‫الهيكل التنظيمي والوصف الوظيفي‪ :‬الخصائص‬

‫‪ ‬واألهمية‬

‫تعد عملية إدارة األعمال عملية معقدة ومتشابكة األطراف؛ فإذا أمعنت النظر في الجهد المبذول إلنتاج‬
‫علبة مشروبات‪ H‬غازية واحدة‪ ،‬ستجد أن هناك مئات بل آالالف العمليات ورائها‪ ،‬بداية من البحوث‬
‫التسويقية التي تمت لمعرفة حاجة المستخدم لهذا المشروب وآلية تصميمه؟ اإلنتاج وآليات السالمة‬
‫المهنية وأساليب حفظ الجودة‪ ،‬مرو ًرا‪ H‬بعمليات التسويق والتوزيع‪ H،‬وعمليات الشراء والبيع‪ ،‬وصواًل‬
‫إلى عمليات اإلدارة والتطوير‪ H‬وكذلك إدارة األزمات‪ .‬‬

‫هذا الكم من التعقيد قد يحدث في شركة صغيرة ناشئة‪ ،‬فكيف يمكن وصف‪ H‬األمر في حالة الشركات‬
‫الكبرى ذات المستويات اإلدارية المعقدة والكثيرة؟!‪ ‬‬

‫كم هائل من الفوضى يحتاج إلى تنظيم وإدارة دقيقة‪ ،‬تنظيم يجعل من السهل الفصل بين اإلدارات‬
‫باحترافية‪ ،‬وفى نفس الوقت يجعل العاملين في الشركة على قلب رجل واحد‪ ،‬يفهم كل منهم حدود‪H‬‬
‫وظيفته والهدف‪ H‬النهائي التي ترغب الشركة في تحقيقه‪ ،‬فكان الحل متمثل في جملتين هما‪ :‬الهيكل‬
‫التنظيمي والوصف الوظيفي‪ .‬‬

‫ما المقصود بالهيكل التنظيمي والوصف الوظيفي؟‪ ‬‬

‫يمكن وصف الهيكل التنظيمي بكونه قاعدة األساس الذي تبنى الشركة عليها جهودها‪ ،‬فهو‪ ‬التسلسل‬
‫الهرمي الذى يتم بنائه للمساعدة على تدفق‪ H‬العمل بين األقسام المختلفة بسالسة ويسر‪ ،‬بداية من تحديد‬
‫الرئيس التنفيذي للشركة والمديرين الذين يندرجون تحت لوائه‪ ،‬مرو ًرا‪ H‬بتقسيم اإلدارات وتوزيع‬
‫المهام والمسؤوليات‪ H‬لكل إدارة‪ ،‬وصواًل لتحديد الترتيب الوظيفي لكل موظف‪ H.‬‬

‫‪  ‬يقصد بالهيكل التنظيمي‪ H‬الهيكل الذي يتم تصميمه من قبل اإلدارة العليا في المؤسسة من أجل تقسيم‬
‫وتوزيع‪ H‬المهام والمسؤوليات‪ H‬بين اإلدارات المختلفة‪ ،‬بداية من أعلى منصب في المؤسسة وصواًل إلى‬
‫أقل رتبة مهنية‪ ،‬وفيه يتم تحديد كل إدارة وعدد العاملين فيها‪ ،‬وما يربطها‪ H‬مع غيرها من اإلدارات وما‬
‫هو التسلسل الهرمى للعاملين فيها‪.‬‬
 ‫خصائص الهيكل التنظيمي‪ ‬‬
‫يتسم الهيكل التنظيمي‪ H‬بكونه‪ :‬‬

‫منظم‪ : ‬حيث يتم فيه تحديد كافة الوظائف‪ H‬واإلدارات التابعة للشركة بدقة متناهية وتحديد‪H‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ِعالقة كل منهما باآلخر‪ ،‬وكذلك التسلسل المتبع في طبيعة المسؤوليات والمهام‪H.‬‬
‫متسلسل‪ :‬حيث يتم توزيع اإلدارات فيه بطريقة تسلسلية أو ما يعرف من األعلى سلطة إلى‬ ‫‪.2‬‬
‫األقل نفو ًذا بحيث يستطيع‪ H‬الموظف فهم طبيعة عمله وحدود مسؤولياته‪ ،‬ولمن ينقل التقارير‬
‫ومع من يوجه شكواه ومن هم مرؤوسيه وإلى أي قسم‪ H‬ينتمي؟‬
‫التواصل عمودي‪ :‬ففيه ال يستطيع‪ H‬موظف بقسم التسويق التحدث مباشرًا مع مدير الشركة إذا‬ ‫‪.3‬‬
‫رغب في اقتراح امرًا ما‪ ،‬بل يجب عليه أواًل أن يصعد األمر إلى رئيسه المباشر‪ H‬في التنظيم‬
‫الوظيفي‪ ،‬ثم يقوم رئيسه بتصعيد‪ H‬األمر لرئيسه المباشر اآلخر‪ ،‬ثم يتولى‪ H‬األخير تصعيد‪ H‬األمر‬
‫حسب التسلسل الهرمى للوظائف‪ H‬حتى ينتهى األمر بوصوله للمدير‪ .‬‬
‫رسمي‪ :‬يتسم العمل تحت مظلة الهيكل التنظيمي‪ H‬بالرسمية واالحترافية الشديدة‪ ،‬فال وجود‬ ‫‪.4‬‬
‫للعشوائية في التعامل عند مخاطبة األقسام المختلفة أو فى طريقة توزيع‪ H‬المهام أو تتبعها‪.‬‬
‫عملية اتخاذ القرارات منظمة وتتصف بدرجة من الجمود‪ :‬بسبب الترتيب التصاعدي‬ ‫‪.5‬‬
‫للمسؤوليات في الدور التنظيمي‪ H‬للشركة‪ ،‬فإن عملية اتخاذ القرار عادة ما تتم بدرجة أحادية‬
‫من قبل المسؤولين المباشرين بناء على اطالعهم على الصورة األكبر للشركة وطريقة سير‬
‫المهام‪ ،‬على عكس الموظفين األقل نفو ًذا الذي ال تتخط سلطتهم‪ H‬حدود المهام الموكلة إليهم‬
‫فحسب‪ .‬‬
‫نطاق سيطرته واسعة‪ :‬بفضل الهيكل التنظيمي‪ H‬للمؤسسات‪ ،‬فإن من السهل تتبع طريقة العمل‬ ‫‪.6‬‬
‫ومعرفة جوانب القصور‪ H‬والخلل بسرعة والسيطرة عليها‪ ،‬وهذا يرجع لترتيب الوظائف‬
‫وتوزيع‪ H‬اإلدارات بشكل دقيق‪ ،‬فإذا جدت مشكلة في قسم المبيعات‪ ،‬يتم التواصل مباشرة حينها‬
‫مع رئيس قسم المبيعات‪ ،‬ثم بدوره يناقش الرؤساء المباشرين للفرق التي تندرج تحت والئه‪،‬‬
‫وعن طريق‪ H‬بحث سريع‪ ،‬يتم معرفة المسؤول المباشر‪ H‬عن المشكلة والتوصل‪ H‬إلى حلها‬
‫سريعًا‪ .‬‬

‫بالرغم من وضوح‪ H‬الهيكل التنظيمي ودوره في تنظيم‪ H‬إدارة الشركة ومرونة أعمالها‪ ،‬إال أن عادة ما‬
‫يتم الخلط بينه وبين الوصف‪ H‬الوظيفي؛ وذلك راجع لكون األخير جزء ال يتجزأ من الهيكل التنظيمي‬
‫ككل‪ ،‬ويعد واحدًا من أهم أنواعه‪ .‬‬
 ‫أنواع الهياكل‪ 3‬التنظيمية‬
‫يقوم الهيكل التنظيمي على تحديد السلطات والحقوق والواجبات‪ H‬الخاصة بكل إدارة بطريقة شديدة‬
‫الدقة‪ ،‬ولكى يتم ذلك بطريقة مرنة‪ ،‬يتم تحديد نوع الهيكل المتبع فى اإلدارة بطريقة تناسب سياسة‬
‫الشركة في العمل وحجم نشاطتها كاآلتي‪ :‬‬

‫الهيكل‪  ‬الوظيفي (األوصاف الوظيفية)‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫هو أحد أشهر أنواع الهياكل التنظيمية المتبعة في الشركات الكبرى والناشئة‪ ،‬وفيه يتم تحديد األقسام‬
‫التابعة للمؤسسة بدقة وما يندرج تحتها من فرق‪ H‬وأفراد؛ بحيث يتم تحديد المسؤوليات‪ H‬الموكلة لكل‬
‫موظف وحدود‪ H‬صالحياته وكذلك التدرج الوظيفي‪ H‬الخاص به‪ .‬وحدود مهاراته والخبرات المطلوبة‬
‫منه كذلك‪.‬‬

‫يتسم الهيكل الوظيفي بكونه متخصص للغاية كما إنه يميل إلى االنغالق؛ فكل إدارة مستقلة بذاتها من‬
‫خالل المهام الموكلة إليها وطريقة العمل‪ ،‬وكل اإلدارات في النهاية تتدفق نحو‪ ‬تحقيق هدف الشركة‬
‫النهائي‪ .‬وهو ما يعد ِميزة وعيب في نفس الوقت؛ فهو األنسب في حالة السيطرة على نظام الشركة‬
‫وتتبع سيره بسهوله ويسر‪ ،‬لكنه كذلك األعقد واألكثر‪ H‬جمودًا فيما يتعلق بمساحة اإلبداع أو أرتباط‪H‬‬
‫اإلدارات ببعضها‪ H‬البعض‪ .‬‬

‫يعد الهيكل الوظيفي هو األفضل‪ H‬في حالة إذا ما تعددت المهام الوظيفية في القسم الواحد‪ ،‬وال يتم‬
‫التداخل بين اإلدارات المختلفة إال على نطاق‪ ‬ضيق ومحدود‪ H‬كتقسيم العمل إلى إدارة تسويق‪ H،‬إدارة‬
‫مبيعات‪ ،‬إدارة جودة‪ ،‬إدارة إنتاج وغيرها‪ ،‬ومن ثم يتم تقسيم كل إدارة على حدى‪ ،‬بحيث يتم تقسيم‬
‫إدارة التسويق‪ H‬إلى تسويق الكترونى وتسويق تقليدي‪.‬‬

‫يتم تقسيم إدارة التسويق‪ H‬اإللكتروني‪ H‬إلى أقسام‪ H‬مختلفة منها ما يهتم بالتسويق على منصات التواصل‬
‫االجتماعي منها المسؤول‪ H‬عن تهيئة محركات البحث‪ ،‬منها المسؤول‪ H‬عن كتابة المحتوى ‪...‬إلخ‪ .‬تحت‬
‫كل قسم مجموعة من الموظفين وكل موظف‪ H‬يتم تحديد مهامه الوظيفية وحدود‪ H‬مسؤولياته بدقة‪ ،‬بحيث‬
‫يسهل متابعتها‪ H‬والتحقق من جودتها‪ H‬بسهولة‪.‬‬
 ‫‪ .2‬الهيكل القطاعي‪:‬‬

‫هو الصورة الثانية من الهيكل التنظيمي‪ ،‬وهو أكثر شمولية وانفتاحا عن سابقه‪ ،‬وهو األفضل في حالة‬
‫ما إذا كانت الشركة تقدم أكثر من منتج في مجاالت مختلفة‪ ،‬ويحتاج كل منتج إلى نوع من اإلدارة‬
‫الخاصة بيه‪ .‬‬

‫يمكن وصف الهيكل القطاعي بأنه جزء مصغر‪ H‬من الهيكل التنظيمي ككل؛ بحيث يتم فيه ترتيب وضع‬
‫هيكل تسلسلي يخدم إنتاج هذا المنتج ويساعد على التواصل مع أكثر من إدارة في الوقت ذاته‪ :‬مثال‬
‫شركة تقوم بطرح منتج (أ) ومنتج (ب) لكل منتج منهما‪ ،‬إدارة تسويق ومبيعات وجودة وإنتاج‬
‫منفصلة‪ ،‬ولكل منهما رئيس مختلف عن اآلخر‪ .‬‬

‫يتسم هذا النوع بأنه أكثر انفتاحا عن الهيكل الوظيفي؛ ففي األخير من الصعب على موظفي القسم‬
‫الواحد التواصل مع غيرهم العاملين في أقسام أخرى‪ ،‬أما في الهيكل القطاعى فيوجد‪ H‬أكثر من موظف‪H‬‬
‫بأكثر من إدارة يعملون سويًا‪ H‬تحت خدمة مشروع محدد أو منتج واحد‪ .‬‬

‫‪ .3‬الهيكل الجغرافي‪:‬‬

‫وهو الهيكل األكثر استخد ًما في حالة الشركات الكبرى أو العالمات التجارية الكبرى‪ ،‬حيث يتم فيه‬
‫تقسيم العمل وتوزيعه بناء على التوزيع‪ H‬الجغرافي لفروع الشركة المؤسسة؛ فمثاًل إذا كانت للشركة ‪3‬‬
‫فروع في (س) و(ص) و(ع)‪ ،‬فإن لكل مكان جغرافي منهم‪ ،‬إدارة مستقلة‪ ،‬وأقسام مختلفة وكذلك‬
‫طبيعة عمل وسياسة مناسبة للبيئة الجغرافية المنتمية ليها‪ .‬‬

‫يتشابه هذا الهيكل مع الهيكل الوظيفي في كونه منعزل عن باقي اإلدارات في الفروع األخرى‬
‫ومتخصص في نوع المنتج والخدمة التي يقدمها‪.‬‬

‫يختلف حجم تعقد الهيكل الجغرافي‪ H‬طبقًا لحجم الشركة نفسها وحجم السوق المستهدف‪ H‬منها؛ فعملية‬
‫تصميم هيكل تنظيمي‪ H‬جغرافي لمدينة صغيرة يختلف عنه الهيكل المصمم لدولة مستهدفة أو قارة‬
‫بِ ُر َّمتها‪.‬‬

‫بالرغم من تعدد أنواع الهياكل التنظيمية وتنوع‪ H‬صورها وطريقة التعامل معها‪ ،‬إال أن ال أحد يمكن‬
‫إنكار أهميتها البالغة في تيسير‪ H‬العمل وتوضيح حقوق وواجبات الكل‪ .‬‬
 ‫مع ذلك فإن عملية الخلط بينها كمفهوم‪ H‬أعم وأشمل للعملية اإلدارية التنظيمية وبين أنواعها مازال‬
‫معقدًا ويتسبب للكثير بالخلط؛ لذلك إذا رغبت في فهم كل ما يتعلق‪ ‬بالهيكل التنظيمي والوصف‪H‬‬
‫الوظيفي‪ ‬بطريقة احترافية مرتبطة أكثر بسوق العمل‪ ،‬يمكنك االطّالع على كورسنا المتخصص في‬
‫هذه النقطة وما يشتمل عليه من إجابات وافية حول طرق إعداد الهيكل التنظيمي‪ H‬وأنواع السلطة‬
‫وكذلك الجوانب التي يركز عليها الخبراء عن تقسيم الوظائف ومؤشرات األداء المستخدمة‪ .‬‬