You are on page 1of 31

‫األستاذة ‪:‬ريم بوش‬

‫محاضرات السداسي الثاني لوحدة نظريات االتصال الجماهيري‬

‫ماستر‪/1‬تخصص اتصال جماهيري و وسائط جديدة ‪/‬مجموعة‪/1‬األفواج‪4-3-2-1:‬‬

‫المحاضرة األولى‪:‬نظرية االستخدامات و اإلشباعات‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تعترب ضمن املقاربات النظرية للجمهور‪،‬حيث مت متييز منذ سبعينيات القرن املاضي تيارين أساسيني‪:‬‬
‫األول هو أنموذج التأثير الذي قطع الصلة بالنموذج السائد يف األربعينيات بالتخلي عن حتليل التأثري قصري‬
‫املدى‪ ،‬و اهتم بالتأثري اإلدراكي بعيد املدى لوسائل اإلعالم و الثاين هو أنموذج التلقي الذي ظهر يف بداية‬
‫الثمانينيات ليهتم بالكيفية اليت يؤول هبا املتلقي الرسائل اإلعالمية بالرتكيز على عملية التلقي‪.‬‬
‫تدخل نظرية االستخدامات و اإلشباعات ضمن أمنوذج التلقي و هي نتاج املستحدثات التكنولوجية‪،‬‬
‫اليت حولت حمور الدراسة من عالقة حمتوى الرسالة بالتأثري (ماذا تفعل وسائل اإلعالم باجلمهور) إىل الرتكيز على‬
‫مصري الرسالة بعد تلقيها من قبل اجلمهور النشيط و القوي (ماذا يفعل اجلمهور بوسائل اإلعالم)‪ ،‬فأحدثت‬
‫مقاربة اإلشكالية اجلديدة بنموذج االستعمال و اإلشباع لكاتز نقلة نوعية يف مناذج أحباث اجلمهور‪ ،‬و أصبح‬
‫الرتكيز على عالقة الرسالة باملتلقي‪.‬‬

‫ونظرية االستخدامات واإلشباعات يف االصطالح اإلعالمي مثار اختالف بني الباحثني‪ .‬وتعين النظرية‬
‫باختصار‪ :‬تعرض اجلمهور ملواد إعالمية إلشباع رغبات كامنة معينة استجابة لدوافع احلاجات الفردية ‪ .‬وأورد‬
‫مساعد المحيا تعريفاً اصطالحيا ملفهوم النظرية على أنه"ما حتققه املادة املقدمة عرب وسيلة معينة من استجابة‬
‫جزئية أو كلية ملتطلبات حاجات‪ ،‬ودوافع الفرد الذي يستخدم هذه الوسيلة ويتعرض لتلك املادة " وذكر محمد‬
‫عبد الحميد أستاذ اإلعالم جبامعة حلوان أن احلاجة هي‪" :‬افتقار الفرد أو شعوره بنقص يف شيء ما حيقق‬
‫تواجده حالة من الرضا واإلشباع‪ ،‬واحلاجة قد تكون فسيولوجية أو نفسية" وذكر أن الدافع هو "حالة فسيولوجية‬
‫أو نفسية توجه الفرد إىل االتزان النفسي الذي يساعد على استمرار التواصل مع اليري والتكي مع البيةة‪" .‬‬
‫‪-1‬جذور النظرية‪:‬‬

‫‪-‬كان الظهور الفعلي ملنظور االستخدامات و اإلشباعات عام ‪ 1444‬يف املقال الذي كتبته ‪ Hazog‬بعنوان‬
‫" دوافع االستمتاع للمسلسل اليومي و إشباعاته"و توصلت من خالل المقابالت التي أجرتها مع ‪ 111‬من‬
‫املستمعات للمسلسل الذي يقدمه الراديو إىل وجود إشباعات بتم حتقيقها من خالل االستماع إىل هذه النوعية‬
‫من املسلسالت‪.‬‬

‫‪-‬و قدم هذا املدخل للمرة األوىل عام ‪ 1494‬حينما تحدث عالم االتصال المعروف كاتز عن ضرورة تييري‬
‫اخلط الذي تسري فيه حبوث االتصال من خالل ال الذي تسري فيه حبوث االتصال من خالل اإلجابة عن سؤال‬
‫ماذا يفعل الجمهور بوسائل اإلعالم؟و اقرتح على الباحثني دراسة المتغيرات اليت تلعب دور الوسيط يف هذا‬
‫التأثري‪.‬‬

‫‪-‬ظهرت هذه النظرية ألول مرة يف كتاب استخدام وسائل االتصال الجماهيرية ملؤلفيه إيلهو كاتز و جاي بلومر‬
‫اليت تقوم هبا وسائل اإلعالم‬ ‫سنة ‪ . 1494‬و كانت الفكرة األساسية للكتاب تدور حول تصور الوظائ‬
‫و حمتواها من جهة‪،‬و دوافع الفرد من التعرض إليها من جهة أخرى‪.‬‬

‫جوهر النظرية‪:‬‬

‫‪-‬هتتم هذه النظرية يف األساس جبمهور الوسيلة اإلعالمية اليت تشبع رغباته و تليب حاجاته الكامنة يف‬
‫داخله‪،‬و معىن ذلك اجلمهور ليس سلبيا يقبل كل ما تعرض عليه وسائل االعالم‪.‬‬

‫‪-‬اجلمهور طرف فاعل و نشط يف العملية االتصالية‪،‬فبمجرد اشرتاكه يف هذه العملية فهو يقوم بدور كطرف يف‬
‫هذه العملية يساهم يف حركتها و استمرارها‪.‬‬

‫‪-‬أعضاء اجلمهور هنا هم باحثون عن املضمون الذي يبدو أكثر إشباعا هلم‪.‬فكلّما كان املضمون قادر على تلبية‬
‫احتياجات الفرد كلّما زادت نسبة اختيارهم له‪.‬‬

‫على‬ ‫‪-‬حسب هذا النموذج أفراد اجملتمع يستخدمون نفس الوسيلة ألهداف خمتلفة‪.‬و يعين هذا التأثري يتوق‬
‫غايات املتلقي املتعددة‪.‬‬
‫‪-‬كان هدف البحث بالنسبة هلذا النموذج هو إجياد العالقة بني رغبات اجلمهور من جهة‪،‬و تأثري وسائل اإلعالم‬
‫اجلماهريية من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪-‬رغبات اجلمهور يتم تلبيتها عن طريق التعرض إىل وسائل االعالم‪،‬فاجلمهور يف إطار هذا النموذج خيتار رسائل‬
‫معينة دون أخرى‪.‬‬

‫‪-2‬فروض النظرية‪:‬‬

‫بعد أن بدأت تتضح املداخل الرئيسة للنظرية عند الباحثني قاموا مبحاولة وضع األسس العلمية‬
‫والفرضيات اليت تنطلق النظرية منها‪ ،‬وشكلت هذه األسس‪ ،‬والعناصر املداخل العلمية للنظرية‪ .‬وألن نظرية‬
‫االستخدامات واإلشباعات قامت على افرتاض اجلمهور النشط‪ ،‬على العكس من نظريات التأثري السابقة اليت‬
‫أولت االهتمام بتأثري وسائل اإلعالم على اجلمهور مثل نظرية الرصاصة‪ ،‬فأضفت النظرية بذلك صفة اإلجيابية‬
‫على اجلمهور‪ ،‬فلم يعد اجلمهور من خالل هذا املنظور متلقياً سلبياً بل ينظر إليه على أنه ينتقي بوعي ما يرغب‬
‫يف التعرض له من الوسائل واملضامني اليت تليب حاجاته النفسية واالجتماعية‪ .‬لذا يرى (إليهو كاتز )‪(Elihu Katz‬‬
‫وزمالؤه أن هذا املنظور قائم على مخسة فروض هي كاآليت‪:‬‬
‫‪ 1-‬اجلمهور هو مجهور مشارك فاعل يف عملية االتصال اجلماهريي‪ ،‬ويستخدم الوسيلة اليت حتقق حاجاته‪.‬‬
‫‪2-‬استخدام الوسائل يعرب عن احلاجات اليت يرغب اجلمهور حتقيقها‪ ،‬وتتحكم يف ذلك أمور‪ ،‬منها‪ :‬الفروق‬
‫الفردية‪ ،‬والتفاعل االجتماعي‪.‬‬
‫‪3-‬اجلمهور هو الذي خيتار الوسيلة‪ ،‬واملضمون الذين يشبعان حاجاته‪.‬‬
‫‪4-‬يستطيع اجلمهور حتديد حاجاته ودوافعها‪ ،‬ومن مث يلجأ إىل الوسائل واملضامني اليت تشبع حاجاته‪.‬‬
‫‪5-‬ميكن االستدالل على املعايري الثقافية السائدة يف اجملتمع من خالل استخدام اجلمهور لوسائل االتصال وليس‬
‫من خالل الرسائل اإلعالمية فقط‪.‬‬
‫وذكر حممد البشر أن (ليتل جون)‪) (Little John‬أكد يف هذا املعىن أن هناك ثالثة فروض أساس تنطلق منها‬
‫هذه النظرية وهي‪:‬‬
‫‪1-‬أن مجهور وسائل اإلعالم يسعى إىل إشباع حاجة معينة من خالل تعرضه للرسائل اليت تقدمها الوسيلة‬
‫اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ 2-‬أن مجهور الوسيلة اإلعالمية هو مجهور مسؤول عن اختيار ما يناسبه من وسائل اإلعالم اليت حتقق حاجاته‬
‫ورغباته‪ ،‬فهو يعرف هذه احلاجات والرغبات‪ ،‬وحياول إشباعها من خالل استخدام الوسائل اإلعالمية املتعددة‪.‬‬
‫‪3-‬أن وسائل اإلعالم تتنافس مع مصادر أخرى إلشباع حاجات اجلماهري‪.‬‬
‫ومن خالل الفروض السابقة لكل من (كاتز) و (ليتل جون) يتضح أن هناك تقارباً يف رؤى الباحثني حول‬
‫املنطلقات النظرية الرئيسة لنظرية االستخدامات واإلشباعات ‪.‬‬

‫‪-3‬عناصر النظرية‪:‬‬
‫ولشرح أبعاد النظرية سنعرض الباحث عناصر النظرية‪ ،‬وهي كاآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬افرتاض اجلمهور النشط‪.‬‬
‫‪ -2‬األصول االجتماعية والنفسية الستخدام وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪- 3‬دوافع اجلمهور وحاجاته من وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪- 4‬التوقعات من وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪- 5‬إشباعات وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫وتتسم هذه العناصر بالتداخل الشديد الذي يصعب معه الفصل بينها يف الواقع العملي‪ ،‬وإمنا يتم الفصل‬
‫فيها يف البحث العلمي حىت ميكن شرح هذه العناصر وبيان دور كل منها على حدة‪.‬وفيما يلي شرح مفصل هلذه‬
‫العناصر‪:‬‬
‫‪1-‬افتراض الجمهور النشط‪:‬‬
‫‪-‬تفرتض بعض نظريات التأثري سلبية املتل قي أمام قوة الرسائل اإلعالمية‪ ،‬وتأثريها الفاعل ‪ .‬ويعد مفهوم اجلمهور‬
‫الفاعل النشط من أهم املفاهيم يف دراسات االستخدام واإلشباع ‪.‬‬
‫‪-‬برز مفهوم االستخدام واإلشباع بصفته أحد النماذج النظرية البديلة‪ ،‬والذي ينظر إىل أفراد اجلمهور على اعتبار‬
‫أهنم أعضاء ومشاركون اجيابيون نشطون وفاعلون يف االتصال ويفرتض أن لدى أولةك األفراد العديد من احلاجات‬
‫والدوافع املختلفة و املتنوعة ‪ ،‬واليت يسعون بنشاط وفاعلية إلشباعها من خالل االختيار من بني الوسائل املختلفة‬
‫واالنتقاء من بني الرسائل املتعددة بطرق وأساليب واعية‪ ،‬وهادفة‪ ،‬ومقصودة ‪.‬‬
‫‪-‬ويف إطار هذه االفرتاضات أصبح مفهوم اجلمهور الفاعل النشط يشكل منعطفاً مهماً وأساسياً يف دراسة العالقة‬
‫التفاعلية املتبادلة بني أفراد اجلمهور ووسائل االتصال اجلماهريي ‪.‬‬
‫‪-‬ويرى بلوملر )‪ (Blumler‬أن املقصود بالنشاط عند اجلمهور هو الدافع األساسي للتعرض لوسائل اإلعالم‬
‫إضافة إىل االنتقاء بني الوسائل الرسائل اإلعالمية املختلفة اليت ميكن أن حتدث وقت التعرض لوسائل اإلعالم‬
‫حب يث إن اإلدراك هو إدراك انتقائي‪ ،‬فنن اإلنسان يدرك ما خيتاره‪ ،‬وخيتار ما يدركه‪ ،‬وتؤثر العوامل الشخصية‬
‫والذاتية يف حتديد اإلدراك احلسي تبعا للفروق الفردية و الثقافية‪ ،‬ومتايز األفراد يف تفضيلهم الشخصي‪.‬‬
‫‪-‬ويرى ليفي وويندال)‪ (Levy and Windall‬أن نشاط اجلمهور له بعدان مها‪:‬‬
‫"البعد األول‪ :‬التوجيه النوعي لألفراد‪ ،‬وهو على ثالثة مستويات‪:‬‬
‫‪1-‬االنتقائية‪ :‬وهي االختيار املقصود لواحد أو أكثر من البدائل املتاحة‪...‬‬
‫‪2-‬االنشغال ‪ :‬وهي الدرجة اليت يدرك هبا فرد من اجلمهور العالقة بني حمتوى وسائل اإلعالم‪ ،‬ودرجة تفاعل‬
‫الفرد مع احملتوى أو الوسيلة‪...‬‬
‫‪3-‬المنفعة‪ :‬وهي استخدام األفراد لوسيلة معينة بقصد حتقيق هدف معني‪.‬‬

‫البعد الثاني‪ :‬البعد املؤقت‪ :‬وهو تقسيم نشاط األفراد على أساس اجلهد املبذول‪ ،‬وهو على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪1-‬االنتقاء قبل التعرض ‪:‬ويرتبط هذا بتوقع اجلمهور بأن التعرض لوسيلة دون أخرى أو مضمون معني حيقق هلم‬
‫اإلشباع املطلوب‪ ،‬كما أوضحت ذلك دراسة (ليفي) عام ‪1711‬م ‪ .‬وأوضحت الدراسة أن البحث عن املضمون‬
‫أو الوسيلة عند األفراد يعكس خربات الفرد بوسائل اإلعالم‪ ،‬وإدراكه ملضامينها‪...‬‬
‫‪2-‬االنتقاء أثناء التعرض‪ :‬وهلذا عالقة مبا قبله‪ ،‬فالتعرض ذاته يظل سلوكاً انتقائياً حيوي عدداًكبرياً من اخليارات‬

‫للفرد‪...‬‬
‫‪3-‬االنتقاء بعد التعرض‪ :‬ويرتبط هذا بالتذكر االنتقائي للرسائل اليت تعرض هلا الفرد‪ ،‬ويعد هذا من نشاط‬
‫اجلمهور يف التفاعل مع الرسالة مما يؤدي إىل عدم نسياهنا بالكلية‪...‬‬
‫‪4-‬المنفعة قبل التعرض‪ :‬حيث حيصل اجلمهور على منافع قبل التعرض من خالل احلديث‪ ،‬والنقاش‬
‫االجتماعي‪ ،‬وحماولة التنبؤ مبا قد حيصل للرسالة‪...‬‬
‫‪5-‬المنفعة أثناء التعرض‪ :‬وهي املنفعة اليت تنشأ من تعرض الفرد لوسائل اإلعالم‪...‬‬
‫‪6-‬المنفعة بعد التعرض‪ :‬ويرتبط هذا بالسلوك الذي ينعكس على الفرد من خالل املعلومات اليت حصل عليها‬
‫من الرسالة‪" .‬‬
‫‪ 2-‬األصول االجتماعية والنفسية الستخدام وسائل اإلعالم‪:‬‬

‫‪-‬جتسد فرتة هناية عقد اخلمسينيات من القرن امليالدي املاضي مرحلة من مراحل تطور حبوث االستخدام واإلشباع‬
‫البداية احلقيقية لتحول أنظار الباحثني‪ ،‬وتوجيه اهتمامهم لدراسة العوامل االجتماعية والنفسية وأثرها يف الدوافع‬
‫عن دور هذه‬ ‫واحلاجات و اإلشباعات املرتبطة بوسائل االتصال اجلماهريي‪ ،‬واستخداماهتا هبدف الكش‬
‫املتيريات الوسيطة يف تكوين احلاجات و الدوافع‪ ،‬واليت تكمن وراء استخدام وسائل االتصال وأمناط التعرض‬
‫حملتوى رسائلها‪ ،‬وذلك من خالل الدراسات العديدة اليت سعت يف ذلك الوقت إىل دراسة بعض املتيريات‬
‫لألفراد‪.‬‬ ‫االتصايل‬ ‫السلوك‬ ‫بأمناط‬ ‫املرتبطة‬ ‫والنفسية‬ ‫االجتماعية‬
‫وتؤدي العوامل النفسية والفروق الفردية دوراً مهماً يف اختالف األفراد يف اختيار الرسائل اإلعالمية‪ ،‬األمر الذي‬
‫الباحثني‪.‬‬ ‫لدى‬ ‫االنتقائي‬ ‫اإلدراك‬ ‫مفهوم‬ ‫إىل‬ ‫أدى‬
‫‪-‬كمـا أثبتـت نتائـج الدراسـة اليت قـام بـها (جون جونسون) ( ‪( John Johnston‬عام ‪1714‬م عن املراهقني أن‬
‫األفراد ال يتعاملون مع وسائل اإلعالم باعتبارهم أفرادا معزولني عن واقعهم االجتماعي‪ ،‬وإمنا أعضاء يف مجاعات‬
‫اجتماعية منظمة‪ ،‬وشركاء يف بيةة ثقافية واجتماعية واحدة ‪.‬وتتفق هذه الرأي مع العديد من باحثي نظرية‬
‫االس تخدامات واإلشباعات الذين يعارضون مصطلح احلشد للتمييز بني مجهور وسائل اإلعالم‪ ،‬وطبقا هلذه الرأي‬
‫فنن العديد من االحتياجات املرتبطة باستخدام وسائل اإلعالم ترتبط بوجود الفرد يف بيةة اجتماعية‪ ،‬وتفاعله مع‬
‫هذه البيةة‪.‬‬

‫& ‪ (Frank‬عام ‪1791‬م األدلة على أن استخدام األفراد‬ ‫)‪Greenberg‬‬ ‫‪-‬وقدم كل من (فرانك و جرينربج)‬
‫لوسائل اإلعالم ينسجم مع أساليبهم يف احلياة‪ ،‬فمع اختالف اجلماعات وتنوع حاجاهتا‪ ،‬واهتماماهتا يكون لكل‬
‫املناسب‪.‬‬ ‫احملتوى‬ ‫واختيار‬ ‫اإلعالم‪،‬‬ ‫لوسائل‬ ‫التعرض‬ ‫من‬ ‫خمتلفة‬ ‫أمناط‬ ‫مجاعة‬
‫‪-‬ويؤكد الباحثون يف هذا اجملال على أن اإلنسان ليس حالة سلبية يتأثر بتلقائية ساذجة بكل الرسائل اإلعالمية‬
‫اليت يتعرض هلا‪ ،‬إمنا تأثره تتدخل فيه متيريات كثرية‪ ،‬بعضها النفسي الذي له عالقة بشخصية الفرد‪ ،‬ودوافعه‬
‫واحتياجاته النفسية‪ ،‬وبعضها االجتماعي الذي له عالقة بالظروف والعوامل احمليطة بالفرد يف داخل البيةة‬
‫االجتماعية‪ ،‬فالفرد خيتار املضمون الذي يتوافق مع تركيبته الذهنية‪ ،‬ويتالءم مع استعداده النفسي‪ ،‬وظروفه‬
‫االجتماعية‪ ،‬ويلتفت إىل الرسالة املتوافقة مع دوافعه‪ ،‬واحتياجاته‪ ،‬وخرباته‪ ،‬وتوقعاته‪ ،‬وجتاربه النفسية واالجتماعية‬
‫‪ (Donohew‬قاموا عام ‪1499‬م مبحاولة‬ ‫)‪& Plamgreen & Rayburn‬‬ ‫‪( -‬دونيهو) و(باجملرين) و(ريربن‬
‫للوصول إىل تفسري الستخدامات وسائل اإلعالم اجلماهريية‪،‬فاهتموا بدراسة العوامل النفسية واالجتماعية مبا فيها‬
‫احلاجة إىل النشاط‪ ،‬وأمناط استخدام وسائل اإلعالم‪ ،‬فأظهرت نتائج الدراسة اليت قام هبا أن هناك متيريات‬
‫عديدة‪ ،‬اجتماعية ونفسية تؤثر يف استخدامات وسائل اإلعالم اجلماهريي بطرق معقدة‪ ،‬ومتماسكة يف الوقت‬
‫‪.‬‬ ‫األفراد‬ ‫عند‬ ‫العوامل‬ ‫هذه‬ ‫الختالف‬ ‫تبعا‬ ‫االستخدام‬ ‫وخيتل‬ ‫نفسه‪،‬‬
‫وبراون )‪ (Brown‬أثر بعض املتيريات‬ ‫‪Blumler‬‬ ‫و بلوملر‬ ‫ماكوي)‪D.Macquial‬‬ ‫‪-‬وقد أكد كل من (دينيس‬
‫الشخصية يسعى إىل اهلروب من‬ ‫النفسية يف إجياد حاجات معينة لدى األفراد‪ ،‬مثل اإلنسان الذي يتسم بضع‬
‫اإلعالم‪.‬‬ ‫وسائل‬ ‫إىل‬ ‫فيه‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫اجملتمع‬
‫و على هذا ميكن أن تكون أسباب التعرض لوسائل اإلعالم دوافع نفسية‪ ،‬أو اجتماعية تبحث عن إشباع حلاجة‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫املتعددة‬ ‫اإلعالم‬ ‫وسائل‬ ‫عرب‬ ‫ملشكلة‬ ‫حل‬ ‫أو‬
‫(أن االجتاه نفسه يقوم على دوافع خمتلفة بني الناس‪ ،‬وما مل تعرف احلاجات النفسية اليت‬ ‫‪Katz‬‬ ‫‪-‬وحدد (كاتز‬
‫يف إشباع احلاجات‬ ‫ضعي‬ ‫تدفع الفرد إىل استخدام هذه الوسيلة أو تلك‪ ،‬يكون القائم باالتصال يف موق‬
‫‪.‬‬ ‫والدوافع‬
‫هذه النظرية من حيث إمكان‬ ‫‪-‬ومن خالل ما سبق عرضه ميكن معرفة أمهية هذه النظرية حيث ميكننا توظي‬
‫مدى معرفة استخدام طلبة اجلامعات لإلنرتنت الذي يتفق مع أساليب احلياة االجتماعية اليت يعيشوهنا‪ ،‬وحيكم‬
‫تعرض الطلبة لإلنرتنت متيريات اجتماعية ونفسية‪ ،‬قد يدركها الطالب وقد ال يدركوهنا‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬فهذه‬
‫املتيريات النفسية واالجتماعية هي اليت حتكم استخدام الطلبة لإلنرتنت‪ ،‬وهكذا فنن طلبة اجلامعات لديهم القدرة‬
‫والتمييز على اختيار الوسيلة‪ ،‬واملضمون املناسبني‪.‬‬

‫اإلعالم‪:‬‬ ‫وسائل‬ ‫من‬ ‫وحاجاته‬ ‫اجلمهور‪،‬‬ ‫‪-3‬دوافع‬


‫وجهات النظر عند دراسة دوافع تعرض اجلمهور لوسائل اإلعالم‪ ،‬وميكن عرض وجهات النظر يف نظرية‬ ‫‪-‬ختتل‬
‫اآليت‪:‬‬ ‫النحو‬ ‫على‬ ‫واإلشباع‬ ‫االستخدام‬
‫أ‪ :‬النظر إلى الدافع باعتباره حالة داخلية‪ :‬ميكن إدراكها وفهمها مباشرة من قبل اجلمهور‪ ،‬وأن املتلقي لديه‬
‫الوعي والقدرة على االختيار‪ ،‬والتعبري عن اجتاهاته‪ ،‬يسعى إىل تلبيتها بشكل مباشر‪.‬‬
‫ب‪ :‬النظر إلى أن دوافع الجمهور ال يمكن إدراكها وفهمها بشكل مباشر‪ :‬بل يتم معرفتها من قبل اجلمهور‬
‫والتفكري‪.‬‬ ‫السلوك‬ ‫أمناط‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫مباشر‬ ‫غري‬ ‫بشكل‬
‫ج‪ :‬النظر إلى أن دوافع التعرض ال يمكن الوصول إليها عن طريق ما يقرره الجمهور بصورة‬
‫واضحة‪:‬فاحلاجات األساسية مثال قد تؤثر يف تعرض اجلمهور لوسائل اإلعالم بشكل مباشر‪ ،‬لكن ال يدرك‬
‫اجلمهور أهنا دوافع للتعرض‪ ،‬ذلك أن الدافع نتاج الالوعي للصراعات غري احملسومة‪.‬‬
‫د‪ :‬النظر إلى أن سلوك الجمهور للتعرض ليس له أي دافع‪ :‬وأنه مرتبط بالعادة على التعرض‪.‬‬
‫‪-‬وهناك عالقة بني إشباع احلاجات‪ ،‬والدافع إليها‪ ،‬وبني توقع سلوك الفرد الذي يقوم به إلشباع احلاجة فنشباع‬
‫احلاجة‪.‬‬ ‫يشبع‬ ‫سلوك‬ ‫إىل‬ ‫يؤدي‬ ‫الذي‬ ‫الدافع‬ ‫من‬ ‫منطلق‬ ‫احلاجات‬
‫‪-‬ويشري مساعد المحيا إىل الفرق بني احلاجات والدوافع‪:‬‬

‫فالحاجات هي " كل ما حيتاج إليه الفرد سواء كان عضويا أو ماديا "‬

‫بينما الدوافع هي" حالة مؤقتة من التوتر النفسي أو اجلسمي تنشأ إثر استثارة حلاجة معينة وتوجه‬
‫لتحقيق هدف معني ‪" .‬‬

‫ويوضح الباحث الفرق بينهما يف مثال‪ :‬احلاجة إىل األكل ثابتة ال تنتهي عند اإلنسان؛ ألن تركها يؤدي‬
‫إىل املوت‪ ،‬لكن الدافع إىل األكل هو اجلوع‪ ،‬فالدافع هو األمر املباشر لتلبية احلاجة‪ ،‬ومثل ذلك يف‬
‫الشرب والعطش واحلاجة إىل املاء‪ ،‬فاحلاجة ثابتة ال تنتهي‪ ،‬والدافع أمر عارض ينتهي بنشباع مؤقت‪ ،‬وقد‬
‫أخرى‪.‬‬ ‫مرة‬ ‫النشاط‬ ‫يعاود‬
‫‪-‬ومع فهم الباحثني يف جماالت علم النفس‪ ،‬واإلعالم‪ ،‬واالجتماع لتأثري احلاجة‪ ،‬وحركة الدوافع وعالقتها‬
‫بالسلوك اإلنساين‪ ،‬ظهرت اجتاهات عديدة لتصني احلاجات والدوافع‪ ،‬ومن أبرزها ‪:‬‬

‫مها‪:‬‬ ‫رئيسني‬ ‫قسمني‬ ‫إىل‬ ‫احلاجات‬ ‫صن‬ ‫‪ :(Maslo‬الذي‬ ‫(ماسلو‬ ‫تصنيف‬


‫‪1-‬الحاجات األساسية‪ :‬وذلك مثل احلاجة إىل االنتماء‪ ،‬والتواصل مع اآلخرين‪ ،‬ورغبة الفرد يف تقدير‬
‫له‪.‬‬ ‫اآلخرين‬
‫‪2-‬الحاجات الثانوية‪ :‬مثل احلاجات املعرفية‪ ،‬كحب االستطالع والرغبة يف الفهم‪.‬‬
‫الدوافع فقد قام الباحثون بتصنيفها‪ ،‬كل حسب ختصصه‪ ،‬واحلظ األكرب منها لعلماء‬ ‫وأما تصني‬
‫ومنها‪:‬‬ ‫اإلعالمية‬ ‫الدوافع‬ ‫تقسيمات‬ ‫يعرض‬ ‫أن‬ ‫للباحث‬ ‫وميكن‬ ‫النفس‪،‬‬
‫‪1-‬دوافع فردية داخلية‪ :‬وهي اليت تتمثل يف رغبة الفرد يف القيام بشيء معني لذاته‪ ،‬وهذه الدوافع‬
‫واإلجناز‪.‬‬ ‫الفضول‪،‬‬ ‫دوافع‬ ‫مثل‬ ‫فردية‪،‬‬ ‫إشباعات‬ ‫للفرد‬ ‫حتقق‬
‫‪2-‬دوافع اجتماعية خارجية‪ :‬وهي الدوافع اليت تنشأ نتيجة العالقة بني الفرد‪ ،‬واجملتمع احمليط به‪ ،‬فيقوم‬
‫الفرد بأفعال معينة إلرضاء احمليطني به أو للحصول على تقديرهم أو إثباتا لذاته‪.‬‬
‫‪-‬ويشري (إليهو كاتز )‪) (Elihu Katz‬إىل أن احلاجات تنبع أساسا من األفراد‪ ،‬ويتوقع هؤالء األفراد أن‬
‫وسائل اإلعالم تقوم بتلبية حاجاهتم‪ .‬ويرى (بلوملر ‪) (Blumler‬و(جورفيتش) أنه ال بد للباحث أن حيدد‬
‫األصول النفسية للحاجات أوال‪ ،‬مث يتعرف على الدوافع املرتبطة بتلك احلاجات‪ ،‬وينبيي ربط هذه‬
‫الدوافع بتوقعات اجلمهور من وسائل اإلعالم‪ ،‬وعلى هذا فالدوافع تقوم بوظيفة الدفع واجلذب‪،‬الدفع يف‬
‫التوقع‪ ،‬واجلذب يف الطبيعة غري احملسومة للحاجة‪ ،‬وذلك أن احلاجة هي من يولد الدافع ‪ ،‬كما يؤكد‬
‫على أمهية النظر إىل مدخل االستخدامات واإلشباعات من منظور‬ ‫‪(D.Macquial‬‬ ‫(دينيس ماكويل‬
‫جمتمعي‪ ،‬بدال من املنظور الفردي‪ ،‬ذلك أن احلاجات الفردية ال تظهر مبعزل عن البيةة‬
‫الثقافيةواالجتماعية‪،‬‬
‫‪-‬ويف إطار آخر اهتم (روزينجرين )‪) (Rosengreen‬بنموذج حيدد فيه أمهية احلاجات بدءًا من احلاجة إىل‬
‫الصحبة وحتقيق الذات‪ ،‬إىل إحساس الفرد باملشكالت‪ ،‬والبدائل‪ ،‬واحللول‪ ،‬وانتهاء إىل األمناط السلوكية‬
‫اليت تؤدي إىل إشباع احلاجات من خالل وسائل اإلعالم أو غريها من البدائل املتاحة ‪ .‬ويف منوذج‬
‫‪ ،‬تكون البداية يف وجود حاجات فردية لدى الفرد تتفاعل مع اخلصائص‬ ‫)‪(Rosengreen‬‬ ‫(روزينجرين‬
‫النفسية‪ ،‬واالجتماعية للفرد‪ ،‬وتتفاعل هذه احلاجات أيضاً مع البناء االجتماعي مبا فيه وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫مث يرتتب على ذلك ظهور مشكالت لدى الفرد‪ ،‬ويبدأ بالبحث عن حلول هلا من بني البدائل املختلفة‪،‬‬
‫في ؤدي ذلك إىل إشباع أو عدم إشباع‪ ،‬فتظهر على إثر ذلك أمناط خمتلفة الستخدام وسائل اإلعالم‪،‬‬
‫وحتقق هذه األمناط إشباعاً للفرد أو عدم إشباع له‪ ،‬وهذا من املمكن أن يتأثر باخلصائص العامة والنفسية‬

‫للفرد وعوامل البيةة احمليطة به ‪.‬‬

‫‪ 4-‬توقعات الجمهور من وسائل اإلعالم‪:‬‬


‫‪-‬يتوقع األفراد من وسائل اإلعالم ‪ -‬حال التعرض هلا ‪ -‬إشباعاً حلاجاهتم‪ ،‬وتقوم هذه التوقعات على‬
‫األصول النفسية واالجتماعية هلؤالء لألفراد‪.‬‬
‫‪-‬لقي مفهوم التوقع الكثري من التعريفات منها على سبيل املثال‪ ،‬تعري ماكلويد )‪ (Mcllouid‬وبيكر‬
‫)‪(Baker‬القائل بأن التوقع هو ( احتماالت الرضا اليت ينسبها اجلمهور لسلوكيات متنوعة)‪ .‬بينما يرى‬
‫(بيليد*) و(كاتز )‪) (Elihu Katz‬أن التوقع هو "مطالب اجلمهور من وسائل اإلعالم ‪".‬‬
‫‪-‬ويرى كاتز)‪ (Elihu Katz‬يف موضع آخر أن التوقع هو (اإلشباع الذي يبحث عنه اجلمهور‪.‬‬
‫‪-‬ويعد مفهوم التوقع الذي يربط توقعات أفراد اجلمهور خبصائص وسائل االتصال ومساهتا وحمتواها‪،‬وبقيمة‬
‫اإلشباعات الكامنة‪ ،‬واحملتملة اليت تنطوي عليها حمتوى رسائلها‪ ،‬اليت ميكن أن تتحقق هلؤالء األفراد أحد‬
‫املفاهيم األساسية اليت تنطلق منها افرتاضات مفهوم االستخدام واإلشباع‪ ،‬وتقوم عليها دراساته حول‬
‫اجلمهور الفاعل النشط ‪.‬‬
‫‪-‬وتفرتض هذه الدراسات أن لدى أفراد اجلمهور العديد من التوقعات اليت تربز من خالل قدرة هؤالء‬
‫على إدراك البدائل املختلفة يف إطار مساحة كبرية من حرية االختيار من بني عدد وافر من خمتل‬
‫الوسائل‪ ،‬واالنتقاء من بني كم هائل من حمتوى الرسائل‪ ،‬أو حىت من بني البدائل‪ ،‬واملصادر األخرى غري‬
‫اإلعالمية‪ ،‬واليت تنسجم مع توقعاهتم وحتقق أكرب قدر ممكن من اإلشباع ملختل احتياجاهتم ودوافعهم ‪.‬‬
‫‪-‬واقرتن هذا املفهوم مبدى مقابلة اإلشباع الذي يتحقق لألفراد لتوقعاهتم املسبقة ملرحلة ما قبل التعرض‬
‫بشأن خصائص وسائل االتصال‪ ،‬ومساهتا‪ ،‬وحمتواها‪ ،‬واملتمثل يف اإلشباعات املتحققة‪ ،‬قياساً باإلشباعات‬
‫املطلوبة واملتوقعة‪.‬‬
‫‪-‬وجيسد ذلك اإلطار االجتاه النفعي الذي ينطلق منه مفهوم االستخدام و اإلشباع‪ ،‬ويعرب عن فرضية‬
‫تؤكد على أن" استخدام األفراد لوسائل االتصال‪ ،‬وتعرضهم حملتوى رسائلها يقوم على أساس إدراك هؤالء‬
‫األفراد لقيمة الفوائد اليت تقدمها الوسيلة‪ ،‬وحمتواها‪ ،‬ومدى تقديرهم هلا يف إطار جمموعة‬
‫العوامل‪ ،‬واملتيريات النفسية اليت تقوم على أساس التجارب واخلربات السابقة هلؤالء األفراد مع تلك‬

‫"‬ ‫وحمتواها‪.‬‬ ‫الوسائل‬


‫توقعات األفراد من وسائل اإلعالم تبعا الختالف اجملتمع‪ ،‬حيث ذكرت ليلى السيد أن دراسة‬ ‫‪-‬وختتل‬
‫(إدلستاين*) وزمالئه املقارنة عام ‪1797‬م بني طلبة اجلامعات األمريكية واألملانية واليابانية‪ ،‬أشارت إىل‬
‫اختالفات يف توقع اإلشباعات من وسائل اإلعالم‪ ،‬وأرجع الباحثون تلك االختالفات إىل تباين ثقافة‬
‫اجملتمعات‪.‬‬ ‫تلك‬ ‫وقيم‬
‫‪-‬ومن خالل نظرية القيمة املتوقعة ميكن معرفة العالقة بني حماولة الفرد إشباع حاجاته‪ ،‬وتقوميه لوسائل‬
‫اإلعالم‪ .‬فالفرد يتعرض لرسالة أو وسيلة يتوقع منها إشباع بعض أو كل حاجاته؛ ذلك أن نظرية القيمة‬
‫املتوقعة تفرتض أن سلوك اإلنسان حيكمه إدراكه‪ ،‬وتوقعاته لالحتماالت املختلفة‪.‬‬
‫‪-‬وتساعد نظرية القيمة املتوقعة يف فهم دوافع اجلمهور للتعرض لوسائل اإلعالم اجلماهريية واإلنرتنت‪ ،‬من‬
‫خالل ربط العالقة بني دوافع اجلمهور للتعرض لوسائل اإلعالم‪ ،‬وسلوك اجلمهور أثناء التعرض‪.‬‬
‫اإلعالم‪:‬‬ ‫وسائل‬ ‫إشباعات‬ ‫‪5-‬‬
‫اجلمهور بأنه مدفوع مبؤثرات نفسية‪ ،‬واجتماعية‬ ‫‪-‬وفق نظرية االستخدامات واإلشباعات يتم وص‬
‫اإلشباعات‪.‬‬ ‫عليها‬ ‫يطلق‬ ‫معينة‬ ‫نتائج‬ ‫على‬ ‫للحصول‬
‫الباحثون فيما بينهم حول حتديد صورة واضحة حلجم ونوع اإلشباعات اليت حيصل عليها‬ ‫‪-‬وخيتل‬
‫اجلمهور من وسائل اإلعالم ‪ ،‬وتقسم كثري من الدراسات اإلشباعات إىل نوعني أساسني ومها ‪:‬‬
‫أ ‪-‬اإلشباعات المطلوبة‪ :‬واملقصود هبا تلك اإلشباعات اليت يسعى أفراد اجلمهور يف البحث عنها‬
‫هبدف احلصول عليها‪ ،‬وحتقيقها من خالل استخدامهم املستمر واملتواصل لوسائل االتصال اجلماهريي‬
‫وتعرضهم حملتوى رسائلها‪ ،‬وليس بالضرورة أن كل ما يسعى األفراد إليه من إشباعات يتحقق‪ ،‬السيما وأن‬
‫نتائج العديد من الدراسات ال تزال تؤكد ‪ -‬إىل اليوم ‪ -‬أن مستوى اإلشباع املكتسب‪ ،‬أو املتحقق بصورة‬
‫املطلوب‪.‬‬ ‫اإلشباع‬ ‫مستوى‬ ‫عن‬ ‫نسبته‬ ‫تقل‬ ‫عامة‬
‫ب ‪-‬اإلشباعات المتحققة أو المكتسبة‪ :‬وهي تلك اإلشباعات اليت يكتسبها األفراد‪ ،‬وحيصلون‬
‫عليها‪ ،‬وتتحقق هلم بالفعل من خالل استخدامهم لوسائل االتصال اجلماهريي‪ ،‬وتعرضهم حملتوى‬
‫رسائلها‪ ،‬واملتمثلة يف تلك القيمة أو املنفعة اليت حتملها الرسالة اإلعالمية يف طياهتا‪ ،‬أو الفائدة اليت‬
‫ينطوي عليها احملتوى‪ ،‬أو تتمتع هبا خصائص الوسيلة ومساهتا‪ ،‬وحتقق إشباعاً حقيقياً حلاجات األفراد‬
‫‪.‬‬ ‫ودوافعهم‬
‫من خالل الرتكيز على جانبني‪:‬‬ ‫‪-‬وتسعى بعض دراسات االستخدام واإلشباع إىل تأييد هذا التصني‬
‫اإلعالم‪.‬‬ ‫وسائل‬ ‫من‬ ‫اجلمهور‬ ‫إليه‬ ‫حيتاج‬ ‫ما‬ ‫أ‪-‬‬
‫اإلعالم‪.‬‬ ‫وسائل‬ ‫من‬ ‫اجلمهور‬ ‫يريد‬ ‫‪-‬ما‬ ‫ب‬
‫‪-‬وقد اهتمت دراسات االستخدام واإلشباع منذ السبعينيات امليالدية بضرورة التمييز بني اإلشباعات اليت‬
‫يبحث عنها اجلمهور من خالل التعرض‪ ،‬واإلشباعات اليت تتحقق للجمهور بالفعل نتيجة التعرض‪.‬‬
‫‪-‬وتوصلت الدراسات إىل نتائج من أمهها‪ :‬ارتباط اإلشباعات اليت يبحث عنها الفرد باإلشباعات اليت‬
‫تتحقق له‪ ،‬مبعىن أن كال منهما يؤثر يف اآلخر‪ ،‬ولكن ال حيدد جماله‪ ،‬مبعىن أن اإلشباع الذي يتحقق للفرد‬
‫عنه‪.‬‬ ‫يبحث‬ ‫الذي‬ ‫اإلشباع‬ ‫هو‬ ‫بالضرورة‬ ‫ليس‬
‫‪-‬ويشري (روزين جرين )‪) (Rosen green‬إىل ضرورة اهتمام الباحثني بالتمييز بني النوعني‪ ،‬سواءً يف‬
‫الدراسات النظرية أو التطبيقية‪ ،‬إذا إن اخللط بينهما‪ ،‬أو العجز الواضح يف التمييز بينهما أوقع بعض‬
‫البحوث يف نتائج خاطةة‪ ،‬وتداخل يف املفاهيم ‪ ،‬حيث إن الفصل النظري ميثل ضرورة ملحة وجيسد‬
‫خطوة مهمة وحامسة لتقدمي فهم أفضل حول متيريات اإلشباع وأمناطه‪ ،‬وارتباطها بسلوك التعرض‪،‬‬
‫الرسائل‪.‬‬ ‫حمتوى‬ ‫انتقاء‬ ‫ومعايري‬ ‫الوسائل‪،‬‬ ‫اختيار‬ ‫وعوامل‬ ‫واالستخدام‪،‬‬
‫‪-‬أما(سوانسون )‪) (Swanson‬يرى ضرورة إدراك العالقة بني طلب اإلشباعات‪ ،‬ومفهوم اإلطار التفسريي‬
‫للجمهور‪ ،‬حيث إن اإلطار التفسريي يعكس الدوافع اخلاصة اليت جتعل اجلمهور يتعرض لوسيلة معينة‬
‫املطلوب‪.‬‬ ‫اإلشباع‬ ‫له‬ ‫يتحقق‬ ‫حىت‬ ‫معينة‪،‬‬ ‫رسالة‬ ‫أو‬
‫‪-‬وقد أثبتت دراسات عديدة قدرة اجلمهور على التمييز بني وسائل اإلعالم على أساس اإلشباعات اليت‬
‫يبحثون عنها‪ ،‬أو اليت حيصلون عليها‪.‬‬

‫‪-4‬االنتقادات الموجهة لنظرية االستخدامات واإلشباعات‪:‬‬


‫‪-‬بعد تطور البحوث اخلاصة بالنظرية منذ السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬وحىت يومنا هذا‪ ،‬وبعد تقدمي‬
‫النظرية السرتاتيجية جديدة لدراسة استخدامات اجلمهور‪ ،‬وإشباعاته وتفسريها‪ ،‬ازداد إدراك الباحثني‬
‫ألمهية اجلمهور النشط‪ .‬وعلى الرغم من هذا التطور إال أن هناك صورا من النقد وجهت للنظرية‪ ،‬منها ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪1-‬االنتقاد املوجه إىل مفهوم الوظيفة‪ ،‬فهو كما يرى دينيس ماكويل )‪ (D.Macquial‬يستخدم مبعىن‬
‫اهلدف أو النتيجة أو املطلب‪ ،‬أو التوقع‪ .‬ومرد هذا االختالف إىل اخللط بني اهلدف والنتيجة‪ .‬فاإلخبار‬
‫مثالً قد يفسر على أنه هدف تسعى وسائل اإلعالم إىل حتقيقه‪ ،‬وقد يكون مطلبا وظيفيا تؤديه الوسيلة‬
‫وقد يكون رغبة اجلمهور من الوسيلة فيصبح مبعىن التوقع أو النتيجة‪.‬‬
‫‪ 2-‬يرى بعض الباحثني أن النظرية ال تعدو كوهنا اسرتاتيجية جلمع املعلومات من خالل التقارير الذاتية‬
‫للحالة العقلية اليت يكون عليها الفرد وقت التعامل مع االستقصاء‪ ،‬خاصة مع اخلالف يف حتديد مفهوم‬
‫احلاجة‪ ،‬واألمر يف هذه احلالة حيتاج إىل وضع الفةات االجتماعية جبانب الدوافع‪ ،‬واحلاجات‪ ،‬وفةات‬
‫احملتوى‪ ،‬حىت يصل الباحث إىل نتائج مفيدة‪.‬‬
‫‪3-‬يركز (دينيس ماكويل )‪) (D.Macquial‬على أن نتائج هذه البحوث ميكن أن تتخذ ذريعة إلنتاج‬
‫احملتوى اهلابط‪ ،‬ألنه تلبية حلاجات اجلمهور يف جماالت التسلية والرتفيه‪.‬‬
‫‪4-‬يرى (بلوملر)‪) (Blumler‬عدم حتديد مفهوم النشاط الذي يوص به املتلقون‪ ،‬هل هو العمد‬
‫أو املنفعة‪ ،‬أو االنتقاء‪.‬‬
‫‪ 5-‬عدم االتفاق على مصطلحات النظرية‪ ،‬ومن مث توظيفها‪ ،‬وربطها بالنماذج املختلفة لإلشباع‪.‬‬
‫‪ 6-‬دخول وسائل جديدة إىل الواقع مثل اإلنرتنت‪ ،‬وهذه تتطلب مفاهيم جديدة حىت ميكن فهم العالقة‬
‫بني الوسيلة ومجهورها‪.‬‬
‫‪ 7-‬تنظر حبوث النظرية إىل الفرد بعيدا عن البيةة اليت يعيش فيها‪ ،‬وتأثري كل منهما يف اآلخر‪.‬‬

‫‪-9‬االتجاهات الحديثة في بحوث االستخدامات و االشباعات‪:‬‬

‫‪-‬الدراسات املعاصرة تناولت اإلعالم اجلديد باعتباره قام بنضافة أبعاد جديدة لالتصال و عمد إىل إحداث ٍ‬
‫حالة‬ ‫َ‬
‫من التييري على املستوى االجتماعي‪.‬فاهتم بدراسة اجلمهور النشط يف ضوء البيةة اجلديدة لوسائل االعالم‪.‬‬
‫و الرتكيز على مضمون وسائل اإلعالم اجلديدة‪،‬و ذلك من خالل الربط بني دوافع و إشباعات هذه الوسائل‬
‫و سمات هذه المضامين‪.‬‬
‫مثل‪:‬الهواتف‬ ‫‪-‬االجتاهات املعاصرة ركزت على دوافع و إشباعات استخدام وسائل االتصال احلديثة‬
‫الذكية‪،‬شبكة االنترنيت‪،‬مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫يتحكم‪ ،‬ويسيطر فيما يعرضه من موضوعات‬ ‫‪-‬فاالنتقال السريع واملفاجئ ‪ -‬وليس التدرجيي ‪ -‬من إعالم تقليدي َّ‬
‫متحوالً‬
‫حر يَتعاظَم فيه دور الفرد يف وضع األجندة؛ ِّ‬ ‫وأخبار ومعلومات ‪ -‬للمتلقي واجملتمع بشكل عام‪ ،‬إىل ٍ‬
‫إعالم ٍّ‬
‫وموزع ‪ -‬يف نفس الوقت ‪ -‬لألخبار واملعلومات‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ومتحكم ِّ‬ ‫جمرد مستقبل للمعلومات‪ ،‬إىل صانِع‬
‫من َّ‬
‫جمرد مستقبِل للمعلومة‬ ‫‪ -‬إذن ِمن بني ُّ‬
‫التحوالت اإلعالمية اليت أفرزهتا الشبكات االجتماعية‪،‬هو حتويل املتلقِّي من َّ‬
‫أيضا عمدت إىل انتقال آليَّة البث عرب الوسيلة اإلعالمية‪ ،‬من‬
‫إىل صانع ومتفاعل ‪ ،‬وناشر هلا يف نفس الوقت‪ ،‬و ً‬
‫االجتاهات ‪ ،Many to Many‬حيث يقوم اجلمهور ببث احملتوى‬ ‫بث متعدِّد ِّ‬
‫ِّاجتاه واحد ‪ One to Many‬إىل ٍّ‬
‫إىل مجهوٍر ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫اخلصائص الوافدة ‪ -‬مع عدد من تطبيقات اإلنرتنت اجلديدة ‪ -‬إىل بروز ذلك الشكل اجلديد‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬وقد َمسحت تلك‬
‫لكن بنمعان النظر‬ ‫من اإلعالم‪ ،‬الذي قد يبدو للناس ‪ِ -‬من َّأول وهلة ‪ -‬أنَّه تعبري عن ُّ‬
‫تطور من الناحية التقنية‪ ،‬و ْ‬
‫يعرب بشكل أكرب عن ِّاجتاه اإلنرتنت ملرحلة جديدة يف عالقة مرتاديها مبحتواها املنشور‬ ‫يف هذا الشكل جند أنَّه ِّ‬
‫ِ‬
‫مرحلة "ما بَعد التفاعلية" واليت نعيش ْأو َج‬ ‫بتجاوز العمل اإلعالمي حنو‬
‫على صفحاهتا‪ ،‬وقد مسحت هذه املرحلة ُ‬
‫عصرها اآلن‪.‬‬
‫‪-‬التطورات اليت شهدهتا شبكة االنرتنيت يف مقدمتها استخدام االتصال الرقمي‪،‬أصبح الدخول للشبكة أحد‬
‫بدائل االستخدام اليت خيتارها الفرد لتلبية حاجاته‪،‬و لذلك برزت حبوث االستخدامات و االشباعات‪،‬و ركزت‬
‫على وظائف و آثار الوسائل اجلديدة اليت تركتها على الفرد و اجملتمع ككل‪.‬و هذا بتطبيق نظريات االصال القدمية‬
‫على الوسائل اجلديدة مع مراعاة عدد من النقاط نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫*منذ ظهور الويب بدأ الباحثون يطرحون أسةلة حول استخدام األفراد للشبكات االجتماعية و وسائل اإلعالم‬
‫اجلديدة و اإلشباعات احملققة من االستخدام و ذلك استنادا على مدخل االستخدامات و االشباعات الذي‬
‫استخدم من قبل على نطاق واسع مع وسائل االعالم التقليدية‪.‬‬
‫* إذا كانت فروض النظرية تشري إىل نشاط جمهور وسائل االعالم و االستخدام املوجه لتحقيق أهداف‬
‫معينة‪،‬فنن اجلمهور يف البيةة اإلعالمية اجلديدة هم مستخدمي الشبكة العنكبوتية‪،‬هم أكثر نشاطا و مشاركة يف‬
‫العملية االتصالية من خالل التفاعلية اليت يتميز هبا االتصال الرقمي‪،‬و هي من أبرز مالمح شبكة الويب العاملية‪.‬‬
‫أن التفاعلية اليوم تتمثَّل يف الدور الذي حتَ َّول‬ ‫وقد أشار روبار أسكربيت يف نقده للنماذج اخلطيَّة لالتِّصال إىل َّ‬
‫الص َدى ِمن‬ ‫املتلَقِّي مبقتضاه إىل فاعل يف "وضع األجندة"‪.‬فلم يَـعُد يقتصر دور املتلقِّي يف التفاعل على دائرة َر ْج ِع َّ‬
‫مارسة‬ ‫ِ‬
‫دور مهمٌّ يف املُ َ‬‫خالل االكتفاء بالتعليق على املوضوعات املنشورة على املواقع اإللكرتونية‪ ،‬وإمنا أصبح له ٌ‬
‫يتعرض له من معلومات‪ ،‬ويف نفس الوقت‬ ‫التحكم فيما َّ‬‫اإلعالميَّة املطْلَقة عرب تطبيقات اإلنرتنت اجلديدة‪ ،‬بل و ُّ‬
‫بث احملتوى الذي يُنتِجه لِ َمن يُِريد‪ ،‬دون قيد أو شرط‪.‬‬
‫*ال تعترب ش ّدة االستخدام دليل على إشباع احلاجة‪،‬فالتحول يف املواق مسة من مسات استخدام الشبكة لذلك‬
‫يفضل البحث يف عادات و أنماط االستخدام‪.‬و يفرض استخدام شبكة االنرتنيت دراسة مشكالت االستخدام‬
‫و قدرة املستخدم على جتاوزها‪.‬و تعترب االستخدامات االجتماعية يف الشبكات من أهم االستخدامات‪،‬فأغلبية‬
‫األشخاص مييلون إىل التعرف على أشخاص جدد و كذا احلفاظ على عالقاهتم السابقة‪.‬و من االستخدامات‬
‫األخرى التعريف بالذات لتقدمي أنفسهم و تطوير عالقاهتم السابقة‪.‬و من بني اإلشباعات احملققةأيضا الحصول‬
‫على المعلومات و الترفيه‪.‬‬
‫* من بني السمات اإلعالمية الفورية يف معرفة األخبار يف احلال و اإلتاحة أي احلصول على األخبار حني احلاجة‬
‫إليها‪.‬الفورية و اإلتاحة هي عناصر شديدة األمهية بالنسبة للمستخدمني‪.‬‬
‫تطبيف نظرية االستخدامات و اإلشباعات على اإلعالم الجديد( نتائج دراسات الحديثة)‪:‬‬
‫ظهور الويب يف بداية تسعينات القرن املاضي طرح إنشياالت حبثية أدت لتسليط اهتمام الدراسات حول‬
‫استخدام الناس للشبكة العنكبوتية و االشباعات احملققة من ذلك‪،‬الذين استعملوا من قبل الوسائل التقليدية على‬
‫نطاق واسع‪.‬ظهرت جراء ذلك عدة حماوالت لتطبيق النظرية على اإلعالم اجلديد‪.‬حيث توصلت إىل نتائج مهمة‪.‬‬
‫‪-‬يعترب احلاسوب كمصدر للرتفيه و التسلية و االسرتخاء و املتعة‪،‬يساعدهم على نسيان مشكالت احلياة اليومية‪.‬‬
‫‪-‬فقد أثري تساؤل حول ما إذا كان االنرتنيت وسيلة إعالمية للشباب‪.‬حيث كش مسح أجرته مؤسسة جالوب‬
‫أن الشباب يستخدمون االنرتنيت بطريقة خمتلفة عن كبار السن‪،‬الذين مييلون إىل استخدامها بشكل أكرب‬
‫للحصول على األخبار يف حني يستخدمها الشباب للرتفيه و التواصل و الرتويح عن النفس‪.‬‬
‫‪-‬ركزت البحوث األوىل لشبكات التواصل االجتماعي على قضايا‪:‬كشف الهوية‪،‬الصداقة‬
‫االلكترونية‪،‬الخصوصية‪.‬‬
‫وسع الباحثون جمال حبثهم للسؤال عن تأثري استخدام هذه‬‫‪-‬و يف دراسات شبكات التواصل االجتماعي ّ‬
‫الشبكات على رأسمال االجتماعي‪.‬و هو مفهوم يشري إىل الفوائد اليت تعود على مستخدم الشبكة نتيجة‬
‫العالقات اليت يقيمها مع اآلخرين‪.‬فاألشخاص الذين لديهم شبكة اتصاالت واسعة من احملتمل أن يكون لديهم‬
‫رأس مال اجتماعي أكرب من األشخاص الذين لديهم شبكة اتصاالت صيرية‪.‬‬
‫‪-‬تشري الدراسات أن شعبية فيسبوك ترجع إىل السهولة اليت يوفرها للمستخدم يف تتبع اآلخرين و احلفاظ على‬
‫العالقات االجتماعية مع أعضاء الشبكة غري القربني جيرافيا‪.‬و تشمل الدوافع األخرى‪:‬تقليل الشعور‬
‫بالوحدة‪،‬التعبير عن الذات‪،‬اكتساب الشهرة‪،‬السمعة الطيبة من الرفاق‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫من خالل تطرقنا لنظرية االستخدامات و االشباعات‪،‬يتنب أنه رغم قدم املدخل و االنتقادات املوجهة له من‬
‫اعتماد اجلانب الوظيفي و من صعوبة قياس احلاجات الفردية الطاغية على املنهج كون نتائجه ال تصلح‬
‫للتعميم‪.‬إال أن جمال البحث يف اإلعالم اجلديد ال يزال يعتمد النظرية القدمية‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية‪:‬نظرية األجندة ستينغ‪/‬نظرية ترتيب األولويات‬

‫مقدمة‬

‫يعترب الباحث الصحفي و األمريكي ولتر ليبمان أول من طرح يف كتابه الذي أصدره عام‬
‫‪ :1422‬العالقة بني وسائل االعالم و اجلمهور الذي يتعرض لتلك الوسائل يف حتديد أولويات قضايا‬
‫اجملتمع‪.‬يرى ليبمان أن وسائل اإلعالم تساعد يف بناء الصورة الذهنية لدى اجلماهري‪.‬و يف كثري من‬
‫األحيان تقدم هذه الوسائل معلومات مزيفة‪،‬حيث تعمل على تكوين الرأي العام من خالل القضايا اليت‬
‫تركز عليها‪.‬فبمقدور وسائل اإلعالم أن تيري االجتاهات‪.‬إال أن يف األربعينيات و اخلمسينيات من القرن‬
‫‪ 21‬جتاهلوا هذه النظرية و أحياها بعد ‪ 41‬سنة الباحث برنارد كوهين حيث زعم أن وسائل اإلعالم ال‬
‫تنجح دائما يف إبالغ اجلماهري كيف يفكرون لكنها تنجح يف إبالغهم عما جيب أن يفكروا فيه‪.‬‬

‫تاريخ نظرية األجندة ستينغ‬

‫رجع الباحثون يف تاريخ وضع األجندة إىل أن أول إشارة مباشرة إىل وظيفة وضع األجندة "ترتيب‬
‫األولويات" ظهرت عام ‪ 1499‬يف مقال (لنورتون لونج ‪ ، )Norton Long‬إال أن أفضل تصريح حول هذه‬
‫الوظيفة ظهر لدى (برنارد كوهني ‪ )Bernard Cohen‬يف كتابه "الصحافة والسياسة الخارجية" عام ‪1493‬‬
‫والذي قال بأن الصحافة ميكن أال تكون ناجحة كثريا يف أن تقول للناس مباذا يفكرون‪ ،‬ولكنها ناجحة إىل حد‬
‫كبري يف أن تقول للقراء عن األشياء اليت يفكرون حوهلا‪.‬كما سبقت و أن أشارته إليه يف املقدمة‪.‬‬
‫وهناك نص مباشر مل يلتفت إليه الباحثون من قبل حول وظيفة وضع األجندة حينما اعترب (برنارد‬
‫بريلسون ‪ )Bernard Berelson‬يف مقالته املعنونة "االتصاالت والرأي العام" أن وسائل اإلعالم تعد املسرح‬
‫السياسي للمناظرات اجلارية‪ ،‬ويرى أن هناك بعض الدالئل بان املناقشات اخلاصة حول املسائل السياسية تأخذ‬
‫مؤشراهتا من عرض وسائل اإلعالم هلذه املسائل‪ ،‬إذ أن الناس يتحدثون يف السياسة متماشني يف ذلك مع اخلطوط‬
‫اليت ترمسها الصحافة‪ ،‬وعليه حظيت نظرية وضع األجندة باهتمام عديد الباحثني وتطورت بذلك وأصبح هلا‬
‫اجتاهات منهجية حديثة يف عصرنا احلايل‪.‬‬
‫و بشكل عام شهد العقد السابع من القرن املاضي عرفت فيه حبوث االعالم و االتصال اجلماهريي‬
‫و خاصة االعالم و االتصال السياسي نقطة حتول من النموذج اإلقناعي إىل النموذج الصحفي‬
‫النموذج اإلقناعي‪:‬يسعى لتقييم ممارسات وسائل اإلعالم و االتصال على أساس فعاليتها‪.‬‬
‫النموذج الصحفي‪:‬يسعى إىل التأكيد على دور وسائل اإلعالم كأدوات لتزويد اجلمهور باملعلومات الالزمة‬
‫هلم‪ .‬استلزمت هذه النظرة جيل جديد من الباحثني الذين مجعوا بني اخلربة يف حقل الدراسات االجتماعية النفسية‬
‫إىل جانب اخنراطهم يف حقل العمل الصحفي‪.‬‬
‫تعريف النظرية‬
‫تعد نظرية األجندة واحدة من األطر النظرية اليت تبحث يف تأثري وسائل اإلعالم حيث هتتم حبوث‬
‫"ترتيب األولويات" بدراسة العالقة التبادلية بني وسائل اإلعالم واجلماهري اليت تتعرض لتلك الوسائل لتحديد‬
‫أولويات القضايا السياسية واالجتماعية اليت هتم اجملتمع‪.‬‬
‫وق د أشارت العديد من الدراسات اإلعالمية أن دراسة العالقة ين اهتمامات وسائل اإلعالم واهتمامات‬
‫املثق يعد تطورا يف دراسات وضع األجندة واالتصال السياسي‪ ،‬وبالرغم من ذلك مل تتكرر هذه الدراسات‬
‫حيث ينصب الرتكيز على دراسة العالقة بني أجندة وسائل اإلعالم وأجندة الرأي العام‪.‬‬
‫إن مقرتب حتديد األجندة يعد األكثر ثراءا من حيث عدد الدراسات واألحباث اليت أجنزت وكذلك عدد‬
‫البلدان اليت أعد فيها فرضياته‪ ،‬وإذا كان البعض ينسبون نظرية وضع األجندة إىل باحثني اثنني ماكسويل كومب‬
‫و دونالد شو ‪ MC Combs and D. Shaw‬لفضلهما يف ابتكار التسمية وحتليل الظاهرة بأدوات أكثر‬
‫دقة‪ ،‬لكن يف الواقع جذور هذه النظرية تعود إل العشرينيات من القرن املاضي‪ ،‬وكذلك هناك مرحلتني متيزان هذا‬
‫املقرتب‪ :‬ما قبل الثمانينات من القرن املاضي وما بعده‪ ،‬وكل مرحلة تعكس السياقات السياسية واالجتماعية‬
‫والتكنولوجية اليت سادت آنذ اك‪ ،‬وأبرز مظاهرها أن دراسات نظرية وضع األجندة متت يف أنظمة سياسية دميقراطية‬
‫مفتوحة ويف عهد ما قبل الثورة الرقمية يف قطاع اإلعالم‪.‬‬
‫قدم الباحثان دليال علميا على صحة التوجه البحثي من خالل الدراسة اليت قاما هبا خالل احلملة‬
‫االنتخابية للرئاسيات األمريكية من ‪ 1492-1499‬واليت فتحت اجملال لدراسة ترتيب األولويات اليت تفرض‬
‫وجود عالقة قوية بني الطريقة اليت تنقل هبا وسائل االعالم القضايا للجمهور‪.‬و هذا معناه أن وسائل االعالم‬
‫برتكيزها على قضايا دون أخرى تفرض ترتيبا معينا للقضايا حسب أمهيتها‪.‬‬
‫وضع األجندة كوظيفة تأثريية لوسائل اإلعالم تتمثل علميا يف كوهنا نصريا أكربا يف صنع الثقافة السياسية‬
‫للجمهور‪ ،‬حبيث أهنا تربط بني تصور إدراك الناس للواقع السياسي وبني الشؤون واالهتمامات السياسية‬
‫اليومية‪ ،‬وميكن أن تلعب وسائل اإلعالم من خالل وظيفة ترتيب األولويات – وضع األجندة – دورا اجتماعيا‬
‫بتحقيق االجتماع حول بعض االهتمامات عند اجلمهور اليت ميكن أن ترتجم فيما بعد باعتبارها رأيا عاما‪.‬‬
‫وقد حدد الباحثان العوامل اليت تؤثر يف وضع األجندة على مستوى الفرد وعلى مستوى وسائل االتصال‪:‬‬
‫مع الظروف احمليطة‪ ،‬معدل املناقشات‬ ‫‪ -‬فعلى مستوى الفرد‪ :‬هناك حاجة الفرد إىل التوجه السياسي والتكي‬
‫الشخصية‪ ،‬مستوى التعرض لوسائل االتصال مث اجتاهات الفرد املسبقة‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى مستوى وسائل االتصال‪ :‬هناك طبيعة النظام السياسي‪ ،‬طبيعة القضايا املطروحة‪ ،‬مستوى تيطية وسائل‬
‫االتصال مث نوع هذه الوسائل‪ ،‬هذه املتيريات تؤثر على شروط وضع األجندة واليت من أمهها‪:‬‬
‫قيام وسائل االتصال بعمليات انتقاء واختيار مستمر للمضمون الذي تقدمه وأيضا حاجات ورغبات اجلمهور‬
‫واليت تلعب دورا واضحا يف وضع األجندة‪.‬‬
‫وبالنسبة لعامل نوع الوسيلة فنن معظم البحوث اليت أجريت يف إطار نظرية وضع األجندة أيدت تفوق الصحافة‬
‫املكتوبة على بقية والوسائل‪.‬‬

‫فرضيات النظرية‬
‫ويفرتض هذا املدخل أن وسائل اإلعالم ال تستطيع أن تقدم مجيع املوضوعات والقضايا اليت حتدث يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬وإمنا خيتار القائمون على هذه الوسائل بعض املوضوعات اليت يتم الرتكيز عليها بشدة والتحكم يف‬
‫طبيعتها وحمتواها‪ ،‬هذه املوضوعات تثري اهتمام الناس تدرجييا وجتعلهم يدركوهنا ويفكرون فيها‪ ،‬وبالتايل متثل هذه‬
‫املوضوعات لدى اجلماهري أمهية أكرب نسبيا عن املوضوعات اليت ال تطرحها وسائل اإلعالم‪ ،‬وعملية االنتقاء‬
‫اليومي ملوضوعات قائمة أولويات وسائل اإلعالم وأساليب إبراز أو طمس تلك املوضوعات‪ ،‬وحتريكها صعودا‬
‫أو هبوطا ال تستهدف إثارة اهتمام اجلمهور العام فقط‪ ،‬إمنا هي عملية تستهدف أيضا صانعي القرار السياسي‪.‬‬
‫‪-‬تفرتض أن وسائل اإلعالم ال تستطيع أن تقد مجيع القضايا و املوضوعات املوجودة يف اجملتمع‪.‬‬
‫‪-‬خيتار القائمون على الرسائل بعض املواضيع اليت يتم الرتكيز عليها بشدة و التحكم يف حمتواها و طبيعتها‪.‬‬
‫‪-‬تثري املوضوعات اليت يتم الرتكيز عليها اهتمامات الناس تدرجييا‪.‬‬

‫انتقادات النظرية‬
‫‪-1‬انتقد الباحثون العالقة االرتباطية اخلطية اليت ترى أن أجندة وسائل ال أجندة وسائل االعالم تؤثر يف أجندة‬
‫اجلمهور دون األخذ يف احلسبان عوامل و متيريات أخرى‪،‬و هو ما جيعل من عملية وضع األجندة غير تفاعلية‪.‬‬
‫‪ -2‬ليس هناك عالقة نسبية بني األمهية اليت تضفيها وسائل اإلعالم على القضية املثارة و مدى أمهية هذه القضية‬
‫بالنسبة للجمهور‪،‬مبعىن أنه ليس بالضرورة أن تكون القضية مهمة للجمهور كما تعتقد وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتمد الباحثون املؤيدون هلذه النظرية على مكونات سطحية ظاهرية‪،‬ففي حتديديهم ألهم القصص اخلربية اليت‬
‫يقدمها اإلعالم يف تيطيته‪،‬جلأ الباحثون إىل إىل حصر عدد القصص املتناولة لقضية ما و اعتباره مقياسا لتحديد‬
‫أجندة وسائل اإلعالم حول القضية‪.‬‬
‫‪-4‬خلص بعض الباحثني أهم مقاييس حتليل احملتوى بشأن بروز القضية اإلخبارية على الشكل التايل‪:‬موضوع‬
‫القصة‪،‬العناوين‪،‬الصور‪،‬حجم العمود‪،‬المثيرات البصرية بالنسبة لإلعالم املرئي‪.‬فكل ذلك ال ميثل سوى مثريات‬
‫و عالمات ال عالقة هلا باحملتوى اخلربي‪.‬‬
‫‪-5‬تأثريات وسائل اإلعالم على اجلمهور على ضوء نظربة ترتيب األولويات تتم من خالل اختصار احلصيلة‬
‫املعرفية للجمهور على مسائل حمددة‪:‬البرامج الرياضية‪،‬الترفيهية و المواضيع العاطفية‪.‬كما أهنا تقدم للجمهور‬
‫قدوات مميزة من عناصر اجملتمع اهلامشية و غري املنتجة‪.‬‬

‫تطبيق نظرية األجندة على اإلعالم الجديد‪:‬‬


‫‪-‬مع ظهور و تطور وسائل اإلعالم اجلديدة ‪،‬طرح الباحثون تساؤال حول احتماالت حدوث وضع االجندة عرب‬
‫هذه الوسائل‪،‬و متحورت اإلجابات عن هذا التساؤل يف أن مجهور املواقع اإلخبارية على شبكة الويب مفتت‬
‫و هو األمر الذي يعيق عملية وضع األجندة‪.‬‬
‫‪ -‬يف املقابل فننه من احملتمل أن تويل بعض املواقع اهتماما كافيا بقضايا حمددة‪،‬مما يؤدي إىل قيام بدور ملموس يف‬
‫وضع أجندة اجلمهور خاصة أن أثر وضع األجندة ميكن أن يتحقق إذا جنحت الوسيلة اجلديدة يف تييري أولويات‬
‫املستخدمني‪.‬‬
‫‪-‬و تعود بدايات تطبيق نظرية وضع األجندة على الوسيلة االعالم اجلديد إىل عام ‪. 1449‬عندما أجرى يون‬
‫اختبارا لوضع األجندة على شبكة الويب العاملية‪،‬حيث أراد أن يرى ما إذا كان استخدام الطالب الكوريني جبامعة‬
‫تكساس ملواقع الصحف الكورية يؤثر على ترتيب القضايا االقتصادية الكورية لديهم حيث سةل الطالب يف‬
‫استقصاء هاتفي عن القضايا االقتصادية األهم اليت تواجه بلدهم‪.‬و حلّل يون حمتوى األقسام اخلربية و التجارية‬
‫ل‪ 3‬أكرب مواقع لصح كورية على الويب‪.‬حيث قارن الباحث بني أجندة اجلمهور و بني أجندة مواقع‬
‫الصح ‪.‬ثبت أن القضايا اليت استحوذت على تصني عال على إحدى األجندات متيل إىل احلصول على‬
‫تصني مرتفع على األجندة األخرى‪،‬و هي نتيجة تدعم أثر وضع األجندة من طرف املواقع اإلخبارية على‬
‫األنرتنيت‪.‬تأكد الباحث من الفرضية التي تقول كلّما تعرض األفراد بشكل أكبر لوسيلة معينة‪،‬كلّما زاد‬
‫االتفاق مع أجندة هذه الوسيلة‪،‬فهناك عالقة ارتباطية بين مستوى التعرض لمواقع الصحف على األنترنيت‬
‫و بين درجة االتفاق مع أجندة هذه المواقع‪.‬‬
‫‪ -‬أجرى وانج جترية لقياس أثر الروابط الفائقة اليت اعتربت من مؤشرات درجة األمهية على تقدير اجلمهور‬
‫ألمهية القضية‪،‬و ذلك من خالل البحث ما إذا كانت تلك الروابط يف إحدى القصص الواردة بصحيفة على‬
‫األنرتنيت ستزيد أمهية قضية العنصرية لدى القراء‪.‬و قد استخدمت الباحثة ‪ 4‬نسخ من موقع إخباري على‬
‫الويب‪:‬‬
‫‪-1‬ال يظهر على صفحتها األوىل اية قضية على العنصرية‪.‬‬
‫‪-2‬هبا قضية بسيطة على الصفحة األوىل لكن بدون رابط تتحدث عن جرمية مرتبطة بالعنصرية وقعت يف أحد‬
‫أحياء تكساس‪.‬‬
‫‪-3‬احتوت على قضية اجلرمية مع رابط متشعب واحد‪.‬‬
‫‪-4‬احتوت على قصة القتل نفسها لكن مع عدة روابط متشعبة‪.‬‬
‫بعد تعرض أفراد العينة على واحد من هذه النسخ طلب منهم تقدير حجم أمهية ‪ 9‬قضايا من بينها‬
‫العنصرية‪.‬أظهرت النتائج أن قراء صفحات الويب منحوا أمهية متفاوتة لقضية العنصرية بناءا على طبيعة املوقع‬
‫اإلخباري الذي تعرضوا له‪.‬فاجملموعة اليت تعرضت ملوقع ال حبمل قصة عن العنصرية منحت األمهية األاقل لقضية‬
‫العنصرية‪.‬أما اجملموعتان اللتان تعرضتا للنسختني ذوي الروابط سواء ذي الرابط الواحد أو جمموعة الروابط فقد‬
‫منحتا األمهية األكرب لقضية العنصرية‪.‬تؤكد هذه النتيجة أن استخدام الروابط الفائقة مع القصة اإلخبارية تم‬
‫تفسيره من طرف مستخدمي المواقع على أنه مؤشر على أهمية القصة‪.‬‬
‫‪-‬اخترب روجرز و روبرتز الفرضية اخلاصة مبزج األجندة الشخصية باألجندة الجماعية يف الجماعات االفتراضية‬
‫فخلص الباحثان إىل وجود عالقة ايجابية بني أجندة العالمة التجارية و أجندة مجتمع العالمة التجارية‬
‫االفتراضي‪.‬‬
‫‪ -‬حلّل الباحثون التيريدات السياسية اليت نشرها سياسيون على تويتري خالل احلملة االنتخابية الرئاسية عام‬
‫‪ 2112‬خلصت الدراسة إىل أن تيريدات الزعماء السياسيني يتم استخدامها من طرف الصحفيني بطرق‬
‫متعددة‪،‬سامهت يف تشكيل تيطياهتم يف األحداث‪.‬‬
‫‪-‬أكدت نتائج استطالعات معهد جالوب خالل ‪ 2111-2119‬أن وسائل اإلعالم اجلديدة تلعب نفس الدور‬
‫الذي تقوم به وسائل اإلعالم التقليدية يف وضع األجندة‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫هذه النظرية خاصة بعالقة وسائل االتصال باجلمهور‪ ،‬وترى أن وسائل االتصال هي اليت حتدد األولويات‬
‫اليت تتناوهلا األخبار فهي تعطي أمهية خاصة هلذه املوضوعات مما جيعلها تصبح من األولويات اهلامة لدى‬
‫اجلمهور‪ ،‬وهكذا فنن املوضوعات اليت يراها احملررون ذات أمهية هي اليت يتم نشرها حىت لو كانت غري ذلك يف‬
‫احلقيقة‪ ،‬فنن جمرد النشر يف حد ذاته يعطي أمهية مضاعفة لتلك املوضوعات حبيث يراها اجلمهور ذات أمهية تفوق‬
‫غريها من املوضوعات‪.‬‬
‫وبناءا على ذلك تسهم كثريا يف تشكيل الرأي العام ورؤيته للقضايا اليت توجه للمجتمع‪ ،‬فمن خالل‬
‫الرتكيز على قضية معينة وجتاهل أخرى حتدد وسائل اإلعالم أولويات أفراد اجملتمع يف االهتمام بالقضايا املتعلقة‬
‫بقطاعات متنوعة يف اجملتمع‪.‬‬
‫وضع األجندة عملية تقوم هبا وسائل اإلعالم باختيار ما يوص بأنه أهم القضايا العامة و املختلفة لكن‬
‫قيامها هبذه الوظيفة ال يكون بطريقة مباشرة كأن خترب اجلمهور بأن هذه القضية هي األكثر أمهية‪ ،‬ولكن يكون‬
‫ذلك من خالل‪ :‬تكرار تيطية هذه القضية بشكل أكرب مقارنة بالقضايا األخرى وختصيص حيز زمين ومساحة‬
‫أكرب أو بطريقة استعراضية جتعلها أكثر بروزا‪.‬‬
‫وهذا ما حدد (إيفرت روجرز ودرينج سنة ‪ )1799‬للتمييز بني القضايا واألحداث لبحوث وضع‬
‫األجندات اإلعالمية وهذا االختالف ميكن قياسه من ناحية املدة الزمنية ومدى بروز املوضوع واألمهية املمنوحة‬
‫له‪ ،‬فوضع األجندة يف غالب األحيان تقاس من خالل مستوى التكرار‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة‪:‬نظرية االعتماد على وسائل اإلعالم‬


‫مقدمة‬
‫تعتمد فكرة هذه النظرية على أن استخدام األفراد لوسائل اإلعالم ال يتم مبعزل عن تأثري اجملتمع الذي‬
‫يعيش داخله وأن قدرة وسائل اإلعالم على التأثري تزداد عندما تقوم هذه الوسائل بوظيفة نقل املعلومات بشكل‬
‫ومكث ‪.‬‬ ‫مستمر‬
‫ظهر مفهوم االعتماد على وسائل اإلعالم يف السبعينيات امليالدية من القرن املاضي‪ ،‬وذلك عندما مأل كل من‬
‫دي فلور وساندرا بول روكيش (ومها صاحبا كتاب نظريات وسائل اإلعالم ومؤسسا نظرية االعتماد على وسائل‬
‫اإلعالم) الفراغ الذي خلفه منوذج االستخدامات واإلشباعات‪ ،‬الذي أمهل تأثري وسائل اإلعالم وركز على املتلقي‬
‫وأسباب استعماله لوسائل اإلعالم‪ ،‬فأخذ املؤلفان مبنهج النظام االجتماعي العريض لتحليل تأثري وسائل اإلعالم‪،‬‬
‫حيث اقرتحا عالقة اندماج بني اجلمهور‪ ،‬ووسائل اإلعالم‪ ،‬والنظام االجتماعي‪ ،‬وهذه هي البداية األوىل هلذه‬
‫النظرية‪.‬‬
‫وخرجت هذه النظرية من الدوافع اإلنسانية للمدرسة االجتماعية‪ ،‬حيث يرى باحثو النظرية أن هناك اعتماداً‬
‫متبادالً بني اإلعالم اجلماهريي‪ ،‬والنظام االجتماعي الذي ينشأ فيه‪ ،‬فقد الحظت ( ساندرا بول روكيش) إحدى‬
‫مؤسسي النظرية ومطوريها أن مشولية نظرية االعتماد ودقتها جتعلها إحدى النظريات اإلعالمية القالئل اليت ميكن‬
‫أن تساعد يف فهم تأثريات اإلعالم واستخداماته‪.‬‬
‫مفهوم النظرية‪:‬‬
‫من خالل اسم النظرية يتضح مفهومها‪ ،‬وهو االعتماد املتبادل بني األفراد ووسائل اإلعالم‪ ،‬وأن العالقة‬
‫اليت حتكمهم هي عالقة اعتماد بني وسائل اإلعالم والنظم االجتماعية واجلمهور؛ إذ يعتمد األفراد يف حتقيق‬
‫أهدافهم على مصادر معلومات اإلعالم املنحدرة من مجع املعلومات ومعاجلتها ونشرها ‪.‬‬
‫ويبني (دي فلور) و (ساندرا بول) أن املعلومة هنا هي كل الرسائل اإلعالمية حىت الرتفيهية منها‪.‬‬
‫إن تأثرنا هبذا النظام االجتماعي الذي نعيش بداخله ينعكس على طريقة استخدامنا لوسائل اإلعالم‪ ،‬وال يقتصر‬
‫التأثري على النظام االجتماعي فحسب بل يشمل تأثري وسائل اإلعالم يف اجلمهور ‪ .‬وكلما تعقدت البنية‬
‫االجتماعية قل التفاعل بني أفراد اجملتمع‪ ،‬مما يتيح لإلعالم جماال واسعا مللء الفراغ‪ ،‬فيصبح الفرد أكثر اعتمادا‬
‫على وسائل اإلعالم الستقاء املعلومات‪ ،‬وعلى هذا فاجلمهور عنصر فاعل وحيوي يف االتصال‪.‬‬
‫ونظرية االعتماد ال تشارك فكرة اجملتمع اجلماهريي يف أن وسائل اإلعالم قوية ألن األفراد منعزلون بدون‬
‫روابط اجتماعية‪ ،‬واألصح أهنا تتصور أن قوة وسائل اإلعالم تكمن يف السيطرة على مصادر املعلومات‪ ،‬وتلزم‬
‫األفراد ببلوغ أهدافهم الشخصية‪ ،‬عالوة على أنه كلما زاد اجملتمع تعقيداً زاد اتساع جمال األهداف اليت تتطلب‬
‫الوصول إىل مصادر معلومات وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫واملفرتض أن يكون نظام وسائل اإلعالم جزءاً مهما من الرتكيب االجتماعي للمجتمع احلديث‪ ،‬ويرى‬
‫مؤسسا النظرية أن لوسائل اإلعالم عالقة باألفراد واجملتمعات‪ ،‬وقد تكون هذه العالقة متيرية أو منتظمة‪ ،‬مباشرة‬
‫أو غري مباشرة‪ ،‬قوية أو ضعيفة‪.‬‬
‫وميكن القول إن نظرية االعتماد على وسائل اإلعالم نظرية بيةية‪ ،‬مبعىن أهنا تركز على العالقات بني النظم‬
‫ومكوناهتا‪ ،‬وتنظر إىل اجملتمع باعتباره جمتمعاً مركباً من جمموعة من األفراد‪ ،‬وليس من فرد واحد‪ ،‬وهي تبحث يف‬
‫العالقة اليت تربط هؤالء األفراد مع بعضهم البعض‪ .‬ومن مث حتاول تفسري سلوك كل جزء من تركيب هذا اجملتمع‬
‫على حدة‪ ،‬ملعرفة ارتباط هذه العالقات مع بعضها البعض‪.‬‬
‫ويذكر حممود إمساعيل أن نظرية االعتماد تعد نظرية شاملة‪ ،‬حيث تقدم نظرية كلية للعالقات بني االتصال‬
‫والرأي العام‪ ،‬وتتجنب األسةلة اليسرية ذات العالقة بتأثري وسائل اإلعالم يف اجملتمع‪ ،‬كما يذكر أن أهم إضافة‬
‫للنظرية هي أن اجملتمع يؤثر يف وسائل اإلعالم‪ ،‬وهذا يعكس امليل العلمي السائد يف العلوم االجتماعية احلديثة‬
‫وهو امليل إىل احلياة على أهنا منظومة مركبة من العناصر املتفاعلة‪ ،‬وليست مناذج منفصلة من األسباب والنتائج‪.‬‬

‫إفتراضات النظرية‬
‫‪ 1-‬يرتاوح تأثري وسائل اإلعالم بني القوة والضع تبعا للظروف احمليطة‪ ،‬واخلربات السابقة‪.‬‬
‫‪2-‬نظام وسائل اإلعالم جزء من النسق االجتماعي للمجتمع‪ ،‬وهلذا النظام عالقة باألفراد واجلماعات والنظم‬
‫االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫‪ 3-‬استخدام وسائل اإلعالم ال حيدث مبعزل عن تأثريات النظام االجتماعي الذي يكون فيه اجلمهور ووسائل‬
‫االتصال‪.‬‬
‫‪4-‬استخدام اجلمهور لوسائل اإلعالم وتفاعله معها يتأثران مبا يتعلمه الفرد من اجملتمع ومن وسائل االتصال‬
‫ويتأثر الفرد مبا حيدث نتيجة تعرضه لوسائل االتصال‪.‬‬

‫ركائزالنظرية‬
‫تشرتط النظرية شرطني أساسني حىت يكون هناك اعتماد متبادل بني اجلمهور‪ ،‬ووسائل اإلعالم مها‪:‬‬
‫‪1-‬إذا قامت وسائل اإلعالم بتحقيق وظائ مهمة للمجتمع زاد اعتماد اجملتمع على وسائل اإلعالم‪ .‬فنذا‬
‫قامت وسائل اإلعالم بعمل الوظائ املناطة هبا‪ ،‬وأصبح بنمكاهنا إشباع حاجات اجلمهور زاد ذلك من اعتماد‬
‫اإلعالم‪.‬‬ ‫وسائل‬ ‫على‬ ‫اجلمهور‬
‫‪ 2-‬ارتفاع حدة الصراع يف احلروب مثال‪ ،‬أو التييري السياسي‪ ،‬أو االقتصادي‪ ،‬أو االجتماعي يؤثر على درجة‬
‫اعتماد الفرد على وسائل اإلعالم نتيجة الظرف الذي أوجده الصراع ‪ .‬مبعىن أن الظرف الذي توجده احلروب‬
‫أو التييريات السياسية أو االقتصادية يؤثر على كثافة اعتماد اجلمهور على وسائل اإلعال ‪ .‬وأبرز مثال لذلك هو‬
‫حرب اخلليج الثالثة‪ ،‬أو العمليات اإلرهابية يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫فهناك جماالت عديدة يعتمد ف يها اجلمهور على معلومات وسائل اإلعالم لتلبية احتياجاهتم املعرفية عن العامل وعن‬
‫اجملتمع احمليط‪.‬‬
‫وتتحكم وسائل اإلعالم في ثالثة أمور هي‪:‬‬
‫‪1-‬جمع المعلومات‪ :‬مبعىن مجع املعلومات من مصادرها أو أماكن حدوثها‪ ،‬ومن مث إرساهلا إىل املؤسسة‬
‫اإلعالمية‪.‬‬
‫‪2-‬تنسيق المعلومات‪ :‬فنذا استقبلت املؤسسة اإلعالمية هذه املعلومات‪ ،‬وتكون يف بعض األحايني مستقبلة‬
‫من أكثر من مصدر‪ ،‬مثل املراسلني‪ ،‬وكاالت األنباء‪ ،‬اإلنرتنت‪ .‬تبدأ عملية فرز وتنسيق املعلومات بصورة إعالمية‪.‬‬
‫‪3-‬نشر المعلومات وتوزيعها بصورة جماهيرية‪ :‬وهذا هو السبب املهم يف مجع املعلومات‪ ،‬وذلك خلدمة هدف‬
‫املؤسسة‪ ،‬وهو التأثري يف اجلمهور من خالل املعلومات اليت تصل إليه من املؤسسة اإلعالمية‪.‬‬

‫حدود النظرية و تداخلها مع النظريات األخرى‬


‫تتداخل نظرية االعتماد على وسائل اإلعالم مع بعض نظريات التأثري السالفة الذكر‪ ،‬وهذا التداخل قد‬
‫يكون يف الفروض‪ ،‬أو يف طبيعة العالقة بني األنظمة االجتماعية ووسائل اإلعالم‪ ،‬أو يف احملاور اليت ترتكز عليها‬
‫النظريات اإلعالمية‪ ،‬أو يف التأثري الذي حتدثه وسائل اإلعالم يف اجلمهور‪.‬‬
‫وتصن نظرية االعتماد من ضمن النظريات ذات التأثري املعتدل لوسائل اإلعالم‪ ،‬شأهنا يف ذلك شأن‬
‫نظريات ترتيب األولويات‪ ،‬واالستخدامات واإلشباعات‪ ،‬وهذه النظريات تنطلق من فرضية مشرتكة‪ ،‬هي أن‬
‫لوسائل اإلعالم تأثرياً يرتاوح بني القوة والضع ‪ ،‬واملباشر وغري املباشر‪ ،‬وتدرس هذه النظريات جانبني رئيسني‪:‬ماذا‬
‫تفعل الوسائل باجلمهور؟ وماذا يفعل اجلمهور بالوسائل؟‪.‬‬

‫وبناءً على ما ذكر آنفاً ميكن القول إن نظرية االعتماد تتداخل مع نظرية االستخدامات واإلشباعات يف أن‬
‫اجلمهور يعتمد على معلومات وسائل اإلعالم لتحقيق حاجاته‪ ،‬وللحصول على أهداف معينة‪ ،‬وتتداخل مع‬
‫نظرية اليرس الثقايف يف أن كالً منهما يسعى إىل تكوين اآلراء‪ ،‬واالجتاهات من خالل مداومة اجلمهور على متابعة‬
‫وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫تأثير وسائل اإلعالم في الجمهور نتيجة االعتماد عليها‬


‫يشري صاحبا النظرية إىل اآلثار احملتملة نتيجة اعتماد الفرد على سائل اإلعالم من خالل ‪ 3‬فةات‬
‫رئيسية‪:‬األثار املعرفية و الوجدانية و السلوكية‪.‬‬
‫أوال‪:‬اآلثار المعرفية‪:‬تشتمل على ‪ 4‬أمور‬
‫أ‪-‬كشف الغموض‪ :‬فاليموض ناتج عن نقص معلومات يف حدث معني يرتتب عليه عدم معرفة التفسري‬
‫الصحيح للحدث من قبل اجلمهور‪ .‬وتكش وسائل اإلعالم اليموض من خالل تقدمي التفسري الواضح للحدث‬
‫أو زيادة املعلومات يف هذه احلادثة ‪.‬‬
‫ب ‪:‬تكوين االتجاه‪ّ :‬‬
‫تكون وسائل اإلعالم االجتاه لدى اجلمهور مع عدم إغفال الدور االنتقائي للفرد يف تكوين‬
‫االجتاه لديه‪ ،‬كما يف مثل مشكالت البيةة والرتبية‪.‬‬
‫ت‪-‬ترتيب األولويات‪ :‬وهلذا األثر نظرية مستقلة حتمل االسم نفسه‪ ،‬حيث إن وسائل اإلعالم تربز قضايا‪،‬وختفي‬
‫أخرى مما يشكل أمهية لدى اجلمهور من جراء تسليط اإلعالم الضوء على قضية دون أخرى‪.‬‬
‫ج‪-‬اتساع االهتمامات‪ :‬وذلك أن وسائل اإلعالم تعلم اجلمهور أشياء ومعارف ال يدركوهنا من قبل‪ ،‬مما يشكل‬
‫هلم أمهية ‪ .‬وذلك مثل احلرية يف التعبري‪ ،‬وأمر املساواة‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬اآلثار الوجدانية‪:‬و تشمل ‪ 3‬عناصر‬


‫أ‪-‬الفتور العاطفي‪ :‬فكثرة التعرض لوسائل اإلعالم يؤدي بالفرد إىل الشعور بالفتور العاطفي‪ ،‬وعدم الرغبة يف‬
‫مساعدة اآلخرين‪ ،‬وهذا نتيجة التعرض ملشاهد العن اليت تصيب الفرد بالتبلد‪.‬‬
‫ب‪-‬الخوف و القلق‪ :‬يفرتض أن التعرض ملشاهد العن يصيب الفرد املتلقي باخلوف‪ ،‬والقلق‪ ،‬والرعب من‬
‫الوقوع يف هذه األعمال‪ ،‬أو أن يكون ضحية هلا‪.‬‬
‫ت‪-‬الدعم المعنوي‪ :‬وذلك أن وسائل اإلعالم عندما تقوم بأدوار اتصال رئيسة ترفع الروح املعنوية لدى اجلمهور‬
‫نتيجة اإلحساس بالوحدة‪ ،‬واالندماج يف اجملتمع‪ ،‬والعكس عندما ال تعرب وسائل اإلعالم عن ثقافته‪ ،‬وانتمائه‬
‫فيحس بنحساس اليربة‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬اآلثار السلوكية‪:‬متّ حصرها يف أمرين‪:‬‬
‫أ‪-‬التنشيط‪ :‬ويعين به قيام الفرد بنشاط ما نتيجة التعرض لوسائل اإلعالم‪ ،‬وهذا هو املنتج النهائي لربط اآلثار‬
‫املعرفية بالوجدانية‪.‬‬
‫ب‪-‬الخمول‪ :‬ويعين هذا العزوف عن العمل‪ ،‬ومل حيظ هذا اجلانب بالدراسة الكافية‪ ،‬وحيدث العزوف نتيجة‬
‫التيطية املبالغ فيها‪ ،‬مما يسبب امللل‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫اآلثار اليت حتدثها وسائل اإلعالم يف اجلمهور نتيجة االعتماد عليها مرتبطة باستقرار اجملتمع وعدم تعرضه‬
‫لصراعات أو اهتزازات يف العالقات االجتماعية بني األفراد‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تعمل وسائل‬
‫اإلعالم يف اجملتمع الذي توجد فيه الصراعات أو التفكك االجتماعي أكثر من اجملتمع املستقر‪ .‬كما أن وسائل‬
‫اإلعالم من األدوات اليت تسهم يف استقرار اجملتمع أو تفككه‪ ،‬وهذان األمران ‪ -‬استقرار اجملتمع‪ ،‬وعمل وسائل‬
‫اإلعالم بالوجه املطلوب‪ -‬يسهمان بشكل فاعل يف درجة اعتماد اجلمهور على معلومات وسائل اإلعالم اليت تؤثر‬
‫وسلوكية‪.‬‬ ‫وعاطفية‬ ‫معرفية‬ ‫آثاراً‬ ‫اجلمهور‬ ‫يف‬ ‫بدورها‬ ‫هي‬

‫المحاضرة الرابعة‪ :‬القائم باالتصال و نظرية حارس البوابة‬

‫مقدمة‬
‫أصبحت املؤسسات اإلعالمية يف القرن احلادي والعشرين شبكات اتصال ضخمة تتصارع داخلها‬
‫املصاحل‪ ،‬كما أن كل مؤسسة هي يف حد ذاهتا نظام معقد للسلطة والنفوذ واملراكز‪ ،‬وحينما ندرس ما حيدث داخل‬
‫الصحيفة أو حمطة اإلذاعة أو حمطة التليفزيون نشعر بالدهشة من مدى تعقد وتشابك أعماهلا‪ .‬ففي داخل تلك‬
‫املؤسسات اإلعالمية تتخذ يومياً‪ ،‬بل ويف كل دقيقة‪ ،‬قرارات مهمة وخطرية‪.‬ونظراً ألمهية تلك القرارات بالنسبة‬
‫للجماهري جيب أن نعرف األسلوب الذي يتم مبقتضاه اختاذ القرارات‪ ،‬واملراكز أو املناصب اليت تنفذ فعالً تلك‬
‫القرارات‪ ،‬وطبيعة القائم باالتصال‪ ،‬واألمور اليت تؤثر على اختيار املواد اإلعالمية‪ ،‬والقيم واملستويات اليت يعتنقها‬
‫القائمون باالتصال‪.‬‬
‫والواقع أنه من الصعب علينا أن نفسر السبب يف إمهال الباحثني حىت وقت قريب لدراسة ما حيدث‬
‫داخل املؤسسات اإلعالمية ودراسة القائمني باالتصال‪ .‬وعلينا أن نعرتف‪ ،‬عند حتديد تأثري الرسالة اإلعالمية‪ ،‬بأن‬
‫القائم باالتصال ال يقل أمهية من مضمون الرسالة‪.‬ليس معىن هذا أن الباحثني مل يكتبوا عن رجال األعالم‬
‫القدامى‪ ،‬فالواقع أن تاريخ الصحافة حافل بتاريخ حياة أعالم الصحافة‪.‬كذلك تقوم اجلامعات بتدريس ما حيدث‬
‫داخل املؤسسة االعالمية أو أسلوب عملها لطلبة الصحافة‪.‬ولكن الذي نقصده هنا القيام بتحليل وسائل األعالم‬
‫كمؤسسات هلا وظيفة اجتماعية ودراسة دور ومركز العامل بالصحيفة‪ ،‬أي الصحفي‪ ،‬والظروف أو العوامل اليت‬
‫تؤثر على اختيار مضمون الصح ‪.‬فاألخبار هي ما يصنعه الصحفيون‪ ،‬ولكن كي يصنع أولةك الصحفيون‬
‫األخبار ؟!‪ ..‬وما هي االلتزامات املهنية أو األخالقية اليت يفرضها الصحفي على نفسه‪ ،‬وما هي طبيعة السيطرة‬
‫البريوقراطية اليت تفرض نفسها عليه من قبل املؤسسة اليت يعمل يف إطارها؟‬
‫بدايات دراسات القائم باالتصال‬
‫والواقع أن أول دراسة تتناول بالشرح قطاعا من القائمني باالتصال باملعىن الذي نقصده‪ ،‬هي دراسة‬
‫روستن اليت ظهرت يف الواليات املتحدة حتت عنوان ((مراسلي واشنطن )) سنة ‪ 1731‬وتعترب دراسة‬
‫كالسيكية عن سيكولوجية املراسل الصحفي‪.‬ولكن يف سنة ‪ 1741‬نشرت جملة (الصحافة) ربع السنوية‬
‫اليت تصدر يف والية أيوا بالواليات املتحدة دراسة مهمة عن العاملني جبريدة ملواكي‪ ،‬وكان من املمكن‬
‫أن تفتح هذه الدراسة الباب إلجراء دراسات مماثلة عن املؤسسات اإلعالمية األخرى‪،‬ولكن مضت فرتة‬
‫طويلة دون أن تظهر أحباث تتناول بالدراسة القائمني باالتصال ومؤسساهتم‪ ،‬حىت نشر الباحث األمريكي‬
‫ديفيد مانج وايت دراسته ((حارس البوابة وانتقاء األخبار )) اليت أعطت دفعة قوية للبحث يف هذا‬
‫‪.‬‬ ‫املهم‬ ‫اجملال‬
‫ويرجع الفضل إىل عامل النفس النمساوي األصل‪ ،‬األمريكي اجلنسية (كرت لوين) يف تطوير ما‬
‫أصبح يعرف بنظرية (حارس البوابة ) اإلعالمية‪ ،‬فدراسات لوين تعترب من أفضل الدراسات املنهجية يف‬
‫‪.‬‬ ‫البوابة‬ ‫حراسة‬ ‫جمال‬
‫يقول لوين‪ :‬أنه على طول الرحلة اليت تقطعها املادة اإلعالمية حىت تصل إىل اجلمهور هناك نقاط‬
‫أو (بوابات ) يتم فيها اختاذ قرارات مبا يدخل وما خيرج‪ ،‬وأنه كلما طالت املراحل اليت تقطعها األخبار‬
‫حىت تظهر يف وسيلة اإلعالم‪ ،‬ازدادت املواقع اليت يصبح فيها متاحاً لسلطة فرد أو عدة أفراد تقرير ما إذا‬
‫كانت الرسالة ستنتقل بنفس الشكل أو إدخال بعض التييريات عليها‪ ،‬هلذا يصبح نفوذ من يديرون هذه‬
‫البوابات والقواعد اليت تطبق عليها‪ ،‬والشخصيات اليت متلك حبكم عملها سلطة التقرير‪ ،‬يصبح نفوذهم‬
‫كبرياً يف انتقال املعلومات ‪.‬إن دراسة (حارس البوابة) هي يف الواقع دراسة جتريبية ومنتظمة لسلوك أولةك‬
‫األفراد الذين يسيطرون يف نقاط خمتلفة‪ ،‬على مصري القصص اإلخبارية‪.‬‬

‫من هم حراس البوابة ‪GATE KEEPERS‬؟‬


‫هم الصحفيون الذين يقومون جبمع األنباء‪ ،‬وهم مصادر األنباء الذين يزودون الصحفيني باألنباء‬
‫وهم أفراد الذين يؤثرون على إدراك واهتمام أفراد آخرين من اجلمهور للمواد اإلعالمية‪ ،‬كل أولةك حراس‬
‫بوابة‪ ،‬يف نقطة ما‪ ،‬أو مرحلة ما من املراحل اليت تقطعها األنباء ‪.‬‬
‫وقد أُجريت يف اخلمسينيات‪ ،‬من القرن العشرين‪ ،‬سلسلة من الدراسات املهمة ركزت على اجلوانب‬
‫األساسية لعملية (حراسة البوابة ) دون أن تستخدم بالضرورة هذا االصطالح‪ ،‬وقدمت تلك الدراسات‬
‫حتليالً وظيفياً ألساليب السيطرة أو التحكم التنظيمي واالجتماعي يف حجرة األخبار‪ ،‬واإلدراك املتناقض‬
‫لدور ومركز أو وضع العاملني باجلريدة ومصادر أخبارهم‪ ،‬والعوامل اليت تؤثر على اختيار احملررين وعرضهم‬
‫لألخبار‪ ،‬قام هبذه الدراسات جمموعة من الباحثني األمريكيني أمثال وارن بريد جاد‪ ، Breed‬روى كارتر‬
‫‪ ،Carter‬وستارك‪ ، Stark‬وجيرب ‪ Gieber‬وروبرت جاد ‪ Judd‬ووايت‪ ، White‬وكن مكرورى ‪Macrorie‬‬
‫وغريهم ‪.‬‬
‫ونشر الباحث األمريكي شارنلي ميتشل يف سنة ‪ 1751‬دراسة عن حجرات األخبار اإلذاعية‬
‫واألفراد الذين يعملون هبا‪ ،‬كما نشر الباحث سابين دراسة عن كتّاب االفتتاحات يف والية أوريجون‪.‬‬
‫وقدم لورنس دراسة عن محرري كنساس‪ .‬وقد خلص الباحث األمريكي ولتر جيبر يف مقالته ((األخبار‬
‫هي ما يجعلها الصحفيون أخباراً )) نتائج األحباث األساسية اليت أُجريت على حراس البوابة‪.‬‬
‫ومن أعمق الدراسات اليت أجريت على القائمني باالتصال والقوى االجتماعية اليت تؤثر على‬
‫العاملني يف الصح ‪ ،‬الدراسة اليت قدمها وارين بريد سنة ‪1755‬م‪ ،‬فقد وجد بريد أن هناك أدلة تشري‬
‫إىل وجود عملية تأثري يسيطر أو يهيمن مبقتضاها مضمون الصح الكبرية‪ -‬أو احملطات اإلذاعية‬
‫والتلفزيونية حالياً‪ -‬ذات املركز املرموق (صح الصفوة) تؤثر على الطريقة اليت تعاجل هبا الصح‬
‫الصيرية‪ ،‬األخبار واملوضوعات املهمة‪(،‬أي أن الكبري يبتلع الصيري كما يقال يف عامل البحار)‪ ،‬وال شك‬
‫أن هذا حيرم وسائل اإل عالم اجلماهريية من التييري والتنويع وتعدد اآلراء الذي يساعد على تكوين رأي‬
‫عام واع‪.‬‬
‫كما قام سنة ‪ 1751‬بعمل دراسة عن محرري األنباء الخارجية يف ‪ 11‬جريدة يومية‬
‫بواليةوسكونسن‪،‬تستقبل أنباء وكالة أسوشيتدبرس فقط ‪.‬‬
‫وقد أظهرت دراسات جيبر أنه إذا كان احملرر خيتار عينة ممثلة مما يصله من أنباء ميكن أن نقول أنه‬
‫قد ُوفِق يف أداء عمله‪ ،‬وقال أنه ميكن‪ ،‬عن طريق مالحظة األسلوب الذي خيتار مبقتضاه احملرر أنباءً لفرتة‬
‫ال تزيد عن أيام قليلة أن نتنبأ مبا قد خيتاره يف يوم آخر‪،‬وكان األمر املشرتك بني مجيع حمرري األنباء‪،‬الذين‬
‫الحظهم جيرب‪ ،‬هو أن الضيوط اليت يفرضها الواقع البريوقراطي‪ ،‬والعمل يف حجرة األخبار يعترب من أقوى‬
‫العوامل تأثرياً‪ ،‬فمحرر األنباء اخلارجية يعمل دائماً حساباً للضيوط امليكانيكية يف عملة أكثر مما تشيله‬
‫املعاين االجتماعية ووقع األخبار‪ ،‬باختصار‪،‬كانت ظروف إخراج الصحيفة والروتني البريوقراطي‬
‫والعالقات الشخصية يف داخل حجرة األخبار تؤثر أساساً على عمل ذلك احملرر‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫القلق‬ ‫على‬ ‫تبعثان‬ ‫حقيقتني‬ ‫جيرب‬ ‫دراسات‬ ‫أظهرت‬ ‫وقد‬
‫أوالً‪ :‬أن حمرر األنباء اخلارجية هو كائن سلبيا وال يلعب دورا فعاال كقائم باالتصال‪ ،‬فهو ال يدرس‬
‫بشكل انتقادي األنباء اليت تصله‪.‬وهناك بعض الدالئل اليت تشري إىل أن حمرر األنباء اخلارجية كصحفي‬
‫يعمل مالزما ملكتبه‪ ،‬وقد ختتل دوافعه عن املخرب الذي ينتقل من مكان إىل آخر‪ ،‬لكي جيمع‬
‫األخبار‪،‬ويؤثر هذا بالتايل على ما خيتاره ذلك احملرر من أنباء‪ ،‬ورمبا كان حمرر األنباء اخلارجية‬
‫كسوالً‪،‬أو أصبح كسوالً ألن رؤساءه ال يشجعونه على أن يصبح أكثر نشاطاً‪ ،‬وبشكل عام فهذا احملرر‬
‫ال خيتار برقياته بشكل يظهر أنه يقيّم ما يقدمه بشكل نقدي‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن حمرر األنباء اخلارجية‪ ،‬كقائم باالتصال‪ ،‬ليس لديه إدراك حقيقي لطبيعة مجهوره‪ ،‬وهلذا فهو ال‬
‫يتصل بذلك اجلمهور يف واقع األمر‪ ،‬وإذا كانت املهمة األساسية للصحيفة هي تقدمي تقرير هادف عن‬
‫الظروف احمليطة‪ ،‬من أجل خدمة القارئ‪ ،‬فيمكن أن نقول أن هذه املهمة كانت تؤدى فقط بالصدفة ‪.‬‬
‫فالصحيفة مل تعد تدرك أن هدفها احلقيقي هو(خدمة) مجهور معني أو اجلمهور بشكل عام‪.‬‬
‫األخبار اليت‬ ‫حتذف الصح‬ ‫وقد استخدم بريد يف دراسة أخرى التحليل الوظيفي ليظهر كي‬
‫هتدد النظام االجتماعي والثقايف أو هتامجه‪ ،‬ويقول بريد أن سياسة الناشر هي اليت تطبق يف العادة يف أي‬
‫صحيفة‪ ،‬بالرغم من مظاهر املوضوعية يف اختيار األخبار‪ ،‬لذلك يعيد احملرر حتديد وتشكيل قيمه حبيث‬
‫حتقق له أكرب منفعة‪ ،‬ومن هذه الدراسة استنتج بريد أن الظروف الثقافية اليت حتيط بالصحفي يف حجرة‬
‫األخبار ال تؤدي إىل نتائج تفي باالحتياجات األوسع للدميقراطية‪ ،‬وقد استخدم الباحث األمريكي‬
‫املشهور سوانسون أساليب املالحظة املباشرة واالستفسار ليحصل على معلومات عن معتقدات العاملني‬
‫يف جريدة يومية صيرية وخصائصهم الشخصية‪ ،‬كذلك درس بروس وستلي أيضاً حمرري األخبار اخلارجية‬
‫يف صح والية وسكونسن باستخدام سلّم (قياس القيم) الذي قارن به القيم اليت يعتنقها أولةك‬
‫احملررون واليت تؤثر على اختيارهم لألخبار‪ ،‬وتعترب دراسة بروس وستلي ومالكلوم ماكلين عن القائمني‬
‫باالتصال‪ ،‬والتفرقة بني أدوار االتصال املختلفة‪ ،‬من الدراسات املهمة يف هذا اجملال‪ ،‬واملالحظ أنه يوجد‬
‫يف كل هذه الدراسات عنصر واحد مشرتك‪ ،‬وهو أهنا تركز االهتمام على التفاعل بني األمناط‬
‫واألخالقيات الصحفية املثالية واألساليب االجتماعية والتنظيمية املقررة يف اجملتمع األكرب‪ ،‬يف ظروف‬
‫متنوعة‪ ،‬وأوضاع خمتلفة‪،،‬وهلذه الدراسات فوائد كثرية لوسائل األعالم واملهنيني ألهنا تساعد على الوصول‬
‫إىل أحكام أكثر ذكاء عن العاملني بالوسيلة اإلعالمية‪ ،‬يف اإلطار االجتماعي املباشر‪ ،‬كما تربز كثرياً من‬
‫األسةلة املهمة اليت جيب أن نتوصل إىل إجابات عليها‪.‬‬

‫نظرية حارس البوابة اإلعالمية‬


‫متر الرسالة مبراحل عديدة‪ ،‬وهي تنتقل من املصدر حىت تصل إىل املتلقي‪ ،‬وتشبه هذه املراحل‬
‫السلسلة املكونة من عدة حلقات‪ ،‬أي وفقاً الصطالحات هذه النظرية فأن املعلومات يف عملية االتصال‬
‫هي جمرد سلسلة تتصل حلقاهتا ‪.‬وأبسط أنواع السالسل هي سلسلة االتصال املباشر املواجهي‪ ،‬من فرد‬
‫إىل آخر‪ ،‬ولكن هذه السالسل يف حالة االتصال اجلماهريي تكون طويلة ومعقدة جداً‪ ،‬ألن املعلومات‬
‫اليت تدخل شبكة اتصال معقدة مثل اجلريدة‪ ،‬أو حمطة اإلذاعة أو التلفزيون‪ ،‬عليها أن متر بالعديد من‬
‫احللقات أو األنظمة املتصلة‪ ،‬فاحلدث الذي حيدث يف العراق مثالً‪ ،‬مير مبراحل عديدة قبل أن يصل إىل‬
‫القاريء يف أمريكا أو أوربا أو الشرق األوسط‪ ،‬وجند قدر املعلومات اليت خترج من بعض تلك احللقات‬
‫أو األنظمة أكثر مما يدخل فيها‪ ،‬لذلك يسميها (شانون) أجهزة تقوية‪ ،‬فأجهزة التقوية أي وسائل‬
‫األعالم تستطيع أن تصنع يف نفس الوقت عدداً كبرياً جداً من الرسائل املتطابقة‪ ،‬مثل نسخ‬
‫الصح ‪ ،‬وتوصلها للجمهور‪ ،‬كما توجد يف هذا النوع من السالسل شبكات معينة من األنظمة داخل‬
‫األنظمة‪ ،‬فوسائل اإلعالم نفسها هي شبكات من األنظمة املتصلة بطرق معقدة‪ ،‬حبيث تقوم بوظيفة فك‬
‫الرموز أو الشيفرة والتفسري وختزين املعلومات‪ ،‬مث وضعها مرة أخرى يف رموز‪ ،‬وهي الوظيفة اليت يؤديها كل‬
‫القائمني باالتصال‪ ،‬كذلك فنن الفرد الذي يتلقى رسائل وسائل األعالم هو جزء من شبكة عالقات‬
‫موجودة داخل اجلماعة‪ ،‬ويعاون أُسلوب عمل هذه الشبكة واقع اجملتمع الذي ترتفع فيه نسبة املتعلمني‬
‫ودرجة التصنيع‪ ،‬حيث يزداد اعتماده على سالسل وسائل األعالم‪،‬أما اجملتمع الذي تنخفض فيه نسبة‬
‫املتعلمني ودرجة التصنيع(البدائي) فتنتقل فيه غالبية املعلومات عن طريق سالسل االتصال الشخصي ‪.‬‬
‫ومن األمور اجلديرة باملالحظة أنه يف اجملتمعات اليت ختضع فيها وسائل األعالم للممراقبة‪ ،‬يبدأ‬
‫األفراد يف التشكيك يف صدق ما تنشره وسائل االتصال اجلماهريية‪ ،‬لذلك تصبح سالسل االتصال‬
‫الشخصي املواجهي‪ ،‬من فرد إىل فرد‪ ،‬مهمة جداً‪ ،‬وطويلة جداً‪ ،‬وتتطور جبوار سالسل وسائل األعالم‬
‫اجلماهريية‪ ،‬ويف هذه احلالة جند أن سالسل االتصال الشخصي‪ ،‬اليت تنقل اإلشاعات واألقاويل‬
‫واملعلومات اخلفية‪ ،‬جبميع أنواعها ‪ -‬من فرد إىل فرد ‪ -‬تقوم بالرقابة على وسائل األعالم‪ ،‬وتكملة نواحي‬
‫‪.‬‬ ‫فيها‬ ‫النقص‬
‫وجيب أن نعرف كي تعمل سالسل االتصال‪ ،‬وكي تنتقل املعلومات يف مجيع أحناء اجملتمع‪ ،‬فمن‬
‫احلقائق األساسية اليت أشار أليها العامل (كرت لوين) أن هناك‪ ،‬يف كل حلقة‪ ،‬ضمن السلسلة‪ ،‬فرد‬
‫ما‪ ،‬يتمتع باحلق يف أن يقرر ما إذا كانت الرسالة اليت تلقاها‪ ،‬سينقلها أو لن ينقلها‪ ،‬وما إذا كانت تلك‬
‫الرسالة ستصل إىل احللقة التالية‪ ،‬بنفس الشكل الذي جاءت به‪ ،‬أم سيدخل عليها بعض التييريات‬
‫والتعديالت‪ .‬وحراسة البوابة تعين السيطرة على مكان اسرتاتيجي يف سلسلة االتصال‪ ،‬حبيث تصبح‬
‫حلارس البوابة سلطة اختاذ القرار‪ ،‬فيما سيمر من خالل بوابته‪ ،‬وكي سيمر‪ ،‬حىت يصل يف النهاية إىل‬
‫‪.‬‬ ‫اجلمهور‬ ‫إىل‬ ‫ومنها‬ ‫اإلعالمية‪،‬‬ ‫الوسيلة‬

‫يقول لوين أن املعلومات متر مبراحل خمتلفة حىت تظهر على صفحات اجلريدة أو اجمللة أو يف وسائل‬
‫األعالم اإللكرتونية‪ ،‬وقد مسي لوين هذه املراحل ((بوابات)) وقال أن هذه البوابات تقوم بتنظيم كمية‬
‫أو قدر املعلومات اليت ستمر من خالهلا‪ ،‬وقد أشار لوين إىل فهم وظيفة ((البوابة ))يعين فهم املؤثرات‬
‫البوابة‪.‬‬ ‫حارس‬ ‫يصدرها‬ ‫اليت‬ ‫القرارات‬ ‫يف‬ ‫تتحكم‬ ‫اليت‬ ‫العوامل‬ ‫أو‬
‫مبعىن آخر‪ ،‬هناك جمموعة من حراس البوابة يقفون يف مجيع مراحل السلسلة اليت يتم مبقتضاها نقل‬
‫املعلومات‪ ،‬ويتمتع أولةك احلراس باحلق يف أن يفتحوا البوابة أو ييلقوهنا أمام أي رسالة تأيت إليهم‪ ،‬كما‬
‫أن من حقهم أجراء تعديالت على الرسالة اليت ستمر‪،‬على سبيل املثال‪ ،‬يستطيع أي فرد أن يقرر ما إذا‬
‫كان سيكرر أو يردد إشاعة معينة أو ال يرددها‪ ،‬وحنن نعلم أن اإلشاعات حينما تنتقل من فم إىل فم‬
‫تطرأ عليها ‪ -‬يف اليالب ‪ -‬بعض التييريات وتتلون باالهتمامات اخلاصة للفرد الذي يقوم بنقلها‬
‫وحينما تطول السلسلة‪ ،‬جند أن بعض املعلومات اليت خترج من هنايتها ال تشبه املعلومات اليت دخلتها يف‬
‫البداية‪ ،‬إال يف نواح قليلة‪ ،‬فنذا أخذنا يف االعتبار ما حيدث يف السالسل اليت حتمل األخبار حول‬
‫العامل‪ ،‬وتتبعنا خرباً من األخبار ينتقل‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬من اليابان أو اهلند إىل مدينة يف إحدى واليات‬
‫أمريكا‪ ،‬نالحظ أنه مير مبراحل كثرية‪..‬أول حارس بوابة يف هذه احلالة هو الفرد الذي يالحظ احلدث‬
‫وقت وقوعه‪ ،‬ولنفرتض أن الذي حدث كارثة طبيعية‪ ،‬هذا الفرد ينتقي ‪ -‬بال شعور‪ -‬أشياء معينة‬
‫يالحظها‪ ،‬وال يالحظ أشياء أخرى‪ ،‬أي يرى أشياء وييفل أشياء أخرى‪ ،‬وقد يتحدث ويشري إىل نواحي‬
‫ويهمل نواحي أخرى‪ .‬بعد حارس البوابة األول هذا يأيت حارس البوابة الثاين‪ ،‬وهو املخرب الصحفي الذي‬
‫حيصل على اخلرب من شاهد العيان‪ ،‬أي الفرد الذي شاهد احلدث نفسه‪ ،‬وقد يتصل الصحفي بأكثر من‬
‫يكون فكرة كاملة عن احلادث‪ ،‬ويف مجيع احلاالت‪ ،‬يقوم املخرب هو اآلخر‪ ،‬بانتقاء‬ ‫شاهد عيان لكي ّ‬
‫أو اختيار احلقائق اليت سينقلها‪ ،‬واحلقائق اليت سيهملها‪ ،‬فهو الذي سيقرر اجلوانب اليت سيختارها وحيدد‬
‫‪.‬‬ ‫للحدث‬ ‫سيعطيها‬ ‫اليت‬ ‫األمهية‬ ‫مدى‬

‫بعد ذلك يسلم املخرب اخلرب إىل مكتب وكالة األنباء اليت يتبعها‪ ،‬ويف الوكالة يقوم حمرر آخر باختاذ‬
‫قرار معني‪ ،‬عن تلك القصة اإلخبارية‪ ،‬فيقرر ما إذا كان سيختارها من مةات األنباء لكي ينقلها تليرافيا‬
‫إىل املشرتكني يف الوكالة أم خيتصرها أم يضي إليها أم ييريها أم ينقلها كما هي‪ ،‬وبعد ذلك يأيت دور‬
‫حمرر األخبار اخلارجية الذي يتلقى الربقيات يف اجلريدة‪ ،‬ويقرر مدى األمهية اليت سيعطيها للقصة‬
‫اإلخبارية‪ ،‬وبالتايل املساحة اليت جيب أن ختصص هلا‪ ،‬فاملشكلة أن هناك باستمرار أخباراً أكثر مما ميكن‬
‫إرساهلا‪ ،‬وأخباراً أكثر مما ميكن نشرها‪ ،‬لذلك البد يف النهاية من االختيار بني املواد الكثرية اليت تصل‬
‫الوكالة أو الصحيفة أو اإلذاعة‪ ،‬فهذه الوسائل تصلها أنباء ليس فقط من وكاالت األنباء بل من حمررين‬
‫يف مجيع أحناء العامل‪ ،‬ومن صح أخرى‪ ،‬ومن حمطات إذاعة وتلفزيون عديدة‪ ،‬وحراس البوابة يف مجيع‬
‫تلك املراحل‪ ،‬على طول السلسلة‪ ،‬يسمحون لنسبة حمدودة من آالف املواد اإلعالمية اليت تصلهم‪،‬‬
‫باالنتقال إىل املراحل التالية‪ ،‬ويف النهاية خيتار احملرر يف اجلريدة عشرات األخبار فقط لينقلها إىل‬
‫قرائه‪ ،‬فكل قرار يتخذ بتوصيل أو نقل شيء هو قرار كبت أو إخفاء شيء آخر‪ ،‬وما خيرج أو ُحيجب هو‬
‫تقوم وسائل األعالم‬ ‫نتيجة لعديد من الضيوط املتنافسة‪ ،‬علينا أن حنددها ونوضحها حىت نفهم كي‬
‫بعملها ‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫من الواضح أن حارس البوابة الذي يقول (نعم ) أو (ال) بشأن الرسائل اليت تصله‪ ،‬على طول‬
‫السلسلة‪ ،‬يلعب دوراً مهماً يف االتصال االجتماعي‪ ،‬وبعض حراس البوابة أهم من غريهم‪ ،‬فنجد أن نسبة‬
‫كبرية جداً من السالسل تركز الضوء على بعض األفراد يف اجملتمع‪ ،‬ممن ميكن أن يكون هلم (نفوذ)‬
‫أو (قادة الرأي) أو (الص فوة) الذين يتميزون عن اآلخرين بأهنم يقرأون أكثر ويطلعون على وسائل اإلعالم‬
‫أكثر‪ ،‬وهلم اتصاالت شخصية أوسع من اآلخرين‪ ،‬وهو أمر له أمهية خاصة ألن هؤالء األفراد يتمتعون‬
‫بوابة‪.‬‬ ‫حراس‬ ‫بدورهم‬ ‫األفراد‬ ‫أولةك‬ ‫كبري‪،‬ويعترب‬ ‫باحرتام‬
‫ويف السالسل اإلخبارية‪ ،‬فنن احملرر يف وكالة األنباء واحملرر يف الصخيفة يتلقيان أكرب عدد من الربقيات‬
‫اإلخبارية‪ ،‬ومها مسةوالن عن اختاذ أكرب عدد من القرارات‪ ،‬وهلذا يصبح ألمانة ذلك احملرر وموضوعيته‬
‫ومستوياته اإلخبارية واملهنية‪ ،‬أمهية خاصة‪ ،‬كذلك بالنسبة لقادة الرأي‪ ،‬فنن اتساع معرفتهم وتنمية‬
‫قدراهتم هلا أمهية كبرية‪ ،‬ألن هلم دورا مهماً يف حتديد ما يعرفه الرأي العام ‪.‬‬

You might also like