Professional Documents
Culture Documents
المركز القانوني للتصرفات العقارية في الوثائق العدلية
المركز القانوني للتصرفات العقارية في الوثائق العدلية
اهداء
الحمد هللا الذي بنعمته تتم الصالحات ,وال يسع اإلنسان المسلم وقد بلغ أشده إال
:أن يدعو بما أرشده اليه هللا سبحانه – عز وجل – في قوله تعالى
ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا"
".ترضاه
اللهم لك الحمد ولك الشكر على ما نصبح فيه ونمسي من النعم والعفو والعافية ,
.ومن نعم هللا علينا انه وفقنا إلنجاز هذا العمل المتواضع
وبذلك نهدي هذه الدراسة الى كل أفراد أسرتنا وألساتذتنا وكل من أخذنا منه شيئا
2
شكر...وتقدير
ال يسعنا في البداية إال أن نتقدم بالشكر الجزيل إال أستاذنا المشرف فضيلة
الدكتور يوسف عاللي ,بما تفضل به_في طيبة ورحابة صدر_من قبول اإلشراف
على هذا البحث ,وبما خصنا به من رعاية وتوجيه ونصح وإرشاد ,وما أسداه
إلينا من مالحظات سديدة من حيث الشكل والمضمون ,فجزاه هللا خيرا وأدامه
3
المقدمة
بسم هللا الرحمان الرحيم ,الحمد هللا رب العالمين ,والصالة والسالم على سيدنا
محمد خاتم النبيين وأشرف المرسلين ,وأله و صحبه أجمعين ,والتابعين ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد فإن هذه الدراسة التي وفقنا هللا إلى إنجازها في إطار بحث اإلجازة ,ترمي
إلى بيان موضوع قانوني ذي طبيعة تركيبية تجمع في سياق واحد بين ميدان
التوثيق العدلي ومجال المعامالت العقارية ,ومما ال جدال فيه أن لهذا الموضوع
أهمية حاولنا إبرازها في نطاق قانوني محدود ,تبعا لما توصلنا له من مراجع
خاصة وعامة ,وذلك خدمة لجملة من األهداف العلمية ,بالرغم من الصعوبات
التي اعترضتنا والتي حاولنا التغلب عليها عبر اتباع منهج علمي يراعي طبيعة
.البحث المركبة
:ولبيان ذلك بشكل مختصر ,فإننا نوضعه في المقدمة عبر
4
المنظم لمهنة التوثيق في المادة األولى "التوثيق مهنة حرة تمارس وفق الشروط
".وحسب االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة
ومن التوثيق ما يتم في إطار خطة العدالة أي التوثيق العدلي ,والذي يؤطر
بموجب القانون 16.03حيث في اطاره يتم صياغة الوثائق في كل المجاالت
.القانونية بصفة تقريبية
أما التصرفات العقارية فيراد بها ,كل تصرف من شأنه انشاء حق من الحقوق
.العينية األصلية والتبعية ,أو نقله أو تغييره أو زواله
وتأسيسا على ذلك فانه يمكن في المجال العقاري دراسة الحقوق العينية من باب
معالجة األثر القانوني الذي ينشأ عندما تنتقل هذه الحقوق من السكون الى
الحركية .ولتوثيق انتقال الحقوق في المجال العقاري تتيح خطة العدالة مكنة
.االشهاد والكتابة في التصرفات
ويتضمن العنوان التلميح الى عالقة جدلية ورؤية مزدوجة ,فيمكن أن يكون هذا
البحث سبيال لدراسة الميدان العقاري من خالل خطة العدالة ومن جهة أخرى
.يمكن ان يكون سبيال لدراسة التوثيق العدلي
5
ثالتا :نطاق البحث ومراجعه
تقتضي دراسة هذا الموضوع تحديد إطاريه الخاص والعام ,فإطاره الخاص
يتشكل من مادتي التصرفات العقارية و التوثيق العدلي اللذين ينتميان إلى طائفة
.القانون المدني .أما اإلطار العام للموضوع فيندرج ضمن طائفة القانون الخاص
6
خامسا :إشكالية البحث
يعرف الميدان العقاري في المغرب ازدواجية وتعددا كبيرا على مستوى أنواع
العقارات وطبيعتها ,وكذلك القوانين التي تخضع لها ,وقد نتج ذلك عن عوامل
مختلفة أهمها ارتباط المشهد العقاري في وقت من األوقات بظرفية استعمارية هذا
من جهة ,ومن جهة أخرى فقد شهدت الوضعية العقارية بعد خروج المستعمر
ارتباكا تشريعيا كبيرا تمتد آثاره إلى اليوم ,ومما يدل على هذا االرتباك
التشريعي تعدد الجهات المتدخلة في توثيق التصرفات المنصبة على العقارات ؛
ومن هذه الجهات نجد التوثيق العدلي وهو أقدمها واليزال صامدا بالرغم من
.المنافسة التي يتعرض لها
وانطالقا من ذلك تظهر لنا اإلشكالية الرئيسية للبحث التي يتم بموجبها التساؤل
عن ماهية وحجم المعلومات القانونية الواجب إحاطتها من لدن العدول حتى
.يفضي األمر لصياغة وثائق عقارية سليمة من الناحية القانونية ؟
عملنا في هذه الدراسة على اتباع المنهج التحليلي وذلك بالنظر إلى سببين ؛
األول يتجلى في أن المنهج التحليلي يعد أكثر مناسبة لتناول موضوعات القانون
.الخاص
السبب الثاني ينبع من كون المنهج التحليلي يأخذ ويمتح من جميع المناهج األخرى
7
سابعا خطة الدراسة
لقد اتبعنا في هذه الدراسة التقسيم الثنائي فقد جعلنا الفصل األول منها تحت
عنوان "القواعد العامة للتوثيق العدلي للتصرفات العقارية " وقمنا بتقسيمه إلى
مبحثين ؛ يتعلق األول باألركان الموضوعية للتصرف العقاري ,والمبحث الثاني
.خصص للقواعد الخاصة بالتوثيق العدلي للتصرفات العقارية
أما الفصل الثاني فقد عنون ب " حجية التوثيق العدلي للتصرفات العقارية والذي
أفردناه هو اآلخر إلى مبحثين ؛ األول يتعلق "بحجية التوثيق العدلي للتصرفات
العقارية " والذي أفردناه هو اآلخر إلي مبحثين ؛ األول يتعلق بالحجية المرتبطة
.بشكلية ورسمية التوثيق العدلي والثاني يتعلق بالحجية من حيت ثبوت التوثيق
8
:الفصل األول
القواعد العامة للتوثيق العدلي
للتصرفات العقارية
9
ال يتم توثيق التصرفات العقارية من طرف العدول إال أن يتأكدوا من وجود
األركان الموضوعية لهذه التصرفات ومما قد يعتريها من دواعي النقصان أو
الخلل أو عدم المشروعية .وإذا ما وجدت هذه األركان الموضوعية بالشروط
المتطلبة فيها ,فإن كتابة التصرفات العقارية المكتملة األركان تعد هي نفسها ركنا
1
آخر في التعاقد بحسب األصل
ال ينعقد التصرف العقاري إال إذا وجدت أركان موضوعية تتعلق بأشخاصه
ومحله والدافع اليه ؛ وهذه األركان بحسب قانون االلتزامات والعقود هي :األهلية
.والرضا ( المطلب األول ) والمحل والسبب ( المطلب الثاني)
المطلب األول :األهلية والرضا
الفقرة األولى :األهلية
تخضع األهلية لمقتضيات عامة متعددة ( أوال) ,وتأثر فيها عوامل مختلفة تحتم
اللجوء إلى أحكام النيابة الشرعية (ثانيا ) وتظهر في الوثائق العدلية من خالل
تحديد هوية األطراف ( ثالتا)
أوال :المقتضيات المتعلقة باألهلية
تعرف األهلية في االصطالح القانوني بأنها قابلية الشخص الكتساب الحقوق
وتحمل االلتزامات ,وبأن يمارس التصرفات التي تمكنه من كسب األولى ,
.1وتحمل الثانية
.ومن هذا التعريف يتضح أن األهلية نوعان :أهلية وجوب وأهلية األداء
1
عبد الحق الصافي ,دروس في القانون المدني ,دروس في القانون المدني ,الطبعة الثانية 2004ص 39
10
فأهلية الوجوب تعرف بأنها صالحية اإلنسان لثبوت الحقوق المشروعة له وعليه
.من الناحية القانونية
أما أهلية األداء فهي صالحية الشخص االستعمال الحق ....والذي يعنينا هنا هو
.أهلية األداء فإذا أطلقنا األهلية كانت هي المقصودة
.وتنقسم أهلية األداء إلى أهلية تصرف وأهلية إدارة
فكلما كان العمل دائرا بين النفع والضرر إال واألهلية الواجبة فيه أهلية تصرف,
وكلما كان العمل نافعا أو غير ضار إال و األهلية المشترطة فيه أهلية إدارة .
فالبيع –وهو أبرز مثال للمعاوضات –" يعتبر ...بالنسبة إلى كل من البائع
والمشتري من األعمال الدائرة بين النفع والضرر ...فيشترط في كل من عاقديه
أن يكون كامل األهلية ,بينما ينظر إلى الهبة – وهي أبرز مثال للتبرعات –
باعتبار طرفيها ,فهي تعتبر تصرفا غير نافع للواهب – من الناحية النظرية –
فيشترط فيه أهلية التصرف ,بينما تعتبر تصرفا نافعا نفعا محضا للموهوب له –
.بحسب األصل – فيشترط فيه أهلية اإلدارة فقط
واألصل في التصرفات القانونية العقارية أنه تشترط لها أهلية التصرف في
طرفيها معا ,وال تحصل هذه األهلية إال بكون الشخص بالغا سن الرشد القانوني
.أي 18سنة , 2وذلك من غير عارض
بينما تكتفي أهلية اإلدارة في بعض التصرفات العقارية في حق من كانت أهليته
.ناقصة
أما من كانت أهليته منعدمة ,فال يمكن أن يجري ال أعمال التصرف وال أعمال
.اإلدارة
ومن الناحية العملية التوثيقية ,فالمالحظ أن العدول يمتنعون عن التلقي كلما كان
.أحد األطراف ناقص األهلية حتى لو كان التصرف نافعا له نفعا محضا
2
".تنص المادة 208من مدونة األسرة على ما يلي ":سن الرشد القانوني 18سنة شمسة كاملة
11
تتأثر أهلية األداء بصغر السن أو بالعوارض التي تطرأ عليها ,مما يؤدي إلى
4نقصانها أو انعدامها 3ويحتم الخضوع ألحكام النيابة الشرعية
وتثير هذه النيابة الشرعية او القانونية جملة من اإلشكاالت على المستوى التوثيقي
خاصة ,ومن أبرزها ما يرجع إلى الحدود التي تقف عندها صالحيات المخولة
.للحاجر
ذلك أن الحاجر أو النائب الشرعي سواء كان وليا أو وصيا أو مقدما ,يتولى
5شؤون محجوره تحت رقابة المحكمة
وثمة جملة من التصرفات منعها المشرع على الوصي والمقدم 6دون إذن من القاضي
.المكلف بالمحاجير ,وحملها في حق األب او األم على السداد حتى يثبت خالفه
غير أنه طرح إشكال طرح بخصوص ما نص عليه الفصل 11من قانون
االلتزامات والعقود الذي قيد بعض التصرفات بضرورة الحصول على إذن
القاضي سواء في حق الولي أو الوصي أو المقدم ؛ فقد يبدو نوع من التعارض
بين الفصل 11من ق.ل.ع الذي يمنع جميع الحاجرين من التصرف في أموال
محاجيرهم إال بعد الحصول على اإلذن المذكور ,والمادة 271من مدونة األسرة
التي تمنع الوصي والمقدم فقط من بعض التصرفات دون إذن ,ثم المادة 240
من المدونة التي تجيز مبدئيا التصرف للولي سواء كان أبا أو أما مع وضع رقابة
.من نوع خاص عليهما
ويمكن القول بأن الفصل 11عام ومطلق ,فهو عام ألنه يطبق على جميع
المغاربة المسلمين كانوا أو غير المسلمين ,وهو مطلق ألنه يشمل األب و
.الوصي والمقدم وجميع من يديرون أموال غيرهم
7
من الفقرة األولى من المادة 31من قانون 16.03
8
.الفقرة الثالة من المادة 25من المرسوم التطبيقي
9
تفادى المشرع سوء الفهم الناتج عن ذكر لفظ " المشهود عليه " بالمعنى العام في مواد أخرى ,مثل المادة 19التي
عبرت بالمتعاقدين
10
الهواري ,م س ,ص 26
13
وقد جرى عمل الموثقين بالتعريف على الرغم من ضعفه بالمقارنة مع المعرفة ثم
اضحى الوصف وتحلية المتعاقدين يشكالن المسطرة المتبعة عند المغاربة عندما
اعتبروه أقوى من التعريف ,خاصة أن تحلية المشهود ووصفه كانا يردان في
الوثائق على نحو كاشف مبين للمشهود له أو عليه ,بحيث لو رآه من وقف على
الوثيقة لعرفه من خالل تلك األوصاف فكان الموثق يذكر لونه وطوله أو قصره
وما احتوى عليه الوجه من الصفاة في الجبين والجبهة والحاجبين والعينين و
األنف والخد و الفم و اللحية ,ووصف األذنين والعنق والصدر واليدين ,ويذكر
..... 11كل ما أمكن ذكره من أثر أو شامة أو جرح
13
حديث أخرجه البخاري في باب البيعان بالخيار لم يفترقا ,عن حكيم بن حازم _ رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا
......".عليه وسلم بلفظ " البيعان بالخيار لم يفترقا
14
أنظر هذا االختالف الفقهي وأسبابه عند ابن رشد ,بداية المجتهد ونهاية المقتصد ,دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ,
م.ت.ط.غ.م.ج ,ج 2ص128
15
مجلس العقد باألقوال ,وفي كل األحوال ,ينبغي على العدلين أن يستكمال
.اإلجراءات من أجل إضفاء الرسمية على ما شهدا به قبل التراجع
ولعل مراعات هذه المقتضيات الفقهية هي التي جعلت المشرع ينص عليها في
المادة 20من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة التي جاء فيها ":في حالة
االمتناع عن التوقيع أو وضع البصمة أسفل الشهادة بعد إدراجها في مذكرة الحفظ
,يشير العدالن إلى هذا االمتناع قبل توقيعهما ,ويخبران القاضي المكلف
".بالتوثيق فورا بذلك
فكلما تم اإلشهاد على األطراف من طرف العدول لزمتهم الشهادة ,وال ينبغي أن
تتعرض الوثيقة المحررة للبطالن لمجرد تعذر التوقيع بمذكرة الحفظ أو االمتناع
.عنه
وقد أقام المشرع المغربي قرينتين يستنبط من خاللهما أن العقد يتم بمجرد اإلشهاد
الصحيح على األطراف ,ترجع أولها إلى وجوب تالوة الشهادة على أطرافها من
قبل العدلين المتلقيين فور االنتهاء من إدراجها بمذكرة الحفظ , 15والثانية إلى
وجوب االعتذار عما شاب الشهادة من غموض أو إبهام أو بياض أو إصالح أو
اقحام أو تشطيب , 16وذلك قبل توقيعات األطراف ,أو بعد توقيعاتهم بشرط
أن يتم ذلك في مجلس اإلشهاد وأن تعاد توقيعات األطراف للمرة الثانية بعد عبارة
. 17االعتذار
غير أن ما قلناه عن التوقيع آنفا فيما يتعلق بأنه ليس إجراء جوهريا وأن عدم
وجوده ال يؤدي إلى إلغاء الشهادة ,إنما يبقى مقيدا بما إذا تم اإلشهاد على تطابق
اإلرادتين في مجلس العقد ثم حدث أن تراجع أحد األطراف عن التوقيع بمذكرة
.الحفظ ,أو كان له عذر يمنعه من التوقيع
فما قررناه سابقا يعد مجرد استثناء من األصل الذي يلزم األطراف بالتوقيع أو
.البصمة
وتأسيسا على ما سبق فسنتطرق بإيجاز للبصمة والتوقيع في الوثائق العدلية ,
.اللذين يعتبر وجودهما في هذه الوثائق واجبا بحسب األصل
15
.تنص على ذلك الفقرة 8من المادة 19من المرسوم التطبيقي لخطة العدالة
16
.تنص على ذلك الفقرة 3من المادة 19
17
تنص على ذلك الفقرة األخيرة من الفصل 19
16
أ -التوقيع
تنص الفقرة األولى من المادة 12من قانون 16.03على مايلي ":
يتقاضى العدل مباشرة من طالبي الشهادات األجور المحددة حسب نوعيتها
بمجرد تلقيها وتوقيع األطراف على ملخصها بمذكرة الحفظ ".
"وتوقيع الشهادة أو امضاؤها هما بمعنى واحد في الجملة ,ومفادها جواز
الشهادة وتأكديها وااللتزام بما فيها وتنفيذها ,وكذلك اإلمضاء الذي معناه
في األصل الجواز واإلنفاذ ,يقال أمضى الكتاب إمضاء إذا أجازه وأنفذه ,18
وال يشترط أن يكون بأمر محسوس أو مكتوب ,فقد يكون اإلمضاء
بمجرد تلفظ ينطق به المجيز أو المنفذ لما في الوثيقة أو الصك ,أي أن
اإلمضاء عند اإلطالق ال يعني بالضرورة خصوص الشكل أو العالمة التي
اختارها الشخص ليعلم بها على الرسوم تعبيرا عن إرادته والتزاما بما
تضمنته ,غير أن العرف جار على المقصود باإلمضاء هو هذا الشكل ....
فيقال هذا إمضاء فالن أو توقيعه ,أي عالمته الخاصة به وشكله
19
المختار ,وهذا هو المراد بالنص القانوني المذكور ".
ب البصمة
كل ما ذكرناه عن التوقيع إنما يتعلق بغير األميين ,أما األمي ومن في
حكمه كالعاجز عن التوقيع فينبغي اإلشهاد عليه بالبصمة .
وبالنظر إلى خصائص التوقيع كما هي واردة في الفقرة الثانية من الفصل
األصل .
18
العلمي الحراق ,الوجيز ,م س ,ص 39
19
العلمي الحراق ,الوجيز ,م س ,ص 40
17
بما أن التعاقد يعتبر تاما باإلشهاد على األطراف ,وأن خلو الشهادة بمذكرة
الحفظ من التوقيع بسبب التعذر أو االمتناع ال يسمح للعدول بإلغاء الشهادة
إذا ما توفر عنصر الرضا ,وإنما هم مطالبون دائما بتحرير الشهادة
وتقديمها لقاضي التوثيق من أجل الخطاب عليها وختمها بطابع الرسمية ,
فإن ذلك قد يشكل خطورة على المتعاقدين ويؤدي إلى االعتقاد بأن الوثائق
كتبت بغير رضاهم .
من أجل ذلك ,قرر المشرع المغربي ضمانات للمشهود عليهم ,من أهمها
ضرورة االستعانة بترجمان عند صعوبة التلقي ,إذ نصت المادة 30من
قانون 16.03على هذه الضمانة كما يلي ":يستعين العدل بترجمان مقبول
لدى المحاكم عند وجود صعوبة في التلقي مباشرة من المشهود عليهم .
يستعان في حالة انعدام الترجمان بكل شخص يراه العدل أهال للقيام بهذه
المهمة بعد قبول المشهود عليه له.
تكتب الشهادة وجوبا باللغة العربية ,وينص فيها على اللغة األجنبية أو
اللهجة التي تم بها التلقي إذا تعلق األمر بغير لغة الكتابة ".
وقد ذهب بعض الفقه 20إلى " أن العدل ال يتلقى الشهادة من المشهود عليه
بغير العربية إال بواسطة ترجمان ,ولو كان هذا العدل يعرف اللغة التي
يتكلم بها ذلك المشهود عليه ".
وقد اعترض عليه بعض الباحثين 21بأن "هذا االستنتاج ال يستند إلى أي
أساس ,ألن عبارة الفصل المذكور تنص على االستعانة بترجمان عند وجود
صعوبة في التلقي مباشرة باللغة العربية من المشهود عليهم ,والمفهوم
المخالف لعبارة " عند وجود صعوبة " أنه إذا لم توجد صعوبة في
21
عبد السالم العسري ,شهادة الشهود ,م.س ,ج , 2ص667
18
فهم مراد المشهود عليه بأن كان العدل يعرف لغة المشهود عليه ,فال يحتاج
إلى االستعانة بالترجمان ,بل العدل يترجم لنفسه ,ألن الشاهد العدل ال يكتب
في شهادته ألفاظ المشهود عليه ,وإنما يكتب في الغالب مضمنها ومعناها ,
وإن كانت تلك األلفاظ باللغة العربية .
ومن المتفق عليه أن الذي ينقل بلفظه هو القرآن الكريم ,أما غيره من أنواع
الكالم ال يلزن نقله بلفظه ,فحتى الحديث النبوي الشريف أجاز كثير من
العلماء روايته بالمعنى ".
وعليه فإن الرأي الراجح هو الفهم الذي يوجب " على العدلين االستعانة
بترجمان ,عندما يجدان صعوبة في التلقي مباشرة باللغة العربية من
المشهود عليهم ,كأن يكون أحد األطراف أو كلهم ال يتكلمون اللغد العربية
الفصحى أو العامية ,أو لهجد من للهجات والعدالن ال يفهمان ذلك ؛ فإن لم
يجدا صعوبة في تلقي اإلشهاد بلغة المشهود عليهم ,فيجوز لهم التلقي
مباشرة باللغة األجنبية دون االستعانة بترجمان محلف او غيره.....
غير أن هذا الرأي الراجح في نظرنا قد يدحض من قبل مخالفيه " بما جاء
في المادة 30من المرسوم التطبيقي لقانون المهنة ...فلو كان من حق
العدلين تلقي الشهادة وسماعها بلغة أجنبية؛ لما أوجبت المادة تعريب هذه
المستندات وإضافة نص تعريبها إلى الشهادة ,ولكتفي بقراءة وفهم العدلين
لها دون اللجوء إلى تعريبها ."22
ومن أجل فهم هذه المادة يقتضي األمر أن نميز بين مفهوم المستندات
الواردة فيها وذلك الوارد في المادة 21من قانون 16.03المتعلق بخطة
العدالة التي تنص على واجب ملقى على العدول يتعلق بإحداث نظام لحفظ
الوثائق بموجبه ينشئ العدل الذي أدرجت الشهادة بمذكرته ملفا خاصا لكل
شهادة يضم المستندات اإلدارية الالزم حفظها بمكتبه.
والمقصود بالمستندات اإلدارية الوارد بالمادة 21كل مستند يتوقف تلقي
الشهادة عليه ,فهي " مستندات إدارية أساسية يتوقف أمر إقامة الشهادة
22
أنظر الحراق ,التوثيق ,م.س ,ص 346 / 1
19
عليها بحيث إذ لم يتوفر عليها العدالن ابتداء لم يجز لهما تلقي الشهادة من
أصلها , 23فهذه المستندات اإلدارية ال ترفق بالوثيقة بعد تحريرها
وال تسلم ألصحابها .
من أمثلة هذه المستندات في مجال التصرفات العقارية ,شهادة الملكية
الصادرة عن المحافظة العقارية ,واإلذن بالتقسيم ,والسليم المؤقت
الواردين في القانون 90.25المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات
السكنية وتقسيم العقارات واإلذن بالترخيص االستثنائي الوارد في القانون
رقم 34.94المتعلق بالحد من تقسيم األراضي الفالحية غير المسقية .
23
الحراق ,التوثيق , ...م.س 49 /2 ,
24
ابن معجوز ,م.س ,ص 62-61
20
اكتسب الشخص ملكية عقار...بسبب من األسباب التي تكتسب بها الملكية
شرعا ...بال شرط وال رهن فإنه يغدو المالك الشرعي وعناصر الملكية
تنتقل إلى ذمته ,وعند ذلك له أن يستعمل وأن يستغل وأن يتصرف في
ملكه بمختلف أنواع التصرف .متى وكيف شاء .فلو باع أو وهب أو
تصدق بما سبق أن تملكه شرعا لكان بيعه أو هبته أو صدقته صحيحا .
والمشتري أو الموهوب له أو المتصدق عليه يصير خلفه الخاص ,ينتقل
25.إليه حق الملكية بعناصره الثالثة كذلك ,مالم يتفقوا على خالفه
وتسمى هذه الحقوق بالملكية الناقصة ,نظرا إلى أن عناصر الملكية ال
تكون بمجموعة في يد شخص واحد ,وإنما تتفرق بين عدد من المالكين .
فيكون حق االنتفاع لشخص ,وحق االستعمال لشخص آخر ,وقد يكون حق
26 .التصرف اآلخر أيضا
وعليه فإن أنواع الملك الناقص هي كل الحقوق العينية األصلية ماعدا حق
الملكية ,ألنه ينصرف إلى الملكية التامة .وهذه الحقوق هي :حق
االرتفاق والتحمالت العقارية ,وحق االنتفاع ,وحق العمرى ,وحق
االستعمال ,وحق السطحية ,وحق الكراء طويل األمد ,وحق الحبس ,
.وحق الزينة ,وحق الهواء والتعلية ,ثم الحقوق العرفية اإلسالمية
25
بلعكيد ,الهبة ,م.س ,ص 161
26
ابن معجوز ,م.س ,ص351
21
ت – فرضية الملكية المقيدة
والملكية مرة أخرى ال تكون تامة ,إذا كانت مقيدة .وقيود الملكية
نوعان ...قيود اتفاقية ,وقيود قانونية .فاألولى بالتراضي ,كما هو الشأن
في القيود المانعة من التصرف خالل مدة معقولة ولباعث مشروع .وقيود
الرهن ؛ والثانية بنص القانون ,واألمثلة عليه كثيرة
لم تكن مهام العدول محصورة في قضايا معينة وإنما كانوا يشهدون على
بمقتضى المادة 37من قانون التطبيقي لخطة العدالة فلئن وزير العدل يكلف
بمقتضى مقرر قاضيا أو أكثر بشؤن التوثيق في دائرة كل محكمة ابتدائية
كل القضايا والمسائل الشرعية ؛ لكن مع مرور الزمن أخذت القضايا
والمسائل التي يشهد فيها العدول تتناقص تدريجيا ,وكان من المفترض أن
تزيد الشهادات التي يكتبها العدول من حيث الكيف ومن حيث الكم ,ألن
.أقضين الناس ومعامالتهم ال تنتهي
وحاال فإن العدل يمكن أن يشهد على مجموعة من القضايا مادام هذا
اإلشهاد ال يخرج عن دائرة التعامل 27وما دام يتقيد بالشروط الواردة
.في قانون 16.03والنصوص الخاصة
وفي مجال التصرفات العقارية خاصة ,فالعدل يمكنه أن يشهد على أكثر
العقود والتصرفات العقارية ,سواء تعلقت بالعقار المحفض أو العقار في
طور التحفيظ ,أو العقار غير المحفض .وال يمنعه من ذلك إال تلك
.التقييدات أو الشروط الواردة في النصوص القانونية
27
".تنص المادة 32من قانون 16.03على مايلي ":يمنع تلقي الشهادة التي يكون موضوعها خارجا عن دائرة التعامل
22
لكن من الناحية العلمية لم يعد العدول في مجال التصرفات العقارية بصفة
خاصة يتلقون إال قدرا يسيرا من الشواهد المتعلقة بالعقار ,ومعظم هذه
الشهادات ترجع إلى البيع أو الهبة أو الصدقة ,كما أن أكثر الشهادات
.العدلية تنصب على العقارات المحفظة
28
بلعكيد ,الهبة ,م.س ,ص165
23
اشترط المشرع المغربي في السبب أن يكون حقيقيا ,وقرر أن السبب
.29المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يثبت العكس
وقد يثبت العكس عند وجود واقعة الصورية ,التي اعتد بها المشرع
المغربي في إثبات عدم تحقق السبب ,من خالل النص على أنه " إذا ثبت
أن السبب المذكور غير حقيقي ....كان على من يدعي أن االلتزام سببا
".30آخر ....أن يقيم الدليل عليه
فقد أجاز المشرع المغربي الدفع بالصورية إلثبات السبب الحقيقي الخفي
ونفي السبب غير الحقيقي الظاهر 31الذي قد يقصد منه التدليس والخداع
,وسهل إثبات الصورية بأن جعلها تثبت بمختلف الوسائل ألنها مجرد
.واقعة مادية
ورتب المشرع على السبب الخفي آثار السبب الحقيقي بالنسبة لبعض
التصرفات إذا اتصلت بمرض الموت .ولتطبيق األحكام الخاصة بمرض
الموت ,البد بداية من تحقيق شرطين أساسين الزمين لرد كل تصرف
:كيفما كانت طبيعته وهما
أن يبرم التصرف في مرض الموت – 1
أن يتوفى المتصرف من المرض الذي أبرم التصرف خالله وهو – 2
.32مصاب به ,أي أن ينتهي بالموت فعال
29
.الفصل 64من قانون االلتزامات والعقود
30
.الفصل 65من قانون االلتزامات والعقود
31
جاء في الفصل 22من ق.ل.ع " االتفاقات السرية المعارضة أو غيرها من التصريحات المكتوبة ال يكون لعا أثر إال
" .فيما المتعاقدين ومن يرثهما ,فال يحتج بها على الغير .....ويعتبر الخلف الخاص غيرا بالنسبة ألحكام عذا الفصل
32
محمد الكشبور ,بيع المريض مرض الموت قراءة في قرار المجلس األعلى ,سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة 4و
مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ,الطبعة األولى , 2002ص 49-48
24
مرض شفاء إال بعد الوفاة ولذلك تبقى عقود المريض وإقراراته صحيحة
ومعتبرة مادام حيا فال يجوز االحتجاج بالمرض إلبطال تصرفاته إلى بعد
. 33وفاته
ومادام أن المشرع المغربي في تقريره آلثار السبب الخفي ,قد ركز على
عقد البيع كنوع من أنواع التصرفات التي يمكن أن تتصل بمرض الموت ,
فيستنبط مما ذكره المشرع بخصوص ذلك – مستندا إلى الفقه اإلسالمي –
أنه ينبغي إضافة شرط خاض إلى الشرطين العامين السابقين ,ويتعلق
.األمر بأن يظهر في البيع قصد المحاباة
33
انظر في ذلك :حسين المؤمن ,نظيرة اإلثبات بالمحررات أو األدلة الكتابة ,مكتبة النهضة ,بيروت , 1975 ,ص
148
34
أنظر عبد الرزاق السنهوري ,الوسيط ,م.س ,ج , 4البيع ,ص 275
25
فالمشرع المغربي لم يعتبر البيع الواقع في مرض الموت بقصد المحاباة
بيعا وإنما إبراء أو هبة في مرض الموت ؛ والهبة في مرض الوت تجري
عليها أحكام الوصية التي تقضي بأن الموصي له ال يستحق غير الثلث إذا
كان غير وارث ,وأنه إذا كان وارثا ال يستحق شيئا وال تصح الوصية له
. 35إال بإجازة باقي الورثة الرشداء
والواقع ..أن السبب ,بمعنى الباعث الدافع إلى التعاقد ,يجب استباقه ,
على أن ال يستخدم إال لحماية المشروعية في التعاقد ,ذلك أنه وحده الذي
يستطيع أن يقوم بهذه الحماية في صورة السبب المشروع ,وال يغني عنه
... "36ركن آخر ,ال ركن المحل وال ركن الرضا
35
انظر الفصل 344
36
السنهوري ,م س ,ج , 1ص 389
37
في الفصل 62من ق.ل.ع
26
ومن وجه اإلثبات ,اعتبر المشرع االلتزام قائما على سبب مشروع إلى أن
يثبت العكس " 38فإذا ادعى المدين أن للعقد سببا غير مشروع سمع منه
ذلك وكل هو بإثباته .وله اإلثبات بجميع الطرق ,بما في ذلك البينة
...والقرائن
ويالحظ أنه إذا ادعى المدين أن للعقد سببا غير مشروع وأثبت ذلك ,فعليه
أيضا أن يثبت علم الدائن بهذا السبب ؛ وله أن يثبته بجميه وسائل اإلثبات ,
ويستوي في ذلك أن ال يكون السبب المذكور في العقد أو أن يكون قد ذكر
يبب صوري وثبت أن السبب الحقيقي غير مشروع ...فإذا ادعى المدين
أن السبب المذكور في العقد ليس هو السبب الحقيقي ,بل هو سبب صوري
يستر سببا غير مشروع ,فله أن يتخذ أحد الموقفين :إما أن يقتصر على
إثبات الصورية ,وفي هذه الحالة ينتقل عبء إثبات السبب الحقيقي
ومشروعيته إلى الدائن ,وإما أن يثبت رأسا أن السبب الحقيقي للعقد غير
.مشروع
فإذا أراد أن يثبت صورية السبب ( فاألمر على ما رأيناه في قواعد إثبات
...الصورية )
وإذا أراد المدين أن يثبت رأسا عدم مشروعية السبب ,فله أن يثبت ذلك
بجميع الطرق ومن بينها البينة والقرائن ...مهما بلغت قيمة االلتزام ,ألن
39
إخفاء عدم المشروعية غش ,والغش يجوز إثباته بجميع الطرق ".
38
وذلك في الفصلين 63و 65من ق.ل.ع
39
السنهوري ,م س ,ص393-392
27
ال تعتبر الوثائق العدلية تامة وذات حجية ,إال إذا قطعت مجموعة من
المراحل .وهذه المراحل هي التلقي والتحرير (المطلب األول ) والتضمين
والخطاب (المطلب الثاني )
40نصت المادة 28من قانون 03-16في فقرتها الثانية على ان تحديد شكل مذكرة الحفظ وادراج الشهادة فيها يتمان بتص تنضيمي
41تمر الشهادة بمرحلتين:
المرحلة التي يتلقى فيها الشاهد شهادته ويحصل له العلم بها
والمرحلة التي توءدى فيها الشاهد شهادته أمام القاضي
42أحمد بن محمد الهيتمي تحفة المحتاج في شرح المناهج ,دار احياء الثراث العربي الجزء 10الصفحة 276
43الحراق الثوثيق العدلي الجزء 1ص 329هامش 725
28
كما أنهما يختلفان من حيث الشروط ،فالتحمل الشهادة ال يشترط اال شرط واحد
وهو ان يكون عاقال بينما التلقي ينظر فيه الى انه يعتبر شاهدا و موثقا في ان
.واحد
:ب-حكم التلقي
لما كان التلقي -يعد بوجه ما نوعا من التحمل حيث ينبغي في البداية أن نعرف
.حكم المحل ،الذي قد يستنبط منه حكم التلقي
ففي حكم المحل اختلف فقهاء الشريعة اإلسالمية بين قائل بالندب وقائل بأنه
فرض كفاية ،وهذا هو القول الصحيح الرجع لقوله تعالى "وال يأب الشهداء اذا
"44ما دعوا
ال يتم التلقي حاليا اال بالكتابة في الكناش المخصص لذألك يدعى "مذكرة الحفظ"
فا بذلك بوجه عام يعد نوعا من التحمل المكتوب للشهادة ،وقد علمنا ان الراجح
،في التحمل فرض على الكفاية
كل ذلك يجعلنا نتسأل هل يحصل الفرض بتعين أناس وتنصيبهم لمزاولة الخطة
ثم ينتهي ذلك ؟ أم أنه على هؤالء المعينين المنتصبين أن يتلقوا جميع ما يرد
على مكاتبهم من الشهادات ،وأنهم ملزمون بذلك لزوما عينيا؟
فمن الجهة األولى نجد ان قانون التوثيق العدلي لم يوجب صرحتا على العدلين
.تلقي أي شهادة اذا كانت جائزة وتامة األركان والشروط
ومن الجهة األخرى نجد أن "من بين أهم األهداف األساسية التي قام ألجلها نظام
الشهود مند نشأته األولى ،ايجاد فئة من الناس يكون شغلهم الشاغل تلقي الشهادات
بين الناس في مقابل أجرة يأخدونها عن تفرعهم لهذه المهام ،وذلك حتى ال تتعطل
المصالح وتضيع الحقوق...فالعدول الشهود اذن انما خصوا المهنة وتفرغوا لها
45وأعطوا األجرة لكي ال تضيع الحقوق بعدم االشهاد عليها
وفي اطار الغاية يرى بعض الفقه 46أنه ليس في وسع العدل الشاهد أن يمتنع عن
تلقي الشهادة اذا كان الموضوع مما يجوز تعاما به ،وكانت الشروط متوفرة الى
44
31
نصت المادة 32من المرسوم التطبيقي لقانون العدالة سنة 2008في فقرتها
األولى على ان الشهادة تضمن بأكملها طبقا لمقتضيات المادة 11من القانون رقم
49:00.51المتعلق بتنظيم مهنة النساخة
وبالرجوع الى المادة المذكورة فإن تضمين الشهادة أضحى من مهام النساخ
.52واختصاصاتهم ،بعد ما كان في السابق من مهام العدول
كما أنه يكون على الناسخ أن يضمن التضمين بخط يده بمداد أسواد غير قابل
للمحو الشهادة بأكملها طبق أصلها المحرر من طرف العدلين في السجل
المخصص لها مرعيا تتابع الشهادات حسب أرقام وتواريخ تضمينيها دون
انقطاع أو اصالح أو الحاق ...وذلك خالل أجل 8أيام من تاريخ تسليم الشهادة
53اليه
54ثم يكتب الناسخ بطرة الشهادة المضمنة بالسجل اسمه الكامل مذيال بتوقيعه
55وبعد ذلك يوقع العدالن في سجالت التضمين
أسفل الشهادة التي تلقياها داخل أجل 20يوما من تاريخ تضمينها ،ثم يخاطب
القاضي في تلك السجالت داخل أجل شهر من تاريخ تضمين الشهادة المضمنة
56بها ؛كل شهادة على حدة
ولتفادي طول اإلجراءات التضمين،يجرى العمل في أكثر أقسام التوثيق على أن
.يتم الخطاب على الشهادة مباشرة بعد أن يكتب الناسخ بطرتها مراجع تضمينها
51قانون رقم 49:00المنتعلق بتنظيم مهنة النساخة الصادر بتنفيد الضهير الشريف رقم 1.01.124الصادر 29من ربيع األول 22( 1422
يونيو )2001منشور ب:ج.ر عدد 4918ربيع الثاني 19( 1422يوليوز )2001ص .1864
52وذلك بمقتضى المادة 25من قانون رقم ..81المنظم لخطة العدالة
53مالم ينص على خالف ذلك (من المادة 11من القانون رقم .49.00
54
ويجرى الخطاب بالكيفية التي حددتها المادة 38من المرسوم التطبيقي لخطة
العدالة التي أوردت في فقرتها األولى ":يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على
.الشهادة المنجزة طبقا للقانون بمداد أسواد وغير قابل للمسح
".بصيغة "الحمد هلل أعلم بأدائها ومراقبتها
مع توقيعه مقرونا باسمه ،ووضع الطابع والتنصيص على تاريخ والخطاب وذلك
.62في أجل 6أيام من تاريخ التضمين
وصيغة الخطاب هذه تعد مقتضى جديدا لم يكن منصوصا عليه في قانون خطة
العدالة وهي تتضمن صيغة اإلعالم باألداء ( أوال) واعالم بالمراقبة (ثانيا)
أوال :األداء
سنتناول في هذه الفقرة _األداء من حيث مفهومه وحكمه ثم الحالة التي يتعذر فيها
األداء
أنظر"عبد العالي حفيظ ،الرقابة القضائية على صحة المحرارات العدلية ،مقال منشور بمجالة القضاء المدني ،العدد الثاني 2010ص , 26
62وردت اإلشارة الضمنية لصيغة الخطاب في الفقرة الألولى من المادة 35من قانون رقم 16:03التي جاء فيها:يخاطب القاضي المكلف
بالتوثيق على الشهادات بعد اتمام اإل جراءت الالزمة والتأ كد من من خلوها من النقص ،وسالمتها من الخلل ،وذلك بالإلعالم ألدنها ومراقبتها .
63
محمد الرصاع االنصاري شرح حدود ابن عرفة،طبعة وزارة االوقاف والشؤون اإلسالمية المغربية1142ه ، 1992،ص650
34
:وفي كيفية األداء بتحدث الفقه المالكي "عن ثالثة كيفيات األداء الشهادة
اما أ ،يكون دائما باللسان ،حيث يحضر الشاهد للقاضي ويسرح له ما علمهن تلك
الشهادة فيتلقى منه القاضي بحسب لفظه ؛ وإما أن يكون بواسطة وثيقة مكتوبة
تتضمن شهادته بما حوته من الوثيقة واثباث؛مع حضور شاهد لدى القاضي
وتصريحه أو اشارته لديه بأن الشهادة مكتوبة في هذا الرسم ؛واما أن يكون
بواسطة وثيقة مكتوبة تتضمن شهادته يبعثها العدل مع زميل له أو أحد العاملين
...64معه الى القاضي الذي يعتمد في تأكده على معرفة عالمة العدل
وهذه الكيفية الثالثة هي التي نص عليها المشرع المغربي في المادة 34من
قانون 16:03التي جاء فيه ":يؤدي العدالن الشهادة للقاضي المكلف بالتوثيق
بتقديم وثيقتها اليه وفق المقتضيات المقررة في هذا القانون ،وفق النصوص
.التنظيمية المتعلقة بتطبيقه بقصد مراقبتها والخطاب عليها
لكن هذه الكيفية مراجحة عند جل الفقهاء " :انه ال يجوز أن يخاطب على رسوم
الشهادات اال اذا كان األداء شافهة العدالن بمضمون الرسم ،وكان الرسم موقعا
.65عليه من قبله ،وال يجوز ان يرسل الرسم مع رسول أو عون
ثانيا :المراقبة
أناط التقنين بالمغرب للقاضي المكلف بالتوثيق مراقبة إلزامه بها تتعلق بتصفح
الشهادات والوثائق العدلية وقراءتها وتأملها قبل الخطاب عليها ؛ وهي أهم مهمة
يتكلف بها هذا القاضي ؛ وقد تام النص عليها في المادة 35من قانون التوثيق
66العدلي
67والمادة 38من مرسوم تطبيقه
هذه األخيرة أوجبت على القاضي المكلف بالتوثيق أن يتأكد في كل وثيقة قدمت
اليه بقصد الخطاب عليها بأنها تامة األركان والشروط ومستوفية لجميع
.اإلجراءات لالزمة لها وأن يتيقن من خلوها من النقص وسالمتها من الخلل
ومعنى هذا ان القاضي المكلف بالتوثيق يتحمل كامل المسؤولية الى جانب العدلين
المحررين طبعا ،عن كل عيب أو خلل يقع في شهادة من الشهادات ،سواء تعلق
األمر بشكلها وصيغتها أو مضمونها وجوهرها مما يمكنه من االطالع عليه من
.خالل نص الرسم المقدم اليه والخطاب عليه
66تنص الفقرة األولى من قانون 16:03على مايلي ":يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد اتمام اإلجراءت الالزمة وتأكد من
خلوها من النقص وسالمتها من الخلل
67تنص المادة 38من المرسوم التطبيقي على مايلي :يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادة المنجزة طبقا للقانون بمداد أسود غير قابل
للمحو بصيغة ":الحمد هلل أعلم بأدائها ومراقبتها ؛مع توقيعه مقرونا باسمه ووضع الطابع والتنصيص على تاريخ الخطاب وذلك في أجل ال يتعدى
6أيام من تاربخ التضمين
36
الفصل الثاني :حجية التوثيق العدلي
للتصرفات العقارية
37
المبحث األول :الحجية المرتبطة بشكلية ورسمية
التوثيق العدلي
يختلف الرأي حول حجية التوثيق العدلي للتصرفات العقارية ,بين فقهاء القانون
من حيث مدى اعتبار عنصر الشكلية ركنا خامسا في وثائق التصرفات العقارية ,
.وأيضا في النظر إلى طبيعة اكتساب الوثائق العدلية العقارية للصفة الرسمية
38
الفقرة األولى :حجية الكتابة في التقنين الوضعي المغربي
إن نظام اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود يقوم على اعتبار الكتابة وسيلة
إثبات ذات قوة مطلقة تصلح إلثبات جميع الوقائع والتصرفات القانونية أيا كانت
قيمة الحق المراد إثباته ,خالفا للشهادة التي تعتبر طريقة ذات قوة محدودة ال
تصلح إلثبات التصرفات القانونية إذا زادت قيمتها عن عشرة آالف درهم إلى في
حاالت استثنائية معينة ,في حين يقوم نظام اإلثبات في الفقه اإلسالمي على
. 68اعتبار شهادة الشهود أهم وسيلة إثبات
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 417من قانون االلتزامات والعقود , 69فإن
األوراق التي تصلح أن تكون دليال كتابيا تنقسم إلى أوراق رسمية وأوراق
.عرفية
والمالحظ أن التقنين المغربي يسير حور فرض الرسمية في كل التصرفات
العقارية ,مع إعطاء حيز لكتابة األوراق العرفية من طرف بعض المهنيين ,وهم
.حاليا المحامين المقبولين لدى المجلس األعلى
ولما كانت الورقة العرفية تثير عدة مشاكل من حيث كتابتها من غير المختصين ,
فقد بدأ المشرع يتجه إلى إسناد كتابتها في مجال التصرفات العقارية خاصة إلى
.مهنيين مختصين يسمون بوكالء األعمال
والذى نراه في مسألة الوثائق العرفية العادية أنه ينبغي أن ال تنجز بها العقود
واإلقرارات التبرعية ألنها تتطلب اإلشهاد ,وكذلك ال ينبغي أن تنجز بها العقود
و اإلقرارت المتعلقة باألحوال الشخصية .أما فيما سوى ذلك فيمكن كتابة سائر
االتفاقات و اإلقرارات ولو في العقارات ,إذا ما ضبطت األمور بالحلول التي
.سبق أن قدمت من طرف باحثين في مجال الوثائق العرفية
فقد اقترح الباحثون من أجل تنظيم هذه المسألة وذلك بطريقة تزيل االحتقان ,أنه
ينبغي حصر كتابة الوثائق العقارية المتعلقة بالتبرعات و األحوال الشخصية في
:العدول وحدهم .وما سوى ذلك يمكن أن يكتب عرفيا مع مراعات ما يلي
68
69
39
كل وثيقة عرفية تكتب ال بد أن تعاين وتضفى عليها الصفة الرسمية من – 1
طرف العدول ,في العقارات المحفظة وغير المحفظة ,ومن طرف الموثقين في
.العقارات المحفظة
يمكن إضفاء الرسمية قبل تسجيل العقد ماليا ,وفي هذه الحالة يتكلف العدل – 2
أو الموثق بإتمام اإلجراءات ,فإذا ما تم التسجيل يحرر عقد إضفاء الصبغة
.الرسمية
عندما ينشأ التصرف القانوني فإما أن يوضع في شكل معين يفرضه القانون عادة
أو األطراف في بعض األحيان ,وغالبا ما يكون هذا الشكل هو الكتابة ,وهي
التي تعنينا هنا ,وإما أن يبقى التصرف على أصله من حيث عدم اشتراط شكل
.معين إلنشائه
فإذا أنشئ هذا التصرف وفق شكلية الكتابة فهي تشترط فيه كركن في االنعقاد فال
يقبل التصرف إال بوجودها ؛ أو تشترط فيه من أجل اإلثبات ,فيمتنع إثبات
.التصرف بوسيلة دون الكتابة ,إال في حاالت خاصة يحددها القانون
ونظرا الختالف المرجع في التصرفات العقارية بين القانون الوضعي والفقه
اإلسالمي ,فقد طرحت على القضاء قضايا جعلته يختلف بخصوصها بين من
.يغلب طابع الشكلية ومن يغلب طابع الرضائية
.أوال :االتجاه الذي يقرر رضائية البيوع العقارية
ذهبت بعض القرارات القضائية إلى أن عقد البيع في العقارات غير المحفظة
ال تشترط فيه الكتابة ومن هذه القرارات ما تم االستناد فيه إلى أنه ال يمكن تأويل
الفصل 489من قانون االلتزامات والعقود بمعزل عن الفصل 488من نفس
40
القانون الذي يقرر رضائية عقد البيع ؛ كما يستفاد من الجمع بين الفصلين أن
عدم احترام المنصوص عليها في الفصل 489من ق.ل.ع ال يؤدي حتما إلى
بطالن عقد البيع ,ومما جاء في قرار يسير في هذا االتجاه " :المحكمة عندما
اشترطت أن يكون البيع محررا في وثيقة رسمية تكون قد خرقت صراحة
مقتضيات الفصل 488من ظهير العقود و االلتزامات التي تنص على أن البيع
يتم بمجرد توافق إرادة الطرفين ,أحدهما بالبيع واالخر بالشراء وعلى المبيع
والثمن وشروط العقد األخرى كما أنه ال يترتب عن مخالفة الفصل 489من
الظهير الشريف المذكور إبطال البيع بين البائع والمشترك وإنما يترتب عنه عدم
مواجهة الغير األجنبي عن العقد بالبيع و الذي يمكنه وحده التمسك بمقتضيات
الفصل المذكور وبعدم االحتجاج عليه بالبيع المبرم بين المتعاقدين إذا لم يرد البيع
محرر ثابت التاريخ وبذلك بكون القرار المطعون فيه قد أساء فهم النصوص
.األنفة الذكر وتطبيقها تطبيقا غير صائب
واعتبرت بعض القرارات أن تحرير البيع ليس شرطا لصنعه بل إنه يدخل ضمن
اثار عقد البيع بعد قيامه ويصبح إحدى التزامات البائع بضمان نقل المبيع و
باتخاذ اإلجراءات القانونية الضرورية لذلك وباألخص التقييد في الرسم العقاري
.من أجل اإلشهار
فمما جاء في حيثيات إحدى القرارات :و حيث أن امتناع البائع من اتخاذ
اإلجراءات الضرورية لتقييد البيع في الرسم العقاري يكون إخالال بااللتزام
بضمان نقل الحق المبيع ويوجب على المحاكم أن تجبر البائع على القيام بما يلزم
به سواء على إثر دعوى اصلية قام بها المشتري أو على إثر طلب أدخال البائع
.في دعوى بصفته ضامنا في نطاق الفصل 117من ظهير المسطرة المدنية
.ثانيا :االتجاه الذي يقرر شكلية البيوع العقارية
ذهبت بعض القرارات الصادرة عن المجلس األعلى سابقا إلى القول بشكلية عقد
البيع العقاري ،معتمدة على عبارات الفصل 489من قانون االلتزامات والعقود
التي تتطلب لصحة عقد البيع شكليات خاصة ؛ " أن يجري البيع كتابة ,وثبوت
41
التاريخ في محرر ثابت التاريخ ".والتسجيل " :إال غذا سجل في الشكل المحدد
" ..بمقتضى القانون
وباإلضافة إلى ذلك فإن هذه االجتهادات القضائية ارتكزت فيما ذهبت إليه على
.بعض مقتضيات قانون التحفيظ العقاري خاصة الفصلين 66و 67منه
.ويستفاد من تلك القرارات أنها أجمعت على تطلب الشكلية في العقارات المحفظة
وهكذا جاء في إحدى القرارات ؛ " إن قواعد الفقه اإلسالمي ال تطبق على
" .العقارات المحفظة إال في حالة عدم وجود نص في قانون االلتزامات والعقود
ولذلك استبعدت هذه القرارات مجال اإلثبات لإلقرار ولو كان قضائيا ؛ومما جاء
في ذلك " المحكمة لما اعتمدت بمجرد إقرار قضائي أمام المحكمة الجنحية
إلثبات بيع عقار محفظ تكون قد خرقت الفصل 489من قانون االلتزامات
" .والعقود وعرضت قرارها للنقض
كما لم تعترف بعقد بيع رضائي توصل فيه البائع بالثمن ،جاء في قرار حديث
منها " :ال يكون بيع العقار منجزا إال إذا أبرم كتابة وبمحرر ثابت التاريخ وإن
توصل مالك العقار بمبلغ مالي من مدعي الشراء ال يخول هذا األخير سوى
" .استرجاع ما سبق له دفعة ،إللزام المالك بإتمام البيع قضاء
42
لقد عرف الفصل 418من قانون االلتزامات والعقود الورقة الرسمية حيث حاء
فيه " :الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية
.التوثيق في مكان تحرير العقد ،وذلك في الشكل الذي يحدده القانون
وحتى تكون الورقة رسمية ينبغي أن تجتمع فيها مجموعة من الشروط ،وهي أن
تكون صادرة من موظف عمومي وأن يكون لهذا الموظف صالحية التوثيق ،
بحيث يكون مختص نوعيا ومكانيا بخصوص الورقة التي حررها ن وأن تكون
الورقة في الشكل الذي يحدده القانون فإذا تخلف أي شرط من هذه الشروط ،
أدى ذلك إلى بطالن الورقة على صفتها الرسمية وإذا ما اجتمعت الشروط
واعتبرت الورقة رسمية فإنها تكون حجة قاطعة حتى على الغير فقد جاء في
الفصل 419من قانون االلتزامات والعقود ما يلي " :الورقة الرسمية حجة
قاطعة حتى على الغير في الوقائع واالتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي
" .حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور
وفي التصرفات العقارية فقد اتجه المشرع المغربي نحو فرض الرسمية في بعض
التصرفات العقارية وخاصة منها التبرعات ،إال أن ذلك شوش عليه وأنه جعل
الموثقين والعدول ولو في مجال العقارات الغير المحفظة ،كما أن مجال
الرسمية آخذ في التراجع بحكم تخويل بعض المهنيين كتابة التصرفات العقارية
.بطريقة عرفية
70
:.....جاء في المادة 24من مدونة األوقاف ما يلي :يشترط لصحة الوقف شرطان
43
كما أن بعض التصرفات تقتصر كتابتها على الموثقين ,ومن بينها كتابة عقود
السكن االجتماعي .أما مدونة الحقوق العينية فقد وردت فيها بعض النصوص
التي تشترط الرسمية ولم يرد فيها ما يحضر تلقي بعض التصرفات في اإلشهاد
.العدلي ,ولو تعلق األمر بالعقارات غير المحفظة
بل إن الوثيقة الرسمية سواء أنجزت عند العدول أو الموثقين ,آخذة في
االنحصار بفعل الموقف الوسط الذي اتخذه المشرع المغربي الذي يرمي من
خالله إلى حصر التوثيق العرفي في دائرة ضيقة ,ذلك أن الشكوى من العقود
العرفية التي يكتبها األطراف بأنفسهم أو يسندون كتابتها إلى الكتاب العموميين ,
جعلت المشرع يسند كتابة التصرفات في مجال الحقوق العينية إلى العدول
والموثقين والمحامين المقبولون لدى محكمة النقض ,وعليه فاألصل أن مدونة
.الحقوق العينية ال تشترط الرسمية في كتابة التصرفات العقارية
كما اشترطت مدونة الحقوق العينية الرسمية في بعض التصرفات دون أن تقرن
.ذلك بالبطالن إذا ما تخلفت هذه الرسمية
تنص الفقرة األخيرة من المادة 35من قانون 16.03على ما يلي " ...ال تكون
الوثيقة تامة إال إذا كانت مذيلة بالخطاب ,وتعتبر حينه وثيقة رسمية " .ويستفاد
منها أن الوثيقة العدلية ال تحتسب رسمية إال بعد الخطاب عليها ؛ وهذا الخطاب
.يعتبر بنص المادة السابقة عنصر تام في الوثيقة ال عنصر صحة فيها
ومعنى ذلك أن تاريخ الخطاب يكشف عن مضمون الوثيقة ,ومنه التاريخ الذي
سبقه وهو تاريخ التلقي .غير أن ذلك أثار إشكاال من حيث تعدد التواريخ التي
تتضمنها الوثيقة العدلية وأيهم يجب العمل به .ويرتبط بهذا اإلشكال إشكال آخر
.يرتبط بمدى امكانية االستغناء عن الخطاب في جميع أنواع الشهادات
44
أ -التاريخ المعتد به في الوثيقة العدلية
ذهب المشرع المغربي إلى وجوب تأريخ الوثيقة بذكر اليوم والشهر و السنة
بالنسبة لجميع مراحل الوثيقة ,وكذا بإضافة ذكر الساعة بالنسبة لمرحلة التلقي
خصوصا ,لكنه سكت عن ترتيب جزاء البطالن على الوثيقة التي لم تؤرخ ,
.ومعنى ذلك أنه يفترض أنه تأثر ولو بصفة نسبية حسب اختالف الفقهاء
غير أن موقف قضائي للمجلس األعلى سابقا ميز بين حالتين :تتعلق األولى
منهما بأثر التاريخ في مواجهة أطراف الوثيقة العدلية ,إذ أن تاريخ الذي يتوجب
االعتداد به في هذه الحالة هو تاريخ تلقي اإلشهاد . 71وتتعلق الحالة الثانية
باالحتجاج بتاريخ الوثيقة في مواجهة الغير ,فإن التاريخ الذي يتوجب األخذ به
.72هو تاريخ تضمين الوثيقة العدلية بسجالت المحكمة
ب – مدى إمكانية حيازة الرسمية بدون الخطاب على الشهادات العدلية
يوجد رأي يطالب بأن تحوز الوثيقة العدلية صفتها الرسمية منذ تاريخ التلقي
بدون أن يدعو إلى إلغاء الخطاب صراحة ,وقد ارتكز على ازدواجية التعامل مع
الشهادة العدلية ,ألنها قد تعتبر محررا رسميا بمجرد تلقي اإلشهاد كما هو الشأن
بالنسبة للمتابعات الجنائية حيث تعتمد النيابة العامة عند تحريك المتابعة على
.تاريخ التلقي وال تستند على تاريخ الخطاب على الوثيقة
كما أن اإلشهاد على التفويتات بمذكرة الحفظ ال يعرف إن كان ينتج آثاره القانونية
بمجرد تلقي اإلشهاد عليه أم بعد استكمال باقي اإلجراءات التي تعطي الوثيقة
الصبغة الرسمية .ويضاف إلى ذلك أن رقابة قاضي التوثيق على الوثيقة العدلية
ال تمسه عند المتابعة ألنها ليست سوى مرحلة إجرائية شكلية والعدول هم من
.يتحملون كل المسؤولية قبل الخطاب وبعده
7171
قرر المجلس األعلي سابقا قاعدة مفادها أن سريان أمد التقادم بالنسبة لبطالن عقد البيع الذي تم بين الطرفين يبدأ ال من تاريخ
تدوين المحرر العدلي بسجالت المحكمة ,بل من تاريخ اإلشهاد
أنظر القرار عدد 527
72
القرار عدد 54الصادر بتاريخ 24دجنبر , 1958منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 21سنة , 1959ص 833
45
المبحث الثاني :الحجية من حيث ثبوت التوثيق العدلي
إذا ما تم الخطاب على الشهادة العدلية ,فإنها تصبح بحسب األصل شهادة
تامة ,ولهذا الثبوت طبيعة خاصة تجعله يختلف عما يشتبه به من أنظمة
شريطة خلوه من الموانع التي تجعله غير عامل ,وقد يخلو من هذه الموانع
.فتكون الشهادة تامة
46
ال تكون الوثيقة أو الشهادة العدلية تامة من الناحية الفقهية والقانونية إال بعد
أدائها لدى القاضي والخطاب عليها من طرفه ,وبهذا التمام تعتبر الوثيقة
ثابتة ,وهذا الثبوت يجعلها صالحة لإلثبات بها أمام قضاء الموضوع الذي
.قد يحكم بموجبها إذا كانت صحيحة
إن تحديد معنى اإلثبات ومفهومه في مجال القانون ال يتأتى إلى معنى كلمة
إثبات في معجم اللغة العربية ,وهو تأكيد الحق بالدليل ,فيقال أثبت حجته
أي أقامها وأوضحها .أما في اصطالح فقهاء القانون فإن االثبات هو إقامة
الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون ,فاإلثبات وفقا لهذا
التعريف ؛ هو الوسيلة الوحيدة التي يعتد بها القانون لتأكيد وجود الواقعة
.محل النزاع أو عدم وجودها
ولهذا نجد أن جل فقهاء المذهب المالكي والمذهب الشافعي يذهبون إلى أن
ثبوت الحجة لدى القاضي وقيام البينة ليس حكما ,وذلك لعدة أسباب ؛ منها
أن ثبوت الحجة عند القاضي ال يعني أكثر من قيام البينة لديه وتقديم الدليل
المقبول أمام القضاء ,فليس في الثبوت شيء من الجبر واإللزام ,بينما
.الحكم يتأسس على عنصر اإللزام الذي يقتضي التنفيذ
كما أن الثبوت ال يحتاج في بعض الحاالت إلى حكم القاضي وال إلى
التصريح به من طرفه ,كما أن الحكم نفسه قد يوجد بغير ثبوت ؛ كما في
.الحاالت التي يجتهد فيها القاضي بدون حجة ثابتة لديه
وتأسيسا على ذلك فإن الرسوم العدلية التي يشهد فيها القضاة بثبوتها أو
صحتها أو استقاللها ال ترقى إلى درجة األحكام الصادرة عنهم ,فهي وإن
كانت وثائق قضائية وعمل القضاة فيها عمل قضائي ,إال أنها مع ذلك يبقى
.نطاقها محصورا في مجال اإلثبات والثبوت ولس فيها شيء من الحكم
47
بالبناء على ما ذهب إليه فقهاء المالكية من أن الثبوت يختلف عن الحكم ,
فإن الحكم يعد قابال للتنفيذ بمقتضاه ,بينما ال تشكل الوثيقة العدلية الثابتة
.سندا يخول لصاحبه التنفيذ بمجرد وجوده دونما حاجة إلى اقترانه بحكم
ولذلك فإن تعامل قضاء الموضوع مع الوثيقة العدلية الثابتة يرجع إلى مدى
تمتعها بالقوة التنفيذية .فما مدى اعتبار الوثيقة العدلية ضمن السندات
التنفيذية ؟
وبالرغم من ذلك ,فإن الوثائق الرسمية لها أهمية في التنفيذ المعجل ,ذلك
أن الفصل 147من قانون المسطرة المدنية ينص في فقرته األولى على ما
يلي " يجب أن يؤمر بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف دون
كفالة إذا كان هناك سند رسمي أو تعهد معترف به ,أو حكم سابق غير
".مستأنف
48
ويرجع ما ذهب إليه المشرع المغربي إلى أن المحررات الرسمية لها قوة
في الثبوت و اإلثبات ,وليست لها قوة في التنفيذ ,فهذه القوة التنفيذية ال
.تتمتع بها من حيث األصل إال األحكام القضائية
ففي مجال التصرفات العقارية مثال فإنه إذا صدر حكم نهائي يقضي
باستحقاق شخص لعقار أو لحق عيني واقع عليه فإن هذا الشخص يعتبر
مكتسبا لذلك العقار أو الحق .ويمكنه أن يتصرف فيه ,كما يمكن أن يطلب
تحفيظه إن كان غير محفظ ,ويستند في ذلك إلى الحكم النهائي الذي يغني
.عن كل ما يثبت حقه في كل ما حكم له به
ولما كانت القاعدة تقضي بأن الحكم يعتبر معلنا للحق الذي هو موضوع
الدعوى ,ال منشأ لذلك الحق ,فإن هذا يعني أن من حكم له بشيء يعتبر
مالكا لذلك الشيء منذ وقوع السبب الذي اعتمد عليه المحكوم له عند
.73المطالبة به ,وأن الحكم إنما أعلن هذه الملكية ولم تنشأ بسببه
وهذا يعني من جهة أن السبب الذي يستند إليه الحكم هو الذي يفيد الثبوت ,
.فهذا الثبوت ال تتوفر له القوة التنفيذية
7474
ينص الفصل 453من ق,ل,ع على ما يلي ":القرينة القانونية تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات وال يقبل أي إثبات
".يخالف القاعدة القانونية
49
قد تكون الشهادة العدلية تامة األركان من حيث تلقيها ,إال أنه يرد عليها
بعد ذلك مانع ال يفسدها في ذاتها ,ولكنه يجعلها غير عاملة ,وغالبا ما
.يتجلى هذا المنع في عدم الخطاب على الشهادة
وقد يكون عدم الخطاب راجعا إلى امتناع القاضي عنه إما عن حق وإما
عن غلط أو عن شطط ,مما قد يرتب عليه أثر يتجلى في إمكانية الطعن
.في القرار القاضي بعدم الخطاب
وقد يرجع عدم الخطاب على الشهادة لسبب آخر غير االمتناع ,مثل عدم
االدالء بها أصال للخطاب لكونها ظلت معلقة لسبب من األسباب بمذكرة
الحفظ أو بمصلحة التسجيل المالي ؛ مما يرتب أثرا يتجلى في امكانية
استعمال الورقة العدلية غير المخاطب عليها بصفة أخرى غير صفتها
.الرسمية
75
الحراق ,التوثيق ,م.س ,ج , 1ص 188
50
والذي يجري عليه العمل في النوازل القليلة التي عرضت على المحاكم في
هذه المسألة هو االنطالق من كون الخطاب عمال إداريا ,وأن االمتناع منه
يتيح لألطراف التوجه إلى المحكمة اإلدارية ,ففي إحدى النوازل رفض
القاضي المخاطبة على عقود أشرية عقارات أبرمها موروث المدعي مع
إخوته وأعمامه ,فلجأ الورثة إلى مسطرة التظلم اإلداري و إقامة دعوى
اإللغاء بسبب تجاوز السلطة ,فاعتبرت المحكمة اإلدارية بمكناس 76أن
امتناع قاضي التوثيق من الخطاب على الرسوم يعتبر قرارا إداريا قابال
للطعن باإللغاء ,وأن التوثيق يمارس تحت إشراف وزير العدل وقضاة
التوثيق التابعين للمحاكم االبتدائية ....وأن اإلدالء بالشهادة اإلدارية من
السلطة المحلية بكون العقار المشهود عليه جماعيا إجراء ضروري قبل
تلقي الشهادة من طرف العدلين عمال بظهير 7/7 1914في بابه الثاني
والفصل 18من المرسوم المذكور ,وأن عدم احترام هذا اإلجراء يعطي
الحق لقاضي التوثيق في االمتناع عن الخطاب مما يجعل قراره سليما
والطعن فيه غير مرتكز على أساس " .وقد أيدت الغرفة اإلدارية بالمجلس
األعلى الحكم المستأنف 77بقولها أن " االخالل بمثل هذا اإلجراء يخول
".قاضي التوثيق االمتناع من الخطاب على الرسوم
ولم يرد أي نص صريح يبين مصير الشهادة العدلية المعلقة ,لكن يمكن أن
نستنبط ذلك من الفصل 423من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص
على أن " الورقة التي ال تصلح لتكون رسمية ,بسبب عدم اختصاص أو
عدم أهلية الموظف ,أو بسبب عيب في الشكل ,تصلح العتبارها محررا
76
حكم رقم 79\96\3بتاريخ 19 12 1996
77
قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد 1295بتاريخ 21 \ 10 \ 1999
51
عرفيا إذا كان موقعا عليها من طرف األطراف الذين يلزم رضاهم لصحة
الورقة" .ويمكن أن نستأنس بالمادة 49من قانون التوثيق الذي يؤكد نفس
.مت نص عليه الفصل 423من قانون االلتزامات والعقود
وقد ذهب القضاء المغربي إلى تأكيد هذا االتجاه الذي يقضي بتحول الورقة
الرسمية المعيبة إلى ورقة عرفية في بعض القرارات الصادرة عنه ,ومن
بينها قرار المجلس األعلى سابقا الذي قرر قاعدة مفادها أن الرسم العدلي
الذي يفتقد شكلياته القانونية ,يفقد صفة الورقة الرسمية ,بل وال يعتبر
.محررا عرفيا لإلثبات إذا لم يكن موقعا عليه
إال أن هذا االتجاه الذي يقضي بتحول الورقة الرسمية إال ورقة عرفية طبقا
لنظرية تحول التصرف مشروط بأن تكون الورقة موقعة من األطراف ,
وبأن ال تختل أركان العقد العدلي بحيث يبطل بالمرة ,إال أن يكون به من
الشروط ما يصح به التزام آخر جرت عليه القواعد المقررة لهذا االلتزام
األخير ,حسبما هو منصوص عليه في الفصل 309من قانون االلتزامات
.والعقود
بعكس المانع الذي ال يفسد الشهادة العدلية في ذاتها وإنما يعطلها عن العمل
مطلقا أو نسبيا ,أو يجعلها تعمل باعتبار آخر غير كونها شهادة رسمية ,
فإن العارض ال يتم اكتشافه في العادة إال بعد صيرورة الوثيقة تامة ,
فيفسدها ويجعلها في حكم العدم .وعوارض الشهادة هي البطالن والرجوع
.عن الشهادة
52
الفقرة األولى :بطالن الشهادة
لقد نص الفصل 79من قانون المسطرة المدنية في فقرته الثانية على أنه
"يمكن تجريح الشهود لعدم أهليتهم ألداء الشهادة أو للقرابة القريبة أو ألي
".سبب خطير آخر
وبذلك يتبين أن أسباب التجريح متعددة وأنها ترتد إلى كل ما يشكل تهمة
للشاهد تمنع من قبول شهادته .ولذلك سنركز سنركز على أهم سبب
.للتجريح وهو القرابة
لقد كان من مضى من السلف الصالح يجيزون شهادة الوالد و األخ ألخيه ,
ويتأولون في ذلك لقول هللا تعالى في سورة النساء ,فلم يكن أحد يتهم في
ذلك ن السلف الصالح ,ثم ظهرت من الناس أمور حملت الوالة على
اتهامهم ,فتركت شهادة من يتهم ,وصار في ذلك ال يجوز في الولد و
الوالد و األخ و الزوجة ز المرأة ,وعليه أصبح الراجح في شهادة الوالد
لولده أو العكس أنها ال تقبل ,وذلك ألن القرابة القريبة إذا ما نظر فيها إلى
.المآل فهي غالبا ما تجر نفعا للشاهد أو تدفع عنه ضررا
أما شهادة الشاهد ألخيه ,فقد ذهب فقهاء المالكية إلى عدم قبولها إال إذا
.كان الشاهد عدال مبرزا وكانت التهمة ضعيفة على القول المشهور
وقد ذهب المشرع المغربي إلى رد شهادة القريب لقريبه وفق التفصيل
الذي سطره في الفصل 75من قانون المسطرة المدنية حيث نص على أنه
" ال تقبل شهادة من كانت بينهم وبين األطراف أو أزواجهم رابطة مباشرة
53
من قرابة أو مصاهرة من األصول أو الفروع أو الحواشي إلى الدرجة
".الثالثة ,بإدخال الغاية عدا إذا قرر القانون خالف ذلك
قد تكون الشهادة مستوفية لموجبات القبول ,من حيث عدالة شهودها ,
وسالمة كيفية تحملها وطريقة أدائها ,وخالية من موانع القبول بانتقاء
الفسق والتهمة عن شهودها .لكن مع ذلك قد يتسرب الخلل لمحتوى
الشهادة ,فتكون غير كاملة ,وقد يحصل ذلك بسبب التعارض بين الشهادة
المدلى بها وشهادة أخرى ,كما يحصل ذلك بسبب عدم مطابقة الشهادة
لمقال المشهود له ,وتغيير الشهود لشهادتهم بالنقصان منها أو الزيادة
فيها ,وهو ما يرتب عليه التناقض في الشهادة
ولقد منح للخصم حق إعالن وتقديم ما يظهر له من الخلل في الشهادة التي
يحتج بها عليه ,وكشف ما بها من العيوب ,فيعذر له القاضي بأن يسأله
.إن كان له ما يسقط الشهادة المحتج بها عليه
التناقض الجزئي
إذا حصل تناقض جزئي بين مقال المشهود له وما صرح به الشهود ,فقد
يكون ذلك في صورة موافقة الشهادة لبعض مقال المشهود له ,فتكون
الشهادة ناقصة عن المقال ,وقد يبطل جزء من الشهادة بعد أن كان
صحيحا ,أو في صورة موافقة المقال لبعض الشهادة فتكون الشهادة فيها
زيادة عن المقال ,أو يأتي في صورة تردد الشهود في الشهادة فينقصون
.78منها ويزيدون فيها
التناقض الكلي
78
العسري ,شهادة الشهود ,م.س 2\490
54
يحصل التناقض الكلي بين مقال المشهود له وما صرح به الشهود إما
بالمخالفة التامة بين المقال و الشهادة ,فيكون ما شهد به الشهود شيئا آخر
غير ما ادعاه المدعي ,وإما باختالف الشهود مع بعضهم ,وإما بواسطة
إدالء المشهود له بشهادتين منفصلتين قد تتمم إحداهما األخرى في حاالت
خاصة ضمن ما يعرف بالتلفيق بين الشهادتين للحصول على الشهادة
.الكاملة
يعد الرجوع عن الشهادة من موانع قبولها والحكم بمقتضاها ,ومع ذلك فإن
الرجوع عن الشهادة قد يكون له دوافع مشروعة هدفها إصالح األضرار
التي قد تترتب عن الشهادة المتراجع فيها
أوال :أساس الرجوع عن الشهادة
عرف ابن عرفة الرجوع عن الشهادة بأنه " :انتقال الشاهد بعد أداء
".شهادته بأمر إلى عدم الجزم به دون نقيضه
وحتى المالكية فقد ورد عنهم في تأصليهم ألحكام الرجوع أنه يشمل
الصور التي ذكرها الحنفية ,إذ من شرط الرجوع أن يتم التعبير عنه بلفظ
صريح أو ما يقوم مقامه كتصريح الشاهد بأنه شهد بزور أو كذب في
.79شهادته
79
التسولي ,البهجة ,م.س 174ّ/1 ,
55
وذكر الصنهاجي في رجوع شهادة اللفيف ,حيث قال " إذا طولبوا فأنكروا
شهادتهم فإنه يعد منهم رجوعا ,والرجوع عن الشهادة قبل الحكم
....." 80يبطلها .....,ومثل إنكار الشهادة ادعاء نسيانها
وعليه فمن أنكر شهادته أو ادعى نسيانها عند استفساره عنها ,اعتبر كأنه
تراجع عنها ,وتطبق عليه أحكام الرجوع التي منها تغريمه ما أتلفه بسبب
.شهادته سواء كان اإلتالف قبل أو بعد الحكم
تختلف آثار رجوع الشاهد عن شهادته بحسب الوقت الذي تم فيه الرجوع ,
ويفرق في هذه اآلثار بين الرجوع قبل الحكم أو الرجوع بعده ,غير أن
ذلك إنما يأتي عند الحديث عن الشهادة الشفوية أمام القضاء ,أما الشهادة
على ماهي معمول بها في التوثيق العدلي –خاصة شهادة اللفيف – فتحتاج
حكما خاصا في الرجوع ال يميز فيه بين الرجوع قبل الحكم أو بعده ,وإنما
.يميز فيه بمدى لحوق الضرر بالمشهود عليه أم ال
والسبب الذي جعل الفقهاء يربطون الرجوع بأن يكون قبل الحكم أو بعده ,
أنهم كانوا في الغالب يتحدثون عن الشهادة الشفوية ,وهذه الشهادة ال
يترتب عنها أي ضرر أو إتـالف ال في المال وال في غيره ,مادام لم يحكم
.بها ,فتم استصحاب هذا الحكم على كل الشهادات
وعليه فإن الضابط الذي ينبغي االعتماد عليه في عقوبة الشاهد وتغريمه
هو حصول االتالف في مال المشهود عليه أو الحاق الضرر به ,أما إذا لم
يترتب عن شهادته شيء من ذلك فإن الشاهد المتراجع ال يغرم ماال وال
80
الصنهاجي ,مواهب الخالق ,م.س 1/319
56
يلزمه شيء ,وال عبرة بعد ذلك أن يكون التراجع تم بعد الحكم أو قبله ,
.وإنما العبرة بما إذا كان التراجع بعد حصول اإلتالف والضرر أو قبله
خاتمة
ونرجو أن نكون قد تفوقنا وما توفيقنا إلى باهلل ونلتمس العذر عن أي
تقصير أو أخطاء ,ونرجو مراعات الظرفية وأيضا قلة المراجع التي
.صعبت علينا التطرق للموضوع من كافة جوانبه
وفي الختام ال يسعنا إال القول بأن هذا ما قدرنا هللا عليه من جهد وطاقة ,
.ونتمنى أن يكون هذا البحث في المستوى المطلوب
57
الئحة المراجع
الكتب
عبد الرزاق السنهوري ,الوسيط في شرح القانون المدني ,منشور الحلبي
الحقوقية ,بيروت ,طبعة 2000األجزاء 8-4-2-1
عبد الرحمان بلعكيد ,وثيقة البيع النظر والعمل ,مطبعة النجاح الجديدة ,
الطبعة الثالثة 2001
العلمي الحراق ,الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ,مطبعة كانا
برينت ,الرباط ,الطبعة األولى 2009
العلمي الحراق ,التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته
في مدونة االسرة ,مكتبة دار السالم ,الرباط ,طبعة 2009
58
أبو الشتاء الغازي الحسيني الصنهاجي ,التدريب على تحرير الوثائق العدلية ,
مطبعة ومكتبة األمنية بالرباط الطبعة الثانية 1995
أبو الشتاء الغازي الحسيني الصنهاجي ,مواهب الخالق ,مطبعة االمنية
بالرباط ,الطبعة الثانية 1955
محمد ابن معجوز ,الحقوق العينية في الفقه االسالمي والتقنين المغربي ,
مطبعة النجاح الجديدة ,الطبعة الثانية 1999
التسولي ,البهجه في شرح التحفة ,دار الكتب العلمية ,بيروت ,الطبعة
األولى 1998
األطروحات والرسائل
عبد السالم العسري ,شهادة الشهود في القضاء اإلسالمي ,أطروحة لنيل
شهادة الدكتوراه من دار الحديث الحسنية بالرباط ,دار القلم ,الرباط ,الطبعة
.األولى 2007بجزئيها
59