You are on page 1of 41

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .

‬موسى أبو سويلم‬

‫المساهمة في الشركات المختلطة‬


‫مفهومه وأحكامهـ وضوابطه‬
‫*‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد محمود الصالحين‬
‫*‬
‫د‪ .‬موسى عمير أبو سويلــــــــم‬

‫تاريخ قبول البحث‪4/6/2012 :‬م‬ ‫تاريخ وصول البحث‪21/7/2011 :‬م‬


‫ملخص‬
‫ته دف ه ذه الدراس ة إلى إب راز حكم االس تثمار في الش ركات المختلط ة من خالل ع رض لمفه وم‬
‫الشركات المختلطة‪ ،‬وبيان أقسامها‪ ،‬وتجلية لأدلة تسويغ االستثمار ومناقشتها وصوال إلى بيان الحكم‬
‫الشرعي في ذاك االستثمار مع عرض لحكم تطهير العوائد المتأتية عنه‪ ،‬وبيان موجز لمجاالت ذلك‬
‫التطهير وآلياته‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪This study aims at illustrating the legitimacy of investment in merged firms‬‬
‫‪according to Islamic laws. The study begins with a clear definition of the concept of‬‬
‫‪merged firms and their types. Then, it moves to discuss the possibilities of the‬‬
‫‪investment in such companies in accordance to Sharee’a Laws. It addresses the various‬‬
‫‪cases of investments and explains the Islamic point of view for each case. The study‬‬
‫‪concludes with related issues that might seem problematic to Muslim investors in‬‬
‫‪merged companies.‬‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيد الخلق أجمعين وبعد‪:‬‬
‫فإن االستثمار في الشركات المختلطة هو من المواضيع التي تحظى بأهمية بالغة لما تطرحه من إشكالية تتعلق‬
‫بمج ال عم ل الش ركات المختلط ة ال تي يكتنفه ا ش يء من ج وانب التح ريم ولم ا تث يره من تس اؤالت ح ول ش رعية ه ذا‬
‫االس تثمار وش رعية االنتف اع بالعوائ د المتأتي ة عن ه ذا االس تثمار وم ا يس تجره ذل ك كل ه من تس اؤالت ح ول االنتف اع‬
‫بالمال المحرم ومجاالته‪.‬‬
‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫جاءت هذه الدراسة لتجيب عن التساؤالت المحورية التالية‪:‬‬
‫م ا مفه وم الش ركات المختلط ة؟ وم ا الف رق بينه ا وبين الش ركات الأخ رى ال تي تتمخض مج االت‬ ‫‪-1‬‬
‫اس تثمارها في ج وانب مباحة‪ ،‬أو تل ك ال تي تتج ه اس تثماراتها إلى المج االت ال تي تأباه ا الش ريعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ما مدى شرعية المساهمة في هذه الشركات؟ وما ضوابط هذه المساهمة؟‬ ‫‪-2‬‬
‫ما القواعد والمقاصد الكلية التي تسوغ المساهمة في هذه الشركات ؟‬ ‫‪-3‬‬
‫ما اآلليات التي يمكن اتباعها لتطهير العوائد المتأتية عن هذه االستثمار؟‬ ‫‪-4‬‬

‫أستاذ‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،‬كلية الشريعة‪ ،‬قسم الفقه وأصوله‪.‬‬ ‫*‬

‫أستاذ مساعد‪ ،‬جامعة العلوم اإلسالمية العالمية‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪.‬‬ ‫*‬

‫‪73‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق جملة من الأهداف فيما يأتي أبرزها‪:‬‬
‫‪-1‬تحديد مفهوم دقيق للشركات المختلطة‪.‬‬
‫‪-2‬رصد الأدلة والمناقشات المتداولة في الأدبيات المختلفة في هذا المجال‪.‬‬
‫‪-3‬ع رض آلي ات التطه ير ال تي يمكن انتهاجه ا للتخلص من النس بة المحرم ة في العوائ د المتأتي ة عن االستثمار‬
‫في الشركات المختلطة‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫من الأدبيات المتداولة في مجال االستثمار في الشركات المختلطة جملة من الدراسات والبحوث والتي ركز كل‬
‫منها على بعض جوانب هذه المسألة ومن هذه الدراسات‪:‬‬
‫األسهم المختلطة في ميزان الشريعة‪ ،‬صالح بن مقبل العصيمي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫في حكم تداول األسهم المختلطة‪ ،‬حميش عبد الحق‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مبررات إعادة النظر في مسألة االستثمار في أسهم الشركات التي أصل نشاطها مباح ولكنها تتعامل‬ ‫‪-3‬‬
‫بالفوائد المصرفيه‪ ،‬الشيخ نظام يعقوبي‪.‬‬
‫حكم المساهمة في الشركات المختلطة‪ ،‬أحمد بن ناصر سعيد الغامدي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وقد ركزت هذه الدراسات على جوانب معينة من موضوع المساهمة في الشركات المختلطة الأمر الذي حاولت‬
‫هذه الدراسة تجنبه من خالل التطرق إلى كل المسائل المتعلقة بموضوع االستثمار في الشركات المختلطة ومحاولة‬
‫استقص اء الأدل ة والمناقش ات ال واردة في ه ذا المج ال بالأض افة إلى رص د التط بيق للض وابط الموض وعة ل دى بعض‬
‫الشركات وصوال إلى تفعيل لهذه الضوابط وبيان مدى االختالل الحاصل في تطبيقها‪.‬‬
‫وقد اشتملت هذه الدراسة على مقدمة وثالثة فصول وخاتمة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫المقدمة‪ :‬الفصل التمهيدي‪.‬‬
‫الفصل الأول‪ :‬حكم المساهمة في الشركات المختلطة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ضوابط المساهمة في الشركات المختلطة وتطهير العوائد من النسب المحرمة‪.‬‬
‫وخاتمة وقد تضمنت النتائج والتوصيات التي خلصت إليها الدراسة‪.‬‬
‫واهلل الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫الفصل التمهيدي‪.‬‬
‫لما ك ان الحكم على الش يء فرع اً عن تص وره‪ ،‬ف إن الب احثين لم يجدا ب داً وقبل الول وج في حكم االس تثمار في‬
‫الش ركات المختلطة والح ديث عن ض وابطه ومع اييره‪ ،‬وما يس تتبع ذلك من ح ديث عن آلي ات إحتس اب ال ربح في تلك‬
‫الشركات وكيفية التخلص منه عبر ما يعرف بالتطهير‪ ،‬من إطاللة يسيرة يطل من خاللها الباحث ان على مفهوم األسهم‬
‫وأقسامها وخصائصها‪ ،‬ومفهوم الشركات المختلطة‪ ،‬وذلك من خالل ثالثة مباحث فيما يأتي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم األسهم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أقسام األسهم وخصائصها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مفهوم الشركات المختلطة‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم األسهم‬


‫ال بد وقبل س بر أغوارالش ركات مختلطة األس هم‪ ،‬من توطئة تتض من مفه وم األس هم في اللغة واالص طالح وذلك‬
‫من خالل المطلبين اآلتيين‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األسهم لغةً‪:‬‬
‫لما ك ان الحكم على الش يء فرع اً عن تص وره‪ ،‬ك ان البد من التع رف ولو بإيج از على مع نى األس هم لغ ةً‬
‫واصطالحاً‪.‬‬
‫األسهم في اللغة‪ :‬سهم‪ ،‬مفرد على الجمع‪ :‬أسهم أوسهام‪ ،‬وتعددت استخدامات هذه الكلمة في اللغة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫النصيب(‪ ،)1‬والشيء من األشياء(‪ ،)2‬وهو الواحد من النبل(‪.)3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األسهم إصطالحا‪:‬‬
‫لقد اجتهد االقتص اديون وغ يرهم في إيج اد تعريف إص طالحي لألس هم‪ ،‬وب الرغم من الاختالف اللفظي بينهم في‬
‫تعريفها‪ ،‬إال أن ه ذه التعريف ات تب دو متقاربة وإن اختلفت ألفاظه ا‪ ،‬ومن أهم التعريف ات الجامعة المانعة لألس هم تعريفها‬
‫بأنها‪ :‬صكوك تثبت لحاملها حصة معلومة في رأس مال شركة معينة تثبت لمالكها حقوقاً تجاه تلك الشركة وترتب عليه‬
‫التزامات تجاهها (‪.)4‬‬
‫وواضح من التعريف أن السهم يمثل حصة جزئية مشاعة من رأس مال الشركة‪ ،‬وواضح أيضاً أن امتالك هذا‬
‫السهم يجعل مالكه شريكاً في رأس المال‪ ،‬وأنه يتحمل بقدر حصته ما يلحق هذه الشركة من غرم يتمثل بالخسارة‪،‬‬
‫ويحصل بقدر حصته أيضاً على ما تجنيه من غنم يتمثل في الربح‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أقسام األسهم وخصائصها‬


‫المطلب األول‪ :‬أقسام األسهم‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫يمكن تقسيم األسهم وفق اعتبارات مختلفة وذلك على النحو اآلتي ‪:‬‬
‫أ‪ .‬من حيث طبيعتها‪:‬‬
‫وتقسم بهذا الاعتبار إلى‪:‬‬
‫األسهم النقدية‪ :‬وهي التي تصدرها الشركات مقابل مبلغ من النقود أو هي المغطاة بنقد(‪.)6‬‬ ‫‪.1‬‬
‫األسهم العينية‪ :‬وهي التي تصدرها الشركات مقابل أصل عيني منقول أو ثابت‪ ،‬وهي المغطاة من غير‬ ‫‪.2‬‬
‫(‪)7‬‬
‫نقد‪.‬‬
‫ب‪ .‬باعتبار شكلها‪ ،‬وذلك من خالل ذكر اسم المالك عليها‪ ،‬وتقسم بهذا الاعتبار إلى‪:‬‬

‫(?) ابن منظور‪ ,‬لسان العرب‪ ,‬مادة سهم‪.2/308,‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ابن فارس‪ ,‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬مادة سهم‪.3/111,‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) الفيومي‪ ,‬المصباح المنير‪,‬مادة سهم ‪.1/398‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) أبو النصر‪ ,‬عصام‪ ,‬الحكم الشرعي في تملك األسهم‪ ,‬بحوث مؤتمر األسواق المالية‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.1483‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) أبو النصر‪ ,‬عصام‪ ,‬الحكم الشرعي في تملك األسهم‪ ,‬بحوث مؤتمر األسواق المالية‪,‬ج‪ ,4‬ص‪.1486‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) القرة داغي‪ ,‬علي محي الدين ‪ ,‬حكم االستثمار في األسهم‪ ،‬ط‪ ،2005/‬مطابع الدوحة الحديثة – الدوحة‪ ،‬ص‪.33‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪75‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .1‬األسهم اإلسمية‪ :‬وهي األسهم التي تحمل اسم مالكها‪ ،‬وتثبت ملكيته لها وتنص القوانين التجارية العربية‬
‫على وجوب أن تكون جميع األسهم المصدرة من هذا النوع (‪.)8‬‬
‫‪ .2‬األسهم لحاملها‪ :‬وهي األسهم التي يشار فيها أنها باسم حاملها‪ ،‬وال يجوز أن يذكر فيها اسم المساهم‪،‬‬
‫ولكنها قابلة للتظهير ونقل الملكية دون الرجوع للشركة (‪.)9‬‬
‫ج‪ .‬من حيث الحقوق‪:‬‬
‫يمكن تقسيم األسهم من حيث الحقوق إلى قسمين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬األسهم العادية‪ :‬وهي األسهم المتساوية في الحقوق والقيمة(‪.)10‬‬
‫‪ .2‬األسهم الممتازة‪ :‬وهي األسهم التي يكون لحاملها حق األولوية في الحصول على األرباح‪ ،‬أو أن نسبة‬
‫أرباحه تكون أعلى من أرباح حامل السهم العادي (‪.)11‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص األسهم‪:‬‬
‫تتميز األسهم بخصائص تميزها عن األوراق المالية األخرى‪ ،‬ومن أبرز تلك الخصائص‪:‬‬
‫تس اوى األس هم من حيث القيم ة‪ ،‬وه ذه الخاص ية ب دورها تمنح حامل الس هم حقوق اً متس اويةً مع حامل‬ ‫‪-1‬‬
‫السهم المشابه له‪ ،‬وتسهل كالً من عمليتي فرز األصوات وتداول األسهم‪ ،‬حيث أن الخصائص المتساوية‬
‫تعطي أصواتا متساوية لحاملي تلك األسهم ويكون عدد األصوات المحتسبة للمساهم مساويا لعدد األسهم‬
‫ال تي يحمله ا‪ ،‬كما أن تلك األس هم تس هل عملية الت داول من جهة تس اويها في الثمن األمر ال ذي يجعل‬
‫تداولها سهال‪.‬‬
‫وكذلك عملية توزيع األرباح (‪ .)12‬وأيضا تحمل الخسائر التي قد تقع‪ ،‬كل بحسب حصته من األسهم‪.‬‬
‫إمكانية تداول األسهم بالطرق التجارية كعروض للتجارة‪ ،‬دون التأثير على أعمال الشركة أو الرجوع‬ ‫‪-2‬‬
‫إلى م دخراتها‪ ،‬وتعت بر ه ذه من أهم خص ائص األس هم حيث تعطي حاملها ص الحية التص رف بها دون‬
‫الرجوع إلى الشركة (‪.)13‬‬
‫ذه‬ ‫دم قابلية السهم للتجزئة‪ ،‬حيث أن السهم ال يجوز بأي حال من األحوال تعدد مالكيه‪ ،‬وأهمية ه‬ ‫ع‬ ‫‪-3‬‬
‫الخاص ية تكمن في تس هيل ممارسة حق وق حامل الس هم وبخاصة تلك الحق وق غيرالقابلة للتجزئ ة‪ ،‬كحق‬
‫التصويت وغيره (‪.)14‬‬
‫ال يوجد للسهم تاريخ استحقاق محدد للشركة التي تطرحه‪ ،‬فال تستحق األسهم إال عند توقف الشركة عن‬ ‫‪-4‬‬
‫مزاولة نشاطاتها‪.‬‬

‫(?) حميش‪ ,‬عبد الحق‪ ,‬في حكم تداول األسهم المختلطة‪ ,‬بحوث مؤتمر األسواق المالية‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.1536‬‬ ‫‪8‬‬

‫(?) أبو النصر‪ ,‬عصام‪ ,‬الحكم الشرعي في تملك األسهم‪ ,‬بحوث مؤتمر األسواق المالية‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.1486‬‬ ‫‪9‬‬

‫(?) حميش‪ ,‬عبد الحق‪ ,‬في حكم تداول األسهم المختلطة‪ ,‬بحوث مؤتمر األسواق المالية‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.1537‬‬ ‫‪10‬‬

‫(?) أبو النصر‪ ,‬عصام‪ ,‬الحكم الشرعي في تملك األسهم‪ ,‬بحوث مؤتمر األسواق المالية‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪ ,1486‬المرجع‬ ‫‪11‬‬

‫السابق‪.‬‬
‫(?) بن زابن‪ ,‬صالح‪ ,‬شركة المساهمة ص ‪,334‬أبو النصر‪ ,‬عصام‪ ,‬الحكم الشرعي في تملك األسهم وكيفية تطهير أسهم‬ ‫‪12‬‬

‫الشركات التي اختلط فيها الحالل بالحرام‪ ,‬بحوث مؤتمر األسواق المالية والبورصات‪ ,‬ص‪.1484‬‬
‫(?) القرة داغي‪ ,‬علي محي الدين‪ ,‬التطبيقات الشرعية إلقامة السوق اإلسالمية‪،‬مجلة مجمع الفقه االسالمي‪,8/2/384 ،‬‬ ‫‪13‬‬

‫الشريف‪,‬أحكام السوق المالية‪ ,‬مجمع الفقه اإلسالمي‪.6/2/1286‬‬


‫‪76‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مفهوم الشركات المختلطة‪:‬‬


‫تتنوع الشركات حسب الغرض من تأسيسها وحسب مجمل نشاطاتها واستثماراتها إلى أنواع ثالثة‪:‬‬
‫‪.1‬الش ركات ذات النش اط المب اح وذل ك ب أن يك ون الغ رض من تأس يس ه ذه الش ركات مزاول ة الأنش طة المباح ة‬
‫التي تعود بالنفع على مجمل المساهمين (الجمعية العمومية) أو على المؤسسين وكبار المستثمرين الذين‬
‫يشكلون في الغالب أعضاء مجلس الإدارة ومن أمثلة هذه الشركات شركات النفع العام كشركات الماء‬
‫والكهرباء واالتصاالت وشركات الإسكان التي تبني الشقق الس كنية والمجمعات التجارية ثم تقوم ببيعها‬
‫لغرض الربح(‪.)15‬‬
‫‪.2‬الشركات ذات النشاط المحرم وهي تلك الشركات التي تعد مزاولة الأنشطة المحرمة الغرض الأساسي من‬
‫إنشائها كالبنوك الربوية ومصانع الخمور ودور اللهو وشركات التبغ إلى غير ذلك من الشركات التي‬
‫توجه إنشطتها في مسارات محرمة (‪.)16‬‬
‫‪.3‬الش ركات المختلط ة وهي تل ك الش ركات ال تي يك ون اله دف من تأسيس ها مزاول ة انش طة مباح ة كمص انع‬
‫األغذية والألبسة وشركات النقل البري والبحري والجوي وشركات صناعة السيارات واآلالت الثقيلة‬
‫إلى غير ذلك من أصناف األنشطة المباحة‪ ،‬إال أن هذه الشركات قد تدخل في مزاولة أنشطة محرمة‬
‫وذلك من خالل‪:‬‬
‫التعامل مع البنوك الربوية إقراضا أو استقراضا أو ايداعا‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫مزاولة بعض الأنشطة المحرمة كاالستثمار في المحافظ االستثمارية عبر شراء أسهم في بنوك‬ ‫‪.2‬‬
‫ربوية أو فن ادق تقدم الخم ور وت زاول أنش طة إباحي ة أو ش راء أس هم القن وات الفض ائية اإلباحية‬
‫التي تزاول عرض األفالم الخليعة والإباحية‪.‬‬
‫تصميم بعض العقود الفاسدة المخالفة للشرع سواء في أصلها أو من خالل الشروط الملحقة بها‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وق د س ميت ه ذه الش ركات بالش ركات المختلط ة نظ را لأنه ا يخل ط في أنش طتها بين م ا ه و مب اح وبين م ا ه و‬
‫محرم‪ ،‬فهذه الشركات في أصل نشأتها‪ ،‬وفي الغرض المتوخى من إنشائها مباحة‪ ،‬لكن قد تتسلل إليها بعض األنشطة‬
‫المحرم ة من أمثل ة م ا س بق ذك ره نتيج ة سياس ات أو ق رارات تتخ ذ من قب ل مج الس الإدارة ال تي ت دير ه ذه الش ركات‬
‫وترسم سياساتها االستثمارية(‪.)17‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أدلة القائلين بالمنع ومناقشتها‬


‫استدل القائلون بتحريم المساهمة في الشركات المختلطة بجملة من األدلة فيما يلي أبرزها‪:‬‬

‫(?) المنيع‪ ،‬عبداهلل بن سليمان‪ ،‬بحوث في االقتصاد االسالمي‪ ،‬المكتب االسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1416/‬هـ‪ ،1996/‬ص‬ ‫‪15‬‬

‫‪.220‬‬
‫(?) المرجع السابق نفسه‪ ،‬ص‪.221‬‬ ‫‪16‬‬

‫(?) الم نيع‪ ،‬بح وث في االقتص اد االس المي‪ ،‬ص ‪ 221‬وانظ ر‪ :‬مجلس المجمع الفقهي‪ ،‬قرار ‪ ،74‬ج‪ ،1/711‬الت ابع‬ ‫‪17‬‬

‫لمنظمة المؤتمر اإلسالمي‪ .‬وانظر‪ :‬العصيمي‪ ،‬صالح بن مقبل بن عبداهلل‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشريعة‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫(?) الشريف‪,‬أحكام السوق المالية‪ ,‬مجمع الفقه اإلسالمي‪ ,6/2/1286‬أبو النصر‪ ,‬عصام‪ ,‬الحكم الشرعي في تملك‬ ‫‪14‬‬

‫األس هم وكيفية تطه ير أس هم الش ركات ال تي اختلط فيها الحالل ب الحرام‪ ,‬بح وث م ؤتمر األس واق المالية والبورص ات‪ ,‬ص‬
‫‪1484‬‬

‫‪77‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .1‬النصوص العامة في حرمة الربا‪ ،‬من القرآن والسنة ومنها‪:‬‬


‫(‪)18‬‬
‫قوله تعالى‪﴿ :‬ذلك بانهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل اهلل البيع وحرم الربا‪. ﴾...‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬قوله تعالى‪﴿ :‬يا أيها اللذين آمنوا اتقوا اهلل وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين﴾(‪.)19‬‬
‫ج‪ -‬قوله ص لى اهلل عليه وس لم فيما رواه عنه ابو هري رة‪( :‬اجتنب وا الس بع الموبق ات‪)20()...‬وذكر منها أكل‬
‫الربا‪.‬‬
‫د‪ -‬عن جابر رضي اهلل عنه‪( :‬لعن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال‬
‫هم في اإلثم سواء)(‪.)21‬‬
‫ووجه الداللة من االنصوص المتقدمة‪ ،‬أنها نصوص عامة حرم فيها الشارع الحكيم الربا قليله وكثيره‪،‬‬
‫زء ش ائعٌ من رأس م ال‬
‫وإ ن المس اهم في الش ركات المختلطة ي دخل في ه ذا العم وم فما س همه إال ج ٌ‬
‫الش ركة‪،‬وإذا ك انت ه ذه الش ركة تق رض أو تس تقرض بفوائد ربوي ة‪ ،‬ف إن مالك الس هم إما أن يك ون آكال‬
‫للربا أو موكالً له‪.‬‬
‫والمس اهم إما أن يك ون هو صاحب الق رار‪ ،‬إذا ك ان من كب ار المساهمين فيك ون آكالً للربا أو م وكالً له‬
‫باألصالة‪ ،‬وإ ما أن ال يكون صاحب قرار كصغار المساهمين‪ ،‬وهذا آكل أو موكل بطريق الوكالة فكل‬
‫مس اهم آتيه نص يبه من الربا بحجم مس اهمته‪،‬ثم إن النص وص في عمومها لم تف رق بين ما إذا ك ان الربا‬
‫مقصوداً أو تابعاً (‪.)22‬‬
‫‪ .2‬قوله سبحانه وتعالى‪﴿ :‬وإ ن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ال تظلمون والتظلمون﴾ (‪ ،)23‬ووجه الداللة أن التوبة‬
‫تستلزم اإلقالع عن المعصية وعدم العود لمثلها‪ ،‬بينما مالك األسهم يطهر أسهمه كل سنة‪ ،‬ثم يعود للتعامل‬
‫بالمعامالت الربوية مرة اخرى ومن هذا حاله فليس بتائب‪ ،‬ألن التوبة لها شروطها وحال مالك األسهم في‬
‫(‪)24‬‬
‫تلك الشركات ال يتوافق وهذه الشروط‪ ،‬قال ابن القيم(‪ ...‬فتستحيل التوبة مع مباشرة الذنب)‬
‫‪ .3‬حديث عبد اهلل بن حنظلة وفيه‪ ،‬قوله صلى اهلل عليه وسلم‪) :‬درهم ربا يأكله الرجل وهويعلم أشد من ست‬
‫وثالثين زني ة)(‪ ،)25‬ووجه الداللة من الح ديث أنه إذا ك ان درهم الربا به ذه المثابة من اإلثم والوعيد الش ديد‪،‬‬
‫فإن ذلك يعني أن كثيرالربا وقليله حرام وأن الشركات المختلطة تدخلها الكثير من األموال الربوية‪ ،‬فيكون‬

‫(?) البقرة‪ ،‬اآلية ‪.275‬‬ ‫‪18‬‬

‫(?) البقرة‪،‬اآلية ‪. 278‬‬ ‫‪19‬‬

‫(?) رواه البخاري‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب موكل الربا‪ ،‬الحديث ‪.6351‬‬ ‫‪20‬‬

‫(?) أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب المساقاة‪ ،‬باب لعن آكل الربا ومؤكله‪ ،‬الحديث ‪.2995‬‬ ‫‪21‬‬

‫األسهم والسندات وأحكامها ص ‪ ,١٤٢‬قرار مجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬الدورة الرابعة عشر‪ ،‬القرار الرابع‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ص‬ ‫(?)‬ ‫‪22‬‬

‫‪،16‬مجموعة دلة البرك ة‪ ،‬الهيئة الش رعية بمجموعة دلة البرك ة‪ ،‬الفت اوى االقتص ادية‪ ،‬ط‪ ،4‬م‪ ،1‬س نة‪1414‬هـ‪ ،‬ص‪ ،17‬وانظ ر‪:‬‬
‫االجوبة الش رعية في التطبيق ات المص رفية‪ ،‬الفت وى رقم(‪ ،)37‬ط‪ ،1‬م‪ ،1‬مجموعة دلة البرك ة‪ ،‬ادارة التط وير‪ ،‬ص‪ ،67‬وانظ ر‪:‬‬
‫حميش‪ ،‬عبد الحق‪ ،‬في حكم تداول األسهم المختلطة‪ ،‬بحث مقدم إلى مؤتمر اسواق األوراق المالية والبورصات‪ ،‬آفاق وتحديات‪،‬‬
‫ص‪.1554‬‬
‫(?) البقرة‪ ،‬اآلية ‪.279‬‬ ‫‪23‬‬

‫(?) ابن القيم‪ ،‬تهذيب مدارج السالكين في شرح منازل السائرين‪ ،‬ط‪ ،2‬م‪ ،3‬تحقيق محمد حامد الفقي‪ ،‬دار الكتاب‬ ‫‪24‬‬

‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة ‪1393‬هـ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.182‬‬


‫‪78‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫التحريم فيها أوضح وأبين(‪ ،)26‬قال ابن عبد البر‪( :‬وقد أجمع المسلمون نقالً عن نبيهم ‪ ‬أن اشتراط الزيادة‬
‫في السلف ربا‪ ،‬ولو كان قبضة من علف‪،‬أو حبة‪ ،‬كما قال ابن مسعود أو حبة واحدة)(‪.)27‬‬
‫(‪)28‬‬
‫والشك أن في المساهمة‬ ‫‪ .4‬قوله تعالى‪﴿ :‬وتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان﴾‬
‫في الش ركات المختلطة ما يمكن اعتب اره تعاون اً على اإلثم والع دوان‪ ،‬ألن في ه ذه المس اهمة مس اعدة على‬
‫أكل الربا أو إيكاله (‪.)29‬‬
‫‪ .5‬قوله صلى اهلل عليه وسلم فيما رواه عنه أبوهريرة‪( :‬دعوني ما تركتكم‪ ،‬إنما أهلك من كان قبلكم بسؤالهم‬
‫واختالفهم على أنبیائهم‪ ،‬فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه‪ ،‬وإ ذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)(‪.)30‬‬
‫فقد أمرنا عليه الص الة والس الم أن نجتب ما نهانا عنه اجتناب اً مطلق اً دون أن ينيط ذلك باإلس تطاعة كما‬
‫أناطه باألمر‪ ،‬فدلنا ذلك على أن المناهي يجب إجتنابها جميعها قليليها وكثيرها‪ ،‬والشركات المختلطة يدخل‬
‫(‪)31‬‬
‫فيها ما نهى عنه الن بي ص لى اهلل عليه وس لم حيث ي دخل فيها الربا إقراض اً أو استقراضا أكالً أو إيك االً‪.‬‬
‫فتدخل ضمن المنهي عنهالواجب اجتنابه‪.‬‬
‫‪ .6‬إن دخول الربا في معامالت الشركة يفسد هذه المعامالت‪ ،‬وإ ن التخلص من هذا الربا عبر ما يعرف‬
‫بالتطهير ال يفيد في حل هذه المعامالت وصحتها‪ ،‬إذ أن ما وقع فاسداً اليجدي فيه التطهير (‪.)32‬‬
‫‪ .7‬وألن درء المفاسد أولى من جلب المصالح فعلى التسليم بالمصالح المترتبة على الشركات المساهمة في هذه‬
‫الش ركات‪ ،‬ف إن دفع مفس دة الربا ال ذي يتس لل إلى معامالتها وإ لى رؤوس أموالها أولى من جلب تلك‬
‫المص الح‪ ،‬فض الً عن أن الق ول بتح ريم المس اهمة فيها فيه مص لحة‪ ،‬ألنه ربما يش جع الق ائمين عليها على‬
‫اإلحج ام عن التعامل بالفوائد الربوية بخالف الق ول بإباحت ه‪،‬ا وال ذي ي ترتب عليه إس تمراريتها في التع اطي‬
‫بالمعامالت الربوية المحرمة (‪.)33‬‬

‫(?) رواه احمد في المسند(‪ )22303‬والدارقطني(‪ )3/16‬مرفوعاً‪ ،‬ثم رواه أحمد موقوفاً على كعب( ‪،)22304‬‬ ‫‪25‬‬

‫وال دارقطني ك ذلك عن عبد اهلل بن حنظله عن كعب بنح وه موقوف اً‪ ،‬وق ال‪ :‬ه ذا أصح من المرف وع‪ ،‬ق ال الهيثمي في مجمع‬
‫الزوائد (‪ :)6573( ،)4/211‬رواه احمد والطبراني في الكبير االوسط‪ ،‬ورجال أحمد رجال الصحيح‪.‬‬
‫(?) المرزوقي‪ ،‬صالح بن زابن‪ ،‬مجلة البحوث الفقهية المعاصرة‪ ،‬حكم اإلشتراك في شركات تودع أو تقرض بالفوائد‪،‬‬ ‫‪26‬‬

‫ص‪96‬‬
‫(?) ابن عبد البر‪ ،‬يوسف بن عبد اهلل بن محمد النمري األندلسي‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد‪ ،‬دار‬ ‫‪27‬‬

‫الوعي‪-‬القاهرة‪ ،‬ط‪1993/‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.68‬‬


‫(?) المائدة‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬ ‫‪28‬‬

‫(?) العصيمي‪ ,‬صالح بن مقبل‪ ,‬األسهم المختلطة في ميزان الشريعة ص‪ ,45‬الشبيلي‪ ,‬يوسف بن عبد اهلل‪ ,‬االستثمار في‬ ‫‪29‬‬

‫األسهم والسندات‪ ،‬ص‪.7‬‬


‫‪30‬‬
‫(?) أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب االقتداء بسنن رسول اهلل ‪,‬حدیث رقم ‪.7288‬‬
‫(?) حميش‪ ،‬عبد الحق‪ ،‬مؤتمر األسواق المالية‪ ،‬في حكم تداول األسهم المختلطة‪ ،‬ص‪.1555‬‬ ‫‪31‬‬

‫(?) مجلة الفقة اإلسالمي‪ ،‬الدورة السابعة‪ ،‬الجزء األول ص ‪.٤٢٠‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪33‬‬
‫(?) مجلة مجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪ ،٧٠٧‬وانظر‪ :‬الشبيلي‪ ،‬االستثمار في األسهم‬
‫والسندات ص ‪ ،144‬حميش‪ ،‬عبد الحق‪ ،‬في حكم تداول األسهم المختلطة‪ ،‬ص‪.1555‬‬

‫‪79‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .8‬إن المساهم في تلك الشركات تكون يده كيدعضو مجلس اإلدارة أو المدير العام‪ ،‬فما يقوم به مجلس اإلدارة‬
‫من نشاطات أو يتخذه من قرارات فإن مسؤوليته تقع على كافة المساهمين‪ ،‬وبالتالي فإنه ال مسوغ للتفريق‬
‫بين ص غار المس اهمين وكب ارهم ال ذين غالب اً ما يش غلون مقاعد في مجلس اإلدارة(‪ ،)34‬وذلك ألن المس اهمين‬
‫يكونون قد وكلوا أعضاء مجلس اإلدارة في أعمال الشركة والتوكيل فيما هو حرام ال يجوز‪ ،‬قال ابن القيم‪:‬‬
‫" وما ب اعوه ‪ -‬أي أهل الذم ة‪ -‬من الخمر والخ نزير قبل مش اركة المس لم ج از لهم ش ركته في ثمن ه‪ ،‬وثمنه‬
‫حالل‪ ،‬العتق ادهم حله‪ ،‬وما ب اعوه واش تروه بم ال الش ركة‪ ،‬فالعقد فيه فاسد‪ ،‬ف إن الشريك وكي ل‪ ،‬والعقد يقع‬
‫للموكل‪ ،‬والمسلم ال يثبت ملكه على الخمر والخنزير"(‪.)35‬‬
‫‪ .9‬كما أن األسهم قد تؤول إلى الورثة‪ ،‬فيمتنعون عن التخلص من نسبة المعامالت الربوية بحجة أن لهم غنم‬
‫التركة وعلى المورث غرمها‪.‬‬
‫‪ .10‬وألن هذه الشركات التقتصر في الغالب على اجراء المعامالت الربوية‪ ،‬بل قد تمارس أنشطة محرمة كبيع‬
‫الس لم قبل قبض رأس الم ال‪ ،‬وبيع الطع ام قبل قبضه وبعض أنم اط الت ورق المص رفي ال تي تك ون المعاملة‬
‫فيه والقبض على األوراق‪ ،‬وهذه األنشطة هي أنشطة محرمة تورث عقوداً فاسدة فيكون الربح الناشئ عنها‬
‫حراماً ولو كان أصل المال مباحاً (‪.)36‬‬
‫‪ .11‬إن المساهمة في هذه الشركات تعد وسيلة لمقصد محرم‪ ،‬فإذا كان المقصد حراماً حرمت الوسيلة المفضية‬
‫إليه‪ ،‬وذلك إعماالً لقاعدة ( الوسائل لها حكم المقاصد)(‪.)37‬‬
‫وتتجه على هذه األدلة جملة مناقشات فيما يأتي أبرزها‪:‬‬
‫‪ .1‬أما االستدالل بالنصوص العامة‪ ،‬والتي أوردنا طرفاً منها‪ ،‬فيمكن اإلجابة عنه بأجوبة‪:‬‬
‫إن هذه النصوص إنما وردت في الربا الصريح‪ ،‬وهذا أمر متفق عليه ولهذا فإن هذه األدلة هي خارج‬ ‫‪‬‬
‫محل النزاع‪.‬‬
‫بناء على قاعدة‪ " :‬النادر الحكم له" (‪.)38‬‬
‫إن حجم األنشطة الربوية في هذه الشركات يعد قليالُ ال حكم له ً‬ ‫‪‬‬
‫إن مالك األس هم في مثل ه ذه الش ركات ليس آكالً للرب ا‪ ،‬وذلك ألنه يجب عليه التخلص من ه ذه النس بة‬
‫القليلة المحرمة عبر ما يعرف بتطهير األسهم (‪.)39‬‬
‫‪ .2‬وأما االستدالل بقوله تعالى‪﴿ :‬وإ ن تبتم فلكم رؤوس أموالكم‪ ﴾...‬فال يبدو متجهاً لما يأتي‪:‬‬
‫إن للمخالف أن ينازع في كون المساهمة في هذه الشركات مستوجباً لإلثم‪ ،‬وذلك ألن اآلية إنما تناولت‬ ‫‪‬‬
‫الربا الصريح‪ ،‬ولم تتناول المساهمة في شركة قد يدخلها الربا القليل‪.‬‬

‫(?) انظرالمرزوقي‪ ،‬المشاركة في شركات أصل نشاطها حالل اال انها تتعامل بالربا‪ ،‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي في‬ ‫‪34‬‬

‫دورته السابعة‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬ص‪ ،.420‬حميش عبد الحق‪ ،‬في حكم تداول األسهم المختلطة‪ ،‬ص‪.1555‬‬
‫(?) ابن القيم‪ :‬أحكام أهل الذمة ‪.1/274‬‬ ‫‪35‬‬

‫(?) انظر‪ :‬أعمال الندوة الفقهیة الخامسة بیت التمویل الكویتي ص‪.19،17‬‬ ‫‪36‬‬

‫(?) انظر‪ :‬الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ .212‬مجلة المجمع‪ ،‬عدد‪ ،7‬ص‪ ،712‬وانظر اعمال الندوة الفقهية الخامسة‪،‬‬ ‫‪37‬‬

‫بيت التمويل الكويتي‪ ،‬ص‪.17/19‬‬


‫(?) سليم رستم باز‪ ،‬شرح مجلة األحكام العدلية‪ ،‬القاعدة ‪ .41/‬الزرقا‪ ،‬مصطفى بن أحمد‪ ،‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬ط‪،6‬‬ ‫‪38‬‬

‫دار البشير‪ ،‬جدة ‪ -‬السعودية‪ ،‬ص ‪.235‬‬


‫(?) العمرو‪ ،‬منصور‪ ،‬أثر البيوع المنهي عنها في سوق المال السعودي‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪80‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫إن تطهير األسهم الذي يوجبه القائلون بالجواز ليس من باب التوبة وإ نما من باب التخلص من شوائب‬ ‫‪‬‬
‫الكسب الحرام‪.‬‬
‫إن التوبة إنما تك ون عن ذنب ومعص ية‪ ،‬وإن المس اهم في الش ركات المختلطة ال يعتقد انه ق ارف ذنب اً‬ ‫‪‬‬
‫ير‬
‫ومعص يةً‪ ،‬وما تخلصه من الفوائد الربوية ال تي تعلن عنها وعن نس بتها مثل ه ذه الش ركات إال تطه ٌ‬
‫للمال من تلك الفوائد القليلة‪.‬‬
‫‪ .3‬وأما االستدالل بحديث عبد اهلل بن حنظله فيجاب عنه بما يأتي‪:‬‬
‫عدم التسليم بصحة الحديث‪،‬ألنه شاذ وفيه علة في المتن حاصلها أن تحريم األعراض مقدم على تحريم‬ ‫‪‬‬
‫األم وال‪ ،‬وأن الش ارع الحكيم يحتفي بالمحافظة على األع راض أك ثرمن احتفائه بالمحافظة على‬
‫األم وال‪ ،‬فكيف يك ون ه ذا المق دار القليل من الربا وهو ال درهم أشد عند اهلل من ست وثالثين زني ة‪،‬‬
‫وممن ذكر ض عف ه ذا الح ديث وش ذوذه‪ ،‬ابن الج وزي حيث ق ال‪( :‬واعلم أن مما ي رد ص حة ه ذه‬
‫األح اديث‪ ،‬أن المعاصي إنما يعلم مقاديرها بتأثيراته ا‪ ،‬والزنا يفسد األنس اب‪ ،‬ويص رف الم يراث إلى‬
‫غير مستحقه‪ ،‬ويؤثر من القبائح ما ال يؤثر أكل لقمة ال تتعدى ارتكاب نهي‪ ،‬فالوجه لصحة هذا)(‪.)40‬‬
‫إن ه ذا الح ديث على تس ليم ص حته محم ول على ص ريح الربا وال ذي يقصد اإلنس ان إلى أكله أو إيكاله‬ ‫‪‬‬
‫ٍ‬
‫منتف في هذا النوع من الشركات‪ ،‬فال الربا صريح وال المساهمون قاصدون إلى أكله أو ايكاله‪.‬‬ ‫وهذا‬
‫وأما االستدالل بقوله تعالى‪﴿ :‬وتعاونوا على البر والتقوى‪ ،﴾..‬فيمكن اإلجابة عنه بما يأتي‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ ‬إن ه ذا مب ني على أن المس اهمة في تلك الش ركات ت دخل في إط ار التع اون على اإلثم والع دوان‪ ،‬وه ذا‬
‫اليس لمه المخ الف‪ ،‬ألنه مب ني على التس ليم بحرمة المس اهمة في ه ذه الش ركات‪ ،‬وه ذا هو ذاته محل‬
‫النزاع‬
‫‪ ‬بل إن للمخالف أن يزعم أن المساهمة في هذه الشركات هي من باب التعاون على البر والتقوى‪ ،‬ألن‬
‫في تلك المس اهمة تش جيعاً لتلك الش ركات على ع دم ممارسة النش اطات المحرم ة‪ ،‬وفيه أيض اً تش جيع‬
‫للشركات التي تعمل في مجال المحرمات على التحول إلى العمل وفق أحكام الشريعة‪،‬حيث إن مجالس‬
‫اإلدارة في تلك الشركات إذا رأوا إقبال المسلمين على المساهمة في الشركات التي أصل نشاطها مباح‬
‫حفزهم ذلك على التحول إلى تصويب انشطة شركاتهم كي تكون منسجمة مع أحكام الشريعة‪ ،‬استجالباً‬
‫لمس اهمة الس واد الع ريض من المس لمين‪ ،‬وهم في األصل جمه ور مت دين يميل إلى المس اهمة في‬
‫الشركات المباحة‪.‬‬
‫وأما االستدالل بقوله ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪( :-‬دعونى ما تركتكم‪ ) ....‬الحديث‪ ،‬فال يبدو متجهاً‪ ،‬وذلك‬ ‫‪.5‬‬
‫ألنه نص عام لم يسق أصالة لبيان المسألة التي نحن بصددها‪ ،‬فال يمكن االستدالل به على مسألة جزئية‬
‫تفص يلية كه ذه‪ ،‬وان االس تدالل به على مثل ه ذه المس ألة الجزئية التفص يلية هو تحميل له ب أكثر مما‬
‫يحتمل‪،‬أضف إلى ذلك ان المساهم حينما يشتري أسهم الشركة المختلطة ال يقصد إلى التعامل بالربا‪ ،‬وإ نما‬
‫يقصد إلى شراء سهم في شركة مجال عملها مباح‪ ،‬وبالتالي فإنه اليرمي إلى مخالفة النهي‪ ،‬حتى يقال بأنه‬
‫تنكب األمر باالجتناب الوارد في الحديث المتقدم‪.‬‬

‫(?) ابن الجوزي‪ ،‬ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي(‪597‬هـ ‪1200-‬م)‪ ،‬الموضوعات‪ ،‬ط‪ ،1‬م‪ (،2‬تحقيق‬ ‫‪40‬‬

‫توفيق حمدان) دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪1415،‬هـ‪1995-‬م‪،‬ج‪ ،2‬ص‪.248‬‬

‫‪81‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وأما القول بأن دخول الربا في معاملة الشركة يعد مفسداً لها ومبطالً‪ ،‬وأن التطهير ال يجدي في رفع‬ ‫‪.6‬‬
‫الفس اد والبطالن فبعي د‪ ،‬وذلك ألن ه ذا الربا قليل وت ابع‪ ،‬كما أنه ليس في أصل المع امالت ال تي تمارس ها‬
‫الش ركة‪ ،‬ألن موض وع البحث إنما هو عن ش ركات يع د مج ال عملها مباح اً في األص ل‪ ،‬لكنها قد تتعامل‬
‫بالربا إقراضاً أو استقراضاً‪.‬‬
‫وأما اإلحتجاج بقاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح‪ ،‬فإنما يمكن إعمالها عندما تكون المفسدة‬ ‫‪.7‬‬
‫مساوية للمصلحة أو راجحة عليها‪ ،‬أما عندما تكون هذه المفسدة يسيرة جداً في مقابل المصالح العظيمة فال‬
‫مسوغ إلعمال القاعدة المشار اليها ألن هذه المسألة ال تندرج تحتها‪.‬‬
‫وأما استداللهم بأن يد المساهم كيد عضو مجلس اإلدارة‪ ،‬فيجاب عنه‪ ،‬بأن هذا القياس ليس سليماً‪ ،‬فهو‬ ‫‪.8‬‬
‫ني على أن دخ ول المس اهم في ه ذه الش ركات دخ ول في ش ركة عن ان وليس األمر ك ذلك‪ ،‬ألن الق وانين‬
‫مب ٌ‬
‫تنص على أن أم وال الش ركة المس اهمة ليست مملوكة لحملة أس همها‪ ،‬وي ترتب على ه ذا النظ ر‪ ،‬أن امتالك‬
‫س هم الش ركة‪ ،‬يختلف عن حالة ك ون المس اهم ش ريكاً في ش ركة عن ان‪ ،‬تعمل بالرب ا‪ ،‬ألن الحالة الثانية ليس‬
‫على القول بجوازها دليل‪ ،‬إذ إن ذلك يؤول إلى القول بجواز التعامل بالربا‪ ،‬فيكون مخالفاً لما عليه اإلجماع‬
‫قديماً وحديثاً‪ ،‬أما األولى فإن األمر فيها مختلف‪ ،‬إذ الشركة شخصية إعتبارية مستقلة عن مالكها (‪.)41‬‬
‫وأما اإلستناد إلى القول بالتحريم على مسألة حرمة الوكالة بالمحرم فمبني على أن هذا التعامل محرم‪،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫والق ائلون ب الجواز ال يس لمون أنه ك ذلك‪ ،‬ثم إن التوكيل إنما تم في أصل أنش طة الش ركة ومج ال عملها‬
‫الرئيسي‪ ،‬وليس في التعاطي الربوي‪.‬‬
‫‪ .10‬وأما القول بأن الورثة ربما ال يطهرون أرباح األسهم بناءاً على أن التركة تؤول إلى الورثة‪ ،‬فلهم غنمها‬
‫وعلى المورث غنمها‪ ،‬فهذا ال يرجع بالحرمة على المورث‪ ،‬ما دام قد نوى عند المساهمة تطهير األرباح‬
‫من العوائد المحرمة‪.‬‬
‫‪ .11‬وأما اإلستناد إلى عدم اقتصار الشركة المختلطة على التعاطي بالفوائد الربوية‪ ،‬بل تعدي ذلك إلى ممارسة‬
‫بعض األنش طة المحرم ة‪ ،‬فإنه يمكن التخلص من العوائد المتأتية عن تلك األنش طة المحرمة بالطريقة ذاتها‬
‫التي يتم التخلص عبرها من العوائد المتأتية عن الفوائد الربوية‪.‬‬
‫‪ .12‬وأما االستناد إلى إعمال قاعدة الوسائل لها حكم المقاصد فال يبدو متجهاً‪ ،‬وذلك ألن المستند إلى هذه‬
‫القاعدة قد اعتبر المقصد كله محرماً‪ ،‬وليس األمر كذلك بل إن المحرم من هذه الشركة‪ ،‬ال يعدو أن يكون‬
‫(‪)42‬‬
‫جزءاً يسيراً‪ ،‬ولهذا فإن القائلين ب المنع باستنادهم إلى هذا الدليل قد عكس وا قاعدة (لألكثر حكم الكل)‪،‬‬
‫وذلك حينما جعلوا لألقل حكم الكل بناءً على هذا االستدالل‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أدلة القائلين بالجواز ومناقشتها‪.‬‬


‫استدل القائلون بجواز المساهمة في هذه الشركات بجملة من األدلة فيما ياتي أبرزها‪:‬‬
‫‪ .1‬عم وم األدلة الدالة على التيس ير ورفع الح رج‪ ،‬ومنه ا‪ :‬نص وص الكت اب والس نة الدالة على التيس ير‪ ،‬ورفع‬
‫الحرج والمشقة عن األمة‪ ،‬وهي كثيرة ومنها‪:‬‬
‫(‪)43‬‬
‫قوله تعالى‪﴿ :‬هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم﴾ ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪)44‬‬
‫قوله تعالى‪﴿ :‬يريد اهلل بكم اليسر وال يريد بكم العسر﴾ ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪82‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫قوله‪ -‬ص لى اهلل عليه وس لم‪ -‬فيما رواه عنه أبو هري رة‪( :‬إن ال دين يس ر‪ ،‬ولن يش اد ال دين أحد إال‬ ‫‪‬‬
‫(‪)45‬‬
‫غلبه) ‪.‬‬
‫ووجه الداللة من النص وص المتقدمة أن الش ريعة مبتن اة على التيس ير ورفع الح رج‪ ،‬وال شك أن حاجة‬
‫المس لمين داعية إلى المس اهمة في ه ذه الش ركات‪ ،‬وذلك لتنمية م دخراتهم وللحص ول على عوائد من ه ذه‬
‫المدخرات تعينهم في الوفاء بحاجاتهم‪ ،‬وما دام األمر كذلك‪ ،‬فإن الحرام القليل الذي قد يخالط هذه الشركات‬
‫مغتفر للحاجة العام ة‪ ،‬والحاجة العامة ت نزل منزلة الض رورة(‪ ،)46‬وأق وال العلم اء في ه ذا المع نى كث يرة‬
‫ومتعددة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫(‪)47‬‬
‫قال الزركشي‪ :‬الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة في حاجة الناس ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪)48‬‬
‫‪.‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم‪ :‬يجوز للحاجة ماال يجوز بدونها‪ ،‬كما جاز بيع العرايا بالتمر‬ ‫‪‬‬
‫وق ال أيض اً‪ -‬رحمه اهلل‪ :-‬الش ريعة جميعها مبنية على ان المفس دة المقتض ية للتح ريم إذا عارض تها‬ ‫‪‬‬
‫حاجة راجحة أبيح المحرم(‪.)49‬‬
‫يق ول العز بن عبد الس الم –رحمه اهلل‪ -‬ما نص ه‪( :‬لو عم الح رام األرض بحيث ال يوجد فيه حالل‬ ‫‪‬‬
‫ج از أن يس تحل من ذلك ما ت دعو إليه الحاج ة‪ ،‬وال يقف تحليل ذلك على الض رورات‪ ،‬ألنه لو وقف‬
‫عليها ألدى إلى ض عف العب اد‪ ،‬واس تيالء أهل الكفر والعن اد على بالد اإلس الم‪ ،‬والنقطع الن اس عن‬
‫الحرف والصنائع واألسباب التي تقوم بها مصالح األنام)(‪.)50‬‬
‫ق ال فض يلة الش يخ عبد اهلل الم نيع موض حاً وجه االس تدالل بقاع دة الحاجة ت نزل منزلة الض رورة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ومنزالً إياها على حكم المساهمة بالشركات المختلطة‪( :‬فلو قلنا بمنع بيع األسهم أو شرائها ألدى ذلك‬
‫إلى إيقاع أفراد المجتمع في حرج وض يق حينما يجدون أنفسهم عاجزين عن استثمار ما بأي ديهم من‬
‫م دخرات‪ ،‬كما أن الدولة قد تك ون في وضع ملجئ إلى التق دم للبن وك الربوي ة لتموي ل مش روعاتها‬
‫(‪)51‬‬
‫العامة حينما تحجب عنها ثروة شعبیة يكون مصيرها بعد الحجب والحرمان الجمود)‪.‬‬
‫اإلحتجاج بالقواعد الفقهية؛ كقاعدة‪ ":‬يغتفر تبعاً ما ال يغتفر استقالالً"‪ ،‬وقاعدة‪" :‬التابع تابع"‪ ،‬ومعناها ان‬ ‫‪.2‬‬
‫(‪)52‬‬
‫‪ .‬وهذا يع ني اغتف ار بعض الفوائد الربوية ال تي قد‬ ‫الت ابع للش يء في الص فة والماهية يتبعه في الحكم‬
‫(‪)53‬‬
‫تخالط مال الشركة وذلك لتبعيتها له فتكون تابعة له في الحكم ‪ ،‬قال القره داغي موضحاً ذلك‪( :‬وعلى‬
‫ضوء هذه القاعدة فهذا النوع من األسهم وإ ن كان في ه نسبة بس يطة من الحرام لكنها جاءت تبع اً‪ ،‬وليست‬
‫أص الً مقص وداً بالتملك والتص رف‪ ،‬فما دامت أغ راض الش ركة مباح ة‪ ،‬وهي أنش ئت ألجل مزاولة‬
‫نشاطات مباحة‪ ،‬غير أنها قد تدفعها الحاجة للسيولة و نحوها إلى إي داع بعض أموالها في البنوك الربوي ة‪،‬‬
‫أو االق تراض منه ا؛ فه ذا العمل بال شك عمل مح رم ي ؤثم فاعله)مجلس اإلدارة ( لكنه ال يجعل بقي ة‬
‫األم وال والتص رفات المباحة األخ رى محرم ة‪ ،‬وهو أيض ًا عمل تبعي وليس هو األصل الغ الب ال ذي‬
‫ألجله أنشئت الشركة)(‪.)54‬‬
‫ويشهد لهذه القاعدة بعض النصوص النبوية‪ ،‬ومنها قوله‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪( :-‬من ابتاع نخالً بعد أن‬
‫ت ؤبر فثمرتها للب ائع اال أن يشترط المبت اع‪ ،)55()..‬وذكر ابن نجيم ب اب تطبيق ات هذه القاعدة‪ ،‬كج واز بيع‬
‫(‪)56‬‬
‫حريم البئر تبعاً للبئر‪ ،‬وبيع حمل الشاة تبعاً لها‪ ،‬وبيع رحبة الدار تبعاً لها‪.‬‬
‫ومعلوم أن هذه األشياء اليجوز بيعها استقالالَ‪ ،‬فاليجوز بيع الحمل دون الشاه‪ ،‬وال الحريم دون الب ئر‪ ،‬وال‬
‫الرحبة دون ال دار‪ ،‬فعلمنا من ذلك التفرقة بين بيعها اس تقالالً‪ ،‬وبين بيعها تبع اً‪ ،‬وك ذا الفوائد الربوية ال تي‬

‫‪83‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تخالط اس هم الش ركات المختلط ة‪ ،‬فالغ الب في هذه الش ركات إباحة اغراضها ومجاالته ا‪ ،‬وما ط رأ عليها‬
‫من فوائد ربوية غير مقصود بذاته‪ ،‬وقد ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية مسألة مشابهة لذلك حينما قال‪( :‬وإ ن‬
‫كان األب قبضه بالمعامالت الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء جاز للوارث اإلنتفاع به)(‪.)57‬‬
‫الاحتجاج بعدم إمكانية التحرز‪ ،‬ومؤدى هذا الدليل شيوع العمل بالفوائد الربوية مما ال يمكن التحرز منه‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ولقد عه دنا من الش ارع الحكيم التس امح فيما اليمكن التح رز من ه‪ ،‬ألنه والحالة ه ذه مما تعم به البل وى‪،‬‬
‫ومن تطبيق ات ه ذا األصل العفو عن قليل النجاس ة‪ ،‬والعفو عن قليل الانكش اف في س تر الع ورة(‪،)58‬‬
‫والفوائد الربوية التي قد تخالط أسهم هذه الشركات تدخل في هذا اإلطار لقلتها ونزارته ا‪ ،‬وعدم إمكانية‬
‫التح رز عنها(‪ ،)59‬ويوضح لنا الش يخ عبد اهلل بن م نيع وال ذي يع د من أب رز الق ائلين بج واز المس اهمة في‬
‫هذه الشركات وجه الاحتجاج بهذا األصل‪ ،‬وتنزيله على مسألة المساهمة في هذه الشركات حيث يقول‪:‬‬
‫راء وتملك اً على ه ذه القواعد‬
‫(وه ذا يع ني ج واز إمك ان تخريج حكم ت داول أس هم ه ذه الش ركات بیع اً وش ً‬
‫واعتبار تداول هذه األسهم جزئیة من جزئيات هذه القواعد‪ ،‬فلئن كانت هذه األسهم ممزوجة بشيء يس ير‬
‫من الحرام وغالبها حالل‪ ،‬فإن الحاجة العامة لتداول هذه األسهم قائمة وملحة‪ ،‬وهي تقتضي اغتفار هذا‬
‫(‪)60‬‬
‫الیسیر المحرم في حجم السهم‪ ،‬وعدم تأثيره على جواز تداوله‪.‬‬
‫إن اختالط قليل الحرام بكثير المباح‪ ،‬ال يحرم المباح ألجل الحرام القليل‪ ،‬خاصة إذا كان يمكن فصل هذا‬ ‫‪.4‬‬
‫الح رام القلي ل‪ ،‬وهو ممكن فيما يع رف ب التطهير‪ ،‬وقد نص كث ير من العلم اء على إن ه ذا الن وع من‬
‫االختالط ال يغلب فيه الح رام‪ ،‬ومنهم ش يخ اإلس الم ابن تيمية ال ذي ي رى‪ :‬ب أن الح رام إذا اختلط ب الحالل‬
‫فهذا نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يكون محرماً بعينه كالميتة فإذا اشتبه المذكى بالميتة َح ُر َما جميعاً‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما حرم لكونه غصباً أو المقبوض بعقود محرمة كالربا والميسر‪ ،‬فهذا إذا اشتبه واختلط بغيره‬
‫لم يحرم الجمي ع‪ ،‬بل يم يز قدر هذا من قدر هذا فيصرف هذا إلى مستحقه وهذا إلى مستحقه‪.‬‬
‫(‪)61‬وهذا ما أفاده كالم تلميذه ابن قيم الجوزية حيث قال‪( :‬إذا خالط ماله درهم حرام أو أكثر منه‬
‫أخرج مقدار الحرام‪ ،‬وحل له الباقي بال كراهة) (‪.)62‬‬
‫اقامة األكثر مقام الكل اعماالً لقاعدة لألكثر حكم الكل" وبما أن أكثر النشاطات التي تزاولها هذه‬ ‫‪.5‬‬
‫(‪)63‬‬
‫الش ركات هي نش اطات مباحة ف إن المس اهمة فيها مباحة أيض اً إقامة لألك ثر مق ام الكل ‪ ،‬وإ قامة األك ثر‬
‫مق ام الكل هو من معه ودات الش ارع الحكيم‪ ،‬ق ال الق رافي‪( :‬اعلم أن األصل اعتب ار الغ الب وتقديمه على‬
‫الن ادر‪ ،‬وهو من ش أن الش ريعة‪ ،‬كما يق دم الغ الب في طه ارة المي اه‪ ،‬وعق ود المس لمين‪ ،‬ويقصر في الس فر‬
‫ويفطر‪ ،‬بناء على غالب الحال‪،‬وهو المشقة‪ ،‬ويمنع شهادة األعداء والخصوم‪ ،‬ألن الغالب منهم الحيف‪،‬‬
‫وهوكثير ال يحصى)(‪.)64‬‬
‫جوازمعاملة غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم ممن ال يتورعون عن التعامل بالربا فلقد‬ ‫‪.6‬‬
‫عامل الن بي ‪ ‬اليه ود وب ايعهم وش اراهم وت وفي‪-‬ص لى اهلل عليه وس لم ‪-‬ودرعه مرهونة عند يه ودي‪،‬‬
‫واليهود أكالون للسحت والبد أن يخالط أموالهم الكثير مما هو محرم(‪.)65‬‬
‫القياس على بعض البيوع كبيع الوفاء عند الحنفية مع أن مقتضاه عدم الجواز‪ ،‬ألنه إما من قبيل الربا‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫ألنه انتف اع ب العين بمقابلة الدين‪ ،‬أو ص فقة مش روطة في ص فقة كأنه ق ال‪ :‬بعته منك بش رط أن تبيعه م ني‬
‫إذا جئتك ب الثمن‪ ،‬وكالهما غ ير ج ائز‪ ،‬ولكن لما مست الحاجة إلي ه في تج ارة بس بب ك ثرة الديون على‬

‫‪84‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫أهلها ج وز على وجه أنه رهن أبيح االنتف اع بثمراته ومنافعه كلبن الش اة‪ ،‬وال رهن على ه ذه الكيفي ة‬
‫جائز(‪.)66‬‬
‫قياس الربا القليل التابع‪ ،‬على الحرير للرجال‪ ،‬فيباح لهم علم الحرير في الثوب(‪ ،)67‬ويؤيده حديث عمر –‬ ‫‪.8‬‬
‫رضي اهلل عن ه‪ -‬وفيه (نهى الن بي ص لى اهلل عليه وس لم عن الحرير إلا موضع إص بعين أو ثالثة أو‬
‫أربعة)(‪.)68‬‬
‫ومن األدلة التي استدلوا بها القياس على بيع العرايا‪ ،‬ألن الرسول –صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬أباح بيع‬ ‫‪.9‬‬
‫العرايا مع أن أصلها يدخل في باب الربا‪ ،‬حيث لم يجز بي ع التمر بالرطب لوجود النقصان‪ ،‬وعدم تحقي ق‬
‫التماثل الحقيقي‪ ،‬ومع ذلك أب اح العراي ا لحاجة الن اس إليها(‪،)69‬وه ذا ما أش ار اليه ش يخ اإلس الم ابن تيمية‬
‫بقوله‪( :‬وأباح بيع العرايا‪ ...‬عند الحاجة مع أن ذلك يدخل في الربا‪.)70()...‬‬
‫القياس على إباحة العلماء الغرر اليسير(‪ ،)71‬فمعلوم أن يسير الغرر مغتفر في عقود المعاوضات‪ ،‬وهذا‬ ‫‪.10‬‬
‫ما أش ار اليه شيخ اإلس الم ابن تيمية بقول ه‪( :‬والش ارع ال يح رم ما يحت اج الن اس إلي ه في البيع ألجل ن وع‬

‫(?) انظر‪ :‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬الزرقا‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬ص‪.155‬‬ ‫‪66‬‬

‫(?) الغامدي‪ ،‬أحمد بن ناصر بن سعيد‪ ،‬حكم المساهمة في الشركات المختلطة‪ ،‬ص‪.1433‬‬ ‫‪67‬‬

‫(?) رواه البخاري في كتاب اللباس‪ ،‬باب لبس الحرير للرجال‪ ،‬وقدر ما يجوز منه‪ ،)5490( ،‬ومسلم‪ ،‬كتاب اللباس‬ ‫‪68‬‬

‫والزينة‪ ،‬باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء (‪.)2069‬‬
‫(?) يعقوبي‪ ،‬الشيخ نظام يعقوبي‪ ،‬مجلة النور‪ ،‬بحث (مبررات اعادة النظر في مسألة االستثمار في أسهم الشركات التي‬ ‫‪41‬‬

‫أصل نشاطها مباح ولكنها تتعامل بالفوائد المصرفية)‪ ،‬عدد‪ ،183‬سنة‪1421‬هـ‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫(?) الندوي‪ ،‬علي أحمد‪ ،‬القواعد الفقهية‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط ‪5 ،2000‬م‪ ،‬ص ‪.126‬‬ ‫‪42‬‬

‫(?) سورة الحج‪ ،‬اآلية ‪.78‬‬ ‫‪43‬‬

‫(?) سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.185‬‬ ‫‪44‬‬

‫(?) اخرجه البخاري عن ابي هريرة‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب الدين يسر‪ ،‬الحديث رقم ‪ ،39‬ج‪ ،1‬ص‪. 23‬‬ ‫‪45‬‬

‫(?) الجويني‪،‬عبد الملك بن عبد اهلل بن يوسف الجويني الشافعي( ‪478‬ه‪1085/‬م) البرهان في أصول الفقه‪ ،‬ط‪ ،4‬م‪،3‬‬ ‫‪46‬‬

‫تحقيق (عبد العظيم محمود الديب) دار الوفاء بالمنصورة‪ ،‬مصر‪1418 ،‬هـ ‪19998-‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.606‬‬
‫(?) انظر‪ :‬الزركشي‪ ،‬المنظور في القواعد‪2/24،‬‬ ‫‪47‬‬

‫(?) مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيميه‪.29/49،‬‬ ‫‪48‬‬

‫(?) مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيميه‪.29/49 ،‬‬ ‫‪49‬‬

‫(?) انظر قواعد األحكام في اصالح االنام‪ ،‬العز بن عبد السالم‪.2/159 ،‬‬ ‫‪50‬‬

‫(?) المنيع‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬بحوث في االقتصاد االسالمي‪ ،‬ص ‪.230‬‬ ‫‪51‬‬

‫(?) انظر‪ ،‬ابن نجيم‪ ،‬األشباه والنظائر‪ ،‬ج‪،1‬ص‪1173‬‬ ‫‪52‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬صالح بن مقبل‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشريعة‪ ،‬ص‪ ,57‬الشبيلي‪ ,‬يوسف بن عبد اهلل‪ ,‬االستثمار في‬ ‫‪53‬‬

‫األسهم والسندات‪ ,‬ص‪.5‬‬


‫(?) انظر‪ :‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدورة التاسعة والجزء الثاني ص‪.83‬‬ ‫‪54‬‬

‫(?) متفق عليه‪ /‬من حديث سالم بن عبد اهلل بن أبيه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب المساقاة‪ ،‬باب كتابة القطائع‪ ،‬الحديث رقم(‬ ‫‪55‬‬

‫‪ ،)2250‬ج‪ ،2‬ص‪ ،838‬ص حيح مس لم‪ ،‬كت اب ال بيوع‪ ،‬ب اب‪ :‬من ب اع نخالً عليها ثم ر‪ ،‬الح ديث رقم(‪ ،)1543‬ج‪ ،3‬ص‬
‫‪.1173‬‬

‫‪85‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫من الغ رر‪ ،‬بل ي بيح ما يحت اج إلي ه في ذل ك) (‪ ،)72‬ووجه القي اس أن الغ رر كما ك ان مغتف راً في عق ود‬
‫المعاوضات لقلته فكذا يسير الربا مغتفر في هذه الشركات لقلته ونزارته أيضاً‪.‬‬
‫االستدالل بالعرف‪ ،‬فقد جرى عرف الناس على المساهمة في هذه الشركات ومعلوم أن العرف يحتج به‬ ‫‪.11‬‬
‫ما دام ال يخالف نصوص الشريعة وقطعياتها (‪.)73‬‬
‫على التسليم بحرمة هذه األسهم لما شابها من الربا وخالطها‪ ،‬فإن المساهم سوف يتخلص من هذا الربا‬ ‫‪.12‬‬
‫(‪)74‬‬
‫ع بر ما يع رف ب التطهير ‪ ،‬كما دل على ذلك قوله تع الى‪﴿ :‬وإ ن تبتم فلكم رؤوس أم‪NN‬والكم ال تظلم‪NN‬ون‬
‫وال تظلم‪NN‬ون﴾(‪ ،)75‬ف إن تخلص المس اهم من ه ذه الفوائد يع ود به إلى رأس ماله وما ضم إلى رأس الم ال‬
‫من أرباح مباحة‪.‬‬
‫‪ .13‬االحتجاج بالمصلحة‪ ،‬حيث أن المساهمين قادرون بمساهماتهم على الضغط على أعضاء مجلس اإلدارة‬
‫بحيث يمنع ونهم من اتخ اذ الق رارات بممارسة األنش طة المحرمة بما في ذلك التعامل مع البن وك التقليدية‬
‫إقراضاً أو استقراضاً (‪.)76‬‬
‫وفيما يأتي مناقشة لهذه األدلة‪:‬‬

‫(?) انظر ابن نجيم‪ ،‬األشباه والنظائر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.101‬‬ ‫‪56‬‬

‫(?) ابن تيمية‪ ،‬الفتاوى الكبرى‪.1/478‬‬ ‫‪57‬‬

‫(?) البهوتي‪ ,‬منصور بن يونس‪ ,‬كشاف القناع‪.1/198.498 ,‬‬ ‫‪58‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشريعة‪ ,‬ص‪ .63‬الغامدي‪,‬أحمد بن ناصر بن سعيد‪ ,‬حكم المساهمة في‬ ‫‪59‬‬

‫الشركات المختلطة‪.1439،‬‬
‫(?) انظر‪ :‬عبد اهلل بن منيع‪،‬بحوث في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬ص‪.239‬‬ ‫‪60‬‬

‫(?) انظر‪ :‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيميه‪.29/320 ،‬‬ ‫‪61‬‬

‫(?) انظر‪ :‬بدائع الفوائد‪ ،‬ابن قيم الجوزيه‪.3/257 ،‬‬ ‫‪62‬‬

‫(?) الغامدي‪ ،‬أحمد بن ناصر بن سعيد‪ ،‬حكم المساهمة في الشركات المختلطة‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر أسواق األوراق المالية‬ ‫‪63‬‬

‫والبورص ات الخ امس عش ر‪،‬ص‪ ،1432‬انظر بح وث في اإلقص اد اإلس المي‪ ،‬عبد اهلل بن م نيع‪ ،‬ص‪ ،230‬وانظر مجلة‬
‫مجمع الفقه اإلسالمي الدورة التاسعة الجزء الثاني ص‪.83‬‬
‫(?) القرافي‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن أدريس الصنهاجي المالكي(‪684‬ه‪1285/‬م) أنوار البروق في أنواء الفروق‪ ،‬ط‪ ،1‬م‬ ‫‪64‬‬

‫‪ ،4‬دار المتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة‪1419‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.240‬‬


‫(?) انظر‪ :‬مجلة المجمع الفقهي‪ ،‬جزء ‪ ،٢‬عدد ‪ ،٩‬ص ‪ ،84‬الغامدي‪ ،‬أحمد بن ناصر بن سعيد‪ ،‬حكم المساهمة في‬ ‫‪65‬‬

‫الشركات المختلطة‪ ،‬ص‪.1431‬‬


‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشريعة‪ ،‬ص‪.68‬‬ ‫‪69‬‬

‫(?) انظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى ‪.29/227‬‬ ‫‪70‬‬

‫(?) الغامدي‪ ،‬أحمد بن ناصر بن سعيد‪ ،‬حكم المساهمة في الشركات المختلطة‪ ،‬ص‪.1434‬‬ ‫‪71‬‬

‫(?) انظر‪ :‬ابن تيمية‪،‬م جموع الفتاوى ‪,29/227‬‬ ‫‪72‬‬

‫(?) انظر‪ :‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬الدورة التاسعة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫‪73‬‬

‫(?) الغامدي‪ ،‬أحمد بن ناصر بن سعيد‪ ،‬حكم المساهمة في الشركات المختلطة‪ ،‬ص‪.1441‬‬ ‫‪74‬‬

‫(?) البقرة‪ ،‬اآلية ‪.279‬‬ ‫‪75‬‬

‫(?) الشبيلي‪ ,‬يوسف بن عبد اهلل‪ ,‬االستثمار في األسهم والسندات‪ ,‬ص‪.6‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪86‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫‪ .1‬أما االستدالل بقاعدة التيسير ورفع الحرج‪ ،‬فقد أجيب عنه بأجوبة‪:‬‬
‫(‪)77‬‬
‫أولها‪ :‬أن القواعد الفقهية عموم اً ليست بحج ه‪ ،‬وال يمكن االس تناد إليها بإثب ات مس ألة به ذه الخط ورة ‪ ،‬ب دليل‬
‫عدم اطرادها‪ ،‬وأنه يدخلها الاستثناء(‪ ،)78‬وهذا الجواب ضعيف وغير متجه لما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬أن االس تدالل إنما هو بالعموم ات القرآنية الرافعة للح رج وال تي تس تند إليها ه ذه القاع دة‪ ،‬وليست القاع دة‬
‫ذاتها‪.‬‬
‫‪ ‬إن القاع دة الفقهية ال يش ترط اطرادها ليصح إعماله ا‪ ،‬وإ نما يكفي أن تك ون أغلبي ة‪ ،‬وقد رأينا كث يراً من‬
‫االستثناءات في الكتاب والسنة دون أن يعني ذلك قدحاً في حجيتها‪.‬‬
‫‪ ‬وألن (األمر الكلي إذا ثبت‪ ،‬فتخلف بعض الجزئي ات عن مقتضى الكلي‪ ،‬اليخرجه عن كونه كلي اً‪ ،‬وأيض اً‬
‫ف إن الغ الب األك ثري معت بر في الش ريعة اعتب ار الع ام القطعي‪ ،‬ألن المتخلف ات الجزئية ال ينتظم منها كلي‬
‫يعارض هذا الكلي الثابت)(‪.)79‬‬
‫‪ ‬وألن االستدالل بالقواعد الفقيهة المستندة إلى الكت اب والسنة‪ ،‬ليس بمحل للخالف في القواعد الفقهية‪ ،‬ألنه‬
‫يفضي لعدم تجويز االستدالل بالكتاب والسنة‪ ،‬وهو باطل(‪.)80‬‬
‫ثانيهاً‪ :‬إن كثيراً من العلم اء ال ي رون أن الحاجة تنزل منزلة الض رورة(‪ ،)81‬وهذا الج واب ال يبدو متجه اً‪ ،‬وذلك‬
‫ألنه الخالف بين العلماء في هذه القاعدة‪ ،‬وإنما الخالف في تنزيل الحاجة الخاصة منزلة الضرورة‪ ،‬فهل‬
‫الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة‪،‬أم انها تقتصر على الحاجة العامة فقط؟‬
‫ثالثهاً‪ :‬إن الق ائلين ب الجواز أطلق وا لفظ الحاجة دون أن يوض حوا ماهيته ا‪ ،‬وكلمة الحاجة يمكن أن يفهم منها ع دة‬
‫معان(‪:)82‬‬
‫ٍ‬
‫‪ .1‬حاجة البلد إلى الش ركات الخدمي ة كالمي اه والكهرب اء‪ ،‬وال تي ال يمكن االس تغناء عنها في جواز المس اهمة‬
‫فيها مراعاة لحاجة الناس‪ ،‬أما غير الشركات الخدمية كالفنادق والمصانع فال تشملها اإلباحة‪،‬وهذه أعلنها‬
‫الشيخ الزرقا رحمه اهلل‪.‬‬
‫‪ .2‬حاجة الش ركات إلى االق تراض من أجل تموي ل مش اريعها لع دم وج ود مص ارف إس المية تق وم بتمويلها‬
‫حتى تستطيع اإلنتاج وهذه ألمح إليها الشيخ عبد اهلل بن منيع‪ ،‬في حلقة النقاش التي عقدتها الهيئة الشرعية‬
‫لش ركة ال راجحي المص رفية لالس تثمار في الري اض ي وم الخميس ‪12/8/1426‬هـ‪،‬وه ذه الحاجة على من‬
‫يرونها العلة في اإلباحة أن يتراجعوا عن هذا القول لوجود مصارف إسالمية تقوم بتموي ل هذه الشركات‬
‫من خالل المرابحة الشرعية أو غيرها ألن الحاجة قد زالت والحكم يدور مع علته‪.‬‬
‫‪ .3‬وقد يك ون مقص ود الحاجة حفظ أم وال الن اس من الض ياع لع دم وج ود مج االت اس تثمارية ألم والهم‪ ،‬كما‬
‫ي راه بعض المج يزين‪ ،‬وهذا القول ينبغي االنتهاء عنه حال وجود مجاالت استثمار ال حرمة فيها‪ ،‬فعلى‬
‫بناء‬
‫أصحاب هذا القول أن يتراجعوا عن قولهم بالحاجة حال زوالها‪ ،‬وبخاصة أنهم رأوا جواز المساهمة ً‬
‫على الحاجة وبأنها خالف األص ل‪ .‬والخالصة أن على من يق ول ب الجواز أن ي بين ما هي الحاجة ح تى‬
‫ينتهي الناس بانتهائها‪ ،‬فال يصح االحتجاج بالحاجة دون قيد أو بيان‪.‬‬
‫وال يخفى ض عف ه ذا الج واب‪ ،‬ألن تع دد مع اني الحاجة ليس يق دح في وجوده ا‪ ،‬فه ذه األوجه المختلفة‬
‫للحاجة تؤك د‪ ،‬الج واز والمش روعية‪ ،‬وال تنفيهم ا‪ ،‬وال شك أنه كلما ازدادت أوجه الحاجة ومجاالته ا‪ ،‬زاد‬
‫تسويغ المساهمة بسبب وجودها‪.‬‬

‫‪87‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رابعهاً‪ :‬ادعاء انتفاء الحرج‪،‬وذلك ألن ثمة شركات كثيرة تصنف في إطار الشركات النقية التي ال تتعاطى مع‬
‫البن وك الربوية اقراض اً‪،‬أو استقراض اً أو اي داعاً‪ ،‬وفي وج ود ه ذه الش ركات مندوحة عن المس اهمة في‬
‫الش ركات المختلط ة‪ ،‬ال تي يختلط فيها الحالل مع الح رام‪ ،‬وتلك الش ركات ت وفر آفاق اً رحبة وفس يحةً لمن‬
‫أراد إستثمار أمواله (‪ .)83‬والحقيقة أن هذا الجواب يبدو ضعيفاً أيضاً وغير مسلم‪ ،‬ألن الشركات المختلطة‬
‫هي أكثر الشركات انتشاراً في األسواق العربية واإلسالمية وأن حاجة هذه الشركات للتعاطي مع البنوك‬
‫التقليدية كبيرة ألسباب قانونية وتمويلية وائتمانية‪ ،‬ليس هنا مجال الخوض فيها‪.‬‬
‫خامس‪N N‬هاً‪ :‬وأما االس تناد إلى أق وال العلم اء ومنه ا العز بن عبد الس الم‪ ،‬فقد أج اب عنه الش يخ ص الح بن مقبل‬
‫العصيمي‪ ،‬فقال‪( :‬ما ذكروه من كالم العز بن عبد السالم ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬فليس فيه لمن أجازوا به األسهم‬
‫المختلطة وجه حق وذلك من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن العز – رحمه اهلل – قال‪ :‬لو عم الحرام األرض بحيث ال يوجد فيه حالل فهل هناك مسلم يقول بأن‬
‫الحرام قد عم وأن الحالل قد ُع ِدم؟ فكيف يستدل بقوله ويستند إلى رأي ه دون النظر إلى شرطه وضابطه‬
‫فهو وضع قي داً بأن يعم الحرام األرض وهذا قد يوجد لكن وضع قي وداً أخرى بحيث قال‪( :‬وال يوجد في ه‬
‫حالل)‪ ،‬فهل يقول بذلك أحد؟!‬
‫ووضع قي داً ثالث اً أن ال يس تحل إال ما ت دعو إلي ه الحاجة‪ ،‬ومالحظ اآلن أن الح رام قد اس تحل‪ ،‬مع أن‬
‫الحالل منتشر ومتيس ر‪ ،‬ولُجئ إلى الح رام أيض اً من غ ير حاجة بل من أجل التك اثر ب األموال وتضخيم‬
‫األرصدة‪.‬‬
‫(‪)84‬‬
‫‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إن جميع العلماء يستدل ألقوالهم ال بأقوالهم فال عصمة إال هلل ولكتابه ولرسوله ‪‬‬
‫وهذا الجواب ال يبدو متجهاً أيضاً لما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن القائلين بالجواز لم يكتفوا بالاستناد إلى أقوال العلماء‪ ،‬بل إنهم استندوا في المقام األول إلى مبدأ‬
‫التيسير ورفع الحرج‪ ،‬وهو مبدأ مقرر في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬تشهد له نصوص كثيرة من الكتاب‬
‫والس نة‪ ،‬وهو موضع اتف اق بين علم اء األمة س لفاً وخلف اً‪ ،‬وال أحد يملك أن يج ادل أو يم اري في‬
‫صدق هذا المبدأ وكونه من خصائص الشريعة ومن قواعدها الكلية‪.‬‬
‫‪ .2‬إن هؤالء العلماء لم يقيدوا الحاجة بالقيود الصارمة التي قيدها بها العز بن عبد السالم‪.‬‬
‫‪ .3‬إن هذه القيود التي أوردها العز بن عبد السالم‪ ،‬إنما تنصب حول حالة جزئية افتراضية‪ ،‬وليس في‬
‫كالم العز ذاته ما يفيد ع دم اعتب ار الحاجة عند عدمها‪ ،‬فذكر ه ذه القي ود في تلك الحالة االفتراضية‬
‫ال يعني بالضرورة أنها باتت تشكل شروطاً العتبار الحاجة واعمالها‪ ،‬حتى عند العز نفسه‪.‬‬
‫‪ .4‬وأما أن أق وال العلم اء إنما يس تدل لها ال به ا‪ ،‬فص حيح‪ ،‬ولكن ه ذا ال يمنع أن يس تأنس به ا‪ ،‬وأن‬
‫توضح بها بعض األفكار المستندة إلى نصوص الشريعة أو كلياتها‪ ،‬أومقاصدها‪.‬‬
‫سادسهاً‪ :‬أنه لو سلم باستقامة هذه القاعدة فليس بالضرورة أن يسلم بوجود الحرج والمشقة في منع المساهمة في‬
‫هذه الشركات‪ ،‬وإ ن سلم بوجود المشقة والحرج فليس كل مشقة وحرج يسوغان إبطال الحكم الشرعي إذ‬
‫(‪)85‬‬
‫ليس كل مشقة يترتب عليها فوت المطلوب‪.‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬صالح بن مقبل‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشريعة‪ ،‬ص ‪.55‬‬ ‫‪84‬‬

‫(?) العمرو‪ ،‬منصور‪ ،‬آثار البيوع المنهي عنها‪ ،‬ص‪.67‬‬ ‫‪85‬‬

‫‪88‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫وه ذا الج واب ض عيف أيض اً؛ ألن للمخ الف أن ين ازع في ع دم وج ود المش قة أو اعتبارها إن وج دت‬
‫فالمش قة أمر نس بي تختلف فيه أنظ ار الن اس والمش قة إذا ك انت عامة تلحق األمة كلها أو تلحق طوائف‬
‫عريضة منها‪ ،‬فيسيرها يع د ككثير المشقة الفردية؛ ألن المشقة العامة تعظم المشقة الفردية‪ ،‬وال شك أن‬
‫المش قة الحاص لة بمنع المس اهمة في ه ذه الش ركات هي أعظم بكث ير من المش قة الحاص لة بع دم أكل التمر‬
‫لدى أصحاب الحوائط والبساتين في مسألة العرايا‪ ،‬أو في مسألة منع الغرر‪ ،‬قال ابن تيمية‪( :‬من أصول‬
‫الش رع أنه إذا تع ارض المص لحة والمفس دة ق دم أرجحهم ا‪،‬فهو إنما نهى عن بيع الغ رر‪ ،‬لما فيه من‬
‫المخ اطرة ال تي تضر بأح دهما‪ ،‬وفي المنع مما يحت اجون إليه من ال بيع ض رر أعظم من ذل ك‪ ،‬فال يمنعهم‬
‫من الض رر اليس ير بوق وعهم في الض رر الكث ير‪ ،‬بل ي دفع أعظم الض ررين باحتم ال أدناهم ا‪ ،‬وله ذا لما‬
‫نه اهم عن المزابن ة‪ ،‬لما فيها من ن وع ربا أو مخ اطرة فيها ض رر‪ ،‬أباحها لهم في العرايا للحاج ة‪ ،‬ألن‬
‫ضرر المنع من ذلك أشد)(‪.)86‬‬
‫س ‪NN‬ابعهاً‪ :‬على التس ليم بت وفر الحاجة وقيامه ا‪ ،‬ف إن إعمالها البد له من ش روط تتمثل في عم وم الحاج ة‪ ،‬وع دم‬
‫افضائها إلى الوق وع في الح رام‪ ،‬وال شك أن ه ذه الحاجة ال يمكن أن تع ارض بها النص وص‪ ،‬وأنتم قد‬
‫جعلتموها معارضة للنصوص‪ ،‬ثم إن الحاجة تقدر بقدرها‪ ،‬وأنتم قد جعلتم الجواز تشريعاً عاماً(‪.)87‬‬
‫ثامنهاً‪ :‬إن الحاجة التبيح شيئاً محرماً‪ ،‬وإ نما تجيز الخروج على بعض القواعد العامة في حاالت معينة‬
‫ومحددة(‪.)88‬‬
‫وه ذا الج واب بعيد أيض اً‪ ،‬وذلك ألن عم وم الحاجة متوافر في الحاجة إلى المس اهمة في ه ذه الش ركات‪،‬‬
‫والمتمثلة في ن درة الش ركات الخالية من التع امالت المحرمة ونزارتها مما يجعل ه امش المس اهمة ض يقا‬
‫ومح دودا فضال عن حاجة عم وم االمة إلى ال زخم االقتص ادي المتمثل في تن وع االس تثمارات وتع اظم‬
‫العوائد وهو ما ت وفره ه ذه الش ركات لكثرتها وتع دد أغراض ها وش يوع انش طتها وتش عبها‪ .‬وأما إش تراط‬
‫عدم إفضائها إلى محرم فإنه يفرغ الحاجة من مضمونها وأهميتها‪ ،‬ويجردها من ثمرات إعمالها‪ ،‬فإذا لم‬
‫يكن تأثير الحاجة متوجه اً إلى إباحة المحرم عند وجودها فألي شيء يتوجه هذا التأثير‪ ،‬وما الداعي إلى‬
‫إعمالها أص الً‪ ،‬إن هذا الش رط اإلفتراضي يس لب الحاجة مس وغ وجودها وإ عماله ا‪ ،‬وأما أن الحاجة تق در‬
‫بقدرها‪ ،‬فصحيح في الجملة‪ ،‬لكن الحاجة إذا كانت عامة فالبد أن تكون إباحتها عامة كذلك‪ ،‬فليس يستقيم‬
‫أن تكون الحاجة أمراً عاماً‪ ،‬وتكون اإلباحة تشريعاً خاصاً لبعض األفراد في بعض األحوال‪.‬‬
‫تاسعها‪ :‬ثم إن دع وى تحقيق المص لحة والوف اء بالحاجة في البالد اإلس المية منق وض بالش ركات العالمية ال تي‬
‫تك ون نس بة الربا فيها مس اوية أو أقل من الش ركات المحلي ة‪ ،‬ف إن أجزناها س قط اعتب ار المص لحة‪ ،‬بأنه‬
‫المص لحة للبالد العربية واإلس المية بإج ازة المس اهمة بالش ركات العالمي ة‪ ،‬وإ ن من عناها تن اقض قول ه‬
‫بالمسألة الواحدة (‪.)89‬‬
‫وال يخفى ض عف ه ذا الج واب وذلك ألن كالمنا إنما هو في الش ركات المحلي ة‪ ،‬ألن المس لمين إنما‬
‫يس اهمون في الش ركات المحلية في بل دانهم‪ ،‬وبالت الي ف إن الحاجة ليست داعية للمس اهمة في الش ركات‬

‫(?) الشبيلي‪ ،‬الخدمات االستثمارية‪،‬ج‪ ،2‬ص‪.246‬‬ ‫‪87‬‬

‫(?) البورنو‪ ,‬الوجيز في القواعد الفقهية‪.242 ،‬‬ ‫‪88‬‬

‫(?) الشبيلي‪،‬الخدمات االستثمارية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.247‬‬ ‫‪89‬‬

‫‪89‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العالمي ة‪ ،‬وال مص لحة للمس لمين ت رجى من ه ذه المس اهمة باعتب ار أن نس بة الح رام كب يرة‪،‬أما الش ركات‬
‫المساهمة المحلية فأن نسبة الحرام فيها قليلة‪.‬‬
‫عاشرها‪ :‬إن استباحة المحرمات بحجة الحاجة والتيسير على الناس أمر في غاية الخطورة‪،‬ألن فيه فتح اً لذريعة‬
‫استحالل المحرمات بحجة الحاجة‪ ،‬والنبي ‪ ‬ما خير بين أمرين إال اخت ار ايسرهما ما لم يكن إثم اً‪ ،‬فإن‬
‫كان إثماً كان أبعد الناس منه‪ ،‬فاختيار النبي ‪ ‬إنما هو اختيار بين مباحات وليس بين مباح ومحرم‪ ،‬حيث‬
‫إن عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬قد استثنت من التخيير كون أحد الخيارين إثماً (‪.)90‬‬
‫واء‬
‫ويظهر أن ه ذا الج واب ض عيف أيض اً‪ ،‬وذلك ألن التيس ير ورفع الح رج يصل إلى إباحة المح رم‪ ،‬س ٌ‬
‫أكان ذلك في حال الضرورة كإباحة المحرمات للمضطر‪ ،‬أو في حال الحاجة كإباحة نظر الطبيب للعورة‬
‫للحاجة إلى كشف طبي‪ ،‬أوإجراء عملية جراحية ونحو ذلك‪ ،‬ومنه أيض اً إباحة النظر إلى وجه المخطوبة‬
‫أو كفيها عند الخطب ة‪،‬ف إذا لم يكن التيس ير في إباحة المح رم عند الض رورة والحاج ة‪ ،‬فكيف يك ون؟ وهل‬
‫يتصور أن يكون التيسير في إباحة المباح‪ ،‬أيحتاج المباح إلى تيسير بإباحته‪.‬‬
‫‪ .2‬وأما االستدالل بقاعدة (يجوز تبعاً ما اليجوز استقالال)‪ ،‬وقاعدة (التابع تابع)‪ :‬أجيب عنه بأجوبة منها‪:‬‬
‫إن ه ذه قواعد فقهية ال يج وز اإلحتج اج به ا‪ ،‬ألن القاع دة الفقهية هي عمل اس تقرائي من قبل الفقيه فال‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫(‪)92‬‬ ‫(‪)91‬‬
‫‪.‬‬ ‫تكون حجة ‪ ،‬فضالً عن أنها أغلبية تكثر فيها المستثنيات‬
‫وهذا الجواب ضعيف؛ وذلك ألن القاعدة الفقهية‪،‬وإ ن كانت قراءة استقرائية لفروع فقهية وأحكامها‪ ،‬إال‬
‫أن هذه الفروع تكون ثابتة بأدلة نصية أو غير نصية‪ ،‬وبالتالي فإن اإلحتجاج بالقاعدة هو في الغالب‬
‫احتجاج بعموم هذه النصوص‪.‬‬
‫إن هذه القاعدة التنطبق على المساهمة في الشركات المختلطة‪،‬وذلك ألن المساهم ال ينتهي به األمر‬ ‫ثانياُ‪:‬‬
‫عند ش راء الس هم ال ذي يك ون في األصل مباح اً ودخله الرب ا‪ ،‬ولكنه يص بح ش ريكاً في تعامل الش ركة‬
‫كله ا‪ ،‬ويزيد ص احب األس هم والس ندات هذا المع نى تجلية وإ يض احاً حين يق ول‪( :‬إن من الخطأ‬
‫االستدالل بها في هذا الموضع‪ ،‬فالمسألة التي ي دور الكالم حولها هي شراء أسهم شركة من شركات‬
‫المساهمة تتعامل بالربا أو بمعامالت وعقود فاسدة‪ ،‬وإ ن كان األصل في أعمالها الحل‪ ،‬ونجد في هذه‬
‫الصورة أن المساهم حين يشتري سهماً فهو يشترك في كل أعمال الشركة‪ ،‬ومنها الربا‪ ،‬والربا ال يب اح‬
‫مطلق اً‪ ،‬والمس اهم ال ينتهي به الح ال عند ش راء الس هم فقط ح تى يج وز تبع اً ما ال يج وز اس تقالالً‪ ،‬بل‬
‫س يكون من حين ش رائه الس هم مش اركاً في أعم ال الش ركة‪ ،‬ومنها الرب ا‪ ،‬فهل يق ال‪ :‬يج وز ألحد أن‬
‫يرابي إذا كان الربا قليالً؟ أو هل يجوز ألحد أن يستثمر في التعامل بالربا إذا كان تبعاً ال استقالالً؟ ال‬
‫شك أن التعامل بالربا ال يج وز مطلق اً‪ ،‬إنما ت نزل ه ذه القاع دة على عق ود ب اتت منتهي ة‪ ،‬تش تمل على‬
‫شيء مباح ومحذور تابع لهذا المباح‪ ،‬فيجوز حي ٍ‬
‫نئذ الشراء‪ ،‬وتنتهي المسألة بانتهاء هذا العقد‪ ،‬يتضح‬
‫ذلك من خالل األمثلة ال تي ذكرها الفقه اء‪ ،‬ومنها أن الش فعة ال تثبت في األبني ة واألش جار بطري ق‬
‫األصالة‪ ،‬وتثبت تبعاً لألرض إذا بيعت معها)(‪.)93‬‬
‫إن من شروط إعمال القاعدة أال يكون التابع مقصوداً لذاته‪،‬ويضرب له الفقهاء مثالً بزوائد الرهن‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫المنفص لة المتول دة‪ ،‬تتبع ال رهن‪ ،‬وال يقابلها ش يء من ال دين‪ ،‬ف إن هلك األصل وبقيت الزوائد وطلب‬

‫(?) العمرو‪ ،‬منصور‪ ،‬آثار البيوع المنهي عنها‪ ،‬ص‪.68‬‬ ‫‪91‬‬

‫(?) البورنو‪ ,‬الوجيز في إيضاح القواعد الفقهية‪ ،‬ص‪.39‬‬ ‫‪92‬‬

‫‪90‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫فكاكه ا‪ ،‬أصبحت مقص ودة‪ ،‬فتفك بقدر حص تها من الدين (‪ .)94‬ونحن نجد أن ه في الش ركات المس اهمة‬
‫المختلطة تك ون الفوائد الربوية مقص ودةً ل ذاتها بالتعام ل‪ ،‬فال يصح والحالة ه ذه اإلحتج اج بالقاع دة‬
‫لفقدان شرطها (‪.)95‬‬
‫وال يخفى ض عف ه ذا الج واب‪ ،‬وذلك ألن التبعية الم رادة هنا إنما هي التبعية في أنش طة الش ركة‬
‫وأعماله ا‪ ،‬فالتعامل مع البن وك التقليدية إي داعاً أو إقراض اً أو استقراض اً هو الت ابع لألنش طة المباح ة‪،‬‬
‫فضالً عن أن المساهمين ال يقصدون أخذ الربا‪ ،‬فليس لهم سلطة اتخاذ القرار بأخذه فض الً عن قصدهم‬
‫ه ذا األخ ذ‪ ،‬وهم س وف يطه رون أم والهم من ه ذه الفوائد الربوية بعد حص رها ومعرفته ا‪ ،‬ومن يقصد‬
‫الربا‪ ،‬ال يتطهر منه‪.‬‬
‫(‪)96‬‬
‫ثم إن ثمة فرق بين المجهول الذي لم تعلم حرمته‪ ,‬وبين الربا الذي األصل فيه الحظر والمنع ‪ ,‬فال‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫بد إذاً من النظر إلى كل مس ألة بعينها ويؤيد ذلك ح ديث فض الة بن عبيد في القالدة ال تي فيها خ رز‬
‫(‪)97‬‬
‫وذهب‪ ،‬فقد أمر عليه الص الة والس الم بال ذهب ف نزع وح ده‪ ،‬ثم ق ال‪:‬ال ذهب بال ذهب وزن اً ب وزن‬
‫فالمساهمة في هذه الشركات إقرار بدخول الربا معلوم القدر والحرمة في أنشطة الشركة‪.‬‬
‫وه ذا ض عيف؛ ألنه مب ني على تقرير حرمة الربا وحظ ره والمخ الف ال ين ازع في ذلك أص الً‪ ،‬وإ نما‬
‫ينازع في تغليب هذه النسبة القليلة التابعة غير المقصودة‪ ،‬والمتوقع التطهر منها على الغالب األعم من‬
‫أنشطة الشركة‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬عدم التسليم بأن الربا في هذه المعامالت تابع للنشاط الذي تقوم به هذه الشركات‪ ،‬بل هو عمل مستقل‬
‫ومنفرد‪ ،‬بينما المراد بالتابع في القاعدة (ما ال يوجد مستقالً بنفسه‪ ،‬بل وجوده تابع لوجود غيره فه ذا ال‬
‫ينفك حكمه عن حكم متبوع ه)(‪ ،)98‬ومن ه ذا يظهر أن القاع دة ليست على إطالقها بل هي مش روطة‬
‫(‪)99‬‬
‫والربا‬ ‫بعدم قصد التابع واستقالله ومن هنا جاءت قاعدة‪( :‬التابع ال يفرد بحكم مالم يكن مقصوداً)‬
‫اليتعلق بالنش اط‪ ،‬فليس ج زء منه وال هو من ش روطه‪ ،‬ولو قيل ذلك في الت أمين لربما ك ان له وجه‬
‫باعتبار أن بعض األنظمة تشترط التأمين في بعض المعامالت التجارية‪ ،‬أما الربا فال (‪.)100‬‬
‫وه ذا الج واب ض عيف‪ ،‬ألن الاس تقاللية في أخذ الفوائد الربوية ال يمكن أن توصف بها الش ركات‬
‫المختلطة‪ ،‬ألن العبرة هو في النشاط الذي من أجله أسست هذه الشركات‪ ،‬وهذا النشاط هو في الغالب‬
‫نش اط مب اح‪ ،‬ويتضح األمر إذا عكس نا الص ورة‪ ،‬فقلنا إن الغ رض من انش اء البن وك الربوية إنما هو‬
‫التعاطي بالفوائد الربوية أكالً أو إيكاالً مع أن هذه المصارف تمارس أنشطة مباحة كصرف العمالت‬
‫وتقديم خدمات مباحة‪ ،‬كتسديد فواتير االتصاالت والماء والكهرباء إلى غير ذلك من األنشطة المباحة‪،‬‬
‫ومع ذلك فنحن متفقون على حرمة المساهمة فيها وإ ن كانت تمارس أنشطة مباحة ألن ممارستها لهذه‬
‫األنشطة جاءت بطريق التبع ال بطريق االستقالل‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬المعارضة بقواعد هي أقوى من القاعدة التي استدل بها المخالف كقاعدة "درء المفاسد أولى من جلب‬
‫إذا اجتمع الحالل والح رام غلب الح رام" (‪ ،)102‬فكيف ت ركتم االحتج اج به ذه‬ ‫(‪)101‬‬
‫المص الح" وقاع دة"‬
‫القواعد الفقهية إلى قواعد أضعف منها كقاعدة التابع تابع؟‪.‬‬

‫(?) البورنو‪ ،‬الوجيز في ايضاح القواعد الفقهية‪ ،‬ص‪.331‬‬ ‫‪98‬‬

‫(?) الزرقا‪ ,‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬ص ‪.257‬‬ ‫‪99‬‬

‫(?) الغامدي‪ ،‬ص‪.1437‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪91‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وه ذا الج واب ال يب دو متجه اً؛ وذلك ألن إعم ال قاع دة "إذا اجتمع الحالل والح رام غلب الح رام" ليس‬
‫على إطالقه‪ ،‬وإ نما يمكن إعمالها فيما اليمكن فيه فصل الحالل عن الحرام‪ ،‬أما إذا أمكن فصل الحالل‬
‫عن الحرام فال يغلب الحرام؛ ألنه والحالة هذه يمكن االنتفاع بالحالل دون الوقوع في مقارفة المحرم‪.‬‬
‫كما أن الفقهاء يفرقون بين ما حرم ألصله وبين ماحرم لوصفه‪ ،‬فيغلبون الحرام في األول إذا لم يمكن‬
‫فصله عن المباح وال يغلبونه في الثاني‪.‬‬
‫ق ال ابن تيمي ة‪" :‬الح رام نوع ان‪ :‬ح رام لوص فه كالميتة وال دم ولحم الخ نزير‪ ,‬فه ذا إذا اختلط بالم اء‬
‫والم ائع وغ يره من األطعم ة‪ ،‬وغ ير طعمه أو لونه أو ريحه حرم ه‪ ،‬وإن لم يغ يره ففيه ن زاع ليس ه ذا‬
‫موضعه‪ ،‬والثاني‪ :‬الحرام لوصفه‪ ،‬كالمأخوذ غصباً أو بعقد فاسد‪ ،‬فهذا إذا اختلط بالحالل لم يحرمه‪،‬‬
‫فلو غصب الرجل دراهم أو دنانير أو دقيقاً أو حنطة أو خبزاً وخلط ذلك بماله لم يحرم الجميع"(‪.)103‬‬
‫وينبني على هذا الكالم قاعدة أخرى أشار إليها ابن تيمية وهي قاعدة "من اختلط بماله الحالل والحرام‬
‫أخرج قدر الحرام والباقي حالل له"(‪.)104‬‬
‫ونقل ابن حزم اجماع األمة على أن مجرد الخلطة بالحرام ال تحرم المباح فال يزال المسلمون يؤمون‬
‫األسواق التي يختلط فيها الحالل بالحرام وتوجد فيها البضائع المسروقة والمغصوبة‪ ،‬ولم يقل أحد من‬
‫المسلمين بحرمة الشراء من السوق ألجل هذه الخلطة‪ ,‬قال ابن حزم‪ ":‬ويكفي من هذا كله إجماع األمة‬
‫كلها نقالً عص راً عن عص ر‪ ،‬أن من ك ان في عص ره ص لى اهلل عليه وس لم وبحض رته في المدين ة‪ ،‬إذا‬
‫أراد ش راء ش يء مما يؤك ل‪ ،‬أو ما يلبس‪ ,‬أو يوط أ‪ ,‬أو ي ركب‪ ,‬أو يس تخدم‪ ,‬أو يمتل ك‪,‬أو أي ش يء‪ ,‬أنه‬
‫ك ان ي دخل س وق المس لمين ‪ ,‬أو يلقى مس لماً ي بيع ش يئاً ويبتاعه منه‪ ،‬فله ابتياع ه‪ ,‬ما لم يعلمه حرام اً‬
‫بعين ه‪ ,‬أو ما لم يغلب الح رام عليه غلبة يخفى معها الحالل‪ ,‬وال شك أن في الس وق مغص وباً ومس روقاً‬
‫ومأخوذاً بغير حق‪ ,‬وكل ذلك قد كان في زمن النبي ‪ ,‬فما منع النبي ‪ ‬من شيء من ذلك"(‪.)105‬‬
‫وأما قاع دة درء المفاسد أولى من جلب المص الح‪ ،‬فتنزيلها على مع امالت الش ركات المختلطة ض عيف‬
‫حيث إن القاعدة األقرب لتلك المعامالت واألنشطة هي قاعدة "إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما‬
‫بارتكاب أخفهما" (‪.)106‬‬
‫وأدلة الشرع متضافرة على أنه في هذه الحالة ترتكب المفسدة األخف درءاً لألعظم(‪.)107‬‬
‫ومن خالل ما تق دم يظهر أن المعارضة بالقواعد آنفة ال ذكر هي معارضة ليست في محله ا‪ ,‬ذلك أن‬
‫اإلختالط في الش ركات المختلطة مما يمكن فيه فصل الم ال الح رام والتخلص منه ع بر ما يس مى‬
‫ب التطهير حيث تق وم الش ركات بإص دار تق ارير عن أرباحها ومص ادر تلك األرب اح‪ ،‬األمر ال ذي يعين‬
‫على معرفة نسبة األرباح المتأتية من الفوائد الربوية بالنسبة لمجمل األرباح‪ ،‬كما أن المفسدة الحاصلة‬
‫بعدم المساهمة في هذه الشركات مما يستتبع ضعفاً في مجمل االقتصاد المحلي لكل بلد إسالمي أعظم‬
‫من مفسدة مقارفة الربا مع أن هذه المفسدة يتم تجنبها عبر ما يعرف بالتطهير‪.‬‬
‫إن إعمال هذه القاعدة على إطالقها يلزم منه القول باستحالل قليل الربا تبعاً لحل األصل في الشركة‪,‬‬ ‫سابعاً‪:‬‬
‫(‪)108‬‬
‫‪.‬‬ ‫وهذا الالزم باطل فيدل على بطالن ملزومه‬

‫(?) الزرقا‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬ط‪2001‬م‪6 ،‬م‪ ،‬دار البشير‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪ ،‬ص ‪.201‬‬ ‫‪106‬‬

‫(?) النووي‪ ,‬شرح النووي على مسلم‪ ,4/158,‬ابن حجر‪ ,‬فتح الباري‪ , 2/161,‬ابن تيمية‪ ,‬مجموع الفتاوى‪.31/92‬‬ ‫‪107‬‬

‫(?) العمر‪ .‬منصور أثر البيوع المنهي عنها‪ ،‬ص‪.71‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪92‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫وال يب دو ه ذا متجه اً؛ وذلك ألن الق ول بج واز المس اهمة‪ ,‬إعم االً للقاع دة المتقدمة اليس تلزم اس تحالل‬
‫الرب ا‪ ,‬بل غاية م ايلزم من ه‪ ,‬الق ول بج واز المس اهمة في ه ذه الش ركات وإ باحة ه ذا الن وع من المعاملة‬
‫لتبعيتها لألصل على أن يتم تطه ير ه ذا الم ال للتخلص من الفوائد الربوي ة‪ ,‬فاتضح ب ذلك الف رق بين‬
‫استحالل الربا والقول بجواز المعاملة والعفو عن قليله تمهيداً للتطهر منه‪.‬‬
‫‪ .3‬وأما االستدالل بعدم إمكانية التحرز ووقوع الحرج والمشقة بسبب ذلك فيتوجه إليه عدة أجوبة وإ يرادات‬
‫فيما يأتي أبرزها‪:‬‬
‫المنازعة في اندراج مسألة المساهمة في الشركات المختلطة تحت أصل عدم القدرة على التحرز‪ ،‬ذلك‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫أن هذا األصل ينطبق على مسائل فقهية تنطوي على تكاليف شرعية يجعل عدم امكانية التحرز عنها‬
‫القي ام به ذه التك اليف مش تمالً على مش قة زائ دة عن مش قة التكليف ذات ه‪ ،‬وليس يص دق ذلك على مس ألة‬
‫المس اهمة في تلك الش ركات‪ ،‬فكث ير من المس لمين يمتنع ون عن المس اهمة فيها وال تلحقهم ل ذلك مش قة‪،‬‬
‫والحق أن هذا ضعيف؛وذلك ألن الفئة التي نتحدث عن عدم قدرتها على التحرز ولحوق المشقة بها‬
‫هي فئة مخصوصة ومح ددة‪ ،‬وهي فئة المس تثمرين ولس نا نتح دث عن عم وم المس لمين ح تى يق ال إن‬
‫كث يراً من المس لمين يمتنع ون عن المس اهمة في تلك الش ركات ويمكنهم التح رز عنها وال تلحقهم ب ذلك‬
‫مش قة‪.‬ثم إن فقهاءنا لم يش ترطوا إلعم ال أصل عم وم البل وى وع دم إمكاني ةالتحرز أن يتن اول جميع‬
‫المس لمين‪ ،‬وإ نما ك انوا في الغ الب يتح دثون عن ش رائح وفئ ات بعينه ا‪،‬حيث ق الوا ب العفو عن النجاسة‬
‫التي تلحق الجزارين‪ ،‬فيعفى في حقهم عن قليل الدم لعدم امكانية تحرزهم من ذلك‪،‬وال يعفى عن نفس‬
‫المقدار من الدم في حق غيرهم مما ال تضطره طبيعة عمله إلى مباشرة النجاسة أو مخالطتها؛ فض الً‬
‫عن أن المش قة والح رج قد يلحق ان مجم وع األمة إذا أدى الق ول بحرمة المس اهمة في الش ركات‬
‫المختلطة إلى انسحاب المسلمين الملتزمين بإسالمهم الحريصين على شرع اهلل من الحياة االقتصادية‬
‫لألمة وعن دها يتحكم بها أقط اب االقتص اد الرب وي وحيت ان المض اربات ومح ترفو االقتص اد الرم زي‬
‫الرقمي الورقي الذي ال يكون له رصيد عيني حقيقي‪.‬‬
‫التناقض في أحكامهم(‪ ،)109‬حيث أننا نعلم أن ما ال يمكن التحرز منه يعفى عن يسيره وال يلحق المكلف‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫داء ثم يوجب ون‬
‫ح رج إذا تلبس ب ذلك اليس ير‪ ،‬بينما نجد الق ائلين بج واز المس اهمة ي بيحون المس اهمة ابت ً‬
‫على المساهم أن يتخلص من النسبة الربوية من عوائد تلك المساهمة‪ ،‬وهذا تناقض؛ ألن المساهمة إن‬
‫كانت حرام اً يأثم المسلم إن ساهم فيها‪ ،‬وإ ن كانت مباحة‪ ،‬لم يلزمه أن يتخلص من الجزء الحرام في‬
‫مس اهمته والحق أن ه ذا ال يب دو متجه اً؛ وذلك ألن إباحة المس اهمة ته دف إلى تمكين المس لم من‬
‫الحص ول على العوائد المباحة ال تي تش كل األس اس والغ الب في عوائد تلك الش ركات‪ ،‬بينما أوجب‬
‫أنص ار المس اهمة التخلص من الج زء الرب وي كي تخلص العوائد مما ش ابها من الرب ا‪ ،‬وله ذا فيظهر‬
‫للباحث أن أنصار المساهمة متوازنون‪ ،‬فعلى حين أباحوا المساهمة تغليب اً لجانب العوائد المباحة التي‬
‫هي األصل والغالب‪ ،‬فإنهم لم يهملوا هذه النسبة القليلة من العوائد الربوية‪ ،‬فأوجبوا التخلص منها‪.‬‬
‫الفرق بين مسائل التحرز عموماً ومسألة المساهمة حيث ان مسائل التحرز ال يكون فيها عمد بخالف‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫مس ألة المس اهمة حيث لو ف رض أن رجالً أتى بقليل النجاسة ووض عه على ثوبه ف إن الث وب يتنجس‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.64‬‬ ‫‪109‬‬

‫‪93‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لتعم ده‪ ،‬بخالف ما لو أص اب ثوبه نجاسة يس يرة من غ ير تعمد من ه‪ ،‬وليس األمر ك ذلك في مس ألة‬
‫المساهمة‪ ،‬حيث القصد والتعمد فيها واضحان (‪.)110‬‬
‫ويظهر للباحثين أن هذا ضعيف هو اآلخر‪ ،‬وذلك ألن المساهم وهو يساهم في هذا النوع من‬
‫الش ركات ال يقصد إلى ه ذا القليل المح رم وإ نما يه دف إلى الكث ير المب اح فه ذا الج واب يرتكز على‬
‫تعمد المساهمة الربوية‪ ،‬والمساهم في هذا النوع من الشركات ليس كذلك فال يبقى لهذا الجواب مرتكز‬
‫يرتكز إليه‪.‬‬
‫‪ .4‬وأما مسألة اختالط المال الحرام بالمباح فإن هذا االستدالل يرتكز على مرتكزين رئيسين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬اإلختالط في ذات الم ال‪ ،‬بمع نى أن الم ال المب اح ش ابه م ال ح رام‪ ،‬وفي ه ذا اإلط ار ف إن العلم اء لم‬
‫يجوزوا التصرف بالمال المباح الذي اليمكن فصله عن المال الحرام قبل التخلص من الجزء المحرم‬
‫في ه‪ ،‬فمن ك ان لديه م ال مب اح وفيه ق در من الح رام‪ ،‬فعليه أن يخ رج الح رام أوالً إذا ك ان معروف اً‪ ،‬أو‬
‫مق داره ال ذي ال يع رف عين ه‪ ،‬فال يتص رف فيه ح تى يع رف ق در ه ذا من ق در ه ذا وال يتص رف قبل‬
‫ذلك(‪.)111‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن تكون الحرمة متعلقة بالمالك الذي يختلط في ماله الحرام والمباح‪ ،‬فمعاملة هذا المالك مشروطة بعد‬
‫(‪)112‬‬
‫تم يز الحالل عن الح رام ‪ ،‬وليس األمر ك ذلك في مس ألتنا‪ ،‬ألن المس اهم يتص رف في الم ال بيع اً‬
‫وش راءاً وت داوالً بم وجب ملكيته في الش ركة قبل أن يع رف النس بة الربوية كي يتخلص منه ا‪ ،‬وقل مثل‬
‫ذلك في المرتكز الثاني حيث ال تعرف النسبة وال تتميز قبل المشاركة(‪.)113‬‬
‫وه ذا ض عيف هو اآلخ ر‪،‬وذلك ألن التخ ريج على أق وال الفقه اء‪ ،‬فروع اً أو أص والً ال يك ون به ذه‬
‫الطريق ة‪ ،‬حيث أن المس اهم عند المس اهمة ال يمكن أن ي تيقن من حص وله على أرب اح في ه ذا الس هم‬
‫أصالً‪ ،‬بل قد تكتنفه الخسارة‪ ،‬وهنا اليمكننا أن نتحدث عن مال معين أو غير معين‪ ،‬كما اليمكن معرفة‬
‫مقداره فضالً عن أصل حصوله‪ ،‬إال بعد صدور تقارير اإلفصاح من الشركات المعنية‪،‬وعندها يصح‬
‫التخ ريج‪ ،‬وبه ذا ف إن المس اهم يتخلص من المق دار غ ير المعين بانفاقه في أوجه ه‪ ،‬فيك ون ه ذا التخ ريج‬
‫الفقهي صحيحاً ومحققاً لشروط التخريج في اختالط المال المباح بالحرام والتي أشير اليها ب‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى فإن الكالم الوارد في محله عندما يتميز الحرام عن المباح وهذا ال يكون اال بعد صدور تقارير‬
‫اإلفص اح‪ ،‬والرج وع إلى بيان ات الش ركة في تحديد االرب اح والعوائد إنما يك ون بعد ص دور بيان ات‬
‫االفصاح ال قبله الن األرباح والخسائر قبل ذلك غير منظورة أو غير محققة‪.‬‬
‫‪ .5‬وأما االستدالل بقاعدة لألكثر حكم الكل‪ ،‬فأجيب عنه بعدة أجوبة منها‪:‬‬
‫أن ه ذه القاع دة ليست مطلق ة‪ ،‬كما أنها ليست مط ردة(‪ ،)114‬فلقد ورد على ألس نة الفقه اء تقيي دها ب أغلب‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫األح وال‪ ،‬فيقول ون إن لألك ثر حكم الكل في أغلب األح وال(‪ .)115‬وه ذا الج واب ال يق دح في الاحتج اج‬
‫بالقاعدة فكون أن لألكثر حكم الكل في أغلب األحكام ال يمنع أن تكون المساهمة في الش ركات المختلطة‬
‫داخلة في هذا األغلب‪ ،‬بل إن دخولها فيه أقوى من دخول غيرها من األحكام بسيطرة األعمال المباحة‬
‫على هذا النوع من الشركات ولحاجة المسلمين للتعامل به‪.‬‬
‫(‪)116‬‬
‫‪ .‬فالذي يفهم‬ ‫إن هذه القاعدة معارضة لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما أسكر كثيره‪ ،‬فقليله حرام)‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫من لفظ هذا الحديث يفيد عكس هذه القاعدة تماماً‪ ،‬إذ يفهم منه إقامة األقل مقام األكثر‪ ،‬وإ عطاؤه حكمه‪،‬‬
‫وليس إقامة األكثر مقام الكل‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫والحق أن ادع اء المعارضة ه ذا غ ير متج ه‪ ،‬وذلك ألن الح ديث يتح دث عن الخم ر‪ ،‬ال تي قد يفضي‬
‫الته اون في ش رب القليل منها إلى ش رب الكث ير‪ ،‬فض الً عن أن الن اس متف اوتون بالت أثر بش ربها‪ ،‬فلربما‬
‫أس كر منها القليل أناس اً‪ ،‬لو ش ربه آخ رون أو أك ثروا منه ما س كروا‪ ،‬فال يعد ه ذا الح ديث معارض اً لها‬
‫وال قادح اً في حجيتها‪ ،‬ولو سلمنا جدالً أن تلك القاعدة معارضة بهذا الحديث أو بما يفيده فما المانع أن‬
‫يك ون ش رب الخمر من بين مس تثنيات ه ذه القاع دة‪ ،‬ومعل وم أن القاع دة الفقهية هي أحك ام أغلبية تنطبق‬
‫على غ الب الح االت‪ ،‬ال على كلها له ذا كله يتضح أن معارضة القاع دة بالح ديث أو بمدلوله ال تب دو‬
‫متجهةً وال موصلة إلى مبتغى المحرمين في نسف االستدالل بهذا األصل‪.‬‬
‫إن الزم االستدالل بهذه القاعدة أن تكون العوائد الناشئة عن تلك المساهمة مباحة؛ وذلك ألن أكثر‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫العوائد متأتية من مج االت مباح ة‪ ،‬لكن أنص ار المس اهمة تناقض وا في ذلك ف أعملوا قاع دة إقامة األك ثر‬
‫مقام الكل في تجويز المساهمة‪ ،‬ولم يعملوها في استباحة العوائد(‪ .)117‬غير أن هذا ال يبدو متجه اً وذلك‬
‫ألن إفت اء أنص ار المس اهمة ب إخراج ما ي وازي النس بة الربوية من العوائد يتخ رج على قاع دة أخ رى‪،‬‬
‫وهي قاع دة تغليب الح رام إذا أمكن فص له‪ ،‬كما أنه يس تند إلى مب دأ وج وب التخلص من الح رام كي‬
‫يتطهر الب اقي‪ ،‬وتطيب به النفس‪ ،‬وبخاصة وأن ه ذا الح رام ال ي ؤمن أن يك ون داخالً في الح ديث‬
‫الشريف الذي فيه (‪ ...‬وذكر الرجل أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يارب يارب‪ ،‬ومطعمه حرام‬
‫وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك)(‪ .)118‬وبذا يتضح الفرق بين إقامة األكثر مقام الكل في‬
‫تجويز أصل المساهمة‪ ،‬وبين عدم إقامته في استباحة العوائد‪.‬‬
‫وأما االستدالل بمعاملة اليهود‪ ،‬ومن خالط أموالهم الحرام‪ ،‬فقد أجيب عنه بالفرق بين‬ ‫‪.6‬‬
‫أن تبايع اليهود أو تشاريهم‪،‬وهذا جائز لفعله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وبين أن تقيم شركة معهم أو مع غيرهم‬
‫ممن اختلطت أم والهم بين الحالل والح رام وش ابها ش يء من الح رام(‪ ،)119‬فمبايعة اليه ود ومش اراتهم تك ون‬
‫مقابل ع وض يب ذل في المبايعة والمش اراة‪ ،‬ويك ون م ال المس لم متم يزا عن م الهم‪ ،‬بخالف الش ركة‪ ،‬حيث‬
‫يك ون الم ال مختلطا وحيث أن الش ركة معهم ت ؤثرعلى الق رارات ال تي يتخ ذها مجلس اإلدارة فيما يتعلق‬
‫باألنشطة المحرمة تجنبا‪ ،‬أو ممارسة‪.‬‬
‫لكن هذا الفرق ال يبدو في محله‪ ،‬فباإلضافة إلى ما سبق أن ذكرناه في الجواب عن دليل اختالط األموال‪،‬‬
‫رق معق ول بين أن تب ايع أو تش اري من ش اب أم والهم الح رام‪ ،‬وبين أن ت دخل ش ريكاً معهم في‬
‫فال يب دو ف ٌ‬
‫شركة‪ ،‬وإ ذا كان ثمة من فرق فإن هذا الفرق قطعاً لصالح المساهمة وليس في صالح منعها‪ ،‬وذلك ألنك إن‬
‫اش تريت من أص حاب األم وال المختلطة أو بعتهم‪ ،‬فلربما اش تريت الم ال الح رام‪ ،‬أو قبضت الثمن الح رام‪،‬‬
‫ٍ‬
‫منتف في المساهمة التي ال يكون الحرام في الغالب فيها متعين اً‪ ،‬باإلضافة إلى أن المبايع أو المشاري‬ ‫وهذا‬
‫ال يلزمه التخلص من النسبة المحرمة‪ ،‬بخالف المشارك والمساهم الذين يلزمهما التخلص من هذه النسبة‪،‬‬
‫وبهذا يظهر جلياً أن الجواب عن هذا االستدالل ليس في محله‪.‬‬
‫وأما القياس على بيع الوفاء‪ ،‬فال يسعف أنصار المساهمة‪ ،‬وذلك لأنهم في هذه الحالة‬ ‫‪.7‬‬
‫يكون ون قد قاس وا ب اطالً على باط ٍل‪ ،‬حيث إن بيع الوف اء باط ل‪ ،‬ص در في بطالنه ق رارات مجمع الفقه‬
‫اإلس المي حيث ج اء فيه ا‪ :‬أن حقيقة ه ذا ال بيع (ق رض جر نفع اً)‪ ،‬فهو تحايل على الربا وبع دم ص حته ق ال‬
‫جمهور العلماء‪ ،‬وجاء أيض اً يرى المجمع الفقهي أن هذا العقد غير جائز شرعاً(‪ .)120‬بيد أن هذا ال يبدو‬
‫متجه اً وال في محل ه‪ ،‬ألن أنص ار المس اهمة لما قاس وا المس اهمة على بيع الوف اء فإنما قاس وه على الم ذهب‬

‫‪95‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ال ذي يص حح بيع الوف اء وإ ال لما صح قي اس ق ط‪ ،‬ألنه ما من أصل‪-‬وأع ني باألصل هنا‪ -‬األصل القياس ي‪،‬‬
‫أي باعتب اره ركن اً من أرك ان القي اس فما من أصل به ذا اإلعتب ار إال وهو مختلف بحكم ه‪ ،‬فلو قلنا ببطالن‬
‫هذا القياس لما صح قياس قط(‪.)121‬‬
‫وأما االستدالل بقياس المساهمة في الشركات المختلطة من حيث الجواز على لبس‬ ‫‪.8‬‬
‫الحرير للرجال فأجيب عنه بأنه قياس مع الفارق‪ ،‬فقد ورد النص بإباحة القليل التابع من الحرير‪ ،‬ولم يرد‬
‫ٍ‬
‫متجه‬ ‫مثله في ربا الديون‪ ،‬ثم إن الحرير يباح أحياناً للحاجة ابتداءاً وليس كذلك ربا الديون(‪ .)122‬وهذا غير‬
‫أيضاً؛ وذلك ألن الحرير إن أبيح قليله للرجال لدعاء الحاجة إليه فإن المساهمة في تلك الشركات هي أكثر‬
‫اس تدعاءً للحاج ة‪ ،‬وذلك ألن الحاجة إلى لبس الحرير هي حاجة شخص ية وفردية في حق من احت اج إلى‬
‫لبسه بخالف المساهمة في هذه الشركات فإن الحاجة فيها هي حاجة أمة إلى تفعيل اقتصادها وبالتالي فهي‬
‫حاجة عامة والحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة كما سبق أن بينا في مناقشة الدليل األول‪.‬‬
‫وأما القياس على بيع العرايا فأجيب عنه بما يأتي(‪:)123‬‬ ‫‪.9‬‬
‫أن استثناءه ورد بالنص فالذي استثناه‪ ،‬هو النبي ‪:‬‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫أن هذا القياس قد أبطل بقرار من المجمع الفقهي اإلسالمي‪ ،‬حيث جاء فيه‪( :‬بأن االحتجاج بالعرايا ال‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫تثناء بنص خ اص وهو ما يع بر عنه بما ج اء على خالف القي اس‪ ،‬فقد‬
‫يصح ألن تجويز العراي ا ورد اس ً‬
‫اشترط جمهور الفقهاء واألصوليين في حكم األصل أال يكون معدوالً به عن سنن القياس)(‪.)124‬‬
‫وهذه األجوبة في مجموعها غير كافية‪ -‬في تقديري‪ -‬لمنع القياس على بيع العرايا‪ ،‬وذلك بالنظر إلى‬
‫علة إباحة بيع العراي ا‪ ،‬واس تثناءه من األنم اط الربوية في ه ذا اإلط ار‪ ،‬وذلك أن الحاجة داعية إلى مثل‬
‫ه ذا الن وع من ال بيوع كي يتمكن ص احب ال رطب من أكل التم ر‪ ،‬أو يتمكن ص احب التمر من أكل‬
‫ام يمس‬
‫نى خاص اً مح دوداً في ذلك الزم ان والمك ان‪ ،‬وإ نما هي أمر ع ٌ‬
‫ال رطب‪ ،‬والحاجة ليست مع ً‬
‫مجم وع األم ة‪ ،‬ف إذا أبيحت العرايا من أجل ه ذه الحاجة الشخص ية الفردية فألن تب اح المس اهمة‬
‫بالش ركات المختلطة تلبية لحاجة عامة من ب اب أولى بل إن الحاجة العامة ت نزل في كث ير من األحي ان‬
‫منزلة الضرورة‪.‬‬
‫‪.10‬وأما االستدالل بقياس المساهمة في الشركات المختلطة على بيع الغرر فقد أجيب عنه بما يلي‪:‬‬
‫أنه قياس مع الفارق‪ ،‬ألن الغرر اليسير‪ ،‬إنما اغتفر في عقود المعاوضات ألنه أمر يكاد يكون مالزم اً‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫لتلك العقود بحيث يندر أن يقع عقد منها بدون الغرر وأقوال العلماء في ذلك كثيرة ومنها‪:‬‬
‫‪ .1‬قال المواق‪( :‬يسير الغرر عفو إذ ال يكاد عقد يخلو منه)(‪.)125‬‬
‫‪ .2‬قال ابن عبد البر‪( :‬وال يكاد شيء يخلو من البيوع يسلم من قليل الغرر فكان معفواً عنه)(‪.)126‬‬
‫‪ .3‬وق ال الش اطبي‪ ( :‬وبالنس بة إلى الم ال أيض اً في ال ترخيص في الغ رر اليس ير والجهالة ال تي ال‬
‫انفكاك عنها في الغالب)(‪.)127‬‬
‫لكن هذه المسامحة وذاك االغتفار اللذين رأيناهما في الغرر اليسير في عقود المعاوضات‪ ،‬لسنا نرى‬
‫نظيراً لهما فيما يتعلق بيسير الربا‪ ،‬بل الذي رأيناه تشدداً في الربا وما يستتبعه من آثار‪ ،‬ومن هنا فرق‬
‫العلماء بين يسير الغرر ويسير الربا‪ ،‬قال ابن تيمية‪( :‬ومفسدة الغرر أقل من الربا‪ ،‬فلذلك رخص فيما‬

‫(?) المواق‪ ،‬التاج واإلكليل في شرح مختصر سيدي خليل‪.)4/365(،‬‬ ‫‪125‬‬

‫(?) ابن عبد البر‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد (‪.)2/191‬‬ ‫‪126‬‬

‫‪96‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫ت دعو الحاجة اليه من ه‪ ،‬ف إن تحريمه أشد ض رراً من ض رر كونه غ رراً‪ ،‬مثل بيع العق ار جملة وإ ن لم‬
‫يعلم دواخل الحيط ان واألس اس‪ ،‬ومثل بيع الحي وان الحامل أو المرضع وإ ن لم يعلم مق دار الحمل أو‬
‫(‪)128‬‬
‫وقال المواق‪( :‬الربا‬ ‫اللبن‪ ،‬وإ ن كان قد نهي عن بيع الحمل مفرداً‪ ،‬وكذلك اللبن عند األكثرين‪).....‬‬
‫ال يج وز منه قليل وال كثير ال لتبعية وال لغير تبعية)(‪ ،)129‬وقال الخطابي‪( :‬ال فرق بين القليل والكثير‬
‫فيما يدخله الربا)(‪.)130‬‬
‫والحق أن هذا الجواب ال يبدو متجه اً؛ وذلك ألن مبناه على عدم التفرقة بين يسير الربا وكثيره‪ ،‬وهذا‬
‫إنما يك ون في األح وال العادية بعي داً عن الحاجة وفي مع زل عن االختالط بالمب اح‪ ،‬والنص وص ال تي‬
‫أوردها الفقهاء في عدم التفرقة بين يسير الربا وكثيره تنصرف إلى التفاوت في مقدار الربا‪ ،‬بمعنى أنه‬
‫ال فرق بين أن تكون الزيادة الربوية على رأس المال ديناراً واحداً أو مئة دينار‪ ،‬وال تعرض في هذه‬
‫النص وص وفي غيرها لمس ألة المس اهمة المبتن اة على ك ون المعاملة في غالبها مباح ة‪ ،‬وقد يتس لل الربا‬
‫إليها عن غير قصد‪ ،‬فشتان بين هذا وذاك‪.‬‬
‫ومع هذا فإن أنصار المساهمة لم يفرقوا بين كثير الربا ويسيره عندما أوجبوا على المساهم أن يتخلص‬
‫من هذه النسبة الربوية التي تسللت إلى عوائده جراء المساهمة‪ ،‬وبذا فإن هذا قد أتي عليه من القواعد‬
‫فما عاد قادراً على إبطال القياس المشار اليه‪.‬‬
‫أن االغتفار والمسامحة بيسير الغرر في عقود المعاوضات ليستا على إطالقهما‪ ،‬بل هما محفوفتان‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫بجملة من الشروط ذكر بعض الفقهاء أبرزها‪ ،‬ككون الغرر يسيراً ومحتاج اً إليه‪ ،‬وغيرمقصود لذاته‪،‬‬
‫قال ابن تيمية‪( :‬والحاجة الشديدة يندفع بها يسير الغرر)(‪)131‬وقال المواق‪( :‬وقد يجوز الغرر اليسير إذا‬
‫دعت الضرورة إليه وال يجوز إذا لم تدع إليه حاجة)(‪ )132‬وقال النفراوي‪( :‬واغتفر غرر يسير للحاجة‬
‫لم يقص د‪ ،‬كأس اس ال دار المبيعة وكالجبة المحش وة‪ ،‬وأما الس مك في الم اء أوالط ير في اله واء فممتنع‬
‫(‪)133‬‬
‫إجماعاً)‪.‬‬
‫الحق أن ه ذا ال يب دو متجه اً؛ وذلك ألن الش روط ال تي أش ار اليها الفقه اء في نصوص هم ال تي أوردنا‬
‫طرف اً منها هي ب ذاتها مت وفرة ومراع اة في الق ول بج واز المس اهمة بالش ركات المختلط ة‪ ،‬ف إن األرب اح‬
‫المتأتية عن معاملة تلك الش ركات مع المص ارف التقليدية اقراض اً أو استقراض اً أو إي داعاً هي في غاية‬
‫القلة وال نزارة إذا ما قيست ب الحجم الكلي للعوائد المتأتية عن المس اهمة في تلك الش ركات‪ ،‬وبه ذا يظهر‬
‫جلي اً أن الش روط المش ار إليها في إي راد م انعي المس اهمة ملحوظة عند أنص ار المس اهمة‪ ،‬ألن الق ائلين‬
‫بج واز المس اهمة يش رطون ه ذه الش روط إلباحة المس اهمة ابت داءً‪ ،‬ويض يفون إلى ذلك كله ايج اب‬
‫التخلص من األرباح المتسللة للعوائد فيما يعرف بالتطهير‪ ،‬فكيف يقال والحالة هذه إن أنصار المساهمة‬
‫لم يلحظوا هذه الشروط؟‪.‬‬
‫التن اقض عند أنصار المساهمة‪ ،‬فرغم تجويزهم وإ باحتهم المساهمة في هذا النوع من الشركات اس تناداً‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫إلى ه ذا القي اس إال أنهم أوجب وا على المس اهمين التخلص مما ي وازي نس بة الفوائد الربوية من عوائد‬
‫المس اهمة‪ ،‬وه ذا تن اقض ف إذا ك انت المس اهمة في تلك الش ركات اس تناداً إلى القي اس المش ار اليه س ائغة‬
‫ومباح ة؛ فما مس وغ إيج اب التخلص من النس بة المش ار اليه ا‪ ،‬إنه يل زم على ق ول أنص ار المس اهمة‬

‫‪97‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وجوب أن يتخلص من ب اع أو اشترى بغ رر يسير ما يوازي هذا الغ رر من ثمن مبيعه‪ ،‬أو من سلعته‬
‫التي اشتراها‪ ،‬ولم يقل أحد بذلك‪.‬‬
‫وال يخفى أن ه ذا التن اقض المف ترض ليس قائم اً في الواقع ونفس األم ر‪ ،‬وذلك ألن تج ويز المس اهمة‬
‫وإ باحتها ش يء وإ يج اب التخلص مما ي وازي النس بة الربوية المتس للة إلى عوائد تلك المس اهمة ش يء‬
‫آخ ر‪ ،‬فالجهة منفكة بين األم رين‪ ،‬وال يل زم من تج ويز المس اهمة اس تباحة تلك النسب الربوية المتس للة‬
‫إلى عوائد المساهمة‪ ،‬ثم إن تجويز المساهمة يكون قبل أن يعرف المساهم إن كان قليل الربا قد تسرب‬
‫إلى عوائد مس اهمته أم ال‪ ،‬وقبل أن يع رف مق دار ه ذا القليل إن وجد ونس بته إلى الحجم الكلي لتلك‬
‫العوائد‪ .‬ومما يل زم أخ ذه بعين االعتب ار هنا أن تجويزالمس اهمة مب ني على ان الح رام نادروقليل‪،‬‬
‫داء‪ ،‬لكن ه ذا كله ال يمنع وج وب التخلص من ه ذا‬
‫والن ادرال حكم ل ه‪ ،‬فال ي ؤثر في تج ويز المس اهمة ابت ً‬
‫النادر إذا حصل أساسا‪ ،‬لأن المساهمة ال تؤدي تلقائيا إلى الربح بل قد تتحصل الخسارة وبالتالي فإنه ال‬
‫عوائد محرمة ينبغي التخلص منها‪.‬‬

‫(?) العمرو‪ ،‬منصور‪ ،‬أثر البيوع المنهي عنها‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫‪77‬‬

‫(?) الزرقا‪ ،‬أحمد شرح القواعد الفقهية‪.1/34 :‬‬ ‫‪78‬‬

‫(?) الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.53‬‬ ‫‪79‬‬

‫(?) انظر‪ :‬الباحسين‪ ،‬القواعد الفقهية‪ ،‬ص‪.278‬‬ ‫‪80‬‬

‫(?) انظر‪ :‬المواهب السنيه على نظم الفرائد البهية‪،‬عبد اهلل بن سليمان الجرهزي الشافعي‪ ،‬تحقيق‪ :‬رمزي بن محمد‬ ‫‪81‬‬

‫ديشوم‪ ،‬ط‪1998‬م‪ ،‬المكتب االسالمي‪.1/288 ،‬‬


‫العصيمي‪ ،‬صالح بن مقبل‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.53‬‬ ‫(?)‬
‫‪82‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬صالح بن مقبل‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشريعة‪ ،‬ص‪.54‬‬ ‫‪83‬‬

‫(?) ابن تيمية‪ ،‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪،‬ج‪ ،20‬ص‪.539‬‬ ‫‪86‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.55‬‬ ‫‪90‬‬

‫(?) الشبيلي‪ ،‬األسهم والسندات‪ ،‬ص‪.147‬‬ ‫‪93‬‬

‫(?) انظر الزرقا‪ ،‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.257‬‬ ‫‪94‬‬

‫(?) العمرو‪ ،‬منصور‪ ،‬آثار البيوع المنهي عنها‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫‪95‬‬

‫(?) السعيدي‪ ,‬عبد اهلل بن محمد‪,‬الربا في المعامالت المالية المعاصرة ‪.1/737‬‬ ‫‪96‬‬

‫(?) أخرجه مسلم‪ ,‬كتاب المساقاة‪ ,‬باب بيع القالدة التي فيها خرز وذهب‪-1519-‬‬ ‫‪97‬‬

‫(?) ابن تيمية‪,‬مجموع الفتاوى‪.29/320 ,‬‬ ‫‪103‬‬

‫(?) المرجع السابق‪.29/273‬‬ ‫‪104‬‬

‫(?) ابن حزم األندلسي‪ ,‬اإلحكام في أصول األحكام ‪.6/184‬‬ ‫‪105‬‬

‫(?) المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64‬‬ ‫‪110‬‬

‫(?) السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر‪ ،‬ص‪ .75‬أبن اللحام‪ ،‬القواعد والفوائد األصوليه‪ ،‬ص‪ .20‬ابن القيم‪ ،‬بدائع الفوائد (‬ ‫‪111‬‬

‫‪.)275-3/257‬‬
‫(?) السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر‪ ،‬ص‪.76‬‬ ‫‪112‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.60‬‬ ‫‪113‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.64‬‬ ‫‪114‬‬

‫‪98‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫وأما اس تدالل أنص ار المس اهمة ب العرف فقد أج اب عنه مانعوها ب أن الع رف ال يك ون حجة إذا ص ادم‬ ‫‪.11‬‬
‫النص وص الش رعية أو القواعد الكلي ة‪ ،‬أو المب ادىء العامة المق ررة في الش ريعة اإلس المية‪ ،‬وأنه س اعتها‬
‫سيكون عرف اً فاسداً يجب تركه‪ ،‬قال صالح بن زابن الم رزوقي‪ ،‬وهو من مانعي المساهمة في رده على‬
‫القره داغي من أنصارها‪( :‬وقد استشهد بالعرف‪ ،‬ومن شروط االستدالل بالعرف أال يصادم نصاً شرعي ًا‪،‬‬
‫والعرف الذي يذكره عرف فاسد يصادم النصوص الشرعية‪ ،‬فال يصح االحتجاج به)(‪ ،)134‬والحق أن هذا‬
‫الجواب ضعيف لما يأتي‪:‬‬
‫أما ادعاء معارضته للنصوص فغير صحيح‪ ،‬وذلك ألن النصوص التي احتج بها مانعوا المساهمة‬ ‫‪‬‬
‫نص وص عامة ليست ص ريحة في محل ال نزاع‪ ،‬ويقر بها المخ الف كما يقر بالق در المتفق عليه من‬
‫داللته ا‪ ،‬فال أحد من أنص ار المس اهمة يق ول بج واز الرب ا‪ ،‬كما ال أحد منهم أيض اً يف رق بين يس يره‬
‫وكثيره‪ ،‬فيبيح اليسير منه دون الكثير‪ ،‬واإلشكالية التي تبرز هنا‪ ،‬هي عدم تفرقة البعض بين النص‬
‫وبين فهم النص‪ ،‬فمج وزو المس اهمة وأنص ارها لم يعارض وا النص وإ نما عارض وا فهم م انعي‬
‫النص‪ ،‬بدليل أنهم أوجبوا التخلص من الربا‬
‫أما ادعاء معارضتها بمبادىء الشريعة وقواعدها الكلية‪ ،‬فللمخالف أن يقول أيضاً‪ ،‬بأن فتوى مانعي‬ ‫‪‬‬
‫المس اهمة معارضة لقواعد الش ريعة ومبادئها وال تي س اق أنص ار المس اهمة طرف اً منها في أدلتهم‬
‫السابقة المجوزة لالستثمارفي هذا النوع من الشركات‪.‬‬
‫وأما القول بأن تطهير األسهم‪ ،‬يخلصها من الحرمة التي شابتها‪ ،‬على التسليم بالحرمة أصالً‪ ،‬فقد أجاب‬ ‫‪.12‬‬
‫عنه م انعوا المس اهمة‪ ،‬ب أن ه ذا االس تدالل ذاته يحمل في ثناي اه التن اقض‪ ،‬ألن إيج اب أنص ار المس اهمة‬

‫(?) انظر‪ :‬البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس‪ ،‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪.)1/281(،‬‬ ‫‪115‬‬

‫(?) أخرجه الترمذي حدیث رقم (‪( ١٨٦٥‬وأخرجه النسائي في حدیث رقم‪ ،٥٠٩٧‬وأخرجه ابن حبان في صحيحه‬ ‫‪116‬‬

‫حديث رقم(‪ ،)5370‬وقال شعيب االرنأوط‪ :‬حديث حسن‪ .‬انظر‪ :‬صحيح ابن حبان‪.)12/192( ،‬‬
‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.65‬‬ ‫‪117‬‬

‫(?) أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب قبول الصدقة من الكسب الطيب‪ ،‬الحديث رقم‪.1686‬‬ ‫‪118‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.75‬‬ ‫‪119‬‬

‫(?) انظر‪ :‬مجلة المجمع الفقهي اإلسالمي‪ ،‬الدورة السابعة‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪.557‬‬ ‫‪120‬‬

‫ٍ‬
‫أصل متفق عليه بين المخالف‬ ‫فرع مختلف فيه على‬
‫(?) لكن يشترط حتى يكون القياس ملزماً للمناظر أن يتم قياس ٍ‬ ‫‪121‬‬

‫والقائس لكن ليس بالضرورة أن يكون حكم األصل متفقاً عليه عند كافة الفقهاء‪.‬‬
‫(?) الغامدي‪ ،‬مؤتمر االسواق واألوراق المالية والبورصات‪ ،‬ص‪.1434‬‬ ‫‪122‬‬

‫(?) العصيمي‪ ،‬األسهم المختلطة في ميزان الشرع‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫‪123‬‬

‫(?) انظر‪ :‬مجلة المجمع الفقهي اإلسالمي‪ ،‬الدورة التاسعة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.165‬‬ ‫‪124‬‬

‫(?) ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى ( ‪.)26،25 /29‬‬ ‫‪128‬‬

‫(?) المواق‪ ،‬التاج واألكليل (‪)4/365‬‬ ‫‪129‬‬

‫(?) الخطابي‪ ،‬معالم السنن (‪.)5/25‬‬ ‫‪130‬‬

‫(?) ابن تيمية‪،‬مجموع الفتاوى (‪.)29/49‬‬ ‫‪131‬‬

‫(?) المواق‪ ،‬التاج واإلكليل (‪.)4/294‬‬ ‫‪132‬‬

‫(?) النفراوي‪ ،‬الفواكه الدواني في شرح رسالة ابن ابي زيد القيرواني‪.)2/80( ،‬‬ ‫‪133‬‬

‫‪99‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫التطهير يدل على الحرمة بينما مذهبهم الجواز‪ ،‬كما سبق أن ذكرنا ذلك في أجوبة مانعي المساهمة على‬
‫بعض أدلة أنص ارها‪ ،‬وعرفنا هن اك أيض اً ض عف ه ذا‪ ،‬وأنه ال تن اقض النفك اك الجهة بين حكم أصل‬
‫المساهمة‪ ،‬وبين حكم التخلص من الربا المتسلل إلى العوائد‪.‬‬
‫وأما االستدالل بالمصلحة فقد أجيب عنه بجوابين(‪:)135‬‬ ‫‪.13‬‬
‫إن هذه المصلحة معارضة بمفسدة مساوية لها أو راجحة عليها ومعلوم أن درء المفاسد أولى من‬ ‫أ‪.‬‬
‫جلب المصالح‪.‬‬
‫إن المصلحة المترجاة من المساهمة هي مصلحة مظنونة بينما المفسدة الناشئة عن تلك المساهمة‬ ‫ب‪.‬‬
‫محققة‪ ,‬فكيف تقدم المصلحة المضنونة على المفسدة المحققة؟‪.‬‬
‫وهذان الجوابان يبدوان ضعيفين؛ وذلك ألن للمخالف أن يقلب االستدالل فيقول إن ترك المساهمة في هذه‬
‫الش ركات فيه مفس دة تتمثل في س يطرة رأس الم ال الح رام على الس وق وانس حاب المس لمين من الحي اة‬
‫االقتص ادية‪ ،‬وما ينش أ عن ذلك من مفاسد‪ ,‬وأن في المس اهمة مصلحةً عندما يأخذ المس لمون نصيبهم في‬
‫الحي اة االقتص ادية وربما أث روا في أرب اب االقتص اد الوض عي ال ذي ال يعب أ كث يراً ب القيم األخالقية‪.‬كما‬
‫يمكن الق ول ب أن في االستثمارمص لحة للمس لمين بتنمية األم وال وزيادتها حيث يك ون لهم دور ب ارزفي‬
‫النش اط االقتص ادي الع المي وإ ن ما يش وب االس تثمارمن معاملة محرمة فهو ن ادر‪ ،‬فال مس اواة بين‬
‫المصلحة الغالبة والمفسدة النادرة‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬الترجيح‬


‫وبعد هذا النظر في خالف العلماء في حكم المساهمة في الشركات المختلطة‪ ،‬واألدلة التي ساقوها لنصرة آرائهم‪،‬‬
‫والمناقشات واإليرادات التي وردت عليها‪ ،‬فإنه ال يسع الباحثان إال أن يسجلا المالحظات الآتية‪:‬‬
‫‪ .1‬إن أدلة م انعي المس اهمة ك انت في جلها عموم ات إنما س يقت أص الة لبي ان مس ائل كحرمة الربا قليله وكث يره‪،‬‬
‫ولم تسق أصالة لبيان حكم المساهمة في الشركات التي اختلط فيها الحالل والحرام‪ ،‬وبالتالي فإن جل هذه‬
‫العمومات ال ينازع أنصار المساهمة في دالالتها العامة‪.‬‬
‫‪ .2‬إن القواعد الفقهية ال تي س اقها م انعو المس اهمة للت دليل على منع المس اهمة في تلك الش ركات كقاع دة اجتم اع‬
‫الحالل والحرام ال تنطبق على المساهمة في الشركات المختلطة‪ ،‬وإ نما لها مجاالت أخرى باإلضافة إلى‬
‫احتفافها بض وابط وقي ود تخرجها عن الداللة على ما س يقت لإلس تدالل ل ه‪ ،‬وبالت الي فإنها غ ير منتجة‬
‫لمدلوالتها التي أراد مانعو المساهمة إدراجها في دالالتها‪.‬‬
‫‪ .3‬إن أجوبة مانعي المساهمة على أدلة أنصارها ‪ -‬وإ ن كانت كثيرة ومتنوعة‪ -‬إال أن الضعف كان بادي اً فيها‪،‬‬
‫وذلك من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن ه ذه األجوبة – في جله ا‪ -‬قد ت وجهت في مس ارات بعي دة عن الداللة ال تي اس تنبطها أنص ار‬
‫المساهمة من تلك األدلة‪.‬‬
‫‪ .2‬إن كثيراً من اإللزامات التي حاول مانعو المساهمة إلزام أنصارها بها من خالل تلك األدلة ال تلزم‬
‫أنصار تجويز المساهمة‪ ،‬كإلزامهم مثالً بالتسوية بين قليل الربا وكثيره‪ ،‬فهذا إلزام ال يلزم أنصار‬
‫المساهمة‪ ،‬وذلك لما سبق بيانه في مناقشة تلك األجوبة من أن أنصار المساهمة لم يفرقوا بين كثير‬

‫‪100‬‬
‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫الربا وقليله‪ ،‬وإ نما فرقوا بين كونه تابعاً غير مقصود لذاته وليس مشروطاً في عقود الشركة أو في‬
‫لوائحها‪ ،‬وبين كونه أصلياً ومراداً لذاته‪ ،‬وال يخفى أن ثمة فرق بين هذا وذاك‪.‬‬
‫ج‪ .‬إن محاولة إظهار التناقض في مذهب أنصار المساهمة لم تكن محاوالت جادة‪ ،‬بل ك انت في أكثرها‬
‫محاوالت ضعيفة شابها شيء من اإلخفاق‪ ،‬ومثال ذلك ادعاء التناقض بين تجويز أنصار المساهمة‬
‫في تلك الش ركات ال ذي يفهم منه إباحة المس اهمة وحله ا‪ ،‬وبين إيجابهم التخلص من الربا المتس لل‬
‫عوائ دها‪ ،‬ع بر ما يع رف ب التطهير وال ذي يفهم منه حظر المس اهمة وتحريمه ا‪ ،‬إذ لو ك انت ه ذه‬
‫المساهمة مباحة وجائزة لما وجب التخلص من الربا المتسلل إلى عوائدها‪ ،‬ألنه يكون والحالة هذه‬
‫قد تولد عن أمر مب اح‪ ،‬فلا يك ون حرام اً‪ .‬والحق أنه ليس ثمة تن اقض النفك اك الجهة كما س بق وأن‬
‫بينا في تلك المناقش ات‪ ،‬وألن التطه ير هو من ب اب التخلص من ذلك الربا المتس لل الت ابع غ ير‬
‫المقصود‪.‬‬
‫إن محاولة إبطال بعض القواعد التي ساقها أنصار المساهمة بادعاء معارضتها بقواعد أقوى منها‬ ‫د‪.‬‬
‫لم يس عف م انعي المس اهمة‪،‬وذلك ألن ه ذه المعارضة غ ير مس لمة وعلى ف رض تس ليمها فإنها وإ ن‬
‫أبطلت قاع دة من القواعد ال تي س اقها الجمه ور فال تبطل س ائر القواع د‪ ،‬ومن ذلك ادع اء م انعي‬
‫المس اهمة إبط ال قاع دة إقامة األك ثر مق ام الكل وال تي اس تدل بها أنص ار المس اهمة على تج ويز‬
‫المس اهمة في الش ركات المختلطة بقاع دة درء المفاسد أولى من جلب المص الح‪ ،‬فه ذه القاع دة ال‬
‫تنهض معارض اً لقاع دة إقامة األك ثر مق ام الك ل‪ ،‬وذلك ألن ألنص ار المس اهمة أن ي دعوا أن ه ذه‬
‫القاع دة تس عفهم‪ ،‬وال تبطل أدلتهم بل تؤك دها‪ ،‬وذلك ب القول ب أن ت رك المس اهمة في الش ركات‬
‫المختلطة مفسدة تفضي إلى تغول االقتصاد الربوي وال تتيح أمام أرباب االقتصاد اإلسالمي فرصة‬
‫إلثب ات فاعليته وج دواه‪ ،‬وأن ه ذه المفس دة يجب درءه ا‪ ،‬ودرءها مق دم على المص لحة المتمثلة في‬
‫ع دم مقارفة الرب ا‪ ،‬فض الً عن أن درء المفاسد مق دم على جلب المص الح في المفس دة المس اوية‬
‫للمصلحة أو الرجحة عليها‪ ،‬وألنصار المساهمة أن يدعوا أن هذه المفسدة على التسليم بها هي أقل‬
‫بكثير من المصالح المتأتية عن المساهمة‪.‬‬
‫إن القول بحصر جواز المساهمة في الشركات الحيوية القتصاد األمة أو تلك الشركات التي ال يستغني‬ ‫‪.4‬‬
‫المسلمون عن خدماتها كشركات الماء والكهرباء ال يبدو متجه اً؛ وذلك ألن حيوية الشركة وضروريتها‪،‬‬
‫والحاجة لها أمر نسبي‪ ،‬باإلض افة إلى كون ه أمراً متغيراً‪ ،‬فإن شركات االتصال مثالً هي أيض اً شركات‬
‫حيوية القتص اد األمة في هذه األي ام وذلك للحاجة إلى تلك الش ركات في القي ام بالأعم ال المختلفة‪ ،‬كما أن‬
‫الشركات العقارية التي تقوم ببناء المساكن أو تطوير األراضي أيض اً تعتبر شركات حيوية ألنها تتعامل‬
‫مع حاج ات ض رورية للمس لمين‪ ،‬تتمثل في إيج اد الس كن وتقديمه بكلف أقل للن اس فض الً عن ق درة ه ذه‬
‫الش ركات على مراقبة الج ودة في تلك المس اكن األمر ال ذي ال يت اح مثله لألف راد‪ ،‬وه ذه الش ركات وان‬
‫كانت صغيرة بمفردها إال انها بمجموعها تمثل جزء ال يستهان به من اقتصاد الدولة فال تقل أهميتها عن‬
‫الشركات الكبرى الحيوية وبالتالي فإن القول بأن الحاجة والضرورة مختصان بشركات الماء والكهرباء‬
‫ال يبدو صحيحاً وال في محله‪.‬‬
‫ة‪ ،‬ألن الموازنة‬ ‫اءً على ما تقدم فإن الباحثين يرجحان القول بجواز المساهمة في الشركات المختلط‬ ‫وبن‬ ‫‪.5‬‬
‫بين أدلة مانعي المساهمة وأدلة أنصارها‪ ،‬والتدقيق في المناقشات المتجهة على تلك األدلة ولد قناعة لدى‬

‫‪101‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الب احثين ب أن أدلة أنص ار المس اهمة ك انت أمس بص لب المس ألة موض وع البحث من أدلة مانعيه ا‪ ،‬وأن‬
‫كث يراً من الض وابط ال تي ذكرها أنص ار المس اهمة تجيب عن دالالت بعض األدلة ال تي س اقها م انعوا‬
‫المساهمة‪ ،‬غير أن هذه الضوابط ذاتها بحاجة إلى إعادة نظر‪ ،‬وبخاصة ما يتعلق منها بنسب المعامالت‬
‫الربوية مع البن وك التقليدية إي داعاً أو اقراض اً أو استقراض اً‪ ،‬باإلض افة إلى النسب ال تي اعتم دها بعض‬
‫أنص ار المس اهمة فيما يتعلق بوج ود بعض األص ول المحرمة في تلك الش ركات‪ ،‬ف إن ه ذه النسب ال تي‬
‫تصل إلى الثلث في بعض األحي ان تخ رج الربا المتس لل إلى العوائد عن حد القلة وال نزارة‪ ،‬ال ذي اعتمد‬
‫عليه أنصار المساهمة في تجويز تلك المساهمة‪.‬‬
‫وكما تجب إع ادة النظر في النسب المعتم دة من قبل بعض أنص ار المس اهمة يجب ك ذلك إع ادة النظر في‬
‫(‪)136‬‬
‫للسهم في تلك الشركات المختلطة‪ ،‬ألن اعتماد هذا‬ ‫المعيار المعتمد لتلك النسب‪ ،‬وهو القيمة السوقية‬
‫المعي ار يض خم إلى حد كب ير المب الغ المس تثناة من الربا بحيث تصبح في بعض الح االت أك ثر من القيمة‬
‫الدفترية ألس هم الش ركة‪ ،‬وذلك عن دما تك ون القيمة الس وقية للس هم مرتفعة ج داً‪ ،‬بحيث ال تعكس القيمة‬
‫الحقيقية لموجودات الشركة وأصولها الثابتة والمتداولة‪.‬‬
‫إن التوسع في االس تثناءات ع بر رفع نس بة الربا المس تثنى‪ ،‬أو رفع نس بة النش اط المح رم باإلض افة إلى‬
‫اعتب ار معي ار القيمة الس وقية‪ ،‬أدى بدرجة كب يرة إلى إض عاف حجة أنص ار المس اهمة‪ ،‬وخاصة تلك‬
‫المتعلقة باالس تناد إلى قلة الربا ونزارت ه‪ ،‬حيث أص بح الربا المس تثنى في بعض الش ركات أزيد من القيمة‬
‫(‪)138‬‬ ‫(‪)137‬‬
‫لتلك األس هم كما سيتضح ذلك في الفصل‬ ‫ألس هم تلك الش ركة‪ ،‬فض الً عن القيمة االس مية‬ ‫الدفترية‬
‫القادم لدى مقارنة قيم أسهم بعض الشركات المنتقاة‪.‬‬
‫وب الرغم من ت رجيح الب احثين تج ويز المس اهمة في تلك الش ركات‪ ،‬إال أن الب احثين يري ان أن األورع‬
‫للمستثمرين المسلمين واألسلم لدينهم االبتعاد عن تلك المساهمة إذا كانوا يجدون البديل الحالل و المباح‬
‫خروج اً من الخالف وح ذراً مما ال ب أس به مخافة الوق وع مما به ب أس‪ ،‬دون أن يع ني ذلك الق ول بحرمة‬
‫المساهمة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ضوابط المساهمة في الشركات المختلطة وتطهير العوائد من النسب المحرمة‬
‫عرفنا فيما مضى موقف العلم اء من المس اهمة في الش ركات المختلط ة‪ ،‬وآراءهم في ذل ك‪ ،‬وأدلتهم ال تي اس تدلوا‬
‫بها على ما ذهب وا إلي ه‪ ،‬وما ورد على تلك األدلة من إي رادات واعتراض ات ومناقش ات‪ ،‬وس يعرض الباحث ان في ه ذا‬
‫الفصل إلى الضوابط المعتبرة في جوازالمساهمة في تلك الشركات وتطهير عوائدها مما شابها من الكسب المحرم عبر‬
‫المبحثين الآتيين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الضوابط المعتبرة لجواز المساهمة في الشركات المختلطة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تطهير عوائد الشركات المختلطة من الكسب الحرام‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الضوابط المعتبرة لجواز المساهمة للشركات المختلطة‬


‫لقد ح دد أنص ار المس اهمة في الش ركات المختلطة لج واز تلك المس اهمة وحلها جملة من الض وابط الش رعية ال تي‬
‫رأوا أنه البد من مراعاتها ح تى تك ون المس اهمة في تلك الش ركات س ائغة ومباح ة‪ ،‬وفيما ي أتي نب ذة مختص رة عن ه ذه‬
‫الضوابط‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الحاجة‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫لقد انطلق مج وزو المس اهمة في الش ركات المختلطة في تس ويغهم ه ذه المس اهمة من وج ود حاجة عامة إليه ا‪،‬‬
‫حيث كانت هذه الحاجة إحدى منطلقاتهم في إباحة المساهمة‪ ،‬ولكنهم لم يحددوا مفهوما للحاجة‪ ،‬جاء في قرارات الهيئة‬
‫الش رعية لش ركة ال راجحي المص رفية ما نص ه‪( :‬إن التعامل بأس هم تلك الش ركات مقيد بالحاج ة‪ ،‬ف إذا وج دت ش ركات‬
‫مس اهمة تل تزم اجتن اب التعامل بالربا وتسد الحاج ة‪ ،‬فيجب االكتف اء بها عن غيرها مما يل تزم ب ذلك)(‪ ،)139‬بيد أن ه ذا‬
‫الض ابط ليس متفق اً على أص له فض الً عن مفهومه وتفاص يله وجزئيات ه‪ .‬فلقد أغفلت هيئة المراجعة والمحاس بة في‬
‫معاييرها الشرعية ذكر هذا الضابط عندما تحدثت عن المساهمة في الشركات المختلطة‪ .‬مما يعني عدم اشتراط الهيئة‬
‫للحاج ة‪ ،‬وع دم اعتبارها ض ابطاً لتس ويغ المس اهمة‪ ،‬غ ير أن الش يخ عبد اهلل بن م نيع وال ذي يعد من أب رز مج وزي‬
‫المساهمة في هذه الشركات اشترط وجود الحاجة‪ ،‬مركزا ً على أن الحاجة ال بد أن تكون حقيقية وليست مجرد دعوى‪،‬‬
‫حيث قال‪( :‬إن الحاجة لتداول هذه األسهم ال تعتبر ما دامت مجرد دعوى حتى تثبت‪ ،‬فمتى استطاع الفرد أن يجد مجال‬
‫اس تثمار في وجه من وج وه االس تثمار ال ش بهة في كس به وال غب ار على التوجه باالس تثمار عن طريق ه‪ ,‬وك ان عنصر‬
‫معرضا عما‬
‫ً‬ ‫المخاطرة في هذا المجال ضعيفاً‪ ،‬فيجب على الفرد أن يستبرئ لدينه وعرضه‪ ،‬وأن يكتفي بما هو حالل‪،‬‬
‫فيه االشتباه واالرتياب)(‪.)140‬‬
‫لكن مجوزي المساهمة أطلقوا هذا الضابط دون أن يحددوا مفهومه أو المقصود به‪ ،‬ولهذا فإن الحاجة ال تخرج‬
‫عن االحتماالت التالية‪:‬‬
‫حاجة األمة إلى هذا الن وع من الش ركات لرفد اقتص ادها مما ي ؤدي إلى إنعاش ه‪ ،‬أو حاجتها إلى الش ركات‬ ‫أ–‬
‫الحيوية ال تي ال ق وام القتص اد األمة إال بوجوده ا‪ ،‬مث ل‪ :‬ش ركات الم اء‪ ،‬الكهرب اء‪ ،‬والنفط و الغ از‪،‬‬
‫واالتص االت‪ ،‬وحينئذ تحل المس اهمة للض رورة أو الحاجة العامة ال تي ت نزل منزلة الض رورة ‪ ،‬قيما ً‬
‫باقتصاد األمة وتحقيقاً لديمومتها وقوتها‪.‬‬
‫(‪)141‬‬
‫وال يخفى أن‬ ‫ً‬
‫استقراضا‬ ‫حاجة ه ذه الش ركات إلى التعامل مع البن وك التقليدي ة‪ :‬إي داعاً أو إقراضا ً أو‬ ‫ب–‬
‫هذه الحاجة لم تعد قائمة في أيامنا هذه في ظل وجود المصارف اإلسالمية ومؤسسات التمويل اإلسالمية‬
‫‪ ,‬وفي ظل تع دد أدوات التمويل ال تي تس تخدمها ه ذه المص ارف أو تع دد المنتج ات المص رفية والمس تندة‬
‫ب دورها إلى عق ود متنوعة أو متباين ة‪ ،‬كالمرابحة و المض اربة واإلج ارة التمويلية وعق ود االستص ناع‬
‫والسلم وعقود التوريد والمقاولة والصكوك اإلسالمية بمختلف أقسامها مما يفتح آفاقا رحبة أمام الشركات‬
‫المختلطة للحصول على تمويل مباح من تلك األدوات المتعددة‪ ،‬ويلغى الحاجة إلى اإلقراض واالقتراض‬
‫من المصارف التقليدية‪ ،‬نظراً لتعدد الخيارات التمويلية التي تنتهجها المصارف اإلسالمية‪ ،‬والتي تكفي‬
‫لتغطية الحاجات التمويلية المختلفة لتلك الشركات‪.‬‬
‫حاجة المس اهمين إلى المس اهمة في تلك الش ركات‪ ،‬وال يخفى أيض اً أن ه ذه الحاجة ب اتت منتفية نظ راً‬ ‫ج‪-‬‬
‫لك ثرة الش ركات النقية ال تي تل تزم بأحك ام الش ريعة اإلس المية‪ ،‬باإلض افة إلى أن العوائد المتأتية من‬
‫المس اهمة في تلك الش ركات أص بحت أك ثر تعاظم اً وازدي اداَجراء اإلقب ال المتزايد والمتع اظم على‬
‫االستثمار في الشركات النقية‪ ،‬نظراً لتعاظم الوعي الديني لدى شرائح مختلفة من الناس‪ ،‬وتعاظم الوعي‬
‫االدخاري واالستثماري لدى تلك الشرائح‪.‬‬
‫(‪)142‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬عدم النص على مزاولة النشاط المحرم في عقد تأسيس الشركة أو في لوائحها وأنظمتها الداخلية‬
‫النشاطات المحرمة التي يمكن أن تزاولها الشركات المختلطة تتنوع إلى نوعين‪:‬‬

‫‪103‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أنش طة محرم ة‪ ،‬تزاولها الش ركة بطبيعة عمله ا‪ ،‬ك أن ت زاول بعض النش اطات المحظ ورة ش رعاً‪ ،‬مع أن‬ ‫أ–‬
‫الغرض األساسي من تأسيسها مباح‪ ،‬كشراء بعض المواد المحرمة التي تدخل في صناعتها أو ممارسة‬
‫بعض العقود الفاسدة‪.‬‬
‫لقد اشترطت الهيئة الشرعية لشركة الراجحي أال تنص الشركة في عقدها التأسيسي على أن من أغ راض‬
‫الش ركة ممارسة بعض األنش طة المحرمة(‪ ،)143‬ويفهم من ه ذا الش رط أن األمر متعلق بالمؤسس ين دون‬
‫س ائر المس اهمين‪ ،‬مع أنه ال يب دو ف رق في ذلك بين المؤسس ين ال ذين غالب اً ما يش كلون أعض اء مجلس‬
‫اإلدارة ويقع على ع اتقهم اتخ اذ الق رارات المتعلقة بتس يير النش اطات اليومية للش ركة‪ ،‬وبين س ائر‬
‫المس اهمين‪ ،‬فكما أن المؤسس ين ل ديهم ص الحيات اتخ اذ الق رارات بش أن مزاولة النش اطات المختلفة ف إن‬
‫المس اهمين ق ادرون على الت أثير في ق رارات الش ركة من خالل التص ويت في الجمعية العمومية للش ركة‬
‫(‪)144‬‬
‫بيد أن ق درة ص غار المس اهمين على الت أثير في ق رارات الش ركة تب دو ض عيفة‪ ،‬وذلك ألن معي ار‬
‫التصويت في الشركات يتحدد بحجم المساهمة ال بعدد المساهمين‪ ،‬فلربما استحوذ األعضاء المؤسس ون‬
‫على أك ثر من ثل ثي األص وات مع أن ع ددهم قد ال يتج اوز أص ابع الي دين‪ ،‬في حين أن آالف المس اهمين‬
‫غير قادرين على التأثير في قرارات الشركة؛ ألن حجم مساهمتهم فيها قليل و قد ال يصل إلى الثلث‪.‬‬
‫(‪)145‬‬
‫‪،‬‬ ‫أن تنص الشركة على التعامل باالقتراض أو اإلقراض أو اإليداع في البنوك التقليدية بفوائد ربوية‬ ‫ب–‬
‫والحقيقة أن نص الش ركة على نيتها مزاولة األنش طة الربوي ة‪ ،‬يجعل المس اهمة فيها محرم ة‪ ،‬وذلك ألن‬
‫قطعيا‪ ،‬وإ ن النص على نية الش ركة بمزاولته يقطع الع ذر للمس اهمين بتش ريع‬
‫ً‬ ‫الربا مح رم تحريما‬
‫المس اهمة‪ ،‬بخالف ما لو ك ان الربا طارئ اً على معاملة الش ركة ألن اإلثم حينئذ يلحق مزاولة األنش طة‬
‫المحرمة ألعض اء مجلس اإلدارة ال ذين اتخ ذوا ق رار مزاولة النش اط الرب وي أو إج راء المعاملة الربوية‬
‫دون سائر المساهمين‪.‬‬
‫ثالث ‪N‬اً‪ :‬أال تبلغ نس بة النش اط المح رم ق دراً معين اً من القيمة الس وقية ألس هم الش ركة(‪ )146‬وه ذه النس بة قد اختلفت‬
‫االجتهادات في تحديدها ففي حين ذهبت شركة الراجحي إلى تحديد هذه النسبة على النحو التالي(‪:)147‬‬
‫أال يتجاوز إجمالي المال المقترض بالربا – سواء أكان قرض اً طويل األجل أو كان قرض اً قصير األجل –‬ ‫أ–‬
‫على ‪ %25‬من موجودات الشركة‪.‬‬
‫ب– أال يتجاوز مقدار اإليراد الناتج من عنصر محرم (‪ )% 5‬من إجمالي إيراد الشركة‪.‬‬
‫ج – أال يتج اوز إجم الي حجم العنصر المح رم – اس تثماراً ك ان أو تملك اً محرم اً – نس بة (‪ )%15‬من إجم الي‬
‫موجودات الشركة‪.‬‬
‫فقد ذهبت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية االسالمية إلى تحديد هذه النسب على النحو التالي(‪:)148‬‬
‫أ – أال يبلغ إجمالي المبلغ المقترض بالربا – سواء كان قرض اً طويل األجل أو قرض اً قصير األجل – نسبة (‬
‫‪ )%30‬من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة‪.‬‬
‫ب– أال يبلغ إجم الي المبلغ الم ودع بالربا – س واء أك انت م دة اإلي داع قص يرة األجل أو متوس طة أو طويلة (‬
‫‪ )%30‬من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة‪.‬‬
‫(‪)149‬‬
‫‪.‬‬ ‫ج– أال يتجاوز مقدار اإليراد الناتج من عنصر محرم نسبة (‪ )%5‬من إجمالي إيرادات الشركة‬
‫إن الن اظر في النسب المتقدمة يلحظ اختالف اً بين النسب ال تي نصت الهيئة الش رعية لش ركة ال راجحي على‬
‫اعتمادها‪ ،‬وتلك التي اعتمدتها هيئة المحاسبة والمراجعة‪ ،‬وهذه النسب يمكن للباحث أن يسجل عليها المالحظات الآتية‪:‬‬

‫‪104‬‬
‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫إن ضم النسب الثالثة بعضها إلى بعض يجعل مقدارها بالنسبة للقيمة السوقية للشركة أو بالنسبة لحجم‬ ‫‪–1‬‬
‫أموالها أو موجوداتها كب يراً ج داً‪ ،‬فهو يزيد عن نس بة ‪ %60‬أو ‪ %65‬وه ذه نس بة كب يرة ج داً ال تتناسب‬
‫ب أي ح ال من األح وال مع ما ب نى عليه مج وزو المس اهمة رأيهم و ما اس تدلوا به على ه ذا ال رأي من قلة‬
‫المح رم ونزارت ه‪ ،‬ذلك أنه من الخطأ بمك ان أن نعتمد نس بة واح دة من ه ذه النسب ونعتبرها معي اراً للقلة‬
‫والك ثرة ومن ثم نب ني على ه ذه النس بة الق ول بج واز المس اهمة‪ ،‬ذلك أن الش ركة يمكن أن تق ترض بالربا‬
‫المح رم‪ ،‬وت ودع أموالها بفوائد محرم ة‪ ،‬وتم ارس بعض األنش طة المحرم ة‪ ،‬فتص بح نس بة الم ال المح رم‬
‫كبيرة جداً‪.‬‬
‫أن اعتماد النسب المتقدمة بالنسبة للقيمة السوقية للشركة يلزم منه أن تصل النسبة المحرمة إلى أضعاف‬ ‫‪–2‬‬
‫حجم موج ودات الش ركة أو القيمة الدفترية ألس هم الش ركة‪ ،‬ذلك أن القيمة الس وقية في الغ الب ال تعكس‬
‫القيمة الحقيقة لموج ودات الش ركة وأص ولها الثابتة أو المتداول ة‪ .‬بل هي في الغ الب أك ثر بكث ير‪ ،‬فلو‬
‫فرض نا أن القيمة الدفترية ألس هم ش ركة (س) هي ملي ار دوالر وأن القيمة الس وقية ألس هم الش ركة هي‬
‫عش رة ملي ارات دوالر‪ ،‬ف إن مق دار الم ال المس تثنى من الربا وس ائر األنش طة المحرمة قد يصل وفق‬
‫المعايير المعتمدة إلى (ستة ونصف مليار) وهذا يزيد على ثالثة أضعاف حجم موجودات الشركة‪ ،‬فيكف‬
‫يكون الربا ‪ -‬والحالة هذه قليالً ‪.-‬‬
‫وإ ذا تجاوزنا األمر على الص عيد االفتراضي إلى الص عيد العملي ال واقعي ومثلنا ببعض الش ركات‪ ،‬فسيتضح لنا‬
‫بعد هذه النسب عن القلة والنزارة‪.‬‬
‫ومن هذه الشركات‪:‬‬
‫ش ركة ص روح العقارية اإلماراتي ة‪ :‬حيث بلغ حجم موجوداتها (‪ )2963371000‬درهم بينما بلغت‬ ‫أ–‬
‫قيمتها السوقية (‪ )12500000000‬وقد بلغ حجم المبلغ المستثنى من الربا فيها (‪ )3750000000‬وإ ذا‬
‫فرض نا أن ه ذه الش ركة اس تثمرت أو أودعت بالربا الحد األقصى المس موح ب ه‪ ،‬وفق المع ايير المتقدم ة‪،‬‬
‫القترب الربا المستثنى من ثمانية مليارات درهم‪ ،‬مما يقرب من أربعة أضعاف القيمة الدفترية‪.‬‬
‫ب – االتح اد العقاري ة‪ :‬بلغ حجم إجم الي موجوداتها (‪ )2390722000‬درهم في حين بلغت القيمة الس وقية (‬
‫‪ )15582145705‬درهم‪ ،‬وبينما بلغ الربا المس تثنى‪ )4674643700( :‬درهم وه ذا يق رب من ض عف‬
‫القيمة الدفترية له ذه الش ركة‪ ،‬وإ ذا افترض نا أيض اً أن الش ركة بلغت الحد األقصى المس موح به الق ترب‬
‫المبلغ من عشرة مليارات درهم بما يمثل ما يقرب من أربعة أضعاف القيمة الدفترية لهذه الشركة‪.‬‬
‫إيداعا مبنية على االقتراب‬
‫ً‬ ‫أن التقديرات المتعلقة بالتعامل مع البنوك التقليدية‪ ،‬إقراضاً أو استقراضا ً أو‬ ‫‪–3‬‬
‫من نسبة الثلث اعتمادا ً على ما ورد في قوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الثلث والثلث كثير)‪ ،‬وهذا االستناد‬
‫ال يب دو متجه اَ ألن الن بي ‪ ‬إنما ق ال ذلك في الوص ية‪ ،‬فاعتب ار الثلث معي اراً للك ثرة والقلة في كل ش يء‬
‫بناء على معياريته في الوصية يبدو بعيداً‪ ،‬وذلك ألن ما كان كثيرا في شيء‪ ،‬ال يلزم أن يكون كثيراً في‬
‫ً‬
‫شيء آخر‪ ،‬وبخاصة إذا تعلق األمر بالربا‪ ،‬والذي غلظ فيه الشارع الحكيم تغليظاً عظيماً‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن النسبة التي يمكن التسامح بها في التعاطي مع البنوك الربوية ال بد أن تكون أقل من ذلك‬ ‫‪–4‬‬
‫بكث ير‪ .‬بحيث ت دخل تحت حد القلة وال نزارة‪ ،‬وي رى الب احث أن نس بة (‪ ،)%5‬هي الحد األعلى المناسب‬
‫ال ذي يج وز أن يبلغه التع اطي مع البن وك الربوية على أن تك ون ه ذه النس بة موزعة بين اإلق راض‬

‫‪105‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واالس تقراض واإلي داع‪ ،‬بحيث ال تتج اوز المب الغ المودعة أو المستقرضة بفوائد ربوية ه ذا المق دار‪،‬‬
‫والمسألة وإ ن كانت اجتهادية‪ ،‬إال أن هذه النسبة يتفق الجميع على قلتها ونزارتها‪.‬‬
‫أن هذه النسبة المقترحة ال يجوز أن تربط بالقيمة السوقية لألسهم والتي ال تعكس في الغالب القيمة‬ ‫‪–5‬‬
‫الحقيقة ألس هم الش ركات‪ ،‬كما يص عب ربطها بالقيمة الإس مية؛ ألنها في الغ الب تك ون أقل من القيمة‬
‫الدفترية لموج ودات الش ركة وأص ولها الثابتة والمتداولة‪ ،‬وعليه فال بد أن نربط ه ذه النس بة بما يعكس‬
‫القيمة الحقيقية لألسهم ‪ ،‬وهي القيمة التي يستحقها المساهمون عند تصفية الشركة‪ ،‬حيث ظهر أن ربطها‬
‫بالقيمة السوقية يؤدي في بعض األحيان إلى أن يكون الربا المستثنى أكثر من القيمة الدفترية‪ ،‬وفي غالب‬
‫األحيان مساوياً لتلك القيمة أو أقل منها بقليل‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬وجوب إنكار المحرم والعمل على تغييره من خالل أعضاء مجلس اإلدارة‪ ،‬أو المساهمين الكبار‪ ،‬أو من‬
‫خالل المس اهمين الص غار في الجمعية العمومية للش ركة‪ ،‬ألن الق ول بج واز المس اهمة ال يع ني إض فاء الش رعية على‬
‫(‪)150‬‬
‫المعامالت الربوية مما يرتب على كل قادر على التغير مسؤولية ذلك التغيير بالقدر الذي يستطيعه‪.‬‬
‫بناء على أن‬
‫خامساً‪ :‬أال تكون الشركة المختلطة تحت سلطة غير مسلمة‪ :‬لقد اشترط بعض العلماء هذا الشرط ً‬
‫وج ود الش ركة تحت س لطة غ ير مس لمة يض عف إلى حد كب ير من ق درة المس اهمين س واء ك انوا ص غاراً أو كب اراً في‬
‫التأثير على قرارات الشركة‪ ،‬باإلضافة إلى أن جرأة هذه الشركة على مزاولة األنشطة المحرمة قد تكون أكبر بكثير‬
‫من جرأة الشركات التي تكون تحت سلطة مسلمة‪ ،‬ومن أبرز العلماء الذين تحمسوا لهذا الضابط بالذات الشيخ عبد اهلل‬
‫بن م نيع حيث ق ال‪( :‬إذا ك انت ش ركة المس اهمة تحت س لطة غ ير مس لمة كش ركة يهودية أو نص رانية أو غ ير ذلك من‬
‫األدي ان األخ رى غ ير اإلس الم‪ ،‬ف إذا ك ان المس اهم ال يس تطيع بدخوله في ه ذه الش ركة أن يغ ير من سياس تها المالية‬
‫واالستثمارية شيئا ً فال يظهر لي جواز تملك ش يء من أسهمها ألن الق ائمين على هذا الن وع من الش ركات ليسوا أهالً‬
‫للثقة واالطمئن ان بحكم كف رهم باهلل وع دم ال تزامهم ب أوامره ونواهي ه‪ ،‬الس يما فيما يتعلق بالربا مع البن وك ومع العمالء‬
‫س واء ك ان في ال بيع والش راء و اإلق راض واإلي داع والص رف‪ ،‬وما يم تزج ب العقود ال تي تجريها الش ركة من الجهالة‬
‫والغرر والشروط الموجبة للفساد أو البطالن‪ ،‬وهذا يعني أن مكاسب هذا النوع من الشركات كلها موضع نظر ومنع‪،‬‬
‫ففيها ما هو كسب آثم خ بيث وهو الربا الص ريح وما ك ان من مكاس بها من غ ير ذلك فهو كسب مش بوه ومن وقع في‬
‫الشبهات وقع في الحرام) (‪.)151‬‬
‫سادساً‪ :‬وجوب استمرارالعمل بالضوابط السابقة‪ :‬بحيث لو تغير وضع الشركة وتخلفت بعض الضوابط لم تجز‬
‫المس اهمة فيه ا‪ ،‬ووجب التخلص من ه ذه األس هم‪ ،‬فقد ورد في الق رار (‪ )485‬للهيئة الش رعية لش ركة ال راجحي‬
‫المصرفية ما نصه‪( :‬إذا تغيرت أوضاع الشركات بحيث ال تنطبق عليها الضوابط السابقة وجبت المبادرة إلى التخلص‬
‫منها ببيع أسهمها حسب اإلمكان على أن ال تتجاوز مدة االنتظار تسعين يوما ً من تاريخ العلم بتغيرها)‪.‬‬
‫(‪)152‬‬
‫وذلك ب أن ين وي المس اهم ل دى مس اهمته في ذلك الن وع من‬ ‫س ‪NN‬ابعاً‪ :‬وج وب التخلص من الكسب الح رام‬
‫الش ركات ب أن يتخلص مما علق بعوائد مس اهمته من الكسب الح رام‪ ،‬وأن يق وم ب التخلص الفعلي من ه ذا الكسب ل دى‬
‫توزيع األرب اح ويمكن للمس اهم أن يع رف مق دار الكسب المح رم من خالل إفص احات الش ركة أو بس ؤال المحاس بين‬
‫المعتمدين لديها ولقد نص الشيخ محمد بن صالح العثيمين والذي يعد من جملة مجوزي المساهمة في هذا النوع من‬
‫الش ركات على وج وب التخلص من ش وائب الكسب غ ير المش روع حيث ق ال‪( :‬األصل ج واز المس اهمة لكن إذا غلب‬
‫على الظن أن في بعض معامالتها رب اً ف إن ال ورع هجرها وت رك المس اهمة فيها لقوله ص لى اهلل عليه وس لم‪( :‬من اتقى‬
‫الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) (‪ ......)153‬فإن كان قد تورط فيها أو أبى أن‬

‫‪106‬‬
‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫يس لك طريق ال ورع فس اهم فإنه إذا أخذ األرب اح وعلم مق دار الربا وجب عليه التخلص منه بص رفه في أعم ال خيرية‬
‫من دفع حاجة فقير أو غير ذلك‪ ،‬وال ينوي بذلك التقرب إلى اهلل بالصدقة بها فإن اهلل طيب ال يقبل إال طيب اً‪ ،‬وألن ذلك‬
‫ي برئ ذمته من إثمها ولكن ين وي ب ذلك التخلص منها ليس لم من إثمها ألنه ال س بيل له للتخلص منها إال ب ذلك‪ ،‬وإ ن لم‬
‫يعلم مقدار الربا فإنه يتخلص منه بصرف نصف الربح ) (‪.)154‬‬
‫والمستند الشرعي الذي يستند إليه مجوزو هذه الشركات بالقول بوجوب التخلص هو قوله سبحانه وتع الى‪﴿ :‬وإ ن‬
‫(‪)155‬‬
‫فقد أوجب اهلل تع الى على الت ائب من الربا أال يمتلك الفوائد‬ ‫تبتم فلكم رؤوس أم‪NN N‬والكم ال تظلم‪NN N‬ون وال تظلم‪NN N‬ون﴾‬
‫المتول دة عن ه‪ ،‬وه ذا ينطبق على الفوائد الربوية المتول دة من المس اهمة في ه ذا الن وع من الش ركات‪ ،‬والتخلص من ه ذا‬
‫الكسب ال يعتبر صدقة وال يثاب عليه صاحبه ثواب الصدقة وإ نما يثاب عليه ثواب التخلص من الحرام‪ ،‬كما ال يجوز‬
‫للمساهم أن ينتفع بهذه العوائد ب أي وجه من وج وه االنتف اع كتسديد الديون أو دفع الضرائب أو مما يع ود على المساهم‬
‫بالنفع بأي وجه كان (‪.)156‬‬
‫ومن الج دير ذك ره أن التخلص ال يل زم كل من عمل بالش ركة وإ نما من امتلك األس هم فيه ا‪،‬وقد بينت الهيئة‬
‫الشرعية في شركة الراجحي المصرفية من يلزمهم التخلص ومن ال يلزمهم‪ ،‬فقد جاء في قرارات الهيئة المذكورة بهذا‬
‫الخصوص ما نصه‪( :‬الذي يجب عليه التخلص هو من كان مالكا ً لألسهم فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك‬
‫حين صدور القوائم المالية النهائية‪ ،‬سواء كانت ربعية أو سنوية وذلك في حالتي االستثماروالمتاجرة‪.‬‬
‫وعليه فال يلزم التخلص من باع األسهم قبل صدور تلك القوائم؛ ألنه ال يتبين العنصر المحرم إال بعد صدورها‪،‬‬
‫والبائع قد باعها بغرمها وغنمها‪.‬‬
‫كما ال يل زم الوس يط والوكيل والم دير التخلص من عم ولتهم أو أج رتهم‪ ،‬ألن ذلك حق لهم نظ ير ما ق اموا به من‬
‫(‪)157‬‬
‫عمل‪ ،‬والتخلص إنما يكون فيما عاد على التعامل باألسهم من إيراد ونفع محرم)‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطهير العوائد من الكسب الحرام‪.‬‬


‫عرفنا في المبحث الس ابق أن من بين الض وابط المعت برة لج واز المس اهمة في الش ركات المختلطة وحلها أن‬
‫يتخلص المس اهم من المق دار المح رم ال ذي تس لل إلى ه ذه العوائد وأن كس به وربحه ال يطيب ان إال اذا تخلص من النس بة‬
‫المحرم ة‪ ،‬فما هي اإلج راءات العملية وفق الح االت المختلفة للتطه ير؟ وما هي المج االت والمص ارف ال تي يمكن أن‬
‫توجه اليها وتصرف فيها هذه العوائد المحرمة‪،‬هذا ما سيحاول الباحثان أن يقفا عليه من خالل المطلبين أآلتيين‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬آليات احتساب الربح واإلجراءات العملية للتطهير‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مجاالت التطهير‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬آليات احتساب الربح واإلجراءات العملية للتطهير‪.‬‬
‫يتفق الق ائلون بج واز المس اهمة بالش ركات المختلطة على وج وب التخلص من عوائد الكسب الح رام فيما يع رف‬
‫بعملية التطهير‪ ،‬لكنهم يختلفون بعض الشيء في آليات ذلك التطهير أو في النسب التي يجب اقتطاعها من عوائد الكسب‬
‫الحرام‪ ،‬سواء في حالة عدم معرفة المساهم لمقدار هذا الكسب أو في حالة معرفته‪ ،‬فإذا لم يعرف المساهم نسبة الكسب‬
‫الح رام‪ ،‬فقد اختلف العلم اء فيما يجب على المس اهم إخراجه والتخلص منه فيما يع رف ب التطهير‪ ،‬فقد أوجبت الهيئة‬
‫الش رعية لش ركة ال راجحي التخلص بالمقدار ال ذي يبرئ الذمة ويغلب على ظن المس اهم معه أن هذا هو المق دار الذي‬
‫يجب التخلص منه (‪ ،)158‬بينما يرى بعض العلماء كالشيخ ابن عثيمين وج وب التخلص من النصف(‪ ،)159‬وأما عند معرفة‬

‫‪107‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)160‬‬
‫وفق‬ ‫الق در المح رم أو نس بته إلى مجم وع عوائد األس هم ف إن على المس اهم أن يتخلص منه وفق اإلج راءات العملية‬
‫الحاالت التي أشرنا إليها في الضوابط على النحو الآتي‪:‬‬
‫إذا ما أخ ذنا ب الرأي القائل ب الجواز المقيد بتملك وت داول أس هم الش ركات ال تي يختلط فيها الح رام ب الحالل‪ ،‬فإنه‬
‫يتعين على مالك السهم التخلص من نسبة الحرام في هذه األسهم وهو ما يعرف باسم " عملية التطهير"‬
‫حالة قيام الشركة باإلقتراض من البنوك‪ ،‬ويلزم في هذه الحالة إجراء المقارنة بين معدل الفائدة المدفوع‬ ‫‪.1‬‬
‫للبنك عن الق رض‪ ،‬وبين مع دل العائد ال ربحي المحقق في الش ركة المقترض ة‪ ،‬وال تخلو نتيجة المقارنة من‬
‫أحد االحتماالت الثالثة الآتية(‪:)161‬‬
‫االحتم‪N‬ال األول‪ :‬مس اواة مع دل الفائ دة الم دفوع مع مع دل العائد المحق ق‪ ،‬وفي ه ذه الحالة يك ون ما حققته الش ركة‬
‫من عوائد نتيجة اإلق تراض قد خ رج من ملكها بدفعه بالكامل إلى البن وك المقرضة وبالت الي يك ون ما ل دى الش ركة من‬
‫أموال قد تخلص من الشوائب وأصبح طاهراً‪.‬‬
‫االحتمال الثاني‪ :‬زيادة معدل الفائدة المدفوع عن معدل العائد المحقق‪ ،‬وذلك بأن يكون معدل الفائدة على القرض‬
‫‪ %20‬فرضاً‪ ،‬في حين يكون معدل العائد المحقق فعالً ‪ %17‬فرضاً‪ ،‬وبذلك تكون الشركة قد أخرجت من أموالها ‪%3‬‬
‫زيادة عن معدل العائد المحقق‪ ،‬وبالتالي فإننا لسنا في حاجة إلى مناقشة قضية التطهير هنا أيضاً‪.‬‬
‫االحتم‪NN‬ال الث‪NN‬الث‪ :‬انخف اض مع دل الفائ دة الم دفوع عن مع دل العائد المحق ق‪ ،‬وذلك ب أن يك ون مع دل الفائ دة على‬
‫الق رض‪ %20‬فرض ًأ في حين يك ون مع دل العائد المحقق فعالً ‪ %25‬فرض اً ففي ه ذه الحالة يك ون الف رق بين المع دلين‬
‫‪ %5‬كسباً غير مشروع‪ ،‬ويجب على مالك السهم تطهير أمواله من هذا الجزء‪.‬‬
‫وهناك رأي وسط يبدو محققًأ للمصلحة والعدل معا‪،‬كعصام ابو النصر وهيئة شركة الراجحي‪ ،‬وهو أن العائد قد‬
‫نشأ نتيجة تظ افر الم ال المق ترض والجهد المب ذول مع اً‪ ،‬وعليه فإنه يتم التخلص من نصف العائد ال ذي تحقق من الم ال‬
‫المقترض‪ ،‬فيكون ما يجوز تملكه منه هو ما يخص العمل‪ ،‬وهو النصف على أن يتم التخلص من النصف اآلخر والذي‬
‫يخص االقتراض (‪ .)162‬ويستأنس لهذا الرأي بما أخرجه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن أبيه انه قال‪( :‬خرج عبد‬
‫اهلل وعبيد اهلل ابنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنهما في جيش العراق‪ ،‬فلما قفال مرا على ابي موسى األشعري فرحب‬
‫بهما وسهل وهو امير البصرة‪ ،‬فقال‪ :‬لو أقدر على أمر أنفعكما به لفعلت‪ ،‬ثم قال‪ :‬بلى هاهنا مال من مال اهلل‪ ،‬أريد أن‬
‫أبعث به إلى أم ير المؤم نين‪ ،‬فأس لفكما‪ ،‬فتبتاع ان به متاع اً من مت اع الع راق‪ ،‬فتبيعانه بالمدينة فتؤدي ان رأس الم ال إلى‬
‫أم ير المؤم نين‪ ،‬ويك ون لكما ال ربح‪ ،‬فق اال وددن ا‪ ،‬ففعال‪ ،‬فكتب إلى عمر رضي اهلل عنه يأخذ منهما الم ال‪ ،‬فلما ق دما‬
‫المدينة باعا وربح ا‪ ،‬فلما رفعا ذلك إلى عم ر‪-‬رضي اهلل عن ه‪-‬ق ال‪ :‬أكل الجيش اس لفه كما أس لفكما‪ ،‬ق اال‪ :‬ال‪ ،‬ق ال عمر‬
‫رضي اهلل عنه‪ :‬ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما‪ ،‬أديا المال وربحه‪ ،‬فأما عبد اهلل فسلم‪ ،‬وأما عبيد اهلل فقال‪ :‬ال ينبغي لك يا‬
‫أمير المؤمنين هذا‪ ،‬لو هلك المال أو نقص لضمناه‪ ،‬قال‪ :‬أدياه‪ ،‬فسكت عبد اهلل وراجعه عبيد اهلل‪ ،‬فقال رجل من جلساء‬
‫عمر بن الخط اب‪ :‬يا أم ير المؤم نين لوجعلته قراض اً‪ ،‬ق ال‪ :‬قد جعلته قراض اً‪ ،‬فأخذ عمر رضي اهلل عنه الم ال ونصف‬
‫ربح ه‪ ،‬وأخذ عبد اهلل وعبيد اهلل نصف ربح الم ال)(‪ ،)163‬وه ذا ي دل على أن أم ير المؤم نين عمر بن الخط اب رضي اهلل‬
‫تع الى عنه قد جعل نص يباً في ال ربح ل رأس الم ال وللعم ل‪ ،‬وأعطى ابنيه رضي اهلل عنهما ما أختص بالعمل وط رح‬
‫النصف اآلخر في بيت الم ال‪ ،‬وقد ك ان ه ذا بمحضر من الص حابة‪ ،‬ولم ينكر عليه أحد منهم ذل ك‪ ،‬وعلى ه ذا فلو ك انت‬
‫سواء وزع الربح أم لم‬
‫ً‬ ‫نسبة القرض الربوي إلى الموجودات‪ %20‬مثالً فإنه يتم التخلص من ‪ %10‬من صافي الربح‪،‬‬
‫يوزع‪ ،‬فإن لم يوجد ربح فال يجب التخلص (‪.)164‬‬
‫وإ ذا ما أخذنا بالرأي األول والثالث‪ ،‬فإن السؤال كيف يتم تحديد نسبة التطهير؟‬

‫‪108‬‬
‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫يل زم اإلش ارة بداية إلى أن نس بة ال‪ %5‬المس تثناة من األنش طة المحرم ة‪ ،‬تمثل الف رق بين مع دل الفائ دة‬
‫المدفوع‪،‬ومعدل العائد المحقق‪ ،‬ومن ثم فهي ليست نسبة التطهيرعلى مستوى عمال الشركة‪.‬‬
‫ولكي يتم حساب نسبة التطهير في الواقع‪ ،‬يمكن اتخاذ اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫تحديد مقدار (أي المبلغ وليس نسبة)‪ ،‬الفرق بين المعدلين وليكن ‪ 20000‬جنيه فرضاً‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫استخراج نصيب كل سهم من هذا المبلغ بقسمته على عدد األسهم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحديد نص يب كل مس اهم من الق در ال واجب إخراجه عن طريق ض رب نص يب الس هم في ع دد األس هم‬ ‫‪‬‬
‫المملوكة له‪.‬‬
‫التخلص من كامل هذا المبلغ وفقاً للرأي األول‪ ،‬ومن نصفه وفقاً للرأي الثالث‪.‬ويتم ذلك بصرفه في وجوه‬ ‫‪‬‬
‫الخير‪ ،‬ما عدا طباعة المصاحف‪ ،‬وبناء المساجد وكافة العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ .2‬حالة قيام الشركة بإقراض البنوك (اإليداع فيها)‪:‬‬
‫قد يك ون من المناسب اإلش ارة بداية إلى ما س بق أن وض حناه من ض رورة أال يبلغ إجم الي المبلغ الم ودع بالربا‬
‫‪ %30‬من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة‪ .‬وفي جميع األحوال تعتبر النسبة التي حصلت عليها الشركة كسباً غير‬
‫مش روع‪ .‬ومن ثم يل زم تطه ير أم وال ه ذه الش ركة من ه ذا الكس ب‪ ،‬من خالل حس ابه وإ س تبعاده ثم ص رفه في وج وه‬
‫الخير‪ ،‬وذلك من خالل اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫حصر الفوائد المقبوضة خالل الع ام س واءً أك انت من ق روض قص يرة أو متوس طة أو طويلة األج ل‪ .‬وفي‬ ‫‪‬‬
‫حالة الشركات التي ال تفصح عن حجم الفوائد المقبوضة فيلزم اإلجتهاد بالتعرف إلى هذه الفوائد‪ ،‬ويراعى‬
‫جانب االحتياط‪.‬‬
‫استخراج نصيب كل سهم من الفوائد المقبوضة بقسمة مجموع هذه الفوائد على عدد أسهم الشركة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحديد نصيب كل مساهم من القدر ال واجب التخلص منه عن طريق ضرب نصيب السهم في عدد األسهم‬ ‫‪‬‬
‫المملوكة للمساهم (فرداً كان أو مؤسسة أو صندوقاً أو غير ذلك)‪.‬‬
‫حالة قيام الشركات بالتعامل الجزئي بالموجودات المحرمة شرعاً‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫في حالة ما إذا كان الجزء من نشاط الشركة غير مشروع‪ ،‬فإن األصل أن يتورع المسلم عن تملك أسهم مثل هذه‬
‫الشركات‪ ،‬إذا كان هذا النشاط واضحاً ومعلوم اً مسبقاً‪ ،‬وأما إذا علم ب ذلك متأخرا‪ ،‬أو كان هذا النشاط طارئ اً أو بسيطاً‪،‬‬
‫فبهذه الحالة يلزم التطهير عن طريق اإلجراءات الآتية‪:‬‬
‫‪ ‬حصر اإليراد الناتج من النشاط غير المشروع‪.‬‬
‫‪ ‬استخراج نصيب كل سهم من اإليراد غير المشروع‪ ،‬عن طريق قسمة هذا اإليراد على عدد أسهم الشركة‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد نص يب كل مس اهم من اإلي راد غ ير المش روع‪ ،‬عن طريق ض رب نص يب الس هم في ع دد األس هم‬
‫المملوكة للمساهم (فرداً كان أو مؤسسة أو صندوقأ أو غير ذلك)‪.‬‬
‫وقد يكون من المناسب التأكيد على ما سبق أن أوضحناه من أن من العلماء المعاصرين في بعض هيئات الفتوى‬
‫والرقابة الش رعية لبعض المؤسس ات المالية اإلس المية قد قي دو نس بة األنش طة غ ير الج ائزة إلى إجم الي األنش طة ال تي‬
‫تزاولها الشركة بالثلث واإليراد الناتج من هذه األنشطة بـ‪ %5‬من إجمالي إيراد الشركة‪.‬‬
‫كما يل زم اإلش ارة إلى أنه س واء أق امت ه ذه الش ركات باالقتراض من البن وك‪ ،‬أو إقراض ها أو ق امت بالتعامل‬
‫الجزئي في الموجودات المحرمة شرعاً‪ ،‬فإنه يؤخذ بعين االعتبارما يأتي‪:‬‬

‫‪109‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يجب التخلص من اإليراد المحرم‪ ،‬سواءاً أكان نتاج اً من النشاط أو التملك المحرم‪ ،‬أم من الفوائد على من‬ ‫‪.1‬‬
‫سواء أكان مستثمراً أم متاجراً في نهاية الفترة المالية‪ .‬وعليه فال يلزم من باع األسهم‬
‫ً‬ ‫كان مالك اً لألسهم‪،‬‬
‫قبل نهاية الفترة المالية التخلص‪.‬‬
‫يتم إخراج ما يخص السهم من اإليراد المحرم‪ ،‬سواء أوزعت األرباح أم لم توزع‪ ،‬وسواء ربحت الشركة‬ ‫‪.2‬‬
‫أم خسرت‪.‬‬
‫اليل زم الوس يط‪،‬أو الوكيل‪ ،‬أو الم دير‪ ،‬التخلص من عمولت ه‪ ،‬أو أجرته؛ ألن ذلك حق لهم نظ ير ما ق اموا به‬ ‫‪.3‬‬
‫من عمل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مجاالت التطهير‪.‬‬
‫وبعد الح ديث عن آلي ات التطه ير وط رق احتس اب ال ربح المح رم من عوائد المس اهمة‪ ،‬فما هي المج االت ال تي‬
‫يشرع التخلص من نسبة المال المحرم من خاللها ؟‪.‬‬
‫اتفق العلماء الذين جوزوا المساهمة في الشركات المختلطة على أنه ال يجوز للمساهم في هذه الشركات أن ينتفع‬
‫من المقدار المحرم الذي خالط عوائده بأي وجه من الوجوه‪ ،‬فال يجوز سداد الديون بها أو دفعها لسداد ضريبة مستحقة‬
‫(‪)165‬‬
‫لكن الخالف‬ ‫عليه لو ك انت ج ائرة‪ ،‬كما ال يج وز أن يعتبرها من الزك اة أو ينتفع بها في مج ال االس تطباب والعالج‬
‫ق ام بينهم في قصر التخلص منها على الفق راء والمس اكين خاص ة‪ ،‬أو تعديته إلى مج االت أخ رى وص رفه في المص الح‬
‫(‪)166‬‬
‫كبناء الجسور وبناء‬ ‫جوز أكثر من تبنى جواز المساهمة في هذه الشركات صرفه في المصالح العامة‬
‫العامة‪ ،‬حيث َّ‬
‫(‪)167‬‬
‫وال يعت بر المتخلص متص دقاً به ذا الم ال أو مثاب اً عليه اللهم إال‬ ‫الط رق والمستش فيات وإ قامة مراكز لأليت ام ونحوها‬
‫ثواب استجابته ألمر الدين بالتخلص من المال الحرام‪.‬‬
‫لكن بعض العلم اء خص بج واز التخلص الفق راء والمس اكين حص راَ و قص راً كمص طفى الزرق اء‪ ،‬وفيصل‬
‫المولوي(‪ ،)168‬مستندين إلى جملة من األسباب منها(‪:)169‬‬
‫‪ -1‬إن القول بصرفها في المصالح العامة يفترض تملك المساهمين لها ؛ألن تصرفهم فيها فرع عن تملكهم إياها‬
‫ابتداء‪.‬‬
‫ً‬ ‫وهم ال يملكونها وإ نما الذين يملكونها هم الفقراء ألنها حق لهم‬
‫‪ -2‬إن الفقراء هم أصحاب هذا المال وال يتحقق ملكهم له إال بالقبض‪ ،‬فإذا صرفت هذه األموال في المصالح‬
‫العامة فال يتحقق القبض‪.‬‬
‫‪ -3‬ثم إن القول بصرفها للفقراء ال يترك للمودع دوراً سوى مساعدة الفقراء على قبضها حيث ال يستطيعون‬
‫قبضها بأنفسهم بخالف الصرف في المصالح العامة‪ ،‬حيث يكون للمساهم اختيار‪ ،‬وهذا ينافي عدم استحقاقه‬
‫لها‪ ،‬لكن الباحثين يريان أنه ال يجوز صرف المال للفقراء والمساكين ألن هذا المال حرام وليس كل الفقراء‬
‫والمساكين يحق لهم أن يأكلوا المال الحرام وإ نما الذين يحق لهم أكل الحرام هم فقراء مخصوصون بلغ بهم‬
‫الفقر حد االضطرار‪ ،‬كما ال يمكن توجيه هذا المال للمصالح العامة كلها؛ ألنه ال يمكن إقامة المصالح العامة‬
‫بأموال حرام‪ ،‬وعليه فإن الباحثين يريان أن هذا المال يقصر صرفة على المجاالت التالية‪:‬‬
‫أ – من بلغ بهم الفقر أو الحاجة حد الض رورة ال ذي يحل لهم معه أكل الميتة وال دم ولحم الخ نزير‪ ،‬كأهل‬
‫البالد ال تي أص ابها مخمصة أو مجاع ة؛ ألن ه ؤالء الن اس هم ال ذين يحل لهم أكل الم ال الح رام‬
‫الض طرارهم إلي ه‪ ،‬لقوله تع الى‪﴿ :‬فمن اض‪NN‬طر في مخمصة غ‪NN‬ير متج‪NN‬انف إلثم ف‪NN‬إن اهلل غف‪NN‬ور رحيم﴾‬
‫(‪.)170‬‬

‫‪110‬‬
‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫ب– كما يمكن صرف هذا المال في عالج األمراض الخطيرة والمزمنة كالسرطان وغيره‪ ،‬أو دفعه إلجراء‬
‫العملي ات الجراحية ال تي يتوقف على إجرائها إنق اذ حي اة مس لم من الم وت أو عضو من أعضائه من‬
‫التلف أو حاسة من حواسه‪ ،‬وذلك ألن هذا داخل في حد االضطرار‪.‬‬
‫ج– دفعه في المج االت الممتهنة والمبتذل ة‪ :‬كبن اء دورات المي اه في المس اجد أو الس احات العمومية لنفع‬
‫العامة الذين يرتادونها لقضاء حوائجهم‪ ،‬ألن المال الحرام مبتذل وممتهن بطبيعته فال يصح ص رفه فيما‬
‫عظم أمره وشرف‪.‬‬

‫الخاتمة‪.‬‬
‫لقد توصلت هذه الدراسة إلى جملة من النتائج والتوصيات فيما يأتي أبرزها‪:‬‬
‫أ‪ .‬النتائج‬
‫‪ .1‬إن تعبير الشركات المختلطة هو اصطالح حديث غير متداول في كتب الفقهاء القدامى في أبواب الشركات‪،‬‬
‫وأن ما ج رى على ألس نة االقتص اديين المعاص رين وأقالمهم دون أن يع ني ذلك خلو كتبهم من الح ديث عن‬
‫األحكام المتعلقة بهذا النوع من الشركات‪.‬‬
‫‪ .2‬إن ه ذا التعب ير يقصد به تلك الش ركات ال تي يك ون مج ال عملها في األصل مباح اً‪ ،‬لكنها تتعامل مع البن وك‬
‫التقليدية‪،‬ومن خالل الفوائد الربوية إقراضاً أو استقراضاً أو ايداعاً‪.‬‬
‫‪ .3‬يدخل في مفهوم الشركات المختلطة تلك الشركات التي تتعاطى بعض المجاالت المحرمة القليلة‪،‬أو تلك التي‬
‫تبرم العقود الفاسدة أثناء ممارستها نشاطاتها المباحة في األصل‪.‬‬
‫‪ .4‬إن التك ييف الفقهي للش ركات المختلطة ال يخ رج عن كونها ش ركات مض اربة‪ ،‬رغم ما يكتنف ه ذه الش ركات‬
‫من أنماط التعامل التي تختلف فيها عن شركات المضاربة بالمفهوم الفقهي لتلك الشركات‪.‬‬
‫‪ .5‬إن أدلة أنص ار المس اهمة ك انت‪ -‬في غالبه ا‪ -‬تعتمد على إعم ال القواعد الكلية واألص ول العامة واألبع اد‬
‫المقاصدية والمصالحية‪.‬‬
‫‪ .6‬وقد توص لت ه ذه الدراسة إلى ت رجيح ج واز المس اهمة في تلك الش ركات‪ ،‬بض وابط أف رد لها مبحث في ه ذه‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫‪ .7‬إن نسب الربا المس تثنى والمعتمد ل دى بعض هيئ ات الفت وى والرقابة الش رعية‪ ،‬أو ل دى هيئة المراجعة‬
‫والمحاسبة تعتبر عالية جداً‪ ،‬وهي بهذا تخرج عن حد القلة والنزارة والذي كان المسوغ إلباحة هذا النوع‬
‫من الشركات‪.‬‬
‫‪ .8‬إن اعتماد معيار القيمة السوقية لنسب الربا المستثنى أو لنسبة األصول المحرمة في الشركة اعتماد غيرموفق‬
‫لما ي ؤدي اليه ه ذا االعتم اد من زي ادة مق دار الربا المس تثنى وال ذي يزيد في بعض الح االت عن القيمة‬
‫الدفترية ألسهم الشركة‪.‬‬
‫‪ .9‬إن المج االت ال تي ينبغي أن يص رف اليها مبلغ التطه ير هي مج االت مح ددة قد بينها الباحث ان في ه ذه‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫ب‪ .‬التوصيات‪:‬‬
‫كما وتوصي هذه الدراسة بجملة من التوصيات فيما يلي أبرزها‪:‬‬

‫‪111‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المساهمة في الشركاتـ المختلطة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .1‬ضرورة مشاركة المسلمين واالقتصاديين منهم على وجه الخصوص في الحياة االقتصادية العامة لما يترتب‬
‫على تلك المشاركة من منافع ليس أقلها القدرة على توجيه اقتصاد األمة إلى المجاالت المباحة والتأثير في‬
‫الحياة االقتصادية لألمة بما يضمن توجيهها نحو االقتصاد النافع المباح‪.‬‬
‫‪ .2‬ضرورة تعديل نسب الربا المستثنى وكذلك نسب األصول المحرمة في الشركة بحيث ال يزيد مجموعها عن‬
‫‪ %5‬من القيمة الدفترية للشركة‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرورة اعتماد القيمة الدفترية بدل القيمة السوقية لألسهم معياراً لنسب المال المحرم‪.‬‬
‫‪ .4‬ضرورة توسع المستثمرين المسلمين في إقامة الشركات النقية باعتبارها بديالً للشركات المحرمة أو الش ركات‬
‫المختلطة كي تقوم هذه الشركات باستقطاب أموال المدخرين وتوجيهها في أوعية استثمارية مباحة‪.‬‬
‫‪ .5‬ض رورة قي ام المص ارف ومؤسس ات التمويل اإلس المية بإض فاء ن وع من المرونة على التس هيالت المص رفية‬
‫والتمويلية للش ركات المس اهمة كي ال يض طر التش دد والص رامة الل ذان تب ديهما كث ير من المص ارف‬
‫اإلسالمية فيما يتعلق بالتسهيالت المصرفية والتمويلية؛ الشركات المساهمة إلى التوجه نحو البنوك التقليدية‬
‫التي غالباً ما تكون أكثر مرونةً ً وأقل تشدداً في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ .6‬ضرورة تمتع الشركات المساهمة بقدر كبير من النزاهة والشفافية بحيث تكون المعلومات عن تلك الشركات‬
‫متاحة للمساهمين من خالل تقارير اإلفصاح وغيرها من اإلجراءات التي توفر المعلومة الصحيحة للمساهم‬
‫بما يساعده على اتخاذ القرار المناسب والصحيح بشأن المساهمة في تلك الشركة‪.‬‬

‫الهوامش‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد الصالحين ود‪ .‬موسى أبو سويلم‬

‫‪113‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)1‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

You might also like