You are on page 1of 406

‫اململكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم‬
‫جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‬
‫كلية الشريعة ابلرايض‬
‫قسم الفقه‬

‫تعقبات عثمان النجدي على من سبقه من احلنابلة‬


‫جمعا ودراسة‬
‫رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في الفقه‬

‫إعداد الطالب‪:‬‬
‫عبدالرحمن بن سليمان بن صالح الغصن‬

‫إشراف‪:‬‬
‫د‪.‬عيسى بن سليمان العيسى‬
‫األستاذ المساعد في قسم الفقه بالكلية‬

‫العام الجامعي‬
‫‪ 1439 – 1438‬هـ‬
‫املقدمة‬

‫املقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫حممداً عبده ورسوله‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬وسلم تسليماً كثرياً‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن العلماء ما زال بعضهم يستدرك على بعض‪ ،‬ويسدد بعضهم بعضا‪ ،‬إذ ما من‬
‫عامل إال وله اجتهاد قد ال يوافق عليه‪ ،‬وقد عين العلماء هبذا األمر حفظا جلناب العلم‪،‬‬
‫وأداء لواجب النصح لألمة‪.‬‬
‫وإن من العلماء الذين اعتنوا بذلك عثمان بن أمحد بن سعيد النجدي ¬‪،‬‬
‫وذلك يف حاشيته على املنتهى وشرحه على عمدة الطالب‪ ،‬فقد نبه فيهما على كثري من‬
‫املواضع اليت هي حمل نظر وتعقب عنده‪ ،‬وقد أظهر ¬ يف هذه التعقبات دقة يف النظر‬
‫والفقه‪ ،‬األمر الذي جيعل دراستها وإبرازها من األمهية مبكان‪.‬‬
‫وملا كان من متطلبات احلصول على درجة املاجستري تقدمي رسالة علمية ختدم‬
‫التخصص‪ ،‬فقد اخرتت البحث يف موضوع‪( :‬تعقبات عثمان النجدي على من سبقه‬
‫من احلنابلة)‪ ،‬ومل أحصر هذا البحث يف عامل معني أو كتاب معني؛ وذلك ألن عثمان‬
‫¬ ينبه ويستدرك يف حاشيته على املنتهى ويف شرحه على عمدة الطالب على مواضع‬
‫من كتب احلنابلة‪ ،‬وال يقتصر بالتنبيه على ما يف املنتهى أو العمدة‪.‬‬
‫وضابط هذه التعقبات‪ :‬أنه مىت قال عثمان ¬ عن أمر‪( :‬فيه نظر)‪ ،‬أو كان‬
‫اختيارا‪ ،‬وإذا مل يكن هذا‬
‫ً‬ ‫ترجيحا أو‬
‫ً‬ ‫التعقب على العبارات‪ ،‬أو األحكام إذا مل يتضمن‬
‫التعقب جوابا على تعقب آخر‪ ،‬أو سبق أحد من العلماء عثما َن يف ذكر التعقب‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تظهر أمهية املوضوع يف النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪-1-‬‬
‫املقدمة‬

‫أن من تعقبهم عثمان النجدي –كابن النجار(‪ ،)1‬واحلجاوي(‪،)2‬‬ ‫‪-1‬‬


‫والبهويت(‪ -)3‬هم كبار علماء املذهب يف طبقة املتأخرين‪.‬‬
‫‪ – 2‬دقة هذه التعقبات‪ ،‬األمر الذي جيعل دراستها من األمهية مبكان‪.‬‬
‫‪- 3‬أن هذه التعقبات جاءت بالتنبيه على مواضع من الكتب املعتمدة لدى‬
‫متأخري احلنابلة ‪ -‬كاملنتهى واإلقناع ‪.-‬‬
‫‪ – 4‬أن هذه التعقبات تبني مكانة عثمان النجدي ‪ – ¬ -‬الفقهية‪ ،‬حيث‬
‫إهنا جاءت من عامل حمقق‪ ،‬قد شهد له العلماء بالتحرير والتدقيق‪ ،‬فقد قال عنه ابن محيد‬
‫– ¬ ‪" :-‬اختص بشيخ املذهب فيها – أي يف مصر – وحمرر الفنون العالمة الشيخ‬
‫حممد بن أمحد اخللويت‪ ،‬فأخذ عنه دقائق الفقه وعدة فنون‪ ،‬وزاد انتفاعه به جدا حىت متهر‬
‫وحقق ودقق واشتهر يف مصر ونواحيها وقصد باألسئلة واالستفتاء سنني‪ ،‬وكتب على‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬حممد بن أمحد بن عبدالعزيز بن علي تقي الدين ابن شهاب الدين الفتوحي املصري‪ ،‬الشهري بابن النجار‪ ،‬ولد‬
‫مبصر‪ ،‬وأخذ الفقه عن أبيه‪ ،‬وتبحر يف العلوم حىت انتهت إليه رئاسة املذهب‪ ،‬وكان يقال‪ :‬إذا انتقل الفتوحي إىل‬
‫رمحة اهلل‪ ،‬فسيموت بذلك فقه اإلمام أمحد من مصر‪ ،‬ويل قضاء مصر‪ ،‬وانفرد باإلفتاء والتدريس فيها‪ ،‬ألف كتبا‪،‬‬
‫منها‪ :‬منتهى اإلرادات‪ ،‬وشرحه معونة أويل النهى‪ ،‬وشرح الكوكب املنري‪ ،‬وكتابه املنتهى هو معتمد املتأخرين يف حترير‬
‫املذهب‪ ،‬وعليه الفتوى‪ ،‬تويف ¬ سنة اثنتني وسبعني وتسعمائة‪ .‬شذرات الذهب (‪ ،)571 /10‬والنعت األكمل‬
‫(ص‪ ،)141 :‬والسحب الوابلة (‪ ،)854 /2‬واملدخل البن بدران (ص‪.)440 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬موسى بن أمحد بن موسى بن سامل بن عيسى بن سامل احلجاوي املقدسي‪ ،‬مث الصاحلي‪ ،‬شرف الدين‪ ،‬أبو‬
‫النجا‪ :‬من أكابر فقهاء احلنابلة‪ ،‬وهو من أهل دمشق‪ .‬كان مفيت احلنابلة وشيخ اإلسالم فيها‪ .‬نسبته إىل (حجة)‬
‫من قرى نابلس‪ ،‬له كتب‪ ،‬منها (زاد املستقنع يف اختصار املقنع)‪ ،‬و(حواشي التنقيح)‪ ،‬و(شرح منظومة اآلداب‬
‫الشرعية) و(اإلقناع)‪ ،‬وهذا اإلقناع من أجل كتب الفقه عند احلنابلة‪ ،‬قال ابن العماد‪ :‬مل يؤلف أحد مؤلفا مثله يف‬
‫حترير النقول وكثرة املسائل‪ ،‬تويف سنة مثان وستني وتسعمائة‪ .‬النعت األكمل (ص‪ ،)124 :‬والسحب الوابلة (‪/3‬‬
‫‪ ،)1134‬واملدخل البن بدران (ص‪.)442 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬منصور بن يونس بن صالح الدين بن حسن بن أمحد بن علي بن إدريس البهويت شيخ احلنابلة يف عصره‪ ،‬وكان‬
‫ممن انتهى إليه اإلفتاء والتدريس‪ ،‬وكان إماما مهاما عالمة يف سائر العلوم‪ ،‬ولد ¬ سنة ألف من اهلجرة‪ ،‬أخذ العلم‬
‫عن مجلة من العلماء منهم اجلمال يوسف البهويت‪ ،‬والشيخ عبدالرمحن البهويت‪ ،‬وأخذ عنه العلم مجاعة‪ ،‬منهم حممد‬
‫اخللويت‪ ،‬وإبراهيم الصاحلي‪ ،‬شرح اإلقناع واملنتهى وحشى عليهما‪ ،‬وشرح املفردات والزاد‪ ،‬وألف عمدة الطالب‪ ،‬تويف‬
‫¬ سنة إحدى ومخسني وألف‪ .‬النعت األكمل (ص‪ ،)210 :‬والسحب الوابلة (‪ ،)1131 /3‬واملدخل البن‬
‫بدران (ص‪.)440 :‬‬
‫‪-2-‬‬
‫املقدمة‬

‫املنتهى حاشية نفيسة مفيدة جردها من هوامش نسخته تلميذه ابن عوض النابلسي‪،‬‬
‫فجاءت يف جملد ضخم‪ ،‬وصنف هداية الراغب شرح عمدة الطالب‪ ،‬حرره حتريرا نفيسا‬
‫فصار من أنفس كتب املذهب ‪ ...‬وكان خطه فائقا مضبوطا إىل الغاية‪ ،‬بديع التقرير‪،‬‬
‫سديد األحباث والتحرير"(‪. )1‬‬
‫وقال عنه الشيخ عبداهلل البسام – ¬ –‪" :‬حىت مهر مهارة تامة يف الفقه‪ ،‬وحقق‬
‫فيه ودقق‪ ،‬وأطلق عليه لقب "احملقق"‪ ،‬واشتهر يف مصر ونواحيها‪ ،‬وقصد باألسئلة‬
‫واالستفتاء سنني عديدة"(‪. )2‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬


‫تظهر أسباب اختيار هذا املوضوع يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما تقدم يف أمهية املوضوع‪.‬‬
‫‪ – 2‬عدم وجود دراسات سابقة اعتنت هبذا املوضوع‪.‬‬
‫‪ – 3‬أثر هذه الدراسة يف تنمية امللكة الفقهية‪ ،‬ومعرفة طرق الرتجيح بني أقوال‬
‫علماء املذهب‪ ،‬وكيفية إعمال أصول املذهب وقواعده‪.‬‬

‫أهداف الموضوع‪:‬‬
‫يهدف البحث يف هذا املوضوع إىل ما يأيت‪:‬‬
‫‪ – 1‬مجع تعقبات عثمان النجدي ¬ الفقهية‪ ،‬ودراستها‪.‬‬
‫‪ – 2‬إبراز املستند الذي بىن عليه عثمان النجدي ¬ هذه التعقبات‪.‬‬
‫‪ – 3‬موازنة هذه التعقبات مع األقوال املتعقب عليها‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫مل يتناول أحد من الباحثني هذا املوضوع بالدراسة‪.‬‬

‫(‪ )1‬السحب الوابلة (ص‪.)283 :‬‬


‫(‪ )2‬علماء جند (‪.)130 /5‬‬
‫‪-3-‬‬
‫املقدمة‬

‫منهج البحث‪:‬‬
‫أخذت يف إعداد البحث باملنهج اآليت‪:‬‬
‫أصور املسألة املراد حبثها تصويراً دقيقاً قبل بيان حكمها‪ ،‬ليتضح املقصود من‬‫أوالً‪ِّ :‬‬
‫دراستها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬يف دراسة املسائل أتبع ما يلي‪:‬‬
‫(‪ )1‬ذكر النص الذي تعقبه عثمان ¬ مع شرحه وحتليله‪.‬‬
‫(‪ )2‬ذكر نص عثمان ¬ يف التعقب مع شرحه وحتليله‪.‬‬
‫(‪ )3‬ذكر مستند القول املتعقب عليه ومستند التعقب من أصول املذهب وقواعده‬
‫ومن األدلة الشرعية‪.‬‬
‫(‪ )4‬حترير حمل اخلالف‪ ،‬إذا كانت بعض صور املسألة حمل خالف‪ ،‬وبعضها حمل‬
‫اتفاق‪.‬‬
‫(‪ )5‬ذكر األقوال يف املسألة داخل املذهب احلنبلي‪ ،‬وبيان من قال هبا من احلنابلة‪.‬‬
‫(‪ )6‬االقتصار على اخلالف يف املذهب احلنبلي‪.‬‬
‫(‪ )7‬توثيق األقوال من مصادرها‪ ،‬ومن كتب أصحاهبا‪.‬‬
‫(‪ )8‬الرتجيح‪ ،‬مع بيان سببه وذكر مثرة اخلالف إن وجدت‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬االعتماد على أمهات املصادر واملراجع األصيلة يف التحرير والتوثيق والتخريج‬
‫واجلمع‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الرتكيز على موضوع البحث وجتنب االستطراد‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬العناية بضرب األمثلة؛ وخاصة الواقعية‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬ترقيم اآليات‪ ،‬وبيان سورها‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬ختريج األحاديث وبيان ما ذكره أهل الشأن يف درجتها ‪ -‬إن مل تكن يف‬
‫الصحيحني أو أحدمها – فإن كانت كذلك فأكتفي ٍ‬
‫حينئذ بتخرجيها منهما‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬ختريج اآلثار من مصادرها األصيلة‪ ،‬واحلكم عليها‪ ،‬وبيان ما نقله أهل‬
‫االختصاص فيها‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬التعريف باملصطلحات‪ ،‬وشرح الغريب الوارد يف صلب املوضوع‪.‬‬

‫‪-4-‬‬
‫املقدمة‬

‫عاشرا‪ :‬العناية بقواعد اللغة العربية‪ ،‬واإلمالء‪ ،‬وعالمات الرتقيم‪.‬‬


‫حادي عشر‪ :‬الرتمجة لألعالم غري املشهورين عند أول ٍ‬
‫ورود هلم‪.‬‬
‫ثاين عشر‪ :‬خامتة البحث عبارة عن ملخص للرسالة‪ ،‬يعطي فكرة واضحة عما‬
‫تضمنته الرسالة‪ ،‬مع إبراز أهم النتائج اليت توصلت إليها من خالل هذا البحث‪.‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬اعتمدت يف ترتيب املباحث على ترتيب كتاب (منتهى اإلرادات)‬
‫للفتوحي ¬‪.‬‬
‫رابع عشر‪ :‬أتبع الرسالة بالفهارس الفنية املتعارف عليها‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫‪ -‬فـهرس اآليات‪.‬‬
‫‪ -‬فـهرس األحاديث‪.‬‬
‫‪ -‬فهرس اآلثار‪.‬‬
‫‪ -‬فـهرس األعالم‪.‬‬
‫‪ -‬فـهرس املصادر واملراجع‪.‬‬
‫‪ -‬فهرس املوضوعات‪.‬‬

‫تقسيمات البحث ‪:‬‬


‫انتظمت خطة البحث يف مقدمة‪ ،‬ومتهيد‪ ،‬وثالثة فصول‪ ،‬وخامتة‪ ،‬وفهارس‪.‬‬
‫المقدمة ‪:‬‬
‫وفيها أمهية املوضوع وأسباب اختياره وأهدافه ومنهج البحث وتقسيماته‪.‬‬
‫التمهيد‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التعريف بعثمان النجدي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬معىن التعقبات وصيغها عند عثمان النجدي ومنهجه فيها‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات في العبادات‪ ،‬وفيه خمسة مباحث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب الطهارة‪ ،‬وفيه خمسة عشر مطلبا‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اعتبار غسل امليت موجبا للطهارة ألنه يف معىن احلدث‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫املقدمة‬

‫املطلب الثاين‪ :‬صحة الوضوء مباء حمرم إن كان املتوضئ جاهال أو ناسيا‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬ما يكون به املاء مستعمال‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬كراهية اسـ ـ ـ ـ ــتعمال املاء املختلك بغري مماز كدهن وقطع كافور‪ ،‬أو‬
‫مبلح مائي مع احلاجة إليه‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬طهورية ماء اإلبريق بعد إهراق بعضه على جناسة‪.‬‬
‫املطلب الســادس‪ :‬ما يصــنع من أراد الغســل أو إزالة النجاســة عند اختالط طاهر‬
‫بطهور‪.‬‬
‫املطلب السابع‪ :‬الصالة بثياب اشتبه فيها املباح باحملرم‪.‬‬
‫املطلب الثامن‪ :‬لزوم غسل يدي قائم من نوم ليل إذا تذكر أثناء الطهارة األوىل‪.‬‬
‫املطلب التاسع‪ :‬التسمية للوضوء بغري العربية‪.‬‬
‫املطلب العاشر‪ :‬جتديد الوضوء ملا تسن له الطهارة‪.‬‬
‫املطلب احلادي عشر‪ :‬صحة وضوء من أكره شخصا على صب املاء‪.‬‬
‫املطلب الثاين عش ـ ــر‪ :‬املس ـ ــح على اخلف الذي لةبس بعد طهارة ةمس ـ ــح فيها على‬
‫اجلبرية‪.‬‬
‫املطلب الثالث عشر‪ :‬إجياب الغسل على من قال يب جنية أجامعها كاملرأة‪.‬‬
‫املطلب الرابع عش ـ ــر‪ :‬ص ـ ــحة طهارة من لزمه غس ـ ــل ووض ـ ــوء وإزالة جناس ـ ــة فتيمم‬
‫ونوى استباحة أمر يتوقف على الطهارة منها مجيعا‪.‬‬
‫املطلب اخلامس عش ـ ــر‪ :‬قياس من عاد دم نفاس ـ ــها يف األربعني بعد انقطاعه على‬
‫املبتدأة اليت زاد دمها على اليوم والليلة قبل تكرره‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب الصالة‪ ،‬وفيه خمسة عشر مطلبا‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬أقسام الناس يف حد العورة‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الصالة على سطح هنر‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اشرتاط الضرورة لصحة صالة اجلمعة يف البقعة املغصوبة‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬املراد بقوهلم "سرتة اإلمام سرتة ملن خلفه"‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫املقدمة‬

‫املطلب اخلامس‪ :‬لزوم قراءة الفاحتة ملن ائتم مبحدث أو جنس جيهل ذلك‪.‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬من نسي مخس سجدات من أربع ركعات أو ثالث‪.‬‬
‫املطلب السابع‪ :‬اكتفاء املسبوق جلرب سهوه بسجود اإلمام للسهو‪.‬‬
‫املطلب الثامن‪ :‬حكم اجللوس بعد سجود التالوة‪.‬‬
‫املطلب التاسع‪ :‬حكم من كرب لإلحرام يف فرض بعد شروعه باالحنناء للركوع‪.‬‬
‫املطلب العاش ـ ـ ـ ــر‪ :‬ائتمام احلنبلي مبن ص ـ ـ ـ ــلى قبل اإلمام الراتب إذا كان يص ـ ـ ـ ــحح‬
‫ذلك‪.‬‬
‫املطلب احلادي عشـ ــر‪ :‬إمامة من يبدل ضـ ــاد (املغضـ ــوب) و(الضـ ــالني) بظاء من‬
‫غري عجز‪.‬‬
‫املطلب الثاين عش ـ ــر‪ :‬ص ـ ــالة اإلمام إذا أحرم أمامه أو خلفه أو عن يس ـ ــاره فذ مث‬
‫تقدم عليه‪.‬‬
‫املطلب الثالث عشر‪ :‬صفة الريح اليت جيوز بسببها مجع الصالة‪.‬‬
‫املطلب الرابع عشر‪ :‬حكم اجلمعة من مجاعة كلهم صم إال اخلطيب‪.‬‬
‫املطلب اخلامس عش ــر‪ :‬من ركع مع اإلمام الركعة األوىل يف ص ــالة اجلمعة مث زحم‬
‫أو نام وحنوه ومل يزل عذره إال عند ركوع اإلمام يف الثانية‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الزكاة‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬الفرق بني دين السلم وغريه من الديون يف وجوب الزكاة فيه‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الرتتيب بني النذر املعني واألض ـ ـ ـ ـ ـ ــحية املعينة فيما يؤخذ من تركة‬
‫امليت‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تفس ـ ـ ـ ـ ــري املراد بقول الفتوحي‪" :‬وذي رحم ال س ـ ـ ـ ـ ــيما مع عداوة‪،‬‬
‫وهي عليهم صلة أفضل"‪ ،‬باجلمع بني نية الصدقة ونية الصلة‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب الصيام‪ ،‬وفيه مطلبان‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬احلكم إذا رئي اهلالل هنار يوم تسع وعشرين‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫املقدمة‬

‫املطلب الثاين‪ :‬اعتبار كاف (كس ــفر) يف قول الفتوحي‪" :‬وعليه ال مع عذر معتاد‬
‫كسفر عن كل يوم ملسكني ما جيزئ يف كفارة" للتشبيه‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الحج‪ ،‬وفيه خمسة مطالب‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬االستعانة على احلج بأكل حمرم‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬ذكر فدية اجلماع يف العمرة يف قسم الفدية املرتبة‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬حكم األخذ بقول من قتل صيدا يف احلرم يف تقدير جزاء صيده‪.‬‬
‫املطلــب الرابع‪ :‬إعــادة الطواف والس ـ ـ ـ ـ ـ ــعي من املتمع الــذي علم أحــد طوافيــه بال‬
‫طهارة ‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬تعيني هدي به عيب مل يعلمه‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التعقبات في المعامالت المالية‪ ،‬وفيه خمسة مباحث‪.‬‬


‫المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب البيع‪ ،‬وفيه ثالثة عشر مطلبا‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬بيع املاء املتنجس‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬اش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرتاط تعيني ابتداء وانتهاء االس ـ ـ ـ ـ ـ ــتثناء يف بيع أرض أو ثوب‬
‫واستثناء جزء منهما‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬إدخال مســألة تعذر أداء املنفعة املشــرتطة يف قول الفتوحي‪" :‬وإن‬
‫تراضيا على أخذه بال عذر جاز"‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬قول الراهن‪ :‬إن جئتك حبقك يف وقت كذا وإال فالرهن لك‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬ثبوت خيار العيب حال نقص املبيع يف عينه دون قيمته‪.‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬النقص من الثمن وقسطه من اخلسارة حال التخبري بالثمن على‬
‫غري حقيقته‪.‬‬
‫املطلب السـ ــابع‪ :‬ختيري املشـ ــرتي بني الفسـ ــخ واإلمسـ ــاك بال أرب إذا علم بالعيب‬
‫قبل القبض وكان املبيع من ضمان البائع‪.‬‬
‫املطلب الثامن‪ :‬اعتبار طلب املشرتي الكيل يف وعائه مبنزلة قبضه‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫املقدمة‬

‫املطلب التاسع‪ :‬قبض متعني احتا إىل حق توفية بغري رضا بائع‪.‬‬
‫املطلب العاشر‪ :‬اشرتاط النية عند قضاء الدين‪.‬‬
‫املطلب احلادي عشر‪ :‬إقراض الويل من مال موليه ملصلحة‪.‬‬
‫املطلب الثاين عشر‪ :‬تشبيه الناظر واإلمام بسيد اجلاين‪.‬‬
‫املطلب الثالث عشر‪ :‬ضمان املشرتي أرب الثمن‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب الحجر‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬رد اليمني على املعسر‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬من تعترب زيادته عن مثن املثل بعد البيع يف مدة اخليار‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬بيع الوكيل للسلعة بثمن املثل مع حضور من يزيد عليه‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الشركة‪ ،‬وفيه مطلبان‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬تربع الش ـريك ببعض مال الشــركة إذا مل يتمكن من أخذ الثمن إال‬
‫باإلبراء من بعضه‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعامل العامل يف املسـاقاة واملزارعة مع غريه على األرض أو الشـجر‬
‫بغري إذن ربه‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب العارية‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬


‫املطلـب األول‪ :‬الرجوع يف عـاريـة األرض للزرع إن أخر املس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعري الزرع عن مـدة‬
‫ينقص يف مثلها‪ ،‬أو تأخر بسببه تأخرا غري متعارف‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الرجوع يف إعارة األرض اليت بين عليها مسجد أو حنوه‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اس ــتحقاق املس ــتعري إبقاء غرس ــه وبنائه بال أجرة بعد رجوع املعري‬
‫يف عاريته إن مل يصطلحا على متلك املعري له بقيمته‪ ،‬أو قلعه مع ضمان نقصه‪.‬‬

‫‪-9-‬‬
‫املقدمة‬

‫المبحثثث الخثثامس‪ :‬التعقبثثات في كتثثاب الغصث ث ث ث ث ثثب وكتثثاب الوق ‪ ،‬وفيثثه‬


‫مطلبان‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعقبات في كتاب الغصب‪ ،‬وفيه ثمان مسائل‪.‬‬
‫املســألة األوىل‪ :‬ما يســتحقه مالك املغصــوب إن نقص نقصــا غري مســتقر إن كان‬
‫قد أخذ بدل ماله‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬مطالبة املالك الغاصب بالثمن كله إن كان أزيد من القيمة‪.‬‬
‫املس ـ ـ ـ ـ ـ ــألة الثالثة‪ :‬ذكر احلاالت اليت يربأ فيها الغاص ـ ـ ـ ـ ـ ــب إن تلفت العني حتت يد‬
‫مالكها‪ ،‬واليت ال يربأ بعد ذكر القاعدة اجلامعة لذلك‪.‬‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬وجوب البدل يف الذمة إن تلفت العني املغصوبة‪.‬‬
‫املسـ ـ ـ ـ ــألة اخلامسـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬تفسـ ـ ـ ـ ــري (من) يف قوله الفتوحي‪" :‬وما صـ ـ ـ ـ ــحت إجارته من‬
‫مغصـ ــوب ومقبوض بعقد فاسـ ــد فعلى قابض وغاصـ ــب أجرة مثله مدة بقائه بيده" بأهنا‬
‫تبعيضية ال بيانية‪.‬‬
‫املسألة السادسة‪ :‬حكم قبول الصدقة من مال مغصوب‪.‬‬
‫املسألة السابعة‪ :‬وجوب رد ثوب غريه الذي أطارته الريح إىل داره‪.‬‬
‫املســألة الثامنة‪ :‬إخرا الوديعة لغشــيان شــيء الغالب منه اهلالك‪ ،‬إن كان رهبا هناه‬
‫عن إخراجها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعقب في مسألة عزل الحاكم والناظر ألجنبي واله لفسقه‪.‬‬

‫الفصثثل الثالث‪ :‬التعقبات في فقه األسثثرة والعقوبات واألوعمة‪ ،‬وفيه خمسثثة‬


‫مباحث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب الوص ث ث ث ث ثثايا وكتاب الفرائ ‪ ،‬وفيه أربعة‬
‫مطالب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬حكم ولد األمة املوص ـ ـ ـ ـ ـ ــى هبا لزوجها احلر الذي محلت به بعد‬
‫موت املوصي وقبل قبول الوصية‪ ،‬ووضعته بعد القبول‪.‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫املقدمة‬

‫املطلب الثاين‪ :‬من علقت الوص ـ ـ ـ ـ ــية له حبض ـ ـ ـ ـ ــوره قبل املوت‪ ،‬وقد أوص ـ ـ ـ ـ ــي لغريه‪،‬‬
‫فحضر بعده‪ ،‬وقبل قبول من أوصي له أوال‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬علة صحة وصية املوصي إن قال لورثته‪" :‬أعطوا ثلثي أحدمها"‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬ما ترثه من عتيق عتيقها من أعتقت وأخوها أبامها‪ ،‬مث أعتق األب‬
‫عبدا‪ ،‬مث مات األب واألخ‪ ،‬مث مات العتيق‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب العتق‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬الصــورة اليت يصــح فيها الش ـراء والعتق إن قال العبد لرجل‪ :‬اشــرتين‬
‫من سيدي هبذا املال‪ ،‬وأعتقين‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬ما فضل من املال بيد معتَق بعد إبرائه منه‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اسـ ــتحقاق املكاتب إن حبسـ ــه سـ ــيده أرفق األمرين به من إنظاره‬
‫مثل مدة احلبس‪ ،‬أو أجرة مثله‪.‬‬

‫المبحثث الثثالثث‪ :‬التعقبثات في كتثاب الص ث ث ث ث ثثداال‪ ،‬وكتثاب الطالال‪ ،‬وكتثاب‬


‫اإليالء‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املراد بقول الفتوحي‪" :‬مث ربع الزمن املستقبل للرابعة"‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعليق الطالق على عدم الوطء دون ذكر الوقت‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اعتبار النزع مجاعا حتصل به الرجعة‪.‬‬

‫المبح ثثث الرابع‪ :‬التعقب ثثات في كت ثثاب اللع ثثان‪ ،‬وكت ثثاب الع ثثدد‪ ،‬وفي ثثه أربع ثثة‬
‫مطالب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬إيهام عبارة الفتوحي يف قوله‪" :‬مث يزيد يف خامسـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬وأن لعنة اهلل‬
‫عليه إن كان من الكاذبني" أنه يأيت يف اخلامسة بالشهادة‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املدة اليت يلحق فيها نسب املولود من رجعية بطليقها‪.‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫املقدمة‬

‫املطلب الثالث‪ :‬تض ـ ـ ــمني البينة ما تلف من املال إن ش ـ ـ ــهدت مبوت رجل مث بان‬
‫حيا‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬إدخال مس ـ ـ ـ ـ ــألة‪ :‬نكاح الرجعية بعد انقطاع احليض ـ ـ ـ ـ ــة الثالثة وقبل‬
‫الغسل يف النكاح الفاسد‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الجنايات‪ ،‬وكتاب الحدود‪ ،‬وكتاب‬


‫األوعمة‪ ،‬وفيه أربعة مطالب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تسليم القن اجلاين لويل اجلناية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬قبول توبة املرتد والكافر إن أتى بالشهادتني غري متواليتني‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اشرتاط إقرار اجلاحد مبا جحده مع قوله‪" :‬أنا مسلم"‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬أكل من يقول بوجوب التس ـ ـ ـ ـ ـ ــمية من ذبيحة من ال يقول بوجوهبا‬
‫إن مل يسم على ذبيحته‪.‬‬

‫الخاتمة‪ :‬وفيها أبرز النتائج وأهم التوصيات‪.‬‬


‫الفهارس‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪-‬فـهرس اآليات‪.‬‬
‫‪ -‬فـهرس األحاديث‪.‬‬
‫‪ -‬فهرس اآلثار‪.‬‬
‫‪ -‬فـهرس األعالم‪.‬‬
‫‪ -‬فـهرس املصادر واملراجع‪.‬‬
‫‪ -‬فهرس املوضوعات‪.‬‬

‫مث إين أمحد اهلل عز وجل على ما أعان ويسـ ـ ــر من كتابة هذه الرسـ ـ ــالة‪ ،‬فله احلمد‬
‫والشكر‪ ،‬هو أهل الثناء واجملد‪ ،‬ال أحصي ثناء عليه‪.‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫املقدمة‬

‫مث أثين بالشكر لوالدي الكرميني‪ ،‬على ما بذاله من تربية ونصح وتوجيه وتشجيع‪،‬‬
‫فأسأل اهلل أن جيزيهما عين خري اجلزاء‪.‬‬
‫كما أتقدم بالشـ ــكر للمشـ ــرف العلمي هلذه الرسـ ــالة فضـ ــيلة الدكتور‪ :‬عيسـ ــى بن‬
‫س ـ ـ ــليمان العيس ـ ـ ــى‪ ،‬فقد كان نعم املوجه واحملفز‪ ،‬فقد أفدت من توجيهاته وتس ـ ـ ــديداته‪،‬‬
‫وقد بذل من وقته وجهده ما يعجز اللســان عن شــكره‪ ،‬فأســأل اهلل أن يكتب له األجر‬
‫اجلزيل‪ ،‬وأن يبارك له يف علمه ووقته‪.‬‬
‫كما أشكر القائمني على جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬وأخص منهم‬
‫القائمني على كلية الش ـ ـ ـريعة‪ ،‬وقسـ ـ ــم الفقه‪ ،‬وأسـ ـ ــأل اهلل أن يبارك يف هذه اجلامعة‪ ،‬وأن‬
‫جيعلها منارة خري وهدى‪.‬‬
‫كما ال أنس ـ ـ ــى أن أش ـ ـ ــكر زوجيت (أم بس ـ ـ ــام) على ص ـ ـ ــربها وتش ـ ـ ــجيعها وحتملها‬
‫النش ـ ـ ــغايل بالرس ـ ـ ــالة‪ ،‬فقد كانت وما زالت توفر يل الوقت والراحة ملتابعة الكتابة وإجناز‬
‫الرسالة‪ ،‬مع ما عندها من أعباء املنزل ومشاغل الدراسة‪.‬‬
‫واهلل أسـ ــأل أن جيعل هذا العمل خالصـ ــا لوجهه الكرمي‪ ،‬وأن ينفع به كاتبه وقارئه‪،‬‬
‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وص ـ ـ ـ ـ ــلى اهلل وس ـ ـ ـ ـ ــلم على نبينا حممد وعلى آله‬
‫وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫الباحث‬
‫عبدالرحمن بن سليمان بن صالح الغصن‬
‫‪alghusn@gmail.com‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫التمهيد‬

‫التمهيد‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬التعري بعثمان النجدي‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬معنى التعقبات‪ ،‬وصيغها عند عثمان النجدي‪ ،‬ومنهجه فيها‪.‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف بعثمان النجدي(‪:)1‬‬
‫اسمه ونسبه‪:‬‬
‫هو عثمان بن أمحد بن س ـ ـ ـ ـ ــعيد بن عثمان بن قائد‪ ،‬النجدي مولدا‪ ،‬الدمش ـ ـ ـ ـ ــقي‬
‫رحلة‪ ،‬القاهري مسكنا ومدفنا‪.‬‬

‫مولده‪:‬‬
‫حصل‪.‬‬
‫ولد يف العيينة من قرى جند‪ ،‬فنشأ هبا‪ ،‬وقرأ على علمائها حىت ّ‬

‫رحالته‪:‬‬
‫رحل إىل دمش ـ ـ ــق‪ ،‬فأخذ عن علمائها‪ ،‬ومهر يف الفقه واألص ـ ـ ــول والنحو وغريها‪،‬‬
‫وقرأ على مفيت احلنابلة بدمشــق‪ ،‬الشــيخ حممد أيب املواهب‪ ،‬فوقع بينهما نزاع يف مســألة‪:‬‬
‫إذا تس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاوى احلرير وغريه يف الظهور‪ ،‬أو زاد احلرير‪ ،‬إذا كان الثوب ةم َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدى باحلرير‬
‫وم ْل َح ًما بغريه‪ ،‬وأخرجته الص ـ ـ ـ ــناعة فظهر الس ـ ـ ـ ــداء وخفيت اللُّ ْح َمة‪ .‬فقال أبو املواهب‪:‬‬ ‫ة‬
‫باحلل‪ ،‬وقال الش ـ ـ ـ ــيخ عثمان‪ :‬باحلرمة‪ ،‬وطال بينهما النزاع واملناظرة‪ ،‬فاحتد الش ـ ـ ـ ــيخ أبو‬
‫املواهب على الشيخ عثمان‪ ،‬فخر من الشام إىل مصر‪.‬‬
‫ويف القاهرة‪ ،‬أخذ عن مجاعة من علمائها‪ ،‬واختص بشـ ـ ـ ـ ـ ــيخ املذهب فيها العالمة‬
‫حممد بن أمحد اخللويت‪ ،‬فأخذ عنه دقائق الفقه وعدة فنون‪ ،‬وزاد انتفاعه به جدا‪.‬‬

‫مشايخه‪:‬‬
‫الشيخ حممد بن موسى البصريي النجدي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ العالمــة عبــد اهلل بن حممــد بن ذهالن‪ ،‬وهو ابن عمتــه‪ ،‬أكرب علمــاء‬ ‫‪-2‬‬
‫العيينة‪ ،‬وقاضي الرياض‪.‬‬

‫(‪ )1‬مجعت الرتمجة من‪ :‬النعت األكمل (ص‪ ،)253 :‬والسحب الوابلة (‪ ،)697 /2‬وعنوان اجملد (‪ ،)340 /2‬واملدخل‬
‫البن بدران (ص‪ ،441 :‬و‪ ،)444‬وعلماء جند (‪.)129 /5‬‬
‫‪- 15 -‬‬
‫الشيخ العالمة حممد أبو املواهب‪ ،‬مفيت احلنابلة يف دمشق‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ العالمة حممد بن أمحد اخللويت‪ ،‬أخذ عنه دقائق الفقه يف القاهرة‪ ،‬وقد‬ ‫‪-4‬‬
‫أجازه إجازة تفيد إعجاب الشيخ بتلميذه‪.‬‬
‫الشيخ الفقيه املؤرخ عبداحلي بن العماد احلنبلي‪ ،‬صاحب الشذرات‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫تالميذه‪:‬‬
‫انتفع به خلق كثري من النجديني والشاميني واملصريني‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫الشيخ أمحد بن عوض املرداوي النابلسي‪ ،‬وهو الذي جرد حاشيته على املنتهى‬ ‫‪-1‬‬
‫من هوامش نسخة الشيخ عثمان‪.‬‬
‫الشيخ حممد ابن احلا مصطفى اجلييت‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الشيخ تا الدين اخللويت‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الشيخ حممد اجليلي‪ ،‬وله منه إجازة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫مؤلفاته‪:‬‬
‫‪ -1‬حاش ــية على منتهى اإلرادات‪ ،‬قال عنها ابن محيد‪" :‬نفيس ــة مفيدة‪ ،‬جردها من‬
‫هوامش نس ـ ــخته‪ ،‬تلميذه ابن عوض النابلس ـ ــي‪ ،‬فجاءت يف جملد ض ـ ــخم"(‪،)1‬‬
‫وقال ابن بدران‪" :‬وهي حاش ــية نافعة متيل إىل التحقيق والتدقيق"(‪ ،)2‬وقال ابن‬
‫بسام‪" :‬حقق فيها ودقق‪ ،‬وفصل فيها‪ ،‬وقسم يف مواضع كثرية‪ ،‬وحل فيها كثريا‬
‫من غوامض منت املنتهى‪ ،‬فجاءت نفيسة جدا"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬السحب الوابلة (‪.)698 /2‬‬


‫(‪ )2‬املدخل البن بدران (ص‪.)441 :‬‬
‫(‪ )3‬علماء جند (‪.)133 /5‬‬
‫‪- 16 -‬‬
‫هداية الراغب شــرح عمدة الطالب‪ ،‬قال ابن محيد‪" :‬حرره حتريرا نفيســا‪ ،‬فصــار‬ ‫‪-2‬‬
‫من أنفس كتب املذهب"(‪ .)1‬وقال عنه ابن بدران‪" :‬شرح لطيف مفيد مسبوك‬
‫سبكا حسنا"(‪ ،)2‬وقال ابن بسام‪" :‬وهو شرح نفيس جدا"(‪.)3‬‬
‫‪ -3‬رسالة يف الرضاع (قطع النزاع يف أحكام الرضاع)‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلسعاف يف إجارة األوقاف‪.‬‬
‫‪ -5‬جناة اخللف يف اعتقاد السلف‪.‬‬
‫‪ -6‬خلص النونية البن القيم‪.‬‬
‫‪ -7‬التوحيد‪ ،‬انتخبه من فتح الباري‪.‬‬
‫‪ -8‬رسالة يف أي املشددة‪.‬‬
‫‪ -9‬كشف الضو عن معىن لو‪.‬‬
‫‪ -10‬اختصار درة الغواص‪ ،‬مع تعقبات يسرية‪.‬‬
‫‪ -11‬شرح البسملة‪.‬‬
‫‪ -12‬رسالة يف القهوة‪.‬‬
‫‪ -13‬جمموعة من الرسائل الفقهية‪.‬‬

‫ثناء العلماء عليه‪:‬‬


‫قال عنه تلميذه ابن عوض يف مقدمة حاش ـ ـ ـ ـ ـ ــية املنتهى‪" :‬هذه حواب على كتاب‬
‫املنتهى للش ـ ــيخ تقي الدين الفتوحي احلنبلي‪ ،‬جردهتا من خك ش ـ ــيخنا وأس ـ ــتاذنا وقدوتنا‬
‫إىل اهلل تعاىل‪ ،‬الش ـ ـ ــيخ العامل العالمة‪ ،‬احلرب البحر الفهامة‪ ،‬احملقق املدقق‪ ،‬املتقن املتفنن‪،‬‬
‫البارع الرحلة‪ ،‬الشيخ عثمان بن أمحد النجدي احلنبلي"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬السحب الوابلة (‪.)699 /2‬‬


‫(‪ )2‬املدخل البن بدران (ص‪.)444 :‬‬
‫(‪ )3‬علماء جند (‪.)132 /5‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)4 /1‬‬
‫‪- 17 -‬‬
‫وقال عنه الشيخ السفاريين‪" :‬أفضل املتأخرين‪ ،‬وخامتة احملققني"(‪.)1‬‬
‫وقال عنه ابن محيد رمحه اهلل‪ " :‬متهر وحقق ودقق‪ ،‬واشـ ـ ـ ــتهر يف مصـ ـ ـ ــر ونواحيها‪،‬‬
‫وقصد باألسئلة واالستفتاء سنني"(‪.)2‬‬
‫وقال عنه الشــيخ عبداهلل البســام رمحه اهلل‪" :‬حىت مهر مهارة تامة يف الفقه‪ ،‬وحقق‬
‫فيه ودقق‪ ،‬وأطلق عليه لقب (احملقق)‪ ،‬واش ـ ـ ــتهر يف مص ـ ـ ــر ونواحيها‪ ،‬وقص ـ ـ ــد باألس ـ ـ ــئلة‬
‫واالستفتاء سنني عديدة"(‪ ،)3‬وقال‪" :‬وله حتريرات عديدة‪ ،‬وحبوث سديدة"(‪.)4‬‬

‫وفاته‪:‬‬
‫كانت وفاته مبصر‪ ،‬يوم االثنني رابع عشر مجادى األوىل سنة ‪1097‬هـ ــ‪ ،‬رمحه اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )1‬غذاء األلباب (‪.)193 /2‬‬


‫(‪ )2‬السحب الوابلة (‪.)698 /2‬‬
‫(‪ )3‬علماء جند (‪.)130 /5‬‬
‫(‪ )4‬علماء جند (‪.)135 /5‬‬
‫‪- 18 -‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى التعقبات‪ ،‬وصيغها عند عثمان‬
‫النجدي‪ ،‬ومنهجه فيها‪:‬‬
‫معنى التعقبات‪:‬‬
‫أ‪ -‬لغة‪:‬‬
‫مــأخوذة من مــادة عقــب‪ ،‬اليت تـدل على تــأخري ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيء وإتيــانــه بعــد غريه‪ ،‬ومنــه‬
‫التعقب‪ ،‬وهو‪ :‬التدبر‪ ،‬وتتبع األثر‪ ،‬والنظر ثانية‪ ،‬والس ـ ـؤال عن اخلرب من غري من جاء به‬
‫أوال‪ ،‬كما أنه يطلق على تتبع العورة والعثرة(‪.)1‬‬
‫وهذه املعاين تدل على أن التعقب يتضـ ـ ـ ــمن تتبعا للخرب الذي جاء به شـ ـ ـ ــخص‪،‬‬
‫وتدبره‪ ،‬وتكرير النظر فيه‪ ،‬وعدم االكتفاء مبا ذكره‪ ،‬فمىت ما وجد أن خرب هذا الشخص‬
‫قد وقع فيه خلل‪ ،‬فقد أظهر املتعقب عثرته‪.‬‬
‫ب‪ -‬اصطالحا‪:‬‬
‫اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتخــدم غري واحــد من الفقهــاء هــذه العبــارة‪ ،‬والظــاهر أهنم يريــدون هبــا املعىن‬
‫اللغوي هلا‪ ،‬فمىت وقع التنبيه على قول فيه وهم‪ ،‬س ـ ـ ـواء كان س ـ ــبب هذا الوهم اختالف‬
‫التصور‪ ،‬أو عدم االطالع‪ ،‬أو اخللل يف سبك العبارة‪ ،‬فهو تعقب‪ ،‬وممن استخدمها من‬
‫احلنابلة‪ :‬ابن القيم(‪ ،)2‬واملرداوي(‪ ،)3‬والبهويت(‪ ،)4‬واخللويت(‪ ،)5‬كما اس ـ ــتخدمها الش ـ ــيخ‬
‫عثمان(‪ )6‬رحم اهلل اجلميع‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقاييس اللغة (‪ ،)79 - 77 /4‬ولسان العرب (‪.)619 - 617 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)57 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)413 /8‬وتصحيح الفروع (‪.)50 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)6 /2‬و(‪.)223 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪ ،)305 /2‬و(‪ ،)304 /4‬و(‪ ،)374 /4‬و(‪.)129 /5‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)52 /3‬و(‪.)440 /4‬‬
‫‪- 19 -‬‬
‫صيغ التعقبات عند عثمان النجدي‪ ،‬ومنهجه فيها‪:‬‬
‫ميكن تقسيم طريقة عثمان ¬ يف تقرير تعقبه باعتبارين‪:‬‬
‫االعتبار األول‪ :‬تقسث ث ثثيم التعقبات من حيث قوة التعقب بجزمه به‪ ،‬وضث ث ثثعفه‬
‫بعدم الجزم‪ ،‬وتنقسم بهذا االعتبار إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسث ث ث ث ثثم األول‪ :‬أن جيزم بــالتعقــب‪ ،‬ويــذكر القول املختــار‪ ،‬وهــذه أقوى املراتــب‪،‬‬
‫وغالبا ما يقول عثمان يف هذا القس ـ ــم عن القول املتعقب‪" :‬وفيه نظر"‪ ،‬أو‪" :‬االف ما‬
‫ذكره فالن"‪ ،‬أو‪" :‬وينبغي تقييده"‪ ،‬وحنو ذلك من العبارات‪.‬‬
‫ومنه قوله‪" :‬قال منصـ ـ ـ ـ ـ ــور‪ :‬تلخص‪ :‬أن احلدث يرتفع عن أول جزء القى‪ ،‬واملاء‬
‫يصــري مســتعمال بأول جزء انفصــل على الصــحيح‪ ،‬كما أن املاء الوارد على حمل التطهري‬
‫يرفع احلدث مبجرد إص ـ ــابته وال يص ـ ــري مس ـ ــتعمال إال بانفص ـ ــاله‪ .‬فإن قلت‪ :‬الوارد مبحل‬
‫التطهري طهور يرفع احلــدث‪ ،‬ويزيــل النجس مــا دام متص ـ ـ ـ ـ ـ ــال‪ ،‬فهال كــان املغموس فيــه‬
‫كــذلــكت قلــت‪ :‬إذا كــان واردا فهو طهور للمش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقــة‪ ،‬االف املورود‪ ،‬كمــا يف املالقي‬
‫للنجاسة‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬ال خيلو كالمــه من تنــافر‪ ،‬حيــث جعلــه أوال كــالوارد‪ ،‬وثــانيــا من املورود‪،‬‬
‫واألظهر‪ :‬أن املاء الذي غةمس فيه بعض اجلنب بعد النية مورود تنسـ ــلب طهوريته مبجرد‬
‫املالق ــاة ألول جزء‪ ،‬كم ــا يتنجس القلي ــل ب ــأول جزء يالقي ــه من النج ــاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة إذا ك ــان‬
‫مورودا"(‪.)1‬‬
‫وقوله‪" :‬قوله‪( :‬وإن عني معلوم عيبه‪...‬إخل) فإن مل يعلم عيبه‪ ،‬تعني أيضـ ـ ـ ـ ــا بدليل‬
‫البهويت"(‪)2‬‬ ‫ما بعده‪ ،‬فهو مفهوم موافقة‪ ،‬خالفا ملا يف شرح منصور‬
‫القسم الثاني‪ :‬أن جيزم بالتعقب‪ ،‬دون ذكر القول املختار‪ ،‬وغالبا ما يقول عثمان‬
‫يف هذا القسم عن القول املتعقب‪" :‬وفيه نظر"‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪ ،)16 – 15 /1‬وينظر‪ :‬هداية الراغب (‪ ،)30 /1‬وهداية الراغب (‪ ،)35 /1‬وحاشية املنتهى (‪1‬‬
‫‪ ،)43 /‬وحاشية املنتهى (‪ ،)46 /1‬وهداية الراغب (‪ ،)81 /1‬وحاشية املنتهى (‪.)59 – 58 /1‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)188 /2‬‬
‫‪- 20 -‬‬
‫ومنه قوله‪" :‬ولو قالت‪ :‬يب جين جيامعين كالرجل فعليها الغس ـ ـ ـ ــل‪ ،‬قاله يف اإلقناع‪.‬‬
‫قال الش ـ ـ ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ :‬قلت‪ :‬وعلى ما ذكره املص ـ ـ ـ ـ ــنف لو قال رجل‪ :‬يب جنية‬
‫أجامعها كاملرأة فعليه الغسل‪ .‬انتهى‪ .‬وفيه نظر"(‪.)1‬‬
‫وقوله‪" :‬وإذا نوى اســتباحة أمر يتوقف على وضــوء‪ ،‬وغســل‪ ،‬وإزالة جناســة‪ ،‬أجزأه‬
‫عن ذلك‪ ،‬وإذا نوى حدثا وأطلق مل جيزئه عن شـ ـ ـ ــيء‪ .‬كذا حبثه شـ ـ ـ ــيخنا حممد اخللويت‪،‬‬
‫وفيه نظر"(‪.)2‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬أن يذكر التعقب على وجه الرتدد‪ ،‬وغالبا ما يقول عثمان يف هذا‬
‫القسم عن القول املتعقب‪" :‬وفيه تأمل"‪ ،‬أو "فليحرر"‪ ،‬وحنو ذلك من العبارات‪.‬‬
‫ومنه قوله‪" :‬فائدة‪ :‬قوهلم‪ :‬ال تصـ ـ ـ ـ ـ ــح الطهارة عن احلدث مبغصـ ـ ـ ـ ـ ــوب‪ ،‬أو ما مثنه‬
‫املعني غصــب‪ .‬قال يف املبدع‪ :‬كالصــالة يف ثوب مغصــوب‪ .‬قاله منصــور‪ .‬قلت‪ :‬فيؤخذ‬
‫منه‪ :‬تقييده مبا إذا كان عاملا ذاكرا‪ ،‬كما يأيت يف الصـ ـ ـ ـ ــالة‪ ،‬وإال صـ ـ ـ ـ ــحت؛ ألنه غري آمث‬
‫إذن‪ ،‬انتهى‪ .‬وقد يفرق‪ :‬بأن املنع هنا أقوى؛ لتلف العني‪ ،‬االف الص ــالة‪ ،‬فال يلزم من‬
‫اغتفار اجلهل والنسيان يف الصالة‪ ،‬اغتفارمها يف الطهارة وإن اشرتكا يف عدم اإلمث"(‪.)3‬‬
‫وقوله‪(" :‬ال كلهم) علم منه‪ :‬أهنم لو كانوا خرس ــا إال اخلطيب‪ ،‬أو كانوا ص ــما إال‬
‫واحدا يسمع؛ صحت مجعتهم‪ .‬قاله يف شرح اإلقناع‪ ،‬وفيه تأمل"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪ ،)81 /1‬وينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)9 /1‬و(‪.)49 /1‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)105 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪ ،)13 /1‬وينظر‪ :‬هداية الراغب (‪ ،)24 /1‬وحاشية املنتهى (‪.)134 /1‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)353 /1‬‬
‫‪- 21 -‬‬
‫االعتبار الثاني‪ :‬تقس ث ث ث ثثيمها من جهة ذكره موض ث ث ث ثثع التعقب‪ ،‬وتنقس ث ث ث ثثم بهذا‬
‫االعتبار إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬أن يبني موضع التعقب‪.‬‬
‫فمن ذلـك قولـه‪" :‬فـائـدة‪ :‬قـال يف اإلقنـاع‪ :‬ولو تقوى على أداء عبـادة بـأكـل حمرم‬
‫ص ـ ـ ـ ــحت‪ .‬قال يف ش ـ ـ ـ ــرحه‪ :‬ألن النهي ال يعود إىل العبادة‪ ،‬وال إىل ش ـ ـ ـ ــروطها‪ ،‬فهو إىل‬
‫خار عنها‪ ،‬وذلك ال يقتضي فسادها‪ ،‬لكن لو حج بغصب عاملا ذاكرا مل يصح حجه‬
‫على املذهب‪ .‬انتهى‪ .‬وكأنه يشري إىل أن كالم اإلقناع ليس على إطالقه‪ ،‬بل يستثىن من‬
‫العبادات احلج‪ ،‬فإذا اســتعان عليه بأكل حمرم؛ مل يصــح حجه‪ .‬كما قال يف املنتهى‪( :‬أو‬
‫حج بغص ـ ـ ــب عاملا ذكرا) وفيه نظر؛ فإن االس ـ ـ ــتعانة بأكل احلرام على الص ـ ـ ــالة او احلج‬
‫عائدة فيهما إىل خار ‪ ،‬فإذا صحت الصالة مع كوهنا آكد من احلج؛ فألن يصح احلج‬
‫أوىل‪ .‬فــاألظهر‪ :‬بقــاء كالم اإلقنــاع على عمومــه‪ ،‬ومحــل كالم املنتهى على مــا إذا طــاف‬
‫طواف الفرض يف س ــرتة مغص ــوبة‪ ،‬أو وقف‪ ،‬أو س ــعى على دابة مغص ــوبة‪ ،‬فإن ذلك ال‬
‫يصح‪ ،‬كالصالة‪ ،‬أما األكل؛ فهو خار فيهما‪ .‬فتدبر"(‪.)1‬‬
‫القسث ث ثثم الثاني‪ :‬أال يبني موض ـ ـ ــع التعقب‪ ،‬وإمنا يذكر أن قول فالن هنا فيه نظر‪،‬‬
‫دون بيان قوله‪ ،‬وموضع النظر‪.‬‬
‫فمن ذلك قوله‪" :‬قوله‪( :‬إال ضاد املغضوب‪...‬إخل) حمصل هذا الكالم‪ :‬أن األمي‬
‫ال تصــح إمامته إال مبثله حيث كان ذلك عجزا‪ ،‬إال من يبدل الضــاد يف املوضــعني بظاء‬
‫عجزا‪ ،‬فإهنا تصـ ـ ـ ــح إمامته‪ ،‬ولو بغري مثله‪ ،‬خالفا للمغين وابن نصـ ـ ـ ــر اهلل‪ ،‬س ـ ـ ـ ـواء عرف‬
‫الفرق ام ال‪ ،‬كما يفهم من حاش ـ ـ ـ ـ ـ ــية املنتهى‪ .‬ويف كالمه يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرح اإلقناع نظر‪ .‬واهلل‬
‫أعلم"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)167 – 166 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)306 – 305 /1‬‬
‫‪- 22 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وفيه خمسة مباحث‪.‬‬


‫• المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب الطهارة‪.‬‬
‫• المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب الصالة‪.‬‬
‫• المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الزكاة‪.‬‬
‫• المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب الصيام‪.‬‬
‫• المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الحج‪.‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وفيه خمسة عشر مطلبا‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬اعتبار غسل الميت موجبا للطهارة ألنه في معنى الحدث‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬صحة الوضوء بماء محرم إن كان المتوضئ جاهال أو ناسيا‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬ما يكون به الماء مستعمال‪.‬‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬كراهية استعمال الماء المختلط بغير ممازج كدهن وقطع كافور‪ ،‬أو‬
‫بملح مائي مع الحاجة إليه‪.‬‬
‫• المطلب الخامس‪ :‬وهورية ماء اإلبريق بعد إهراال بعضه على نجاسة‪.‬‬
‫• المطلب السادس‪ :‬ما يصنع من أراد الغسل أو إزالة النجاسة عند اختالط واهر‬
‫بطهور‪.‬‬
‫• المطلب السابع‪ :‬الصالة بثياب اشتبه فيها المباح بالمحرم‪.‬‬
‫• المطلب الثامن‪ :‬لزوم غسل يدي قائم من نوم ليل إذا تذكر أثناء الطهارة األولى‪.‬‬
‫• المطلب التاسع‪ :‬التسمية للوضوء بغير العربية‪.‬‬
‫• المطلب العاشر‪ :‬تجديد الوضوء لما تسن له الطهارة‪.‬‬
‫• المطلب الحادي عشر‪ :‬صحة وضوء من أكره شخصا على صب الماء‪.‬‬
‫• المطلب الثاني عشر‪ :‬المسح على الخ الذي لُبس بعد وهارة ُمسح فيها على‬
‫الجبيرة‪.‬‬
‫• المطلب الثالث عشر‪ :‬إيجاب الغسل على من قال بي جنية أجامعها كالمرأة‪.‬‬
‫• المطلب الرابع عشر‪ :‬صحة وهارة من لزمه غسل ووضوء وإزالة نجاسة فتيمم ونوى‬
‫استباحة أمر يتوق على الطهارة منها جميعا‪.‬‬
‫• المطلب الخامس عشر‪ :‬قياس من عاد دم نفاسها في األربعين بعد انقطاعه على‬
‫المبتدأة التي زاد دمها على اليوم والليلة قبل تكرره‪.‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اعتبار غسل الميت موجبا للطهارة ألنه في معنى‬
‫الحدث‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫القول املشهور يف مذهب احلنابلة أن غسل امليت من نواقض الوضوء(‪ ،)1‬ويرتتب‬
‫على هذه املســألة مســألة أخرى‪ ،‬وهي حمل البحث هنا‪ ،‬وهي‪ :‬هل غســل امليت حدث‪،‬‬
‫أو هو مبعىن احلدثت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫غس ــل امليت موجب للطهارة؛ ألنه يف معىن احلدث‪ ،‬وليس هو حدثا بذاته‪ ،‬وهذا‬
‫هو قول الفتوحي‪ ،‬قــال ¬‪(" :‬ومــا يف معنــاه) أي معىن ارتفــاع احلــدث‪ ،‬كــالغس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫للميت؛ فإنه تعبدي ال عن حدث"(‪ ،)2‬وقد قال هبذا القول صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب الغاية(‪،)4()3‬‬
‫والبهويت(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫غس ـ ـ ـ ــل امليت موجب للطهارة؛ ألنه حدث‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"مث قول من قال‪ :‬أن احلاص ــل بغس ــل امليت يف معىن ارتفاع احلدث؛ ألنه تعبدي ال عن‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)215 /1‬و كشاف القناع (‪ ،)130 /1‬وشرح املنتهى (‪.)73 /1‬‬
‫(‪ )2‬معونة أويل النهى (‪.)154 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)50 /1‬‬
‫(‪ )4‬صاحب الغاية هو‪ :‬مرعي بن يوسف بن أيب بكر الكرمي نسبة لطولكرم قرية بقرب نابلس مث املقدسي أحد أكابر‬
‫علماء هذا املذهب مبصر‪ ،‬كان فقيها حمدثا‪ ،‬ذا اطالع واسع‪ ،‬وله معرفة تامة بالعلوم العقلية والنقلية‪ ،‬وله مؤلفات‬
‫كثرية‪ ،‬شارفت على املائة كتاب‪ ،‬منها‪ :‬دليل الطالب‪ ،‬وغاية املنتهى‪ ،‬تويف سنة ¬ ثالث وثالثني وألف‪ .‬النعت‬
‫األكمل (ص‪ ،)189 :‬والسحب الوابلة (‪.)1118 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)13 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)24 /1‬والروض املربع حباشية ابن قاسم (‪ ،)57 /1‬وحاشية‬
‫منتهى اإلردات = إرشاد أويل النهى لدقائق املنتهى (‪.)12 /1‬‬
‫‪- 25 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫حدث‪ ،‬فيه نظر‪ ،‬فإن احلدث كما ص ـ ـ ـ ـ ــرحوا به‪ :‬ما أوجب وض ـ ـ ـ ـ ــوءا أو غس ـ ـ ـ ـ ــال‪ ،‬ال أن‬
‫احلدث ما عقل معناه‪ ،‬فتنبه له‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن الوضـ ــوء من غسـ ــل امليت أمر تعبدي ال يعلل وال يعقل معناه‪ ،‬وال ينزل منزلة‬
‫شيء من النواقض األخرى‪ ،‬وال يقاس على شيء منها(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫اس ــتدل عثمان ¬ بعموم تعريف احلدث‪ ،‬فإهنم عرفوا احلدث بأنه‪" :‬ما أوجب‬
‫وض ـ ـ ـ ـ ـ ــوءا أو غس ـ ـ ـ ـ ـ ــال"(‪ ،)3‬وغس ـ ـ ـ ـ ـ ــل امليت داخل يف هذا التعريف؛ وذلك ألنه موجب‬
‫للوضوء‪ ،‬ومل ينصوا على أن احلدث هو ما عقل معناه‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم ص ـ ـ ـ ـ ـ ــحة ما ذهب إليه عثمان ¬؛ وذلك للدليل الذي‬
‫ذكره‪ ،‬وألن املتعقب عليهما‪ ،‬قد علال مسألة إجياب الوضوء من غسل امليت‪ ،‬بأن ذلك‬
‫مظنة مس العورة‪ ،‬قال الفتوحي ¬‪" :‬وألن الغاسـ ـ ـ ـ ــل ال يسـ ـ ـ ـ ــلم من مس عورة امليت‬
‫غالبا‪ ،‬فأقيم مقامه‪ ،‬كالنوم مع احلدث"(‪ ،)4‬وقال البهويت ¬‪" :‬وألن الغاسل ال يسلم‬
‫غالبا من مس عورة امليت‪ .‬فأقيم مقامه‪ ،‬كالنوم مع احلدث"(‪ ،)5‬ومس العورة حدث‪،‬‬
‫فتنزيل غسل امليت منزلة مس العورة يصريه حدثا مثله‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)9 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬فتح موىل املواهب على هداية الراغب (‪.)370 /1‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)11 /1‬‬
‫(‪ )4‬معونة أويل النهى (‪.)326 /1‬‬
‫(‪ )5‬شرح املنتهى (‪.)73 /1‬‬
‫‪- 26 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وقد نقل املرداوي(‪ ¬ )1‬عن كثري من األص ـ ـ ــحاب أن هذه املس ـ ـ ــألة مبنية على‬
‫القول بإجياب الوضــوء من مس الفر ‪ ،‬قال ¬‪" :‬قيد يف الرعاية مســألة نقض الوضــوء‬
‫بغسله‪ :‬مبا إذا قلنا ينقض مس الفر ‪ ،‬وهو ظاهر تعليل كثري من األصحاب"(‪.)2‬‬
‫وألن كثريا من موجبات الوض ـ ـ ـ ــوء والغس ـ ـ ـ ــل ال يعقل معناها‪ ،‬بل األص ـ ـ ـ ــل يف هذا‬
‫الباب هو التعبد‪ ،‬وتلمس بعض العلماء للحكمة من إجياب الوضوء ألجل أمر معني ال‬
‫خير هذا األمر من كونه تعبدي‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وقد حبثت عن أول من أدخل لفظة‪( :‬وما يف معناه) أو ما يش ـ ـ ـ ـ ــبهها من األلفا‬
‫البعلي(‪)3‬‬ ‫يف تعريف الطهارة من علماء املذهب‪ ،‬فوجدت – حسـ ــب ما ظهر يل – أنه‬
‫¬ ص ـ ــاحب املطلع‪ ،‬حيث قال يف تعريف الطهارة‪" :‬وهي يف الش ـ ــرع‪ :‬ارتفاع ما مينع‬
‫الص ـ ــالة‪ ،‬وما أش ـ ــبهه من حدث أو جناس ـ ــة باملاء‪ ،‬أو ارتفاع حكمه بالرتاب‪ ،‬فدخل يف‬
‫ارتفاع ما مينع الصـ ـ ــالة‪ :‬الوضـ ـ ــوء‪ ،‬والغسـ ـ ــل‪ ،‬وغسـ ـ ــل النجاسـ ـ ــة‪ ،‬وفيما أشـ ـ ــبهه‪ :‬جتديد‬
‫الوضوء‪ ،‬واألغسال املستحبة‪ ،‬والغسلة الثانية والثالثة‪ ،‬ودخل يف ارتفاع حكمه بالرتاب‪:‬‬
‫التيمم‪ ،‬ف ــإن ــه يرفع حكم م ــا مينع الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة‪ ،‬وال يرفع احل ــدث على الص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيح من‬
‫املذهب"(‪ ،)4‬وقد أش ـ ـ ـ ــار الربهان ابن مفلح(‪ )5‬إىل أن البعلي هو أول من أض ـ ـ ـ ــاف هذا‬

‫(‪ )1‬حمرر املذهب ومنقحه اإلمام العالمة علي بن سليمان بن أمحد بن حممد املرداوي مث الدمشقي الصاحلي‪ ،‬عالء الدين‬
‫أبو احلسن‪ ،‬من تصانيفه‪" :‬اإلنصاف تصحيح املقنع" و "تصحيح الفروع"‪ ،‬وكتاب "التنقيح ىف تصحيح املقنع"‪،‬‬
‫وكتاب "التحرير ىف األصول" و "شرحه"‪ ،‬تويف سنة مخس ومثانني ومثامنائة‪ .‬اجلوهر املنضد يف طبقات متأخري‬
‫أصحاب أمحد (‪ ،)100 /1‬والضوء الالمع ألهل القرن التاسع (‪ ،)225 /5‬والسحب الوابلة (‪.)739 /2‬‬
‫(‪ )2‬اإلنصاف (‪.)216 /1‬‬
‫(‪ )3‬حممد بن أيب الفتح بن أيب الفضل البعلي الفقيه احملدث النحوي مشس الدين أبو عبد اهلل‪ ،‬عين باحلديث وتفقه على‬
‫الشيخ مشس الدين بن أيب عمر‪ ،‬وقرأ العربية واللغة على ابن مالك والزمه‪ ،‬تويف سنة تسع وسبعمائة‪ .‬ذيل طبقات‬
‫احلنابلة (‪ ،)372 /4‬واملقصد االرشد (‪.)485 /2‬‬
‫(‪ )4‬املطلع (ص‪.)15 :‬‬
‫(‪ )5‬إبراهيم بن حممد بن عبد اهلل بن حممد بن مفلح بن حممد بن مفر بن عبد اهلل القاضي برهان الدين أبو إسحاق بن‬
‫الشيخ أكمل الدين أيب عبد اهلل بن الشرف أيب حممد ابن العالمة صاحب الفروع يف املذهب الشمس املقدسي‪.‬‬
‫ولد سنة ‪ 816‬ه أو قبلها بقليل‪ ،‬أخذ العلم عن مجلة‪ ،‬منهم احلافظ ابن حجر وابن نصر اهلل‪ ،‬ويل القضاء‪ ،‬وألف‬
‫‪- 27 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫القيد‪ ،‬قال ¬‪" :‬زاد ابن أيب الفتح‪ :‬وما يف معناه"(‪ ،)1‬وتفس ـ ـ ـ ـ ـ ــري البعلي لقوله‪ :‬وما‬
‫أشــبهه‪ ،‬بأنه كتجديد الوضــوء واألغســال املســتحبة يبني أن املراد هبذا القيد هو اإلشــارة‬
‫إىل األمور اليت يس ــتحب هلا الوض ــوء وال جيب‪ ،‬وأما الوض ــوء من غس ــل اجلنازة فهو أمر‬
‫واجب ال مستحب‪ ،‬وهبذا يتبني رجحان ما ذهب إليه عثمان ¬‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫يف الفقه واألصول والرتاجم‪ ،‬تويف ¬ سنة ‪884‬ه‪ .‬الضوء الالمع (‪ ،)152 /1‬وشذرات الذهب (‪،)507 /9‬‬
‫والسحب الوابلة (‪ ،)60 /1‬ومنادمة األطالل (ص‪.)232 :‬‬
‫(‪ )1‬املبدع (‪ )21 /1‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)20 /1‬‬
‫‪- 28 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صحة الوضوء بماء محرم إن كان المتوضئ جاهال‬
‫أو ناسيا‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا توضأ املكلف مباء حمرم كاملغصوب أو ما مثنه املعني غصب‪ ،‬فهل يشرتط كون‬
‫املكلف عاملا بذلك ذاكرا له حال تطهره حىت يقال‪ :‬إنه ال تص ــح طهارته من هذا املاءت‬
‫أو نقول إن الطهارة ال تصح مطلقا حىت وإن كان جاهال أو ناسيات‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتط كون املكلف ع ــامل ــا ذاكرا حىت يق ــال‪ :‬إن طه ــارت ــه من امل ــاء احملرم غري‬
‫صحيحة‪ ،‬وهذا هو قول البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ال تصح الطهارة)‪ ،‬أي‪ :‬الوضوء والغسل‬
‫(به)؛ لتحرمي اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعماله‪( ،‬كماء مغص ـ ـ ـ ـ ـ ــوب‪ ،‬أو) ماء (مثنه املعني حرام) يف البيع‪ ،‬فال‬
‫يص ـ ــح الوض ـ ــوء بذلك‪ ،‬وال الغس ـ ــل به؛ حلديث‪(( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد))(‪ .)1‬قال يف املبدع‪ :‬ال تصح الطهارة مباء مغصوب‪ ،‬كالصالة يف ثوب مغصوب(‪.)2‬‬
‫انتهى‪ .‬قلــت‪ :‬فيؤخــذ منــه تقييــده مبــا إذا كــان عــاملــا ذاكرا كمــا يــأيت يف الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة‪ ،‬وإال‬
‫صحت؛ ألنه غري آمث إذن"(‪.)3‬‬
‫وهو ظاهر قول صاحب مطالب أويل النهى(‪ ،)4‬واختاره الشطي(‪.)6()5‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪ :‬كتاب األقضية‪ ،‬باب نقض األحكام الباطلة ورد حمدثات األمور‪ ،‬ح(‪.)1718‬‬
‫(‪ )2‬املبدع (‪.)27 /1‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع (‪.)30 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)27 /1‬‬
‫(‪ )5‬الشيخ حسن بن عمر بن معروف بن عبد اهلل بن مصطفى الشطي الدمشقي احلنبلي البغدادي األصل‪ ،‬والدته يف‬
‫صفر سنة مخس ومائتني وألف‪ ،‬الزم الشيخ مصطفى السيوطي شارح الغاية‪ ،‬وأخذ عنه علوما شىت‪ ،‬انتهت إليه‬
‫رئاسة املذهب بالشام‪ ،‬تويف سنة ألف ومائتني وأربع وسبعني‪ .‬السحب الوابلة (‪ ،)359 /1‬وحلية البشر يف تاريخ‬
‫القرن الثالث عشر (ص‪.)478 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬جتريد زوائد الغاية والشرح (‪.)28 /1‬‬
‫‪- 29 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫الوض ـ ـ ــوء مباء حمرم غري ص ـ ـ ــحيح‪ ،‬ولو كان املتوض ـ ـ ــئ ناس ـ ـ ــيا أو جاهال‪ ،‬وهذا هو‬
‫تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬وقد يفرق‪ :‬بأن املنع هنا ‪ -‬أي يف الوضـ ـ ـ ـ ــوء والغسـ ـ ـ ـ ــل مباء‬
‫مغصوب ‪ -‬أقوى؛ لتلف العني‪ ،‬االف الصالة‪ ،‬فال يلزم من اغتفار اجلهل والنسيان يف‬
‫الصالة اغتفارمها يف الطهارة‪ ،‬وإن اشرتكا يف عدم اإلمث"(‪.)1‬‬
‫وإىل هذا أشار صاحب الغاية‪ ،‬وذلك يف قوله‪" :‬والطهور أنواع‪ :‬ما حيرم استعماله‪،‬‬
‫وال يرفع حــدثــا ‪-‬ويتجــه‪ :‬ولو لنــاس‪ -‬ويزيــل اخلبــث‪ ،‬وهو مــا ليس مبــاحــا"(‪ ،)2‬قــال يف‬
‫شــرحه‪(" :‬ويتجه‪ :‬ولو) اســتعمل يف رفع حدث (لناس) حرمته فال يرتفع حدثه؛ إذ كون‬
‫املاء مباحا شرط يف رفع احلدث‪ ،‬وهو ال يسقك بالنسيان"(‪.)3‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫اس ـ ـ ــتدل البهويت ¬ بأن تقييده مأخوذ من قياس ص ـ ـ ــاحب املبدع الوض ـ ـ ــوء من‬
‫املغص ـ ـ ــوب على الص ـ ـ ــالة يف ثوب مغص ـ ـ ــوب‪ ،‬وقد نص ـ ـ ـوا يف مس ـ ـ ــألة الص ـ ـ ــالة يف ثوب‬
‫مغصوب على أن الصالة تصح من اجلاهل والناسي(‪.)4‬‬
‫قال يف املبدع‪" :‬لو جهل أو نسـ ـ ــي كونه غصـ ـ ــبا أو حريرا أو حبس بغصـ ـ ــب حىت‬
‫صلى فيه‪ ،‬صحت على األصح"(‪.)5‬‬
‫وقال صــاحب اإلنصــاف‪" :‬لو جهل أو نســي كونه غصــبا أو حريرا‪ ،‬أو حبس يف‬
‫مكان غصب‪ :‬صحت صالته على الصحيح من املذهب‪ ،‬وذكره اجملد إمجاعا"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)14 /1‬‬


‫(‪ )2‬غاية املنتهى (‪.)50 /1‬‬
‫(‪ )3‬مطالب أويل النهى (‪.)27 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)60 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)27 /1‬‬
‫(‪ )5‬املبدع (‪.)325 /1‬‬
‫(‪ )6‬اإلنصاف (‪.)459 /1‬‬
‫‪- 30 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫اس ـ ـ ــتدل عثمان ¬ بعموم النهي عن الوض ـ ـ ــوء مبحرم أو مغص ـ ـ ــوب‪ ،‬ورد قياس‬
‫البهويت الطهارة على الص ـ ـ ـ ــالة بالفرق بينهما‪ ،‬وذلك ألن التطهر مباء حمرم يلزم منه تلف‬
‫العني‪ ،‬وأما الصالة بثوب حمرم أو على بقعة حمرمة ال تلف منها سوى املنفعة(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر رجحان قول منص ـ ـ ـ ـ ــور البهويت ¬‪ ،‬وذلك لتس ـ ـ ـ ـ ــوية غري واحد من‬
‫علماء املذهب بني هذه املسـ ــألة‪ ،‬ومسـ ــألة الصـ ــالة يف ثوب مغصـ ــوب‪ ،‬وقد نص ـ ـوا على‬
‫صحة صالة اجلاهل والناسي يف الثوب املغصوب(‪ ،)2‬فتلحق أحكام هذه املسألة بتلك‪.‬‬
‫وقد أجاب الش ــطي ¬ على قول عثمان بقوله‪" :‬لكن ما قرره يف ش ــرح اإلقناع‬
‫أظهر؛ ألنــه جي ـاب عن الفرق بــأن إتالف العني مض ـ ـ ـ ـ ـ ــمون‪ ،‬فكــأنــه مل يتلف‪ ،‬فال فرق‬
‫فيساوي الصالة‪ ،‬فتأمل"(‪.)3‬‬
‫وميكن أن جياب أيض ـ ــا على قول عثمان بقول اخللويت(‪" :¬ )4‬وكالوض ـ ــوء مباء‬
‫مغصوب‪ ،‬فإن النهي عنه ألمر خار عنه‪ ،‬وهو الغصب‪ ،‬ينفك عنه باإلذن من صاحبه‬
‫أو امللك وحنوه"(‪. )5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)48 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)325 /1‬واإلنصاف (‪.)459 /1‬‬
‫(‪ )3‬جتريد زوائد الغاية والشرح (‪ ،)28 /1‬وينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)10 /1‬‬
‫(‪ )4‬هو حممد بن أمحد بن علي البهويت‪ ،‬الشهري باخللويت‪ ،‬املصري‪ ،‬الزم خاله الشيخ منصور البهويت‪ ،‬تتلمذ عليه الشيخ‬
‫عثمان النجدي‪ ،‬له حاشية على املنتهى وحاشية على اإلقناع‪ ،‬وبغية الناسك يف أحكام املناسك‪ ،‬تويف ¬ سنة‬
‫‪1088‬ه‪ .‬النعت األكمل ص (‪ ،)238‬والسحب الوابلة (‪ ،)869 /2‬ومقدمة حتقيق حاشية اخللويت على منتهى‬
‫اإلرادات (مقدمة‪.)63 /‬‬
‫(‪ )5‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)13 /1‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا توض ـأ املكلف مباء حمرم كاملغص ــوب أو ما مثنه املعني غص ــب‪ ،‬وكان جاهال أو‬
‫ناس ـ ــيا أن هذا املاء حمرم‪ ،‬فعلى القول األول تص ـ ــح طهارته هبذا املاء‪ ،‬وعلى القول الثاين‬
‫الطهارة ال تصح مطلقا حىت وإن كان جاهال أو ناسيا‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬ما يكون به الماء مستعمال‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املش ـ ـ ـ ـ ـ ــهور من مــذهــب احلنــابلــة أن املــاء الــذي انغمس فيــه بعض جنــب بنيــة رفع‬
‫احلدث ينتقل هبذا االنغماس من قس ـ ـ ــم الطهور إىل قس ـ ـ ــم الطاهر(‪ ، )1‬وينبين على هذا‬
‫مس ـ ـ ــألة‪ ،‬وهي هل يكون املاء مس ـ ـ ــتعمال‪ ،‬وينتقل من كونه طهورا إىل كونه طاهرا مبجرد‬
‫املالقاة‪ ،‬أم أنه ال حيكم عليه بذلك إال بعد انفصالهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫املاء ال يكون مســتعمال إال بعد انفصــال العضــو الذي غمس فيه عنه‪ ،‬وهذا قول‬
‫منصور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬تلخص‪ :‬أن احلدث يرتفع عن أول جزء القى‪ ،‬واملاء يصري‬
‫مسـ ــتعمال بأول جزء انفصـ ــل على الصـ ــحيح‪ ،‬كما أن املاء الوارد على حمل التطهري يرفع‬
‫احلدث مبجرد إصــابته وال يصــري مســتعمال إال بانفصــاله‪ .‬فإن قلت‪ :‬الوارد مبحل التطهري‬
‫طهور يرفع احلدث‪ ،‬ويزيل النجس ما دام متصال‪ ،‬فهال كان املغموس فيه كذلكت قلت‪:‬‬
‫إذا كان واردا فهو طهور للمشقة‪ ،‬االف املورود‪ ،‬كما يف املالقي للنجاسة"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)4()3‬والشارح(‪ ،)5‬وشيخ اإلسالم(‪،)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)35 /1‬واملنتهى (‪ ،)15 /1‬وكشاف القناع (‪.)32 /1‬‬
‫(‪ )2‬حواشي اإلقناع للبهويت (‪ ،)96-95 /1‬وينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)35 /1‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬عبد اهلل بن أمحد بن حممد ابن قدامة املقدسي مث الدمشقي الصاحلي الفقيه الزاهد شيخ اإلسالم وأحد األئمة‪،‬‬
‫كان إماما متفننا‪ ،‬ألف يف الفقه واألصول والعقيدة والسلوك واحلديث‪ ،‬فمن كتبه املغين والكايف واملقنع وروضة الناظر‬
‫وملعة االعتقاد والتوابني والرقة وخمتصر العلل للخالل وغريها‪ ،‬تفقه عليه خلق كثري منهم ابن أخيه الشيخ مشس الدين‬
‫بن أيب عمر ومسع منه احلديث خالئق من األئمة واحلفا ‪ ،‬وكان ¬ حممود السرية‪ ،‬ذا عبادة وتنسك‪ ،‬تويف سنة‬
‫عشرين وستمائة‪ .‬تاريخ اإلسالم ت بشار (‪ ،)601 /13‬وذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)281 /3‬واملقصد االرشد (‪/2‬‬
‫‪.)15‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)18 /1‬والكايف (‪.)27 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)20 /1‬‬
‫(‪ )6‬أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أيب القاسم بن اخلضر بن حممد ابن تيمية احلراين‪ ،‬مث الدمشقي‪،‬‬
‫اإلمام الفقيه‪ ،‬اجملتهد احملدث‪ ،‬احلافظ املفسر‪ ،‬األصويل الزاهد‪ .‬تقي الدين أبو العباس‪ ،‬شيخ اإلسالم وعلم األعالم‪،‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫والزركشي(‪ ،)1‬وصاحب اإلنصاف(‪ ،)2‬واإلقناع(‪ ،)3‬واملنتهى(‪ ،)4‬والغاية(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫تعقب عثمان ¬ البهويت هنا يف موضــعني‪ ،‬املوضــع األول يف اختياره املنصــوص‬
‫عليه يف القول املتعقب‪ ،‬وقرر عثمان أن املاء يكون مسـ ـ ـ ــتعمال وتنسـ ـ ـ ــلب طهوريته بأول‬
‫جزء القى حمل التطهري‪ ،‬قال ¬‪" :‬وأقول‪ :‬ال خيلو كالمه من تنافر(‪ ،)6‬حيث جعله‬
‫أوال كــالوارد‪ ،‬وثــانيــا من املورود‪ ،‬واألظهر‪ :‬أن املــاء الــذي غةمس فيــه بعض اجلنــب بعــد‬
‫النية مورود تنس ـ ـ ـ ـ ـ ــلب طهوريته مبجرد املالقاة ألول جزء‪ ،‬كما يتنجس القليل بأول جزء‬
‫يالقيه من النجاسة إذا كان مورودا"(‪.)7‬‬

‫وشهرته تغين عن اإلطناب‪ ،‬ولد سنة إحدى وستني وستمائة حبران‪ ،‬أخذ الفقه واألصول عن والده‪ ،‬وعن الشيخ‬
‫مشس الدين بن أيب عمر‪ ،‬والشيخ زين الدين بن املنجا‪ ،‬أخذ عنه العلم خلق كثري‪ ،‬منهم ابن القيم وابن مفلح‬
‫صاحب الفروع‪ ،‬تويف سنة مثان وعشرين وسبعمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)491 /4‬واملقصد االرشد (‪.)132 /1‬‬
‫(‪ )1‬حممد بن عبد اهلل بن حممد الزركشي املصري‪ ،‬كان إماما يف املذهب‪ ،‬له تصانيف مفيدة‪ ،‬أشهرها شرح اخلرقي مل‬
‫يسبق إىل مثله‪ ،‬تويف سنة اثنتني وسبعني وسبعمائة‪ .‬شذرات الذهب (‪ ،)384 /8‬والسحب الوابلة (‪،)966 /3‬‬
‫واملدخل البن بدران (ص‪.)419 :‬‬
‫(‪ )2‬اإلنصاف (‪.)43 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)6 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)15 / 1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)53 / 1‬‬
‫(‪ )6‬يقصد كالم منصور البهويت السابق ذكره‪.‬‬
‫(‪ )7‬حاشية املنتهى (‪.)16 – 15 / 1‬‬
‫‪- 34 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول القاضي أبو يعلى(‪ ،)2()1‬وصاحب الرعاية(‪ ،)3‬واحلاوي(‪.)4‬‬
‫قال يف اإلنصـ ــاف‪" :‬وقيل‪ :‬يصـ ــري مسـ ــتعمال بأول جزء القاه‪ ،‬قدمه يف الرعايتني‪،‬‬
‫واحلــاويني‪ ،‬والتلخيص‪ .‬وقــال‪ :‬على املنص ـ ـ ـ ـ ـ ــوص‪ ،‬وحكى األول احتمــاال‪ .‬وأطلقهمــا يف‬
‫الفروع(‪ ،)5‬وابن متيم(‪ .)7(")6‬وهذا موضع التعقب األول لعثمان‪.‬‬
‫وأمثثا تعقبثثه الثثثاني‪ ،‬فقــد تعقــب البهويت ¬ يف تقريره‪ ،‬وبيــان ذلــك أن البهويت‬
‫¬ قد أشار إىل مسألتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن احلدث يرتفع عن أول جزء القى‪ ،‬واس ـ ـ ـ ـ ــتدل هلذه املس ـ ـ ـ ـ ــألة عله املاء‬
‫الذي انغمس فيه بعض جنب بنية رفع احلدث من جنس املاء الوارد على حمل التطهري‬
‫ال املورود‪ ،‬وإذا كان كذلك فاملاء الوارد على حمل التطهري يرفع احلدث مبجرد إص ـ ـ ـ ـ ـ ــابته‪،‬‬
‫فقال ¬‪" :‬كما أن املاء الوارد على حمل التطهري يرفع احلدث مبجرد إصابته"(‪.)8‬‬
‫والثانية‪ :‬أن املاء يصري مستعمال بأول جزء انفصل‪ ،‬واستدل هلذه املسألة بالقياس‬
‫على املاء الوارد على حمل التطهري‪ ،‬فإنه ال يكون مستعمال إال بانفصاله‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬حممد بن احلسني بن حممد بن خلف بن أمحد بن الفراء أبو يعلى‪ ،‬حامل لواء املذهب‪ ،‬وشيخه‪ ،‬وناشره يف‬
‫زمانه‪ ،‬وأول حنبلي ويل القضاء‪ ،‬كان عامل زمانه وفريد عصره وأوانه‪ ،‬وكان له يف األصول والفروع القدم العايل‪ ،‬أخذ‬
‫الفقه عن أيب حامد‪ ،‬وأخذ عنه العلم خلق كثري‪ ،‬منهم أبو اخلطاب‪ ،‬ألف عدة كتب‪ ،‬منها‪ :‬الروايتني والوجهني‪،‬‬
‫والتعليقة الكبرية‪ ،‬والعدة‪ ،‬وإبطال التأويالت‪ ،‬وغريها‪ ،‬تويف سنة مثان ومخسني وأربعمائة‪ .‬طبقات احلنابلة (‪،)193 /2‬‬
‫وتاريخ اإلسالم ت بشار (‪ ،)101 /10‬واملقصد االرشد (‪ ،)395 /2‬واملدخل املفصل لبكر أبو زيد (‪.)463 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)32 /1‬وحواشي اإلقناع للبهويت (‪.)94 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الرعاية يف الفقه (‪.)126 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬احلاوي (‪.)67 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)76 /1‬‬
‫(‪ )6‬حممد بن متيم احلراين الفقيه‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬صاحب " املختصر يف الفقه‪ ،‬املشهور‪ :‬وصل فيه إىل أثناء الزكاة‪ .‬وهو‬
‫يدل على علم صاحبه‪ ،‬وفقه نفسه‪ ،‬وجودة فهمه‪ ،‬تفقه على الشيخ جمد الدين ابن تيمية‪ ،‬وعلى أيب الفر بن أيب‬
‫الفهم‪ .‬أدركه أجله شابا‪ ،‬ومل يتحقق من سنة موته‪ ،‬وهو قريب من سنة مخس وسبعني وستمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة‬
‫(‪ )132 - 131 /4‬واملقصد االرشد (‪ ،)386 /2‬واملدخل إىل مذهب اإلمام أمحد البن بدران (ص‪.)417 :‬‬
‫(‪ )7‬اإلنصاف (‪.)43 /1‬‬
‫(‪ )8‬حواشي اإلقناع للبهويت (‪ ،)96-95 /1‬وينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)35 /1‬‬
‫‪- 35 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫مث أورد إيرادا على املس ـ ـ ـ ــألة الثانية‪ ،‬وهو‪ :‬أن هذا القياس ينبين عليه مس ـ ـ ـ ــاواة املاء‬
‫الــذي انغمس فيــه بعض جنــب بنيــة رفع احلــدث بــاملــاء املرتدد على حمــل التطهري‪ ،‬ويرد‬
‫على هذا أنه يلزم منه القول بأن املاء الذي انغمس فيه بعض جنب بنية رفع احلدث أنه‬
‫طهور قبل انفصـ ــال اجلنب عنه‪ ،‬فيصـ ــح وضـ ــوء غريه منه قبل انفصـ ــاله‪ ،‬مث أجاب ¬‬
‫عن هذا اإليراد بالفرق بني املاءين‪ ،‬فاملاء املرتدد على حمل التطهري حيكم عليه بأنه طهور‬
‫قبل انفص ــاله للمش ــقة؛ ألنه من جنس املاء الوارد ال املورود‪ ،‬وأما املاء الذي انغمس فيه‬
‫بعض جنــب بنيــة رفع احلــدث‪ ،‬فهو من جنس املــاء املورود ال الوارد‪ ،‬فال يكون طهورا؛‬
‫لعدم وجود املشقة‪ ،‬وقياسا على املالقي للنجاسة‪ ،‬وهذا وجه الفرق بينه وبني املاء املرتدد‬
‫على حمل التطهري‪ ،‬وإذا كان كذلك فيس ــقك هذا اإليراد الذي أش ــار إليه منص ــور بقوله‪:‬‬
‫"فإن قلت‪ :‬الوارد مبحل التطهري طهور يرفع احلدث‪ ،‬ويزيل النجس ما دام متصال‪ ،‬فهال‬
‫كان املغموس فيه كذلكت"(‪.)1‬‬
‫فيتبني مما سبق أن وجه تعقب عثمان ¬ الثاين هو أن البهويت جعل املاء الذي‬
‫انغمس فيه بعض اجلنب مرة من جنس املاء الوارد‪ ،‬وذلك يف املسـ ـ ـ ـ ـ ــألة األوىل‪ ،‬ومرة من‬
‫جنس املاء املورود‪ ،‬وذلك يف املسألة الثانية‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫تنزيل املاء الذي انغمس فيه بعض جنب بنية رفع احلدث منزلة املاء الوارد‪ ،‬واملاء‬
‫الوارد ال يكون مس ـ ـ ـ ــتعمال حىت ينفص ـ ـ ـ ــل‪ ،‬وذلك أن املاء الطهور املرتدد الوارد على حمل‬
‫التطهري ال يكون مستعمال حىت ينفصل(‪ ،)2‬واملاء إذا ورد على النجاسة‪ ،‬فإنه ال ينجس‬
‫حىت ينفصل(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬حواشي اإلقناع للبهويت (‪.)96-95 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)32 /1‬والفروع (‪ ،)76 /1‬واإلقناع (‪.)6 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪.)75 :‬‬
‫‪- 36 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫تنزيل املاء الذي انغمس فيه بعض جنب بنية رفع احلدث منزلة املاء املورود‪ ،‬واملاء‬
‫املورود يكون مستعمال باملالقاة‪ ،‬فالنجاسة إذا وردت على املاء‪ ،‬فاملاء يكون جنسا بأول‬
‫جزء القى النجاسة(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن القول الراجح يف التعقب األول هو قول منصــور ¬؛‬
‫وذلك التفاق صاحيب اإلقناع(‪ )2‬واملنتهى(‪ )3‬عليه‪.‬‬
‫وأما التعقب الثاين‪ ،‬فما تعقب به عثمان ¬ تقرير البهويت وجيه‪ ،‬ولكن تعقب‬
‫التقرير ال يعين أن القول ساقك‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو غمس جنب بعض جس ـ ـ ـ ـ ـ ــده يف ماء قليل ال يبلا القلتني بنية التطهر‪ ،‬مث جاء‬
‫جنب آخر فغمس بعض جسده يف ذلك املاء قبل انفصال شيء من جسد اجلنب عن‬
‫املاء‪ ،‬أو غمس قائم من نوم ليل يده يف ذلك املاء‪ ،‬وجاء آخر قائم من نوم ليل فغمس‬
‫يده‪ ،‬فعلى القول األول يتوجه إجزاء غسـ ــل تلك األعضـ ــاء اليت غمسـ ــوها‪ ،‬وعلى القول‬
‫الثاين ال جيزئ إال عن األول‪.‬‬
‫وقد ذكر الربهان ابن مفلح ¬ مس ـ ـ ـ ـ ــألة مبنية على اخلالف يف هذه املس ـ ـ ـ ـ ــألة‪،‬‬
‫فقال‪" :‬ويتوجه على اخلالف ما لو اغرتف منه آخر‪ ،‬وتوض ـ ـ ـ ـ ــأ به قبل االنفص ـ ـ ـ ـ ــال"(‪،)4‬‬
‫ولكن منصـ ـ ـ ــورا ¬ أجاب عن هذه املسـ ـ ـ ــألة بقوله‪" :‬قلت‪ :‬وفيه نظر ظاهر؛ ألنه إذا‬
‫اغرتف منه‪ ،‬فقد صدق عليه أنه انفصل"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)40 /1‬وحاشية املنتهى (‪.)16 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)6 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)15/ 1‬‬
‫(‪ )4‬املبدع (‪.)32 /1‬‬
‫(‪ )5‬حواشي اإلقناع (‪.)95 /1‬‬
‫‪- 37 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬كراهية استعمال الماء المختلط بغير ممازج كدهن‬
‫وقطع كافور‪ ،‬أو بملح مائي مع الحاجة إليه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫عةلم من قول البهويت ¬‪" :‬وكره منه ش ـ ـ ـ ــديد حر أو برد‪ ،‬ومس ـ ـ ـ ــخن بنجس مل‬
‫حيتج إليه"(‪ ،)1‬أن اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعمال املاء الذي حيمل األوصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف املذكورة مكروه إال حال‬
‫احلاجة‪ ،‬فتزول الكراهة‪ ،‬مث أكمل ¬ ذكر بعض صـ ـ ـ ـ ــفات املاء اليت يكره اسـ ـ ـ ـ ــتعماله‬
‫معهــا‪ ،‬فقــال‪" :‬أو بغري ممــاز ‪ ،‬كــدهن‪ ،‬وقطع كــافور‪ ،‬أو مبلح مــائي"(‪ ،)2‬فهــل كراهــة‬
‫استعمال املاء الذي حيمل هذه الصفات تزول مع احلاجة كالصفات اليت قبلها‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ظاهر كالم البهويت ¬ أنه يكره مطلقا استعمال املاء املتغري بغري مماز ‪ ،‬كدهن‪،‬‬
‫وقطع كـافور‪ ،‬أو خـالطـه ملح مـائي‪ ،‬وأن حـاجـة املكلف لـه ال تزيـل الكراهـة‪ ،‬وهـذا هو‬
‫ظاهر قول الفتوحي أيضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ ،‬قال ¬‪" :‬وكره منه ماء زمزم يف إزالة خبث‪ ،‬وماء بئر‬
‫مبقربة‪ ،‬وما اشــتد حره أو برده‪ ،‬ومســخن بنجاســة إن مل حيتج إليه‪ ،‬أو مبغصــوب‪ ،‬ومتغري‬
‫مبا ال خيالطه من عود قماري أو قطع كافور أو دهن‪ ،‬أو مبخالك أصله املاء"(‪ ،)3‬فجعل‬
‫قيد – إن مل حيتج إليه – بني املكروهات‪ ،‬مما يدل على التفريق بني ما قبله وما بعده‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال يكره اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعمال املاء املتغري بغري مماز ‪ ،‬كدهن‪ ،‬وقطع كافور‪ ،‬أو خالطه ملح‬
‫مائي حال احلاجة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان ¬‪ ،‬حيث قال يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرحه لقول البهويت‬
‫(أو مبلح مائي) "وهل كراهة ما ذكر إذا مل حيتج إليه كما تقدمت ولو أخر املص ـ ــنف قوله‬

‫(‪ )1‬عمدة الطالب لنيل املآرب (‪.)44 /1‬‬


‫(‪ )2‬املصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)14 -13 /1‬‬
‫‪- 38 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫(مل حيتج إليه) إىل هنا لكان أوىل"(‪ ،)1‬كما تعقب الفتوحي‪ ،‬فقال‪" :‬قوله‪( :‬إن مل حيتج‬
‫إليه) لو أتى به بعد كل قس ـ ـ ـ ــم املكروه لكان أوىل؛ ليش ـ ـ ـ ــمله القيد"(‪ ،)2‬وهذا القول هو‬
‫املش ــهور‪ ،‬بل قد ص ــرح به البهويت نفس ــه‪ ،‬فقال‪" :‬فإن احتيج إليه‪ :‬تعني وزالت الكراهة؛‬
‫ألن الواجــب ال يكون مكروهــا‪ ،‬قلــت‪ :‬وكــذا حكم كــل مكروه احتيج إليــه"(‪ ،)3‬ونص‬
‫عليه ش ـ ـ ـ ــيخ اإلس ـ ـ ـ ــالم أيض ـ ـ ـ ــا‪ ،‬فقال‪" :‬وإذا احتا إىل مكروه كاملس ـ ـ ـ ــخن بالنجاس ـ ـ ـ ــة‪،‬‬
‫وكــاملش ـ ـ ـ ـ ـ ــمس على قول‪ :‬ارتفعــت الكراهــة‪ ،‬ووجــب اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعمــالــه‪ ،‬إذ الواجــب ال يكون‬
‫مكروها"(‪.)4‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألنه حال احتيا املاء يتعني استعماله‪ ،‬واملتعني ال يكون مكروها(‪.)5‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن الفتوحي والبهويت رمحهما اهلل نص ــا على لفظ‪" :‬مل حيتج‬
‫إليه"(‪ )6‬بعد ذكر املسـ ـ ـ ـ ـ ــخن بنجاسـ ـ ـ ـ ـ ــة؛ وذلك لقوة اخلالف فيه‪ ،‬وألن غريهم من أئمة‬
‫املذهب ذكره يف هذا املوضــع (‪ ،)7‬وهذا ال يعين أن غري املســخن بنجاســة يكره اســتعماله‬

‫(‪ )1‬هداية الراغب (‪.)24 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)14 /1‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع (‪.)28 /1‬‬
‫(‪ )4‬االختيارات (ص‪ ،)10 :‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)32 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬االختيارات (ص‪ ،)10 :‬ومعونة أويل النهى (‪.)160 /1‬‬
‫(‪ )6‬منتهى اإلرادات (‪ ،)14 /1‬وعمدة الطالب لنيل املآرب (‪.)44 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬االختيارات (ص‪ ،)10 :‬واإلنصاف (‪.)32 /1‬‬
‫‪- 39 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫مع وجود حاجة إليه‪ ،‬وعلى هذا فالذي يظهر أن تعقب عثمان ¬ يتجه على اللفظ‬
‫وترتيبه‪ ،‬ال على احلكم والتقرير‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫الذي يظهر أن اخلالف لفظي‪.‬‬
‫وإن قلنا إن اخلالف معنوي فيمكن أن تبىن عليه مس ــألة ما لو مل جيد املكلف إال‬
‫ماء مس ـ ـ ـ ـ ـ ــخنا بنجس‪ ،‬وماء تغري مبلح مائي‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬األوىل أن يتطهر باملاء‬
‫املسخن بنجس‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال فرق‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬طهورية ماء اإلبريق بعد إهراق بعضه على‬
‫نجاسة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا نزل من حنو راوية أو إبريق ماء على جناسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬فهل ينجس بذلك ما يف حنو‬
‫الراوية واإلبريق من املاء‪.‬‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا نزل من حنو راوية أو إبريق ماء على جناس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة فإن املاء املتبقي يف حنو الراوية‬
‫واإلبريق يكون جنس ـ ــا‪ ،‬وقد نس ـ ــب عثمان ¬ هذا القول إىل بعض حنابلة مص ـ ــر(‪،)1‬‬
‫دون أن يس ـ ـ ــمي القائل به‪ ،‬ومل أجد أحدا من احلنابلة نص على هذا القول‪ ،‬بل مل أجد‬
‫أحدا منهم ذكر هذه املسألة‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا نزل من حنو راوية أو إبريق ماء على جناس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة فإن املاء املتبقي يف حنو الراوية‬
‫واإلبريق ال يكون جنس ــا‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬وههنا مس ــألة يغلك فيها‬
‫بعض حنابلة مصــر‪ ،‬وهي‪ :‬ما إذا نزل من حنو راوية أو إبريق ماء على جناســة فينجســون‬
‫بذلك ما يف حنو الراوية واإلبريق من املاء‪.‬‬
‫وال وجه لتنجيسـ ـ ــه أصـ ـ ــال‪ ،‬فإن األصـ ـ ــحاب قسـ ـ ــموا النجس إىل قسـ ـ ــمني‪ :‬متغري‬
‫بالنجاسة‪ ،‬ومالق هلا‪.‬‬
‫والتقس ـ ــيم يف موض ـ ــع البيان يفيد احلص ـ ــر‪ ،‬وما يف حنو الراوية واإلبريق من املاء يف‬
‫الصورة املذكورة ليس واحدا من القسمني‪ .‬وقد صرح مبعىن ذلك يف التلخيص وأشار إليه‬
‫يف الرعاية الكربى‪.‬‬

‫(‪ )1‬هداية الراغب (‪.)30 /1‬‬


‫‪- 41 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وقد رأيت اك شـيخ شـيخنا الشـيخ عبدالرمحن البهويت(‪ )1‬شـيخ املصـنف أيضـا ما‬
‫معناه‪ :‬أنه لو صب من اإلبريق على حمل االستنجاء مل ينجس ما يف اإلبريق‪ .‬اهـ ـ ـ ــ‪ .‬وهو‬
‫مما ال يشك فيه من له أدىن اشتغال بالفقه‪ ،‬فتأمل‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)2‬‬
‫وقد أشار إىل هذا القول شيخ اإلسالم ابن تيمية ¬‪ ،‬فقال‪" :‬وهو طهور يدفع‬
‫النجاسة عن نفسه وال يتنجس يف وروده عليها"(‪.)3‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫قد يســتدل هلذا القول باش ـرتاط بعض احلنابلة حال تطهري ماء جنس باملكاثرة‪ :‬أن‬
‫يكون صـ ــب املاء متصـ ــال‪ ،‬وذلك إن اعترب أن سـ ــبب هذا االش ـ ـرتاط‪ :‬لئال يتنجس املاء‬
‫املتبقي بعد انقطاع الص ـ ـ ــب ‪ ،‬قال ص ـ ـ ــاحب الفروع‪" :‬ويطهر الكثري النجس بزوال تغريه‬
‫األزجي(‪)4‬‬ ‫بنفسـ ـ ــه على األصـ ـ ــح‪ ،‬أو إضـ ـ ــافة قلتني حبس ـ ـ ـب اإلمكان للمشـ ـ ــقة‪ ،‬واعترب‬
‫واملستوعب(‪ )5‬االتصال يف صب املاء"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬هو عبدالرمحن بن يوسف بن علي‪ ،‬زين الدين البهويت املصري‪ ،‬عمر فعاب حنوا من مائة وثالثني عاما‪ ،‬تتلمذ على‬
‫صاحب املنتهى‪ ،‬وتتلمذ عليه الشيخ منصور البهويت‪ ،‬له شرح على املنتهى‪ ،‬تويف رمحه بعد سنة ‪1040‬ه‪ .‬النعت‬
‫األكمل (ص‪ ،)204 :‬والسحب الوابلة (‪ ،)528 /2‬واملدخل البن بدران (‪.)782 /2‬‬
‫(‪ )2‬هداية الراغب (‪.)30 /1‬‬
‫(‪ )3‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪.)62 :‬‬
‫(‪ )4‬هو حيىي بن حيىي األزجي الفقيه‪ :‬صاحب كتاب " هناية املطلب‪ ،‬يف علم املذهب " وهو كتاب كبري جدا‪ ،‬وعبارته‬
‫جزلة‪ ،‬حذا فيه حذو " هناية املطلب "‪ ،‬إلمام احلرمني اجلويين الشافعي‪ ،‬قال ابن رجب‪" :‬ويغلب على ظين أنه تويف‬
‫بعد الستمائة بقليل"‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)248 /3‬واملقصد االرشد (‪.)114 /3‬‬
‫(‪ )5‬صاحب املستوعب هو‪ :‬حممد بن عبد اهلل بن احلسني بن حممد بن قاسم بن إدريس السامري‪ ،‬ولد سنة مخس‬
‫وثالثني ومخسمائة بسامرا‪ ،‬ومسع من ابن البطي‪ ،‬وأيب حكيم النهرواين‪ ،‬وعبد اللطيف بن أيب سعد ببغداد وتفقه على‬
‫أيب حكيم‪ ،‬والزمه مدة‪ ،‬ويل القضاء‪ ،‬وبرع يف الفقه والفرائض‪ ،‬وصنف فيها تصانيف مشهورة‪ ،‬منها‪ :‬املستوعب‪،‬‬
‫والفروق‪ ،‬تويف سنة ست عشرة وستمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)248 /3‬واملقصد االرشد (‪ ،)423 /2‬واملدخل‬
‫إىل مذهب اإلمام أمحد البن بدران (ص‪.)429 :‬‬
‫(‪ )6‬الفروع (‪ ،)87 /1‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)63 /1‬‬
‫‪- 42 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن األصحاب قسموا النجس إىل قسمني‪ :‬متغري بالنجاسة‪ ،‬ومالق هلا‪ ،‬والتقسيم‬
‫يف موض ـ ــع البيان يفيد احلص ـ ــر‪ ،‬وما يف حنو الراوية واإلبريق من املاء يف الصـ ـ ــورة املذكورة‬
‫ليس واحدا من القسمني(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم رجحان قول عثمان ¬‪ ،‬إذ ال دليل يعضد القول األول‪،‬‬
‫فيبقى املاء على أص ـ ــله‪ ،‬واألص ـ ــل يف املاء الطهارة‪ ،‬كما قال النيب ‘‪(( :‬إن املاء طهور‬
‫ال ينجسه شيء))(‪ ،)2‬وإخرا املاء من الطهورية اليت هي األصل إىل النجاسة حيتا إىل‬
‫دليل‪ ،‬وإال فيبقى املاء على طهوريته‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا ص ــب ماء طهور من إبريق وحنوه على جناس ــة‪ ،‬مث تبقى بعد الص ــب ماء قليل‪،‬‬
‫فبناء على القول األول حيكم على املاء املتبقي بأنه جنس‪ ،‬وبناء على القول الثاين حيكم‬
‫على املاء املتبقي بأنه طهور‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬هداية الراغب (‪.)30 /1‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب ما جاء يف بئر بضاعة‪ ،‬ح(‪ ،)67‬قال الشيخ األلباين‪ :‬صحيح‪ .‬ورواه اإلمام‬
‫أمحد بن حنبل‪ :‬مسند أيب سعيد اخلدري رضى اهلل تعاىل عنه‪ ،86/3 ،‬ح(‪ ،)11836‬قال شعيب األرناؤوط‪:‬‬
‫حديث صحيح بطرقه وشواهده‪.‬‬
‫‪- 43 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬ما يصنع من أراد الغسل أو إزالة النجاسة عند‬
‫اختالط طاهر بطهور‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إن اشــتبه طاهر بطهور على من يريد الغســل فهل يلزمه أن يأخذ من أحد املاءين‬
‫غرفة ومن اآلخر غرفة كما يفعل من يريد الوضـ ــوء حال اشـ ــتباه الطاهر بالطهور ‪ -‬على‬
‫املشـ ـ ـ ــهور من املذهب(‪ -)1‬أم جيزئه الغسـ ـ ـ ــل كامال من أحد املاءين مث الغسـ ـ ـ ــل من املاء‬
‫اآلخرت‬
‫أو اشتبه طاهر بطهور على من يريد إزالة النجاسة‪ ،‬فهل يلزمه أن يغسل من املاء‬
‫األول غســلة ومن اآلخر غســلة حىت يتم الغســالت الســبع‪ ،‬أم جيزئه غســل النجاســة من‬
‫أحدمها سبعا مث غسلها من اآلخر سبعات‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يلزم مريد الغس ــل إن اش ــتبه عليه طاهر بطهور أن يأخذ من هذا غرفة وهذا غرفة‪،‬‬
‫حىت يتم الغسـ ــل‪ ،‬ويلزم مريد إزالة النجاسـ ــة إن اشـ ــتبه عليه طاهر بطهور أن يغسـ ــل من‬
‫املاء األول غسـ ـ ــلة ومن اآلخر غسـ ـ ــلة حىت يتم الغسـ ـ ــالت السـ ـ ــبع‪ ،‬وهذا قول منصـ ـ ــور‬
‫البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ويص ـ ـ ـ ـ ــح ذلك) أي الوض ـ ـ ـ ـ ــوء من ذا غرفة ومن ذا غرفة (ولو مع‬
‫طهور بيقني)؛ ألنه اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعمـل الطهور جازما بالنيـة‪ ،‬االفه على القول بأنه يتوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأ‬
‫وضوءين‪ ،‬وكذا حكم الغسل وإزالة النجاسة"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫من أراد الغس ـ ــل أو إزالة النجاس ـ ــة واش ـ ــتبه عليه طاهر بطهور‪ ،‬فله أن يغتس ـ ــل أو‬
‫يزيل النجاس ـ ــة باملاء األول‪ ،‬مث يغتس ـ ــل أو يزيل النجاس ـ ــة باملاء الثاين‪ ،‬وله أن يأخذ من‬
‫هذا غرفة وهذا غرفة‪ ،‬حىت يتم الغس ـ ـ ــل‪ ،‬وأن يغس ـ ـ ــل من املاء األول غس ـ ـ ــلة ومن اآلخر‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)44 /1‬واإلنصاف (‪.)76 - 75 /1‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪ ،)27 /1‬وينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)49 /1‬‬
‫‪- 44 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫غســلة حىت يتم الغســالت الســبع‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬لكن لو غســل‬
‫النجاسـ ــة من أحد املاءين سـ ــبعا‪ ،‬مث غسـ ــلها من اآلخر سـ ــبعا جاز ذلك؛ لعدم افتقارها‬
‫إىل نية‪ .‬وكذا لو اغتســل كامال من أحد املاءين‪ ،‬مث اغتســل كامال من اآلخر بنية واحدة‬
‫جاز؛ ألن بدن املغتس ـ ـ ـ ـ ــل كعض ـ ـ ـ ـ ــو واحد‪ ،‬ففي إطالقه نظر"(‪ ،)1‬وهذا قول ص ـ ـ ـ ـ ــاحب‬
‫الغاية(‪ ،)2‬وهو ظاهر قول شيخ اإلسالم(‪ ،)3‬واخللويت(‪.)4‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫القياس على الوضوء‪ ،‬فاملشهور من املذهب أن من اشتبه عليه طاهر بطهور وأراد‬
‫الوضـ ـ ــوء‪ ،‬أنه يتوضـ ـ ــأ وضـ ـ ــوءا واحدا من كل ماء غرفة‪ ،‬وهذا القول قدمه يف الفروع(‪،)5‬‬
‫وهو قول صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحــب اإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)6‬واإلقنــاع(‪ ،)7‬واملنتهى(‪ ،)8‬وذكر يف املبــدع أنــه‬
‫املذهب(‪.)9‬‬
‫وألن إزالة النجاس ــة والغس ــل على الص ــفة اليت ذكرها أص ــحاب القول األول جمزوم‬
‫بنية كونه رافعا أو مزيال‪ ،‬االف اس ـ ـ ـ ـ ــتعمال املاء مرتني‪ ،‬فال يدري أيهما الرافع للحدث‬
‫واملزيل للخبث(‪.)10‬‬

‫(‪ )1‬هداية الراغب (‪.)35 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)57 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪.)85 - 84:‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)38 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)100 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)76 - 75 /1‬والتنقيح املشبع (ص‪.)42 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)12 /1‬وزاد املستقنع يف اختصار املقنع (ص‪.)26 :‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)29 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)44 /1‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪ ،)85 :‬وشرح املنتهى (‪ ،)27 /1‬وفتح موىل املواهب على‬
‫هداية الراغب (‪.)153 – 152 /1‬‬
‫‪- 45 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أما يف مسألة إزالة النجاسة؛ فإن إزالة النجاسة ال تفتقر إىل نية‪ ،‬فال يعترب فيها ما‬
‫يعترب يف الوضوء‪.‬‬
‫وأما يف مسـألة الغسـل؛ فألن بدن املغتسـل كعضـو واحد‪ ،‬فالغسـلني كغسـل عضـو‬
‫بغرفة من أحد املاءين‪ ،‬مث غسله بغرفة أخرى من املاء اآلخر(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن الراجح يف مسألة الغسل – على القول بأن املاء الطاهر‬
‫ال يرفع حدثا وال يزيل خبثا – أنه يصــح أن يغتســل من اشــتبه عليه طاهر بطهور غســال‬
‫كامال من أحد املاءين‪ ،‬مث يغتس ــل من اآلخر غس ــال كامال‪ ،‬بش ــرط أن يكون ذلك بنية‬
‫واحدة؛ وذلك ألنه ال تش ــرتط املواالة يف الغس ــل‪ ،‬وألن بدن املغتس ــل كالعض ــو الواحد‪،‬‬
‫فال يلزم فيه ترتيب(‪ ،)2‬والقول بلزوم احتاد النية يف الغسلني؛ لئال يقع يف العلة اليت ذكرها‬
‫احلنابلة يف مس ــألة الوض ــوء‪ ،‬وهي‪ :‬الرتدد يف النية‪ ،‬وعدم اجلزم بواحد من الوض ــوءين(‪،)3‬‬
‫فلو جعل كل واحد من الغسلني بنية مستقلة‪ ،‬لورد عليه ما يرد على الوضوء‪.‬‬
‫وأما مس ـ ـ ـ ـ ـ ــألة تطهري النجاس ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬فبناء على الراجح من املذهب‪ ،‬وهو أن تطهري‬
‫النجاسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ال يفتقر إىل نية(‪ ،)4‬فا لذي يظهر هو وجاهة ما ذهب إليه عثمان ¬‪،‬‬
‫وذلك ألن النية واملواالة غري معتربة يف تطهري النجاسة‪ ،‬فال يرد عليها ما يرد على مسألة‬
‫الوضوء‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬هداية الراغب (‪.)35 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)162 /1‬والكايف (‪ ،)114 /1‬واحملرر (‪ ،)20 /1‬واملبدع (‪ ،)171 /1‬واإلنصاف (‪،)257 /1‬‬
‫وشرح املنتهى (‪ ،)86 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)153 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)181 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪ ،)85 :‬والنكت والفوائد السنية على مشكل احملرر (‪،)8 /1‬‬
‫وشرح املنتهى (‪ ،)27 /1‬وفتح موىل املواهب على هداية الراغب (‪.)153 – 152 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)351 /1‬واإلنصاف (‪ ،)142 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)181 /1‬والروض املربع (ص‪.)50 :‬‬
‫‪- 46 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من أراد الغس ــل واش ــتبه عليه طاهر بطهور‪ ،‬فعلى القول األول يلزمه أن يأخذ من‬
‫هذا غرفة ومن هذا غرفة حىت يتم الغسل‪ ،‬وعلى القول الثاين له أن يغرتف من هذا غرفة‬
‫ومن هذا غرفة‪ ،‬وله أن يغتس ـ ــل من أحدمها غس ـ ــال كامال مث يغتس ـ ــل من اآلخر غس ـ ــال‬
‫كامال‪.‬‬
‫ومن أراد إزالة جناس ـ ـ ـ ـ ـ ــة واش ـ ـ ـ ـ ـ ــتبه عليه طاهر بطهور‪ ،‬فعلى القول األول يلزمه أن‬
‫يغســل من املاء األول غســلة ومن اآلخر غســلة حىت يتم الغســالت الســبع‪ ،‬وعلى القول‬
‫الثاين له أن يغســل من املاء األول غســلة ومن اآلخر غســلة حىت يتم الغســالت الســبع‪،‬‬
‫وله أن يغسل النجاسة من أحدمها سبعا مث يغسلها من اآلخر سبعا‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬الصالة بثياب اشتبه فيها المباح بالمحرم‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫من أراد الصــالة‪ ،‬واشــتبهت عليه ثياب مباحة مبحرمة‪- ،‬كالنجســة واحلرير‪ -‬فهل‬
‫يلزمه سرت عورته والصالة يف كل ثوب بعدد احملرمة‪ ،‬ويزيد صالة‪ ،‬أم يصلي عريانا صالة‬
‫واحدةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫من أراد الصـ ـ ـ ـ ــالة‪ ،‬واشـ ـ ـ ـ ــتبهت عليه ثياب مباحة مبحرمة‪ ،‬فإنه يلزمه سـ ـ ـ ـ ــرت عورته‬
‫قدامة(‪)1‬‬ ‫والص ـ ـ ــالة يف كل ثوب بعدد احملرمة‪ ،‬ويزيد عليها ص ـ ـ ــالة واحدة‪ ،‬وقد نص ابن‬
‫والشارح(‪ )2‬على اإللزام بذلك‪ ،‬وهو ظاهر قول أيب اخلطاب(‪ ،)4()3‬واجملد(‪ ،)6()5‬وشيخ‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)47 /1‬والكايف (‪ ،)39 /1‬وعمدة الفقه (ص‪.)13 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)53 /1‬‬
‫(‪ )3‬هو حمفو بن أمحد بن احلسن بن أمحد الكلوذاين‪ ،‬أبو اخلطاب البغدادي الفقيه‪ ،‬أحد أئمة املذهب وأعيانه‪ :‬ولد‬
‫سنة اثنتني وثالثني وأربعمائة‪ ،‬درس الفقه على القاضي أيب يعلى‪ ،‬ولزمه حىت برع يف املذهب واخلالف‪ ،‬ألف كتبا‪،‬‬
‫منها اهلداية واالنتصار ورؤوس املسائل والتمهيد يف األصول وغريها‪ ،‬تويف ¬ سنة عشر ومخسمائة‪ .‬طبقات احلنابلة‬
‫(‪ ،)258 /2‬وذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)270 /1‬واملقصد االرشد (‪.)20 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اهلداية على مذهب اإلمام أمحد (ص‪.)49 :‬‬
‫(‪ )5‬هو عبد السالم بن عبد اهلل بن أيب القاسم اخلضر بن حممد بن علي بن تيمية احلراين الفقيه املقرئ املتفنن أبو الربكات‬
‫جمد الدين‪ ،‬ولد سنة تسعني ومخسمائة تقريبا‪ ،‬وكان من أئمة احلنابلة‪ ،‬ومن أعالم عصره‪ ،‬له مصنفات منها أحاديث‬
‫التفسري واألحكام الكربى واملنتقى واحملرر يف الفقه ومنتهى الغاية يف شرح اهلداية بيض بعضها واملسودة يف األصول‪،‬‬
‫تويف سنة اثنتني ومخسني وستمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)1 /4‬واملقصد االرشد (‪ ،)162 /2‬وشذرات الذهب‬
‫(‪.)443 /7‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)44 /1‬‬
‫‪- 48 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫اإلســالم(‪ ،)1‬وقدمه يف الفروع(‪ ،)2‬ونســبه يف اإلنصــاف إىل املذهب(‪ ،)3‬وهو ظاهر قول‬
‫صاحيب اإلقناع(‪ ،)4‬واملنتهى(‪ ،)5‬وظاهر قول عثمان يف هداية الراغب(‪.)6‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫من أراد الص ـ ـ ــالة‪ ،‬واش ـ ـ ــتبهت عليه ثياب مباحة مبحرمة‪ ،‬فيلزمه أن يص ـ ـ ــلي عريانا‬
‫صالة واحدة‪ ،‬وال يصلي بواحد من الثياب املشتبهة عليه‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال‬
‫¬‪" :‬فائدة‪ :‬الظاهر أن املراد بقوهلم‪ :‬فيمن اشــتبهت عليه ثياب مباحة مبحرمة يصــلي‬
‫يف كل ثوب بعدد احملرمة‪ ..‬إخل‪ :‬بيان الصـ ـ ــحة‪ ،‬وسـ ـ ــقوط الفرض عنه بذلك لو فعله‪ ،‬ال‬
‫أنه جيب عليه ذلك‪ ،‬بل وال جيوز‪ ،‬فيصــلي عريانا وال يعيد؛ ألنه اشــتبه املباح باحملظور يف‬
‫موضــع ال تبيحه الضــرورة‪ ،‬فهو عادم للســرتة حكما‪ ،‬وإال فما الفرق بينه وبني من اشــتبه‬
‫عليه طهور مباح مبحرم‪ ،‬مع أن كال من الطهارة والس ــرتة ش ــرط الص ــالةت ال يقال‪ :‬املاء‬
‫له بدل وهو الرتاب االف السرتة؛ ألنا نقول‪ :‬لو فرضنا عدم الرتاب؛ جاز له أن يصلي‬
‫أيضــا على حســب حاله مع وجود هذا املاء املشــتبه‪ ،‬بل جيب عليه؛ ألن وجوده كعدمه‬
‫حينئذ‪ ،‬فقد تركه ال إىل بدل‪ ،‬وهو ظاهر‪ ،‬فتأمل"(‪.)7‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قاسم(‪ ¬ )8‬يف حاشيته(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪.)85 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)100 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)77 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)12 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)29 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬هداية الراغب (‪.)35 /1‬‬
‫(‪ )7‬حاشية املنتهى (‪.)30 /1‬‬
‫(‪ )8‬هو الشيخ عبدالرمحن بن حممد بن قاسم العاصمي القحطاين‪ ،‬ولد سنة ‪1319‬ه‪ ،‬أخذ عن الشيخ عبداهلل بن‬
‫عبداللطيف‪ ،‬والزم الشيخ عبداهلل العنقري‪ ،‬وكان متفننا‪ ،‬ألف يف شىت العلوم‪ ،‬ومجع هو وابنه حممد فتاوى شيخ‬
‫اإلسالم‪ ،‬تويف ¬ سنة ‪1392‬ه‪ .‬علماء جند خالل مثانية قرون (‪.)202 /3‬‬
‫(‪ )9‬حاشية الروض املربع (‪.)98 /1‬‬
‫‪- 49 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألنه أمكنه أداء فرضه بيقني من غري حر فيلزمه‪ ،‬ويزيد صالة؛ ألنه إذا فعل ذلك‬
‫علم أنه ص ـ ـ ـ ـ ـ ــلى يف ثوب مباح قطعا(‪ ،)1‬والقياس على من اش ـ ـ ـ ـ ـ ــتبه عليه املاء الطهور‬
‫بالطاهر‪ ،‬وعلى من نسي صالة من يوم ال يعلم عينها(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألنه اش ـ ـ ــتبه املباح باحملظور يف موض ـ ـ ــع ال تبيحه الض ـ ـ ــرورة‪ ،‬فص ـ ـ ــار عادما للس ـ ـ ــرتة‬
‫حكما‪ ،‬والقياس على من اش ـ ـ ـ ـ ـ ــتبه عليه ماء طهور مباح مبحرم‪ ،‬فاحلنابلة قالوا يف تلك‬
‫املســألة إنه يتيمم وال يتوضــأ‪ ،‬فينبغي القول يف هذه املســألة إنه يصــلي عريانا وال يصــلي‬
‫يف شيء من الثياب املشتبهة(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم رجحان القول األول‪ ،‬وذلك لتعاقب علماء املذهب عليه‪،‬‬
‫وال يسـ ـ ـ ــلم لعثمان ¬ هذا التأويل لقوهلم‪ ،‬بل الظاهر أهنم قالوا ذلك لبيان الواجب‪،‬‬
‫وقد نص غري واحد منهم على اإللزام بذلك(‪ ،)4‬فهذا تأويل خمالف للمنصوص‪.‬‬
‫وميكن أن جياب عما ذكره عثمان ¬ بالفرق بني الصالة بالثياب النجسة وبني‬
‫اس ـ ــتعمال املاء النجس‪ ،‬وذلك ألن املاء النجس يلص ـ ــق ببدنه فينجس به‪ ،‬ومينع ص ـ ــحة‬
‫صـ ـ ــالته يف احلال واملآل االف الثياب‪ ،‬وألن الثوب النجس تباح له الصـ ـ ــالة فيه إذا مل‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املمتع شرح املقنع (‪ ،)138 /1‬والكايف (‪.)39 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)47 /1‬والشرح الكبري (‪.)53 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)30 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)47 /1‬والشرح الكبري (‪.)53 /1‬‬
‫‪- 50 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫جيد غريه‪ ،‬واملاء النجس االفه(‪ ،)1‬وألن املاء يتلف باالس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعمال‪ ،‬االف الثياب(‪،)2‬‬
‫وألن سـ ــرت العورة آكد من إزالة النجاسـ ــة؛ لتعلق حق اآلدمي به يف سـ ــرت عورته وصـ ــيانة‬
‫نفسـ ـ ــه ‪ ،‬ووجوبه يف الصـ ـ ــالة وغريها‪ ،‬فكان تقدميه أوىل لكونه متفقا على اش ـ ـ ـرتاطه(‪،)3‬‬
‫قال شـ ــيخ اإلسـ ــالم ¬‪" :‬مصـ ــلحة السـ ــرت أهم من مصـ ــلحة اجتناب النجاسـ ــة؛ ألنه‬
‫جيب يف الصـ ـ ـ ــالة وغريها‪ ،‬وثبت وجوبه بالكتاب‪ ،‬والسـ ـ ـ ــنة‪ ،‬واإلمجاع املتقدم‪ ،‬ومسى اهلل‬
‫تركه فاحش ـ ــة االف اجتناب النجاس ـ ــة‪ ،‬وألن هذا الثوب جيب لبس ـ ــه قبل الص ـ ــالة فلم‬
‫تص ـ ــح ص ـ ــالته بدونه‪ ،‬كما لو مل جيد إال ثوب حرير أو ما يس ـ ــرت بعض عورته‪ ،‬وألنه إذا‬
‫تعرى س ـ ــقك القيام والركوع والس ـ ــجود الكامالن وحص ـ ــل اإلخالل بالش ـ ــرط‪ ،‬وإذا لبس‬
‫الثوب النجس مل حيص ــل إال اإلخالل بش ــرط خمتلف فيه بني الس ــلف‪ ،‬فكان أوىل‪ ،‬وأهنا‬
‫مل جتب اإلعادة على العريان؛ ألن اللباس فعل أمر به‪ ،‬وقد عجز عنه‪ ،‬فأش ـ ـ ـ ـ ـ ــبه ما لو‬
‫عجز عن االس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقبال أو القراءة أو الركوع أو الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجود‪ ،‬وهو عذر غالب‪ ،‬واجتناب‬
‫النجاسـ ــة هو من باب الرتك‪ ،‬والعجز عن إزالتها عذر نادر‪ ،‬فلهذا فرق من فرق بينهما‪،‬‬
‫أال ترى أن مفســدة التعري يف الوقت ال تنجرب باللباس بعد خرو الوقت؛ ألن مفســدته‬
‫ال ختتص بالصالة‪ ،‬االف محل النجاسة فإن مفسدته ختتص الصالة"(‪.)4‬‬
‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو دخل وقت ص ـ ـ ـ ــالة على مكلف‪ ،‬ومل جيد لس ـ ـ ـ ــرت عورته إال ثيابا بعض ـ ـ ـ ــها حمرم‬
‫وبعضــها مباح‪ ،‬وقد اشــتبه فيها احملرم باملباح‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬جيب عليه ســرت عورته‪،‬‬
‫والص ـ ـ ــالة بعدد الثياب احملرمة‪ ،‬ويزيد ص ـ ـ ــالة‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬جيب عليه أن يص ـ ـ ــلي‬
‫عريانا وال يسرت عورته بشيء من هذه الثياب املشتبهة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)47 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)53 /1‬والفروع (‪ ،)100 /1‬واملبدع (‪ ،)45 /1‬وكشاف القناع (‪/1‬‬
‫‪ ،)49‬وشرح املنتهى (‪.)27 /1‬‬
‫(‪ )2‬ذكر حمقق حاشية املنتهى أنه وجد هذا التعليق ‪ -‬وهو مسألة التفريق باإلتالف – على هامش أحد نسخها‪ ،‬ينظر‪:‬‬
‫حاشية املنتهى (‪.)30 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)426 /1‬والكايف (‪ ،)221 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)465 /1‬واملبدع (‪ ،)325 /1‬وكشاف القناع‬
‫(‪.)270 /1‬‬
‫(‪ )4‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الصالة (ص‪)333 - 332 :‬‬
‫‪- 51 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬لزوم غسل يدي قائم من نوم ليل إذا تذكر أثناء‬
‫الطهارة األولى‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املش ـ ـ ـ ـ ـ ــهور من مذهب احلنابلة وجوب غس ـ ـ ـ ـ ـ ــل يدي القائم من نوم ليل(‪ ،)1‬ومن‬
‫املس ــائل املرتتبة على ذلك‪ :‬أن من قام من نوم ليل‪ ،‬مث ش ــرع يف وض ــوئه دون أن يغس ـ ـل‬
‫يديه ثالثا‪ ،‬مث تذكر أثناء وضــوئه أنه مل يغســلهما‪ ،‬فهل جيب عليه غســلهما‪ ،‬أم يســقك‬
‫بالنسيانت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يس ــقك غس ــل يدي القائم من نوم ليل بالنس ــيان‪ ،‬ولو تذكره أثناء الطهارة األوىل‪،‬‬
‫وهذا قول منصور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬قال يف املبدع‪ :‬إذا نسي غسلهما سقك مطلقا؛‬
‫ألهنا طهارة مفردة وإن وجبت(‪ .)2‬ومقتضاه أنه ال يستأنف ولو تذكر يف األثناء‪ ،‬بل وال‬
‫يغسلهما بعد‪ ،‬االف التسمية يف الوضوء ألهنا منه"(‪ ،)3‬وقد نسب منصور هذا القول‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)73 /1‬والفروع (‪ ،)173 /1‬واملبدع (‪ ،)87 /1‬واإلنصاف (‪ ،)130 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪/1‬‬
‫‪ ،)42‬واإلقناع (‪.)26 /1‬‬
‫(‪ )2‬املبدع (‪.)87 /1‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع (‪.)92 /1‬‬
‫‪- 52 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫إىل صاحب املبدع‪ ،‬وهو ظاهر قول صاحب الرعاية(‪ ،)2()1‬واإلنصاف(‪ ،)3‬واإلقناع(‪،)4‬‬
‫واملنتهى(‪ ،)5‬والغاية(‪.)6‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إن تذكر القائم من نوم ليل أنه مل يغسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل يديه أثناء أول طهارة بعد قيامه من‬
‫نومه‪ ،‬فإنه جيب عليه غس ـ ـ ــل يديه‪ ،‬وال يس ـ ـ ــقك وجوب غس ـ ـ ــلهما بالنس ـ ـ ــيان‪ ،‬وهذا هو‬
‫تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪ :‬ولو تذكر يف األثناء‪...‬إخل(‪ : )7‬أخذه من قول املبدع‪:‬‬
‫فإن نسي غسلهما سقك مطلقا(‪ .)8‬وهو غري ما ادعاه‪ ،‬بل جيوز أن يكون معناه‪ :‬سواء‬
‫قلنا بوجوبه‪ ،‬أو ال‪ ،‬وس ـ ـواء قلنا‪ :‬إنه شـ ــرط للصـ ــالة‪ ،‬أو ال‪ ،‬أو س ـ ـواء تذكره عند طهارة‬
‫أخرى‪ ،‬أو ال‪ ،‬أمــا إذا تــذكره يف أثنــاء الطهــارة األوىل – أعين اليت هي أول طهــارة بعــد‬
‫قيامه من نوم الليل – فاألظهر وجوب غس ـ ـ ـ ــلهما‪ ،‬كالتس ـ ـ ـ ــمية؛ امع وجوب تقدميهما‬
‫على تلـك الطهـارة‪ ،‬وإن كان أحدمها جزءا من الطهـارة‪ ،‬واآلخر عبـادة مس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقلـة‪ ،‬بل‬

‫(‪ )1‬مؤلفها هو‪ :‬أمحد بن محدان بن شبيب بن محدان النمري احلراين‪ ،‬الفقيه األصويل‪ ،‬القاضي جنم الدين‪ ،‬أبو عبد اهلل‬
‫بن أيب الثناء‪ ،‬نزيل القاهرة‪ ،‬وصاحب التصانيف‪ :‬ولد سنة ثالث وستمائة حبران‪ .‬جالس ابن عمه الشيخ جمد الدين‪،‬‬
‫وحبث معه كثريا‪ ،‬وبرع يف الفقه‪ ،‬وانتهت إليه معرفة املذهب‪ ،‬ودقائقه وغوامضه‪ .‬وصنف تصانيف كثرية‪ ،‬منها "‬
‫الرعاية الصغرى " يف الفقه‪ ،‬و " الرعاية الكربى "‪ ،‬تويف سنة مخس وتسعني وستمائة‪ .‬تاريخ اإلسالم ت بشار (‪/15‬‬
‫‪ ،)803‬وذيل طبقات احلنابلة (‪.)266 /4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الرعاية (‪.)197 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)131 /1‬والتنقيح (ص‪.)49 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)26 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)42 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)68 /1‬‬
‫(‪ )7‬يعين قول منصور املتقدم‪.‬‬
‫(‪ )8‬املبدع (‪.)87 /1‬‬
‫‪- 53 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ينبغي على طريقة املنتهى وجوب االبتداء(‪ ،)2(")1‬وقد نس ـ ـ ـ ــب عثمان ¬ هذا القول‬
‫إىل صاحب املبدع‪ ،‬واملنتهى‪ ،‬كما قال هبذا القول ابن عوض(‪.)4()3‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫قال يف املبدع‪" :‬ألنه جيوز تقدمي غس ـ ـ ـ ـ ـ ــلهما قبل الوض ـ ـ ـ ـ ـ ــوء بزمن طويل‪ ،‬ووجوب‬
‫غسلهما ملعىن فيهما‪ ،‬وقيل‪ :‬بل إلدخاهلما اإلناء"(‪ ،)5‬وعلى كال التعليلني فإن غسلهما‬
‫قد سقك وجوبه بالنسيان‪ ،‬وذلك لفوات حمله‪.‬‬
‫كما اس ـ ـ ــتدل أص ـ ـ ــحاب هذا القول بالفرق بني غس ـ ـ ــل يدي القائم من نوم ليل‪،‬‬
‫والتسـ ــمية‪ ،‬وذلك ألن غسـ ــل يدي القائم من نوم ليل طهارة مفردة وليسـ ــت من فروض‬
‫الوضوء‪ ،‬وأما التسمية فهي من الوضوء(‪.)6‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫القيــاس على التس ـ ـ ـ ـ ـ ــميــة‪ ،‬ــامع وجوب تقــدميهمــا على تلــك الطهــارة‪ ،‬وإن كــان‬
‫أحدمها جزءا من الطهارة‪ ،‬واآلخر عبادة مستقلة(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬لعله يقصد بذلك قول صاحب املنتهى‪" :‬وجتب التسمية‪ ،‬وتسقك سهوا كفي غسل‪ ،‬لكن إن ذكرها يف بعضه‬
‫ابتدأ"‪ .‬منتهى اإلرادات (‪.)46 /1‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)44 - 43 / 1‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أمحد بن عوض بن حممد املرداوي املقدسي‪ ،‬الزم العالمة حممد اخللويت‪ ،‬مث الزم بعده العالمة عثمان النجدي‪،‬‬
‫له حاشية على شرح العمدة لعثمان النجدي‪ ،‬وله حاشية على دليل الطالب‪ ،‬كان حيا سنة ‪ .1140‬املدخل إىل‬
‫مذهب اإلمام أمحد البن بدران (ص‪ ،)442 :‬والسحب الوابلة (‪ ،)239 /1‬مقدمة حتقيق فتح وهاب املآرب (‪/1‬‬
‫‪.)14‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬فتح موىل املواهب (‪.)311 /1‬‬
‫(‪ )5‬املبدع (‪.)87 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)87 /1‬واإلنصاف (‪ ،)131 /1‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)240 /1‬وكشاف القناع (‪.)92 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)44 / 1‬‬
‫‪- 54 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن الراجح هو القول األول؛ وذلك ألن قول عثمان ¬‬
‫فيه تأويل لظاهر كالم صـ ــاحب املبدع‪ ،‬وال يظهر ص ــحة هذا التأويل‪ ،‬وقياسـ ــه التس ــمية‬
‫على غس ـ ــل يدي القائم من نوم ليل هو قياس مع الفارق‪ ،‬وقد أجاب أص ـ ــحاب القول‬
‫األول عن هــذا القيــاس‪ ،‬مث إن تعليق احلكم بــالتقــدم وجعلــه هو العلــة ليس ظــاهرا‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من قام من نوم ليل‪ ،‬مث شــرع يف وضــوئه دون أن يغســل يديه ثالثا‪ ،‬مث تذكر أثناء‬
‫وضـوئه أنه مل يغسـلهما‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ال جيب عليه الرجوع لغسـل يديه؛ لسـقوطه‬
‫بالنس ـ ــيان‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬جيب عليه الرجوع لغس ـ ــل يديه‪ ،‬وال يس ـ ــقك بالنس ـ ــيان؛‬
‫وذلك لتذكره له أثناء أول طهارة بعد قيامه من نومه‪ ،‬وعلى القول الذي نس ـ ـ ـ ـ ـ ــبه عثمان‬
‫للمنتهى‪ :‬جيب عليه الرجوع لغسل يديه‪ ،‬وإعادة وضوئه‪.‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬التسمية للوضوء بغير العربية من قادر عليها‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املشهور من مذهب احلنابلة وجوب التسمية قبل الوضوء(‪ ،)1‬ومن املسائل املرتتبة‬
‫على ذلك‪ :‬هل تصح التسمية بغري العربية من قادر عليها‪ ،‬أم أن لفظ التسمية توقيفي‪،‬‬
‫فال تصح منه بغري العربيةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫تصح التسمية بغري العربية‪ ،‬ولو ممن حيسن العربية‪ ،‬وهذا هو قول منصور البهويت‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬والظاهر‪ :‬إجزاؤها بغري العربية‪ ،‬ولو ممن حيس ـ ــنها‪ ،‬كالذكاة؛ إذ ال فرق"(‪،)2‬‬
‫وهو ظاهر قول ص ــاحب اإلنص ــاف(‪ ،)3‬ونص عليه ص ــاحب كش ــف املخدرات(‪،)5()4‬‬
‫ومطالب أويل النهى(‪.)7()6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية على مذهب اإلمام أمحد (ص‪ ،)53 :‬والفروع (‪ ،)173 /1‬و املبدع (‪ ،)86 /1‬واإلنصاف (‪/1‬‬
‫‪ ،)128‬واإلقناع (‪ ،)25 /1‬وشرح املنتهى (‪ ،)49 /1‬ودليل الطالب لنيل املطالب (ص‪ ،)10 :‬وأخصر املختصرات‬
‫(ص‪ ،)93 :‬وبداية العابد وكفاية الزاهد يف الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل (ص‪.)29 :‬‬
‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)91 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)129 /1‬‬
‫(‪ )4‬مؤلفه هو‪ :‬عبدالرمحن بن عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن أمحد بن حممد بن مصطفى احلليب األصل البعلي الدمشقي‬
‫ولد سنة ‪1110‬ه‪ ،‬واشتغل بالعلم‪ ،‬شرح أخصر املختصرات يف كتاب مساه "كشف املخدرات"‪ ،‬قال عنه ابن‬
‫بدران‪" :‬كان فقيها متفننا أديبا شاعرا‪ ،‬وشرحه هذا حمرر منقح كثري النفع للمبتدئني" ‪ ،‬وهو أخ ألمحد بن عبد اهلل‬
‫البعلي شارح كايف املبتدي‪ ،‬تويف سنة انثتني وتسعني ومائة بعد األلف‪ .‬السحب الوابلة (‪ ،)497 /2‬و املدخل إىل‬
‫مذهب اإلمام أمحد البن بدران (ص‪.)445 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)791 /2‬‬
‫(‪ )6‬مؤلفه هو‪ :‬مصطفى بن سعد بن عبده السيوطي شهرة‪ ،‬الرحيباين مولدا‪ ،‬انتصب للتدريس واإلفتاء‪ ،‬وكان إمام‬
‫احلنابلة يف عصره‪ ،‬وتوىل مشيخة اجلامع األموي‪ ،‬تويف سنة ‪1243‬ه‪ .‬السحب الوابلة (‪ ،)1126 /3‬وخمتصر‬
‫طبقات احلنابلة (ص‪.)179 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)99 /1‬‬
‫‪- 56 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال تصح التسمية من قادر بغري العربية‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان ¬‪ ،‬حيث قال‬
‫بعد نقله كالم البهويت الســابق‪" :‬وفيه نظر‪ ،‬بل األوىل إحلاقها بألفا الصــالة املتعبد هبا‪،‬‬
‫فال جتزئ من قادر بغري العربية"(‪ ،)1‬وهو ظاهر قول الزركش ـ ــي(‪ ،)2‬وص ـ ــاحب املبدع(‪،)3‬‬
‫واإلقناع(‪ ،)4‬والغاية(‪ ،)5‬ونيل املآرب(‪.)7()6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫قياس التسمية قبل الوضوء على التسمية قبل الذكاة‪ ،‬فاملشهور من املذهب صحة‬
‫التسمية قبل الذكاة بغري العربية(‪.)8‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫قياس التس ـ ــمية قبل الوض ـ ــوء على ألفا الص ـ ــالة املتعبد هبا‪ ،‬واليت ال يتص ـ ــرف يف‬
‫لفظها‪ ،‬بل تقال كما وردت(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)46 / 1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)172 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)87 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)25 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)70 /1‬‬
‫التغليب‪ ،‬الشيباين‪ ،‬من‬
‫ّ‬ ‫(‪ )6‬مؤلفه هو‪ :‬عبد القادر بن عمر بن عبد القادر بن عمر بن أيب تغلب بن سامل‪ ،‬أبو التُّقى‪،‬‬
‫فقهاء احلنابلة ‪ ،‬وانتهت إليه رئاسة املذهب يف الشام‪ ،‬الزم الشيخ حممد البلباين وأخذ عنه العلم‪ ،‬كان مشتغال‬
‫بالتدريس‪ ،‬فلم يؤلف سوى شرح الدليل‪ ،‬تتلمذ عليه مجع من احلنابلة‪ ،‬منهم الشيخ حممد السفاريين‪ ،‬تويف ¬ سنة‬
‫‪ 1135‬ه‪ .‬سلك الدرر (‪ ،)58 /3‬والسحب الوابلة (‪ ،)563 /2‬وخمتصر طبقات احلنابلة (ص‪.)132 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬نيل املارب بشرح دليل الطالب (‪.)62 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)57 /11‬واملبدع (‪ ،)30 /8‬واإلقناع (‪ ،)319 /4‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)189 /5‬وكشاف‬
‫القناع (‪.)91 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)46 / 1‬‬
‫‪- 57 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم صحة التسمية بغري العربية قياسا على التسمية قبل الذكاة‪،‬‬
‫وهي أوىل من القياس على ألفا الص ـ ـ ـ ـ ــالة؛ وذلك ألن الوض ـ ـ ـ ـ ــوء عبادة مس ـ ـ ـ ـ ــتقلة عن‬
‫الصــالة‪ ،‬فال تلحق هبا‪ ،‬وألن ألفا الصــالة وردت صــيغها التوقيفية عن النيب ‘‪ ،‬وأما‬
‫التس ـ ـ ـ ـ ــمية فاحلديث الوارد فيها ‪ -‬وهو قوله ‘‪(( :‬ال وض ـ ـ ـ ـ ــوء ملن مل يذكر اس ـ ـ ـ ـ ــم اهلل‬
‫عليه))(‪ - )1‬يدل على وجوب ذكر اسم اهلل‪ ،‬ومل يقيد ذلك بلفظ معني‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو أن مكلفا أراد الوض ـ ـ ــوء‪ ،‬فذكر اس ـ ـ ــم اهلل عز وجل بغري اللغة العربية‪ ،‬مع قدرته‬
‫على ذلك‪ ،‬فعلى القول األول يصـ ـ ـ ــح وضـ ـ ـ ــوؤه؛ إلتيانه بالواجب‪ ،‬وعلى القول الثاين ال‬
‫يصح؛ ملخالفته الواجب عمدا‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب التسمية على الوضوء‪ ،‬ح(‪ ،)102‬قال الشيخ األلباين‪ :‬صحيح مقطوع ورواه‬
‫الرتمذي‪ :‬كتاب أبواب الطهارة عن رسول اهلل ‘‪ ،‬باب ما جاء يف التسمية عند الوضوء‪ ،‬ح(‪ ،)25‬قال الشيخ‬
‫األلباين‪ :‬حسن‪ .‬ورواه ابن ماجه‪ :‬كتاب الطهارة وسننها‪ ،‬باب ما جاء يف التسمية يف الوضوء‪ ،‬ح(‪،)397‬‬
‫وح(‪ ،)398‬وح(‪ ،)399‬قال الشيخ األلباين‪ :‬حسن‪ .‬ورواه الدارمي‪ :‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب التسمية يف الوضوء‪،‬‬
‫ح(‪ ،)691‬ورواه اإلمام أمحد بن حنبل‪ :‬مسند أيب هريرة رضى اهلل تعاىل عنه‪ ،418/2 ،‬ح(‪ ،)9408‬ويف مسند‬
‫أيب سعيد اخلدري رضى اهلل تعاىل عنه‪ ،41/3 ،‬ح(‪ ،)11388‬وح(‪ ،)11389‬ويف حديث امرأة رضى اهلل تعاىل‬
‫عنها‪ ،381/5 ،‬ح(‪ ،)23284‬ويف حديث جدة رباح بن عبد الرمحن رضى اهلل تعاىل عنها‪،382/6 ،‬‬
‫ح(‪ ،)27189‬وح(‪ .)27190‬قال شعيب األرناؤوط يف تعليقه على هذا احلديث‪ :‬إسناده ضعيف ‪ ...‬مث ذكر ما‬
‫يف الباب من أحاديث وعلل وختم ذلك بقوله ‪ " :‬قلنا ‪ :‬ومع ذلك كله فقد نقل احلافظ ابن حجر يف النتائج (نتائج‬
‫األفكار) عن ابن الصالح أنه قال ‪ :‬ثبت مبجموعها ما يثبت به احلديث احلسن واهلل أعلم ‪ .‬وقال يف التلخيص‬
‫احلبري‪ :‬والظاهر أن جمموع األحاديث حيدث منها قوة تدل على أن له أصال "‪.‬‬
‫‪- 58 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬تجديد الوضوء لما تسن له الطهارة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫من أراد فعل أمر مما تسن له الطهارة وال جتب‪ ،‬كالغضب‪ ،‬واألذان‪ ،‬ورفع الشك‪،‬‬
‫والنوم‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬والذكر‪ ،‬وجلوسه باملسجد‪ ،‬وحنوه(‪ ،)1‬فهل يسن له الوضوء‪ ،‬حىت‬
‫وإن كان على طهارة‪ ،‬أم أنه ال يسن له الوضوء إال إن كان حمدثات‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫من أراد فعل أمر مما تسـ ـ ــن له الطهارة فيسـ ـ ــن له الوضـ ـ ــوء‪ ،‬متطهرا كان أو حمدثا‪،‬‬
‫وهذا قول منص ــور البهويت ¬‪ ،‬قال يف حواش ــي اإلقناع‪" :‬مقتض ــى إطالقهم أنه يس ــن‬
‫له الوض ـ ــوء لذلك‪ ،‬متطهرا كان أو حمدثا‪ .‬قال يف الش ـ ــرح‪ ،‬معلال ص ـ ــحة الطهارة‪( :‬ألنه‬
‫يشرع له فعل هذا وهو غري حمدث‪ ،‬وقد نوى ذلك‪ ،‬فينبغي أن حيصل له)(‪.)3(")2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫من أراد فعل أمر مما تش ــرع له الطهارة وال جتب فيس ــن له الوض ــوء إن كان حمدثا‪،‬‬
‫وأما إن كان على طهارة فال يسـ ـ ـ ـ ـ ــن له الوضـ ـ ـ ـ ـ ــوء‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"مقتضــى إطالقهم‪ :‬أنه يســن الوضــوء لذلك متطهرا كان أو حمدثا‪ .‬قاله منصــور البهويت‪.‬‬
‫وفيه نظر‪ ،‬واستدالله بكالم الشارح غري ظاهر‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)145 /1‬واإلقناع (‪ ،)24 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)49 /1‬‬
‫(‪ )2‬الشرح الكبري (‪ ،)122 /1‬ومتام كالمه‪" :‬إذا نوى ما تشرع له الطهارة وال تشرتط‪ ،‬كقراءة القرآن‪ ،‬واألذان‪ ،‬والنوم‪،‬‬
‫أو نوى التجديد‪ ،‬مث بان أنه كان حمدثاً‪ ،‬ففيه روايتان‪( ،‬إحدامها)‪ :‬ال تصح طهارته؛ ألنه مل ينو رفع احلدث وال ما‬
‫يتضمنه‪ ،‬أشبه ما لو نوى التربد‪( .‬والثانية)‪ :‬تصح طهارته‪ ،‬وهي أصح؛ ألنه نوى طهارة شرعية فينبغي أن حتصل له‬
‫للخرب‪ ،‬وألنه يشرع له فعل هذا وهو غري حمدث وقد نوى ذلك فينبغي أن حيصل له" وينظر‪ :‬الكايف (‪.)56 /1‬‬
‫(‪ )3‬حواشي اإلقناع (‪.)195 – 194 /1‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)49 / 1‬‬
‫‪- 59 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫اس ــتدل منص ــور ¬ بأن هذا هو ظاهر إطالق األص ــحاب‪ ،‬وذلك ألهنم ذكروا‬
‫أنه يستحب الوضوء ملن أراد شيئا من هذه األفعال(‪ ،)1‬ومل خيصوا ذلك بشيء‪ ،‬فيشمل‬
‫املتطهر‪ ،‬واحملدث‪.‬‬
‫واسـ ـ ـ ــتدل بتعليل الشـ ـ ـ ــارح ¬‪ ،‬وذلك يف قوله‪" :‬ألنه يشـ ـ ـ ــرع له فعل هذا ‪-‬أي‬
‫الوضـ ــوء ملا تشـ ــرع له الطهارة وال تشـ ــرتط‪ -‬وهو غري حمدث‪ ،‬وقد نوى ذلك‪ ،‬فينبغي أن‬
‫حيصل له"(‪.)2‬‬
‫وميكن أن يســتدل هلذا القول بســياق املســألة‪ ،‬وذلك ألن املســألة واردة فيمن نوى‬
‫الوض ـ ــوء ملا تس ـ ــن له الطهارة‪ ،‬ونس ـ ــي أنه حمدث‪ ،‬فهل يرتفع حدثه هبذا الوض ـ ــوء أم ال‪،‬‬
‫فاملســألة واقعة على رجل أراد الوضــوء ملا تســن له الطهارة‪ ،‬وكان يظن طهارة نفســه‪ ،‬ومل‬
‫يذكر أحد ممن ساق املسألة أن هذا غري مشروع‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ميكن أن يس ــتدل هلذا القول مبس ــألة جتديد الوض ــوء‪ ،‬وذلك ألن األص ــحاب على‬
‫أن التجديد ال يسـ ــن إال ملن صـ ــلى يف وضـ ــوئه األول(‪ ،)3‬فلو كان الوضـ ــوء ملا تسـ ــن له‬
‫الطهــارة مش ـ ـ ـ ـ ـ ــروعــا ملن هو على طهــارة لكــان التجــديــد مش ـ ـ ـ ـ ـ ــروعــا مطلقــا‪ ،‬وملــا قيــده‬
‫األصحاب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)145 /1‬واإلقناع (‪ ،)24 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)49 /1‬‬
‫(‪ )2‬الشرح الكبري (‪ ،)122 /1‬وينظر‪ :‬الكايف (‪.)56 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)105 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)147 /1‬واإلنصاف (‪ ،)147 /1‬واإلقناع (‪ ،)25 /1‬ومنتهى اإلرادات‬
‫(‪ ،)50 /1‬وكشف املخدرات (‪،)58 /1‬ومطالب أويل النهى (‪ ،)110 /1‬والشرح املمتع على زاد املستقنع (‪/1‬‬
‫‪.)199‬‬
‫‪- 60 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن الراجح التفريق بني نوعني مما تستحب له الطهارة‪:‬‬
‫فالنوع األول‪ :‬ما يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتحب أن يكون املكلف فيه طاهرا‪ ،‬كقراءة القرآن‪ ،‬والنوم‪،‬‬
‫واملكث يف املسجد‪ ،‬فحال املكلف معه على ثالثة أحوال‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يكون حمدثا‪ ،‬فتسن له الطهارة‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن يكون متطهرا من طهور س ـ ـ ـ ـ ـ ــبق أن ص ـ ـ ـ ـ ـ ــلى فيه‪ ،‬أو فعل فيه ما‬
‫يس ـ ــتحب له الطهارة‪ ،‬فهذا يش ـ ــرع له التطهر لفعل ما تس ـ ــن له الطهارة‪ ،‬ويس ـ ــتدل على‬
‫هذا مبا ذكره احلنابلة من أن جتديد الوض ـ ـ ـ ـ ــوء إمنا يس ـ ـ ـ ـ ــن ملن ص ـ ـ ـ ـ ــلى فيه(‪ ،)1‬وميكن أن‬
‫يس ـ ــتأنس يف هذا بقول ص ـ ــاحب اإلنص ـ ــاف‪" :‬الص ـ ــحيح من املذهب‪ :‬أنه يس ـ ــن جتديد‬
‫الوض ـ ــوء لكل ص ـ ــالة‪ .‬وعنه ال يس ـ ــن‪ .‬كما لو مل يص ـ ــل بينهما‪ .‬قاله يف الفروع‪ .‬ويتوجه‬
‫احتمال‪ ،‬كما لو مل يفعل ما يستحب له الوضوء"(‪.)2‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬أن يكون متطهرا من طهور مل يص ــل فيه‪ ،‬ومل يفعل فيه ما يس ــتحب‬
‫له الوض ـ ــوء‪ ،‬فهذا ال يش ـ ــرع الوض ـ ــوء يف حقه‪ ،‬ويس ـ ــتدل لذلك مبا اس ـ ــتدل له يف احلالة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬ما يش ـ ـ ــرع فيه جتديد الوض ـ ـ ــوء حال وقوعه‪ ،‬وذلك كالغض ـ ـ ــب‪ ،‬ورفع‬
‫الشك‪ ،‬فالذي يظهر أنه يشرع الوضوء هلذا النوع مطلقا‪ ،‬سواء كان على طهارة أو كان‬
‫حمدثا‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وأما تعقب عثمان على منصور يف استدالله بكالم الشارح‪ ،‬فالذي يظهر أن هذا‬
‫التعقب يف غري حمله‪ ،‬بل اسـ ــتدالل منصـ ــور به ظاهر‪ ،‬وكالم الشـ ــارح يؤيد ما ذهب إليه‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)105 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)147 /1‬واإلنصاف (‪ ،)147 /1‬واإلقناع (‪ ،)25 /1‬ومنتهى اإلرادات‬
‫(‪ ،)50 /1‬وكشف املخدرات (‪،)58 /1‬ومطالب أويل النهى (‪ ،)110 /1‬والشرح املمتع على زاد املستقنع (‪/1‬‬
‫‪.)199‬‬
‫(‪ )2‬اإلنصاف (‪.)147 /1‬‬
‫‪- 61 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫حمدث"(‪)1‬‬ ‫منصـ ـ ــور‪ ،‬وقوله وهو يف سـ ـ ــياق املسـ ـ ــألة‪" :‬ألنه يشـ ـ ــرع له فعل هذا وهو غري‬
‫ظاهر يف داللته على ما ذهب إليه منصور ¬‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من أراد فعل أمر مما تسن له الطهارة وال جتب‪ ،‬كالغضب‪ ،‬واألذان‪ ،‬ورفع الشك‪،‬‬
‫والنوم‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬والذكر‪ ،‬واجللوس باملسجد‪ ،‬وحنوه‪ ،‬وكان على طهارة‪ ،‬فعلى القول‬
‫األول يسن له الوضوء‪ ،‬وعلى القول الثاين ال يسن له الوضوء‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الشرح الكبري (‪.)122 /1‬‬


‫‪- 62 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬صحة وضوء من أكره شخصا على صب‬
‫الماء‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إن أكره املتوضئ شخصا على صب ماء الوضوء عليه‪ ،‬فهل تصح طهارته أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يصــح وضــوء من أكره من يصــب عليه املاء‪ ،‬وهذا هو قول منصــور البهويت ¬‪،‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬ومن وضـ ـ ـ ـ ــئ أو غسـ ـ ـ ـ ــل أو ميم بإذنه‪ ،‬ونواه‪ :‬صـ ـ ـ ـ ــح‪ ،‬ال إن أكره‬
‫فاعل"(‪ )1‬قال البهويت يف شـ ـ ـ ـ ـ ــرحه لكالم الفتوحي‪(" :‬إن أكره فاعل) أي موضـ ـ ـ ـ ـ ــئ أو‬
‫مغس ـ ـ ـ ــل أو ميمم لغريه‪ ،‬أو صـ ـ ـ ــاب للماء‪ ،‬وقواعد املذهب تقتض ـ ـ ـ ــي الص ـ ـ ـ ــحة إذا أكره‬
‫الص ـ ــاب‪ ،‬ألن الص ـ ــب ليس بركن وال ش ـ ــرط‪ ،‬فيش ـ ــبه االغرتاف بإناء حمرم"(‪ ،)2‬وقال يف‬
‫الكشــاف‪(" :‬فإن أكره من يصــب عليه املاء) مل يصــح وضــوؤه‪ ،‬قدمه يف الرعاية‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫يص ـ ـ ـ ــح‪ ،‬انتهى‪ ،‬قلت‪ :‬والثاين أظهر؛ ألن النهي يعود خلار ؛ ألن صـ ـ ـ ـ ــب املاء ليس من‬
‫شرط الطهارة"(‪.)3‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب مطالب أويل النهى(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال يص ـ ـ ـ ــح وض ـ ـ ـ ــوء من أكره من يص ـ ـ ـ ــب عليه املاء‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال‬
‫¬‪" :‬فإن أكره املتوض ــئ ش ــخص ــا يوض ــئه أو يغس ــله أو ييممه‪ :‬مل يص ــح كما قال يف‬
‫املنتهى(‪( :)5‬ال إن أكره فاعل)‪ ،‬وإن أكره من يصــب عليه املاء مل يصــح أيضــا‪ ،‬كما يف‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)56 - 55 /1‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)60 /1‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع (‪.)107 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)123 /1‬‬
‫(‪ )5‬منتهى اإلرادات (‪.)56 - 55 /1‬‬
‫‪- 63 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫اإلقناع(‪ .)1‬وقيل يصـ ــح‪ .‬قال املصـ ــنف‪ :‬وهو أظهر؛ ألن النهي يعود خلار ؛ ألن صـ ــب‬
‫املاء ليس من شرط الطهارة‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وفيه نظر‪ ،‬فإن هذه الص ـ ــورة كاليت قبلها يف غس ـ ــل جزء من اليد يف حمل غس ـ ــلها‪،‬‬
‫وليســت من قبيل الصــب اخلار عن شــرط الطهارة يف كل األعضــاء بل يف األكثر؛ فإن‬
‫املتوضئ يف هذه الصورة هو الذي يوصل املاء إىل وجهه ورأسه ورجليه وأكثر يديه؛ ألن‬
‫أول جزء يالقي املاء من يديه يصـ ِّـري غســله بفعل املكره – بفتح الراء – فلم يصــح‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم"(‪ ،)2‬وقال أيضـ ـ ــا‪" :‬قوله‪( :‬ال إن أةكره فاعل) أي‪ :‬موضـ ـ ــئ‪ ،‬أو مغسـ ـ ــل‪ ،‬أو ميمم‬
‫الغري‪ ،‬أو صــاب للماء‪ ،‬وقواعد املذهب تقتضــي الصــحة إذا أةكره الصــاب؛ ألن الصــب‬
‫ليس بركن وال ش ــرط‪ ،‬فيش ــبه االغرتاف بإناء حمرم‪ .‬منص ــور البهويت‪ .‬وفيه نظر‪ ،‬فراجع ما‬
‫كتبته يف هداية الراغب"(‪.)3‬‬
‫وه ــذا القول ق ــدم ــه صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح ــب اإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف‪ ،‬وذكر القول املتعق ــب على وج ــه‬
‫التمريض(‪ ،)4‬ونص عليه يف اإلقناع(‪ ،)5‬ويف معونة أويل النهى(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن النهي يعود خلار ؛ فص ـ ــب املاء ليس بركن وال ش ـ ــرط‪ ،‬فيش ـ ــبه االغرتاف بإناء‬
‫حمرم(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)32 /1‬‬


‫(‪ )2‬هداية الراغب (‪)81 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)56 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)167 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)32 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)287 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)60 /1‬وكشاف القناع (‪.)107 /1‬‬
‫‪- 64 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫قال ابن رجب(‪ ¬ )1‬يف القواعد‪(" :‬القاعدة التاس ـ ـ ـ ـ ـ ــعة)‪ :‬يف العبادات الواقعة‬
‫على وجه حمرم‪ ،‬إن كان التحرمي عائدا إىل ذات العبادة على وجه خيتص هبا مل يصـ ـ ـ ـ ـ ــح‪،‬‬
‫وإن كان عائدا إىل شـ ـ ـ ــرطها فإن كان على وجه خيتص هبا فكذلك أيضـ ـ ـ ــا‪ ،‬وإن كان ال‬
‫خيتص هبا ففي الص ــحة روايتان أش ــهرمها عدمها‪ ،‬وإن عاد إىل ما ليس بش ــرط فيها ففي‬
‫الص ـحة وجهان واختار أبو بكر عدم الصــحة وخالفه األكثرون" مث قال‪" :‬وللرابع أمثلة‪:‬‬
‫(منها) الوضوء من اإلناء احملرم"(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن منفعة املوضئ مغصوبة باإلكراه‪ ،‬فال تصح معها العبادة(‪.)3‬‬
‫املكره‬
‫والقياس على من أكره غريه على توضــئته‪ ،‬امع أنه يف الصــورتني ســيغســل َ‬
‫جزءا من يد املتوض ـ ـ ـ ـ ـ ــئ‪ ،‬فيكون املتوض ـ ـ ـ ـ ـ ــئ قد فعل جزءا من الطهارة مبنهي عنه‪ ،‬قال‬
‫عثمان‪" :‬هذه الص ــورة كاليت قبلها يف غس ــل جزء من اليد يف حمل غس ــلها‪ ،‬وليس ــت من‬
‫قبيل الص ــب اخلار عن ش ــرط الطهارة يف كل األعض ــاء بل يف األكثر؛ فإن املتوض ــئ يف‬
‫هذه الصـ ــورة هو الذي يوصـ ــل املاء إىل وجهه ورأسـ ــه ورجليه وأكثر يديه؛ ألن أول جزء‬
‫يصري غسله بفعل املكره – بفتح الراء – فلم يصح"(‪.)4‬‬
‫يالقي املاء من يديه ِّ‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬عبد الرمحن بن أمحد بن رجب بن احلسني بن حممد بن مسعود الشيخ العالمة احلافظ الزاهد شيخ احلنابلة زين‬
‫الدين أبو الفر بن الشيخ اإلمام املقرئ احملدث شهاب الدين البغدادي مث الدمشقي‪ ،‬ولد سنة ‪ 706‬ه‪ ،‬اشتغل‬
‫بالعلم‪ ،‬وكان منجمعا عن الناس‪ ،‬قليل اخللطة هبم‪ ،‬وعين بسماع احلديث‪ ،‬أخذ العلم عن مجاعة‪ ،‬منهم ابن القيم‬
‫¬‪ ،‬وأخذ عنه العلم مجاعة‪ ،‬منهم ابن اللحام‪ ،‬له مصنفات مفيدة‪ ،‬منها شرح الرتمذي‪ ،‬وجامع العلوم واحلكم‪،‬‬
‫وفتح الباري يف شرح البخاري‪ ،‬ولطائف املعارف‪ ،‬وذيل طبقات احلنابلة‪ ،‬والقواعد الفقهية وغريها‪ ،‬تويف سنة مخس‬
‫وتسعني وسبعمائة‪ .‬الدرر الكامنة يف أعيان املائة الثامنة (‪ ،)108 /3‬واملقصد االرشد (‪ ،)81 /2‬واجلوهر املنضد‬
‫يف طبقات متأخري أصحاب أمحد (‪ ،)46 /1‬شذرات الذهب (‪ ،)578 /8‬والسحب الوابلة (‪ ،)474 /2‬واملدخل‬
‫إىل مذهب اإلمام أمحد البن بدران (ص‪ ،)457 :‬ومقدمة حتقيق قواعد ابن رجب (مقدمة‪.)77 /‬‬
‫(‪ )2‬القواعد البن رجب (ص‪.)12 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬فتح موىل املواهب (‪.)309 /1‬‬
‫(‪ )4‬هداية الراغب (‪.)81 /1‬‬
‫‪- 65 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الراجح هو القول الثــاين؛ وذلــك التفــاق ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحيب اإلقنــاع(‪ )1‬واملنتهى(‪ )2‬عليــه‪،‬‬
‫وللفرق بني الوضـ ــوء من إناء حمرم وإكراه من يصـ ــب عليه املاء‪ ،‬وذلك ألنه لو اسـ ــتعمل‬
‫آلة حمرمة يف توض ـ ـ ــئته‪ ،‬لتوجه القول بص ـ ـ ــحة الوض ـ ـ ــوء‪ ،‬وأما لو أكره غريه على توض ـ ـ ــئته‬
‫فاملذهب على عدم الصحة(‪ ،)3‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إن أكره املتوضــئ شــخصــا على صــب ماء الوضــوء عليه‪ ،‬فعلى القول األول تصــح‬
‫طهارته‪ ،‬وعلى القول الثاين ال تصح طهارته‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)32 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪ ،)56 - 55 /1‬ومعونة أويل النهى (‪.)287 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)60 /1‬وكشاف القناع (‪.)107 /1‬‬
‫‪- 66 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثاني عشر‪ :‬المسح على الخف الذي لُبس بعد طهارة ُمسح‬
‫فيها على الجبيرة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫من كان يف إحدى رجليه أو يف كلتيهما جبرية ميس ــح عليها‪ ،‬فتوض ــأ ومس ــح على‬
‫اجلبرية‪ ،‬مث لبس بعد ذلك خفني‪ ،‬فهل له املس ـ ـ ــح على هذين اخلفني الذين لبس ـ ـ ــهما أم‬
‫الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ليس لصــاحب اجلبرية اليت ميســح عليها املســح على خفني لبســا بعد طهارة مســح‬
‫فيها على اجلبرية‪ ،‬وهذ قول منص ــور البهويت ¬‪ ،‬وذلك أنه س ــئل عن س ـ ـؤال ص ــورته‪:‬‬
‫"ما قولكم – رضي اهلل عنكم ونفع بعلومكم املسلمني – يف رجل بإحدى رجليه جبرية‬
‫موض ـ ـ ـ ـ ـ ــوعــة على حــدث‪ ،‬وبرجلــه األخرى جبرية موض ـ ـ ـ ـ ـ ــوعــة على طهر‪ ،‬ومل تــأخــذ من‬
‫الص ـ ـ ـ ــحيح شـ ـ ـ ــيئا‪ ،‬وهو البس للخف‪ ،‬ما اجلواب يف املس ـ ـ ـ ــح عليهمات فأجاب ‪ ¢‬مبا‬
‫نصه‪:‬‬
‫احلمد هلل‪ ،‬أما اجلبرية اليت وضـ ـ ــعها على طهارة كاملة باملاء؛ فله املسـ ـ ــح عليها إىل‬
‫حلها‪ ،‬أو برء ما حتتها واحلال هذه‪ .‬وأما اليت وض ـ ـ ـ ـ ـ ــعها على غري طهارة؛ فيلزمه نزعها‪،‬‬
‫فإن خاف ض ــررا؛ تيمم بدل غس ــل ما حتتها‪ ،‬مراعيا شـ ـرائك التيمم وفرائض ــه‪ ،‬وال إعادة‬
‫عليه‪ ،‬وليس له املســح على اخلف؛ ألن شــرطه اللبس على طهارة كاملة باملاء‪ ،‬وأحكامه‬
‫تغاير أحكام اجلبرية‪ ،‬فال يبين عليها‪ ،‬بل لو لبس خفا على خف بش ــرطه بعد أن مس ــح‬
‫على األول؛ مل ميسح على الثاين‪ ،‬واهلل سبحانه أعلم"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن حامد(‪.)3()2‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)58 / 1‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬احلسن بن حامد بن علي بن مروان أبو عبد اهلل البغدادي‪ ،‬إمام احلنبلية يف زمانه ومدرسهم ومفتيهم له املصنفات‬
‫يف العلوم املختلفات له اجلامع يف املذهب حنوا من أربعمائة جزء وله شرح اخلرقي وشرح أصول الدين وأصول الفقه‪،‬‬
‫تويف سنة ثالث وأربعمائة‪ .‬طبقات احلنابلة (‪ ،)171 /2‬واملقصد االرشد (‪.)319 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)175 /1‬‬
‫‪- 67 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫من لبس خفا بعد طهارة مس ـ ـ ـ ــح فيها على اجلبرية فله املس ـ ـ ـ ــح على ذلك اخلف‪،‬‬
‫وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬أقول‪ :‬قول الش ـ ــيخ منص ـ ــور البهويت ¬ يف هذا‬
‫اجلواب‪ :‬وليس له املسـ ـ ــح على اخلف‪...‬إخل فيه نظر‪ ،‬فإن املراد بكمال الطهارة‪ :‬متامها؛‬
‫احرتازا عن حنو ما لو غس ـ ـ ــل رجله اليمىن‪ ،‬مث أدخلها اخلف‪ ،‬مث غس ـ ـ ــل رجله اليس ـ ـ ــرى‪،‬‬
‫وأدخلها اخلف‪ ،‬فقد حصل لبس اليمىن قبل كمال الطهارة‪.‬‬
‫واحرتزوا باملاء – يف قوهلم‪ :‬بشـرط كمال طهارة مباء – عن طهارة التيمم‪ ،‬كما لو‬
‫كان عادما للماء‪ ،‬فتيمم ولبس خفا؛ فإنه ال جيوز املس ـ ـ ـ ـ ــح عليه إذن‪ .‬أما لو تطهر مباء‬
‫وتيمم جلرح يف هذه الطهارة‪ ،‬أو مســح فيها على حائل؛ مل مينع من لبس اخلف يف هذه‬
‫الطهارة‪ ،‬وهلذا قال يف املنتهى وغريه‪( :‬ولو مس ـ ـ ــح فيها على حائل‪ ،‬أو تيمم جلرح) (‪،)1‬‬
‫أي‪ :‬فيجوز لبس اخلف يف هذه الطهارة"(‪.)2‬‬
‫وق ـ ــد نص على ه ـ ــذا القول ابن ق ـ ــدام ـ ــة(‪ ،)3‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)4‬وابن تيمي ـ ــة(‪،)5‬‬
‫والزركش ـ ــي(‪ ،)6‬وقدمه يف الفروع(‪ ،)7‬وص ـ ــححه يف اإلنص ـ ــاف(‪ ،)8‬وهو قول املنتهى(‪،)9‬‬
‫واإلقناع(‪ ،)10‬والغاية(‪ ،)11‬كما نص على هذا القول أيضا منصور ¬(‪.)12‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)61 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)59 - 58 / 1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)209 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)154 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪.)282 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)377 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)198 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)175 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)61 /1‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪،)33 /1‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)128 /1‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)64 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)113 /1‬والروض املربع (ص‪.)34 :‬‬
‫‪- 68 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن شرط املسح على اخلفني اللبس على طهارة كاملة باملاء‪.‬‬
‫وألن أحكام املسح على اخلفني تغاير أحكام اجلبرية‪ ،‬فال يبين عليها‪.‬‬
‫والقيــاس على من لبس خفــا على خف بش ـ ـ ـ ـ ـ ــرطــه بعــد أن مس ـ ـ ـ ـ ـ ــح على األول‪،‬‬
‫فاملذهب أنه ال يصح املسح على الثاين‪ ،‬واجلبرية مثله(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن املســح على اجلبرية عزمية‪ ،‬وأما املســح على اخلف فهو رخصــة‪ ،‬فال تقاس هذه‬
‫على هذه(‪.)2‬‬
‫وألن الطهارة وإن كانت ناقصة فهو لنقص مل يزل‪ ،‬فلم مينع جواز املسح‪ ،‬كنقص‬
‫طهارة املس ــتحاض ــة قبل زوال عذرها(‪ ،)3‬وميكن القول بأن الطهارة اليت مس ــح فيها على‬
‫جبرية طهارة كاملة غري ناقصـ ـ ــة؛ ألهنا طهارة كاملة رافعة للحدث‪ ،‬كاليت مل ميسـ ـ ــح فيها‬
‫على حائل(‪. )4‬‬
‫وألن املس ـ ــح على اجلبرية يقوم مقام الغس ـ ــل من كل وجه حىت يف احلدث األكرب؛‬
‫ألنه ال يقدر إال عليها‪ ،‬فاجلبرية مبنزلة جلده(‪.)5‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الراجح يف هذه املس ـ ـ ـ ـ ـ ــألة واهلل أعلم هو قول عثمان ¬؛ وذلك إلطباق علماء‬
‫املــذهــب عليــه‪ ،‬إال مــا نقــل عن ابن حــامــد ¬‪ ،‬ولقوة أدلــة القول الثــاين‪ ،‬وألن القول‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)58 / 1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)209 /1‬و الشرح الكبري (‪ ،)154 /1‬وشرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪ ،)377 /1‬واإلنصاف‬
‫(‪.)175 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)209 /1‬و الشرح الكبري (‪.)154 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)64 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)113 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)128 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪.)282 :‬‬
‫‪- 69 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫باشرتاط الطهارة باملاء مبين على أن اشرتاط الطهارة جلواز املسح على اخلفني فيه إشعار‬
‫باش ـ ـرتاط أص ـ ــلها(‪ ،)1‬وهو الطهارة باملاء‪ ،‬ولذلك منعوا من املس ـ ــح على خف لبس بعد‬
‫طهارة مس ــح فيها على خف؛ ألن املس ــح على اخلف ليس بأص ــل‪ ،‬وأما اجلبرية فاملس ــح‬
‫عليها أصل‪ ،‬فتدخل يف حديث ((دعهما فإين أدخلتهما طاهرتني))(‪.)2‬‬
‫وأما أدلة القول املتعقب‪ ،‬فالدليل األول قد أجاب عنه عثمان ¬ يف تعقبه‪،‬‬
‫وأما الدليل الثاين والثالث‪ ،‬فالتأصيل الذي ذكره أصحاب القول الثاين ‪ -‬وهو أن املسح‬
‫على اخلفني رخص ـ ـ ــة‪ ،‬واملس ـ ـ ــح على اجلبرية عزمية – يس ـ ـ ــقك هذه األدلة فال تقاس هذه‬
‫املسألة على تلك‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من كان يف إحدى رجليه أو يف كلتيهما جبرية ميس ــح عليها‪ ،‬فتوض ــأ ومس ــح على‬
‫اجلبرية‪ ،‬مث لبس بعد ذلك خفني‪ ،‬فعلى القول األول ليس له املسـ ــح على هذين اخلفني‪،‬‬
‫وأما على القول الثاين فله املسح على اخلفني‪.‬‬
‫وبناء على القول األول فإنه ال يتصــور ممن عليه جبرية ميســح عليها أن يلبس خفا‬
‫وميسح عليه إال بعد زوال اجلبرية‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)160 /1‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ ،‬باب إذا أدخل رجليه ومها طاهرتان‪ ،‬ح(‪ ،)203‬ورواه مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب‬
‫املسح على اخلفني‪ ،‬ح(‪ ،)274‬ويف باب يف املسح على اخلفني ح(‪.)713‬‬
‫‪- 70 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثالث عشر‪ :‬إيجاب الغسل على من قال بي جنية أجامعها‬
‫كالمرأة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر بعض احلنابلة أنه لو قالت امرأة يب جين جيامعين كالرجل‪ ،‬فعليها الغســل(‪،)1‬‬
‫فهل يقاس على ذلك ما لو قال رجل يب جنية أجامعها كاملرأةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫جيب الغسـ ـ ــل على من قال يب جنية أجامعها كاملرأة‪ ،‬وهذا قول منصـ ـ ــور البهويت‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬قلت‪ :‬وعلى ما ذكره املص ـ ـ ـ ـ ـ ــنف‪ :‬لو قال رجل‪ :‬يب جنية أجامعها كاملرأة‪،‬‬
‫فعليه الغسل"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب مطالب أويل النهى(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال جيب الغس ـ ـ ـ ــل على من قال يب جنية أجامعها كاملرأة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬ولو قالت‪ :‬يب جين جيامعين كالرجل فعليها الغسـ ـ ـ ـ ـ ــل‪ ،‬قاله يف اإلقناع‪ .‬قال‬
‫الش ــيخ منص ــور البهويت‪ :‬قلت‪ :‬وعلى ما ذكره املص ــنف لو قال رجل‪ :‬يب جنية أجامعها‬
‫كاملرأة فعليه الغسل‪ .‬انتهى‪ .‬وفيه نظر"(‪.)4‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫القياس على إجياب الغسل على من قالت يب جين جيامعين كالرجل(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)258 /1‬واإلنصاف (‪ ،)236 /1‬واإلقناع (‪ ،)44 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)166 /1‬‬
‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)144 /1‬‬
‫(‪ )3‬مطالب أويل النهى (‪.)167 /1‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)81 / 1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)144 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)167 /1‬‬
‫‪- 71 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ميكن أن يس ـ ـ ــتدل هلذا القول بالرباءة األص ـ ـ ــلية‪ ،‬فال يلزم غس ـ ـ ــل إال مبوجب ثبت‬
‫بدليل‪ ،‬كما ميكن أن يس ـ ـ ـ ـ ــتدل هلذا القول بأنه قد يتص ـ ـ ـ ـ ــور إكراه املرأة على اجلماع من‬
‫إنسـ ــي وال يتصـ ــور إكراه الرجل على اجلماع من إنسـ ــية‪ ،‬فيقاس هذا على اجلن‪ ،‬ولذلك‬
‫ذكر بعض احلن ــابل ــة قبول قول املرأة أهن ــا أكره ــت على الزن ــا‪ ،‬وع ــدم قبول ذل ــك من‬
‫الرجل(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن من قال يب جنية أجامعها كاملرأة‪ ،‬فال خيلو من حالني‪:‬‬
‫احلال األوىل‪ :‬أن يكون مس ــتجيبا ومريدا هلذا اجلماع‪ ،‬فيلزمه الغس ــل؛ قياس ــا على‬
‫إجياب الغسل على من جامع هبيمة(‪ ،)2‬وعلى من قالت يب جين جيامعين كالرجل‪.‬‬
‫احلال الثانية‪ :‬أن يكون غري مطاوع وغري مريد‪ ،‬فهذه املسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألة مبنية على القول‬
‫بإمكان تصـ ـ ــور ذلك‪ ،‬فإن قيل إنه ميكن أن حيصـ ـ ــل مجاع من غري مريد فيلزمه الغسـ ـ ــل‪،‬‬
‫وإن قيل إنه ال يتصور ذلك فال يلزمه الغسل‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من قال يب جنية أجامعها كاملرأة فعلى القول األول يلزمه الغسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‪ ،‬وعلى القول‬
‫الثاين ال يلزمه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)60 /9‬والكايف (‪ ،)86 /4‬واحملرر (‪ ،)154 /2‬واملبدع (‪ ،)391 /7‬واإلنصاف (‪،)182 /10‬‬
‫واإلقناع (‪.)254 /4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)150 /1‬وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪ ،)360 :‬واملبدع (‪ ،)155 /1‬واإلنصاف‬
‫(‪ ،)235 /1‬واإلقناع (‪ ،)44 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)80 /1‬‬
‫‪- 72 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الرابع عشر‪ :‬صحة طهارة من لزمه غسل ووضوء وإزالة‬
‫نجاسة فتيمم ونوى استباحة أمر يتوقف على الطهارة منها جميعا‪.‬‬
‫تحرير موضع التعقب‪:‬‬
‫قال اخللويت ¬ يف باب التيمم‪" :‬قوله‪( :‬وترتيب ومواالة حلدث أص ـ ـ ـ ــغر)‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ولو مع حدث أكرب‪ ،‬االف الغسـ ـ ـ ــل فيما يظهر‪ ،‬وإذا نوى اسـ ـ ـ ــتباحة أمر يتوقف على‬
‫وضـ ـ ـ ــوء‪ ،‬وغسـ ـ ـ ــل‪ ،‬وإزالة جناسـ ـ ـ ــة‪ ،‬أجزأه عن ذلك‪ ،‬وإذا نوى حدثا وأطلق مل جيزئه عن‬
‫شـ ـ ـ ــيء"(‪ ،)1‬وقال عثمان ¬‪" :‬قوله‪( :‬حلدث أصـ ـ ـ ــغر) ولو مع حدث أكرب‪ ،‬االف‬
‫الغس ــل فيما يظهر‪ ،‬وإذا نوى اس ــتباحة أمر يتوقف على وض ــوء‪ ،‬وغس ــل‪ ،‬وإزالة جناس ــة‪،‬‬
‫أجزأه عن ذلك‪ ،‬وإذا نوى حدثا وأطلق مل جيزئه عن ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيء‪ .‬كذا حبثه ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخنا حممد‬
‫اخللويت‪ ،‬وفيه نظر"(‪.)2‬‬
‫ويظهر مما س ـ ـ ــبق أن عثمان ¬ نقل كالم اخللويت يف ثالث مس ـ ـ ــائل‪ ،‬مث تعقب‬
‫كالمه دون اإلش ـ ــارة إىل موض ـ ــع التعقب‪ ،‬والذي يظهر أن موض ـ ــع التعقب هو املس ـ ــألة‬
‫الثانية‪ ،‬وهي يف قول اخللويت‪" :‬وإذا نوى اس ــتباحة أمر يتوقف على وض ــوء وغس ــل وإزالة‬
‫جناس ــة أجزأه عن ذلك" وس ــبب القول أن هذه املس ــألة هي موض ــع التعقب يتلخص يف‬
‫اآليت‪:‬‬
‫كالم عثمــان يف هــدايــة الراغــب‪ ،‬وذلــك أنــه قــال‪" :‬أو نوى األص ـ ـ ـ ـ ـ ــغر واألكرب‬ ‫‪-1‬‬
‫والنجــاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة بتيمم واحــد (كفى) أي أجزأه ذلــك‪ ،‬قلــت‪ :‬والظــاهر هنــا اعتبــار‬
‫الرتتيب واملواالة"(‪ ،)3‬وهذا فيه إش ـ ـ ـ ــارة إىل ما ذكره اخللويت يف املس ـ ـ ـ ــألة األوىل‪،‬‬
‫وقــال‪" :‬فــإن نوى حــدثــا وأطلق مل جيزئــه عن احلــدثني"(‪ )4‬وهــذا يوافق مــا ذكره‬
‫اخللويت يف املسألة الثالثة‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)159 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)105 / 1‬‬
‫(‪ )3‬هداية الراغب (‪.)128 /1‬‬
‫(‪ )4‬هداية الراغب (‪.)127 /1‬‬
‫‪- 73 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫تأص ــيل احلنابلة ملسـ ــألة نية التعيني ونص ــهم عليها(‪ ،)1‬فلو كان مقصـ ــود عثمان‬ ‫‪-2‬‬
‫تعقب اخللويت يف املسـ ـ ــألة الثالثة‪ ،‬وهي مسـ ـ ــألة إجزاء نية رفع احلدث مطلقا يف‬
‫التيمم‪ ،‬لكان كالمه فيه تعقب على القول املش ــهور من املذهب‪ ،‬ال على حبث‬
‫اخللويت‪.‬‬
‫تصــوير عثمان للمســألة الثانية يف هداية الراغب مبا خيالف كالم اخللويت‪ ،‬وذلك‬ ‫‪-3‬‬
‫أنه قال‪" :‬وص ـ ــفة التعيني‪ :‬أن ينوي اس ـ ــتباحة ص ـ ــالة الظهر مثال من اجلنابة إن‬
‫كان جنبا‪ ،‬أو من احلدث إن كان حمدثا‪ ،‬أومن النجاسـ ـ ـ ــة إن كان جنسـ ـ ـ ــا‪ ،‬وما‬
‫أشبه ذلك"(‪.)2‬‬
‫ولذلك ستكون املسألة الثانية هي حمل البحث هنا‪.‬‬

‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املش ـ ــهور من مذهب احلنابلة أن التيمم مبيح ال رافع(‪ ،)3‬وعليه فلو أن ش ـ ــخص ـ ــا‬
‫أحدث حدثا أصغر وحدثا أكرب‪ ،‬وكانت على جسده جناسة‪ ،‬ومل جيد املاء‪ ،‬فتيمم ونوى‬
‫اس ــتباحة أمر يتوقف على وض ــوء وغس ــل وإزالة جناس ــة كالص ــالة‪ ،‬دون تعيني حدث أو‬
‫أحداث‪ ،‬فهل نية االستباحة ملا يلزم له التيمم تكفي عن استصحاب ما أوجب التيمم‪،‬‬
‫أم أن ذلك ال يكفي‪ ،‬ويلزم استحضار األمرين معات‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)197 /1‬والكايف (‪ ،)121 /1‬واملبدع (‪ ،)193 /1‬وشرح املنتهى (‪.)98 /1‬‬
‫(‪ )2‬هداية الراغب (‪.)127 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪ ،)41 /1‬واإلنصاف (‪ ،)263 /1‬وشرح املنتهى (‪ ،)90 /1‬وكشاف القناع (‪،)161 /1‬‬
‫ومطالب أويل النهى (‪.)191 /1‬‬
‫‪- 74 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال يلزم مريد التيمم أن يس ــتص ــحب رفع األس ــباب املوجبة للتيمم‪ ،‬وإمنا تكفيه نية‬
‫اس ــتباحة ما يتوقف على رفع هذه األس ــباب‪ ،‬وهذا قول اخللويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬وإذا نوى‬
‫استباحة أمر يتوقف على وضوء وغسل وإزالة جناسة أجزأه عن ذلك"(‪.)1‬‬
‫وهو قول صاحب الغاية(‪ ،)2‬وتابعه عليه شارحها(‪.)4()3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يلزم مريد التيمم أن يس ـ ـ ـ ــتص ـ ـ ـ ــحب رفع األس ـ ـ ـ ــباب املوجبة للتيمم‪ ،‬وال تكفيه نية‬
‫اسـتباحة ما يتوقف على رفع هذه األسـباب‪ ،‬بل البد من اسـتحضـار األمرين معا‪ ،‬وهذا‬
‫هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬وإذا نوى اسـ ـ ــتباحة أمر يتوقف على وضـ ـ ــوء‪ ،‬وغسـ ـ ــل‪،‬‬
‫وإزالة جناس ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬أجزأه عن ذلك‪ ،‬وإذا نوى حدثا وأطلق مل جيزئه عن ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيء‪ .‬كذا حبثه‬
‫شيخنا حممد اخللويت‪ ،‬وفيه نظر"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)159 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)106 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)212 /1‬‬
‫(‪ )4‬ت نبيه‪ :‬نسب الشطي يف حاشيته على املطالب هذا القول إىل عثمان فقال‪" :‬وصرح به اخللويت والشيخ عثمان" (‪/1‬‬
‫‪ ،)212‬والظاهر أن هذه النسبة ليست دقيقة‪ ،‬بناء على ما ذكر يف حترير موضع التعقب‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)105 / 1‬‬
‫‪- 75 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وهذا قول ابن قدامة(‪ ،)1‬والشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)2‬وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب املمتع(‪ ،)4()3‬والفروع(‪،)5‬‬
‫واملبدع(‪ ،)6‬واإلقناع(‪ ،)7‬وشرحه(‪.)8‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن الص ـ ـ ـ ــالة ال تس ـ ـ ـ ــتباح مع احلدث والنجاس ـ ـ ـ ــة‪ ،‬الش ـ ـ ـ ـ ـرتاط إزالتهما باملاء‪ ،‬ونية‬
‫االستباحة قامت مقام املاء(‪.)9‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن التيمم طهارة ض ــرورة‪ ،‬فلم يرفع احلدث‪ ،‬بل يبيح الص ــالة‪ ،‬فال بد من التعيني؛‬
‫تقوية لضعفه(‪.)10‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪.)121 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)260 /1‬‬
‫(‪ )3‬مؤلفه هو‪ :‬منجى بن عثمان بن أسعد بن املنجى التنوخي الفقيه األصويل املفسر النحوي زين الدين أبو الربكات‪،‬‬
‫جلس يف اجلامع لالشتغال والفتوى ثالثني سنة‪ ،‬وانتهت إليه رئاسة املذهب يف الشام‪ ،‬وكان ممن أخذ عنه الفقه‬
‫الشيخ تقي الدين ابن تيمية‪ ،‬تويف سنة مخس وتسعني وستمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)271 /4‬واملقصد االرشد‬
‫(‪.)41 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)210 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)298 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)193 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)56 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)175 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)212 /1‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪ ،)209 /1‬واملبدع (‪ ،)193 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)175 /1‬والروض املربع (ص‪:‬‬
‫‪.)48‬‬
‫‪- 76 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن القول الراجح بناء على تأص ـ ـ ـ ـ ـ ــيل املذهب يف أن التيمم‬
‫مبيح ال رافع‪ ،‬وأن التيمم ض ــعيف البد معه من اس ــتحضـ ــار نية ما يسـ ــتباح له‪ ،‬وأنه إن‬
‫نوى اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتبــاحــة النفــل مل جيز لــه بــه أداء الفرض‪ ،‬وإن نوى رفع احلــدث األكرب وإزالــة‬
‫النجاس ـ ـ ـ ــة فإن ذلك ال جيزئه عن احلدث األص ـ ـ ـ ــغر(‪ ،)1‬األمر الذي يدل على ض ـ ـ ـ ــعف‬
‫التيمم ض ـ ـ ـ ــعفا يلزم معه تعيني احلدث أو النجاس ـ ـ ـ ــة اليت تيمم بس ـ ـ ـ ــببها‪ ،‬وبناء على هذا‬
‫التأصيل فالراجح هو قول عثمان‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ومما يدل على ض ــعف القول املتعقب‪ :‬أن أص ــحاب هذا القول ذكروا أنه إن نوى‬
‫بتيممه اسـ ـ ـ ـ ــتباحة الصـ ـ ـ ـ ــالة من أحد احلدثني دون اآلخر فإن هذا ال يكفيه(‪ ،)2‬فكيف‬
‫يقال إنه إن مل ينو ش ـ ـ ـ ــيئا من األحداث ونوى اس ـ ـ ـ ــتباحة الص ـ ـ ـ ــالة فإن ذلك يكفيه عن‬
‫احلدثني وعن إزالة النجاسةت‬
‫كما أن اخللويت فس ــر قول الفتوحي‪" :‬وتعيني نية اس ــتباحة ما يتيمم له من حدث‬
‫أو جناســة" بقوله‪(" :‬أو جناســة)‪( ،‬أو) هنا ملنع اخللو‪ ،‬فيجوز اجلمع"(‪ ،)3‬فقوله هنا‪ :‬ملنع‬
‫اخللو يدل على وجوب استحضار نية السبب املوجب للتيمم‪.‬‬
‫وهذان املأخذان يدالن على أن الراجح قول عثمان‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو أن شــخصــا أحدث حدثا أصــغر وحدثا أكرب‪ ،‬وكانت على جســده جناســة‪ ،‬ومل‬
‫جيد املاء‪ ،‬فتيمم ونوى اســتباحة أمر يتوقف على وضــوء وغســل وإزالة جناســة كالصــالة‪،‬‬
‫دون تعيني حدث أو أحداث‪ ،‬فعلى القول األول جيزئه هذا التيمم‪ ،‬ويستبيح به الصالة‪،‬‬
‫وعلى القول الثاين ال جيزئه هذا التيمم‪ ،‬وال يستبيح به الصالة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)260 /1‬واملمتع يف شرح املقنع (‪ ،)209 /1‬والفروع (‪ ،)298 /1‬واملبدع (‪،)193 /1‬‬
‫واإلنصاف (‪ ،)263 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)175 /1‬والروض املربع (ص‪.)48 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪ ،)106 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)212 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)160 /1‬‬
‫‪- 77 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الخامس عشر‪ :‬قياس من عاد دم نفاسها في األربعين بعد‬
‫انقطاعه على المبتدأة التي زاد دمها على اليوم والليلة قبل تكرره‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املشــهور من مذهب احلنابلة أن الدم العائد يف األربعني دم مشــكوك فيه‪ ،‬فتصــلي‬
‫فيه املرأة وتص ـ ـ ــوم مث تقض ـ ـ ــي ذلك بعد انقطاع دمها وال جيوز وطؤها فيه(‪ ،)1‬وعليه فهل‬
‫يص ـ ـ ـ ـ ــح قياس من عاد دم نفاس ـ ـ ـ ـ ــها يف األربعني بعد انقطاعه على املبتدأة اليت زاد دمها‬
‫على اليوم والليلة قبل تكرره‪ ،‬امع أهنما تؤديان الص ـ ــالة والص ـ ــوم‪ ،‬وال جيوز وطؤمها‪ ،‬أم‬
‫نقول بالفرق‪ ،‬وذلك ألن املبتدأة ال تقض ـ ــي ما فعلته من الواجبات يف الزائد قبل تكرره‪،‬‬
‫االف من عاد دم نفاسها يف األربعني فإهنا تقضيهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يص ـ ـ ـ ــح قياس من عاد دم نفاس ـ ـ ـ ــها يف األربعني بعد انقطاعه على املبتدأة اليت زاد‬
‫دمها على اليوم والليلة قبل تكرره‪ ،‬وهذا صـنيع منصـور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وال توطأ)‬
‫يف هذا الدم‪ ،‬كاملبتدأة يف الزائد على أقل احليض ق بل تكرره"(‪ ،)2‬وقال أيضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪(" :‬وال‬
‫يأتيها يف الفر ) زمن هذا الدم‪ ،‬كاملبتدأة يف الدم الزائد على اليوم والليلة قبل تكرره"(‪.)3‬‬
‫وهذا قول ص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب املمتع(‪ ،)4‬ومعونة أويل النهى(‪ ،)5‬وكش ـ ـ ـ ـ ـ ــف املخدرات(‪،)6‬‬
‫ومطالب أويل النهى(‪ ، )7‬كما أش ـ ـ ــار ص ـ ـ ــاحب املغين إىل معىن قريب من هذا‪ ،‬فقال يف‬
‫معرض حديثه عن املبتدأة‪" :‬وإن انقطع الدم‪ ،‬واغتسلت‪ ،‬حل وطؤها‪ .‬وهل يكرهت على‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري على املقنع ت الرتكي (‪ ،)476 /2‬والفروع (‪ ،)395 /1‬واإلنصاف (‪ ،)385 /1‬ومعونة أويل‬
‫النهى (‪ ،)443/1‬وشرح املنتهى (‪ ،)123 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)270 /1‬‬
‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)123 /1‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع (‪.)220 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)255 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)443/1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)97 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)271 /1‬‬
‫‪- 78 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫روايتني‪ :‬إحدامها‪ ،‬ال يكره؛ ألهنا رأت النقاء اخلالص‪ ،‬أش ــبه غري املبتدأة‪ .‬والثانية‪ ،‬يكره؛‬
‫ألننا ال نأمن معاودة الدم‪ ،‬فكره وطؤها‪ ،‬كالنفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء إذا انقطع دمها ألقل من أربعني‬
‫يوما"(‪ ،)1‬وذكر الشارح أيضا هذ املعىن(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال يص ــح قياس من عاد دم نفاس ــها يف األربعني بعد انقطاعه على املبتدأة اليت زاد‬
‫دمهــا على اليوم والليلــة قبــل تكرره‪ ،‬وهــذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال ¬‪" :‬قولــه‪( :‬وال‬
‫توطأ) أي‪ :‬يف الدم العائد يف األربعني‪ .‬والظاهر‪ :‬وجوب الكفارة قياسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا على وجوب‬
‫قض ـ ــاء حنو الص ـ ــوم‪ .‬وقول منص ـ ــور البهويت‪ :‬إنه كالدم الزائد على اليوم والليلة يف املبتدأة‬
‫قبل تكرره‪ ،‬غري ظاهر؛ إذ املبتدأة ال تقضــي ما فعلته من الواجبات يف الزائد قبل تكرره‪.‬‬
‫فليحرر"(‪.)3‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫وجه القياس‪ :‬أن الدم العائد يف األربعني نفاس مش ـ ـ ـ ـ ـ ــكوك فيه‪ ،‬أش ـ ـ ـ ـ ـ ــبه احليض‬
‫املشكوك فيه‪ ،‬وهو حيض املبتدأة اليت زاد دمها على اليوم والليلة قبل تكرره(‪.)4‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫قيل بالفرق؛ ألن املبتدأة ال تقض ـ ـ ـ ـ ـ ــي ما فعلته من الواجبات يف الزائد قبل تكرره‪،‬‬
‫االف من عاد دم نفاسها يف األربعني فإهنا تقضيه(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬املغين (‪.)239 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)324 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)134 / 1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)255 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)134 / 1‬‬
‫‪- 79 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن أص ــحاب القول األول قص ــدوا تش ــبيه حال املبتدأة اليت‬
‫زاد دمها على اليوم والليلة قبل تكرره يف كوهنا تصـلي وتصـوم‪ ،‬ومع هذا ال جيوز وطؤها‪،‬‬
‫مبن عاد دم نفاسها يف األربعني بعد انقطاعه‪ ،‬يف كوهنا تصلي وتصوم‪ ،‬ومع هذا ال جيوز‬
‫وطؤها‪ ،‬فالص ــورتان متش ــاهبتان‪ ،‬وال يظهر أهنم قص ــدوا تس ــوية مجيع أحكام املبتدأة اليت‬
‫زاد دمهـا على اليوم والليلـة قبـل تكرره بـأحكـام من عـاد دم نفـاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـا يف األربعني بعـد‬
‫انقطاعه‪ ،‬وذلك ألهنم إمنا ذكروا هذا التش ـ ـ ــبيه عند ذكر مس ـ ـ ــألة عدم جواز الوطء‪ ،‬ولو‬
‫أرادوا تشـ ـ ــبيه املسـ ـ ــألتني يف مجيع األحكام لذكروا القياس يف رأس املسـ ـ ــألة وذكروا إحلاق‬
‫املســألة الثانية باملســألة األوىل يف مجيع أحكامها‪ ،‬وعلى هذا فيكون تعقب عثمان ¬‬
‫غري وجيــه‪ ،‬واخلالف الــذي ذكره خالف لفظي‪ ،‬إذ إن أص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحــاب القول املتعقــب ال‬
‫ينازعونه عليه‪ ،‬بل نص ـ ـوا على أن من عاد دم نفاسـ ــها يف األربعني أهنا تصـ ــوم‪ ،‬وتقضـ ــي‬
‫الصوم(‪ ،)1‬وهو ال ينازعهم على ما ذكروه من أن املبتدأة اليت زاد دمها على اليوم والليلة‬
‫قبل تكرره تصــلي وتصــوم وال توطأ‪ ،‬ومن عاد دم نفاســها يف األربعني أهنا تصــلي وتصــوم‬
‫وال توطأ(‪ ،)2‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)443/1‬وشرح املنتهى (‪ ،)123 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)271 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬هداية الراغب (‪.)156 /1‬‬
‫‪- 80 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب الصالة‪.‬‬


‫وفيه خمسة عشر مطلبا‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬أقسام الناس في حد العورة‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬الصالة على سطح نهر‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬اشتراط الضرورة لصحة صالة الجمعة في البقعة المغصوبة‪.‬‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬المراد بقولهم "سترة اإلمام سترة لمن خلفه"‪.‬‬
‫• المطلب الخامس‪ :‬لزوم قراءة الفاتحة لمن ائتم بمحدث أو نجس يجهل ذلك‪.‬‬
‫• المطلب السادس‪ :‬من نسي خمس سجدات من أربع ركعات أو ثالث‪.‬‬
‫• المطلب السابع‪ :‬اكتفاء المسبوال لجبر سهوه بسجود اإلمام للسهو‪.‬‬
‫• المطلب الثامن‪ :‬حكم الجلوس بعد سجود التالوة‪.‬‬
‫• المطلب التاسع‪ :‬حكم من كبر لإلحرام في فرض بعد شروعه باالنحناء للركوع‪.‬‬
‫• المطلب العاشر‪ :‬ائتمام الحنبلي بمن صلى قبل اإلمام الراتب إذا كان يصحح ذلك‪.‬‬
‫• المطلب الحادي عشر‪ :‬إمامة من يبدل ضاد (المغضوب) و(الضالين) بظاء من غير‬
‫عجز‪.‬‬
‫• المطلب الثاني عشر‪ :‬صالة اإلمام إذا أحرم أمامه أو خلفه أو عن يساره فذ ثم تقدم‬
‫عليه‪.‬‬
‫• المطلب الثالث عشر‪ :‬صفة الريح التي يجوز بسببها جمع الصالة‪.‬‬
‫• المطلب الرابع عشر‪ :‬حكم الجمعة من جماعة كلهم صم إال الخطيب‪.‬‬
‫• المطلب الخامس عشر‪ :‬من ركع مع اإلمام الركعة األولى في صالة الجمعة ثم زحم‬
‫أو نام ونحوه ولم يزل عذره إال عند ركوع اإلمام في الثانية‪.‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أقسام الناس في حد العورة‪.‬‬
‫تحرير موضع التعقب‪:‬‬
‫قال اخللويت ¬‪" :‬اعلم أن حاصل األقسام أحد وتسعون؛ ألن اإلنسان إما أن‬
‫يكون ذكرا‪ ،‬أو أنثى‪ ،‬أو خنثى‪ ،‬وكل منها إما أن يكون حرا‪ ،‬أو رقيقا‪ ،‬أو مبعضـ ـ ـ ـ ــا‪ ،‬أو‬
‫مدبرا‪ ،‬أو معلقا عتقه بص ـ ـ ـ ـ ـ ــفة‪ ،‬أو مكاتبا‪ ،‬فهذه مثانية عش ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬وكل واحد من الثمانية‬
‫عشر‪ ،‬إما أن يكون بالغا‪ ،‬أو مراهقا‪ ،‬أو بلا متام عشر‪ ،‬أو ما بني سبع وعشر‪ ،‬أو دون‬
‫س ــبع‪ ،‬وهذه مخس ــة‪ ،‬فإذا ض ـ ـربتها يف الثمانية عش ــر‪ :‬بلغت تس ــعني‪ ،‬فزد عليها احتمال‬
‫كون األنثى أم ولد‪ ،‬تبلا إحدى وتس ــعني‪ ،‬وبعض ــها خيالف بعض ــا من جهة ما يسـ ــمى‬
‫عورة‪ ،‬فعورة الذكر البالا‪ ،‬واملراهق‪ ،‬ومن بلا متام عش ـ ـ ـ ـ ــر سـ ـ ـ ـ ـ ـواء كان حرا‪ ،‬أو عبدا‪ ،‬أو‬
‫مبعض ـ ــا‪ ،‬أو مكاتبا‪ ،‬أو مدبرا‪ ،‬أو معلقا عتقه بص ـ ــفة ما بني س ـ ــرة وركبة‪ ،‬وابن س ـ ــبع إىل‬
‫عشر من مجيع ذلك الفرجان‪ ،‬ومن دون السبع منه ال حكم لعورته‪ ،‬فهذه ثالثون‪.‬‬
‫واألنثى البالغة احلرة كلها عورة يف الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة إال وجهها وهذا واحد‪ ،‬والبالغة غري‬
‫احلرة سـ ـ ـ ـ ـواء كانت أمة‪ ،‬أو أم ولد‪ ،‬أو مبعض ـ ـ ـ ــة‪ ،‬أو مدبرة‪ ،‬أو مكاتبة‪ ،‬أو معلقا عتقها‬
‫بصفة كالرجل البالا‪ ،‬وهذه ستة‪.‬‬
‫واألنثى غري البالغة إن كانت حرة فإن كانت مميزة‪ ،‬أو مت هلا عش ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬أو راهقت‬
‫فكالرجل أيضا‪ ،‬وهذه ثالث‪ ،‬وإن كانت دون التمييز فال حكم لعورهتا‪ ،‬وهذا واحد‪.‬‬
‫وإن كانت غري حرة فإن كانت مميزة‪ ،‬أو بلغت عشـ ـرا‪ ،‬أو راهقت فكالرجل أيض ــا‬
‫سواء كانت أمة‪ ،‬أو مبعضة‪ ،‬أو مكاتبة‪ ،‬أو مدبرة‪ ،‬أو معلقا عتقها بصفة‪ ،‬وهذه مخسة‬
‫عشر‪ ،‬وإن كانت دون التمييز فال حكم لعورهتا باألنواع اخلمسة‪ ،‬وهذه مخسة‪.‬‬
‫واخلنث ى إن كان حرا فإن كان بالغا فكاحلرة البالغة‪ ،‬وإن كان غري بالا فإن كان‬
‫مميزا‪ ،‬أو بلا عش ـ ـ ـ ـ ـرا أو راهق فكالرجل‪ ،‬وإن كان دون السـ ـ ـ ـ ــبع فال حكم لعورته‪ ،‬وهذه‬
‫مخس ــة‪ ،‬وإن كان رقيقا فإن كان بالغا فكالرجل‪ ،‬وكذا إن بلا عشـ ـرا‪ ،‬أو راهق‪ .‬وإن كان‬
‫ما بني س ـ ـ ـ ــبع عش ـ ـ ـ ــر فعورته الفرجان‪ ،‬وإن كان دون ذلك فال حكم لعورته س ـ ـ ـ ـواء كان‬
‫اخلنثى الرقيق قنا ص ـ ـرفا‪ ،‬أو مبعضـ ــا‪ ،‬أو مكاتبا‪ ،‬أو مدبرا‪ ،‬أو معلقا عتقه بصـ ــفة‪ ،‬وهذه‬
‫مخس ـ ـ ــة وعش ـ ـ ــرون‪ ،‬فهذا حكم اإلحدى والتس ـ ـ ــعني ص ـ ـ ــورة‪ ،‬فحافظ عليها فإين مل أرها‬

‫‪- 82 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫جمموع ــة لغريي‪ ،‬ب ــل هو من مواه ــب الوه ــاب‪ ،‬واالعتم ــاد في ــه على م ــا فهم من كالم‬
‫املصنف هنا‪ ،‬ويف كتاب النكاح"(‪.)1‬‬

‫وقــال عثمــان النجــدي بعــد أن نقــل بعض كالم اخللويت‪" :‬وأقول‪ :‬يف ذلــك نظر‪،‬‬
‫وحتريره أن يقال‪ :‬عورة الذكر واخلنثى بأقس ـ ــامهما الس ـ ــتة‪ ،‬أعين‪ :‬كون كل واحد حرا‪ ،‬أو‬
‫رقيقا‪ ،‬أو مبعضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ ،‬أو مكاتبا‪ ،‬أو مدبرا‪ ،‬أو معلقا عتقه بص ـ ـ ـ ـ ـ ــفة‪ ،‬إن كانا بالغني‪ ،‬أو‬
‫مراهقني‪ ،‬أو مت هلما عشر‪ :‬ما بني سرة وركبة‪ ،‬ومن سبع إىل عشر‪ :‬الفرجان‪.‬‬
‫وأما األنثى‪ :‬فإن كانت حرة بالغة‪ ،‬فكلها عورة إال وجهها‪ ،‬وإن كانت حرة مميزة‪،‬‬
‫أو مت هلا عشر‪ ،‬أو كانت مراهقة؛ فكرجل؛ أي‪ :‬ما بني سرة وركبة‪.‬‬
‫وإن كانت غري حرة‪ ،‬فإن مت هلا عش ـ ــر‪ ،‬أو كانت مراهقة بأقسـ ـ ــامها اخلمس ـ ــة‪ ،‬أو‬
‫بالغة بأقسامها الستة‪ ،‬بزيادة أم ولد؛ فكرجل؛ أي‪ :‬ما بني سرة وركبة‪.‬‬
‫وإن كانت غري احلرة مميزة بأقس ـ ـ ــامها اخلمس ـ ـ ــة‪ ،‬وهي ماعدا أم الولد؛ أعين‪ :‬كوهنا‬
‫رقيقة‪ ،‬أو مبعض ـ ـ ــة‪ ،‬أو مدبرة‪ ،‬أو مكاتبة‪ ،‬أو معلقا عتقها بص ـ ـ ــفة؛ فكذكر؛ أي‪ :‬عورهتا‬
‫الفرجان‪ ،‬كما يفهم من قوهلم‪ :‬حرة مميزة كرجل؛ فإن األمة املميزة ليسـ ـ ـ ــت كذلك‪ ،‬ومن‬
‫دون سـ ـ ـ ـ ــبع ال حكم لعورته يف مجيع األقسـ ـ ـ ـ ــام املتقدمة‪ ،‬فهذا حكم األحد والتسـ ـ ـ ـ ــعني‬
‫ص ـ ـ ـ ــورة‪ ،‬فاحفظها؛ فإهنا مهمة‪ .‬ويف كالم ش ـ ـ ـ ــيخنا يف حكم العورة نظر‪ ،‬يعلم بالوقوف‬
‫عليه‪ .‬وهذا ما أمكن حتريره‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)2‬‬

‫ويتبني مما س ـ ــبق أن عثمان ¬ تعقب اخللويت يف موض ـ ــعني‪ ،‬أما املوض ـ ــع األول‬
‫فهو يف بداية كالمه‪ ،‬وقد تعقبه يف تقسـ ـ ـ ـ ــيمه للناس يف حد العورة‪ ،‬واملوضـ ـ ـ ـ ــع اآلخر يف‬
‫هنايته‪ ،‬وقد أش ــار فيه إىل أن يف كالمه يف حكم العورة نظر‪ ،‬وس ــأفرق بني املوض ــعني يف‬
‫الدراسة‪ ،‬وذلك الختالف موضوع كل واحد منهما عن اآلخر‪ ،‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)238 - 236 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)164 - 163 / 1‬‬
‫‪- 83 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬أقسام الناس يف حد العورة‪:‬‬

‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر احلنابلة عدة أقسام للناس يف حد العورة‪ ،‬فما هو عدد هذه األقسامت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ينقسـم الناس يف حد العورة إىل واحد وتسـعني قسـما‪ ،‬وهذا هو قول اخللويت‪ ،‬قال‬
‫¬‪" :‬اعلم أن حاص ــل األقس ــام أحد وتس ــعون؛ ألن اإلنس ــان إما أن يكون ذكرا‪ ،‬أو‬
‫أنثى‪ ،‬أو خنثى‪ ،‬وكل منها إما أن يكون حرا‪ ،‬أو رقيقا‪ ،‬أو مبعضـ ـ ـ ــا‪ ،‬أو مدبرا‪ ،‬أو معلقا‬
‫عتقه بصــفة‪ ،‬أو مكاتبا‪ ،‬فهذه مثانية عشــر‪ ،‬وكل واحد من الثمانية عشــر‪ ،‬إما أن يكون‬
‫بالغا‪ ،‬أو مراهقا‪ ،‬أو بلا متام عشر‪ ،‬أو ما بني سبع وعشر‪ ،‬أو دون سبع‪ ،‬وهذه مخسة‪،‬‬
‫فإذا ض ـ ـ ـربتها يف الثمانية عش ـ ــر‪ :‬بلغت تس ـ ــعني‪ ،‬فزد عليها احتمال كون األنثى أم ولد‪،‬‬
‫تبلا إحدى وتسعني‪ ،‬وبعضها خيالف بعضا من جهة ما يسمى عورة"(‪.)1‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ينقسم الناس يف حد العورة إىل سبعة أقسام‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"وأقول‪ :‬يف ذلك نظر‪ ،‬وحتريره أن يقال‪ :‬عورة الذكر واخلنثى بأقســامهما الســتة – أعين‪:‬‬
‫كون كل واحد حرا‪ ،‬أو رقيقا‪ ،‬أو مبعضـ ــا‪ ،‬أو مكاتبا‪ ،‬أو مدبرا‪ ،‬أو معلقا عتقه بصـ ــفه‪،‬‬
‫إن كانا بالغني‪ ،‬أو مراهقني‪ ،‬أو مت هلما عشر – ما بني سرة وركبة‪ ،‬ومن سبع إىل عشر‪:‬‬
‫الفرجان‪ .‬وأما األنثى‪ :‬فإن كانت حرة بالغة‪ ،‬فكلها عورة إال وجهها‪ ،‬وإن كانت حرة‬
‫مميزة‪ ،‬أو مت هلا عشـ ـ ـ ــر‪ ،‬أو كانت مراهقة؛ فكرجل؛ أي‪ :‬ما بني سـ ـ ـ ــرة وركبة‪ .‬وإن كانت‬
‫غري حرة‪ ،‬فإن مت هلا عش ـ ـ ــر‪ ،‬أو كانت مراهقة بأقس ـ ـ ــامها اخلمس ـ ـ ــة‪ ،‬أو بالغة بأقس ـ ـ ــامها‬
‫الستة‪ ،‬بزيادة أم ولد؛ فكرجل؛ أي‪ :‬ما بني سرة وركبة‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)237 - 236 /1‬‬


‫‪- 84 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وإن كانت غري احلرة مميزة بأقس ـ ـ ــامها اخلمس ـ ـ ــة‪ ،‬وهي ماعدا أم الولد؛ أعين‪ :‬كوهنا‬
‫رقيقة‪ ،‬أو مبعض ـ ـ ــة‪ ،‬أو مدبرة‪ ،‬أو مكاتبة‪ ،‬أو معلقا عتقها بص ـ ـ ــفة‪ ،‬فكذكر؛ أي‪ :‬عورهتا‬
‫الفرجان‪ ،‬كما يفهم من قوهلم‪ :‬حرة مميزة كرجل؛ فإن األمة املميزة ليسـ ـ ـ ــت كذلك‪ ،‬ومن‬
‫دون سـ ـ ـ ـ ــبع ال حكم لعورته يف مجيع األقسـ ـ ـ ـ ــام املتقدمة‪ .‬فهذا حكم األحد والتسـ ـ ـ ـ ــعني‬
‫ص ـ ـ ـ ــورة‪ ،‬فاحفظها؛ فإهنا مهمة‪ .‬ويف كالم ش ـ ـ ـ ــيخنا يف حكم العورة نظر‪ ،‬يعلم بالوقوف‬
‫عليه‪ .‬وهذا ما أمكن حتريره‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫هذا تعقب يف الرتتيب والتقس ـ ــيم‪ ،‬والرتتيب والتقس ـ ــيم أمر اجتهادي‪ ،‬ال يقال فيه‬
‫أن هذه طريقة تصــح وهذه ال تصــح‪ ،‬بل كل طريق أوصــل إىل املراد فهو صــحيح‪ ،‬لكن‬
‫قد يقال إن بعض هذه الطرق أوىل وأفضل من البعض اآلخر‪ ،‬وهذا احلكم أيضا نسيب‪،‬‬
‫فقد يناســب أحد طرق التقســيم والتفهيم شــخصــا وال يناســب آخر‪ ،‬والعكس صــحيح‪،‬‬
‫وهلذا فال تثريب على من س ـ ــلك طريقا يف الش ـ ــرح والتفهيم يظن أهنا توص ـ ــل املراد وتبينه‬
‫للمتعلم‪ ،‬وإن كــان غريه يرى غري طريقتــه أوىل وأفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‪ ،‬فــاألمر اجتهــادي تقــديري ال‬
‫حيتمل تصحيح طريقة وختطئة أخرى‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)163 / 1‬‬


‫‪- 85 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫املسألة الثانية‪ :‬عورة اخلنثى احلر البالغ‪ ،‬واخلنثى احلر املميز‪،‬‬


‫وغري احلرة املميزة‪:‬‬

‫صورة المسألة‪:‬‬
‫يتض ـ ـ ـ ـ ـ ــح مما س ـ ـ ـ ـ ـ ــبق من كالم اخللويت وعثمان أهنما اتفقا يف مجلة أحكام العورة‪،‬‬
‫واختلفا يف موضعني‪ ،‬أما املوضع األول فهو عورة اخلنثى احلر البالا‪ ،‬واخلنثى احلر املميز‪،‬‬
‫وأما املوضع الثاين فهو عورة غري احلرة املميزة بأقسامها اخلمسة‪ ،‬فما هي عورة كل واحد‬
‫مما ذكر من القسمنيت‬

‫أوال‪ :‬عورة الخنثى الحر البالغ‪ ،‬والخنثى الحر المميز‪:‬‬


‫القول المتعقب‪:‬‬
‫أحكام عورة اخلنثى تلحق بأحكام األنثى‪ ،‬فعورة اخلنثى احلر البالا كاحلرة البالغة‪،‬‬
‫وعورة اخلنثى احلر املميز ما بني الســرة إىل الركبة كالرجل‪ ،‬وهذا قول اخللويت‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"واخلنثى إن كان حرا فإن كان بالغا فكاحلرة البالغة‪ ،‬وإن كان غري بالا فإن كان مميزا‪،‬‬
‫أو بلا عشرا أو راهق فكالرجل"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول القاضي(‪ ،)2‬وصاحب املستوعب(‪ ،)3‬وقال يف اإلنصاف عن‬
‫هذا القول‪" :‬وهو األوىل واألحوط"(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫أحكام عورة اخلنثى تلحق بأحكام الرجل‪ ،‬فعورة اخلنثى احلر البالا ما بني الس ـ ـ ـ ــرة‬
‫إىل الركبــة كــالرجــل‪ ،‬وعورة اخلنثى احلر املميز الفرجــان‪ ،‬وهــذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال‬
‫¬‪" :‬عورة الذكر واخلنثى بأقس ــامهما الس ــتة‪ ،‬أعين‪ :‬كون كل واحد حرا‪ ،‬أو رقيقا‪ ،‬أو‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)238 /1‬‬


‫(‪ )2‬نقله عنه‪ :‬املبدع (‪ ،)321 /1‬واإلنصاف (‪.)451 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املستوعب (‪.)156 /1‬‬
‫(‪ )4‬اإلنصاف (‪.)451 /1‬‬
‫‪- 86 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫مبعض ــا‪ ،‬أو مكاتبا‪ ،‬أو مدبرا‪ ،‬أو معلقا عتقه بص ــفة‪ ،‬إن كانا بالغني‪ ،‬أو مراهقني‪ ،‬أو مت‬
‫هلما عشر ما بني سرة وركبة‪ ،‬ومن سبع إىل عشر‪ :‬الفرجان "(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)2‬وذكر ابن تيمية أنه أشـ ــهر الوجهني(‪ ،)3‬وقدمه‬
‫يف الشرح(‪ ،)4‬والرعاية(‪ ،)5‬والفروع(‪ ،)6‬وقال به احلاوي(‪ ،)7‬واملنور(‪ ،)9()8‬وذكر صاحبا‬
‫املبدع(‪ ،)10‬واإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ )11‬أنه املذهب‪ ،‬كما نص على هذا القول يف املنتهى(‪،)12‬‬
‫واإلقناع(‪ ،)13‬والغاية(‪ ،)14‬وكشف املخدرات(‪.)15‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألنه حيتمل أن يكون امرأة‪ ،‬فيلحق بأحكامها احتياطا(‪.)16‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)163 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)227 /1‬واملغين (‪.)433 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الصالة (ص‪.)269 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)459 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الرعاية (‪.)267 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)35 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬احلاوي (‪.)229 /1‬‬
‫(‪ )8‬مؤلفه هو‪ :‬تقي الدين أمحد بن حممد األدمي البغدادي‪ ،‬له املنور واملنتخب‪ ،‬مسع املوطأ‪ ،‬ومسع منه ابن رجب‪ ،‬وكان‬
‫صاحلا دينا‪ ،‬تويف سنة نيف وأربعني وسبعمائة‪ .‬تاريخ ابن قاضي شهبة (‪ ،)657 /1‬والدر املنضد (‪،)500 /2‬‬
‫واملدخل البن بدران (‪ ،)743 /2‬ومقدمة حتقيق املنور‪.‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬املنور يف راجح احملرر (ص‪.)161 :‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)321 /1‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)451 /1‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪ ،)163 /1‬وشرح املنتهى (‪.)150 /1‬‬
‫(‪ )13‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)266 /1‬‬
‫(‪ )14‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)330 /1‬‬
‫(‪ )15‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)116 /1‬‬
‫(‪ )16‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)459 /1‬‬
‫‪- 87 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن كونه ذكرا هو اليقني‪ ،‬واألنوثة مش ـ ـ ـ ـ ـ ــكوك فيها‪ ،‬فال نوجب عليه س ـ ـ ـ ـ ـ ــرت حمل‬
‫مش ـ ـ ـ ـ ـ ــكوك يف وجوبه‪ ،‬كما مل نوجب نقض الوض ـ ـ ـ ـ ـ ــوء مبس أحد فرجيه وال الغس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫بإيالجه(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الراجح هو القول الثاين‪ ،‬وذلك لكثرة القائلني به‪ ،‬والس ــتقرار قول املتأخرين عليه‪،‬‬
‫ولقوة دليله‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫على القول األول تلحق أحكــام عورة اخلنثى بــأحكــام عورة األنثى‪ ،‬وعلى القول‬
‫الثاين‪ :‬تلحق أحكام عورة اخلنثى بأحكام عورة الذكر‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)433 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)459 /1‬واملبدع (‪.)321 /1‬‬
‫‪- 88 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عورة غير الحرة المميزة‪:‬‬


‫القول المتعقب‪:‬‬
‫عورة غري احلرة املميزة كالرجل البالا‪ ،‬وهذا قول اخللويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬وإن كانت‬
‫غري حرة فإن كانت مميزة‪ ،‬أو بلغت عش ـ ـ ـرا‪ ،‬أو راهقت‪ ،‬فكالرجل أيض ـ ـ ــا‪ ،‬س ـ ـ ـواء كانت‬
‫أمة‪ ،‬أو مبعضة‪ ،‬أو مكاتبة‪ ،‬أو مدبرة‪ ،‬أو معلقا عتقها بصفة"(‪.)1‬‬
‫وقد نسب الشيخ ابن عثيمني هذا القول إىل املذهب(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫عورة غري احلرة املميزة الفرجان‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬وإن كانت‬
‫غري احلرة مميزة بأقس ــامها اخلمس ــة‪ ،‬وهي ماعدا أم الولد؛ أعين‪ :‬كوهنا رقيقة‪ ،‬أو مبعض ــة‪،‬‬
‫أو مدبرة‪ ،‬أو مكاتبة‪ ،‬أو معلقا عتقها بصفة؛ فكذكر؛ أي‪ :‬عورهتا الفرجان"(‪.)3‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول اللبدي(‪ ،)5()4‬واستظهره ابن قاسم(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)237 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح املمتع على زاد املستقنع (‪ ،)157 /2‬و(‪.)162 /2‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)164 /1‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬عبد الغين بن ياسني اللبدي‪ ،‬ولد سنة ‪1262‬هـ‪ ،‬تتلمذ على الشيخ يوسف الربقاوي‪ ،‬له حاشية على نيل‬
‫املآرب‪ ،‬ومنسك امسه دليل الناسك ألداء املناسك‪ ،‬تويف سنة ‪1319‬هـ‪ .‬خمتصر طبقات احلنابلة (ص‪،)209 :‬‬
‫ومقدمة حتقيق حاشية اللبدي على نيل املآرب (مقدمة‪.)7 /‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)51 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪.)497 /1‬‬
‫‪- 89 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ميكن أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدل هلذا القول بأن احلنابلة أحلقوا عورة األمة بعورة الرجل(‪ ،)1‬ومل‬
‫يستثنوا من ذلك حال كوهنا مميزة‪ ،‬فيبقى كالمهم على عمومه‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫يفهم هذا القول من قوهلم‪ :‬وحرة مميزة كرجل؛ فإن األمة املميزة ليست كذلك(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫القوالن متقــاربــان‪ ،‬ومل أجــد مرجحــا قويـا تطمئن لــه النفس‪ ،‬ولكن ميكن أن يقــال‬
‫إن القول الثاين أرجح؛ وذلك ألن األمة دائما تكون مبنزلة أدىن من منزلة احلرة‪ ،‬وهي يف‬
‫أحكام العورة إىل الرجل أقرب منها إىل املرأة احلرة‪ ،‬فلو رجحنا القول األول لس ـ ـ ـ ـ ــاويناها‬
‫باحلرة‪ ،‬فإحلاقها بأحكام الرجل أوىل من إحلاقها بأحكام احلرة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫على القول األول يكون حكم عورة غري احلرة املميزة من السرة إىل الركبة‪ ،‬كالرجل‬
‫البـ ـ ــالا وك ـ ــاحلرة غري املميزة‪ ،‬وعلى القول الثـ ـ ــاين يكون حكم عورة غري احلرة املميزة‬
‫الفرجان‪ ،‬كالذكر غري املميز‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)36 /2‬واإلنصاف (‪ ،)449 /1‬واإلقناع (‪ ،)87 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)163 /1‬ومطالب‬
‫أويل النهى (‪.)329 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)164 /1‬‬
‫‪- 90 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الصالة على سطح نهر‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر احلنابلة عدة مواض ـ ــع ال جتوز الص ـ ــالة فيها(‪ ،)1‬فهل يدخل يف هذه املواض ـ ــع‬
‫سطح النهر أم الت وهل يصح إحلاق حكم الصالة على سطح النهر حبكم الصالة على‬
‫املاء أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال تصــح الصــالة على ســطح النهر‪ ،‬وذلك ألن الصــالة على املاء ال تصــح‪ ،‬وهذا‬
‫سطحه‪ ،‬وهذا قول ابن عقيل ¬(‪.)3()2‬‬
‫ومن احلنابلة من قال هبذا القول وزاد قيدا وهو أن يكون النهر جتري فيه الس ـ ـ ــفن‪،‬‬
‫وعلل النهي بأن اهلواء تابع للقرار‪ ،‬والنهر الذي جتري فيه الس ـ ـ ـ ـ ـ ــفن يقاس على الطريق‪،‬‬
‫وقــد جــاء النهي عن الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة يف قــارعــة الطريق‪ ،‬وقــد قــال هبــذا القول ابن حــامــد(‪،)4‬‬
‫والقاضي(‪.)5‬‬
‫ومن احلنابلة من نص على النهي عن الص ــالة على س ــطح النهر دون ذكر تعليل‪،‬‬
‫وهذه طريقة صاحب املنتهى(‪ ،)6‬وعثمان يف هداية الراغب(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)492 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)182 /1‬واإلقناع (‪،)97 /1‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬علي بن عقيل بن حممد بن عقيل بن أمحد البغدادي الظفري‪ ،‬املقرىء الفقيه‪ ،‬األصويل‪ ،‬الواعظ املتكلم‪ ،‬أبو‬
‫الوفاء ولد سنة إحدى وثالثني وأربعمائة‪ ،‬له تصانيف‪ :‬أعظمها «كتاب الفنون» بقيت منه أجزاء‪ ،‬قال الذهيب يف‬
‫تارخيه‪« :‬كتاب الفنون مل يصنف يف الدنيا أكرب منه» وله كتاب الواضح يف األصول‪ ،‬تويف سنة ثالث عشرة‬
‫ومخسمائة‪ .‬تاريخ اإلسالم ت بشار (‪ ،)204 /11‬وذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)316 /1‬واملقصد االرشد (‪.)248 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)108 /2‬واإلنصاف (‪ ،)492 /1‬وحاشية املنتهى (‪.)183 – 182 / 1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪.)79 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)54 /2‬واإلقناع (‪ )97 /1‬ومعونة أويل النهى (‪.)51 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)182 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬هداية الراغب (‪.)186 /1‬‬
‫‪- 91 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫تصح الصالة على سطح النهر‪ ،‬وال يصح إحلاق حكم الصالة على سطح النهر‬
‫حبكم الص ـ ــالة على املاء؛ لعدم وجود العلة اليت اقتض ـ ــت حترمي الص ـ ــالة على املاء‪ ،‬وهذا‬
‫هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وسـ ـ ــطح هنر) أي‪ :‬ال تصـ ـ ــح الصـ ـ ــالة على هنر‪.‬‬
‫قال ابن عقيل ما معناه‪ :‬ألن الص ـ ــالة على املاء ال تص ـ ــح‪ ،‬فهذا على س ـ ــطحه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وفيه نظر؛ ألنا إمنا منعنا من الص ـ ــالة على املاء لعدم إمكان االس ـ ــتقرار عليه‪ ،‬وس ـ ــطحه‬
‫ليس كذلك‪ ،‬فاألوىل ما ذكر يف اإلقناع بقوله‪ :‬واملختار الص ـ ـ ـ ـ ـ ــحة كالس ـ ـ ـ ـ ـ ــفينة‪ ،‬قاله أبو‬
‫املعايل(‪.)2(")1‬‬
‫وقد قال هبذا القول أبو املعايل(‪ ،)3‬وابن قدامة(‪ ،)4‬وصاحب الغاية(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫القائلون باملنع مطلقا اسـ ـ ــتدلوا على ذلك بأن الصـ ـ ــالة على املاء ال تصـ ـ ــح‪ ،‬فهذا‬
‫على سطحه(‪.)6‬‬
‫وأما القائلون بالنهي عن الص ـ ـ ـ ـ ــالة على س ـ ـ ـ ـ ــطح النهر الذي جتري فيه الس ـ ـ ـ ـ ــفن‪،‬‬
‫فاسـ ـ ــتدلوا على ذلك بقياس النهر الذي جتري فيه السـ ـ ــفن على الطريق‪ ،‬وقد جاء النهي‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬أسعد ‪ -‬ويسمى حممد ‪ -‬بن املنجى بن بركات بن املؤمل التنوخي وجيه الدين أبو املعايل تفقه وبرع يف املذهب‬
‫وأخذ الفقه عن الشيخ عبد القادر اجليلي وتفقه بدمشق على شرف اإلسالم عبد الوهاب بن الشيخ أىب الفر وأخذ‬
‫صنّف كتاب " النّهاية يف شرح اهلداية " يف بضعة‬‫عنه الشيخ موفق الدين وروى عنه مجاعة منهم احلافظ املنذري‪َ ،‬‬
‫ك‪ .‬ويف ذةريّته علماء وأكابر تويف سنة ست وستمائة‪ .‬تاريخ‬ ‫ِ‬
‫عشر جمل ًدا‪ ،‬وصنّف كتاب " اخلالصة "‪ ،‬وغري ذَل َ‬
‫اإلسالم ت بشار (‪ ،)129 /13‬وذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)98 /3‬واملقصد االرشد (‪.)279 /1‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)183 – 182 / 1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)108 /2‬واملبدع (‪ ،)350 /1‬واإلنصاف (‪ ،)493 /1‬واإلقناع (‪.)97 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)55 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)150 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)108 /2‬و املبدع (‪ ،)350 /1‬واإلنصاف (‪ ،)492 /1‬وحاشية املنتهى (‪.)183 – 182 / 1‬‬
‫‪- 92 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫عن الصالة يف قارعة الطريق‪ ،‬وألن اهلواء تابع للقرار‪ ،‬فمن صلى على سطح النهر الذي‬
‫جتري فيه السفن فكأمنا صلى يف قارعة الطريق(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫لعدم ورود هني عن ذلك‪ ،‬فيبقى على األصل وهو اجلواز‪ ،‬وألن سطح النهر ميكن‬
‫االستقرار عليه‪ ،‬فكان كاألرض(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ظهر مما س ـ ـ ـ ـ ـ ــبق أن للحنابلة يف هذه املس ـ ـ ـ ـ ـ ــألة ثالثة أقوال‪ ،‬القول األول املنع من‬
‫الصــالة على ســطح النهر مطلقا‪ ،‬والقول الثاين إباحة الصــالة على ســطح النهر مطلقا‪،‬‬
‫والقول الثالث املنع من الص ـ ـ ــالة على س ـ ـ ــطح النهر الذي جتري فيه الس ـ ـ ــفن‪ ،‬وإباحة ما‬
‫سواه‪.‬‬
‫ولعل الراجح هو قص ـ ـ ـ ــر النهي على املواض ـ ـ ـ ــع اليت ورد هبا النص‪ ،‬ومل يرد هني عن‬
‫وطهورا))(‪)3‬‬ ‫الصــالة على ســطح النهر‪ ،‬كما أن قوله ‘ ((جعلت يل األرض مســجدا‬
‫عام‪ ،‬فال خيص ــص إال بدليل يقوى على التخص ــيص‪ ،‬وقد نقل ابن هانئ(‪ )4‬يف مس ــائله‬
‫أنـه مسع اإلمـام أمحـد يقول‪" :‬ال بـأس بـالص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة يف املس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـد فوق النهر‪ ،‬مـا مل يكن‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية على مذهب اإلمام أمحد (ص‪ ،)79 :‬واملغين (‪ ،)54 /2‬واإلقناع (‪ )97 /1‬ومعونة أويل النهى (‪/2‬‬
‫‪.)51‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪ ،)150 /1‬وحاشية املنتهى (‪.)183 – 182 / 1‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪ :‬كتاب التيمم‪ ،‬ح(‪ ،)328‬ويف أبواب املساجد‪ ،‬باب قول النيب ‘ جعلت يل األرض مسجدا‬
‫وطهورا‪ ،‬ح(‪.)427‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري أبو يعقوب‪ ،‬ولد سنة مثان عشرة ومائتني وخدم اإلمام أمحد هو ابن‬
‫تسع سنني‪ ،‬وكان له اختصاص باإلمام أمحد‪ ،‬وعنده أقام أمحد بن حنبل يف مدة اختفائه‪ ،‬وكان ذا دين وورع‪ ،‬ونقل‬
‫عن أمحد مسائل كثرية‪ ،‬مات ببغداد سنة مخس وسبعني ومائتني‪ .‬تاريخ بغداد (‪ ،)404 /7‬وطبقات احلنابلة (‪/1‬‬
‫‪ ،)108‬واملقصد االرشد (‪.)241 /1‬‬
‫‪- 93 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫قذرا"(‪ ،)1‬وقال ابن قدامة ¬ يف معرض حديثه عن املواطن اليت هني عن الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة‬ ‫ً‬
‫فيها‪" :‬والص ــحيح إن ش ــاء اهلل قص ــر النهي على ما تناوله‪ ،‬وأنه ال يعدى إىل غريه؛ ألن‬
‫احلكم إن كان تعبـديا فالقيـاس فيـه ممتنع‪ ،‬وإن علـل فإمنا تعلـل بكونه للنجـاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬وال‬
‫يتخيل هذا يف سطحها"(‪ ،)2‬وهذا يبني وجاهة التعقب‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو أن شــخصــا أدركته الصــالة وهو على ســطح هنر‪ ،‬فعلى قول ابن عقيل ال جتوز‬
‫له الص ــالة يف ذلك املوض ــع مطلقا‪ ،‬وعلى قول القاض ــي إن كانت الس ــفن جتري يف هذا‬
‫النهر فال جتوز له الص ـ ــالة‪ ،‬وإن مل تكن جتري به الس ـ ــفن فله ذلك‪ ،‬وعلى القول الثالث‬
‫تصح صالته يف ذلك املوضع مطلقا‪.‬‬

‫(‪ )1‬مسائل ابن هانئ م (‪ ،)69 /1( )336‬وينظر‪ :‬اجلامع لعلوم اإلمام أمحد (‪.)605 /6‬‬
‫(‪ )2‬املغين (‪.)54 /2‬‬
‫‪- 94 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اشتراط الضرورة لصحة صالة الجمعة في البقعة‬
‫المغصوبة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املشــهور من مذهب احلنابلة أنه ال تصــح الصــالة يف موضــع مغصــوب(‪ ،)1‬وعليه‬
‫لو ص ــلى إمام اجلمعة يف موض ــع غص ــب‪ ،‬فهل تص ــح الص ــالة معه يف موض ــع الغص ــب‬
‫مطلقا بال ض ـ ــرورة‪ ،‬أم يش ـ ــرتط الض ـ ــرورة لذلك‪ ،‬كأن ال يوجد يف البلد من يقيم اجلمعة‬
‫غريهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫تص ــح ص ــالة اجلمعة يف الغص ــب ولو بال ض ــرورة‪ ،‬وهذا قول منص ــور‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"وتصــح اجلمعة وما عطف عليها(‪ )2‬يف غصــب‪ ،‬وظاهره ولو بال ضــرورة‪ ،‬بدليل الســباق‬
‫والس ـ ـ ـ ـ ـ ــياق(‪ ،)3‬وهو ظاهر كالم ابن ةمنَجا‪ ،‬حيث قال يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرحه(‪ :)4‬نص أمحد على‬
‫صــحة اجلمعة يف املوضــع املغصــوب؛ ألنه إذا صــلى اإلمام اجلمعة يف موضــع مغصــوب‪،‬‬
‫وامتنع الناس من الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة معه فيه فاتَتهم اجلمعة‪ ،‬ولذلك ص ـ ـ ـ ـ ـ ــحت خلف اخلوار ‪،‬‬
‫واملبتدعة‪ ،‬ويف الطريق؛ لدعاء احلاجة إليها‪ ،‬وكذا األعياد واجلنازة"(‪ ،)5‬وقال منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‬
‫أيضــا‪(" :‬كلها ضــرورة) أي‪ :‬ألجل الضــرورة‪ ،‬والذي يف املنتهى(‪ )6‬واإلنصــاف(‪ ،)7‬ونقله‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)56 -55 /2‬واملبدع (‪ ،)348 /1‬واإلقناع (‪ ،)97 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)369 /1‬‬
‫(‪ )2‬يعين قول الفتوحي‪" :‬ومجعة وعيد وجنازة وحنوها بطريق لضرورة‪ ،‬وغصب"‪ .‬منتهى اإلرادات (‪.)183 /1‬‬
‫(‪ )3‬نص عبارة املنتهى‪" :‬وال تصح تعبدا صالة يف مقربة‪- ،‬وال يضر قربان‪ ،‬وال ما دفن بداره‪ -‬ومحام‪ ،‬وما يتبعه يف بيع‪،‬‬
‫وحش‪ ،‬وأعطان إبل ‪ -‬وهي‪ :‬ما تقيم فيها وتأوي إليها ‪ -‬وجمزرة‪ ،‬ومزبلة‪ ،‬وقارعة طريق‪ ،‬وأسطحتها‪ ،‬وسطح هنر‪،‬‬
‫سوى صالة جنازة يف مقربة‪ ،‬ومجعة وعيد وجنازة وحنوها بطريق لضرورة‪ ،‬وغصب‪ ،‬وعلى راحلة بطريق‪ .‬وتصح يف‬
‫الكل لعذر" (‪.)184 - 181 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع ت ابن دهيش ط ‪.)321 /1( 3‬‬
‫(‪ )5‬إرشاد أويل النهى (‪.)185 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)183 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ .)494 /1‬تنبيه‪ :‬تكلم صاحب اإلنصاف عن مسألة الصالة يف الطريق‪ ،‬ونسب األقوال فيها‪،‬‬
‫مث تكلم عن مسألة الصالة يف الغصب‪ ،‬والذي يظهر أن منصورا خلك بينهما‪ ،‬قال يف اإلنصاف (‪:)494 /1‬‬
‫‪- 95 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫الكبري(‪)3‬‬ ‫عن املوفق يف املغين(‪ )1‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ )2‬واجملد يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرحه‪ ،‬وص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب احلاوي‬
‫والفروع(‪ )4‬وغريهم صـ ـ ـ ــحة ذلك يف الغصـ ـ ـ ــب ويف الطريق إذا اضـ ـ ـ ــطروا إليه وأما احلمام‬
‫واحلش وحنوه فيبعد إحلاقه بذلك‪ ،‬قال يف الشــرح(‪ :)5‬قال أمحد يصــلي اجلمعة يف موضــع‬
‫الغص ـ ــب‪ ،‬يعين إذا كان اجلامع أو بعض ـ ــه مغص ـ ــوبا‪ ،‬ص ـ ــحت الص ـ ــالة فيه؛ ألن اجلمعة‬
‫ختتص ببقعة‪ ،‬فإذا ص ـ ــالها اإلمام يف املوض ـ ــع املغص ـ ــوب‪ ،‬فامتنع الناس من الص ـ ــالة فيه‬
‫فــاتتهم اجلمعــة‪ ،‬وكــذلــك من امتنع فــاتتــه‪ ،‬ولــذلــك ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحــت خلف اخلوار واملبتــدعــة‪،‬‬
‫وصحت يف الطريق؛ لدعاء احلاجة إليه‪ ،‬وكذلك األعياد واجلنازة"(‪.)6‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال تصـ ـ ــح صـ ـ ــالة اجلمعة يف الغصـ ـ ــب إال لضـ ـ ــرورة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال‬
‫¬‪" :‬قوله‪( :‬ومجعة‪ ،‬وعيد‪ ،‬وجنازة‪ ،‬وحنوها بطريق لض ـ ـ ـ ـ ــرورة‪ ،‬وغص ـ ـ ـ ـ ــب) ظاهره‪ :‬أن‬
‫اجلمعة وما بعدها تصح يف الغصب‪ ،‬ولو بال ضرورة‪ ،‬وهو غري ظاهر‪ ،‬فإن ما استدل به‬
‫بعض ـ ـ ــهم على ص ـ ـ ــحة ذلك يف الغص ـ ـ ــب مطلقا عن الش ـ ـ ــرح الكبري إمنا يدل على حال‬
‫الض ــرورة؛ لقوله ما معناه‪ :‬إذا ص ــلى اإلمام اجلمعة يف غص ــب فامتنع الناس عن الص ــالة‬
‫خلفه‪ ،‬فاتتهم اجلمعة‪ .‬فقوله‪ :‬فاتتهم اجلمعة إشــارة إىل أهنا حال ضــرورة‪ ،‬أما لو كان يف‬

‫" الثالثة‪ :‬يستثىن من كالم املصنف وغريه‪ ،‬ممن أطلق صالة اجلمعة وحنوها يف الطريق وحافتيها‪ .‬فإهنا تصح للضرورة‪،‬‬
‫نص عليه‪ ،‬كذا تصح على الراحلة يف الطريق‪ ،‬وقطع به املصنف يف املغين‪ ،‬والشارح‪ ،‬واجملد يف شرحه‪ ،‬وصاحب‬
‫احلاوي الكبري‪ ،‬والفروع‪ ،‬وغريهم‪ :‬تصح صالة اجلمعة واجلنائز واألعياد وحنوها حبيث يضطرون إىل الصالة يف‬
‫الطرقات‪ .‬وقال يف الرعاية الكربى‪ :‬تصح صالة اجلمعة‪ .‬وقيل‪ :‬صالة العيد واجلنائز والكسوفني‪ .‬وقيل‪ :‬واالستسقاء‬
‫يف كل طريق‪ .‬وقال يف الصغرى‪ :‬تصح صالة اجلمعة وقيل‪ :‬العيد واجلنازة يف طريق‪ ،‬وموضع غصب‪ .‬وقال ابن منجا‬
‫يف شرحه‪ :‬نص أمحد على صحة اجلمعة يف املوضع املغصوب"‪.‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)56 /2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)480 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬احلاوي (‪.)253 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)21 /3‬‬
‫(‪ )5‬الشرح الكبري (‪.)480 /1‬‬
‫(‪ )6‬كشاف القناع (‪.)296 /1‬‬
‫‪- 96 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫البلد عدة جوامع‪ ،‬فيها واحد غصب حبيث إذا ترك الصالة يف اجلامع الغصب صلى يف‬
‫غريه من بقية اجلوامع‪ ،‬فينبغي عدم الصـحة هنا‪ ،‬وهلذا صـرح يف اإلقناع(‪ )1‬بأهنا ال تصح‬
‫اجلمعة وحنوها يف الغصب إال للضرورة"(‪.)2‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن اجلمعة‪ ،‬ختتص ببقعة‪ ،‬فإذا صالها اإلمام يف املوضع املغصوب‪ ،‬فامتنع الناس‬
‫من الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة فيه‪ ،‬فاتتهم اجلمعة‪ ،‬وإن امتنع بعض ـ ـ ـ ـ ـ ــهم‪ ،‬فاتته اجلمعة‪ ،‬ولذلك أبيحت‬
‫خلف اخلوار واملبتدعة(‪.)3‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن تعليل علماء املذهب يدل على ص ـ ـ ــحة الص ـ ـ ــالة يف املوض ـ ـ ــع املغص ـ ـ ــوب حال‬
‫الضــرورة‪ ،‬وذلك ألهنم ذكروا يف تعليلهم أن من مل يصــل مع اإلمام يف املوضــع املغصــوب‬
‫فاتته اجلمعة‪ ،‬وهذا يدل على أن من اســتطاع أن يصــلي اجلمعة يف مكان غري مغصــوب‬
‫فال يدخل يف الضرورة اليت تبيح الصالة يف املكان املغصوب(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الــذي يظهر واهلل أعلم رجحــان مــا ذهــب إليــه عثمــان ¬‪ ،‬وذلــك بنــاء على‬
‫قاعدة املذهب يف أن الصــالة ال تصــح يف موضــع الغصــب(‪ ،)5‬فاألصــل أن هذا احلكم‬
‫عام يف كل الص ـ ـ ـ ــور‪ ،‬وخص منه ص ـ ـ ـ ــالة اجلمعة لعلة‪ ،‬وهي أن ص ـ ـ ـ ــالة اجلمعة ال ميكن‬
‫أداؤها على انفراد‪ ،‬فاملنع من الصـ ــالة يف موضـ ــع الغصـ ــب يفضـ ــي إىل تضـ ــييعها‪ ،‬وهذه‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)98 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)183 / 1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)56 /2‬والشرح الكبري (‪ ،)480 /1‬وكشاف القناع (‪.)296 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)183 / 1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)56 -55 /2‬واملبدع (‪ ،)348 /1‬واإلقناع (‪ ،)97 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)369 /1‬‬
‫‪- 97 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫العلة تنتفي إذا كان يف البلد مسـجد آخر ليس يف موضـع غصـب‪ ،‬وإىل هذه العلة أشـار‬
‫ابن قدامة ¬‪ ،‬وذلك يف قوله‪" :‬وتصـ ـ ـ ـ ــلى خلف كل بر وفاجر‪ ،‬حلديث جابر‪ ،‬وألهنا‬
‫من ش ـ ـ ـ ــعائر اإلس ـ ـ ـ ــالم الظاهرة‪ ،‬وختتص بإمام واحد‪ ،‬فرتكها خلف الفاجر يفض ـ ـ ـ ــي إىل‬
‫اإلخالل هبا‪ ،‬فلم جيز ذلك كاجلهاد‪ ،‬وهلذا أبيح فعلها يف الطرق‪ ،‬ومواض ـ ـ ـ ــع الغص ـ ـ ـ ــب‪،‬‬
‫صيانة هلا عن الفوات"(‪ ،)1‬كما أشار إليها ابن تيمية ¬ بقوله‪" :‬مث إن أمكنه االقتداء‬
‫باإلمام يف غري املكان املغصـ ــوب مل جيز الدخول إليه‪ ،‬وإال جاز للضـ ــرورة‪ ،‬وال يتنفل فيه‬
‫لعدم الضرورة"(‪ ،)2‬كما ميكن أن تستشف هذه العلة مما رواه الكوسج(‪ )3‬يف مسائله أنه‬
‫قال لإلمام أمحد‪" :‬قال رجل من أهل خراس ـ ــان لس ـ ــفيان‪ :‬إن مس ـ ــجد مرو أخذ غص ـ ــباً‬
‫وهدم ما حوله دوراً وأدخل يف املســجد وســأله عن الصــالة فيه‪ ،‬وقال‪ :‬ليس لنا مجعة إال‬
‫فيهت فقال‪ :‬فصل اجلمعة وال تطوع فيه‪ .‬قال أمحد‪ :‬ما أحسن ما قال"(‪ ،)4‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو ص ـ ـ ــلى إمام مجعة يف موض ـ ـ ــع غص ـ ـ ــب‪ ،‬وكان يف البلد جوامع أخر ليس ـ ـ ــت يف‬
‫غصب‪ ،‬فعلى القول األول تصح الصالة مع من صلى يف موضع الغصب‪ ،‬وعلى القول‬
‫الثاين ال تصح‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الكايف (‪.)330 /1‬‬


‫(‪ )2‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الصالة (ص‪.)336 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬إسحاق بن منصور بن هبرام أبو يعقوب الكوسج املروزي‪ ،‬ولد مبرو ودخل إىل العراق واحلجاز والشام فسمع‬
‫سفيان بن عيينة وحيىي بن سعيد القطان وعبد الرمحن بن مهدي ووكيع بن اجلراح وغريهم من األئمة‪ ،‬وروى عنه‬
‫البخاري ومسلم يف الصحيحني وأبو زرعة وأبو عيسى الرتمذي والنسائي وابن ماجه وحممد بن خزمية‪ ،‬وكان ¬‬
‫عاملا فقيها‪ ،‬تويف ¬ سنة إحدى ومخسني ومائتني‪ .‬تاريخ بغداد (‪ ،)385 /7‬وطبقات احلنابلة (‪،)113 /1‬‬
‫واملقصد االرشد (‪.)252 /1‬‬
‫(‪ )4‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهويه (‪ ،)886 /2‬وينظر‪ :‬مسائل حرب الكرماين كتاب الطهارة والصالة (ص‪:‬‬
‫‪ ،)541‬واجلامع لعلوم اإلمام أمحد (‪.)603 /6‬‬
‫‪- 98 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬المراد بقولهم "سترة اإلمام سترة لمن خلفه"‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر احلنابلة أن س ـ ـ ــرتة اإلمام س ـ ـ ــرتة ملن خلفه(‪ ،)1‬فهل هذه العبارة تدل على أن‬
‫س ـ ــرتة اإلمام س ـ ــرتة حقيقية للمأموم‪ ،‬أم أن املقص ـ ــود أن س ـ ــرتة اإلمام كالس ـ ــرتة للمأموم‪،‬‬
‫فيدخل فيها حكما ال حقيقةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ســرتة اإلمام ســرتة حقيقية للمأموم‪ ،‬وإىل هذا أشــار منصــور البهويت ¬‪ ،‬وذلك‬
‫يف قوله‪" :‬ولو كان مرور الكلب املذكور ال يقطع الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة عند اإلمام‪ ،‬ويقطعها عند‬
‫املأموم‪ ،‬ومر بني اإلمام وسرتته؛ فالظاهر‪ :‬بطالن صالة املأموم؛ ألنه مر بينه وبني سرتته‬
‫كلب أس ـ ــود هبيم‪ .‬وإن مل ير اإلمام ذلك مبطال‪ ،‬كما لو انكش ـ ــف عاتقا املأموم‪ ،‬وهذا‬
‫واضح"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ســرتة اإلمام ســرتة حكمية للمأموم‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وســرتة‬
‫اإلمام ملن خلفه) أي‪ :‬للمأموم‪ ،‬وقيد اخللف جرى على الغالب‪ .‬ومعىن كوهنا س ـ ـ ــرتة ملن‬
‫خلفه‪ :‬أنه ال يطلب يف حقهم اختاذ ســرتة‪ ،‬وليســت ســرتة اإلمام ســرته حقيقية للمأموم؛‬
‫بدليل أنه ال تبطل صـ ــالة املأموم مبرور كلب أسـ ــود هبيم بينه وبني إمامه‪ ،‬مع أنه صـ ــدق‬
‫عليه يف هذه الصــورة أنه مر بينه وبني ســرتته قطعا لو كانت حقيقة‪ .‬وهلذا قال ابن نصــر‬
‫– بعد أن نظر يف عدم البطالن املذكور – ما نص ـ ــه‪ :‬وقد يقال‪ :‬إن كون س ـ ــرتة‬ ‫اهلل(‪)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬خمتصر اخلرقي (ص‪ ،)30 :‬واملغين (‪ ،)174 /2‬واحملرر (‪ ،)76 /1‬واإلقناع (‪ ،)132 /1‬ومنتهى اإلرادات‬
‫(‪.)232 /1‬‬
‫(‪ )2‬حواشي اإلقناع للبهويت (‪.)590/2‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أمحد بن نصر اهلل بن أمحد بن حممد بن عمر الشيخ اإلمام العالمة شيخ املذهب ومفىت الديار املصرية قاضي‬
‫القضاة حمب الدين البغدادي األصل مث املصري‪ ،‬أخذ العلم عن سرا الدين البلقيين وزين الدين العراقي وابن امللقن‬
‫‪- 99 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫اإلمام س ـ ـ ــرته ملن خلفه يقتض ـ ـ ــي أنه ال يؤثر يف ص ـ ـ ــالة من خلفه إال ما يؤثر يف ص ـ ـ ــالة‬
‫اإلمام؛ وهذا مل يؤثر يف صالة اإلمام‪ ،‬فلم يؤثر يف صالة املأموم‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ومنه تعلم‪ :‬أنه لو مر كلب بني اإلمام وسـ ـ ــرتته‪ ،‬وكان ال يرى بطالن الصـ ـ ــالة به‪،‬‬
‫واملأموم يرى البطالن؛ فإن ص ــالة املأموم ص ــحيحة‪ ،‬كما لو ترك اإلمام س ــرت عاتقيه‪ ،‬أو‬
‫مسح مجيع رأسه نظرا إىل اعتقاد اإلمام‪ ،‬وأن املرور املذكور مل يؤثر يف صالة اإلمام‪ ،‬فلم‬
‫يؤثر يف صالة املأموم‪ ،‬خالفا ملا حبثه منصور البهويت"(‪.)1‬‬
‫وقال أيضـ ــا بعد نقله قول منصـ ــور السـ ــابق‪" :‬وأقول‪ :‬ليس واضـ ــحا كما زعم‪ ،‬بل‬
‫الظاهر الواضــح‪ :‬عدم البطالن؛ ألن معىن كون ســرتة اإلمام ســرتة ملن خلفه‪ ،‬أنه ال يؤثر‬
‫يف ص ـ ـ ـ ــالة املأموم إال ما أثر يف ص ـ ـ ـ ــالة اإلمام – كما قدمناه عن ابن نص ـ ـ ـ ــر اهلل‪ ،‬ونقله‬
‫الشــيخ منصــور نفســه – ال أن(‪ )2‬ســرتة اإلمام ســرتة للمأموم حقيقة من كل وجه‪ ،‬وهذا‬
‫املرور مل يؤثر يف ص ــالة اإلمام نظرا إىل اعتقاده‪ ،‬وما ال يؤثر يف ص ــالة اإلمام يف اعتقاده‬
‫ال يؤثر يف صــالة املأموم‪ ،‬وإن خالف اعتقاده‪ ،‬كما هو مقرر فيما إذا أخل اإلمام بركن‪،‬‬
‫أو شرط عند املأموم وحده‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)3‬‬

‫وأخذ عن الشيخ زين الدين ابن رجب وكان متضلعا بالعلوم الشرعية من تفسري وحديث وفقه وكان له يد طوىل يف‬
‫األصول‪ ،‬له حواب على احملرر والفروع‪ ،‬قال الربهان ابن مفلح‪ :‬وهو من أجل مشاخينا‪ .‬تويف سنة أربع وأربعني‬
‫ومثامنائة‪ .‬املقصد االرشد (‪ ،)202 /1‬واجلوهر املنضد (‪ ،)6 /1‬والسحب الوابلة (‪.)260 /1‬‬
‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)234 – 233 / 1‬‬
‫(‪ )2‬تنبيه‪ :‬وقع يف النسخة املطبوعة تصحيف يف هذه العبارة‪ ،‬فجاءت بعبارة "ألن"‪ ،‬وهذه العبارة – أعين املذكورة يف‬
‫النسخة املطبوعة – ختالف مقصد عثمان ¬ وتعليله‪ ،‬وللتأكد من صحة العبارة رجعت إىل خمطوطني‪ ،‬األول‬
‫حمفو يف دار اإلفتاء السعودية برقم ‪ ،86/324‬والعبارة فيه موجودة يف الصفحة رقم ‪ ،67‬والثاين حمفو يف جامعة‬
‫امللك سعود برقم ‪ ،2106‬والعبارة فيه موجودة يف اللوح رقم ‪/22‬ب‪ ،‬وقد جاءت العبارة يف كال املخطوطني بلفظ‬
‫"ال أن"‪.‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)235 / 1‬‬
‫‪- 100 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وهذا القول قد يفهم من قول الشــارح‪" :‬وإن مر بني يدي اإلمام ما يقطع صــالته‬
‫قطع ص ـ ـ ــالهتم"(‪ ،)1‬كما أنه يفهم من كالم ابن نص ـ ـ ــر اهلل الذي نقله عثمان‪ ،‬وقد نص‬
‫صاحب مطالب أويل النهى على هذا القول(‪.)2‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫القياس على مس ــألة ما لو انكش ــف عاتقا املأموم‪ ،‬وكان يرى اإلمام ص ــحة ص ــالة‬
‫من انكشف عاتقاه‪ ،‬واملأموم يرى عدم صحتها‪ ،‬وذلك امع أن صالة املأموم تبطل يف‬
‫هذه الصـ ـ ـ ــورة‪ ،‬مع أن اإلمام يرى أهنا ال تبطل‪ ،‬وألن مرور الكلب بني يدي اإلمام كأنه‬
‫ص ـ ـ ـ ّري مثل انكش ـ ــاف عاتقي املأموم‪ ،‬ال مثل انكش ـ ــاف‬
‫مرور بني يدي املأموم حقيقة‪ ،‬ف ة‬
‫عاتقي اإلمام(‪.)3‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫القياس على ما لو ترك اإلمام ســرت عاتقيه‪ ،‬أو مســح مجيع رأســه نظرا إىل اعتقاده‬
‫عدم وجوهبا‪ ،‬فصالته على تلك احلال صحيحة‪ ،‬وصالة من يرى وجوب ذلك صحيحة‬
‫خلفه(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الشرح الكبري (‪)637 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)491 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حواشي اإلقناع للبهويت (‪.)590 /2‬‬
‫(‪ )4‬قال منصور‪(" :‬و) إن ترك إمام ركنا‪ ،‬أو شرطا‪ ،‬أو واجبا (عند مأموم وحده) كحنفي صلى حبنبلي‪ ،‬وكشف عاتقيه‬
‫ومل يطمئن‪ ،‬ومل يكرب النتقاله (مل يعيدا) ألن اإلمام تصح صالته لنفسه فصحت ملن خلفه وكان الصحابة رضي اهلل‬
‫تعاىل عنهم يصلي بعضهم خلف بعض‪ ،‬مع اختالفهم يف الفروع" شرح املنتهى (‪ ،)275- 274 /1‬وقال أيضا‪:‬‬
‫"(وإن كان) املرتوك ركنا أو شرطا أو واجبا (عند املأموم وحده) كاحلنبلي اقتدى مبن مس ذكره‪ ،‬أو ترك سرت أحد‬
‫العاتقني أو الطمأنينة يف الركوع وحنوه‪ ،‬أو تكبرية االنتقال وحنوه‪ ،‬متأوال أو مقلدا من ال يرى ذلك مفسدا (فال) إعادة‬
‫على اإلمام‪ ،‬وال على املأموم؛ ألن اإلمام تصح صالته لنفسه فجازت خلفه كما لو مل يرتك شيئا ومثله لو صلى‬
‫شافعي قبل اإلمام الراتب فتصح صالة احلنبلي خلفه" كشاف القناع (‪ ،)478 /1‬وينظر‪ :‬نيل املآرب (‪،)178 /1‬‬
‫والروض الندي (ص‪ ،)104 :‬ومطالب أويل النهى (‪.)661 /1‬‬
‫‪- 101 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫والقيــاس على قوهلم" قراءة اإلمــام قراءة ملن خلفــه"‪ ،‬حيــث أرادوا أهنــا تقوم مقــام‬
‫قراءة املأموم‪ ،‬فال تطلب من املأموم على س ـ ـ ـ ـ ــبيل الوجوب‪ ،‬وليس ـ ـ ـ ـ ــت قراءة اإلمام قراءة‬
‫للمأموم حقيقة‪ ،‬وإال كرهت قراءة املأموم؛ لكراهة تكرار الفاحتة (‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن الراجح هو ما ذهب إليه عثمان ¬؛ وذلك لقوة ما استدل به‪،‬‬
‫كما أن لفظ احلديث الوارد يف رد املار بني يدي املصـ ـ ــلي‪ ،‬وهو قوله ‘‪(( :‬إذا صـ ـ ــلى‬
‫أحدكم إىل ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيء يس ـ ـ ـ ـ ـ ــرته من الناس فأراد أحد أن جيتاز بني يديه‪ ،‬فليدفعه‪ ،‬فإن أىب‬
‫فليقاتله فإمنا هو ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيطان))(‪ ،)2‬يقوي ما ذهب إليه عثمان؛ وذلك ألنه وإن قيل إن‬
‫سـ ـ ــرتة اإلمام سـ ـ ــرتة حقيقية للمأموم‪ ،‬وأن من مر بني اإلمام وسـ ـ ــرتته فقد مر بني املأموم‬
‫وس ـ ـ ـ ـ ـ ــرتته حقيقة‪ ،‬فال ميكن حبال أن يقال إن من مر بني يدي اإلمام فقد مر بني يدي‬
‫املأموم حقيقة‪ ،‬ومما يقوي قول عثمان ¬ أن الفقهاء يذكرون يف أحكام الس ـ ـ ـ ـ ـ ــرتة أن‬
‫املصلي يرد من أراد أن مير بينه وبني سرتته(‪ ،)3‬وهذا الرد غري متصور من املأموم إن أراد‬
‫أحد أن مير بني يدي إمامه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو مر كلب أسـ ـ ــود هبيم بني اإلمام وسـ ـ ــرتته‪ ،‬وكان اإلمام ال يرى بطالن الصـ ـ ــالة‬
‫مبروره‪ ،‬واملأموم يرى البطالن؛ فعلى القول األول تبطل ص ــالة املأموم‪ ،‬وعلى القول الثاين‬
‫ال تبطل صالة املأموم بذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)235 – 233 / 1‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ :‬أبواب سرتة املصلي‪ ،‬باب يرد املصلي من مر بني يديه‪ ،‬ح(‪ ،)509‬ورواه مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ ،‬باب‬
‫منع املار بني يدي املصلي‪ ،‬ح(‪.)258‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)210 /1‬وكشاف القناع عن منت اإلقناع (‪.)375 /1‬‬
‫‪- 102 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬لزوم قراءة الفاتحة لمن ائتم بمحدث أو نجس‬
‫يجهل ذلك‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املش ـ ــهور من مذهب احلنابلة أن قراءة الفاحتة ركن ال تص ـ ــح ص ـ ــالة اإلمام واملنفرد‬
‫بدوهنا‪ ،‬وأما املأموم فتكفيه قراءة اإلمام(‪ ،)1‬وعليه فهل تلزم املأموم الذي ائتم بإمام مل‬
‫تصح صالته قراءة الفاحتة‪ ،‬أم أهنا ال تلزمه‪ ،‬كاملأموم الذي صحت صالة إمامهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال تلزم املأموم الذي مل تص ـ ـ ــح ص ـ ـ ــالة إمامه قراءة الفاحتة‪ ،‬بل تكفيه قراءة إمامه‪،‬‬
‫وهذا قول منصـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬قراءة الفاحتة يف كل ركعة على اإلمام واملنفرد‬
‫وكذا على املأموم) حلديث ((ال صـ ـ ـ ـ ـ ــالة ملن مل يقرأ بفاحتة الكتاب))(‪( )2‬لكن يتحملها‬
‫اإلمام عنه) أي عن املأموم للخرب‪ ،‬قال ابن قندس(‪ :)3‬الذي يظهر أن قراءة اإلمام إمنا‬
‫تقوم عن قراءة املأموم‪ :‬إذا كانت ص ـ ـ ـ ـ ــالة اإلمام ص ـ ـ ـ ـ ــحيحة‪ ،‬احرتازا عن اإلمام إذا كان‬
‫حمدثا أو جنس ــا ومل يعلم ذلك‪ ،‬وقلنا‪ :‬بص ــحة ص ــالة املأموم‪ ،‬فإنه ال بد من قراءة املأموم‬
‫لعدم صحة صالة اإلمام‪ ،‬فتكون قراءته غري معتربة بالنسبة إىل ركن الصالة‪ ،‬فال تسقك‬
‫عن املأموم‪ ،‬وهذا ظاهر‪ ،‬لكن مل أجد من أعيان مش ـ ـ ـ ـ ـ ــايخ املذهب من اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتثناه‪ ،‬نعم‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهويه (‪ ،)527 /2‬والكايف (‪ ،)246 /1‬واملغين (‪ ،)406 /1‬والعدة شرح‬
‫العمدة (ص‪ ،)78 :‬والشرح الكبري (‪ ،)11 /2‬وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬صفة الصالة (ص‪ ،)142 :‬واملبدع (‪/2‬‬
‫‪ ،)59‬واإلنصاف (‪ ،)228 /2‬واإلقناع (‪.)133 /1‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ :‬كتاب صفة الصالة‪ ،‬باب وجوب القراءة لإلمام واملأموم يف الصلوات كلها يف احلضر والسفر وما جيهر‬
‫فيها وما خيافت‪ ،‬ح(‪ ،) 723‬ورواه مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ ،‬باب وجوب قراءة الفاحتة يف كل ركعة وإنه إذا مل حيسن‬
‫الفاحتة وال أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غريها‪ ،‬ح(‪ ،)394‬ويف باب من ترك القراءة يف صالته بفاحتة الكتاب‬
‫ح(‪.)822‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أبو بكر بن إبراهيم بن قندس الشيخ اإلمام العامل العالمة ذو الفنون تقى الدين البعلى‪ ،‬ولد سنة ‪809‬ه تقريبا‪،‬‬
‫ألف حواشي الفروع وحواشي احملرر‪ ،‬تتلمذ عليه املرداوي شيخ املذهب‪ ،‬تويف سنة إحدى وستني ومثامنائة‪ .‬املقصد‬
‫االرشد (‪ ،)154 /3‬والسحب الوابلة (‪ ،)295 /1‬واملدخل إىل مذهب اإلمام أمحد البن بدران (ص‪.)421 :‬‬
‫‪- 103 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وجدته يف بعض كالم املتأخرين(‪ .)1‬انتهى‪ .‬وظاهر كالم األش ـ ـ ـ ـ ـ ــياخ واألخبار‪ :‬خالفه؛‬
‫للمشقة"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن القيم ¬(‪.)4()3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يلزم املأموم الذي مل تص ـ ـ ـ ــح ص ـ ـ ـ ــالة إمامه قراءة الفاحتة‪ ،‬وال يتحملها اإلمام عنه‪،‬‬
‫وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وقراءة غري مأموم الفاحتة) أي‪ :‬حيث كان‬
‫مأموما حقيقة؛ بأن صـ ـ ـ ــحت صـ ـ ـ ــالة اإلمام‪ ،‬االف ما لو ائتم مبحدث أو جنس جيهل‬
‫ذلك‪ ،‬فإنه البد من قراءة املأموم هنا‪ ،‬كما اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتظهره ابن قندس(‪ ،)5‬ونقله عن بعض‬
‫املتأخرين‪ ،‬ولعله مراد من أطلق‪ .‬وحبث منص ــور البهويت معلال باملش ــقة ممنوع؛ لندرة هذه‬
‫الصورة"(‪.)6‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قندس(‪.¬ )7‬‬

‫(‪ )1‬حاشية ابن قندس على الفروع (‪.)190/2‬‬


‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪ ،)386 /1‬وينظر‪ :‬حواشي اإلقناع للبهويت (‪.)595 - 594 /1‬‬
‫الزرعي مث الدمشقي الفقيه‬
‫العالمة مشس ال ّدين أبو عبد اهلل حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد ابن حريز ّ‬
‫(‪ )3‬هو‪ّ :‬‬
‫حوي األصويل‪ ،‬الشهري بابن قيم اجلوزية‪ ،‬ولد سنة إحدى وتسعني وستمائة‪ .‬تفقه يف املذهب‪،‬‬
‫املفسر النّ ّ‬
‫احلنبلي‪ّ ،‬‬
‫وبرع وأفىت‪ ،‬والزم الشيخ تقي الدين وأخذ عنه‪ .‬وتفنن يف علوم اإلسالم‪ ،‬وصنف يف كثري من العلوم‪ ،‬تويف سنة إحدى‬
‫ومخسني وسبعمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)171 /5‬والدرر الكامنة يف أعيان املائة الثامنة (‪ ،)137 /5‬وشذرات‬
‫الذهب (‪.)287 /8‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)94 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية ابن قندس على الفروع (‪.)190/2‬‬
‫(‪ )6‬حاشية املنتهى (‪.)236 / 1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬حاشية ابن قندس على الفروع (‪.)190/2‬‬
‫‪- 104 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن إلزام املأموم بالقراءة حال كون اإلمام مل تص ـ ــح ص ـ ــالته دون احلال اليت تص ـ ــح‬
‫فيها ص ـ ـ ـ ــالته فيه حر ومش ـ ـ ـ ــقة‪ ،‬فتس ـ ـ ـ ــقك القراءة عن املأموم يف الص ـ ـ ـ ــورة دفعا للحر‬
‫واملشقة(‪.)1‬‬
‫قــال ابن القيم ¬‪" :‬فــإن قيــل كيف يتحمــل اجلنــب القراءة عن املــأموم‪ ،‬وليس‬
‫من أهل التحملت‬
‫قيل‪ :‬ملا كان معذورا بنس ـ ـ ـ ـ ـ ــيانه حدثه نزل يف حق املأموم منزلة الطاهر‪ ،‬فال يعيد‬
‫املأموم‪ ،‬ويف حق نفســه تلزمه اإلعادة‪ ،‬وهذا االف املتعمد للصــالة حمدثا أو جنبا‪ ،‬فإنه‬
‫ملا مل يكن معذورا نزل فعله بالنس ــبة إىل املأموم منزلة العبث الذي ال يعتد به‪ .‬وأيض ــا ملا‬
‫كان هذا يكثر مع الس ــهو مل يتعد بطالن ص ــالته إىل املأموم؛ رفعا للمش ــقة واحلر ‪ ،‬وملا‬
‫كان يندر مع التعمد تعدى فساد صالته إليهم"(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن اإلمام إمنا يتحمل القراءة عن املأموم حال كونه إماما حقيقة‪ ،‬وأما هذه املسألة‬
‫فليس اإلمام فيها إماما حقيقة‪ ،‬فال يقال بأنه يتحمل القراءة عن املأموم(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم رجحان القول األول؛ وذلك ألن ما ذكره أص ـ ــحاب القول‬
‫الثاين مل يرد به نص من كالم املتقدمني ‪-‬كما ص ـ ـ ــرح بذلك ابن قندس(‪ ،-)4‬فاألص ـ ـ ــل‬
‫إبقاء كالمهم على إطالقه‪ ،‬وألن التعليالت اليت يذكرها احلنابلة يف هذا الباب تدل على‬
‫أن قوهلم عام غري خمصوص‪ ،‬قال ابن قدامة ¬ يف معرض استدالله على عدم وجوب‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪ ،)94 /3‬وكشاف القناع (‪ ،)386 /1‬وحواشي اإلقناع للبهويت (‪.)595 - 594 /1‬‬
‫(‪ )2‬بدائع الفوائد (‪.)94 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية ابن قندس على الفروع (‪ ،)190/2‬وحاشية املنتهى (‪.)236 / 1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية ابن قندس على الفروع (‪.)190/2‬‬
‫‪- 105 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫القراءة على املأموم‪" :‬ولنا‪ :‬قول اهلل تعاىل‪{ :‬وإذا قرئ القرآن فاس ـ ـ ـ ـ ـ ــتمعوا له وأنص ـ ـ ـ ـ ـ ــتوا‬
‫لعلكم ترمحون} [سورة األعراف‪ .]204 :‬وقال أمحد‪ :‬فالناس على أن هذا يف الصالة‪.‬‬
‫قال سـ ـ ــعيد بن املسـ ـ ــيب‪ ،‬واحلسـ ـ ــن‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬وحممد بن كعب‪ ،‬والزهري‪ :‬إهنا نزلت يف‬
‫شأن الصالة‪.‬‬
‫قال أمحد‪ ،‬ما مسعنا أحدا من أهل اإلس ـ ـ ــالم يقول‪ :‬إن اإلمام إذا جهر بالقراءة ال‬
‫جتزئ صالة من خلفه إذا مل يقرأ‪ .‬وقال‪ :‬هذا النيب ‘ وأصحابه والتابعون‪ ،‬وهذا مالك‬
‫يف أهل احلجاز وهذا الثوري‪ ،‬يف أهل العراق‪ ،‬وهذا األوزاعي‪ ،‬يف أهل الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام‪ ،‬وهذا‬
‫الليث‪ ،‬يف أهل مص ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬ما قالوا لرجل ص ـ ـ ـ ـ ـ ــلى خلف اإلمام‪ ،‬وقرأ إمامه‪ ،‬ومل يقرأ هو‪:‬‬
‫صالته باطلة‪.‬‬
‫وألهنا قراءة ال جتب على املسبوق‪ ،‬فال جتب على غريه‪ ،‬كقراءة السورة‪ ،‬حيققه أهنا‬
‫لو وجبت على غري املسبوق لوجبت على املسبوق‪ ،‬كسائر أركان الصالة"(‪.)1‬‬
‫وألن أصــحاب القول الثاين مل يطردوا قوهلم يف بقية املســائل اليت ذكر احلنابلة أن‬
‫اإلمام يتحملها عن املأموم(‪.)2‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو صلى رجل يف مجاعة‪ ،‬ومل يقرأ بفاحتة الكتاب معتقدا عدم وجوهبا على املأموم‪،‬‬
‫فلما انصـ ـ ـ ــرف اإلمام من صـ ـ ـ ــالته تذكر أنه صـ ـ ـ ــلى على غري طهارة‪ ،‬فعلى القول األول‬
‫تصـ ـ ـ ــح صـ ـ ـ ــالة املأموم؛ ألن قراءة اإلمام قراءة له‪ ،‬وعلى القول الثاين ال تصـ ـ ـ ــح صـ ـ ـ ــالة‬
‫املأموم؛ ألنه مل يأت بركن من أركان الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة‪ ،‬وهو قراءة الفاحتة‪ ،‬وال يقال بأن اإلمام‬
‫يتحمل عنه؛ لعدم صحة صالة اإلمام‪.‬‬

‫(‪ )1‬املغين (‪ ،)405 -404/1‬وينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)338 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)278- 286 /1‬قال يف املنتهى‪" :‬ويتحمل عن مأموم قراءة وسجود سهو وتالوة وسرتة‬
‫ودعاء قنوت وكذا تشهد أول إذا سبق بركعة" منتهى اإلرادات (‪.)287 - 286 /1‬‬
‫‪- 106 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬من نسي خمس سجدات من أربع ركعات أو ثالث‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ يف باب س ـ ـ ــجود الس ـ ـ ــهو‪" :‬ومخس ـ ـ ــا من أربع‪ ،‬أو ثالث‪ ،‬أتى‬
‫بس ـ ـ ـ ــجدتني‪ ،‬مث بثالث ركعات أو بركعتني"(‪ ،)1‬فالفتوحي ذكر يف هذه املس ـ ـ ـ ــألة أن من‬
‫نسي مخس سجدات من أربع ركعات أو ثالث أنه يأيت بسجدتني مث بثالث ركعات أو‬
‫بركعتني‪ ،‬فهل مقص ــود الفتوحي يف مس ــألة من نس ــي مخس س ــجدات من ثالث ركعات‬
‫أن هذا فيمن جهل الركعة اليت أمت سجودها وكان قد صلى أربع ركعات‪ ،‬أم فيمن صلى‬
‫ثالث ركعاتت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫هذه املس ـ ـ ــألة فيمن جهل الركعة اليت أمت س ـ ـ ــجودها وكان قد ص ـ ـ ــلى أربع ركعات‪،‬‬
‫وهذا قول منصور‪ ،‬قال ¬‪(" :‬و) إن نسي (مخسا) من السجدات (من أربع) ركعات‬
‫(أو) نسي مخس سجدات من (ثالث) ركعات من أربع وجهلها‪( ،‬أتى بسجدتني) فتتم‬
‫له ركعة يف الص ـ ـ ـ ـ ـ ــورتني‪( ،‬مث) يأيت (بثالث ركعات) إن كان الرتك من أربع ركعات (أو)‬
‫يأيت (بركعتني) إن كان الرتك من ثالث ركعات"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب مطالب أويل النهى(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫هذه املسـ ـ ـ ـ ـ ــألة فيمن صـ ـ ـ ـ ـ ــلى ثالث ركعات‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"قوله‪( :‬ومخس ـ ـ ـ ـ ـ ــا من أربع أو ثالث ‪ ...‬إخل) يعين‪ :‬أنه إذا كان يف رباعية كالظهر مثال‪،‬‬
‫فذكر بعد فراغه من األربع الركعات أنه ترك مخس سـ ـ ــجدات من أربع ركعات؛ فإنه يأيت‬
‫بس ــجدتني‪ ،‬فتص ــح له ركعة؛ مث يأيت بثالث ركعات‪ .‬وإذا كان يف ثالثية كاملغرب‪ ،‬فذكر‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)253 - 251/1‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)228 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)524 /1‬‬
‫‪- 107 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫بعد فراغه من الثالث أنه ترك مخس س ــجدات من ثالث ركعات؛ فإنه يأيت بس ــجدتني‪،‬‬
‫فتصح له ركعة‪ ،‬مث يأيت بركعتني‪ ،‬ويتم صالته"(‪.)1‬‬
‫وقال أيض ـ ــا‪" :‬ووقع يف نس ـ ــخ ش ـ ــرح الش ـ ــيخ منص ـ ــور – ¬ تعاىل – اليت وقفنا‬
‫عليها‪ ،‬بعد قول املنت‪( :‬ومخس ـ ــا من أربع أو ثالث) ما نص ـ ــه‪ :‬من أربع وجهلها‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وهذه الزيادة ليست يف شرح املصنف(‪ ،)2‬والصواب إسقاطها؛ وذلك ألنه إذا ترك مخس‬
‫س ـ ـ ـ ـ ــجدات من ثالث ركعات من أربع‪ ،‬وجهلها؛ أي‪ :‬الثالث ركعات من الرباعية؛ فقد‬
‫ص ـ ــح له ركعة جزما؛ لتيقنه كون املرتوك من ثالث ركعات ال غري‪ ،‬وحيث ص ـ ــح له ركعة‬
‫من األربع فيحتمل أن تكون الص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيحة مما قبل األخرية‪ ،‬فتجرب األخرية‪ ،‬وتص ـ ـ ـ ـ ـ ــح له‬
‫ركعتان‪ ،‬وحيتمل أن تكون الص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيحة هي األخرية – وهو األحوط – فيلزمه أن يأيت‬
‫بثالث ركعات من غري أن جترب األخرية بشـ ـ ـ ـ ــيء لصـ ـ ـ ـ ــحتها‪ .‬هذا قياس ما تقدم يف قول‬
‫املنت‪( :‬وثالثا أو أربعا من ثالث أتى بثالث)‪ ،‬االف ما يقتض ــيه كالم الشـ ــيخ منص ــور‬
‫– ¬ تعاىل – فاحفظه؛ فإنه مهم"(‪.)3‬‬
‫وقد قال هبذا القول منصور يف حاشيته(‪ ،)4‬واخللويت(‪ ،)5‬كما أشار إليه ابن قدامة‬
‫¬ وذلك يف قوله‪" :‬وإن ذكر وهو يف التش ــهد أنه ترك س ــجدة من الرابعة‪ ،‬س ــجد يف‬
‫احلال‪ ،‬مث تشـ ــهد وسـ ــجد للسـ ــهو‪ ،‬فإن مل يعلم من أي الركعات تركها‪ ،‬جعلها من ركعة‬
‫قبلها‪ ،‬ليلزمه ركعة"(‪ ،)6‬وقد أشار إىل هذا املعىن صاحب املبدع أيضا(‪.)7‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)251 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)227 /2‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)253 – 252 / 1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (ص‪.)243 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)341 /1‬‬
‫(‪ )6‬الكايف (‪.)280 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)466 /1‬‬
‫‪- 108 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألنه إذا ترك مخس س ـ ـ ـ ـ ــجدات من ثالث ركعات من أربع‪ ،‬وجهلها؛ أي‪ :‬الثالث‬
‫ركعات من الرباعية؛ فقد ص ـ ـ ـ ـ ـ ــح له ركعة جزما؛ لتيقنه كون املرتوك من ثالث ركعات ال‬
‫غري‪ ،‬وحيث صـ ـ ـ ـ ـ ــح له ركعة من األربع فيحتمل أن تكون الصـ ـ ـ ـ ـ ــحيحة مما قبل األخرية‪،‬‬
‫فتجرب األخرية‪ ،‬وتص ـ ـ ـ ـ ــح له ركعتان‪ ،‬وحيتمل أن تكون الص ـ ـ ـ ـ ــحيحة هي األخرية – وهو‬
‫األحوط – فيلزمه أن يأيت بثالث ركعات من غري أن جترب األخرية بشــيء لصــحتها‪ .‬هذا‬
‫قياس قول صاحب املنتهى‪" :‬وثالثا أو أربعا من ثالث أتى بثالث"(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواب هو ما ذهب إليه عثمان ¬‪ ،‬وذلك ملا‬
‫استدل به‪ ،‬وألن املسألة السابقة هلذه املسألة هي ذات املسألة اليت صورها منصور‪ ،‬غري‬
‫أن تلك املسألة إن ترك ثالث سجدات أو أربعا من ثالث ركعات‪ ،‬وهذه إن ترك مخس‬
‫س ـ ـ ــجدات من ثالث ركعات‪ ،‬وهذا الفرق يف عدد الس ـ ـ ــجدات غري مؤثر يف احلكم‪ ،‬إذ‬
‫حيتمل يف مجيع الصـ ـ ـ ــور أال تكون ركعة من الركعات تامة‪ ،‬فتصـ ـ ـ ــبح كل الركعات باطلة‪،‬‬
‫ومحل كالم املؤلف على تأســيس مســألة أخرى أوىل من محله على تأكيد مســألة ســابقة‪،‬‬
‫بل محله على املســألة اليت ذكرها منصــور ¬ يقتضــي تناقض املؤلف وعدم اطراده‪ ،‬إذ‬
‫كيف يقال فيمن نسـ ـ ــي ثالث سـ ـ ــجدات أو أربعا من ثالث ركعات من صـ ـ ــالة رباعية‬
‫وجهل الركعة اليت أمت س ـ ــجودها أنه يأيت بثالث ركعات(‪ ،)2‬وإن نس ـ ــي مخس س ـ ــجدات‬
‫فإنه يكتفي بسجدتني وركعتنيت‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪ ،)251 /1‬وحاشية املنتهى (‪.)253 – 252 / 1‬‬
‫(‪ )2‬قال الفتوحي ¬‪" :‬وثالثا أو أربعا من ثالث أتى بثالث" منتهى اإلرادات (‪ ،)251 /1‬قال منصور ¬ يف‬
‫شرحها‪( " :‬و) إن نسي (ثالثا‪ ،‬أو أربعا) من السجدات (من ثالث) ركعات من الرباعية وجهلها (أتى بثالث)‬
‫ركعات وجوبا‪ ،‬الحتمال أن يكون من غري األخرية فتلغو بشروعه يف قراءة الرابعة وتصري أواله فيبين عليها" شرح‬
‫املنتهى (‪.)228 /1‬‬
‫‪- 109 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وقاعدة املذهب يف هذه املس ـ ـ ـ ـ ـ ــائل هي األخذ باألحوط كما ذكره غري واحد(‪،)1‬‬
‫وليس مثة احتياط فيما ذكره منصور‪ ،‬إذ حيتمل على ما صوره أن تكون الركعة التامة هي‬
‫الركعة األخرية‪ ،‬فإن ســجد ســجدتني مث صــلى ركعتني فإنه يكون صــلى ثالث ركعات ال‬
‫أربعا‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من نس ـ ـ ـ ـ ــي مخس س ـ ـ ـ ـ ــجدات من ثالث ركعات من رباعية‪ ،‬وجهل الركعة اليت أمت‬
‫سجودها‪ ،‬وكان قد صلى أربع ركعات‪ ،‬فعلى القول األول يلزمه أن يسجد سجدتني يف‬
‫الركعة األخرية‪ ،‬مث يصلي ركعتني‪ ،‬وعلى القول الثاين يلزمه أن يسجد سجدتني مث يصلي‬
‫ثالث ركعات‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)280 /1‬واملبدع (‪.)466 /1‬‬


‫‪- 110 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬اكتفاء المسبوق لجبر سهوه بسجود اإلمام للسهو‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا س ـ ـ ــها املس ـ ـ ــبوق فيما أدركه مع اإلمام‪ ،‬وكان اإلمام قد س ـ ـ ــهي عليه‪ ،‬فسـ ـ ـ ـجد‬
‫للســهو‪ ،‬فهل تكفي املســبوق ســجدتا اإلمام‪ ،‬أم يلزمه أن يســجد للســهو بعد قضــاء ما‬
‫فاتهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫تكفي امل سبوق سجدتا اإلمام‪ ،‬وال يلزمه إعادة السجود بعد قضاء ما فاته‪ ،‬وهذا‬
‫قول منصــور‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وال يعيد) املســبوق (الســجود إذا ســجد مع إمامه)؛ ألنه قد‬
‫س ـ ـ ـ ــجد واجنربت ص ـ ـ ـ ــالته‪ ،‬وظاهره‪ :‬ولو كان عليه س ـ ـ ـ ــهو فيما أدركه مع اإلمام (وإن مل‬
‫يس ــجد) املس ــبوق (معه) أي مع إمامه لس ــهوه لعذر (س ــجد) املس ــبوق (آخر الص ــالة)‬
‫وجها واحدا قاله يف املبدع(‪.)2(")1‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال تكفي املس ــبوق س ــجدتا اإلمام‪ ،‬ويلزمه أن يس ــجد للس ــهو بعد قض ــاء ما فاته‪،‬‬
‫وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬أو لسـ ـ ـ ـ ـ ــهوه معه) يعين‪ :‬أن املسـ ـ ـ ـ ـ ــبوق إذا‬
‫ســهي عليه مع اإلمام؛ مل يتحمله عنه اإلمام‪ ،‬فيلزمه ســجود الســهو بعد قضــاء ما فاته‪.‬‬
‫وظاهره‪ :‬سـ ـواء س ــجد مع اإلمام لس ــهو اإلمام‪ ،‬أو ال‪ ،‬فإن س ــجود س ــهو املس ــبوق حمله‬
‫بعد سالم اإلمام ال قبله‪ ،‬كما عرفت‪.‬‬
‫ورمبا يفهم هذا من قول اإلقناع‪ :‬وال يعيد الس ـ ـ ــجود إذا س ـ ـ ــجد مع إمامه لس ـ ـ ــهو‬
‫إمامه(‪)3‬؛ فإن ص ــورة هذه املس ــألة‪ :‬أن يكون اإلمام ةسـ ـهي عليه ومل يس ــه املس ــبوق‪ ،‬فإذا‬
‫سجد اإلمام لسهوه؛ تابعه املسبوق‪ ،‬فسجد معه‪ ،‬ومل يلزم املسبوق إعادة سجود لذلك‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)471 /1‬‬


‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪ ،)408 /1‬وينظر‪ :‬حواشي اإلقناع (‪.)628 /2‬‬
‫(‪ )3‬اإلقناع (‪.)142 /1‬‬
‫‪- 111 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الس ــهو الذي ص ــدر من اإلمام‪ .‬فقوله‪ :‬لس ــهو إمامه‪ ،‬مفهومه‪ :‬أن يعيده لس ــهو نفس ــه‪،‬‬
‫سواء كان سهوه مع اإلمام‪ ،‬أو فيما انفرد به‪ ،‬خالفا ملا حبثه منصور البهويت"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول اللبدي(‪ ،)2‬كما أشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار إىل هذا القول العنقري(‪ ،)4()3‬وابن‬
‫قاس ـ ـ ـ ـ ـ ــم(‪ )5‬يف حواش ـ ـ ـ ـ ـ ــيهما على الروض املربع‪ ،‬ونقل كل واحد منهما كالم عثمان ومل‬
‫يستدرك أو يعرتض عليه‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ظاهر قول اإلقناع‪" :‬وال يعيد الس ــجود إذا س ــجد مع إمامه"(‪ ،)6‬فإن ظاهره‪ :‬ولو‬
‫كان عليه سهو فيما أدركه مع اإلمام(‪.)7‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫مفهوم قول اإلقناع‪ " :‬وال يعيد الس ـ ــجود إذا س ـ ــجد مع إمامه لس ـ ــهو إمامه"(‪،)8‬‬
‫فإن مفهومه‪ :‬أن يعيده لسهو نفسه‪ ،‬سواء كان سهوه مع اإلمام‪ ،‬أو فيما انفرد به‪.‬‬
‫وألن سجود سهو املسبوق حمله بعد سالم اإلمام ال قبله(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)259 – 258 / 1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)66 /1‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬الشيخ عبد اهلل بن عبد العزيز بن عبد الرمحن العنقري‪ ،‬ولد يف بلدة ثرمداء عام ‪ 1290‬هـ‪ ،‬قرأ على الشيخ عبد‬
‫اهلل بن عبد اللطيف‪ ،‬واله امللك عبدالعزيز قضاء اجملمعة وما حوهلا‪ ،‬تتلمذ عليه خلق كثري منهم الشيخ عبدالعزيز بن‬
‫صاحل رئيس حماكم املدينة املنورة وخطيب املسجد النبوي‪ ،‬والشيخ محود بن عبد اهلل التوجيري‪ ،‬تويف ¬ عام‬
‫‪1373‬ه‪ .‬علماء جند خالل مثانية قرون (‪.)256 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية العنقري على الروض املربع (‪.)211 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية ابن قاسم على الروض املربع (‪.)171 /2‬‬
‫(‪ )6‬اإلقناع (‪.)142 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)408 /1‬‬
‫(‪ )8‬اإلقناع (‪.)142 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)259 – 258 / 1‬‬
‫‪- 112 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ما ذكره الش ــيخ عثمان رمحه اهلل وجيه؛ إذ الس ــجود الذي أداه املس ــبوق مع إمامه‬
‫مل يلزمه لسهوه‪ ،‬وإمنا لسهو إمامه‪ ،‬وسجوده لسهوه حمله عند سالمه‪ ،‬وليس هو متعلقا‬
‫بسالم اإلمام‪.‬‬
‫كما ميكن أن يســتدل لذلك بأنه لو مل يســه اإلمام‪ ،‬أو لو أن املســبوق ســها بعد‬
‫انفراده عن إمامه‪ ،‬فإن الس ـ ــجود يلزمه عند س ـ ــالمه‪ ،‬وهذا يدل على أن الس ـ ــجود الذي‬
‫لزم املسبوق لسهوه حمله عند سالمه‪.‬‬
‫وميكن القول‪ :‬إنه ليس على املأموم س ـ ـ ـ ـ ــجود يف س ـ ـ ـ ـ ــهوه الذي س ـ ـ ـ ـ ــهاه مع إمامه‬
‫مطلقا‪ ،‬سواء كان مسبوقا أو غري مسبوق؛ لتحمل إمامه عنه‪ ،‬وهذا هو ظاهر ما ذهب‬

‫‪- 113 -‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫إليه أبو اخلطاب(‪ ،)1‬وابن قدامة(‪ ،)2‬واجملد(‪ ،)3‬والش ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)4‬وابن مفلح(‪ )5‬يف النكت‬
‫على احملرر(‪ ،)6‬والزركشي(‪.)7‬‬
‫وقد نص اإلمام أمحد ¬ على هذا القول فيما نقله عنه أبوداود(‪ )8‬يف مســائله‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬قلت ألمحد‪ :‬س ـ ـ ـ ــبقت ببعض الص ـ ـ ـ ــالة فس ـ ـ ـ ــهوت فيما أدركت مع اإلمام‪،‬‬

‫(‪ )1‬قال‪" :‬وإذا سها خلف اإلمام‪ ،‬مل يسجد"‪ .‬اهلداية على مذهب اإلمام أمحد (ص‪.)92 :‬‬
‫(‪ )2‬قال ¬‪" :‬مسألة‪ :‬قال‪( :‬وليس على املأموم سجود سهو‪ ،‬إال أن يسهو إمامه‪ ،‬فيسجد معه) ومجلته أن املأموم إذا‬
‫سها دون إمامه‪ ،‬فال سجود عليه‪ ،‬يف قول عامة أهل العلم"‪ ،‬مث قال‪" :‬وإذا سها املأموم فيما تفرد فيه بالقضاء‪،‬‬
‫سجد‪ ،‬رواية واحدة؛ ألنه قد صار منفردا‪ ،‬فلم يتحمل عنه اإلمام"‪ ،‬وقال أيضا يف باب صالة اخلوف‪" :‬وتكون‬
‫الطائفة األوىل يف حكم االئتمام قبل مفارقته إن سها حلقهم حكم سهوه‪ ،‬وسجدوا له‪ ،‬وإن سهوا مل يلحقهم حكم‬
‫سهوهم؛ ألهنم مأمومون‪ ،‬فإذا فارقوه صاروا منفردين ال يلحقهم سهوه‪ ،‬وإن سهوا سجدوا؛ ألهنم منفردون"‪ .‬الكايف‬
‫(‪ ،)316 /1‬واملغين (‪ ،)33 /2‬و(‪.)301 /2‬‬
‫(‪ )3‬قال ¬‪" :‬وال يسجد املؤمت لسهوه" احملرر (‪.)84 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)695 - 694 /1‬و(‪.)132 /2‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬حممد بن مفلح بن حممد بن مفر املقدسي مث الصاحلي الراميين مشس الدين أبو عبد اهلل شيخ احلنابلة يف وقته‪،‬‬
‫ويل القضاء‪ ،‬وعين بالفقه واحلديث‪ ،‬أخذ العلم عن مجال الدين املرداوي‪ ،‬وكان يرتدد على املزي والذهيب‪ ،‬قال ابن‬
‫القيم لقاضي القضاة موفق الدين احلجاوي‪ :‬ما حتت قبة الفلك أعلم مبذهب اإلمام أمحد من ابن مفلح‪ ،‬وحضر‬
‫عند الشيخ تقي الدين ونقل عنه كثريا وكان يقول له ما أنت ابن مفلح أنت مفلح وكان أخرب الناس مبسائله واختياراته‬
‫حىت إن ابن القيم كان يراجعه يف ذلك‪ ،‬له مؤلفات منها الفروع‪ ،‬والنكت على احملرر‪ ،‬واآلداب الشرعية‪ ،‬وله كتاب‬
‫يف أصول الفقه‪ ،‬تويف ¬ سنة ثالث وستني وسبعمائة‪ .‬املقصد االرشد (‪ ،)517 /2‬واجلوهر املنضد (‪،)112 /1‬‬
‫والسحب الوابلة (‪.)1089 /3‬‬
‫(‪ )6‬قال ¬‪" :‬قوله وال يسجد املؤمت لسهوه كذا ذكر األصحاب وظاهره مطلقا" النكت والفوائد السنية على مشكل‬
‫احملرر (‪.)84 /1‬‬
‫(‪ )7‬قال ¬‪ " :‬قال‪ :‬وليس على املأموم سجود سهو إال أن يسهو إمامه فيسجد معه‪ .‬ب‪ :‬هذا إمجاع حكاه إسحاق‬
‫بن راهويه" شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)23 /2‬‬
‫(‪ )8‬هو‪ :‬سليمان بن األشعت بن إسحاق بن بشر بن شداد األزدي أبو داود السجستاين اإلمام يف زمانه‪ ،‬صاحب‬
‫السنن كان ممن رحل وطوف ومجع وصنف وكتب عن العراقيني والشاميني واخلراسانيني والبصريني‪ ،‬قال إبراهيم احلريب‬
‫ألني احلديث أليب داود كما ألني احلديد لداود‪ .‬مات سنة مخس وسبعني ومائتني‪ .‬طبقات احلنابلة (‪،)159 /1‬‬
‫واملقصد االرشد (‪.)406 /1‬‬
‫‪- 114 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫أس ــجد س ــجديت الس ــهوت قال‪ :‬ال؛ ليس مع اإلمام س ــهو‪ .‬قلت ألمحد‪ :‬فس ــهوت فيما‬
‫أقضيت قال‪ :‬اسجد سجديت السهو"(‪.)1‬‬
‫ومما يســتدل به هلذا القول ما رواه الدارقطين عن ابن عمر مرفوعا ((ليس على من‬
‫خلف اإلمام سهو‪ ،‬فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه))(‪ ،)2‬وما روي عن النيب ‘‬
‫أنه قال‪(( :‬األئمة ض ـ ــمناء))(‪ ،)3‬وقد فس ـ ــره ابن املنجا بقوله‪" :‬معناه واهلل أعلم ض ـ ــمناء‬
‫السهو"(‪ ،)4‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا سـ ــها مسـ ــبوق وحده دون إمامه فيما أدركه مع اإلمام‪ ،‬وكان اإلمام قد سـ ــهي‬
‫عليه فس ــجد للس ــهو‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬جيزئ املس ــبوق س ــجوده مع إمامه عن س ــهوه‬
‫وســهو إمامه‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬جيزئ املســبوق ســجوده مع إمامه عن ســهو إمامه وال‬
‫جيزئه عن ســهوه‪ ،‬فيلزمه ســجود آخر عند ســالمه‪ ،‬وعلى القول الثالث‪ :‬ال يلزم املســبوق‬
‫سجود سهو فيما سهاه مع إمامه‪.‬‬

‫(‪ )1‬مسائل اإلمام أمحد رواية أيب داود (ص‪ ،)80 :‬وينظر‪ :‬اجلامع لعلوم اإلمام أمحد (‪.)195 /6‬‬
‫(‪ )2‬رواه الدارقطين يف سننه (‪ ،)212 /2‬باب‪ :‬ليس على املقتدي سهو وعليه سهو اإلمام ح(‪ ،)1413‬قال ابن كثري‬
‫¬‪" :‬هذا حديث ال يَثبت إسناده" مسند الفاروق (‪.)261 /1‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود‪ :‬كتاب الصالة‪ ،‬باب ما جيب على املؤذن من تعاهد الوقت‪ ،‬ح(‪ ،)517‬ورواه الرتمذي‪ :‬كتاب أبواب‬
‫الصالة عن رسول اهلل ‘‪ ،‬باب ما جاء أن اإلمام ضامن واملؤذن مؤمتن‪ ،‬ح(‪ )207‬ورواه ابن ماجه‪ :‬كتاب إقامة‬
‫الصالة والسنة فيها‪ ،‬باب ما جيب على اإلمام‪ ،‬ح(‪ ،)981‬ورواه اإلمام أمحد بن حنبل‪ :‬مسند أيب هريرة رضى اهلل‬
‫تعاىل عنه‪ ،232/2 ،‬ح(‪ ،)7169‬ويف ‪ 284/2‬ح(‪ ،)7805‬ويف ‪ 377/2‬ح(‪ ،)8896‬ويف ‪382/2‬‬
‫ح(‪ .،)8958‬ويف ‪ 419/2‬ح(‪ ،)9418‬ويف ‪ 424/2‬ح(‪ ،)9472‬ويف ‪ 461/2‬ح(‪ ،)9943‬ويف ‪472/2‬‬
‫ح(‪ ،)10100‬ويف ‪ 513/2‬ح(‪ ،)10676‬ورواه الشافعي يف مسنده (‪ ،)58 /1‬ح (‪ ،)174‬قال ابن األثري يف‬
‫الشايف‪ )449 /1( :‬هذا حديث صحيح‪ ،‬ورواه ابن خزمية يف صحيحه (‪ ،)15 /3‬باب ذكر دعاء النيب ‘ لألئمة‬
‫بالرشاد‪ ،‬ح(‪ ،)1528‬وح(‪ ،)1531‬قال األعظمي‪ :‬إسناده صحيح‪ ،‬ورواه ابن حبان يف صحيحه‪،)560 /4( ،‬‬
‫ذكر إثبات الغفران للمؤذن بأذانه ح(‪ )1672‬وقال الشيخ األلباين عن هذا احلديث‪ :‬صحيح‪ ،‬وقال شعيب‬
‫األرناؤوط‪ :‬إسناده صحيح على شرط الشيخني‪.‬‬
‫(‪ )4‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)418 /1‬‬
‫‪- 115 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬حكم الجلوس بعد سجود التالوة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر احلنابلة يف ص ــفة س ــجود التالوة‪ :‬أن من مر على آية فيها س ــجدة فإنه يكرب‬
‫إذا س ـ ــجد‪ ،‬وإذا رفع‪ ،‬وجيلس ويس ـ ــلم(‪ ،)1‬فما حكم اجللوس الذي يكون بعد الرفع من‬
‫السجود هل هو مندوب أم واجبت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫اجللوس الذي يكون بعد الرفع من سجود التالوة واجب‪ ،‬وهذا قول منصور‪ ،‬قال‬
‫¬ "(ولعل جلوس ــه ندب) وهلذا مل يذكروا جلوس ــه يف الص ــالة لذلك قاله يف الفروع‪،‬‬
‫وتبعه على معناه يف املبدع‪ ،‬قلت‪ :‬والظاهر وجوبه كما مر يف عدد األركان"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫اجللوس الــذي يكون بعــد الرفع من س ـ ـ ـ ـ ـ ــجود التالوة منــدوب‪ ،‬وهــذا هو تعقــب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وجيلس) قال يف الفروع‪ :‬ولعل جلوسه ندب‪ .‬تبعه يف املبدع‬
‫واإلقناع‪ .‬ويف كالم منصور البهويت نظر"(‪.)3‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب الفروع(‪ ،)4‬واملبدع(‪ ،)5‬واإلقناع(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪ ،)59 :‬والفروع (‪ ،)310 /2‬واإلقناع (‪ ،)156 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)277 /1‬‬
‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)448 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)277 / 1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)310 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)38 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)156 /1‬‬
‫‪- 116 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫قال منصور ¬ يف استدالله لقوله‪" :‬كما مر يف عدد األركان"(‪ ،)1‬والظاهر أن‬
‫مراده من ذلك‪ :‬أن سـ ـ ـ ـ ــجود التالوة على املذهب صـ ـ ـ ـ ــالة(‪ ،)2‬فتلحق أحكامه بأحكام‬
‫الصـ ــالة‪ ،‬وقد مر عند ذكر األركان أن منها‪ :‬اجللوس قبل التسـ ــليمتني(‪ ،)3‬فيكون حكم‬
‫اجللوس هنا كحكمه يف الصالة‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أنه مل يذكر أن من سـ ــجد للتالوة يف الصـ ــالة فإنه جيلس بعد رفعه من السـ ــجود‪،‬‬
‫ولو كان واجبا لذكر(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن قول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور متجه؛ وذلك ألن املش ـ ـ ـ ـ ـ ــهور من املذهب وجوب‬
‫الس ــالم بعد س ــجود التالوة‪ ،‬والس ــالم ال يتص ــور إال حال اجللوس‪ ،‬ويؤيد ذلك ما ذكره‬
‫بعض احلنابلة من أن اجللوس الذي بعد سجود التالوة إمنا شرع ألنه يعقبه السالم(‪.)5‬‬
‫وأمــا مــا ذكره أص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحــاب القول الثــاين من أن اجللوس لو كــان واجبــا لوجــب يف‬
‫الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة ويف غريها‪ ،‬فهذا مردود بوجوب الس ـ ـ ـ ـ ـ ــالم بعد الس ـ ـ ـ ـ ـ ــجود الذي يكون خار‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)448 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)33 /2‬واإلنصاف (‪ ،)193 /2‬واإلقناع (‪ ،)155 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)276 /1‬مطالب‬
‫أويل النهى (‪.)585 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)442 /1‬واإلنصاف (‪ ،)113 /2‬واإلقناع (‪ ،)134 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)237 /1‬مطالب‬
‫أويل النهى (‪.)499 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)310 /2‬و املبدع (‪)38 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)298 – 297 /2‬وشرح املنتهى (‪ ،)253 /1‬ونيل املارب بشرح دليل الطالب (‪/1‬‬
‫‪ ،)165‬ومطالب أويل النهى (‪.)586 /1‬‬
‫‪- 117 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الص ـ ـ ـ ــالة(‪ )1‬دون الس ـ ـ ـ ــجود الذي يكون داخلها‪ ،‬فلو كان تعليل أص ـ ـ ـ ــحاب هذا القول‬
‫وجيها النطرد قوهلم يف السالم‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من س ــجد س ــجود تالوة خار الص ــالة‪ ،‬مث أراد القيام من الس ــجود‪ ،‬فعلى القول‬
‫األول‪ :‬جيب عليه أن جيلس بعد رفعه من الســجود‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يندب له ذلك‪،‬‬
‫وال جيب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)789 /1‬واملبدع (‪ ،)38 /2‬واإلنصاف (‪ ،)198 /2‬واإلقناع (‪ ،)156 /1‬ومنتهى‬
‫اإلرادات (‪ ،)278 /1‬وهداية الراغب (‪.)238 /1‬‬
‫‪- 118 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬حكم المأموم إذا كبر لإلحرام في فرض بعد شروعه‬
‫باالنحناء للركوع‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا أتى امل ــأموم بتكبرية اإلحرام يف فرض ح ــال احنن ــائ ــه للركوع‪ ،‬مع ق ــدرت ــه على‬
‫اإلتيان هبا قائما‪ ،‬فما حكم صالتهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫من أتى بتكبرية اإلحرام أو زء منها يف فرض حال احننائه فإن ص ـ ـ ـ ـ ـ ــالته تنقلب‬
‫نفال‪ ،‬وهذا قول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‪ ،‬قال ¬ "وإن كرب واإلمام يف الركوع‪ ،‬مث مل يركع حىت رفع‬
‫إمامه مل يدركه ولو أدرك ركوع املأمومني‪ ،‬وإن أمت التكبرية يف احننائه انقلبت نفال"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول القاضـ ــي(‪ ،)2‬وصـ ــاحب الرعاية(‪ ،)3‬والفروع(‪ ،)4‬والتنقيح(‪،)5‬‬
‫واإلقنــاع(‪ ،)6‬واملنتهى(‪ ،)7‬والغــايــة(‪ ،)8‬ونيــل املــآرب(‪ ،)9‬ومطــالــب أويل النهى(‪ ،)10‬كمــا‬
‫قال هبذا القول الشيخ عثمان يف هداية الراغب(‪.)11‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)460 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)335 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الرعاية (ص‪.)282 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)163 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬التنقيح املشبع (ص‪ ،)90 :‬واإلنصاف (‪.)42 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)113 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)205 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)165 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬نيل املارب بشرح دليل الطالب (‪.)134 /1‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)418 /1‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬هداية الراغب (‪.)194 /1‬‬
‫‪- 119 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫من أتى بتكبرية اإلحرام أو زء منها يف فرض حال احننائه عمدا مل تنعقد صــالته‬
‫فرض ـ ــا وال نفال‪ ،‬وس ـ ــهوا أو جهال؛ ص ـ ــحت نفال‪ ،‬ويتمها منفردا‪ ،‬وال يعتد ببقية الركعة‪،‬‬
‫بل هو كالزيادة س ـ ـ ــهوا‪ ،‬فيس ـ ـ ــجد للس ـ ـ ــهو‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬والبد‬
‫أيض ـ ـ ـ ـ ــا أن يأيت بتكبرية اإلحرام قبل اخلرو عن حد القيام‪ ،‬وإال ص ـ ـ ـ ـ ــارت نفال‪ ،‬كما يف‬
‫ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرح اإلقناع‪ ،‬وهو مش ـ ـ ـ ـ ـ ــكل؛ ألنه إن قلنا‪ :‬يتابع اإلمام مع احلكم بنفليتها يف حقه؛‬
‫فالنفل ال ينعقد ممن مل يصل بعد اإلقامة‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬ال يتابع اإلمام بل هو منفرد؛ فالبد‬
‫من القراءة‪ .‬واألظهر‪ :‬أنه إن فعل ذلك عمدا؛ مل تنعقد فرض ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال نفال‪ ،‬وس ـ ـ ـ ـ ـ ــهوا أو‬
‫جهال؛ ص ـ ـ ـ ـ ــحت نفال‪ ،‬ومل يعتد ببقية الركعة‪ ،‬بل هو كالزيادة س ـ ـ ـ ـ ــهوا‪ ،‬فيأيت هبا منفردا‪،‬‬
‫ويسجد للسهو"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن ترك القيام يبطل الفرض دون النفل‪ ،‬فلما امتنع وقوعها فرض ـ ـ ــا‪ ،‬وأمكن جعلها‬
‫نفال‪ ،‬وقعت نفال‪ ،‬أشبه من أحرم بفريضة‪ ،‬فبان أنه مل يدخل وقتها(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن النفل ال ينعقد ممن جتب عليه الفريضة بعد إقامتها (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)285 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)335 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)509 - 508 /1‬و اإلنصاف (‪ ،)27 /2‬ومعونة أويل النهى (‪/2‬‬
‫‪ ،)98‬وشرح املنتهى (‪ ،)184 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)318 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)330 /1‬ومطالب أويل النهى‬
‫(‪.)418 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)285 /1‬‬
‫‪- 120 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن املس ــألة فيها تفص ــيل‪ ،‬وذلك أن من كرب تكبرية اإلحرام‬
‫حال احننائه ال خيلو من ثالث حاالت‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون عامدا‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون جاهال أو ناس ـ ـ ـ ـ ــيا‪ ،‬مث يعلم يف أثناء ص ـ ـ ـ ـ ــالته أنه أتى بتكبرية اإلحرام‬
‫حال احننائه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون جاهال أو ناس ـ ـ ـ ـ ـ ــيا‪ ،‬وال يعلم أنه أتى بتكبرية اإلحرام حال احننائه إال‬
‫بعد انصراف اإلمام‪.‬‬
‫فأما العامد فال تصــح صــالته؛ لتفريطه بركن من أركاهنا عمدا‪ ،‬وقد أشــار إىل هذا‬
‫ابن اللحام(‪ )1‬يف قواعده(‪ ،)2‬واملرداوي(‪ ،)3‬واحلجاوي(‪ ،)4‬وأما اجلاهل والناســي إن علم‬
‫حال انعقاد صــالة اجلماعة فالذي يظهر أنه جيب عليه اســتئناف صــالته؛ وذلك ألنه ال‬
‫تصـ ـ ــح إقامة نافلة ممن وجبت عليه الفريضـ ـ ــة بعد إقامة الفريضـ ـ ــة‪ ،‬وال تنعقد منه النافلة‪،‬‬
‫كما نص على ذلك غري واحد من أئمة املذهب(‪ ،)5‬وأما اجلاهل والناس ـ ـ ـ ـ ـ ــي الذي مل‬
‫يعلم إال بعد انص ـ ـراف اإلمام فالذي يظهر أن صـ ــالته تصـ ــح نافلة؛ للقاعدة اليت ذكرها‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬علي بن حممد بن عباس العالمة األصويل عالء الدين الشهري بابن اللحام شيخ احلنابلة يف وقته اشتغل على‬
‫الشيخ زين الدين ابن رجب‪ ،‬درس وناظر واجتمع عليه الطلبة وانتفعوا به‪ ،‬وصنف يف الفقه واألصول‪ ،‬فمن مصنّفاته‬
‫القواعد األصولية‪ ،‬واألخبار العلمية يف اختيارات الشيخ تقي ال ّدين بن تيميّة‪ ،‬وجتريد العناية يف حترير أحكام النهاية‪،‬‬
‫ناب يف احلكم عن قاضي القضاة عالء الدين ابن املنجي‪ ،‬تويف سنة ثالث ومثامنائة‪ .‬املقصد االرشد (‪،)237 /2‬‬
‫والضوء الالمع (‪ ،)320 /5‬واجلوهر املنضد (‪ ،)81 /1‬وشذرات الذهب (‪.)52 /9‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬القواعد والفوائد األصولية البن اللحام (ص‪.)353 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)26 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)107 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)23 /2‬واإلنصاف (‪ ،)220 /2‬وشرح املنتهى (‪ ،)262 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)459 /1‬ومطالب‬
‫أويل النهى (‪.)618 /1‬‬
‫‪- 121 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫أصحاب القول األول(‪ ،)1‬ولقاعدة (إذا بطل اخلصوص مل يبطل العموم)‪" ،‬وبيان ختريج‬
‫هذه املس ـ ـ ــألة على القاعدة‪ :‬أن نية الفرض تش ـ ـ ــتمل على نية الص ـ ـ ــالة من حيث اجلملة‬
‫وخص ـ ــوص الفرض‪ ،‬فإذا بطل خص ـ ــوص الفرض بقي أص ـ ــل نية الص ـ ــالة‪ ،‬كما لو أحرم‬
‫فظن أن الوقت قد دخل فبان مل يدخل"(‪.)2‬‬
‫وحيتمل أن من كرب لإلحرام جاهال أو ناس ــيا‪ ،‬س ـ ـواء علم يف أثناء ص ــالته أنه أتى‬
‫بتكبرية اإلحرام حال احننائه أو مل يعلم‪ ،‬أهنا تبطل ركعته‪ ،‬وتص ـ ـ ـ ــح منه ص ـ ـ ـ ــالة الفرض‪،‬‬
‫وجيب عليه الس ـ ــجود للس ـ ــهو‪ ،‬فيعامل معاملة من ترك ركنا من أركان الص ـ ــالة ناس ـ ــيا أو‬
‫جاهال‪ ،‬وذلك أن فعله يف حقيقته هو ترك لركن القيام‪ ،‬فتبطل الركعة اليت دخل فيها مع‬
‫اإلمام‪ ،‬وتصـ ـ ـ ـ ـ ــح ما س ـ ـ ـ ـ ـ ـواها من الركعات(‪ ،)3‬وقد يتقوى هذا التوجيه بأن القاعدة اليت‬
‫بنيت عليها هذه املسـ ـ ـ ـ ــألة هي يف حال امتناع وقوع الصـ ـ ـ ـ ــالة فرضـ ـ ـ ـ ــا(‪ ،)4‬وأما يف حال‬
‫إمكانية صحة الصالة فرضا فتصحيحها كذلك أوىل من نقلها إىل النفل‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا أتى امل ــأموم بتكبرية اإلحرام يف فرض ح ــال احنن ــائ ــه للركوع‪ ،‬مع ق ــدرت ــه على‬
‫اإلتيان هبا قائما‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬تنقلب صالته نفال‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)335 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)509 - 508 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)180 /2‬واإلنصاف (‪،)27 /2‬‬
‫ومعونة أويل النهى (‪ ،)98 /2‬وشرح املنتهى (‪ ،)184 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)318 /1‬وكشاف القناع (‪،)330 /1‬‬
‫ومطالب أويل النهى (‪.)418 /1‬‬
‫(‪ )2‬القواعد والفوائد األصولية البن اللحام‪ ،‬القاعدة رقم ‪( 63‬ص‪.)354 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)279 /1‬والفروع (‪ ،)320 /2‬واإلنصاف (‪ ،)139 /2‬واإلقناع (‪ ،)140 /1‬وشرح املنتهى (‪/1‬‬
‫‪.)226‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)335 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)509 - 508 /1‬واإلنصاف (‪ ،)27 /2‬ومعونة أويل النهى (‪/2‬‬
‫‪ ،)98‬وشرح املنتهى (‪ ،)184 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)318 /1‬وكشاف القناع (‪ ،)330 /1‬ومطالب أويل النهى‬
‫(‪.)418 /1‬‬
‫‪- 122 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وعلى القول الثاين‪ :‬إن فعل ذلك عمدا؛ مل تنعقد صــالته فرضــا وال نفال‪ ،‬وســهوا‬
‫أو جهال؛ صــحت صــالته نفال‪ ،‬ومل يعتد ببقية الركعة اليت دخل فيها مع اإلمام‪ ،‬بل هو‬
‫كالزيادة سهوا‪ ،‬ويتم صالته منفردا‪ ،‬ويسجد للسهو‪.‬‬
‫وعلى القول الذي مت ترجيحه‪ :‬إن فعل ذلك عمدا؛ مل تنعقد صـ ـ ـ ــالته فرضـ ـ ـ ــا وال‬
‫نفال‪ ،‬وســهوا أو جهال؛ تبطل صــالته حال علمه أثناء انعقاد اجلماعة‪ ،‬ويلزمه اســتئنافها‬
‫مع اإلمام‪ ،‬وأما إن مل يعلم إال بعد انقضاء صالة اجلماعة صحت صالته نفال‪.‬‬

‫‪- 123 -‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬ائتمام الحنبلي بمن صلى قبل اإلمام الراتب إذا كان‬
‫يصحح ذلك‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املذهب عند احلنابلة أنه حيرم أن يؤم رجل يف مسـ ـ ــجد له إمام راتب إال بإذنه‪ ،‬أو‬
‫لعذر كضــيق الوقت(‪ ،)1‬ونص بعضــهم على عدم صــحة الصــالة إن مل يأذن هلم اإلمام‪،‬‬
‫أو يكن هلم عذر يف الصالة قبله(‪.)2‬‬
‫وعند الش ــافعية يس ــتحب انتظار اإلمام الراتب‪ ،‬وتكره إقامة الص ــالة قبله من غري‬
‫إذنه‪ ،‬فإن خشـ ـ ــي فوات أول الوقت مل ينتظر(‪ ،)3‬وعليه فلو جاء شـ ـ ــافعي إىل املسـ ـ ــجد‬
‫فصلى قبل اإلمام الراتب بغري إذنه‪ ،‬فهل تصح صالة احلنبلي خلفه‪ ،‬أم أهنا ال تصحت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫تصــح صــالة احلنبلي خلف شــافعي صــلى قبل اإلمام الراتب بغري إذنه‪ ،‬وهذا قول‬
‫منص ـ ـ ـ ـ ــور‪ ،‬قال ¬ "(وإن كان) املرتوك ركنا أو ش ـ ـ ـ ـ ــرطا أو واجبا (عند املأموم وحده)‬
‫كــاحلنبلي اقتــدى مبن مس ذكره‪ ،‬أو ترك س ـ ـ ـ ـ ـ ــرت أحــد العــاتقني أو الطمــأنينــة يف الركوع‬
‫وحنوه‪ ،‬أو تكبرية االنتقال وحنوه‪ ،‬متأوال أو مقلدا من ال يرى ذلك مفس ـ ـ ـ ــدا (فال) إعادة‬
‫على اإلمام‪ ،‬وال على املأموم؛ ألن اإلمام تصح صالته لنفسه فجازت خلفه‪ ،‬كما لو مل‬
‫يرتك شيئا‪ ،‬ومثله لو صلى شافعي قبل اإلمام الراتب فتصح صالة احلنبلي خلفه"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)5 /2‬والفروع (‪ ،)425 /2‬واإلنصاف (‪ ،)216 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)283 /1‬واإلقناع‬
‫(‪ ،)159 /1‬ونيل املارب (‪ ،)171 /1‬والروض الندي (ص‪ ،)98 :‬وكشف املخدرات (‪ ،)163 /1‬وبداية العابد‬
‫(ص‪ ،)40 :‬ومطالب أويل النهى (‪.)613 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)425 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)283 /1‬ونيل املارب (‪ ،)171 /1‬وكشف املخدرات (‪،)163 /1‬‬
‫وبداية العابد (ص‪ ،)40 :‬ومطالب أويل النهى (‪.)613 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املهذب للشريازي (‪ ،)178 /1‬وفتح العزيز بشرح الوجيز (‪ ،)338 /4‬واجملموع شرح املهذب (‪،)207 /4‬‬
‫وحتفة احملتا (‪ ،)253 /2‬ومغين احملتا (‪ ،)489 /1‬وهناية احملتا (‪.)141 /2‬‬
‫(‪ )4‬كشاف القناع (‪.)478 /1‬‬
‫‪- 124 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول الصـ ـ ـواحلي(‪ ،)1‬وابن العماد(‪ )2‬يف ش ـ ــرحه على الغاية(‪،)3‬كما‬
‫نقل هذا القول صاحب نيل املآرب عن منصور ومل يعرتض عليه(‪ ،)4‬وقال به اللبدي يف‬
‫حاشيته على نيل املآرب(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال تص ــح ص ــالة احلنبلي خلف ش ــافعي ص ــلى قبل اإلمام الراتب‪ ،‬وهذا هو تعقب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬وقد قال ص ــاحب املنتهى يف ش ــرحه عند قوله‪( :‬وإن ترك إمام ركنا‬
‫أو شرطا) ما نصه‪ :‬من شروط الصالة(‪ ...)6‬انتهى‪ .‬ومنه يعلم أيضا‪ :‬ما ذكرناه من أن‬
‫ش ـ ــروط اإلمامة البد من كماهلا يف اإلمام‪ .‬وإذا ص ـ ــلى ش ـ ــافعي مثال قبل اإلمام الراتب؛‬
‫فالظاهر‪ :‬أنه ال جيوز للحنبلي االقتداء به؛ ألن ذلك من ش ــروط اإلمامة‪ ،‬ال من ش ــروط‬
‫الصالة‪ ،‬كما تقدم يف الفاسق‪ ،‬خالفا ملا ذكره منصور البهويت"(‪.)7‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول صاحب الغاية(‪ ،)8‬وشارحها(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬نقله عنه ابن عوض يف حاشيته على الدليل املسماة فتح وهاب املآرب (‪ ،)368 /1‬والصواحلي هو‪ :‬إبراهيم بن أيب‬
‫بكر بن إمساعيل الذنايب العويف الصاحلي‪ ،‬أخذ الفقه عن منصور البهويت‪ ،‬له شرح على منتهى اإلرادات‪ ،‬تويف ¬‬
‫سنة أربع وتسعني وألف‪ .‬النعت األكمل (ص‪ ،)252 :‬والسحب الوابلة (‪.)17 /1‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬العالمة الفقيه األديب أبو الفالح عبد احلي بن أمحد ابن العماد‪ ،‬ولد سنة اثنتني وثالثني وألف‪ ،‬أخذ العلم‬
‫عن مجلة منهم‪ :‬الشيخ حممد البلباين صاحب أخصر املختصرات‪ ،‬اشتغل بالتدريس وتتلمذ عليه مجلة من الطالب‬
‫منهم الشيخ عثمان النجدي‪ ،‬له شرح على غاية املنتهى‪ ،‬وله شذرات الذهب يف أخبار من ذهب‪ ،‬تويف ¬ سنة‬
‫تسع ومثانني وألف‪ .‬النعت األكمل (ص‪ ،)240 :‬والسحب الوابلة (‪ ،)460 /2‬واملدخل البن بدران (ص‪.)443 :‬‬
‫(‪ )3‬نقله عنه الشطي يف حاشيته على مطالب أويل النهى (‪ ،)662 /1‬واللبدي يف حاشيته على نيل املآرب (‪.)84 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬نيل املارب بشرح دليل الطالب (‪.)178 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)85 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)375 /2‬ومل أجد يف الكتاب املطبوع بتحقيق ابن دهيش ما ذكره الشيخ عثمان‪ ،‬ومل‬
‫أجده أيضا يف خمطوطة اجلامع الكبري يف عنيزة‪ ،‬وموضع النص من املخطوط يف اللوح رقم‪ /198 :‬أ‪.‬‬
‫(‪ )7‬حاشية املنتهى (‪.)303 / 1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)221 – 220 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)662 - 661 /1‬‬
‫‪- 125 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن العربة بعقيدة اإلمام‪ ،‬فلما ص ــحت صـ ــالة اإلمام لنفسـ ــه ص ــحت ص ــالة من‬
‫خلفه‪ ،‬كمن صلى خلف من ال يتوضأ من حلم اجلزور(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن النهي عن ابتداء صــالة اجلماعة يف مســجد له إمام راتب من غري إذن اإلمام‬
‫داخل يف شــروط اإلمامة‪ ،‬ال شــروط الصــالة‪ ،‬وشــروط اإلمامة يشــرتط توفرها يف اإلمام‪،‬‬
‫فالنهي عن الصالة قبل اإلمام الراتب كالنهي عن الصالة خلف الفاسق ودائم احلدث‪،‬‬
‫وليس كالصالة خلف من خيالف يف ركن أو شرط غري جممع عليه(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن الراجح هو ما ذهب إليه عثمان ¬؛ وذلك ألن علة املنع من‬
‫الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة قبل اإلمام الراتب هي‪ :‬أن يف ذلك افتياتا عليه‪ ،‬وتفويتا حلقه‪ ،‬وفيه إحداث‬
‫للنزاع وتنفري عن اإلمام(‪ ،)3‬فالص ـ ـ ـ ــالة مع من ص ـ ـ ـ ــلى قبله فيه نفس العلة‪ ،‬إذ هو تكثري‬
‫لسواد من افتات على اإلمام الراتب‪ ،‬وليس هو كأركان الصالة وشروطها اليت ال مفسدة‬
‫يف املخالفة فيها‪ ،‬فاألول علة النهي عنه تقع حال االئتمام مبن فعله معتقدا حله‪ ،‬والثاين‬
‫ليس فيه مفسدة ظاهرة‪ ،‬وإمنا هو ترجيح فقهي مبين على اجتهاد‪ ،‬فتصح الصالة خلف‬
‫من فعلــه معتقــدا حلــه‪ ،‬فــإن قيــل‪ :‬األول أيض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا هو ترجيح فقهي مبين على اجتهــاد‪،‬‬
‫فاجلواب‪ :‬أن الفرق هو وقوع املفس ـ ـ ــدة اليت ألجلها حرمت الص ـ ـ ــالة قبل اإلمام الراتب‪،‬‬
‫سواء كان اإلمام يرى صحة صالته أو ال يرى ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)478 /1‬وفتح وهاب املآرب (‪.)368 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)303 / 1‬وغاية املنتهى (‪ ،)221 – 220 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)662 - 661 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪ ،)454 /1‬واملبدع (‪ ،)52 /2‬وكشاف القناع (‪ ،)457 /1‬وفتح وهاب املآرب (‪/1‬‬
‫‪ ،)349‬ومطالب أويل النهى (‪ ،)613 /1‬وشرح كتاب آداب املشي إىل الصالة (ص‪ ،)118 :‬وحاشية الروض‬
‫املربع (‪ ،)268 /2‬والشرح املمتع على زاد املستقنع (‪.)153 /4‬‬
‫‪- 126 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو جاء ش ـ ـ ـ ــافعي إىل املس ـ ـ ـ ــجد فص ـ ـ ـ ــلى قبل اإلمام الراتب بغري إذنه‪ ،‬فعلى القول‬
‫األول تصح صالة احلنبلي خلفه‪ ،‬وعلى القول الثاين ال تصح صالة احلنبلي خلفه‪.‬‬

‫‪- 127 -‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬إمامة من يبدل ضاد (المغضوب) و(الضالين)‬
‫بظاء من غير عجز‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫القول املش ـ ـ ــهور عند متأخري احلنابلة أنه تصـ ـ ـ ـح الص ـ ـ ــالة خلف من يبدل ض ـ ـ ــاد‬
‫(املغضوب) و(الضالني) بظاء‪ ،‬وذلك حال عجزه عن إصالح حلنه(‪ ،)1‬ولكن هل جتوز‬
‫الصالة خلفه إن كان غري عاجز عن إصالح حلنهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫تصــح إمامة من يبدل ضــاد (املغضــوب) و(الضــالني) بظاء مطلقا‪ ،‬سـواء كان هذا‬
‫اإلبدال عن عجز أو عن غري عجز‪ ،‬وهذا قول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وإن قدر على‬
‫إص ـ ـ ـ ـ ـ ــالح ذلك) أي ما تقدم من إدغام حرف يف آخر ال يدغم فيه‪ ،‬أو إبدال حرف‬
‫حبرف غري ضــاد املغضــوب والضــالني بظاء‪ ،‬أو إصــالح اللحن احمليل للمعىن (مل تصــح)‬
‫صالته ما مل يصلحه؛ ألنه أخرجه عن كونه قرآنا"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال تصح إمامة من يبدل ضاد (املغضوب) و(الضالني) بظاء إن كان هذا اإلبدال‬
‫عن غري عجز‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬إال ض ــاد املغض ــوب‪...‬إخل)‬
‫حمص ـ ــل هذا الكالم‪ :‬أن األمي ال تص ـ ــح إمامته إال مبثله حيث كان ذلك عجزا‪ ،‬إال من‬
‫يبدل الض ـ ـ ـ ـ ـ ــاد يف املوض ـ ـ ـ ـ ـ ــعني بظاء عجزا‪ ،‬فإهنا تص ـ ـ ـ ـ ـ ــح إمامته‪ ،‬ولو بغري مثله‪ ،‬خالفا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)289 /2‬والتنقيح املشبع (ص‪ ،)109 :‬واإلقناع (‪ ،)169 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪،)305 /1‬‬
‫وغاية املنتهى (‪ ،)221/1‬ونيل املآرب (‪ ،)179 /1‬وكشف املخدرات (‪ ،)171 /1‬والروض الندي (ص‪،)103 :‬‬
‫ومطالب أويل النهى (‪ ،)673 /1‬وحاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)85 /1‬‬
‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)482 /1‬‬
‫‪- 128 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫للمغين(‪ )1‬وابن نص ــر اهلل‪ ،‬س ـ ـواء عرف الفرق أم ال‪ ،‬كما يفهم من حاش ــية املنتهى‪ .‬ويف‬
‫كالمه يف شرح اإلقناع نظر‪ .‬واهلل أعلم"(‪.)2‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول اإلقناع(‪ ،)3‬ونص عليه منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور يف حاش ـ ـ ـ ـ ـ ــيته على‬
‫املنتهى(‪ ،)4‬ونص عليه اللبدي(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن من يبدل ضاد (املغضوب) و(الضالني) بظاء ال يصري أميا هبذا اإلبدال‪ ،‬وألن‬
‫الض ـ ـ ــاد والظاء من أطراف اللس ـ ـ ــان‪ ،‬وبني األس ـ ـ ــنان‪ ،‬وخمر ص ـ ـ ــوهتما واحد‪ ،‬فيتس ـ ـ ــامح‬
‫فيهما(‪.)6‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن هذه املس ـ ـ ــاحمة خمتص ـ ـ ــة بغري التعمد‪ ،‬فإن تعمد ذلك مل تص ـ ـ ــح ص ـ ـ ــالته؛ ألنه‬
‫مسـ ــتهزئ ومتعد‪ ،‬وألنه ترك ركناً مع القدرة على اإلتيان به‪ ،‬فلم تصـ ــح صـ ــالته‪ ،‬كما لو‬
‫ترك الركوع والسجود عمداً‪ ،‬ومن مل تصح صالته مل تصح إمامته(‪.)7‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح هو ما ذهب إليه عثمان ¬‪ ،‬وذلك ألن املساحمة يف اإلبدال لعجز‬
‫ال يعين املساحمة فيها عمدا‪ ،‬إذ القول باملساحمة فيها عمدا يقتضي التسوية بني احلرفني‪،‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)146 /2‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)306 – 305 / 1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)169 /1‬وحاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)85 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (ص‪.)283 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)85 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)482 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)478 /1‬‬
‫‪- 129 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫أو يقتضــي أن التفريق بينهما وإظهار كل منهما من خمرجه أمر مســتحب ال واجب‪ ،‬وال‬
‫قائل هبذا من احلنابلة‪ ،‬بل قد وقع اخلالف يف حكم الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة خلف من يبدل ض ـ ـ ـ ـ ـ ــاد‬
‫(املغضوب) و(الضالني) بظاء عجزا يف املذهب(‪ ،)1‬مث استقر قول املتأخرين على صحة‬
‫الصـ ـ ـ ــالة خلفه(‪ ،)2‬فوقوع اخلالف يف أصـ ـ ـ ــل املسـ ـ ـ ــألة فيه داللة على أن املسـ ـ ـ ــاحمة فيها‬
‫حمدودة حبد‪ ،‬ال أهنا تصل إىل التسوية بني احلرفني‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو أن رجال أم الناس يف ص ـ ــالة جهرية‪ ،‬فأبدل ض ـ ــاد (املغض ـ ــوب) أو (الض ـ ــالني)‬
‫بظاء عمدا مع قدرته على إظهارمها على صفتهما الصحيحة‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬تصح‬
‫صالته وصالة من خلفه‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬تبطل صالته وصالة من خلفه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)146 /2‬والفروع (‪ ،)289 /2‬واإلنصاف (‪.)271 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)289 /2‬والتنقيح املشبع (ص‪ ،)109 :‬واإلقناع (‪ ،)169 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪،)305 /1‬‬
‫وغاية املنتهى (‪ ،)221/1‬ونيل املآرب بشرح دليل الطالب (‪ ،)179 /1‬وكشف املخدرات (‪ ،)171 /1‬والروض‬
‫الندي شرح كايف املبتدي (ص‪ ،)103 :‬ومطالب أويل النهى (‪ ،)673 /1‬وحاشية اللبدي على نيل املآرب (‪/1‬‬
‫‪.)85‬‬
‫‪- 130 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثاني عشر‪ :‬صالة اإلمام إذا أحرم أمامه أو خلفه أو عن‬
‫يساره فذ ثم تقدم عليه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫نص احلنابلة على بطالن ص ــالة املأموم إن تقدم على إمامه(‪ ،)1‬فما حكم ص ــالة‬
‫اإلمام إن بطلت ص ــالة املأموم‪ ،‬وكان املأموم مل يقف مع اإلمام موقفا ص ــحيحا‪ ،‬وذلك‬
‫بأن حيرم وهو متقدم على إمامه‪ ،‬أو أن يكون فذا ويص ــلي عن يس ــار اإلمام أو خلفه مث‬
‫يتقدم عليه‪ ،‬وهل نص احلنابلة على عدم صـ ـ ــحة صـ ـ ــالة املأموم دون تعرضـ ـ ــهم لصـ ـ ــالة‬
‫اإلمام يدل على صحة صالة اإلمامت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫تص ـ ـ ــح ص ـ ـ ــالة اإلمام إن بطلت ص ـ ـ ــالة املأموم لعدم وقوفه معه موقفا ص ـ ـ ــحيحا‪،‬‬
‫وذلك بأن حيرم وهو متقدم عليه‪ ،‬أو أن يكون فذا ويصلي عن يساره أو خلفه مث يتقدم‬
‫عليه‪ ،‬وينبغي نسبة هذا القول للمنتهى؛ ألنه نص على بطالن صالة املأموم دون تعرضه‬
‫لصالة اإلمام‪ ،‬وهذا قول منصور البهويت‪ ،‬قال ¬ "(وإن كان املأموم واحدا وقف عن‬
‫ميينه‪ ،‬فإن بان عدم ص ــحة مص ــافته‪ :‬مل تصـ ــح)؛ ألنه فذ‪ .‬قال يف الفروع(‪ )2‬واملبدع(‪:)3‬‬
‫واملراد ملن مل حيض ـ ـ ــر معه أحد‪ ،‬فيجيء الوجه‪ :‬تص ـ ـ ــح منفردا‪ ،‬أو كص ـ ـ ــالهتم قدامه‪ ،‬يف‬
‫صحة صالته وجهان‪ .‬انتهيا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ظاهر املنتهى ص ـ ـ ـ ـ ــحة ص ـ ـ ـ ـ ــالة اإلمام يف الثانية‪ ،‬قال‪ :‬فإن تقدمه مأموم مل‬
‫تصح له(‪ .)4‬قال يف الفروع(‪ :)5‬ونقل أبو طالب يف رجل أم رجال قام عن يساره‪ :‬يعيد‪،‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية على مذهب اإلمام أمحد (ص‪ ،)100 :‬والكايف (‪ ،)300 /1‬واحملرر (‪ ،)110 /1‬والفروع (‪،)37 /3‬‬
‫واإلنصاف (‪ ،)280 /2‬واإلقناع (‪ ،)170 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)308 /1‬مطالب أويل النهى (‪.)682 /1‬‬
‫(‪ )2‬الفروع (‪.)38 /3‬‬
‫(‪ )3‬املبدع (‪.)91 /2‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)308 /1‬‬
‫(‪ )5‬الفروع (‪.)38 /3‬‬
‫‪- 131 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وإمنا ص ـ ــلى اإلمام وحده‪ .‬فظاهره‪ :‬تص ـ ــح منفردا دون املأموم‪ ،‬وإمنا يس ـ ــتقيم على إلغائه‬
‫اإلمامة‪ .‬ذكره صاحب احملرر"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول املرداوي يف اإلنصــاف(‪ ،)2‬والفتوحي يف شــرحه(‪ ،)3‬وصــاحب‬
‫مطالب أويل النهى(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال تص ــح ص ــالة اإلمام إن بطلت ص ــالة املأموم لعدم وقوفه معه موقفا ص ــحيحا‪،‬‬
‫وذلك بأن حيرم وهو متقدم عليه‪ ،‬أو أن يكون فذا ويصلي عن يساره أو خلفه مث يتقدم‬
‫عليه‪ ،‬وأما نص املنتهى على بطالن ص ـ ــالة املأموم دون تعرض ـ ــه لص ـ ــالة اإلمام فال يدل‬
‫على صــحة صــالة اإلمام‪ ،‬وســبب عدم ذكره حلكم صــالة اإلمام؛ ألن فيها تفصــيال(‪،)5‬‬
‫وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬وأما ص ــالة اإلمام ففيها تفص ــيل‪ ،‬فلذلك س ــكت‬
‫عنه‪ ،‬واقتصـ ــر على عدم صـ ــحة صـ ــالة املأموم؛ ألن بطالهنا ال تفصـ ــيل فيه‪ .‬فأما اإلمام‬
‫فال خيلو‪ :‬إما أن يكون معه غري املأموم املتقدم كما لو كان عن ميني اإلمام واحد فأكثر‪،‬‬
‫أو كان خلفه اثنان فأكثر‪ ،‬فص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة اإلمام مع من مل يتقدم عليه ص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيحة‪ .‬وإما أال‬
‫يكون معه غري املتقدم؛ ففي ذلك ثالث صور‪:‬‬
‫إحــداهــا‪ :‬أن يكون املتقــدم مل تنعقــد ص ـ ـ ـ ـ ـ ــالتــه‪ ،‬لكونــه أحرم متقــدمــا‪ .‬ففي هــذه‬
‫الصورة تبطل صالة اإلمام‪ ،‬كما تقرر فيمن أحرم ظانا حضور مأموم‪ ،‬ومل حيضر‪.‬‬
‫الثـانيـة‪ :‬أن يكون املتقـدم كـان أحرم عن ميني اإلمـام مث تقـدم‪ .‬ففي هـذه ال تبطـل‬
‫صالة اإلمام‪ ،‬كما تقرر أيضا يف قوهلم‪ :‬ال إن دخل مث انصرف‪.‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)486 /1‬‬


‫(‪ )2‬اإلنصاف (‪ ،)280 /2‬قال ¬‪" :‬ظاهر قوله " فإن وقفوا قدامه مل تصح " أن عدم الصحة متعلق باملأموم فقك‬
‫فال تبطل صالة اإلمام‪ ،‬وهو صحيح‪ ،‬وهو املذهب قدمه يف الرعايتني‪ ،‬وقيل‪ :‬تبطل أيضا"‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)389 – 388 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)682 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)308 / 1‬‬
‫‪- 132 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬أن يكون املتقدم كان أحرم خلفه أو عن يس ـ ــاره‪ ،‬مث تقدم‪ .‬فالظاهر‪ :‬عدم‬
‫صــحة صــالة اإلمام أيضــا؛ ألن هذا املتقدم مل حيرم يف موقف يصــح اقتداؤه باإلمام فيه‪،‬‬
‫فكأنه مل يدخل معه‪ ،‬كما يقتض ـ ـ ـ ـ ـ ــيه كالم اإلقناع وغريه(‪ ،)1‬خالفا ملا فهمه منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‬
‫البهويت‪ .‬وهلــذا ذكر يف اإلقنــاع‪ :‬لو أم أمي قــارئــا وأميــا وقفــا خلفــه‪ ،‬أو القــارئ عن ميينــه‬
‫واألمي عن يساره‪ ،‬مل تصح صالهتم‪ .‬انتهى"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول املرداوي يف تصحيح الفروع(‪.)3‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن ص ـ ـ ـ ــالة اإلمام ليس ـ ـ ـ ــت متض ـ ـ ـ ــمنة لص ـ ـ ـ ــالة املأموم وال متعلقة هبا‪ ،‬فلم تبطل‬
‫لبطالهنا‪ ،‬وقياسا على ما لو نوى اإلمامة من عادته حضور مجاعة عنده(‪.)4‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن املتقدم على اإلمام مل حيرم يف موقف يص ـ ـ ـ ـ ـ ــح اقتداؤه باإلمام فيه‪ ،‬فكأنه مل‬
‫يدخل معه‪ ،‬وعليه فال تصح صالة اإلمام‪ ،‬كمن أحرم ظانا حضور مأموم ومل حيضر(‪.)5‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح أن يقال إن اإلمام ال خيلو من أحوال ثالثة‪:‬‬

‫(‪ )1‬قال يف اإلقناع‪" :‬فإن وقفوا قدامه ولو بإحرام مل تصح صالهتم"‪ ،‬وقال "فإن بان عدم صحة مصافته مل تصح" اإلقناع‬
‫(‪.)170 /1‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)309 / 1‬‬
‫(‪ )3‬تصحيح الفروع (‪ ،)38 /3‬قال ¬‪" :‬يعين إذا صلوا قدام اإلمام‪ ،‬وقلنا ال تصح صالهتم‪ ،‬فهل تصح صالة اإلمام‬
‫أم الت أطلق اخلالف‪ ،‬وأطلقه ابن متيم‪ ،‬وصاحب "احلاويني"‪ :‬أحدمها‪ :‬تصح صالته‪ ،‬قدمه يف الرعايتني‪ .‬والوجه‬
‫الثاين‪ :‬ال تصح‪ .‬قلت‪ :‬وهو الصواب‪ ،‬وهو ظاهر كالم كثري من األصحاب"‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬النكت والفوائد السنية على مشكل احملرر (‪ ،)113 /1‬واإلنصاف (‪ ،)280 /2‬ومعونة أويل النهى (‪/2‬‬
‫‪ ،)389 – 388‬ومطالب أويل النهى (‪.)682 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)309 / 1‬‬
‫‪- 133 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫احلالة األوىل‪ :‬أن يعلم ببطالن ص ـ ـ ـ ـ ــالة املأموم‪ ،‬ويس ـ ـ ـ ـ ــتمر بنية اإلمامة‪ ،‬ففي هذه‬
‫احلالة تبطل صالته‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن يعلم ببطالن ص ـ ـ ــالة املأموم‪ ،‬فيلغي نية اإلمامة‪ ،‬ففي هذه احلالة‬
‫تصح صالته منفردا‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬أال يعلم ببطالن ص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة املأموم‪ ،‬ففي هذه احلال يقال فيه ما قيل‬
‫فيمن نوى اإلمامة ظانا حض ـ ـ ــور مأموم‪ ،‬فتص ـ ـ ــح إمامته وص ـ ـ ــالته إن جاء مأموم ودخل‬
‫معه‪ ،‬وتبطل صالته إن صلى ركعة دون أن يدخل معه مأموم‪.‬‬
‫وقد أش ـ ــار إىل هذا التفص ـ ــيل ابن مفلح يف نكته على احملرر‪ ،‬قال ¬‪" :‬واألوىل‬
‫أن يقال إن نوى اإلمامة مبن يص ـ ـ ـ ــلي قدامه مع علمه‪ :‬مل تنعقد ص ـ ـ ـ ــالته‪ ،‬كما لو نوت‬
‫املرأة اإلمامة بالرجال؛ ألنه يشـ ـ ـ ـ ـ ــرتط أن ينوي اإلمامة مبن يصـ ـ ـ ـ ـ ــح اقتداؤه به‪ ،‬وإن نوى‬
‫اإلمامة ظنا واعتقادا أهنم يصـ ـ ــلون خلفه فصـ ـ ــلوا قدامه‪ :‬انعقدت صـ ـ ــالته؛ عمال بظاهر‬
‫احلال‪ ،‬كما لو نوى اإلمامة من عادته حضور مجاعة عنده"(‪.)1‬‬
‫لذا فلعل ما ذهب إليه منص ـ ـ ـ ـ ــور أوىل مما ذهب إليه عثمان‪ ،‬ويؤيد ذلك تفس ـ ـ ـ ـ ــري‬
‫املؤلف ملراده مبا نص عليه منصور ¬(‪.)2‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو أن إماما أم مأموما بطلت صالته لعدم وقوفه مع اإلمام موقفا صحيحا‪ ،‬وذلك‬
‫بأن حيرم وهو متقدم على إمامه‪ ،‬أو أن يكون فذا ويص ــلي عن يس ــار اإلمام أو خلفه مث‬
‫يتقدم عليه‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬تصـ ـ ــح صـ ـ ــالة اإلمام وإن بطلت صـ ـ ــالة املأموم‪ ،‬وعلى‬
‫القول الثاين‪ :‬تبطل ص ـ ـ ـ ــالة اإلمام ببطالن ص ـ ـ ـ ــالة املأموم‪ ،‬وعلى القول املرجح‪ :‬تص ـ ـ ـ ــح‬
‫ص ــالة اإلمام إن ألغى نية اإلمامة أو جهل بطالن صـ ــالة املأموم مث جاء من يأمت به قبل‬
‫أن يركع‪.‬‬

‫(‪ )1‬النكت والفوائد السنية على مشكل احملرر (‪.)113 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)389 – 388 /2‬‬
‫‪- 134 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثالث عشر‪ :‬صفة الريح التي يجوز بسببها جمع‬
‫العشاءين‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املش ـ ـ ـ ــهور من مذهب احلنابلة أن من األس ـ ـ ـ ــباب اليت جيوز معها مجع العش ـ ـ ـ ــاءين‬
‫"الريح"(‪ ،)1‬فما هي صفة هذه الريح اليت جيوز معها اجلمعت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫جيوز اجلمع بسـ ـ ــبب ريح شـ ـ ــديدة باردة‪ ،‬وجيوز اجلمع بسـ ـ ــبب ريح شـ ـ ــديدة بليلة‬
‫مظلمة وإن مل تكن باردة‪ ،‬وهذا قول منصــور البهويت‪ ،‬قال ¬ "(وريح شــديدة باردة)‬
‫ظــاهره‪ :‬وإن مل تكن الليلــة مظلمــة‪ ،‬ويعلم ممــا تقــدم كــذلــك لو كــانــت ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــديــدة بليلــة‬
‫مظلمة‪ ،‬وإن مل تكن باردة"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫جيوز اجلمع بسبب ريح شديدة باردة‪ ،‬وجيوز اجلمع بسبب ريح باردة بليلة مظلمة‬
‫وإن مل تكن شـ ـ ـ ــديدة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله (وريح‪ ..‬إخل) ظاهره‪:‬‬
‫وإن مل تكن الليلة مظلمة‪ .‬ويعلم مما تقدم كذلك لو كانت باردة بليلة مظلمة‪ ،‬وإن مل‬
‫تكن شديدة‪ .‬ويف كالم منصور البهويت هنا نظر"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)29 /24‬والفروع (‪ ،)107 /3‬واإلنصاف (‪ ،)338 /2‬واإلقناع (‪ ،)184 /1‬ومنتهى‬
‫اإلرادات (‪.)335 / 1‬‬
‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)299 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)335 / 1‬‬
‫‪- 135 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫تحرير محل التعقب‪:‬‬


‫يتبني مما س ـ ـ ــبق أن عثمان ¬ وافق منص ـ ـ ــورا ¬ يف جواز اجلمع حال وجود‬
‫الريح الش ـ ـ ــديدة الباردة ‪ -‬والريح اليت هذه ص ـ ـ ــفتها قد نص كثري من احلنابلة على جواز‬
‫اجلمع حال وجودها(‪ – )1‬وتعقبه يف حكم اجلمع حال وجود ريح ش ــديدة بليلة مظلمة‬
‫غري باردة‪.‬‬

‫من قال بالقول األول‪:‬‬


‫وافق منص ـ ـ ـ ــورا فيما ذهب إليه ص ـ ـ ـ ــاحب مطالب أويل النهى(‪ ،)2‬وابن قاس ـ ـ ـ ــم يف‬
‫حاشيته على الروض(‪.)3‬‬

‫من قال بالقول الثاني‪:‬‬


‫وافق عثمان فيما ذهب إليه ص ــاحب أخص ــر املختص ـ ـرات(‪ ،)4‬وكايف املبتدي(‪،)5‬‬
‫واللبدي يف حاشيته على نيل املآرب(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)29 /24‬والفروع (‪ ،)107 /3‬واإلنصاف (‪ ،)338 /2‬واإلقناع (‪ ،)184 /1‬ومنتهى‬
‫اإلرادات (‪ ،)335 / 1‬وغاية املنتهى (‪.)234 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)734 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪.)402 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬أخصر املختصرات (ص‪ ،)126 :‬ومؤلف أخصر املختصرات هو‪ :‬حممد بن بدرالدين بن بلبان البلباين البعلي‬
‫األصل مث الدمشقي الصاحلي كان يقرئ الفقه لطالب املذاهب األربعة‪ ،‬ألف كايف املبتدي وأخصر املختصرات‬
‫وخمتصر اإلفادات‪ ،‬تويف سنة ثالث ومثانني وألف‪ .‬النعت األكمل (ص‪ ،)231 :‬والسحب الوابلة (‪،)902 /2‬‬
‫واملدخل البن بدران (ص‪.)444 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الروض الندي شرح كايف املبتدي (ص‪.)111 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)92 /1‬‬
‫‪- 136 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫اس ـ ـ ـ ــتدلوا بأن من األعذار املس ـ ـ ـ ــقطة للجماعة‪ :‬الريح الباردة يف الليلة املظلمة(‪،)1‬‬
‫ومن جاز له ترك اجلماعة جاز له اجلمع(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫أما قول منص ـ ـ ــور ¬‪" :‬ويعلم مما تقدم كذلك لو كانت ش ـ ـ ــديدة بليلة مظلمة‪،‬‬
‫وإن مل تكن باردة"(‪ )3‬فالذي يظهر أنه غري وجيه؛ وذلك أن ما تقدم يف األعذار املوجبة‬
‫لرتك اجلماعة إمنا ذكر فيها الريح الباردة(‪ ،)4‬فاستدالله هنا حمل نظر‪.‬‬
‫وأما اجلمع حال وجود ريح باردة يف ليلة مظلمة فالذي يظهر جواز اجلمع حينئذ؛‬
‫لقوة الدليل الذي ذكره أصحاب هذا القول‪.‬‬
‫وأما اجلمع حال وجود ريح ش ـ ـ ـ ـ ـ ــديدة غري باردة يف ليلة مظلمة‪ ،‬فالذي يظهر أن‬
‫هذه املس ـ ــألة متعلقة باملش ـ ــقة‪ ،‬فإن وجدت مش ـ ــقة قريبة من مش ـ ــقة األعذار املنص ـ ــوص‬
‫عليها جاز اجلمع‪ ،‬وإن مل توجد املشــقة فال مجع‪ ،‬وقد أشــار القاضــي أبو يعلى إىل معىن‬
‫قريــب من هــذا‪ ،‬قــال ¬‪" :‬قــال أص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحــابنــا‪ :‬هو عــذر – أي الوحــل ‪ -‬يبيح اجلمع‬
‫مبجرده‪ ،‬ويلحق به املش ـ ـ ــقة كاملطر"(‪ ،)5‬وقال‪" :‬فإذا جاز ترك اجلماعة ألجل الربد‪ ،‬كان‬
‫فيه تنبيها على الوحل؛ ألنه ليس مش ـ ـ ـ ـ ــقة الربد بأعظم من الوحل"(‪ ،)6‬وقال ص ـ ـ ـ ـ ــاحب‬
‫الفروع ¬‪" :‬كالمهم ال خيالف ما إذا ظهر أن مش ـ ــقة بعض س ـ ــببني فأكثر من ذلك‬
‫كمشـ ـ ـ ــقة سـ ـ ـ ــبب منها‪ ،‬أنه جيوز اجلمع لعدم الفرق"(‪ ،)7‬ونقل ابن مشـ ـ ـ ــيش عن اإلمام‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)175 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)320 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)704 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)183 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)335 /1‬وغاية املنتهى (‪ ،)234 /1‬وحاشية املنتهى (‪،)335 / 1‬‬
‫وحاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)92 /1‬‬
‫(‪ )3‬شرح املنتهى (‪.)299 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)175 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)320 /1‬ومطالب أويل النهى (‪.)704 /1‬‬
‫(‪ )5‬نقله عنه يف املبدع (‪.)127 /2‬‬
‫(‪ )6‬نقله عنه يف الفروع (‪.)106 /3‬‬
‫(‪ )7‬الفروع (‪.)107 /3‬‬
‫‪- 137 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫أمحد ¬ أنه قال‪" :‬جيمع يف حضــر لضــرورة‪ ،‬مثل‪ :‬مرض‪ ،‬أو شــغل"(‪ ،)1‬فقول اإلمام‬
‫¬ "مثل" يدل على أن مناط احلكم هو الضـ ـ ـ ـ ـ ــرورة‪ ،‬فيدخل يف جواز اجلمع كل أمر‬
‫وص ـ ــل حد الض ـ ــرورة‪ ،‬وقال الش ـ ــيخ ابن عثيمني ¬‪" :‬فأس ـ ــباب اجلمع هي‪ :‬الس ـ ــفر‪،‬‬
‫واملرض‪ ،‬واملطر‪ ،‬والوحل‪ ،‬والريح الشـ ــديدة الباردة‪ ،‬ولكن ال تنحصـ ــر يف هذه األسـ ــباب‬
‫اخلمسة‪ ،‬بل هذه اخلمسة اليت ذكرها املؤلف كالتمثيل لقاعدة عامة وهي‪ :‬املشقة‪ ،‬وهلذا‬
‫جيوز اجلمع للمستحاضة بني الظهرين‪ ،‬وبني العشاءين ملشقة الوضوء عليها لكل صالة‪،‬‬
‫وجيوز اجلمع أيض ـ ـ ـ ـاً ل ِإلنسـ ـ ـ ــان إذا كان يف سـ ـ ـ ــفر وكان املاء بعيداً عنه‪ ،‬ويشـ ـ ـ ــق عليه أن‬
‫يذهب إىل املاء ليتوض ــأ لكل ص ــالة‪ ،‬حىت وإن قلنا بعدم جواز اجلمع يف الس ــفر للنازل‪،‬‬
‫وذلك ملشقة الوضوء عليه لكل صالة"(‪.)2‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو جاءت ريح شديدة غري باردة‪ ،‬يف ليلة مظلمة‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬جيوز اجلمع‬
‫بس ـ ــبب هذه الريح‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال جيوز اجلمع بس ـ ــبب هذه الريح‪ ،‬وعلى القول‬
‫املرجح‪ :‬جيوز اجلمع إن كان مثة مش ـ ـ ـ ـ ـ ــقة تبلا مبلا األعذار اليت جيوز معها اجلمع‪ ،‬وإال‬
‫فال‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)108 /3‬ومعونة أويل النهى (‪.)438 /2‬‬


‫(‪ )2‬الشرح املمتع على زاد املستقنع (‪.)393 /4‬‬
‫‪- 138 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الرابع عشر‪ :‬حكم الجمعة من جماعة كلهم صم إال الخطيب‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر احلنابلة من شــروط صــحة اجلمعة‪ :‬حضــور أربعني‪ ،‬وذكروا من شــرط األربعني‬
‫أال يكونوا كلهم صـ ـ ـ ـ ــما(‪ ،)1‬فهل حتقق هذا الشـ ـ ـ ـ ــرط يف اخلطيب وحده كاف لصـ ـ ـ ـ ــحة‬
‫اجلمعة‪ ،‬فتص ـ ــح إن كان األربعون كلهم ص ـ ــما س ـ ــوى اخلطيب‪ ،‬أم البد أن يكون حتقق‬
‫هذا الشــرط يف واحد من املأمومني غري اخلطيب – حىت وإن كان اخلطيب به صــمم ‪،-‬‬
‫وعليه فال تصح اجلمعة إن كانوا كلهم صما سوى اخلطيبت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يش ـ ـ ـ ـرتط أن يكون من ليس به صـ ـ ـ ــمم واحدا من املأمومني سـ ـ ـ ــوى اخلطيب‪ ،‬فال‬
‫تصح اجلمعة من مجاعة كلهم صم سوى اخلطيب‪ ،‬وتصح من صم إن كان فيهم واحد‬
‫يســمع حىت وإن كان اخلطيب به صــمم‪ ،‬وهذا قول منصــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬و(ال)‬
‫تص ـ ــح (إن كان الكل كذلك) أي‪ :‬خرس ـ ــا أو ص ـ ــما‪ ،‬أما إذا كانوا خرس ـ ــا مع اخلطيب‪،‬‬
‫فلفوات اخلطبة صــورة ومعىن فيصــلون ظهرا‪ ،‬وإن كانوا كلهم صــما فلفوات املقصــود من‬
‫مساع اخلطبة‪ .‬وعلم من ذلك‪ :‬أهنم لو كانوا خرسا إال اخلطيب‪ ،‬أو كانوا صما إال واحدا‬
‫يسمع صحت مجعتهم"(‪.)2‬‬
‫وهذا قول صاحب املبدع(‪ ،)3‬وذكر الشطي أنه أحد قويل اإلقناع(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)390 /2‬واإلقناع (‪ ،)192 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)353 – 352 /1‬‬
‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪ ،)29 /2‬وينظر‪ :‬وحواشي اإلقناع للبهويت (‪ ،)762 /2‬وشرح املنتهى (‪.)313 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)161 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬جتريد الزوائد الغاية والشرح (‪ ،)766 – 765 /1‬قال احلجاوي ¬‪" :‬الثالث‪ :‬حضور أربعني فأكثر من‬
‫أهل القرية باإلمام ولو كان بعضهم خرسا أو صما ال إن كان الكل كذلك"‪ ،‬وقال‪" :‬وإن قرب األصم وبعد من‬
‫يسمع مل تصح" اإلقناع (‪.)192 /1‬‬
‫‪- 139 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال يشرتط أن يكون من ليس به صمم واحد من املأمومني سوى اخلطيب‪ ،‬فتصح‬
‫اجلمعة من مجاعة كلهم ص ـ ـ ـ ـ ـ ــم س ـ ـ ـ ـ ـ ــوى اخلطيب‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"قوله‪( :‬ال كلهم) أي‪ :‬ال إن كان األربعون كلهم خرسا أو صما؛ فال تصح اجلمعة‪ .‬أما‬
‫لو كان اخلطيب مسيعا عربيا‪ ،‬والباقون كلهم طرشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أو عجما ال يفهمون قوله؛ فإهنا‬
‫تص ـ ـ ـ ـ ــح‪ ،‬كما جزم به يف اإلقناع(‪ ،")1‬وقال أيض ـ ـ ـ ـ ــا‪(" :‬ال كلهم) علم منه‪ :‬أهنم لو كانوا‬
‫خرسـ ــا إال اخلطيب‪ ،‬أو كانوا صـ ــما إال واحدا يسـ ــمع؛ صـ ــحت مجعتهم‪ .‬قاله يف شـ ــرح‬
‫اإلقناع‪ ،‬وفيه تأمل"(‪.)2‬‬
‫وقد نس ـ ــب ص ـ ــاحب الفروع هذا القول للمجد(‪ ،)3‬وذكر الش ـ ــطي أنه أحد قويل‬
‫اإلقناع(‪ ،)4‬كما نص على هذا القول صاحب غاية املنتهى(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألنه إن كان املأمومون كلهم ص ـ ـ ــما ال يس ـ ـ ــمعون فإنه ال حيص ـ ـ ــل بذلك مقص ـ ـ ــود‬
‫اخلطبة(‪.)6‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)194 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)353 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)167 /3‬والنكت والفوائد السنية على مشكل احملرر (‪.)146 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬جتريد الزوائد الغاية والشرح (‪ ،)766 – 765 /1‬قال احلجاوي ¬‪" :‬وإن كانوا كلهم طرشا أو عجما‬
‫وهو مسيع عريب ال يفهمون قوله صحت" اإلقناع (‪.)194 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)242 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)29 /2‬وحواشي اإلقناع للبهويت (‪.)762 /2‬‬
‫‪- 140 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل األوجه يف تفسـ ـ ـ ـ ـ ــري قول اإلقناع "ال إن كان الكل كذلك"‪ ،‬وقول املنتهى "ال‬
‫كلهم" أن يقال‪ :‬هذا يش ـ ــمل اخلطيب واحلاضـ ـ ـرين‪ ،‬فوجود الوص ـ ــف يف اخلطيب وحده‬
‫كاف لتحقق هذا الشــرط‪ ،‬وهبذا فســره مرعي ¬ فقال‪" :‬الثالث‪ :‬حضــوره‪ ،‬ولو كانوا‬
‫كلهم عجما‪ ،‬أو خرس ــا أو ص ــما س ــوى اإلمام"(‪ ،)1‬وفس ــره بذلك أيض ــا البهويت نفس ــه‬
‫¬ فقال‪ " :‬قوله‪( :‬وإن كانوا كلهم طرشــا) أي‪ :‬صــحت‪ ،‬حيث كان اخلطيب مسيعا‪،‬‬
‫ولعله ال ينايف قوله قبل‪( :‬ال إن كان الكل كذلك) أي‪ :‬خرس ــا‪ ،‬أو ص ــما؛ خلرو اإلمام‬
‫منهم"(‪ ،)2‬فبني أن وجود هذه الص ـ ـ ـ ـ ــفة يف اخلطيب وحده كافية لتحقق هذا الش ـ ـ ـ ـ ــرط‪،‬‬
‫وقال أيض ــا‪ " :‬قوله‪( :‬ال كلهم) أي‪ :‬ال إن كانوا كلهم حىت اخلطيب خرس ــاء أو ص ــماء‬
‫فال تصح مجعتهم"(‪.)3‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو اجتمع أربعون رجال أو أكثر يف قرية لص ــالة اجلمعة‪ ،‬وكانوا كلهم ص ــما س ــوى‬
‫واحد منهم‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يلزم أن يكون اخلطيب واحدا من الص ـ ـ ـ ــم‪ ،‬وال تص ـ ـ ـ ــح‬
‫اجلمعة إن خطب هبم الرجل الذي ليس به صمم‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يصح أن خيطب‬
‫اجلمعة واحد ممن به صمم‪ ،‬ويصح أن خيطب هبم الرجل الذي ليس به صمم‪.‬‬

‫(‪ )1‬غاية املنتهى (‪.)242 /1‬‬


‫(‪ )2‬حواشي اإلقناع للبهويت (‪.)762 /2‬‬
‫(‪ )3‬إرشاد أويل النهى (‪.)318 /1‬‬
‫‪- 141 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الخامس عشر‪ :‬من ركع مع اإلمام الركعة األولى في صالة‬
‫الجمعة ثم زحم أو نام ونحوه ولم يزل عذره إال عند ركوع اإلمام في‬
‫الثانية‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫من ركع مع اإلمام ركوع الركعة األوىل يف اجلمعة مث ختلف ملرض أو نوم أو نسـ ــيان‬
‫أو زحــام وحنوه‪ ،‬ومل يزل عــذره حىت رفع اإلمــام من الركعــة الثــانيــة‪ ،‬فلم يتــابع اإلمــام بعــد‬
‫زوال عذره جهال منه‪ ،‬بل سجد سجديت الركعة األوىل‪ ،‬مث أدرك اإلمام يف التشهد‪ ،‬فهل‬
‫تعترب له هذه الركعة‪ ،‬فيكون أدرك اجلمعة‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫من ركع مع اإلمام ركوع الركعة األوىل يف اجلمعة مث ختلف ملرض أو نوم أو نسـ ــيان‬
‫أو زحــام وحنوه‪ ،‬ومل يزل عــذره حىت رفع اإلمــام من الركعــة الثــانيــة‪ ،‬فلم يتــابع اإلمــام بعــد‬
‫زوال عذره جهال منه‪ ،‬بل سجد سجديت الركعة األوىل‪ ،‬مث أدرك اإلمام يف التشهد‪ ،‬فإنه‬
‫ال تعترب لــه هــذه الركعــة‪ ،‬وعليــه فال يكون مــدركــا للجمعــة‪ ،‬وهــذا القول يفهم من كالم‬
‫الشيخ منصور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬ومن هذا يعلم أنه يكفي يف إدراك اجلمعة إدراك ما‬
‫تدرك به الركعة‪ ،‬إذا أتى بباقي الركعة قبل أن يس ـ ـ ـ ــلم اإلمام‪ ،‬فال تعترب ركعة بس ـ ـ ـ ــجدتيها‬
‫معه"(‪.)1‬‬
‫وقد ذكر هذا القول ابن قدامة رواية(‪ ،)2‬وذكره أبو اخلطاب(‪ ،)3‬وص ـ ــاحب املبدع‬
‫وجها(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع ط وزارة العدل (‪.)343 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪.)69 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اهلداية على مذهب اإلمام أمحد (ص‪.)111 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)158 /2‬‬
‫‪- 142 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫من ركع مع اإلمام ركوع الركعة األوىل مث ختلف ملرض أو نوم أو نسـ ـ ـ ـ ـ ــيان أو زحام‬
‫وحنوه‪ ،‬ومل يزل عذره حىت رفع اإلمام من الركعة الثانية‪ ،‬فلم يتابع اإلمام بعد زوال عذره‬
‫جهال منه‪ ،‬بل س ـ ـ ــجد س ـ ـ ــجديت الركعة األوىل‪ ،‬مث أدرك اإلمام يف التش ـ ـ ــهد‪ ،‬فإنه يكون‬
‫مدركا للجمعة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬ومن يف وقتها أحرم‪ ،‬وأدرك‬
‫مع اإلمام منها ركعة) قال املصــنف يف شــرحه‪ :‬بســجدتيها‪ .‬انتهى؛ أي‪ :‬ال بد من إدراك‬
‫املسبوق ركعة بسجدتيها حقيقة؛ بأن يركع ويسجد مع اإلمام‪ ،‬أو حكما؛ كمن ركع مع‬
‫اإلمــام يف األوىل‪ ،‬مث زحم أو نــام وحنوه‪ ،‬ومل ةيزل عــذره إال عنــد ركوع اإلمــام يف الثــانيــة‪،‬‬
‫فالواجب عليه يف هذه الص ـ ـ ـ ـ ـ ــورة متابعة اإلمام‪ ،‬وتص ـ ـ ـ ـ ـ ــري الثانية أواله‪ ،‬فلو ترك املتابعة‬
‫جهال‪ ،‬وسـ ـ ـ ــجد وحده؛ متت أواله‪ ،‬وأدرك اجلمعة؛ ألن هذا السـ ـ ـ ــجود املعتد به للعذر‪،‬‬
‫مبنزلة ما لو أتى به مع اإلمام‪ .‬أما لو كان عاملا بوجوب املتابعة‪ ،‬فس ـ ــجد وحده؛ فإهنا ال‬
‫تصـ ـ ــح مجعته‪ ،‬مع كونه أدرك مع اإلمام الركوع‪ ،‬كما صـ ـ ــرح بذلك املصـ ـ ــنف وصـ ـ ــاحب‬
‫اإلقناع‪ ،‬ففي قول منصور البهويت‪ :‬فال تعترب ركعة بسجدتيها معه‪ ،‬نظر واضح"(‪.)1‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول ص ــاحب اإلرش ــاد(‪ ،)2‬واملس ــتوعب(‪ ،)3‬ونص عليه أبو‬
‫اخلطاب(‪ ،)4‬وابن قدامة(‪ ،)5‬واجملد(‪ ،)6‬وصاحب املمتع(‪ ،)7‬والفروع(‪ ،)8‬واإلنصاف(‪،)9‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)355 – 354 / 1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلرشاد إىل سبيل الرشاد (ص‪ ،)101 :‬وصاحب اإلرشاد هو‪ :‬حممد بن أمحد بن أيب موسى اهلامشي‪ ،‬مولده‬
‫يف ذي القعدة سنة مخس وأربعني وثالمثائة‪ ،‬مسع احلديث من مجاعة منهم حممد بن املظفر يف آخرين صنف اإلرشاد‬
‫يف املذهب وكانت حلقته امع املنصور‪ ،‬تويف سنة مثان وعشرين وأربعمائة‪ .‬طبقات احلنابلة (‪ ،)186 /2‬واملقصد‬
‫االرشد (‪ ،)342 /2‬واملدخل البن بدران (ص‪.)417 :‬‬
‫(‪ )3‬املستوعب (‪ ،)276 /1‬قال ¬‪" :‬ومن أدرك مع اإلمام ركعة بسجدتيها أمتها مجعة رواية واحدة"‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اهلداية على مذهب اإلمام أمحد (ص‪.)111 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪ ،)69 :‬والكايف (‪ ،)326 /1‬واملغين (‪.)231 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)154 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)544 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)193 /3‬وذكر أنه على األصح‪.‬‬
‫(‪ )9‬اإلنصاف (‪ ،)385 /2‬قال‪" :‬وهو املذهب وعليه أكثر األصحاب"‪.‬‬
‫‪- 143 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫واإلقناع(‪ ،)1‬واملنتهى(‪ ،)2‬والغاية(‪،)3‬كما نص على هذا القول منصـ ـ ـ ـ ـ ــور ¬ يف أكثر‬


‫من موضع(‪.)4‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن مــا أتى بــه من الس ـ ـ ـ ـ ـ ــجود مل يتــابع إمــامــه فيــه حقيقــة‪ ،‬وإمنــا أتى بــه على وجـه‬
‫التدارك‪ ،‬فلم يكن مدركا للجمعة(‪.)5‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن اجلمعــة تــدرك بركعــة‪ ،‬لقولــه ‘‪(( :‬من أدرك من الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة ركعــة فقــد أدرك‬
‫الص ـ ـ ــالة))(‪ ،)6‬ويؤيده ما روى النس ـ ـ ــائي عن ابن عمر قال‪ :‬قال النيب ‘‪(( :‬من أدرك‬
‫ركعة من اجلمعة أو غريها فقد متت ص ـ ـ ـ ـ ـ ــالته))(‪ ، )7‬وعن أيب هريرة ‪ :¢‬أن النيب ‘‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)193 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)355 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)243 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)314 /1‬وكشاف القناع (‪.)30 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪ ،)189 /2‬واملبدع (‪.)158 /2‬‬
‫(‪ )6‬رواه الرتمذي‪ :‬أبواب الوتر‪ ،‬باب ما جاء فيمن أدرك من اجلمعة ركعة‪ ،‬ح(‪ ،)524‬ورواه النسائي‪ :‬كتاب املواقيت‪،‬‬
‫باب من أدرك ركعة من الصالة‪ ،‬ح(‪ ،)553‬وح(‪ ،)555‬ورواه ابن ماجه‪ :‬كتاب اجلمعة‪ ،‬باب فيمن أدرك ركعة يوم‬
‫اجلمعة‪ ،‬ح(‪ ،)238‬ورواه اإلمام أمحد بن حنبل‪ :‬مسند أيب هريرة رضى اهلل تعاىل عنه‪ ،280/2 ،‬ح(‪ .)7752‬قال‬
‫الشيخ األلباين‪ :‬صحيح‪ ،‬وقال شعيب األرناؤوط‪ :‬إسناده صحيح على شرط الشيخني‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه النسائي‪ :‬كتاب املواقيت‪ ،‬باب من أدرك ركعة من الصالة‪ ،‬ح(‪ ،)557‬قال الشيخ األلباين‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪- 144 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫قال‪(( :‬من أدرك من ص ـ ــالة اجلمعة ركعة فقد أدرك)) رواه النس ـ ــائي أيض ـ ــا(‪ ،)2()1‬ومن‬
‫أدرك الركوع مع اإلمام مث زحم عن الس ـ ـ ـ ــجود وفاته متابعة اإلمام لعذر‪ ،‬مث تدارك ذلك‪،‬‬
‫فيصــدق عليه أنه أدرك ركعة مع اإلمام؛ ألنه أتى بالركوع مع اإلمام‪ ،‬وأتى بســجود معتد‬
‫به‪ ،‬وإذا اعتد له بذلك فقد أدرك مع اإلمام ركعة‪ ،‬واجلمعة تدرك بركعة(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫حتصل له ركعة تامة‪ ،‬ومن أدرك ركعة مع‬ ‫لعل الراجح هو القول الثاين؛ وذلك ألنه ّ‬
‫اإلمام فقد أدرك اجلمعة‪ ،‬كما جاء يف األحاديث املذكورة يف أدلة القول الثاين‪ ،‬ولتعاقب‬
‫أئمة املذهب على هذا القول‪.‬‬
‫وأما ما حصل له من اضطراب وترك متابعة فيعفى عنه للعذر واجلهل‪.‬‬
‫والذي يظهر أن نســبة القول املتعقب ملنصــور ¬ فيه ما فيه؛ وذلك ألن كالمه‬
‫يف ش ــرح املنتهى وش ــرح اإلقناع خيالف مدلول العبارة اليت تعقبها عثمان ¬‪ ،‬فقد قال‬
‫¬ يف شرح املنتهى‪(" :‬إال أن خياف) بسجود باألرض بعد زوال الزحام (فوت) الركعة‬
‫(الثانية) مع اإلمام‪ ،‬فإن خافه (ف) إنه (يتابعه) أي اإلمام (فيها) أي يف الركعة الثانية‪،‬‬
‫كاملسبوق (وتصري) ثانية اإلمام (أواله) أي املأموم يبين عليها (ويتمها مجعة)؛ ألنه أدرك‬
‫مع اإلمام منها ركعة‪ ،‬وتقدم‪ :‬لو زال عذره وقد رفع إمامه من ركوع الثانية تابع‪ .‬وتتم له‬
‫ركعة ملفقة يدرك هبا اجلمعة"(‪.)4‬‬
‫وقال يف الكش ــاف‪(" :‬وكذا لو ختلف) بالس ــجود (ملرض أو نوم أو نس ــيان وحنوه)‬
‫من األعذار‪( ،‬فإن غلب على ظنه فوات) الركعة (الثانية) لو سجد لنفسه مث حلق اإلمام‬

‫(‪ )1‬رواه النسائي‪ :‬كتاب اجلمعة‪ ،‬باب من أدرك ركعة من صالة اجلمعة‪ ،‬ح(‪ ،)1425‬قال الشيخ األلباين‪ :‬شاذ بذكر‬
‫اجلمعة واحملفو الصالة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)185 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)544 /1‬‬
‫(‪ )4‬شرح املنتهى (‪.)314 /1‬‬
‫‪- 145 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫(تابع إمامه يف ثانيته وصــارت أواله‪ ،‬وأمتها مجعة)؛ لقوله ‘‪(( :‬وإذا ركع فاركعوا))(‪،)1‬‬
‫وألنه مأموم خاف فوات الثانية فلزمه املتابعة كاملس ـ ـ ـ ـ ـ ــبوق‪( ،‬فإن مل يتابعه عاملا بتحرمي‬
‫ذلك بطلت ص ـ ـ ـ ـ ـ ــالته)؛ لرتكه متابعة إمامه عمدا‪ ،‬ومتابعته واجبة؛ لقوله ‘‪(( :‬فال‬
‫ختتلفوا عليه))(‪ ،)2‬وترك الواجب عمدا يبطلها وفاقا‪( .‬وإن جهله) أي حترمي عدم متابعة‬
‫إمامه (وســجد) لنفســه‪( ،‬مث أدرك اإلمام يف التشــهد‪ ،‬أتى بركعة أخرى بعد ســالمه) أي‬
‫إمامه‪( ،‬وصحت مجعته)؛ ألنه أدرك مع اإلمام منها ما تدرك به اجلمعة"(‪.)3‬‬
‫ويتبني مما سبق أن كالم الشيخ منصور موافق لكالم الشيخ عثمان‪.‬‬
‫وقد قمت مبراجعة ما وقع حتت يدي من طبعات وخمطوطات الكش ـ ـ ـ ـ ــاف للتأكد‬
‫من عبارة الشيخ منصور ¬‪ ،‬فوقفت على مثان طبعات‪ ،‬وثالث خمطوطات‪ ،‬فوجدت‬
‫منها سبع طبعات نص العبارة فيها‪" :‬فال تعترب ركعة بسجدهتا معه"‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬طبعة مطبعة أنصار السنة احملمدية ‪1366‬ه (‪.)26 /2‬‬
‫‪ .2‬طبعة مكتبة النصر احلديثة بتعليق هالل مصيلحي (‪.)31 /2‬‬
‫‪ .3‬طبعة مطبعة احلكومة مبكة املكرمة ‪1394‬ه (‪.)33 /2‬‬
‫‪ .4‬طبعة عامل الكتب ‪1403‬ه (‪.)31 /2‬‬
‫‪ .5‬طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق حممد حسن الشافعي (‪.)32 /2‬‬
‫‪ .6‬طبعة عامل الكتب بتحقيق حممد الضناوي ‪1417‬ه (‪.)510 /1‬‬
‫‪ .7‬طبعة دار عامل الكتب بتحقيق إبراهيم أمحد عبداحلميد ‪1423‬ه (‪.)638 /2‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ :‬أبواب الصالة يف الثياب‪ ،‬باب الصالة يف السطوح واملنرب واخلشب‪ ،‬ح(‪ ،)371‬ويف كتاب صفة‬
‫الصالة‪ ،‬باب إجياب التكبري وافتتاح الصالة‪ ،‬ح(‪ ،)699‬وح(‪ ،)700‬وح(‪ ،)701‬ويف باب يهوي بالتكبري حني‬
‫يسجد ح(‪ ،)772‬ويف أبواب تقصري الصالة‪ ،‬باب صالة القاعد‪ ،‬ح(‪ ،)1063‬ورواه مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ ،‬باب‬
‫ائتمام املأموم باإلمام‪ ،‬ح(‪ ،)414‬ويف باب النهي عن مبادرة اإلمام بالتكبري وغريه ح(‪ ،)415‬وح(‪ ،)417‬ويف باب‬
‫اإلمام يصلي من قعود ح(‪ ،)601‬وح(‪.)603‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ :‬كتاب اجلماعة واإلمامة‪ ،‬باب إقامة الصف من متام الصالة‪ ،‬ح(‪ ،)689‬ورواه مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪،‬‬
‫باب ائتمام املأموم باإلمام‪ ،‬ح(‪ ،)414‬ويف باب ما يفعل من رفع رأسه قبل اإلمام ح(‪ ،)209‬ويف باب يف من‬
‫يصلي خلف اإلمام واإلمام جالس ح(‪.)1256‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع (‪.)30 /2‬‬
‫‪- 146 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ووجدت نســخة مطبوعة وخمطوطني نص العبارة فيها‪" :‬فال تعترب ركعة بســجدتيها‬
‫معه"‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬طبعة وزارة العدل السعودية (‪.)343 /3‬‬
‫‪ .2‬خمطوط يف دار اإلفتاء (ل‪ /225 :‬أ)‪ ،‬نس ــخ س ــنة ‪1118‬ه ورقم تس ــجيله لدى‬
‫اإلفتاء (‪ ،)86 /690‬وقد كتب يف هامش ـ ـ ـ ـ ـ ــه جانب العبارة املذكورة ما نص ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪:‬‬
‫"مطلب‪ :‬قف‪ ،‬لو أدرك ركعة من مجعة‪ ،‬لكن سـ ــلم إمامه قبل أن يدركه اسـ ــتأنف‬
‫ظهرا"‪.‬‬
‫‪ .3‬خمطوط يف جامع عنيزة (ل‪ /146 :‬ب)‪ ،‬نسـ ـ ـ ـ ـ ــخ سـ ـ ـ ـ ـ ــنة ‪1162‬ه وقد كتب يف‬
‫هامشه جانب العبارة املذكورة ما نصه‪" :‬حىت سلم اإلمامت"‪.‬‬
‫ووجدت خمطوطا نص العبارة فيه‪" :‬فال تعرب ركعة بس ـ ـ ـ ــجدتيها بعده" (ل‪/353 :‬‬
‫أ) اجلزء األول‪ ،‬وهذا املخطوط حمفو يف دار الكتب املصـ ـ ـرية‪ ،‬نس ـ ــخ س ـ ــنة ‪1086‬ه‪،‬‬
‫ورقم حفظه ‪.7270‬‬
‫ويتبني مما ســبق االضــطراب يف نقل هذا اللفظ عن الشــيخ منصــور ¬‪ ،‬ولتوجيه‬
‫هذه العبارة ميكن القول بأهنا حتمل على واحد من احتماالت ثالث‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن العبارة الصحيحة هي املثبتة يف أغلب طبعات الكشاف‪ ،‬ونصها‪" :‬فال‬
‫تعترب ركعة بسـ ــجدهتا معه"‪ ،‬وال إشـ ــكال يف هذه العبارة‪ ،‬وال يتوجه عليها التعقب الذي‬
‫ذكره الشيخ عثمان‪.‬‬
‫الث ــاين‪ :‬أن العب ــارة الص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيح ــة هي الواردة يف املخطوط ال ــذي يف دار الكت ــب‬
‫املص ـ ـرية‪ ،‬ونص ـ ــها‪" :‬فال تعترب ركعة بس ـ ــجدتيها بعده"‪ ،‬وال إش ـ ــكال يف هذه العبارة‪ ،‬وال‬
‫يتوجه عليها التعقب الذي ذكره الشيخ عثمان‪.‬‬
‫الثــالــث‪ :‬أن العبــارة الص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيحــة هي الواردة يف طبعــة وزارة العــدل‪ ،‬وخمطوط دار‬
‫اإلفتـاء‪ ،‬وجـامع عنيزة‪ ،‬واليت نقلهـا الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ عثمـان ¬‪ ،‬ونص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـا‪" :‬فال تعترب ركعـة‬
‫بسجدتيها معه"‪ ،‬ولعل مراد الشيخ منصور من هذه العبارة واحد من وجهني‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن قص ــد الش ــيخ منص ــور ¬ من هذه العبارة التنبيه على أنه يلزم‬
‫املسبوق الذي أدرك مع اإلمام ركوع الركعة األوىل مث ختلف ملرض أو نوم أو نسيان وحنوه‬
‫‪- 147 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ومل يزل عذره حىت رفع اإلمام من الركعة الثانية‪ ،‬فلم يتابع اإلمام بعد زوال عذره جهال‬
‫منه‪ ،‬بل سجد سجديت الركعة األوىل‪ :‬أن يدرك اإلمام يف التشهد‪ ،‬ويتم ركعته قبل سالم‬
‫اإلمام‪ ،‬وميكن االس ـ ـ ــتدالل هلذا االحتمال مبا ورد قبل العبارة اليت نقلها الش ـ ـ ــيخ عثمان‪،‬‬
‫فإن الش ـ ـ ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ـ ـ ــور قال قبلها‪" :‬ومن هذا يعلم أنه يكفي يف إدراك اجلمعة إدراك ما‬
‫تدرك به الركعة‪ ،‬إذا أتى بباقي الركعة قبل أن يسلم اإلمام"(‪ ،)1‬كما يشهد لذلك ما ورد‬
‫يف حاشــية نســخة دار اإلفتاء‪ ،‬وحاشــية نســخة جامع عنيزة‪ ،‬فقد جاء يف هامش نســخة‬
‫دار اإلفتاء ما نصـ ـ ــه‪" :‬مطلب‪ :‬قف‪ ،‬لو أدرك ركعة من مجعة‪ ،‬لكن سـ ـ ــلم إمامه قبل أن‬
‫يدركه اسـ ـ ــتأنف ظهرا"(‪ ،)2‬وجاء يف هامش نسـ ـ ــخة جامع عنيزة ما نصـ ـ ــه‪" :‬حىت سـ ـ ــلم‬
‫اإلمامت"(‪.)3‬‬
‫الوجه الثاين‪ :‬أن قص ــد الش ــيخ منص ــور ¬ من هذه العبارة هو‪ :‬أنه ال يلزم من‬
‫اعتبار الركعة أن يكون املأموم قد تابع اإلمام بس ـ ــجديت الركعة حقيقة‪ ،‬بل تص ـ ــح وتعترب‬
‫حىت ولو مل يتـابعـه يف ذلـك وإمنـا أتى بـه على وجـه التـدارك جهال منـه‪ ،‬وذلـك إن أدرك‬
‫مع اإلمام ركوع الركعة األوىل مث ختلف ملرض أو نوم أو نس ـ ـ ــيان وحنوه ومل يزل عذره حىت‬
‫رفع اإلمام من الركعة الثانية‪ ،‬فلم يتابع اإلمام بعد زوال عذره جهال منه‪ ،‬بل س ـ ـ ـ ـ ـ ــجد‬
‫س ـ ـ ـ ــجديت الركعة األوىل مث أدرك اإلمام يف التش ـ ـ ـ ــهد‪ ،‬فإنه تعترب له هذه الركعة‪ ،‬وتص ـ ـ ـ ــح‬
‫مجعته(‪.)4‬‬
‫وســبب تأويل عبارة الشــيخ منصــور هو اخلرو من اختالف كالمه‪ ،‬خصــوصــا أن‬
‫كالمه قريب بعض ـ ـ ـ ــه من بعض‪ ،‬فيبعد االختالف والتض ـ ـ ـ ــارب مع هذا القرب‪ ،‬كما أن‬
‫هذا التأويل ميكن االس ــتدالل له بقوله يف ش ــرح املنتهى‪(" :‬فإن مل يتابعه) املأموم املزحوم‬
‫يف الثانية مع خوف فوهتا (عاملا بتحرميه‪ ،‬بطلت) صالته؛ لرتكه واجب املتابعة بال عذر‪،‬‬
‫(وإن جهله) أي‪ :‬حترمي عدم متابعته‪( ،‬فس ـ ـ ــجد) س ـ ـ ــجديت الركعة األوىل‪( ،‬مث أدركه) أي‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪)31 - 30 /2‬‬


‫(‪ )2‬هامش كشاف القناع (ل‪ /225 :‬أ)‪.‬‬
‫(‪ )3‬هامش كشاف القناع (ل‪ /146 :‬ب)‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)193 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)356 /1‬‬
‫‪- 148 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫اإلمام يف التشهد‪( ،‬أتى بركعة) ثانية (بعد سالمه) أي اإلمام؛ ألنه أتى بسجود معتد به‬
‫للعذر (وص ـ ـ ــحت مجعته) قال يف ش ـ ـ ــرحه‪ :‬ألنه أدرك مع اإلمام منها ما تدرك به اجلمعة‬
‫وهو ركعة‪ ،‬وهذا املذهب انتهى(‪ .)1‬أي ألنه مل يفارقه إال بعد ركعة‪ ،‬وسجوده لنفسه يف‬
‫حكم ما أتى به مع إمامه؛ لبقائه على نية االئتمام‪ ،‬كما يعلم مما سبق يف اخلوف"(‪.)2‬‬
‫كما ميكن االستدالل له بقوله يف حواشي اإلقناع‪" :‬قوله‪( :‬وإن أدرك مسبوق مع‬
‫اإلمام منها ركعة) أي‪ :‬بسـ ـ ــجدتيها‪ ،‬وتظهر فائدته فيما إذا زحم عن السـ ـ ــجود‪ .‬قاله يف‬
‫املبدع(‪ .)3‬لكن جزم املص ـ ـ ــنف(‪ )4‬وص ـ ـ ــاحب املنتهى(‪ )5‬وغريمها فيما يأيت فيما إذا زحم‬
‫وحنوه بعد أن أحرم مع اإلمام حىت فاتته األوىل وركوع الثانية وسـ ــجد جهال لنفسـ ــه‪ ،‬أهنا‬
‫تصح له ركعة‪ ،‬ويتمها مجعة‪ ،‬مع أنه مل يدرك مع اإلمام منها ركعة بسجدتيها"(‪.)6‬‬
‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من ركع مع اإلمــام ركوع الركعــة األوىل مث ختلف ملرض‪ ،‬أو نوم‪ ،‬أو نس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــان‪ ،‬أو‬
‫زحام‪ ،‬وحنوه‪ ،‬ومل يزل عذره حىت رفع اإلمام من الركعة الثانية‪ ،‬فلم يتابع اإلمام بعد زوال‬
‫عذره جهال منه‪ ،‬بل س ـ ـ ــجد س ـ ـ ــجديت الركعة األوىل‪ ،‬مث أدرك اإلمام يف التش ـ ـ ــهد‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول‪ :‬ال تص ـ ـ ـ ـ ـ ــح له هذه الركعة‪ ،‬وال يكون مدركا للجمعة‪ ،‬وعلى القول الثاين‪:‬‬
‫تصح له هذه الركعة‪ ،‬ويكون مدركا للجمعة‪.‬‬

‫(‪ )1‬معونة أويل النهى (‪.)476 /2‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪)315 - 314 /1‬‬
‫(‪ )3‬املبدع (‪.)156 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)193 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)356 /1‬‬
‫(‪ )6‬حواشي اإلقناع (‪.)758 /2‬‬
‫‪- 149 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الزكاة‪.‬‬


‫وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬الفرال بين دين السلم وغيره من الديون في وجوب الزكاة فيه‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬الترتيب بين النذر المعين واألضحية المعينة فيما يؤخذ من تركة‬
‫الميت‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬تفسير المراد بقول الفتوحي‪" :‬وذي رحم ال سيما مع عداوة‪ ،‬وهي‬
‫عليهم صلة أفضل"‪ ،‬بالجمع بين نية الصدقة ونية الصلة‪.‬‬

‫‪- 150 -‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المطلب األول‪ :‬التفريق بين دين السلم وغيره من‬
‫الديون في وجوب الزكاة فيه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر الفتوحي ¬ يف مسـائل ملك النصـاب يف الزكاة مسـألة‪ :‬زكاة الدين‪ ،‬وذكر‬
‫أن النص ـ ـ ــاب جتب الزكاة فيه وإن كان دينا‪ ،‬ووقت وجوهبا‪ :‬حال قبض الدين‪ ،‬واس ـ ـ ــتثىن‬
‫من ذلك عدة مس ـ ـ ـ ــائل‪ ،‬منها‪ :‬دين الس ـ ـ ـ ــلم‪ ،‬فذكر أنه ال جتب فيه الزكاة‪ ،‬إال أن يكون‬
‫أمثانا أو لتجارة‪ ،‬فهل االستثناء متجه أو الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫األصــل أنه جتب الزكاة يف كل دين‪ ،‬ويســتثىن من ذلك مســائل‪ ،‬منها‪ :‬دين الســلم‬
‫فال جتــب فيــه الزكــاة‪ ،‬إال إن كــان أمثــانــا أو لتجــارة‪ ،‬وهــذا قول الفتوحي‪ ،‬قــال ¬ يف‬
‫معرض ما جتب فيه الزكاة‪" :‬أو دينا‪ ،‬غري هبيمة األنعام‪ ،‬أو دية واجبة‪ ،‬أو دين ســلم‪ ،‬ما‬
‫مل يكن أمثانا أو لتجارة"(‪.)1‬‬
‫وقد نص على دين السـ ـ ـ ـ ـ ــلم صـ ـ ـ ـ ـ ــاحب الفروع(‪ ،)2‬واملبدع(‪ ،)3‬واإلنصـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪،)4‬‬
‫واإلقناع(‪ ،)5‬والغاية(‪.)6‬‬

‫التعقب‪:‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)438 /1‬‬


‫(‪ )2‬الفروع (‪ ،)454 /3‬وعبارته‪" :‬ودين السلم إن كان للتجارة ومل يكن أمثانا"‪.‬‬
‫(‪ )3‬املبدع (‪ ،)300 /2‬وعبارته‪" :‬ودين السلم إن كان للتجارة ومل يكن أمثان"‪.‬‬
‫(‪ )4‬اإلنصاف (‪ ،)19 /3‬وعبارته‪" :‬ويزكى أيضا دين السلم إن كان للتجارة‪ ،‬ومل يكن أمثانا"‪.‬‬
‫(‪ )5‬اإلقناع (‪ ،)243 /1‬وعبارته‪" :‬ومن له دين على مليء باذل‪ :‬من قرض‪ ،‬أو دين عروض جتارة‪ ،‬أو مبيع مل يقبضه‪،‬‬
‫بشرط اخليار أوال‪ ،‬أو دين سلم إن كان للتجارة ومل يكن أمثانا"‪.‬‬
‫(‪ )6‬غاية املنتهى (‪ ،)291 /1‬وعبارته‪" :‬أو دينا غري هبيمة نعم ويتجه‪ :‬ومعسر أو دية واجبة أو دين سلم ما مل يكن‬
‫أمثانا أو لتجارة"‪.‬‬
‫‪- 151 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ال فرق بني دين الس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم وغريه من الديون يف وجوب الزكاة فيه إن كان أمثانا‪ ،‬أو‬
‫لتجارة‪ ،‬ويف عدم الوجوب إن مل يكن كذلك‪ ،‬وال يظهر وجاهة إفراد ذكر دين الس ـ ـ ـ ـ ــلم‬
‫مع احتاده يف احلكم مع غريه من الديون‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪(" :‬أو دين‬
‫سـ ـ ـ ــلم مامل يكن‪...‬إخل) الظاهر‪ :‬أنه ال فرق يف الدين بني دين السـ ـ ـ ــلم وغريه يف وجوب‬
‫الزكــاة فيــه‪ ،‬إن كــان أمثــانــا‪ ،‬أو لتجــارة‪ ،‬ويف عــدم الوجوب إن مل يكن كــذلــك‪ .‬وإن كــان‬
‫دين الس ــلم خيالف غريه يف غري ما ذكر‪ ،‬فما وجه إفراد دين الس ــلم وختصـ ــيص ــه بالقيدت‬
‫فليحرر"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫علة عدم وجوب الزكاة يف دين السـ ـ ـ ـ ــلم‪ :‬أنه ممنوع من التصـ ـ ـ ـ ــرف فيه حبوالة به أو‬
‫عليه‪ ،‬أو باعتياض عنه‪.‬‬
‫وعلــة وجوب الزكــاة فيــه إن كــان أمثــانــا؛ ألهنــا جتــب الزكــاة يف عينهــا‪ ،‬وإن كــان‬
‫لتجارة‪ ،‬فلوجوب الزكاة يف قيمة عروضها‪ ،‬وهذا منها(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ليس مثة فرق بني دين السلم وغريه(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ذكر الفتوحي ¬ أن األموال اليت جتب فيها الزكاة هي‪ :‬سـ ـ ـ ــائمة هبيمة األنعام‪،‬‬
‫واخلار من األرض‪ ،‬واألمثان‪ ،‬وعروض التجارة(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)438 / 1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)166 – 165 /3‬وشرح املنتهى (‪.)390 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)438 / 1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)435 /1‬‬
‫‪- 152 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫فدين السلم الذي يتصور أن جتب فيه الزكاة ال خير من هذه األنواع‪ ،‬وقد استثىن‬
‫الفتوحي ¬ هبيمة األنعام إن كانت دينا من وجوب الزكاة‪ ،‬واس ـ ــتثىن من دين الس ـ ــلم‬
‫األمثان وعروض التجارة‪ ،‬فبقي مما يتص ـ ـ ــور وجوب الزكاة فيه‪ ،‬مع كونه يص ـ ـ ــح أن يكون‬
‫دين س ـ ـ ـ ـ ـ ــلم‪ :‬اخلــار من األرض‪ ،‬ومن املعلوم أن وقــت وجوب إخرا زكــاة اخلــار من‬
‫األرض هو وقت اشــتداد احلب‪ ،‬وبدو صــالح الثمر(‪ ،)1‬ومن املعلوم أيضــا أنه ال يصــح‬
‫بيع الثمرة قبل بدو صالحها‪ ،‬وال بيع الزرع قبل اشتداد حبه(‪.)2‬‬
‫فيتبني مما س ـ ـ ـ ــبق‪ :‬أن الزكاة يف احلبوب والثمار إمنا جتب يف األص ـ ـ ـ ــل على بائعها؛‬
‫وذلك لعدم تصـ ــور انتقال ملكها منه إال بعد وجوب زكاهتا‪ ،‬ومىت وجبت فإهنا تثبت يف‬
‫ذمته ال ذمة املشرتي‪ ،‬قال الفتوحي يف شرحه على املنتهى‪(" :‬فلو باع) مالك (احلب أو‬
‫الثمرة) أو وهبهمــا (أو تلفــا) أي‪ :‬احلــب والثمرة (بتعــديــه) أي‪ :‬املــالــك (بعــد) أي‪ :‬بعــد‬
‫اشـ ـ ــتداد احلب وبدو الصـ ـ ــالح يف الثمرة (مل تسـ ـ ــقك) الزكاة ‪( ...‬ويصـ ـ ــح) فيما إذا باع‬
‫احلب أو الثمرة (اش ـ ـ ـرتاط اإلخرا ) أي‪ :‬إخرا الزكاة الواجبة يف املبيع (على مشـ ـ ــرت) يف‬
‫األصح؛ للعلم هبا‪ ،‬فكأنه استثىن قدرها‪ ،‬ووكله يف إخراجها‪ .‬حىت لو مل خيرجها املشرتي‬
‫وتعذر الرجوع عليه ألزم هبا البائع"(‪.)3‬‬
‫ويظهر مما س ـ ــبق وجاهة تعقب الش ـ ــيخ عثمان ¬‪ ،‬إذ ال فرق بني دين الس ـ ــلم‬
‫وغريه من الديون‪ ،‬إال أن يقال إن املؤلف ذكره للتنبيه على وجوب الزكاة فيه حال كونه‬
‫أمثــانــا أو لتجــارة‪ ،‬ولو كــان احلــال مــا ذكر فــالظــاهر أن األوىل اإلتيــان بــالعبــارة بص ـ ـ ـ ـ ـ ــيغــة‬
‫اإلجياب واإلثبات ال النفي‪ ،‬كص ـ ـ ــنيع ص ـ ـ ــاحب الفروع‪ ،‬واملبدع‪ ،‬واإلنص ـ ـ ــاف‪ ،‬واإلقناع‪،‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬عمدة الفقه (ص‪ ،)37 :‬واإلقناع (‪ ،)261 /1‬وزاد املستقنع (ص‪ ،)75 :‬ومنتهى اإلرادات (‪،)473 /1‬‬
‫وعمدة الطالب (ص‪ ،)100 :‬وشرح املنتهى (‪.)417 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)129 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)376 /2‬ودليل الطالب (ص‪.)136 :‬‬
‫(‪ )3‬معونة أويل النهى (‪.)220 /3‬‬
‫‪- 153 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الترتيب بين النذر المعين واألضحية المعينة فيما‬
‫يؤخذ من تركة الميت‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر الفتوحي ¬ يف كتاب الزكاة مس ــألة‪ :‬من مات وعليه زكاة‪ ،‬وذكر أنه جيب‬
‫إخراجها من تركته‪ ،‬وذكر أهنا إن تزامحت مع دين بال رهن فيتحاصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان‪ ،‬وأما إن كان‬
‫على امليت دين برهن‪ ،‬فيقدم على الزكاة وعلى الدين الذي بال رهن‪ ،‬بعد أن خير من‬
‫الرتكة النذر مبعني مث األضحية املعينة‪ ،‬ويفهم من عطف الفتوحي األضحية بـ ـ ــ"مث" تقدمي‬
‫النذر مبعني عليها‪ ،‬فهل يقدم النذر املعني على األضحية املعينة يف الوفاء من الرتكةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يقدم النذر مبعني على األضـ ـ ـ ــحية املعينة يف الوفاء من الرتكة‪ ،‬وهذا قول الفتوحي‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬ومن مات وعليه زكاة أخذت من تركته‪ ،‬ومع دين بال رهن وض ـ ـ ـ ـ ـ ــيق مال‬
‫يتحاصان‪ ،‬وبه يقدم بعد نذر مبعني مث أضحية معينة"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب التنقيح(‪ ،)2‬والغاية(‪ ،)3‬والروض الندي(‪،)5()4‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪ ،)448 /1‬وينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)176 /3‬‬
‫(‪ )2‬التنقيح املشبع (ص‪ ،)139 :‬وعبارته‪" :‬إال إذا كان به رهن فيقدم‪ ،‬وتقدم أضحية معينة عليه‪ ،‬ويقدم نذر مبعني‬
‫عليهما"‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)295 /1‬‬
‫(‪ )4‬مؤلفه هو‪ :‬الفقيه األصويل الفرضي أمحد بن عبد اهلل بن أمحد احلليب األصل البعلي الدمشقي مفيت احلنابلة يف دمشق‪،‬‬
‫ولد سنة ‪1108‬ه شرح كايف املبتدي وله شرح عمدة كل فارض يف الفرائض وله الذخر احلرير شرح خمتصر التحرير‬
‫يف األصول وله غري ذلك من التعليقات يف احلساب والفرائض والفقه‪ .‬تويف سنة تسع ومثانني ومائة بعد األلف‪.‬‬
‫النعت األكمل (ص‪ ،)308 :‬والسحب الوابلة (‪ ،)173 /1‬واملدخل البن بدران (ص‪.)444 :‬‬
‫(‪ )5‬الروض الندي (ص‪ ،)145 :‬وعبارته‪(" :‬وتقدم أضحية معينة عليه) أي على دين برهن (كـ) تقدمي (نذر مبعني)‬
‫على الزكاة واألضحية املعني والدين‪( ،‬وكذا لو أفلس حي) وله أضحية معينة‪ ،‬وعليه نذر معني‪ ،‬ودين برهن‪ ،‬فيقدم‬
‫النذر املعني‪ ،‬مث األضحية"‪.‬‬
‫‪- 154 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫واللبدي(‪.)1‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يس ـ ــتوي النذر مبعني واألض ـ ــحية املعينة يف وجوب الوفاء من الرتكة‪ ،‬وال يص ـ ــح أن‬
‫يقال‪ :‬إن النذر مبعني يقدم على األض ـ ـ ــحية املعينة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"وال يظهر يل عطف املصنف (األضحية) ب ـ (مث) مع أنه ال ترتيب بني النذر واألضحية‪،‬‬
‫فتدبر‪ .‬واهلل أعلم"(‪.)2‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول صاحب اإلقناع(‪ ،)3‬والروض(‪ ،)4‬وكايف املبتدي(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألنه ال ترتيب بني النذر واألضحية(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪ ،)117 /1‬وعبارته‪" :‬قوله‪" :‬أخذت من تركته"‪ :‬اعلم أنه يبدأ من تركة امليت ّأوالً‬
‫مبؤنة جتهيزه‪ ،‬مث النذر املعني‪ ،‬مث األضحية املعنية‪ ،‬مث الدين بالرهن‪ ،‬مث الزكاة‪ ،‬واحلج‪ ،‬والكفارة‪ ،‬والنذر املطلق‪ ،‬والديون‬
‫قسم الباقي على الورثة"‪.‬‬
‫حاصة بينها‪ ،‬مث تنفذ الوصايا‪ ،‬مث ية َ‬
‫املرسلة‪ ،‬على املة ّ‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)448 / 1‬‬
‫(‪ )3‬اإلقناع (‪ ،)248 /1‬وعبارته‪" :‬فإن كان معها دين آدمي وضاق ماله اقتسموا باحلصص‪ ،‬إال إذا كان به رهن فيقدم‪،‬‬
‫وتقدم أضحية معينة عليه‪ ،‬ويقدم نذر مبعني على الزكاة وعلى الدين"‪.‬‬
‫(‪ )4‬الروض املربع (ص‪ ،)199 :‬وعبارته‪" :‬فإن وجبت وعليه دين برهن وضاق املال قدم وإال حتاصا ويقدم نذر معني‬
‫وأضحية معينة"‪ ،‬وقال أيضا‪ :‬يف شرح املنتهى (‪(" :)399 /1‬وكذا لو أفلس حي) وله أضحية معينة أو نذر معني‬
‫فيخر مث دين برهن مث يتحاص بقية ديونه من زكاته وغريها"‪.‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الروض الندي شرح كايف املبتدي (ص‪ ،)145 :‬وعبارته‪" :‬وإن كان معها دين آدمي وضاق ماله حتاصوا‪ ،‬إال‬
‫إذا كان به رهن فيقدم‪ ،‬وتقدم أضحية معينة عليه كنذر مبعني"‪.‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)448 / 1‬‬
‫‪- 155 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل األوىل ما ذهب إليه الش ــيخ عثمان ¬؛ وذلك ألنه ال يتص ــور تقدمي واحد‬
‫من النذر املعني واألضحية املعينة على اآلخر‪ ،‬ألنه ال ميكن تزاحم هذين احلقني يف عني‬
‫واحدة‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬قد يكون املقصـ ـ ـ ـ ــود ما لو ثبت بدهلما يف الذمة‪ ،‬كما لو أتلفهما الناذر‬
‫أو املض ـ ـ ــحي(‪ ،)1‬فيقال‪ :‬الظاهر أن النذر مبعني واألض ـ ـ ــحية املعينة إمنا قدما على غريمها‬
‫لتعيينهما‪ ،‬فاحلق تعلق بأعياهنما‪ ،‬فلم يص ـ ـ ــح ص ـ ـ ــرفهما إىل غري ذلك احلق املتعلق هبما‪،‬‬
‫فإن تلفا‪ ،‬وثبت بدهلما يف الذمة‪ ،‬عادا مثل غريمها من الديون الواجبة هلل عز وجل الثابتة‬
‫يف الذمة‪ ،‬وصار ال متيز هلما عن غريمها‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)608 /1‬وكشاف القناع (‪.)15 /3‬‬


‫‪- 156 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تفسير قول الفتوحي‪" :‬وذي رحم ال سيما مع‬
‫عداوة‪ ،‬وهي عليهم صلة أفضل"‪ ،‬بالجمع بين نية الصدقة ونية‬
‫الصلة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬وتس ـ ـ ــن ص ـ ـ ــدقة تطوع بفاض ـ ـ ــل عن كفاية دائمة مبتجر‪ ،‬أو‬
‫غلة‪ ،‬أو صــنعة‪ ،‬عنه وعمن ميونه‪ ،‬كل وقت‪ ،‬وس ـرا‪ ،‬بطيب نفس‪ ،‬يف صــحة‪ ،‬ورمضــان‪،‬‬
‫ووقت حاجة‪ ،‬وكل زمان ومكان فاضــل‪ ،‬كالعشــر‪ ،‬واحلرمني‪ ،‬وجار وذي رحم ال ســيما‬
‫مع عداوة‪ ،‬وهي عليهم صـ ـ ــلة أفضـ ـ ــل"(‪ ،)1‬فما هو مراد الفتوحي ¬ يف قوله‪" :‬وهي‬
‫عليهم صلة أفضل"ت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫مراد الفتوحي ¬ يف قوله‪" :‬وهي عليهم صــلة أفضــل"‪ ،‬أن هذه الصــدقة أفضــل‬
‫يف حق ذوي الرحم؛ ألهنا مجعت بني كوهنا ص ـ ــدقة وص ـ ــلة‪ ،‬وهذا يعين أن اخلرب حمذوف‬
‫تقديره‪ :‬ص ـ ـ ـ ــدقة‪ ،‬و(ص ـ ـ ـ ــلة) عطف عليه‪ ،‬وفيه حذف املعطوف عليه مع حرف العطف‬
‫وإبقاء املعطوف(‪ ،)2‬وهذا قول منص ـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وهي) أي‪ :‬الص ـ ـ ـ ـ ــدقة‪،‬‬
‫(عليهم) أي‪ :‬ذوي رمحه‪ ،‬صـ ــدقة‪ ،‬و(صـ ــلة) للخري‪( ،‬أفضـ ــل) لقوله تعاىل‪{ :‬وبالوالدين‬
‫إحسانا وبذي القرىب} [سورة النساء‪.)3("]36 :‬‬
‫وقد قال هبذا القول الفتوحي يف شرحه(‪ ،)4‬وصاحب مطالب أويل النهى(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)530 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)194 - 193 /2‬‬
‫(‪ )3‬شرح املنتهى (‪.)466 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)352 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)164 /2‬‬
‫‪- 157 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫مراد الفتوحي ¬ يف قوله‪" :‬وهي عليهم صلة أفضل"‪ ،‬أن األفضل إعطاء ذوي‬
‫الرحم بنية الصـ ـ ـ ــلة ال بنية الصـ ـ ـ ــدقة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وهي‬
‫عليهم‪...‬إخل) هي‪ :‬مبتدأ عائد على الص ـ ــدقة‪ ،‬و(عليهم) حال منه‪ ،‬على رأي س ـ ــيبويه‪،‬‬
‫و(صلة) خرب‪ .‬ويف حل منصور البهويت نظر"(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الفتوحي ¬ فسر كالمه مبا ذهب إليه منصور ¬‪ ،‬فلم يبق ترجيح ونظر بعد‬
‫تفس ـ ـ ـ ــري ص ـ ـ ـ ــاحب الكالم للمراد من كالمه‪ ،‬على أنه لوال هذا التفس ـ ـ ـ ــري‪ ،‬وتعاقب أئمة‬
‫املــذهــب رمحهم اهلل على ذكر املعىن الــذي ذهــب إليــه منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور ¬(‪ ،)2‬لكــان لقول‬
‫عثمان ¬ حظ من النظر‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من كان عنده مال فاض ــل عن حاجته‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يس ــتحب له دفعه إىل‬
‫احملتا من ذوي رمحه‪ ،‬بنية الصـ ــدقة والصـ ــلة‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يسـ ــتحب له دفعه إىل‬
‫احملتا من ذوي رمحه‪ ،‬بنية الصلة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)530 / 1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)431 /1‬واملقنع (ص‪ ،)100 :‬والفروع (‪ ،)385 /4‬واإلقناع (‪ ،)301 /1‬ودليل الطالب (ص‪:‬‬
‫‪.)88‬‬
‫‪- 158 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب الصيام‪.‬‬


‫وفيه مطلبان‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬الحكم إذا رئي الهالل نهار يوم تسع وعشرين‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬اعتبار كاف (كسفر) في قول الفتوحي‪" :‬وعليه ال مع عذر معتاد‬
‫كسفر عن كل يوم لمسكين ما يجزئ في كفارة" للتشبيه‪.‬‬

‫‪- 159 -‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم إذا رئي الهالل نهار يوم تسع وعشرين‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫عنهم(‪)1‬‬ ‫تعددت أقوال احلنابلة يف حكم اهلالل الذي يرى هنارا‪ ،‬ونقل غري واحد‬
‫أربعة أقوال‪ ،‬وبياهنا كاآليت‪ :‬القول األول‪ :‬أن اهلالل إذا رئي هنارا فهو لليلة املس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقبلة‬
‫مطلقا‪ ،‬وهذا القول هو املش ـ ـ ـ ـ ــهور من املذهب(‪ ،)2‬والقول الثاين‪ :‬أنه إن رئي قبل الزوال‬
‫فهو للماض ـ ـ ـ ــية‪ ،‬وإن رئي بعده فهو للمس ـ ـ ـ ــتقبلة‪ ،‬والقول الثالث‪ :‬أنه إن رئي بعد الزوال‬
‫آخر الش ـ ـ ــهر فهو لليلة املقبلة‪ ،‬وإال لليلة املاض ـ ـ ــية‪ ،‬والقول الرابع‪ :‬أنه إن رئي قبل الزوال‬
‫وبعده آخر الشهر فهو لليلة املقبلة‪ ،‬وإال لليلة املاضية‪.‬‬
‫وبنــاء على تعــدد األقوال يف املــذهــب‪ ،‬فهــل ميكن إجراء اخلالف يف حكم مــا إذا‬
‫رئي اهلالل هنار التاســع والعش ـرين‪ ،‬أو يقال‪ :‬املذهب أنه ال أثر لرؤية اهلالل هنار التاســع‬
‫والعشرينت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا رئي اهلالل هنار التاسـع والعشـرين فال يقال بأنه للماضـية‪ ،‬وال ينسـب للحنابلة‬
‫قول بأنه للماض ــية‪ ،‬ملا يلزم عليه من كون الش ــهر مثانية وعشـ ـرين‪ ،‬واخلالف عند احلنابلة‬
‫إمنا ينص ــرف على اهلالل الذي يرى يوم الثالثني‪ ،‬وقد نس ــب عثمان هذا القول ملنص ــور‬
‫البهويت‪ ،‬أخــذا من قولــه‪(" :‬وإن رأى اهلالل هنــارا فهو لليلــة املقبلــة‪ ،‬قبــل الزوال) كــانــت‬
‫رؤيته (أو بعده‪ ،‬أول الش ــهر أو آخره‪ ،‬فال جيب به ص ــوم) إن كان يف أول الش ــهر‪( ،‬وال‬
‫يباح به فطر) إن كان يف آخره؛ ملا روى أبو وائل(‪ )3‬قال‪(( :‬جاءنا كتاب عمر ‪ :¢‬إن‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املسائل الفقهية من كتاب الروايتني والوجهني (‪ ،)254 /1‬واحملرر (‪ ،)227 /1‬والشرح الكبري (‪،)6 /3‬‬
‫وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الصيام (‪ ،)161 /1‬والفروع (‪ ،)413 /4‬واإلنصاف (‪.)272 /3‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)413 /4‬واإلنصاف (‪ ،)272 /3‬واإلقناع (‪ ،)303 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)6 /2‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬شقيق بن سلمة أبو وائل األسدي الكويف أدرك النيب ‘ ومل يره ومل يسمع منه شيئا مسع عمر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬وعلي‪،‬‬
‫وعبد اهلل بن مسعود‪ ،‬وغريهم من الصحابة‪ ،‬كان رأسا يف العلم والعمل‪ ،‬مات يف زمن احلجا ‪ ،‬بعد اجلماجم‪ ،‬سنة‬
‫اثنتني ومثانني‪ .‬التاريخ الكبري للبخاري (‪ ،)245 /4‬ورجال صحيح البخاري (‪ ،)352 /1‬واالستيعاب (‪،)710 /2‬‬
‫وسري أعالم النبالء (‪.)165 /4‬‬
‫‪- 160 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫األهلة بعض ـ ــها أكرب من بعض‪ ،‬فإذا رأيتم اهلالل هنارا فال تفطروا حىت متس ـ ـوا أو يش ـ ــهد‬
‫رجالن مس ـ ـ ـ ـ ـ ــلمان أهنما رأياه باألمس عش ـ ـ ـ ـ ـ ــية))(‪ )1‬رواه الدارقطين‪ ،‬ورؤيته هنارا ممكنة‬
‫لعارض يعرض يف اجلو ويقل به ضــوء الشــمس أو يكون قوي النظر‪" .‬تنبيه"‪ :‬قال شــيخ‬
‫اإلسـ ــالم زكريا(‪ )2‬يف شـ ــرح البهجة‪ :‬واملراد مبا ذكر ‪ -‬أي‪ :‬من أنه للمسـ ــتقبلة ‪ -‬دفع ما‬
‫قيل إن رؤيته تكون لليلة املاض ـ ـ ـ ـ ــية(‪ .)3‬انتهى‪ .‬أي‪ :‬فال أثر لرؤية اهلالل هنارا‪ ،‬وإمنا يعتد‬
‫بالرؤية بعد الغروب‪ ،‬قلت‪ :‬ولعله مراد أصـ ـ ـ ــحابنا؛ لظاهر اخلرب السـ ـ ـ ــابق‪ ،‬وملا يأيت فيمن‬
‫علق طالق امرأتــه لرؤيــة اهلالل‪ ،‬حيــث قــالوا‪ :‬فرئي وقــد غربــت(‪ ،)4‬فعلم منــه أن الرؤيــة‬
‫قبل الغروب ال تأثري هلا"(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ميكن إجراء اخلالف يف حكم اهلالل إذا رئي هنار التاس ـ ــع والعشـ ـ ـرين‪ ،‬وذلك بناء‬
‫على تعدد أقوال علماء املذهب يف حكم اهلالل إذا رئي هنارا‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬ولو قبل الزوال) يعين‪ :‬أنه إذا رئي اهلالل هنار الثالثني‪ ،‬قبل الزوال‬

‫(‪ )1‬رواه سعيد بن منصور يف سننه (‪ ،)271 /2‬باب اإلشارة إىل املشركني والوفاء بالعهد‪ ،‬ح(‪ ،)2599‬والدارقطين يف‬
‫سننه (‪ )121 /3‬باب الشهادة على رؤية اهلالل ح(‪ )2196‬وقال‪" :‬هذا أصح من حديث ابن أيب ليلى‪ .‬وقد تابع‬
‫األعمش‪ ،‬عن منصور"‪ ،‬ورواه أبو بكر الشافعي يف كتابه الفوائد الشهري بالغيالنيات (‪ ،)220 /1‬باب رؤية اهلالل‬
‫لشهر رمضان ح(‪ ،)197‬ورواه البيهقي يف السنن الكربى (‪ ،)358 /4‬باب اهلالل يرى بالنهار ح(‪ ،)7982‬قال‬
‫ابن كثري يف مسند الفاروق (‪" :)270 /1‬هذه آثار جيدة وان كان ابراهيم مل يدرك عمر"‪ ،‬وقال صاحب املنهل‬
‫العذب املورود (‪" :)34 /10‬أخرجه الدارقطين بسند رجاله ثقات"‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬زكريا بن حممد بن أمحد بن زكريا الزين األنصاري السنبكي القاهري األزهري الشافعي القاضي‪ ،‬شيخ اإلسالم‪،‬‬
‫ولد سنة ست وعشرين ومثامنائة‪ ،‬أخذ العلم عن مجاعة‪ ،‬منهم القايايت والعلم البلقيين‪ ،‬والشرف السبكي‪ ،‬واحلافظ‬
‫ابن حجر‪ ،‬وغريهم‪ ،‬الزم التدريس واإلفتاء والتصنيف وانتفع به خالئق ال حيصون‪ ،‬منهم ابن حجر اهليثمي‪ ،‬كان‬
‫متفننا ألف يف التفسري والقراءات‪ ،‬والتجويد‪ ،‬واحلديث‪ ،‬والفقه وأصوله‪ ،‬واملنطق‪ ،‬وغريها‪ ،‬تويف ¬ سنة مخس‬
‫وعشرين وتسعمائة‪ ،‬وقيل أنه تويف بعدها بسنة‪ .‬الضوء الالمع (‪ ،)234 /3‬وشذرات الذهب (‪.)186 /10‬‬
‫(‪ )3‬الغرر البهية يف شرح البهجة الوردية (‪.)208 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)45 /4‬ومنتهى اإلرادات (‪.)320 - 319 /4‬‬
‫(‪ )5‬كشاف القناع (‪.)303 /2‬‬
‫‪- 161 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫أو بعده‪ ،‬فهو للمس ـ ــتقبلة‪ ،‬ال أنه للماض ـ ــية‪ ،‬فال ميس ـ ــك إن كان يف ثالثي ش ـ ــعبان‪ ،‬وال‬
‫يفطر إن كان يف ثالثي رمضــان‪ ،‬وأما إذا رئي هنار التاســع والعشـرين‪ ،‬فلم يقل أحد بأنه‬
‫للماضية‪ ،‬ملا يلزم عليه من كون الشهر مثانية وعشرين‪ .‬كذا قرره بعض الشافعية‪ .‬وترجى‬
‫الشيخ منصور البهويت كونه مراد أصحابنا‪ ،‬واستدل له مبا يأيت يف الطالق‪ ،‬فيما إذا قال‬
‫لزوجته‪ :‬إن رأيت اهلالل‪ ،‬فأنت طالق‪ .‬أهنا ال تطلق‪ ،‬إال إذا رأته بعد الغروب‪ .‬فتدبر‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬ميكن جريان اخلالف يف الص ـ ـ ــورة املذكورة‪ ،‬وإنه يلزم قض ـ ـ ــاء يوم‪ ،‬عند من جعله‬
‫للماضية‪ .‬وأما الطالق فمبناه على العرف يف اجلملة‪ .‬فتدبر"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ظاهر خرب أيب وائل‪ ،‬وفيه‪(( :‬جاءنا كتاب عمر ‪ :¢‬إن األهلة بعض ــها أكرب من‬
‫بعض‪ ،‬فإذا رأيتم اهلالل هنارا فال تفطروا حىت متسـ ـ ـوا‪ ،‬أو يش ـ ــهد رجالن مس ـ ــلمان أهنما‬
‫رأياه باألمس عشية))(‪.)2‬‬
‫وملــا ذكره احلنــابلــة فيمن علق طالق امرأتــه لرؤيــة اهلالل‪ ،‬حيــث قــالوا‪ :‬فرئي وقــد‬
‫غربت(‪ ،)3‬فعلم منه أن الرؤية قبل الغروب ال تأثري هلا(‪.)4‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫إعمــاال لألقوال املنقولــة يف املــذهــب‪ ،‬وأمــا الطالق فمبنــاه على العرف يف اجلملــة‪،‬‬
‫فال يرد هنا(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)6 / 2‬‬


‫(‪ )2‬سبق خترجيه‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)45 /4‬ومنتهى اإلرادات (‪.)320 - 319 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)303 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)6 / 2‬‬
‫‪- 162 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ال يظهر وجاهة تعقب عثمان ¬ ملنصور‪ ،‬بل وال يفهم من كالمه أنه "إذا رئي‬
‫اهلالل هنار التاسع والعشرين‪ ،‬فال يقال بأنه للماضية‪ ،‬ملا يلزم عليه من كون الشهر مثانية‬
‫وعشـ ـرين"‪ ،‬ولعل مراد الش ــيخ منص ــور ¬ من نقل كالم الش ــيخ زكريا‪ :‬التنبيه على أنه‬
‫ولو قيل بأن اهلالل لليلة املستقبلة‪ ،‬فإن رؤيته هنارا ال تثبت هبا الرؤية‪ ،‬بل يلزم رؤيته بعد‬
‫الغروب‪ ،‬وهــذا مــا يفهم من قولــه‪" :‬فال أثر لرؤيــة اهلالل هنــارا‪ ،‬وإمنــا يعتــد بــالرؤيــة بعــد‬
‫الغروب"(‪.)1‬‬
‫وقد أشار العبادي(‪ )2‬يف حاشيته على التحفة إىل أن مقصود الشيخ زكريا بكالمه‬
‫هو املعىن الذي أشــار إليه الشــيخ منصــور‪ ،‬فقال ¬‪(" :‬قوله‪ :‬أهنا للماضــية) أي‪ :‬وال‬
‫يثبت ص ــوم الغد أو فطره من غري رؤية يف املس ــتقبلة كما هو ظاهر‪ ،‬إذ ليس املراد بكونه‬
‫للمستقبلة أنه مبنزلة رؤيته فيها‪ ،‬بل ما ذكره الشارح‪ ،‬وال بد من رؤيته بالفعل فيها"(‪.)3‬‬
‫كما أشــار إىل ذات املعىن اخللويت يف حاشــيته على املنتهى فقال‪" :‬وهذا مما يقوي‬
‫كالم شــيخ اإلســالم زكريا الشــافعي ‪-‬الســابق يف الصــوم‪ -‬من أن املراد من قوهلم‪ :‬اهلالل‬
‫هنارا للمقبلة‪ ،‬أنه دفع ملا قيل أنه يكون للماض ـ ـ ــية؛ ال أنه للمس ـ ـ ــتقبلة حقيقة‪ ،‬فال‬
‫املرئي ً‬
‫هنارا كونه للماضية وال للمستقبلة"(‪.)4‬‬
‫يثبت برؤيته ً‬
‫ولعل س ــبب تفس ــري الش ــيخ عثمان لكالم الش ــيخ منص ــور بأن مراده أنه "إذا رئي‬
‫اهلالل هنار التاسع والعشرين‪ ،‬فال يقال بأنه للماضية‪ ،‬ملا يلزم عليه من كون الشهر مثانية‬
‫وعش ـ ـ ـ ـرين" هو‪ :‬ما نقله اخللويت من كالم الش ـ ـ ــيخ زكريا‪ ،‬فإنه قد نقل نص كالمه‪ ،‬ونقل‬
‫كالما مل يورده الشيخ منصور‪ ،‬ولعل الشيخ عثمان أخذ نسبة القول للشيخ منصور من‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)303 /2‬‬


‫الشافعي‪ ،‬أخذ العلم عن الشيخ ناصر ال ّدين اللقاين‪ ،‬وحم ّقق‬
‫ّ‬ ‫القاهري‬
‫ّ‬ ‫ادي‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬شهاب ال ّدين أمحد بن قاسم العبّ ّ‬
‫عصره مبصر شهاب ال ّدين الربلسي املعروف بعمرية‪ ،‬من مصنّفاته «احلاشية على شرح مجع اجلوامع» املسماة ب‬
‫«اآليات البيّنات» و «حاشية على شرح الورقات» و «حاشية على املختصر يف املعاين والبيان» و «حاشية على‬
‫شرح املنهج»‪ ،‬تويف سنة ‪994‬ه‪ .‬شذرات الذهب (‪ ،)636 /10‬والكواكب السائرة (‪.)111 /3‬‬
‫(‪ )3‬حاشية العبادي على الغرر البهية يف شرح البهجة الوردية (‪.)208 /2‬‬
‫(‪ )4‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)232 /5‬‬
‫‪- 163 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫كالم الش ــيخ زكريا الذي يلي العبارة اليت نقلها الشـ ــيخ منصـ ــور‪ ،‬ونص نقل اخللويت هو‪:‬‬
‫"قوله‪( :‬للمقبلة) عبارة ش ـ ــيخ اإلس ـ ــالم زكريا األنص ـ ــاري الش ـ ــافعي عند قول منت البهجة‬
‫(واملراد بالنهار للمستقبلة)‪" :‬واملراد مبا ذكر دفع ما قيل إن رؤيته يوم الثالثني يكون لليلة‬
‫املاضية‪ ،‬وأما رؤيته يوم التاسع والعشرين فلم يقل أحد إهنا للماضية‪ ،‬لئال يلزم أن يكون‬
‫الشهر مثانية وعشرين"(‪.)1‬‬
‫هنارا‪ ،‬فلو ةرؤي فيه يوم الثالثني‪ ،‬ولو‬
‫وعبارته يف املنهج وش ـ ـ ـ ـ ـ ــرحه‪" :‬وال أثر لرؤيته ً‬
‫قبل الزوال مل يفطر‪ ،‬إن كان يف ثالثني رمضــان‪ ،‬وال ميســك إن كان يف ثالثني شــعبان"‪.‬‬
‫‪ . .‬إخل ما ذكر(‪.)2‬‬
‫قال ش ـ ـ ــيخنا‪" :‬ولعل هذا مراد أص ـ ـ ــحابنا‪ ،‬بدليل ما ذكروه يف باب تعليق الطالق‬
‫بالش ـ ـ ـ ـ ـ ــروط فيمن قال لزوجته‪ :‬إن رأيت اهلالل فأنت طالق‪ ،‬حيث قالوا‪ :‬إن رأته وقد‬
‫غربت الشمس طلقت‪ ،‬فإن تقييد الرؤية بكوهنا بعد الغروب يدل على أنه ال أثر لرؤيتها‬
‫هنارا" فتدبر "(‪.)3‬‬
‫له ً‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا رئي اهلالل هنار التاس ـ ــع والعش ـ ـ ـرين قبل الزوال‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ال خالف‬
‫يف املذهب على أن هذا اهلالل ليس لليلة السابقة‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬حيتمل أن يكون‬
‫هذا اهلالل لليلة الس ـ ـ ـ ـ ـ ــابقة‪ ،‬وذلك إذا أخذنا بالقول الذي يرى بأن اهلالل إن رئي قبل‬
‫الزوال فهو لليلة السابقة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الغرر البهية يف شرح البهجة الوردية (‪.)208 /2‬‬


‫(‪ )2‬فتح الوهاب بشرح منهج الطالب (‪.)139 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪)203 - 202 /2‬‬
‫‪- 164 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اعتبار كاف (كسفر) في قول الفتوحي‪" :‬وعليه ال‬
‫مع عذر معتاد كسفر عن كل يوم لمسكين ما يجزئ في كفارة"‬
‫للتشبيه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتخدم الفقهاء رمحهم اهلل حرف الكاف كثريا‪ ،‬وخيتلف مرادهم به حس ـ ـ ـ ـ ـ ــب‬
‫موض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعــه واملعىن املراد منــه‪ ،‬فقــد تــأيت الكــاف يف كالمهم للتمثيــل‪ ،‬وقــد تــأيت للتنظري‬
‫والتش ـ ـ ـ ـ ـ ــبيه‪ ،‬والفرق بني الكاف اليت للتمثيل واليت للتنظري‪ :‬أن كاف التمثيل يدخل ما‬
‫بعدها فيما قبلها‪ ،‬وأما كاف التنظري والتشـ ـ ــبيه فال يدخل ما بعدها فيما قبلها‪ ،‬وقد بني‬
‫ذلــك اخللويت ¬ فقــال‪" :‬فــائــدة‪ :‬إذا قيــل‪ :‬زيــد كعمرو‪ ،‬فــالكــاف للتنظري‪ ،‬وإذا قيــل‪:‬‬
‫احليوان الناطق كزيد‪ ،‬قابل لص ـ ـ ـ ـ ـ ــنعة العلم والكتابة‪ ،‬فالكاف للتمثيل‪ .‬واحلاصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‪ :‬أن‬
‫الكاف إن كان ما بعدها داخال فيما قبلها فهي للتمثيل‪ ،‬وإال فللتنظري"(‪ ،)1‬وكما بني‬
‫ذلك ابن قاسم ¬ فقال‪" :‬والفرق بينهما‪ :‬أنه إذا مل يدخل ما بعد الكاف فيما قبلها‬
‫فهي تنظريية كقولك زيد كعمرو‪ ،‬وإن دخل ما بعدها فيما قبلها فهي متثيلية"(‪.)2‬‬
‫وقد قال الفتوحي ¬‪" :‬ومن عجز عنه (أي‪ :‬الصــوم) لكرب‪ ،‬أو مرض ال يرجى‬
‫برؤه أفطر‪ ،‬وعليه ال مع عذر معتاد كس ــفر عن كل يوم ملس ــكني ما جيزئ يف كفارة"(‪،)3‬‬
‫فالكاف يف قوله‪" :‬كس ــفر" هل هي للتش ــبيه والتنظري‪ ،‬فال يدخل ما بعدها فيما قبلها‪،‬‬
‫فال يكون السفر من األعذار املعتادة اليت تسقك الكفارة عن العاجز عن الصوم‪ ،‬أم هي‬
‫للتمثيل فيدخل ما بعدها فيما قبلها‪ ،‬فيكون الس ـ ـ ـ ـ ــفر من األعذار املعتادة اليت تس ـ ـ ـ ـ ــقك‬
‫الكفارة عن العاجز عن الصومت‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)20 /1‬‬


‫(‪ )2‬حاشية الروض املربع (‪.)57 /1‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)12 /2‬‬
‫‪- 165 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫الكاف يف قول الفتوحي ¬‪" :‬كس ـ ـ ـ ــفر" هي للتش ـ ـ ـ ــبيه والتنظري‪ ،‬فال يدخل ما‬
‫بعدها فيما قبلها‪ ،‬فال يكون الســفر من األعذار املعتادة اليت تســقك الكفارة عن العاجز‬
‫عن الصوم‪ ،‬وهذا قول تا الدين البهويت‪ ،‬فيما نقله عنه الشيخ عثمان عند شرحه لقول‬
‫الفتوحي‪" :‬ومن عجز عنه لكرب‪ ،‬أو مرض ال يرجى برؤه أفطر‪ ،‬وعليه ال مع عذر معتاد‬
‫كس ــفر عن كل يوم ملس ــكني ما جيزئ يف كفارة" قال ¬‪(" :‬كس ــفر) تنظري ال متثيل‪،‬‬
‫بل هو تشبيه"(‪.)1‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫الكاف يف قول الفتوحي ¬‪" :‬كس ـ ـ ـ ـ ـ ــفر" هي للتمثيل‪ ،‬فيدخل ما بعدها فيما‬
‫قبلها‪ ،‬فيكون الس ـ ــفر من األعذار املعتادة اليت تس ـ ــقك الكفارة عن العاجز عن الص ـ ــوم‪،‬‬
‫وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬أفطر) أي‪ :‬جاز له ذلك‪ .‬قوله‪( :‬كس ـ ــفر)‬
‫يعين‪ :‬أنه إذا سافر الكبري العاجز عن الصوم‪ ،‬أو م ِرض‪ ،‬فال فدية عليه؛ ألنه أفطر بعذر‬
‫معتاد‪ ،‬وال قضاء لعجزه عنه‪.‬‬
‫ومن تقريرنا علمت أن الكاف يف قوله‪( :‬كس ــفر) للتمثيل ال للتنظري‪ .‬واطه على‬
‫قوله‪( :‬كسفر) تنظري ال متثيل‪ ،‬بل هو تشبيه‪ .‬تا الدين البهويت‪ .‬وفيه نظر"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)13 / 2‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪ )13 – 12 / 2‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫‪- 166 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول ص ــاحب الفروع(‪ ،)1‬واملبدع(‪ ،)2‬واإلنص ــاف(‪ ،)3‬واإلقناع(‪،)4‬‬
‫ومعونة أويل النهى(‪ ،)5‬والروض(‪ ،)6‬وكشف املخدرات(‪.)7‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ال شك أن الراجح هو ما ذهب إليه عثمان ¬؛ وذلك ألن السفر من األعذار‬
‫اليت نصت عليها آية الصيام‪ ،‬وذلك يف قوله تعاىل‪ { :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾﭿﮀ } [سورة البقرة‪ ،]184:‬كما أن تفسري املؤلف(‪ )8‬يوافق ما ذهب إليه‬
‫عثمان ¬‪ ،‬واملؤلف هو أعلم الناس مبراده‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو س ــافر من عجز عن الص ــوم لكرب‪ ،‬أو مرض ال يرجى برؤه‪ ،‬فعلى القول األول‪:‬‬
‫تلزمه الكفارة‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬تسقك عنه الكفارة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)445 /4‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)13 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)284 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)306 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)376 /3‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الروض املربع (ص‪ ،)228 :‬وإرشاد أويل النهى (‪.)451 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)273 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)376 /3‬‬
‫‪- 167 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الحج‪.‬‬


‫وفيه خمسة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬االستعانة على الحج بأكل محرم‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬ذكر فدية الجماع في العمرة في قسم الفدية المرتبة‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬حكم األخذ بقول من قتل صيدا في الحرم في تقدير جزاء صيده‪.‬‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬إعادة الطواف والسعي من المتمع الذي علم أحد ووافيه بال‬
‫وهارة‪.‬‬
‫• المطلب الخامس‪ :‬تعيين هدي به عيب لم يعلمه‪.‬‬

‫‪- 168 -‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االستعانة على الحج بأكل محرم‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر احلنابلة رمحهم اهلل أن العبادة تص ـ ــح ممن اس ـ ــتعان على أدائها بأكل حمرم(‪،)1‬‬
‫فهل هذا األمر عام يف مجيع العبادات‪ ،‬أم يس ــتثىن من ذلك احلج‪ ،‬فال يص ــح ممن تقوى‬
‫على أدائه بأكل حمرمت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال يصـ ـ ــح احلج الذي تقوي على أدائه بأكل حمرم‪ ،‬وقد نسـ ـ ــب عثمان ¬ هذا‬
‫القول ملنصــور البهويت‪ ،‬أخذا من قوله‪(" :‬ولو تقوى على أداء عبادة) من صــالة أو صــوم‬
‫وحنوه (بأكل حمرم صحت) عبادته؛ ألن النهي ال يعود إىل العبادة وال إىل شروطها‪ ،‬فهو‬
‫إىل خار عنها وذلك ال يقتض ــي فس ــادها‪ ،‬لكن لو حج بغص ــب عاملا ذاكرا‪ ،‬مل يص ــح‬
‫حجه على املذهب"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يص ـ ـ ـ ـ ـ ــح احلج الـذي تقوى على أدائـه بـأكـل حمرم‪ ،‬وهـذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قـال‬
‫¬‪" :‬فائدة‪ :‬قال يف اإلقناع‪ :‬ولو تقوى على أداء عبادة بأكل حمرم صـ ـ ــحت‪ .‬قال يف‬
‫شرحه‪ :‬ألن النهي ال يعود إىل العبادة‪ ،‬وال إىل شروطها‪ ،‬فهو إىل خار عنها‪ ،‬وذلك ال‬
‫يقتضي فسادها‪ ،‬لكن لو حج بغصب عاملا ذاكرا مل يصح حجه على املذهب‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وكأنه يش ــري إىل أن كالم اإلقناع ليس على إطالقه‪ ،‬بل يس ــتثىن من العبادات احلج‪ ،‬فإذا‬
‫اس ـ ــتعان عليه بأكل حمرم؛ مل يص ـ ــح حجه‪ .‬كما قال يف املنتهى‪( :‬أو حج بغص ـ ــب عاملا‬
‫ذكرا) وفيه نظر؛ فإن االس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعانة بأكل احلرام على الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة أو احلج عائدة فيهما إىل‬
‫خار ‪ ،‬فإذا صــحت الصــالة مع كوهنا آكد من احلج؛ فألن يصــح احلج أوىل‪ .‬فاألظهر‪:‬‬
‫بقاء كالم اإلقناع على عمومه‪ ،‬ومحل كالم املنتهى على ما إذا طاف طواف الفرض يف‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)48 /2‬واإلنصاف (‪ ،)460 /1‬اإلقناع (‪ ،)98 /1‬وغاية املنتهى (‪.)150 /1‬‬
‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)297 /1‬‬
‫‪- 169 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ســرتة مغصــوبة‪ ،‬أو وقف‪ ،‬أو ســعى على دابة مغصــوبة‪ ،‬فإن ذلك ال يصــح‪ ،‬كالصــالة‪،‬‬
‫أما األكل؛ فهو خار فيهما‪ .‬فتدبر"(‪.)1‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول ص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب الفروع(‪ ،)2‬واإلنص ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)3‬واإلقناع(‪،)4‬‬
‫والغاية(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن النهي ال يعود إىل العبادة وال إىل ش ـ ـ ـ ـ ـ ــروطها‪ ،‬فهو إىل خار عنها‪ ،‬وذلك ال‬
‫يقتضي فسادها(‪.)6‬‬
‫والقياس على الص ـ ــالة‪ ،‬فإن االس ـ ــتعانة بأكل احلرام على الص ـ ــالة ال يبطلها‪ ،‬فإذا‬
‫صحت الصالة مع كوهنا آكد من احلج؛ فألن يصح احلج أوىل(‪.)7‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫القول الــذي ذكره عثمــان رمحــه اهلل هو املــذهــب‪ ،‬والــذي يظهر أن نس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبــة القول‬
‫األول ملنص ــور ¬ حمل نظر‪ ،‬إذ كالمه ال يدل على ما ذكره الش ــيخ عثمان‪ ،‬وغاية ما‬
‫ذكره الشــيخ منصــور ¬ أنه نبه على مســألة احلج بغصــب‪ ،‬فال يفهم من قوله‪" :‬لكن‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)167 – 166 / 1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)48 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)460 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)98 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)150 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)297 /1‬مطالب أويل النهى (‪.)370 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)167 – 166 / 1‬‬
‫‪- 170 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫لو حج بغص ــب عاملا ذاكرا‪ ،‬مل يص ــح حجه على املذهب"(‪ )1‬أنه يريد بذلك االس ــتعانة‬
‫على احلج بأكل حمرم‪ ،‬ومما يؤيد ذلك أنه نقل عبارة املنتهى بنصـ ـ ـ ـ ـ ــها(‪ ،)2‬وعبارة املنتهى‬
‫حممولة على احلج مبال أو حيوان مغص ـ ــوب(‪ ،)3‬ومما يؤيد ذلك أيض ـ ــا نس ـ ــبته هذا القول‬
‫إىل امل ـ ــذه ـ ــب‪ ،‬وال ـ ــذي ذكره علم ـ ــاء امل ـ ــذه ـ ــب رمحهم اهلل هو احلج مب ـ ــال أو حيوان‬
‫مغصـ ـ ــوب(‪ ،)4‬ومل يتكلموا عن االسـ ـ ــتعانة على احلج بأكل حمرم‪ ،‬ولذا فال يظهر وجاهة‬
‫تعقب عثمان ¬‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من تقوى على أداء احلج بأكل حمرم فال يص ـ ـ ـ ـ ـ ــح حجه على القول األول‪ ،‬وعلى‬
‫القول الثاين يصح‪.‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)297 /1‬‬


‫(‪ )2‬قال صاحب املنتهى‪" :‬أو حج بغصب عاملا ذاكرا مل يصح" (‪.)166 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)14 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)334 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املصادر السابقة‪.‬‬
‫‪- 171 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ذكر فدية الجماع في العمرة في قسم الفدية المرتبة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر الفتوحي ¬ أن الفدية تنقس ـ ـ ــم إىل ثالثة أض ـ ـ ــرب(‪ ،)1‬ض ـ ـ ــرب جيب على‬
‫التخيري‪ ،‬وضـ ـ ــرب جيب على الرتتيب‪ ،‬وضـ ـ ــرب وجب لفوات أو ترك واجب أو ملباشـ ـ ــرة‬
‫دون فر ‪ ،‬وقد ذكر ¬ فدية الوطء يف العمرة يف قس ـ ـ ـ ــم الفدية اليت على الرتتيب(‪،)2‬‬
‫فهل يصح ذكرها يف هذا املوضع أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يص ـ ـ ــح ذكر فدية الوطء يف العمرة يف قس ـ ـ ــم الفدية اليت على الرتتيب‪ ،‬وعلى هذا‬
‫يدل ص ـ ــنيع الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬الض ـ ــرب الثاين‪ :‬مرتبا‪ ،‬وهو ثالثة أنواع"(‪ ،)3‬مث قال‪:‬‬
‫"الثالث‪ :‬فدية الوطء‪ ،‬وجيب به يف حج قبل التحلل األول بدنة‪ ،‬فإن مل جيدها ص ـ ـ ـ ـ ـ ــام‬
‫عشرة أيام ثالثة فيه وسبعة إذا رجع‪ ،‬ويف عمرة شاة"(‪.)4‬‬
‫وممن ذكر فدية الوطء يف العمرة يف قس ـ ـ ـ ـ ـ ــم الفدية اليت على الرتتيب‪ ،‬ابن قدامة‬
‫¬ يف املقنع(‪ ،)5‬وصاحب اإلقناع(‪ ،)6‬والغاية(‪.)7‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال يس ـ ـ ـ ــتقيم ذكر فدية الوطء يف العمرة يف قس ـ ـ ـ ــم الفدية اليت على الرتتيب‪ ،‬وكان‬
‫األحس ــن إس ــقاط ذكرها هنا‪ ،‬أو التصـ ـريح بأهنا كفدية األذى‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬لكن ذكر املص ـ ــنف لفدية العمرة يف قس ـ ــم الرتتيب يوهم خالف ذلك‪ ،‬إال‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)116 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)120 /2‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)118 /2‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)120 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪.)119 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)370 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)405 /1‬‬
‫‪- 172 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫أن يقــال‪ :‬املقص ـ ـ ـ ـ ـ ــود إمنــا هو فــديــة احلج قبــل التحلــل؛ ألنــه املرتتــب‪ ،‬وغريه ذكر بطريق‬
‫التبعيــة‪ ،‬تتميمــا ملــا جيــب يف العمرة ال لكون واجبهــا مرتبــا‪ ،‬وهلــذا مل يتعرض ملــا إذا عــدم‬
‫الش ـ ـ ـ ـ ـ ــاة‪ ،‬كما مل يتعرض ملا إذا عدم البدنة‪ ،‬مع أن واجب العمرة قد قدمه يف حمظورات‬
‫اإلحرام‪ ،‬فكان األحسن إسقاطه هنا‪ ،‬أو التصريح بأنه كفدية األذى"(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ما ذكره الش ـ ــيخ عثمان ¬ متجه‪ ،‬وذلك ملا نصـ ـ ـوا عليه من أن فدية الوطء يف‬
‫العمرة تلحق بفدية األذى‪ ،‬وهي على التخيري(‪ ،)2‬فذكر الفتوحي هلا يف قس ـ ـ ـ ـ ـ ــم الفدية‬
‫اليت على الرتتيب قد يش ــكل‪ ،‬وتص ــديره للقس ــم بقوله "فدية الوطء" يزيد االلتباس‪ ،‬ولو‬
‫قال "فدية الوطء يف احلج" مثال‪ ،‬مث ذكر بعده فدية العمرة إحلاقا فقد يكون أبعد عن‬
‫اإليهام‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وميكن أن يعتذر للفتوحي ¬ بأنه نقل هذه العبارة من املقنع‪ ،‬وذكر املقنع هلا‬
‫يف قس ـ ـ ـ ـ ـ ــم الفدية اليت على الرتتيب إمنا جاء تتميما واس ـ ـ ـ ـ ـ ــتطرادا‪ ،‬قال يف املقنع‪" :‬النوع‬
‫الثالث‪ :‬فدية الوطء جتب به بدنة‪ ،‬فِإن مل جيدها صام عشرة أيام‪ ،‬ثالثة يف احلج وسبعة‬
‫إِذا رجع‪ ،‬كدم املتعة؛ لقضاء الصحابة ‪ ٪‬به‪.‬‬
‫وقال القاض ــي‪ :‬إِن مل جيد البدنة أخر بقرة‪ ،‬فِإن مل جيد فس ــبعاً من الغنم‪ ،‬فِإن مل‬
‫جيد أخر بقيمتها طعاماً‪ ،‬فِإن مل جيد صام عن كل مد يوماً‪ ،‬وظاهر كالم اخلرقي(‪ )3‬أنه‬
‫خمري يف هذه اخلمسة فبأيها كفر أجزأه‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)123 – 122 / 2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)340 /3‬واملبدع (‪ ،)166 /3‬واإلنصاف (‪ ،)523 /3‬وشرح املنتهى (‪ ،)556 /1‬ومفيد‬
‫األنام (‪.)199 /1‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬عمر بن احلسني بن عبد اهلل بن أمحد أبو القاسم اخلرقي‪ ،‬قرأ العلم على من قرأه على أيب بكر املروذي وحرب‬
‫الكرماين وصاحل وعبد اهلل ابين اإلمام أمحد‪ ،‬له املصنفات الكثرية يف املذهب مل ينتشر منها إال املختصر يف الفقه‪،‬‬
‫قرأ عليه مجاعة من شيوخ املذهب منهم أبو عبد اهلل بن بطة وأبو احلسني التميمي‪ ،‬تويف سنة أربع وثالثني وثالمثائة‪.‬‬
‫تاريخ بغداد (‪ ،)87 /13‬وطبقات احلنابلة (‪ ،)75 /2‬ووفيات األعيان (‪ ،)441 /3‬وشذرات الذهب (‪.)186 /4‬‬
‫‪- 173 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وجيب بالوطء يف الفر بدنة إِن كان يف احلج وشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاة إِن كان يف العمرة‪ .‬وجيب‬
‫على املرأة مثل ذلك إِن كانت مطاوعة‪ ،‬وإِن كانت مكرهة فال فدية عليها‪ ،‬وقيل يلزمها‬
‫كفارة يتحملها الزو عنها"(‪.)1‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬املقنع (ص‪.)119 :‬‬


‫‪- 174 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حكم األخذ بقول من قتل صيدا في الحرم عمدا في‬
‫تقدير جزاء صيده‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫يذكر احلنابلة يف حكم جزاء الصيد الذي له مثل ومل حتكم به الصحابة‪ ،‬أنه يرجع‬
‫فيه إىل قول عدلني خبريين‪ ،‬ويذكرون جواز كون القاتل واحدا من هذين احلكمني(‪،)1‬‬
‫وقد قيده ابن عقيل مبا إذا قتله خطأ؛ ألن العمد ينايف العدالة‪ ،‬أو جاهال بتحرميه؛ لعدم‬
‫فسقه(‪.)2‬‬
‫فهل يصح األخذ بقول قاتل الصيد عمدا يف تقدير جزاء صيده إن تابت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يص ــح األخذ بقول قاتل الص ــيد عمدا يف تقدير جزاء ص ــيده إن تاب‪ ،‬وهذا قول‬
‫منص ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬ عند ش ـ ــرحه لقول الفتوحي‪" :‬النوع الثاين‪ :‬ما مل تقض فيه‪،‬‬
‫ويرجع فيه إىل قول عدلني خبريين‪ .‬وجيوز كون القاتل أحدمها أو مها‪ .‬ابن عقيل‪ :‬خطأ‬
‫أو حلــاجــة أو جــاهال حترميــه‪ .‬املنقح(‪ :)3‬وهو قوي ولعلــه مرادهم ألن قتــل العمــد ينــايف‬
‫العدالة"(‪ )4‬قال‪(":‬ألن قتل العمد ينايف العدالة) إن مل يتب‪ ،‬وهي شرط احلكم"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)501 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)352 /3‬وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب احلج (‪،)286 /2‬‬
‫والفروع (‪ ،)495 /5‬واملبدع (‪ ،)177 /3‬واإلنصاف (‪ ،)540 /3‬والتنقيح املشبع (ص‪ ،)186 :‬واإلقناع (‪/1‬‬
‫‪ ،)374‬ومنتهى اإلرادات (‪.)129 /2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)353 /3‬وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب احلج (‪ ،)288 /2‬والفروع (‪ ،)495 /5‬واملبدع‬
‫(‪ ،)177 /3‬والتنقيح املشبع (ص‪ ،)186 :‬واإلنصاف (‪ ،)540 /3‬واإلقناع (‪ ،)374 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪/2‬‬
‫‪.)129‬‬
‫(‪ )3‬التنقيح املشبع (ص‪.)186 :‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)129 /2‬‬
‫(‪ )5‬شرح املنتهى (‪.)562 /1‬‬
‫‪- 175 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وهذا القول هو ظاهر قول ابن قدامة(‪ ،)1‬ونص عليه ابن تيمية(‪ ،)2‬وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب‬
‫الغاية(‪ ،)3‬وهو ظاهر قول صاحب كايف املبتدي(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال يص ـ ــح األخذ بقول قاتل الص ـ ــيد عمدا يف تقدير جزاء ص ـ ــيده حىت وإن تاب‪،‬‬
‫وهــذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال ¬‪(" :‬ينــايف العــدالــة) أي‪ :‬إن مل يتــب‪ ،‬وهي ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرط‬
‫احلكم‪ .‬شرح‪ .‬ويف التقييد شيء؛ ألنه متهم وإن تاب‪ .‬فتأمل"(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن املنع من متكينه من التحكيم يف جزاء الصـ ــيد إمنا كان ألجل فسـ ــقه مبعصـ ــيته‪،‬‬
‫فلما زال الفسق بالتوبة زال املنع(‪.)6‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫سبب عدم األخذ بقول قاتل الصيد عمدا بعد توبته‪ :‬أنه متهم وإن تاب(‪.)7‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح هو ما ذهب إليه الشـ ـ ـ ـ ـ ــيخ منصـ ـ ـ ـ ـ ــور ¬؛ وذلك ألن علة املنع من‬
‫األخذ بقول قاتل الصـ ـ ــيد عمدا يف تقدير جزاء صـ ـ ــيده إمنا هو ألجل فسـ ـ ــقه‪ ،‬وقد نص‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)501 /1‬وعمدة احلازم (ص‪.)191 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب احلج (‪.)288 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)408 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الروض الندي شرح كايف املبتدي (ص‪.)181 :‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)130 – 129 / 2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)562 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)130 – 129 / 2‬‬
‫‪- 176 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫على ذلك ابن عقيل والش ـ ـ ـ ــارح وغريهم(‪ ،)1‬فلما زال الفس ـ ـ ـ ــق بالتوبة زال أثره وهو عدم‬
‫األخذ بقوله‪.‬‬
‫وأما ما ذكره الش ــيخ عثمان ¬ من وجود التهمة‪ ،‬فالتهمة موجودة فيمن ص ــاد‬
‫خطأ مثلما هي موجودة فيمن صاد عمدا‪ ،‬ولو قلنا باملنع للتهمة للزم إغالق هذا الباب‬
‫كله‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا قتل احملرم صـ ـ ـ ـ ـ ــيدا عمدا‪ ،‬مث تاب‪ ،‬وكان خبريا يف تقدير جزاء الصـ ـ ـ ـ ـ ــيد‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول‪ :‬يص ـ ــح األخذ بقوله يف تقدير جزاء ص ـ ــيده‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال يص ـ ــح‬
‫األخذ بقوله يف ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)353 /3‬وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب احلج (‪ ،)288 /2‬والفروع (‪ ،)495 /5‬واملبدع‬
‫(‪ ،)177 /3‬والتنقيح املشبع (ص‪ ،)186 :‬واإلنصاف (‪ ،)540 /3‬واإلقناع (‪ ،)374 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪/2‬‬
‫‪.)129‬‬
‫‪- 177 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬إعادة الطواف والسعي من المتمتع الذي علم أحد‬
‫طوافيه بال طهارة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قــال الفتوحي ¬‪" :‬وإن فرغ متمتع‪ ،‬مث علم أحــد طوافيــه بال طهــارة‪ ،‬وجهلــه‪،‬‬
‫لزمه األشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ ،‬وهو جعله للعمرة‪ ،‬فال حيل حبلق‪ ،‬وعليه به دم‪ ،‬ويص ـ ـ ـ ـ ـ ــري قارنا‪ ،‬وجيزئه‬
‫الطواف للحج عن النسكني‪ ،‬ويعيد السعي"(‪.)1‬‬
‫فقوله ¬‪" :‬وجيزئه الطواف للحج عن النســكني‪ ،‬ويعيد الســعي"‪ ،‬هل املراد منه‬
‫اإللزام بإعادة الطواف والسعي‪ ،‬أم إعادة السعي فقكت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يلزم املتمتع الذي علم أحد طوافيه بال طهارة إعادة الس ـ ـ ــعي دون إعادة الطواف‪،‬‬
‫وه ــذا قول الفتوحي‪ ،‬ق ــال ¬ "وإن فرغ متمتع‪ ،‬مث علم أح ــد طوافي ــه بال طه ــارة‪،‬‬
‫وجهله‪ ،‬لزمه األش ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ ،‬وهو جعله للعمرة‪ ،‬فال حيل حبلق‪ ،‬وعليه به دم‪ ،‬ويص ـ ـ ـ ـ ـ ــري قارنا‪،‬‬
‫وجيزئه الطواف للحج عن النسكني‪ ،‬ويعيد السعي"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)152 – 151 / 2‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)152 – 151 / 2‬‬
‫‪- 178 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)1‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)2‬وص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب اإلنص ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪،)3‬‬
‫واإلقناع(‪ ،)4‬والغاية(‪ ،)5‬ومصباح السالك(‪ ،)6‬ومفيد األنام(‪.)7‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال يصــح إلزام املتمتع الذي علم أحد طوافيه بال طهارة بإعادة الســعي دون إعادة‬
‫الطواف‪ ،‬بل األوىل أن يلزم بإعادة طوافه وس ـ ـ ـ ـ ـ ــعيه‪ ،‬وتكون عبارة املنت‪" :‬ويعيد الطواف‬
‫والســعي‪ ،‬وجيزئان عن النســكني"‪ ،‬أو أن يقال إن ســعيه صــحيح وال تلزمه إعادته‪ ،‬وهذا‬
‫هو تعق ــب عثم ــان‪ ،‬ق ــال ¬‪" :‬إذا فرغ املتمتع من أفع ــال عمرت ــه وحج ــه‪ ،‬فق ــد أتى‬
‫بطوافني وس ـ ـ ـ ـ ـ ــعيني‪ ،‬فإذا تذكر أن أحد طوافيه بال طهارة وجهله‪ ،‬فلم يعلم أهو طواف‬
‫العمرة أم طواف احلجت فــإنــا نلزمــه بــالعمــل بــاألحوط‪ ،‬وهو األش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد عليــه‪ ،‬ليخر من‬
‫العهدة بيقني‪ .‬فباعتبار أنه إذا قدر الفاس ـ ــد هو طواف العمرة‪ :‬فس ـ ــد س ـ ــعيها‪ ،‬ولزمه دم‬
‫حللقها‪ ،‬وص ـ ـ ـ ـ ـ ــار قارنا إلحرامه باحلج قبل طواف عمرته‪ ،‬نلزمه التزام ذلك‪ .‬وباعتبار أنه‬
‫إذا قدر الفاســد هو طواف احلج‪ :‬يفســد ســعيه فقك‪ ،‬نلزمه التزام ذلك أيضــا‪ .‬فيتلخص‬
‫من ذلك‪ :‬أنه يعيد طواف احلج وس ـ ـ ــعيه‪ ،‬وجيزئانه عن النس ـ ـ ــكني‪ ،‬ويلزمه دمان أحدمها‪:‬‬
‫حللقه‪ ،‬واآلخر‪ :‬لقرانه أو لتمتعه‪ .‬فقد عاملناه باألحوط‪ ،‬وهو األشد عليه باالعتبارين‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)344 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)399 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)19 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)383 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)420 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬مصباح السالك (ص‪ ،)184 :‬ومؤلفه هو‪ :‬سليمان بن علي بن مشرف التميمي‪ ،‬عالمة الديار النجدية‪،‬‬
‫جد اإلمام اجملدد حممد بن عبدالوهاب ¬‪ ،‬كان فقيها بارعا‪ ،‬واشتهر باإلفتاء‪ ،‬وكانت له رياسة يف الديار النجدية‪،‬‬
‫لقي الشيخ منصور البهويت يف حج عام ‪1049‬ه‪ ،‬ألف املنسك املشهور‪ ،‬فصار عمدة عند احلنابلة‪ ،‬تويف ¬ سنة‬
‫‪1079‬ه‪ .‬السحب الوابلة (‪ ،)413 /2‬وعلماء جند (‪.)366 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬مفيد األنام (‪ ،)298 /1‬ومؤلفه هو‪ :‬عبد اهلل بن عبد الرمحن بن جاسر النجدي التميمي‪ ،‬ولد سنة ‪1313‬‬
‫ه ‪ ،‬ويل القضاء يف مكة والطائف واملدينة‪ ،‬مث عني رئيسا حملكمة التمييز يف املنطقة الغربية‪ ،‬وعضوا يف جملس القضاء‬
‫األعلى حىت تقاعد‪ ،‬تويف ¬ سنة ‪1401‬ه‪ .‬علماء جند (‪ ،)193 /4‬ومقدمة مفيد األنام‪.‬‬
‫‪- 179 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫وعبارة املصـ ــنف كاإلقناع ظاهرة يف أن األشـ ــد هو‪ :‬اعتبار كون الطواف الفاسـ ــد‪،‬‬
‫طواف العمرة ال غري‪ ،‬وأنه جيزئه طواف احلج عن النس ـ ـ ـ ـ ـ ــكني‪ ،‬وإذا كان كذلك‪ ،‬فينبغي‬
‫أن جيزئه السـعي أيضـا عن النسـكني‪ ،‬لوقوعه بعد طواف احلج املقدرة صـحته‪ ،‬فال يظهر‬
‫حينئذ وجه قوله‪( :‬ويعيد الس ـ ـ ـ ــعي)‪ ،‬وحيتمل أن مراده بقوله‪( :‬وجيزئه الطواف للحج عن‬
‫النسكني) أي‪ :‬الطواف الذي يأيت به بعد التذكر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويعيد الس ــعي) أي‪ :‬س ــعي احلج‪ ،‬جلواز كونه بعد طواف فاس ــد‪ ،‬لكن كان‬
‫حق العبارة أن يقول‪ :‬ويعيد الطواف والس ـ ـ ــعي‪ ،‬وجيزئان عن النس ـ ـ ــكني‪ .‬فتأمل ذلك وال‬
‫تستعجل"(‪.)1‬‬
‫وقد قال بلزوم إعادة الطواف والس ـ ـ ـ ــعي البهويت(‪ ،)2‬وذكر ص ـ ـ ـ ــاحب الغاية اجتاها‬
‫بندب إعادة الطواف(‪ ،)3‬ومال شارحها إىل لزوم اإلعادة(‪.)4‬‬
‫والقول بعدم لزوم إعادة الطواف والس ـ ـ ــعي ذكره اخللويت يف حاش ـ ـ ــيته على اإلقناع‬
‫حبثا‪ ،‬مث قال‪" :‬وقد يقال بإعادته احتياطا"(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫سـ ـ ـ ــبب القول بلزوم إعادة السـ ـ ـ ــعي‪ :‬أنه وجد بعد طواف غري معتد به؛ ألنا قدرنا‬
‫كونــه وقع بغري طهــارة(‪ ،)6‬ومن ش ـ ـ ـ ـ ـ ــروط الس ـ ـ ـ ـ ـ ــعي‪ :‬أن يقع بعــد طواف معتــد بــه ولو‬
‫مسنونا(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)152 – 151 / 2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)575 /1‬وكشاف القناع (‪.)485 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)420 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)402 /2‬‬
‫(‪ )5‬حاشية اإلقناع للخلويت (ص‪.)263 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)344 /3‬واإلنصاف (‪ ،)19 /4‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)192 /4‬وكشاف القناع (‪،)485 /2‬‬
‫ومطالب أويل النهى (‪.)402 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)352 /3‬والشرح الكبري (‪ ،)408 /3‬واملبدع (‪ ،)226 /3‬واإلقناع (‪ ،)385 /1‬ومنتهى اإلرادات‬
‫(‪ ،)154 /2‬وغاية املنتهى (‪.)423 /1‬‬
‫‪- 180 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫إن قلنا‪ :‬ال يعيد الس ــعي؛ فذلك لوقوعه بعد طواف احلج املقدرة ص ــحته(‪ ،)1‬وإن‬
‫قلنا‪ :‬يعيد الطواف والسـ ـ ـ ـ ـ ــعي؛ فذلك الحتمال أن يكون املرتوك فيه الطهارة هو طواف‬
‫احلج‪ ،‬فال يربأ بيقني إال بإعادته(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن القول بإعادة الطواف والســعي أخذا باالحتياط هو األوىل؛ وذلك‬
‫ألنه مل يتيقن كون هذا الطواف قد حص ـ ـ ـ ـ ـ ــل بطهارة‪ ،‬وألنه ميكنه تدارك الس ـ ـ ـ ـ ـ ــهو وأداء‬
‫فرضـ ــه بيقني‪ ،‬فوجب ذلك‪ ،‬وقياسـ ــا على من اشـ ــتبه عليه ثياب حمرمة بثياب مباحة‪ ،‬أو‬
‫اش ـ ـ ـ ـ ـ ــتبهت عليه بقع جنس ـ ـ ـ ـ ـ ــة ببقع طاهرة وأراد الص ـ ـ ـ ـ ـ ــالة(‪ ،)3‬ومن أدى أربع أو ثالث‬
‫سجدات من ثالث ركعات(‪ ،)4‬وكما لو نسي صالة من يوم ال يعلم عينها(‪.)5‬‬
‫وألهنم اتفقوا على أنه يعامل باألش ــد‪ ،‬واألش ــد أن يقض ــي طواف العمرة وطواف‬
‫احلج‪ ،‬فلما تعذر قضاء طواف العمرة لفوات وقته‪ ،‬بقي قضاء طواف احلج‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)152 – 151 / 2‬‬


‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪ ،)485 /2‬وحاشية املنتهى (‪.)152 / 2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)49 :‬والفروق للسامري (ص‪ ،)133 :‬واملغين (‪ ،)47 /1‬والكايف (‪ ،)39 /1‬وعمدة الفقه‬
‫(ص‪ ،)13 :‬و احملرر (‪ ،)44 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)53 /1‬وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪،)85 :‬‬
‫والفروع (‪ ،)100 /1‬واإلنصاف (‪ ،)77 /1‬واإلقناع (‪ ،)12 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)29 /1‬وهداية الراغب (‪/1‬‬
‫‪.)35‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)280 /1‬واملبدع (‪ ،)466 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)253 - 251/1‬وشرح املنتهى (‪،)228 /1‬‬
‫وإرشاد أويل النهى (ص‪ ،)243 :‬وحاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪ ،)341 /1‬حاشية املنتهى (‪– 252 / 1‬‬
‫‪ ،)253‬ومطالب أويل النهى (‪.)524 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬مسائل حرب الكرماين من أول كتاب الصالة (ص‪ ،)273 :‬والفروق للسامري (ص‪ ،)133 :‬والكايف (‪/1‬‬
‫‪ ،)198‬وشرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الصالة (ص‪ ،)249 :‬وإيضاح الدالئل يف الفرق بني املسائل (ص‪:‬‬
‫‪ ،)225‬والقواعد والفوائد البن اللحام (ص‪ ،)138 :‬واملبدع (‪ ،)314 /1‬واإلنصاف (‪ ،)446 /1‬واإلقناع (‪/1‬‬
‫‪.)86‬‬
‫‪- 181 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫والقول بإعادة السـعي وحده دون الطواف اسـتشـكله الشـيخ عثمان ¬‪ ،‬وذلك‬
‫أن طواف احلج قد قدر كونه ص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيحا‪ ،‬فتعليل اإللزام بإعادة الس ـ ـ ـ ـ ـ ــعي ألنه وقع بعد‬
‫طواف غري معتد به غري ظاهر‪.‬‬
‫وقد يقال يف اجلواب على هذا اإلشكال‪ :‬أن السعي الذي يلزم إعادته هو السعي‬
‫الذي وقع بعد طواف العمرة‪ ،‬ال السعي الذي وقع بعد طواف احلج‪ ،‬وذلك ألن السعي‬
‫الذي وقع بعد طواف العمرة قد ختلف فيه شرط من شروط السعي‪ ،‬وهو أن يكون بعد‬
‫طواف معتد به‪ ،‬وأما الس ـ ـ ـ ـ ـ ــعي الذي وقع بعد طواف احلج‪ ،‬فإن املتمتع حني أدى هذا‬
‫السعي كان ينوي به احلج فقك دون العمرة‪ ،‬ولذا مل يقع عن العمرة‪ ،‬وإمنا وقع عن احلج‬
‫فقك‪ ،‬والس ـ ـ ـ ـ ـ ــعي حىت يكون جمزئا عن احلج والعمرة يلزم أن ينوي فيه أداء واجب احلج‬
‫والعمرة‪ ،‬وقد أشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار ابن رجب ¬ إىل هذا فقال‪(" :‬القاعدة الثامنة عش ـ ـ ـ ـ ـ ــر)‪ :‬إذا‬
‫اجتمعت عبادتان من جنس يف وقت واحد ليس ـ ــت إحدامها مفعولة على جهة القض ـ ــاء‬
‫وال على طريق التبعية لألخرى يف الوقت تداخلت أفعاهلما‪ ،‬واكتفى فيهما بفعل واحد‪،‬‬
‫وهو على ضربني‪:‬‬
‫(أحدمها)‪ :‬أن حيصــل له بالفعل الواحد العبادتان مجيعا فيشــرتط أن ينويهما مجيعا‬
‫على املش ـ ـ ـ ـ ـ ــهور‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ‪( ....‬ومنها) القارن إذا نوى احلج والعمرة كفاه هلما‬
‫طواف واحد وســعي واحد على املذهب الصــحيح"(‪ ،)1‬وأشــار أيضــا صــاحب الغاية إىل‬
‫هذا املعىن‪ ،‬فقال يف شروط السعي‪" :‬ونية معينة"(‪.)2‬‬
‫ويش ـ ـ ـ ـ ـ ــكل على هذا اجلواب‪ :‬أنه يلزم منه أن ينوي يف طواف احلج أن يكون عن‬
‫العمرة واحلج‪ ،‬وأش ــار أيض ــا يف املقنع إىل هذا املعىن‪ ،‬فقال‪" :‬مث يفيض إِىل مكة ويطوف‬
‫للزيارة‪ ،‬ويـة َعيِّنه بالنية‪ ،‬وهو الطواف الواجب الذي به متام احلج"(‪ ،)3‬وقال ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب‬
‫الغاية يف شروط الطواف‪" :‬ونية معينة"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬القواعد البن رجب (ص‪)24 - 23 :‬‬


‫(‪ )2‬غاية املنتهى (‪.)419 /1‬‬
‫(‪ )3‬املقنع (ص‪.)128 :‬‬
‫(‪ )4‬غاية املنتهى (‪.)423 /1‬‬
‫‪- 182 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫تنبيه‪ :‬قول صاحب املنتهى وغريه‪" :‬وعليه به دم"(‪ )1‬ال يقصد به خصوص الدم‪،‬‬
‫بل يقص ــد أن عليه فدية األذى‪ ،‬قال الش ــيخ ابن عثيمني ¬‪" :‬مث اعلم أن العلماء يف‬
‫حمظورات اإلحرام إذا قــالوا‪ :‬دم يف مثــل هــذا‪ ،‬فال يعنون أن الــدم متعني‪ ،‬بــل هو أحــد‬
‫أمور ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬الدم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إطعام ستة مساكني‪ ،‬لكل مسكني نصف صاع‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ص ـ ـ ـ ـ ــيام ثالثة أيام‪ ،‬إال اجلماع يف احلج قبل التحلل األول‪ ،‬فإن فيه بدنة‪،‬‬
‫وإال جزاء الصيد فإن فيه مثله"(‪.)2‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫املتمتع الذي علم أحد طوايف العمرة واحلج بال طهارة‪ ،‬يلزمه مع فدية األذى على‬
‫القول األول‪ :‬إع ــادة الس ـ ـ ـ ـ ـ ــعي دون إع ــادة الطواف‪ ،‬وعلى القول الث ــاين‪ :‬يلزم ــه إع ــادة‬
‫الطواف والس ـ ـ ـ ــعي‪ ،‬وعلى االحتمال الثالث الذي ذكره الش ـ ـ ـ ــيخ عثمان‪ :‬ال يلزمه إعادة‬
‫الطواف وال إعادة السعي‪.‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)152 – 151 / 2‬‬


‫(‪ )2‬الشرح املمتع على زاد املستقنع (‪.)121 /7‬‬
‫‪- 183 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬تعيين هدي به عيب لم يعلمه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قــال الفتوحي ¬ يف معرض حــديثــه عن تعيني اهلــدي‪" :‬وإن عني معلوم عيبــه‬
‫تعني"(‪ ،)1‬فهــل عبــارة الفتوحي تــدل على أن من عني هــديــا مل يعلم عيبــه مل يتعني‪ ،‬أم‬
‫أهنا ال تدل على ذلكت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫عبــارة الفتوحي تــدل على أن من عني هــديــا مل يعلم عيبــه مل يتعني‪ ،‬وهــذا قول‬
‫منصـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬"(وإن عني) يف هدي أو أضـ ـ ـ ــحية (معلوم عيبه تعني) كعتق‬
‫معيب عن كفارته‪ .‬وظاهره‪ :‬ولو عني ما مل يعلم عيبه‪ ،‬مل يتعني"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫عبــارة الفتوحي ال تــدل على أن من عني هــديــا مل يعلم عيبــه مل يتعني‪ ،‬بــل تــدل‬
‫على أنه يتعني‪ ،‬س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء علم العيب أم مل يعلمه‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"قوله‪( :‬وإن عني معلوم عيبه‪...‬إخل) فإن مل يعلم عيبه‪ ،‬تعني أيض ـ ــا بدليل ما بعده‪ ،‬فهو‬
‫مفهوم موافقة‪ ،‬خالفا ملا يف شرح منصور البهويت"(‪.)3‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ظــاهر العبــارة يــدل على أنــه إن علم عيبــه قبــل التعيني تعني‪ ،‬ال إن علمــه بعــد‬
‫تعيينه(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)188 /2‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)606 /1‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)188 / 2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)606 /1‬‬
‫‪- 184 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫العبارة اليت بعدها تدل على أنه إن مل يعلم عيبه إال بعد تعيينه فإنه يتعني(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الــذي يظهر أن الراجح هو مــا ذهــب إليــه عثمــان ¬‪ ،‬ويــدل على ذلــك متــام‬
‫عبــارة الفتوحي ¬‪ ،‬فــإنــه قــال‪" :‬وإن عني معلوم عيبــه تعني‪ ،‬وكــذا عمــا يف ذمتــه‪ ،‬وال‬
‫جيزئه‪ .‬وميلك رد ما علم عيبه بعد تعيينه‪ ،‬وإن أخذ األرب فكفاضـ ــل من قيمة"(‪ ،)2‬قال‬
‫يف ش ـ ـ ــرحه‪(" :‬وميلك) من عني معيبا جيهل عيبه (رد ما علم عيبه بعد تعيينه) فيخري بني‬
‫رده أو أخذ أرشه‪( .‬وإن أخذ األرب فـ) حكمه (كفاضل من قيمة) يف األصح"(‪.)3‬‬
‫فقوله‪" :‬وإن أخذ األرب فكفاض ـ ـ ـ ــل من قيمة" هو دليل على أثر نية التعيني‪ ،‬فلو‬
‫مل ميكن لنية التعيني أثر ملا لزمه يف أرشه كفاضل من قيمة‪.‬‬
‫والبهويت ¬ أشـار إىل أنه لو اسـرتجع الثمن فال ميلك التصـرف فيه‪ ،‬وهذا أيضـا‬
‫يدل على أثر نية التعيني‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وميلك) من اش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتى معيبا جيهله وعينه (رد ما‬
‫علم عيبه بعد تعينه)‪ ،‬كما ميلك أخذ أرش ـ ــه‪( ،‬وإن أخذ األرب فهو كفاض ـ ــل من قيمة)‬
‫على ما يأيت تفصيله‪ .‬قلت‪ :‬وكذا لو اسرتجع الثمن"(‪.)4‬‬
‫وقال يف حكم الفاض ــل من الثمن‪(" :‬وإن فض ــل عن شـ ـراء املثل ش ــيء) من قيمة‬
‫وجبت لرخص‪ ،‬بأن كان املتلف شــاة مثال تســاوي عشــرة ورخصــت الغنم حبيث يســاوي‬
‫مثلها مخسة‪( ،‬اشرتى به) أي‪ :‬الفاضل عن شراء املثل (شاة‪ ،‬أو) اشرتى به (سبع بدنة‬
‫أو بقرة) إن أمكن‪ ،‬وإن ش ـ ــاء اش ـ ــرتى بالعش ـ ــرة كلها ش ـ ــاة‪( ،‬فإن مل يبلا) الفاض ـ ــل مثن‬
‫شيء من ذلك (تصدق به) أي‪ :‬الفاضل‪( ،‬أو) تصدق (بلحم يةشرتى به كـ ـ) ـ ـما يفعل‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)188 / 2‬ولعل عثمان يقصد قول الفتوحي‪" :‬وميلك رد ما علم عيبه بعد تعيينه‪ ،‬وإن أخذ‬
‫األرب فكفاضل من قيمة"‪.‬‬
‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪)188 /2‬‬
‫(‪ )3‬معونة أويل النهى (‪.)285 /4‬‬
‫(‪ )4‬شرح املنتهى (‪.)606 /1‬‬
‫‪- 185 -‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعقبات يف العبادات‪.‬‬

‫ذلك ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ (أرب جناية عليه) أي‪ :‬املعني من هدي أو أض ـ ـ ـ ـ ـ ــحية‪ .‬بأن فقأ عينها أو‬
‫حنوها"(‪.)1‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو عني رجل هديا معيبا‪ ،‬ومل يعلم هذا العيب إال بعد التعيني‪ ،‬فعلى القول األول‬
‫ال يتعني هذا اهلدي‪ ،‬وعلى القول الثاين يتعني‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرح املنتهى (‪.)608 /1‬‬


‫‪- 186 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وفيه خمسة مباحث‪.‬‬


‫• المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب البيع‪.‬‬
‫• المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب الحجر‪.‬‬
‫• المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الشركة‪.‬‬
‫• المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب العارية‪.‬‬
‫• المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الغصب‪ ،‬وكتاب الوق ‪.‬‬

‫‪- 187 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب البيع‪.‬‬


‫وفيه ثالثة عشر مطلبا‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬بيع الماء المتنجس‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬اشتراط تعيين ابتداء وانتهاء االستثناء في بيع أرض أو ثوب‬
‫واستثناء جزء منهما‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬إدخال مسألة تعذر أداء المنفعة المشتروة في قول الفتوحي‪:‬‬
‫"وإن تراضيا على أخذه بال عذر جاز"‪.‬‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬قول الراهن‪ :‬إن جئتك بحقك في وقت كذا وإال فالرهن لك‪.‬‬
‫• المطلب الخامس‪ :‬ثبوت خيار العيب حال نقص المبيع في عينه دون قيمته‪.‬‬
‫• المطلب السادس‪ :‬النقص من الثمن وقسطه من الخسارة حال التخبير بالثمن على‬
‫غير حقيقته‪.‬‬
‫• المطلب السابع‪ :‬تخيير المشتري بين الفسخ واإلمساك بال أرش إذا علم بالعيب‬
‫وكان المبيع من ضمان البائع‪.‬‬ ‫قبل القب‬
‫• المطلب الثامن‪ :‬اعتبار ولب المشتري الكيل في وعائه بمنزلة قبضه‪.‬‬
‫متعين احتاج إلى حق توفية بغير رضا بائع‪.‬‬ ‫• المطلب التاسع‪ :‬قب‬
‫• المطلب العاشر‪ :‬اشتراط النية عند قضاء الدين‪.‬‬
‫• المطلب الحادي عشر‪ :‬إقراض الولي من مال موليه لمصلحة‪.‬‬
‫• المطلب الثاني عشر‪ :‬تشبيه الناظر واإلمام بسيد الجاني‪.‬‬
‫• المطلب الثالث عشر‪ :‬ضمان المشتري أرش الثمن‪.‬‬

‫‪- 188 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬بيع الماء المتنجس‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا تنجس املاء اململوك لشخص‪ ،‬فهل يصح له بيعه أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال يص ـ ــح بيع املاء املتنجس‪ ،‬وهذا قول منص ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬تنبيه‪ :‬ظهر‬
‫مما ســبق أن جناســة املاء حكمية‪ ،‬وصــوبه يف اإلنصــاف(‪ ،)1‬وذكره الشــيخ تقي الدين يف‬
‫الفروع(‪)3‬‬ ‫ش ــرح العمدة(‪ )2‬ألنه يطهر غريه‪ ،‬فنفسـ ــه أوىل وأنه كالثوب النجس‪ ،‬ونقل يف‬
‫عن بعض ـ ـ ــهم‪ :‬أنه يص ـ ـ ــح بيعه‪ ،‬قلت‪ :‬وهو بعيد إذ جناس ـ ـ ــة اخلمر حكمية‪ ،‬وال يص ـ ـ ــح‬
‫بيعه"(‪.)4‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول صاحب الفروع(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫جيوز بيع املــاء املتنجس‪ ،‬وهــذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال ¬‪" :‬وأقول‪ :‬قــد يفرق‬
‫بينــه وبني اخلمر؛ بــأن املــاء ميكن تطهريه بفعــل اآلدمي‪ ،‬فهو كــالثوب النجس‪ ،‬االف‬
‫اخلمر‪ ،‬فإهنا ال تطهر إال باالنقالب بنفسها"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)62 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪.)64 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)86 /1‬‬
‫(‪ )4‬شرح املنتهى (‪.)23 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)86 /1‬‬
‫(‪ )6‬حاشية املنتهى (‪.)20 / 1‬‬
‫‪- 189 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وهــذا القول هو ظــاهر قول اجملــد(‪ ،)1‬وابن تيميــة(‪ ،)2‬وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحــب احلــاوي(‪،)3‬‬
‫واإلنص ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)4‬واإلقناع(‪ ،)5‬وقد نقل ص ـ ـ ـ ـ ــاحب الفروع عن بعض احلنابلة القول هبذا‬
‫القول‪ ،‬فقال‪" :‬وذكر بعض أصحابنا يف كتب اخلالف‪ :‬أن جناسته جماورة سريعة اإلزالة‪،‬‬
‫ال عينية‪ ،‬فلهذا جيوز بيعه"(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫القياس على اخلمر‪ ،‬ووجهه أن جناس ـ ــة اخلمر حكمية وجناس ـ ــة املاء حكمية‪ ،‬ومن‬
‫املعلوم أن اخلمر ال جيوز بيعها(‪ ،)7‬فيلحق املاء النجس هبا‪.‬‬
‫وذكر صــاحب الفروع أن جناســة املاء جناســة عينية(‪ ،)8‬وعليه فيلحق بعموم النهي‬
‫عن بيع النجسات‪ ،‬واملتنجسات(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)285 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪ ،)64 :‬وجمموع الفتاوى (‪ ،)512 /21‬والفروع (‪،)86 /1‬‬
‫واإلنصاف (‪ ،)63 /1‬وحاشية الروض املربع (‪.)88 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)724 /2‬ومؤلفه هو‪ :‬عبد الرمحن بن عمر بن أيب القاسم بن علي الضرير‪ ،‬البصري اإلمام الفقيه‬
‫نور الدين أبو طالب حفظ القرآن بالبصرة مث قدم بغداد وحفظ هبا كتاب اهلداية أليب اخلطاب وبرع فيه وأذن له يف‬
‫اإلفتاء ومسع من الشيخ جمد الدين وكان بارعا يف الفقه وله معرفة باحلديث والتفسري وله مصنفات عديدة منها كتاب‬
‫جامع العلوم يف تفسري كتاب اهلل احلي القيوم واحلاوي يف الفقه تفقه عليه مجاعة منهم الشيخ صفي الدين عبد املؤمن‬
‫تويف سنة أربع ومثانني وستمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)194 /4‬واملقصد االرشد (‪.)101 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ )281 /4‬و(‪ ،)63 /1‬وتصحيح الفروع (‪.)87 /1‬‬
‫(‪ )5‬اإلقناع (‪.)61 /2‬‬
‫(‪ )6‬الفروع (‪ ،)86 /1‬وينظر‪ :‬املبدع (‪.)39 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)169 /4‬واإلنصاف (‪ ،)270 /4‬وشرح املنتهى (‪.)5 /2‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)86 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬الروض املربع (ص‪ ،)307 :‬وشرح املنتهى (‪.)8 /2‬‬
‫‪- 190 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن املاء ميكن تطهريه بفعل اآلدمي‪ ،‬فهو كالثوب النجس‪ ،‬االف اخلمر‪ ،‬فإهنا ال‬
‫تطهر إال باالنقالب بنفسها‪ ،‬وألن جناسة املاء سريعة اإلزالة(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ما ذكره الشـ ــيخ منصـ ــور ¬ هو األصـ ــل يف بيع النجسـ ــات(‪ ،)2‬إال أن احلنابلة‬
‫رمحهم اهلل اس ــتثنوا من النجس ــات ما ميكن تطهريه‪ ،‬فقد نص ـ ـوا على جواز بيعه وش ـ ـرائه‪،‬‬
‫قـال يف احلـاوي‪" :‬كـل جنس ميكن تطهريه‪ ،‬كـالثوب املغموس يف البول وحنوه‪ :‬جيوز بيعـه‬
‫قوال واحدا‪ ،‬إال جلود امليتة قبل دباغها"(‪ ،)3‬وقال يف اإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف‪" :‬وقيل‪ :‬جيوز بيعها‬
‫(أي‪ :‬األدهان النجس ـ ـ ـ ــة) إن قلنا تطهر بغس ـ ـ ـ ــلها‪ ،‬وإال فال‪ .‬قاله يف الرعاية‪ .‬قلت‪ :‬هذا‬
‫املــذهــب‪ .‬وال حــاجــة إىل حكــايتــه قوال‪ .‬وهلــذا قــال يف احملرر‪ ،‬واحلــاويني‪ ،‬وغريهم على‬
‫القول بــأهنــا تطهر جيوز بيعهــا"(‪ ،)4‬وقــال يف اإلقنــاع‪" :‬ويص ـ ـ ـ ـ ـ ــح بيع جنس ميكن تطهريه‬
‫كثوب وحنوه"(‪ ،)5‬قال البهويت يف شرحه‪" :‬كإناء؛ ألنه ينتفع به بعد تطهريه"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ‪ -‬كتاب الطهارة (ص‪ ،)64 :‬وجمموع الفتاوى (‪ ،)512 /21‬والفروع (‪،)86 /1‬‬
‫واإلنصاف (‪ ،)63 /1‬وحاشية املنتهى (‪ ،)20 / 1‬ومطالب أويل النهى (‪ ،)43 /1‬وحاشية الروض املربع (‪/1‬‬
‫‪.)88‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)228 :‬والكايف (‪ ،)6 /2‬و احملرر (‪ ،)284 /1‬والفروع (‪ ،)128 /6‬واملبدع (‪،)14 /4‬‬
‫واإلنصاف (‪ ،)280 /4‬واإلقناع (‪ ،)61 /2‬منتهى اإلرادات (‪.)256 /2‬‬
‫(‪ )3‬احلاوي (‪.)724 /2‬‬
‫(‪ )4‬اإلنصاف (‪ ،)281 /4‬وينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)43 /1‬‬
‫(‪ )5‬اإلقناع (‪.)61 /2‬‬
‫(‪ )6‬كشاف القناع (‪.)156 /3‬‬
‫‪- 191 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫فهذه النصـ ـ ــوص املنقولة أفادت النهي عن بيع النجسـ ـ ــات اليت ال ميكن تطهريها‪،‬‬
‫وجواز بيع ما ميكن تطهريه‪ ،‬وال ش ــك أن املاء ميكن تطهريه‪ ،‬وقد ذكر احلنابلة يف كتاب‬
‫الطهارة ما حيصل به تطهري املاء(‪.)1‬‬
‫وإمكان تطهريه فيه رد على من قال إن جناس ـ ـ ـ ـ ـ ــته عينية(‪ ،)2‬إذ لو كانت عينية ملا‬
‫أمكن تطهريه‪.‬‬
‫وعليه فالظاهر أن الراجح ما ذكره الشيخ عثمان ¬‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو أراد رجل بيع ماء متنجس‪ ،‬فعلى القول األول‪ ،‬ال يص ـ ـ ـ ـ ـ ــح بيعه‪ ،‬وعلى القول‬
‫الثاين يصح بيعه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)47 :‬والكايف (‪ ،)35 /1‬واملغين (‪ ،)27 /1‬واحملرر (‪ ،)2 /1‬والفروع (‪ ،)87 /1‬واملبدع (‪/1‬‬
‫‪ ،)39‬واإلنصاف (‪ ،)64 /1‬واإلقناع (‪ ،)9 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)19 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)86 /1‬‬
‫‪- 192 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اشتراط تعيين ابتداء وانتهاء االستثناء في بيع‬
‫أرض أو ثوب واستثناء جزء منهما‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫من أراد بيع أرض سـ ـ ـ ـ ــوى جريب(‪ )1‬منها‪ ،‬أو ثوب سـ ـ ـ ـ ــوى ذراع منه‪ ،‬فهل يلزمه‬
‫تعيني ابتداء وانتهاء املستثىن‪ ،‬أم يكفي تعيني أحدمها دون اآلخرت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يصـ ــح اسـ ــتثناء اجلريب من األرض والذراع من الثوب‪ ،‬بشـ ــرط أن يكون املسـ ــتثىن‬
‫معني االبتداء واالنتهاء‪ ،‬فال يكفي تعيني أحدمها دون اآلخر‪ ،‬وهذا قول الفتوحي‪ ،‬قال‬
‫¬‪" :‬وال جريـب من أرض‪ ،‬أو ذراع من ثوب مبهمـا‪ ،‬إال إن علمـا ذرعهمـا‪ ،‬ويكون‬
‫مشاعا‪ .‬ويصح معينا بابتداء وانتهاء معا"(‪ ،)2‬قال يف شرحه‪(" :‬ويصح) استثناء اجلريب‬
‫من األرض والذراع من الثوب إذا كان املس ـ ــتثىن (معينا بابتداء وانتهاء معا)؛ لكون الثنية‬
‫هنا معلومة"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬اجلريب من األرض‪ :‬مقدار معلوم الذراع واملساحة‪ ،‬وهو عشرة أقفزة‪ ،‬كل قفيز منها عشرة أعشراء‪ ،‬فالعشري جزء من‬
‫مائة جزء من اجلريب‪ .‬لسان العرب (‪.)260 /1‬‬
‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)269 /2‬‬
‫(‪ )3‬معونة أويل النهى (‪.)30 /5‬‬
‫‪- 193 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وهذا القول هو املش ـ ـ ـ ـ ـ ــهور من مذهب احلنابلة‪ ،‬وهو مروي عن اإلمام أمحد(‪،)1‬‬
‫وقال به القاض ـ ـ ــي(‪ ،)2‬وابن قدامة(‪ ،)3‬والش ـ ـ ــارح(‪ ،)4‬وص ـ ـ ــاحب الفروع(‪ ،)5‬واملبدع(‪،)6‬‬
‫واإلنصاف(‪ ،)7‬واإلقناع(‪ ،)8‬والغاية(‪ ،)9‬وشرح املنتهى(‪ ،)10‬وكشف املخدرات(‪.)11‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يص ـ ـ ـ ـ ــح اس ـ ـ ـ ـ ــتثناء اجلريب من األرض والذراع من الثوب‪ ،‬وال يش ـ ـ ـ ـ ــرتط أن يكون‬
‫املس ـ ـ ــتثىن معني االبتداء واالنتهاء‪ ،‬بل يكفي تعيني أحدمها دون اآلخر‪ ،‬وهذا هو تعقب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬معا) فإن عني أحدمها مل يصح‪ ،‬وفيه نظر"(‪.)12‬‬
‫وهذا القول روي عن اإلمام أمحد(‪ ،)13‬وقال به الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ ابن عثيمني(‪ ،)14‬وهو‬
‫ظاهر قول شيخ اإلسالم(‪.)15‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬التعليقة الكبرية (‪ ،)394 /3‬والفروع (‪ ،)153 /6‬واملبدع (‪ ،)31 /4‬واإلنصاف (‪.)306 /4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬التعليقة الكبرية (‪.)395 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)11 /2‬واملغين (‪.)99 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)31 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)153 /6‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)31 /4‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)306 /4‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)69 /2‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)36 /3‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)16 /2‬وكشاف القناع (‪.)171 /3‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)366 /1‬‬
‫(‪ )12‬حاشية املنتهى (‪.)269 /2‬‬
‫(‪ )13‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهويه (‪.)2868 /6‬‬
‫(‪ )14‬تعليقات ابن عثيمني على الكايف البن قدامة (‪ ،162 /4‬برتقيم الشاملة آليا)‪.‬‬
‫(‪ )15‬ينظر‪ :‬االختيارات ضمن الفتاوى الكربى البن تيمية (‪ ،)387 /5‬والقواعد النورانية (ص‪.)169 :‬‬
‫‪- 194 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫اإللزام بتحديد املبدأ واملنتهى لتكون الثنيا معلومة‪ ،‬فإن مل حيدد ذلك ختلف شــرط‬
‫معرفة املبيع(‪.)1‬‬
‫وملا رواه البخاري من ((أن النيب ‘ هنى عن الثنيا إال أن تعلم))(‪.)2‬‬
‫وألن الذرع خيتلف‪ ،‬واملوضع الذي ينتهي إليه ال يعلم حال العقد(‪.)3‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫حت ــدي ــد املب ــدأ دون املنتهى ك ــاف يف رفع اجله ــال ــة؛ وذل ــك ألن ــه ميكن ذرع الثنيــا‬
‫فتعرف(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ض ـبك املســتثىن املراد بيعه‪ ،‬أو املســتثىن من املبيع‪ ،‬ضــبطا‬ ‫لعل الراجح أن يقال‪ :‬إن ة‬
‫نـافيـا للجهـالـة‪ ،‬وحـامسـا الحتمـال ورود النزاع‪ ،‬فـالبيع ص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيح‪ ،‬فلو قـدر املبيع بتقـدير‬
‫منضبك‪ ،‬وعني مبدؤه‪ ،‬وجهته‪ ،‬ومل يعني منتهاه‪ ،‬فالذي يظهر صحة البيع‪ ،‬النتفاء العلل‬
‫اليت من أجلهــا منع من بيع اجملهول‪ ،‬وألن اجلهــالــة هنــا تؤول إىل العلم‪ ،‬فــالثنيــا يف هــذه‬
‫احلال معلومة‪ ،‬فيتحقق ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرط معرفة املبيع‪ ،‬وال يرد عليه النهي الوارد عن الثنيا إال أن‬
‫تعلم‪ ،‬كما ال يرد عليه احتمال أن الذرع خيتلف‪ ،‬أو أن املوضع الذي ينتهي إليه ال يعلم‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)30 /5‬وشرح املنتهى (‪.)16 /2‬‬
‫(‪ )2‬رواه الرتمذي‪ :‬كتاب البيوع عن رسول اهلل ‘‪ ،‬باب ما جاء يف النهي عن الثنيا‪ ،‬ح(‪ ،)1290‬قال الشيخ األلباين‪:‬‬
‫صحيح‪ .‬ورواه النسائي‪ :‬كتاب املزارعة‪ ،‬باب ذكر األحاديث املختلفة يف النهي عن كراء األرض بالثلث والربع‬
‫واختالف ألفا الناقلني للخرب‪ ،‬ح(‪ ،)3880‬قال الشيخ األلباين‪ :‬صحيح‪ .‬ويف كتاب البيوع‪ ،‬باب النهي عن بيع‬
‫الثنيا حىت تعلم‪ ،‬ح(‪ ،)4633‬قال الشيخ األلباين‪ :‬صحيح‪ ،‬ورواه ابن حبان يف صحيحه‪ ،‬يف كتاب البيوع‪ ،‬باب‬
‫البيع املنهي عنه‪ ،‬ح(‪ ،)4971‬ورواه أبو عوانة يف مستخرجه‪ ،‬يف كتاب البيوع‪ ،‬باب حظر بيع املعاومة‪ ،‬ح(‪..)5536‬‬
‫(‪ )3‬املغين (‪ ،)99 /4‬وينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)11 /2‬والشرح الكبري (‪.)31 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح املمتع على زاد املستقنع (‪ ،)28 /10‬وتعليقات ابن عثيمني على الكايف البن قدامة (‪ ،162 /4‬برتقيم‬
‫الشاملة آليا)‪.‬‬
‫‪- 195 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫حال العقد؛ وذلك النض ـ ـ ـ ـ ــباط املقدار‪ ،‬فكأنه ةحدد مبدؤه ومنتهاه‪ ،‬قال الفتوحي ¬‬
‫يف معرض حديثه عن بيوع األمانة‪" :‬وال تضر اجلهالة حينئذ لزواهلا باحلساب"(‪.)1‬‬
‫وقد ذكر القاض ـ ــي ض ـ ــابك ما ينفي وقوع اجلهالة فقال‪" :‬دليلنا‪ :‬أن مثن كل ثوب‬
‫معلوم‪ ،‬وإمنا بقي أن يعلم مجلة الثمن‪ ،‬وميكننا أن نص ـ ـ ــل إىل معرفة ذلك على ص ـ ـ ــفة ال‬
‫تفتقر إىل املتعــاقـدين وال إىل واحـد منهمــا‪ ،‬بـأن تعــد الثيــاب أو الكيــل‪ ،‬فيجــب أن جيوز‬
‫كما لو قال‪( :‬بعتك برأس مايل وربح درهم يف كل عش ــرة) ص ــح البيع؛ ألنا نتوص ــل إىل‬
‫معرفــة مبلغــه على ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفــة ال تفتقر إىل املتعــاقــدين وال إىل واحــد منهمــا‪ ،‬وهو أن تعــد‬
‫الدراهم‪ ،‬كذلك هاهنا"(‪.)2‬‬
‫وعليه فمىت توصــل إىل قدر املبيع على صــفة ال تفتقر إىل املتعاقدين وال إىل واحد‬
‫منهما‪ ،‬فهذا يدل على انتفاء اجلهالة‪ ،‬وصحة البيع‪.‬‬
‫وقــد نص أمحــد ¬ على هــذا القول‪ ،‬فيمــا نقلــه عنــه الكوس ـ ـ ـ ـ ـ ــج‪ ،‬قــال ¬‪:‬‬
‫"قلت‪ :‬قال الثوري يف رجل قال لرجل‪ :‬بعين نصف دارك مما يلي داريت‬
‫قال‪ :‬هذا بيع مردود؛ ألنه ال يدري أين ينتهي بيعه‪ ،‬ولو قال‪ :‬أبيعك نصف هذه‬
‫الدار‪ ،‬أو ربع هذه الدار جاز‪.‬‬
‫قال أمحد‪ :‬كالمها جائز‪.‬‬
‫قال إسحاق‪ :‬كما قال أمحد"(‪.)3‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من أراد بيع أرض سوى جريب منها‪ ،‬أو ثوب سوى ذراع منه‪ ،‬فعلى القول األول‬
‫يلزم ــه تعني ابت ــداء وانته ــاء املس ـ ـ ـ ـ ـ ــتثىن‪ ،‬وعلى القول الث ــاين يكفي تعيني االبت ــداء دون‬
‫االنتهاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)323 /2‬‬


‫(‪ )2‬التعليقة الكبرية (‪ ،)391 /3‬وينظر‪ :‬التعليقة الكبرية (‪.)393 /3‬‬
‫(‪ )3‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهويه (‪ ،)2868 /6‬وينظر‪ :‬مصنف عبد الرزاق الصنعاين (‪.)110 /8‬‬
‫‪- 196 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إدخال مسألة تعذر أداء المنفعة المشترطة في قول‬
‫الفتوحي‪" :‬وإن تراضيا على أخذه بال عذر جاز"‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ يف باب الش ـ ـ ــروط يف البيع‪" :‬وكذا ش ـ ـ ــرط مش ـ ـ ــرت نفع بائع يف‬
‫مبيع‪ ،‬كحمل حطب أو تكسريه‪ ،‬وخياطة ثوب أو تفصيله‪ ،‬أو جز رطبة‪ ،‬وحنوه‪ ،‬بشرط‬
‫علمه‪.‬‬
‫وهو كأجري‪ ،‬فإن مات أو تلف أو اسـ ـ ــتحق‪ ،‬فلمشـ ـ ــرت عوض ذلك‪ .‬وإن تراضـ ـ ــيا‬
‫على أخذه بال عذر جاز"(‪.)1‬‬
‫فقوله ¬‪" :‬وإن تراضيا على أخذه بال عذر جاز" هل يدخل فيه الرتاضي على‬
‫أخذ املش ـ ـ ـ ــرتي عوض املنفعة اليت ش ـ ـ ـ ــرطها س ـ ـ ـ ـواء كان ذلك لعذر أو لغري عذر‪ ،‬أم هو‬
‫خاص فيما إذا كان الرتاضي لغري عذرت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫قول الفتوحي ¬‪" :‬وإن تراض ــيا على أخذه بال عذر جاز" يدخل فيه الرتاض ــي‬
‫على أخذ املشــرتي عوض املنفعة اليت شــرطها س ـواء كان ذلك لعذر أو لغري عذر‪ ،‬وهذا‬
‫قول منصور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وإن تراضيا على أخذه) أي‪ :‬العوض‪ ،‬ولو (بال عذر‬
‫جاز)؛ جلواز أخذ العوض عنها مع عدم االشـ ـرتاط فكذا معه‪ ،‬وكالعني املؤجرة واملوص ــى‬
‫مبنافعها"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)289 /2‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)30 /2‬‬
‫‪- 197 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول اخللويت(‪ ،)1‬وصـ ـ ــاحب كشـ ـ ــف املخدرات(‪ ،)2‬كما نص على‬
‫ذلك صاحب مطالب أويل النهى(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫قول الفتوحي ¬‪" :‬وإن تراض ــيا على أخذه بال عذر جاز" خاص فيما إذا كان‬
‫الرتاضي على أخذ املشرتي عوض املنفعة اليت شرطها لغري عذر‪ ،‬وال يدخل فيه الرتاضي‬
‫إن كان لعذر‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وإن تراضـ ـ ـ ــيا) أي‪ :‬فيما إذا‬
‫ش ـ ـ ــرط بائع نفع مبيع‪ ،‬أو مش ـ ـ ــرت نفع بائع يف مبيع مع عدم العذر‪ ،‬جاز ذلك‪ .‬وأما مع‬
‫العذر‪ ،‬فقد قدمه املص ـ ـ ــنف‪ ،‬فال حاجة إىل ما قدره الش ـ ـ ــارح بقوله‪ :‬ولو (بال عذر)؛ ملا‬
‫فيه من التكرار"(‪.)4‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ميكن أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدل هلذا القول بأن مرادهم توس ـ ـ ـ ـ ـ ــيع معىن كالم الفتوحي ¬‪،‬‬
‫ولتعليق مجلة من احلنابلة االنتقال من املنفعة إىل العوض بالرتاض ـ ـ ـ ـ ـ ــي‪ ،‬دون ذكر وجود‬
‫العذر من عدمه(‪ ،)5‬وألنه يتص ـ ــور وجود عذر ميكن معه ختيري ص ـ ــاحب املنفعة بني أداء‬
‫املنفعة أو أخذ العوض فوجب التنبيه عليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪ ،)598 /2‬قال ¬‪":‬قوله‪( :‬بال عذر)؛ أي‪ :‬ولو بال عذر‪ ،‬نبه عليه‬
‫الشارح"‪.‬‬
‫(‪ )2‬كشف املخدرات (‪ ،)376 /1‬قال ¬‪(" :‬و) كشرط (مشرت نفع بائع) يف مبيع (كـ) ـشرط (محل حطب أو‬
‫تكسريه) أو خياطة ثوب أو تفصيله أو حصاد زرع أو جزر رطبة وحنوه فيصح ذلك إن كان معلوما‪ ،‬ولزم البائع فيه‬
‫ما شرط عليه‪ ،‬فلمشرت عوض ذلك النفع‪ ،‬وإن تراضيا على أخذ العوض ولو بال عذر جاز"‪.‬‬
‫(‪ )3‬مطالب أويل النهى (‪ ،)72 /3‬قال ¬‪(" :‬وإن تراضيا على أخذه) ؛ أي‪ :‬العوض‪ ،‬ولو (بال عذر؛ جاز)؛ جلواز‬
‫أخذ العوض عنها مع عدم االشرتاط‪ ،‬فكذا معه‪ ،‬وكالعني املؤجرة واملوصى مبنافعها"‪.‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)289 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)75 /4‬والشرح الكبري (‪ ،)51 /4‬والفروع (‪ ،)188 /6‬واملبدع (‪ ،)53 /4‬واإلنصاف (‪،)345 /4‬‬
‫واإلقناع (‪ ،)80 /2‬ونيل املارب بشرح دليل الطالب (‪.)340 /1‬‬
‫‪- 198 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن الفتوحي ذكر مس ـ ـ ــائل أخذ عوض املنفعة لعذر قبل ذلك‪ ،‬فحمل كالمه على‬
‫حال وجود العذر وعدمه فيه تكرار(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الــذي يظهر وجــاهــة تعقــب عثمــان ¬؛ وذلــك ألن الفتوحي ¬ ذكر أوال‬
‫املســائل اليت يتخلف فيها الشــرط لعذر‪ ،‬فقال‪" :‬فإن مات أو تلف أو اســتحق‪ ،‬فلمشــرت‬
‫عوض ذلك"(‪ ،)2‬ومل يش ـ ــرتط فيها الرتاض ـ ــي‪ ،‬فهذه األعذار ميكن القول بأنه ال يتص ـ ــور‬
‫معها ختيري املشـ ــرتي بني املنفعة وعوضـ ــها‪ ،‬وذلك لتعذر أداء املنفعة املشـ ــرتطة‪ ،‬فال يعترب‬
‫الرتاضي حينئذ‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)289 /2‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)289 /2‬‬
‫‪- 199 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬قول الراهن‪ :‬إن جئتك بحقك في وقت كذا وإال‬
‫فالرهن لك‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الش ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ــور يف عمدة الطالب‪" :‬ويص ـ ـ ــح ش ـ ـ ــرط عتق‪ ،‬وبعتك على أن‬
‫قول ملرهتن إن جئتك‬
‫تنقدين الثمن إىل كذا‪ ،‬وإال فال بيع بيننا‪ ،‬فإن مل يفعل انفســخ‪ ،‬ال مل‬
‫حبقك يف وقت كذا وإال فالرهن لك وحنوه"(‪ ،)1‬فهل هذه العبارة مستقيمة أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫هذه العبارة مســتقيمة‪ ،‬وعلى هذا يدل صــنيع منصــور‪ ،‬قال ¬‪" :‬ويصــح شــرط‬
‫عتق‪ ،‬وبعتك على أن تنقدين الثمن إىل كذا‪ ،‬وإال فال بيع بيننا‪ ،‬فإن مل يفعل انفس ـ ـ ـ ـ ــخ‪،‬‬
‫قول ملرهتن إن جئتك حبقك يف وقت كذا وإال فالرهن لك وحنوه"(‪.)2‬‬
‫ال مل‬

‫التعقب‪:‬‬
‫هذه العبارة ليس ــت مس ــتقيمة‪ ،‬والص ــحيح أن يقال‪ :‬وال قول راهن‪ :‬إن جئتك ‪..‬‬
‫إىل آخره‪ ،‬أو‪ :‬وال قول مرهتن‪ :‬إن جئتين حبقي يف وقت كذا‪ ،‬وإال فالرهن يل‪ ،‬وهذا هو‬
‫تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬ويف كالم املصـ ــنف نظر‪ ،‬وص ـ ـوابه أن يقول‪ :‬وال قول راهن‪:‬‬
‫إن جئتك ‪ ..‬إىل آخره‪ ،‬أو‪ :‬وال قول مرهتن‪ :‬إن جئتين حبقي يف وقت كذا‪ ،‬وإال فالرهن‬
‫يل‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن النسخة اليت كانت بيد الشيخ عثمان ¬ قد كتبت فيها العبارة‬
‫هبذه الص ــورة‪" :‬ويص ــح ش ــرط عتق‪ ،‬وبعتك على أن تنقدين الثمن إىل كذا‪ ،‬وإال فال بيع‬

‫(‪ )1‬عمدة الطالب (‪.)136 /1‬‬


‫(‪ )2‬عمدة الطالب (‪.)136 /1‬‬
‫(‪ )3‬هداية الراغب (‪.)479 /2‬‬
‫‪- 200 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫بيننا‪ ،‬فإن مل يفعل انفس ـ ـ ـ ـ ـ ــخ‪ ،‬ال قول مرهتن إن جئتك حبقك يف وقت كذا وإال فالرهن‬
‫لك وحنوه" وعليه فيكون تعقب عثمان على العبارة هبذه الصـ ـ ــورة صـ ـ ــحيح ومتجه؛ ألن‬
‫الراهن هو من يبذل احلق ال املرهتن‪ ،‬ومما يدل على أن نس ـ ـ ـ ـ ـ ــخة عثمان ¬ كانت‬
‫العبارة فيها هبذه الصـ ـ ـ ـ ــورة‪ :‬ما جاء يف هامش النسـ ـ ـ ـ ــخة احملققة من عمدة الطالب واليت‬
‫قول‬
‫بتحقيق د‪.‬مطلق اجلاس ـ ـ ــر‪ ،‬فقد جاء يف هامش ـ ـ ــها عند قول الش ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ــور‪" :‬ال مل‬
‫ملرهتن" ما نص ـ ـ ــه‪" :‬يف (األص ـ ـ ــل) و( )‪ :‬مرهتن"‪ ،‬واملثبت من (أ) و (ب)(‪ ،)1‬وقد ذكر‬
‫احملقق يف مقدمته أن النس ـ ــخة اليت رمز هلا باألص ـ ــل هي أنفس النس ـ ــخ وأض ـ ــبطها‪ ،‬وأهنا‬
‫منسوخة من نسخة املصنف‪ ،‬ومقابلة عليها‪ ،‬كما ذكر أن النسخة اليت رمز هلا بـ( ) قد‬
‫فةرغ من نسخها سنة ‪1093‬ه(‪ .)2‬قلت‪ :‬ال يبعد أن يكون ناسخها هو ال شيخ عثمان‬
‫¬(‪ ،)3‬ومما يدل أيض ـ ـ ـ ــا على أن نس ـ ـ ـ ــخة عثمان ¬ كانت العبارة فيها‪" :‬ال قول‬
‫مرهتن" صنيع نساخ هداية الراغب‪ ،‬فإهنم وضعوا عبارة املنت‪" :‬ال قول مرهتن"(‪.)4‬‬
‫والظاهر أن قول الشــيخ منصــور ¬ موافق ملا ذكره الشــيخ عثمان‪ ،‬والتصــحيف‬
‫وقع من النسـاخ‪ ،‬أو وقع من الشـيخ منصـور سـهوا‪ ،‬ومما يدل على ذلك صـنيعه يف شـرح‬
‫اإلقناع وش ـ ـ ــرح املنتهى‪ ،‬فإنه ذكر ذات املعىن الذي ذكره الش ـ ـ ــيخ عثمان‪ ،‬قال ¬ يف‬
‫الكشـ ـ ـ ـ ــاف‪(" :‬أو يقول) الراهن (للمرهتن‪ :‬إن جئتك حبقك يف حمله) بكسـ ـ ـ ـ ــر احلاء أي‬
‫أجله (وإال فالرهن لك مبيعا مبالك) من الدين (فال يص ـ ـ ـ ــح البيع)"(‪ ،)5‬وقال يف ش ـ ـ ـ ــرح‬
‫املنتهى‪" :‬و(ال) يصــح بيع إن رهنه شــيئا أو اتفقا على أنه إن (جاء ملرهتن حبقه يف حمله)‬
‫أي حلول أجله (وإال فالرهن له) أي املرهتن"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬عمدة الطالب (‪.)136 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬عمدة الطالب لنيل املآرب (مقدمة‪.)28 - 27 /‬‬
‫(‪ )3‬هذه النسخة حمفوظة يف جامعة اإلمام برقم‪ ،)8956( :‬وقد اطلعت عليها فوجدهتا كما ذكر حمقق العمدة‪ ،‬وموضع‬
‫العبارة منها يف اللوح رقم ‪/14‬ب‪ ،‬وقد جعل منت عمدة الطالب يف بداية النسخة‪ ،‬مث ضم إليه شرحه هداية الراغب‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الصفحة رقم ‪ 248‬من خمطوط هداية الراغب احملفو يف جامعة اإلمام برقم‪.)8956( :‬‬
‫(‪ )5‬كشاف القناع (‪.)195 /3‬‬
‫(‪ )6‬شرح املنتهى (‪.)33 /2‬‬
‫‪- 201 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫الذي يظهر أنه ليس مثة خالف‪ ،‬وإمنا هو سـ ــبق قلم من الشـ ــيخ منصـ ــور‪ ،‬أو من‬
‫نساخ العمدة‪.‬‬

‫‪- 202 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬ثبوت خيار العيب حال نقص المبيع في عينه دون‬
‫قيمته‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ يف معرض ذكره ألقس ـ ـ ـ ـ ــام اخليار‪" :‬اخلامس‪ :‬خيار العيب وما‬
‫مبعنـاه‪ ،‬وهو‪ :‬نقص مبيع"(‪ ،)1‬فقوله ¬‪" :‬وهو‪ :‬نقص مبيع" هل ةخيص بنقص املبيع‬
‫يف عينه وقيمته‪ ،‬أم أن ذلك يشمل ما لو نقص املبيع يف عينه ومل تنقص قيمتهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫قول الفتوحي‪" :‬وهو‪ :‬نقص مبيع" عــام‪ ،‬فيش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمــل مــا لو نقص املبيع يف عينــه‬
‫وقيمته‪ ،‬وما لو نقص املبيع يف عينه ومل تنقص قيمته‪ ،‬وهذا قول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال‬
‫¬‪(" :‬اخلامس‪ :‬خيار العيب وما مبعناه) أي العيب ويأيت (وهو) أي العيب وما مبعناه‬
‫(نقص مبيع) وإن مل تنقص به قيمته‪ ،‬بل زادت كخصاء"(‪.)2‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول املبدع(‪ ،)3‬ونص عليه يف اإلقناع(‪ ،)4‬والغاية(‪ ،)5‬وقال‬
‫به اللبدي(‪ ،)6‬وابن قاسم(‪.)7‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫قول الفتوحي‪" :‬وهو‪ :‬نقص مبيع" ليس بعـام‪ ،‬بـل املراد منـه مـا لو نقص املبيع يف‬
‫عينه وقيمته‪ ،‬فال يدخل فيه ما لو نقص املبيع يف عينه ومل تنقص قيمته‪ ،‬وهذا هو تعقب‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)309 /2‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)44 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)84 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)93 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)535 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)177 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪.)441 /4‬‬
‫‪- 203 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬مبيع) أي‪ :‬عينه‪ ،‬وإن مل تنقص قيمته بل زادت‪ ،‬كخص ــاء‪.‬‬
‫"شرحه"‪ ،‬وهذا خيالف ما تقدم يف شروط البيع"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول الش ــارح(‪ ،)2‬وص ــاحب الفروع(‪ ،)3‬واإلنص ــاف(‪ ،)4‬والزاد(‪،)5‬‬
‫ومنار السبيل(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن مطلق العقد يقتضي السالمة‪ ،‬وإذا كان مقتضى العقد السالمة وجب ثبوت‬
‫اخليار بظهور املبيع معيباً اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدراكاً ملا فاته وإزالة ملا يلحقه من ض ـ ـ ـ ـ ـ ــرر بقائه يف ملكه‬
‫ناقصاً عن حقه(‪.)7‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن املبيع إمنا ص ــار حمال للعقد باعتبار ص ــفة املالية فما يوجب نقص ــا فيها يكون‬
‫عيبا‪ ،‬وما ال يوجب نقص ـ ــا فيها ال يكون عيبا‪ ،‬وألن القول بأن خيار العيب يش ـ ــمل ما‬
‫لو نقص املبيع يف عينــه ومل تنقص قيمتــه خيــالف مــا ذكر يف الش ـ ـ ـ ـ ـ ــروط يف البيع‪ ،‬فــإن‬
‫الفتوحي قال فيها‪" :‬وإن أخرب بائع بص ــفة‪ ،‬فص ــدقه بال ش ــرط‪ ،‬أو ش ــرط األمة ثيبا‪ ،‬أو‬
‫كافرة‪ ،‬أو مها‪ ،‬أو ســبطة‪ ،‬أو حامال‪ ،‬فبانت أعال‪ ،‬أو جعدة‪ ،‬أو حائال‪ :‬فال خيار"(‪،)8‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)309 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)85 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)235 /6‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)405 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬زاد املستقنع يف اختصار املقنع (ص‪.)105 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬منار السبيل يف شرح الدليل (‪.)319 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)448 /2‬‬
‫(‪ )8‬منتهى اإلرادات (‪ ،)288 /2‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)341 /4‬واإلقناع (‪.)79 /2‬‬
‫‪- 204 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وهذا خيالف ما ذكره الشــيخ منصــور من أن له اخليار ولو زادت قيمته؛ وذلك ألن زيادة‬
‫القيمة إمنا حتصلت لوجود صفة هي أعلى من الصفة اليت وقع العقد عليها(‪.)1‬‬
‫كما أن الش ــيخ منص ــور ذكر يف باب الش ــروط يف البيع‪ ،‬فيما لو ختلف املش ــروط‬
‫الذي شــرطه املشــرتي ملصــلحته أنه يعامل معاملة خيار العيب‪ ،‬فقال‪(" :‬وإال فله الفســخ‬
‫أو أرب فقد الصفة) املشروطة إن مل ينفسخ كأرب عيب ظهر عليه"(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫كالم الفتوحي ¬ منه ما يؤيد قول منص ـ ــور‪ ،‬ومنه ما يؤيد قول عثمان‪ ،‬أما ما‬
‫يؤيد قول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‪ ،‬فإن تعريفه العيب بقوله‪" :‬وهو‪ :‬نقص مبيع‪ ،‬أو قيمته عادة"(‪،)3‬‬
‫يدل على التفريق بني نقص املبيع ونقص القيمة؛ وذلك ألنه عطف نقص القيمة على‬
‫نقص املبيع‪ ،‬وهذا يدل على املغايرة بينهما‪ .‬ومما يؤيد قول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور قول الفتوحي يف‬
‫شرحه‪(" :‬ال معرفة غناء)‪ ،‬فإنه ليس بعيب؛ ألنه ليس بنقص ال يف عني وال قيمة"(‪.)4‬‬
‫وأما ما يؤيد قول عثمان ¬‪ ،‬فإن الفتوحي قال يف ش ـ ـ ــرحه لقوله‪" :‬وهو‪ :‬نقص‬
‫مبيع‪ ،‬أو قيمته عادة"(‪ ،)5‬قال‪" :‬ألن املبيع إمنا ص ـ ــار حمال للعقد باعتبار الص ـ ــفة املالية‪.‬‬
‫فما أوجب نقصــا فيها كان عيبا أو مبعناه‪ .‬وملا مل يرد عن الشــارع نص على كل فرد من‬
‫ذلك رجع فيه إىل عادة أهل هذا الشأن‪ ،‬وهم التجار‪ ،‬فما عدوه يف عرفهم منقصا أنيك‬
‫احلكم به‪ ،‬وما ال فال"(‪.)6‬‬
‫ويتبني مما س ـ ـ ـ ـ ـ ــبق أن اخلالف بني القولني يف مفهوم العيب‪ ،‬وما الذي يعد عيبا‬
‫فيثبت للمش ـ ـ ـ ــرتي به اخليار‪ ،‬وما الذي ال يعد عيبا‪ ،‬والذي يظهر من كالم احلنابلة أهنم‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)85 /4‬وحاشية املنتهى (‪.)309 /2‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪ )28 /2‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)309 /2‬‬
‫(‪ )4‬معونة أويل النهى (‪.)95 /5‬‬
‫(‪ )5‬منتهى اإلرادات (‪.)309 /2‬‬
‫(‪ )6‬معونة أويل النهى (‪.)93 /5‬‬
‫‪- 205 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫يفرقون بني ثالثة أنواع من أوص ـ ــاف املبيع اليت ختالف الوص ـ ــف املطلق األص ـ ــلي(‪ ،)1‬أو‬
‫الوصف املشروط‪ ،‬وتفصيل هذه األنواع كاآليت‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬الوص ـ ـ ـ ـ ـ ــف الذي يتفق أهل العرف أنه عيب‪ ،‬وهذا العيب هو الذي‬
‫يذكر الفقهاء أمثلته يف باب اخليار‪ ،‬وهو عيب ينقص القيمة‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬الوصف الذي يتفق أهل العرف أنه وصف حممود يرغب يف السلعة‪،‬‬
‫وهذا الوصف يزيد يف مثن السلعة غالبا‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬الوص ـ ــف الذي خيتلف فيه أهل العرف‪ ،‬وختتلف فيه رغبات الناس‪،‬‬
‫وهذا الوصف قد يزيد يف مثن السلعة‪ ،‬وقد ينقصه‪ ،‬وقد ال يزيد وال ينقص‪.‬‬
‫فأما النوع األول‪ :‬فال خالف بني القولني أنه عيب يثبت فيه اخليار‪.‬‬
‫وأما النوع الثاين‪ :‬فيحمل عليه كالمهم يف باب الشــروط يف البيع‪ ،‬وعليه فاألصــل‬
‫أنه ليس بعيب‪ ،‬وال يثبت فيه خيار‪.‬‬
‫وأما النوع الثالث‪ :‬فهو حمل النزاع‪ ،‬والذي يظهر أن األوىل التفصيل يف هذا النوع‪،‬‬
‫فيقال‪ :‬إن كان هذا الوص ـ ـ ـ ـ ـ ــف ينقص قيمة املبيع فإنه يثبت فيه اخليار‪ ،‬وال خالف يف‬
‫ذلك‪ ،‬وأما إن كان هذا الوصـ ــف ال ينقص قيمة املبيع‪ ،‬فينظر حينئذ ملقصـ ــود املش ــرتي‪،‬‬
‫فإن كان الوصــف مقصــودا للمشــرتي‪ ،‬وله غرض صــحيح منه‪ ،‬فله الفســخ‪ ،‬وإما إن كان‬
‫ليس له غرض ص ــحيح منه‪ ،‬وإمنا له دافع آخر للفس ــخ‪ ،‬ومتس ــكه بالوص ــف هو متس ــك‬
‫شكلي ال حقيقي‪ ،‬فليس له الفسخ‪.‬‬
‫وعليه فإن كل وص ـ ــف اختلف الفقهاء هل يثبت به الفس ـ ــخ أم ال فإنه يدخل يف‬
‫النوع الثالث؛ وذلك لعدم االتفاق على كونه مذموما أو حممودا‪.‬‬
‫وتأســيســا على ما تقدم‪ ،‬فإن كل مبيع حصــل فيه وصــف خيالف الوصــف املطلق‬
‫األصـ ـ ـ ــلي أو الوصـ ـ ـ ــف املشـ ـ ـ ــروط‪ ،‬وكان هذا الوصـ ـ ـ ــف ينقص القيمة‪ ،‬أو يفوت غرض‬
‫املشرتي‪ ،‬فإن هذا الوصف يعد عيبا يف حق املشرتي حيق له الفسخ بسببه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ما ال خيالف الوصف املطلق ال يعد عيبا‪ ،‬ومما يؤيد ذلك قول الفتوحي ¬ يف شرحه‪(" :‬وال ثيوبة)؛ ألن الغالب‬
‫على اجلواري الثيوبة‪ ،‬واإلطالق ال يقتضي خالفها‪( ،‬و) ال (عدم حيض) نصا؛ ألن اإلطالق ال يقتضي احليض وال‬
‫عدمه‪ ،‬فلم يكن فواته عيبا" معونة أويل النهى (‪.)96 – 95 /5‬‬
‫‪- 206 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وهذا التفص ــيل يفهم من كالمهم‪ ،‬وقد أش ــار ص ــاحب الغاية وش ــارحها إىل معىن‬
‫قريب من هذا‪ ،‬جاء يف مطالب أويل النهى‪(" :‬ويتجه‪ :‬وملن فاته غرض ــه املباح الفس ــخ)؛‬
‫ألنه مل يســلم له ما اشــرتطه‪ ،‬وهو متجه"(‪ ،)1‬قال الشــطي‪" :‬ومل أر من صــرح باالجتاه يف‬
‫اجلميع‪ ،‬بل يف بعض الصـ ـ ــور‪ ،‬والظاهر أن بقية الصـ ـ ــور متجهة؛ ألنه ال فرق"(‪ ،)2‬وقال‬
‫يف اهلداية‪" :‬فإن ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرطها ثيبا فبانت بكرا فعلى وجهني أص ـ ـ ـ ـ ـ ــحهما ال خيار له؛ ألهنا‬
‫زيادة‪ ،‬واآلخر له الرد حنو أن يكون شرط الثيوبة لعجزه عن البكر فقد فات قصده‪ ،‬فإن‬
‫شـ ــرطها مسـ ــلمة فبانت كافرة فله الرد‪ ،‬فإن شـ ــرطها كافرة فبانت مسـ ــلمة فعلى وجهني‪،‬‬
‫أحدمها‪ :‬ال ميلك الرد‪ .‬والثاين‪ :‬ميلك"(‪ ،)3‬وهذا يبني التفصيل الذي ذكر‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من اشرتى سلعة فوجد فيها نقصا‪ ،‬وكان هذا النقص يزيد يف قيمة السلعة‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول يثبت له خيار العيب‪ ،‬وعلى القول الثاين ال يثبت له خيار العيب‪.‬‬

‫(‪ )1‬مطالب أويل النهى (‪.)68 /3‬‬


‫(‪ )2‬جتريد زوائد الغاية والشرح (‪.)68 /3‬‬
‫(‪ )3‬اهلداية (ص‪ ،)248 :‬وينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)53 /2‬واملغين (‪ ،)118 /4‬واحملرر (‪ ،)313 /1‬والشرح الكبري (‪،)48 /4‬‬
‫واملبدع (‪ ،)51 /4‬واإلنصاف (‪ ،)341 /4‬واإلقناع (‪ ،)79 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪.)288 /2‬‬
‫‪- 207 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬النقص من الثمن وقسطه من الخسارة حال‬
‫التخبير بالثمن على غير حقيقته‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫لو باع رجل سـ ـ ــلعة بيع مواضـ ـ ــعة‪ ،‬مث بان أنه مل خيرب بالثمن على حقيقته‪ ،‬بل زاد‬
‫فيه‪ ،‬فهل يكتفى حبك الزائد من الثمن‪ ،‬أم حيك الزائد وقسطه من الوضيعةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫حيك الزائد من الثمن‪ ،‬دون قس ـ ـ ــطه من الوض ـ ـ ــيعة‪ ،‬وهذا القول نس ـ ـ ــبه عثمان إىل‬
‫الفتوحي والبهويت‪ ،‬قال الفتوحي ¬‪(" :‬واملذهب) املنصوص‪( :‬أنه) أي‪ :‬أن رأس املال‬
‫(مىت بان أقل) مما أخرب به البائع يف التولية أو الش ـ ــركة أو املراحبة أو املواض ـ ــعة‪( ،‬أو) بان‬
‫(مؤجال) ومل يبينه (حك الزائد) يف األربعة‪( .‬وحيك) أيض ـ ــا (قس ـ ــطه يف مراحبة‪ ،‬وينقص ـ ــه)‬
‫أي الزائد (يف مواضعة)"(‪.)1‬‬
‫وقال البهويت ¬ يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرح املنتهى‪(" :‬واملذهب أنه) أي رأس املال (مىت بان‬
‫أقل) مما أخرب به بائع يف هذه الصــورة (أو) بان (مؤجال) ومل يبينه (حك الزائد) عن رأس‬
‫املال يف األربعة؛ ألنه باعه برأس ماله فقك أو مع ما قدره من ربح أو وض ـ ـ ــيعة‪ ،‬فإذا بان‬
‫رأس مال دون ما أخرب به كان مبيعا به على ذلك الوجه‪ ،‬وال خيار؛ ألنه باإلس ــقاط قد‬
‫زيد خريا كما لو اش ـ ـرتاه معيبا فبان س ــليما‪ ،‬وكما لو وكل من يش ــرتيه مبائة فاش ـ ـرتاه بأقل‬
‫(وحيك) أيض ـ ـ ــا (قس ـ ـ ــطه) أي الزائد (يف مراحبة)؛ ألنه تابع له (وينقصـ ـ ـ ــه) أي الزائد (يف‬
‫مواضعة) تبعا له"(‪.)2‬‬
‫وقال يف الكشاف‪(" :‬و) املذهب أنه (من أخرب بثمن‪ ،‬فعقد به) تولية‪ ،‬أو شركة‪،‬‬
‫أو مراحبة‪ ،‬أو وضـ ـ ـ ــيعة‪( ،‬مث ظهر الثمن أقل) مما أخرب به‪( ،‬فللمشـ ـ ـ ــرتي حك الزيادة) يف‬
‫التولية والش ـ ـ ــركة‪ ،‬وال خيار‪ ،‬وللمش ـ ـ ــرتي أيض ـ ـ ــا حك الزيادة (يف املراحبة‪ ،‬و) حك حظها‬
‫(أي‪ :‬قس ـ ـ ــطها) من الربح‪( .‬وال خيار)‪ ،‬وينقص ـ ـ ــه (أي‪ :‬الزائد) يف املواض ـ ـ ــعة؛ ألنه باعه‬

‫(‪ )1‬معونة أويل النهى (‪.)112 /5‬‬


‫(‪ )2‬شرح منتهى اإلرادات = دقائق أويل النهى لشرح املنتهى (‪.)52 /2‬‬
‫‪- 208 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫برأس مــالــه ومــا قــدره من الربح أو الوض ـ ـ ـ ـ ـ ــيعــة‪ ،‬فــإذا بــان رأس مــالــه قــدرا‪ ،‬كــان مبيعــا بــه‬
‫وبالزيادة أو النقص حبسب ما اتفقا عليه"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قاسم(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫حيك الزائد من الثمن وقسـ ــطه من الوضـ ــيعة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"(و) يس ــقك أيض ــا (قس ــطه) أي‪ :‬الزائد (من ربح) من مراحبة‪ ،‬وينقص قس ــطه أيض ــا يف‬
‫مواضــعة كأن يقول له‪ :‬هي مبئة‪ ،‬فتبني امســني‪ ،‬ويكون قد وضــع له عشـرين‪ ،‬فإنه حيك‬
‫الزيادة‪ ،‬وحيك من الوض ـ ـ ـ ـ ــيعة عش ـ ـ ـ ـ ــرة قس ـ ـ ـ ـ ــك الزيادة منها‪ ،‬فتبقى عليه بأربعني‪ ،‬كذا يف‬
‫"حواشي" ابن نصر اهلل‪ .‬ويف شرحي "اإلقناع" و"املنتهى" هنا نظر‪ ،‬فتنبه له"(‪ ،)3‬وقال‪:‬‬
‫"ولو باعها بأربعني‪ ،‬ووض ـ ــيعة دينار من كل عش ـ ــرة‪ ،‬فلو كان ص ـ ــادقا لكان الثمن س ـ ــتة‬
‫وثالثني‪ ،‬فإذا تبني أن الثمن ثالثون‪ ،‬فإهنا تس ــقك العش ــرة الزائدة مع بقاء الوض ــيعة على‬
‫ما هي عليه‪ ،‬فســقك من الســتة والثالثني عشــرة‪ ،‬ويبقى الثمن ســتة وعشـرين دينارا‪ .‬هذا‬
‫مقتض ـ ــى ما يف "الش ـ ــرحني"(‪ )4‬و"ش ـ ــرح اإلقناع" حيث فس ـ ــروا الض ـ ــمري املنص ـ ــوب يف‪:‬‬
‫(وينقص ـ ـ ـ ـ ـ ــه يف مواض ـ ـ ـ ـ ـ ــعة) بقوهلم‪ :‬أي‪ :‬الزائد‪ ،‬لكن هذا داخل حتت عموم قوهلم أوال‪:‬‬
‫ك الزائد)‪ ،‬كما عرفت مما تقدم‪ ،‬واألقرب أن يكون الضــمري املنصــوب عائدا للقســك‬ ‫(ح ّ‬
‫ة‬
‫من قوله‪( :‬وحيك قس ــطه يف مراحبة)‪ ،‬ويكون املعىن على هذا‪ :‬أنه حيك من الوض ــيعة قدر‬
‫الزائد‪ ،‬ففي املثال‪ :‬الزائد عشرة دنانري‪ ،‬يقابلها من الوضيعة دينار‪ ،‬فيسقك من الوضيعة‪،‬‬
‫وال يبقى منها إال ثالثة‪ ،‬وهي قدر ما خيص رأس املال الذي هو الثالثون‪ ،‬فيكون الثمن‬
‫يف هذه الصورة سبعة وعشرين دينارا‪ .‬هذا ما ظهر يل فليحرر‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)231 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪.)460 /4‬‬
‫(‪ )3‬هداية الراغب (‪.)488 /2‬‬
‫(‪ )4‬يقصد شرحي الفتوحي والبهويت‪.‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)325 - 324 /2‬‬
‫‪- 209 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول ابن نصـ ــر اهلل(‪ ،)1‬وصـ ــاحب كشـ ــف املخدرات(‪ ،)2‬ومطالب‬
‫أويل النهى(‪ ،)3‬وهو ظ ـ ــاهر قول ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح ـ ــب الفروع(‪ ،)4‬والتنقيح(‪ ،)5‬واإلقن ـ ــاع(‪،)6‬‬
‫واملنتهى(‪.)7‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن عدم إنقاص القس ـ ـ ـ ـ ـ ــك يف الوض ـ ـ ـ ـ ـ ــيعة هو عقوبة للبائع نظري تلبيس ـ ـ ـ ـ ـ ــه يف قدر‬
‫الثمن(‪.)8‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن إنقاص القسـ ـ ـ ـ ــك من الوضـ ـ ـ ـ ــيعة هو إمضـ ـ ـ ـ ــاء ملا مت االتفاق عليه‪ ،‬فالبائع باع‬
‫السلعة برأس ماهلا وما قدره من الربح أو الوضيعة‪ ،‬فإذا بان رأس ماهلا قدرا كان مبيعا به‬
‫وبالزيادة أو النقص حبسب ما اتفقا عليه(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬هداية الراغب (‪ ،)488 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)128 /3‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)387 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)128 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)259 /6‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬التنقيح املشبع (ص‪ ،)224 :‬واإلنصاف (‪.)439 /4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)104 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)323 /2‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)323 /2‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)231 /3‬‬
‫‪- 210 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن القول الثاين هو األرجح؛ وذلك لتعاقب أئمة املذهب عليه‪ ،‬وألن‬
‫هذا القول هو مقتضى العدالة‪ ،‬والضرر ال يزال بالضرر(‪ ،)1‬وألن مسألة العقوبة هي أمر‬
‫راجع لإلمام‪ ،‬فتقديرها يكون حبكم حاكم‪.‬‬
‫ولعل نس ـ ـ ــبة القول األول للفتوحي ومنص ـ ـ ــور ليس ـ ـ ــت دقيقة‪ ،‬أما الفتوحي فظاهر‬
‫كالمه يف الش ـ ـ ـ ـ ـ ــرح أنه يقول بالقول الثاين‪ ،‬ودليل ذلك أن كالمه يف املنتهى ميكن محله‬
‫على القول الثاين كما ص ـ ـ ــرح بذلك عثمان ¬(‪ ،)2‬وأما منص ـ ـ ــور ¬ فالذي يظهر‬
‫من كالمه أنه يقول بالقول الثاين أيضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ ،‬ويدل على ذلك قوله‪ :‬يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرح املنتهى‪:‬‬
‫"(وحيك) أيضـ ـ ــا (قسـ ـ ــطه) أي الزائد (يف مراحبة)؛ ألنه تابع له (وينقصـ ـ ــه) أي الزائد (يف‬
‫مواضـعة) تبعا له"(‪ )3‬فقوله‪" :‬تبعا له" يدل على أنه يقصـد القسـك الزائد‪ ،‬ال رأس املال‪،‬‬
‫وهو ذات التعبري الذي عرب به عن نقص قسك الزائد من الربح‪.‬‬
‫وقال يف الكشاف‪" :‬وللمشرتي أيضا حك الزيادة (يف املراحبة و) حك حظها (أي‬
‫قس ــطها) من الربح‪( .‬وال خيار) وينقص ــه (أي الزائد) يف املواض ــعة؛ ألنه باعه برأس ماله‬
‫وما قدره من الربح أو الوض ـ ـ ـ ـ ـ ــيعة‪ ،‬فإذا بان رأس ماله قدرا‪ ،‬كان مبيعا به وبالزيادة أو‬
‫النقص حبس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب مــا اتفقــا عليــه"(‪ ،)4‬فقولــه‪" :‬فــإذا بــان رأس مــالــه قــدرا‪ ،‬كــان مبيعــا بــه‬
‫وبالزيادة أو النقص حبس ـ ـ ـ ـ ـ ــب ما اتفقا عليه"‪ ،‬يدل على أنه أراد ذات املعىن الذي ذكره‬
‫عثمان واهلل أعلم‪.‬‬
‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو باع رجل سـ ـ ــلعة بيع مواضـ ـ ــعة‪ ،‬مث بان أنه مل خيرب بالثمن على حقيقته‪ ،‬بل زاد‬
‫فيه‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يكتفى حبك الزائد من الثمن دون حك قس ـ ـ ـ ــطه من الوضـ ـ ـ ــيعة‪،‬‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬حيك الزائد وقسطه من الوضيعة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪.)360 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)323 /2‬‬
‫(‪ )3‬شرح املنتهى (‪.)52 /2‬‬
‫(‪ )4‬كشاف القناع (‪.)231 /3‬‬
‫‪- 211 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬تخيير المشتري بين الفسخ واإلمساك بال أرش إذا‬
‫علم بالعيب قبل القبض‪ ،‬وكان المبيع من ضمان البائع‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا وقع البيع على مكيل‪ ،‬أو موزون‪ ،‬أو معدود‪ ،‬أو مذروع‪ ،‬فتعيب قبل قبض ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫بال فعل آدمي‪ ،‬فهل خيري املشـ ــرتي بني الفسـ ــخ واإلمسـ ــاك مع أخذ األرب‪ ،‬أم خيري بني‬
‫الفسخ واإلمساك بال أربت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا وقع البيع على مكيل‪ ،‬أو موزون‪ ،‬أو معدود‪ ،‬أو مذروع‪ ،‬فتعيب قبل قبض ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫بال فعل آدمي‪ ،‬فيخري املشرتي بني الفسخ واإلمساك مع أخذ األرب‪ ،‬وهذا قول منصور‬
‫البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وخيري مش ـ ــرت) إذا تلف بعض ـ ــه وبقي بعض ـ ــه (يف الباقي بني أخذه‬
‫بقس ـ ـ ـ ـ ـ ــطه من الثمن‪ ،‬وبني رده) وأخذ الثمن كله لتفريق الص ـ ـ ـ ـ ـ ــفقة‪ ،‬وكذا لو تعيب عند‬
‫البائع كما تقدم يف خيار العيب‪ ،‬ومقتض ـ ــى ما س ـ ــبق هناك له األرب‪ ،‬وقطع يف الش ـ ــرح‬
‫واملنتهى وغريمها هنا ال أرب له"(‪ ،)1‬وقال‪" :‬وقد تقدم لك يف خيار العيب أنه خيري بني‬
‫الرد واإلمس ــاك مع األرب‪ ،‬ووجهه واض ــح‪ ،‬فاألوىل عود (وال أرب) للمش ــبه دون املش ــبه‬
‫به‪ ،‬أي‪ :‬وإن بقي شيء خري املشرتي بني أخذه بقسطه من الثمن واألرب له"(‪. )2‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب الغاية(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا وقع البيع على مكيل‪ ،‬أو موزون‪ ،‬أو معدود‪ ،‬أو مذروع‪ ،‬فتعيب قبل قبض ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫بال فعل آدمي‪ ،‬فيخري املشرتي بني الفسخ واإلمساك بال أرب‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬وكذا لو تعيب قبل قبض ــه خري بني الفس ــخ واإلمس ــاك بال أرب حيث علم‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)243 /3‬‬


‫(‪ )2‬إرشاد أويل النهى (ص‪.)671 :‬‬
‫(‪ )3‬غاية املنتهى (‪.)551 /1‬‬
‫‪- 212 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫بالعيب قبل قبض ـ ــه‪ ،‬فال ينايف ما س ـ ــبق‪ ،‬ويف كالم املص ـ ــنف يف ش ـ ــرح اإلقناع وغريه هنا‬
‫نظر"(‪ ،)1‬وقال أيض ـ ـ ـ ــا‪" :‬قوله‪( :‬وال أرب) قال منص ـ ـ ـ ــور البهويت‪ :‬قد تقدم لك يف خيار‬
‫العيب‪ :‬أنه خيري بني الرد واإلمس ــاك مع األرب‪ .‬ووجهه واض ــح‪ ،‬فاألوىل عود (وال أرب)‬
‫للمش ـ ــبه دون املش ـ ــبه به‪ .‬انتهى املقص ـ ــود‪ .‬أقول‪ :‬ما ذكره املص ـ ــنف هنا‪ ،‬وجرى عليه يف‬
‫ش ـ ــرحه من أن املش ـ ــرتي حيث أخذ املكيل وحنوه معيبا‪ ،‬فكأنه اش ـ ـرتاه راض ـ ــيا بعيبه‪ ،‬فال‬
‫أرب له‪ ،‬غري ص ـ ـ ـريح يف املخالفة‪ ،‬ملا تقدم يف العيب؛ إلمكان محل ما تقدم على ما إذا‬
‫أقبض ـ ـ ـ ـ ـ ــه غري عامل بالعيب؛ ألنه إذا علم به بعد‪ ،‬فله األرب‪ ،‬االف ما هنا‪ ،‬فإنه عامل‬
‫بالعيب قبل قبضه‪ ،‬وهو ظاهر‪ ،‬فكأنه عامل به حال العقد‪ ،‬فال أرب له‪ .‬فتأمل"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)3‬والشـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)4‬ونقله الزركشـ ـ ـ ـ ـ ــي(‪ ،)5‬وذكر يف‬
‫اإلنصاف أنه هو املتعني(‪ ،)6‬كما قال به صاحب املنتهى(‪.)7‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن القول بــأن لــه األرب يوافق مــا ذكروه يف خيــار العيــب‪ ،‬قــال يف املنتهى عنــد‬
‫ذكر خيار العيب‪" :‬وخيري مشــرت يف معيب قبل عقد أو قبض ما يضــمنه بائع قبله‪ ،‬كثمر‬
‫على ش ـ ـ ـ ـ ـ ــجر وحنوه‪ ،‬وما أبيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع‪ ،‬إذا جهله مث بان‪ ،‬بني رد‪-‬‬
‫ومؤونته عليه‪ ،‬ويأخذ ما دفع أو أبرأ أو وهب من مثنه ‪-‬وبني إمساك مع أرب"(‪ ،)8‬وقال‬
‫يف اإلقناع‪" :‬فمن اشــرتى معيبا مل يعلم عيبه مث علم بعيبه‪ ،‬علم البائع بعيبه فكتمه أو مل‬
‫يعلم‪ ،‬أو حدث به عيب بعد عقد وقبل قبض فيما ض ـ ــمانه على بائع‪ ،‬كمكيل وموزون‬

‫(‪ )1‬هداية الراغب (‪.)492 /2‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)336 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)84 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)117 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)543 /3‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)464 /4‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)124 /5‬ومنتهى اإلرادات (‪.)336 /2‬‬
‫(‪ )8‬منتهى اإلرادات (‪.)314 - 313 /2‬‬
‫‪- 213 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ومعدود ومذروع ومثر على ش ـ ـ ـ ـ ـ ــجر وحنوه‪ ،‬خري بني‪ :‬رد ‪-‬وعليه مؤنة رده‪ -‬وأخذ الثمن‬
‫كامال ‪-‬حىت لو وهبه مثنه أو أبرأه منه‪ -‬وبني‪ :‬إمساك مع أرب‪ ،‬ولو مل يتعذر الرد"(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن املشـ ــرتي يف هذه الصـ ــورة عامل بالعيب قبل قبضـ ــه‪ ،‬فكأنه اشـ ــرتى معيبا عاملا‬
‫بعيبــه حــال العقــد(‪ ،)2‬وليس مثــة خمــالفــة بني مــا ذكر هنــا ومــا ذكر يف خيــار العيــب‪،‬‬
‫إلمكان محل ما ذكر يف خيار العيب على ما إذا أقبضــه غري عامل بالعيب؛ ألنه إذا علم‬
‫به بعد‪ ،‬فله األرب‪ ،‬االف ما هنا‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعــل األرجح هو مــا ذهــب إليــه عثمــان؛ وذلــك لتعــاقــب أئمــة املــذهــب عليــه‪ ،‬وملـا‬
‫علل به‪ ،‬ولعدم وجاهة ما اسـ ــتدل به منصـ ــور؛ فإن اسـ ــتدالله بكالم املنتهى غري ظاهر‪،‬‬
‫فقد بني صاحب املنتهى ما قصده من قوله‪ ،‬فقال‪(" :‬وخيري مشرت يف) مبيع (معيب قبل‬
‫عقد) فيما يدخل يف ض ـ ـ ــمان مش ـ ـ ــرت مبجرد عقد‪ ،‬كالعبد والثوب‪( .‬أو) قبل (قبض ما)‬
‫أي‪ :‬مبيع (يضـ ـ ـ ـ ـ ــمنه بائع قبله) أي‪ :‬قبل القبض‪ ،‬وذلك (كثمر على شـ ـ ـ ـ ـ ــجر‪ ،‬وحنوه)‪،‬‬
‫كاملوص ـ ـ ــوف املعني‪ ،‬وما تقدمت رؤيته العقد بزمن ال يتغري فيه‪( .‬وما أبيع بكيل أو وزن‬
‫أو عد أو ذرع) على ما يأيت؛ ألن تعيب املبيع كتلف جزء منه‪ ،‬فإذا تعيب يف زمن كان‬
‫ضـ ــمانه فيه على املشـ ــرتي كان عليه‪ .‬فال ميلك املشـ ــرتي خيارا فيه إال إذا تعيب يف زمن‬
‫يكون ضـ ـ ــمانه لو تلف فيه على بائع‪( .‬إذا جهله) أي‪ :‬جهل املشـ ـ ــرتي العيب (مث بان)‬
‫له؛ ألنه إن كان عاملا به فال خيار له بال خالف؛ ألنه دخل على بصـ ـ ــرية‪ .‬أشـ ـ ــبه ما لو‬
‫ص ـ ــرح بالرض ـ ــى به"(‪ ،)3‬فكالم املنتهى هنا س ـ ــيق للتنبيه على أن العيب املعترب يف اخليار‬
‫هو الذي يكون وقوعه زمن ض ـ ـ ـ ـ ــمان البائع للس ـ ـ ـ ـ ــلعة‪ ،‬وليس يف كالمه ما يدل على أن‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)95 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)84 /4‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)124 /5‬وحاشية املنتهى (‪.)336 /2‬‬
‫(‪ )3‬معونة أويل النهى (‪.)97 – 96 /5‬‬
‫‪- 214 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫املشرتي إذا علم العيب بعد العقد وقبل القبض يف مكيل أو موزون أو معدود أو مذروع‬
‫فإن له اإلمس ـ ـ ـ ـ ـ ــاك وأخذ األرب‪ ،‬بل ميكن أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتنبك من عبارة اإلقناع واملنتهى اليت‬
‫اس ـ ــتدل هبا منص ـ ــور ما يدل على أهنما نبها على أن كالمهما منص ـ ــب على ما إذا كان‬
‫العلم بالعيب بعد القبض‪ ،‬وذلك ألهنما نصـا على أن املشـرتي إذا أراد الفسـخ فإن عليه‬
‫مؤونة رد املبيع(‪ ،)1‬ورد املبيع ال يتص ـ ـ ـ ـ ــور إال بعد قبض ـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬وهذا يدل على أن كالمهما‬
‫منصب على من علم بالعيب بعد القبض‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا وقع البيع على مكيل‪ ،‬أو موزون‪ ،‬أو معدود‪ ،‬أو مذروع‪ ،‬فتعيب قبل قبض ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫بال فعل آدمي‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬خيري املشرتي بني الفسخ واإلمساك مع أخذ األرب‪،‬‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬خيري املشرتي بني الفسخ واإلمساك بال أرب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)95 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪.)313 /2‬‬


‫‪- 215 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬اعتبار طلب المشتري الكيل في وعائه بمنزلة‬
‫قبضه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫يذكر احلنابلة أن ما بيع بكيل‪ ،‬أو وزن‪ ،‬أو عد‪ ،‬أو ذرع‪ ،‬ال يصح تصرف املشرتي‬
‫فيه قبل قبض ــه(‪ ،)1‬ويذكرون أيض ــا األمور اليت حيص ــل هبا القبض(‪ ،)2‬فهل دفع املش ــرتي‬
‫وعاءه للبائع ليكيل به حيصل به القبض‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا دفع املش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتي ‪ -‬في ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع ‪ -‬وعاءه إىل البائع‪،‬‬
‫وقال كله‪ ،‬فإن املبيع يكون مقبوضا بذلك‪ ،‬وقد نسب عثمان هذا القول إىل الفخر ابن‬
‫تيمية(‪ ،)3‬صاحب التلخيص‪ ،‬فقال ¬‪" :‬قوله‪( :‬ووعاؤه) بأن دفعه مشرت لبائع وقال‪:‬‬
‫كله‪ ،‬فإنه يصري مقبوضا‪ .‬قاله يف التلخيص‪ ،‬وفيه نظر"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)278 /6‬واملبدع (‪ ،)115 /4‬واإلنصاف (‪ ،)461 /4‬واإلقناع (‪ ،)109 /2‬ومنتهى اإلرادات‬
‫(‪ ،)333 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)142 /3‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)284 /6‬واملبدع (‪ ،)119 /4‬واإلنصاف (‪ ،)469 /4‬واإلقناع (‪ ،)112 /2‬ومنتهى اإلرادات‬
‫(‪ ،)341 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)149 /3‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬حممد بن اخلضر بن حممد بن اخلضر بن علي ابن تيمية احلراين الفقيه املفسر اخلطيب الواعظ فخر الدين أبو‬
‫عبد اهلل شيخ حران وخطيبها‪ ،‬الزم أبا الفر ابن اجلوزي ومسع عليه كثريا وقرأ عليه‪ ،‬له مصنفات منها التفسري الكبري‬
‫ويف الفقه الرتغيب والتلخيص والبلغة وهو أصغرها وله شرح اهلداية أليب اخلطاب مل يتمه وكان بينه وبني الشيخ موفق‬
‫الدين مراسالت ومكاتبات وأخذ عنه العلم مجاعة منهم ولده عبد الغين خطيب حران وابن عمه الشيخ جمد الدين‪،‬‬
‫تويف سنة اثنني وعشرين وستمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)321 /3‬واملقصد االرشد (‪.)406 /2‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)341 /2‬‬
‫‪- 216 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول القاض ـ ــي(‪ ،)1‬وص ـ ــاحب املبدع(‪ ،)2‬والتنقيح(‪ ،)3‬واإلقناع(‪،)4‬‬
‫واملنتهى(‪ ،)5‬والغاية(‪ ،)6‬وأخصر املختصرات(‪ ،)7‬وكايف املبتدي(‪ ،)8‬واللبدي(‪.)9‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا دفع املش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتي ‪ -‬في ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع ‪ -‬وعاءه إىل البائع‪،‬‬
‫وقال‪ :‬كله‪ ،‬فإن املبيع ال يكون مقبوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بذلك‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"قوله‪( :‬ووعاؤه) بأن دفعه مش ـ ـ ـ ـ ـ ــرت لبائع وقال‪ :‬كله‪ ،‬فإنه يص ـ ـ ـ ـ ـ ــري مقبوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ .‬قاله يف‬
‫التلخيص‪ ،‬وفيه نظر"(‪.)10‬‬
‫وق ــد ق ــال هب ــذا القول الفخر ابن تيمي ــة يف التلخيص‪ ،‬نقل ــه عن ــه يف املب ــدع(‪،)11‬‬
‫والكش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)12‬وذكر هــذا القول يف الفروع(‪ ،)13‬واإلنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)14‬ومعونــة أويل‬
‫النهى(‪ )15‬على وجه التمريض‪ ،‬ومل ينسبوه ألحد‪.‬‬

‫(‪ )1‬نسبه إليه يف املستوعب (‪ ،)617 /1‬والفروع (‪ ،)284 /6‬واإلنصاف (‪.)470 /4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)119 /4‬‬
‫(‪ )3‬التنقيح املشبع (ص‪.)227 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)112 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)341 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)150 /3‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬أخصر املختصرات (ص‪.)169 :‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬الروض الندي شرح كايف املبتدي (ص‪.)220 :‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)181 /1‬‬
‫(‪ )10‬حاشية املنتهى (‪.)341 /2‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)119 /4‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)246 /3‬‬
‫(‪ )13‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)285 /6‬‬
‫(‪ )14‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)470 /4‬‬
‫(‪ )15‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)129 /5‬‬
‫‪- 217 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫اسـ ـ ــتدل أصـ ـ ــحاب هذا القول بأنه لو تنازع صـ ـ ــاحب الوعاء وغريه ما يف الوعاء‪،‬‬
‫لقيل أنه لصاحب الوعاء‪ ،‬وهذا يدل على أن حكم الوعاء كاليد(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ميكن االس ــتدالل هلذا القول بأن األص ــل عدم القبض‪ ،‬ومن زعم أن هذه الص ــورة‬
‫حيصل هبا القبض هو من يطالب بالدليل‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل القول األول هو الراجح؛ وذلك لتعاقب أئمة املذهب عليه‪ ،‬وللدليل الذي‬
‫ذكروه‪.‬‬
‫والظاهر أن نس ـ ــبة القول األول لص ـ ــاحب التلخيص‪ ،‬ونس ـ ــبة القول الثاين لعثمان‬
‫ليست دقيقة‪ ،‬بدليل ما نقله املبدع(‪ )2‬والكشاف(‪ )3‬عن التلخيص‪ ،‬ولعله وقع تصحيف‬
‫من نس ـ ـ ــاخ حاش ـ ـ ــية الش ـ ـ ــيخ عثمان‪ ،‬فكتبوا العبارة‪" :‬قاله يف التلخيص‪ ،‬وفيه نظر"(‪،)4‬‬
‫وص ـ ـ ـواهبا‪" :‬قال يف التلخيص‪ :‬وفيه نظر"‪ ،‬هكذا نقلها املبدع والكش ـ ـ ــاف‪ ،‬ولذا فعثمان‬
‫¬ يف هذه املسألة مل يتعقب‪ ،‬وإمنا نقل تعقب صاحب التلخيص‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية ابن قندس على الفروع (‪ ،)285 /6‬واملبدع (‪ ،)119 /4‬واإلنصاف (‪ ،)470 /4‬ومعونة أويل النهى‬
‫(‪ ،)129 /5‬وشرح املنتهى (‪ ،)61 /2‬والروض الندي شرح كايف املبتدي (ص‪ ،)220 :‬وكشف املخدرات (‪/1‬‬
‫‪ ،)391‬ومطالب أويل النهى (‪.)150 /3‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)119 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)246 /3‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪ ،)341 /2‬وقد راجعت خمطوط حاشية املنتهى احملفو يف جامعة امللك سعود برقم ‪،2106‬‬
‫فوجدت العبارة فيه مماثلة لعبارة للمطبوع‪ ،‬وموضع العبارة فيه يف اللوح رقم ‪ /78‬أ‪ ،‬كما راجعت املخطوط احملفو‬
‫يف دار اإلفتاء برقم ‪ ،86 /324‬فوجدت العبارة فيه مماثلة لعبارة للمطبوع‪ ،‬وموضع العبارة فيه يف الصفحة رقم‬
‫‪.247‬‬
‫‪- 218 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا دفع املش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتي ‪ -‬في ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع ‪ -‬وعاءه إىل البائع‪،‬‬
‫وقال كله‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يكون املبيع مقبوضــا بذلك‪ ،‬فيصــح تصــرف املشــرتي فيه‪،‬‬
‫وينتقل ض ـ ـ ـ ـ ــمانه إليه‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال يكون املبيع مقبوض ـ ـ ـ ـ ــا بذلك‪ ،‬فال يص ـ ـ ـ ـ ــح‬
‫تصرف املشرتي فيه‪ ،‬ويبقى ضمانه على البائع‪.‬‬

‫‪- 219 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬قبض متعين احتاج إلى حق توفية بغير رضا بائع‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬ويص ـ ـ ـ ــح قبض متعني بغري رض ـ ـ ـ ــى بائع"(‪ ،)1‬فهل قوله هذا‬
‫يشمل املتعني الذي احتا إىل حق توفية(‪ ،)2‬أم هو مقصور على املتعني الذي ال حيتا‬
‫إىل حق توفيةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫قول الفتوحي ¬‪" :‬ويصـ ـ ــح قبض متعني بغري رضـ ـ ــى بائع"(‪ ،)3‬يشـ ـ ــمل املتعني‬
‫الذي احتا إىل حق توفية‪ ،‬والذي مل حيتج إىل ذلك‪ ،‬وهذا قول منص ـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال‬
‫¬‪(" :‬ويص ـ ـ ـ ـ ـ ــح قبض) مبيع (متعني) وظــاهره‪ :‬ولو احتــا حلق توفيــة (بغري رض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫بائع)"(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫قول الفتوحي ¬‪" :‬ويصــح قبض متعني بغري رضــى بائع"(‪ ،)5‬ال يشــمل املتعني‬
‫الذي احتا إىل حق توفية‪ ،‬بل هو مقص ـ ـ ــور على املتعني الذي ال حيتا إىل حق توفية‪،‬‬
‫وهذا هو تعقـب عثمـان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬ويص ـ ـ ـ ـ ـ ــح قبض متعني ‪ ...‬إخل) يعين‪ :‬ال‬
‫حيتا إىل حق توفية؛ لئال خيالف ما سـ ـ ـ ــيأيت يف قوله‪( :‬ال غصـ ـ ـ ــبه) ويدل على هذا قول‬
‫املصنف يف شرح ما سيأيت‪ :‬أي‪ :‬ال غصب مشرت مبيعا ال يدخل يف ضمانه إال بقبضه‪،‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)341 /2‬‬


‫(‪ )2‬املقصود حبق التوفية‪ :‬كيل املبيع‪ ،‬ووزنه‪ ،‬وعده‪ ،‬وذرعه‪ ،‬ونقده‪ .‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)471 /4‬والتنقيح املشبع (ص‪:‬‬
‫‪ ،)227‬واإلقناع (‪.)112 /2‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)341 /2‬‬
‫(‪ )4‬شرح املنتهى (‪.)61 /2‬‬
‫(‪ )5‬منتهى اإلرادات (‪.)341 /2‬‬
‫‪- 220 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫أي‪ :‬بأن حيتا إىل حق توفية‪ .‬وعلى هذا فال يناســب قول منصــور البهويت هنا‪ :‬وظاهره‬
‫ولو احتا إىل حق توفية‪ .‬مع أنه احتا آخرا إىل عدم اعتبار هذه الصورة"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫عبارة املؤلف مطلقة‪ ،‬فتقتضي التعميم‪.‬‬
‫وأما قول الفتوحي‪( :‬وإتالف مشـ ـ ـ ــرت ومتهب بإذن واهب قبض‪ ،‬ال غصـ ـ ـ ــبه)(‪،)2‬‬
‫فاألظهر أن قوله‪( :‬ال غص ـ ـ ـ ــبه) راجع للموهوب فقك‪ ،‬بدليل قول الفتوحي يف ش ـ ـ ـ ــرحه‪:‬‬
‫"(وإتالف مشــرت) املبيع مطلقا"‪ ،‬فجعل إتالف املبيع قبضــا مطلقا‪ ،‬سـواء أذن للمشــرتي‬
‫بالقبض أم مل يؤذن‪ ،‬وسواء كان املبيع حيتا إىل حق توفية أم ال حيتا إىل ذلك‪ ،‬مث قيد‬
‫املؤلف اعتبار إتالف اهلبة قبضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا هلا بأن يكون مأذونا له يف ذلك‪ ،‬فيحمل قوله‪" :‬ال‬
‫غصبه" على اهلبة اليت مل يؤذن للموهوب بقبضها‪.‬‬
‫وألن القبض شرط يف ملك املوهوب دون املبيع(‪.)3‬‬
‫كما أنه ميكن اجلمع بني العبارتني بأن يقال‪ :‬إن قول الفتوحي‪" :‬ويص ـ ـ ـ ـ ـ ــح قبض‬
‫متعني بغري رضـ ـ ـ ـ ــى بائع"(‪ )4‬يعين بغري إذنه‪ ،‬ال على وجه الغصـ ـ ـ ـ ــب والقهر‪ ،‬فال خيالف‬
‫قوله‪" :‬ال غصبه"(‪.)5‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫القول بأن كالم الفتوحي ال يش ـ ـ ـ ـ ـ ــمل املتعني الذي احتا إىل حق توفية‪ ،‬بل هو‬
‫مقص ـ ـ ـ ـ ـ ــور على املتعني الذي ال حيتا إىل حق توفية؛ لئال خيالف ما س ـ ـ ـ ـ ـ ــيأيت يف قوله‪:‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)342 – 341 /2‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)343 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)61 /2‬وحاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)663 /2‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)341 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)342 /2‬‬
‫‪- 221 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫(وإتالف مشرت ومتهب بإذن واهب قبض‪ ،‬ال غصبه)(‪ ،)1‬ويدل على هذا قول الفتوحي‬
‫يف شرح قوله‪( :‬ال غصبه) "أي‪ :‬ال إذا غصب املشرتي املبيع الذي ال يدخل يف ضمانه‬
‫إال بقبضه"(‪ ،)2‬أي‪ :‬بأن حيتا إىل حق توفية(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر واهلل أعلم أن قول الفتوحي ¬‪" :‬ويصـ ـ ــح قبض متعني بغري رضـ ـ ــى‬
‫بائع"(‪ )4‬له احتماالن‪:‬‬
‫االحتمال األول‪ :‬أن الفتوحي قصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بقوله‪" :‬متعني" أي‪ :‬ما ال حيتا إىل حق‬
‫توفية‪ ،‬وقد اسـ ـ ـ ـ ــتعمل بعض احلنابلة هذا االصـ ـ ـ ـ ــطالح هبذا املعىن‪ ،‬قال يف املغين‪" :‬وألن‬
‫املبيع املعني ال يتعلق به حق توفية‪ ،‬فكان من مال املش ـ ـ ـ ــرتي‪ ،‬كغري املكيل واملوزون"(‪،)5‬‬
‫وقال يف الكايف‪" :‬وعنه‪ :‬أن املنع خيتص ما ليس مبتعني‪ ،‬كقفيز من ص ـ ـ ـ ـ ـ ــربة‪ ،‬ورطل زيت‬
‫من دن‪ .‬وما بيع ص ـ ــربة‪ ،‬أو جزافاً جاز بيعه قبل قبض ـ ــه‪ ،‬وهو قول القاض ـ ــي وأص ـ ــحابه؛‬
‫ألنه يتعلق به حق توفية االف غريه"(‪ ،)6‬وقال يف الفروع‪" :‬ومؤنة املتعني على املش ــرتي‬
‫إذا قلنا كمقبوض وأطلق الشيخ وغريه‪ ،‬قال‪ :‬ألنه مل يتعلق به حق توفية‪ ،‬نص عليه"(‪،)7‬‬
‫وقال يف املبدع‪" :‬ومؤنة املتعني على املش ـ ـ ــرتي إن قلنا كمقبوض‪ ،‬وأطلقه يف " املغين " و‬
‫" الش ـ ـ ـ ـ ـ ــرح "؛ ألنه ال يتعلق به حق توفية‪ ،‬نص عليه"(‪ ،)8‬وقال أيض ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪" :‬وألن التعيني‬
‫كالقبض"(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)343 /2‬‬


‫(‪ )2‬معونة أويل النهى (‪.)131 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)342 – 341 /2‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)341 /2‬‬
‫(‪ )5‬املغين (‪.)83 /4‬‬
‫(‪ )6‬الكايف يف فقه اإلمام أمحد (‪.)18 /2‬‬
‫(‪ )7‬الفروع (‪.)287 /6‬‬
‫(‪ )8‬املبدع (‪.)120 /4‬‬
‫(‪ )9‬املبدع (‪.)117 /4‬‬
‫‪- 222 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫فلو محلن ــا كالم الفتوحي على ه ــذا االحتم ــال لقلن ــا‪ :‬إن التعق ــب متج ــه‪ ،‬وكالم‬
‫الشيخ منصور بعيد‪ ،‬وال حيتمله اللفظ‪.‬‬
‫االحتمال الثاين‪ :‬أن الفتوحي قص ـ ـ ـ ـ ــد بقوله‪" :‬متعني" املقابل لغري املتعني‪ ،‬س ـ ـ ـ ـ ـواء‬
‫احتا حلق توفية‪ ،‬أم مل حيتج إليه‪ ،‬وقد اس ـ ـ ـ ـ ــتعمل بعض احلنابلة هذا االص ـ ـ ـ ـ ــطالح هبذا‬
‫املعىن‪ ،‬قال يف املس ـ ـ ــتوعب‪" :‬وإذا مت البيع بغري خيار‪ ،‬أو ايار وانقض ـ ـ ــت مدته من غري‬
‫فس ــخ نظرنا‪ ،‬فإن كان املبيع غري متميز‪ ،‬وهو كل ما حيتا يف قبض ــه إىل كيل أو وزن أو‬
‫عد أو ذرع‪ ،‬فال ختتلف الرواية أنه ال جيوز للمشرتي التصرف فيه قبل قبضه‪ ،‬ال ببيع وال‬
‫شـ ـ ـ ــركة وال تولية وال حوالة وال رهن وال هبة وال غري ذلك‪ ،‬س ـ ـ ـ ـواء كان متعينا كقفيز من‬
‫صربة‪ ،‬ودرهم من نقرة‪ ،‬ورطل من زبرة بعينها‪ ،‬أو غري متعني"(‪.)1‬‬
‫فلو محلنا كالم الفتوحي على هذا االحتمال لقلنا‪ :‬إن كالم الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‬
‫حمتمل‪ ،‬ولكن كالم الشيخ عثمان أوجه؛ وذلك لعدة مرجحات‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن احلنابلة ذكروا من شـ ـ ـ ــروط القبض حضـ ـ ـ ــور مسـ ـ ـ ــتحق أو نائبه‪ ،‬فشـ ـ ـ ــرط‬
‫احلضور هذا يدل على أن املتقرر عندهم أن البائع هو من يتوىل اإلقباض فيما حيتا إىل‬
‫حق توفية‪ ،‬كما يدل على ذلك ص ـ ـ ـ ـ ـ ـراحة نصـ ـ ـ ـ ـ ــهم على جواز اسـ ـ ـ ـ ـ ــتنابة من عليه احلق‬
‫للمستحق يف استيفاء حقه‪ ،‬قال يف اإلنصاف‪" :‬ولو قال له‪ :‬اكتل من هذه الصربة قدر‬
‫حقك‪ ،‬ففعل‪ :‬صــح‪ .‬وقيل‪ :‬ال"(‪ ،)2‬وقال يف تصــحيح الفروع‪" :‬فالصــحيح من املذهب‬
‫صـ ـ ـ ــحة اسـ ـ ـ ــتنابة من عليه احلق للمسـ ـ ـ ــتحق يف القبض"(‪ ،)3‬وقال يف اإلقناع‪" :‬ويصـ ـ ـ ــح‬
‫استنابة من عليه احلق للمستحق يف القبض"(‪ ،)4‬فهذه العبارات دالة على أن األصل أن‬
‫البائع هو من يتوىل اإلقباض فيما حيتا إىل حق توفية‪ ،‬والقول بأن للمس ـ ـ ـ ـ ـ ــتحق القبض‬
‫بغري رضا البائع فيما حيتا إىل حق توفية فيه تفويت حلق البائع‪.‬‬

‫(‪ )1‬املستوعب (‪.)611 /1‬‬


‫(‪ )2‬اإلنصاف (‪ ،)470 /4‬وينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)284 /6‬واملبدع (‪.)119 /4‬‬
‫(‪ )3‬تصحيح الفروع (‪.)336 /6‬‬
‫(‪ )4‬اإلقناع (‪ ،)112 /2‬وينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪ ،)342 /2‬والروض املربع (ص‪ ،)338 :‬والروض الندي شرح كايف‬
‫املبتدي (ص‪.)220 :‬‬
‫‪- 223 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن من املصــاحل املراعاة يف الش ـريعة‪ :‬قطع اخلصــومات واملنازعات‪ ،‬وما يذكره‬
‫العلماء يف باب قبض املبيع وما حيصـ ــل به القبض دال على هذا األصـ ــل‪ ،‬وال شـ ــك أن‬
‫متكني املشـ ـ ـ ــرتي من اسـ ـ ـ ــتيفاء حقه الذي حيتا إىل حق توفية دون إذن البائع يفتح بابا‬
‫للخصومات واملنازعات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن منصـ ـ ــورا ¬ قال يف شـ ـ ــرحه لقول الفتوحي‪" :‬وإتالف مشـ ـ ــرت ومتهب‬
‫بإذن واهب قبض‪ ،‬ال غصبه"(‪ )1‬قال‪(" :‬وإتالف مشرت) ملبيع ولو غري عمد قبض‪( ،‬و)‬
‫إتالف (متهب) لعني موهوبة (بإذن واهب قبض)؛ ألنه ماله وقد أتلفه‪( ،‬ال غص ـ ـ ـ ـ ـ ــبه)‬
‫أي‪ :‬املشــرتي مبيعا ال يدخل يف ضــمانه إال بقبضــه‪ ،‬وال غصــب موهوب له عينا وهبت‬
‫له‪ ،‬فليس قبض ـ ــا‪ ،‬فال يص ـ ــح تص ـ ــرفه فيهما‪ .‬ذكره يف ش ـ ــرحه(‪ .)2‬ويأيت يف اهلبة‪ :‬يص ـ ــح‬
‫تصرفه فيها قبل قبضها(‪ .)3‬فيحمل ما هنا على املكيل وحنوه‪ ،‬وما هناك على غريه"(‪،)4‬‬
‫فقوله ¬‪" :‬ويأيت يف اهلبة‪ :‬يصح تصرفه فيها قبل قبضها‪ .‬فيحمل ما هنا على املكيل‬
‫وحنوه‪ ،‬وما هناك على غريه" هو نظري قول عثمان‪" :‬قوله‪( :‬ويصح قبض متعني ‪ ...‬إخل)‬
‫يعين‪ :‬ال حيتا إىل حق توفية؛ لئال خيالف ما سيأيت يف قوله‪( :‬ال غصبه)"(‪.)5‬‬
‫ولذا فالراجح القول الثاين‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من اش ـ ــرتى متعينا حيتا إىل حق توفية‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يص ـ ــح له قبض ـ ـه بغري‬
‫رضى البائع‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال يصح له قبضه بغري رضى البائع‪.‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)343 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)131 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)393 /3‬‬
‫(‪ )4‬شرح املنتهى (‪.)62 /2‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)342 – 341 /2‬‬
‫‪- 224 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬اشتراط النية عند قضاء الدين‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر ص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب املنتهى(‪ )1‬وغريه(‪ )2‬أنه مىت نوى املدين ٍ‬
‫ببذل وفاء دينه برئ منه‪،‬‬
‫فإن مل ينو ذلك عد متربعا‪ ،‬فهل املقصود أن املدين إذا غفل عن نية الوفاء صار متربعا‪،‬‬
‫أم أن املقص ــود أن املدين ال بد أن ينوي التربع ليقال إنه متربع‪ ،‬فإن مل ينو ذلك‪ ،‬وغفل‬
‫عن نية الوفاء فيصري قد أدى دينهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫البــد أن ينوي املــدين التربع ليقــال إنــه متربع‪ ،‬فــإن مل ينو ذلــك‪ ،‬وغفــل عن نيــة‬
‫الوفاء فيص ــري قد أدى دينه‪ ،‬وهذا قول منص ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ومىت نوى مديون‬
‫بأداء دينه) إىل غرميه (وفاء دينه برئ) منه‪( ،‬وإال) ينو قض ـ ـ ـ ـ ـ ــاءه (فمتربع)‪ ،‬هكذا ذكروه‬
‫هنا‪ .‬ويف كتب األص ـ ـ ـ ـ ـ ــول‪ :‬من الواجب ما ال يفتقر إىل نية‪ ،‬كأداء الدين‪ ،‬ورد الوديعة‪،‬‬
‫وحنومهــا‪ .‬وميكن محــل مــا هنــا على مــا إذا نوى التربع ال على مــا إذا غفــل؛ مجعــا بني‬
‫الكالمني"(‪.)3‬‬
‫وقد قال هبذا القول اخللويت(‪ ،)4‬وصاحب مطالب أويل النهى(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫البد أن ينوي املدين الوفاء‪ ،‬فإن غفل عن نية الوفاء صار متربعا‪ ،‬وهذا هو تعقب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وإال ‪ ...‬إخل) أي‪ :‬إن مل ينو الدافع الوفاء‪ ،‬فمتربع‪ ،‬وفهم‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)394 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)339 /6‬واإلنصاف (‪ ،)119 /5‬واإلقناع (‪ ،)146 - 145 /2‬ومطالب أويل النهى (‪/3‬‬
‫‪.)236‬‬
‫(‪ )3‬كشاف القناع (‪ ،)310 /3‬وينظر‪ :‬حواشي اإلقناع (‪.)1380 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)60 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)236 /3‬‬
‫‪- 225 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫منه‪ :‬أنه البد من نية وفاء الدين‪ ،‬وأما قوهلم يف األص ـ ـ ـ ـ ـ ــول‪ :‬ومن الواجب ما ال يثاب‬
‫عليه‪ ،‬كنفقة واجبة‪ ،‬ورد وديعة وغص ـ ـ ـ ـ ـ ــب‪ ،‬وحنوه‪ ،‬إذا فةعل مع غفلة عن نية التقرب‪ ،‬ال‬
‫عن نية الوفاء والرد مثال؛ ألن الثواب على األوىل‪ .‬أعين‪ :‬نية التقرب‪ ،‬دون الثانية؛ إذ قد‬
‫توجد مع إكراه مثال‪ .‬يدل على ذلك قوله يف "خمتص ـ ــر األص ـ ــول"(‪ )1‬بعدما تقدم‪ :‬لعدم‬
‫النيــة املرتتــب عليهــا الثواب‪ .‬انتهى‪ .‬وهي نيــة التقرب إىل امللــك الوهـاب‪ ،‬فال تنــايف بني‬
‫الكالمني‪ ،‬خالفا ملا توهم منصور البهويت"(‪.)2‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب الفروع(‪ ،)3‬واملبدع(‪ ،)4‬واإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪،)5‬‬
‫واإلقناع(‪ ،)6‬واملنتهى(‪ ،)7‬والغاية(‪.)8‬‬
‫كما أن هذا القول نص عليه الشيخ منصور يف شرح املنتهى‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ومىت‬
‫نوى مديون وفاء) عما عليه (بدفع‪ ،‬برئ) منه‪( ،‬وإال) ينو وفاء (فتربع)؛ حلديث ((وإمنا‬
‫لكل امرئ ما نوى))(‪ )9‬وما ذكروه يف األص ـ ــول‪ :‬أن رد األمانة وقض ـ ــاء الدين واجب ال‬
‫يقف على النية‪ ،‬أي‪ :‬نية التقرب"(‪.)10‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬خمتصر التحرير (ص‪ ،)68 :‬وشرح الكوكب املنري (‪.)349 /1‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)396 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)339 /6‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)258 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)119 /5‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)146 - 145 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)394 /2‬‬
‫(‪ )8‬غاية املنتهى (‪.)588 /1‬‬
‫(‪ )9‬رواه البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ ،‬باب كيف كان بدء الوحي إىل رسول اهلل ‘‪ ،‬ح(‪ ،)1‬ورواه يف مواضع أخرى‬
‫من الصحيح‪ ،‬ورواه مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب قوله ‘ إمنا األعمال بالنية وأنه يدخل فيه الغزو وغريه من األعمال‪،‬‬
‫ح(‪.)1907‬‬
‫(‪ )10‬شرح املنتهى (‪.)99 /2‬‬
‫‪- 226 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مجعا بني كالمهم هنا‪ ،‬وقوهلم يف كتب األصول‪ :‬من الواجب ما ال يفتقر إىل نية‪،‬‬
‫كأداء الدين‪ ،‬ورد الوديعة‪ ،‬وحنومها‪ .‬فقوهلم‪" :‬ال يفتقر إىل نية" خيالف ظاهر قوهلم هنا‪.‬‬
‫والقول بأن املقص ـ ــود أن ينوي املدين التربع ليقال إنه متربع‪ ،‬وأنه إن مل ينو ذلك‪ ،‬وغفل‬
‫عن نية األداء فيصري قد أدى دينه حيل اإلشكال وجيمع بني القولني(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫حلديث ((وإمنا لكل امرئ ما نوى))(‪ ،)2‬وأما ما ذكروه يف األصول‪ :‬أن رد األمانة‬
‫وقضاء الدين واجب ال يقف على النية‪ ،‬فاملقصود به‪ :‬نية التقرب‪ ،‬ال نية الوفاء(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح مذهبا هو القول الثاين؛ لتعاقب أئمة املذهب عليه‪ ،‬وللدليل الذي‬
‫ذكروه‪ ،‬وألن االس ــتش ــكال الذي محل أص ــحاب القول األول على قوهلم هذا قد أجاب‬
‫عنه أصحاب القول الثاين‪.‬‬
‫ولعله عند التحقيق وتدقيق النظر يف هذه املسألة يتبني أن اخلالف أقرب إىل كونه‬
‫خالفا لفظيا؛ وذلك ألنه يبعد تص ـ ـ ـ ــور أن يبذل رجل ماال لرجل آخر دون غرض ودون‬
‫اســتصــحاب أي ســبب هلذا البذل‪ ،‬بل املتصــور أن يكون ســبب هذا البذل معاوضــة‪ ،‬أو‬
‫تربع‪ ،‬أو أداء واجب‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬وأما أن يكون دون نية ودون قصــد فهذا بعيد‪ .‬وعليه‬
‫فاألصــل أن جيعل هذا املال فيما نواه باذله‪ ،‬وال يقال إن باذل املال مل ينو غرضــا ببذله‪،‬‬
‫فهذا االحتمال غري وارد‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)310 /3‬وحواشي اإلقناع (‪ ،)1380 /3‬وحاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪،)60 /3‬‬
‫ومطالب أويل النهى (‪..)236 /3‬‬
‫(‪ )2‬سبق خترجيه‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح الكوكب املنري (‪ ،)349 /1‬وشرح املنتهى (‪ ،)99 /2‬وحاشية املنتهى (‪.)396 /2‬‬
‫‪- 227 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا بــذل مــدين لــدائنــه مــاال‪ ،‬ومل ينو مبــالــه هــذا أداء دينــه‪ ،‬ومل ينو بــه تربعــا‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول‪ :‬يعــد هـذا املـال وفـاء لـدينــه‪ ،‬وعلى القول الثــاين‪ :‬يعــد هـذا املـال تربعـا‪ ،‬وال‬
‫يعد وفاء لدينه‪.‬‬

‫‪- 228 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬إقراض الولي من مال موليه لمصلحة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ يف شـ ـ ـ ـ ــروط القرض‪" :‬وكون مقرض يصـ ـ ـ ـ ــح تربعه"(‪ ،)1‬وعليه‬
‫فهل يصح إقراض الويل من مال موليه ملصلحة‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال يص ـ ــح إقراض ويل من مال موليه‪ ،‬وهذا قول منص ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬ "(و)‬
‫شـ ـ ــرط (كون مقرض يصـ ـ ــح تربعه) فال يقرض حنو ويل يتيم من ماله وال مكاتب وناظر‬
‫وقف منه‪ ،‬كما ال حيايب"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب مطالب أويل النهى(‪ ،)3‬وابن قاسم(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يصـ ـ ـ ـ ـ ــح إقراض الويل من مال موليه إن كان يف ذلك مصـ ـ ـ ـ ـ ــلحة‪ ،‬وهذا هو تعقب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬ويصــح من ويل ملصــلحة كما صــرح به يف املنتهى وغريه يف احلجر‪،‬‬
‫وكالم املصنف هنا يف شرح املنتهى غري حمرر"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)397 /2‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)100 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)239 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪.)39 /5‬‬
‫(‪ )5‬هداية الراغب (‪.)514 /2‬‬
‫‪- 229 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)1‬واجملد(‪ ،)2‬والش ـ ـ ــارح(‪ )3‬وص ـ ـ ــاحب الفروع(‪،)4‬‬
‫واملبدع(‪ ،)5‬واإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)6‬واإلقناع(‪ ،)7‬واملنتهى(‪ ،)8‬والغاية(‪ ،)9‬كما قال هبذا القول‬
‫منصور البهويت(‪.)10‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أن احلنابلة ذكروا يف ش ـ ـ ـ ـ ــروط القرض‪ :‬أن يكون املقرض يص ـ ـ ـ ـ ــح تربعه(‪ ،)11‬وويل‬
‫اليتيم ال يصح تربعه مبال اليتيم(‪ ،)12‬فال يصح إقراضه(‪.)13‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)108 /2‬واملقنع (ص‪.)189 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)347 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)522 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)13 /7‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)311 /4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)328 /5‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)224 /2‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)503 /2‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)656 /1‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬الروض املربع (ص‪ ،)391 :‬وشرح املنتهى (‪ ،)176 /2‬وكشاف القناع (‪ ،)449 /3‬واملنح الشافيات (‪/2‬‬
‫‪.)468‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)397 /2‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)223 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)500 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)407 /3‬‬
‫(‪ )13‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)100 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)239 /3‬‬
‫‪- 230 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن تصرفات الويل منوطة باملصلحة‪ ،‬فمىت وجدت املصلحة يف تصرف جاز للويل‬
‫فعله(‪ ،)1‬وألن اإلقراض إذا حتققت به مص ــلحة أش ــبه البيع وحنوه من عقود املعاوض ــات‪،‬‬
‫االف عقود التربعات كاهلبة بغري عوض والصدقة(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الــذي يظهر أن الراجح هو القول الثــاين‪ ،‬لتعــاقــب أئمــة املــذهــب عليــه‪ ،‬وللــدليــل‬
‫الذي ذكروه‪ ،‬فتص ـ ـ ــرفات الويل منوطة باملص ـ ـ ــلحة‪ ،‬وحيث ثبت وجود مص ـ ـ ــلحة يف هذا‬
‫اإلقراض جاز للويل فعله‪.‬‬
‫ويف هذا الزمن قد يقال إن عدم إقراض الويل مال موليه ألحد املص ــارف‪ ،‬ووض ــعه‬
‫يف بيته مثال‪ ،‬يعد تفريطا وتركا للمصلحة‪ ،‬قد يضمن املال بسببه إن تلف أو سرق‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا أراد ويل إقراض مال موليه ملص ـ ــلحة معتربة‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ليس له ذلك‪،‬‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬له ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬احملرر (‪ ،)347 /1‬والفروع (‪ ،)14 /7‬واملبدع (‪ ،)311 /4‬وغاية املنتهى (‪.)656 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املنح الشافيات (‪.)468 /2‬‬
‫‪- 231 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني عشر‪ :‬تشبيه الناظر واإلمام بسيد الجاني‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا اقرتض اإلمام للقيك على بيت املال‪ ،‬أو الناظر على الوقف‪ ،‬فهل تعلق الدين‬
‫يف ذمتهمــا وهبــذه اجلهــات كتعلق أرب اجلنــايــة برقبــة العبــد اجلــاين‪ ،‬أم أنــه كتعلق الــدين‬
‫بذمة الوكيل إذا اشرتى ملوكله بثمن يف ذمتهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يتعلق الدين بذمة املقرتض على بيت املال‪ ،‬وبذمة الناظر املقرتض على الوقف‪،‬‬
‫وهبذه اجلهات كتعلق أرب اجلناية برقبة العبد اجلاين‪ ،‬وهذا قول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال‬
‫¬‪(" :‬ومن شأنه) أي‪ :‬القرض (أن يصادف ذمة) قال ابن عقيل‪ :‬الدين ال يثبت إال‬
‫يف الــذمم ومىت أطلقــت األعواض تعلقــت هبــا‪ .‬ولو عينــت الــديون من أعيــان األموال مل‬
‫يصــح (فال يصــح قرض جهة كمســجد وحنوه) كمدرســة ورباط (وقال يف الفروع(‪ ،)1‬يف‬
‫باب الوقف‪ :‬وللناظر االس ــتدانة عليه بال إذن حاكم ملص ــلحة‪ ،‬كشـ ـرائه له) أي‪ :‬للوقف‬
‫(نس ـ ـ ـ ـ ـ ــيئة أو بنقد مل يعينه)‪ .‬ويف باب اللقيك(‪ :)2‬جيوز االقرتاض على بيت املال لنفقة‬
‫اللقيك‪ .‬وكذا قال يف املوجز‪ :‬يص ـ ــح قرض حيوان وثوب لبيت املال‪ ،‬وآلحاد املس ـ ــلمني‪.‬‬
‫نقله يف الفروع(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬والظاهر أن الدين يف هذه املسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائل يتعلق بذمة املقرتض وهبذه اجلهات‬
‫كتعلق أرب اجلنــايــة برقبــة العبــد اجلــاين‪ ،‬فال يلزم املقرتض الوفــاء من مــالــه‪ ،‬بــل من ريع‬
‫الوقف‪ ،‬وما حيدث لبيت املال"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)357 /7‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)433 /6‬وشرح املنتهى (‪ ،)388 /2‬وكشاف القناع (‪ ،)227 /4‬وكشف املخدرات (‪/2‬‬
‫‪ ،)509‬ومطالب أويل النهى (‪.)244 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)349 /6‬‬
‫(‪ )4‬كشاف القناع (‪)314 - 313 /3‬‬
‫‪- 232 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يتعلق الدين بذمة املقرتض على بيت املال‪ ،‬وبذمة الناظر املقرتض على الوقف‪،‬‬
‫وهبـذه اجلهـات كتعلق الـدين بـذمـة الوكيـل إذا اش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتى ملوكلـه بثمن يف ذمتـه‪ ،‬وهـذا هو‬
‫تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬ويظهر يل أن األوىل تشـبيه الناظر واإلمام بالوكيل‪ ،‬ال بسـيد‬
‫اجلاين؛ ألن س ـ ـ ـ ــيد اجلاين قد يس ـ ـ ـ ــقك عنه الدين مبوت اجلاين مثال‪ ،‬فال ينبغي أن يقاس‬
‫عليه الناظر واإلمام‪ ،‬بل هو فيما اقرتض ـ ـ ـ ـ ــاه ملا ذكر كالوكيل إذا اش ـ ـ ـ ـ ــرتى ملوكله بثمن يف‬
‫ذمته‪ ،‬وقد ص ـ ـ ـ ــرحوا بض ـ ـ ـ ــمان الوكيل يف احلالة املذكورة‪ ،‬فكذا ينبغي يف ض ـ ـ ـ ــمان الناظر‬
‫واإلمام‪ .‬فتدبر"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألنه ال يلزم اإلمام والناظر إذا اقرتض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا الوفاء من ماهلما‪ ،‬بل من ريع الوقف وما‬
‫حيدث لبيت املال‪ ،‬فأش ـ ـ ـ ــبها س ـ ـ ـ ــيد اجلاين من جهة أنه يبذل أرب جناية العبد من قيمة‬
‫بيعه‪ ،‬وال يلزمه يف ذمته شيء غري ذلك(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن سيد اجلاين قد يسقك عنه الدين مبوت اجلاين مثال‪ ،‬وأما الوكيل الذي اشرتى‬
‫يف ذمته فال يسقك عنه الدين مبوت موكله(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ما ذكره الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ عثمان من أن األوىل تش ـ ـ ـ ـ ـ ــبيه تعلق الدين يف ذمة الويل والناظر‬
‫بتعلق الدين بذمة الوكيل إذا اشـ ـ ـ ــرتى ملوكله بثمن يف ذمته مشـ ـ ـ ــكل؛ وذلك ألن احلنابلة‬
‫ذكروا أن الوكيل إذا اشرتى بثمن يف ذمته ثبت يف ذمة املوكل أصال‪ ،‬ويف ذمة الوكيل تبعا‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪ ،)398 /2‬وينظر‪ :‬هداية الراغب (‪.)514 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪)314 - 313 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)398 /2‬وهداية الراغب (‪.)514 /2‬‬
‫‪- 233 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫كالض ـ ـ ـ ــامن‪ ،‬وللبائع مطالبة من ش ـ ـ ـ ــاء منهما(‪ ،)1‬فالقول بأن الناظر واإلمام كالوكيل يف‬
‫هذه املس ــألة يلزم منه أنه حيق للدائن مطالبة اإلمام أو ناظر الوقف بالوفاء من ماهلما إن‬
‫كان بيت املال أو الوقف ليس فيه ما يكفي لسداد الدين‪ ،‬كما يلزم عليه صحة مطالبة‬
‫اإلمام أو الناظر بعد عزهلما‪ ،‬وأهنما ملزمان بالسداد ولو مل حيصل منهما تعد أو تفريك‪.‬‬
‫وأما ما ذكره من أنه يلزم على التشــبيه الذي ذكره الشــيخ منصــور‪ :‬أن يكون تلف‬
‫الوقف أو بيت املال س ـ ـ ـ ــببا مس ـ ـ ـ ــقطا للدين‪ ،‬كما أن موت العبد اجلاين يس ـ ـ ـ ــقك األرب‬
‫املتعلق برقبته(‪ ،)2‬فهو صحيح‪ ،‬وليس فيه ما مينع صحة هذا التشبيه؛ إذ لو تلف الوقف‬
‫أو تعطل بيت املال فال يلزم اإلمام أو الناظر يف ذمتهما ش ـ ـ ــيء إن كان تص ـ ـ ــرفهما ليس‬
‫فيه تعد وال تفريك‪.‬‬
‫ولذا فالظاهر أن التعقب غري متجه‪ ،‬بل ما ذكره الش ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ــور هو املتجه‪ ،‬إال‬
‫أن يةدخل الناظر أو اإلمام ذمته يف الدين‪ ،‬فيقال‪ :‬إنه مىت أدخل ذمته فيكون كالوكيل‬
‫إذا اشرتى بثمن يف ذمته‪.‬‬
‫وعليه فيقال إنه يفرق بني ثالثة أحوال من تصرفات الويل والناظر‪:‬‬
‫احلـال األوىل‪ :‬أن يـأخـذ النـاظر أو اإلمـام دينـا على الوقف أو بيـت املـال‪ ،‬متوخيا‬
‫يف ذلك املص ــلحة‪ ،‬دون تعد منه أو تفريك‪ ،‬فالظاهر أنه يف هذه احلالة ال يلحق ذمتهما‬
‫ش ــيء؛ ألن ما ترتب على املأذون غري مض ــمون‪ ،‬والوكيل والناظر إمنا فعال ما هو مأذون‬
‫هلما(‪ ،)3‬فيكونان يف هذه احلالة مثل النائب املأذون له يف التصرف إن تصرف فيما أذن‬
‫لــه بــه من غري تعــد وال تفريك‪ ،‬ويكون تعلق الــدين يف ذمتهمــا ويف هــذه اجلهــات كتعلق‬
‫أرب اجلناية برقبة العبد اجلاين‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)142 /2‬والشرح الكبري (‪ ،)238 /5‬والفروع (‪ ،)52 /7‬واملبدع (‪ ،)343 /4‬واإلنصاف (‪/5‬‬
‫‪ ،)375‬وشرح املنتهى (‪ ،)194 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)463 /3‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب القاعدة الثامنة والثالثون بعد املئة (‪ ،)51 - 50 /3‬واإلنصاف (‪ ،)79 /10‬وحاشية‬
‫املنتهى (‪ ،)398 /2‬وهداية الراغب (‪.)514 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬األحكام السلطانية أليب يعلى (ص‪ ،)253 :‬والفروع (‪ ،)357 /7‬واإلنصاف (‪ ،)72 /7‬واإلقناع (‪/2‬‬
‫‪.)147‬‬
‫‪- 234 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫احلال الثانية‪ :‬أن يأخذ الناظر أو اإلمام دينا على الوقف أو بيت املال‪ ،‬متوخيا يف‬
‫ذلك املص ـ ـ ـ ـ ــلحة‪ ،‬دون تعد منه أو تفريك‪ ،‬ولكنه جيعل هذا الدين يف ذمته‪ ،‬فالظاهر أنه‬
‫يف هذه احلالة يثبت الدين يف ذمته تبعا ويثبت يف ذمة بيت املال أو الوقف أصـ ــال‪ ،‬كما‬
‫يثبت الدين يف ذمة املضمون أصال ويف ذمة الضامن تبعا‪ ،‬وكما يثبت يف ذمة الوكيل إذا‬
‫اشــرتى ملوكله بثمن يف ذمته‪ ،‬وســبب تضــمني اإلمام والناظر يف هذه احلال هو إدخاهلما‬
‫ذمتهما يف القرض‪ ،‬فكأن ذمتهما صـ ــارت ضـ ــامنة للقرض‪ ،‬فيكونان يف هذه احلالة مثل‬
‫الضامن والوكيل الذي اشرتى بذمته‪.‬‬
‫احلال الثالثة‪ :‬أن يأخذ الناظر أو اإلمام دينا على الوقف أو بيت املال‪ ،‬دون توخ‬
‫للمصـ ـ ـ ــلحة‪ ،‬أو حيصـ ـ ـ ــل منهم يف ذلك تعد أو تفريك‪ ،‬فالظاهر أنه يف هذه احلالة يثبت‬
‫الدين يف ذمتهما أص ـ ـ ـ ـ ــال‪ ،‬ويثبت يف ذمة بيت املال أو الوقف تبعا‪ ،‬كالوكيل إذا تعدى‪،‬‬
‫فوكالته ال تنفس ــخ‪ ،‬بل تزول أمانته ويص ــري ض ــامنا‪ ،‬وكالناظر إذا أجر العني املوقوفة بأقل‬
‫من قيمتها(‪ ،)1‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا اقرتض اإلمــام للقيك على بيــت املــال‪ ،‬أو النــاظر على الوقف‪ ،‬دون تعــد أو‬
‫تفريك‪ ،‬ومل يدخال ذمته ما يف الدين‪ ،‬مث تلف الوقف أو تعطـل بيـت املال‪ ،‬فعلى القول‬
‫األول‪ :‬ال يلزم اإلمام أو الناظر يف ذمتهما ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيء‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬للدائن مطالبة‬
‫اإلمام أو الناظر بأداء الدين‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)201 /31‬وقواعد ابن رجب‪ ،‬القاعدة اخلامسة واألربعون (‪ ،)327 /1‬واإلنصاف (‪/7‬‬
‫‪ ،)73‬وكشاف القناع (‪ ،)269 /4‬وشرح املنتهى (‪ ،)416 /2‬والروض الندي شرح كايف املبتدي (ص‪،)299 :‬‬
‫وكشف املخدرات (‪ ،)517 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)340 /4‬‬
‫‪- 235 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثالث عشر‪ :‬ضمان المشتري أرش الثمن‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا ضــمن ضــامن مثن املبيع عن املشــرتي للبائع‪ ،‬فهل يدخل يف الضــمان‪ :‬ضــمان‬
‫أرب عيب الثمن‪ ،‬أم ال يدخلت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا ضـ ــمن ضـ ــامن مثن املبيع عن املشـ ــرتي للبائع‪ ،‬فال يدخل يف الضـ ــمان ضـ ــمان‬
‫أرب عيب الثمن مطلقا‪ ،‬ويفهم هذا القول من ص ـ ـ ـ ـ ــنيع الفتوحي‪ ،‬قال ¬ يف معرض‬
‫ذكره ما يصح ضمانه‪" :‬وعهدة مبيع عن بائع ملشرت‪ ،‬بأن يضمن عنه الثمن إن استحق‬
‫املبيع أو رد بعيب‪ ،‬أو أرشه‪ .‬وعن مشرت لبائع‪ ،‬بأن يضمن الثمن الواجب قبل تسليمه‪،‬‬
‫أو إن ظهر به عيب‪ ،‬أو استحق"(‪.)1‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول ابن قدامة(‪ ،)2‬والش ــارح(‪ ،)3‬وص ــاحب اإلنص ــاف(‪،)4‬‬
‫واإلقناع(‪ ،)5‬والغاية(‪ ،)6‬والروض(‪.)7‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا ضــمن ضــامن مثن املبيع عن املشــرتي للبائع‪ ،‬فيدخل يف الضــمان ضــمان أرب‬
‫عيـب الثمن‪ ،‬وهذا هو تعقـب عثمـان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬أو إن ظهر به عيـب) كان‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)430 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)403 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)84 /5‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)198 /5‬والتنقيح املشبع (ص‪.)246 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)179 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)616 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر ‪ :‬الروض املربع شرح زاد املستقنع (ص‪.)373 :‬‬
‫‪- 236 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ينبغي أن يقول‪ :‬أو أرشــه‪ .‬كما فعل يف جانب املبيع؛ إذ الثمن يف ذلك كاملثمن‪ ،‬وميكن‬
‫أنه اكتفى بفهمه باملقايسة‪ ،‬وفيه شيء"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن عوض يف حاشيته على الدليل(‪.)2‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن الفتوحي قال يف املبيع‪" :‬أو أرش ـ ـ ـ ــه"(‪ ،)3‬فيقاس الثمن على املبيع‪ ،‬إذ الثمن يف‬
‫ذلك كاملثمن(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫هذه املسـ ـ ــألة تنبين على مسـ ـ ــألة حكم إمسـ ـ ــاك الثمن واملطالبة بأرشـ ـ ــه إن بان به‬
‫عيب‪ ،‬وهذه املسـ ـ ــألة ذكر احلنابلة فيها مجلة من التفصـ ـ ــيالت‪ ،‬وذكروا مجلة من الصـ ـ ــور‬
‫اليت ال يثبت للبائع األرب مع اإلمساك‪ ،‬وصورا يثبت له فيها األرب مع اإلمساك‪ ،‬فمن‬
‫ذلك أهنم قالوا‪ :‬إن كان الثمن نقدا معينا‪ ،‬وكان به عيب من جنس ـ ـ ـ ــه‪ ،‬فللبائع الرد دون‬
‫البدل‪ ،‬فإن أمس ـ ــك فله األرب‪ ،‬إال يف الص ـ ــرف من جنس واحد‪ ،‬وإن قلنا إن الثمن ال‬
‫يتعني بالعقد‪ ،‬فيثبت للبائع البدل دون األرب؛ ألن الواجب يف الذمة دون املعني(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)430 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬فتح وهاب املآرب (‪.)153 /2‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)430 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)430 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)36 /4‬واحملرر (‪ ،)321 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)175 /4‬وقواعد ابن رجب‪ ،‬الفائدة السادسة (‪/3‬‬
‫‪ ،)327‬واملبدع (‪ ،)151 – 149 /4‬واإلنصاف (‪ )49 – 46 /5‬و(‪ ،)105 /5‬واإلقناع (‪)123 – 121 /2‬‬
‫و(‪ ،)143 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)361 – 360 /2‬وغاية املنتهى (‪.)565 – 564 /1‬‬
‫‪- 237 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وعليه فإن عدم ذكر الفتوحي وغريه من فقهاء احلنابلة رمحهم اهلل لألرب هنا قد‬
‫يكون س ـ ـ ـ ــببه أن أرب الثمن املعيب ال يثبت يف كل معاوض ـ ـ ـ ــة‪ ،‬ولذا فالظاهر أن تعقب‬
‫عثمان هنا غري متجه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا ض ـ ـ ـ ــمن ض ـ ـ ـ ــامن مثن املبيع عن املش ـ ـ ـ ــرتي للبائع‪ ،‬فعلى القول األول ال يدخل‬
‫ض ـ ــمان أرب عيب الثمن يف كل ض ـ ــمان‪ ،‬وعلى القول الثاين يدخل ض ـ ــمان أرب عيب‬
‫الثمن يف كل ضمان‪.‬‬

‫‪- 238 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب الحجر‪.‬‬


‫وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬رد اليمين على المعسر‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬من تعتبر زيادته عن ثمن المثل بعد البيع في مدة الخيار‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬بيع الوكيل للسلعة بثمن المثل مع حضور من يزيد عليه‪.‬‬

‫‪- 239 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رد اليمين على المعسر‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا ادعى رجــل على رجــل دينــا اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتحق عن غري عوض مــايل‪ ،‬كــأرب جنــايــة‪،‬‬
‫فص ـ ـ ــدقه املدعى عليه‪ ،‬ولكنه دفع بإعس ـ ـ ــاره‪ ،‬وليس له بينة على ذلك‪ ،‬وال يعلم له مال‬
‫األصــل بقاؤه‪ ،‬ومل يقر أنه مليء‪ ،‬فلم يصــدقه املدعي يف دعوى إعســاره‪ ،‬وليس للمدعي‬
‫بينة على مالءة املدعى عليه‪ ،‬وعرضت اليمني على املدعي فلم حيلف أنه ال يعلم عسرة‬
‫املــدعى عليــه‪ ،‬أو أنــه قــادر على الوفــاء‪ ،‬ففي هــذه احلــال هــل ترد اليمني على املــدعى‬
‫عليه‪ ،‬فيحلف أنه ال مال له‪ ،‬أو أنه معسر‪ ،‬أم أن اليمني ال تردت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يف هذه الص ـ ــورة ترد اليمني على مدعي اإلعس ـ ــار‪ ،‬فيحلف أنه ال مال له‪ ،‬أو أنه‬
‫معس ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬وهذا قول الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬وحترم مطـالبـة ذي عس ـ ـ ـ ـ ـ ــرة مبا عجز عنـه‪،‬‬
‫ومالزمتــه‪ ،‬واحلجر عليــه‪ ،‬فــإن ادعــاهــا ودينــه عن عوض كثمن وقرض‪ ،‬أو عرف لــه مــال‬
‫سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابق والغالب بقاؤه‪ ،‬أو عن غري عوض وأقر أنه مليء‪ :‬حبس‪ ،‬إال أن يقيم بينة به‪،‬‬
‫ويعترب فيها أن خترب باطن حاله‪ ،‬وال حيلف معها‪ ،‬أو يدعي تلفا وحنوه‪ ،‬ويقيم بينة به‪،‬‬
‫وحيلف معها ‪-‬ويكفي يف احلالتني أن تشــهد بالتلف أو اإلعســار‪ ،-‬وتســمع قبل حبس‬
‫كبعده‪ ،‬أو يسأل سؤال مدع ويصدقه‪ :‬فال‪.‬‬
‫وإن أنكر وأقام بينة بقدرته‪ ،‬أو حلف حبس ـ ـ ـ ـ ـ ــب جوابه‪ :‬حبس‪ ،‬وإال حلف مدين‬
‫وخلي"(‪.)1‬‬
‫قال يف شـ ـ ـ ـ ــرحه‪(" :‬وإن أنكر) املدعي عس ـ ـ ـ ـ ـرته (وأقام بينة بقدرته) ليسـ ـ ـ ـ ــقك عنه‬
‫اليمني‪( ،‬أو حلف حبس ــب جوابه) كس ــائر الدعاوي‪( :‬حبس) املدعى عليه‪( .‬وإال) أي‪:‬‬
‫وإن مل يكن دينه عن عوض‪ ،‬ومل يعرف له مال سابق‪ ،‬ومل يقر أنه مليء‪ ،‬ومل حيلف مدع‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)475 – 473 /2‬‬


‫‪- 240 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫طلب ميينه أنه ال يعلم عسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرته‪( :‬حلف مدين) أنه ال مال له‪( ،‬وخلي) س ـ ـ ـ ـ ـ ــبيله؛ ألن‬
‫األصل عدم املال"(‪. )1‬‬
‫وقد قال هبذا القول البهويت يف شــرحه للمنتهى(‪ ،)2‬واخللويت(‪ ،)3‬وصــاحب كشــف‬
‫املخدرات(‪ ،)4‬ومطالب أويل النهى(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يف هذه الصورة ال ترد اليمني على مدعي اإلعسار‪ ،‬بل حيكم بنكول الغرمي‪ ،‬وهذا‬
‫هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وإال حلف مدين وخلي) أي‪ :‬وإن مل يكن دينه‬
‫عن عوض مايل كأرب جناية‪ ،‬ومل يعرف له مال س ـ ـ ـ ــابق‪ ،‬ومل يقر أنه مليء‪ ،‬ومل يقم بينة‬
‫بإعسـ ـ ــاره‪ ،‬ومل يصـ ـ ــدقه غرميه يف دعوى اإلعسـ ـ ــار‪ ،‬وال أقام غرميه بينة بقدرته‪ ،‬وال حلف‬
‫الغرمي حبس ــب جوابه‪ ،‬فإنه حيلف مدين أنه ال مال له‪ ،‬أو أنه معس ــر وخيلى سـ ــبيله‪ ،‬فإن‬
‫فقد ش ـ ـ ـ ــيء من القيود الس ـ ـ ـ ــبعة‪ ،‬فإنه ال حيلف إال يف ص ـ ـ ـ ــورتني‪ ،‬إحدامها‪ :‬أن يقيم بينة‬
‫بالتلف فإنه حيلف معها‪ ،‬واألخرى‪ :‬أن يس ـ ـ ـ ـ ــأل سـ ـ ـ ـ ـ ـؤال خص ـ ـ ـ ـ ــمه‪ ،‬فيكذبه‪ ،‬وال حيلف‬
‫اخلصـ ــم‪ ،‬فإن املدين حيلف أيضـ ــا‪ ،‬والصـ ــورتان مذكورتان يف املنت‪ ،‬ويف الثانية منهما نوع‬
‫خمالفة؛ ألنا ال نقول برد اليمني‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬فليحرر"(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫(‪ )1‬معونة أويل النهى (‪.)357 – 356 /5‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)159 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)162 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)437 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)373 /3‬‬
‫(‪ )6‬حاشية املنتهى (‪.)476 - 475 /2‬‬
‫‪- 241 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن احلنابلة ال يقولون برد اليمني(‪ ،)1‬ففي هذه الصورة خمالفة لقاعدهتم(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن املسـ ـ ـ ــألة اليت ذكرها صـ ـ ـ ــاحب املنتهى هنا ال يوافق عليها‪ ،‬كما ال‬
‫يوافق عليها عثمان أيض ــا‪ ،‬إذ إن مقتض ــى قوهلم أنه إن مل يكن دين املعس ــر عن عوض‪،‬‬
‫ومل يعرف له مال سابق‪ ،‬ومل يقر أنه مليء‪ ،‬أن اليمني تتوجه يف هذه الصورة على الغرمي‪،‬‬
‫وهذا خمالف ملا نص عليه أكثر احلنابلة‪ ،‬إذ إهنم نص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا على أن اليمني يف هذه احلالة‬
‫تتوجه على مدعي اإلعسـ ـ ـ ــار ال على الغرمي(‪ ،)3‬قال ابن القيم ¬‪" :‬هذا احلكم عليه‬
‫مجهور األئمة فيما إذا كان عليه دين عن غري عوض مايل‪ ،‬كاإلتالف والض ـ ـ ـ ـ ــمان واملهر‬
‫وحنوه فإن القول قوله مع ميينه‪ ،‬وال حيل حبسـ ـ ـ ــه مبجرد قول الغرمي‪ :‬إنه مليء‪ ،‬وإنه غيب‬
‫ماله‪ .‬قالوا‪ :‬وكيف يقبل قول غرميه عليه‪ ،‬وال أصـ ـ ــل هناك يسـ ـ ــتصـ ـ ــحبه وال عوض‪ ،‬هذا‬
‫الذي ذكره أصحاب الشافعي ومالك وأمحد"(‪.)4‬‬
‫والظاهر أن كالم الفتوحي ومن تبعه فيه تسوية بني الصورة اليت يكون فيها جانب‬
‫الغرمي أقوى‪ ،‬وهي ما إذا كان الدين عن عوض مايل‪ ،‬أو عرف ملدعي اإلعسار مال‪ ،‬أو‬
‫أقر أنه مليء‪ ،‬والصــورة اليت يكون جانب مدعي اإلعســار فيها أقوى‪ ،‬وهي ما لو اختل‬
‫قيد من القيود اليت تقوي جانب الغرمي‪ ،‬ولذا وقع اإلشـ ــكال‪ .‬وقول الفتوحي يف شـ ــرحه‪:‬‬
‫"ومل حيلف مدع طلب ميينه أنه ال يعلم عسرته" يدل على اإلشكال املذكور‪.‬‬
‫والظاهر أن املشهور من املذهب تقسيم مدعي اإلعسار إىل قسمني‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)571 :‬والكايف (‪ ،)266 /4‬واملغين (‪ ،)211 /10‬واحملرر (‪ ،)208 /2‬واملبدع (‪.)187 /8‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)476 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)340 /4‬والكايف (‪ ،)96 /2‬وعمدة احلازم (ص‪ ،)305 :‬واحملرر (‪ ،)346 /1‬والشرح الكبري (‪/4‬‬
‫‪ ،)461‬والطرق احلكمية (ص‪ ،)56 :‬والفروع (‪ ،)457 /6‬واملبدع (‪ ،)285 /4‬واإلقناع (‪ ،)209 /2‬وحاشية‬
‫الروض املربع (‪.)165 /5‬‬
‫(‪ )4‬الطرق احلكمية (ص‪.)56 :‬‬
‫‪- 242 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫القس ـ ـ ــم األول‪ :‬من كان دينه عن عوض مايل‪ ،‬أو كان له مال س ـ ـ ــابق‪ ،‬أو أقر أنه‬
‫مليء‪ ،‬فدعواه اإلعس ــار فيها ض ــعف‪ ،‬وجانب الغرمي أقوى من جانب مدعي اإلعس ــار‪،‬‬
‫ولذا قالوا فيه‪ :‬إن مل يقم بينة على التلف أو اإلعسار ومل يصدق الغرمي دعوى اإلعسار‪،‬‬
‫بل أنكرها‪ ،‬فتطلب البينة من الغرمي فإن أقامها‪ ،‬وإال حلف أنه ال يعلم عسـرته‪ ،‬فيحبس‬
‫املدعى عليه‪ .‬فتتوجه اليمني يف هذه الص ـ ــور على املدعي لقوة جانبه بض ـ ــعف اإلعس ـ ــار‬
‫لوجود مال سابق‪.‬‬
‫والقســم الثاين‪ :‬إن مل يكن مدعي اإلعســار كذلك‪ ،‬بأن كان دينه عن غري عوض‬
‫مايل‪ ،‬وال يعرف له مال سـ ـ ــابق‪ ،‬ومل يقر أنه مليء‪ ،‬ومل يقر له الغرمي أنه معسـ ـ ــر‪ ،‬ومل يقم‬
‫الغرمي بينة على مالءته‪ ،‬فتتوجه اليمني يف هذه الصورة على مدعي اإلعسار؛ وذلك ألن‬
‫جانبه أقوى؛ ألن األصل عدم املال‪.‬‬
‫قال الزركش ـ ـ ـ ـ ـ ــي ¬‪" :‬من وجب عليه دين‪ ،‬فإن كان مؤجال مل يطالب به ومل‬
‫يالزم بــه‪ ،‬وإن كــان حــاال فطولــب بــه ولــه مــال ظــاهر أمر بوفــائــه‪ ،‬وإن مل يكن لــه مــال‬
‫ظاهر فذكر أنه معس ـ ــر‪ ،‬فإن ص ـ ــدقه الغرمي أو مل يص ـ ــدقه وقامت بينة ‪ -‬كما س ـ ــيأيت ‪-‬‬
‫بذلك مل يتعرض له لقوله تعاىل‪َ { :‬وإِ ْن َكا َن ذةو عة ْسَرٍة فَـنَ ِظَرةمل إِ َىل َمْي َسَرٍة} [ سورة البقرة‪:‬‬
‫‪ ، ]280‬وإن مل يصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدقه ومل تقم بينة بذلك‪ ،‬فإن علم له مال‪ ،‬أو كان دينه ثبت عن‬
‫مـال ‪ -‬كـالبيع والقرض ‪ -‬والغـالـب بقـاؤه‪ ،‬أو من غري مـال كـالض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـان وحنوه وأقر أنه‬
‫مليء‪ ،‬فالقول قول غرميه مع ميينه أنه ال يعلم عس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرته بدينه‪ ،‬ويف الرعاية أنه حيلف أنه‬
‫موسـ ـ ــر بدينه‪ ،‬وال يعلم إعسـ ـ ــاره به‪ ،‬فإن نكل عن اليمني حلف املفلس وخلي سـ ـ ــبيله‪،‬‬
‫وإن حلف حبس املــدين ليظهر حــالــه إىل أن يقيم بينــة‪ ... ،‬وإن مل يعلم لــه مــال‪ ،‬ومل‬
‫يكن دينــه عن مــال‪ ،‬كعوض النكــاح وغريه‪ ،‬ومل يقر بــاملالءة بــه‪ ،‬أو عن مــال والغــالــب‬
‫ذهــابــه‪ ،‬فــالقول قولــه مع ميينــه‪ ،‬لرتجحــة جــانبــه‪ ،‬إذ األص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل عــدم املــال‪ ،‬ومن مث يرجح‬
‫جانب غرميه فيما إذا ثبت له مال إذ األصل بقاؤه"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)83 - 82 /4‬‬


‫‪- 243 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقال يف اإلقناع‪" :‬وإن أكذ به وكان دينه عن عوض كالبيع والقرض‪ ،‬أو عرف له‬
‫مال سـ ـ ـ ـ ـ ــابق والغالب بقاء ذلك‪ ،‬أو عن غري عوض كأرب جناية وقيمة متلف ومهر أو‬
‫ض ـ ـ ـ ـ ـ ــمان أو كفالة أو عوض خلع‪ ،‬وأقر أنه مليء‪ :‬حبس‪ ،‬إال أن يدعي تلفا وحنوه‪ ،‬أو‬
‫يس ـأل س ـؤاله ويصــدقه‪ ،‬فال‪ .‬فإن أنكر وأقام بينة بقدرته أو حلف أنه ال يعلم عس ـرته أو‬
‫أنه موسـ ـ ـ ــر أو ذو مال وحنوه‪ :‬حبس‪ ،‬فإن مل حيلف حلف املدين وخلي سـ ـ ـ ــبيله‪ ،‬إال أن‬
‫يقيم بينة تش ـ ـ ـ ـ ـ ــهد له‪ ،‬وإن كان احلق عليه ثبت يف غري مقابلة مال أخذه كأرب جناية‬
‫وقيمة متلف ومهر أو ضـ ـ ــمان وكفالة أو عوض خلع ومل يعرف له مال ومل يقر أنه مليء‬
‫حلف أنه ال مال له وخلي"(‪.)1‬‬
‫ومما يدل على ما ذكر تعليل الفتوحي‪ ،‬فإنه قال عند ذكره القس ـ ـ ـ ـ ـ ــم األول‪" :‬ألن‬
‫األصل بقاء املال"(‪ ،)2‬وقال عند ذكره القسم الثاين‪" :‬ألن األصل عدم املال"(‪.)3‬‬
‫ولعل الفتوحي ومن تابعه يقولون هبذا القول‪ ،‬وإمنا وقع منهم التقييد بقوهلم‪" :‬ومل‬
‫حيلف مدع طلب ميينه أنه ال يعلم عسرته" سهوا منهم‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫وأما مسث ثثألة رد اليمين إذا ادعى رجل على رجل دينا اس ـ ــتحق عن عوض مايل‪،‬‬
‫كقيمة مبيع‪ ،‬أو عن غري عوض‪ ،‬وعلم ملدعي اإلعس ـ ـ ــار مال األص ـ ـ ــل بقاؤه‪ ،‬أو أقر أنه‬
‫مليء‪ ،‬فصدقه املدعى عليه‪ ،‬ولكنه دفع بإعساره‪ ،‬وليس له بينة على ذلك‪ ،‬فلم يصدقه‬
‫املدعي يف دعوى إعسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاره‪ ،‬وليس للمدعي بينة على مالءة املدعى عليه‪ ،‬وعرضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت‬
‫اليمني على املدعي فلم حيلف أنه ال يعلم عس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرته‪ ،‬أو أنه قادر على الوفاء‪ ،‬فهل ترد‬
‫اليمن يف هذه الص ــورة على مدعي اإلعس ــار‪ ،‬فيحلف أنه ال مال له‪ ،‬أو أنه معس ــر‪ ،‬أو‬
‫أن اليمني ال ترد‪ ،‬وحيكم بإخالء سبيل مدعي اإلعسار مبجرد نكول الغرميت‬
‫للحنابلة يف هذه املسألة قوالن‪:‬‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)209 /2‬‬


‫(‪ )2‬معونة أويل النهى (‪.)355 /5‬‬
‫(‪ )3‬معونة أويل النهى (‪.)357 /5‬‬
‫‪- 244 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫القول األول‪ :‬إذا نك ــل الغرمي ف ــإن ــه حيكم بنكول ــه‪ ،‬وال ترد اليمني على م ــدعي‬
‫اإلعسار‪.‬‬
‫وقد قال هبذا القول ص ـ ـ ــاحب الفروع‪ ،‬ونس ـ ـ ــبه إىل ابن عقيل(‪ ،)1‬وهو ظاهر قول‬
‫ابن قدامة(‪ ،)2‬والشارح(‪.)3‬‬
‫القول الثاين‪ :‬إذا نكل الغرمي فإن اليمني ترد على مدعي اإلعسار‪.‬‬
‫وقد قال هبذا القول الزركشـ ــي(‪ ،)4‬وصـ ــاحب اإلنصـ ــاف(‪ ،)5‬واإلقناع(‪ ،)6‬كما أن‬
‫هذا القول ميكن أن يفهم من املنتهى(‪ ،)7‬والغاية(‪.)8‬‬
‫وأصحاب القولني مل يذكروا دليال‪ ،‬وميكن أن يستدل للقول األول بأن فيه متسكا‬
‫بقاعدة املذهب‪ ،‬وهي أنه إذا نكل من توجهت عليه اليمن‪ ،‬فيحكم بالنكول‪ ،‬وال ترد‬
‫اليمني على الطالب(‪.)9‬‬
‫وأما القول الثاين‪ ،‬فيمكن أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدل له بأن هذه الص ـ ـ ـ ـ ـ ــورة قد تداخلت فيها‬
‫دعويـان يف دعوى واحـدة‪ ،‬فـالـدعوى األوىل هي مطـالبـة الغرمي للغـارم بـاألداء‪ ،‬والـدعوى‬
‫األخرى‪ :‬دفع الغارم باإلعس ـ ـ ـ ــار‪ ،‬وطلبه سـ ـ ـ ـ ـؤال الغرمي عن ذلك‪ ،‬فنكول الغرمي عن أداء‬
‫اليمني يثبت احلق يف الدعوى اليت يكون فيها الغارم مدعيا‪ ،‬واليت هي دعوى اإلعسـ ــار‪،‬‬
‫وال يكون مثبتا يف الدعوى اليت الغارم فيها مدعا عليه‪ ،‬واليت هي أصـ ــل املطالبة‪ ،‬ف ةقصـ ــر‬
‫تأثري النكول على الدعوى الثانية دون الدعوى األوىل‪ ،‬وتوجهت اليمني على الغارم يف‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)459 /6‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)340 /4‬والكايف (‪.)96 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)462 - 459 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)82 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)279 /5‬والتنقيح املشبع (ص‪.)255 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)209 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)475 – 473 /2‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)645 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)571 :‬والكايف (‪ ،)266 /4‬واملغين (‪ ،)211 /10‬واحملرر (‪ ،)208 /2‬واملبدع (‪.)187 /8‬‬
‫‪- 245 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الدعوى األوىل؛ ألن األص ـ ـ ــل أن اليمني تش ـ ـ ــرع يف جانب املدعى عليه‪ ،‬ولتقوي جانب‬
‫الغارم يف الدعوى األوىل بنكول الغرمي يف الدعوى الثانية‪.‬‬
‫وقد نص ص ـ ـ ــاحب الفروع(‪ ،)1‬والفتوحي يف ش ـ ـ ــرحه(‪ ،)2‬وص ـ ـ ــاحب مطالب أويل‬
‫النهى(‪ )3‬على أن طلب الغارم سؤال الغرمي عن حاله أهنا دعوى مستقلة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا ادعى رجــل على رجــل دينــا اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتحق عن غري عوض مــايل‪ ،‬كــأرب جنــايــة‪،‬‬
‫فص ـ ـ ــدقه املدعى عليه‪ ،‬ولكنه دفع بإعس ـ ـ ــاره‪ ،‬وليس له بينة على ذلك‪ ،‬وال يعلم له مال‬
‫األصــل بقاؤه‪ ،‬ومل يقر أنه مليء‪ ،‬فلم يصــدقه املدعي يف دعوى إعســاره‪ ،‬وليس للمدعي‬
‫بينــة على مالءة املــدعى عليــه‪ ،‬وعرض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت اليمني على املــدعي فلم حيلف أنــه ال يعلم‬
‫عس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرتــه‪ ،‬أو أنــه قــادر على الوفــاء‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ترد اليمني على املــدعى عليــه‪،‬‬
‫فيحلف أنه ال مال له‪ ،‬أو أنه معســر‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يكتفى بنكول املدعي‪ ،‬وعلى‬
‫القول املرجح‪ :‬ال تتوجه اليمني على املدعي ابتداء‪ ،‬وإمنا تتوجه على املدعى عليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)459 /6‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)356 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)373 /3‬‬
‫‪- 246 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬من تعتبر زيادته عن ثمن المثل بعد البيع في مدة‬
‫الخيار‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا وكل رجل آخر يف بيع س ـ ـ ـ ـ ـ ــلعة‪ ،‬فباعها بثمن مثلها‪ ،‬مث جاء من يطلبها بأكثر‬
‫من مثن املثل يف مدة اخليار‪ ،‬فإن الوكيل ال يلزمه الفسـ ــخ‪ ،‬وبيع السـ ــلعة ملن زاد على مثن‬
‫مثلها‪ ،‬وقد نص الفتوحي على ذلك(‪ ،)1‬ولكن لو أراد الوكيل الفسـ ـ ـ ــخ‪ ،‬فهل يصـ ـ ـ ــح له‬
‫ذلك مطلقا‪ ،‬أم يشرتط أن أال يكون املزايد بعد بيع السلعة عاملا بالبيع األولت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫يص ــح للوكيل فس ــخ البيع زمن اخليار إن جاء مزايد‪ ،‬وال يلزم أال يكون املزايد بعد‬
‫بيع السلعة عاملا بالبيع األول‪ ،‬وهذا هو ظاهر قول الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬وإن زيد على‬
‫مثن مثل قبل بيع‪ ،‬مل جيز به‪ ،‬ويف مدة خيار‪ ،‬مل يلزم فسخ"(‪.)2‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول ابن قدامة(‪ ،)3‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)4‬وص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب املبدع(‪،)5‬‬
‫واإلنصاف(‪ ،)6‬واإلقناع(‪ ،)7‬وهو قول صاحب الغاية(‪ ،)8‬والشطي(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)533 /2‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)533 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)98 /5‬والكايف (‪.)140 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)226 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)337 /4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)381 /5‬والتنقيح املشبع (ص‪.)262 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)241 /2‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)677 /1‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬جتريد زوائد الغاية والشرح (‪.)468 /3‬‬
‫‪- 247 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يص ـ ـ ــح للوكيل فس ـ ـ ــخ البيع زمن اخليار إن جاء مزايد‪ ،‬ولكن يلزم أال يكون املزايد‬
‫بعد بيع الس ــلعة عاملا بالبيع األول‪ ،‬فإن كان عاملا بالبيع األول فال يص ــح الفس ــخ‪ ،‬وهذا‬
‫هو تعق ــب عثم ــان‪ ،‬ق ــال ¬‪" :‬قول ــه‪( :‬مل يلزم) ينبغي تقيي ــده مب ــا إذا زاد غري ع ــامل‬
‫باألول"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أما عدم اإللزام بالفس ـ ـ ــخ؛ فألن املزايد قد ال يثبت على الزيادة‪ ،‬فال يلزم الفس ـ ـ ــخ‬
‫بالشك(‪.)2‬‬
‫وأما عدم اش ـ ـ ـرتاط كون املزايد غري عامل بالبيع األول؛ فألن األصـ ـ ــل يف املعامالت‬
‫اإلباحة‪ ،‬فمن منع هذه الصورة هو من يلزم بالدليل‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ميكن أن يسـتدل لذلك‪ :‬بأن قول الفتوحي‪" :‬ال يلزم" قد يفهم منه اجلواز مطلقا‪،‬‬
‫فقيل بتقييد ذلك؛ ليفهم النهي عن الفس ـ ــخ حال علم املزايد بالبيع؛ وذلك ألن احلنابلة‬
‫يقولون بعدم صحة شراء املسلم على املسلم(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن ســبب تعقب عثمان هو أن قول الفتوحي‪" :‬مل يلزم" قد يفهم منه‬
‫اجلواز‪ ،‬إذ عدم اللزوم ال يعين النهي‪ ،‬فكأن تقدير العبارة اليت يريدها عثمان‪" :‬ويف مدة‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)533 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)99 /5‬والكايف (‪ ،)140 /2‬والشرح الكبري (‪ ،)226 /5‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)464 /5‬وشرح‬
‫املنتهى (‪ ،)196 /2‬وكشاف القناع (‪.)476 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)331 /4‬واإلقناع (‪ ،)75 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)280 - 279 /2‬وكشف اللثام شرح‬
‫عمدة األحكام (‪.)493 /4‬‬
‫‪- 248 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫خيار‪ ،‬مل يلزم فس ـ ــخ مىت زاد غري عامل بالبيع‪ ،‬فإن كان عاملا حرم الفس ـ ــخ"‪ ،‬والظاهر أن‬
‫التعقب متجه؛ ملا ذكر يف دليل القول الثاين‪ ،‬وقد نبه البهويت على ذلك يف باب احلجر‪،‬‬
‫عند ذكر فســخ أمني احلاكم البيع إن جاء مزايد زمن اخليار‪ ،‬قال يف الكشــاف‪" :‬وتقدم‬
‫يف البيع‪ :‬حيرم البيع على بيع املس ـ ــلم والش ـ ـ ـراء على ش ـ ـ ـرائه‪ ،‬فهذه الصـ ـ ــورة إما مس ـ ــتثناة‬
‫للحاجة‪ ،‬أو حممولة على ما إذا زاد غري عامل بعقد البيع"(‪.)1‬‬

‫تنبيه‪ :‬ذكر يف املغين(‪ )2‬والشرح(‪ )3‬احتماال بإلزام الوكيل بالفسخ إن زيد على مثن‬
‫املثل زمن اخليار‪ ،‬وقال يف الفروع‪" :‬فيه وجه"(‪ ،)4‬قال املرداوي يف التص ـ ـ ــحيح‪" :‬والنفس‬
‫متيل إليه"(‪.)5‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا وكل رجل آخر يف بيع س ـ ـ ـ ـ ـ ــلعة‪ ،‬فباعها بثمن مثلها‪ ،‬مث جاء من يطلبها بأكثر‬
‫من مثن املثل يف مدة اخليار‪ ،‬فإن الوكيل ال يلزمه الفسـ ــخ‪ ،‬وبيع السـ ــلعة ملن زاد على مثن‬
‫مثلها‪ ،‬ولكن على القول األول‪ :‬يص ـ ـ ـ ــح للوكيل الفس ـ ـ ـ ــخ مطلقا‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال‬
‫يصح للوكيل الفسخ‪ ،‬إال إن كان املزايد غري عامل بالبيع األول‪.‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪ ،)433 /3‬وينظر‪ :‬جتريد زوائد الغاية والشرح (‪.)468 /3‬‬
‫(‪ )2‬املغين (‪.)99 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)227 /5‬‬
‫(‪ )4‬الفروع (‪ ،)59 /7‬تنبيه‪ :‬قال املرداوي يف التصحيح (‪" :)67 /7‬قوله‪" :‬ولزوم فسخه لزيادة يف اجمللس وجهان" مع‬
‫قوله قبل ذلك بيسري "وال يلزمه الفسخ لزيادة مدة خيار‪ .‬وفيه وجه" فقدم عدم اللزوم‪ ،‬ولعله أراد هبذه خيار الشرط‪،‬‬
‫وبتلك خيار اجمللس‪ ،‬لكن ظاهر تعليله يف املغين وغريه مشول اخليارين‪ ،‬وهو الصواب‪ ،‬ومل نر من فرق بينهما"‪.‬‬
‫(‪ )5‬تصحيح الفروع (‪ ،)65 /7‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)382 /5‬‬
‫‪- 249 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬بيع الوكيل للسلعة بثمن المثل مع حضور من يزيد‬
‫عليه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا أراد وكيل بيع س ـ ـ ـ ـ ـ ــلعة وكل يف بيعها‪ ،‬فجاءه من يريد أخذها بثمن مثلها‪ ،‬مث‬
‫جاءه من يريد أخذها بأكثر من مثن مثلها‪ ،‬فباعها الوكيل على من يريدها بثمن املثل‪،‬‬
‫فهل يضمن الوكيل الزيادة اليت كان يريد بذهلا املشرتي اآلخر‪ ،‬أم ال يضمنت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا باع الوكيل الس ــلعة بثمن املثل مع حض ــور من يريدها بأكثر من مثن املثل‪ ،‬فإن‬
‫بيعه يص ـ ــح‪ ،‬وال يض ـ ــمن الزيادة اليت اس ـ ــتعد ببذهلا املش ـ ــرتي اآلخر‪ ،‬وهذا قول منص ـ ــور‬
‫البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ولو حض ــر من يزيد) يف املبيع (على مثن مثل‪ ،‬مل جيز) للوكيل وال‬
‫للمضـ ـ ـ ـ ـ ــارب (بيعه به) أي‪ :‬بثمن املثل؛ ألن عليه االحتياط‪ ،‬وطلب احلظ للموكل‪ ،‬فإن‬
‫خالف وباع‪ ،‬فمقتض ـ ـ ــى ما س ـ ـ ــبق‪ :‬يص ـ ـ ــح البيع‪ ،‬وظاهر كالمهم‪ :‬وال ض ـ ـ ــمان‪ ،‬ومل أره‬
‫مصرحا به"(‪.)1‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا باع الوكيل الســلعة بثمن املثل مع حضــور من يريدها بأكثر من مثن املثل‪ ،‬فإنه‬
‫يض ـ ــمن الزيادة اليت اس ـ ــتعد ببذهلا املش ـ ــرتي اآلخر‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"وقد يقال‪ :‬بل هو مفرط يف احلالة املذكورة‪ ،‬فيض ـ ــمن لتحقق تفريطه‪ ،‬أخذا مما س ـ ــيأيت‪،‬‬
‫وكالمهم هنا ال ينافيه‪ ،‬فليحرر"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)476 /3‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)533 /2‬‬
‫‪- 250 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقد ذكر ص ــاحب الغاية هذا القول اجتاها(‪ ،)1‬ووافقه عليه ش ــارحها(‪ ،)2‬والش ــيخ‬
‫الشطي(‪ ،)3‬وذكره اخللويت يف حاشيته على اإلقناع احتماال(‪ ،)4‬وهو قول ابن قاسم(‪.)5‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫أهنم ذكروا أن من باع بدون مثن املثل‪ ،‬فإن بيعه يصـ ـ ـ ـ ــح‪ ،‬ويضـ ـ ـ ـ ــمن ما بني الثمن‬
‫املبيع ومثن املثل إن كان مما ال يتغابن فيه عادة(‪ ،)6‬وعلى هذا ففي مس ـ ــألتنا ال ميكن أن‬
‫يضمن ما بني الثمن املبيع ومثن املثل‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن تركــه الثمن األعلى فيــه تفريك‪ ،‬والوكيــل مطــالــب ب ـاالحتيــاط وطلــب األحظ‬
‫ملوكله(‪.)7‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الــذي يظهر أن الراجح هو القول الثــاين؛ وذلــك لوجــاهــة مــا عللوا بــه‪ ،‬وألن من‬
‫ذكر هذه املس ـ ـ ـ ـ ـ ــألة من احلنابلة‪ ،‬ذكر إلزام الوكيل بالبيع على من زاد على مثن املثل(‪،)8‬‬
‫وال معىن لإللزام إن قلنا إن البيع صحيح‪ ،‬وال يضمن الوكيل شيئا‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)677 /1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)467 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬جتريد زوائد الغاية والشرح (‪.)467 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على اإلقناع (ص‪.)433 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪.)220 /5‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)278 :‬واملغين (‪ ،)98 /5‬واحملرر (‪ ،)350 /1‬والشرح الكبري (‪ ،)226 /5‬واملبدع (‪،)337 /4‬‬
‫واإلنصاف (‪ ،)381 /5‬اإلقناع (‪ ،)240 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪.)532 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪ ،)196 /2‬وحاشية املنتهى (‪ ،)533 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)467 /3‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)98 /5‬والكايف (‪ ،)140 /2‬والشرح الكبري (‪ ،)226 /5‬واملبدع (‪ ،)337 /4‬واإلنصاف (‪/5‬‬
‫‪ ،)382‬واإلقناع (‪ ،)241 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪.)533 /2‬‬
‫‪- 251 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا أراد وكيل بيع س ـ ـ ـ ـ ـ ــلعة وكل يف بيعها‪ ،‬فجاءه من يريد أخذها بثمن مثلها‪ ،‬مث‬
‫جاءه من يريد أخذها بأكثر من مثن مثلها‪ ،‬فباعها الوكيل على من يريدها بثمن املثل‪،‬‬
‫فعلى القول األول‪ :‬يصـ ــح البيع‪ ،‬وال يضـ ــمن الوكيل الزيادة اليت كان يريد بذهلا املشـ ــرتي‬
‫اآلخر‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يص ـ ـ ـ ـ ـ ــح البيع‪ ،‬ويض ـ ـ ـ ـ ـ ــمن الوكيل الزيادة اليت كان يريد بذهلا‬
‫املشرتي اآلخر‪.‬‬

‫‪- 252 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الشركة‪.‬‬


‫وفيه مطلبان‪.‬‬
‫مال الشركة إذا لم يتمكن من أخذ الثمن إال‬ ‫• المطلب األول‪ :‬تبرع الشريك ببع‬
‫باإلبراء من بعضه‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬تعامل العامل في المساقاة والمزارعة مع غيره على األرض أو‬
‫الشجر بغير إذن ربه‪.‬‬

‫‪- 253 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تبرع الشريك ببعض مال الشركة إذا لم يتمكن من‬
‫أخذ الثمن إال باإلبراء من بعضه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر غري واحد من احلنابلة أنه ليس للشـ ـريك أن يهب من مال الش ــركة(‪ ،)1‬ونقل‬
‫غري واحد منهم عن اإلمام أمحد من رواية حنبل‪ :‬أنه له التربع ببعض الثمن ملصلحة(‪،)2‬‬
‫وص ـ ــورة التربع ملص ـ ــلحة‪ :‬إذا مل يتمكن الش ـ ـريك من أخذ الثمن إال باإلبراء من بعض ـ ــه‪،‬‬
‫فهل هذا اإلذن بالتربع لتحقيق املصلحة املذكورة مطلق‪ ،‬أم أنه ينبغي تقييدهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫هذا اإلذن مطلق إن كان س ـ ـ ــيحقق مص ـ ـ ــلحة عائدة للشـ ـ ـ ـريكني‪ ،‬وهذا هو ظاهر‬
‫الرواية عن اإلمام أمحد‪ ،‬فقد نقل عنه حنبل‪" :‬يتربع ببعض الثمن ملصلحة"‪.‬‬
‫وقد نقل هذه الرواية صـ ــاحب الفروع(‪ ،)3‬واملبدع(‪ ،)4‬ونقلها الفتوحي والبهويت يف‬
‫شرحيهما على املنتهى(‪ ،)5‬ومل يقيد واحد منهم هذه الرواية بقيد‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫هذا اإلذن ينبغي تقييده مبا إذا مل يكن الش ـ ـريك عاملا حبال املشـ ــرتي وقت العقد‪،‬‬
‫أما لو علم أنه ذو ش ـ ــوكة ال ميكن االس ـ ــتيفاء منه فعقد معه‪ ،‬فينبغي ض ـ ــمانه‪ ،‬وهذا هو‬
‫تعق ــب عثم ــان‪ ،‬ق ــال ¬‪" :‬قول ــه‪( :‬وال أن يه ــب) ونق ــل حنب ــل‪ :‬يتربع ببعض الثمن‬
‫ملصلحة‪ .‬قاله املصنف يف شرحه‪ .‬أي‪ :‬كما إذا مل يتمكن من أخذ الثمن إال باإلبراء من‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)283 :‬واملستوعب (‪ ،)821 /1‬واملقنع (ص‪ ،)196 :‬والشرح الكبري (‪ ،)121 /5‬واملبدع‬
‫(‪ ،)361 /4‬واإلقناع (‪ ،)255 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)12 /3‬وغاية املنتهى (‪.)688 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)90 /7‬واملبدع (‪ ،)361 /4‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)17 /6‬وشرح املنتهى (‪ ،)211 /2‬وكشاف‬
‫القناع (‪ ،)500 /3‬واجلامع لعلوم اإلمام أمحد (‪.)436 /9‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)90 /7‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)361 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)17 /6‬وشرح املنتهى (‪ ،)211 /2‬وكشاف القناع (‪.)500 /3‬‬
‫‪- 254 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫بعض ـ ــه‪ ،‬وينبغي تقييده مبا إذا مل يكن الش ـ ـ ـريك عاملا حبال املش ـ ــرتي وقت العقد‪ ،‬أما لو‬
‫علم أنه ذو شوكة ال ميكن االستيفاء منه فعقد معه‪ ،‬فينبغي ضمانه‪ ،‬كما لو علم فلسه‪،‬‬
‫على قياس ما تقدم يف الوكيل"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ميكن أن يس ــتدل هلذا القول بأنه يتعني على كل واحد من الش ـ ـريكني فعل كل ما‬
‫فيه حظ وحتقيق للمقصـ ـ ــود من الشـ ـ ــركة‪ ،‬وهو‪ :‬طلب الربح(‪ ،)2‬وترك كل ما فيه تفويت‬
‫هلذا املقص ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ ،‬ولذا منع من اهلبة والتربع وغريها من التص ـ ـ ـ ـ ـ ــرفات اليت ليس فيها حتقيق‬
‫ملقصود الشركة‪ ،‬فإذا انتفت العلة اليت من أجلها منع من تلك التصرفات‪ ،‬وصارت هذه‬
‫التصرفات حمققة ملصلحة الشركة ومقصودها‪ ،‬زال املنع عنها‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫يقاس هذا القول على الشريك الذي علم فلس رجل‪ ،‬فباع عليه‪ ،‬فإن ظاهر كالم‬
‫اإلقناع واملنتهى أنه يضـ ـ ــمن‪ ،‬قال يف املنتهى‪" :‬ومىت مل يعلم أو ويل يتيم خوفه‪ ،‬أو فلس‬
‫مشرت مل يضمن"(‪ ،)3‬ونص صاحب الغاية على ضمانه(‪.)5()4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن تقييد التربع باملص ـ ـ ـ ـ ـ ــلحة كاف‪ ،‬وال يلزم تقييده مبا ذكره الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ‬
‫عثمــان؛ وذلــك ألنــه من املص ـ ـ ـ ـ ـ ــلحــة أال يبيع على من يعلم أنــه ال يويف الثمن‪ ،‬أو أنــه‬
‫مفلس‪ ،‬فإن حتقق أنه علم ذلك‪ ،‬فالظاهر أنه خالف املص ـ ـ ـ ـ ــلحة‪ ،‬فيض ـ ـ ـ ـ ــمن على القول‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)12 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)211 /2‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪ ،)11 /3‬وينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)255 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)688 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)12 /3‬‬
‫‪- 255 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫األول والث ــاين‪ ،‬ف ــال ــذي يظهر أن القولني متفقـ ـان‪ ،‬فيكون تعق ــب عثم ــان ¬ ليس‬
‫متجها‪ ،‬وقد يقال إن ذكر عثمان ¬ هلذا القيد فيه زيادة تأكيد عليه‪ ،‬وفيه ش ـ ـ ـ ـ ــيء‪،‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫‪- 256 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعامل العامل في المساقاة والمزارعة مع غيره على‬
‫األرض أو الشجر بغير إذن ربه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا أراد العامل يف املس ـ ـ ــاقاة واملزارعة أن يعامل غريه على األرض أو الش ـ ـ ــجر بغري‬
‫إذن ربه بعد ظهور الثمرة والزرع‪ ،‬فهل جيوز له ذلك‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال جيوز للعامل يف املس ـ ـ ــاقاة واملزارعة أن يعامل غريه على األرض أو الش ـ ـ ــجر بغري‬
‫إذن ربه مطلقا‪ ،‬حىت وإن كان ذلك بعد ظهور الثمرة والزرع‪ ،‬وهذا قول احلجاوي‪ ،‬قال‬
‫¬ "وإذا س ــاقى رجال أو زارعه‪ ،‬فعامل العامل غريه على األرض أو الش ــجر بغري أذن‬
‫ربه‪ :‬مل جيز"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)2‬والشارح(‪ ،)3‬وصاحب اإلنصاف(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫جيوز للعامل يف املســاقاة واملزارعة أن يعامل غريه على األرض أو الشــجر بغري إذن‬
‫ربه إذا فعل ذلك بعد ش ــروعه يف العمل‪ ،‬وظهور الثمرة والزرع‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬وإن باع عامل أو وارثه نصـ ـ ـ ـ ـ ــيبه ملن يقوم مقامه‪ ،‬جاز‪ ،‬لكن إن كان املبيع‬
‫مثرا‪ ،‬مل يصــح إال بعد بدو الصــالح‪ ،‬أو ملالك األصــل‪ ،‬وإن كان املبيع نصــيب املناصــب‬
‫من الشجر‪ ،‬صح مطلقا‪ ،‬وصح شرط عمل على مشرت كمكاتب بيع‪ ،‬فإن مل يعلم‪ ،‬فله‬
‫اخليار بني فســخ وأخذ أرب‪ .‬ذكر معناه يف اإلقناع(‪ .)5‬وقال يف حمل آخر‪" :‬وإذا ســاقى‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)279 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)305 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)576 /5‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)479 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)277 /2‬‬
‫‪- 257 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫رجال أو زارعه‪ ،‬فعامل العامل غريه على األرض أو الش ـ ـ ـ ـ ـ ــجر بغري إذن ربه‪ ،‬مل جيز"(‪.)1‬‬
‫قال يف شرحه‪" :‬كاملضارب ال يضارب يف املال"(‪ . )2‬انتهى‪ .‬ومل يتعقبه بشيء‪ ،‬وأقول‪:‬‬
‫ينبغي محـل هـذا األخري على مـا إذا فعـل ذلـك قبـل ش ـ ـ ـ ـ ـ ــروعـه يف العمـل‪ ،‬وظهور الثمرة‬
‫والزرع؛ لئال يناقض ما تقدم من صــحة إقامة غريه مقامه‪ .‬فتدبر‪ .‬مث رأيته يف اإلقناع ذكر‬
‫أنه لو أراد الزارع ترك العمل وبيع عمل يديه وما أنفق قبل ظهور الزرع‪ ،‬مل جيز(‪ ،)3‬وهو‬
‫يؤيد ما قلنا‪ .‬فتدبر"(‪.)4‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫عامل يف املال زء من منائه‪ ،‬فلم جيز أن يعامل غريه فيه‪ ،‬كاملضـ ـ ـ ــارب‪ ،‬وألنه‬
‫ألنه مل‬
‫إمنا أذن له يف العمل فيه‪ ،‬فلم جيز أن يأذن لغريه‪ ،‬كالوكيل(‪.)5‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫لئال يناقض ما ذكروه من صحة إقامة العامل غريه مقامه(‪.)6‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن عثمان ¬ ســاوى بني مســألة بيع العامل نصــيبه من الثمرة بعد‬
‫بدوي صــالحها‪ ،‬وإقامة غريه مقامه هبذا البيع‪ ،‬ومســألة معاملة العامل غريه على األرض‬
‫أو الشـ ـ ـ ـ ــجر بغري إذن ربه بعد ظهور الثمرة‪ ،‬وأما صـ ـ ـ ـ ــاحب اإلقناع فصـ ـ ـ ـ ــنيعه يدل على‬
‫التفريق بني املسألتني‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)279 /2‬‬


‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)541 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)282 /2‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)52 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)306 /5‬والشرح الكبري (‪.)576 /5‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)52 /3‬‬
‫‪- 258 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫فأما مســألة بيع النصــيب‪ ،‬فقد أشــار إىل صــحته‪ ،‬ونبه شــارح اإلقناع إىل أن البيع‬
‫إن كان للثمر فيكون بعد بدو الصـ ــالح أو ملالك األصـ ــل‪ ،‬وإن كان لنصـ ــيب املناص ــب‬
‫من الشجر صح مطلقا(‪ .)1‬وأما مسألة معاملة العامل غريه على األرض أو الشجر بغري‬
‫إذن ربه فذكر أن ذلك ال يصح مطلقا‪.‬‬
‫ولعل وجه ذلك‪ :‬أن البيع بعد بدو ص ـ ـ ـ ـ ـ ــالح الثمرة جاز؛ ألن للعامل فيه حقا‪،‬‬
‫وذلك ألهنم نصوا على أن العامل ميلك حصته من الثمرة بعد الظهور(‪ ،)2‬فكأن العامل‬
‫باع نصيبه‪ ،‬واشرتط إكمال العمل(‪ ،)3‬أو أنه باع نصيبه‪ ،‬وجعل إكمال العمل جزءا من‬
‫الثمن‪.‬‬
‫وأما معاملة العامل غريه‪ ،‬فال خيلو من ثالثة أحوال‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يكون قبل ظهور الثمرة‪ ،‬فهذه ال ينازع فيها الشـ ـ ــيخ عثمان‪ ،‬بل‬
‫نص على املنع منها؛ ألن العامل تصـ ـ ــرف يف مال ال ميلكه؛ إذ أن حقه وملكه ال يثبت‬
‫إال بعد ظهور الثمرة‪ ،‬وهنا مل تظهر الثمرة‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن يكون بعد بدو ص ـ ـ ـ ـ ـ ــالح الثمرة‪ ،‬وهذه قد نص الش ـ ـ ـ ـ ـ ــارح على‬
‫االتفاق على منعها‪ ،‬قال ¬‪" :‬املســاقاة على الثمرة بعد بدو صــالحها‪ ،‬فإنه ال يصــح‬
‫بغري خالف علمناه؛ لكون العمل ال يزيد يف الثمرة"(‪.)4‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬أن يكون بعد ظهور الثمرة‪ ،‬وقبل بدو الصالح‪ ،‬وهذا موضع النزاع‪،‬‬
‫ولعل قول اإلقناع هنا أقوى؛ ألن احلنابلة ذكروا يف تعريف املسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقاة واملزارعة‪ :‬أن فيها‬
‫دفع لألرض والشــجر(‪ ،)5‬والدفع إمنا يكون ممن ميلك هذا األرض والشــجر‪ ،‬وأما العامل‬
‫فإنه ال ميلك إال جزءا مشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعا من الثمرة‪ ،‬فمعاملته لغريه إما أن يكون ببذله لألرض‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)538 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)304 /5‬والتنقيح املشبع (ص‪ ،)271 :‬واإلقناع (‪.)277 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)277 /2‬‬
‫(‪ )4‬الشرح الكبري (‪.)560 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املستوعب (‪ ،)5 /2‬واملغين (‪ ،)290 /5‬واملبدع (‪ ،)390 /4‬واإلنصاف (‪ ،)466 /5‬واإلقناع (‪،)274 /2‬‬
‫ومنتهى اإلرادات (‪ ،)49 – 48 /3‬وغاية املنتهى (‪.)705 /1‬‬
‫‪- 259 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫والش ــجر‪ ،‬وإذنه لغريه يف التص ــرف فيه‪ ،‬فهذا تص ــرف يف مال ال ميلكه‪ ،‬ومل يؤذن له فيه‪،‬‬
‫فال يقر عليه‪ ،‬وإما أن يكون ببذله للجزء املشـاع من الثمر الذي ميلكه‪ ،‬فهذا ال يصـدق‬
‫عليه أنه مس ـ ــاقاة أو مزارعة؛ لعدم دخوله يف التعريف‪ ،‬كما أنه خار من لفظ ص ـ ــاحب‬
‫اإلقنـاع‪ ،‬فـإنـه قـال‪" :‬وإذا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقى رجال أو زارعـه‪ ،‬فعـامـل العـامـل غريه على األرض أو‬
‫الش ـ ـ ـ ـ ـ ــجر بغري أذن ربــه‪ :‬مل جيز"(‪ ،)1‬ولــذا فــالــذي يظهر أن التعقــب ليس متجهــا‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا أراد العامل يف املس ـ ـ ــاقاة واملزارعة أن يعامل غريه على األرض أو الش ـ ـ ــجر بغري‬
‫إذن ربه بعد ظهور الثمرة والزرع‪ ،‬فعلى القول األول ال جيوز له ذلك‪ ،‬وعلى القول الثاين‬
‫جيوز له ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)279 /2‬‬


‫‪- 260 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب العارية‪.‬‬


‫وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬الرجوع في عارية األرض للزرع إن أخر المستعير الزرع عن مدة‬
‫ينقص في مثلها‪ ،‬أو تأخر بسببه تأخرا غير متعارف‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬الرجوع في إعارة األرض التي بني عليها مسجد أو نحوه‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬استحقاال المستعير إبقاء غرسه وبنائه بال أجرة بعد رجوع المعير‬
‫في عاريته إن لم يصطلحا على تملك المعير له بقيمته‪ ،‬أو قلعه مع ضمان نقصه‪.‬‬

‫‪- 261 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الرجوع في عارية األرض للزرع إن أخر المستعير‬
‫الزرع عن مدة ينقص في مثلها‪ ،‬أو تأخر بسببه تأخرا غير متعارف‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر احلنابلة أن للمعري الرجوع يف عاريته ولو قبل أمد عينه‪ ،‬واس ــتثنوا من ذلك ما‬
‫إذا كان الرجوع فيه ضرر على املستعري(‪ ،)1‬كأن يعريه أرضا للزرع‪ ،‬فإنه ال حيق له الرجوع‬
‫يف عاريته إال بعد احلصـ ـ ـ ـ ـ ــاد‪ ،‬وعليه فهل تأخر الزرع عن مدة ينقص يف مثلها‪ ،‬أو تأخره‬
‫بسبب املستعري تأخرا غري متعارف يغري هذا احلكم أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا اس ــتعار رجل أرض ــا للزرع‪ ،‬فتأخر الزرع عن مدة ينقص فيها‪ ،‬أو تأخر بس ــبب‬
‫املســتعري تأخرا غري متعارف‪ ،‬فإن هذا التأخر ال يؤثر يف املنع من رجوع املعري يف عاريته‪،‬‬
‫فال حيق للمعري نزع األرض من املســتعري‪ ،‬وهذا قول الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬وصــح رجوع‬
‫معري ولو قبل ٍ‬
‫أمد عيّنه‪ ،‬ال يف حال يس ـ ــتض ـ ــر به مس ـ ــتعري‪ ،‬فمن أعار س ـ ــفينة حلمل‪ ،‬أو‬
‫أرضا لدفن ميت أو زرع‪ ،‬مل يرجع حىت ترسى‪ ،‬أو يبلى‪ ،‬أو حيصد"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املستوعب (‪ ،)50 /2‬واملقنع (ص‪ ،)214 :‬واملبدع (‪ ،)4 /5‬واإلنصاف (‪ ،)104 /6‬واإلقناع (‪،)332 /2‬‬
‫ومنتهى اإلرادات (‪ ،)145 /3‬وغاية املنتهى (‪.)752 /1‬‬
‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)146 - 145 /3‬‬
‫‪- 262 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وهذا القول هو ظاهر قول ابن قدامة(‪ ،)1‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)2‬وص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب املبدع(‪،)3‬‬
‫واإلنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)4‬واإلقنــاع(‪ ،)5‬والغــايــة(‪ ،)6‬والروض(‪ ،)7‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ عثمــان يف هــدايــة‬
‫الراغب(‪. )8‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا اس ــتعار رجل أرض ــا للزرع‪ ،‬فتأخر الزرع عن مدة ينقص فيها‪ ،‬أو تأخر بس ــبب‬
‫املس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعري تأخرا غري متعارف‪ ،‬فإن هذا التأخر يؤثر يف املنع من رجوع املعري يف عاريته‪،‬‬
‫فيخري معري بني تركـه بـأجرتــه‪ ،‬أو أخـذه بقيمتــه‪ ،‬مــا مل خيرت مس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعري قلعــه وتفريغهــا يف‬
‫احلال‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪ " :‬قوله‪( :‬أو أرضـ ـ ـ ـ ــا لدفن ميت أو زرع ‪...‬‬
‫إخل) ينبغي تقييده مبا إذا مل يؤخر الزرع عن مدة ينقص يف مثلها‪ ،‬أو يتأخر بس ــببه تأخرا‬
‫غري متعارف‪ ،‬فيخري معري بني تركه بأجرته‪ ،‬أو أخذه بقيمته‪ ،‬ما مل خيرت مس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعري قلعه‬
‫وتفريغها يف احلال‪ ،‬على قياس ما تقدم يف اإلجارة"(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)172 - 171 /5‬والكايف (‪)215 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)361 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)7 /5‬‬
‫(‪ )4‬اإلنصاف (‪.)109 /6‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)333 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)752 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬الروض املربع (ص‪ ،)420 :‬وشرح املنتهى (‪ ،)291 /2‬وكشاف القناع (‪.)68 /4‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬هداية الراغب (‪.)567 /2‬‬
‫(‪ )9‬حاشية املنتهى (‪.)145 /3‬‬
‫‪- 263 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وهذا القول هو ظاهر قول ص ـ ـ ـ ــاحب الفروع(‪ ،)1‬كما أنه قد يقال بأنه ظاهر قول‬
‫من منع من أخذ األجرة بعد الرجوع يف عارية الزرع‪ ،‬كاجملد(‪ ،)2‬وصاحب الوجيز(‪.)3‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ميكن أن يس ـ ـ ــتدل هلذا القول بأن ما ذكره الش ـ ـ ــيخ عثمان من قيود كأن فيها نوع‬
‫خمالفة ملنصـ ـ ـ ــوصـ ـ ـ ــهم‪ ،‬فإهنم نص ـ ـ ـ ـوا على جواز أخذ األجرة مىت رجع املعري يف الزرع(‪،)4‬‬
‫ونصوا على املنع من أخذ املعري للزرع بقيمته‪ ،‬أو قلع املستعري لزرعه يف احلال(‪ ،)5‬فالقيد‬
‫املذكور خيالف ما ذكروه‪ ،‬كما أن الفتوحي سيورد املسألة قريبا‪ ،‬فال حاجة للتقييد‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫قيــاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا على مــا تقــدم يف اإلجــارة‪ ،‬قــال يف املنتهى‪" :‬وإن بقي زرع بال تفريك‬
‫مسـ ــتأجر‪ ،‬لزم تركه بأجرته‪ ،‬وبتفريطه فللمالك ذلك‪ ،‬وأخذه بقيمته ما مل خيرت مسـ ــتأجر‬
‫قلعه وتفريغها يف احلال"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ )199 /7‬و(‪.)204 /7‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)360 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الوجيز (ص‪ ،)239 :‬ومؤلفه هو‪ :‬احلسني بن يوسف بن حممد بن أيب السري الدجيلي مث البغدادي‪ ،‬الشيخ‬
‫اإلمام الفقيه املتفنن أبو عبد اهلل سرا الدين‪ ،‬تفقه على الشيخ الزيريرايت‪ ،‬وكانت له عناية بالفقه واحلديث واللغة‪،‬‬
‫تويف ¬ سنة اثنتني وثالثني وسبعمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)30 /5‬واملقصد االرشد (‪.)349 /1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)172 /5‬والشرح الكبري (‪ ،)361 /5‬واملبدع (‪ ،)7 /5‬واإلنصاف (‪ ،)109 /6‬ومعونة أويل النهى‬
‫(‪ ،)254 /6‬وغاية املنتهى (‪ ،)752 /1‬وشرح املنتهى (‪ ،)291 /2‬وكشاف القناع (‪.)68 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)171 /5‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)254 /6‬وشرح املنتهى (‪ ،)291 /2‬وكشاف القناع (‪.)68 /4‬‬
‫(‪ )6‬منتهى اإلرادات (‪.)124 /3‬‬
‫‪- 264 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن تعقب عثمان ¬ غري وجيه؛ وذلك ألن صــاحب املنتهى وغريه‬
‫نص على أن من أعار أرض ـ ــه للزرع فإن له الرجوع يف عاريته مىت ش ـ ــاء(‪ ،)1‬ورجوعه هذا‬
‫ال يس ــتحق به س ــوى األجرة(‪ ،)2‬كما أنه نص غري واحد من احلنابلة على املنع من أخذ‬
‫املعري الزرع بقيمته‪ ،‬وقلع املس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعري الزرع وتفريا األرض يف احلال(‪ ،)3‬قال الفتوحي يف‬
‫ش ـ ـ ـ ــرحه‪(" :‬إال يف الزرع) أي‪ :‬إال إذا أعاره أرضـ ـ ـ ــا ليزرعها‪ ،‬وزرع مث رجع املعري قبل أوان‬
‫حص ـ ـ ــاده‪ ،‬وهو ال حيص ـ ـ ــد قص ـ ـ ــيال‪ ،‬فإن له أجرة مثل األرض املعارة من حني رجوع إىل‬
‫حني احلصــاد؛ لوجوب تبقيته يف أرض املعري إىل أوان حصــاده قهرا عليه؛ لكونه مل يرض‬
‫بذلك‪ .‬بدليل رجوعه‪ .‬وألنه ال ميلك أن يأخذ الزرع بقيمته؛ ألن له أمدا ينتهي إليه‪،‬‬
‫وهو قص ـ ــري بالنس ـ ــبة إىل الغرس‪ ،‬فال داعي إليه‪ .‬وال أن يقلعه ويض ـ ــمن نقص ـ ــه؛ ألنه ال‬
‫ميكن نقله إىل أرض أخرى‪ ،‬االف الغراس وآالت البناء‪ .‬وألن املسـ ـ ـ ــتعري إذا اختار قلع‬
‫زرعه رمبا يفوت على املالك االنتفاع بأرضـ ـ ـ ــه يف ذلك العام فيحصـ ـ ـ ــل له بذلك ضـ ـ ـ ــرر‪،‬‬
‫فتعني أن يبقى بأجرة مثله إىل حصاده مجعا بني احلقني"(‪.)4‬‬
‫ولعــل الفرق بني مــا جــاء يف بــاب اإلجــارة ومــا ذكر هنــا‪ :‬أن اإلجــارة مبنيــة على‬
‫املعاوض ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬وتذكر فيها املدة‪ ،‬وأما العارية فمبناها على اإلرفاق واملعاونة‪ ،‬وقد ال تذكر‬
‫فيها املدة‪ ،‬لذا قيل باالختالف بني احلالني‪ ،‬قال يف اإلنص ــاف‪" :‬وعنه‪ :‬ال ميلك الرجوع‬
‫قبل انتفاعه هبا‪ ،‬مع اإلطالق‪ .‬قال القاضي‪ :‬قياس املذهب يقتضيه"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املستوعب (‪ ،)50 /2‬واملقنع (ص‪ ،)214 :‬واملبدع (‪ ،)4 /5‬واإلنصاف (‪ ،)104 /6‬واإلقناع (‪،)332 /2‬‬
‫ومنتهى اإلرادات (‪ ،)145 /3‬وغاية املنتهى (‪.)752 /1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)172 /5‬والشرح الكبري (‪ ،)361 /5‬واملبدع (‪ ،)7 /5‬واإلنصاف (‪ ،)109 /6‬ومعونة أويل النهى‬
‫(‪ ،)254 /6‬وغاية املنتهى (‪ ،)752 /1‬وشرح املنتهى (‪ ،)291 /2‬وكشاف القناع (‪.)68 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)171 /5‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)254 /6‬وشرح املنتهى (‪ ،)291 /2‬وكشاف القناع (‪.)68 /4‬‬
‫(‪ )4‬معونة أويل النهى (‪.)254 /6‬‬
‫(‪ )5‬اإلنصاف (‪ ،)104 /6‬وينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)67 /4‬‬
‫‪- 265 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقد يقال بأن القيود اليت ذكرها الشــيخ عثمان ¬ قد يتوجه القول هبا عند من‬
‫يقول بعدم وجوب دفع األجرة للمعري بعد رجوعه يف عارية الزرع‪ ،‬وما إذا كانت العارية‬
‫حمددة بوقت‪ ،‬واهلل أعلم(‪.)1‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا اس ــتعار رجل أرض ــا للزرع‪ ،‬فتأخر الزرع عن مدة ينقص فيها‪ ،‬أو تأخر بسـ ـبب‬
‫املس ـ ـ ـ ــتعري تأخرا غري متعارف‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ال يؤثر هذا التأخر يف املنع من رجوع‬
‫املعري يف عاريته‪ ،‬فال حيق للمعري نزع األرض من املس ـ ــتعري‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يؤثر هذا‬
‫الت ــأخر يف املنع من رجوع املعري يف ع ــاريت ــه‪ ،‬فيخري معري بني ترك ــه ب ــأجرت ــه‪ ،‬أو أخ ــذه‬
‫بقيمته‪ ،‬ما مل خيرت مستعري قلعه وتفريغها يف احلال‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬احملرر (‪ ،)360 /1‬والوجيز (ص‪ ،)239 :‬واملنور يف راجح احملرر (ص‪ ،)284 :‬وقواعد ابن رجب (‪/2‬‬
‫‪ ،)146‬واإلنصاف (‪.)109 /6‬‬
‫‪- 266 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرجوع في إعارة األرض التي بني عليها مسجد أو‬
‫نحوه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا أعار رجل أرضــا لبناء‪ ،‬فبين فيها مســجد‪ ،‬فهل يصــح للمعري الرجوع يف عاريته‬
‫تلك‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا أعار رجل أرض ــا لبناء‪ ،‬فبين فيها مس ــجد‪ ،‬فإن للمعري الرجوع يف عاريته تلك‪،‬‬
‫وهذا هو ظاهر قول الفتوحي‪ ،‬إذ إنه مل يفرق بني املسجد وغريه‪ ،‬قال ¬‪" :‬ومن أعري‬
‫أرضا لغرس أو بناء‪ ،‬وشرط قلعه بوقت أو رجوع‪ ،‬لزم عنده‪ ،‬ال تسويتها بال شرط‪ .‬وإال‬
‫فلمعري أخذه بقيمته‪ ،‬أو قلعه ويضمن نقصه"(‪.)1‬‬
‫وقد نص كثري من احلنابلة على هذا احلكم‪ ،‬ومل يفرقوا بني مس ـ ـ ـ ـ ـ ــجد وغريه‪ ،‬وممن‬
‫نص على ذلك‪ :‬أبو اخلطاب(‪ ،)2‬وابن قدامة(‪ ،)3‬واجملد(‪ ،)4‬والش ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)5‬وص ـ ـ ـ ـ ــاحب‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)147 - 146 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪.)310 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)171 /5‬واملقنع (ص‪ ،)214 :‬وعمدة احلازم (ص‪.)351 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)360 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)359 /5‬‬
‫‪- 267 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الوجيز(‪ ،)1‬واملنور(‪ ،)2‬والقواعد(‪ ،)3‬واملبدع(‪ ،)4‬واإلنص ــاف(‪ ،)5‬واإلقناع(‪ ،)6‬والغاية(‪،)7‬‬


‫والكشاف(‪ ،)8‬وكشف املخدرات(‪ ،)9‬ومطالب أويل النهى(‪ ،)10‬واللبدي(‪.)11‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا أعار رجل أرض ـ ـ ـ ـ ـ ــا لبناء‪ ،‬فبين فيها مس ـ ـ ـ ـ ـ ــجد‪ ،‬فليس للمعري الرجوع يف عاريته‬
‫تلــك‪ ،‬وهــذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال ¬‪" :‬قولــه‪( :‬فلمعري ‪ ..‬إخل) أي‪ :‬إذا مل خيرت‬
‫مسـ ـ ــتعري قلعه‪ ،‬وتفريغها يف احلال‪ ،‬كما يفهم من قول املصـ ـ ــنف‪( :‬ومىت اختاره مسـ ـ ــتعري‬
‫س ـ ـ ـواها)‪ ،‬وينبغي تقييده أيضـ ـ ــا مبا إذا مل يكن البناء مسـ ـ ــجدا أو حنوه‪ ،‬فال يهدم‪ ،‬وتلزم‬
‫األجرة إىل زواله‪ ،‬كما تقدم نظريه يف اإلجارة"(‪.)12‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألنه لو مل جيز ألدى إىل ضــرر املعري واملســتعري‪ ،‬وألنه يف األخذ بأحد األمور مجعاً‬
‫بني احلقني(‪.)13‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الوجيز (ص‪.)239 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املنور يف راجح احملرر (ص‪.)284 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب القاعدة السابعة والسبعون (‪.)106 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)6 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)107 - 106 /6‬والتنقيح املشبع (ص‪.)281 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)333 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)753 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)67 - 66 /4‬وشرح املنتهى (‪.)290 - 289 /2‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)483 /2‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)732 /3‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)222 /1‬‬
‫(‪ )12‬حاشية املنتهى (‪.)147 /3‬‬
‫(‪ )13‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪ ،)783 /2‬وكشاف القناع (‪.)67 /4‬‬
‫‪- 268 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫قياسا على ما تقدم يف اإلجارة‪ ،‬قال يف املنتهى‪" :‬وإذا انقضت إجارة أرض ‪-‬وهبا‬
‫غراس‪ ،‬أو بناء مل يشــرتط قلعه‪ ،‬أو شــرط بقاؤه‪ -‬خري مالكها بني أخذه بقيمته‪ ،‬أو تركه‬
‫بأجرته‪ ،‬أو قلعه وضمان نقصه‪ ،‬ما مل يقلعه مالكه‪ ،‬ومل يكن البناء مسجدا أو حنوه‪ ،‬فال‬
‫يهدم‪ ،‬وتلزم األجرة إىل زواله‪ ،‬وال يعاد بغري رضا رب األرض"(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫قول عثمان ¬ قوي ومتوجه‪ ،‬وعدم نص احلنابلة على هذه املسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألة يف هذا‬
‫املوض ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال يعين أهنم ال يقولون هبا‪ ،‬بل الظاهر أن قوهلم كقول عثمان؛ ألهنم أرجعوا‬
‫كثريا من أحكام العارية إىل أحكام اإلجارة(‪ ،)2‬وألن ذكرهم عدم اس ـ ــتحقاق ص ـ ــاحب‬
‫األرض ‪-‬الذي أجرها فبين فيها مس ـ ـ ـ ـ ـ ــجد‪ -‬ألخذ البناء بقيمته أو قلعه‪ ،‬إما أن يكون‬
‫لعلة متعلقة بعقد اإلجارة‪ ،‬وإما أن يكون لعلة متعلقة بذات املسـ ـ ـ ـ ـ ــجد‪ ،‬والظاهر الثاين‪،‬‬
‫وعليــه فال خيتلف احلكم يف العــاريــة عن اإلجــارة‪ ،‬بــل قــد يقــال إن هــذا احلكم هو يف‬
‫العارية أوىل منه يف اإلجارة؛ ألن العارية عقد إرفاق ومعونة‪ ،‬واإلجارة عقد معاوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪،‬‬
‫والتوس ــعة على املس ــتعري أكرب من التوس ــعة على املس ــتأجر‪ ،‬وللعارية ص ــور مش ــاهبة هلذه‪،‬‬
‫كامليت الذي دفن يف أرض‪ ،‬والســقف املســتعار لوضــع خشــب عليه‪ ،‬واألرض املســتعارة‬
‫للزرع‪ ،‬فإنه نصوا على عدم جواز الرجوع يف العارية يف ذلك إىل أن يبلى امليت‪ ،‬ويسقك‬
‫السـ ــقف‪ ،‬وحيصـ ــد الزرع(‪ ،)3‬ونص ـ ـوا يف اإلجارة على خالف ذلك يف مسـ ــألة الزرع(‪،)4‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)123 - 121 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪ ،)359 /5‬والفروع (‪ ،)205 /7‬واملبدع (‪ ،)8 /5‬واإلنصاف (‪ ،)112 /6‬واإلقناع (‪/2‬‬
‫‪ ،)334‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)152 /3‬وغاية املنتهى (‪.)755 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪ ،)214 :‬والفروع (‪ ،)199 /7‬واملبدع (‪ ،)5 /5‬واإلنصاف (‪ ،)106 /6‬ومنتهى اإلرادات (‪/3‬‬
‫‪ ،)146‬وكشاف القناع (‪ ،)68 /4‬ونيل املارب بشرح دليل الطالب (‪ ،)441 /1‬والروض الندي شرح كايف املبتدي‬
‫(ص‪ ،)276 :‬مطالب أويل النهى (‪.)728 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)453 /4‬واإلنصاف (‪ ،)86 /6‬واإلقناع (‪ ،)320 /2‬ومنتهى اإلرادات (‪.)124 /3‬‬
‫‪- 269 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫فالتوس ــعة على املس ــتعري يف باب العارية تقتض ــي إحلاق أحكام املس ــجد هبذه األحكام‪،‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا أعار رجل أرض ـ ـ ــا لبناء‪ ،‬فبين يف األرض مس ـ ـ ــجد‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يص ـ ـ ــح‬
‫للمعري الرجوع يف عاريته‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال يصح للمعري الرجوع يف عاريته‪.‬‬

‫‪- 270 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬استحقاق المستعير إبقاء غرسه وبنائه بال أجرة بعد‬
‫رجوع المعير في عاريته إن لم يصطلحا على تملك المعير له‬
‫بقيمته‪ ،‬أو قلعه مع ضمان نقصه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ يف باب العارية‪" :‬وال أجرة منذ رجع‪ ،‬إال يف الزرع"(‪ ،)1‬فهل‬
‫يص ـ ـ ــح أن يقال يف ش ـ ـ ــرح هذه العبارة‪( :‬ال أجرة للمعري إذا أعار لغرس أو بناء مث رجع‪،‬‬
‫إىل متلكه بقيمته أو قلعه مع ض ــمان نقص ــه)‪ ،‬أم أن هذه العبارة فيها نوع إيهام‪ ،‬واألوىل‬
‫تركهات‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫العبارة املذكورة ص ـ ـ ـ ــحيحة‪ ،‬وهي مدلول كالم ص ـ ـ ـ ــاحب املنتهى‪ ،‬وعلى هذا يدل‬
‫صـ ــنيع الشـ ــيخ منصـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وال أجرة) على مسـ ــتعري ملعري (منذ رجع)‬
‫إىل زوال ض ـ ــرر مس ـ ــتعري حيث كان الرجوع يض ـ ــر به إذن‪ ،‬وال إذا أعار لغرس أو بناء مث‬
‫رجع إىل متلكه بقيمته أو قلعه مع ضمان نقصه"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫العبــارة املــذكورة فيهــا نوع إيهــام‪ ،‬واألوىل حــذف قولــه‪" :‬إىل متلكــه ‪ ..‬إخل" فتكون‬
‫العبارة الص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيحة‪" :‬ال أجرة للمعري إذا أعار لغرس أو بناء مث رجع"‪ ،‬وهذا هو تعقب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد نقله عبارة البهويت السابقة‪" :‬ولو حذف قوله‪ :‬إىل متلكه ‪ ..‬إخل‪،‬‬
‫لكان أوىل؛ ألنه قد يوهم أن عليه األجرة إذا مل يتملكه بقيمته‪ ،‬أو بقلعه مع ض ـ ـ ـ ـ ـ ــمان‬
‫نقصــه‪ ،‬مع أن ص ـريح كالمه أن ال أجرة له مطلقا‪ ،‬لقوله بعد‪ :‬وألنه إذا أىب أخذ الغراس‬
‫أو البناء بقيمته أو قلعه وض ــمان نقص ــه‪ ،‬فإبقاؤه يف األرض من جهته‪ ،‬فال أجرة له كما‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)149 /3‬‬


‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪.)290 /2‬‬
‫‪- 271 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫قبل الرجوع(‪ .)1‬انتهى‪ .‬وهو مقتضـ ـ ـ ــى قول املنت أيضـ ـ ـ ــا‪( :‬وإن أبياه ترك حباله)(‪ ،)2‬واهلل‬
‫أعلم"(‪.)3‬‬
‫وقد ذكر ص ـ ــاحبا اإلنص ـ ــاف(‪ ،)4‬واإلقناع(‪ ،)5‬عبارة قريبة من اليت ذكرها الش ـ ــيخ‬
‫عثمان‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫قول عثمان ¬ متجه؛ وذلك ألن القس ـ ـ ـ ــمة اليت ذكرها الش ـ ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ـ ــور غري‬
‫حاص ــرة‪ ،‬وقد ذكر هذه القس ــمة الفتوحي يف ش ــرحه‪ ،‬والش ــيخ منص ــور يف حاش ــيته على‬
‫املنتهى‪ ،‬والرحيباين يف ش ـ ـ ـ ـ ــرح الغاية‪ ،‬إال أهنم زادوا قيدا جعلوا فيه القس ـ ـ ـ ـ ــمة حاص ـ ـ ـ ـ ــرة‪،‬‬
‫وعبارهتم كاآليت‪" :‬إىل حني متلكه بقيمته‪ ،‬أو قلعه مع ض ـ ـ ــمان نقص ـ ـ ــه‪ ،‬أو بقائه إذا أىب‬
‫املعري ذلك إىل أن يتفقا"(‪ ،)6‬فالقيد األخري أسقطه الشيخ منصور يف شرح املنتهى‪ ،‬ولو‬
‫ذكره لزال اإلشـ ـ ـ ــكال‪ ،‬وقد يكون هذا اإلسـ ـ ـ ــقاط سـ ـ ـ ــبق قلم منه ¬‪ ،‬أو من نسـ ـ ـ ــاخ‬
‫املنتهى‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫الذي يظهر أن اخلالف لفظي‪ ،‬وأن الشيخ منصور ¬ ال يقصد بإسقاطه القيد‬
‫املذكور اسـ ـ ـ ـ ـ ــتثناء حالة من أحوال رجوع معري الغرس والبناء من عدم اسـ ـ ـ ـ ـ ــتحقاق املعري‬

‫(‪ )1‬شرح املنتهى (‪.)291 /2‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)148 /3‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)149 /3‬‬
‫(‪ )4‬اإلنصاف (‪ ،)109 /6‬وعبارته‪(" :‬ومل يذكر أصحابنا عليه أجرة من حني الرجوع) يعين‪ :‬فيما تقدم‪ .‬من الغراس‬
‫والبناء"‪.‬‬
‫(‪ )5‬اإلقناع (‪ ،)334 /2‬وعبارته‪" :‬وال أجرة على املستعري من حني رجوع يف غرس وبناء وسفينة يف جلة حبر وأرض قبل‬
‫أن يبلى امليت بل يف زرع"‪.‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)254 /6‬وإرشاد أويل النهى (ص‪ ،)859 :‬ومطالب أويل النهى (‪.)728 /3‬‬
‫‪- 272 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫لألجرة‪ ،‬بل األمر كما ذكر الش ـ ــيخ عثمان بأن كالم الش ـ ــيخ منص ـ ــور صـ ـ ـريح يف تعميم‬
‫احلكم يف كل الصور‪.‬‬
‫وقد يبىن اخلالف يف هذه املس ــألة‪ ،‬فيقال‪ :‬إذا أعار رجل أرض ــا لغرس أو بناء‪ ،‬ومل‬
‫يش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتط القلع‪ ،‬مث رجع يف عاريته‪ ،‬فلم يرد املس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعري قلع الغراس والبناء‪ ،‬ومل يرد املعري‬
‫ض ـ ــمان نقص القلع‪ ،‬وال أخذ الغرس والبناء بثمنه‪ ،‬فبقي العقار معلقا‪ ،‬مث أراد املعري بيع‬
‫األرض مبا فيها‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يلزم املسـ ــتعري أجرة األرض من حني رجوع املعري يف‬
‫عاريته‪ ،‬إىل بيعها‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال يلزم املستعري شيئا من أجرة‪.‬‬

‫‪- 273 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الغصب وكتاب‬


‫الوقف‪.‬‬
‫وفيه مطلبان‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬التعقبات في كتاب الغصب‪ ،‬وفيه ثمان مسائل‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة األوىل‪ :‬ما يستحقه مالك املغصوب إن نقص نقصا غري مستقر‬
‫إن كان قد أخذ بدل ماله‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة الثانية‪ :‬مطالبة املالك الغاصب بالثمن كله إن كان أزيد من‬
‫القيمة‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة الثالثة‪ :‬ذكر احلاالت اليت يربأ فيها الغاصب إن تلفت العني حتت‬
‫يد مالكها‪ ،‬واليت ال يربأ بعد ذكر القاعدة اجلامعة لذلك‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة الرابعة‪ :‬وجوب البدل يف الذمة إن تلفت العني املغصوبة‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة اخلامسة‪ :‬تفسري (من) يف قوله الفتوحي‪" :‬وما صحت إجارته من‬
‫مغصوب ومقبوض بعقد فاسد فعلى قابض وغاصب أجرة مثله مدة بقائه‬
‫بيده" بأهنا تبعيضية ال بيانية‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة السادسة‪ :‬حكم قبول الصدقة من مال مغصوب‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة السابعة‪ :‬وجوب رد ثوب غريه الذي أطارته الريح إىل داره‪.‬‬
‫‪ o‬املسألة الثامنة‪ :‬إخرا الوديعة لغشيان شيء الغالب منه اهلالك‪ ،‬إن كان‬
‫رهبا هناه عن إخراجها‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬التعقب في مسألة عزل الحاكم والناظر ألجنبي واله لفسقه‪.‬‬

‫‪- 274 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعقبات في كتاب الغصب‪ ،‬وفيه ثمان مسائل‪.‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬ما يستحقه مالك المغصوب إن نقص نقصا غير‬
‫مستقر إن كان قد أخذ بدل ماله‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املش ـ ــهور من مذهب احلنابلة أنه إذا نقص املغص ـ ــوب نقص ـ ــا غري مس ـ ــتقر‪ ،‬فيخري‬
‫املالك بني أخذ مثله‪ ،‬وتركه حىت يس ـ ــتقر فس ـ ــاده مث يأخذه وأرب نقص ـ ــه(‪ ،)1‬وعليه فلو‬
‫اختار مالك املغصوب أخذ بدل ماله من الغاصب‪ ،‬مث استقر النقص‪ ،‬فهل ميلك مالك‬
‫املغصوب املثل الذي أخذه‪ ،‬أم يلزمه رده وأخذ عني ماله وأرب نقصهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا نقص املغصـ ــوب نقصـ ــا غري مسـ ــتقر‪ ،‬فاختار مالك املغصـ ــوب أخذ بدل ماله‬
‫من الغاصــب‪ ،‬مث اســتقر النقص‪ ،‬فإن مالك املغصــوب ال يلزمه رد املثل الذي أخذه‪ ،‬بل‬
‫ميلك هذا املثل‪ ،‬ويكون بدل ماله‪ ،‬وهذا ظاهر قول منصـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وإن‬
‫نقص املغصـ ــوب) قبل رده (نقصـ ــا غري مس ــتقر) بأن يكون س ــاريا غري واقف‪( ،‬كحنطة‬
‫ابتلت وعفنت)‪ ،‬وطلبها مالكها قبل بلوغها إىل حالة يعلم فيها قدر أرب نقص ـ ـ ـ ـ ـ ــها‪،‬‬
‫(خري) مالكها (بني‪ :‬أخذ مثلها) من مال غاص ـ ـ ـ ــب‪( ،‬وبني تركها) بيد غاص ـ ـ ـ ــب (حىت‬
‫يس ــتقر فس ــادها فيأخذها و) يأخذ (أرب نقص ــها)؛ ألنه ال جيب له املثل ابتداء؛ لوجود‬
‫عني ماله‪ ،‬وال أرب العيب؛ ألنه ال ميكن معرفته وال ض ـ ـ ـ ـ ـ ــبطه إذن‪ ،‬وحيث كان كذلك‬
‫صــارت اخلرية إىل املالك؛ ألنه إذا رضــي بالتأخري ســقك حقه من التعجيل‪ ،‬فيأخذ العني‬
‫عند اســتقرار فســادها؛ ألهنا ملكه‪ ،‬ويأخذ من الغاصــب أرب نقصــها؛ ألنه حصــل حتت‬
‫يده العادية‪ ،‬أش ـ ـ ـ ـ ـ ــبه تلف جزء من املغص ـ ـ ـ ـ ـ ــوب‪ .‬وقوله‪( :‬فإن اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقر) النقص قبل رد‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)314 :‬واملستوعب (‪ ،)63 /2‬والوجيز (ص‪ ،)242 :‬واملبدع (‪ ،)29 /5‬واإلنصاف (‪/6‬‬
‫‪ ،)158‬واملبدع (‪ ،)29 /5‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)178 /3‬وغاية املنتهى (‪.)767 /1‬‬
‫‪- 275 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫املغصــوب (أخذها) أي‪ :‬احلنطة مالكها‪( ،‬و) أخذ (األرب)‪ ،‬ملا ســبق‪ :‬ينبغي محله على‬
‫ما إذا استقر قبل الطلب؛ لئال يتكرر مع الذي قبله"(‪.)1‬‬
‫وهـذا القول هو ظـاهر قول أيب اخلطـاب(‪ ،)2‬وابن قـدامـة يف املقنع(‪ ،)3‬والفخر يف‬
‫البلغة(‪ ،)4‬وصـ ـ ـ ـ ــاحب املسـ ـ ـ ـ ــتوعب(‪ ،)5‬واملمتع(‪ ،)6‬والوجيز(‪ ،)7‬وتصـ ـ ـ ـ ــحيح الفروع(‪،)8‬‬
‫واملنتهى(‪ ،)9‬والغاية(‪.)10‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا نقص املغصـ ــوب نقصـ ــا غري مسـ ــتقر‪ ،‬فاختار مالك املغصـ ــوب أخذ بدل ماله‬
‫من الغاصــب‪ ،‬مث اســتقر النقص‪ ،‬فيلزم مالك املغصــوب رد البدل الذي أخذه وأخذ عني‬
‫ماله وأرب نقص ــه‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬خري بني مثلها) أي‪ :‬مث‬
‫إذا اسـ ـ ــتقر نقصـ ـ ــها يأخذها وأرب نقصـ ـ ــها‪ ،‬ويرد املالك ما أخذ؛ ألن ملكه مل يزل عن‬
‫ماله بأخذ العوض‪ ،‬كما إذا أخذ القيمة لتعذر رد املغصـ ـ ـ ـ ــوب مث قدر على املغصـ ـ ـ ـ ــوب‪.‬‬
‫وعبارة اإلقناع‪ :‬فإن اسـ ـ ـ ـ ـ ــتقر أخذها واألرب‪ .‬انتهى‪ .‬وال حاجة حينئذ إىل ما محله عليه‬
‫الشارح"(‪.)11‬‬

‫(‪ )1‬كشاف القناع (‪.)93 - 92 /4‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪.)314 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪.)218 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬بلغة الساغب (ص‪.)259 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املستوعب (‪.)63 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)33 /3‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬الوجيز (ص‪.)242 :‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬تصحيح الفروع (‪.)237 /7‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)178 /3‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)767 /1‬‬
‫(‪ )11‬حاشية املنتهى (‪.)178 /3‬‬
‫‪- 276 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن ـه ال جيــب لــه املثــل ابتــداء؛ لوجود عني مــالــه‪ ،‬وال أرب العيــب؛ ألنــه ال ميكن‬
‫معرفته وال ض ـ ـ ـ ـ ـ ــبطه إذن‪ ،‬فكانت اخلرية للمالك بني أخذ مثلها؛ ملا يف تأخري حقه بعد‬
‫طلبه من الضـ ـ ـ ـ ـ ــرر‪ ،‬وبني الصـ ـ ـ ـ ـ ــرب كما ذكر؛ لرضـ ـ ـ ـ ـ ــاه بالتأخري‪ .‬ويأخذ أرب النقص من‬
‫الغاصب؛ ألنه حصل نايته(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن مالك املغص ـ ـ ـ ـ ـ ــوب مل يزل ملكه عن ماله بأخذ العوض‪ ،‬كما إذا أخذ القيمة‬
‫لتعذر رد املغص ــوب مث قدر على املغص ــوب‪ ،‬ويدل على هذا القول أيض ــا قول ص ــاحب‬
‫اإلقناع‪" :‬وإن نقص املغصــوب نقصــا غري مســتقر‪ :‬كحنطة ابتلت وعفنت خري بني أخذ‬
‫مثلها وبني تركها حىت يسـ ـ ـ ـ ــتقر فسـ ـ ـ ـ ــادها فيأخذها وأرب نقصـ ـ ـ ـ ــها فإن اسـ ـ ـ ـ ــتقر أخذها‬
‫واألرب"(‪.)3()2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن قول منصـ ــور ¬ أوجه من قول عثمان؛ وذلك ألن قول عثمان‬
‫¬ كأنه يفض ــي إىل أن أخذ البدل ليس له غرض ص ــحيح‪ ،‬وال مص ــلحة على مالك‬
‫املغص ـ ـ ـ ـ ـ ــوب؛ ألنه س ـ ـ ـ ـ ـ ــريد هذا املال الذي أخذه ولن ينتفع به‪ ،‬ومما يدل على ذلك أن‬
‫احلنابلة يذكرون احلنطة عند التمثيل هلذه املس ـ ـ ـ ــألة‪ ،‬وعليه فمن أخذ حنطة فكيف ينتفع‬
‫هبا إن كان سـ ـ ـ ـ ــريدها ويأخذ عني مالهت‪ ،‬وأما قول صـ ـ ـ ـ ــاحب اإلقناع فإنه حمتمل‪ ،‬وليس‬
‫صرحيا يف املسألة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪ ،)33 /3‬واملبدع (‪ ،)29 /5‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)304 /6‬وشرح املنتهى (‪/2‬‬
‫‪.)306‬‬
‫(‪ )2‬اإلقناع (‪.)345 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)188 /5‬وحاشية املنتهى (‪.)178 /3‬‬
‫‪- 277 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا اختار مالك املغص ــوب أخذ بدل ماله من الغاص ــب‪ ،‬مث اس ــتقر النقص‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول‪ :‬ميلك مالك املغص ـ ـ ـ ـ ـ ــوب املثل الذي أخذه‪ ،‬وال يلزمه رده وأخذ عني ماله‬
‫وأرب نقصه‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال ميلك مالك املغصوب املثل الذي أخذه‪ ،‬ويلزمه رده‬
‫وأخذ عني ماله وأرب نقصه‪.‬‬

‫‪- 278 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬مطالبة المالك الغاصب بالثمن كله إن كان أزيد من‬
‫القيمة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر بعض احلنابلة أن للمالك مطالبة الغاص ــب بالثمن املس ــمى كله الذي باع أو‬
‫أجر به العني املغص ـ ـ ـ ـ ـ ــوبة‪ ،‬إذا كان أزيد من قيمة املثل(‪ .)1‬وعليه فهل قوهلم هذا على‬
‫إطالقه‪ ،‬أو أنه مقيد حبال معينةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫قول احلنابلة املذكور عام ش ـ ــامل يف كل الص ـ ــور‪ ،‬وقد نس ـ ــب الش ـ ــيخ عثمان هذا‬
‫القول ملنصور البهويت‪ ،‬أخذا من قوله ¬‪" :‬ولو طالب املالك الغاصب بالثمن كله إذا‬
‫كــان أزيــد من القيمــة فقيــاس املــذهــب أن لــه ذلــك‪ ،‬كمــا نص عليــه أمحــد يف املتجر يف‬
‫الوديعة من غري إذن‪ :‬أن الربح للمالك"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫قول احلنابلة املذكور ليس عاما‪ ،‬بل يقال به إذا مل ميكن رد العني‪ ،‬كأن جهل من‬
‫دفعت له أو تلفت‪ ،‬أما إذا كانت باقية حباهلا‪ ،‬وأمكن ردها‪ ،‬فالواجب ردها‪ ،‬وما يتبعها‬
‫من زيــادة نفع وأرب وأجرة نقص‪ ،‬وهــذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال ¬ بعــد نقلــه كالم‬
‫منصـور‪" :‬وهذا واضـح إذا مل ميكن رد العني‪ ،‬كأن جهل من دفعت له أو تلفت‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت باقية حباهلا‪ ،‬وأمكن ردها‪ ،‬فصـ ـ ـريح كالمهم يف مواض ـ ــع وجوب ردها‪ ،‬وما يتبعها‬
‫من زيادة نفع وأرب وأجرة نقص‪ ،‬بل هو معىن قول املص ـ ـ ــنف‪ :‬لو تلفت ض ـ ـ ــمن املالك‬
‫من تلفت بيده قيمتها للمعتاض مبا دفع‪ ،‬وهو ص ـ ـ ـريح قول املصـ ـ ــنف‪( :‬ويسـ ـ ــرتد مشـ ـ ــرت‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪ ،)340 /2‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)320 /6‬وشرح املنتهى (‪ ،)312 /2‬وكشاف القناع‬
‫(‪.)101 /4‬‬
‫(‪ )2‬شرح املنتهى (‪ ،)312 /2‬وينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)101 /4‬‬
‫‪- 279 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ومســتأجر مل يقرا بامللك له ما دفعاه من املســمى)(‪ )1‬إذ مل يقيد بكون املســمى أقل من‬
‫القيمة أو أكثر‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن كالم منصـ ــور ¬ إمنا ينص ــرف على احلال اليت ال ميكن فيها رد‬
‫العني املغصـ ـ ـ ــوبة؛ ألنه ال يصـ ـ ـ ــار إىل البدل مع وجود األصـ ـ ـ ــل‪ ،‬وليس يف كالم الشـ ـ ـ ــيخ‬
‫منصــور ¬ ما يدل على أنه حيق للمالك مطالبة الغاصــب بالثمن أو القيمة مع وجود‬
‫العني املغصوبة‪.‬‬
‫كما يظهر أن كالم عثمان ¬ ليس بدقيق؛ وذلك ألنه ميكن تصور املسألة مع‬
‫وجود العني املغص ـ ـ ــوبة‪ ،‬وذلك يف حال ض ـ ـ ــمان املنفعة‪ ،‬إذا أجرت العني بأزيد من أجرة‬
‫املثل‪ ،‬فعلى ما ذكره الشيخ منصور حيق للمالك الرجوع باألجرة املسماة‪.‬‬
‫وقد ذكر الش ـ ـ ــيخ حممد الس ـ ـ ــفاريين(‪ ¬ )3‬أن املراد هبذه املس ـ ـ ــألة‪" :‬إذا اعرتف‬
‫املشرتي للغاصب بامللك‪ ،‬وأقر له بذلك‪ ،‬وقلنا‪ :‬ال يسوغ للمشرتي واحلالة هذه الرجوع‬
‫على الغاص ـ ـ ــب بش ـ ـ ــيء مما دفعه له وال غريه مما ض ـ ـ ـ ّـمنه إياه املالك‪ .‬وكان الذي قبض ـ ـ ــه‬
‫الغاص ـ ـ ــب أزيد من قيمة التالف‪ ،‬فهل يس ـ ـ ــلم للغاص ـ ـ ــب‪ ،‬أم للمالك مطالبة الغاص ـ ـ ــب‬
‫بهت"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)187 /3‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)189 – 188 /3‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬حممد بن أمحد بن سامل السفاريين‪ ،‬العالمة املسند‪ ،‬ولد سنة ‪1114‬ه‪ ،‬أخذ عن الشيخ عبدالقادر التغليب‪،‬‬
‫وتفنن يف العلوم‪ ،‬وتتلمذ على كثري من مشايخ عصره‪ ،‬صنف تصانيف جليلة‪ ،‬منها كتاب االعتقاد‪ ،‬وشرح ثالثيات‬
‫املسند‪ ،‬وشرح عمدة األحكام‪ ،‬وغذاء األلباب بشرح منظومة اآلداب‪ ،‬وغريها من التصانيف‪ ،‬تويف ¬ سنة‬
‫‪1189‬ه‪ .‬النعت األكمل (ص‪ ،)301 :‬والسحب الوابلة (‪.)839 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)188 /3‬احلاشية السفلية رقم (‪.)3‬‬
‫‪- 280 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا باع الغاصــب العني املغصــوبة بأزيد من قيمة مثلها‪ ،‬وأمكن رد العني املغصــوبة‪،‬‬
‫فعلى القول الذي نسـبه الشـيخ عثمان للشـيخ منصـور البهويت‪ :‬للمالك مطالبة الغاصـب‬
‫بقيمة املثل‪ ،‬وله املطالبة بالثمن املسـ ـ ـ ـ ـ ــمى‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ليس للمالك إال املطالبة‬
‫بعني ماله‪.‬‬

‫‪- 281 -‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬ذكر الحاالت التي يبرأ فيها الغاصب إن تلفت العين‬
‫تحت يد مالكها‪ ،‬والتي ال يبرأ‪ ،‬بعد ذكر القاعدة الجامعة لذلك‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ بعد ذكره لأليدي املرتتبة على يد الغاصــب‪" :‬وإن كان املنتقل‬
‫إليه يف هذه الصـ ــور هو املالك‪ ،‬فال شـ ــيء له ملا يسـ ــتقر عليه لو كان أجنبيا‪ ،‬وما س ـ ـواه‬
‫فعلى غاص ـ ــب"(‪ ،)1‬مث ذكر بعد ذلك الص ـ ــور اليت ال يربأ الغاص ـ ــب فيها إن كان التلف‬
‫حتت يد املالك‪ ،‬واليت يربأ فيها‪ ،‬فهل ذكره هلذه الصور فيه تكرار‪ ،‬أم ليس فيه تكرارت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫املس ـ ـ ـ ـ ــألتان اللتان فيهما ذكر لألحوال اليت ال يربأ الغاص ـ ـ ـ ـ ــب فيها إن كان التلف‬
‫حتــت اليــد املــالــك‪ ،‬واليت يربأ فيهــا‪ ،‬ليس فيهــا تكرار‪ ،‬فــاألوىل عــدم حــذفهــا‪ ،‬وعلى هــذا‬
‫يدل صنيع الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬وإن أطعمه لغري مالكه‪ ،‬وعلم بغصبه‪ ،‬استقر ضمانه‬
‫عليه‪ ،‬وإال فعلى غاصب‪ ،‬ولو مل يقل‪ :‬إنه طعامه‪.‬‬
‫وملالكه‪ ،‬أو قنه‪ ،‬أو دابته‪ ،‬أو أخذه بقرض‪ ،‬أو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـراء‪ ،‬أو هبة‪ ،‬أو ص ـ ـ ـ ـ ـ ــدقة‪ ،‬أو‬
‫أباحه له‪ ،‬أو اســرتهنه‪ ،‬أو اســتودعه‪ ،‬أو اســتأجره‪ ،‬أو اســتؤجر على قصــارته‪ ،‬أو خياطته‬
‫وحنومها‪ ،‬ومل يعلم‪ :‬مل يربأ غاصب‪.‬‬
‫وإن أعريه‪ :‬برئ"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫املس ــألتان اللتان ذكر الفتوحي ¬ فيهما األحوال اليت ال يربأ الغاص ــب فيها إن‬
‫كان التلف حتت يد املالك‪ ،‬واليت يربأ فيها‪ ،‬هي مذكورة يف كالمه سـ ـ ـ ــلفا‪ ،‬فكان األوىل‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)193 /3‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)194 - 193 /3‬‬
‫‪- 282 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫حذفها وعدم تكرارها‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬لو حذف هاتني املســألتني‬
‫لكان أوىل؛ لعلمهما من قوله (وإن كان املنتقل ‪ ...‬إخل)"(‪.)1‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫املسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائل اليت ذكرها الفتوحي ¬ ليس فيها ما خير عن القاعدة اليت ذكرها‬
‫بقوله‪" :‬وإن كان املنتقل إليه يف هذه الصــور هو املالك‪ ،‬فال شــيء له ملا يســتقر عليه لو‬
‫كان أجنبيا‪ ،‬وما سواه فعلى غاصب"(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫م ــا ذكره عثم ــان ¬ متج ــه؛ ألن الفروع اليت ذكره ــا الفتوحي إمن ــا هي أفراد‬
‫للقاعدة اليت ساقها قبل ذلك‪ ،‬والتمثيل ليس حمله املتون املختصرة‪.‬‬
‫وقـ ــد يقـ ــال‪ :‬إن ذكر الفتوحي ¬ هلـ ــذه الفروع ميكن أن يوجـ ــه بواحـ ــد من‬
‫توجيهني‪:‬‬
‫التوجيه األول‪ :‬أن القاعدة اليت ذكرها من زياداته على املقنع والتنقيح‪ ،‬وأما فروع‬
‫القاعدة فنقلها من التنقيح(‪.)3‬‬
‫التوجيه الثاين‪ :‬أنه ذكر الفروع زيادة يف اإليضاح‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)194 - 193 /3‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)193 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬التنقيح املشبع (ص‪.)285 :‬‬
‫‪- 283 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬وجوب البدل في الذمة إن تلفت العين المغصوبة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا مل يس ـ ـ ـ ــتطع الغاص ـ ـ ـ ــب رد املغص ـ ـ ـ ــوب ملالكه؛ لتلفه‪ ،‬فهل يقال إنه جيب على‬
‫الغاص ـ ــب البدل‪ ،‬فيتعلق احلق هبذا البدل فينتقل إىل الذمة‪ ،‬ويص ـ ــح للمالك اإلبراء منه‪،‬‬
‫أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا مل يستطع الغاصب رد املغصوب ملالكه لتلفه‪ ،‬فإن احلق ال يتعلق بالبدل‪ ،‬فال‬
‫ينتقل البدل إىل الذمة‪ ،‬وال يص ـ ـ ـ ـ ـ ــح للمالك اإلبراء منه‪ ،‬وهذا هو ظاهر قول الفخر ابن‬
‫تيمية‪ ،‬ص ــاحب التلخيص‪ ،‬نقله عنه الش ــيخ منص ــور‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ال) ميلك (غاص ــب‬
‫مغصـ ـ ــوبا بدفعها) أي‪ :‬القيمة؛ ألنه ال يصـ ـ ــح متلكها بالبيع لعدم القدرة على تسـ ـ ــليمه‪.‬‬
‫وكما لو كان أم ولد‪ ،‬فال ميلك كس ـ ـ ـ ــبه وال يعتق عليه ولو كان قريبه‪ .‬قال يف التلخيص‪:‬‬
‫وال جيرب املالك على أخذها‪ .‬وال يص ـ ـ ـ ــح اإلبراء منها‪ .‬وال يتعلق احلق بالبدل‪ ،‬فال ينتقل‬
‫إىل الذمة‪ ،‬وإمنا يثبت جواز األخذ دفعا للضرر‪ ،‬فتوقف على خريته"(‪.)1‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا مل يستطع الغاصب رد املغصوب ملالكه لتلفه‪ ،‬فإن احلق يتعلق بالبدل‪ ،‬فينتقل‬
‫البدل إىل الذمة‪ ،‬ويص ـ ـ ـ ـ ـ ــح للمالك اإلبراء منه‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد‬
‫نقله قول صاحب التلخيص‪" :‬والظاهر‪ :‬أن حمل هذا إذا كانت عني الغصب باقية حني‬
‫دفع البدل‪ ،‬وإال فيجب البدل يف الذمة‪ ،‬ويصح اإلبراء وغريه"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب املبدع(‪ ،)3‬والبهويت يف حواشي اإلقناع(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬شرح املنتهى (‪ ،)319 /2‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)200 /6‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)338 /6‬والكشاف (‪.)109 /4‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)199 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)44 /5‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حواشي اإلقناع (‪.)145 /4‬‬
‫‪- 284 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن ما ذكره الشيخ عثمان هو مقصودهم وإن مل يصرحوا به؛ وذلك ألهنم‬
‫إمنا يذكرون أن احلق ال يتعلق بالبدل‪ ،‬وأنه ال ينتقل إىل الذمة‪ ،‬وأنه ال يص ـ ـ ـ ـ ـ ــح للمالك‬
‫اإلبراء منه عند ذكر إباق العبد وحنوه(‪ ،)1‬وال يذكروهنا يف باقي املض ـ ـ ـ ـ ـ ــمونات بالتلف‪،‬‬
‫ويعللون ض ـ ـ ـ ـ ـ ــمان ذلك – أي العبد اآلبق وحنوه – باحليلولة(‪ ،)2‬فدل ذلك على أهنم‬
‫يقصـ ـ ــدون الصـ ـ ــورة اليت يكون فيها العبد غري مقدور على تسـ ـ ــليمه ال لتلفه‪ ،‬بل إلباقه‪،‬‬
‫كما يدل عليه نص ـ ـ ــهم على وجوب رد املغص ـ ـ ــوب مىت وجده‪ ،‬وأن الغاص ـ ـ ــب ال ميلك‬
‫املغص ـ ـ ــوب ببذل قيمته‪ ،‬ونص ـ ـ ــهم أيض ـ ـ ــا على وجوب القيمة عند تلف األمة املغص ـ ـ ــوبة‬
‫بالوطء(‪ ،)3‬وهذا يدل على أن ما ذكره ص ـ ـ ــاحب التلخيص يقص ـ ـ ــد به حال عدم تلف‬
‫العبد‪ ،‬وأما حال التلف فيقال إن الضـ ـ ـ ـ ــمان الزم يف الذمة؛ ألنه يكون مقابل اإلتالف‪،‬‬
‫ال مقابل اإلباق أو الشرود‪ ،‬واملتلف يتثبت الضمان يف ذمته غاصبا كان أو غريه‪ ،‬وعليه‬
‫فالظاهر أن ما ذكره الشيخ عثمان متجه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا غص ـ ــب غاص ـ ــب عبدا‪ ،‬فأبق هذا العبد‪ ،‬فأبرأ مالك املغص ـ ــوب الغاص ـ ــب من‬
‫قيمة عبده‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ال يربأ الغاصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب هبذا اإلبراء‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يربأ‬
‫الغاصب هبذا اإلبراء‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)313 :‬والكايف (‪ ،)225 /2‬واملغين (‪ ،)205 /5‬واحملرر (‪ ،)361 /1‬والشرح الكبري (‪/5‬‬
‫‪ ،)436‬والفروع (‪ ،)242 /7‬وشرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪ ،)180 /4‬واملبدع (‪ ،)44 /5‬واإلنصاف (‪/6‬‬
‫‪ ،)199‬وكشاف القناع (‪ ،)109 /4‬وشرح املنتهى (‪ ،)319 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)57 /4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)225 /2‬والفروع (‪ ،)242 /7‬واملبدع (‪ ،)44 /5‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)338 /6‬وكشاف القناع‬
‫(‪ ،)109 /4‬وشرح املنتهى (‪ ،)319 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)57 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)200 /5‬واملبدع (‪ ،)35 /5‬واإلنصاف (‪ ،)170 /6‬واإلقناع (‪.)348 /2‬‬
‫‪- 285 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬تفسير (من) في قول الفتوحي‪" :‬وما صحت‬
‫إجارته من مغصوب ومقبوض بعقد فاسد فعلى قابض وغاصب‬
‫أجرة مثله مدة بقائه بيده" بأنها تبعيضية ال بيانية‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬وما ص ـ ــحت إجارته من مغص ـ ــوب ومقبوض بعقد فاس ـ ــد‪،‬‬
‫فعلى غاص ـ ـ ـ ـ ــب وقابض أجر مثله مدة مقامه بيده"(‪ ،)1‬فهل (من) يف العبارة الس ـ ـ ـ ـ ــابقة‬
‫تبعيضــية‪ ،‬فيكون احلكم واقعا على بعض حاالت الغصــب والقبض بعقد فاســد‪ ،‬أم أهنا‬
‫بيانية‪ ،‬فيدخل يف احلكم مجيع حاالت الغصب والقبض بعقد فاسدت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫(من) يف العب ــارة امل ــذكورة تبعيض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ــة‪ ،‬فيكون احلكم واقع ــا على بعض ح ــاالت‬
‫الغص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب والقبض بعقــد فـاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ ،‬وهـذا قول حممــد اخللويت‪ ،‬قـال ¬‪" :‬قولـه‪( :‬من‬
‫مغصوب) (من) تبعيضية ال بيانية"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫(من) يف العبارة املذكورة بيانية‪ ،‬فيدخل يف احلكم مجيع حاالت الغصـ ــب والقبض‬
‫بعقد فاسـ ـ ـ ــد‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬ال خيفى عدم ظهور التبعيض؛ ألن‬
‫ضابطه صحة حلول بعض يف حملها‪ ،‬فلو قيل‪ :‬وما صحت إجارته بعض مغصوب‪. . .‬‬
‫إخل ملا كان له معىن‪ ،‬إذ املتبادر إذن أن يكون بدال من (ما)‪ ،‬فالصـواب أهنا للبيان ملا يف‬
‫(ما) من اإلهبام‪ ،‬فتدبر"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)200 /3‬‬


‫(‪ )2‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)378 /3‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)200 /3‬‬
‫‪- 286 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ميكن أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدل هلذا القول بأن اخللويت ¬ جعل (من) تبعيض ـ ـ ـ ـ ـ ــية؛ لوجود‬
‫حاالت ال يس ـ ــتحق مالك الغص ـ ــب فيها أجرة تلف املنفعة حتت يد الغاص ـ ــب‪ ،‬كما لو‬
‫غصب طائرا لسماع صوته‪ ،‬أو غصب فحال ليستطرقه على غنمه‪ ،‬فاألجرة ال تستحق‬
‫مقابل هذه املنفعة‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن ض ــابك من اليت للتبعيض ص ــحة حلول "بعض" يف حملها(‪ ،)1‬والعبارة املذكورة‬
‫ال تسـ ــتقيم عند إحالل "بعض" حمل "من"؛ ألنه سـ ــيكون التقدير‪ :‬وما صـ ــحت إجارته‬
‫بعض مغصوب‪ . . .‬إخل(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن قول عثمان ¬ أوجه؛ للدليل الذي ذكره‪ ،‬وألن إخرا الصـ ـ ـ ــور اليت‬
‫ال جتب فيها األجرة قد حص ـ ـ ـ ـ ـ ــل بقول املؤلف‪" :‬وما ص ـ ـ ـ ـ ـ ــحت إجارته"(‪ ،)3‬فال حاجة‬
‫للتبعيض‪ ،‬بل كل ما ص ـ ـ ـ ـ ــحت إجارته وجبت فيه األجرة حال الغص ـ ـ ـ ـ ــب والقبض بعقد‬
‫فاسد‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪ ،‬وقد يقال إن قول اخللويت قد ةحيتج به على وجود صور ال تستحق‬
‫هبا األجرة حال تلف املنفعة املتقومة حتت يد الغاص ـ ـ ـ ــب أو القابض بعقد فاس ـ ـ ـ ــد‪ ،‬وأما‬
‫قول عثمان فإنه حيسم النزاع يف إجياد صور ال تةستحق فيها األجرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب (ص‪ ،)420 :‬والقواعد والفوائد األصولية البن اللحام (ص‪.)207 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)200 /3‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)200 /3‬‬
‫‪- 287 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬حكم قبول الصدقة من مال مغصوب‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫يذكر احلنابلة أن من وقع يف يده مال مغص ـ ـ ــوب فإن له التص ـ ـ ــدق به إن مل ميكنه‬
‫رده‪ ،‬وعليه فهل يلزم املتص ــدق أن ينوي هذه الص ــدقة عن أص ــحاب املال‪ ،‬أم ال يلزمه‪،‬‬
‫وإن قلنا إنه يلزمه ذلك‪ ،‬فهل جيوز للفقراء قبوهلا منه مع علمهم بالغصـ ـ ـ ـ ــب‪ ،‬وأنه مل ينو‬
‫الصدقة عن مالكهات‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ال يلزم املتصـ ـ ـ ــدق أن ينوي الصـ ـ ـ ــدقة عن أصـ ـ ـ ــحاب املال‪ ،‬ويصـ ـ ـ ــح للفقراء قبول‬
‫الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدقة منه مطلقا‪ ،‬وهذا ظاهر قول ابن رجب‪ ،‬قال ¬‪(" :‬القاعدة السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابعة‬
‫والتس ـ ـ ـ ـ ـ ــعون)‪ :‬من بيده مال أو يف ذمته دين يعرف مالكه‪ ،‬ولكنه غائب يرجى قدومه‪،‬‬
‫تافها‪ ،‬فله الصدقة به عنه‪،‬‬ ‫فليس له التصرف فيه بدون إذن احلاكم‪ ،‬إال أن يكون يسريا ً‬
‫نص عليه يف مواض ــع‪ ،‬وإن كان قد أيس من قدومه بأن مض ــت مدة جيوز فيها أن تزو‬
‫امرأته ويقسم ماله وليس له وارث‪ ،‬فهل جيوز التصرف يف ماله بدون إذن احلاكمت‬
‫قد يتخر على وجهني‪ ،‬أص ـ ـ ــلهما الروايتان يف امرأة املفقود‪ :‬هل تتزو بدون إذن‬
‫احلاكم أم الت واملنصوص يف رواية صاحل جواز التصدق به‪ ،‬ومل يعترب حاكما"(‪.)1‬‬
‫مث قال‪(" :‬ومنها)‪ :‬الودائع اليت جهل ةمال ةكها؛ جيوز التصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدق هبا بدون حاكم‪،‬‬
‫نص عليه‪ ،‬وكذلك إن فقد ومل يطلع على خربه وليس له ورثة؛ تص ـ ـ ـ ـ ــدق به‪ ،‬نص عليه‪،‬‬
‫حاكما‪ ،‬قال القاض ـ ـ ـ ـ ـ ــي يف "اجملرد"‪ :‬فيحتمل أن حيمل على إطالقه؛ ألنه من‬‫ً‬ ‫ومل يعترب‬
‫فعل املعروف‪ ،‬وحيتمل أن حيمل عند تعذر إذن احلاكم؛ ألن هذا املال مص ـ ــرفه إىل بيت‬
‫املال‪ ،‬وتفرقة مال بيت املال موكول إىل اجتهاد اإلمام‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫والص ـ ــحيح اإلطالق‪ ،‬وبيت املال ليس بوارث على املذهب املش ـ ــهور‪ ،‬وإمنا حيفظ‬
‫فيه املال الضــائع‪ ،‬فإذا أيس من وجود صــاحبه؛ فال معىن للحفظ‪ ،‬ومقصــود الصــرف يف‬

‫(‪ )1‬قواعد ابن رجب (‪.)378 /2‬‬


‫‪- 288 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫مصــلحة املالك حتصــل بالصــدقة به عنه‪ ،‬وهو أوىل من الصــرف إىل بيت املال؛ ألنه رمبا‬
‫صرف عند فساد بيت املال إىل غري مصرفه‪.‬‬
‫ضـ ـا؛ فالفقراء مس ــتحقون من مال بيت املال‪ ،‬فإذا وص ــل إليهم هذا املال على‬ ‫وأي ً‬
‫غري يد االمام؛ فقد حص ـ ـ ـ ــل املقص ـ ـ ـ ــود‪ ،‬وهلذا قلنا على أحد الوجهني‪ :‬إذا فرق األجنيب‬
‫الوصــية‪ ،‬وكانت لغري معني كالفقراء؛ فإهنا تقع املوقع‪ ،‬وال يضــمن كما لو كانت الوصــية‬
‫ملعني‪.‬‬
‫وعلى هذا األصل يتخر جواز أخذ الفقري الصدقة من يد من ماله حرام؛ كقطاع‬
‫الطريق‪ ،‬وأفىت القاضي وازه"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول القاض ـ ـ ـ ـ ـ ــي‪ ،‬فيما نقله عنه ابن رجب‪ ،‬كما أن هذا القول قد‬
‫يفهم من إطالق ص ـ ـ ــاحب احملرر(‪ )2‬واإلنص ـ ـ ــاف(‪ )3‬والغاية(‪ )4‬القول بعدم ض ـ ـ ــمان من‬
‫متلك املغصوب بال عوض ‪ -‬كاملتصدق عليه ‪ ،-‬وعدم تقييدهم ذلك باجلهل(‪.)5‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يلزم املتص ـ ــدق أن ينوي الص ـ ــدقة عن أص ـ ــحاب املال‪ ،‬فإن مل ينوها عنهم‪ ،‬وأخذ‬
‫الصــدقة فقري يعلم الغصــب‪ ،‬ويعلم أن املتصــدق مل ينو الصــدقة عن أصــحاب املال‪ ،‬فإن‬
‫يد املتصــدق عليه يف هذه احلال من األيدي العشــرة املرتتبة على يد الغاصــب‪ ،‬وهذا هو‬
‫تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد نقله قول ابن رجب‪" :‬وعلى هذا األص ـ ـ ـ ـ ـ ــل يتخر جواز‬
‫وازه"(‪)6‬‬ ‫أخذ الفقري الص ـ ـ ـ ـ ــدقة من يد من ماله حرام؛ كقطاع الطريق‪ ،‬وأفىت القاض ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫قال‪" :‬أقول‪ :‬إمنا يظهر هذا التخريج أن لو قص ــد املتص ــدق جعل الثواب لرب املتص ــدق‬

‫(‪ )1‬قواعد ابن رجب (‪.)382 - 381 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)362 /1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)183 /6‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)770 /1‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪.)351 /2‬‬
‫(‪ )6‬قواعد ابن رجب (‪.)382 - 381 /2‬‬
‫‪- 289 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫به‪ ،‬كما يف مس ـ ـ ــألتنا‪ ،‬فيجوز قبول الصـ ـ ـ ــدقة إذن‪ ،‬وإال فيد املتصـ ـ ـ ــدق عليه من األيدي‬
‫العشرة املرتتبة على يد الغاصب‪ ،‬كما تقدم"(‪.)1‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول كثري من احلنابلة‪ ،‬إذ إهنم نصوا على أن من ةوهب ماال‬
‫مغصــوبا‪ ،‬وكان عاملا بأنه مغصــوب‪ ،‬فإنه يضــمنه‪ ،‬نص على ذلك أبو اخلطاب(‪ ،)2‬وابن‬
‫قدامة(‪ ،)3‬والش ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)4‬وص ـ ـ ـ ـ ــاحب الوجيز(‪ ،)5‬والفروع(‪ ،)6‬والقواعد األص ـ ـ ـ ـ ـ ـولية(‪،)7‬‬
‫واملبدع(‪ ،)8‬واإلنصــاف(‪ ،)9‬واإلقناع(‪ ،)10‬كما أن هذا القول قد يفهم ممن نص على أن‬
‫للغاصـ ــب الصـ ــدقة باملغصـ ــوب عن مالكه‪ ،‬فتقييدهم الصـ ــدقة بأهنا عن املالك ميكن أن‬
‫يفهم منــه مــا ذكره الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ عثمــان‪ ،‬وممن نص على ذلــك ابن قــدامــة(‪ ،)11‬وش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)203 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪.)316 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)204 /5‬والكايف (‪.)227 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)419 /5‬‬
‫(‪ )5‬الوجيز (ص‪.)243 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)246 /7‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬القواعد والفوائد األصولية البن اللحام (ص‪.)388 :‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)35 /5‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)170 /6‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)348 /2‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪.)222 :‬‬
‫‪- 290 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫اإلســالم(‪ ،)1‬وصــاحب الوجيز(‪ ،)2‬واملبدع(‪ ،)3‬واإلنصــاف(‪ ،)4‬واإلقناع(‪ ،)5‬واملنتهى(‪،)6‬‬


‫والغاية(‪ ،)7‬وأخصر املختصرات(‪.)8‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫القول واز أخــذ الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدقــة ممن مــالــه حرام هو ختريج على مــا ذكروه من جواز‬
‫الصدقة باملغصوب(‪.)9‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ذكر صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب املنتهى عند ذكره األيدي املرتتبة على يد الغاصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب‪ :‬اليد اليت‬
‫أخذت املغص ـ ــوب بال عوض‪ ،‬واش ـ ــرتط "اجلهل" لعدم ض ـ ــماهنا‪ ،‬قال ¬‪" :‬ويف متلك‬
‫بال عوض‪ ،‬وعقــد أمــانــة‪ - ،‬مع جهــل ‪ -‬يرجع متملــك وأمني بقيمــة عني ومنفعــة‪ ،‬وال‬
‫يرجع غاص ـ ـ ـ ــب بش ـ ـ ـ ــيء"(‪ ،)10‬فمفهوم كالمه أنه إن مل يكن املتملك للمغص ـ ـ ـ ــوب بال‬
‫عوض جاهال‪ ،‬فإنه ال يرجع على الغاصب بشيء‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)263 /29‬وخمتصر الفتاوى املصرية (ص‪.)334 - 333 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الوجيز (ص‪.)245 – 244 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)48 /5‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)212 /6‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)353 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)203 /3‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)776 /1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬أخصر املختصرات (ص‪.)192 :‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪.)382 /2‬‬
‫(‪ )10‬منتهى اإلرادات (‪.)191 - 190 /3‬‬
‫‪- 291 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن ما ذكره الش ـ ـ ـ ــيخ عثمان ص ـ ـ ـ ــحيح يف اجلملة‪ ،‬للدليل الذي ذكره‪،‬‬
‫ولنص احلنابلة على ض ـ ـ ـ ـ ــمان املتهب املال الذي أخذه إذا كان يعلم أنه مغص ـ ـ ـ ـ ــوب(‪،)1‬‬
‫وألن قبول الص ـ ــدقة يف تلك احلال فيه نوع إقرار للغاص ـ ــب مبلكه للعني املغصـ ـ ــوبة‪ ،‬وفيه‬
‫تواطؤ وإعانة له على غصبه‪.‬‬
‫وقد أش ــار ابن رجب ¬ إىل ذات املعىن الذي ذكره الش ــيخ عثمان‪ ،‬قال ¬‬
‫يف القواعد‪" :‬لو تصدق الغاصب باملال؛ فإنه ال تقع الصدقة له وال يثاب عليه"(‪.)2‬‬
‫وقال يف جامع العلوم واحلكم‪" :‬واعلم أن الصدقة باملال احلرام تقع على وجهني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن يتصدق به اخلائن أو الغاصب وحنومها‪ ،‬عن نفسه‪ ،‬فهذا هو املراد من‬
‫هذه األحاديث أنه ال يتقبل منه‪ :‬مبعىن أنه ال يؤجر عليه‪ ،‬بل يأمث بتصـ ـ ـ ــرفه يف مال غريه‬
‫بغري إذنه"(‪ ،)3‬مث قال‪" :‬الوجه الثاين من تص ـ ـ ـ ــرفات الغاص ـ ـ ـ ــب يف املال املغص ـ ـ ـ ــوب‪ :‬أن‬
‫يتصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدق به عن صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحبه إذا عجز عن رده إليه أو إىل ورثته‪ ،‬فهذا جائز عند أكثر‬
‫العلماء‪ ،‬منهم مالك‪ ،‬وأبو حنيفة‪ ،‬وأمحد وغريهم"(‪.)4‬‬
‫وعليه فالظاهر أن األوىل محل خترجيه الذي ذكره على الوجه الثاين‪ ،‬ال على الوجه‬
‫األول‪.‬‬
‫ولعل عدم تقييد ابن رجب التخريج الذي ذكره مبا ذكره الش ـ ــيخ عثمان راجع إىل‬
‫واحد من سببني‪:‬‬
‫الس ــبب األول‪ :‬ندرة وقوع املس ــألة اليت أش ــار إليها الش ــيخ عثمان‪ ،‬إذ إن األص ــل‬
‫فيمن أةعطي صــدقة أنه ال يســأل عن مصــدرها‪ ،‬وهل هي مغصــوبة أم ال‪ ،‬بله أن يســأل‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)316 :‬واملغين (‪ ،)204 /5‬والكايف (‪ ،)227 /2‬والشرح الكبري (‪ ،)419 /5‬والوجيز (ص‪:‬‬
‫‪ ،)243‬والفروع (‪ ،)246 /7‬والقواعد والفوائد األصولية البن اللحام (ص‪ ،)388 :‬واملبدع (‪ ،)35 /5‬واإلنصاف‬
‫(‪ ،)170 /6‬واإلقناع (‪.)348 /2‬‬
‫(‪ )2‬قواعد ابن رجب (‪.)449 /3‬‬
‫(‪ )3‬جامع العلوم واحلكم (‪.)265 - 264 /1‬‬
‫(‪ )4‬جامع العلوم واحلكم (‪.)267 /1‬‬
‫‪- 292 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الغاصـ ـ ـ ــب عمن ينوي الصـ ـ ـ ــدقة عنه‪ ،‬ولذا مل ينبه الفتوحي والبهويت يف شـ ـ ـ ــرحيهما على‬
‫املنتهى(‪ )1‬على مسـ ـ ــألة ما لو علم متملك املغصـ ـ ــوب بال عوض أنه مغصـ ـ ــوب‪ ،‬مع أنه‬
‫منصــوص عليه يف املنت(‪ ،)2‬كما أن صــاحيب اإلنصــاف(‪ )3‬والغاية(‪ )4‬مل يذكرا قيد اجلهل‬
‫عند ذكرهم ملن متلك املغصوب بال عوض‪ ،‬بل نصوا فيه على ضمان الغاصب مطلقا‪.‬‬
‫الس ـ ـ ـ ــبب الثاين‪ :‬أن ابن رجب ¬ قال‪" :‬ويتخر على هذا األص ـ ـ ـ ــل"(‪ ،)5‬فقد‬
‫يكون قصد ب ـ ـ ـ ـ ـ ــ"األصل" تصدق من حتت يده مال حرام هبذا املال عن صاحبه‪ ،‬ال عن‬
‫نفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬وعليه فال حاجة حينئذ للتقييد‪ ،‬ومما يؤيد أنه قصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ذلك‪ ،‬قوله قبل ذكره‬
‫التخريج‪" :‬ومقصود الصرف يف مصلحة املالك حتصل بالصدقة به عنه"(‪.)6‬‬
‫وعليه فيقال‪ :‬ال ميكن يف اجلملة القول بأن تعقب عثمان على ابن رجب متجه‪،‬‬
‫ولكن يقال‪ :‬لو قيد ابن رجب عبارته مبا ذكره الشيخ عثمان لكان أوىل‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا عةرض ــت على فقري ص ــدقة ممن يعلم أن ماله مغص ــوب‪ ،‬ويعلم أنه تص ــدق عن‬
‫نفس ـ ـ ــه‪ ،‬ال عن ص ـ ـ ــاحب املال‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬جيوز له أخذ هذه الص ـ ـ ــدقة‪ ،‬وعلى‬
‫القول الثاين‪ :‬ال جيوز له أخذ هذه الصدقة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)320 /6‬و شرح املنتهى (‪.)312 /2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)191 - 190 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)183 /6‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)770 /1‬‬
‫(‪ )5‬قواعد ابن رجب (‪.)382 /2‬‬
‫(‪ )6‬قواعد ابن رجب (‪.)381 /2‬‬
‫‪- 293 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬وجوب رد ثوب غيره الذي أطارته الريح إلى داره‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املودع) فهي بعده أمانة‪ ،‬حكمها يف‬
‫قال احلجاوي ¬‪" :‬فإن عزل نفســه (أي‪َ :‬‬
‫يــده حكم الثوب الــذي أطــارتــه الريح إىل داره‪ :‬جيــب رده‪ ،‬فــإن تلف قبــل التمكن من‬
‫رده‪ :‬فهدر"(‪ ،)1‬فهل قوله هذا يعين أن من أطارت الريح ثوبا إىل داره أنه يض ـ ـ ـ ـ ــمن هذا‬
‫الثوب إن تلف بعد التمكن من رده‪ ،‬أم أنه ال يضمن إال إن كتم وجود الثوب عندهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫من أطارت الريح ثوبا إىل داره فإنه يض ـ ــمن هذا الثوب إن تلف بعد التمكن من‬
‫رده‪ ،‬وهذا قول منصور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬و(هي) أي‪ :‬الوديعة (بعده) أي‪ :‬بعد عزله‬
‫نفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه (أمانة حكمها) ما دامت (يف يده حكم الثوب الذي أطارته الريح إىل داره)؛‬
‫ألنه مل يتعد بوضـ ــع يده عليها‪ ،‬وإذن رهبا له يف حفظها بطل بعزله نفسـ ــه‪( ،‬جيب) عليه‬
‫(رده) إىل ربــه فورا مع التمكن؛ لعــدم إذن ربــه يف بقــائــه بيــده‪( ،‬فــإن تلف) املــال املودع‬
‫عند الوديع بعد عزله نفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬أو الثوب الذي أطارته الريح إىل داره (قبل التمكن من‬
‫رده‪ ،‬فهدر) ال ضـ ـ ــمان فيه‪ ،‬وفهم منه أنه إن تلف بعد متكنه من رده أنه يضـ ـ ــمنه؛ ألنه‬
‫متعد بإمساكه فوق ما يتمكن فيه من الرد"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول ص ـ ــاحب املمتع(‪ ،)3‬واإلنص ـ ــاف(‪ ،)4‬واخللويت(‪ ،)5‬وص ـ ــاحب‬
‫نيل املآرب(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)378 /2‬‬


‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)168 - 167 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)99 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)316 /6‬و(‪.)431 /6‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)181 /3‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬نيل املارب بشرح دليل الطالب (‪.)348 /1‬‬
‫‪- 294 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫من أطارت الريح ثوبا إىل داره‪ ،‬فإنه ال يضـ ـ ـ ـ ــمن هذا الثوب إن تلف بعد التمكن‬
‫من رده‪ ،‬إال إن كتم وجود هذا الثوب عنده‪ ،‬فلم خيرب به ربه‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬وقد ســبق لصــاحب اإلقناع يف الغصــب أنه إذا أطارت الريح ثوب غريه إىل‬
‫داره‪ ،‬أو حصل يف داره حيوان‪ ،‬أو طائر غري ممتنع‪ ،‬فإن الواجب حفظه‪ ،‬وإعالم صاحبه‬
‫إن عرفه(‪ .)1‬ومقتضاه عدم وجوب الرد"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)3‬والشارح(‪ ،)4‬وصاحب القواعد(‪ ،)5‬واملبدع(‪،)6‬‬
‫والغاية(‪.)7‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن من ســقك ثوب يف داره إذا أمســكه بعد التمكن من الرد فهو متعد يف ذلك‪،‬‬
‫املودع) فهي بعده أمانة‪ ،‬حكمها يف يده‬
‫ولظاهر قول احلجاوي‪" :‬فإن عزل نفســه (أي‪َ :‬‬
‫حكم الثوب الــذي أطــارتــه الريح إىل داره‪ :‬جيــب رده‪ ،‬فــإن تلف قبــل التمكن من رده‪:‬‬
‫فهدر"(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬قال يف اإلقناع (‪" :)357 /2‬وإن ألقت الريح إىل داره ثوب غريه لزمه حفظه؛ ألنه أمانة‪ ،‬فإن مل يعرف صاحبه فهو‬
‫لقطة‪ ،‬وإن عرفه لزمه إعالمه‪ ،‬فإن مل يفعل ضمنه"‪.‬‬
‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪ ،)251 /3‬وينظر‪.)264 /3( :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)230 /2‬واملغين (‪.)446 /6‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)323 /7‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪.)289 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)55 /5‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)777 /1‬‬
‫(‪ )8‬اإلقناع (‪ ،)378 /2‬وينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)168 /4‬‬
‫‪- 295 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن من س ـ ـ ـ ـ ـ ــقك ثوب يف داره ال جتب عليه مؤنة الرد‪ ،‬وإمنا الواجب التمكني من‬
‫األخذ‪ ،‬فال جيب عليه الضمان إال إن فرط يف التمكني من األخذ(‪ ،)1‬ولقول احلجاوي‪:‬‬
‫"وإن ألقت الريح إىل داره ثوب غريه لزمه حفظه؛ ألنه أمانة‪ ،‬فإن مل يعرف صــاحبه فهو‬
‫لقطة‪ ،‬وإن عرفه لزمه إعالمه‪ ،‬فإن مل يفعل ض ـ ــمنه"(‪ ،)2‬وقوله أيض ـ ــا‪" :‬ومن حص ـ ــل يف‬
‫يده أمانة بغري رضـ ـ ـ ـ ـ ــا صـ ـ ـ ـ ـ ــاحبها ‪-‬كاللقطة‪ ،‬ومن أطارت الريح إىل داره ثوبا ‪ -‬وجبت‬
‫املبــادرة إىل الرد مع العلم بص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحبهــا والتمكن منــه‪ .‬وكــذا إعالمــه‪ ،‬ذكره مجع‪ ،‬قــال يف‬
‫اإلنصاف‪ :‬وهو مراد غريهم"(‪ ،)3‬قال البهويت يف شرحه‪" :‬أي الواجب عليه أحد أمرين‪:‬‬
‫إما الرد‪ ،‬أو اإلعالم"(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن الراجح هو ما ذهب إليه الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ عثمان ¬؛ وذلك مجعا بني‬
‫نص ـ ــوص ـ ــهم‪ ،‬وللتعليل الذي ذكره‪ ،‬ولتص ـ ـريح ص ـ ــاحيب القواعد واإلنص ـ ــاف على أن من‬
‫اختار وجوب الرد‪ ،‬فإنه يقص ـ ــد بذلك أن له الرد أو اإلعالم(‪ ،)5‬ولتفس ـ ــري البهويت كالم‬
‫احلجاوي بذلك(‪ ،)6‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من أطارت الريح ثوبا إىل داره‪ ،‬ومتكن من رده إىل صــاحبه‪ ،‬فلم يرده‪ ،‬وإمنا أعلمه‬
‫بوجوده عنــده‪ ،‬مث تلف هــذا الثوب‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يض ـ ـ ـ ـ ـ ــمن الثوب‪ ،‬وعلى القول‬
‫الثاين‪ :‬ال يضمن‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪.)290 /1‬‬


‫(‪ )2‬اإلقناع (‪.)357 /2‬‬
‫(‪ )3‬اإلقناع (‪ ،)383 /2‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)344 /6‬‬
‫(‪ )4‬كشاف القناع (‪ ،)182 /4‬وينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)264 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب (‪ ،)290 - 289 /1‬واإلنصاف (‪.)344 /6‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)182 /4‬وحاشية املنتهى (‪.)264 /3‬‬
‫‪- 296 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬إخراج الوديعة لغشيان شيء الغالب منه الهالك‪،‬‬
‫إن كان ربها نهاه عن إخراجها‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املودع الوديع من إخرا الوديعة‪ ،‬فغش ــي مكان الوديعة ش ــيء الغالب منه‬ ‫إذا هنى ِ‬
‫اهلالك‪ ،‬فهــل جيوز لــه إخراجهــا ونقلهــا مطلقــا‪ ،‬أم يقــال‪ :‬إنــه يلزمــه دفعهــا لرهبــا‪ ،‬فــإن مل‬
‫يستطع فله نقلها إذنت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫املودع الوديع من إخرا الوديعة‪ ،‬فغش ــي مكان الوديعة ش ــيء الغالب منه‬ ‫إذا هنى ِ‬
‫اهلالك‪ ،‬فله إخراجها ونقلها مطلقا‪ ،‬وال يض ـ ــمنها إن تلفت حينئذ‪ ،‬وهذا قول الفتوحي‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬وإن هناه عن إخراجها‪ ،‬فأخرجها لغش ـ ـ ـ ـ ــيان ش ـ ـ ـ ـ ــيء الغالب منه اهلالك‪ ،‬مل‬
‫يضمن"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول اخلرقي(‪ ،)2‬وأبو اخلطاب(‪ ،)3‬والسـ ـ ـ ــامري(‪ ،)4‬وابن قدامة(‪،)5‬‬
‫واجملد(‪ ،)6‬والشارح(‪ ،)7‬وابن املنجا(‪ ،)8‬والزركشي(‪ ،)9‬وصاحب الوجيز(‪،)10‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)253 – 252 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬خمتصر اخلرقي (ص‪.)95 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪.)306 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املستوعب (‪.)43 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)210 /2‬واملغين (‪.)441 /6‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)363 /1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)286 /7‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)91 /3‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬شرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪.)580 /4‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬الوجيز (ص‪.)250 :‬‬
‫‪- 297 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫والفروع(‪ ،)1‬واملبدع(‪ ،)2‬واإلنصاف(‪ ،)3‬واإلقناع(‪ ،)4‬والغاية(‪ ،)5‬وشرح املنتهى(‪.)6‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫املودع الوديع من إخرا الوديعة‪ ،‬فغش ــي مكان الوديعة ش ــيء الغالب منه‬ ‫إذا هنى ِ‬
‫اهلالك‪ ،‬فإنه يلزم الوديع دفعها لرهبا‪ ،‬فإن مل يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتطع فله نقلها إذن‪ ،‬وهذا هو تعقب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬ تعليقا على عبارة الفتوحي املذكورة يف القول املتعقب‪" :‬لعله مقيد مبا‬
‫إذا مل ميكنه ردها إىل صــاحبها‪ ،‬وإال ضــمن‪ ،‬كما يعلم من قوله اآليت‪( :‬ومن أراد ســفرا‪،‬‬
‫أو خاف عليها عنده)(‪ ،)7‬واهلل أعلم"(‪.)8‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن نقلها يف هذه احلال تعني حفظا هلا‪ ،‬وهو مأمور حبفظها(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)210 /7‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)87 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)318 /6‬وقال‪" :‬هذا املذهب‪ .‬وعليه األصحاب‪ .‬وال أعلم فيه خالفا"‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)378 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)796 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)353 /2‬‬
‫(‪ )7‬منتهى اإلرادات (‪.)257 /3‬‬
‫(‪ )8‬حاشية املنتهى (‪.)253 /3‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)441 /6‬وشرح الزركشي على خمتصر اخلرقي (‪ ،)580 /4‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)443 /6‬وكشاف‬
‫القناع (‪ ،)169 /4‬وشرح املنتهى (‪.)353 /2‬‬
‫‪- 298 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫القول بلزوم تس ـ ـ ـ ـ ـ ــليمها لرهبا‪ ،‬هو مجع بني قول املؤلف‪" :‬وإن هناه عن إخراجها‪،‬‬
‫فأخرجها لغشــيان شــيء الغالب منه اهلالك‪ ،‬مل يضــمن"(‪ ،)1‬وقوله‪" :‬ومن أراد ســفرا‪ ،‬أو‬
‫خاف عليها عنده‪ ،‬ردها إىل مالكها"(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن اسـتدراك عثمان ¬ غري وجيه؛ إذ الظاهر أن عبارة الفتوحي يف‬
‫املوض ـ ـ ـ ـ ـ ــع األول تنص ـ ـ ـ ـ ـ ــرف إىل‪ :‬مـا لو خـاف على الوديعــة‪ ،‬ولكنــه مل يكن عـاجزا عن‬
‫حفظها‪ ،‬فله يف هذه احلال نقلها إىل موضع آخر‪ ،‬والعبارة الثانية مفروضة فيما لو عجز‬
‫عن احلفظ‪ ،‬وقد أشـ ـ ـ ــار البهويت ¬ يف عمدة الطالب هلذا املعىن‪ ،‬فقال‪" :‬وإن حدث‬
‫خوف عام ردها على رهبا"(‪ ،)3‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫املودع الوديع من إخرا الوديعة‪ ،‬فغش ــي مكان الوديعة ش ــيء الغالب منه‬‫إذا هنى ِ‬
‫اهلالك‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬جيوز للوديع إخراجهــا ونقلهــا مطلقــا‪ ،‬وعلى القول الثــاين‪:‬‬
‫يلزم الوديع دفعها لرهبا‪ ،‬فإن مل يفعل مع القدرة ضمن‪ ،‬فإن مل يستطع فله نقلها إذن‪.‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)253 – 252 /3‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)257 /3‬‬
‫(‪ )3‬عمدة الطالب لنيل املآرب (‪.)167 /1‬‬
‫‪- 299 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعقب في مسألة عزل الحاكم والناظر ألجنبي واله‬
‫لفسقه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ عند ذكره شــروط الناظر الذي يعني من قبل اإلمام أو الناظر‪:‬‬
‫"ويف أجنيب ‪-‬واليته من حاكم أو ناظر‪ -‬عدالة‪ ،‬فإن فس ـ ـ ـ ـ ـ ــق عةزل"(‪ ،)1‬فهل الفس ـ ـ ـ ـ ـ ــق‬
‫لوحده سبب كاف لعزل الناظر‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫الفس ــق لوحده ليس س ــببا كافيا لعزل الناظر األجنيب الذي واله احلاكم أو الناظر‪،‬‬
‫وقد نسب عثمان هذا القول إىل حممد اخللويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬عزل) الظاهر أنه ال‬
‫ينعزل مبجرد الفسق‪ .‬شيخنا حممد اخللويت"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫الفس ـ ـ ـ ـ ــق لوحده س ـ ـ ـ ـ ــبب كاف لعزل الناظر األجنيب الذي واله احلاكم أو الناظر‪،‬‬
‫وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد نقله قول اخللويت‪ " :‬أقول‪ :‬بل املفهوم من شــرح‬
‫املصنف‪ :‬أنه ينعزل مبجرد الفسق"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)359 - 358 /3‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)359 /3‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)359 /3‬‬
‫‪- 300 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول ص ـ ــاحب املبدع(‪ ،)1‬واإلنص ـ ــاف(‪ ،)2‬واإلقناع(‪ ،)3‬والغاية(‪،)4‬‬
‫وشرح املنتهى(‪ ،)5‬وكشف املخدرات(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫اسـ ــتدل عثمان ¬ بش ــرح الفتوحي‪ ،‬وقد قال الفتوحي يف ش ــرحه‪(" :‬و) ش ــرط‬
‫(يف) ناظر (أجنيب) أي‪ :‬غري موقوف عليه‪ .‬س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء كانت (واليته من حاكم)‪ ،‬كما لو‬
‫وقف على مجاعة غري حمص ـ ــورين ومل يعني ناظرا‪ ،‬ففوض ـ ــه احلاكم إىل إنس ـ ــان‪( ،‬أو) كان‬
‫تفويضـ ـ ــه من (ناظر) عل الواقف له ذلك‪ ،‬أو بدونه إن جاز للوكيل التوكيل زيادة على‬
‫الشــروط املتقدمة‪( :‬عدالة) يف املفوض إليه النظر‪ .‬قال احلارثي(‪ : )7‬بغري خالف علمته؛‬
‫ألهنا والية على مال‪ ،‬فاش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتط هلا العدالة‪ ،‬كالوالية على مال اليتيم‪( .‬فإن) فوض إليه‬
‫مع عــدالتــه مث (فس ـ ـ ـ ـ ـ ــق) بعــد ذلــك (عزل) بــالبنــاء للمفعول؛ ألهنــا واليــة على حق غريه‬
‫فنفاها الفسق"(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)172 /5‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)67 /7‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)15 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)18 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)414 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)516 /2‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬مسعود بن أمحد بن مسعود بن زيد بن عباس احلارثي البغدادي مث املصري الفقيه احلافظ قاضى القضاة سعد‬
‫الدين أبو حممد‪ ،‬تفقه على ابن أيب عمر ابن قدامة‪ ،‬صاحب الشرح‪ ،‬وكان بارعا يف علم احلديث‪ ،‬تويف ¬ سنة‬
‫إحدى عشرة وسبعمائة‪ .‬ذيل طبقات احلنابلة (‪ ،)387 /4‬واملقصد االرشد (‪.)29 /3‬‬
‫(‪ )8‬معونة أويل النهى (‪.)218 /7‬‬
‫‪- 301 -‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعقبات يف املعامالت املالية‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ما ذكره الشــيخ عثمان ¬ متجه‪ ،‬وهو مدلول قول صــاحب املنتهى كما صــرح‬
‫بذلك يف شرحه‪ ،‬وقد تعاقب علماء املذهب على هذا القول‪.‬‬
‫وأما القول الذي نس ــبه عثمان إىل اخللويت فلم يص ــرح به اخللويت يف حاش ــيته على‬
‫املنتهى(‪ ،)1‬وال يف حاشيته على اإلقناع(‪ ،)2‬وقد يكون مما مسعه عثمان من اخللويت‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا عني احلــاكم أو النــاظر نــاظرا على الوقف‪ ،‬ففس ـ ـ ـ ـ ـ ــق هــذا النــاظر‪ ،‬فعلى القول‬
‫األول‪ :‬ال يعزل من النظارة جملرد الفس ـ ـ ـ ـ ـ ــق‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يعزل من النظارة ألجل‬
‫ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)489 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على اإلقناع (ص‪.)550 :‬‬
‫‪- 302 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات‬


‫واألطعمة‪.‬‬

‫وفيه خمسة مباحث‪.‬‬


‫• المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب الوصايا وكتاب الفرائ ‪.‬‬
‫• المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب العتق‪.‬‬
‫• المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الصداال وكتاب الطالال‬
‫وكتاب اإليالء‪.‬‬
‫• المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب اللعان وكتاب العدد‪.‬‬
‫• المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الجنايات وكتاب‬
‫الحدود وكتاب األوعمة‪.‬‬

‫‪- 303 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التعقبات في كتاب الوصايا وكتاب‬


‫الفرائض‪.‬‬
‫وفيه أربعة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬حكم ولد األمة الموصى بها لزوجها الحر الذي حملت به بعد‬
‫موت الموصي وقبل قبول الوصية‪ ،‬ووضعته بعد القبول‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬من علقت الوصية له بحضوره قبل الموت‪ ،‬وقد أوصي لغيره‪،‬‬
‫فحضر بعده‪ ،‬وقبل قبول من أوصي له أوال‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬علة صحة وصية الموصي إن قال لورثته‪" :‬أعطوا ثلثي أحدهما"‪.‬‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬ما ترثه من عتيق عتيقها من أعتقت وأخوها أباهما‪ ،‬ثم أعتق األب‬
‫عبدا‪ ،‬ثم مات األب واألخ‪ ،‬ثم مات العتيق‪.‬‬

‫‪- 304 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حكم ولد األمة الموصى بها لزوجها الحر الذي حملت‬
‫به بعد موت الموصي وقبل قبول الوصية‪ ،‬ووضعته بعد القبول‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا وصـ ـ ــى رجل بأمته لزوجها احلر‪ ،‬فأحبلها هذا الزو بعد موت املوصـ ـ ــي‪ ،‬وقبل‬
‫قبول الوصية‪ ،‬مث ولدت بعد قبول الوصية‪ ،‬فهل الولد ألبيه‪ ،‬أم هو رقيق احلق فيه للورثة‪،‬‬
‫وهل قول الفتوحي ¬‪" :‬وإن وص ـ ـ ـ ـ ـ ــى له بزوجته فأحبلها وولدت قبله مل تص ـ ـ ـ ـ ـ ــر أم‬
‫ولد"(‪ ،)1‬احلكم فيه معلق باإلحبال أم بالوالدةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا وصـ ـ ــى رجل بأمته لزوجها احلر‪ ،‬فأحبلها هذا الزو بعد موت املوصـ ـ ــي‪ ،‬وقبل‬
‫قبول الوص ـ ــية‪ ،‬مث ولدت بعد قبول الوص ـ ــية‪ ،‬فولدها رقيق‪ ،‬احلق فيه للورثة‪ ،‬لذا فإن قول‬
‫الفتوحي ¬‪" :‬وإن وصــى له بزوجته فأحبلها وولدت قبله مل تصــر أم ولد"(‪ ،)2‬احلكم‬
‫فيه معلق باإلحبال ال بالوالدة‪ ،‬وهذا قول منص ـ ــور البهويت‪ ،‬وحممد اخللويت‪ ،‬قال الش ـ ــيخ‬
‫منص ـ ـ ــور ¬‪(" :‬وإن وص ـ ـ ــى له) أي احلر (بزوجته) األمة‪( ،‬فأحبلها وولدت قبله) أي‬
‫القبول‪ .‬وهو متعلق بأحبلها فقك‪( ،‬مل تصـ ـ ــر أم ولد) لزوجها املوصـ ـ ــى (له) هبا؛ ألهنا مل‬
‫تكن ملكه حني أحبلها‪( ،‬وولده) الذي محلت به قبل قبوهلا (رقيق) إن مل يكن اشـ ـ ــرتط‬
‫حرية أوالده"(‪.)3‬‬
‫وقال الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ اخللويت ¬ معلقا على قول الفتوحي‪" :‬وإن وص ـ ـ ـ ـ ـ ــى له بزوجته‬
‫فأحبلها‪ ،‬وولدت قبله مل تص ـ ـ ـ ــر أم ولد"(‪ ،)4‬قال‪" :‬قوله‪( :‬وولدت) هذا ليس بقيد‪ ،‬إمنا‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)444 - 443 /3‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)444 - 443 /3‬‬
‫(‪ )3‬شرح املنتهى (‪.)460 /2‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)444 - 443 /3‬‬
‫‪- 305 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫القيد اإلحبال‪ ،‬وعلى هذا فينبغي أن يكون "قبله" قيدا يف "إحباهلا" ال يف "ولدت" كما‬
‫أشار إليه الشيخ يف شرحه"(‪.)1‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول ابن املنجا(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا وصـ ـ ــى رجل بأمته لزوجها احلر‪ ،‬فأحبلها هذا الزو بعد موت املوصـ ـ ــي‪ ،‬وقبل‬
‫قبول الوصـ ـ ــية‪ ،‬مث ولدت بعد قبول الوصـ ـ ــية‪ ،‬فالولد ألبيه‪ ،‬لذا فإن قول الفتوحي ¬‪:‬‬
‫"وإن وص ـ ـ ـ ـ ـ ــى له بزوجته فأحبلها وولدت قبله مل تص ـ ـ ـ ـ ـ ــر أم ولد"(‪ ،)3‬احلكم فيه معلق‬
‫بــالوالدة ال اإلحبــال‪ ،‬وهــذا هو تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال ¬‪" :‬إذا محلــت بــه بعــد موت‬
‫املوصـ ـ ــي قبل القبول‪ ،‬فإما أن تلده قبل القبول أيضـ ـ ــا‪ ،‬فيكون للورثة؛ ألنه مناء منفصـ ـ ــل‬
‫قبل القبول‪ ،‬وإما أن تلده بعد القبول‪ ،‬فيكون للموصى له؛ ألنه مناء متصل قبل الوضع‪،‬‬
‫فيعتق عليه‪ ،‬كما يعتق يف كل موض ـ ـ ــع قلنا‪ :‬إن الولد للموص ـ ـ ـ ـى له‪ ،‬وإىل هذا أش ـ ـ ــار يف‬
‫اإلقناع بقوله‪ :‬وإن محلت بعد موت املوص ـ ـ ـ ـ ـ ــي ووض ـ ـ ـ ـ ـ ــعته قبل القبول‪ ،‬فللورثة‪ ،‬وبعده‬
‫ألبيه(‪ .)4‬انتهى‪ .‬فقوله‪ :‬وإن محلت بعد موت املوص ــي ووض ــعته قبل القبول فللورثة‪ .‬هو‬
‫معىن قول املصـ ـ ـ ـ ـنف‪( :‬وإن وص ـ ـ ـ ــى له بزوجته ‪ ...‬إخل) فتدبر ذلك‪ ،‬ففي كالم الش ـ ـ ـ ــيخ‬
‫منصور – ¬ – هنا نظر ظاهر تبعه عليه الشيخ اخللويت ¬ تعاىل"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)553 - 552 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)232 /3‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)444 - 443 /3‬‬
‫(‪ )4‬اإلقناع (‪.)53 /3‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)444 /3‬‬
‫‪- 306 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫وهذا القول هو ظاهر قول ابن قدامة(‪،)1‬وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب اإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف(‪ ،)2‬وهو قول‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب اإلقناع(‪ ،)3‬واملنتهى(‪ ،)4‬ومطالب أويل النهى(‪ ،)5‬كما نص على هذا القول‬
‫البهويت يف كشاف القناع(‪.)6‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫قلنا بأن الولد رقيق احلق فيه للورثة وليس ألبيه؛ ألنه من وطء يف ملك غريه(‪.)7‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن احلمل قبل الوضــع مناء متصــل‪ ،‬وبعد الوضــع مناء منفصــل(‪ ،)8‬واحلنابلة نص ـوا‬
‫على أن النماء املتصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الذي حيدث بعد موت املوص ـ ـ ـ ـ ـ ــي وقبل القبول أنه يتبع العني‬
‫املوصى هبا(‪ ،)9‬وعكسه املنفصل(‪.)10‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)270 /2‬واملقنع (ص‪.)251 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)210 /7‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)53 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)385 /7‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)457 /4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)347 /4‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)232 /3‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)110 /4‬والكايف (‪ ،)49 /2‬وقواعد ابن رجب (‪ ،)175 /2‬واإلقناع (‪ ،)96 /2‬وشرح املنتهى‬
‫(‪ ،)438 /2‬ومطالب أويل النهى (‪.)407 /4‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)261 /6‬والفروع (‪ ،)463 /7‬وقواعد ابن رجب (‪ ،)171 /2‬وشرح املنتهى (‪ ،)459 /2‬ومطالب‬
‫أويل النهى (‪.)455 /4‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)444 /3‬‬
‫‪- 307 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح هو ما ذهب إليه عثمان ¬؛ للتعليل الذي ذكره‪ ،‬والتفاقه مع ما‬
‫ذكره صاحبا اإلقناع(‪ )1‬واملنتهى(‪ ،)2‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا وصـ ـ ــى رجل بأمته لزوجها احلر‪ ،‬فأحبلها هذا الزو بعد موت املوصـ ـ ــي‪ ،‬وقبل‬
‫قبول الوص ـ ـ ـ ــية‪ ،‬مث ولدت بعد قبول الوص ـ ـ ـ ــية‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ولدها رقيق‪ ،‬احلق فيه‬
‫للورثة‪ ،‬وقول الفتوحي ¬‪" :‬وإن وص ـ ـ ـ ــى له بزوجته فأحبلها وولدت قبله مل تص ـ ـ ـ ــر أم‬
‫ولد"(‪ ،)3‬احلكم فيه معلق باإلحبال ال بالوالدة‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬الولد ألبيه‪ ،‬وقول‬
‫الفتوحي ¬‪" :‬وإن وصــى له بزوجته فأحبلها وولدت قبله مل تصــر أم ولد"(‪ ،)4‬احلكم‬
‫فيه معلق بالوالدة ال اإلحبال‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)53 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)385 /7‬‬
‫(‪ )3‬منتهى اإلرادات (‪.)444 - 443 /3‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)444 - 443 /3‬‬
‫‪- 308 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬من علقت الوصية له بحضوره قبل الموت‪ ،‬وقد‬
‫أوصي لغيره‪ ،‬فحضر بعده‪ ،‬وقبل قبول من أوصي له أوال‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إن وصـ ـ ــى رجل لزيد‪ ،‬مث قال‪ :‬إن قدم عمرو فله ما وصـ ـ ــيت لزيد‪ ،‬فهل املعترب يف‬
‫اس ـ ـ ــتحقاق زيد للموص ـ ـ ــى به‪ ،‬وانقطاع حق عمرو منه‪ ،‬هو‪ :‬موت املوص ـ ـ ــي‪ ،‬أم‪ :‬موت‬
‫املوصي‪ ،‬وقبول زيد الوصيةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إن وص ـ ـ ـ ـ ـ ــى رجل لزيد‪ ،‬مث قال‪ :‬إن قدم عمرو فله ما وص ـ ـ ـ ـ ـ ــيت لزيد‪ ،‬فاملعترب يف‬
‫اسـ ـ ـ ــتحقاق زيد للموصـ ـ ـ ــى به‪ ،‬وانقطاع حق عمرو منه هو‪ :‬موت املوصـ ـ ـ ــي‪ ،‬وقبول زيد‬
‫الوص ـ ــية‪ ،‬فلو حض ـ ــر عمرو بعد املوت وقبل القبول‪ ،‬فهو املس ـ ــتحق للوص ـ ــية‪ ،‬وهذا قول‬
‫منصور البهويت‪ ،‬قال ¬ يف شرحه لقول احلجاوي‪" :‬وإن وصى لزيد‪ ،‬مث قال‪ :‬إن قدم‬
‫عمرو فهو له‪ ،‬فقدم يف حياة املوصـ ـ ـ ـ ـ ــي فهو له‪ ،‬عاد إىل الغيبة أو مل يعد‪ ،‬وإن قدم بعد‬
‫موته فلزيد"(‪ ،)1‬قال‪(" :‬وإن قدم) عمرو (بعد موته) أي‪ :‬املوص ـ ـ ــي (فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ) املوص ـ ـ ــى به‬
‫(لزيد)؛ لثبوته له باملوت والقبول؛ ألنه مل يوجد إذ ذاك ما مينعه‪ ،‬فلم يؤثر وجود الشـ ــرط‬
‫بعد ذلك‪ ،‬كما لو علق إنسان عتقا أو طالقا على شرط فلم يوجد إال بعد موته"(‪.)2‬‬
‫وقد قال هبذا القول اخللويت(‪ ،)3‬وذكره أبو اخلطاب(‪ ،)4‬وابن قدامة(‪ )5‬احتماال‪،‬‬
‫وذكره صاحب الفروع على وجه التمريض(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬اإلقناع (‪.)56 - 55 /3‬‬


‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)351 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)558 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪.)355 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)145 /6‬والكايف (‪ ،)270 /2‬واملقنع (ص‪.)251 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)442 /7‬‬
‫‪- 309 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إن وص ـ ـ ـ ـ ـ ــى رجل لزيد‪ ،‬مث قال‪ :‬إن قدم عمرو فله ما وص ـ ـ ـ ـ ـ ــيت لزيد‪ ،‬فاملعترب يف‬
‫اسـ ـ ــتحقاق زيد للموصـ ـ ــى به‪ ،‬وانقطاع حق عمرو منه هو‪ :‬موت املوصـ ـ ــي‪ ،‬فلو حضـ ـ ــر‬
‫عمرو بعد املوت وقبل القبول‪ ،‬فليس له حق يف الوص ـ ـ ـ ــية‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال‬
‫¬ يف تعليقه على قول الفتوحي‪" :‬وإن وصــى لزيد‪ ،‬مث قال‪ :‬إن قدم عمرو فله‪ ،‬فقدم‬
‫بعد موت موص فلزيد"(‪ ،)1‬قال‪" :‬قوله‪( :‬لزيد ‪ ...‬إخل) عبارة املص ـ ـ ـ ـ ـ ــنف يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرحه‪:‬‬
‫فاملوص ـ ـ ـ ــى به لزيد دون عمرو؛ ألن املوص ـ ـ ـ ــي ملا مات قبل قدوم عمرو‪ ،‬انقطع حقه من‬
‫املوص ـ ــى به‪ ،‬وانتقل إىل زيد؛ ألنه مل يوجد إذ ذاك ما مينعه‪ ،‬فلم يؤثر وجود الش ـ ــرط بعد‬
‫ذلك‪ ،‬كما لو علق إنس ـ ـ ــان طالقا أو عتقا على ش ـ ـ ــيء‪ ،‬فلم يوجد إال بعد موته‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫بل يكون لعمرو‪ ،‬وعلم ما تقدم‪ :‬أن عمرا لو قدم يف حياة املوص ـ ـ ـ ـ ـ ــي كان له‪ .‬قال يف‬
‫اإلنصاف‪ :‬بال نزاع(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫وفهم منه‪ :‬أن املنت على ظاهره‪ ،‬كـاإلقناع‪ ،‬أي‪ :‬من جهة أنه ال فرق بني أن يقدم‬
‫عمرو بعد موت املوص ــي قبل قبول زيد‪ ،‬أو بعده‪ ،‬وأما قول املص ــنف يف ش ــرحه‪ :‬وانتقل‬
‫إىل زيد‪ ،‬أي‪ :‬مبوت املوص ـ ـ ـ ـ ـ ــي‪ ،‬فال يعين به‪ :‬وجود القبول‪ ،‬بل يعين به‪ :‬أن زيدا مبوت‬
‫املوصي صار متمكنا من القبول؛ النقطاع حق امليت مبوته‪ ،‬ولذلك مل يقيد بالقبول‪ ،‬بل‬
‫ش ــبه املس ــألة بطالق أو عتق علق على ش ــيء‪ ،‬فلم يوجد إال بعد املوت‪ ،‬فعلم‪ :‬أن حق‬
‫عمرو قد انقطع مبجرد موت املوص ـ ــي قبل قدومه من غري توقف على ش ـ ــيء آخر‪ .‬ففي‬
‫تقييد منصور البهويت يف شرح اإلقناع بالقبول‪ ،‬نظر‪ .‬فتدبر"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)448 - 447 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)396 /7‬واإلنصاف (‪.)218 /7‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)448 /3‬‬
‫‪- 310 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫وقد قال هبذا القول أبو يعلى(‪ ،)1‬وابن املنجا(‪ ،)2‬وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب الوجيز(‪ ،)3‬وقدمه‬
‫ابن قدامة(‪ ،)4‬وص ـ ـ ـ ــاحب الفروع(‪ ،)5‬وذكر يف اإلنص ـ ـ ـ ــاف أنه املذهب(‪ ،)6‬كما قال به‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحــب اإلقنــاع(‪ ،)7‬واملنتهى(‪ ،)8‬والغــايــة(‪ ،)9‬كمــا نص على هــذا القول منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‬
‫البهويت(‪.)10‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن الش ـ ـ ـ ـ ــرط الذي علقت به الوص ـ ـ ـ ـ ــية ‪ -‬وهو القدوم ‪ -‬قد وجد من عمرو قبل‬
‫قبول زيد للوصية وانتقاهلا إىل ملكه(‪.)11‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن حق عمرو انقطع مبوت املوصي قبل قدومه‪ ،‬فلم يؤثر قدومه بعد ذلك‪ ،‬كمن‬
‫علق عتقا أو طالقا بشــرط فلم يوجد إال بعد موته‪ ،‬فالوصــية علقت على املوت ال على‬
‫القبول(‪.)12‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)355 :‬واملغين (‪.)145 /6‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪.)236 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الوجيز (ص‪.)270 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)145 /6‬والكايف (‪ ،)270 /2‬واملقنع (ص‪.)251 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)442 /7‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)218 /7‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)56 - 55 /3‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)448 - 447 /3‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)57 /2‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬الروض املربع (ص‪ ،)470 :‬وشرح املنتهى (‪.)462 /2‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬املمتع يف شرح املقنع (‪ ،)236 /3‬وحاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)558 /3‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)396 /7‬وشرح املنتهى (‪ ،)463 /2‬وحاشية املنتهى (‪.)448 /3‬‬
‫‪- 311 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن الراجح هو ما ذهب إليه الشــيخ عثمان؛ وذلك إعماال للفظ املوصــي‪،‬‬
‫وألن متكني زيد من قبول الوصـ ــية يدل على ثبوت االسـ ــتحقاق له‪ ،‬وانقطاع اسـ ــتحقاق‬
‫عمرو يف العني املوصى هبا‪.‬‬
‫والظاهر أن املذهب قد استقر على القول الذي ذكره الشيخ عثمان‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إن وص ـ ــى رجل لزيد‪ ،‬مث قال‪ :‬إن قدم عمرو فله ما وص ـ ــيت لزيد‪ ،‬فحض ـ ــر عمرو‬
‫بعد املوت وقبل قبول زيد للوص ـ ـ ــية‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬عمرو هو املس ـ ـ ــتحق للوص ـ ـ ــية‪،‬‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬املستحق زيد‪.‬‬

‫‪- 312 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬علة صحة وصية الموصي إن قال لورثته‪" :‬أعطوا‬
‫ثلثي أحدهما"‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬ويصـ ـ ـ ـ ـ ــح‪ :‬أعطوا ثلثي أحدمها‪ ،‬وللورثة اخلرية"(‪ ،)1‬فما علة‬
‫ص ــحة الوص ــية يف هذه الص ــورة‪ ،‬مع نص ــهم على عدم ص ــحتها لو قال‪ :‬وص ــيت ألحد‬
‫هذين الرجلني(‪ ،)2‬ونص ــهم على أنه لو قال رجل‪ِّ :‬زو ‪ ،‬أو اقبل من أحد وكيلي‪ ،‬أنه ال‬
‫يصح تزوجيه وال قبوله من أحدمها(‪)3‬ت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫علة صحة الوصية فيما لو قال‪ :‬أعطوا ثلثي أحدمها؛ ألن القصد من الوصية الرب‪،‬‬
‫وهذا قول حممد اخللويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬انظر الفرق بني ما هنا وما س ــيأيت يف النكاح فيما‬
‫إذا قال له‪ِّ :‬زو ‪ ،‬أو اقبل من أحد وكيلي‪ ،‬من أنه ال يصح تزوجيه وال قبوله من أحدمها‪،‬‬
‫فليحرر ‪ ،‬وقد يفرق‪ :‬بأنه قيل هناك بعدم الصحة لالحتياط يف الفرو ‪ ،‬وصح هنا؛ ألن‬
‫القصد الرب"(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫علة صحة الوصية فيما لو قال‪ :‬أعطوا ثلثي أحدمها؛ أنه أضاف متليك املوصى له‬
‫إىل الورثـة‪ ،‬وهم يعينون عنـد التمليـك بـاختيـارهم‪ ،‬وهـذا هو تعقـب عثمـان‪ ،‬قـال ¬‪:‬‬
‫"إمنا ص ـ ــحت الوص ـ ــية هنا؛ ألنه أض ـ ــاف متليك املوص ـ ــى له إىل الورثة‪ ،‬وهم يعينون عند‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)461 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)269 /2‬واحملرر (‪ ،)383 /1‬والفروع (‪ ،)457 /7‬واإلقناع (‪ ،)59 /3‬ومنتهى اإلرادات (‪/3‬‬
‫‪.)461‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)223 /8‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)70 /4‬ومطالب أويل النهى (‪.)71 /5‬‬
‫(‪ )4‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)574 /3‬‬
‫‪- 313 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫التمليك باختيارهم‪ ،‬االف ما إذا نس ــب التمليك إىل نفس ــه ‪-‬كما تقدم‪-‬؛ أعين‪ :‬حنو‬
‫قوله‪ :‬أوصيت بكذا ألحد هذين‪ ،‬فال يصح‪ ،‬ويف كالم حممد اخللويت هنا أيضا نظر"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)2‬وشـ ـ ـ ــارحا املنتهى(‪ ،)3‬وصـ ـ ـ ــاحب مطالب أويل‬
‫النهى(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫تعقب عثمان ¬ وجيه‪ ،‬إذ ليست العلة يف هذه املسألة‪ :‬أن الوصية من أبواب‬
‫الرب‪ ،‬بل العلة‪ :‬أن املوصي مل يبهم الوصية‪ ،‬وإمنا فوض الورثة يف اختيار واحد من اثنني‪،‬‬
‫ومتليكه الوصية‪ ،‬فصار الورثة مبنزلة املوصى إليه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)462 - 461 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكايف (‪.)269 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)438 /7‬وشرح املنتهى (‪ ،)471 /2‬وكشاف القناع (‪.)358 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)473 /4‬‬
‫‪- 314 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬ما ترثه من عتيق عتيقها من أعتقت هي وأخوها‬
‫أباهما‪ ،‬ثم أعتق األب عبدا‪ ،‬ثم مات األب واألخ‪ ،‬ثم مات العتيق‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر الفتوحي ¬ أن العبد إذا تزو معتَقة‪ ،‬فوالء من تلد ملوىل األم‪ ،‬وذكر أنه‬
‫لو أةعتق األب‪ ،‬فإن س ــيده الذي أعتقه جير والء أوالده‪ ،‬فيكون والء األب وأوالده ملوىل‬
‫األب‪ ،‬كما ذكر أن االبن لو اش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتى أباه‪ ،‬فإن والء أبيه وإخوته يكون له‪ ،‬وأما والء‬
‫االبن املعتِق فيبقى ملوىل أمه؛ ألنه ال يرث نفسه(‪.)1‬‬
‫وعليه‪ ،‬فلو اش ـ ـ ــرتى أخ وأخته أبامها‪ ،‬فعتق عليهما‪ ،‬مث أعتق األب عبدا‪ ،‬مث مات‬
‫األب واألخ‪ ،‬مث مات العتيق‪ ،‬فهل يص ـ ـ ــح أن يقال يف هذه املس ـ ـ ــألة‪ " :‬ترث البنت من‬
‫العتيق بقــدر عتقهــا من األب‪ ،‬والبــاقي بينهــا وبني معتق أمهــا"‪ ،‬أم أن األوىل أن يقــال‪:‬‬
‫"والباقي بينها وبني معتق أمهما"‪ ،‬أو "أمه"ت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫ي صح أن يقال‪" :‬والباقي بينها وبني معتق أمها"‪ ،‬وعلى هذا يدل صنيع الفتوحي‪،‬‬
‫قال ¬‪" :‬ولو اشـ ـ ــرتى أخ وأخته أبامها‪ ،‬فملك قنا‪ ،‬فأعتقه‪ ،‬مث مات‪ ،‬مث العتيق‪ ،‬ورثه‬
‫االبن بالنسب‪ ،‬دون أخته بالوالء‪.‬‬
‫ولو مات االبن‪ ،‬مث العتيق‪ ،‬ورثت منه بقدر عتقها من األب‪ ،‬والباقي بينها وبني‬
‫معتق أمها‪ ،‬إن كانت عتيقة"(‪.)2‬‬
‫وقد ذكر العبارة هبذه الص ـ ــورة ص ـ ــاحب التنقيح(‪ ،)3‬واإلقناع(‪ ،)4‬والغاية(‪ ،)5‬وابن‬
‫قاسم يف حاشيته على الروض(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)592 /3‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)590 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬التنقيح املشبع (ص‪.)339 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)127 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)133 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع البن قاسم (‪.)202 /6‬‬
‫‪- 315 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫األوىل أن يقــال‪" :‬والبــاقي بينهــا وبني معتق أمهمــا"‪ ،‬أو "أمــه"‪ ،‬وهــذا هو تعقــب‬
‫عثمــان‪ ،‬قــال ¬‪" :‬ولو قــال‪ :‬بني معتق أمهمــا‪ ،‬أو أمــه‪ ،‬أي‪ :‬االبن لكــان أوىل؛ ألن‬
‫كون أم البنت عتيقة ليس قيدا‪ ،‬وال سببا يف ذلك"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب مطالب أويل النهى(‪.)2‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫مل أجد دليال هلذا القول‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن كون أم البنت عتيقة ليس قيدا‪ ،‬وال سببا يف ذلك(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح هو ما ذكره الش ـ ـ ـ ـ ــيخ عثمان؛ وذلك ألن البنت يف هذه املس ـ ـ ـ ـ ــألة قد‬
‫أخذت نصــيبها الذي ســببه الوالء من جهة أبيها‪ ،‬مث أخذت نصــيبها الذي ســببه الوالء‬
‫من جهة أخيها؛ وذلك أهنا جرت نص ـ ـ ـ ـ ـ ــف والئه بعتقها نص ـ ـ ـ ـ ـ ــف أبيهما‪ ،‬فالباقي بعد‬
‫أخذها نصـ ــيبها متعلق بأخيها الذي شـ ــاركها يف العتق‪ ،‬وليس متعلقا هبا‪ ،‬فريجع نصـ ــيبه‬
‫إىل من له نصف والئه الباقي‪ ،‬وهو معتق أمه‪ ،‬لذا فاألوىل أن يقال‪" :‬والباقي بينها وبني‬
‫معتق أمهما"‪ ،‬أو "أمه"‪.‬‬
‫وميكن التمــاس توجيــه لقول الفتوحي ومن وافقــه‪ ،‬وذلــك بــأن يقــال‪ :‬الظــاهر أهنم‬
‫افرتضـ ـوا أن األخ واألخت أش ــقاء‪ ،‬فقوله‪ :‬أمها‪ ،‬أو أمهما‪ ،‬أو أمه‪ ،‬نتيجته واحدة‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)591 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)683 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)591 /3‬‬
‫‪- 316 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬
‫ولو قيل إنه خالف معنوي‪ ،‬فيمكن تفريع مس ـ ـ ـ ـ ــألة عليه‪ ،‬وذلك ما لو كان االبن‬
‫والبنت إخوة ألب‪ ،‬فيقال‪:‬‬
‫لو تزو عبد بعتيقتني‪ ،‬فأجنبت األوىل ابنا‪ ،‬والثانية بنتا‪ ،‬فاش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتى االبن والبنت‬
‫أبامها‪ ،‬فعتق عليهما‪ ،‬مث أعتق األب عبدا‪ ،‬مث مات األب واالبن‪ ،‬مث مات العتيق‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول‪ :‬يكون ربع ترك ــة العتيق ملوىل أم البن ــت‪ ،‬وعلى القول الث ــاين (ب ــاعتب ــار أن‬
‫العبارة‪ :‬معتق أمه) يكون ربع تركة العتيق ملوىل أم االبن‪.‬‬
‫والظــاهر أن احلنــابلــة ال يقولون بــالقول األول‪ ،‬وإمنــا يقولون بــالقول الثــاين‪ ،‬ويبني‬
‫ذلك تقريرهم للمسألة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪- 317 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعقبات في كتاب العتق‪.‬‬


‫وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬الصورة التي يصح فيها الشراء والعتق إن قال العبد لرجل‪ :‬اشترني‬
‫من سيدي بهذا المال‪ ،‬وأعتقني‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬ما فضل من المال بيد معتق بعد إبرائه منه‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬استحقاال المكاتب إن حبسه سيده أرفق األمرين به من إنظاره‬
‫مثل مدة الحبس‪ ،‬أو أجرة مثله‪.‬‬

‫‪- 318 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الصورة التي يصح فيها الشراء والعتق إن قال العبد‬
‫لرجل‪ :‬اشترني من سيدي بهذا المال‪ ،‬وأعتقني‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا قال قن لغري ســيده‪ :‬اشــرتين من ســيدي هبذا املال وأعتقين‪ ،‬فاش ـرتاه مبعني غري‬
‫ما يف يد العبد‪ ،‬فهل يصح الشراء والعتق‪ ،‬أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا قال قن لغري ســيده‪ :‬اشــرتين من ســيدي هبذا املال وأعتقين‪ ،‬فاش ـرتاه مبعني غري‬
‫ما يف يد العبد‪ ،‬مل يص ـ ــح الش ـ ـ ـراء والعتق‪ ،‬وهذا القول يومهه كالم منصـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال‬
‫¬‪(" :‬و) إن قال قن آلخر‪( :‬اشـ ــرتين من سـ ــيدي هبذا املال وأعتقين‪ ،‬فاش ـ ـرتاه بعينه)‬
‫أي‪ :‬املال الذي أعطاه له العبد وأعتقه‪( ،‬مل يص ـ ــحا) أي‪ :‬الشـ ـ ـراء والعتق؛ لشـ ـ ـرائه بعني‬
‫مال غريه بال إذنه‪ ،‬فلم يص ـ ــح الشـ ـ ـراء‪ ،‬ومل ينفذ العتق؛ ألنه أعتق مملوك غريه بغري إذنه‪،‬‬
‫وما أخذه الســيد فماله (وإال) يشــرته بعني املال‪ ،‬بأن اشـرتاه بثمن يف ذمته وأعتقه‪ :‬صــح‬
‫الشراء‪ ،‬و(عتق‪ ،‬ولزم مشرتيه) الثمن (املسمى) يف البيع"(‪.)1‬‬
‫وقد ذكر العبارة هبذه الصورة صاحب مطالب أويل النهى(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا قال قن لغري ســيده‪ :‬اشــرتين من ســيدي هبذا املال وأعتقين‪ ،‬فاش ـرتاه مبعني غري‬
‫ما يف يد العبد‪ ،‬صــح الش ـراء والعتق‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وإال)‬
‫أي‪ :‬وإن مل يشـ ـ ــرت بعني ما يف يد العبد صـ ـ ــح ‪...‬إخل‪ .‬س ـ ـ ـواء اش ـ ـ ـرتاه بثمن يف ذمته‪ ،‬أو‬
‫مبعني غري ما يف يد العبد‪ ،‬فما يومهه ما يف شرح منصور البهويت ليس مرادا"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)589 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)715 /4‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)15 /4‬‬
‫‪- 319 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ما ذكره الشـ ـ ــيخ عثمان ¬ متجه‪ ،‬إذ قول البهويت ¬‪(" :‬وإال) يشـ ـ ــرته بعني‬
‫املال‪ ،‬بأن اشرتاه بثمن يف ذمته وأعتقه صح الشراء"(‪ ،)1‬يوهم أن الشراء والعتق ال ينفذ‬
‫إال إن كان الشـ ـ ـ ـراء بثمن يف الذمة‪ ،‬وهو غري مراد‪ ،‬بل املراد إبطال الشـ ـ ـ ـراء الذي يكون‬
‫بعني الثمن الذي بذله العبد‪ ،‬وتص ـ ـ ـ ـ ـ ــحيح غريه من الص ـ ـ ـ ـ ـ ــور‪ ،‬وقد نص غري واحد من‬
‫احلنابلة على هذا املعىن‪ ،‬قال يف املبدع‪" :‬إذا قال اشرتين من سيدي هبذا املال‪ ،‬وأعتقين‪،‬‬
‫ففعل‪ ،‬عتق‪ ،‬ولزم مشـ ـ ـ ـ ـ ــرتيه املسـ ـ ـ ـ ـ ــمى‪ ،‬وكذا إن اش ـ ـ ـ ـ ـ ـرتاه بعينه إن مل تتعني النقود‪ ،‬وإال‬
‫بطال"(‪ ،)2‬وذكر مثله ص ـ ــاحب اإلنص ـ ــاف(‪ ،)3‬وقال اخللويت‪ " :‬قوله‪( :‬وإال عتق)؛ أي‪:‬‬
‫وإن مل يكن الشراء وقع بعينه بأن وقع بغريه أو وقع الشراء يف الذمة مث نقده"(‪.)4‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬
‫ولو قيل إنه خالف معنوي‪ ،‬فيمكن تفريع مسألة عليه‪ ،‬وذلك بأن يقال‪:‬‬
‫إذا قال قن لغري ســيده‪ :‬اشــرتين من ســيدي هبذا املال وأعتقين‪ ،‬فاش ـرتاه مبعني غري‬
‫ما يف يد العبد‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ال يصح الشراء وال العتق‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يصح‬
‫الشراء والعتق‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)589 /2‬‬


‫(‪ )2‬املبدع (‪ ،)24 /6‬وينظر‪ :‬املبدع (‪.)11 /6‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)426 /7‬‬
‫(‪ )4‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)182 /4‬‬
‫‪- 320 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ما فضل من المال بيد معتق بعد إبرائه منه‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا أبرئ املكاتب‪ ،‬وكان بيده مال حني إبرائه‪ ،‬فهل هذا املال ملك له‪ ،‬أم لسيدهت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا أبرئ املكاتب‪ ،‬وكان بيده مال حني إبرائه‪ ،‬فإن هذا املال ملك له‪ ،‬وهذا قول‬
‫منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وما فض ـ ـ ـ ـ ـ ــل بيده) أي‪ :‬املكاتب بعد أداء ما عليه من‬
‫كتابته أو إبرائه منه (فله) أي‪ :‬املكاتب؛ ألنه كان له قبل عتقه فبقي على ما كان"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)2‬والشارح(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا أبرئ املكاتب‪ ،‬وكان بيده مال حني إبرائه‪ ،‬فإن هذا املال ملك لس ـ ــيده‪ ،‬وهذا‬
‫هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وما فضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بيده) أي‪ :‬بعد األداء جلميع مال‬
‫الكتابة‪ ،‬فللمكاتب‪ ،‬كما ص ـ ــرح بذلك يف اإلقناع وش ـ ــرحه‪ ،‬االف ما إذا أبرأه‪ ،‬فإن ما‬
‫يف يده يكون للس ـ ــيد‪ ،‬وهذا مقتض ـ ــى ما قدمه املص ـ ــنف يف قوله‪( :‬ومال معتق بغري أداء‬
‫عند عتق لسيد)(‪ ،)4‬فقول الشارح هنا‪ :‬أو إبرائه منه‪ ،‬فيه نظر"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬شرح املنتهى (‪.)599 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)427 /10‬والكايف (‪.)331 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)464 /12‬‬
‫(‪ )4‬منتهى اإلرادات (‪.)6 /4‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)27 /4‬‬
‫‪- 321 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن املكــاتــب ميلــك كس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبــه ونفعـه‪ ،‬فهــذا املــال كــان لــه قبــل عتقــه فبقي على مــا‬
‫كان(‪.)1‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن الفتوحي ذكر أن كل من عتق بغري أداء فماله عند العتق لس ـ ـ ـ ـ ــيده‪ ،‬وذلك يف‬
‫قوله‪( :‬ومال معتق بغري أداء عند عتق لس ـ ـ ـ ــيد)(‪ ،)2‬ومن أبرئ من مال الكتابة داخل يف‬
‫هذا العموم(‪.)3‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن الراجح هو ما ذكره الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور؛ وذلك ألن املال الذي يف يد‬
‫املكاتب ملك له(‪ ،)4‬بدليل صــحة تصــرفه فيه(‪ ،)5‬وإبراء الســيد للمكاتب من باقي مال‬
‫الكتابة ال يغري هذا احلكم‪ ،‬وال جيعل للسـ ـ ـ ـ ــيد حقا يف هذا املال‪ ،‬فال يصـ ـ ـ ـ ــح أن يقال‪:‬‬
‫انتقل هذا املال من ملك املكاتب إىل ملك س ـ ـ ـ ـ ـ ــيده؛ ألن س ـ ـ ـ ـ ـ ــيده أبرأه من باقي مال‬
‫الكتابة‪.‬‬
‫وأما عموم عبارة الفتوحي اليت اس ــتدل هبا الش ــيخ عثمان‪ ،‬فالظاهر أهنا خمص ــوص ــة‬
‫باملكاتب‪ ،‬س ـواء كان املكاتب عتق باألداء أو باإلبراء‪ ،‬ودليل ذلك ما ذكره الفتوحي يف‬
‫شرحه‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ومال معتَق بغري أداء) ليخر املكاتب‪ ،‬واملعتق على مال"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)599 /2‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)6 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)27 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)143 /8‬واإلقناع (‪ ،)146 /3‬ومنتهى اإلرادات (‪.)29 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)45 /6‬‬
‫(‪ )6‬معونة أويل النهى (‪.)339 /8‬‬
‫‪- 322 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫كما أنه ميكن أن جياب على اسـ ــتدالل الشـ ــيخ عثمان بعبارة الفتوحي بأن يقال‪:‬‬
‫إن املكاتب وإن أبرئ‪ ،‬فال خير من كونه أدى ما عليه؛ ألن اإلبراء كاألداء(‪ ،)1‬فهو قد‬
‫لزمه مال الكتابة‪ ،‬مث سقك عنه بعد لزومه‪ ،‬فصار مبنزلة من أدى املال‪ ،‬ال مبنزلة من عتق‬
‫بغري أداء‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا أبرئ املكاتب‪ ،‬وكان بيده مال حني إبرائه‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬هذا املال ملك‬
‫للمكاتب‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬هذا املال ملك للسيد‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)430 /10‬والشرح الكبري (‪ ،)355 /12‬ومطالب أويل النهى (‪.)734 /4‬‬
‫‪- 323 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬استحقاق المكاتب إن حبسه سيده أرفق األمرين به‬
‫من إنظاره مثل مدة الحبس‪ ،‬أو أجرة مثله‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬وعلى س ـ ــيده (أي املكاتب) نايته عليه‪ ،‬أرش ـ ــها‪ ،‬وحببس ـ ــه‬
‫مدة‪ ،‬أرفق األمرين به‪ ،‬من إنظاره مثلها‪ ،‬أو أجرة مثله"(‪ ،)1‬فقوله ¬‪" :‬من إنظاره"‬
‫هل هو بيان لألمرين‪ ،‬أم هو بيان لألرفقت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫قوله‪" :‬من إنظاره" بيان لألمرين‪ ،‬وقد نس ــب عثمان هذا القول إىل بعض احملققني‬
‫دون أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــميه‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬من إنظاره) بيان لألرفق‪ ،‬فإنه أحدمها‪ ،‬ال بيان‬
‫لألمرين‪ ،‬فإهنما جمموع اإلنظار‪ ،‬وأجرة املثل‪ ،‬كما تومهه بعض احملققني"(‪.)2‬‬
‫وهذه العبارة من الش ــيخ عثمان مل يظهر يل املراد منها على وجه الدقة‪ ،‬وقد يقال‬
‫إن العبارة حتتمل ثالثة احتماالت‪:‬‬
‫االحتمال األول‪ :‬أن ص ـ ـ ــاحب القول املتعقب يفس ـ ـ ــر عبارة املؤلف باإللزام بأجرة‬
‫املثل‪ ،‬واإلنظار مثل مدة احلبس‪.‬‬
‫االحتمال الثاين‪ :‬أنه يقطع أن العبارة تدل على أن اإلنظار هو األرفق‪.‬‬
‫االحتمــال الثــالــث‪ :‬أنــه يقول‪ :‬إن الواجــب أرفق األمرين‪ ،‬أمــا األمر األول فهو‪:‬‬
‫أجرة املثل‪ ،‬واإلنظار مثل مدة احلبس‪ .‬وأما األمر الثاين‪ :‬فلم ينص عليه املنت‪.‬‬
‫أما االحتمال األول‪ ،‬فلم أجد من ذكره من احلنابلة‪ ،‬إال أن عبارة صــاحب املبدع‬
‫حتتمله‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وإن حبسـ ــه مدة) وظاهر كالم املؤلف‪ :‬أو منعه مدة (فعليه) أي‪:‬‬
‫على الس ـ ـ ـ ــيد (أرفق األمرين به‪ ،‬من إنظاره مثل تلك املدة)؛ ألن ذلك نظري ما فاته مثل‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)31 /4‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)31 /4‬‬
‫‪- 324 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫(أو أجرة مثله)؛ ألنه فوت منافعه‪ ،‬فلزمه عوض ـ ــها كالعبد‪ ،‬وقيل‪ :‬يلزمه أرفقهما مبكاتبه؛‬
‫ألنه وجد سببها‪ ،‬فكان له أنفعهما"(‪.)1‬‬
‫وأما االحتمال الثاين‪ ،‬فهو رواية يف املذهب(‪ ،)2‬رجحها ابن قدامة يف املغين(‪،)3‬‬
‫والشارح(‪.)4‬‬
‫وأما االحتمال الثالث‪ ،‬فلم أجد من ذكره من احلنابلة‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫قولــه‪" :‬من إنظــاره" بيــان لألرفق‪ ،‬وهــذا تعقــب عثمــان‪ ،‬قــال ¬‪" :‬قولــه‪( :‬من‬
‫إنظاره) بيان لألرفق‪ ،‬فإنه أحدمها‪ ،‬ال بيان لألمرين‪ ،‬فإهنما جمموع اإلنظار‪ ،‬وأجرة املثل‪،‬‬
‫كما تومهه بعض احملققني"(‪.)5‬‬
‫وقد قال هبذا القول الفتوحي(‪ )6‬والبهويت(‪ )7‬يف شرحيهما على املنتهى‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل األوىل أن حتمل العبارة على ما فس ــرها به كاتبها‪ ،‬وهو الفتوحي ¬‪ ،‬وعليه‬
‫فــالقول الثــاين هو الراجح‪ ،‬على أن القول األول مل يتبني يل وجهــه‪ ،‬وال املراد منــه‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬املبدع (‪.)54 /6‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)338 /2‬والفروع (‪ ،)143 /8‬واإلنصاف (‪.)466 /7‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)461 - 460 /10‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)389 /12‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)31 /4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)400 /8‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)604 /2‬‬
‫‪- 325 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التعقبات في كتاب الصداق‪ ،‬وكتاب‬


‫الطالق‪ ،‬وكتاب اإليالء‪.‬‬
‫وفيه ثالثة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬المراد بقول الفتوحي‪" :‬ثم ربع الزمن المستقبل للرابعة"‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬تعليق الطالال على عدم الوطء دون ذكر الوقت‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬اعتبار النزع جماعا تحصل به الرجعة‪.‬‬

‫‪- 326 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المراد بقول الفتوحي‪" :‬ثم ربع الزمن المستقبل‬
‫للرابعة"‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬ومن قسم لثنتني من ثالث‪ ،‬مث جتدد حق رابعة برجوعها يف‬
‫هبة أو عن نشــوز‪ ،‬أو بنكاح‪ ،‬وفاها حق عقده‪ ،‬مث ربع الزمن املســتقبل للرابعة"(‪ ،)1‬فما‬
‫املراد بقوله ¬‪" :‬مث ربع الزمن املستقبل للرابعة"ت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫املراد بقول الفتوحي ¬‪" :‬مث ربع الزمن املسـ ـ ـ ـ ــتقبل للرابعة" أي‪ :‬ربع اليوم الذي‬
‫يلي حق العقد للرابعة‪ ،‬فتكون الرابعة قد أخذت ربع قس ـ ـ ـ ــم الثالثة‪ ،‬وهذا قول منص ـ ـ ـ ــور‬
‫البهويت‪ ،‬قال ¬‪ " :‬قوله‪( :‬مث ربع الزمن املس ـ ـ ـ ـ ــتقبل‪ . . .‬إخل)‪ ،‬يعين‪ :‬ربع اليوم الذي‬
‫يلي حق العقد للرابعة؛ ألهنا واحدة من أربع اشـرتكن فيه‪ ،‬وبقيته للثالثة؛ ألن ضـرتيها قد‬
‫يوف هلا‬ ‫استوفتا حقهما‪ ،‬ال يقال‪ :‬قد استوفتا ليلة ليلة وهذه قد استوفت دون ليلة فلم ّ‬
‫حقهــا؛ ألنــا نقول‪ :‬كــانتــا من ثالث فلهمــا ليلتــان‪ ،‬وهــذه من أربع فلهــا ثالثــة أربــاع ليلــة‬
‫كما وفاها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬مث ليلة للمظلومة) هذا املذهب‪ ،‬وقدمه يف الفروع‪ ،‬قاله يف اإلنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف‪.‬‬
‫وكان قياس اليت قبلها أن يكون هلا ثلثا الليلة‪ ،‬وللجديدة بقيتها‪ ،‬ومل يظهر يل الفرق"(‪.)2‬‬
‫وقد نقل اخللويت هذا القول عن منصور(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫املراد بقول الفتوحي ¬‪" :‬مث ربع الزمن املس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقبـ ــل للرابعـ ــة" أي‪ :‬ربع الزمن‬
‫املشتمل على حق الثالثة والرابعة‪ ،‬وذلك خمتلف حبسب ما قسم لألوليني‪ ،‬فيقسم للثالثة‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)190 /4‬‬


‫(‪ )2‬إرشاد أويل النهى (‪.)1134 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)522 - 521 /4‬‬
‫‪- 327 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫مثل ما قس ــم لألوليني‪ ،‬مث يقس ــم للرابعة ثلث ما قس ــم للثالثة‪ ،‬وهو ربع جمموع ما قس ــم‬
‫هلا وللثالثة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬مث ربع الزمن املسـ ــتقبل ‪...‬إخل)‬
‫قال منصــور البهويت يف حاشــيته‪ :‬يعين‪ :‬ربع اليوم الذي يلي حق الرابعة‪ .‬انتهى املقصــود‪.‬‬
‫ويف تفس ـ ـ ــريه الزمن املس ـ ـ ــتقبل بذلك نظر‪ ،‬إذ هو خالف املنقول‪ ،‬كما يف حواش ـ ـ ــي ابن‬
‫قندس على الفروع(‪ ،)1‬وكما هو مقتضــى كالم املصــنف يف شــرحه(‪ ،)2‬فإن املنقول على‬
‫ما ذكرناه لك‪ :‬أن املراد بالزمن املسـ ـ ــتقبل هنا‪ :‬الزمن املشـ ـ ــتمل على حق الثالثة والرابعة‪،‬‬
‫وذلك خمتلف حبس ـ ـ ــب ما قس ـ ـ ــم لألوليني‪ ،‬فإنك جتعل للثالثة مثل ما إلحدامها‪ ،‬مث تزيد‬
‫على حق الثالثة ثلثه بطريق ما فوق الكس ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬فإن زمن الثالثة الذي عرفته من قس ـ ـ ـ ـ ـ ــمه‬
‫لألوليني‪ ،‬نســبته إىل الزمن املســتقبل املذكور هنا‪ :‬بقية زمن ذهب ربعه‪ ،‬فتزيد ثلثه ليصــري‬
‫معه ربعا‪ ،‬وهذا أيضا قياس ما ذكره املصنف(‪ ،)3‬وصاحب اإلقناع(‪ ،)4‬وابن نصر اهلل يف‬
‫املس ـ ــألة اليت بعد هذه‪ ،‬وقال يف اإلنص ـ ــاف عن ذلك يف الثالثة‪ :‬إنه املذهب(‪ .)5‬وحيث‬
‫علمت تسـ ـ ـ ـ ــاوي املسـ ـ ـ ـ ــألتني‪ ،‬فال يطلب الفرق بينهما‪ ،‬كما صـ ـ ـ ـ ــنع احملشـ ـ ـ ـ ــي(‪)6‬؛ لعدم‬
‫اختالفهما على ما قررنا‪ ،‬فسـ ـ ـ ـ ــقك ما ذكره احملشـ ـ ـ ـ ــي من اإلشـ ـ ـ ـ ــكال واجلواب يف األوىل‬
‫املبنيني على تفس ــريه املذكور‪ .‬فراجع املس ــطور‪ ،‬واهلل ويل األمور‪ ،‬نس ــأله أن يوفقنا التباع‬
‫املأثور‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حواشي ابن قندس على الفروع (‪.)409 – 408 /8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)299 /9‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪.)192 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)247 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)373 /8‬‬
‫(‪ )6‬يقصد حاشية منصور على املنتهى‪ ،‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (‪.)1134 /2‬‬
‫(‪ )7‬حاشية املنتهى (‪.)191 – 190 /4‬‬
‫‪- 328 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫وقــد قــال هبــذا القول ابن قــدامــة(‪ ،)1‬وابن قنــدس(‪ ،)2‬وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحــب اإلقنــاع(‪،)3‬‬
‫واملنتهى(‪ ،)4‬والغاية(‪ ،)5‬والبهويت يف شرح املنتهى(‪ ،)6‬والكشاف(‪.)7‬‬
‫وهو ظاهر قول صاحب احملرر(‪ ،)8‬والفروع(‪ ،)9‬واملبدع(‪ ،)10‬واإلنصاف(‪.)11‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫يكون ربع اليوم الذي يلي حق العقد للرابعة؛ ألهنا واحدة من أربع اشرتكن فيه‪.‬‬
‫ويكون بقيته للثالثة؛ ألن ض ـ ـرتيها قد اس ـ ــتوفتا حقهما‪ ،‬ال يقال‪ :‬قد اس ـ ــتوفتا ليلة‬
‫يوف هلا حقها؛ ألنا نقول‪ :‬كانتا من ثالث فلهما‬ ‫ليلة وهذه قد اس ـ ــتوفت دون ليلة فلم ّ‬
‫ليلتان‪ ،‬وهذه من أربع فلها ثالثة أرباع ليلة كما وفاها(‪.)12‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫ألن التفس ــري الذي ذكره الش ــيخ منص ــور ¬ خمالف ملا فس ــره به الفتوحي وغريه‬
‫ممن سبقه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪.)89 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حواشي ابن قندس على الفروع (‪.)409 – 408 /8‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)247 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)299 /9‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)251 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)54 /3‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)204 /5‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)43 /2‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)408 /8‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)262 /6‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)373 /8‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (‪.)1134 /2‬‬
‫‪- 329 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫والتفاق هذه املســألة مع املســألة اليت تليها‪ ،‬وهي اليت ذكرها الفتوحي بقوله‪" :‬ولو‬
‫بات ليلة عند إحدى امرأتيه‪ ،‬مث نكح‪ ،‬وفاها حق عقده‪ ،‬مث ليلة للمظلومة‪ ،‬مث نص ـ ـ ـ ـ ــف‬
‫ليلة للثالثة‪ ،‬مث يبتدئ"(‪.)1‬‬
‫وألن حق الثالثة ثبت قبل جتدد حق الرابعة‪ ،‬وحقها مس ـ ـ ـ ـ ـ ــاو حلق األوىل والثانية‪،‬‬
‫وقد استوفتا حقهما‪ ،‬فوجب أن تستويف كما استوفتا(‪.)2‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫ما ذكره الشـ ــيخ عثمان ¬ متجه؛ وذلك لتعاقب أئمة املذهب عليه‪ ،‬ولتفسـ ــري‬
‫الفتوحي ¬ قوله مبا ذكره الش ــيخ عثمان‪ ،‬وألن البهويت نفس ــه اختار يف ش ــرح املنتهى‬
‫القول الذي ذكره الشيخ عثمان‪ ،‬وشرح املنتهى ألفه بعد احلاشية(‪ ،)3‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫من قس ــم لثنتني من ثالث‪ ،‬مث جتدد حق رابعة برجوعها يف هبة أو عن نش ــوز‪ ،‬أو‬
‫بنكاح‪ ،‬فوفاها حق عقده‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬يكون للثالثة ثالثة أرباع ما قسـ ـ ــم لألوىل‬
‫والثانية‪ ،‬وللرابعة الربع الباقي‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬يكون للثالثة مثل ما قس ـ ـ ـ ـ ـ ــم لألوىل‬
‫والثانية‪ ،‬ويكون للرابعة مثل ثلث ما قسم هلن‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬لو قســم لألوليني اثنيت عشــرة ليلة لكل واحدة منهما‪ ،‬فعلى القول األول‪:‬‬
‫يقسم للثالثة تسع ليال وللرابعة ثالث ليال‪ ،‬فيكون اجملموع اثنيت عشرة ليلة‪ ،‬وهو مساو‬
‫ملا قسمه لكل واحدة من األوىل والثانية‪ ،‬وتكون الرابعة قد أخذت ربع عدد الليايل‪.‬‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬يقس ـ ـ ـ ـ ـ ــم للثالثة اثنيت عش ـ ـ ـ ـ ـ ــرة ليلة‪ ،‬وللرابعة أربع ليال‪ ،‬فيكون‬
‫اجملموع ست عشرة ليلة‪ ،‬وتكون الثالثة قد قسم هلا مثل ما قسم لألوىل والثانية‪ ،‬وتكون‬
‫الرابعة قد أخذت ربع جمموع الزمن املقسوم هلا وللثالثة‪.‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)192 /4‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)191 – 190 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (‪ ،)1479 /2‬وشرح املنتهى ت الرتكي (‪.)770 /6‬‬
‫‪- 330 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعليق الطالق على عدم الوطء دون ذكر الوقت‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا علق الرج ــل طالق زوج ــات ــه على ع ــدم الوطء‪ ،‬ومل يقي ــد الوطء بزمن حم ــدد‪،‬‬
‫وذلـك بـأن قـال‪" :‬أيتكن مل أطـأ فض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراهتـا طوالق"‪ ،‬فهـل يقـال إن هـذا التعليق مطلق‪،‬‬
‫فيقيد بالعمر‪ ،‬أم يقال إنه غري مطلق‪ ،‬بل مىت ما مضـ ـ ـ ـ ــى زمن ميكن فيه الوطء ومل يطأ‪،‬‬
‫وقع الطالقت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫إذا علق الرجل طالق زوجاته على عدم الوطء‪ ،‬ومل يقيد الوطء بزمن حمدد‪ ،‬فإن‬
‫هذا التعليق مطلق‪ ،‬فيقيد بالعمر‪ ،‬وهذا قول منصور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬وإن أطلق)‪،‬‬
‫بأن قال‪ :‬أيتكن مل أطأ فض ـرائرها طوالق‪ ،‬ومل يقيد بزمن‪( ،‬تقيد بالعمر)؛ لقرينة الرتاخي‪،‬‬
‫وهي‪ :‬استحالة وطئهن معا‪ ،‬كما لو قال‪ :‬أيتكن مل أطأ أبدا"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن قدامة(‪ ،)2‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ــارح(‪ ،)3‬واخللويت(‪ ،)4‬وقرره ص ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب‬
‫الغاية(‪ ،)5‬وشارحها(‪ ،)6‬وهو ظاهر قول صاحيب الفروع(‪ ،)7‬واملبدع(‪.)8‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫إذا علق الرجل طالق زوجاته على عدم الوطء‪ ،‬ومل يقيد الوطء بزمن حمدد‪ ،‬فيقال‬
‫إن ه ــذا التعليق غري مطلق‪ ،‬ب ــل مىت م ــا مض ـ ـ ـ ـ ـ ــى زمن ميكن في ــه الوطء ومل يط ــأ‪ ،‬وقع‬

‫(‪ )1‬شرح املنتهى (‪.)114 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)455 /7‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري (‪.)401 /8‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪ ،)147 /5‬و(‪.)165 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)295 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)403 - 402 /5‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)104 /9‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)369 /6‬‬
‫‪- 331 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫الطالق‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬وإن أطلق ‪ ...‬إخل) قال املصـ ــنف‬
‫يف ش ـ ـ ـ ـ ـ ــرحه‪ :‬بأن قال‪ :‬أيتكن مل أطأ اليوم وال بعده‪ ،‬أو‪ :‬أيتكن مل أطأ أبدا‪ ،‬فض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراهتا‬
‫طوالق(‪ .)1‬انتهى‪ .‬فمعىن اإلطالق هنــا‪ :‬أال يقيــد عــدم الوطء بزمن معني‪ ،‬بــل يــأيت مبــا‬
‫يعم مجيع املس ـ ـ ــتقبل‪ ،‬وهذا ظاهر ال إش ـ ـ ــكال عليه؛ ألن ذلك قرينة على إرادة الرتاخي‪،‬‬
‫فال يرد أن "أيا" مع "مل" للفور؛ ملا ذكرنا‪ ،‬وصــور منصــور البهويت يف شــرحه اإلطالق مبا‬
‫إذا مل يذكر الوقت؛ بأن قال‪ :‬أيتكن مل أطأ‪ ،‬فض ـ ـ ـ ـ ـ ـراهتا طوالق‪ ،‬وجعل القرينة على إرادة‬
‫الرتاخي اس ـ ـ ــتحالة وطئهن معا‪ ،‬وفيه نظر‪ ،‬إذ الفورية يف كل ش ـ ـ ــيء حبسـ ـ ـ ــبه‪ ،‬كما قالوا‪:‬‬
‫جيب قضــاء الفوائت فورا‪ ،‬أي‪ :‬واحدة عقب واحدة بال فصــل ميكنه الصــالة فيه‪ ،‬فكذا‬
‫هنـا‪ ،‬وكمــا نص عليــه النحــاة يف إفــادة الفــاء التعقيــب‪ ،‬يف حنو‪ :‬جــاء زيــد فعمرو‪ ،‬وتزو‬
‫زيد فولد له ولد‪ ،‬فإن الفاء فيهما للتعقيب‪ ،‬لكنه خمتلف‪ ،‬ففي جاء زيد فعمرو‪ ،‬معناه‪:‬‬
‫أنه مل حتصـ ـ ـ ــل مهلة بني اجمليئني‪ ،‬بل جاء عمرو على عقب زيد‪ ،‬ويف تزو زيد فولد له‪،‬‬
‫معناه مل ميض بعد العقد إال مدة الدخول واحلمل‪ ،‬فتعني املصري إىل ما ذكره املصنف يف‬
‫ش ــرحه كيف وص ــاحب البيت أدرى بالذي فيهت ‪ ،‬وحينئذ فتحمل عبارة اإلقناع على ما‬
‫فسره املصنف؛ ألن العبارة واحدة‪ ،‬وأصلها لصاحب الرعاية(‪.)2‬‬
‫والظاهر‪ :‬أنه إذا مل يتعرض للزمن أصال‪ ،‬بأن قال‪ :‬أيتكن مل أطأ‪ ،‬فضراهتا طوالق‪.‬‬
‫ومضى زمن ميكن فيه وطء إحداهن‪ ،‬وقع بثالث منهن‪ ،‬طلقة طلقة‪ ،‬ومبضي زمن ميكن‬
‫فيــه وطء الثــانيــة‪ ،‬يقع كــذلــك‪ ،‬وكــذا الثــالثــة والرابعــة‪ ،‬فيطلقن ثالثــا ثالثــا؛ ألن هــذا زمن‬
‫الفورية‪ ،‬وقد فات‪ ،‬بل هذا مقتضى ما تقدم‪ .‬فتدبر‪ ،‬وال تعجل‪ ،‬واهلل أعلم"(‪.)3‬‬
‫وقد قال هبذا القول صاحب املنتهى(‪ ،)4‬وذكره صاحب الغاية اجتاها(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معونة أوىل النهى (‪.)430 /9‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الرعاية (‪ ،) 1038 /2‬وعبارته‪" :‬وإن قال ألربع نسوة‪ :‬أيتكن مل أطأها اليوم فضراهتا طوالق‪ ،‬ومل يطأ يومه‪،‬‬
‫طلقن ثالثا ثالثا"‪.‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)285 - 284 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬معونة أوىل النهى (‪.)430 /9‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)295 /2‬‬
‫‪- 332 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫األص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل أن "أي" مع "مل" تفيــد الفوريــة‪ ،‬ولكن هــذا مقيــد بعــدم وجود نيــة أو‬
‫قرينة(‪ ،)1‬وقد وجدت قرينة هنا على إرادة الرتاخي‪ ،‬وهي‪ :‬استحالة وطئهن معا‪ ،‬فانتفت‬
‫الفورية(‪.)2‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن "أي" مع "مل" تفيـد الفورية(‪ ،)3‬وقد قرر احلنـابلـة أن الزو إذا قال‪ :‬أيتكن مل‬
‫أطلقهــا فهي طــالق‪ ،‬أن الطالق يقع إذا مض ـ ـ ـ ـ ـ ــى زمن ميكن إيقــاعــه فيــه‪ ،‬وهــذه مثلهــا‪،‬‬
‫فتلحق هبا(‪.)4‬‬
‫كما أن القرينة اليت اسـتدل أصـحاب القول األول هبا على إرادة الرتاخي ال تسـلم‬
‫هلم؛ وذلــك ألنــه وإن كــان يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتحيــل وطء األربع معــا‪ ،‬فال يقــال إن هــذا ينفي إرادة‬
‫الفورية‪ ،‬فالفورية يف كل شيء حبسبه(‪.)5‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن عبارة ص ــاحب املنتهى تدل على ما ذكره الش ــيخ منص ــور‪ ،‬إذ اإلطالق‬
‫يقتض ــي عدم التقييد‪ ،‬وقد فس ــره عثمان بذلك يف كثري من املواض ــع‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪:‬‬
‫(وإن أطلق) بأن قال‪ :‬اش ـ ـ ـ ـ ـ ــرت كذا بكذا ومل يقل بعني وال يف ذمة"(‪ ،)6‬وقال‪" :‬وقوله‪:‬‬
‫أطلق‪ ،‬أي‪ :‬بــأن مل يقــل‪ :‬على لبس أو عــاريـة"(‪ ،)7‬وقــال‪(" :‬وأطلق) أي‪ :‬بــأن قــال لــه‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)63 /9‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (‪ ،)1170 /2‬وشرح املنتهى (‪ ،)114 /3‬ومطالب أويل النهى (‪.)403 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪ ،)63 /9‬واإلقناع (‪ ،)30 /4‬ومنتهى اإلرادات (‪.)283 /4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬منتهى اإلرادات (‪ ،)286 /4‬وغاية املنتهى (‪.)295 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)285 - 284 /4‬‬
‫(‪ )6‬حاشية املنتهى (‪.)535 /2‬‬
‫(‪ )7‬حاشية املنتهى (‪.)334 /3‬‬
‫‪- 333 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫تزو ‪ ،‬وحنوه‪ ،‬ومل يقيد بواحدة وال أكثر"(‪ ،)1‬فهذه النص ـ ــوص وغريها تدل على أن املراد‬
‫باإلطالق عدم التقييد أصال‪ ،‬ال اإلتيان مبا يعم مجيع ما يدخل حتت املطلق‪.‬‬
‫على أن قول عثمان ¬ قوي وله حظ من النظر‪ ،‬ولكن ما ذكره منصــور ¬‬
‫هو املشهور من املذهب‪ ،‬وقد نص عليه ابن قدامة وغريه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا علق الرج ــل طالق زوج ــات ــه على ع ــدم الوطء‪ ،‬ومل يقي ــد الوطء بزمن حم ــدد‪،‬‬
‫وذلك بأن قال‪" :‬أيتكن مل أطأ فضراهتا طوالق"‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬هذا التعليق مطلق‪،‬‬
‫فيقيد بالعمر‪ ،‬فإن مات ومل يطأ واحدة منهن طلقن قبل موته‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬هذا‬
‫التعليق غري مطلق‪ ،‬بل مىت ما مضى زمن ميكن فيه الوطء ومل يطأ‪ ،‬وقع الطالق‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)144 /4‬‬


‫‪- 334 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اعتبار النزع جماعا تحصل به الرجعة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫نص كثري من احلنابلة على أن النزع مجاع(‪.)1‬‬
‫وذكر بعض احلنابلة أنه إن علق رجل طالق غري مدخول هبا بوطئها فوطئها‪ ،‬وقع‬
‫الطالق رجعيا(‪.)2‬‬
‫وعلي ــه‪ ،‬فلو علق رج ــل طالق غري م ــدخول هب ــا بوطئه ــا فوطئه ــا‪ ،‬فوقع الطالق‬
‫رجعيا‪ ،‬فهل يقال‪ :‬إن النزع الذي حيص ـ ـ ــل بعد اعتبار هذه الطلقة‪ :‬هو مجاع حتص ـ ـ ــل به‬
‫الرجعة‪ ،‬أم أن هذا النزع ال حتصل به الرجعةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫لو علق رجل طالق غري مدخول هبا بوطئها فوطأها‪ ،‬فوقع الطالق رجعيا‪ ،‬فيقال‪:‬‬
‫إن النزع الذي حيص ـ ـ ـ ـ ــل بعد اعتبار هذه الطلقة هو مجاع حتص ـ ـ ـ ـ ــل به الرجعة‪ ،‬وهذا قول‬
‫منص ـ ـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قــال ¬‪" :‬وإن علق طالق غري مــدخول هبــا بوطئهــا فوطـأهــا وقع‬
‫رجعيا‪ .‬قلت‪ :‬وحصلت رجعتها بنزعه؛ إذ النزع مجاع"(‪.)3‬‬
‫وقد قال هبذا القول اخللويت(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫لو علق رجــل طالق غري مــدخول هبــا بوطئهــا فوطـأهــا‪ ،‬فوقع الطالق رجعيــا‪ ،‬فال‬
‫يقال‪ :‬إن النزع الذي حيصل بعد اعتبار هذه الطلقة هو مجاع حتصل به الرجعة‪ ،‬بل هذا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)439 /1‬واملغين (‪ ،)139 /3‬والشرح الكبري (‪ ،)63 /3‬والفروع (‪ ،)46 - 45 /5‬واملبدع (‪/8‬‬
‫‪ ،)113‬واإلقناع (‪ ،)64 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)26 /2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)82 /4‬وشرح املنتهى (‪.)162 /3‬‬
‫(‪ )3‬شرح املنتهى (‪.)162 /3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)274 /5‬‬
‫‪- 335 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫النزع ال حتص ـ ـ ــل به الرجعة‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد نقله قول منص ـ ـ ــور‪:‬‬
‫"وفيه نظر من وجهني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أهنم مل جيعلوا النزع مجاعا يف مجيع الصـ ــور؛ بدليل أنه يف صـ ــورة الثالث‪:‬‬
‫إذا نزع يف احلال ال مهر عليه وال حد‪ ،‬ولو كان مجاعا للزمه املهر؛ ألنه مجاع أجنبية‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن الرجعة إمنا حتصل مبا يدل على الرغبة‪ ،‬والنزع يدل على الرهبة"(‪.)1‬‬
‫وهذا القول هو ظاهر قول صاحب اإلقناع(‪.)2‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ما نص عليه كثري من احلنابلة من أن النزع مجاع(‪ ،)3‬واجلماع حتصل به الرجعة(‪.)4‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أهنم مل جيعلوا النزع مجاعا يف مجيع الصور؛ بدليل أنه يف صورة الثالث‪ :‬إذا نزع يف‬
‫احلال ال مهر عليه وال حد(‪ ،)5‬ولو كان مجاعا للزمه املهر؛ ألنه مجاع أجنبية‪.‬‬
‫وألن الرجعة إمنا حتصل مبا يدل على الرغبة‪ ،‬والنزع يدل على الرهبة(‪.)6‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن األوىل إحلاق هذه املس ـ ـ ـ ـ ــألة مبس ـ ـ ـ ـ ــألة‪ :‬من علق الطالق بالثالث بوطء‬
‫زوجته‪ ،‬فإن احلنابلة قد نصـ ـ ـوا يف تلك املس ـ ــألة على األحوال اليت جيب فيها املهر‪ ،‬واليت‬
‫ال جيب‪ ،‬قال الش ـ ـ ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ـ ـ ــور يف ش ـ ـ ـ ـ ــرح املنتهى‪(" :‬ويؤمر بطالق من علق) الطالق‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)351 /4‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)82 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)439 /1‬واملغين (‪ ،)139 /3‬والشرح الكبري (‪ ،)63 /3‬والفروع (‪ ،)46 - 45 /5‬واملبدع (‪/8‬‬
‫‪ ،)113‬واإلقناع (‪ ،)64 /1‬ومنتهى اإلرادات (‪.)26 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)162 /3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪ ،)35 /10‬وشرح املنتهى (‪.)161 /3‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)351 /4‬‬
‫‪- 336 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫(الثالث بوطئهــا‪ ،‬وحيرم) وطؤهـا؛ لوقوع الثالث بـإدخـال ذكره‪ ،‬فيكون نزعـه يف أجنبيـة‪،‬‬
‫والنزع مجاع‪( ،‬ومىت أوجل) حشفة يف زوجة علق طالقها الثالث بوطئها (ومتم) وطأه‪( ،‬أو‬
‫لبث) وهو موجل‪( ،‬حلقه نس ـ ـ ـ ـ ـ ــبه)‪ ،‬أي‪ :‬ما ولدته من هذا الوطء‪( ،‬ولزمه املهر‪ ،‬وال حد)‬
‫عليهما؛ للشبهة‪ ،‬وإن نزع يف احلال فال حد‪ ،‬وال مهر؛ ألنه تارك"(‪.)1‬‬
‫فيقال يف مس ـ ــألتنا‪ :‬إن متم وطأه‪ ،‬أو لبث وهو موجل‪ ،‬اعترب نزعه مجاعا حتص ـ ــل به‬
‫الرجعة‪ ،‬وإن نزع يف احلال‪ ،‬فال يعد مجاعا‪ ،‬وال حتصل به الرجعة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو علق رجل طالق غري مدخول هبا بوطئها‪ ،‬فوطئها‪ ،‬فوقع الطالق رجعيا‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول‪ :‬النزع الذي حيصـ ـ ـ ــل بعد اعتبار هذه الطلقة هو مجاع وحتصـ ـ ـ ــل به الرجعة‪،‬‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬النزع الذي حيصـ ــل بعد اعتبار هذه الطلقة ال يعد مجاعا فال حتصـ ــل‬
‫بــه الرجعــة‪ ،‬وعلى القول املرجح‪ :‬إن متم وطــأه‪ ،‬أو لبــث وهو موجل‪ ،‬اعترب نزعــه مجــاعــا‬
‫حتصل به الرجعة‪ ،‬وإن نزع يف احلال‪ ،‬فال يعد مجاعا‪ ،‬وال حتصل به الرجعة‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرح املنتهى (‪ ،)161 /3‬وينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)81 /4‬ومعونة أويل النهى (‪ ،)35 /10‬ومطالب أويل النهى (‪/5‬‬
‫‪.)504‬‬
‫‪- 337 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التعقبات في كتاب اللعان‪ ،‬وكتاب العدد‪.‬‬


‫وفيه أربعة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬إيهام عبارة الفتوحي في قوله‪" :‬ثم يزيد في خامسة‪ :‬وأن لعنة اهلل‬
‫عليه إن كان من الكاذبين" أنه يأتي في الخامسة بالشهادة‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬المدة التي يلحق فيها نسب المولود من رجعية بطليقها‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬تضمين البينة ما تل من المال إن شهدت بموت رجل ثم بان‬
‫حيا‪.‬‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬إدخال مسألة‪ :‬نكاح الرجعية بعد انقطاع الحيضة الثالثة وقبل‬
‫الغسل في النكاح الفاسد‪.‬‬

‫‪- 338 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إيهام عبارة الفتوحي في قوله‪" :‬ثم يزيد في‬
‫خامسة‪ :‬وأن لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبين" أنه يأتي في‬
‫الخامسة بالشهادة‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬ عند ذكره ص ـ ـ ــفة املالعنة‪" :‬مث يزيد يف خامس ـ ـ ــة‪ :‬وأن لعنة اهلل‬
‫عليه إن كان من الكاذبني"(‪ ،)1‬فهل هذه العبارة مس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقيمة‪ ،‬أم أهنا مومهة ملعىن غري‬
‫مرادت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫هذه العبارة مســتقيمة‪ ،‬وعلى هذا يدل صــنيع الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬وصــفته‪ :‬أن‬
‫يقول زو أربعا‪ :‬أشــهد باهلل إين ملن الصــادقني فيما رميتها به من الزنا‪ ،‬ويشــري إليها‪ ،‬وال‬
‫حاجة ألن تس ــمى أو تنس ــب إال مع غيبتها‪ ،‬مث يزيد يف خامس ــة‪ :‬وأن لعنة اهلل عليه إن‬
‫كان من الكاذبني‪ .‬مث زوجة أربعا‪ :‬أش ـ ـ ــهد باهلل إنه ملن الكاذبني فيما رماين به من الزنا‪،‬‬
‫مث تزيد يف خامسة‪ :‬وأن غضب اهلل عليها إن كان من الصادقني(‪.)2‬‬
‫وقد تابع الفتوحي يف عبارته ص ـ ـ ـ ـ ــاحب الغاية(‪ ،)3‬والش ـ ـ ـ ـ ــيخ منص ـ ـ ـ ـ ــور يف الروض‬
‫املربع(‪ ،)4‬وعمدة الطالب(‪ ،)5‬وصـ ـ ــاحب الروض الندي(‪ ،)6‬كما أشـ ـ ــار إىل هذه العبارة‬
‫ابن قاسم(‪ ،)7‬وابن عثيمني(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)371 /4‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)372 - 371 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪ ،)347 /2‬وعبارته‪" :‬مث يزيد يف اخلامسة‪ :‬لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني" وينظر‪ :‬دليل‬
‫الطالب (ص‪.)277 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الروض املربع (ص‪ ،)598 :‬وعبارته‪(" :‬و) يزيد (يف اخلامسة‪ :‬وأن لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني)"‪.‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬عمدة الطالب (‪ ،)211 /1‬وعبارته‪" :‬ويزيد يف اخلامسة‪ :‬وأن لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني"‪.‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الروض الندي (ص‪ ،)420 :‬وعبارته‪(" :‬و) يزيد (يف اخلامسة وأن لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني)"‪.‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬حاشية الروض (‪ ،)32 /7‬وعبارته‪" :‬أي‪ :‬ويزيد يف الشهادة اخلامسة قوله‪ :‬أن لعنة اهلل إن كان من الكاذبني‪.‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬الشرح املمتع على زاد املستقنع (‪ ،)290 /13‬وعبارته‪" :‬قوله‪( :‬ويف اخلامسة‪ :‬وأن لعنة اهلل عليه إن كان من‬
‫الكاذبني) إذن ال بد من مخس مرات أشهد باهلل‪ ،‬ويف اخلامسة يضيف إليها أن لعنة اهلل عليه"‪.‬‬
‫‪- 339 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫هـذه العبـارة توهم أنـه يـأيت يف اخلـامس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة بـالش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـادة‪ ،‬ويقول بعـدهـا‪ :‬وأن لعنـة‬
‫اهلل‪...‬إخل‪ ،‬وهو غري ظ ــاهر‪ ،‬وه ــذا هو تعق ــب عثم ــان‪ ،‬ق ــال ¬‪" :‬املتب ــادر من لفظ‬
‫الزيادة أنه يأيت يف اخلامسـ ـ ـ ـ ـ ــة بالشـ ـ ـ ـ ـ ــهادة‪ ،‬ويقول بعدها‪ :‬وأن لعنة اهلل‪...‬إخل‪ ،‬وهذا غري‬
‫ظاهر؛ ألهنا تكون حينئذ مخس ش ـ ـ ـ ـ ـ ــهادات‪ ،‬مع أن اآلية الكرمية مص ـ ـ ـ ـ ـ ــرحة بأهنا أربع‬
‫شهادات‪ ،‬ولذلك عرب غريه كاحملرر بقوله‪ :‬مث يقول يف خامسة‪...‬إخل‪ ،‬وهي أوىل"(‪.)1‬‬
‫وقد قال هبذا القول ابن عوض(‪ ،)2‬واللبدي(‪.)3‬‬
‫كما عرب غري واحد من احلنابلة بالقول دون ذكر لفظ الزيادة‪ ،‬منهم‪ :‬اإلمام أمحد‬
‫¬(‪ ،)4‬واخلرقي(‪ ،)5‬وأبو اخلطاب(‪ ،)6‬وابن قدامة(‪ ،)7‬واجملد(‪ ،)8‬وصاحب الرعاية(‪،)9‬‬
‫والوجيز(‪ ،)10‬والفروع(‪ ،)11‬واإلقناع(‪.)12‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن ما ذكره عثمان ¬ متجه؛ وذلك ألن التعبري الذي ذكره هو املوافق‬
‫ملــا جــاء يف اآليــة الكرميــة‪ ،‬ولتعــاقــب أئمــة املــذهــب على التعبري الــذي ذكره‪ ،‬وحلص ـ ـ ـ ـ ـ ــول‬
‫اإليهام بعبارة ص ـ ــاحب املنتهى‪ ،‬والبعد عن اإليهام هو األوىل‪ ،‬وقد جياب عن ص ـ ــاحب‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)371 /4‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬فتح وهاب املآرب (‪.)241 – 240 /3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)343 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مسائل اإلمام أمحد رواية ابنه عبد اهلل (ص‪ ،)377 :‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهويه (‪.)1659 /4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬خمتصر اخلرقي (ص‪.)117 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪.)479 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)181 /3‬واملقنع (ص‪.)371 :‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬احملرر (‪.)98 /2‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬الرعاية (‪.)1114 /2‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬الوجيز (ص‪.)394 :‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)204 /9‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)96 /4‬‬
‫‪- 340 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫املنتهى بأنه أراد بقوله‪" :‬مث يزيد" أي‪ :‬على األربع شهادات املذكورة يف اآلية الكرمية(‪،)1‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬
‫وميكن أن يقال‪ :‬إن القول األول يفيد أن املالعن يذكر يف اخلامسة لفظ الشهادة‪،‬‬
‫مث يقول‪ :‬وأن لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني(‪ ،)2‬وأما على القول الثاين‪ :‬فال يذكر‬
‫لفظ الشهادة يف اخلامسة‪ ،‬بل يقول ابتداء‪" :‬وأن لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬فتح وهاب املآرب (‪.)241 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪ ،)32 /7‬والشرح املمتع على زاد املستقنع (‪.)290 /13‬‬
‫‪- 341 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المدة التي يلحق فيها نسب المولود من رجعية‬
‫بطليقها‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قــال الفتوحي ¬‪" :‬وإن ولــدت رجعيــة بعــد أربع س ـ ـ ـ ـ ـ ــنني منــذ طالقهــا‪ ،‬وقبــل‬
‫انقضاء عدهتا‪ ،‬أو ألقل من أربع سنني منذ انقضت‪ ،‬حلق نسبه"(‪ ،)1‬فهل قوله هذا بني‬
‫وخمتصر‪ ،‬أم أن هناك عبارة أخرى هي أوىل من هذه العبارةت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫هذه العبارة بينة وخمتص ـ ـ ـ ـ ــرة‪ ،‬وعلى هذا يدل صـ ـ ـ ـ ـ ــنيع الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬وإن‬
‫ولدت رجعية بعد أربع ســنني منذ طالقها‪ ،‬وقبل انقضــاء عدهتا‪ ،‬أو ألقل من أربع ســنني‬
‫منذ انقضت‪ ،‬حلق نسبه"(‪.)2‬‬
‫وقد عرب بالتعبري الذي ذكره الفتوحي ص ـ ــاحب الغاية(‪ ،)3‬وكش ـ ــف املخدرات(‪،)4‬‬
‫والروض الندي(‪ ،)5‬واللبدي(‪.)6‬‬
‫وعبــارة املقنع(‪ ، )7‬والتنقيح(‪ ، )8‬واإلقنــاع(‪ ،)9‬فيهــا ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبــه بــالعبــارة اليت ذكرهــا‬
‫الفتوحي‪.‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)386 – 385 /4‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)386 – 385 /4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)354 - 353 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬كشف املخدرات (‪.)665 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الروض الندي (ص‪.)422 - 421 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)345 /2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪ ،)375 :‬وعبارته‪" :‬وإن طلقها طالقا رجعيا فولدت ألكثر من أربع سنني منذ طلقها وألقل من‬
‫أربع سنني منذ انقضت عدهتا ففيه وجهان"‪.‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬التنقيح املشبع (ص‪ ،)404 :‬وعبارته‪(" :‬وإن طلقها رجعيا فولدت بعد أربع سنني منذ طلق) وقبل نصف‬
‫سنة منذ أخربت بفراغ العدة‪ ،‬أو مل خترب‪( ،‬أو ألقل من أربع سنني منذ انقضت عدهتا) حلقه نسبه"‪.‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)106 /4‬وعبارته‪" :‬وإن طلقها طالقها رجعيا فولدت ألكثر من أربع سنني منذ طلقها وقبل نصف‬
‫سنة منذ أخربت بفراغ العدة أو مل خترب‪ ،‬أو ألقل من أربع سنني منذ انقضت عدهتا حلقه نسبه"‪.‬‬
‫‪- 342 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫هنــاك عبــارة أخرى هي أوىل من العبــارة اليت ذكرهــا الفتوحي‪ ،‬وهــذا هو تعقــب‬
‫عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬ولو قال يف العبارة‪ :‬وإن ولدت رجعية ألقل من أربع س ـ ـ ـ ـ ـ ــنني منذ‬
‫انقضاء عدهتا ولو بعدها منذ طالقها حلق نسبه‪ ،‬حلصل املقصود باختصار"(‪.)1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫قد تكون عبارة الش ـ ـ ــيخ عثمان أكثر وض ـ ـ ــوحا واختص ـ ـ ــارا‪ ،‬إال أن عبارة الفتوحي‬
‫¬ فيها متس ـ ــك بالتعبري الذي ذكره ص ـ ــاحبا املقنع والتنقيح‪ ،‬وذكره لعبارهتما أوىل من‬
‫ذكر غريها؛ ألن املنتهى هو مجع بني املقنع والتنقيح‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬حاشية املنتهى (‪.)385 /4‬‬


‫‪- 343 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تضمين البينة ما تلف من المال إن شهدت بموت‬
‫رجل ثم بان حيا‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا شـ ــهدت بينة مبوت رجل‪ ،‬فقدم بعد قسـ ــم ماله وتلفه‪ ،‬فمن املطالب بضـ ــمان‬
‫املال املتلفت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫املطالب بالضـ ــمان هو املباشـ ــر لإلتالف‪ ،‬فإن تعذر طولبت البينة املتسـ ــببة‪ ،‬وهذا‬
‫ظاهر قول منص ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪(" :‬ومن ظهر موته الس ــتفاض ــة أو بينة) ش ــهدت‬
‫مبوته كذبا‪( ،‬مث قدم‪ ،‬فكمفقود) إذا عاد‪ ،‬فرتد إليه إن مل يطأ الثاين‪ ،‬وخيري إن كان وطئ‬
‫على ما تقدم‪( ،‬وتض ـ ــمن البينة) اليت ش ـ ــهدت بوفاته (ما تلف من ماله)؛ لتلفه بس ـ ــبب‬
‫ش ـ ـ ـ ـ ــهادهتا‪ .‬قلت‪ :‬إن تعذر تض ـ ـ ـ ـ ــمني املباش ـ ـ ـ ـ ــر وإال فالض ـ ـ ـ ـ ــمان عليه؛ ألنه مقدم على‬
‫املتسبب"(‪.)1‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫له تضـ ـ ــمني املباشـ ـ ــر لإلتالف‪ ،‬وله تضـ ـ ــمني البينة املتسـ ـ ــببة‪ ،‬وقرار الضـ ـ ــمان على‬
‫املباش ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪" :‬الذي يظهر أنه ال حاجة للقيد الذي‬
‫ذكره‪ ،‬بل له تض ـ ـ ــمني كل من املتس ـ ـ ــبب واملباش ـ ـ ــر‪ ،‬كما ص ـ ـ ــرح به يف اإلقناع(‪ ،)2‬وقرار‬
‫الضمان على املباشر‪ ،‬كما صرحوا به يف مواضع"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬شرح املنتهى (‪.)199 /3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)114 /4‬قال رمحه اهلل‪" :‬ومن ظهر موته باستفاضة‪ ،‬كأن تظاهرت األخبار مبوته‪ ،‬أو بينة‪ ،‬فاعتدت‬
‫زوجته للوفاة‪ ،‬أبيح هلا أن تتزو ‪ ،‬فإن عاد زوجها بعد ذلك فكمفقود‪ :‬خيري زوجها بني أخذها‪ ،‬وتركها وله الصداق‪.‬‬
‫وله تضمني البينة ما تلف من ماله"‪.‬‬
‫(‪ )3‬حاشية املنتهى (‪.)403 /4‬‬
‫‪- 344 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫وق ــد نص على التخيري يف املغين(‪ ،)1‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ــرح(‪ ،)2‬واملعون ــة(‪ ،)3‬ومط ــال ــب أويل‬
‫النهى(‪ ،)4‬كما نص عليه الشيخ منصور يف حاشيته على املنتهى(‪.)5‬‬
‫ونص يف الفروع(‪ ،)6‬واملبدع(‪ ،)7‬والتنقيح(‪ ،)8‬واإلقناع(‪ ،)9‬والغاية(‪ ،)10‬ومنص ـ ـ ـ ــور‬
‫يف الكشاف(‪ )11‬على أن البينة تضمن ما تلف من املال‪.‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ألن املباشر مقدم على املتسبب(‪.)12‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫قلنا له تضمني الشاهدين؛ ألهنما سبب االستيالء عليه‪ ،‬وله تضمني املتلف؛ ألنه‬
‫أتلف ماله بغري إذنه(‪. )13‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)139 /8‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري على منت املقنع (‪.)135 /9‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)108 /10‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)573 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (‪.)1217 /2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)254 /9‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)93 /7‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬التنقيح املشبع (ص‪.)406 :‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪.)114 /4‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)360 /2‬‬
‫(‪ )11‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)423 /5‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)199 /3‬‬
‫(‪ )13‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)139 /8‬والشرح الكبري (‪.)135 /9‬‬
‫‪- 345 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح هو ما ذكره الش ــيخ عثمان ¬؛ وذلك لتعاقب أئمة املذهب عليه‪،‬‬
‫وألن التعليل الذي ذكره الشــيخ منصــور ليس فيه ما يربئ املتســبب ويقطع املطالبة عنه‪،‬‬
‫وقد ذكر ابن رجب يف قواعده احلال اليت ال يض ـ ـ ــمن فيها املتس ـ ـ ــبب ش ـ ـ ــيئا‪ ،‬واحلال اليت‬
‫يضـ ـ ـ ــمن فيها‪ ،‬قال ¬‪" :‬إذا اسـ ـ ـ ــتند إتالف أموال اآلدميني ونفوسـ ـ ـ ــهم إىل مباشـ ـ ـ ــرة‬
‫وســبب‪ ،‬تعلق الضــمان باملباشــرة دون الســبب‪ ،‬إال أن تكون املباشــرة مبنية على الســبب‬
‫وناشــئة عنه"(‪ ،)1‬وال شــك أن هذه املســألة داخلة يف القســم الثاين؛ ألن مباشــرة إتالف‬
‫املال ناشئ ومبين على البينة اليت شهدت بالوفاة‪.‬‬
‫وقد يقال إن منصــورا ¬ قصــد التنبيه على أن قول صــاحب املنتهى‪" :‬وتضــمن‬
‫البينة ما تلف من ماله"(‪ ،)2‬ليس القصــد منه تربئة املباشــر‪ ،‬وإمنا القصــد ضــم ذمة البينة‬
‫املتسببة إىل ذمة من باشر اإلتالف يف ضمان املال‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا شهدت بينة مبوت رجل‪ ،‬فقدم بعد قسم ماله وتلفه‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬ليس‬
‫له إال مطالبة املباشـ ـ ــر إلتالف املال‪ ،‬وهم الورثة‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬له مطالبة املباشـ ـ ــر‬
‫لإلتالف‪ ،‬وله مطالبة البينة اليت شهدت مبوته‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬قواعد ابن رجب‪ ،‬القاعدة رقم ‪.)597 /2( 127‬‬
‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)402 /4‬‬
‫‪- 346 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬إدخال مسألة‪ :‬نكاح الرجعية بعد انقطاع الحيضة‬
‫الثالثة وقبل الغسل‪ ،‬في النكاح الفاسد‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫ذكر البهويت ¬ يف أمثلة النكاح الفاسـ ـ ـ ــد املختلف يف صـ ـ ـ ــحته‪ :‬نكاح الرجعية‬
‫بعد انقطاع احليضة الثالثة‪ ،‬وقبل الغسل‪ ،‬فهل هذا التمثيل صحيح أم الت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫هذا التمثيل ص ــحيح‪ ،‬وعلى هذا يدل ص ــنيع منص ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪:‬‬
‫(أو نكاح فاســد) حيتمل أن املراد بالفاســد هنا‪ :‬الباطل‪ ،‬وحيتمل أن املراد به‪ :‬ما اختلف‬
‫يف صحته‪ ،‬وميثل بالواقع يف عدة الزنا‪ ،‬أو بعد انقطاع احليضة الثالثة قبل الغسل"(‪.)1‬‬
‫وقد ذكر هذا املثال أيضا‪ :‬اخللويت(‪ ،)2‬وصاحب مطالب أويل النهى(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫هذا التمثيل فيه نظر‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد نقله قول البهويت‪:‬‬
‫"ويف قوله‪ :‬أو بعد انقطاع احليضـ ـ ـ ـ ــة‪...‬إخل نظر؛ إذ العدة تنقضـ ـ ـ ـ ــي بانقطاع الثالثة‪ ،‬وإن‬
‫كانت الرجعية ال حتل لغري مطلقها حىت تغتسل أو تتيمم‪ .‬فتأمل"(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫الظاهر أن التعقب غري وجيه؛ وذلك ألن البهويت ¬ مل يش ـ ـ ـ ـ ـ ــر يف كالمه إىل‬
‫حصول انقضاء العدة من عدمه‪.‬‬

‫(‪ )1‬إرشاد أويل النهى (‪.)1218 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)395 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)575 /5‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)405 - 404 /4‬‬
‫‪- 347 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫وألن عثمان ¬ نص يف تعقبه على أن الزوجة ال حتل قبل الغسل لغري مطلقها‪،‬‬
‫وهذا األمر الذي بس ـ ـ ـ ـ ـ ــببه ذكر البهويت هذا املثال‪ ،‬فإن عدم حلها لغري زوجها قول يف‬
‫املس ــألة‪ ،‬والقول اآلخر‪ :‬أهنا حتل لغري زوجها(‪ ،)1‬وعليه فتكون هذه املس ــألة داخلة حتت‬
‫قول البهويت‪" :‬ما اختلف يف صحته"(‪ ،)2‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اهلداية (ص‪ ،)463 :‬واملغين (‪ ،)521 /7‬والشرح الكبري (‪ ،)478 /8‬واحملرر (‪ ،)104 /2‬وزاد املعاد (‪/5‬‬
‫‪ ،)534‬والفروع (‪ ،)241 /9‬وشرح الزركشي (‪ ،)542 /5‬وتصحيح الفروع (‪ ،)242 /9‬واإلنصاف (‪.)158 /9‬‬
‫(‪ )2‬إرشاد أويل النهى (‪.)1218 /2‬‬
‫‪- 348 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬التعقبات في كتاب الجنايات‪ ،‬وكتاب‬


‫الحدود‪ ،‬وكتاب األطعمة‪.‬‬
‫وفيه أربعة مطالب‪.‬‬
‫• المطلب األول‪ :‬تسليم القن الجاني لولي الجناية‪.‬‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬قبول توبة المرتد والكافر إن أتى بالشهادتين غير متواليتين‪.‬‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬اشتراط إقرار الجاحد بما جحده مع قوله‪" :‬أنا مسلم"‪.‬‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬أكل من يقول بوجوب التسمية من ذبيحة من ال يقول بوجوبها إن‬
‫لم يسم على ذبيحته‪.‬‬

‫‪- 349 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تسليم القن الجاني لولي الجناية‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال البهويت ¬ يف عمدة الطالب‪" :‬ويتعلق أرب جناية قن برقبته إن مل يأذنه‬
‫س ـ ــيده‪ ،‬فيفديه‪ ،‬أو يبيعه فيها‪ ،‬أو يس ـ ــلمها لوليها"(‪ ،)1‬فهل قوله ¬‪" :‬أو يس ـ ــلمها"‬
‫مناسب ملا قبله‪ ،‬أم أن هناك عبارة أخرى هي أنسب منهات‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫عبارة‪" :‬أو يسلمها" مناسبة ملا قبلها‪ ،‬وعلى هذا يدل صنيع منصور البهويت‪ ،‬قال‬
‫¬‪" :‬ويتعلق أرب جناية قن برقبته إن مل يأذنه س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ يده‪ ،‬فيفديه‪ ،‬أو يبيعه فيها‪ ،‬أو‬
‫يسلمها لوليها"(‪.)2‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫عبارة‪" :‬أو يسـ ـ ــلمها" ليسـ ـ ــت مناسـ ـ ــبة ملا قبلها‪ ،‬واألوىل أن يقال‪" :‬أو يسـ ـ ــلمه"‪،‬‬
‫وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪(" :‬أو يبيعه فيها أو يسـ ــلمها) أي‪ :‬الرقبة كذا اطه‪،‬‬
‫واألنسب بالضمائر السابقة أن يقال‪ :‬أو يسلمه أي اجلاين (لوليها) أي اجلناية"(‪.)3‬‬
‫وقد جعل مجلة من احلنابلة الض ـ ـ ــمري يف التس ـ ـ ــليم يف هذا املقام راجعا إىل اجلاين‪،‬‬
‫ومنهم‪ :‬اإلمام أمحد ¬(‪ ،)4‬واخلرقي(‪ ،)5‬وص ـ ـ ـ ــاحب اإلرش ـ ـ ـ ــاد(‪ ،)6‬واملس ـ ـ ـ ــتوعب(‪،)7‬‬

‫(‪ )1‬عمدة الطالب لنيل املآرب (‪.)224 /1‬‬


‫(‪ )2‬عمدة الطالب لنيل املآرب (‪.)224 /1‬‬
‫(‪ )3‬هداية الراغب (‪.)756 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهويه (‪.)3606 /7‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬خمتصر اخلرقي (ص‪.)127 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اإلرشاد إىل سبيل الرشاد (ص‪.)454 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬املستوعب (‪.)349 /2‬‬
‫‪- 350 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫واملقنع(‪ ،)1‬والرعــايــة(‪ ،)2‬والفروع(‪ ،)3‬واإلقنــاع(‪ ،)4‬وأخص ـ ـ ـ ـ ـ ــر املختص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرات(‪ ،)5‬وكــايف‬


‫املبتدي(‪.)6‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل األوىل ما ذهب إليه الشـ ـ ــيخ عثمان ¬؛ وذلك لتعاقب أئمة املذهب على‬
‫هذا التعبري‪ ،‬وليناسب ما قبله من الضمائر‪ ،‬وذلك أن التخيري بني الفداء والبيع والتسليم‬
‫واقع على عني واحدة‪ ،‬فالض ـ ـ ــمائر الثالثة تعود إىل ش ـ ـ ــيء واحد‪ ،‬فالتعبري فيها بض ـ ـ ــمري‬
‫واحد هو األوىل‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقنع (ص‪.)418 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الرعاية (‪.)1187 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪.)446 /9‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)215 /4‬وزاد املستقنع (ص‪.)213 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬أخصر املختصرات (ص‪.)248 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الروض الندي شرح كايف املبتدي (ص‪.)456 :‬‬
‫‪- 351 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قبول توبة المرتد والكافر إن أتى بالشهادتين غير‬
‫متواليتين‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫املشــهور من مذهب احلنابلة أنه يلزم لقبول توبة املرتد والكافر اإلتيان بالشــهادتني‬
‫مجيعا(‪ ،)1‬وعليه‪ :‬فلو أن مرتدا‪ ،‬أو كافرا أتى بالش ــهادتني غري متواليتني‪ ،‬فهل تقبل توبته‬
‫بذلك‪ ،‬أم يشرتط أن تكون الشهادتني متواليتنيت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫تقبل توبة املرتد والكافر إذا أتى بالشـ ـ ـ ـ ــهادتني‪ ،‬ولو كانتا غري متواليتني‪ ،‬وهذا قول‬
‫منصـ ـ ـ ـ ــور البهويت‪ ،‬قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬إتيانه بالشـ ـ ـ ـ ــهادتني) ظاهره‪ :‬سـ ـ ـ ـ ــواء كانا مرتبتني‬
‫متواليتني أو ال"(‪.)2‬‬
‫عوض(‪)5‬‬ ‫وقد قال هبذا القول ص ـ ـ ـ ـ ــاحب الغاية(‪ ،)3‬وش ـ ـ ـ ـ ــارحها(‪ ،)4‬ونس ـ ـ ـ ـ ــبه ابن‬
‫واللبدي(‪ )6‬إىل عثمان الفتوحي‪ ،‬حفيد صاحب املنتهى(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)488 /7‬واإلنصاف (‪ ،)336 /10‬واإلقناع (‪ ،)303 /4‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)171 /5‬وغاية‬
‫املنتهى (‪.)503 /2‬‬
‫(‪ )2‬إرشاد أويل النهى (‪.)1350 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)503 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)295 /6‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬فتح وهاب املآرب (‪.)456 /3‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)413 /2‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬عثمان بن أمحد بن حممد الفتوحي الشهري بابن النجار‪ .‬وجده حممد هو صاحب املنتهى‪ .‬كان احلفيد أحد‬
‫أجالء احلنابلة‪ ،‬وكان قاضيا ماهرا يف الفقه والعلوم العقلية والنقلية‪ .‬له حاشية على منتهى جده‪ ،‬تويف سنة ‪1064‬‬
‫هـ‪ .‬النعت األكمل (ص‪ ،)216 :‬والسحب الوابلة (‪.)700 /2‬‬
‫‪- 352 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫يشـ ـ ــرتط أن تكون الشـ ـ ــهادتان متواليتان‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد‬
‫نقله قول منص ـ ـ ـ ــور‪" :‬مقتض ـ ـ ـ ــى قوله اآليت‪( :‬وال يغين قوله‪ :‬حممد رس ـ ـ ـ ــول اهلل عن كلمة‬
‫التوحيد‪ ،‬ولو من مقر به)(‪ )1‬أنه البد من التوايل‪ .‬فليحرر"(‪.)2‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫الظاهر من نصـ ـ ـ ــهم على وجوب اإلتيان بالشـ ـ ـ ــهادتني دون نصـ ـ ـ ــهم على وجوب‬
‫املواالة عدم اشرتاط ذلك(‪.)3‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن قوهلم‪ :‬ال يغين قوله‪ :‬حممد رســول اهلل عن كلمة التوحيد‪ ،‬ولو من مقر به‪ ،‬دال‬
‫على أنه البد من التوايل(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح هو ما ذهب إليه الشيخ منصور ¬؛ وذلك ملا يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن األصل عدم اشرتاط املواالة‪ ،‬ومن اشرتط ذلك فهو املطالب بالدليل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن احلنابلة نصوا على أنه لو قال‪" :‬أنا مسلم" فهو كاف يف توبته(‪ ،)5‬وهذا‬
‫يدل على أن العربة بالتلفظ باإلقرار مبا يدل على الدخول يف اإلسالم‪ ،‬ومن نطق بكلمة‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)171 /5‬‬


‫(‪ )2‬حاشية املنتهى (‪.)171 /5‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬إرشاد أويل النهى (‪.)1350 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪.)171 /5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)197 /10‬واإلقناع (‪ ،)304 - 303 /4‬ومنتهى اإلرادات (‪ ،)171 /5‬وغاية املنتهى (‪/2‬‬
‫‪ ،)503‬وكشف املخدرات (‪.)781 /2‬‬
‫‪- 353 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫التوحيد‪ ،‬مث أمســك زمنا‪ ،‬مث نطق بشــهادة أن حممدا رســول اهلل‪ ،‬فقد أقر بإســالمه‪ ،‬فهو‬
‫مبنزلة من قال‪ :‬أنا مسلم‪ ،‬بل قد يقال إنه أوىل منه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن الشهادتني مجلتان خمتلفان‪ ،‬ال خيتل معىن واحدة منهما إذا استقلت عن‬
‫األخرى‪ ،‬فـ ــاإلتيـ ــان هبمـ ــا مفرتقتني غري متواليتني يؤدي ذات املعىن فيمـ ــا لو أيت هبمـ ــا‬
‫متواليتني‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن الرتاخي ال يبطل اإلقرار والش ـ ـ ـ ـ ــهادة‪ ،‬فالنطق بكلمة التوحيد واإلقرار هبا‬
‫ال يبطل مبضي الزمن‪ ،‬فمىت نطق املرتد بالشهادة الثانية استصحبت الشهادة األوىل‪ ،‬إذ‬
‫أن حكمها باق‪ ،‬فيحكم بإسالمه‪.‬‬
‫وأما ما ذكره الشـ ــيخ عثمان من أن مقتضـ ــى قوهلم‪" :‬ال يغين قوله‪ :‬حممد رسـ ــول‬
‫اهلل عن كلمة التوحيد‪ ،‬ولو من مقر به" أنه البد من التوايل فهو غري مس ــلم؛ وذلك ألن‬
‫العب ــارة امل ــذكورة ليس فيه ــا م ــا ي ــدل على وجوب املواالة‪ ،‬وإمن ــا هي دال ــة على وجوب‬
‫اإلتيان بلفظ الش ـ ـ ـ ــهادتني‪ ،‬وأن قول‪ :‬حممد رس ـ ـ ـ ــول اهلل ال يغين عن كلمة التوحيد‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫لو أن مرتدا أو كافرا أتى بالش ـ ـ ـ ـ ـ ــهادتني غري متواليتني‪ ،‬فعلى القول األول‪ :‬حيكم‬
‫بإسالمه‪ ،‬وعلى القول الثاين‪ :‬ال حيكم بإسالمه‪.‬‬
‫وعليه فلو أتى بكلمة التوحيد‪ ،‬مث أمس ــك زمنا‪ ،‬مث أتى بش ــهادة أن حممدا رسـ ــول‬
‫اهلل‪ ،‬مث مات‪ ،‬فعلى القول‪ :‬حيكم بإس ـ ـ ــالمه‪ ،‬فيعامل معاملة املس ـ ـ ــلمني‪ ،‬ويص ـ ـ ــلى عليه‪،‬‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬ال حيكم بإسالمه‪ ،‬وهو يف حكم الكفار‪.‬‬

‫‪- 354 -‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اشتراط إقرار الجاحد بما جحده مع قوله‪" :‬أنا‬
‫مسلم"‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫قال الفتوحي ¬‪" :‬وتوبة مرتد وكل كافر إتيانه بالش ـ ـ ـ ـ ـ ــهادتني‪ ،‬مع إقرار جاحد‬
‫لفرض‪ ،‬أو حتليل‪ ،‬أو لتحرمي‪ ،‬أو نيب‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬أو رسالة حممد ‘ إىل غري العرب‪ ،‬مبا‬
‫جحده‪ ،‬أو قوله أنا مسلم"(‪.)1‬‬
‫فهـل يقـال‪ :‬األوىل تـأخري قولـه‪" :‬مع إقرار جـاحـد لفرض ‪ "...‬لئال يتوهم بـأنـه ال‬
‫يشـ ــرتط للجاحد إن قال‪" :‬أنا مسـ ــلم" أن يقر مبا جحد به‪ ،‬أم أن عبارته مسـ ــتقيمة وال‬
‫يرد عليها هذا االحتمالت‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫العبــارة مس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقيمــة‪ ،‬وال يرد عليهــا االحتمــال املــذكور‪ ،‬وعلى هــذا يــدل ص ـ ـ ـ ـ ـ ــنيع‬
‫الفتوحي‪ ،‬قال ¬‪" :‬وتوبة مرتد وكل كافر إتيانه بالشـهادتني‪ ،‬مع إقرار جاحد لفرض‪،‬‬
‫أو حتليــل‪ ،‬أو لتحرمي‪ ،‬أو نيب‪ ،‬أو كتــاب‪ ،‬أو رس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالــة حممــد ‘ إىل غري العرب‪ ،‬مبــا‬
‫جحده‪ ،‬أو قوله أنا مسلم"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)171 /5‬‬


‫(‪ )2‬منتهى اإلرادات (‪.)171 /5‬‬
‫‪- 355 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫وقد ذكر غري واحد من احلنابلة هذه املس ـ ـ ـ ـ ـ ــألة‪ ،‬وعرب عنها بتعبري مش ـ ـ ـ ـ ـ ــابه لتعبري‬
‫الفتوحي‪ ،‬منهم‪ :‬صاحب الفروع(‪ ،)1‬واإلقناع(‪ ،)2‬والغاية(‪ ،)3‬والروض(‪.)4‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫األوىل تــأخري قولــه‪" :‬مع إقرار جــاحــد لفرض ‪"...‬؛ لئال يتوهم أنــه ال يش ـ ـ ـ ـ ـ ــرتط‬
‫للجاحد إن قال‪" :‬أنا مسلم" أن يقر مبا جحد به‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬‪:‬‬
‫"قوله‪( :‬أو قوله‪ :‬أنا مس ـ ـ ـ ـ ــلم) أي‪ :‬مع إقرار جاحد لفرض ‪...‬إخل‪ ،‬ولو أخره؛ ليش ـ ـ ـ ـ ــمل‬
‫الصورتني‪ ،‬لكان أوىل"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)197 /10‬وعبارته‪" :‬وتوبة كل كافر إتيانه بالشهادتني مع إقراره مبا جحده من نيب أو غريه‪ ،‬أو‬
‫قوله‪ :‬أنا مسلم"‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلقناع (‪ ،)304 - 303 /4‬وعبارته‪" :‬وتوبة املرتد وكل كافر‪ ،‬موحدا كان كاليهودي أو غري موحد كالنصراين‬
‫واجملوسي وعبدة األوثان‪ ،‬إسالمه‪ :‬أن يشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأن حممدا رسول اهلل‪ ... ،‬لكن إن كانت ردته بإنكار‬
‫فرض‪ ،‬أو إحالل حمرم‪ ،‬أو جحد نيب‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬أو شيء منه‪ ،‬أو إىل دين من يعتقد أن حممدا ‘ بعث إىل العرب‬
‫خاصة‪ ،‬فال يصح إسالمه حىت يقر مبا جحده ويشهد أن حممدا بعث إىل العاملني أو يقول‪ :‬أنا برئ من كل دين‬
‫خيالف اإلسالم مع اإلتيان بالشهادتني ‪ ....‬وقوله‪ :‬أنا مسلم أو أسلمت أو أنا مؤمن أو أنا برئ من كل دين خيالف‬
‫دين اإلسالم توبة"‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪ ،)503 /2‬وعبارته‪" :‬وتوبة مرتد وكل كافر إتيانه بالشهادتني‪ .‬ويتجه‪ :‬أو صالة ركعة‪ ،‬وأنه ال‬
‫ترتيب وال مواالة فيهما‪ .‬مع إقرار جاحد لفرض‪ ،‬أو حتليل‪ ،‬أو لتحرمي‪ ،‬أو نيب‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬أو رسالة نبينا إىل غري‬
‫العرب‪ ،‬مبا جحده‪ ،‬وإال مل يصح إسالمه‪ ،‬أو قوله‪ :‬أنا مسلم"‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الروض املربع (ص‪ ،)684 - 683 :‬وعبارته‪(" :‬وتوبة املرتد) إسالمه (و) توبة (كل كافر إسالمه بأن يشهد)‬
‫املرتد أو الكافر األصلي (أن ال إله إال اهلل وأن حممدا رسول اهلل) ‪( ...‬ومن كان كفره حد فرض وحنوه) كتحليل‬
‫حرام‪ ،‬أو حترمي حالل‪ ،‬أو جحد نيب‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬أو رسالة حممد ‘ إىل غري العرب‪( ،‬فتوبته مع) إتيانه بـ (الشهادتني‬
‫إقراره باجملحود به) من ذلك‪ ،‬ألنه كذب اهلل سبحانه مبا اعتقده من اجلحد‪ ،‬فال بد يف إسالمه من اإلقرار مبا جحده‪.‬‬
‫(أو قوله‪ :‬أنا) مسلم أو (بريء من كل دين خيالف دين اإلسالم)‪ ،‬ولو قال كافر‪ :‬أسلمت‪ ،‬أو أنا مسلم‪ ،‬أو أنا‬
‫مؤمن‪ ،‬صار مسلما وإن مل يلفظ بالشهادتني"‪.‬‬
‫(‪ )5‬حاشية املنتهى (‪.)171 /5‬‬
‫‪- 356 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫وقد أش ـ ـ ــار إىل هذا املعىن ابن قدامة(‪ ،)1‬والش ـ ـ ــارح(‪ ،)2‬واخللويت(‪ ،)3‬واللبدي(‪،)4‬‬
‫وابن قاسم(‪.)5‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل ما ذكره الشيخ عثمان ¬ هو األوىل؛ وذلك ألهنم نصوا على أن العلة من‬
‫حكمهم على من قال‪" :‬أنا مسلم" بدخول اإلسالم؛ أنه إذا أخرب عن نفسه مبا تضمن‬
‫الش ــهادتني كان خمربا هبما(‪ ،)6‬فهم قد أنزلوا قوله‪" :‬أنا مس ــلم" منزلة الش ــهادتني‪ ،‬وعليه‬
‫فال يكون املقيس أعلى درجة من األصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‪ ،‬فال يقال إنه جيب أن يقر مبا جحد حني‬
‫النطق بالشهادتني‪ ،‬وال جيب عليه ذلك فيما لو قال‪" :‬أنا مسلم"‪.‬‬
‫وعليه فلو أن الفتوحي ¬ أخر قوله‪" :‬مع إقرار جاحد‪ "...‬لكان أوىل؛ ليشمل‬
‫الصورتني‪ ،‬ولئال يتوهم بعدم اشرتاط اإلقرار على من قال‪" :‬أنا مسلم"‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫اخلالف لفظي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)22 /9‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الشرح الكبري على منت املقنع (‪.)94 /10‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)350 /6‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حاشية اللبدي على نيل املآرب (‪.)413 /2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬حاشية الروض املربع (‪.)411 /7‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)22 /9‬والشرح الكبري (‪ ،)94 /10‬وشرح الزركشي (‪ ،)267 /6‬واملبدع (‪ ،)489 /7‬ومعونة أويل‬
‫النهى (‪ ،)549 /10‬وكشاف القناع (‪ ،)180 /6‬وشرح املنتهى (‪ ،)400 /3‬ومطالب أويل النهى (‪.)296 /6‬‬
‫‪- 357 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أكل من يقول بوجوب التسمية من ذبيحة من ال يقول‬
‫بوجوبها إن لم يسم على ذبيحته‪.‬‬
‫صورة المسألة‪:‬‬
‫إذا ذبح من ال يرى وجوب التسـ ــمية – كالشـ ــافعي(‪ - )1‬ذبيحة ومل يسـ ــم عليها‪،‬‬
‫فهل جيوز ملن يقول بوجوهبا – كاحلنبلي(‪ – )2‬أن يأكل منهات‬

‫القول المتعقب‪:‬‬
‫جيوز أكل من يقول بوجوب التس ــمية من ذبيحة من ال يقول بوجوهبا إن مل يس ــم‬
‫على ذبيحته‪ ،‬وهذا ظاهر قول حممد اخللويت قال ¬‪" :‬قوله‪( :‬إن حرمت)‪ ،‬بأن كان‬
‫الرتك عمــدا ملن يقول بوجوهبــا‪ ،‬كــاحلنبلي‪ ،‬دون الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــافعي الــذي يرى عــدم وجوهبــا‪.‬‬
‫فتدبر"(‪.)3‬‬

‫التعقب‪:‬‬
‫ال جيوز أكل من يقول بوجوب التس ـ ـ ـ ـ ـ ــمية من ذبيحة من ال يقول بوجوهبا إن مل‬
‫يس ـ ـ ـ ـ ــم على ذبيحته‪ ،‬وهذا هو تعقب عثمان‪ ،‬قال ¬ بعد نقله قول اخللويت‪" :‬ويعلم‬
‫من كالمه اآليت يف غري موض ـ ـ ـ ـ ـ ــع‪ :‬أن العربة يف احلل وعدمه باآلكل املتناول‪ ،‬ال الذابح‪،‬‬
‫فذبيحة الشافعي اليت ترك التسمية عليها عمدا‪ ،‬ال حتل للحنبلي‪ .‬فليتأمل"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الغرر البهية (‪ ،)155 /5‬وحتفة احملتا (‪ ،)325 /9‬واإلقناع يف حل ألفا أيب شجاع (‪ ،)591 /2‬وهناية‬
‫احملتا (‪.)119 /8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)549 /1‬والفروع (‪ ،)399 /10‬واملبدع (‪ ،)30 /8‬واإلنصاف (‪ ،)399 /10‬ومنتهى اإلرادات‬
‫(‪ ،)189 /5‬وكشاف القناع (‪ ،)208 /6‬ومطالب أويل النهى (‪.)333 /6‬‬
‫(‪ )3‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)394 /6‬‬
‫(‪ )4‬حاشية املنتهى (‪.)189 /5‬‬
‫‪- 358 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬
‫الكايف(‪)3‬‬ ‫وقد قال هبذا القول ص ـ ـ ـ ـ ــاحب الغاية(‪ ،)1‬وش ـ ـ ـ ـ ــارحها(‪ ،)2‬وأومأ إليه يف‬
‫واملبدع(‪.)4‬‬

‫دليل القول األول‪:‬‬


‫ميكن أن يس ـ ـ ــتدل هلذا القول بص ـ ـ ــحة االئتمام مبن خيالف يف ش ـ ـ ــرط من ش ـ ـ ــروط‬
‫الص ــالة‪ ،‬كمن ص ــلى خلف من ال يتوض ــأ من حلم اجلزور(‪ ،)5‬إذ إنه ملا ص ــحت ص ــالته‬
‫لنفس ـ ـ ـ ــه ص ـ ـ ـ ــحت ص ـ ـ ـ ــالة من خلفه‪ ،‬وكذا يقال فيمن ال يقول بوجوب التس ـ ـ ـ ــمية على‬
‫الذبيحة‪ ،‬أنه ملا صحت ذبيحته لنفسه‪ ،‬وجاز له األكل منها‪ ،‬جاز األكل لغريه‪.‬‬

‫دليل القول الثاني‪:‬‬


‫أن العربة يف احلل وعدمه باآلكل املتناول‪ ،‬ال بالذابح‪ ،‬ويدل عليه قول ص ـ ـ ـ ـ ــاحب‬
‫املنتهى‪" :‬وإن ذبح كتايب ما حيرم عليه يقينا‪ ،‬كذي الظفر‪ ،‬أو ظنا‪ ،‬فكان‪ ،‬أو ال‪ ،‬كحال‬
‫الرئة وحنوها‪ ،‬أو لعيده‪ ،‬أو ليتقرب به إىل شــيء يعظمه‪ ،‬مل حيرم علينا‪ ،‬إذا ذكر اســم اهلل‬
‫تعاىل فقك‪ .‬وإن ذبح ما حيل له‪ ،‬مل حترم علينا الش ـ ـ ـ ـ ــحوم احملرمة عليهم‪ ،‬وهي‪ :‬ش ـ ـ ـ ـ ــحم‬
‫والكليتني‪ ،‬ك ــذبح حنفي حيوان ــا فيبني ح ــامال وحنوه‪ .‬وحيرم علين ــا إطع ــامهم‬ ‫الثرب(‪)6‬‬

‫شحما من ذبيحتنا؛ لبقاء حترميه‪ ،‬وحتل ذبيحتنا هلم مع اعتقادهم حترميها"(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬غاية املنتهى (‪.)515 /2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مطالب أويل النهى (‪.)338 /6‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الكايف (‪ ،)549 /1‬وعبارته‪" :‬وإن شك يف تسمية الذابح حل؛ حلديث عائشة‪ ،‬وألن حال املسلم حتمل‬
‫على الصحة‪ ،‬كالذبح يف احملل"‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)32 /8‬قال ¬‪" :‬فرع‪ :‬إذا شك يف تسمية الذابح حل‪ ،‬فلو وجد شاة مذبوحة يف موضع يباح‬
‫ذبح أكثر أهله حلت‪ ،‬وإال فال"‪.‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)478 /1‬وفتح وهاب املآرب (‪.)368 /1‬‬
‫(‪ )6‬قال منصور يف شرح املنتهى (‪(" :)423 /3‬الثرب)‪ :‬بوزن فلس‪ ،‬أي‪ :‬الشحم الرقيق الذي يغشي الكرب واألمعاء"‪.‬‬
‫(‪ )7‬منتهى اإلرادات (‪.)191 - 190 /5‬‬
‫‪- 359 -‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات يف فقه األسرة والعقوبات واألطعمة‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬
‫لعل الراجح هو ما ذهب إليه الش ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ عثمان ¬؛ وذلك لقاعدة املذهب يف‬
‫هذا الباب اليت استدل هبا‪.‬‬
‫ولعل نس ـ ـ ــبة القول املتعقب للخلويت فيها نظر‪ ،‬ولعل مراد اخللويت ¬ يف تعليقه‬
‫على قول صاحب املنتهى‪" :‬ويضمن أجري تركها‪ ،‬إن حرمت"(‪ )1‬بقوله‪" :‬بأن كان الرتك‬
‫عمدا ملن يقول بوجوهبا‪ ،‬كاحلنبلي‪ ،‬دون الش ـ ـ ــافعي الذي يرى عدم وجوهبا"(‪ ،)2‬أنه أراد‬
‫أن األجري الذي توىل الذبح عن احلنبلي أنه يض ـ ـ ـ ــمن برتك التس ـ ـ ـ ــمية عمدا‪ ،‬االف من‬
‫توىل الذبح عن الشـ ــافعي‪ ،‬فال يضـ ــمن؛ ألن الذبيحة يف تلك احلال مل حترم‪ .‬ومل يقصـ ــد‬
‫اخللويت أن احلنبلي جيوز له األكل من ذبيحة من ال يقول بوجوب التس ـ ــمية إن مل يس ـ ــم‬
‫على ذبيحته‪ .‬ومما يؤيد ذلك ذكر غري واحد من احلنابلة هذه املسـ ـ ــألة يف هذا املوضـ ـ ــع‪،‬‬
‫ومنهم‪ :‬صـاحب الفروع(‪ ،)3‬واملبدع(‪ ،)4‬واإلنصـاف(‪ ،)5‬واملعونة(‪ ،)6‬ومنصـور البهويت يف‬
‫الكشاف(‪ ،)7‬وشرح املنتهى(‪ ،)8‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثمرة الخالف‪:‬‬
‫إذا ذبح من ال يرى وجوب التسمية – كالشافعي ‪ -‬ذبيحة ومل يسم عليها‪ ،‬فعلى‬
‫القول األول‪ :‬جيوز ملن يقول بوجوهبا – كاحلنبلي – أن يأكل منها‪ ،‬وعلى القول الثاين‪:‬‬
‫ال جيوز له ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬منتهى اإلرادات (‪.)189 /5‬‬


‫(‪ )2‬حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات (‪.)394 /6‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)400 /10‬قال ¬‪" :‬ويضمن أجري تركها إن حرمت‪ ،‬واختار يف النوادر‪ :‬لغري شافعي‪ .‬ويتوجه‬
‫تضمينه النقص إن حلت"‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املبدع (‪.)31 /8‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)402 /10‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬معونة أويل النهى (‪.)47 /11‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪.)209 /6‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬شرح املنتهى (‪.)421 /3‬‬
‫‪- 360 -‬‬
‫اخلامتة‬

‫اخلامتة‬
‫وتشمل‪:‬‬
‫النتائج‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬التوصيات‪.‬‬

‫‪- 361 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫أمحد اهلل سبحانه وتعاىل أن يسر يل إمتام هذا البحث‪ ،‬وأسأله سبحانه أن جيعله‬
‫عمال خالصا لوجهه الكرمي‪ ،‬وقد ظهر يل يف هناية هذا البحث عدة نتائج وتوصيات‪،‬‬
‫أمجلها يف اآليت‪:‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫‪ .1‬أن ضابك التعقبات‪ :‬إن قيل عن أمر‪ :‬فيه نظر‪ ،‬أو كان التعقب على العبارات واألحكام‪،‬‬
‫إذا مل يتضمن ترجيحا أو اختيارا‪ ،‬وإذا مل يكن هذا التعقب جوابا على تعقب آخر‪.‬‬
‫‪ .2‬عظم مكانة عثمان النجدي ¬ يف املذهب احلنبلي‪ ،‬فهو من حمققي املذهب‪ ،‬ومل يكن‬
‫ممن يعتمد على النقل‪ ،‬بل كان ينظّر ويرجح ويناقش‪.‬‬
‫‪ .3‬أن حاشية عثمان ¬ على املنتهى مليئة بالفوائد والتنبيهات املهمة والنفيسة‪.‬‬
‫‪ .4‬أن من صفات الفقيه دقة النظر ودقة العبارة‪.‬‬
‫‪ .5‬أن الفقيه احلاذق وإن كان متأخرا زمنا فإنه قد يأيت بفوائد وضوابك مل يذكرها من قبله‪.‬‬
‫‪ .6‬أدب عثمان ¬ مع من تعقبهم‪.‬‬
‫‪ .7‬أن مجلة من التعقبات اليت مل يوافق عليها عثمان ¬ يرجع سبب ذلك إىل االعتماد‬
‫على النصوص املنقولة دون الرجوع إىل املصدر األصلي‪ ،‬األمر الذي يبني ضرورة رجوع‬
‫الباحث إىل املصادر األصلية وعدم االعتماد على ما نقله الغري‪.‬‬
‫‪ .8‬قرر البهويت أنه يصح الوضوء مباء حمرم مىت كان املتوضئ جاهال أو ناسيا‪ ،‬وقرر عثمان أن‬
‫الوضوء باملاء احملرم ال يصح ولو من اجلاهل والناسي‪ ،‬ورجحت قول منصور يف هذه املسألة‪.‬‬
‫‪ .9‬قرر البهويت رمحه اهلل أن املاء القليل الذي انغمس فيه بعض جنب بنية رفع احلدث أنه‬
‫يكون مستعمال بأول جزء ينفصل من املاء‪ ،‬وقرر عثمان بأنه يكون مستعمال بأول جزء‬
‫القى املاء‪ ،‬ورجحت قول منصور‪.‬‬
‫‪ .10‬قال البهويت رمحه اهلل‪" :‬وكره منه شديد حر أو برد‪ ،‬ومسخن بنجس مل حيتج إليه‪ ،‬أو‬
‫بغري مماز ‪ ،‬كدهن‪ ،‬وقطع كافور‪ ،‬أو مبلح مائي" وتعقبه عثمان يف هذه العبارة بأن األوىل‬

‫‪- 362 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫تأخري قوله‪" :‬مل حيتج إليه" ليشمل نفي الكراهة عن مجيع الصور‪ ،‬ورجحت قول عثمان‬
‫يف هذه املسألة‪.‬‬
‫‪ .11‬نقل عثمان رمحه اهلل عن بعض حنابلة مصر أهنم يقولون بنجاسة املاء املتبقي يف اإلبريق‬
‫بعد صب بعضه على جناسة‪ ،‬وقرر خطأ هذا القول‪ ،‬ورجحت ما ذكره عثمان‪.‬‬
‫‪ .12‬قرر البهويت أن من اشتبه عليه طاهر بطهور‪ ،‬وأراد الغسل‪ ،‬أنه يأخذ من هذا غرفة ومن‬
‫هذا غرفة‪ ،‬وإن أراد إزالة جناسة فيغسل من األول غسلة ومن اآلخر غسلة‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫أن له االغتسال أو إزالة النجاسة باملاء األول مث االغتسال أو إزالة النجاسة باملاء الثاين‪،‬‬
‫وله األخذ من هذا غرفة ومن هذا غرفة‪ ،‬وقد رجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .13‬قرر غري واحد من احلنابلة أن من اشتبهت عليه ثياب مباحة مبحرمة أنه يلزمه سرت‬
‫عورته والصالة يف كل ثوب بعدد احملرمة‪ ،‬ويزيد عليها صالة واحدة‪ ،‬وقرر عثمان أنه يلزمه‬
‫أن يصلي عريانا صالة واحدة‪ ،‬وقد رجحت القول األول‪.‬‬
‫‪ .14‬قرر البهويت أن غسل يدي القائم من نوم ليل يسقك بالنسيان‪ ،‬ولو تذكره أثناء الطهارة‬
‫األوىل‪ ،‬وقرر عثمان أنه جيب عليه غسلها إن تذكر أثناء الطهارة األوىل‪ ،‬وقد رجحت قول‬
‫منصور‪.‬‬
‫‪ .15‬قرر البهويت صحة التسمية للوضوء بغري العربية‪ ،‬ولو ممن حيسن العربية‪ ،‬وقرر عثمان أن‬
‫التسمية للوضوء ال تصح من قادر بغري العربية‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .16‬قرر البهويت أنه تسن الطهارة ملن أراد فعل أمر يسن له الوضوء‪ ،‬ولو كان على طهارة‪،‬‬
‫وقرر عثمان أنه إمنا تسن له الطهارة إن كان حمدثا‪ ،‬ورجحت التفصيل يف املسألة‪.‬‬
‫قرر البهويت صحة وضوء من أكره شخصا على صب املاء‪ ،‬وقرر عثمان عدم الصحة‪،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .18‬قرر البهويت عدم صحة املسح على خف لبس بعد طهارة مسح فيها على اجلبرية‪ ،‬وقرر‬
‫عثمان صحة ذلك‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 363 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .19‬قرر البهويت أنه جيب الغسل على من قال‪ :‬يب جنية أجامعها كاملرأة‪ ،‬وقرر عثمان عدم‬
‫وجوب الغسل‪ ،‬ورجحت التفصيل يف املسألة‪.‬‬
‫‪ .20‬قرر اخللويت صحة تيمم من عليه حدث أكرب وحدث أصغر وعلى جسده جناسة إن‬
‫نوى استباحة ما يتوقف على رفع هذه األسباب‪ ،‬وقرر عثمان عدم صحة التيمم‪ ،‬وأن‬
‫يلزمه نية رفع احلدثني وإزالة النجاسة‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .21‬قاس البهويت رمحه اهلل من عاد دم نفاسها يف األربعني بعد انقطاعه على املبتدأة اليت‬
‫زاد دمها على اليوم والليلة قبل تكرره‪ ،‬وتعقبه عثمان رمحه اهلل يف هذا القياس‪ ،‬ورجحت‬
‫قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .22‬قسم اخللويت الناس يف حد العورة إىل واحد وتسعني قسما‪ ،‬وقسمهم عثمان إىل سبعة‬
‫أقسام‪ ،‬ورجحت أن كال التقسيمني سائا‪.‬‬
‫‪ .23‬قرر اخللويت أن أحكام عورة اخلنثى تلحق بأحكام عورة األنثى‪ ،‬وقرر عثمان أهنا تلحق‬
‫بأحكام عورة الرجل‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .24‬قرر اخللويت أن عورة غري احلرة املميزة كالرجل البالا‪ ،‬وقرر عثمان أن عورهتا الفرجان‪،‬‬
‫ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .25‬قرر ابن عقيل عدم صحة الصالة على سطح النهر‪ ،‬وقرر ابن حامد والقاضي عدم‬
‫صحتها إن كان النهر جتري فيه السفن‪ ،‬وقرر عثمان صحة الصالة على سطح النهر‪،‬‬
‫ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .26‬قرر البهويت صحة صالة اجلمعة يف الغصب ولو بال ضرورة‪ ،‬وقرر عثمان عدم صحتها‬
‫إال حال الضرورة‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .27‬قرر البهويت أنه إن مر كلب بني يدي إمام ال يرى أنه يقطع الصالة‪ ،‬وكان املأموم يرى‬
‫أنه يقطع الصالة‪ ،‬فإن صالة املأموم تنقطع بذلك املرور‪ ،‬فكأن سرتة اإلمام سرتة حقيقية‬

‫‪- 364 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫للمأموم‪ ،‬وقرر عثمان عدم قطع الصالة بذلك‪ ،‬وأنه ال يؤثر يف صالة املأموم إال ما أثر يف‬
‫صالة اإلمام‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .28‬قرر البهويت أنه ال تلزم املأموم الذي مل تصح صالة إمامه قراءة الفاحتة‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫أهنا تلزمه‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .29‬قرر البهويت أن من نسي مخس سجدات من ثالث ركعات من رباعية‪ ،‬وجهل الركعة‬
‫اليت أمت سجودها‪ ،‬أنه يسجد سجدتني مث يصلي ركعتني‪ ،‬وقرر عثمان أنه يسجد سجدتني‪،‬‬
‫مث يصلي ثالث ركعات‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .30‬قرر البهويت أن املسبوق إذا سها وحده فيما أدركه مع اإلمام‪ ،‬وكان اإلمام قد سهي‬
‫عليه‪ ،‬فسجد اإلمام‪ ،‬أن تلك السجدتني تكفي املسبوق عن سهوه وسهو إمامه‪ ،‬وال يلزمه‬
‫سجود عند سالمه‪ ،‬وقرر عثمان أن تلك السجدتني ال تكفيه‪ ،‬ويلزمه أن يسجد عند‬
‫سالمه‪ ،‬ورجحت عدم لزوم السجود مطلقا‪ ،‬سواء سجد اإلمام أم ال‪.‬‬
‫‪ .31‬قرر البهويت أن اجللوس الذي يكون بعد الرفع من سجود التالوة خار الصالة أنه‬
‫واجب‪ ،‬وقرر عثمان أنه مندوب‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .32‬قرر البهويت أن من أيت بتكبرية اإلحرام أو زء منها يف فرض حال احننائه‪ ،‬فإن صالته‬
‫تنقلب نفال‪ ،‬وقرر عثمان أنه إن فعل ذلك عامدا مل تنعقد صالته‪ ،‬وإن فعله سهوا أو‬
‫جهال صحت صالته نفال ويتمها منفردا وال يعتد بالركعة اليت صالها مع اإلمام‪ ،‬ويسجد‬
‫للسهو‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪ ،‬إال يف حالة علمه أنه وقع منه ذلك أثناء الصالة‪ ،‬فرجحت‬
‫وجوب استئناف الصالة‪.‬‬
‫‪ .33‬قرر البهويت صحة صالة احلنبلي خلف شافعي صلى قبل اإلمام الراتب بغري إذنه‪ ،‬وقرر‬
‫عثمان عدم صحتها‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .34‬قرر البهويت صحة صالة من يبدل ضاد (املغضوب) و(الضالني) بظاء من غري عجز‪،‬‬
‫وقرر عثمان عدم صحة صالته‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 365 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .35‬قرر البهويت صحة صالة اإلمام إن بطلت صالة املأموم الفذ لعدم وقوفه معه موقفا‬
‫صحيحا‪ ،‬وذلك بأن حيرم أمامه أو خلفه أو عن يساره‪ ،‬وقرر عثمان عدم الصحة‪ ،‬ورجحت‬
‫التفصيل يف املسألة‪.‬‬
‫‪ .36‬قرر البهويت أنه جيوز اجلمع بسبب الريح الشديدة يف الليلة املظلمة‪ ،‬وإن مل تكن باردة‪،‬‬
‫وقرر عثمان عدم جواز اجلمع بسببها‪ ،‬وقرر كذلك أنه جيوز اجلمع بسبب الريح الباردة يف‬
‫الليلة املظلمة‪ ،‬وإن مل تكن شديدة‪ ،‬ورجحت التفصيل‪.‬‬
‫‪ .37‬قرر البهويت أنه ال تصح اجلمعة من مجاعة كلهم صم سوى اخلطيب‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫صحتها إن كان اخلطيب مسيعا‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .38‬قرر البهويت أن من ركع مع اإلمام الركوع األول يف اجلمعة‪ ،‬مث ختلف لعذر‪ ،‬ومل يزل‬
‫عذره حىت رفع اإلمام من الركعة الثانية‪ ،‬فلم يتابع اإلمام بعد زوال عذره جهال منه‪ ،‬بل‬
‫سجد سجديت الركعة األوىل‪ ،‬مث أدرك اإلمام يف التشهد‪ ،‬فإنه ال تعترب له هذه الركعة‪ ،‬وقرر‬
‫عثمان أن الركعة تعترب له‪ ،‬ويكون مدركا للجمعة‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .39‬قرر الفتوحي أنه جتب الزكاة يف كل دين‪ ،‬واستثىن من ذلك دين السلم إال إن كان أمثانا‬
‫أو لتجارة‪ ،‬وقرر عثمان أنه ال فرق بني دين السلم وغريه من الديون يف وجوب الزكاة فيه‬
‫إن كان أمثانا أو لتجارة‪ ،‬ويف عدم الوجوب إن مل يكن كذلك‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .40‬قرر الفتوحي أن النذر مبعني يقدم على األضحية املعينة يف الوفاء من الرتكة‪ ،‬وقرر‬
‫عثمان أهنما يف درجة واحدة‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .41‬قرر البهويت أن األفضل إعطاء األقارب عطية بنية الصدقة والصلة‪ ،‬وقرر عثمان أن‬
‫األفضل إعطاؤهم بنية الصلة ال الصدقة‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .42‬نسب عثمان إىل البهويت القول بأن اهلالل إن رئي هنار التاسع والعشرين فال يقال إنه‬
‫للماضية‪ ،‬وال ينسب للحنابلة قول بأنه للماضية‪ ،‬وقرر عثمان إمكان إجراء اخلالف يف‬

‫‪- 366 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫ذلك‪ ،‬بناء على تعدد أقوال علماء املذهب يف اهلالل الذي يرى هنارا‪ ،‬ورجحت عدم صحة‬
‫نسبة القول للبهويت‪.‬‬
‫‪ .43‬قرر تا الدين البهويت أن الكاف يف قول الفتوحي (وعليه ال مع عذر معتاد كسفر)‬
‫أهنا للتشبيه والتنظري‪ ،‬وقرر عثمان أهنا للتمثيل‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .44‬نسب عثمان إىل البهويت القول بعدم صحة احلج الذي تةقوي على أدائه بأكل حمرم‪،‬‬

‫وقرر عثمان صحة احلج‪ ،‬ورجحت عدم صحة نسبة القول للبهويت‪.‬‬
‫‪ .45‬ذكر الفتوحي فدية الوطء يف العمرة يف قسم الفدية اليت على الرتتيب‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫عدم وجاهة ذكرها يف هذا املوضع‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .46‬قرر البهويت صحة األخذ بقول قاتل الصيد عمدا يف تقدير جزاء صيده إن تاب‪ ،‬وقرر‬
‫عثمان عدم صحة األخذ بقوله وإن تاب‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .47‬قرر الفتوحي أنه يلزم املتمتع الذي علم أحد طوافيه بال طهارة إعادة السعي دون إعادة‬
‫الطواف‪ ،‬وقرر عثمان أن األوىل اإللزام بإعادة الطواف والسعي‪ ،‬أو أن يقال ال يلزمه إعادة‬
‫الطواف وال السعي‪ ،‬ورجحت اإللزام بإعادة الطواف والسعي‪.‬‬
‫‪ .48‬قرر البهويت أن من عني هديا به عيب مل يعلمه‪ ،‬فإنه ال يتعني هبذا التعيني‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫أنه يتعني‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .49‬قرر البهويت عدم صحة بيع املاء املتنجس‪ ،‬وقرر عثمان صحة ذلك‪ ،‬ورجحت قول‬
‫عثمان‪.‬‬
‫‪ .50‬قرر الفتوحي صحة بيع األرض واستثناء جريب منها‪ ،‬أو ثوب واستثناء ذراع منه‪،‬‬
‫بشرط أن يكون املستثىن معني االبتداء واالنتهاء‪ ،‬وقرر عثمان صحة تعيني االبتداء وحده‪،‬‬
‫ورجحت قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 367 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .51‬قرر البهويت دخول الرتاضي على أخذ املشرتي عوض املنفعة اليت شرطها سواء كان‬
‫ذلك لعذر أو لغري عذر يف قول الفتوحي‪" :‬وإن تراضيا على أخذه بال عذر جاز"‪ ،‬وقرر‬
‫عثمان أن العبارة خمصوصة يف الرتاضي بال عذر‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .52‬نقل عثمان عن البهويت قوله يف العمدة أنه ال يصح قول مرهتن لراهن إن جئتك حبقك‬
‫يف كذا وإال فالرهن لك‪ ،‬وقرر عثمان أن األوىل أن تكون العبارة‪ :‬ال قول راهن‪ :‬إن جئتك‪،‬‬
‫أو‪ :‬وال قول مرهتن‪ :‬إن جئتين‪ ،‬ورجحت أن التصحيح على النسخة اليت نقل منها الشيخ‬
‫عثمان وجيه‪ ،‬وأما النسخة املطبوعة فليس فيها هذا اخلطأ‪.‬‬
‫‪ .53‬قرر البهويت أن العيب يشمل ما لو نقصت عني املبيع ومل تنقص قيمته‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫عدم مشول العيب لذلك‪ ،‬ورجحت التفصيل‪.‬‬
‫‪ .54‬نسب عثمان إىل الفتوحي والبهويت القول بأنه إن بان الثمن أقل مما أخرب به البائع يف‬
‫املواضعة‪ ،‬أنه حيك الزائد من الثمن دون قسطه من الوضيعة‪ ،‬وقرر عثمان وضع الزائد‬
‫وقسطه‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪ ،‬وأن نسبة القول األول للفتوحي والبهويت ليست دقيقة‪.‬‬
‫‪ .55‬قرر البهويت أن البيع إذا وقع على ما حيتا إىل حق توفية‪ ،‬فتعيب قبل قبضه بال فعل‬
‫آدمي‪ ،‬فيخري املشرتي بني الفسخ واإلمساك مع أخذ األرب‪ ،‬وقرر عثمان أنه خيري بني‬
‫الفسخ واإلمسىاك بال أرب‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .56‬نسب عثمان إىل الفخر ابن تيمية القول بأن الوعاء كاليد يف قبض ما حيتا إىل حق‬
‫توفية‪ ،‬وتعقبه يف ذلك‪ ،‬ورجحت القول األول‪ ،‬كما رجحت عدم صحة نسبة القول للفخر‬
‫ابن تيمية‪ ،‬وأنه يقول بالقول الثاين‪ ،‬وظهر يل أن هذا املوضع ليس من تعقبات عثمان‪،‬‬
‫وإمنا هو تعقب لصاحب التلخيص‪.‬‬
‫‪ .57‬قرر البهويت صحة قبض املتعني الذي احتا إىل حق توفية بغري رضا البائع‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫عدم صحة ذلك‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 368 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .58‬قرر البهويت أنه إذا بذل املدين ماال لدائنه‪ ،‬ومل ينو به أداء دينه‪ ،‬ومل ينو به تربعا‪ ،‬أن‬
‫هذا املال يعد وفاء لدينه‪ ،‬وقرر عثمان أنه يعد تربعا ما مل ينو األداء‪ ،‬ورجحت قول عثمان‬
‫مذهبا‪ ،‬وذكرت بعد هذه املسألة واقعا‪.‬‬
‫‪ .59‬قرر البهويت عدم صحة إقراض الويل من مال موليه‪ ،‬وقرر عثمان صحة ذلك إن كان‬
‫فيه مصلحة ملال املويل‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .60‬قرر البهويت أن الدين يتعلق بذمة املقرتض على بيت املال‪ ،‬بذمة الناظر املقرتض على‬
‫الوقف وهبذه اجلهات كتعلق أرب اجلناية برقبة العبد اجلاين‪ ،‬وقرر عثمان أنه يتعلق بذمتهم‬
‫وهبذه اجلهات كتعلق الدين بذمة الوكيل الذي اشرتى ملوكله بثمن يف ذمته‪ ،‬ورجحت قول‬
‫البهويت‪.‬‬
‫‪ .61‬ظاهر صنيع الفتوحي يدل على أن الضامن إذا ضمن مثن املبيع‪ ،‬فال يدخل يف الضمان‬
‫ضمان أرب عيب الثمن‪ ،‬وتعقبه عثمان يف ذلك‪ ،‬ورجحت أن التعقب غري متجه‪.‬‬
‫‪ .62‬قرر الفتوحي أنه إذا ادعى رجل على رجل دينا استحق عن غري عوض مايل‪ ،‬فصدقه‬
‫املدعى عليه‪ ،‬ودفع بإعساره‪ ،‬وليس له بينة على ذلك‪ ،‬وال يعلم له مال األصل بقاؤه‪ ،‬ومل‬
‫يقر أنه مليء‪ ،‬فلم يصدقه املدعي يف دعوى إعساره‪ ،‬وليس للمدعي بينة على مالءة‬
‫املدعى عليه‪ ،‬وعرضت اليمني على املدعي فلم حيلف أنه ال يعلم عسرته‪ ،‬أو أنه قادر على‬
‫الوفاء‪ ،‬ففي هذه احلال ترد اليمني على املدعى عليه‪ ،‬وقرر عثمان أهنا ال ترد‪ ،‬ورجحت أن‬
‫اليمني تتوجه على املدعى عليه ابتداء‪.‬‬
‫‪ .63‬ظاهر قول الفتوحي أنه يصح للوكيل فسخ البيع زمن اخليار إن جاء مزايد‪ ،‬وال يلزم أن‬
‫يكون املزايد بعد بيع السلعة غري عامل بالبيع األول‪ ،‬وقرر عثمان أن الفسخ إمنا يصح إن‬
‫كان املزايد غري عامل بالبيع األول‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 369 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .64‬قرر البهويت أن الوكيل إذا باع السلعة بثمن املثل مع حضور من يزيد‪ ،‬أن البيع صحيح‪،‬‬
‫وال يضمن الزيادة اليت استعد ببذهلا املشرتي اآلخر‪ ،‬وقرر عثمان أنه يضمن الزيادة‪،‬‬
‫ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .65‬ظاهر قول اإلمام أمحد رمحه اهلل أنه يصح التربع من مال الشركة مطلقا‪ ،‬إن كان التربع‬
‫فيه مصلحة‪ ،‬وقرر عثمان أن هذا القول ينبغي تقييده مبا إذا مل يكن الشريك عاملا أنه‬
‫سيدخل معاملة حيتا بعدها إىل التربع من مال الشركة‪ ،‬ورجحت عدم وجاهة هذا التقييد‪.‬‬
‫‪ .66‬قرر احلجاوي أنه ال جيوز للعامل يف املساقاة واملزارعة أن يعامل غريه على األرض أو‬
‫الشجر بغري إذن ربه مطلقا‪ ،‬وقرر عثمان جواز ذلك إن كان بعد شروعه يف العمل‪ ،‬وظهور‬
‫الثمرة والزرع‪ ،‬ورجحت قول احلجاوي‪.‬‬
‫‪ .67‬قرر الفتوحي أنه إذا استعار رجل أرضا للزرع فال حيق للمعري الرجوع يف العارية ونزع‬
‫األرض من املستعري مطلقا‪ ،‬وقرر عثمان أنه إن تأخر الزرع عن مدة ينقص فيها‪ ،‬أو تأخر‬
‫بسبب املستعري تأخرا غري متعارف‪ ،‬فإن هذا التأخر يؤثر يف املنع من رجوع املعري يف عاريته‪،‬‬
‫فيخري املعري بني تركه بأجرته‪ ،‬أو أخذه بقيمته‪ ،‬ما مل خيرت مستعري قلعه وتفريغها يف احلال‪،‬‬
‫ورجحت قول الفتوحي‪.‬‬
‫‪ .68‬قرر الفتوحي جواز رجوع املعري يف عارية األرض‪ ،‬ومل يفرق بني ما إذا بين يف األرض‬
‫مسجد‪ ،‬أو كان البناء غري ذلك‪ ،‬وقرر عثمان أنه ليس له الرجوع يف عارية األرض إن بين‬
‫فيها مسجد‪ ،‬ورجحت صحة ما ذكره عثمان‪ ،‬وأن عدم نص الفتوحي وغريه على هذه‬
‫املسألة ال يعين أهنم ال يقولون هبا‪.‬‬
‫‪ .69‬ذكر البهويت أنه ال أجرة للمعري إذا أعار لغرس أو بناء مث رجع‪ ،‬إىل متلكه بقيمته أو‬
‫قلعه مع ضمان نقصه‪ ،‬وقرر عثمان أن األوىل عدم قول‪ :‬إىل متلكه بقيمته أو قلعه مع‬
‫ضمان نقصه‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 370 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫ظاهر قول البهويت أنه إذا نقص املغصوب نقصا غري مستقر‪ ،‬فاختار مالك املغصوب‬ ‫‪.70‬‬
‫أخذ بدل ماله من الغاصب‪ ،‬مث استقر النقص‪ ،‬فإن مالك املغصوب ال يلزمه رد املثل الذي‬
‫أخذه‪ ،‬بل ميلك هذا املثل‪ ،‬ويكون بدل ماله‪ ،‬وقرر عثمان أنه إن أخذ بدل ماله مث استقر‬
‫نقص ماله‪ ،‬فإنه يلزمه رد البدل وأخذ عني ماله وأرب نقصه‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .71‬نسب عثمان إىل البهويت القول بأن للمالك مطالبة الغاصب بالثمن كله إن كان أزيد‬
‫من القيمة‪ ،‬وهذا عام يف كل الصور ولو أمكن رد العني‪ ،‬وقرر عثمان تقييد هذا القول مبا‬
‫إذا مل ميكن رد العني املغصوبة‪ ،‬ورجحت عدم صحة نسبة القول األول للبهويت‪.‬‬
‫‪ .72‬ذكر الفتوحي القاعدة يف ضمان مالك العني إن تلفت حتت يده‪ ،‬مث ذكر أفراد تلك‬
‫القاعدة‪ ،‬وتعقبه عثمان بأن هذا فيه تكرار‪ ،‬والتكرار والتمثيل ليس حمله املتون‪ ،‬ورجحت‬
‫قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .73‬ذكر الفخر ابن تيمية أن مالك العني املغصوبة ال جيرب على أخذ بدهلا‪ ،‬وال يصح اإلبراء‬
‫من البدل‪ ،‬وال يتعلق احلق به‪ ،‬فال ينتقل إىل الذمة‪ ،‬وقرر عثمان أن حمل هذا إذا كانت‬
‫عني الغصب باقية حني دفع البدل‪ ،‬ورجحت أن ما ذكره عثمان هو مقصود صاحب‬
‫التلخيص‪.‬‬
‫‪ .74‬قرر اخللويت أن (من) يف قول الفتوحي‪" :‬وما صحت إجارته من مغصوب ومقبوض‬
‫بعقد فاسد‪ ،‬فعلى قابض وغاصب أجرة مثله مدة بقائه بيده" أهنا تبعيضية‪ ،‬فيكون احلكم‬
‫واقعا على بعض حاالت الغصب والقبض بعقد فاسد‪ ،‬وقرر عثمان أهنا بيانية‪ ،‬فيدخل يف‬
‫احلكم مجيع حاالت الغصب والقبض بعقد فاسد‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .75‬ظاهر قول ابن رجب أنه ال يلزم املتصدق باملال املغصوب أن ينوي الصدقة عن‬
‫أصحاب املال‪ ،‬ويصح للفقراء قبول الصدقة منه مطلقا‪ ،‬وقرر عثمان أنه يلزم أن تكون نية‬
‫املتصدق الصدقة عن أصحاب املال‪ ،‬ويضمن الفقري إن أخذها وهو يعلم أنه مل ينوها‬
‫عنهم‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪ ،‬وأن قول ابن رجب حممول على ما ذكره الشيخ عثمان‪.‬‬

‫‪- 371 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .76‬قرر البهويت أن من أطارت الريح ثوبا إىل داره فإنه يضمنه إن تلف بعد التمكن من‬
‫الرد‪ ،‬وقرر عثمان أنه ال يضمنه إال إن كتم وجوده عنده فلم خيرب به ربه‪ ،‬ورجحت قول‬
‫عثمان‪.‬‬
‫‪ .77‬قرر الفتوحي أنه إن هنى ِ‬
‫املودع الوديع من إخرا الوديعة‪ ،‬فغشي مكان الوديعة شيء‬
‫الغالب منه اهلالك‪ ،‬فإن له إخراجها ونقلها‪ ،‬وال يضمنها حينئذ‪ ،‬وقرر عثمان أنه يلزمه دفع‬
‫الوديعة لرهبا‪ ،‬فإن مل يستطع فله نقلها‪ ،‬ورجحت قول الفتوحي‪.‬‬
‫‪ .78‬قرر اخللويت أن الفسق لوحده ليس سببا كافيا يف عزل الناظر األجنيب الذي واله احلاكم‬
‫أو الناظر‪ ،‬وقرر عثمان أنه سبب كاف لذلك‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .79‬قرر البهويت واخللويت أن إذا وصى رجل بأمته لزوجها احلر‪ ،‬فأحبلها الزو بعد موت‬
‫املوصي‪ ،‬وقبل قبول الوصية‪ ،‬مث ولدت بعد القبول‪ ،‬أن هذا املولود رقيق احلق فيه للورثة‪،‬‬
‫وقرر عثمان أن الولد ألبيه‪ ،‬وهو حر‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .80‬قرر البهويت أنه إن وصى رجل لزيد‪ ،‬مث قال‪ :‬إن قدم عمرو فله ما وصيت لزيد فاملعترب‬
‫يف استحقاق زيد للموصى به‪ ،‬وانقطاع حق عمرو منه هو‪ :‬موت املوصي‪ ،‬وقبول زيد‬
‫للوصية‪ ،‬وقرر عثمان أن املعترب موت املوصي دون القبول‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .81‬قرر اخللويت أن العلة من صحة قول املوصي (أعطوا ثلثي أحدمها)‪ :‬أن القصد من‬
‫الوصية الرب‪ ،‬وقرر عثمان أن العلة‪ :‬أنه أضاف متليك املوصى له إىل الورثة‪ ،‬ورجحت قول‬
‫عثمان‪.‬‬
‫‪ .82‬قرر الفتوحي أنه لو اشرتى أخ وأخته أبامها‪ ،‬فعتق عليهما‪ ،‬مث أعتق األب عبدا‪ ،‬مث‬
‫مات األب واألخ‪ ،‬مث مات العتيق‪ ،‬فإن البنت ترث من العتيق بقدر عتقها من األب‪،‬‬
‫والباقي بينها وبني معتق أمها‪ ،‬وقرر عثمان أن األوىل قول‪ :‬والباقي بينها وبني معتق أمهما‪،‬‬
‫أو أمه‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 372 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .83‬ظاهر قول البهويت أنه إن قال قن لغري سيده‪ :‬اشرتين من سيدي هبذا املال وأعتقين‪،‬‬
‫فاشرتاه مبعني غري ما يف يد العبد‪ ،‬مل يصح الشراء والعتق‪ ،‬وقرر عثمان أنه يصح الشراء‬
‫والعتق‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .84‬قرر البهويت أن املكاتب إذا أبرئ‪ ،‬وكان بيده مال‪ ،‬فإن هذا املال يكون ملكا له‪ ،‬وقرر‬
‫عثمان أنه يكون ملكا لسيده‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .85‬ذكر عثمان أن بعض احملققني جعل قول الفتوحي‪" :‬من إنظاره" يف قوله‪" :‬وحببسه مدة‬
‫أرفق األمرين به من إنظاره مثلها أو أجرة مثله" أنه راجع إىل األمرين‪ ،‬وقرر عثمان أنه راجع‬
‫إىل األرفق‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .86‬قرر البهويت أن املراد بقول الفتوحي‪" :‬مث ربع الزمن املستقبل للرابعة" أي‪ :‬ربع اليوم‬
‫الذي يلي حق العقد للرابعة‪ ،‬فتكون الرابعة قد أخذت ربع قسم الثالثة‪ ،‬وقرر عثمان أن‬
‫املراد من‪ :‬ربع الزمن املشتمل على حق الثالثة والرابعة‪ ،‬وهو خمتلف حبسب ما قسم لألوليني‪،‬‬
‫فيقسم للثالثة مثل ما قسم لألوىل والثانيةـ‪ ،‬مث يقسم للرابعة ثلث ما قسم للثالثة‪ ،‬ورجحت‬
‫قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .87‬قرر البهويت إنه إن علق رجل طالق زوجاته على عدم الوطء‪ ،‬ومل يقيد الوطء بزمن‬
‫حمدد‪ ،‬فيقيد التعليق بالعمر‪ ،‬وقرر عثمان أنه مىت ما مضى زمن ميكن فيه الوطء ومل يطأ‬
‫وقع الطالق‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .88‬قرر البهويت أنه لو علق رجل طالق غري مدخول هبا بوطئها‪ ،‬فوطأها‪ ،‬فوقع الطالق‬
‫رجعيا‪ ،‬فإن النزع احلاصل بعد اعتبار هذه الطلقة هو مجاع حتصل به الرجعة‪ ،‬وقرر عثمان‬
‫أن النزع هنا ال يعد مجاعا حتصل به الرجعة‪ ،‬ورجحت التفصيل‪.‬‬
‫‪ .89‬قرر الفتوحي أن صفة املالعنة‪ :‬أن يقول زو أربعا‪ :‬أشهد باهلل إين ملن الصادقني فيما‬
‫رميتها به من الزنا‪ ،‬مث يزيد يف اخلامسة‪ :‬وأن لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني‪ ،‬وتعقبه‬

‫‪- 373 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫عثمان بأن قوله‪ :‬مث يزيد‪ ،‬يوهم أنه يأيت يف اخلامسة بالشهادة‪ ،‬ويقول بعدها‪ :‬وأن لعنة‬
‫اهلل‪ ...‬وهو خمالف لآلية الكرمية‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .90‬قرر الفتوحي أنه إن ولدت رجعية بعد أربع سنني منذ طالقها‪ ،‬وقبل انقضاء عدهتا‪،‬‬
‫أو ألقل من أربع سنني منذ انقضت‪ ،‬حلق نسبه‪ ،‬وقرر عثمان أن األوىل قول‪ :‬وإن ولدت‬
‫رجعية ألقل من أربع سنني منذ انقضاء عدهتا ولو بعدها منذ طالقها‪ ،‬حلق نسبه‪ ،‬ورجحت‬
‫أن األوىل اإلبقاء على عبارة الفتوحي‪.‬‬
‫‪ .91‬ظاهر قول البهويت أنه إن شهدت بينة مبوت‪ ،‬فظهر بعد قسم ماله‪ ،‬أن املطالب‬
‫بالضمان هو املباشر لإلتالف‪ ،‬ال البينة املتسببة به‪ ،‬وقرر عثمان أن له تضمني املباشر‪،‬‬
‫وله تضمني البينة املتسببة‪ ،‬وقرار الضمان على املباشر‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .92‬قرر البهويت أن من أمثلة النكاح الفاسد‪ :‬نكاح الرجعية بعد انقطاع احليضة الثالثة وقبل‬
‫الغسل‪ ،‬وقرر عثمان أن هذا التمثيل فيه نظر‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .93‬قرر البهويت أن أرب اجلناية يتعلق برقبة القن إن مل يأذن سيده‪ ،‬فيفديه‪ ،‬أو يبيعه فيها‪،‬‬
‫أو يسلمها لوليها‪ ،‬وقرر عثمان أن األوىل قول‪ :‬أو يسلمه‪ ،‬ورجحت قول عثمان‪.‬‬
‫‪ .94‬قرر البهويت قبول توبة املرتد إن أتى بالشهادتني غري متواليتني‪ ،‬وقرر عثمان لزوم التوايل‬
‫فيهما‪ ،‬ورجحت قول البهويت‪.‬‬
‫‪ .95‬قال الفتوحي‪" :‬وتوبة مرتد وكل كافر‪ :‬إتيانه بالشهادتني‪ ،‬مع إقرار جاحد لفرض‪ ،‬أو‬
‫حتليل‪ ،‬أو لتحرمي‪ ،‬أو نيب‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬أو رسالة حممد ‘ إىل غري العرب مبا جحده‪ ،‬أو‬
‫قوله أنا مسلم"‪ ،‬وتعقبه عثمان بأن األوىل أن يكون قوله‪" :‬مع إقرار جاحد ‪ "..‬بعد قوله‪:‬‬
‫أو قوله‪ :‬أنا مسلم"؛ لئال يتوهم أنه ال يشرتط إقرار اجلاحد إن قال‪ :‬أنا مسلم‪ ،‬ورجحت‬
‫قول عثمان‪.‬‬

‫‪- 374 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫‪ .96‬نسب عثمان إىل اخللويت القول واز أكل من يقول بوجوب التسمية من ذبيحة من‬
‫ال يقول بوجوهبا إن مل يسم على ذبيحته‪ ،‬وقرر عثمان عدم جواز األكل منها‪ ،‬ورجحت‬
‫قول عثمان‪ ،‬وأن نسبة القول املتعقب للخلويت ال تصح‪ ،‬إذ أن كالمه ال يدل على ذلك‪.‬‬

‫وهذه بعض اإلحصاءات املتعلقة باملسائل اليت متت دراستها‪:‬‬

‫املتعقب عليهم‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫عدد‬ ‫المتعقب عليهم‬


‫التعقبات‬
‫‪55‬‬ ‫منصور البهويت‬ ‫‪1‬‬
‫‪19‬‬ ‫تقي الدين الفتوحي‬ ‫‪2‬‬
‫‪8‬‬ ‫حممد اخللويت‬ ‫‪3‬‬
‫‪1‬‬ ‫اإلمام أمحد‬ ‫‪4‬‬
‫‪1‬‬ ‫ابن عقيل‬ ‫‪5‬‬
‫‪1‬‬ ‫الفخر ابن تيمية‬ ‫‪6‬‬
‫‪1‬‬ ‫ابن رجب‬ ‫‪7‬‬
‫‪1‬‬ ‫موسى احلجاوي‬ ‫‪8‬‬
‫‪1‬‬ ‫تا الدين البهويت‬ ‫‪9‬‬
‫‪2‬‬ ‫من مل يسمه‬ ‫‪10‬‬

‫‪- 375 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫ب‪ -‬الرتجيحات‪:‬‬
‫عددها‬ ‫الترجيحات‬
‫‪48‬‬ ‫املسائل اليت رجحت‬ ‫‪1‬‬
‫فيها قول عثمان‬
‫‪22‬‬ ‫املسائل اليت رجحت‬ ‫‪2‬‬
‫فيها القول املتعقب‬
‫‪9‬‬ ‫املسائل اليت مجعت‬ ‫‪3‬‬
‫فيها بني القولني‬
‫‪9‬‬ ‫املسائل اليت رجحت‬ ‫‪4‬‬
‫فيها قوال ثالثا‬

‫‪ -‬نوع اخلالف‪:‬‬

‫عددها‬ ‫نوع الخالف‬


‫‪66‬‬ ‫خالف معنوي‬ ‫‪1‬‬
‫‪22‬‬ ‫خالف لفظي‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 376 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫د‪ -‬نوع التعقب‪:‬‬

‫عددها‬ ‫نوع التعقب‬


‫‪51‬‬ ‫تعقب يف الرتجيح‬ ‫‪1‬‬
‫‪18‬‬ ‫تعقب يف تفسري وفهم‬ ‫‪2‬‬
‫النص‬
‫‪17‬‬ ‫تعقب يف العبارة‬ ‫‪3‬‬
‫‪2‬‬ ‫تعقب يف االستدالل‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 377 -‬‬


‫اخلامتة‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ .1‬زيادة االهتمام بفقه املذاهب األربعة‪ ،‬وحماولة استخرا عللهم‪ ،‬واالستدالل ألقواهلم‪.‬‬
‫‪ .2‬استخرا حتريرات عثمان النجدي اليت مل يسبق إليها‪ ،‬ودراستها‪.‬‬

‫‪ .3‬دراسة تعقبات احملققني يف املذهب‪ ،‬كصاحب الفروع‪ ،‬والقواعد‪ ،‬واملبدع‪ ،‬والبهويت‪،‬‬


‫واخللويت‪.‬‬
‫‪ .4‬دراسة قيود املنتهى اليت قيل عنها‪ :‬إهنا قيود ال مفهوم هلا(‪.)1‬‬

‫واهلل أسأل أن جيعل هذا العمل خالصا لوجهه الكرمي‪ ،‬وأن يتجاوز عن التقصري‪،‬‬
‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله‬
‫وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية املنتهى (‪ ،)28 /2‬و(‪ ،)181 /3‬و(‪ )295 /3‬و(‪ ،)65 /4‬و(‪ ،)108 /4‬و(‪.)427 /4‬‬
‫‪- 378 -‬‬
‫الفهارس‬

‫الفهارس‬

‫وتشمل‪:‬‬
‫• فهرس اآليات‪.‬‬
‫• فهرس األحاديث‪.‬‬
‫• فهرس اآلثار‪.‬‬
‫• فهرس األعالم‪.‬‬
‫• فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬
‫• فهرس المحتويات‪.‬‬

‫‪- 379 -‬‬


‫الفهارس‬

‫‪ -1‬فهرس اآليات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫رقم اآلية‬ ‫طرف اآلية‬ ‫م‬
‫‪-2‬سورة البقرة‬
‫‪- 169 -‬‬ ‫‪184‬‬ ‫{ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ }‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 247 -‬‬ ‫‪280‬‬ ‫{ َوإِ ْن َكا َن ذةو ةع ْسَرةٍ فَـنَ ِظَرةمل إِ َىل َمْي َسَرةٍ}‬ ‫‪2‬‬
‫‪-7‬سورة األعراف‬
‫‪- 107 -‬‬ ‫‪204‬‬ ‫‪{ 1‬وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترمحون}‬

‫سورة النساء ‪-159- ]36‬‬ ‫{وبالوالدين إحسانا وبذي القرىب}‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 380 -‬‬


‫الفهارس‬

‫‪ -2‬فهرس األحاديث‬
‫الصفحة‬ ‫طرف احلديث‬
‫‪- 103 -‬‬ ‫((إذا صلى أحدكم إىل شيء يسرته من الناس فأراد أحد أن جيتاز بني يديه‪،‬‬
‫فليدفعه‪))..‬‬
‫‪- 43 -‬‬ ‫((إن املاء طهور ال ينجسه شيء))‬
‫‪- 197 -‬‬ ‫((أن النيب ‘ هنى عن الثنيا إال أن تعلم))‬
‫‪- 116 -‬‬ ‫((األئمة ضمناء))‬
‫‪- 93 -‬‬ ‫((جعلت يل األرض مسجدا وطهورا))‬
‫‪- 70 -‬‬ ‫((دعهما فإين أدخلتهما طاهرتني))‬
‫‪- 147 -‬‬ ‫((فال ختتلفوا عليه))‬
‫‪- 104 -‬‬ ‫((ال صالة ملن مل يقرأ بفاحتة الكتاب))‬
‫‪- 58 -‬‬ ‫((ال وضوء ملن مل يذكر اسم اهلل عليه))‬
‫‪- 116 -‬‬ ‫((ليس على من خلف اإلمام سهو‪ ،‬فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه))‬
‫‪- 146 -‬‬ ‫((من أدرك ركعة من اجلمعة أو غريها فقد متت صالته))‬
‫‪- 146 -‬‬ ‫((من أدرك من الصالة ركعة فقد أدرك الصالة))‬
‫‪- 146 -‬‬ ‫((من أدرك من صالة اجلمعة ركعة فقد أدرك))‬
‫‪- 29 -‬‬ ‫((من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد))‬
‫‪- 147 -‬‬ ‫((وإذا ركع فاركعوا))‬
‫‪- ،- 230 -‬‬ ‫((وإمنا لكل امرئ ما نوى))‬
‫‪- 231‬‬

‫‪- 381 -‬‬


‫الفهارس‬

‫‪ -3‬فهرس اآلثار‬
‫الصفحة‬ ‫الراوي‬ ‫طرف األثر‬ ‫م‬
‫‪- 162 -‬‬ ‫أبو وائل‬ ‫((جاءان كتاب عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬إن األهلة بعضها أكرب من بعض فإذا رأيتم‬ ‫‪1‬‬
‫اهلالل هنارا فال تفطروا حىت متسوا أو يشهد رجالن مسلمان أهنما رأايه ابألمس‬
‫عشية))‬

‫‪- 382 -‬‬


‫الفهارس‬

‫‪ -4‬فهرس األعالم املرتجم هلم‬


‫الصفحة‬ ‫العلم‬
‫‪- 126 -‬‬ ‫إبراهيم بن أبو بكر بن إمساعيل الذنايب العويف الصاحلي‬
‫‪- 27 -‬‬ ‫إبراهيم بن حممد بن عبد اهلل بن حممد بن مفلح‬
‫‪- 53 -‬‬ ‫أمحد بن محدان بن شبيب بن محدان النمري احلراين‬
‫‪- 33 -‬‬ ‫أمحد بن عبد احلليم ابن تيمية احلراين‬
‫‪- 54 -‬‬ ‫أمحد بن عوض بن حممد املرداوي املقدسي‬
‫‪- 165 -‬‬ ‫ادي‬
‫أمحد بن قاسم العبّ ّ‬
‫‪- 100 -‬‬ ‫أمحد بن نصر اهلل‬
‫‪- 94 -‬‬ ‫إسحاق بن إبراهيم بن هانئ‬
‫‪- 98 -‬‬ ‫إسحاق بن منصور بن هبرام أبو يعقوب الكوسج‬
‫‪- 92 -‬‬ ‫أسعد ‪ -‬ويسمى حممد ‪ -‬بن املنجى بن بركات بن املؤمل التنوخي‬
‫‪- 104 -‬‬ ‫أبو بكر بن إبراهيم بن قندس‬
‫‪- 91 -‬‬ ‫احلسن بن حامد‬
‫‪- 29 -‬‬ ‫حسن بن عمر بن معروف بن عبد اهلل بن مصطفى الشطي‬
‫‪- 268 -‬‬ ‫احلسني بن يوسف بن حممد بن أبو السري الدجيلي‬
‫‪- 115 -‬‬ ‫أبو داود السجستاين‬
‫‪- 163 -‬‬ ‫زكريا ألنصاري‬
‫‪- 181 -‬‬ ‫سليمان بن علي بن مشرف التميمي‬
‫‪- 162 -‬‬ ‫شقيق بن سلمة‬
‫‪- 126 -‬‬ ‫عبد احلي بن أمحد ابن العماد‬
‫‪- 65 -‬‬ ‫عبد الرمحن بن أمحد بن رجب‬
‫‪- 192 -‬‬ ‫عبد الرمحن بن عمر بن أبو القاسم بن علي الضرير‬
‫‪- 48 -‬‬ ‫عبد السالم بن عبد اهلل بن أبو القاسم اخلضر بن حممد بن علي بن‬
‫تيمية احلراين‬
‫‪- 89 -‬‬ ‫عبد الغين بن ياسني اللبدي‬
‫‪- 57 -‬‬ ‫عبد القادر بن عمر بن عبد القادر بن عمر بن أبو تغلب بن سامل‪،‬‬
‫التغليب‪ ،‬الشيباين‬
‫ّ‬ ‫أبو التُّقى‪،‬‬
‫‪- 33 -‬‬ ‫عبد اهلل بن أمحد بن حممد ابن قدامة املقدسي‬

‫‪- 383 -‬‬


‫الفهارس‬
‫الصفحة‬ ‫العلم‬
‫‪- 181 -‬‬ ‫عبد اهلل بن عبد الرمحن بن جاسر النجدي التميمي‬
‫‪- 113 -‬‬ ‫عبد اهلل بن عبد العزيز بن عبد الرمحن العنقري‬
‫‪- 56 -‬‬ ‫عبدالرمحن بن عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن أمحد بن حممد بن‬
‫مصطفى احلليب األصل البعلي‬
‫‪- 49 -‬‬ ‫عبدالرمحن بن حممد بن قاسم‬
‫‪- 42 -‬‬ ‫عبدالرمحن بن يوسف بن علي‪ ،‬زين الدين البهويت املصري‬
‫‪- 356 -‬‬ ‫عثمان بن أمحد بن حممد الفتوحي‬
‫‪- 27 -‬‬ ‫علي بن سليمان بن أمحد بن حممد املرداوي‬
‫‪- 91 -‬‬ ‫علي بن عقيل بن حممد بن عقيل‬
‫‪- 175 -‬‬ ‫عمر بن احلسني بن عبد اهلل بن أمحد أبو القاسم اخلرقي‬
‫‪- 105 -‬‬ ‫ابن قيم اجلوزية‬
‫‪- 122 -‬‬ ‫ابن اللحام‬
‫‪- 48 -‬‬ ‫حمفو بن أمحد بن احلسن بن أمحد الكلوذاين‪ ،‬أبو اخلطاب‬
‫‪- 27 -‬‬ ‫حممد بن أبو الفتح بن أبو الفضل البعلي‬
‫‪- 145 -‬‬ ‫حممد بن أمحد بن أبو موسى اهلامشي‬
‫‪- 284 -‬‬ ‫حممد بن أمحد بن سامل السفاريين‬
‫‪-2-‬‬ ‫حممد بن أمحد بن عبدالعزيز الفتوحي‬
‫‪- 31 -‬‬ ‫حممد بن أمحد بن علي البهويت‪ ،‬الشهري باخللويت‬
‫‪- 35 -‬‬ ‫حممد بن احلسني بن حممد بن خلف بن أمحد بن الفراء أبو يعلى‬
‫‪- 219 -‬‬ ‫حممد بن اخلضر بن حممد بن اخلضر بن علي ابن تيمية احلراين‬
‫‪- 35 -‬‬ ‫حممد بن متيم احلراين الفقيه‬
‫‪- 42 -‬‬ ‫حممد السامري‬
‫‪- 34 -‬‬ ‫حممد بن عبد اهلل بن حممد الزركشي املصري‬
‫‪- 115 -‬‬ ‫حممد بن مفلح بن حممد بن مفر املقدسي‬
‫‪- 25 -‬‬ ‫مرعي بن يوسف بن أبو بكر الكرمي‬
‫‪- 305 -‬‬ ‫مسعود بن أمحد بن مسعود بن زيد بن عباس احلارثي البغدادي‬
‫‪- 56 -‬‬ ‫مصطفى بن سعد بن عبده السيوطي شهرة‪ ،‬الرحيباين مولدا‬
‫‪- 76 -‬‬ ‫منجى بن عثمان بن أسعد بن املنجى التنوخي‬
‫‪-2-‬‬ ‫منصور بن يونس البهويت‬
‫‪-2-‬‬ ‫موسى بن أمحد احلجاوي‬
‫‪- 42 -‬‬ ‫حيىي بن حيىي األزجي‬
‫‪- 384 -‬‬
‫الفهارس‬

‫‪ -5‬فهرس املصادر واملراجع‬


‫أ‪ -‬الكتب المطبوعة‪:‬‬
‫• األحكام السلطانية للفراء‪ ،‬القاضي أبو يعلى‪ ،‬حممد بن احلسني بن حممد بن خلف ابن الفراء (املتوىف ‪458 :‬هـ ـ ــ)‪،‬‬
‫صــححه وعلق عليه ‪ :‬حممد حامد الفقي‪ ،‬الناشــر ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ‪ :‬الثانية‪1421 ،‬‬
‫هـ ‪ 2000 -‬م‬
‫حممد بن بدر الدين بن عبد احلق ابن بلبان‬ ‫• أخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر املختص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرات يف الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل‪ّ ،‬‬
‫احلنبلي (املتوىف‪1083 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد ناص ــر العجمي‪ ،‬الناش ــر‪ :‬دار البش ــائر اإلس ــالمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪1416 ،‬ه‪.‬‬
‫• اإلرشاد إىل سبيل الرشاد‪ ،‬حملمد بن أمحد بن أيب موسى الشريف‪ ،‬أبو علي اهلامشي البغدادي (املتوىف‪428 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫بتحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬عدد األجزاء‪ ،1 :‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1419 ،‬هـ‬
‫‪1998 -‬م‪.‬‬
‫• إرشاد أويل النهى‪ ،‬ملنصور بن يونس بن صالح الدين ابن حسن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪1051 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬عبدامللك بن دهيش‪ ،‬الناشر‪ :‬احملقق‪ ،‬عدد األجزاء‪ 2:‬يف تسلسل رقمي واحد‪.‬‬
‫• االس ـ ــتيعاب يف معرفة األص ـ ــحاب‪ ،‬أبو عمر يوس ـ ــف بن عبد اهلل بن حممد بن عبد الرب بن عاص ـ ــم النمري القرطيب‬
‫(املتوىف‪463 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬علي حممد البجاوي‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬دار اجليل‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1412 ،‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪1992‬م‪.‬‬
‫• اإلقناع يف حل ألفا أيب شـ ــجاع‪ ،‬مشس الدين‪ ،‬حممد بن أمحد اخلطيب الش ـ ـربيين الشـ ــافعي (املتوىف‪977 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬مكتب البحوث والدراسات ‪ -‬دار الفكر‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر – بريوت‪.‬‬
‫• اإلقناع يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬موســى بن أمحد بن موســى بن ســامل بن عيســى بن ســامل احلجاوي املقدســي‪،‬‬
‫مث الصاحلي‪ ،‬شرف الدين‪ ،‬أبو النجا (املتوىف‪968 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اللطيف حممد موسى السبكي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫املعرفة بريوت – لبنان‪.‬‬
‫• اإلنص ـ ــاف يف معرفة الراجح من اخلالف‪ ،‬عالء الدين أبو احلس ـ ــن علي بن س ـ ــليمان املرداوي الدمش ـ ــقي الص ـ ــاحلي‬
‫احلنبلي (املتوىف‪885 :‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪ -‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫• إيضـ ـ ــاح الدالئل يف الفرق بني املسـ ـ ــائل‪ ،‬لعبد الرحيم بن عبد اهلل بن حممد الزريراين احلنبلي رمحه اهلل (املتوىف‪741 :‬‬
‫هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق ودراســة‪ :‬عمر بن حممد الســبيل (املتوىف‪ 1423 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬وأصــل الكتاب‪ :‬أطروحة دكتوراة للمحقق‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار ابن اجلوزي للنشر والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1431 ،‬هـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• بد اية العابد وكفاية الزاهد (يف الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل)‪ ،‬عبد الرمحن بن عبد اهلل بن أمحد البعلي‬
‫اخللويت احلنبلي (املتوىف‪1192 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ) (صاحب كتاب «كشف املخدرات يف شرح أخصر املختصرات»)‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد بن ناصـ ـ ــر العجمي‪ ،‬الناشـ ـ ــر‪ :‬دار البشـ ـ ــائر اإلسـ ـ ــالمية ‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1417 ،‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬

‫‪- 385 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• بدائع الفوائد‪ ،‬حممد بن أيب بكر بن أيوب بن ســعد مشس الدين ابن قيم اجلوزية (املتوىف‪751 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشــر‪ :‬دار‬
‫الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫• بلغة الســاغب وبغية الراغب‪ ،‬لفخر الدين‪ ،‬حممد بن أيب القاســم حممد بن اخلضــر بن تيمية (املتوىف‪ ،)622 :‬حتقيق‬
‫بكر بن عبداهلل أبو زيد‪ ،‬الناشر‪ :‬دار العاصمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬بدون رقم طبعة‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• تاريخ اإلس ـ ـ ـ ـ ـ ــالم َوَوفيات املش ـ ـ ـ ـ ـ ــاهري َواألعالم‪ ،‬مشس الدين أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن عثمان بن قَ ْامياز الذهيب‬
‫عواد معروف‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 2003 ،‬م‪.‬‬ ‫(املتوىف‪748 :‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬الدكتور بشار ّ‬
‫• التاريخ الكبري‪ ،‬حممد بن إمساعيل بن إبراهيم بن املغرية البخاري‪ ،‬أبو عبد اهلل (املتوىف‪256 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الطبعة‪ :‬دائرة‬
‫املعارف العثمانية‪ ،‬حيدر آباد ‪ -‬الدكن‪ ،‬طبع حتت مراقبة‪ :‬حممد عبد املعيد خان‪.‬‬
‫• تــاريخ بغــداد وذيولــه‪ -1 ،‬تــاريخ بغــداد‪ ،‬للخطيــب البغــدادي‪ -2 ،‬املختصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر احملتــا إليــه من تــاريخ ابن الــدبيثي‪،‬‬
‫الرد على أيب‬
‫للذهيب‪ - 3 ،‬ذيل تاريخ بغداد‪ ،‬البن النجار‪ - 4 ،‬املس ـ ـ ـ ــتفاد من تاريخ بغداد‪ ،‬البن الدمياطي‪ّ -5 ،‬‬
‫بكر اخلطيــب البغــدادي‪ ،‬البن النجــار‪ ،‬أبو بكر أمحــد بن علي بن ثــابــت بن أمحــد بن مهــدي اخلطيــب البغــدادي‬
‫(املتوىف‪463 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناش ــر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬دراس ــة وحتقيق‪ :‬مص ــطفى عبد القادر عطا‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪ 1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫• جتريد زوائد الغاية والشرح حلسن بن عمر الشطي (ت ‪1274‬ه ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬مطبوع يف حاشية مطالب أويل النهى يف شرح‬
‫غاية املنتهى‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1415 ،‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫• حتفة احملتا إىل أدلة املنها (على ترتيب املنها للنووي)‪ ،‬ابن امللقن س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرا الدين أبو حفص عمر بن علي بن‬
‫أمحد الشافعي املصري (املتوىف‪804 :‬ه ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اهلل بن سعاف اللحياين‪ ،‬الناشر‪ :‬دار حراء ‪ -‬مكة املكرمة‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪1406 ،‬هـ‪.‬‬
‫• تصحيح الفروع لعالء الدين علي بن سليمان املرداوي (املتوىف‪885 :‬ه)‪ ،‬مطبوع يف حاشية الفروع حملمد بن مفلح‬
‫بن حممد بن مفر ‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬مشس الدين املقدسي الراميىن مث الصاحلي احلنبلي (املتوىف‪763 :‬ه ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد‬
‫اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1424‬هـ ‪ 2003 -‬مـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.11 :‬‬
‫• تعليقات ابن عثيمني على الكايف البن قدامة (إىل أول كتاب الوقف وهو آخر ما ش ــرح الش ــيخ رمحه اهلل)‪ ،‬املؤلف‪:‬‬
‫حممد بن صاحل بن حممد العثيمني (املتوىف‪1421 :‬هـ)‪ ،‬عدد األجزاء‪.5 :‬‬
‫• التعليقة الكبرية يف مســائل اخلالف علي مذهب أمحد‪ ،‬املؤلف‪ :‬القاضــي أبو يعلى ال َفراء حممد بن احلســني بن حممد‬
‫بن البغدادي احلنبلي (املتوىف‪ 458 :‬ه ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬جلنة خمتصة من احملققني بإشراف نور الدين طالب‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫النوادر‬
‫• تقرير القواعد وحترير الفوائد [املشهور ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ «قواعد ابن رجب»]‪ ،‬املؤلف‪ :‬زين الدين عبد الرمحن بن أمحد بن رجب‬
‫احلنبلي (املتوىف‪ 795 :‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪ ،‬الناشر‪ :‬دار ابن عفان للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1419 ،‬هـ‪ ،‬عدد األجزاء‪( 4 :‬الرابع فهارس)‪.‬‬
‫• التلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الرافعي الكبري‪ ،‬أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر العسقالين‬
‫(املتوىف‪852 :‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪ :‬الطبعة األوىل ‪1419‬هـ‪1989 .‬م‪..‬‬

‫‪- 386 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• التنقيح املشـ ـ ــبع لعالء الدين علي بن سـ ـ ــليمان املرداوي (املتوىف‪885 :‬ه)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪.‬ناصـ ـ ــر بن سـ ـ ــعود السـ ـ ــالمة‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة الرشد‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1425‬هـ ‪ 2004 -‬مـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• جامع العلوم واحلكم يف شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح مخسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــني حديثاً من جوامع الكلم‪ ،‬زين الدين عبد الرمحن بن أمحد بن رجب بن‬
‫السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬مث الدمشقي‪ ،‬احلنبلي (املتوىف‪795 :‬ه ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬الدكتور حممد األمحدي أبو النور‪،‬‬ ‫احلسن‪َ ،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2004 -‬م ‪.‬‬
‫• اجلامع لعلوم اإلمام أمحد‪ ،‬لإلمام‪ :‬أبو عبد اهلل أمحد بن حنبل‪ ،‬املؤلف‪ :‬خالد الرباط‪ ،‬سـ ـ ـ ـ ــيد عزت عيد [مبشـ ـ ـ ـ ــاركة‬
‫الباحثني بدار الفالح]‪ ،‬الناشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ :‬دار الفالح للبحث العلمي وحتقيق الرتاث‪ ،‬الفيوم ‪ -‬مجهورية مصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر العربية‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1430 ،‬هـ ‪ 2009 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪22 :‬‬
‫• اجلوهر املنضــد يف طبقات متأخري أصــحاب أمحد‪ ،‬املؤلف‪ :‬يوســف بن حســن بن أمحد بن حســن ابن عبد اهلادي‬
‫الصاحلي‪ ،‬مجال الدين‪ ،‬ابن املِْ َربد احلنبلي (املتوىف‪ 909 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حققه وقدم له وعلق عليه‪ :‬الدكتور عبد الرمحن بن‬
‫ســليمان العثيمني‪ ،‬الناشــر‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض ‪ -‬اململكة العربية الســعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1421 ،‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪ 2000‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• حاشـ ــية ابن قندس‪ ،‬أبو بكر بن إبراهيم بن قندس (ت‪ )861 :‬على الفروع البن مفلح‪ ،‬مطبوع يف حاشـ ــية الفروع‬
‫حملمد بن مفلح بن حممد بن مفر ‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬مشس الدين املقدسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الراميىن مث الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحلي احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪763‬ه ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1424‬هـ ـ ـ ـ ‪2003 -‬‬
‫مـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.11 :‬‬
‫• حاشـ ـ ـ ــية التنقيح املشـ ـ ـ ــبع‪ ،‬لعالء الدين علي بن سـ ـ ـ ــليمان املرداوي (املتوىف‪885 :‬ه)‪ ،‬مطبوعة يف حاشـ ـ ـ ــية التنقيح‬
‫للمؤلف نفسه‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪.‬ناصر بن سعود السالمة‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الرشد‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1425‬هـ ‪ 2004 -‬مـ‪،‬‬
‫عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫اخلَْل َويت (املتوىف‪ 1088 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حامت بن‬‫• حاشية اخللويت على اإلقناع‪ ،‬املؤلف‪ :‬حممد بن أمحد بن علي البهويت ْ‬
‫فاحل الدرع‪ ،‬أص ـ ــل الكتاب‪ :‬رس ـ ــالة ماجس ـ ــتري مقدمة لقس ـ ــم الفقه يف كلية الشـ ـ ـريعة امعة اإلمام حممد بن س ـ ــعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬سنة‪.1431 - 1430 :‬‬
‫اخلَْل َويت (املتوىف‪ 1088 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫• حاشية اخللويت على منتهى اإلرادات‪ ،‬املؤلف‪ :‬حممد بن أمحد بن علي البهويت ْ‬
‫الدكتور س ـ ـ ـ ــامي بن حممد بن عبد اهلل الص ـ ـ ـ ــقري والدكتور حممد بن عبد اهلل بن ص ـ ـ ـ ــاحل اللحيدان‪ ،‬أص ـ ـ ـ ــل الكتاب‪:‬‬
‫أطروحتا دكتوراة للمحق َق ْني‪ ،‬الناشر‪ :‬دار النوادر‪ ،‬سوريا‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1432 ،‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 2011 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪:‬‬
‫‪.7‬‬
‫• حاشـ ـ ـ ــية الروض املربع شـ ـ ـ ــرح زاد املسـ ـ ـ ــتقنع‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد بن قاسـ ـ ـ ــم العاصـ ـ ـ ــمي احلنبلي النجدي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1392‬هـ)‪ ،‬الناشر‪( :‬بدون ناشر)‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1397 -‬هـ أجزاء‪.‬‬
‫• حاشــية الشــيخ عبد اهلل بن عبد العزيز بن عبد الرمحن العنقري‪( ،‬ت‪1373 :‬ه) على الروض املربع للشــيخ منصــور‬
‫بن يونس ا لبهويت‪ ،‬أعده للنشــر‪ :‬أبو األشــبال أمحد بن ســامل املصــري‪ ،‬الناشــر‪ :‬دار التأصــيل‪ ،‬مصــر‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪ ،‬عدد األجزاء‪.3 :‬‬

‫‪- 387 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• حاش ـ ـ ـ ــية العبادي على الغرر البهية يف ش ـ ـ ـ ــرح البهجة الوردية‪ ،‬ألمحد بن قاس ـ ـ ـ ــم العبادي (ت‪992 :‬ه) مطبوع يف‬
‫حاشية الغرر البهية لزكريا بن حممد بن أمحد بن زكريا األنصاري‪ ،‬زين الدين أبو حيىي السنيكي (املتوىف‪926 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬املطبعة امليمنية‪ ،‬الطبعة‪ :‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬
‫• حاش ـ ـ ـ ـ ـ ــية اللبدي على نيل املآرب‪ ،‬املؤلف‪ :‬عبد الغين بن ياس ـ ـ ـ ـ ـ ــني بن حممود بن ياس ـ ـ ـ ـ ـ ــني بن طه بن أمحد اللبَدي‬
‫النابلس ـ ــي احلنبلي (املتوىف‪1319 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق وتعليق‪ :‬الدكتور حممد س ـ ــليمان األش ـ ــقر‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬دار البش ـ ــائر‬
‫التوزيع‪ ،‬بَريوت – لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1419 ،‬هـ ‪ 1999 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬ ‫النشر و َ‬
‫اعة َو َ‬ ‫اإلسالميّة للطبَ َ‬
‫• حاش ـ ــية املنتهى البن قائد النجدي‪ ،‬مطبوعة يف حاش ـ ــية منتهى اإلرادات يف اجلمع املقنع مع التنقيح وزيادات لتقي‬
‫الدين الفتوحي‪ ،‬املؤلف‪ :‬عثمان بن أمحد بن سعيد النجدي الشهري بابن قائد (ت‪ 1097 :‬ه ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1419 ،‬هـ ‪ 1999 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.5 :‬‬
‫• احلاوي يف الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬أليب طالب عبدالرمحن بن عمر البصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري العبدلياين (ت‪:‬‬
‫‪ ،)684‬حتقيق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬عبدامللك بن دهيش‪ ،‬توزيع‪ :‬مكتبة األسد‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1430‬ه – ‪2009‬م‪.‬‬
‫• حلية البش ـ ـ ــر يف تاريخ القرن الثالث عش ـ ـ ــر‪ ،‬عبد الرزاق بن حس ـ ـ ــن بن إبراهيم البيطار امليداين الدمش ـ ـ ــقي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1335‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حققه ونسقه وعلق عليه حفيده‪ :‬حممد هبجة البيطار ‪ -‬من أعضاء جممع اللغة العربية‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1413 ،‬هـ ‪ 1993 -‬م‪.‬‬
‫• حواشي اإلقناع للبهويت‪ ،‬املؤلف‪ :‬منصور بن يونس بن صالح الدين ابن حسن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬فهد بن عبداهلل املزعل‪ ،‬وحممد بن عبداهلل املال‪ ،‬وصــباح بنت حيىي الغامدي‪ ،‬أصــل الكتاب‪:‬‬
‫رس ــاليت دكتوراة‪ ،‬ورس ــالة ماجس ــتري مقدمة لفرع الفقه واألص ــول يف كلية الش ـ ـريعة والدراس ــات اإلس ــالمية امعة أم‬
‫القرى‪ ،‬سنة‪ ،1420 :‬و‪ ،1422‬و‪.1424‬‬
‫• الدرر الكامنة يف أعيان املائة الثامنة‪ ،‬أبو الفضـ ـ ـ ـ ــل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر العسـ ـ ـ ـ ــقالين (املتوىف‪:‬‬
‫‪852‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬مراقبة ‪ /‬حممد عبد املعيد ض ــان‪ ،‬الناش ــر‪ :‬جملس دائرة املعارف العثمانية ‪ -‬ص ــيدر اباد‪ /‬اهلند‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪1392 ،‬هـ‪1972 /‬م‪.‬‬
‫• شرح منتهى اإلرادات = دقائق أويل النهى لشرح املنتهى‪ ،‬منصور بن يونس بن صالح الدين ابن حسن بن إدريس‬
‫البهويت احلنبلي (املتوىف‪1051 :‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬عامل الكتب‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1414 ،‬هـ ‪1993 -‬م‪.‬‬
‫• دليل الطالب لنيل املطالب‪ ،‬مرعي بن يوسف بن أىب بكر بن أمحد الكرمى املقدسي احلنبلي (املتوىف‪1033 :‬هـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬أبو قتيبة نظر حممد الفاريايب‪ ،‬الناش ـ ـ ــر‪ :‬دار طيبة للنش ـ ـ ــر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1425 ،‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪/‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬
‫• ذيل طبقات احلنابلة‪ ،‬زين الدين عبد الرمحن بن أمحد بن رجب بن احلسـ ـ ــن‪ ،‬ال َس ـ ـ ـالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬مث الدمشـ ـ ــقي‪،‬‬
‫احلنبلي (املتوىف‪795 :‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د عبد الرمحن بن سليمان العثيمني‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان ‪ -‬الرياض‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪ 1425 ،‬هـ ‪ 2005 -‬م‬
‫• رجال ص ـ ــحيح البخاري = اهلداية واإلرش ـ ــاد يف معرفة أهل الثقة والس ـ ــداد‪ ،‬املؤلف‪ :‬أمحد بن حممد بن احلس ـ ــني بن‬
‫احلسـن‪ ،‬أبو نصـر البخاري الكالباذي (املتوىف‪398 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اهلل الليثي‪ ،‬الناشـر‪ :‬دار املعرفة – بريوت‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪1407 ،‬ه‪ ،‬عدد األجزاء‪ :‬جزءان يف ترقيم واحد مسلسل‪.‬‬

‫‪- 388 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• الرعاية يف الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬ألمحد بن محدان بن شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبيب بن محدان النمري احلراين (ت‪:‬‬
‫‪ ،) 695‬حتقيق‪ :‬د‪.‬علي بن عبداهلل الشهري‪ ،‬بدون ناشر‪ ،‬وبدون رقم الطبعة وسنة اإلصدار‪ ،‬عدد األجزاء‪ :‬جزءان‬
‫يف ترقيم واحد مسلسل‪.‬‬
‫• الروض املربع شــرح زاد املســتقنع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪ 1051‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬ومعه‪ :‬حاشية الشيخ العثيمني وتعليقات الشيخ السعدي‪ ،‬خر أحاديثه‪ :‬عبد القدوس حممد نذير‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار املؤيد ‪ -‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫• الروض الندي ش ـ ــرح كايف املبتدي ‪ -‬يف فقه إمام الس ـ ــنة أمحد بن حنبل الش ـ ــيباين رض ـ ــي اهلل عنه‪ ،‬املؤلف‪ :‬أمحد بن‬
‫عبد اهلل بن أمحد البعلي (‪ 1189 - 1108‬ه ــ)‪ ،‬أشرف على طبعه وتصحيحه‪ :‬فضيلة الشيخ‪ /‬عبد الرمحن حسن‬
‫حممود‪ ،‬من علماء األزهر‪ ،‬الناشر‪ :‬املؤسسة السعيدية – الرياض‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• زاد املس ــتقنع يف اختص ــار املقنع‪ ،‬موس ــى بن أمحد بن موس ــى بن س ــامل بن عيس ــى بن س ــامل احلجاوي املقدس ــي‪ ،‬مث‬
‫العسكر‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫الصاحلي‪ ،‬شرف الدين‪ ،‬أبو النجا (املتوىف‪968 :‬ه ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد الرمحن بن علي بن حممد ّ‬
‫الوطن للنشر – الرياض‪.‬‬
‫• الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحــب الوابلــة على ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرائح احلنــابلــة‪ ،‬حملمــد بن عبــداهلل بن محيــد النجــدي مث املكي (ت‪ ،)1295 :‬حتقيق‪:‬‬
‫د‪.‬عبدالرمحن العثيمني‪ ،‬ود‪.‬بكر أبو زيد‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بدون رقم الطبعة وسنة اإلصدار‪ ،‬عدد األجزاء‪:‬‬
‫ثالثة أجزاء يف ترقيم واحد مسلسل‪.‬‬
‫• ســنن ابن ماجه‪ ،‬ابن ماجة أبو عبد اهلل حممد بن يزيد القزويين‪ ،‬وماجة اســم أبيه يزيد (املتوىف‪273 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء الكتب العربية ‪ -‬فيصل عيسى البايب احلليب‪.‬‬
‫الس َ ِج ْس ـ ـتاين‬
‫• س ــنن أيب داود‪ ،‬أبو داود س ــليمان بن األش ــعث بن إس ــحاق بن بش ــري بن ش ــداد بن عمرو األزدي ِّ‬
‫(املتوىف‪275 :‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتبة العصرية‪ ،‬صيدا – بريوت‪.‬‬
‫• سنن الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الرتمذي‪ ،‬أبو عيسى (املتوىف‪279 :‬ه ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‬
‫وتعليق‪ ،:‬أمحد حممد شاكر (ج ـ ـ ‪ ،)2 ،1‬وحممد فؤاد عبد الباقي (ج ـ ـ ‪ ،)3‬وإبراهيم عطوة عوض املدرس يف األزهر‬
‫الشريف (جـ ـ ـ ـ ‪ ،)5 ،4‬الناشر‪ :‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب ‪ -‬مصر‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1395 ،‬هـ ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪1975‬م‪.‬‬
‫• ســنن الدارقطين‪ ،‬أبو احلســن علي بن عمر بن أمحد بن مهدي بن مســعود بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطين‬
‫(املتوىف‪385 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حققه وضبك نصه وعلق عليه‪ :‬شعيب االرنؤوط‪ ،‬حسن عبد املنعم شليب‪ ،‬عبد اللطيف حرز‬
‫اهلل‪ ،‬أمحد برهوم‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2004 -‬م‪.‬‬
‫• السنن الكربى‪ ،‬أمحد بن احلسني بن علي بن موسى اخلة ْسَرْوِجردي اخلراساين‪ ،‬أبو بكر البيهقي (املتوىف‪458 :‬ه ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬حممد عبد القادر عطا‪ ،‬الناش ـ ـ ـ ـ ــر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنات‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1424 ،‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪ 2003‬م‪.‬‬
‫• ســنن ســعيد بن منصــور‪ ،‬أبو عثمان ســعيد بن منصــور بن شــعبة اخلراســاين اجلوزجاين (املتوىف‪227 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪:‬‬
‫حبيب الرمحن األعظمي‪ ،‬الناشر‪ :‬الدار السلفية ‪ -‬اهلند‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1403 ،‬هـ ‪1982-‬م*‪.1‬‬

‫‪- 389 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• سري أعالم النبالء‪ ،‬مشس الدين أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن عثمان بن قَ ْامياز الذهيب (املتوىف ‪748 :‬هـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‬
‫‪ :‬جمموعة من احملققني بإشراف الشيخ شعيب األرناؤوط‪ ،‬الناشر ‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة ‪ :‬الثالثة‪ 1405 ،‬ه ـ ـ ـ ـ ‪/‬‬
‫‪ 1985‬م‪.‬‬
‫• الش ـ ِايف ْيف َش ـ ْرح ةم ْس ـنَد الش ـافِعي البْ ِن األثِري‪ ،‬املؤلف‪ :‬جمد الدين أبو الســعادات املبارك بن حممد بن حممد بن حممد‬
‫ابن عبد الكرمي الشـ ـ ــيباين اجلزري ابن األثري (املتوىف‪606 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬أمحد بن سـ ـ ــليمان ‪ -‬أيب متيم يَاسـ ـ ــر بن‬
‫الر ْش ِد‪ ،‬الرياض ‪ -‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األويل‪ 1426 ،‬ه ـ ـ ‪ 2005 -‬م‪ ،‬عدد‬ ‫إبراهيم‪ ،‬الناشر‪َ :‬مكتَبةَ ُّ‬
‫األجزاء‪.5 :‬‬
‫العكري احلنبلي‪ ،‬أبو الفالح (املتوىف‪:‬‬ ‫• شذرات الذهب يف أخبار من ذهب‪ ،‬عبد احلي بن أمحد بن حممد ابن العماد َ‬
‫‪1089‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حققه‪ :‬حممود األرناؤوط‪ ،‬خر أحاديثه‪ :‬عبد القادر األرناؤوط‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬دار ابن كثري‪ ،‬دمش ـ ــق ‪-‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1406 ،‬هـ ‪ 1986 -‬م‪.‬‬
‫• شرح الزركشي‪ ،‬مشس الدين حممد بن عبد اهلل الزركشي املصري احلنبلي (املتوىف‪772 :‬ه ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار العبيكان‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1413 ،‬هـ ‪ 1993 -‬م‪.‬‬
‫• ش ـ ـ ـ ــرح العمدة يف الفقه ‪ -‬كتاب الطهارة‪ ،‬املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد الس ـ ـ ـ ــالم بن‬
‫عبد اهلل بن أيب القاسم بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشقي (املتوىف‪ 728 :‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪ .‬سعود بن صاحل‬
‫العطيشان‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان – الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1412 ،‬هـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• شــرح العمدة يف بيان مناســك احلج والعمرة املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد الســالم بن‬
‫عبد اهلل بن أيب القاسم بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشقي (املتوىف‪ 728 :‬ه ـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪ .‬صاحل بن حممد‬
‫احلسن‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة احلرمني – الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1409 ،‬هـ ‪ 1988 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬
‫• شــرح العمدة لشــيخ اإلســالم ابن تيمية ‪ -‬من أول كتاب الصــالة إىل آخر باب آداب املشــي إىل الصــالة‪ ،‬املؤلف‪:‬‬
‫تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد السـ ـ ــالم بن عبد اهلل بن أيب القاسـ ـ ــم بن حممد ابن تيمية احلراين‬
‫احلنبلي الدمشقي (املتوىف‪ 728 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬خالد بن علي بن حممد املشيقح‪ ،‬الناشر‪ :‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1418 ،‬هـ ‪ 1997 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• الش ـ ـ ـ ـ ــرح الكبري (املطبوع مع املقنع واإلنص ـ ـ ـ ـ ــاف)‪ ،‬املؤلف‪ :‬مشس الدين أبو الفر عبد الرمحن بن حممد بن أمحد بن‬
‫قدامة املقدســي (املتوىف‪ 682 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬الدكتور عبد اهلل بن عبد احملســن الرتكي ‪ -‬الدكتور عبد الفتاح حممد‬
‫احللو‪ ،‬الناشـ ــر‪ :‬هجر للطباعة والنشـ ــر والتوزيع واإلعالن‪ ،‬القاهرة ‪ -‬مجهورية مصـ ــر العربية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1415 ،‬‬
‫هـ ‪ 1995 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.30 :‬‬
‫• الشـ ـ ـ ـ ــرح الكبري على منت املقنع‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد بن أمحد بن قدامة املقدسـ ـ ـ ـ ــي اجلماعيلي احلنبلي‪ ،‬أبو الفر ‪،‬‬
‫مشس الدين (املتوىف‪682 :‬هـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتاب العريب للنشر والتوزيع‪ ،‬أشرف على طباعته‪ :‬حممد رشيد رضا‬
‫صاحب املنار‪.‬‬
‫• شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح الكوكب املنري‪ ،‬تقي الدين أبو البقاء حممد بن أمحد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي املعروف بابن النجار‬
‫احلنبلي (املتوىف‪972 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد الزحيلي ونزيه محاد‪ ،‬الناشـ ـ ـ ـ ــر‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية‬
‫‪1418‬هـ ‪ 1997 -‬م‪.‬‬

‫‪- 390 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• الش ـ ــرح املمتع على زاد املس ـ ــتقنع‪ ،‬حممد بن ص ـ ــاحل بن حممد العثيمني (املتوىف‪1421 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬دار النش ـ ــر‪ :‬دار ابن‬
‫اجلوزي‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1428 - 1422 ،‬هـ‪.‬‬
‫• شــرح كتاب آداب املشــي إىل الصــالة أو العبادات (الصــالة‪ ،‬الزكاة‪ ،‬الصــيام)‪ ،‬حممد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل‬
‫الش ــيخ (املتوىف‪1389 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد بن عبد الرمحن ابن قاس ــم‪ ،‬الناش ــر‪ :‬حممد بن عبد الرمحن بن قاس ــم‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1419 ،‬هـ‪.‬‬
‫• شرح منتهى اإلرادات = دقائق أويل النهى لشرح املنتهى‪ ،‬ملنصور بن يونس بن صالح الدين ابن حسن بن إدريس‬
‫البهويت احلنبلي (املتوىف‪1051 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬الدكتور عبد اهلل بن عبد احملســن الرتكي‪ ،‬الناشــر‪ :‬مؤس ـســة الرســالة‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1421 ،‬هـ ‪ 2000 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.7 :‬‬
‫• صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحيح ابن حبان برتتيب ابن بلبان‪ ،‬حممد بن حبان بن أمحد بن حبان بن معاذ بن َم ْع َ‬
‫بد‪ ،‬التميمي‪ ،‬أبو حامت‪،‬‬
‫الدارمي‪ ،‬البةسيت (املتوىف‪354 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪،‬‬
‫‪.1993 – 1414‬‬
‫• صــحيح ابن خزمية‪ ،‬أبو بكر حممد بن إســحاق بن خزمية بن املغرية بن صــاحل بن بكر الســلمي النيســابوري (املتوىف‪:‬‬
‫‪311‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪ .‬حممد مصطفى األعظمي‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي – بريوت‪.‬‬
‫• صـ ــحيح البخاري = اجلامع املسـ ــند الصـ ــحيح املختصـ ــر من أمور رسـ ــول اهلل ‘ وسـ ــننه وأيامه‪ ،‬املؤلف‪ :‬حممد بن‬
‫إمساعيل أبو عبداهلل البخاري اجلعفي‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد زهري بن ناص ــر الناص ــر‪ ،‬الناش ــر‪ :‬دار طوق النجاة (مص ــورة عن‬
‫السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم حممد فؤاد عبد الباقي)‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1422 ،‬هـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.9 :‬‬
‫• صحيح مسلم = املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن العدل إىل رسول اهلل ‘‪ ،‬املؤلف‪ :‬مسلم بن احلجا‬
‫أبو احلسن القشريي النيسابوري (املتوىف‪261 :‬هـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‬
‫– بريوت‪ ،‬عدد األجزاء‪.5 :‬‬
‫• الضـ ــوء الالمع ألهل القرن التاسـ ــع‪ ،‬مشس الدين أبو اخلري حممد بن عبد الرمحن بن حممد بن أيب بكر بن عثمان بن‬
‫حممد السخاوي (املتوىف‪902 :‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬منشورات دار مكتبة احلياة – بريوت‪.‬‬
‫• الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1431 ،‬م ‪ 2010 -‬هـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.3 :‬‬
‫• طبقات احلنابلة‪ ،‬أبو احلسني ابن أيب يعلى‪ ،‬حممد بن حممد (املتوىف‪526 :‬ه ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد حامد الفقي‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار املعرفة – بريوت‪.‬‬
‫• الطرق احلكمية‪ ،‬حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سـ ــعد مشس الدين ابن قيم اجلوزية (املتوىف‪751 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشـ ــر‪:‬‬
‫مكتبة دار البيان‪ ،‬الطبعة‪ :‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬
‫• العدة شرح العمدة‪ ،‬عبد الرمحن بن إبراهيم بن أمحد‪ ،‬أبو حممد هباء الدين املقدسي (املتوىف‪624 :‬ه ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫احلديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬بدون طبعة‪ ،‬تاريخ النشر‪1424 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 2003‬م‪ ،‬عمدة الفقه بأعلى الصفحة‪ ،‬يليه ‪-‬‬
‫مفصوال بفاصل ‪ -‬شرح هباء الدين املقدسي‪.‬‬
‫• علماء جند خالل مثانية قرون‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عبداهلل بن عبدالرمحن آل بسام (ت‪ ،)1423 :‬الناشر‪ :‬دار العاصمة‬
‫– الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1419 ،‬ه‪ ،‬عدد األجزاء‪.6 :‬‬

‫‪- 391 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• عمــدة الطــالــب لنيــل املــآرب «يف الفقــه على املــذهــب األمحــد األمثــل مــذهــب اإلمــام أمحــد بن حممــد بن حنبــل»‪،‬‬
‫املؤلف‪ :‬منص ــور بن يونس بن ص ــالح الدين ابن حس ــن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪ 1051 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حققه‬
‫واعتىن به‪ :‬مطلق بن جاس ــر بن مطلق الفارس اجلاس ــر‪ ،‬الناش ــر‪ :‬مؤس ـ ـس ــة اجلديد النافع للنش ــر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1431 ،‬هـ ‪ 2010 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• عمدة الفقه‪ ،‬أبو حممد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة اجلماعيلي املقدســي مث الدمشــقي احلنبلي‪،‬‬
‫الش ـ ــهري بابن قدامة املقدس ـ ــي (املتوىف‪620 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬أمحد حممد عزوز‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬املكتبة العصـ ـ ـرية‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬
‫• عنوان اجملد يف تاريخ جند‪ ،‬لعثمان بن عبداهلل بن بشـ ـ ـ ـ ـ ــر النجدي‪ ،‬حققه‪ :‬عبدالرمحن بن عبداللطيف آل الشـ ـ ـ ـ ـ ــيخ‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دارة امللك عبدالعزيز‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1402 ،‬ه‪ ،‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬
‫• غاية املنتهى يف مجع اإلقناع واملنتهى‪ ،‬املؤلف‪ :‬مرعي بن يوسـ ـ ـ ـ ـ ــف بن أىب بكر بن أمحد الكرمى املقدسـ ـ ـ ـ ـ ــي احلنبلي‬
‫(املتوىف‪1033 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬اعتىن به‪ :‬ياســر إبراهيم املزروعي‪ ،‬ورائد يوســف الرومي‪ ،‬الناشــر‪ :‬مؤسـســة غراس‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪1428 ،‬هـ ‪2007 /‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬
‫• غذاء األلباب يف ش ــرح منظومة اآلداب‪ ،‬مشس الدين‪ ،‬أبو العون حممد بن أمحد بن س ــامل الس ــفاريين احلنبلي (املتوىف‬
‫‪1188 :‬هـ)‪ ،‬الناشر ‪ :‬مؤسسة قرطبة ‪ -‬مصر‪ ،‬الطبعة ‪ :‬الثانية‪ 1414 ،‬هـ ‪1993 /‬م‪.‬‬
‫• الغرر البهية يف شـ ـ ـ ــرح البهجة الوردية‪ ،‬زكريا بن حممد بن أمحد بن زكريا األنص ـ ـ ـ ـاري‪ ،‬زين الدين أبو حيىي السـ ـ ـ ــنيكي‬
‫(املتوىف‪926 :‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬املطبعة امليمنية‪ ،‬الطبعة‪ :‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬
‫• الفتاوى الكربى البن تيمية‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد الســالم بن عبد اهلل بن أيب القاســم‬
‫بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمش ـ ــقي (املتوىف‪728 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪1408‬هـ ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫• فتح العزيز بش ــرح الوجيز = الش ــرح الكبري [وهو ش ــرح لكتاب الوجيز يف الفقه الش ــافعي أليب حامد الغزايل (املتوىف‪:‬‬
‫‪ 505‬هـ ـ ــ) ]‪ ،‬املؤلف‪ :‬عبد الكرمي بن حممد الرافعي القزويين (املتوىف‪623 :‬هـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪ ،‬عدد األجزاء‪:‬‬
‫‪.12‬‬
‫• فتح الوهاب بش ـ ـ ـ ــرح منهج الطالب (هو ش ـ ـ ـ ــرح للمؤلف على كتابه هو منهج الطالب الذي اختص ـ ـ ـ ــره املؤلف من‬
‫منها الطالبني للنووي)‪ ،‬زكريا بن حممد بن أمحد بن زكريا األنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاري‪ ،‬زين الدين أبو حيىي السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنيكي (املتوىف‪:‬‬
‫‪926‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة‪1414 :‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫• فتح موىل املواهب على هداية الراغب‪ ،‬ألمحد بن عوض بن حممد املرداوي املقدس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي‪ ،‬مطبوع يف حاش ـ ـ ـ ـ ـ ــية هداية‬
‫الراغب لعثمان النجدي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبداهلل بن عبداحملس ـ ـ ــن الرتكي‪ ،‬الناش ـ ـ ــر‪ :‬مؤس ـ ـ ـس ـ ـ ــة الرس ـ ـ ــالة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪1428‬هـ ‪2007 /‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.3 :‬‬
‫• فتح وهاب املآرب على دليل الطالب لنيل املطالب‪ ،‬ألمحد بن عوض بن حممد املرداوي املقدسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد‬
‫بن عبدالعزيز اجلماز‪ ،‬الناشر‪ :‬دار أطلس اخلضراء‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ ،2011 ،‬عدد األجزاء‪.3 :‬‬
‫• الفروق على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬املؤلف‪ :‬معظم الدين أبو عبد اهلل الس ـ ـ ــامري (‪ 616 - 535‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫دراسة وحتقيق‪ :‬حممد بن إبراهيم بن حممد اليحىي‪ ،‬أصل الكتاب‪ :‬رسالة ماجستري بكلية الشريعة بالرياض ‪ -‬جامعة‬

‫‪- 392 -‬‬


‫الفهارس‬
‫اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬عام ‪ 1402‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ ،‬ةحقِّق فيها قسم العبادت فقك‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الصميعي للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرياض ‪ -‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1418 ،‬هـ ‪ 1997 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• كتاب الفوائد (الغيالنيات)‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو بكر حممد بن عبد اهلل بن إبراهيم بن َ‬
‫عبدويْه البغدادي الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــافعي البزاز‬
‫(املتوىف‪354 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حققه‪ :‬حلمي كامل أس ـ ــعد عبد اهلادي‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬دار ابن اجلوزي ‪ -‬الس ـ ــعودية ‪ /‬الرياض‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪1417 ،‬هـ ‪1997 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• القواعد النورانية الفقهية‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد الســالم بن عبد اهلل بن أيب القاســم بن‬
‫حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشـ ـ ـ ـ ــقي (املتوىف‪728 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حققه وخر أحاديثه‪ :‬د أمحد بن حممد اخلليل‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬بلد النشر‪ :‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1422 ،‬هـ‪.‬‬
‫• القواعد والفوائد األصـ ـ ـ ــولية ومايتبعها من األحكام الفرعية‪ ،‬ابن اللحام‪ ،‬عالء الدين أبو احلسـ ـ ـ ــن علي بن حممد بن‬
‫عباس البعلي الدمشقي احلنبلي (املتوىف‪803 :‬ه ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد الكرمي الفضيلي‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتبة العصرية‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫‪ 1420‬هـ ‪ 1999 -‬م‪.‬‬
‫• الكايف يف فقه اإلمام أمحد‪ ،‬أبو حممد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة اجلماعيلي املقدسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي مث‬
‫الدمشقي احلنبلي‪ ،‬الشهري بابن قدامة املقدسي (املتوىف‪620 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪ 1414‬هـ ‪ 1994 -‬م‪.‬‬
‫• كتاب الص ـ ــيام من ش ـ ــرح العمدة‪ ،‬املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد الس ـ ــالم بن عبد اهلل‬
‫بن أيب القاســم بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشــقي (املتوىف‪ 728 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬زائد بن أمحد النشــريي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار األنصاري‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1417 ،‬هـ ‪ 1996 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪( 2 :‬يف ترقيم مسلسل واحد)‪.‬‬
‫• كتاب الفروع حملمد بن مفلح بن حممد بن مفر ‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬مشس الدين املقدسـ ـ ــي الراميىن مث الصـ ـ ــاحلي احلنبلي‬
‫(املتوىف‪763 :‬هـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1424‬ه ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪ 2003‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.11 :‬‬
‫• كتاب اهلادي أو «عمدة احلازم يف الزوائد على خمتصـ ـ ـ ــر أيب القاسـ ـ ـ ــم»‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو حممد موفق الدين عبد اهلل بن‬
‫أمحد بن حممد بن قدامة اجلماعيلي املقدسي مث الدمشقي احلنبلي‪ ،‬الشهري بابن قدامة املقدسي (املتوىف‪ 620 :‬هـ)‪،‬‬
‫اعتىن به حتقيقا وضـ ـ ــبطا وإخراجا‪ :‬نور الدين طالب‪ ،‬الناشـ ـ ــر‪ :‬وزارة األوقاف والشـ ـ ــؤون اإلسـ ـ ــالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪ 1428 ،‬هـ ‪ 2007 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• كتاب ص ــفة الص ــالة من ش ــرح العمدة لإلمام موفق الدين ابن قدامة‪ ،‬املؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد‬
‫احلليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أيب القاسم بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشقي (املتوىف‪ 728 :‬هـ ــ)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬عبد العزيز بن أمحد بن حممد بن محود املشــيقح‪ ،‬الناشــر‪ :‬دار العاصــمة – الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1429 ،‬‬
‫هـ ‪ 2008 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬ملنصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬جلنة متخصـ ـص ــة يف وزارة العدل الس ــعودية‪ ،‬الناش ــر‪ :‬وزارة العدل الس ــعودية‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪1421‬ه – ‪2000‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.15 :‬‬

‫‪- 393 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪ 1051‬هـ)‪ ،‬راجعه الشيخ هالل مصليحي مصطفى هالل‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة النصراحلديثة‪.‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬عامل الكتب – بريوت‪.1983 – 1403 ،‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬الناشر‪:‬مطبعة احلكومة مبكة‪1394 ،‬ه‪.‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أمني الضناوي‪ ،‬الناشر‪ :‬عامل الكتب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1417 ،‬هـ – ‪1997‬م‪.‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬مطبعة أنصار السنة احملمدية‪1366 ،‬ه – ‪1947‬م‪.‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬حتقيق إبراهيم أمحد عبداحلميد‪ ،‬الناشر‪ :‬دار عامل الكتب‪1423 ،‬ه‪.‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية (وهي النسخة املعتمدة)‪.‬‬
‫• كشــف اللثام شــرح عمدة األحكام‪ ،‬لشــمس الدين‪ ،‬أبو العون حممد بن أمحد بن ســامل الســفاريين احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪ 1188‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬اعتىن به حتقيقا وض ــبطا وخترجيا‪ :‬نور الدين طالب‪ ،‬الناش ــر‪ :‬وزارة األوقاف والش ــؤون اإلس ــالمية ‪-‬‬
‫الكويت‪ ،‬دار النوادر – سوريا‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1428 ،‬هـ ‪ 2007 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.7 :‬‬
‫• كش ـ ــف املخدرات والرياض املزهرات لش ـ ــرح أخص ـ ــر املختص ـ ـ ـرات‪ ،‬عبد الرمحن بن عبد اهلل بن أمحد البعلي اخللويت‬
‫احلنبلي (املتوىف‪1192 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬قابله بأص ــله وثالثة أص ــول أخرى‪ :‬حممد بن ناص ــر العجمي‪ ،‬الناش ــر‪ :‬دار‬
‫البشائر اإلسالمية ‪ -‬لبنان‪ /‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1423 ،‬هـ ‪2002 -‬م‪.‬‬
‫• الكواكب الس ـ ـ ـ ــائرة بأعيان املئة العاش ـ ـ ـ ــرة‪ ،‬جنم الدين حممد بن حممد الغزي (املتوىف‪1061 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬خليل‬
‫املنصور‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1418 ،‬هـ ‪ 1997 -‬م‪.‬‬
‫• لس ــان العرب‪ ،‬حممد بن مكرم بن على‪ ،‬أبو الفض ــل‪ ،‬مجال الدين ابن منظور األنص ــاري الرويفعى اإلفريقى (املتوىف‪:‬‬
‫‪711‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار صادر ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ 1414 -‬هـ‪.‬‬
‫• املبدع يف شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح املقنع‪ ،‬إبراهيم بن حممد بن عبد اهلل بن حممد ابن مفلح‪ ،‬أبو إسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحاق‪ ،‬برهان الدين (املتوىف‪:‬‬
‫‪884‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1418 ،‬هـ ‪ 1997 -‬م‪.‬‬
‫• منت اخلرقى على مذهب ايب عبد اهلل أمحد بن حنبل الشـ ـ ــيباين‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو القاسـ ـ ــم عمر بن احلسـ ـ ــني بن عبد اهلل‬
‫اخلرقي (املتوىف‪334 :‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الصحابة للرتاث‪ ،‬الطبعة‪1413 :‬هـ‪1993-‬م‪.‬‬
‫• اجملتىب من السنن = السنن الصغرى للنسائي‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو عبد الرمحن أمحد بن شعيب بن علي اخلراساين‪ ،‬النسائي‬
‫(املتوىف‪303 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتب املطبوعات اإلسالمية – حلب‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪،‬‬
‫‪ ،1986 – 1406‬عدد األجزاء‪ 8( 9 :‬وجملد للفهارس)‪.‬‬

‫‪- 394 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• جمموع الفتاوى‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين (املتوىف‪728 :‬ه ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد الرمحن‬
‫بن حممد بن قاســم‪ ،‬الناشــر‪ :‬جممع امللك فهد لطباعة املصــحف الش ـريف‪ ،‬املدينة النبوية‪ ،‬اململكة العربية الســعودية‪،‬‬
‫عام النشر‪1416 :‬هـ‪1995/‬م‪.‬‬
‫• اجملموع ش ـ ـ ـ ـ ــرح املهذب ((مع تكملة الس ـ ـ ـ ـ ــبكي واملطيعي))‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين حيىي بن ش ـ ـ ـ ـ ــرف النووي (املتوىف‪:‬‬
‫‪676‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫• احملرر يف الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬عبد السالم بن عبد اهلل بن اخلضر بن حممد‪ ،‬ابن تيمية احلراين‪،‬‬
‫أبو الربكات‪ ،‬جمد الدين (املتوىف‪652 :‬هـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة املعارف‪ -‬الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية ‪1404‬ه ـ ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪1984‬م‪.‬‬
‫• خمتص ــر التحرير‪ ،‬لتقي الدين أبو البقاء حممد بن أمحد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي املعروف بابن النجار احلنبلي‬
‫(املتوىف‪972 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪.‬حممد مصـ ـ ــطفى حممد رمضـ ـ ــان‪ ،‬الناشـ ـ ــر‪ :‬دار األرقم‪ ،‬اململكة العربية السـ ـ ــعودية‪،‬‬
‫الطبعةاألوىل‪1420 ،‬هـ ‪ 2000 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• خمتص ـ ـ ـ ـ ـ ــر الفتاوى املصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرية البن تيمية‪ ،‬حممد بن علي بن أمحد بن عمر بن يعلى‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬بدر الدين ّ‬
‫البعلي‬
‫(املتوىف‪778 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اجمليد ســليم ‪ -‬حممد حامد الفقي‪ ،‬الناشــر‪ :‬مطبعة الســنة احملمدية ‪ -‬تصــوير دار‬
‫الكتب العلمية‪.‬‬
‫• خمتص ـ ــر طبقات احلنابلة‪ ،‬حملمد مجيل بن عمر البغدادي‪ ،‬املعروف بابن ش ـ ــطي‪ ،‬دراس ـ ــة‪ :‬فواز الزمريل‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬دار‬
‫الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1406 ،‬ه – ‪ ،1986‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• املدخل املفصـ ــل ملذهب اإلمام أمحد وخترجيات األصـ ــحاب‪ ،‬بكر بن عبد اهلل أبو زيد بن حممد بن عبد اهلل بن بكر‬
‫بن عثمان بن حيىي بن غيهب بن حممد (املتوىف ‪1429 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناش ــر ‪ :‬دار العاص ــمة ‪ -‬مطبوعات جممع الفقه‬
‫اإلسالمي دة‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األوىل‪ 1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫• املـدخـل إىل مـذهـب اإلمـام أمحـد بن حنبــل‪ ،‬عبــد القــادر بن أمحـد بن مصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطفى بن عبــد الرحيم بن حممــد بـدران‬
‫(املتوىف‪1346 :‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪ .‬عبد اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪،‬‬
‫‪.1401‬‬
‫• مسائل أمحد بن حنبل رواية ابنه عبد اهلل‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين‬
‫(املتوىف‪241 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬زهري الشـ ـ ــاويش‪ ،‬الناشـ ـ ــر‪ :‬املكتب اإلسـ ـ ــالمي – بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1401 ،‬هـ‬
‫‪1981‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• مسائل اإلمام أمحد بن حنبل رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري‪ ،‬املؤلف‪ :‬إسحاق بن إبراهيم بن هانئ‬
‫النيسابوري‪ ،‬احملقق‪ :‬زهري الشاويش‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األوىل‪1400 ،‬ه‪ ،‬عدد اجمللدات‪.2 :‬‬
‫• مس ـ ـ ــائل اإلمام أمحد بن حنبل وإس ـ ـ ــحاق بن راهويه‪ ،‬املؤلف‪ :‬إس ـ ـ ــحاق بن منص ـ ـ ــور بن هبرام‪ ،‬أبو يعقوب املروزي‪،‬‬
‫املعروف بالكوسج (املتوىف‪251 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬عمادة البحث العلمي‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‪ ،‬اململكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1425 ،‬هـ ‪2002 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.9 :‬‬
‫• مســائل اإلمام أمحد رواية أيب داود الســجســتاين‪ ،‬أبو داود ســليمان بن األشــعث بن إســحاق بن بشــري بن شــداد بن‬
‫الس ِج ْستاين (املتوىف‪275 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬أيب معاذ طارق بن عوض اهلل بن حممد‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة ابن‬
‫عمرو األزدي ِّ‬

‫‪- 395 -‬‬


‫الفهارس‬
‫تيمية‪ ،‬مصــر‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1420 ،‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 1999 -‬م‪ ،‬أبو عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أســد‬
‫الشيباين (املتوىف‪241 :‬هـ)‪.‬‬
‫• املسـ ـ ــائل الفقهية من كتاب الروايتني والوجهني‪ ،‬املؤلف‪ :‬القاضـ ـ ــي أبو يعلى‪ ،‬حممد بن احلسـ ـ ــني بن حممد بن خلف‬
‫املعروف ب ـ ابن الفراء (املتوىف‪458 :‬ه ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪ .‬عبد الكرمي بن حممد الالحم‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل (‪1405‬هـ ‪1985 -‬م)‪.‬‬
‫• مسائل حرب الكرماين من أول كتاب الصالة إىل باب اإلمام ةْحي ِدث فيق ّدم من سبقه بركعة دراسة وحتقيق‪ ،‬املؤلف‪:‬‬
‫أبو حممد حرب بن إمساعيل بن خلف الكرماين (املتوىف‪ 280 :‬ه ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬أمحد بن علي الغامدي‪ ،‬الناشر‪ :‬رسالة‬
‫ماجس ــتري للباحث أمحد بن علي الغامدي‪ ،‬قس ــم الفقه وأص ــوله امعة امللك عبد العزيز دة‪ ،‬بإش ـراف د‪ .‬فيص ــل‬
‫بن سعيد بالعمش‪ ،‬عام النشر‪ 1433 :‬هـ ‪ 2012 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• مس ـ ـ ــائل حرب بن إمساعيل الكرماين (الطهارة والص ـ ـ ــالة)‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو حممد حرب بن إمساعيل بن خلف الكرماين‬
‫السَريِّع‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الريان – بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1434 ،‬‬
‫(املتوىف‪ 280 :‬ه ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حممد بن عبد اهلل ّ‬
‫هـ ‪ 2013 -‬م‪ ،‬عدد اجمللدات‪.1 :‬‬
‫• مستخر أيب عوانة‪ ،‬أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري اإلسفراييين (املتوىف‪316 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫أمين بن عارف الدمشقي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار املعرفة ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1419 ،‬هـ‪1998 -‬م‪.‬‬
‫• املسـ ــتوعب‪ ،‬لنصـ ــري الدين حممد بن عبداهلل السـ ــامري (ت ‪ 616‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬عبدامللك بن دهيش‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1424 ،‬ه – ‪2003‬م‪.‬‬
‫• مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬أبو عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين (املتوىف‪241 :‬هـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬ش ــعيب األرنؤوط ‪ -‬عادل مرش ــد‪ ،‬وآخرون‪ ،‬إش ـراف‪ :‬د عبد اهلل بن عبد احملس ــن الرتكي‪ ،‬الناش ــر‪ :‬مؤس ـس ــة‬
‫الرسالة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1421 ،‬هـ ‪ 2001 -‬م‪.‬‬
‫• مســند اإلمام الشــافعي (ترتيب ســنجر)‪ ،‬الشــافعي أبو عبد اهلل حممد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شــافع بن‬
‫عبد املطلب بن عبد مناف املطليب القرشي املكي (املتوىف‪204 :‬هـ ـ ـ ــ)‪ ،‬رتبه‪ :‬سنجر بن عبد اهلل اجلاويل‪ ،‬أبو سعيد‪،‬‬
‫علم الدين (املتوىف‪745 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حقق نصوصه وخر أحاديثه وعلق عليه‪ :‬ماهر ياسني فحل‪ ،‬الناشر‪ :‬شركة غراس‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1425 ،‬هـ ‪ 2004 -‬م‪.‬‬
‫• مسند الدارمي املعروف بـ ـ ـ ـ ـ ـ (سنن الدارمي)‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو حممد عبد اهلل بن عبد الرمحن بن الفضل بن َهبرام بن عبد‬
‫الصمد الدارمي‪ ،‬التميمي السمرقندي (املتوىف‪255 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حسني سليم أسد الداراين‪ ،‬الناشر‪ :‬دار املغين‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1412 ،‬هـ ‪ 2000 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.4 :‬‬
‫• مسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــند أمري املؤمنني أيب حفص عمر بن اخل طاب رضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اهلل عنه وأقواله على أبواب العلم‪ ،‬املؤلف‪ :‬أبو الفداء‬
‫إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي البصري مث الدمشقي (املتوىف‪774 :‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد املعطي قلعجي‪ ،‬دار النشر‪:‬‬
‫دار الوفاء – املنصورة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1411 ،‬هـ ‪1991 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬
‫• مصـ ــباح السـ ــالك يف أحكام املناسـ ــك‪ ،‬لسـ ــليمان بن علي‪ ،‬حتقيق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬سـ ــليمان أبا اخليل‪ ،‬الناشـ ــر‪ :‬احملقق‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪1431 ،‬ه – ‪ ،2010‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬

‫‪- 396 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• املصنف‪ ،‬أبو بكر عبد الرزاق بن مهام بن نافع احلمريي اليماين الصنعاين (املتوىف‪211 :‬هـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬حبيب الرمحن‬
‫األعظمي‪ ،‬الناشر‪ :‬اجمللس العلمي‪ -‬اهلند‪ ،‬يطلب من‪ :‬املكتب اإلسالمي ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪.1403 ،‬‬
‫• مطالب أويل النهى يف شرح غاية املنتهى‪ ،‬مصطفى بن سعد بن عبده السيوطي شهرة‪ ،‬الرحيباىن مولدا مث الدمشقي‬
‫احلنبلي (املتوىف‪1243 :‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1415 ،‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫• املطلع على ألفا املقنع‪ ،‬حممد بن أيب الفتح بن أيب الفضل البعلي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬مشس الدين (املتوىف‪709 :‬ه ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬حممود األرناؤوط وياســني حممود اخلطيب‪ ،‬الناشــر‪ :‬مكتبة السـوادي للتوزيع‪ ،‬الطبعة‪ :‬الطبعة األوىل ‪1423‬هـ‬
‫‪ 2003 -‬م‪.‬‬
‫• معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أمحد بن فارس بن زكرياء القزويين الرازي‪ ،‬أبو احلسني (املتوىف‪395 :‬ه ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد السالم‬
‫حممد هارون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪ ،‬عام النشر‪1399 :‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫• معونة أويل النهى‪ ،‬ش ـ ـ ــرح املنتهى‪ ،‬لتقي الدين حممد بن أمحد الفتوحي احلنبلي الش ـ ـ ــهري بابن النجار (‪972‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬عبدامللك بن دهيش ‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة األسدي‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪1429 ،‬ه – ‪2008‬م‪.‬‬
‫• مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬عبد اهلل بن يوس ـ ـ ــف بن أمحد بن عبد اهلل ابن يوس ـ ـ ــف‪ ،‬أبو حممد‪ ،‬مجال الدين‪،‬‬
‫ابن هشام (املتوىف‪761 :‬ه ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د‪ .‬مازن املبارك ‪ /‬حممد علي محد اهلل‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر ‪ -‬دمشق‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫السادسة‪.1985 ،‬‬
‫• مغين احملتا إىل معرفة معاين ألفا املنها ‪ ،‬مشس الدين‪ ،‬حممد بن أمحد اخلطيب الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـربيين الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــافعي (املتوىف‪:‬‬
‫‪977‬ه ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1415 ،‬هـ ـ ـ ‪1994 -‬م‪« ،‬املنها للنووي» بأعلى الصفحة‬
‫يليه ‪ -‬مفصوال بفاصل ‪ -‬شرحه «مغين احملتا » للخطيب الشربيين‪.‬‬
‫• املغين البن قدامة‪ ،‬أبو حممد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة اجلماعيلي املقدس ـ ـ ـ ـ ــي مث الدمش ـ ـ ـ ـ ــقي‬
‫احلنبلي‪ ،‬الشهري بابن قدامة املقدسي (املتوىف‪620 :‬ه ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬بدون طبعة‪ ،‬تاريخ النشر‪:‬‬
‫‪1388‬هـ ‪1968 -‬م‪.‬‬
‫• مفيد األنام ونور الظالم يف حترير األحكام حلج بيت اهلل احلرام‪ ،‬عبد اهلل بن عبد الرمحن بن جاسر النجدي التميمي‬
‫الوهييب األشيقري مث املكي السلفي (املتوىف‪1401 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪،‬‬
‫‪ 1389‬هـ ‪ 1969 -‬م‪.‬‬
‫• املقصـ ـ ــد األرشـ ـ ــد يف ذكر أصـ ـ ــحاب اإلمام أمحد‪ ،‬إبراهيم بن حممد بن عبد اهلل بن حممد ابن مفلح‪ ،‬أبو إسـ ـ ــحاق‪،‬‬
‫برهان الدين (املتوىف‪884 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬د عبد الرمحن بن ســليمان العثيمني‪ ،‬الناشــر‪ :‬مكتبة الرشــد ‪ -‬الرياض ‪-‬‬
‫السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1410 ،‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫• املقنع يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيباين رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬املؤلف‪ :‬موفق الدين أبو حممد عبد اهلل بن أمحد بن‬
‫حممد بن قدامة املقدسي (املتوىف‪ 620 :‬ه ـ ــ)‪ ،‬حققه وعلق عليه‪ :‬حممود األرناؤوط‪ ،‬ياسني حممود اخلطيب‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫مكتبة السوادي للتوزيع‪ ،‬جدة ‪ -‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1421 ،‬ه ـ ‪ 2000 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪:‬‬
‫‪.1‬‬

‫‪- 397 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• املمتع يف ش ـ ـ ـ ــرح املقنع‪ ،‬تص ـ ـ ـ ــنيف‪ :‬زين الدين املنَجى بن عثمان بن أس ـ ـ ـ ــعد ابن املنجى التنوخي احلنبلي (‪- 631‬‬
‫ة‬
‫‪ 695‬هـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬دراسة وحتقيق‪ :‬عبد امللك بن عبد اهلل بن دهيش‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1424 ،‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 2003 -‬م‪ ،‬توزيع‪:‬‬
‫مكتبة األسدي ‪ -‬مكة املكرمة‪ ،‬عدد األجزاء‪.4 :‬‬
‫• منادمة األطالل ومس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامرة اخليال‪ ،‬عبد القادر بن أمحد بن مصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطفى بن عبد الرحيم بن حممد بدران (املتوىف‪:‬‬
‫‪1346‬هـ)‪ ،‬احملقق‪ :‬زهري الشاويش‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬ط‪1985 ،2‬م‪.‬‬
‫• منار السبيل يف شرح الدليل‪ ،‬ابن ضويان‪ ،‬إبراهيم بن حممد بن سامل (املتوىف‪1353 :‬ه ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬زهري الشاويش‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ :‬السابعة ‪ 1409‬هـ‪1989-‬م‪.‬‬
‫• منتهى اإلرادات يف مجع املقنع والتنقيح وزيادات‪ ،‬املؤلف‪ :‬تقي الدين حممد بن أمحد الفتوحي احلنبلي الش ـ ـ ــهري بابن‬
‫النجار (‪972‬هـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اهلل بن عبد احملسن الرتكي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1419 ،‬ه ـ ـ ـ ‪-‬‬
‫‪1999‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.5 :‬‬
‫• املنح الش ـ ــافيات بش ـ ــرح مفردات اإلمام أمحد‪ ،‬املؤلف‪ :‬منص ـ ــور بن يونس بن ص ـ ــالح الدين ابن حس ـ ــن بن إدريس‬
‫البهويت احلنبلي (املتوىف‪1051 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اهلل بن حممد املطلَق‪ ،‬الناش ـ ــر‪ :‬دار كنوز إش ـ ــبيليا للنش ـ ــر‬
‫ة‬
‫والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1427 ،‬هـ ‪ 2006 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬
‫• املنهل العذب املورود شرح سنن اإلمام أيب داود‪ ،‬املؤلف‪ :‬حممود حممد خطاب السبكي‪ ،‬عين بتحقيقه وتصحيحه‪:‬‬
‫أمني حممود حممد خطاب ِ‬
‫(من بعد اجلزء ‪ ،)6‬الناشر‪ :‬مطبعة االستقامة‪ ،‬القاهرة – مصر‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1351 ،‬‬
‫‪ 1353 -‬هـ‪ ،‬عدد األجزاء‪.10 :‬‬
‫علي البغدادي‪ ،‬املقرئ األ ََدمي احلنبلي (املتوىف‪ :‬حوايل‬ ‫• املنور يف راجح احملرر‪ ،‬املؤلف‪ :‬تقي الدين أمحد بن ّ‬
‫حممد بن ّ‬
‫‪ 749‬هـ ـ ــ)‪ ،‬دراسة وحتقيق‪ :‬د‪ .‬وليد عبد اهلل املنيس‪ ،‬أصل الكتاب‪ :‬أطروحة دكتوراة للمحقق‪ ،‬الناشر‪ :‬دار البشائر‬
‫اإلسالمية للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت – لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2003 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• املهذب يف فقة اإلمام الشافعي‪ ،‬أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشريازي (املتوىف‪476 :‬هـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪.‬‬
‫• النعت األكمل ألصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحاب اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬حملمد كمال الدين‪ ،‬بن حممد الغزي العامري (ت‪،)1214 :‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد مطيع احلافظ‪ ،‬نزار أباظة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪ ،1982 – 1402 ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• النكت والفوائد الس ـ ــنية على مش ـ ــكل احملرر جملد الدين ابن تيمية‪ ،‬حملمد بن مفلح بن حممد بن مفر ‪ ،‬أبو عبد اهلل‪،‬‬
‫مشس الدين املقدسي الراميىن مث الصاحلي احلنبلي (املتوىف‪763 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة املعارف ‪ -‬الرياض‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫الثانية‪1404 ،‬هـ‪.‬‬
‫• هناية احملتا إىل شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح املنها ‪ ،‬مشس الدين حممد بن أيب العباس أمحد بن محزة شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهاب الدين الرملي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1004‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬ط أخرية ‪1404 -‬هـ‪1984/‬م‪ - ،‬بأعلى الصفحة‪ :‬كتاب «هناية‬
‫احملتا إىل شــرح املنها » للرملي‪ - ،‬بعده (مفصــوال بفاصــل) ‪ :‬حاشــية أيب الضــياء نور الدين بن علي الشـرباملســي‬
‫األقهري (‪1087‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ - ،‬بعده (مفصـ ـ ــوال بفاصـ ـ ــل) ‪ :‬حاشـ ـ ــية أمحد بن عبد الرزاق املعروف باملغريب الرشـ ـ ــيدي‬
‫(‪1096‬هـ)‪.‬‬

‫‪- 398 -‬‬


‫الفهارس‬
‫• نيل املارب بشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح دليل الطالب‪ ،‬املؤلف‪ :‬عبد القادر بن عمر بن عبد القادر ابن عمر بن أيب تغلب بن سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامل‬
‫التغليب الشْيبَاين (املتوىف‪1135 :‬ه ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬الدكتور حممد ةسليمان عبد اهلل األشقر ‪ -‬رمحه اهلل ‪ ،-‬الناشر‪ :‬مكتبة‬
‫الفالح‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1403 ،‬هـ ‪ 1983 -‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬
‫• هداية الراغب لشـ ــرح عمدة الطالب‪ ،‬املؤلف‪ :‬عثمان بن أمحد بن سـ ــعيد النجدي الشـ ــهري بابن قائد (ت‪1097 :‬‬
‫ه ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬الشيخ حسنني حممد خملوف‪ ،‬الناشر‪ :‬دار حممد‪ ،‬الطائف‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1417 ،‬هـ ـ ـ ‪ 1996 -‬م‪،‬‬
‫عدد األجزاء‪ 2 :‬برتقيم متسلسل‪.‬‬
‫• اهلداية على مذهب اإلمام أيب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل الشيباين‪ ،‬حمفو بن أمحد بن احلسن‪ ،‬أبو اخلطاب‬
‫الكلوذاين‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اللطيف مهيم ‪ -‬ماهر ياسـ ـ ــني الفحل‪ ،‬الناشـ ـ ــر‪ :‬مؤس ـ ـ ـسـ ـ ــة غراس للنشـ ـ ــر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪ 1425 ،‬هـ ‪ 2004 /‬م‪.‬‬
‫• الوجيز يف الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬لس ـ ـ ـ ـرا الدين‪ ،‬احلسـ ـ ـ ــني بن يوسـ ـ ـ ــف الدجيلي (ت‪،)732 :‬‬
‫حتقيق‪ :‬مركز البحث العلمي وإحياء الرتاث اإلس ــالمي مبكتبة إمام الدعوة العلمية‪ ،‬الناش ــر‪ :‬مكتبة الرش ــد‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪1425 ،‬ه – ‪2004‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫• وفيــات األعيــان وأنبــاء أب نــاء الزمــان‪ ،‬أبو العبــاس مشس الــدين أمحــد بن حممــد بن إبراهيم بن أيب بكر ابن خلكــان‬
‫الربمكي اإلربلي (املتوىف‪681 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬احملقق‪ :‬إحســان عباس‪ ،‬الناشــر‪ :‬دار صــادر ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة‪ ،:‬اجلزء‪- 1 :‬‬
‫الطبعة‪ ،1900 ،0 :‬اجلزء‪ - 2 :‬الطبعة‪ ،1900 ،0 :‬اجلزء‪ - 3 :‬الطبعة‪ ،1900 ،0 :‬اجلزء‪ - 4 :‬الطبعة‪،1 :‬‬
‫‪ ،1971‬اجلزء‪ - 5 :‬الطبعة‪ ،1994 ،1 :‬اجلزء‪ - 6 :‬الطبعة‪ ،1900 ،0 :‬اجلزء‪ - 7 :‬الطبعة‪.1994 ،1 :‬‬
‫ب‪ -‬المخطووات‪:‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬ملنصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬خمطوط حمفو يف دار اإلفتاء‪ ،‬نسخ سنة ‪1118‬ه ورقم تسجيله لدى اإلفتاء (‪.)86 /690‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬ملنصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬خمطوط حمفو يف جامع عنيزة‪ ،‬نسخ سنة ‪1162‬ه‪.‬‬
‫• كشــاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬ملنصــور بن يونس بن صــالح الدين ابن حســن بن إدريس البهويت احلنبلي (املتوىف‪:‬‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬خمطوط حمفو يف دار الكتب املصرية‪ ،‬نسخ سنة ‪1086‬ه‪ ،‬ورقم حفظه ‪.7270‬‬
‫• حاشــية املنتهى لعثمان بن أمحد بن ســعيد النجدي الشــهري بابن قائد (ت‪ 1097 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬خمطوط حمفو يف دار‬
‫اإلفتاء السعودية برقم ‪.86/324‬‬
‫• حاشية املنتهى لعثمان بن أمحد بن سعيد النجدي الشهري بابن قائد (ت‪ 1097 :‬ه ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬خمطوط حمفو يف جامعة‬
‫امللك سعود برقم ‪.2106‬‬
‫• معونة أويل النهى‪ ،‬ش ـ ـ ــرح املنتهى‪ ،‬لتقي الدين حممد بن أمحد الفتوحي احلنبلي الش ـ ـ ــهري بابن النجار (‪972‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫خمطوط حمفو يف اجلامع الكبري يف عنيزة‪.‬‬
‫• هداية الراغب لشـ ــرح عمدة الطالب‪ ،‬املؤلف‪ :‬عثمان بن أمحد بن سـ ــعيد النجدي الشـ ــهري بابن قائد (ت‪1097 :‬‬
‫هـ)‪ ،‬خمطوط حمفو يف جامعة اإلمام برقم‪.)8956( :‬‬

‫‪- 399 -‬‬


‫الفهارس‬

‫‪-6‬فهرس املوضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫المقدمة ‪- 1 - .......................................................................‬‬
‫أمهية املوضوع‪- 1 - ............................................ ................................ :‬‬
‫أسباب اختيار املوضوع‪- 3 - .................................... ................................ :‬‬
‫أهداف املوضوع‪- 3 - .......................................... ................................ :‬‬
‫الدراسات السابقة‪- 3 - ........................................ ................................ :‬‬
‫منهج البحث‪- 4 - ............................................ ................................ :‬‬
‫تقسيمات البحث ‪- 5 - ....................................... ................................ :‬‬

‫التمهيد ‪- 14 - ......................................................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التعريف بعثمان النجدي‪- 15 - ................... ................................ :‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬معىن التعقبات‪ ،‬وصيغها عند عثمان النجدي‪ ،‬ومنهجه فيها‪- 19 - .................... :‬‬

‫الفصل األول‪ :‬التعقبات في العبادات‪- 23 - ............................................ .‬‬


‫املبحث األول‪ :‬التعقبات يف كتاب الطهارة‪- 24 - ................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اعتبار غسل امليت موجبا للطهارة ألنه يف معىن احلدث‪- 25 - ........................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬صحة الوضوء مباء حمرم إن كان املتوضئ جاهال أو ناسيا‪- 29 - ....................... .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬ما يكون به املاء مستعمال‪- 33 - ................. ................................ .‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬كراهية استعمال املاء املختلك بغري مماز كدهن وقطع كافور‪ ،‬أو مبلح مائي مع احلاجة إليه‪- . .‬‬
‫‪- 38‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬طهورية ماء اإلبريق بعد إهراق بعضه على جناسة‪- 41 - ............................ .‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬ما يصنع من أراد الغسل أو إزالة النجاسة عند اختالط طاهر بطهور‪- 44 - .......... .‬‬
‫املطلب السابع‪ :‬الصالة بثياب اشتبه فيها املباح باحملرم‪- 48 - ....................................... .‬‬
‫املطلب الثامن‪ :‬لزوم غسل يدي قائم من نوم ليل إذا تذكر أثناء الطهارة األوىل‪- 52 - ................. .‬‬
‫املطلب التاسع‪ :‬التسمية للوضوء بغري العربية‪- 56 - ............... ................................ .‬‬
‫املطلب العاشر‪ :‬جتديد الوضوء ملا تسن له الطهارة‪- 59 - .......................................... .‬‬
‫املطلب احلادي عشر‪ :‬صحة وضوء من أكره شخصا على صب املاء‪- 63 - .......................... .‬‬
‫املطلب الثاين عشر‪ :‬املسح على اخلف الذي لةبس بعد طهارة ةمسح فيها على اجلبرية‪- 67 - ............ .‬‬
‫املطلب الثالث عشر‪ :‬إجياب الغسل على من قال يب جنية أجامعها كاملرأة‪- 71 - ..................... .‬‬
‫‪- 400 -‬‬
‫الفهارس‬
‫املطلب الرابع عشــر‪ :‬صــحة طهارة من لزمه غســل ووضــوء وإزالة جناســة فتيمم ونوى اســتباحة أمر يتوقف على‬
‫الطهارة منها مجيعا‪- 73 - ............................................. ................................ .‬‬
‫املطلب اخلامس عشر‪ :‬قياس من عاد دم نفاسها يف األربعني بعد انقطاعه على املبتدأة اليت زاد دمها على اليوم‬
‫والليلة قبل تكرره‪- 78 - .............. ................................ ................................ .‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التعقبات يف كتاب الصالة‪- 81 - ................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أقسام الناس يف حد العورة‪- 82 - ................. ................................ .‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬أقسام الناس يف حد العورة‪- 84 - .................. ................................ :‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬عورة اخلنثى احلر البالا‪ ،‬واخلنثى احلر املميز‪ ،‬وغري احلرة املميزة‪- 86 - ................... :‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الصالة على سطح هنر‪- 91 - ..................... ................................ .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اشرتاط الضرورة لصحة صالة اجلمعة يف البقعة املغصوبة‪- 95 - ....................... .‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬املراد بقوهلم "سرتة اإلمام سرتة ملن خلفه"‪- 99 - ..................................... .‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬لزوم قراءة الفاحتة ملن ائتم مبحدث أو جنس جيهل ذلك‪- 103 - ...................... .‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬من نسي مخس سجدات من أربع ركعات أو ثالث‪- 107 - ........................ .‬‬
‫املطلب السابع‪ :‬اكتفاء املسبوق جلرب سهوه بسجود اإلمام للسهو‪- 111 - ............................ .‬‬
‫املطلب الثامن‪ :‬حكم اجللوس بعد سجود التالوة‪- 116 - .......................................... .‬‬
‫املطلب التاسع‪ :‬حكم من كرب لإلحرام يف فرض بعد شروعه باالحنناء للركوع‪- 119 - .................. .‬‬
‫املطلب العاشر‪ :‬ائتمام احلنبلي مبن صلى قبل اإلمام الراتب إذا كان يصحح ذلك‪- 124 - .............. .‬‬
‫املطلب احلادي عشر‪ :‬إمامة من يبدل ضاد (املغضوب) و(الضالني) بظاء من غري عجز‪- 128 - ........ .‬‬
‫املطلب الثاين عشر‪ :‬صالة اإلمام إذا أحرم أمامه أو خلفه أو عن يساره فذ مث تقدم عليه‪- 131 - ....... .‬‬
‫املطلب الثالث عشر‪ :‬صفة الريح اليت جيوز بسببها مجع الصالة‪- 135 - .............................. .‬‬
‫املطلب الرابع عشر‪ :‬حكم اجلمعة من مجاعة كلهم صم إال اخلطيب‪- 139 - ......................... .‬‬
‫املطلب اخلامس عشــر‪ :‬من ركع مع اإلمام الركعة األوىل يف صــالة اجلمعة مث زحم أو نام وحنوه ومل يزل عذره إال‬
‫عند ركوع اإلمام يف الثانية‪- 142 - ..................................... ................................ .‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬التعقبات يف كتاب الزكاة‪- 150 - ................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املطلب األول‪ :‬الفرق بني دين السلم وغريه من الديون يف وجوب الزكاة فيه‪- 151 - ...... .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الرتتيب بني النذر املعني واألضحية املعينة فيما يؤخذ من تركة امليت‪- 154 - ............. .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تفســري قول الفتوحي‪" :‬وذي رحم ال ســيما مع عداوة‪ ،‬وهي عليهم صــلة أفضــل"‪ ،‬باجلمع بني‬
‫نية الصدقة ونية الصلة‪- 157 - ......................................... ................................ .‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬التعقبات يف كتاب الصيام‪- 159 - ................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬احلكم إذا رئي اهلالل هنار يوم تسع وعشرين‪- 160 - ................................. .‬‬

‫‪- 401 -‬‬


‫الفهارس‬
‫املطلب الثاين‪ :‬اعتبار كاف (كس ــفر) يف قول الفتوحي‪" :‬وعليه ال مع عذر معتاد كس ــفر عن كل يوم ملس ــكني‬
‫ما جيزئ يف كفارة" للتشبيه‪- 165 - ..................................... ................................ .‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬التعقبات يف كتاب احلج‪- 168 - ................ ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬االستعانة على احلج بأكل حمرم‪- 169 - ............................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬ذكر فدية اجلماع يف العمرة يف قسم الفدية املرتبة‪- 172 - ............................. .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬حكم األخذ بقول من قتل صيدا يف احلرم يف تقدير جزاء صيده‪- 175 - ............... .‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬إعادة الطواف والسعي من املتمتع الذي علم أحد طوافيه بال طهارة‪- 178 - ............ .‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬تعيني هدي به عيب مل يعلمه‪- 184 - ........................................... .‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التعقبات في المعامالت المالية‪- 187 - ....................................‬‬


‫املبحث األول‪ :‬التعقبات يف كتاب البيع‪- 188 - .................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬بيع املاء املتنجس‪- 189 - ........................ ................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬اشرتاط تعيني ابتداء وانتهاء االستثناء يف بيع أرض أو ثوب واستثناء جزء منهما ‪- 193 - ...‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬إدخال مس ــألة تعذر أداء املنفعة املش ــرتطة يف قول الفتوحي‪" :‬وإن تراض ــيا على أخذه بال عذر‬
‫جاز"‪- 197 - ....................... ................................ ................................ .‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬قول الراهن‪ :‬إن جئتك حبقك يف وقت كذا وإال فالرهن لك‪- 200 - .................... .‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬ثبوت خيار العيب حال نقص املبيع يف عينه دون قيمته‪- 203 - ..................... .‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬النقص من الثمن وقسطه من اخلسارة حال التخبري بالثمن على غري حقيقته‪- 208 - ... .‬‬
‫املطلب الس ـ ــابع‪ :‬ختيري املش ـ ــرتي بني الفس ـ ــخ واإلمس ـ ــاك بال أرب إذا علم بالعيب قبل القبض‪ ،‬وكان املبيع من‬
‫ضمان البائع‪- 212 - ................. ................................ ................................ .‬‬
‫املطلب الثامن‪ :‬اعتبار طلب املشرتي الكيل يف وعائه مبنزلة قبضه‪- 216 - ............................ .‬‬
‫املطلب التاسع‪ :‬قبض متعني احتا إىل حق توفية بغري رضا بائع‪- 220 - ............................. .‬‬
‫املطلب العاشر‪ :‬اشرتاط النية عند قضاء الدين‪- 225 - ............. ................................ .‬‬
‫املطلب احلادي عشر‪ :‬إقراض الويل من مال موليه ملصلحة‪- 229 - .................................. .‬‬
‫املطلب الثاين عشر‪ :‬تشبيه الناظر واإلمام بسيد اجلاين‪- 232 - ...................................... .‬‬
‫املطلب الثالث عشر‪ :‬ضمان املشرتي أرب الثمن‪- 236 - .......................................... .‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التعقبات يف كتاب احلجر‪- 239 - ................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬رد اليمني على املعسر‪- 240 - .................... ................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬من تعترب زيادته عن مثن املثل بعد البيع يف مدة اخليار‪- 247 - ......................... .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬بيع الوكيل للسلعة بثمن املثل مع حضور من يزيد عليه‪- 250 - ....................... .‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬التعقبات يف كتاب الشركة‪- 253 - ................ ................................ .‬‬

‫‪- 402 -‬‬


‫الفهارس‬
‫املطلب األول‪ :‬تربع الشريك ببعض مال الشركة إذا مل يتمكن من أخذ الثمن إال باإلبراء من بعضه‪254 -.‬‬
‫‪-‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعامل العامل يف املساقاة واملزارعة مع غريه على األرض أو الشجر بغري إذن ربه‪- 257 - ... .‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬التعقبات يف كتاب العارية‪- 261 - ................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الرجوع يف عارية األرض للزرع إن أخر املس ــتعري الزرع عن مدة ينقص يف مثلها‪ ،‬أو تأخر بس ــببه‬
‫تأخرا غري متعارف‪- 262 - ............................................ ................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الرجوع يف إعارة األرض اليت بين عليها مسجد أو حنوه‪- 267 - ........................ .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬استحقاق املستعري إبقاء غرسه وبنائه بال أجرة بعد رجوع املعري يف عاريته إن مل يصطلحا على‬
‫متلك املعري له بقيمته‪ ،‬أو قلعه مع ضمان نقصه‪- 270 - ................... ................................ .‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬التعقبات يف كتاب الغصب وكتاب الوقف‪- 273 - ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التعقبات يف كتاب الغصب‪ ،‬وفيه مثان مسائل‪- 274 - ............................... .‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬ما يستحقه مالك املغصوب إن نقص نقصا غري مستقر إن كان قد أخذ بدل ماله‪- 274 - .‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬مطالبة املالك الغاصب بالثمن كله إن كان أزيد من القيمة‪- 278 - ..................... .‬‬
‫املس ـ ـ ــألة الثالثة‪ :‬ذكر احلاالت اليت يربأ فيها الغاص ـ ـ ــب إن تلفت العني حتت يد مالكها‪ ،‬واليت ال يربأ‪ ،‬بعد ذكر‬
‫القاعدة اجلامعة لذلك‪- 281 - ......................................... ................................ .‬‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬وجوب البدل يف الذمة إن تلفت العني املغصوبة‪- 283 - .............................. .‬‬
‫املسألة اخلامسة‪ :‬تفسري (من) يف قول الفتوحي‪" :‬وما صحت إجارته من مغصوب ومقبوض بعقد فاسد فعلى‬
‫قابض وغاصب أجرة مثله مدة بقائه بيده" بأهنا تبعيضية ال بيانية‪- 285 - ................................... .‬‬
‫املسألة السادسة‪ :‬حكم قبول الصدقة من مال مغصوب‪- 287 - .................................... .‬‬
‫املسألة السابعة‪ :‬وجوب رد ثوب غريه الذي أطارته الريح إىل داره‪- 293 - ............................ .‬‬
‫املسألة الثامنة‪ :‬إخرا الوديعة لغشيان شيء الغالب منه اهلالك‪ ،‬إن كان رهبا هناه عن إخراجها‪- 296 - ... .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التعقب يف مسألة عزل احلاكم والناظر ألجنيب واله لفسقه‪- 299 - ..................... .‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التعقبات في فقه األسرة والعقوبات واألوعمة‪- 302 - ...................... .‬‬
‫املبحث األول‪ :‬التعقبات يف كتاب الوصايا وكتاب الفرائض‪- 303 - ................................. .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬حكم ولد األمة املوصــى هبا لزوجها احلر الذي محلت به بعد موت املوصــي وقبل قبول الوصــية‪،‬‬
‫ووضعته بعد القبول‪- 304 - ........................................... ................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬من علقت الوصية له حبضوره قبل املوت‪ ،‬وقد أوصي لغريه‪ ،‬فحضر بعده‪ ،‬وقبل قبول من أوصي‬
‫له أوال‪- 308 - ....................... ................................ ................................ .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬علة صحة وصية املوصي إن قال لورثته‪" :‬أعطوا ثلثي أحدمها"‪- 312 - ................ .‬‬

‫‪- 403 -‬‬


‫الفهارس‬
‫املطلب الرابع‪ :‬ما ترثه من عتيق عتيقها من أعتقت وأخوها أبامها‪ ،‬مث أعتق األب عبدا‪ ،‬مث مات األب واألخ‪،‬‬
‫مث مات العتيق‪- 314 - ................ ................................ ................................ .‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التعقبات يف كتاب العتق‪- 317 - .................. ................................ .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الص ـ ـ ــورة اليت يص ـ ـ ــح فيها الش ـ ـ ـ ـراء والعتق إن قال العبد لرجل‪ :‬اش ـ ـ ــرتين من س ـ ـ ــيدي هبذا املال‪،‬‬
‫وأعتقين‪- 318 - ...................... ................................ ................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬ما فضل من املال بيد معتَق بعد إبرائه منه‪- 320 - ................................... .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اس ـ ـ ـ ــتحقاق املكاتب إن حبس ـ ـ ـ ــه س ـ ـ ـ ــيده أرفق األمرين به من إنظاره مثل مدة احلبس‪ ،‬أو أجرة‬
‫مثله‪- 323 - ......................... ................................ ................................ .‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬التعقبات يف كتاب الصداق‪ ،‬وكتاب الطالق‪ ،‬وكتاب اإليالء‪- 325 - ................. .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املراد بقول الفتوحي‪" :‬مث ربع الزمن املستقبل للرابعة"‪- 326 - .......................... .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعليق الطالق على عدم الوطء دون ذكر الوقت‪- 330 - ............................. .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اعتبار النزع مجاعا حتصل به الرجعة‪- 334 - ........................................ .‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬التعقبات يف كتاب اللعان‪ ،‬وكتاب العدد‪- 337 - .................................... .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬إيهام عبارة الفتوحي يف قوله‪" :‬مث يزيد يف خامســة‪ :‬وأن لعنة اهلل عليه إن كان من الكاذبني" أنه‬
‫يأيت يف اخلامسة بالشهادة‪- 338 - ...................................... ................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املدة اليت يلحق فيها نسب املولود من رجعية بطليقها‪- 341 - ......................... .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تضمني البينة ما تلف من املال إن شهدت مبوت رجل مث بان حيا‪- 343 - ............. .‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬إدخال مسألة‪ :‬نكاح الرجعية بعد انقطاع احليضة الثالثة وقبل الغسل‪ ،‬يف النكاح الفاسد‪- ... .‬‬
‫‪- 346‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬التعقبات يف كتاب اجلنايات‪ ،‬وكتاب احلدود‪ ،‬وكتاب األطعمة‪- 348 - ............... .‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تسليم القن اجلاين لويل اجلناية‪- 349 - ............. ................................ .‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬قبول توبة املرتد والكافر إن أتى بالشهادتني غري متواليتني‪- 351 - ...................... .‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اشرتاط إقرار اجلاحد مبا جحده مع قوله‪" :‬أنا مسلم"‪- 354 - ........................ .‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬أكل من يقول بوجوب التسمية من ذبيحة من ال يقول بوجوهبا إن مل يسم على ذبيحته‪- ... .‬‬
‫‪- 357‬‬

‫الخاتمة‪- 360 - ....................................................................‬‬


‫النتائج‪- 361 - ............... ................................ ................................ :‬‬
‫التوصيات‪- 377 - ............................................ ................................ :‬‬

‫الفهارس ‪- 378 - ...................................................................‬‬

‫‪- 404 -‬‬


‫الفهارس‬
‫‪ -1‬فهرس اآليات ‪- 379 - ...................................... ................................‬‬
‫‪ -2‬فهرس األحاديث ‪- 380 - ................................... ................................‬‬
‫‪ -3‬فهرس اآلثار ‪- 381 - ....................................... ................................‬‬
‫‪ -4‬فهرس األعالم املرتجم هلم ‪- 382 - ........................... ................................‬‬
‫‪ -5‬فهرس املصادر واملراجع ‪- 384 - .............................. ................................‬‬
‫‪-6‬فهرس املوضوعات ‪- 399 - ................................... ................................‬‬

‫‪- 405 -‬‬

You might also like