Professional Documents
Culture Documents
تنظيم محترف 2
تنظيم محترف 2
4-1مفهومه :
يعرف مينتزبرغ التنظيم المحترف على أنها تنظيم يمتاز بمهام عملياتي جد معقد يتطلب
تحكما مباشرا من طرف التنفيذيين ،ويتجه نحو آلية في تنسيق العمل يسمح له بتحقيق
المركزية والالمركزية في اآلن ذاته وهي تنميط المؤهالت .هذه األخيرة تنتج نموذج بنائي
يصطلح عليه البيروقراطية :المحترفة ،يرتكز من أجل اشتغالها على كفاءات ومعارف
عمالها المهنيين التنفيذيين ،وكلها تنتج سلع وخدمات منمطة وهذا ما يفسر أهمية مركز
العمليات كجزء أساسي للبنية المهنية ،وذلك كونه يتضمن خاصيتين تحدد باقي أبعاد النظام
الداخلي وما يتطلبه من آليات في تقسيم وتنسيق العمل ،هما :أوال :الطبيعة المعقدة للنشاط،
ثانيا :الخصائص المميزة لعمال التنفيذيين :.فالخاصية ألولى تشترط الثانية؛ أما الخاصية
الثانية فتتحدد من خالل األولى ،هذا ما يبرر الحاجة الوظيفية للتنظيم المحترف آللية تنميط
1
المؤهالت في تنسيق وتقسيم العمل.
4-2مخطط التنظيم المحترف :
تتجلى المالمح البنائية للتنظيمات المهنية من خالل "تنميط المؤهالت كآلية لتنسيق العمل
وما يالزمها من معالم التصميم المتمثلة في التكوين والتنشئة التنظيمية ،حيث توظف
مختصين خاضعين لتكوين وتنشئة تنظيمية تتناسب مع مركز عملياتها ،وتمنحهم حرية
معتبرة في التحكم بهامهم الخاصة ،بالتالي يكون تقسيم العمل قوي على المستوى العمودي
وذلك باعتبار أن ما يميزهم من كفاءات متخصصة يمنح لهم حرية معتبرة في تصميم
اإلجراءات التي يؤدون بها مهامهم المعقدة؛ ما يؤدي إلى غياب الرقابة المباشرة وانخفاض
في مستوى التفويض وبالتالي تقلص ملحوظ على مستوى الخط التراتبي .أما على المستوى
العمودي فنجد تقسيم العمل قوي نظرا للتخصص في الكفاءات وبالتالي تمايز نوعي في
المهام ،التخصص العلمي ،تنوع المقاييس في ذات التخصص:...إلخ ،ما يجعل المهنيون
يشتغلون في استقاللية عن زمالئهم وفي أماكن متباعدة نسبيا ،في المقابل قريبون جدا من
2
الزبائن أو العمالء بحيث يتفاعلون معهم بطريقة مباشرة
1
Henry Mintzberg, Structure et dynamique des organisations, op. cit., p. 310.
2
Ibid., p. 315.
4-3خصائص البنية' االدارية للنظام المحترف:
في الغالب ،تتشكل البنية اإلدارية في التنظيمات المهنية من المهنيين أنفسهم ،والسبب يعود
إلى درجة صعوبة وتعقيد نشاط هذا النوع من التنظيمات ،بالتالي ال يوجد أفضل من
المهني ،بحجة ما يمتلكه من معارف وخبرات ،لتسيير بشكل جيد المتطلبات التنظيمية
لمهنته .وتتصف أيضا البنية اإلدارية المهنية بأنها ديمقراطية؛ " ال ألن المهنيين يتحكمون
في مهامهم فحسب ،بل يسعون أيضا للتحكم الجماعي في القرارات :اإلدارية التي تمسهم ،
ويتم ذلك من خالل زمالءهم في المهنة على مستوى الخط التراتبي رئيس القسم ،العميد
وصوال إلى القمة -اإلستراتيجية رئيس الجامعة ونوابه التي تطبق تلك القرارات المتفق
عليها في مركز العمليات ،على سبيل المثال؛ -قواعد توزيع المقاييس على األساتذة أو تعديل
البرنامج الزمني للتدريس ،معايير االنتقاء لالستفادة من امتيازات معينة ...الخ ،أو عن
طريق االنتماء للمجالس العلمية للقسم أو الكلية؛ على األقل مرتين في مشواره المهني،
3
مايتيح للمهنيين التحكم والتعديل المستمر للقرارات التي تمس نشاطهم.
"نتيجة لقلة االعتماد على الرقابة المباشرة والتعديل المتبادل ،تمتاز التنظيمات المهنية بخط
تراتبي وبنية تقنية بسيطتين جداا؛ كونهما ل يقدمان الكثير فيما يتعلق بتنسيق النشاط المهني
في هذه البنية ،عكس مركز العمليات الذي يتشكل من وحدات ذات حجم كبير" ،2وهذا ما
يزيد من سلطة المهنيين على المستوى العملياتي ،ويجعل من اإلطارات اإلدارية سواء في
الخط التراتبي أو في القمة اإلستراتيجية يتحملون مسؤوليات ثانوية تتجلى أهميتها في ما
توفره من خدمات ووسائل تساعد المهنيين على تأدية األنشطة الرئيسية التي تمنحهم سلطة
اتخاذ القرار أو على األقل المشاركة الجماعية في تقرير ما يخدم نشاطهم .بالتالي؛ نالحظ
أن الهرم التراتبي للسلطة قد انقلب رأسا على عقب ليرتفع بركز العمليات إلى القمة ويضع
الخط التراتبي والقمة اإلستراتيجية في خدمته.
3
Henry Mintzberg, Le management : Voyage au centre des organisations, op. cit., p. 261.
أما بخصوص الخط التراتبي في ه ذا النوع من التنظيمات " غلبا ما تتشكل البيروقراطية
المهنية من خطان تراتبيان متوازيان ،أحدهما خاص بالمهنيين ،ينطلق من األسفل نحو
األعلى ويتصف بالديمقراطية ،أما اآلخر فخاص بوظائف الدعم اللوجستي ،وينطلق من
األعلى نحو األسفل ،كما أنه ذو طبيعة بيروقراطية ميكانيكية" .3إن الخدمات اللوجستية
العديدة والمتنوعة التي يتطلبها النشاط المهني على مستوى مركز العمليات يستدعي عددا
كبيرا من عمال وظائف الدعم اللوجستي؛ وغالبا ما يفوق عددهم عدد المهنيين ،وبالنسبة
لهم يعتبر التنظيم المهني ذو طبيعة بيروقراطية ميكانيكية تحكمه األوليغارشية المهنية التي
ينصاعون ألوامرها ويلتزمون باإلجراءات النمطية التي تفرضها عليهم .ويتجلى الطابع
البيروقراطي :الميكانيكي للبنية الخاصة بوظائف الدعم اللوجستي من خالل طبيعة الوظيفية
وما يرتبط بها من سلطة ومكانة في الخط التراتبي لهذه البنية ،على سبيل المثال؛ األمين
العا م للكلية ليس في نفس مرتبة متصرف إداري مسؤول عن األرشيف.
إن تشكل التنظيم المهني من تراتبية مهنية تحكمها سلطة الكفاءة والخبرة المهنية التي
تنعكس في شكل -تراتبية تصنيفية على سبيل المثال؛ نجد في الجامعة رتب األساتذة من
أستاذ مساعد صنف ب حتى أستاذ التعليم العالي ،وتراتبية وظيفية تحكمها السلطة المفوضة
والمكانة التنظيمية ،يجعل التنظيم المهني يجمع بين نزعتين :النزعة المهنية نحو النشاط
الخدماتي والنزعة البيروقراطية نحو احترام اإلجراءات ،ما يجعلهما متناقضين وتالزمهما
ببعضهم البعض يؤدي في كثير من األحيان إلى الص راع داخل التنظيم " ،نتيجة ما
يتطلبه النشاط المهني من مرونة في اإلجراءات وسرعة في الخدمات ،وما يلتزم به النشاط
4
الوظيفي من إجراءات واحترام للترابية في السلطة والمسؤوليات.
إن وضعية اإلداريين المهنيين إزاء السلطة التي يمتلكها المهنيون على المستوى العملياتي
يحيلنا إلى التساؤل حول سلطة اإلدارة المهنية؛ هل يمتلك المهنيون ذوي المسؤوليات
اإلدارية قدر من السلطة داخل التنظيم أم يفتقرون لها كلياا؟ في هذا الشأن وضع مينتزبرغ
عشرة أدوار يتمكن من خاللها اإلداري المهني من اكتساب السلطة الالشكلية كتعويض
5
للسلطة الشكلية :
تكريس الكثير من الوقت والجهد في معالجة االضطرابات التنظيمية ،على سبيل
المثال؛ ما ينجم عن عملية التصنيف من صراع حول مهام معينة كالصراع من أجل
تدريس مقياس تم تصنيفه من طرف -األساتذة لتفادي مجهودات إضافية يتطلبها
إعداد مقياس جدي د ،أو حل المشاكل المرتبطة بالتنسيق بين -الخط التراتبي
الوظيفي والمهني؛ ما يمنحه دراية واسعة عن نقاط الضعف والقوة الكامنة في كل
جزء من أجزاء البنية.
4
Henry Mintzberg, citant Blau, P.M., Structure et dynamique des organisations, op. cit., p. 320.
5
Henry Mintzberg, Structure et dynamique des organisations, op. cit., pp. 321-322.
الدور الذي يحظى به اإلداري المهني خاصة على مستوى القمة اإلستراتيجية في
عالقة التنظيم بالبيئة-الخارجية ،من خالل تنظيم عالقة المهنيين بالجهات الفاعلة في
المجتمع ،مثل مؤسسات الدولة ،قطاع خاص ،جمعيات مدنية ،زبائن...إلخ ،وذلك
بتوفير الحماية باعتبار التنظيم المهني مؤسسة شخصية مستقلة كاملة الحقوق
والصالحيات المكفولة بقوة القانون ،أو بتوفير فرص لدعم المهنيين والتنظيم المهني
كاإلعانات المالية والشراكة االقتصادية ،واالتفاقيات ذات الطابع العلمي ،على سبيل
المثال :إبرام اتفاقيات تعاون علمي مع جامعات أخرى توفر لألستاذ تكوينات
لتحسين المستوى واالنفتاح على المجتمع العلمي العالمي .يطلق "ميشال كروزيي"
على الفاعل المسؤول عن هذه المهام ب :الفاعل المتعدد االنتماءات ،وله سلطة على
التنظيم كونه مصدرا للدعم الخارجي ،كما يمتلك سلطة على أفراد التنظيم باعتبار
أن له كلمته فيمن يستحق ذلك الدعم أو الطريقة التي يوزع بها.
ما يقوم به اإلداري من مهمات ثانوية وغالبا روتينية داخل التنظيم يضع المهني
العملياتي في تحدي كبير ،فمن جهة؛ ل يقبل تدخل اإلدا رة في شؤون نشاطه ،ومن
جهة أخرى؛ يجد نفسه في حاجة ماسة إلى اإلداري حتى يتكفل باإلجراءات
التنظيمية التي تقف عائقا أمام حريته في أداء مهامه ،مثل البرمجة ،توفير الوسائل،
تنظيم الموارد ...إلخ ،ما يمنح المهني اإلداري الفعال قدرا من سلطة القرار على
المهني العملياتي:.
المهني الذي يختار العمل اإلداري يقل حماسهم تجاه مهنته الرئيسة ،وبذلك تختلف
أهدافه وطموحاته عن تلك الخاصة بالمهني العملياتي ،ونتيجة لذلك سيكرس الكثير
من الوقت والجهد في النشاط اإلداري الذي بدوره يمنحه خبرة عملية تسمح له
بالسيطرة أكثر على أجزاء التنظيم ومنه تحقيق طموحاته في الرتقاء إلىرتب تنظيمية
أعلى.
4-4صياغة األهداف في التنظيم المحترف:
األهداف الشخصية أو النزعة الفردية في تحديد األهداف ووقعها على األهداف المشتركة
للتنظيم مصدرها آلية تحقيق التعاون وتنسيق العمل بين أعضاء التنظيم ،في هذا الخصوص
6
نحدد أربعة عوامل تفكك الهدف العام للتنظيم إلى أهداف الفردية متمايزة :
تنميط الكفاءات كآلية تعتمدها التنظيمات المهنية لضمان تنسيق مهامها المتنوعة، .1
يؤدي ذلك حتما إلى تنوع الكفاءات وبالتالي تنوع في التنميط الذي خضع له
المهنيون وحملوه معهم إلى داخل التنظيم
6
Jean Nizet et François Pichault, Introduction à la théorie des configurations, op. cit., p. 143.
يؤدي تنوع الكفاءات المنمطة بدوره إلى التمايز في المهام ،ما يزيد في حجم تقسيم .2
العمل األفقي على مستوى مركز العمليات ويقلل من مستوى تقسيم العمل على
المستوى العمودي
إن تراجع مستوى تقسيم العمل العمودي يرجع إلى تعقيد مهام المهنيين وتنوعها .3
األمر الذي يضع البنية التقنية أمام معضلة التكميم والقياس التي تؤدي إلى استحالة
التنميط (سواء اإلجراءات أو النتائج) الذي من المفترض أ ن يعتمده إطارات الخط
التراتبي من أجل مراقبة النشاط المهني ،بالتالي؛ يتراجع دور الخط التراتبي في
عملية تنسيق العمل المهني
إن ضعف الخط التراتبي في التحكم بالنشاط المهني يزيد من صعوبة مهام القمة .4
7
االستراتيجية في صياغة هدف مشترك يجمع الجهود المتنوعة للمهنيين
7
Henry Mintzberg, Structure et dynamique des organisations, op. cit., p. 322.