجعل كل جزء منها في مجال‪ ،‬كان من‬ ‫وعليه‪ ،‬فقد كان ّ‬
‫توجهنا إلى قراءة أحد أعماله البارزة‬
‫الصعب علي بحثه أن يخرج عن إطار املالمسة األفقية للظاهرة‬ ‫"التأويل بين السيميائيات والتفكيكية"‪ ،‬مغامرة حقيقية‪ ،‬إذ ّ‬
‫إن‬
‫السيميائية ّ‬ ‫طروحات "إيكو" في الحقل السيميائي –كونه من أبرز منظري‬
‫ألنه في األصل لم يكن متفرغا للمشروع السيميائي‬
‫وحسب بل خاض غمار التاريخ (القرون الوسطى ّ‬
‫خاصة) واللسانيات‬ ‫السيميائيات املعاصرة‪ -‬متشبعة بالنموذج الهيرمينوطيقي (التأويلي)‬
‫واألدب واألنثروبولوجيا والسينما واملوسيقى والفنون التشكيلية‬ ‫إلى درجة كبيرة‪ ،‬بل ّإنه قد بذل جهودا معتبرة في استثمار املفاهيم‬
‫والشعبية وحتى اإلعالم والصحافة‪ .‬ومن يشغل فكره بكل هذه‬ ‫الهيرمينوطيقية املنبثقة عن فينومينولوجيا "هوسرل" ّ‬
‫حتى يؤسس‬
‫امليادين املعرفية‪ ،‬يكون من الصعب ّ‬
‫جدا‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ّ‬
‫نتجرأ لنقول إنه من‬ ‫لتأويل يبحث في املعنى الخفي الذي ال ينكشف إال عبر العالمة‪.‬‬
‫املستحيل أن تكون كل بحوثه عميقة بالقدر الذي تستقص ي فيه‬
‫ولهذا تحاول هذه الورقة البحثية الغوص في إشكال‬
‫الظاهرة حتى منتهاها‪.‬‬ ‫جوهري مفاده‪ :‬إلى أي ّ‬
‫حد استطاعت طروحات "إيكو" السيميائية أن‬
‫وعلى العكس من ذلك فإن "بورس" قد ّ‬ ‫ّ‬
‫كرس كل حياته‬ ‫تتجلى في نشاطه التأويلي؟ وكيف جمع بين الحقلين السيميائي‬
‫املعرفية ملشروع فكري واحد هو "إرساء دعائم السيميائية"‪ ،‬فغاص‬ ‫والتأويلي في الوقت ذاته الذي كان يشتغل فيه ضمن التداوليات‬
‫فيه إلى العمق حتى صار مرجعيته األولى‪ ،‬وظل يقشر حفرياته إلى أن‬ ‫ّ‬
‫النصية؟؟ و قد جاز لنا أن نؤسس من خالل هذه األسئلة اإلشكالية‬
‫فوصف مشروعه بالوضوح في املعالم ّ‬
‫والدقة‬ ‫أرس ى قواعده وضوابطه ُ‬ ‫فرضية قابلة للمناقشة و املقاربة مفادها النبش في املضامين‬
‫في املسار والضخامة والتعقيد في جهازه االصطالحي‪ .‬وهذا ما يجعلنا‬ ‫السيميائية التي أسهمت في بلورة النشاط التأويلي لدى "إيكو"‪ .‬و عليه‬
‫نعتقد ّ‬
‫بأن "طموح إيكو كان كبيرا حينما حاول أن يضع علما قائما‬ ‫فإن الغاية األساسية لهذا البحث تدور حول حدود تأثير النزعة‬
‫بنفسه للتأويل مستثمرا في ذلك السيميائية والتداولية وفلسفة‬ ‫السيميائية في النموذج التأويلي إليكو و املنبثق عن الهيرمينوطيقا‬
‫اللغة"‪.1‬‬ ‫الهوسرلية بامتياز‪.‬و من أجل تحقيق ممارسة مقارباتية تحاول تلمس‬
‫هذا اإلشكال االبستيمي تتبعت منهجا استقرائيا تحليليا من خالل‬
‫وقد يتساءل سائل‪ :‬ملاذا هذا التأثر بسيميائية "بورس" مع‬
‫ّ‬ ‫التعاطي مع كتاب " التأويل بين السيميائيات و التفكيكية " ألمبرتو‬
‫العالم "فردينان دي سوسير" (‪ )F. De Saussure‬كان على الطرف‬
‫أن ِ‬
‫إيكو ‪.‬‬
‫املقابل من قارة أمريكا (موطن بورس) يشتغل على درس‬
‫"السيميولوجيا" ويرس ي قواعدها؟؟‬ ‫‪".2‬إيكو" داخل عباءة "بورس"*‪:‬‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫نجيب –حسب بساطة املعرفة التي صارت ُملكا ُمشاعا‪-‬‬ ‫قمين بنا أن نشير بداية إلى أن كل طروحات "أمبرتو إيكو"‬
‫ّ ّ‬
‫إن اللغة عند "سوسير" هي "نظام مغلق"‪ ،‬تجمع بين دال‬ ‫فنقول‬ ‫السيميائية قد انبثقت من تنظيرات "شارل سندرس‬
‫ومدلول فقط‪ .‬لكن يغيب "املرجع" في نظريته‪ ،‬بينما تنفتح سيميائية‬ ‫جل ما أنجزه في "البنية الغائبة" ( ‪La‬‬ ‫بورس"‪ ،C.S.Peirce‬ذلك ّ‬
‫أن ّ‬
‫"الدليل" بقطبيه اللساني واألنساقي‪ ،‬وهذا األخير‬‫"بورس" على ّ‬ ‫‪ )structure absente‬أو "العالمة" ( ‪Le signe histoire et analyse‬‬
‫يتضمن األيقونة والرمز واألمارة‪ .‬وهذا أيضا ما عرفناه فيما يطلق‬ ‫‪ )d’un concept‬أو "السيميائية وفلسفة اللغة"‪ ،‬من مفاهيم‬
‫عليه "بالنظرية اإلشارية" حينما أضيف "املرجع" لإلحالة على‬ ‫ومصطلحات من مثل "عتبة السيمياء" و"عالم اإلشارة" و"عالم‬
‫السياقات واملالبسات الخارجية وهذا هو جوهر التأويل الذي ربطه‬ ‫املعنى" و"املرجع" و"نظام الرمز"‪ّ ...‬إنما هو مستوحى من أفكار ورؤى‬
‫"إيكو" بالسيميائية "البورسية" التي تعكس "تصوره لعملية اإلدراك‪،‬‬ ‫"بورس" السيما فيما يتعلق بسيرورة إنتاج الداللة واشتغال‬
‫إدراك الذات‪ ،‬وإدراك اآلخر‪ ،‬إدراك "األنا" وإدراك العالم الذي‬ ‫العالمات‪.‬‬
‫ّ‬
‫تتحرك داخله هذه "األنا""‪ .2‬وليس هذا اإلدراك لألنا واآلخر إال حلقة‬
‫ومع ذلك ينبغي أن نلفت االنتباه إلى مسألة في غاية‬
‫من حلقات التأويل الذي يصبو إليه "إيكو"‪.‬‬ ‫األهمية‪ ،‬وهي ّ‬
‫أن الفرق بين اشتغال "إيكو" على السيميائية وتنظيرات‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫‪ 1.2‬العالمة‪ ،‬املفهوم و التصنيف‪:‬‬ ‫بوس فلسفي وليس‬ ‫"بورس" هو أن "إيكو" قد ظهرت سيميائياته بل ٍ‬
‫أن الفلسفة هي اختصاصه األصلي‪ .‬ونظرا النشطار‬ ‫لسانيا؛ وذلك ّ‬

‫‪284‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وبالحديث عن األنساق العامة‪ ،‬فإن "إيكو" لم ّ‬
‫يقصر في‬ ‫أن العالمة هي لفظة من األصل‬ ‫يرى "أمبرتو إيكو" ّ‬
‫ّ‬
‫الدفاع عن أطروحته الثقافية كونه نقل مفهوم النسق من حقله‬ ‫الالتيني ‪ ، signum‬وهي السمة التمثال‪ ،‬اإلشارة والدليل ويضيف إلى‬
‫اللساني –بوصفه جملة من العناصر اللسانية‪ -‬إلى الحقل الثقافي‬ ‫أن العالمة يمكن أن تدل على أمارات ال حصر لها‪ .‬من أمثلة ذلك‬ ‫ّ‬

‫باقتراحه ملصطلح "الوحدة الثقافية"‪ .‬وترتكز على "أي ش يء يمكن أن‬ ‫نذكر‪:3‬‬
‫يعرف ثقافيا ويميز بوصفه وحدة مستقلة‪ ،‬قد يكون شخصا‪ ،‬مكانا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫* َ‬
‫العرض‪ ،‬السمة‪ ،‬هو ش يء يدرك ويمكن أن نستخلص‬
‫هلو َسة‪ ،‬فكرة‪ ...‬وقد نظر "إيكو"‬ ‫شعورا‪ ،‬حالة ُ‬
‫توج ًّسا بالبشر‪ ،‬خياال َ‬ ‫ً‬
‫منه توقعات واستنتاجات وإشارات خاصة بش يء آخر غائب ومرتبط‬
‫إلى الوحدة الثقافية بوصفها وحدة داللية سيميائية مدمجة في نظام‪،‬‬
‫به كأن تبدو آثار مرض ما على وجه مريض‪ ،‬أو يعبر املريض عن هذا‬
‫قد تجاوز هذا النظام إلى التفاعل بين ثقافتين"‪ .9‬وبهذا يصير النسق‬
‫املرض (عالمات فيزيقية)‪.‬‬
‫الثقافي –حسب إيكو‪ -‬وحدة ثقافية دالة داخل حقل من الوحدات‬
‫يتطابق مع تلك التي تحيل عليها العالمات‪.‬‬ ‫* سمات فيزيقية مثل لطخة‪ ،‬ندبة تسهل التعرف على‬
‫ش يء آخر أو على شخص ما‪.‬‬
‫وقد اعترف "إيكو" في معرض حديثه عن تصنيف العالمات‬
‫ّ‬
‫بفضل جهود "بيرس" عليه‪ ،‬معلال ذلك بما وصفه "بالتصنيف‬ ‫* إيماءات وأفعال تحيل على طريقة في الوجود والفعل‬
‫الشامل‪ ،‬قائال‪" :‬تعود كل التصنيفات التي قدمناها إلى جهات نظر‬ ‫واإلحساس (مثل التعابير‪ :‬عن فرح مثال‪ ،‬أو عالمة خارجية تدل على‬
‫خاصة‪ ،‬بما في ذلك تصنيف بيرس الذي يقدمه لنا باعتباره تصنيفا‬ ‫الثراء والغنى)‪.‬‬
‫شامال ّ‬
‫ولعل بيرس هو املفكر الوحيد الذي حاول تقديم تصنيف عام‬
‫* كل عنصر داخل فعل بصري يحيل على صورة سمعية‬
‫آخذا بعين االعتبار كل جهات النظر‪.10 ""...‬‬
‫أو على كلمة أو مفهوم أو موضوع مثل‪ :‬حروف األبجدية‪ ،‬عالمات‬
‫ودون أن نخوض في تفصيالت تصنيف "بورس" للعالمة‪،‬‬ ‫الضبط‪ ،‬النوطات املوسيقية‪ ،‬أبجدية املورس‪ ،‬البراي‪.‬‬
‫وهو التصنيف الذي تبناه "إيكو" ّ‬
‫بكل تفريعاته‪ ،‬فإنه سيكفينا أن‬
‫وفي الواقع‪ ،‬فقد أورد "إيكو" أمثلة أخرى كثيرة ال تسعنا‬
‫نشير إلى أن "بورس" قد ّميز بين "ثالثة تقسيمات فرعية ثالثية‪،‬‬ ‫هذه الصفحات لذكرها‪ ،‬وهذا دليل واضح على ّ‬
‫ّ‬ ‫أن "ال ش يء يوجد‬
‫ويتولد عن تأليفات هذه التقسيمات عشرة أقسام‬ ‫وثالثيات‬ ‫ً‬
‫اعتمادا على نفسه‬ ‫خارج العالمات أو بدونها‪ ،‬وال ش يء يمكن أن يدل‬
‫ما يعني أن العالمات عند "بورس" هي نتاج توزيع‬ ‫‪11‬‬ ‫للعالمات‪"...‬‬ ‫ّ‬
‫دون االستناد إلى ما توفره العالمات كقوة للتمثيل‪ ...‬إن اإلنسان‬
‫ثالثي‪ ،‬ينحدر من ثالث زوايا مختلفة هي "العالمة في ذاتها‪ ،‬العالمة في‬
‫ّ‬ ‫عالمة وما يحيط به عالمة وما ينتجه عالمة‪ ،‬وما يتداوله هو أيضا‬
‫باملؤول"‪ 12‬وبهذا نكون أمام‬ ‫عالقتها باملوضوع‪ ،‬والعالمة في عالقتها‬
‫فئات تسعة باعتبار أن كل اوية ينحدر منها ثالث فئات‪ ،‬وقد ّ‬ ‫عالمة"‪.4‬‬
‫صنفها‬ ‫ز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"بورس" كاآلتي‪:13‬‬ ‫ويعد موضوع "العالمة" من ّأول مظاهر تجلي البحث‬
‫السيميائي في نشاط "إيكو" التأويلي‪ ،‬بوصفها (أي العالمة) "علما‬
‫* العالمة في ذاتها‪ :‬عالمة نوعية‪ ،‬عالمة مفردة‪ ،‬عالمة‬ ‫للعالمات أو السيرورات التأويلية"‪ ،5‬ذلك ّ‬
‫أن "السيميائيات في املقام‬
‫معيارية‪.‬‬ ‫األول هي نظرية في التأويل"‪ّ 6‬‬
‫وأن "السيميائيات تعتقد أن كل عملية‬ ‫ّ‬
‫* العالمة في عالقتها بموضوعها‪ :‬أيقونة‪ ،‬مؤشر‪ ،‬رمز‪.‬‬ ‫تأويل تأتي بمعلومة جديدة تغني املعرفة التي تختزنها العالمة في‬
‫ّ‬
‫* العالمة في عالقتها باملؤول‪ :‬خبر‪ ،‬تصديق‪ّ ،‬‬ ‫تحققها املبدئي"‪ .7‬وهذا يؤكد أن "إيكو" ينطلق في تنظيراته السيميائية‬
‫حجة‪.‬‬
‫من مبدإ "املواضعة الثقافية" التي ال يمكن للبحث السيميائي أن‬
‫ّ‬
‫وعليه‪ ،‬تتولد عن هذه التأليفات الفئات التي تجمع كل‬ ‫يتجاهلها على اإلطالق‪ .‬ويرتكز هذا املفهوم على لبنة أساسية هي‬
‫َُ‬
‫زاوية بما يليها من الفئات األخر‪ ،‬وهكذا دواليك‪ ...‬ويمكننا تبسيط‬ ‫"الشيفرات التي يتم االتفاق الجمعي حولها ضمن مواضعة ثقافية‬
‫هذه التأليفات على شكل ثالثيات متوالدة‪:‬‬ ‫معينة‪ ،‬تتحكم فيها األنساق العامة"‪.8‬‬

‫‪285‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤكد "إيكو" ّ‬
‫"تتحدد من خالل‬ ‫أن العالمة بعناصرها املتظافرة‬ ‫كما‬ ‫– (عالمة نوعية أيقونية خبرية) – (عالمة مفردة أيقونية‬
‫وظيفتها األصلية واآلثار التي تحدثها عند املتلقين‪ ،‬أي الطريقة التي‬ ‫خبرية)‬
‫يستعمل من خاللها املتلقي هذه العالمة"‪.17‬‬
‫– (عالمة مفردة مؤشرية خبرية) ‪( -‬عالمة مفردة مؤشرية‬
‫ؤول" –حسب إيكو‪ -‬منوطا بقراءة النصوص‬ ‫ومادام "امل ّ‬ ‫تصديقية)‬
‫أن السيميائيات ال يمكن أن‬‫ذات الطبيعة الجمالية‪ ،‬فذلك يعني ّ‬
‫تكون ذات جدوى إذا لم ّ‬ ‫– (عالمة معيارية أيقونية خبرية) ‪( -‬عالمة معيارية‬
‫يتم استثمارها في القراءات التداولية؛ حيث‬
‫إن " بط السيميائيات بالطابع التداولي ّ‬‫ّ‬ ‫مؤشرية تصديقية)‬
‫يعد ثورة حقيقية في العلوم‬ ‫ر‬
‫اإلنسانية املعاصرة‪ّ ،‬‬
‫ألن هذه الطاقة ال تنكفئ على تبيين اشتغاالت‬ ‫– (الرمز الخبري املعياري) ‪( -‬الرمز التصديقي املعياري)‪-‬‬
‫األنظمة كمعطى ما‪ ،‬بل تبدي جليا الطريقة التي يستحيل بها علم‬ ‫(الحجة الرمزية املعيارية)‪.‬‬
‫وصفي إلى مشروع فعلي"‪ .18‬وعليه‪ ،‬فإن مالمح هذا العلم لم تفتأ‬ ‫ّ‬
‫وبهذا‪ ،‬يعلق "إيكو"‪" ،‬يمكن للعالمات أن تمثل أمامنا من‬
‫تشق طريقها نحو التأويل‪ ،‬فالسيميائيات بوجه عام "ال تبحث عن‬
‫خالل خصائص مختلفة وذلك وفق الحاالت والظروف التي تستعمل‬
‫دالالت جاهزة أو معطاة بشكل سابق على املمارسة اإلنسانية‪ ،‬بل ّإنها‬
‫تصدر من عمقها‪ ،‬أو ل َن ُقل ّ‬ ‫داخلها‪ ،‬وهذا يعود بالتأكيد إلى أنها تمتلك طابعا أساسيا مشتركا وهو‬
‫إن السيميائيات بحث في شروط اإلنتاج‬ ‫ِ‬
‫والتداول واالستهالك‪ّ ،‬‬ ‫يشكل موضوع نظرية موحدة للعالمة تتجاوز كل هذه التصنيفات"‪.14‬‬
‫مما يجعل منها ممارسة أكثر منها فلسفة"‪.19‬‬
‫‪ 2.2‬السميوزيس الوحدة الثالثية‪:‬‬
‫والجدير بالذكر ّ‬
‫أن هذه التأليفات الثالثية هي ما أطلق‬
‫عليه "بورس" مصطلح "السميوزيس" معتبرا إياه "سيرورة سيميائية‬
‫تتظافر عناصرها من أجل إنتاج الداللة وتداولها وقد شرح "إيكو"‬
‫تعريف "بورس" للسميوزيس على أنها عالمة ّ‬
‫وأنه نتاج دينامي أو‬
‫مباشر يفض ي إلى ّ‬
‫املؤول وفق سيرورة جدلية ومحايثة"‪ 15‬فإذا أردنا‬
‫تحديد عناصر ّ‬
‫"الس ْم ُيوزيس فهي ببساطة كاآلتي‪16 :‬‬
‫ِ‬

‫* املاثول‪ :‬يحتل املرتبة األولى في السميوزيس‪ ،‬وهو الذي‬


‫يقوم بالتمثيل (أوال) فإذا رجعنا إلى الثالثيات التصنيفية السابقة‪،‬‬
‫فإن املاثول في الحالة األولى ظهر كعالمة نوعية‪ ،‬وفي الحالة الثانية‬
‫عالمة مفردة‪ ،‬وفي الحالة الثالثة فيظهر كعالمة معيارية وهكذا‪...‬‬
‫* املوضوع‪ :‬ويطلق عليه مصطلح ّ‬
‫"الدليل" (املرجع) وهو‬
‫حد ذاته يساعد على‬ ‫يحدد بش يء آخر‪ ،‬وهذا املوضوع في ّ‬
‫كش يء ّ‬

‫تحديد األثر الواقع على ذات ما‪ ،‬فأطلق على هذا األثر مصطلح‬
‫َّ‬
‫"مؤول"‪.‬‬

‫أن ّ‬
‫املؤول –بالنسبة‬ ‫املؤول‪ :‬من تعريف املوضوع‪ ،‬يتضح ّ‬
‫* ّ‬
‫لبورس‪ -‬هو دليل وليس شخصية ما‪ ،‬وقد دافع عنه "بورس" ّ‬
‫ألنه‬
‫الضامن لصحة العالقة بين املاثول واملوضوع‪ّ .‬أما "إيكو" فيرى ّ‬
‫أن‬
‫فعال في قراءة النصوص ذات الطبيعة الجمالية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫"املؤول" يقوم بدور ّ‬

‫‪286‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وبما ّ‬
‫أن السميوزيس هي "املسؤولة عن إقامة العالقة‬ ‫‪ّ 3 .2‬‬
‫املؤول‪ :‬بين التأويل والتداول‪:‬‬
‫السيميائية بين املاثول واملوضوع عبر فعل التوسط اإللزامي الذي‬
‫فإن هذا ّ‬‫املؤول"‪ّ ،21‬‬
‫يقوم به ّ‬ ‫في الوقت الذي أهمل فيه "دي سوسير" –كما أشرنا إلى‬
‫املؤول يصير الحلقة األقوى في فعل‬ ‫ذلك في السابق‪ -‬عنصر املرجع مكتفيا ّ‬
‫التأويل والتداول ً‬ ‫بالدال واملدلول كطرفين‬
‫معا‪ ،‬ولهذا األخير (التداول) دور هام "فهو يكشف‬ ‫ّ‬
‫وحيدين في معادلة [اللغة = نظام مغلق]‪ ،‬خرج "بورس" من صمته‬
‫عن املظاهر املتنوعة للش يء وألنماط وجوده وتجلياته‪ .‬ولهذا السبب‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ليتحدث عن ّ‬
‫"املؤول" الذي هو نفسه "املرجع" وبمواضعة اصطالحية‬
‫إذا كان تغيير موقع الش يء من نسق إلى آخر يؤدي حتما إلى تغيير في‬ ‫بين "رتشارد" و"أجدن"‪ ،‬عام ‪ُ 1923‬جعل ّ‬
‫داللته‪ ،‬فهذا معناه أن ّ‬ ‫املؤول –باصطالح بورس‪-‬‬
‫الداللة ليست معطى جاهزا بل هي سيرورة‪ ،‬وال‬
‫(املرجع باصطالح أوجدن ورتشارد) واحدا من معادلة [دال ‪ +‬مدلول‬
‫تحضر في الذهن باعتبارها كال بل باعتبارها مستويات"‪ .22‬وعلى إثر‬ ‫ّ‬ ‫مؤول (مرجع)]‪ ،‬وصارت العالقة بين ّ‬ ‫‪ّ +‬‬
‫ذلك‪ ،‬فقد أرس ى "إيكو" دعائم فرضية مفادها ّ‬ ‫واملؤول‬ ‫الدال واملدلول‬
‫أن كل الظواهر‬ ‫ّ‬ ‫مباشرة بينما استحالت أن تكون كذلك بين ّ‬
‫واملؤول (املرجع)‪،‬‬ ‫الدال‬
‫الثقافية يمكن أن تصير ثيمات لعمليات تواصلية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن هذه‬ ‫وهذا ما ّ‬
‫الفرضية تستلزم تركيبا معينا ّ‬ ‫يوضحه الشكل التخطيطي اآلتي‪:‬‬
‫فصله "إيكو" كاآلتي‪:23‬‬

‫* يصير كل كيان ظاهرة ثقافية في كنف الثقافة‪.‬‬ ‫دالّ‬

‫* تقترب قوانين الثقافة من قوانين التواصل‪.‬‬

‫عّمباشرة‬
‫* بإمكان الثقافة من تدرس من زاوية سيميائية‪.‬‬

‫* من الضرورة أن يعتني علم السيميائية بكل املظاهر‬


‫مدلول‬
‫الثقافية‪.‬‬
‫عّمباشرة‬
‫نستنتج من تركيب هذه الفرضية ّ‬
‫أن "إيكو" حاول ربط‬
‫البحث السيميائي بالظواهر الثقافية كمعطى أنساقي يبحث في‬
‫إذن‪ ،‬العالمة عند "سوسير" هي عملة بوجهين‪ ،‬أحدهما‬
‫سيرورة النموذج املنفتح (وهذا الطرح واضح عنده في كتابه "األثر‬ ‫ّ‬
‫املفتوح")‪ ،‬ونعتقد أن ذلك هو صلب التداولية‪ ،‬من حيث ّ‬ ‫الدال واآلخر هو املدلول‪ّ ،‬أما املرجع فال مكان له في لسانيات‬
‫إن "إيكو"‬ ‫ّ‬
‫قد ّ‬
‫تحدث ّ‬ ‫(املؤول‬ ‫"سوسير"‪ ،‬ألن الحديث عن املالبسات والسياقات الخارجية‬
‫عما أسماه "بالشفرات الثقافية" التي تتجاوز الظواهر‬
‫ّ‬ ‫أو املرجع) ليس من صلب اهتمامات النظرية اللسانية السوسيرية‪.‬‬
‫وتتعداها إلى اتفاق جمعي ضمن‬ ‫التواصلية في معناها الضيق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وعليه‪ ،‬يصير ّ‬
‫املؤول عند بورس –ويقر بذلك إيكو أيضا‪ -‬عالمة ذات‬
‫مواضعة ثقافية معينة‪ ،‬تحكمها األنساق العامة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫"تتحدد من خالل وظيفتها األصلية‬ ‫بعد تداولي‪ ،‬ألنها في هذه الحالة‬
‫فإذا نظرنا إلى املنجز األدبي من زاوية املواضعات الثقافية‪،‬‬ ‫واآلثار التي تحدثها عند املتلقين‪ ،‬أي الطريقة التي يستعمل من خاللها‬
‫–حسب إيكو‪( -‬آلة كسولة) "تتطلب من القارئ‬ ‫ّ‬
‫النص يصير‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫املتلقي هذه العالمة"‪.20‬‬
‫عمال مضنيا وقويا حتى يمأل فراغات املسكوت عنه أو حتى املُ ّ‬
‫صرح به‬
‫حصة األسد في تحديد‬ ‫ّ‬
‫للمؤول ّ‬ ‫ّ‬
‫ولعل "بورس" قد أعطى‬
‫ّ ّ‬
‫النص إال كآلة من املقترحات‬ ‫فوق البياض‪ ،‬فال يمكن‪ ،‬إذن‪ ،‬فهم‬ ‫حقوله وطرق اشتغاله‪ ،‬بل ّ‬
‫ْ‬ ‫عده مقولة هامة في عملية التأويل‪ ،‬ألن‬
‫القبلية"‪.24‬‬
‫العالمة التي هي مخزنه األصلي‪ ،‬ومنبعه الذي ال ينضب‪ ،‬تكتنز داخلها‬
‫ومن نافل القول ّ‬
‫إن الفعل التأويلي عند ‪-‬إيكو‪ -‬ينتظم في‬ ‫عاملا من "الوحدات الثقافية" التي تعمل الديناميكية التأويلية على‬
‫خاصة‪ ،‬ولكن "ما يضمن سالمة التأويل ودوامه‬ ‫ّ‬ ‫سيرورة داللية‬ ‫محددة‪ ،‬فتكون سبيال في الحصول على‬ ‫ّ‬ ‫إبرازها ضمن سياقات‬
‫ّ‬
‫واستمراره في إنتاج الدالالت املتنوعة هو وجود هذا الحد األدنى‬ ‫ّ‬
‫الدالالت وتداولها في اآلن نفسه وبهذا تتحقق غاية التأويل‪.‬‬
‫املعنوي املرتبط بتجربة حياتية ال تتجاوز حدود االستجابة للبعد‬

‫‪287‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ّ‬
‫تعلق األمر بفكرة ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫النفعي فيها"‪ .25‬وهذا هو جوهر التداولية‪ ،‬من حيث ّ‬
‫(أن‬ ‫نقطة نهاية (املتاهة) فال أحد يعرفها‪ ،‬خاصة إذا‬ ‫املؤول يمارس‬
‫نص قابل للتأويل)‪ ،‬فال العالم ُم َنت ٍه وال التأويل محدود‪.‬‬
‫العالم هو ّ‬ ‫قراءة في مضامين ثقافية تحيلنا عليها العالمة‪ ،‬وهو نوع من القراءة‬
‫(الخارج‪-‬عالماتية)‪ ،‬يستوجبها السياق أو النسق‪ .‬وعليه‪ّ ،‬‬
‫فإن "ما‬
‫يضعنا "إيكو" وجها لوجه مع الفلسفة اليونانية القديمة‬ ‫يطلق العنان لهذه الحركة وما ّ‬
‫يمدها بعناصر التأويل هو هذا ّ‬
‫التي ّ‬ ‫املؤول‬
‫مجدت اإلله "هرمس" الذي "أطلقه اليونان على اإلله املصري‬ ‫الذي يعرف عناصر تأويله من مصادر ّ‬
‫متعددة‪ :‬الثقافي واإليديولوجي‬
‫وسماه األفالطونيون املحدثون هرمس املثلث القطعة"‪.30‬‬‫(تحوت) ّ‬
‫والخرافي واألسطوري والديني وكل ما يمكن أن يسهم في إغناء التأويل‬
‫ومنه َت ّم تحديد مفهوم "الهيرمينوطيقا" بداية باالستناد على تفسير‬ ‫وتنويعه"‪ّ .26‬‬
‫ّ‬ ‫متناه‪ ،‬ال محدود‪ ،‬بل إن‬
‫ٍ‬ ‫ولعل هذا ما يجعل التأويل ال‬
‫النص املقدس (اإلنجيل) ضمن "مجموعة املعارف والتقنيات التي‬ ‫ّ‬
‫"بورس" يسميه "املتاهة التأويلية" و"االنحدار الالمتناهي للعالمة"‪،‬‬
‫تسمح باستنطاق العالمات واكتشاف معانيها‪ ...‬إنها تفترض بأن‬ ‫و"إيكو" ّ‬
‫العالمات ومختلف أنواع الخطاب ليست واضحة‪ّ ،‬‬ ‫يقر بأننا نمارس التأويل لغايات "خارج‪-‬سيميائية"‪.‬‬
‫وأن علينا أن‬
‫ّ‬
‫نكتشف خلف كل معنى ظاهر جلي معنى خفيا كامنا أكثر ُعمقا‪ ،‬أي ما‬ ‫‪ .3‬التأويل الالمحدود‪ :‬بين املتاهة الهرمسية وال نهائية‬
‫فإن "الهرمسية" التي‬‫يعني في ثقافتنا معنى أكثر قيمة"‪ .31‬ومنه‪ّ ،‬‬ ‫السميوزيس‪:‬‬
‫قصدها "إيكو" تنبثق في أصلها عن "هرمس" بوصفه متعدد الوظائف‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫يضم كتاب "التأويل بين السيميائيات والتفكيكية" ألمبرتو‬
‫واالختصاصات‪ ،‬إنه "اإلله" املتقلب الغامض‪ ،‬وصاحب املعرفة‬
‫ّ‬
‫الكلي‪ .‬ولكن‪ ،‬علينا أن ّ‬ ‫إيكو‪ ،‬ستة فصول ارتكزت جميعها على مسألة التأويل في عالقته‬
‫نقر هنا بأن التأويل من وجهة‬ ‫الشاملة والتأويل‬ ‫بالتاريخ ّ‬
‫ّ‬ ‫نظر "الهرمسية" ال ّ‬ ‫والنص واملؤلف واالستعارة‪ ،‬وقد لفت انتباهنا الفصل‬
‫يتغيى هدفا بعينه‪ ،‬ألن أسمى ما يصبو إليه‪ ،‬هو‬
‫املعنون‪" :‬التأويل بين بورس ودريدا"‪ 27‬وذلك لتماشيه و نسق هذا‬
‫تحقيق لذة النهائية اإلحاالت‪ ،‬إنه ال يريد أن تنتهي الداللة‪ ،‬وذلك‬
‫اجع إلى ّ‬ ‫املقال‪.‬‬
‫أن "الخاصية الرئيسة للمتاهة الهرمسية هي قدرتها على‬ ‫ر‬
‫االنتقال من مدلول إلى آخر‪ ،‬ومن تشابه إلى آخر‪ ،‬ومن رابط إلى آخر‬ ‫إضافة إلى ّ‬
‫أن ما قدمه "إيكو" عن قضية التأويل بين‬
‫َ‬
‫دون ضابط أو رقيب"‪ّ .32‬إنه ش يء شبيه بالروابط التشعبية التي‬ ‫َعلمين بارزين هما "بورس" و"دريدا"‪ ،‬جدير بأن تمارس عليه قراءة‬
‫ّ‬ ‫فاحصة‪ ،‬السيما إذا عرفنا ّ‬
‫تتيحها القراءة اإللكترونية؛ فكل رابط يحيلنا على روابط أخرى‪ ،‬وكلها‬ ‫بأن التفكيكية بزعامة "جاك‬
‫ً‬
‫حدودا‬ ‫تحيل على روابط النهائية‪ ،‬وكأننا في عالم ال يمكن أن نجد له‬ ‫دريدا"‪ J.Derrida‬قد دأبت على تقديم نماذج تأويلية ورؤى نظرية‬
‫أو نقطة نهاية‪.‬‬ ‫تخدم في معظمها‪ ،‬بل في جوهرها التوجه الهيرمينوطيقي العام‪.‬‬

‫وقد يتساءل سائل‪ :‬ما عالقة "الهرمسية" بالعالمة‬ ‫وقف أمبرتو إيكو في هذا الفصل عند تحليل تصورين‬
‫السيميائية التي طرحها "بورس"؟‬ ‫نص ما‪ ،‬حسب التصور ّ‬
‫األول‪ ،‬يعني‬ ‫مختلفين للتأويل "فتأويل ّ‬

‫ّ ًّ‬ ‫الكشف عن الداللة التي أرادها املؤلف‪ ،‬أو على األقل الكشف عن‬
‫إن كال من الهرمسية و السيميوزيس‪،‬‬ ‫نقول ببساطة‬
‫طابعها املوضوعي‪ ،‬وهو ما يعني إجالء جوهرها املستقل عن فعل‬
‫يرتميان في بوتقة واحدة‪ :‬هي النهائية الدالالت‪ .‬ولكن‪ ،‬علينا أوال –‬ ‫التأويل‪ّ .‬أما التصور الثاني فيرى‪ ،‬على العكس من ذلك‪ّ ،‬‬
‫تفاديا ألي إشكال منهجي‪ -‬أن نعي جيدا ّ‬ ‫أن النصوص‬
‫بأن مفهوم الهرمسية عند إيكو‬
‫تحتمل كل تأويل"‪ .28‬ويمكننا –كما ذهب إلى ذلك "إيكو"‪ -‬أن نصنف‬
‫قد ارتبط –كما أشرنا‪ -‬بالتأويل (الهيرمينوطيقا بوصفها نظرية‬ ‫ّ‬
‫للتأويل)‪ .‬وقد أخذنا "إيكو" في جولة تاريخية ملسألة "اإلله ّ‬ ‫التصورين على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫هذين‬
‫املؤول ‪-‬‬
‫هرمس‪ "-‬حينما تحدث في فصله املعنون "التأويل والتاريخ" (ضمن‬ ‫‪ 1.3‬املتاهة الهرمسية‪:‬‬
‫الكتاب قيد مقاربتنا هذه) عن النهائية التأويل التي تعود إلى أعماق‬
‫كانت نقطة بداية املتاهة الهرمسية عند "إيكو" من طرحه‬
‫الحقبة الفلسفية اإلغريقية‪ ،‬مستفيضا في إيراد أمثلة في النثر‬
‫والشعر والفلسفة والعلوم والفنون‪ .‬وعليه‪ّ ،‬‬ ‫للسؤال اإلشكالي "هل هناك مدلول ثابت‪ ،‬أم هناك مدلوالت متعددة‬
‫فإن "الهرمسية" كانت‬
‫مبتدأ "التأويل" ومنتهاه‪ ،‬في الحقب القديمة ّ‬
‫وأن كل ممارسة ّ‬ ‫أم على العكس من ذلك ال وجود ألي مدلول على اإلطالق؟"‪ّ ،29‬أما‬
‫نصية هي‬

‫‪288‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫النص الكبير للعالم‪ ،‬عن امتالء املدلول ال عن غيابه‪ ...‬ولهذا‬‫ّ‬ ‫كما في‬ ‫من قبيل التعاطي "الهرمس ي" إنه "عالم القرن الثاني امليالدي‪ ...‬ملتقى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السبب‪ ،‬فإن مدلول نص ما قضية ال أهمية لها‪ ،‬واملدلول النهائي ِس ٌّر‬ ‫لكل الشعوب واألفكار واآللهة‪ ...‬فلم يعد هناك فرق بين إزيس ‪Isis‬‬ ‫ّ‬
‫الدياليكتيكي ‪-‬الجدلي ‪-‬‬ ‫الدور ّ‬‫يستعص ي على اإلد اك"‪ّ .34‬إنها معضلة ّ‬ ‫وديمتير ‪ Demter‬وسيبيل ‪ Cybele‬و‬ ‫وأستارتي‪Asterté‬‬
‫ر‬
‫ونص عائم‬‫ّ‬ ‫بين قارئ باحث عن معنى نهائي –في تصوره الخاص‪-‬‬ ‫أنايتيس ‪ Anaïtis‬و مايا ‪.33"Mai‬‬
‫ّ‬
‫وسط مدلوالت زئبقية‪ ،‬يصعب اإلمساك بها‪ ،‬وهذا الالنهائي "ال يمكنه‬
‫مما يعني أن "هرمسية" القرن الثاني امليالدي –حسب‬ ‫ّ‬
‫الحد الفاصل بين عنصر وآخر] وبالتالي‬‫امتالك (املوديس) [ويعني به ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫إيكو‪ -‬قد تخلصت من "أحادية" الذهنية الالهوتية املتعصبة‪،‬‬
‫فإن األسطورة الهرمسية قد أتت على إلغاء مبدإ الهوية وعدم‬ ‫ّ‬
‫التعدد‪ ،‬والجمع بين املتناقضات كأحد مبادئ العقالنية‬ ‫وأتاحت مبدأ‬
‫التناقض‪ ،‬والثالث املرفوع"‪ .35‬ولتبسيط هذه املفاهيم نقترح الشكل‬ ‫كل ّ‬ ‫ومما سبق ندرك ّ‬
‫أن العالمة الهرمسية "تبحث في ّ‬ ‫اإلغريقية‪ّ .‬‬
‫اآلتي‪36:‬‬
‫نص‪،‬‬

‫المعرفة = اإلمساك بالسبب‬

‫العالم يحتاج إلى تفسير سببي‬

‫سلسلة أحادية االتجاه‬

‫"أ" تسير نحو "ب"‬


‫غير ممكن‬

‫مبدأ الثالث المرفوع‬ ‫مبدأ عدم التناقض‬ ‫مبدأ الهوية‬


‫(أ) صحيحة أو خاطئة‬ ‫(ال أ)‬ ‫(أ)‬ ‫(أ) = (أ)‬

‫فإذا أردنا أن نصل إلى معرفة ما‪ ،‬فعلينا ّأوال اإلمساك بسبب هذه املعرفة وانطالقا من ذلك نكون قادرين ‪-‬مثال‪ -‬على إعطاء "العالم" ً‬
‫معنى‬
‫ْ ّ ّ‬
‫خط سيرها في اتجاه واحد‪ ،‬حيث ّ‬ ‫أو تعريفا سببيا‪ .‬وهذا يستوجب ّ‬
‫إن "أ" تسير‬ ‫منا أن نضع في الحسبان فكرة وجود سلسلة أحادية االتجاه‪ ،‬أي أن‬
‫منطقيا نحو "ب" دون أن تكون "ب" قادرة على السير نحو "أ" في االتجاه املعاكس‪ .‬وهذه السلسلة تحميها ثالثة قواعد ومبادئ رئيسة هي‪ :‬مبدأ الهوية؛‬
‫حينما تكون "أ" تساوي بالضرورة "أ" وال تساوي شيئا آخر‪ .‬ومبدأ عدم التناقض؛ عندما ال تكون "أ" و ال"أ" هما الش يء ذاته‪ّ .‬أما مبدأ الثالث املرفوع؛‬
‫فيقتض ي أن تكون "أ" ّإما صحيحة ّ‬
‫وإما خاطئة فليست لها حالة ثالثة تكون عليها‪.‬‬

‫‪ 2.3‬النهائية السميوزيس‪:‬‬
‫يتساءل "إيكو" في هذا الفصل إن كان "باإلمكان الحديث عن سميوزيس المتناهية انطالقا من قدرة املتاهة الهرمسية على االنتقال من ّ‬
‫حد‬
‫نتحدث عن سميوزيس المتناهية من خالل األساليب التي يستعملها القراء املعاصرون الذين يتيهون في ّ‬
‫النص‬ ‫حد ومن ش يء إلى آخر؟ وهل يمكن أن ّ‬
‫إلى ّ‬
‫ّ‬
‫بحثا عن لعب سري بالكلمات أو عن االشتقاقات املجهولة‪ ،‬والتداعيات الالواعية‪ ،‬والصور الغامضة‪...‬؟" ‪ .37‬وقد جاء الجواب سريعا ومباشرا ُيفيد بأن‬
‫‪289‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السيميائية عند "شارل سندرس بورس" أساسها العالمة‪ ،‬و"العالمة ش يء تفيد معرفته معرفة ش يء آخر"‪ ،‬وأن هذه املعرفة املضافة تدل على ّ‬
‫أن‬
‫مؤول إلى آخر يكسب العالمة تحديدات أكثر اتساعا سواء كان ذلك على مستوى التقرير أو على مستوى اإليحاء‪ّ .38‬‬
‫إن "بورس" لم ينظر‬ ‫االنتقال من ّ‬

‫إلى ظاهرة العالمة كمعطى مغلق أو باألحرى منغلق‪ ،‬ولكن كظاهرة داللية منفتحة والتي بمقتضاها سيصبح "مفهوم التأويل الحلقة املركزية التي‬
‫ّ‬
‫الخاصة انطالقا من مفهوم "السميوزيس"‪.39‬‬ ‫ستتكثف حولها كل اإلجراءات التحليلية‬

‫أن معرفة ّ‬ ‫ى ّ‬
‫إال ّ‬ ‫ويرى "إيكو" ّ‬
‫مكونات العالمة هي‬ ‫أن مصدر معرفة الش يء (يعني العالمة) هو أن يقوم اإلنسان بتأويل العالمة بصفة أو بأخر‬
‫ّ‬
‫إال ّ‬ ‫إال ضمن سياق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن غايتنا اإلمكانات‪.40‬‬ ‫محدد أو من زاوية بعينها‪ .‬فالسميوزيس المتناهية في املطلق‪،‬‬ ‫مجرد احتمال سميوزيس ال يمكن أن يتحقق‬
‫ّ‬ ‫أن الحديث عن حدود للسميوزيس هو من قبيل الترف الفكري الذي ال فائدة منه‪ ،‬ذلك ّ‬ ‫وهذا يعني ّ‬
‫أن الجري خلف اإلمكانات الالمحدودة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫للسميوزيس قد يقودنا إلى دوامة‪ّ ،‬‬
‫املحددة بدال من الحديث عن‬ ‫فضل "إيكو" تسميتها "باملتاهة"‪ .‬وعليه‪ ،‬نراه يرمي إلى تأطير سلسلة اإلمكانات غير‬
‫نقطة نهائية‪ ،‬ال تأتي أبدا‪.‬‬
‫نود عرضه على الطريقة ذاتها خشية انغالقه على األذهان‪ّ ،‬‬‫وقد وقف "إيكو" عند مثال توضيحي لسلسلة من األشياء‪ ،‬ولكن لم ّ‬
‫وإنما حاولنا‬
‫تبسيطه من خالل ترجمة حروفه إلى العربية حتى ّ‬
‫نقربه إلى األفهام‪ .‬فإذا كانت سلسلة األشياء مثال هي‪ :‬أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج‪ ،‬د‪ ،‬ﻫ قابلة في ذاتها للتحليل إلى‬
‫ّ‬
‫خصائص جزئية هي‪ :‬أ*‪ ،‬ب*‪ ،‬ج*‪ ،‬د*‪ ،‬ﻫ*‪ ،‬و*‪ ،‬ز*‪ ،‬ح* وقد ال تشترك هذه األشياء مع بعضها البعض إال بعناصر معينة‪ .‬وسيظهر ّأنه حتى في الحالة التي‬
‫نقتصر فيها على خصائص محدودة‪ ،‬فإننا سنعثر على قرابة بين شيئين ال رابط بينهما في الواقع‪ ،‬ومع ذلك فهما مرتبطان هنا بسلسلة متتالية من‬
‫عالقات التشابه ونظهرها على النحو اآلتي‪41:‬‬

‫ﻫ‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫ب‬ ‫أ‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫*‬
‫ح‬ ‫*‬
‫ز‬ ‫*‬
‫و‬ ‫*‬
‫ﻫ‬
‫*‬
‫ز‬ ‫*‬
‫و‬ ‫*‬
‫ﻫ‬ ‫*‬
‫د‬ ‫*‬
‫و‬ ‫*‬
‫ﻫ‬ ‫*‬
‫د‬ ‫*‬
‫ج‬ ‫ﻫ‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫ب‬ ‫أ‬

‫عليه قبل آن‪ .‬وفي الواقع ّ‬


‫فإن املثال الذي ساقه لنا "إيكو" يظهر أنه‬ ‫وكما نالحظ في الترسيمة ‪-‬أعاله‪ -‬فإن (أ) تتوالد عنها‬
‫"ال وجود ألي خاصية تجمع "أ" و"ح" عدا كونهما ينتميان إلى نفس‬ ‫أ* وب*‬ ‫عالقات نابعة من سلسلة تربط بينها وبين عناصر أخرى هي‬
‫التشابه العائلي‪ .‬فعندما نصل‪ ،‬ضمن هذه السلسلة إلى معرفة "ح"‪،‬‬ ‫وج* ود* ويمكن ألي عنصر متوالد أن تنبثق عنه عناصر أخرى‬
‫ّ‬
‫يكون كل ما يتعلق بـ "أ" قد اختفى‪ .‬وهكذا‪ ،‬كلما ّتم االنتقال إلى‬ ‫وهكذا‪ّ ...‬‬
‫مما يعني أن هذا التنامي "السرطاني" (والتوصيف إليكو)‬
‫لسلسلة العالقات صعب اإلمساك به‪ّ ،‬‬
‫مستوى أعلى ّتم نسيان مضمون العالمة السابقة أو ّتم محوها"‪.42‬‬ ‫ألنه ينفلت بكل سهولة من‬
‫وهذا ما ّ‬
‫يفسر فعال أن السيميائيات البورسية أساسها أن العالمة‬ ‫قبضة اآلنية‪ ،‬التي هي خاصية من خصائص ارتباط الش يء بعنصره‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أو باألحرى تعالق العالمة بالش يء ّ‬
‫(ش يء تفيد معرفته معرفة ش يء آخر)‪ ،‬وكلما عرفنا هذا الش يء‬ ‫الدال عليها‪ .‬ويمكن لهذا التعالق أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احتجنا إلى معرفة ما يتصل به وهكذا‪ ،‬دون نهاية‪.‬‬ ‫ينتفي في لحظة ما‪ ،‬وتصير العالمة دالة على ش يء آخر غير الذي دلت‬

‫‪290‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسماه "إيكو" (باملغامرات املنحرفة)‪ ،‬إنها مغامرات التفكيك على‬
‫طريقة "إيكو" وليس على طريقة "ديريدا"‪.‬‬
‫بين "إيكو" و"دريدا"‪ :‬السجال حول‬ ‫‪3.3‬‬
‫من هنا بات من الواضح ّ‬
‫جدا أن التأويل الذي يستند إلى‬ ‫السميوزيس‪:‬‬
‫النص‪ ،‬هو تأويل منحرف وسقيم‪،‬‬ ‫الحرة التي تهمل مقوالت ّ‬
‫القراءة ّ‬
‫أفرد "إيكو" ملسألة التفكيكية كالما كثيرا‪ ،‬السيما أن‬
‫وباصطالح "إيكو" هو تأويل مضاعف (‪.)Surinterprétation‬‬
‫هناك سجاال طويال قد دار بينه وبين التفكيكيين وعلى رأسهم "جاك‬
‫عندما ألف "إيكو" كتابه الشهير "التأويل والتأويل‬ ‫ديريدا" الذي "انصب اهتمامه في الفصل الثاني من كتاب ‪De la‬‬
‫املضاعف" عام ‪ ،1996‬كان زاده املعرفي الذي أسسه عليه هو فكرة‬ ‫‪ 1967( grammatologie‬ص‪ 42‬وما بعدها) على البحث عن سلطة‬
‫ّ‬
‫"املتناهي" و"الالمتناهي" و"النمو اللولبي للعالمة" و"حركية‬ ‫[معرفية] تضفي نوعا من الشرعية على محاولته لضبط حدود‬
‫ّ‬
‫وكلها مفاهيم ّ‬ ‫ّ‬
‫تحدد أبعاد التأويل وأشكاله وطرائقه‪.‬‬ ‫السميوزيس"‪،‬‬ ‫سميوزيس للعب الالمتناهي واالختالف والنمو اللولبي للتأويل"‪.43‬‬
‫يحدد "إيكو" كل هذه الخصائص لعملية‬ ‫ولكن‪ ،‬في الوقت ذاته الذي ّ‬
‫ُ‬
‫وهذا املعطى الفكري أزعج "إيكو" إلى درجة ّأنه انتقد‬
‫التأويل‪ -‬فهو يحذر أيضا م ّما أسماه "باالنزالق" نحو ما ال يريده‬
‫"ديريدا" في مؤلفات مختلفة (منها كتابه "حدود التأويل") ملا نادى به‬
‫النص‪ ،‬وبالتالي تحميله ما ال يحتمل‪.‬‬
‫(دريدا) من االنفتاح التأويلي استنادا إلى "فهم س يء" –كما يقر إيكو‪-‬‬
‫ففي النهاية‪ ،‬ليس التأويل بالنسبة إليه سوى "التحيين‬ ‫ملقوالت "بيرس"‪ .‬وجوهر ما استاء منه "إيكو" في تفكيكية "ديريدا" أنها‬
‫ّ‬
‫النص قوله باعتباره استراتيجية‪ ،‬من خالل‬ ‫الداللي لكل ما يريد‬ ‫"ال تؤمن على اإلطالق بوجود معنى مفارق‪ ،‬ألن التأويل عبارة عن لعبة‬
‫اشتراك قارئه النموذجي"‪ .49‬ويقر "إيكو" أنه "يمكن للمرء االعتراض‬ ‫ال منتهية من اإلحاالت في عالم سديمي‪ ،‬منعدم املرجعيات‪ ،‬معدوم‬
‫على أنه كي ّ‬
‫نحدد تأويال فاسدا فإننا نحتاج إلى معايير لتحديد التأويل‬ ‫املعالم"‪.44‬‬
‫الجيد تساعدنا على تبيين أي التأويالت هي "األفضل""‪ .50‬وبهذا يكون‬
‫وبما أن "ديريدا" قد اشتغل على ثنائية (الحضور‪ ،‬الغياب)‬
‫"إيكو" قد التزم بمبدإ إقصاء ما أسماه بالتأويالت "الفاسدة" والتي ال‬ ‫ّ‬
‫النص‪ ،‬وهذا في ّ‬ ‫يكون لها أي فائدة ُترجى في ّ‬ ‫فإنه ربط "الحضور" بمفهوم الدليل االعتباطي عند "دي سوسير"‬
‫حد ذاته هو محاولة‬ ‫ّ‬
‫بينما رأى بأن مقولة "الغياب" ارتبطت بالسميوزيس الالمنتهية عند‬
‫لحماية النصوص من دعاوى استراتيجية التفكيك الديريدية القائمة‬
‫ّ‬ ‫"بورس"‪ .‬وبالتالي "ال ينبغي التعامل مع النصوص من خالل ما تقوله‬
‫النص متوالية النهائية من االختالفات تنسجها العالمات‬ ‫على اعتبار‬ ‫أو ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تصرح به‪ ،‬بل ما ال تقوله وتسكت عنه‪ ،‬وبما تخفيه وتستبعده"‪.45‬‬
‫متناه من‬
‫ٍ‬ ‫الخطية‪ ،‬وعليه يمكن للنص الواحد أن يكون له عدد ال‬
‫كل قراءة قد تصادف ما أسماه "بسوء فهم النص"‪.‬‬ ‫القراءات‪ّ ،‬‬
‫وأن ّ‬ ‫لقد ّأثرت مقولة "ميتافيزيقا الحضور" ّ‬
‫الديريدية على‬
‫وبهذا سنضطر لتصحيح سوء الفهم هذا بقراءة أخرى وهكذا‪ ...‬وهذا‬ ‫أن هذا األساس قد استند عليه‬ ‫تفكيكية املدلوالت ورأى "إيكو" ّ‬
‫ّ‬
‫ما أصاب "إيكو" بالغيظ (املنهجي واالبستيمولوجي) حتى دفعه‬ ‫"ديريدا" في محاولة منه للبرهنة على السلطة التي تمتلكها اللغة‬
‫ّ‬
‫املتجلية في قدرتها على أن تقول أكثر ّ‬
‫لتوصيف هذه التفكيكية "بالتأويل املضاعف" أو "املفرط" أو‬ ‫مما تدل عليه ألفاظها مباشرة‪.46‬‬
‫"السيئ"‪ .‬وعليه‪ ،‬وكموقف مقابل للتأويل التفكيكي الذي ّ‬
‫أسس له‬ ‫أن جوهر هذا السجال هو أن مقوالت "ديريدا" التفكيكية قد‬ ‫وأعتقد ّ‬
‫ُ‬ ‫فصلت النص عن ُم ْنتجه‪ ،‬أو لنقل قد ّ‬
‫ديريدا في طروحاته املختلفة‪ ،‬اتخذ "إيكو" لنفسه استراتيجية مغايرة‬ ‫غيبت الذات املنتجة في مقابل‬
‫تقوم أساسا على أن التأويل هو نشاط سيميائي –تأثرا ببورس‪-‬‬ ‫استحضار الخطاب وهذا ّ‬
‫يؤدي بالضرورة إلى انتفاء صفة "القصدية"‬
‫تحكمه مجموعة قواعد ومعايير ّ‬
‫مبررا ذلك بقوله "ليس من املعقول‬ ‫التي تعكس الذات املنتجة‪ .‬وعندها "فلن يكون من واجب القراء وال‬
‫ّ‬
‫املزهو بقدرته واملسكون بنزواته‬ ‫النص لعنف القارئ‬‫ّ‬ ‫أن ُيترك‬ ‫في مقدورهم التقيد بمقتضيات هذه القصدية الغائبة"‪ّ .47‬‬
‫ألن "إيكو"‬
‫ّ‬
‫واملهووس بغرائزه ولذاته"‪.51‬‬ ‫وببساطة شديدة يقول‪Rien n’est plus ouvert qu’un texte " :‬‬
‫نص مغلق)‪ ،‬يستفز‬ ‫ً‬
‫انفتاحا من ّ‬ ‫‪ ،48"fermé‬أي (ليس هناك أكثر‬
‫معنى ذلك أن "إيكو" الذي أعطى للقارئ في "األثر املفتوح"‬ ‫ّ‬ ‫بانغالقه القارئ ليكشف عن اآللة التي ّ‬
‫النص إلى ما‬ ‫حولت هذا‬
‫كل الصالحيات التأويلية‪ّ ،‬إنما في الحقيقة يحاول تقييده بمعايير‬
‫‪291‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ُ‬
‫للتأويل املضاعف (املفرط)‪ ،‬فإن تفكيكية "جاك ديريدا" تزاحمنا‬ ‫وأسنن معينة حتى ال تكون قراءته على حساب النص‪ ،‬وحتى يشعر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذا القارئ بوجود قيود تأويلية ّ‬
‫النص الواحد‪ .‬و عليه‪ ،‬لن‬ ‫باملتواليات الالنهائية من االختالفات في‬ ‫أهمها "النص" الذي ال يجب عليه أن‬
‫تكون قراءتنا هذه إال إحدى حلقات السميوزيس الالمتناهية‪.‬‬ ‫يتجاوز مقصديته‪ّ .‬إنه ميزان تأويلي من صنف "إيكو"‪ ،‬فمهما ُسمح‬
‫ّ‬ ‫وأخيرا نقول‪ّ ،‬‬ ‫فالب ّد أن يدرك أن حدود‬
‫نص ما‪ُ ،‬‬
‫حرة ومنطلقة على ّ‬‫للقارئ بممارسة ّ‬
‫إن مؤلف "التأويل بين السيميائيات‬ ‫التأويل هي نقطة ما ال ينبغي تجاوزها وهي النقطة نفسها التي ّ‬
‫والتفكيكية" يدرك ّ‬ ‫يعدها‬
‫جيدا أن هناك ما هو أسمى من التأويل ذاته‪ ،‬إنه‬ ‫"إيكو" ُمنطلق الذات ّ‬
‫كينونة هذا التأويل‪ ،‬مادام ّ‬ ‫املؤولة بكل ما تضعه من فرضيات وتخمينات‬
‫"املؤول" ال ينأى بنفسه عن وجوده وال عن‬
‫وتصورات ّأولية للمعنى‪.‬‬
‫العالم الذي ينتمي إليه وهو يجلس وجها لوجه مع النص "املفتوح"‪ .‬و‬
‫إثراء للمنظومة الفكرية ألمبرتو إيكو نقترح تأسيس مخابر متخصصة‬ ‫‪.4‬خاتمة‪:‬‬
‫لالشتغال على املنظومة التأويلية في الفلسفة املعاصرة‪ ،‬و كذا عقد‬
‫أبان توجه "إيكو" السيميائي التأويلي عن مخزون معرفي‬
‫ندوات و ملتقيات في هذا املجال املعرفي الخصب‪.‬‬
‫منشطر على منابع ابستيمية متعددة‪ ،‬ما جعل إشكالية القراءة‬
‫‪.5‬قائمة املراجع‪:‬‬ ‫التأويلية املتشبعة بالنموذج "البورس ي" تقف بين ّ‬
‫حدي السيميائيات‬
‫تتغي البحث في شروط إنتاج ّ‬
‫املؤول و تداوله و كذا‬ ‫و الهيرمينوطيقا و ّ‬
‫‪ -‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ترجمة‬
‫استهالكه‪ .‬من أجل ذلك ‪ ،‬و بعد استقراء و تتبع هذا اإلشكال في‬
‫وتقديم‪ :‬سعيد بنكراد‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪.2004‬‬ ‫الفصل املعنون ‪" :‬التأويل بين بورس و دريدا" في كتاب "التأويل بين‬
‫‪ -‬أمبرتو إيكو‪ :‬العالمة‪ ،‬تحليل املفهوم وتاريخه‪ ،‬ترجمة سعيد‬ ‫السيميائيات و التفكيكية" توصلنا إلى جملة من النتائج نجملها في‬
‫بنكراد‪ ،‬ومراجعة سعيد الغانمي‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫االتي‪:‬‬
‫ط‪2007 ،1‬‬
‫‪_1‬ليست مسألة التأويل بالش يء ّ‬
‫الهين‪ ،‬السيما إذا‬
‫‪ -‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل والتأويل املفرط‪ ،‬ترجمة ناصر الحلواني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مركز اإلنماء الحضاري‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬ ‫تعلق األمر ببناء عوالم ممكنة يصنعها القارئ بيدي املؤلف‪ ،‬وليس‬
‫الحديث عن عالم ال متناه من العالمات كفيال بإشباع شغف ّ‬
‫النص‪..‬‬
‫‪ -‬جميل صليبا‪ :‬املعجم الفلسفي‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ط‪ ،1‬ج‪.1971 2‬‬ ‫ّإنه املعنى الذي يتشكل منفتحا على التعدد واالختالف وإمكانية ال‬
‫‪ -‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات والتأويل‪ ،‬مدخل لسيميائيات‬ ‫محدودة من الفرضيات واالحتماالت‪.‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ط‪2005 ،1‬‬‫ش‪.‬س‪ .‬بورس‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ّ ،‬‬
‫‪_2‬كان "إيكو" الخارج من عباءة "بورس" ّ‬
‫يروج لحرية‬
‫‪ -‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات‪ ،‬مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬دار الحوار‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪.2005 ،2‬‬ ‫التأويل واالنفتاح على املعنى ّ‬
‫ولكنه في الوقت ذاته‪ ،‬كان يخش ى على‬
‫ّ‬ ‫توجس خيفة من قرائه ّ‬ ‫ّ‬
‫النص من كل تلك الحرية‪ .‬لقد ّ‬
‫‪ -‬سعيد بنكراد‪ :‬مفاهيم في السيميائيات‪ ،‬مجلة عالمات‪ ،‬العدد‬ ‫"املؤولين" إلى‬
‫‪ ،17‬مكناس املغرب‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬ ‫ّ‬
‫الحد الذي جعله يعترف لهم دون ّ‬
‫تردد "لقد توجهت أنظار قرائي‬
‫‪ -‬ضياء الكعبي‪ :‬السرد العربي القديم‪ ،‬األنساق الثقافية‬ ‫خاصة نحو جانب "االنفتاح"‪ ،‬فالقول ّ‬
‫بأن هذا التأويل قابل بأن يكون‬
‫وإشكاليات التأويل‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ال نهائيا‪ ،‬ال يعني أن التأويل يفتقد ملوضوع بعينه"‪.52‬‬
‫ط‪2005. 1‬‬
‫‪-9 -‬وحيد بن بوعزيز‪ :‬حدود التأويل (قراءة في مشروع أمبرتو‬ ‫‪_3‬إن التعاطي مع املشروع التأويلي ألمبرتو إيكو هو‬
‫الدار العربية للعلوم ناشرون (بيروت)‪ ،‬منشورات‬ ‫إيكو النقدي) ّ‬
‫مخاطرة ابستيمولوجية صعبة خاصة أن الباحث يتعامل مع مفكر‬
‫االختالف (الجزائر)‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬ ‫ّ‬
‫متعدد االهتمامات الفكرية؛ فحينما نقف عند مقولة العالمة‪ ،‬نجد‬
‫‪ -‬أمبرتو إيكو‪ :‬سيميائيات األنساق البصرية‪ ،‬ترجمة محمد‬
‫كل تفصيلة‪ ،‬وعندما ّ‬
‫تتوجه صوب‬ ‫بصمات فلسفة "شارل بورس" في ّ‬
‫التهامي العماري‪ ،‬محمد أودادا‪ ،‬مراجعة وتقديم سعيد بنكراد‪ ،‬دار‬
‫الحوار للنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪.2013 ،2‬‬ ‫التأويل (الصحيح)‪ ،‬تطل علينا الفلسفة الهرمسية وتأويالت‬
‫ّ‬
‫النصوص الالهوتية القديمة‪ .‬أما إذا أردنا أن نفقه منظومة نقده‬

‫‪292‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪- Umberto Eco : Lector in fabula, traduit par : Myriem‬‬ ‫‪ -‬القارئ في الحكاية‪ ،‬التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية‪،‬‬
‫‪Bouzaher, édition : Grasset, Paris, 1985.‬‬ ‫ترجمة أنطوان أبو زيد‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.1996‬‬
‫‪ -‬جاك ديريدا‪ :‬الكتابة واالختالف‪ ،‬ترجمة كاظم جهاد‪ ،‬دار‬
‫توبقال‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪.1988 ،1‬‬
‫‪ -‬جان ماري شايفر‪ :‬العالماتية‪ :‬مقال ضمن كتاب "العالماتية‬
‫‪.6‬هوامش ‪:‬‬
‫وعلم النص" (نصوص مختارة ومترجمة)‪ ،‬إعداد وترجمة منذر‬
‫العياش ي‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ّ ،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬
‫‪- U. Eco : L’interprétation et surinterprétation, traduit de‬‬
‫‪l’anglais par Jean-Pierre Cometti, édité par Stefan Collini,‬‬
‫‪presses universitaires de France, 3éd, Juillet 2002.‬‬
‫‪- Umberto Eco : La structure absente, introduction à la‬‬
‫‪recherche sémiotique, traduit par : Uccio Esposito-‬‬
‫‪Torrigiani, édition : Mercure de France, Paris, 1972.‬‬

‫‪ 11‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬


‫‪ 12‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ 13‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫* وجدنا أنه من األمانة العلمية التنبيه إلى اإلشارة التي أوردها الناقد "سعيد‬
‫‪ 14‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.111‬‬ ‫بنكراد" حول ضرورة تناقل نطق اسم "‪ "Peirce‬بالشكل الصحيح بين‬
‫‪ 15‬وحيد بن بوعزيز‪ :‬حدود التأويل‪ ،‬ص‪.33‬‬ ‫الدارسين والباحثين‪ ،‬فقد اعتادت األغلبية على كتابة "بيرس" وليس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 16‬استنبطنا هذه العناصر بمضامينها من مراجع عدة‪ ،‬ولكن ّ‬
‫أهمها‪:‬‬ ‫"بورس" (بالعربية)‪ ،‬وهذا خطأ ‪-‬كما يقر بنكراد‪ -‬الذي اعتمد على شواهد‬
‫ّ‬
‫‪ -‬العالمة‪ ،‬أمبرتو إيكو‪ ،‬ترجمة سعيد بنكراد‪.‬‬ ‫صححت نطق اسمه حتى في اللغة األجنبية‪ ،‬من أمثلة ذلك الناقد "جيرار‬
‫‪ -‬السيميائيات والتأويل‪ :‬سعيد بنكراد‪.‬‬ ‫دولودال" (‪ )G. Deledalle‬في كتابه ‪ La philosophie Américaine‬الذي‬
‫‪ -‬جان ماري شايفر‪ :‬العالماتية‪ ،‬ترجمة مندر العياش ي‪.‬‬ ‫يقول فيه "‪ ."Prononcer : Peurce‬للتوسع ينظر كتاب‪ :‬السيميائيات‬
‫‪ 17‬ينظر‪ :‬أمبرتو إيكو‪ :‬العالمة‪ ،‬ص‪.56‬‬ ‫والتأويل (مدخل لسيميائيات ش‪.‬س‪ .‬بورس)‪ ،‬سعيد بنكراد‪ ،‬ص‪.12-11‬‬
‫‪ 18‬وحيد بن بوعزيز‪ :‬حدود التأويل‪ ،‬ص‪.53‬‬ ‫‪ 1‬وحيد بن بوعزيز‪ :‬حدود التأويل (قراءة في مشروع أمبرتو إيكو النقدي)‬
‫ّ‬ ‫الدار العربية للعلوم ناشرون (بيروت)‪ ،‬منشورات االختالف (الجزائر)‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫ّ‬
‫‪ 19‬سعيد بنكراد‪ :‬مفاهيم في السيميائيات‪ ،‬مجلة عالمات‪ ،‬العدد ‪،17‬‬
‫مكناس املغرب‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص‪.85‬‬ ‫‪ ،2008‬ص‪.102‬‬
‫‪ 20‬أمبرتو إيكو‪ :‬العالمة‪ ،‬ترجمة سعيد بنكراد ص‪.56‬‬ ‫‪ 2‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات والتأويل‪ ،‬مدخل لسيميائيات ش‪.‬س‪ .‬بورس‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص‪.72‬‬ ‫املركز الثقافي العربي‪ّ ،‬‬
‫‪ 21‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات‪ ،‬مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ 22‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات والتأويل‪ ،‬ص‪.145‬‬ ‫‪ 3‬أمبرتو إيكو‪ :‬العالمة‪ ،‬تحليل املفهوم وتاريخه‪ ،‬ترجمة سعيد بنكراد‪،‬‬
‫‪23 Umberto Eco : La structure absente, introduction à la recherche‬‬ ‫ومراجعة سعيد الغانمي‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪-36‬‬
‫‪sémiotique, traduit par : Uccio Esposito- Torrigiani, édition :‬‬ ‫‪.37‬‬
‫‪Mercure de France, Paris, 1972, p30.‬‬ ‫‪ 4‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات والتأويل‪ ،‬ص‪.73-72‬‬
‫‪24 U. Eco : Lector in fabula, traduit par : Myriem Bouzaher, édition :‬‬ ‫‪ 5‬جان ماري شايفر‪ :‬العالماتية‪ :‬مقال ضمن كتاب "العالماتية وعلم النص"‬
‫‪Grasset, Paris, 1985, p27.‬‬ ‫(نصوص مختارة ومترجمة)‪ ،‬إعداد وترجمة منذر العياش ي‪ ،‬املركز الثقافي‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.01‬‬ ‫العربي‪ّ ،‬‬
‫‪ 25‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات والتأويل‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪ 26‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.149‬‬ ‫‪ 6‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات‪ ،‬مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬دار الحوار للنشر‬
‫‪ 27‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ترجمة وتقديم‪ :‬سعيد‬ ‫والتوزيع‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪ ،2005 ،2‬ص‪.54‬‬
‫بنكراد‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪.2004 ،2‬‬ ‫‪ 7‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ 28‬نفسه‪ ،‬ص‪.117‬‬ ‫‪ 8‬وحيد بن بوعزيز‪ :‬حدود التأويل‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ 29‬نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫‪ 9‬ينظر‪ :‬ضياء الكعبي‪ :‬السرد العربي القديم‪ ،‬األنساق الثقافية وإشكاليات‬
‫‪ 30‬جميل صليبا‪ :‬املعجم الفلسفي‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪،1971 ،‬‬ ‫التأويل‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2005 1‬ص‪.21‬‬
‫ج‪ ،2‬ص‪.519‬‬ ‫‪ 10‬أمبرتو إيكو‪ :‬العالمة‪ ،‬ترجمة سعيد بنكراد‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪293‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 2‬أفريل ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ 31‬مجموع ة من املؤلفين‪ :‬معجم املصطلحات األدبية‪ ،‬ترجمة محمد حمود‪،‬‬


‫"مجد" املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2012‬ص‪.1253‬‬
‫‪ 32‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫‪ 33‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 34‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪35 U. Eco : L’interprétation et surinterprétation, traduit de l’anglais‬‬

‫‪par Jean-Pierre Cometti, édité par Stefan Collini, presses‬‬


‫‪universitaires de France, 3éd, Juillet 2002, pp26-27.‬‬
‫بناء على املثال الذي ساقه "إيكو" عندما‬‫‪ 36‬اقترحنا هذا الشكل التخطيطي ً‬
‫(الحد) التي ميزت بين موقفين تأويليين أساسيين أو‬ ‫ّ‬ ‫تحدث عن مقولة‬
‫ّ‬
‫طريقتين في فك رموز النص باعتباره عاملا‪ ،‬وباعتبار العالم نصا‪ .‬ينظر‪ :‬إيكو‪:‬‬
‫التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ص‪.26-25‬‬
‫‪ 37‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪ 38‬ينظر‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ 39‬أمبرتو إيكو‪ :‬سيميائيات األنساق البصرية‪ ،‬ترجمة محمد التهامي‬
‫العماري‪ ،‬محمد أودادا‪ ،‬مراجعة وتقديم سعيد بنكراد‪ ،‬دار الحوار للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪( ،2013 ،2‬املقدمة) ص‪.7-6‬‬
‫‪ 40‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ 41‬لإلطالع على املثال في أصله يرجى العودة إلى املرجع نفسه ص‪.122‬‬
‫لتصرف في هذا القول بتحوير نموذج التمثيل تبعا للترجمة التي‬ ‫تم ا ّ‬ ‫‪ّ 42‬‬
‫أشرنا إليها في الهامش السابق‪( .‬ينظر املرجع نفسه ص‪ .)123‬ولفهم ميكانيزم‬
‫ّ‬
‫املسمى "السيد سيغما"‬ ‫االنتقال إلى مستوى أعلى من العالمات ينظر املثال‬
‫في املرجع‪ :‬أمبرتو إيكو‪ :‬العالمة‪ ،‬ص‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 43‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪ 44‬وحيد بن بوعزيز‪ :‬حدود التأويل (قراءة في مشروع أمبرتو إيكو النقدي)‪،‬‬
‫ص‪.116‬‬
‫‪ 45‬جاك ديريدا‪ :‬الكتابة واالختالف‪ ،‬ترجمة كاظم جهاد‪ ،‬دار توبقال‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1988 ،1‬ص‪.53‬‬
‫‪ 46‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ 47‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪48 U. Eco : Lector in Fabula (Op.cit), p71.‬‬

‫‪49 Ibid, p237.‬‬

‫‪ 50‬أمبرتو إيكو‪ :‬التأويل والتأويل املفرط‪ ،‬ترجمة ناصر الحلواني‪ ،‬مركز‬


‫اإلنماء الحضاري‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪.66‬‬
‫‪ 51‬أمبرتو إيكو‪ :‬القارئ في الحكاية‪ ،‬التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية‪،‬‬
‫ترجمة أنطوان أبو زيد‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1996 ،1‬‬
‫ص‪.148‬‬
‫‪52 U. Eco : L’interprétation et surinterprétation (Op.cit), p21.‬‬

‫‪294‬‬

You might also like