You are on page 1of 13

‫ﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱠ البقرة‪٣:‬‬

‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ البقرة‪٤ :‬‬


‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ‬
‫ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠ البقرة‪٧٥ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱠ البقرة‪١٢١ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂﳃ ﳄ‬
‫ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﱠ البقرة‪١٨٦ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱠ النساء‪٨٠ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ‬
‫ﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﱠ النساء‪:‬‬
‫‪١٣٦‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ‬
‫ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ‬
‫ﲌ' ' ' ﲍ''''' ﲎ'''''ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﱠ النساء‪١٥٢ - ١٥٠ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱠ آل عمران‪٣٢ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ‬
‫ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﱠ آل عمران‪:‬‬
‫‪٥١ - ٥٠‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﱠ آل عمران‪١٣٢ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍﳎ ﳏ''''''' ﳐ''''''' ﳑ''''''' ﳒ''''' ﳓ''''' ﳔ''''' ﳕ'''''' ﳖ''''‬
‫ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﱠ النساء‪٥٩ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱠ‬
‫طه‪٩٠ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲅ'''' ﲆ'''' ﲇ'''' ﲈ''''' ﲉ ﲊ' ' ﲋ' ' ﲌ' ' ' ﲍ''''' ﱠ النور‪٥٦ :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ‬
‫ﳎ''''''' ﳏ''''''' ﳐ''''''' ﳑ''''''' ﳒ' ' ' ﳓ' ' ' ﳔ' ' ' ﱠ الشعراء‪١٠٨ - ١٠٥ :‬‬
‫‪1‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﱠ الشعراء‪١٢٦ :‬‬
‫‪:‬قال هللا تعالى‬
‫﴾ َأ ِن ا ْش ُكرْ لِي َولِ َوالِ َدي َ‬
‫ْك ِإ َليَّ ْال َم ِ‬
‫صي ُر ﴿‬
‫ثابت عن النبي«‬ ‫ٌ‬ ‫ال يشكر هللا من ال يشكر الناس»‪ ‬فهل هذا الحديث‬
‫‪   ‬صلى هللا عليه وسلم؟‬
‫أوالً‪ :‬ورد الحديث المشار إليه بعدة روايات منها‪ :‬عن أبي هريرة‬
‫رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬ال َي ْش ُك ُر هَّللا َ َمنْ ال‬
‫اس»‪( ‬رواه أحمد وأبو داود والبخاري في األدب المفرد وابن‬ ‫َي ْش ُك ُر ال َّن َ‬
‫حبان والطيالسي‪ ،‬وهو حديث صحيح صححه العالمة األلباني)‪ .‬وورد‬
‫في رواية الترمذي عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا‬
‫اس َل ْم ي ْش ُكر هللا»‪( ‬رواه الترمذي في‬ ‫عليه وسلم قال‪َ « :‬منْ ل ْم ي ْش ُكر ال َّن َ‬
‫كتاب البر والصلة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في باب ما جاء‬
‫في الشكر لمن أحسن إليك‪ .‬وقال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح)‪.‬‬
‫وورد في رواية اإلمام أحمد عن األشعث بن قيس رضي هللا عنه قال‪:‬‬
‫أشكر الناس هلل عز وجل‬ ‫َ‬ ‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إن‬
‫أشكرُهم للناس» (ورواه أيضا ً ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في‬
‫السنن الكبرى‪ .‬وصححه العالمة األلباني)‪ .‬ثانياً‪ :‬قال اإلمام الخطابي‬
‫في شرح الحديث‪" :‬هذا يُتأول على وجهين‪ :‬أحدهما‪ :‬أن من كان طبعه‬
‫وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم‪ ،‬كان من عادته‬
‫كفران نعمة هللا تعالى وترك الشكر له‪ .‬والوجه اآلخر‪ :‬أن هللا سبحانه‬
‫شكر العبد على إحسانه إليه‪ ،‬إذا كان العب ُد ال يشك ُر إحسان‬ ‫َ‬ ‫ال يقبل‬
‫الناس ويكفر معروفهم" (معالم السنن ‪ .)4/113‬وقال اإلمام الخطابي‬
‫أيضاً‪" :‬هذا الحديث فيه ذم لمن لم يشكر الناس على إحسانهم‪ .‬وفيه‬

‫‪2‬‬
‫أيضا الحث على شكر الناس على إحسانهم‪ .‬وشكر الناس على‬
‫‪". ‬إحسانهم يكون بالثناء عليهم وبالكلمة الطيبة وبالدعاء لهم‬

‫وتعاونوا على البرّ والتقوى‬


‫‪ ‬‬
‫قدرات الناس وطاقا ُتهم‪ ،‬وتتباين‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تتفاوت‬ ‫إ ّنه من سنن هللا في الكون أن‬
‫َم َلكاتهم وحاجاتهم‪ ،‬فأحدهم مستطيع‪ ،‬وآخر عاجز‪ ،‬وبعضهم أغنياء‪،‬‬
‫واآلخرون فقراء‪ ،‬لقد أخبر النبيُّ ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بأن ي َد هللا‬
‫على الجماع ِة‪ ،‬وهذا مما يُدركه العقالءُ؛ أن الجماع َة خير من الفُرقة‪،‬‬
‫حرص‬ ‫وأن االنعزالية واأل َث َرة مدعاةٌ للمشقة والضياع واله َلكة؛ لذا َ‬
‫أمة يتكافل أفرا ُدها فيما‬ ‫جعل المسلمين ً‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم أشد الحرص على‬
‫بينهم‪ ،‬ويتعاون بعضُهم مع بعض‪ ،‬القوي يستخدم قوته لنصر‬
‫الضعيف‪ ،‬والغني يجعل غناه في قضاء حاجة الفقير؛ يقول الرب ‪ -‬عز‬
‫وجل ‪َ  ﴿ :-‬و َت َع َاو ُنوا َع َلى ْال ِبرِّ َوال َّت ْق َوى َواَل َت َع َاو ُنوا َع َلى اِإْل ْث ِم‬
‫يعين بعضُ المسلمين‬ ‫َ‬ ‫ان‪[ ﴾ ‬المائدة‪]2 :‬؛ فالتعاون في اإلسالم أن‬ ‫َو ْالع ُْد َو ِ‬
‫ضا؛ قوالً وفعالً‪ ،‬كما عرَّ ف به الشيخ عبدالرحمن السعدي‪" :‬اإلعانة‬ ‫بع ً‬
‫هي‪ :‬اإلتيان بكل َخصلة من خصال الخير المأمور بفعلها‪ ،‬واالمتناع‬
‫عن كل َخصلة من خصال الشر المأمور بتركها‪ ،‬فإن العبد مأمور‬
‫غيره من إخوانه المؤمنين عليها‪ ،‬بكل قول‬ ‫بفعلها بنفسه‪ ،‬وبمعاونة ِ‬
‫يبعث عليها‪ ،‬وينشط لها‪ ،‬وبكل فعل كذلك وكل معصية وظلم يجب‬
‫على العبد كفُّ نفسه عنه‪ ،‬ثم إعانة غيره على تركه؛ (تيسير الكريم‬
‫‪.‬الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬ص‪)218 :‬‬

‫‪3‬‬
‫ويقول القرطبي في تفسير هذه اآلية‪َ  ﴿ :‬و َت َع َاو ُنوا َع َلى ْال ِبرِّ َوال َّت ْق َوى‪﴾ ‬‬
‫[المائدة‪ :]2 :‬هو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البرِّ والتقوى؛ أي‪:‬‬
‫وتح ُّاثوا على أمر هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬واع َملوا به‪،‬‬ ‫لِ ُي ِعنْ بعضُكم بعضًا‪َ ،‬‬
‫وانتهوا عما نهى هللا عنه‪ ،‬وامتنعوا منه‪ ،‬وهذا موافق لِما روي عن‬
‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪(( :‬الدا ُّل على الخير‬
‫كفاعله))‪ ،‬وقد قيل‪ :‬الدال على الشرِّ كصانعه‪ ،‬والتعاون على البر‬
‫فواجب على العالِم أن يعين الناس بعلمه‬ ‫ٌ‬ ‫والتقوى يكون بوجوه؛‬
‫فيعلِّمهم‪ ،‬ويعينهم الغني بماله‪ ،‬والشجاع بشجاعته في سبيل هللا‪ ،‬وأن‬
‫يكون المسلمون متظا ِه ِرين كاليد الواحدة؛ ((المؤمنون تتكافأ‬
‫دماؤهم‪ ،‬ويسعى بذم ِتهم أدناهم‪ ،‬وهم يد على من سواهم))‪ ،‬ويجب‬
‫ك النصرة له‪ ،‬ور ُّده عما هو‬ ‫اإلعراضُ عن المتعدي‪ ،‬وتر ُ‬
‫‪.‬عليه؛‪( ‬الجامع ألحكام القرآن‪)47-6/46 ،‬‬

‫ويتحدث ابنُ القيم عن هذه اآلية الكريمة فيقول‪ :‬اشتملت هذه اآلي ُة على‬
‫جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فيما بينهم بعضهم‬
‫ك عن هاتين‬ ‫بعضًا‪ ،‬وفيما بينهم وبين ربهم؛ فإن ك َّل عبد ال ينف ُّ‬
‫الحالتين‪ ،‬وهذين الواجبين‪ ،‬واجب بينه وبين هللا‪ ،‬وواجب بينه وبين‬
‫يكون‬
‫َ‬ ‫الخلق؛ من المعاشرة والمعاونة والصحبة‪ ،‬فالواجب عليه فيها أن‬ ‫َ‬
‫اجتماعُه بهم وصحبته لهم تعاو ًنا على مرضاة هللا وطاعته التي هي‬
‫غاية سعادة العبد وفالحه‪ ،‬وال سعادة له إال بها‪ ،‬وهي البر والتقوى‬
‫اللذان هما ِجما ُع ال ِّدين كله؛ (زاد المهاجر‪ ،)7-1/6 ،‬وقد بين ‪ -‬رحمه‬
‫هللا ‪ -‬ما للتعاون على البرِّ والتقوى من الضرورة واألهمية في المجتمع‬
‫اإلنساني فقال‪" :‬والمقصود من اجتماع الناس وتعاشرهم هو التعاون‬
‫على البرِّ والتقوى‪ ،‬فيعين كل واحد صاح َبه على ذلك علمًا وعمالً‪ ،‬فإن‬
‫‪4‬‬
‫العبد وحده ال يستق ُّل بعلم ذلك‪ ،‬وال بالقدرة عليه‪ ،‬فاقتضت حكم ُة الرب‬
‫النوع اإلنساني قائمًا بعضُه ببعضه‪ ،‬معي ًنا بعضه‬
‫َ‬ ‫‪ -‬سبحانه ‪ -‬أنْ ج َعل‬
‫‪.‬لبعضه"؛ (زاد المهاجر‪)1/13 :‬‬

‫يقول الرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪َ (( :-‬مثل المؤمنين في توا ِّدهم‬
‫عضو تداعى له سائ ُر‬ ‫ٌ‬ ‫وتراحمهم وتعاطفهم َمثل الجسد إذا اشتكى منه‬
‫‪.‬الجسد بال َّسهر والحمى))؛ (صحيح مسلم‪ ،‬رقم‪)2586 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫فالتعاون على الخير من الفطرة التي فطر هللاُ عليها الناس‪ ،‬كما يقول‬
‫ابن خلدون في مق ِّدم ِته‪" :‬اإلنسان قد شاركته جمي ُع الحيوانات في‬
‫حيوان َّي ِته من الحس‪ ،‬والحركة‪ ،‬والغذاء‪ ،‬والكنِّ ‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وإنما تميَّز‬
‫عنها بالفكر الذي يهتدي به لتحصيل معاشه‪ ،‬والتعاون عليه بأبناء‬
‫جنسه‪ ،‬واالجتماع المهيِئ لذلك التعاون‪ ،‬وقبول ما جاءت به األنبياء‬
‫عن هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬والعمل به‪ ،‬واتباع صالح أخراه"؛ (مقدمة ابن‬
‫‪.‬خلدون‪)1/429 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫ف مضاعفة من النتائج‬ ‫وهذا التعاون والتعاضد والتضامن يأتي بأضعا ٍ‬
‫الحسنة والثمار الطيبة في كل عمل من األعمال المفيدة‪ ،‬وإلى هذا‬
‫أشار ابن خلدون فقال‪ :‬قد ع ُِرف وث َبت أن الواحد من البشر غي ُر‬
‫مستقل لتحصيل حاجاته في معاشه‪ ،‬وأنهم متعاونون جميعًا في‬
‫عُمرانهم على ذلك‪ ،‬والحاجة التي تحصل بتعاون طائفة منهم ت ُس ُّد‬
‫فالقوت من الحنطة مثالً ال يستقل‬ ‫ُ‬ ‫ضرور َة األكثر من عددهم أضعا ًفا؛‬
‫الواحد بتحصيل حصته منه‪ ،‬وإذا انتدب لتحصيله الستة أو العشرة من‬
‫ح َّدا ٍد ونجار لآلالت‪ ،‬وقائم على البقر‪ ،‬وإثارة األرض‪ ،‬وحصاد‬
‫‪5‬‬
‫وتوزعوا على تلك األعمال أو اجتمعوا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫السنبل‪ ،‬وسائر ُمَؤ ن الفلح‪،‬‬
‫وحصل بعملهم ذلك مقدار من القوت‪ ،‬فإنه حينئذ قوت ألضعافهم‬
‫مرات؛ فاألعمال بعد االجتماع زائدة على حاجات العاملين‬
‫‪.‬وضروراتهم؛ (المصدر السابق‪)1/360 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫التعاون بين المسلمين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وقد أ َّكد الرسو ُل ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬على‬
‫وج َعل ذلك من شعارهم‪ ،‬ودليالً على إيمانهم؛ فعن أبي سعيد الخدري ‪-‬‬
‫رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬بينما نحن في سفر مع النبي ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫بصره يمي ًنا‬
‫َ‬ ‫وسلم ‪ -‬إذ جاء رجل على راحلة له‪ ،‬فجعل يصرف‬
‫وشماالً‪ ،‬فقال رسو ُل هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪َ (( :-‬من كان معه‬
‫ظهر له‪ ،‬ومن كان له فضل من زا ٍد‬ ‫َ‬ ‫فض ُل َظ ٍ‬
‫هر فل َيع ُْد به على َمن ال‬
‫فل َيع ُْد به على َمن ال زاد له))‪ ،‬فذ َكر من أصناف المال ما ذ َكر حتى‬
‫حق ألح ٍد منا في فضل؛ (صحيح مسلم‪ ،‬رقم‪)1728 :‬‬ ‫‪.‬رأينا أنه ال َّ‬
‫‪ ‬‬
‫لقد ُع ِني اإلسال ُم بالتعاضد والتناصر والتكافل والتعاون فيما بين‬
‫جعل الصال َة التي هي عماد الدين عمالً‬ ‫المسلمين أيَّما عناية‪ ،‬حتى َ‬
‫يعرف به المسل ُم ما يعيشه أخوه المسلم من بالء ومحنة وضيق وشدة‬ ‫ِ‬
‫وجعل‬‫َ‬ ‫بعد حضوره في المسجد‪ ،‬وشهو ِده الصال َة مع الجماعة‪،‬‬
‫شرطا لقبول‬ ‫ً‬ ‫اإلحسان إلى المساكين وابن السبيل واألرملة والمصابين‬
‫األعمال الصالحة‪ ،‬واستحقاق األجر والثواب عليها بجلب الرحمة‬
‫والمغفرة إثرها ؛يقول النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم‪ :-‬الراحمون‬
‫يرحمهم الرحمن ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء(سنن‬
‫أبي داود‪ ،‬رقم‪ ،)4941:‬سنن الترمذي‪ ،‬رقم‪ )1924:‬وهذه الرحمة‬
‫تختلف باختالف األشخاص‪ ،‬و تتع ّدد بتع ّدد األفراد فالمريض مثال إذا‬
‫‪6‬‬
‫ُزرته وعُدته وأعنته على مداواته فقد رحمته‪.‬وهكذا الفقير الجائع إذا‬
‫أطعمته وقضيت له حاجته فقد رحمته‪ ،‬واألسير بغير حق إذا شفعت له‬
‫ك أسره فقد رحمته‪ .‬واليتيم إذا مسحت‬ ‫شفاعة حسنة وسعيت في ف ّ‬
‫رأسه‪ ،‬وأدخلت السرور على قلبه‪ ،‬وآنست وحشته فقد رحمته‪ .‬وهل ّم‬
‫جرا‪ .‬لقد أولى اإلسال ُم عناية فائقة ورعاية زائدة لليتامى والمساكين‬
‫وأبناء السبيل‪ ،‬وجعلهم في ِعداد من يُن َفق عليهم‪ ،‬ويُح َسن إليهم‪ ،‬من‬
‫الوالدين واألقربين والجيران؛ يقول هللا ‪ -‬عز وجل ‪َ  ﴿ :-‬واعْ ُب ُدوا هَّللا َ‬
‫ْن ِإحْ َسا ًنا َو ِب ِذي ْالقُرْ َبى َو ْال َي َتا َمى‬ ‫َواَل ُت ْش ِر ُكوا ِب ِه َش ْيًئ ا َو ِب ْال َوالِدَ ي ِ‬
‫ْن‬
‫ب َواب ِ‬ ‫ب ِب ْال َج ْن ِ‬ ‫ب َوالصَّا ِح ِ‬ ‫ار ْال ُج ُن ِ‬ ‫ار ِذي ْالقُرْ َبى َو ْال َج ِ‬ ‫ين َو ْال َج ِ‬ ‫َو ْال َم َسا ِك ِ‬
‫ان م ُْخ َتااًل َف ُخورً ا‪﴾ ‬‬ ‫ت َأ ْي َما ُن ُك ْم ِإنَّ هَّللا َ اَل ُيحِبُّ َمنْ َك َ‬ ‫يل َو َما َم َل َك ْ‬ ‫الس َِّب ِ‬
‫‪[.‬النساء‪]36 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫لقد أوضحت اآلي ُة الكريمة ما للتعاون والتناصر والتعاضد والتراحم‬
‫من قيمة كبيرة ومكانة عظيمة في اإلسالم أيما إيضاح‪ ،‬وفصلت َمن‬
‫أحق باإلحسان إليه والبرّ به‪ ،‬وسمَّت َمن أبى ذلك مختاالً فخورً ا‬ ‫هو ّ‬
‫شرع اإلسال ُم الزكاة فريضة محكمة‪،‬‬ ‫ممَّن يُبغضهم هللا وال يُحبّهم؛ لذا َ‬
‫فوارق‬
‫ِ‬ ‫محو‬
‫ِ‬ ‫وأمرً ا معلومًا من الدين بالضرورة؛ فاإلسالم يهدف إلى‬
‫ونوازع االستعالء واالستكبار‪ ،‬ودوافع الش ّح والبخل والطمع‬ ‫ِ‬
‫لق غريزة التعاون والتناصر فيما بين‬ ‫والحرص‪ ،‬ويرمي إلى َخ ِ‬
‫ات لِ ْلفُ َق َرا ِء‬ ‫المسلمين‪ ،‬ويقول الرب ‪ -‬عز وجل ‪ِ ﴿ :-‬إ َّن َما الصَّدَ َق ُ‬
‫ين‬‫ار ِم َ‬‫ب َو ْال َغ ِ‬ ‫ين َع َل ْي َها َو ْال ُمَؤ لَّ َف ِة قُلُو ُب ُه ْم َو ِفي الرِّ َقا ِ‬‫ين َو ْال َعا ِملِ َ‬ ‫َو ْال َم َسا ِك ِ‬
‫ض ًة ِم َن هَّللا ِ َوهَّللا ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم‪[ ﴾ ‬التوبة‪:‬‬ ‫يل َف ِري َ‬ ‫ْن الس َِّب ِ‬ ‫يل هَّللا ِ َواب ِ‬ ‫َو ِفي َس ِب ِ‬
‫‪.]60‬ويقول –عزوجل‪َ  ﴿ :-‬ما َأ َفا َء هَّللا ُ َع َلى َرسُولِ ِه ِمنْ َأهْ ِل ْالقُ َرى َفلِلَّ ِه‬
‫يل َكيْ اَل َي ُك َ‬
‫ون‬ ‫ْن الس َِّب ِ‬ ‫ُول َولِ ِذي ْالقُرْ َبى َو ْال َي َتا َمى َو ْال َم َسا ِك ِ‬
‫ين َواب ِ‬ ‫َولِلرَّ س ِ‬
‫‪7‬‬
‫ُدو َل ًة َبي َْن اَأْل ْغ ِن َيا ِء ِم ْن ُك ْم َو َما آ َتا ُك ُم الرَّ سُو ُل َف ُخ ُذوهُ َو َما َن َها ُك ْم َع ْن ُه َفا ْن َتهُوا‬
‫ب‪[ ﴾ ‬الحشر‪]7:‬‬ ‫َوا َّتقُوا هَّللا َ ِإنَّ هَّللا َ َش ِدي ُد ْال ِع َقا ِ‬
‫لخ ْل ِق صفة التقوى في قلوبهم؛‬ ‫وهكذا الصوم شرعه اإلسالم ألتباعه َ‬
‫ين ِمنْ َق ْبلِ ُك ْم‬ ‫ب َع َلى الَّ ِذ َ‬ ‫ص َيا ُم َك َما ُك ِت َ‬ ‫ب َع َل ْي ُك ُم ال ِّ‬ ‫ين آ َم ُنوا ُك ِت َ‬ ‫﴿‪َ  ‬يا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ‬
‫ون‪[ ﴾ ‬البقرة‪]183 :‬‬ ‫‪َ .‬ل َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ َ‬
‫‪ ‬‬
‫معاني كثيرة‪ ،‬ومطالب واسعة؛ فبالصوم"‬ ‫َ‬ ‫ون" تحمل في طيّها‬ ‫َل َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ َ‬
‫الحرص‪ ،‬والش َّح‪ ،‬والطمع‪ ،‬والحقد‪ ،‬والضغن‪ ،‬والحسد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ي ّتقي المسل ُم‬
‫وحب المال‪ ،‬وجميع األخالق الرديئة‪ ،‬والعادات الدنيئة؛ من االستبداد‪،‬‬
‫واالستئثار‪ ،‬واالستغالل‪ ،‬واالحتكار؛ لذا ورد في الحديث عن النبيِّ ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪(( :‬الصوم جنة من النار كجنة أحدكم من‬
‫القتال))؛(سنن النسائي‪ ،‬رقم‪ُ )2231:‬ج َّنة من النار وما يقرِّ بُ إليها من‬
‫ث صاحبها الشحناء والبغضاء‬ ‫تور ُ‬ ‫األقوال واألفعال واألعمال التي ِ‬
‫ت بها شم ُل األمة اإلسالمية‪ ،‬ويتفرَّ ق جمعُها‪ ،‬ويتزلزل‬ ‫التي يتش َّت ُ‬
‫‪.‬بنيانها‬
‫‪ ‬‬
‫وقد ذ َكر العلما ُء أن الحكمة في فرض الصيام هو أن يذوق الغنيُّ طعم‬
‫المعو َز الفقير‬ ‫ِ‬ ‫‪.‬الجوع‪ ،‬فال ينسى أخاه‬
‫‪ ‬‬
‫دي‪ ،‬نرى أن التكافل االجتماعي وصف َة‬ ‫وفي الحج لما شرع هللا فيه ال َه َ‬
‫التناصر والتعاضد تمتاز بها هذه الفريض ُة الربانية؛ ﴿‪َ  ‬و ْالب ُْد َن َج َع ْل َنا َها‬
‫ص َوافَّ َفِإ َذا‬ ‫َل ُك ْم ِمنْ َش َعاِئ ِر هَّللا ِ َل ُك ْم ِفي َها َخ ْي ٌر َف ْاذ ُكرُوا اسْ َم هَّللا ِ َع َل ْي َها َ‬
‫ك َس َّخرْ َنا َها َل ُك ْم‬ ‫ت ُج ُنو ُب َها َف ُكلُوا ِم ْن َها َوَأ ْط ِعمُوا ْال َقا ِن َع َو ْالمُعْ َترَّ َك َذلِ َ‬ ‫َو َج َب ْ‬
‫ُون‪[ ﴾ ‬الحج‪]36 :‬‬ ‫‪َ .‬ل َعلَّ ُك ْم َت ْش ُكر َ‬
‫‪8‬‬
‫‪ ‬‬
‫لقد رغب هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬عباده في القيام بهذا العمل العظيم في‬
‫ْس ْال ِبرَّ َأنْ ُت َولُّوا‬ ‫مواضع من القرآن الكريم؛ يقول ‪ -‬عز وجل ‪َ  ﴿ :-‬لي َ‬ ‫َ‬
‫ب َو َلكِنَّ ْال ِبرَّ َمنْ آ َم َن ِباهَّلل ِ َو ْال َي ْو ِم اآْل ِخ ِر‬ ‫وُ جُو َه ُك ْم ِق َب َل ْال َم ْش ِر ِق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬
‫ِّين َوآ َتى ْال َما َل َع َلى ُح ِّب ِه َذ ِوي ْالقُرْ َبى َو ْال َي َتا َمى‬ ‫ب َوال َّن ِبي َ‬ ‫َو ْال َماَل ِئ َك ِة َو ْال ِك َتا ِ‬
‫صاَل َة َوآ َتى‬ ‫ب َوَأ َقا َم ال َّ‬ ‫ين َو ِفي الرِّ َقا ِ‬ ‫يل َوالسَّاِئلِ َ‬ ‫ين َواب َْن الس َِّب ِ‬ ‫َو ْال َم َسا ِك َ‬
‫ين ِفي ْال َبْأ َسا ِء َوالضَّرَّ ا ِء‬ ‫ون ِب َع ْه ِد ِه ْم ِإ َذا َعا َه ُدوا َوالص ِ‬
‫َّاب ِر َ‬ ‫الز َكا َة َو ْالمُوفُ َ‬ ‫َّ‬
‫ون‪[ ﴾ ‬البقرة‪،]177 :‬‬ ‫ك ُه ُم ْال ُم َّتقُ َ‬ ‫صدَ قُوا َوُأو َلِئ َ‬ ‫ين َ‬ ‫ك الَّ ِذ َ‬‫س ُأو َلِئ َ‬ ‫ين ْال َبْأ‬
‫َو ِح َ‬
‫ِ‬
‫ون قُ ْل َما َأ ْن َف ْق ُت ْم ِمنْ َخي ٍْر‬ ‫ك َما َذا ُي ْن ِفقُ َ‬ ‫ويقول ‪ -‬عز وجل ‪َ  ﴿ :-‬يسْ َألُو َن َ‬
‫يل َو َما َت ْف َعلُوا ِمنْ‬ ‫ْن الس َِّب ِ‬ ‫ين َواب ِ‬ ‫ين َو ْال َي َتا َمى َو ْال َم َسا ِك ِ‬ ‫ْن َواَأْل ْق َر ِب َ‬ ‫َفلِ ْل َوالِ َدي ِ‬
‫‪َ .‬خي ٍْر َفِإنَّ هَّللا َ ِب ِه َعلِي ٌم‪[ ﴾ ‬البقرة‪]215 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫ففي الصحيحين عن النبي ‪-‬صلّى هللا عليه وسلّم‪ -‬قال‪ :‬على ك ّل مسلم‬
‫صدقة‪ .‬فقالوا‪:‬يا نبي هللا‪ ،‬فمن لم يجد؟‪ :‬قال‪ :‬يعمل بيديه فينفع نفسه‬
‫ويتص ّد ق‪ .‬قالوا‪ :‬فإن لم يجد ؟ قال‪ :‬يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا‪:‬فإن‬
‫لم يجد ؟ قال‪ :‬فليعمل بالمعروف‪ ،‬وليمسك عن الشر‪ ،‬فإنها له صدقة‪.‬‬
‫‪(.‬صحيح البخاري‪ ،‬رقم‪ ،1445:‬صحيح مسلم‪ ،‬رقم‪)1008:‬‬
‫‪ ‬‬
‫وكان من س َّنة المصطفى ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أنه كان يهتم بإطعام‬
‫سرا وجهارً ا؛ أخرج اإلمامان‬ ‫الناس واإلنفاق عليهم؛ ليالً ونهارً ا‪ًّ ،‬‬
‫البخاري ومسلم ‪ -‬رحمهما هللا ‪ -‬عن أبي ذر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪:‬‬
‫كنت أمشي مع النبيِّ ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في َحرَّ ٍة بالمدينة‪،‬‬
‫قلت‪ :‬لبيك يا رسول هللا‪ ،‬قال‪(( :‬ما‬ ‫فاستق َب َلنا ُأ ُح ٌد‪ ،‬فقال‪(( :‬يا أبا ذرٍّ ))‪ُ ،‬‬
‫ثالثة وعندي منه‬ ‫ٌ‬ ‫يسرُّ ني أن عندي مث َل ُأح ٍد هذا ذهبًا تمضي عليَّ‬
‫‪9‬‬
‫رص ُده ل َدين‪ ،‬إال أن أقو َل به في عباد هللا هكذا وهكذا‪،‬‬ ‫دينار‪ ،‬إال شيء ُأ ِ‬
‫عن يمينه وعن شماله‪ ،‬ومن خلفه)) ثم سار فقال‪(( :‬إن األكثرين هم‬
‫األقلُّون يوم القيامة‪ ،‬إال من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا‪ ،‬عن يمينه‪،‬‬
‫وعن شماله‪ ،‬ومن خلفه‪ ،‬وقليل ما هم))؛ (صحيح البخاري‪ ،‬رقم‪:‬‬
‫‪ ،6444.‬صحيح مسلم‪ ،‬رقم‪)991 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫وكان ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يزداد جو ُده وكرمه وسخاؤه في شهر‬
‫رمضان‪ ،‬وكان كالريح المرسلة‪ ،‬وقد ب َّشر ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫أ َّم َته بأن إطعام الطعام مما يُد ِخل المسل َم الج َّن َة بسالم؛ أخرج الترمذي ‪-‬‬
‫يوسف عبدهللا بن سالم ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أنه‬ ‫َ‬ ‫رحمه هللا ‪ -‬عن أبي‬
‫سمعت رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقول‪(( :‬يا أيها الناس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫شوا السالم‪ ،‬وأطعموا الطعا َم‪ ،‬وصلُّوا والناس نيام‪ ،‬تدخلون الج َّن َة‬ ‫أف ُ‬
‫بسالم))؛ (سنن الترمذي‪ ،‬رقم‪ .)2485 :‬وقد مدح هللا‪-‬عزوجل‪-‬‬
‫األنصار لقيامهم بالتعاون مع المهاجرين والتناصر لهم‪.‬فقال –‬
‫ُّون َمنْ َه َ‬
‫اج َر‬ ‫ان ِمنْ َق ْبلِ ِه ْم ُي ِحب َ‬ ‫ار َواِإْلي َم َ‬ ‫ين َت َب َّوءُوا ال َّد َ‬‫عزوجل‪َ  ﴿ :-‬والَّ ِذ َ‬
‫اج ًة ِممَّا ُأو ُتوا َويُْؤ ِثر َ‬
‫ُون َع َلى َأ ْنفُ ِس ِه ْم‬ ‫ور ِه ْم َح َ‬‫ص ُد ِ‬
‫ون ِفي ُ‬ ‫ِإ َلي ِْه ْم َواَل َي ِج ُد َ‬
‫ُون‪﴾ ‬‬ ‫ش َّح َن ْف ِس ِه َفُأو َلِئ َ‬
‫ك ُه ُم ْال ُم ْفلِح َ‬ ‫ُوق ُ‬‫ص ٌة َو َمنْ ي َ‬ ‫صا َ‬ ‫َو َل ْو َك َ‬
‫ان ِب ِه ْم َخ َ‬
‫[الحشر‪ ]9:‬وأثنى الرسو ُل ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬على األشعريِّين‬
‫خيرً ا لما كانوا يقومون بعمل التكافل والتعاضد فيما بينهم؛ فعن أبي‬
‫موسى‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال النبيّ ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪(( :-‬إن‬
‫األشعريِّين إذا أرملوا في الغزو‪ ،‬أو ق َّل طعا ُم عيالهم بالمدينة‪ ،‬ج َمعوا‬
‫ما كان عندهم في ثوب واحد‪ ،‬ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية؛‬
‫فهم مني وأنا منهم)) (صحيح البخاري‪ ،‬رقم‪ ،2486:‬صحيح مسلم‪،‬‬
‫رقم‪ )2500:‬وروي عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قال قال‬
‫‪10‬‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إن هلل أقواما اختصهم بالنعم لمنافع‬
‫العباد يقرّ هم فيها ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم فحوّ لها إلى‬
‫‪.‬غيرهم‪(.‬صحيح الترغيب والترهيب‪ ،‬رقم‪)2617:‬‬

‫وكان أصحابُ رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بعده يُع َن ْو َن بهذا‬
‫الجانب المه ّم ِمن ال ِّدين أيما عناية؛ ففي فتوح البلدان للبالذري أن عمر‬
‫فرض له مائة‪ ،‬وفرض له رز ًقا‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬كان إذا ُأتي باللقيط َ‬
‫بقدر ما يصلحه‪ ،‬ثم ينقُله من س َنة إلى سنة‪ ،‬وكان‬ ‫يأخذه وليُّه كل شهر ِ‬
‫يوصي بهم خيرً ا‪ ،‬ويجعل رضاعتهم ونفقتهم من بيت المال‪ ،‬وبعدما‬
‫رأى من المرأة التي أرادت إجبار رضيعها على الفطام كي يفرض له‬
‫من بيت المال‪ ،‬قال لنفسه‪ :‬يا ويل عمر! كم احتمل ِمن ِوزر وهو ال‬
‫يعلم‪ ،‬ثم أ َمر مناديه لينادي في الناس بأالّ يعجلوا بفطام أوالدهم‪ ،‬فقد‬
‫وللمنفوس مائة درهم‪.‬‬‫ِ‬ ‫فرض أمي ُر المؤمنين لكل مولو ٍد في اإلسالم‬ ‫َ‬
‫‪(.‬فتوح البلدان‪ ،‬البالذري‪)1/441 ،‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومما أورد الطبريُّ في كتابه في حوادث سنة ثمانين الهجرية أن الولي َد‬
‫بن عبدالملك ح َبس المجذومين عن أن يخرجوا على الناس‪ ،‬وأجرى‬
‫كثر عنده أرقاء ال ُخمس‬ ‫عليهم أرزا ًقا‪ ،‬وكان عمر بن عبدالعزيز إذا ُ‬
‫ُقع َدين‪ ،‬بين كل َز ِمنين خصَّص غالمًا يخدمُهما‪ ،‬ولكل‬ ‫فرَّ قه بين كل م َ‬
‫‪.‬أعمى غالمًا يقوده‬
‫‪ ‬‬
‫فلينظر المسلمون إلى الواقع الذي يعيشه إخوانهم المسلمون في مشارق‬
‫األرض ومغاربها من هموم وغموم وباليا ومحن‪ ،‬ويستعرضوا أنفسهم‬
‫ودعم مما آتاهم‬ ‫ٍ‬ ‫ويتساءلوا فيما بينهم‪ :‬ماذا يق ِّدمون لهم من عون ونصر‬
‫‪11‬‬
‫هللاُ من أموالهم ومواهبهم وقواتهم؛‪ ‬عن عبد هللا بن عمر رضي هللا‬
‫عنهما أن رجال جاء إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال يا رسول‬
‫‪.‬هللا أي الناس أحب إلى هللا ؟ فقال‪ :‬أحبّ الناس إلى هللا أنفعهم للناس‬

‫وأحبّ األعمال إلى هللا عز وجل سرور ُتدخله على مسلم تكشف عنه‬
‫كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا وألن أمشي مع أخ في‬
‫حاجة أحبّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة‬
‫شهرا ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه مأل هللا قلبه يوم‬
‫القيامة رضى ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبّت هللا‬
‫‪.‬قدميه يوم تزول األقدام‪( .‬صحيح الترغيب والترهيب‪ ،‬رقم‪)2623:‬‬

‫ولينظر الشباب المسلمون ما أصيبت به األمة اإلسالمية في بقاع‬


‫األرض المختلفة من نكبات وأزمات في األرض المباركة فلسطين‪،‬‬
‫وبالد الرافدين‪ ،‬وسوريا‪ ،‬ومصر‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬والشيشان‪ ،‬والصومال‪،‬‬
‫وكشمير‪ ،‬كيف يواجهون هذه األحوا َل الشائكة‪ ،‬ويعانون تلك الضربات‬
‫القاصمة من أمم العالم الجائرة الظالمة؟يقول الربّ ‪ -‬عز وجل‪:-‬‬
‫ان‪﴾ ‬‬‫﴿و َت َع َاو ُنوا َع َلى ْال ِبرِّ َوال َّت ْق َوى َواَل َت َع َاو ُنوا َع َلى اِإْل ْث ِم َو ْالع ُْد َو ِ‬ ‫َ‬
‫يل هَّللا ِ‬‫ون ِفي َس ِب ِ‬ ‫[المائدة‪ ،]2 :‬ويقول ‪ -‬عز وجل‪َ  ﴿ :-‬و َما َل ُك ْم اَل ُت َقا ِتلُ َ‬
‫ون َر َّب َنا َأ ْخ ِرجْ َنا‬ ‫ين َيقُولُ َ‬ ‫َان الَّ ِذ َ‬ ‫ال َوال ِّن َسا ِء َو ْال ِو ْلد ِ‬
‫ين ِم َن الرِّ َج ِ‬ ‫َو ْالمُسْ َتضْ َع ِف َ‬
‫ك َولِ ًّيا َواجْ َع ْل َل َنا ِمنْ‬ ‫الظالِ ِم َأهْ لُ َها َواجْ َع ْل َل َنا ِمنْ َل ُد ْن َ‬ ‫ِمنْ َه ِذ ِه ْال َقرْ َي ِة َّ‬
‫صرُو ُك ْم‬ ‫﴿وِإ ِن اسْ َت ْن َ‬ ‫صيرً ا‪[ ﴾ ‬النساء‪ ،]75 :‬ويقول ‪ -‬عز وجل ‪َ :-‬‬ ‫ك َن ِ‬ ‫َل ُد ْن َ‬
‫اق َوهَّللا ُ ِب َما‬
‫ين َف َع َل ْي ُك ُم ال َّنصْ ُر ِإاَّل َع َلى َق ْو ٍم َب ْي َن ُك ْم َو َب ْي َن ُه ْم ِمي َث ٌ‬
‫ِفي ال ِّد ِ‬
‫صي ٌر‪[ ﴾ ‬األنفال‪ .]72 :‬ويقول ‪ -‬عز وجل ‪َ  ﴿ :-‬ها َأ ْن ُت ْم َهُؤ اَل ِء‬ ‫ون َب ِ‬‫َتعْ َملُ َ‬
‫يل هَّللا ِ َف ِم ْن ُك ْم َمنْ َيب َْخ ُل َو َمنْ َيب َْخ ْل َفِإ َّن َما َيب َْخ ُل َعنْ‬ ‫ُت ْد َع ْو َن لِ ُت ْن ِفقُوا ِفي َس ِب ِ‬
‫‪12‬‬
‫َن ْف ِس ِه َوهَّللا ُ ْال َغنِيُّ َوَأ ْن ُت ُم ْالفُ َق َرا ُء َوِإنْ َت َت َولَّ ْوا َيسْ َت ْب ِد ْل َق ْومًا َغي َْر ُك ْم ُث َّم اَل‬
‫‪َ .‬ي ُكو ُنوا َأمْ َثا َل ُك ْم‪[ ﴾ ‬محمد‪]38 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫وبارك‬
‫َ‬ ‫وصلَّى هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه‬
‫‪.‬وسلَّم‬

‫‪13‬‬

You might also like