You are on page 1of 59

1

‫اهداء‬

‫الحمد هللا الذي بنعمته تتم الصالحات ‪ ,‬وال يسع اإلنسان المسلم وقد بلغ أشده إال‬

‫‪ :‬أن يدعو بما أرشده اليه هللا سبحانه – عز وجل – في قوله تعالى‬

‫ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا"‬

‫‪".‬ترضاه‬

‫اللهم لك الحمد ولك الشكر على ما نصبح فيه ونمسي من النعم والعفو والعافية ‪,‬‬

‫كما ينبغي لجالل وجهك وعظيم سلطانك‬

‫‪.‬ومن نعم هللا علينا انه وفقنا إلنجاز هذا العمل المتواضع‬

‫وبذلك نهدي هذه الدراسة الى كل أفراد أسرتنا وألساتذتنا وكل من أخذنا منه شيئا‬

‫‪ .‬من العلم وأرشدنا لطريق الخير والصالح‬

‫‪2‬‬
‫شكر‪...‬وتقدير‬

‫ال يسعنا في البداية إال أن نتقدم بالشكر الجزيل إال أستاذنا المشرف فضيلة‬

‫الدكتور يوسف عاللي‪ ,‬بما تفضل به_في طيبة ورحابة صدر_من قبول اإلشراف‬

‫على هذا البحث ‪ ,‬وبما خصنا به من رعاية وتوجيه ونصح وإرشاد ‪ ,‬وما أسداه‬

‫إلينا من مالحظات سديدة من حيث الشكل والمضمون ‪ ,‬فجزاه هللا خيرا وأدامه‬

‫‪.....‬ذخرا لطالب العلم ولعموم الناس‬

‫‪3‬‬
‫المقدمة‬
‫بسم هللا الرحمان الرحيم‪ ,‬الحمد هللا رب العالمين‪ ,‬والصالة والسالم على سيدنا‬
‫محمد خاتم النبيين وأشرف المرسلين ‪ ,‬وأله و صحبه أجمعين ‪ ,‬والتابعين ومن‬
‫تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‬
‫أما بعد فإن هذه الدراسة التي وفقنا هللا إلى إنجازها في إطار بحث اإلجازة‪ ,‬ترمي‬
‫إلى بيان موضوع قانوني ذي طبيعة تركيبية تجمع في سياق واحد بين ميدان‬
‫التوثيق العدلي ومجال المعامالت العقارية‪ ,‬ومما ال جدال فيه أن لهذا الموضوع‬
‫أهمية حاولنا إبرازها في نطاق قانوني محدود ‪ ,‬تبعا لما توصلنا له من مراجع‬
‫خاصة وعامة ‪ ,‬وذلك خدمة لجملة من األهداف العلمية ‪ ,‬بالرغم من الصعوبات‬
‫التي اعترضتنا والتي حاولنا التغلب عليها عبر اتباع منهج علمي يراعي طبيعة‬
‫‪.‬البحث المركبة‬
‫‪ :‬ولبيان ذلك بشكل مختصر ‪ ,‬فإننا نوضعه في المقدمة عبر‬

‫أوال‪ :‬موضوع البحث‬


‫يحثل التوثيق مكانة متميزة في المنظمة القضائية ‪ ,‬لما له من أهمية كبرى تكمن‬
‫في الحفاظ على أعراض الناس وممتلكاتهم وتحضير وسائل اإلثبات التي تسهل‬
‫على القضاء عملية فض النزاعات والفصل في الخصومات وإعطاء كل ذي حق‬
‫حقه ‪ ,‬خصوصا في ما يتعلق بالملكية العقارية ‪ ,‬األمر الذي جعل المنظومة‬
‫القضائية تقنن ممارستها وتخضع إجراءات قيامها لمراقبتها وتحت إشرافها ‪.‬‬
‫ويعتبر مصطلح التوثيق من المصطلحات الحديثة التي دخلت في مجموعة كم‬
‫المجاالت المعرفية ؛وبالنسبة للمجال القانوني فقد عرف القانون رقم ‪32.09‬‬

‫‪4‬‬
‫المنظم لمهنة التوثيق في المادة األولى "التوثيق مهنة حرة تمارس وفق الشروط‬
‫‪ ".‬وحسب االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة‬
‫ومن التوثيق ما يتم في إطار خطة العدالة أي التوثيق العدلي ‪ ,‬والذي يؤطر‬
‫بموجب القانون ‪ 16.03‬حيث في اطاره يتم صياغة الوثائق في كل المجاالت‬
‫‪.‬القانونية بصفة تقريبية‬
‫أما التصرفات العقارية فيراد بها ‪ ,‬كل تصرف من شأنه انشاء حق من الحقوق‬
‫‪.‬العينية األصلية والتبعية ‪ ,‬أو نقله أو تغييره أو زواله‬
‫وتأسيسا على ذلك فانه يمكن في المجال العقاري دراسة الحقوق العينية من باب‬
‫معالجة األثر القانوني الذي ينشأ عندما تنتقل هذه الحقوق من السكون الى‬
‫الحركية‪ .‬ولتوثيق انتقال الحقوق في المجال العقاري تتيح خطة العدالة مكنة‬
‫‪ .‬االشهاد والكتابة في التصرفات‬
‫ويتضمن العنوان التلميح الى عالقة جدلية ورؤية مزدوجة ‪ ,‬فيمكن أن يكون هذا‬
‫البحث سبيال لدراسة الميدان العقاري من خالل خطة العدالة ومن جهة أخرى‬
‫‪ .‬يمكن ان يكون سبيال لدراسة التوثيق العدلي‬

‫ثانيا ‪ :‬أهمية الموضوع وجدته‬


‫يكتسي موضوع المركز القانوني للتصرفات العقارية في الوثائق العدلية أهمية‬
‫بالغة‪ ,‬وذلك يرجع إلى أن‬
‫التوثيق العدلي يقدم ضمانات للمتعاقدين ويعمل على مساعدة القضاء من حيث ‪‬‬
‫وسائل اإلثبات ‪ ,‬فالحق بدون إثبات يعتبر كأنه لم يكن‬
‫والعقار له اهمية باعتباره يساهم في استدامة التنمية والدفع بعجلة االستثمار ‪‬‬
‫المهيكل والمنتج‬
‫كما أن التصرفات الواردة على العقار قد تلحقها حركية ومن هنا تطرح ‪‬‬
‫تساؤالت تتعلق بالملكية ومدى شرعية التملك‬
‫أن هذا الموضوع لم يأخذ حقه من الدراسة من جواني شتى إذ كان الهدف من ‪‬‬
‫هذه الدراسة اإلحاطة بالموضوع من مختلف جوانبه‬

‫‪5‬‬
‫ثالتا ‪ :‬نطاق البحث ومراجعه‬
‫تقتضي دراسة هذا الموضوع تحديد إطاريه الخاص والعام ‪ ,‬فإطاره الخاص‬
‫يتشكل من مادتي التصرفات العقارية و التوثيق العدلي اللذين ينتميان إلى طائفة‬
‫‪.‬القانون المدني ‪ .‬أما اإلطار العام للموضوع فيندرج ضمن طائفة القانون الخاص‬

‫رابعا ‪ :‬أهداف البحث وصعوباته‬


‫تعد خطة العدالة من المهن القانونية الحرة ‪ ,‬وهي مهنة منظمة بنصوص تشريعية‬
‫وضعية وتستند من الناحية التأصيلية إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية في جزء كبير‬
‫منها ‪ ,‬وكذلك إلى قواعد الفقه المالكي ‪ ,‬وذلك يفضي إلي القول بأن التوثيق‬
‫العدلي يقوم علي القانون الوضعي أكثر من قيامه على الشرع اإلسالمي ولذلك‬
‫فإن العدول يعدون بالدرجة األولى رجال قانون ال رجال شرع فقط ‪ .‬ولعل أبرز‬
‫اآلثار المترتبة على النظر إلى عمل العدول من الناحية الشرعية فقط يتمثل في‬
‫ندرة الوثائق التي يكتبها العدول خاصة في مجال التصرفات العقارية وذلك‬
‫‪ .‬مقارنة مع ما كانوا يكتبونه في السابق‬
‫وقد حاول العدول التصدي لهذا الوضع غير ان محاوالتهم تركزت على الجوانب‬
‫النقابية والتنظيمية والتي لم تعطي اية نتيجة ‪ .‬ولذلك رأينا أنه يجب التصدي لهذه‬
‫الظاهرة التوثيقية ‪ ,‬وتحرص هذه الدراسة على إخراج ما يصلح لنا من ثرات‬
‫‪ .‬توثيقي من طور السكون إلى طور الحركة‬
‫غير أن الوصول لهذه األهداف السابقة اقتضى منا مواجهة الصعوبات التي‬
‫اعترضت الدراسة ‪ ,‬ومن بين هذه الصعوبات أن ما ورد ذكره عن التوثيق‬
‫العدلي يعتبر كثيرا إال أننا لم نجد مؤلفا يتجه إلى إبراز إشكاالت التوثيق في‬
‫الميدان العقاري ال من حيث الشمول وال من حيث التخصص‬

‫‪6‬‬
‫خامسا ‪ :‬إشكالية البحث‬
‫يعرف الميدان العقاري في المغرب ازدواجية وتعددا كبيرا على مستوى أنواع‬
‫العقارات وطبيعتها ‪ ,‬وكذلك القوانين التي تخضع لها ‪ ,‬وقد نتج ذلك عن عوامل‬
‫مختلفة أهمها ارتباط المشهد العقاري في وقت من األوقات بظرفية استعمارية هذا‬
‫من جهة ‪ ,‬ومن جهة أخرى فقد شهدت الوضعية العقارية بعد خروج المستعمر‬
‫ارتباكا تشريعيا كبيرا تمتد آثاره إلى اليوم ‪ ,‬ومما يدل على هذا االرتباك‬
‫التشريعي تعدد الجهات المتدخلة في توثيق التصرفات المنصبة على العقارات ؛‬
‫ومن هذه الجهات نجد التوثيق العدلي وهو أقدمها واليزال صامدا بالرغم من‬
‫‪ .‬المنافسة التي يتعرض لها‬
‫وانطالقا من ذلك تظهر لنا اإلشكالية الرئيسية للبحث التي يتم بموجبها التساؤل‬
‫عن ماهية وحجم المعلومات القانونية الواجب إحاطتها من لدن العدول حتى‬
‫‪.‬يفضي األمر لصياغة وثائق عقارية سليمة من الناحية القانونية ؟‬

‫سادسا المنهج المعتمد في البحث‬

‫عملنا في هذه الدراسة على اتباع المنهج التحليلي وذلك بالنظر إلى سببين ؛‬
‫األول يتجلى في أن المنهج التحليلي يعد أكثر مناسبة لتناول موضوعات القانون‬
‫‪ .‬الخاص‬
‫السبب الثاني ينبع من كون المنهج التحليلي يأخذ ويمتح من جميع المناهج األخرى‬

‫‪7‬‬
‫سابعا خطة الدراسة‬

‫لقد اتبعنا في هذه الدراسة التقسيم الثنائي فقد جعلنا الفصل األول منها تحت‬
‫عنوان "القواعد العامة للتوثيق العدلي للتصرفات العقارية " وقمنا بتقسيمه إلى‬
‫مبحثين ؛ يتعلق األول باألركان الموضوعية للتصرف العقاري ‪ ,‬والمبحث الثاني‬
‫‪ .‬خصص للقواعد الخاصة بالتوثيق العدلي للتصرفات العقارية‬
‫أما الفصل الثاني فقد عنون ب " حجية التوثيق العدلي للتصرفات العقارية والذي‬
‫أفردناه هو اآلخر إلى مبحثين ؛ األول يتعلق "بحجية التوثيق العدلي للتصرفات‬
‫العقارية " والذي أفردناه هو اآلخر إلي مبحثين ؛ األول يتعلق بالحجية المرتبطة‬
‫‪ .‬بشكلية ورسمية التوثيق العدلي والثاني يتعلق بالحجية من حيت ثبوت التوثيق‬

‫‪8‬‬
‫‪ :‬الفصل األول‬
‫القواعد العامة للتوثيق العدلي‬
‫للتصرفات العقارية‬

‫‪9‬‬
‫ال يتم توثيق التصرفات العقارية من طرف العدول إال أن يتأكدوا من وجود‬
‫األركان الموضوعية لهذه التصرفات ومما قد يعتريها من دواعي النقصان أو‬
‫الخلل أو عدم المشروعية ‪ .‬وإذا ما وجدت هذه األركان الموضوعية بالشروط‬
‫المتطلبة فيها‪ ,‬فإن كتابة التصرفات العقارية المكتملة األركان تعد هي نفسها ركنا‬
‫‪1‬‬
‫آخر في التعاقد بحسب األصل‬

‫المبحث األول‪ :‬األركان الموضوعية للتصرفات العقارية‬

‫ال ينعقد التصرف العقاري إال إذا وجدت أركان موضوعية تتعلق بأشخاصه‬
‫ومحله والدافع اليه ؛ وهذه األركان بحسب قانون االلتزامات والعقود هي ‪ :‬األهلية‬
‫‪ .‬والرضا ( المطلب األول ) والمحل والسبب ( المطلب الثاني)‬
‫المطلب األول ‪ :‬األهلية والرضا‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬األهلية‬
‫تخضع األهلية لمقتضيات عامة متعددة ( أوال) ‪ ,‬وتأثر فيها عوامل مختلفة تحتم‬
‫اللجوء إلى أحكام النيابة الشرعية (ثانيا ) وتظهر في الوثائق العدلية من خالل‬
‫تحديد هوية األطراف ( ثالتا)‬
‫أوال ‪ :‬المقتضيات المتعلقة باألهلية‬
‫تعرف األهلية في االصطالح القانوني بأنها قابلية الشخص الكتساب الحقوق‬
‫وتحمل االلتزامات ‪,‬وبأن يمارس التصرفات التي تمكنه من كسب األولى ‪,‬‬
‫‪.1‬وتحمل الثانية‬
‫‪ .‬ومن هذا التعريف يتضح أن األهلية نوعان ‪ :‬أهلية وجوب وأهلية األداء‬
‫‪1‬‬
‫عبد الحق الصافي ‪ ,‬دروس في القانون المدني ‪ ,‬دروس في القانون المدني ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ 2004‬ص ‪39‬‬
‫‪10‬‬
‫فأهلية الوجوب تعرف بأنها صالحية اإلنسان لثبوت الحقوق المشروعة له وعليه‬
‫‪ .‬من الناحية القانونية‬
‫أما أهلية األداء فهي صالحية الشخص االستعمال الحق‪ ....‬والذي يعنينا هنا هو‬
‫‪ .‬أهلية األداء فإذا أطلقنا األهلية كانت هي المقصودة‬
‫‪ .‬وتنقسم أهلية األداء إلى أهلية تصرف وأهلية إدارة‬
‫فكلما كان العمل دائرا بين النفع والضرر إال واألهلية الواجبة فيه أهلية تصرف‪,‬‬
‫وكلما كان العمل نافعا أو غير ضار إال و األهلية المشترطة فيه أهلية إدارة ‪.‬‬
‫فالبيع –وهو أبرز مثال للمعاوضات –" يعتبر ‪ ...‬بالنسبة إلى كل من البائع‬
‫والمشتري من األعمال الدائرة بين النفع والضرر ‪ ...‬فيشترط في كل من عاقديه‬
‫أن يكون كامل األهلية ‪ ,‬بينما ينظر إلى الهبة – وهي أبرز مثال للتبرعات –‬
‫باعتبار طرفيها ‪ ,‬فهي تعتبر تصرفا غير نافع للواهب – من الناحية النظرية –‬
‫فيشترط فيه أهلية التصرف ‪ ,‬بينما تعتبر تصرفا نافعا نفعا محضا للموهوب له –‬
‫‪ .‬بحسب األصل – فيشترط فيه أهلية اإلدارة فقط‬
‫واألصل في التصرفات القانونية العقارية أنه تشترط لها أهلية التصرف في‬
‫طرفيها معا ‪ ,‬وال تحصل هذه األهلية إال بكون الشخص بالغا سن الرشد القانوني‬
‫‪ .‬أي ‪ 18‬سنة ‪ , 2‬وذلك من غير عارض‬
‫بينما تكتفي أهلية اإلدارة في بعض التصرفات العقارية في حق من كانت أهليته‬
‫‪ .‬ناقصة‬
‫أما من كانت أهليته منعدمة ‪ ,‬فال يمكن أن يجري ال أعمال التصرف وال أعمال‬
‫‪ .‬اإلدارة‬
‫ومن الناحية العملية التوثيقية ‪ ,‬فالمالحظ أن العدول يمتنعون عن التلقي كلما كان‬
‫‪ .‬أحد األطراف ناقص األهلية حتى لو كان التصرف نافعا له نفعا محضا‬

‫ثانيا ‪ :‬أحكام النيابة الشرعية‬

‫‪2‬‬
‫‪ ".‬تنص المادة ‪ 208‬من مدونة األسرة على ما يلي‪ ":‬سن الرشد القانوني ‪ 18‬سنة شمسة كاملة‬
‫‪11‬‬
‫تتأثر أهلية األداء بصغر السن أو بالعوارض التي تطرأ عليها ‪ ,‬مما يؤدي إلى‬
‫‪ 4‬نقصانها أو انعدامها ‪ 3‬ويحتم الخضوع ألحكام النيابة الشرعية‬
‫وتثير هذه النيابة الشرعية او القانونية جملة من اإلشكاالت على المستوى التوثيقي‬
‫خاصة ‪ ,‬ومن أبرزها ما يرجع إلى الحدود التي تقف عندها صالحيات المخولة‬
‫‪.‬للحاجر‬
‫ذلك أن الحاجر أو النائب الشرعي سواء كان وليا أو وصيا أو مقدما ‪ ,‬يتولى‬
‫‪ 5‬شؤون محجوره تحت رقابة المحكمة‬
‫وثمة جملة من التصرفات منعها المشرع على الوصي والمقدم ‪6‬دون إذن من القاضي‬
‫‪ .‬المكلف بالمحاجير ‪ ,‬وحملها في حق األب او األم على السداد حتى يثبت خالفه‬
‫غير أنه طرح إشكال طرح بخصوص ما نص عليه الفصل ‪ 11‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود الذي قيد بعض التصرفات بضرورة الحصول على إذن‬
‫القاضي سواء في حق الولي أو الوصي أو المقدم ؛ فقد يبدو نوع من التعارض‬
‫بين الفصل ‪ 11‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي يمنع جميع الحاجرين من التصرف في أموال‬
‫محاجيرهم إال بعد الحصول على اإلذن المذكور ‪ ,‬والمادة ‪ 271‬من مدونة األسرة‬
‫التي تمنع الوصي والمقدم فقط من بعض التصرفات دون إذن ‪ ,‬ثم المادة ‪240‬‬
‫من المدونة التي تجيز مبدئيا التصرف للولي سواء كان أبا أو أما مع وضع رقابة‬
‫‪ .‬من نوع خاص عليهما‬
‫ويمكن القول بأن الفصل ‪ 11‬عام ومطلق ‪ ,‬فهو عام ألنه يطبق على جميع‬
‫المغاربة المسلمين كانوا أو غير المسلمين ‪ ,‬وهو مطلق ألنه يشمل األب و‬
‫‪ .‬الوصي والمقدم وجميع من يديرون أموال غيرهم‬

‫ثالثا ‪ :‬تحديد هوية األطراف في الوثائق العدلية‬


‫يعد تحديد هوية األطراف ركنا من أركان الوثيقة ‪ ,‬وقد أفاض العلماء والموثقون‬
‫في ذكر وجوب هذا البيان ‪ ,‬وكان اتجاه المشرع المغربي يتوافق مع ماجاء في‬
‫‪3‬‬
‫‪ ".‬تنص المادة ‪ 212‬من مدونة األسرة على ما يلي " أسباب الحجر نوعان ‪ :‬األول ينقص األهلية والثاني يعدمها‬
‫‪43‬‬
‫تنص المادة ‪ 211‬من مدونة األسرة على ما يلي ‪ " :‬يخضع فاقدو األهلية وناقصوها بحسب األحوال ألحكام الوالية أو‬
‫‪ ".‬الوصاية أو التقديم بالشروط ووفقا للقواعد المقررة في هذه المدونة‬
‫‪55‬‬
‫تنص المادة ‪ 210‬من مدونة األسرة على ما يلي "كل شخص بلغ سن الرشد ولم يثبت سبب من أسباب نقصان أهليته أ‬
‫"‪ .‬و انعدامها يكون كامل األهلبة لمباشرة حقوقه وتحمل االتزاماته‬
‫‪6‬‬
‫‪ .‬نصت على هذه التصرفات المادة ‪ 271‬من مدونة األسرة‬
‫‪12‬‬
‫هذا السياق عندما نص على أنه " يتعين أن تشتمل الشهادة على الهوية الكاملة‬
‫للمشهود عليه‪ 7. "....‬وأن " تشتمل أيضا على الحالة المدنية الكاملة للمشهود‬
‫عليهم وجنسيتهم ومهنتهم وعنوانهم الكامل‪ ,‬وكذا رقم بطاقة التعريف الوطنية‬
‫‪ ".8‬وتاريخها إن وجدت ‪ ,‬أو أي وثيقة إدارية تفيد التعريف‬
‫ونالحظ أن هاتين المادتين تتحدثان عن المشهود عليهم دون المشهود لهم ‪ ,‬مما قد‬
‫يستنبط منه أن البيانات المتعلقة بالهوية ليست الزمة اال بخصوص الطرف‬
‫الملتزم وهو المشهود عليه ‪ ,‬بينما ال يجب ذكرها بخصوص الطرف المستفيد من‬
‫‪ .‬االلتزام وهو المشهود له‬
‫غير أن هذا الفهم غير مقصود للمشرع ‪ ,‬ذلك أن لفظ المشهود عليه هنا إنما ورد‬
‫بمعناه العام الذي يشمل الطرف المستفيد والطرف الملتزم ‪ ,‬فكل من تعاقد يشهد‬
‫‪.9‬عليه بالقبول على األقل حتى ولو لم يلتزم بشيء‬
‫ومن جهة ثانية فقد اقتصر المشرع على ذكر وسيلة وحيدة لتحقيق الهوية‬
‫والمتمثلة في التعريف ‪ ,‬بينما استبعد وسيلتين إضافيتين كان ينص عليهما مرسوم‬
‫‪ .‬التطبيقي لسنة ‪ 1983‬الملغى ‪ ,‬ويتعلق األمر بالمعرفة والتعريف‬
‫وهاتان الوسيلتين مستنبطتان من خالل ما كان يراه الفقهاء نت أنه يجب على‬
‫الموثقين أن يضمنوا الشهادة إحدى الطرق الثالثة إلثبات الهوية ‪ ,‬وهي المعرفة‬
‫والتعريف والوصف وأنه "تسقط الشهادة اذا لم يتعرضوا لمعرفة وال تعريف وال‬
‫‪ ".10‬صفة وتعذر أدائهم على عينه ولم يكونوا من أهل الضبط والحفظ وإال قبلت‬
‫وقد جعل الفقهاء المعرفة أقوى هذه الطرق ألنها شرط في الشاهد ‪ ,‬فال تكون‬
‫‪ .‬المعرفة تامة إال إذا انصبت على االسم والنسب والعين‬
‫أما إذا لم تتوفر المعرفة الشخصية من قبل العدلين أو أحدهما بالمتعاقدين فقد‬
‫ذهب بعض الفقهاء إلى عدم الشهادة عليهم بالمرة إال أن تكون ضرورة ملجئه‬
‫‪ .‬تسوغ إمكانية التعريف بالمتعاقدين بواسطة من يثق فيه العدلين‬

‫‪7‬‬
‫من الفقرة األولى من المادة ‪ 31‬من قانون ‪16.03‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ .‬الفقرة الثالة من المادة ‪ 25‬من المرسوم التطبيقي‬
‫‪9‬‬
‫تفادى المشرع سوء الفهم الناتج عن ذكر لفظ " المشهود عليه " بالمعنى العام في مواد أخرى ‪ ,‬مثل المادة ‪ 19‬التي‬
‫عبرت بالمتعاقدين‬
‫‪10‬‬
‫الهواري ‪ ,‬م س ‪ ,‬ص ‪26‬‬
‫‪13‬‬
‫وقد جرى عمل الموثقين بالتعريف على الرغم من ضعفه بالمقارنة مع المعرفة ثم‬
‫اضحى الوصف وتحلية المتعاقدين يشكالن المسطرة المتبعة عند المغاربة عندما‬
‫اعتبروه أقوى من التعريف ‪ ,‬خاصة أن تحلية المشهود ووصفه كانا يردان في‬
‫الوثائق على نحو كاشف مبين للمشهود له أو عليه ‪ ,‬بحيث لو رآه من وقف على‬
‫الوثيقة لعرفه من خالل تلك األوصاف فكان الموثق يذكر لونه وطوله أو قصره‬
‫وما احتوى عليه الوجه من الصفاة في الجبين والجبهة والحاجبين والعينين و‬
‫األنف والخد و الفم و اللحية ‪ ,‬ووصف األذنين والعنق والصدر واليدين ‪ ,‬ويذكر‬
‫‪ ..... 11‬كل ما أمكن ذكره من أثر أو شامة أو جرح‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الرضا‬


‫عند توثيق التصرفات العقارية ينبغي على العدول استنباط ركن الرضا عبر التأكد‬
‫من الصيغة التي تأتي في صورة تطابق بين اإليجاب و القبول في مجلس العقد ‪,‬‬
‫وقد تتم الشهادة على هذا التراضي (أوال ) سواء بتوقيع األطراف أو بدونه ‪ ,‬مما‬
‫يطرح التساؤل حول الضمانات المخولة لألطراف حتى ال يكون اإلشهاد عليهم‬
‫غير تام وال صحيح ‪ ,‬ومن أهم تلك الضمانات وجوب االستعانة بترجمان عند‬
‫‪.‬صعوبة التلقي باللغة العربية (ثانيا)‬
‫أوال ‪ :‬الشهادة العدلية على صحة التراضي‬
‫لما كان إشهاد العدول بالتصرف العقاري ال يتصور فيه إال أن يتم بين متعاقدين‬
‫حاضرين بمجلس العقد ‪ ,‬فقد أوجب المشرع أن يقترن بإيجاب وقبول ويتطابقا‬
‫على الفور ز ومتى لم يكن األمر على هذه الصفة فإن اإليجاب يسقط مالم يعلق‬
‫على أجل أو شرط ‪ .‬وهذا ما يستفاد من الفصلين ‪ 28‬و ‪ 19‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود ؛ فبموجب الفصل ‪ ": 19‬ال يتم االتفاق إال بتراضي الطرفين على‬
‫العناصر األساسية لاللتزام وعلى باقي الشروط المشروعة األخرى والتي يعتبرها‬
‫‪ ."12‬الطرفان أساسية‬
‫والتعديالت التي يجريها الطرفان بإرادتهما على االتفاق فور إبرامه ال تعتبر عقدا‬
‫"‪.‬جديدا وإنما ‪ ,‬جزءا من االتفاق األصلي وذلك مالم يصرح بخالفه‬
‫‪11‬‬
‫الصنهاجي ‪ ,‬مواهب الخالق ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ 1955‬ج ‪ 2‬ص ‪352-349‬‬
‫‪12‬‬
‫الفقرة األولى من الفصل ‪ 19‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫‪14‬‬
‫ومتى تطابقت اإلرادتان على النحو المذكور آنفا لزم العقد الطرفين ‪ .‬ولو لم‬
‫يفترق المتعاقدان باألبدان إال بعد برهة طويلة من تطابق اإليجاب والقبول ‪ ,‬يظل‬
‫‪ .‬العقد الزما لهما‬
‫وهذه األحكام المتبعة في المغرب ترجع إلى ما قال به مالك وأبو حنيفة ‪ ,‬بينما‬
‫خالفهما الشافعي وأحمد اللذان قيدا إتمام البيع باالفتراق من المجلس‪ ,‬وأنه متى لم‬
‫يفترق المتبايعان فالبيع ال يكون الزما لهما ‪ .‬ويرجع سبب االختالف إلى الحديث‬
‫‪ ".13‬الثابت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ " :‬البيعان بالخيار لم يفترقا‬
‫فالشافعية و الحنابلة وقفو مع ظاهر اللفظ وتبنوا ما يسمى بخيار المجلس ‪ .‬بينما‬
‫ذهب المالكية والحنفية إلى أن التفرق الوارد بالحديث إنما المقصود منه التفرق‬
‫‪ .14‬باألقوال ال التفرق باألبدان‬
‫وقد يبدو للوهلة األولى أنه ال أثر لهذا االختالف في موضوع التصرفات‬
‫العقارية‪ ,‬ألن هذه التصرفات ال تصح إال باستكمال الكتابة ؛ غير أن اإلشكال‬
‫يطرح إذا ما تم إبرام هذه التصرفات عند العدول ‪ ,‬إذ ال تعتبر شكلية الكتابة تامة‬
‫إال بالخطاب على الوثيقة لكي تستوفي الصفة الرسمية ؛ فماذا لو تطابق اإليجاب‬
‫والقبول وتم إشهاد العدلين بذلك وتمت كتابة ملخص الشهادة بمذكرة الحفظ ثم‬
‫امتنع أحد الطرفين او كالهما على التوقيع ؟ وحتى لو افترقا من المجلس بعد أن‬
‫وقعا معا ‪ ,‬ثم رجعا بعد يوم أو يومين وطلبا إلغاء الشهادة فهل ينبغي أن يستجيب‬
‫العدالن لطلبهما ؟‬
‫إذا كان من خصائص الوثيقة العدلية أنها تجمع بين عنصري الشهادة والكتابة فإن‬
‫حضور الشهادة فيها أقوى من الكتابة ‪ ,‬وعليه فإن إشهاد العدالن على األطراف‬
‫وسمعا منهما اإليجاب و القبول ‪ ,‬فإن الكتابة بعد ذلك في مذكرة الحفظ تعد مجرد‬
‫توثقة وتأكيد لما شهدا به ‪ ,‬ويترتب أن العقد يلزم الطرفين ‪ ,‬فإن تراجعا أحدهما و‬
‫امتنع عن التوقيع لزمه العقد ألن عنصر اإلشهاد قد تم ‪ ,‬أما إذا تراجعا معا ‪,‬‬
‫فيعتبر ذلك بمثابة عقد جديد يتضمن إقالة متبادلة بينهما ‪ ,‬وال يعتبر افتراقا من‬

‫‪13‬‬
‫حديث أخرجه البخاري في باب البيعان بالخيار لم يفترقا ‪ ,‬عن حكيم بن حازم _ رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا‬
‫‪......".‬عليه وسلم بلفظ " البيعان بالخيار لم يفترقا‬
‫‪14‬‬
‫أنظر هذا االختالف الفقهي وأسبابه عند ابن رشد ‪ ,‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد ‪ ,‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ‪,‬‬
‫م‪.‬ت‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م‪.‬ج‪ ,‬ج‪ 2‬ص‪128‬‬
‫‪15‬‬
‫مجلس العقد باألقوال ‪ ,‬وفي كل األحوال ‪ ,‬ينبغي على العدلين أن يستكمال‬
‫‪ .‬اإلجراءات من أجل إضفاء الرسمية على ما شهدا به قبل التراجع‬
‫ولعل مراعات هذه المقتضيات الفقهية هي التي جعلت المشرع ينص عليها في‬
‫المادة ‪ 20‬من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة التي جاء فيها ‪ ":‬في حالة‬
‫االمتناع عن التوقيع أو وضع البصمة أسفل الشهادة بعد إدراجها في مذكرة الحفظ‬
‫‪ ,‬يشير العدالن إلى هذا االمتناع قبل توقيعهما ‪ ,‬ويخبران القاضي المكلف‬
‫‪ ".‬بالتوثيق فورا بذلك‬
‫فكلما تم اإلشهاد على األطراف من طرف العدول لزمتهم الشهادة ‪ ,‬وال ينبغي أن‬
‫تتعرض الوثيقة المحررة للبطالن لمجرد تعذر التوقيع بمذكرة الحفظ أو االمتناع‬
‫‪ .‬عنه‬
‫وقد أقام المشرع المغربي قرينتين يستنبط من خاللهما أن العقد يتم بمجرد اإلشهاد‬
‫الصحيح على األطراف ‪ ,‬ترجع أولها إلى وجوب تالوة الشهادة على أطرافها من‬
‫قبل العدلين المتلقيين فور االنتهاء من إدراجها بمذكرة الحفظ ‪ , 15‬والثانية إلى‬
‫وجوب االعتذار عما شاب الشهادة من غموض أو إبهام أو بياض أو إصالح أو‬
‫اقحام أو تشطيب ‪ , 16‬وذلك قبل توقيعات األطراف ‪ ,‬أو بعد توقيعاتهم بشرط‬
‫أن يتم ذلك في مجلس اإلشهاد وأن تعاد توقيعات األطراف للمرة الثانية بعد عبارة‬
‫‪ . 17‬االعتذار‬
‫غير أن ما قلناه عن التوقيع آنفا فيما يتعلق بأنه ليس إجراء جوهريا وأن عدم‬
‫وجوده ال يؤدي إلى إلغاء الشهادة ‪ ,‬إنما يبقى مقيدا بما إذا تم اإلشهاد على تطابق‬
‫اإلرادتين في مجلس العقد ثم حدث أن تراجع أحد األطراف عن التوقيع بمذكرة‬
‫‪ .‬الحفظ ‪ ,‬أو كان له عذر يمنعه من التوقيع‬
‫فما قررناه سابقا يعد مجرد استثناء من األصل الذي يلزم األطراف بالتوقيع أو‬
‫‪ .‬البصمة‬
‫وتأسيسا على ما سبق فسنتطرق بإيجاز للبصمة والتوقيع في الوثائق العدلية ‪,‬‬
‫‪ .‬اللذين يعتبر وجودهما في هذه الوثائق واجبا بحسب األصل‬
‫‪15‬‬
‫‪ .‬تنص على ذلك الفقرة ‪ 8‬من المادة ‪ 19‬من المرسوم التطبيقي لخطة العدالة‬
‫‪16‬‬
‫‪ .‬تنص على ذلك الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪19‬‬
‫‪17‬‬
‫تنص على ذلك الفقرة األخيرة من الفصل ‪19‬‬
‫‪16‬‬
‫أ ‪ -‬التوقيع‬
‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 12‬من قانون ‪ 16.03‬على مايلي ‪":‬‬
‫يتقاضى العدل مباشرة من طالبي الشهادات األجور المحددة حسب نوعيتها‬
‫بمجرد تلقيها وتوقيع األطراف على ملخصها بمذكرة الحفظ "‪.‬‬
‫"وتوقيع الشهادة أو امضاؤها هما بمعنى واحد في الجملة ‪ ,‬ومفادها جواز‬
‫الشهادة وتأكديها وااللتزام بما فيها وتنفيذها ‪ ,‬وكذلك اإلمضاء الذي معناه‬
‫في األصل الجواز واإلنفاذ ‪ ,‬يقال أمضى الكتاب إمضاء إذا أجازه وأنفذه ‪,18‬‬
‫وال يشترط أن يكون بأمر محسوس أو مكتوب ‪ ,‬فقد يكون اإلمضاء‬
‫بمجرد تلفظ ينطق به المجيز أو المنفذ لما في الوثيقة أو الصك ‪ ,‬أي أن‬
‫اإلمضاء عند اإلطالق ال يعني بالضرورة خصوص الشكل أو العالمة التي‬
‫اختارها الشخص ليعلم بها على الرسوم تعبيرا عن إرادته والتزاما بما‬
‫تضمنته ‪ ,‬غير أن العرف جار على المقصود باإلمضاء هو هذا الشكل ‪....‬‬
‫فيقال هذا إمضاء فالن أو توقيعه ‪ ,‬أي عالمته الخاصة به وشكله‬
‫‪19‬‬
‫المختار ‪ ,‬وهذا هو المراد بالنص القانوني المذكور "‪.‬‬

‫ب البصمة‬
‫كل ما ذكرناه عن التوقيع إنما يتعلق بغير األميين ‪ ,‬أما األمي ومن في‬
‫حكمه كالعاجز عن التوقيع فينبغي اإلشهاد عليه بالبصمة ‪.‬‬
‫وبالنظر إلى خصائص التوقيع كما هي واردة في الفقرة الثانية من الفصل‬
‫األصل ‪.‬‬

‫وقد تم التنصيص على شرعية البصمة بموجب المادة ‪ 19‬من المرسوم‬


‫التطبيقي التي ورد من ضمن مقتضياتها أن الشهادة التي تليت على‬
‫األطراف " توقع من طرفهم بإمضائهم أو يصمتهم ألن تعذر اإلمضاء "‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن القضاء المغربي برفض اعتبار بصمات األصابع بمثابة دليل‬
‫في المعامالت المدنية والتجارية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االستعانة بترجمان كضمانة لصحة الرضا في الشهادة العدلية‬

‫‪18‬‬
‫العلمي الحراق ‪ ,‬الوجيز ‪ ,‬م س ‪ ,‬ص ‪39‬‬
‫‪19‬‬
‫العلمي الحراق ‪ ,‬الوجيز ‪ ,‬م س ‪ ,‬ص ‪40‬‬
‫‪17‬‬
‫بما أن التعاقد يعتبر تاما باإلشهاد على األطراف ‪ ,‬وأن خلو الشهادة بمذكرة‬
‫الحفظ من التوقيع بسبب التعذر أو االمتناع ال يسمح للعدول بإلغاء الشهادة‬
‫إذا ما توفر عنصر الرضا ‪ ,‬وإنما هم مطالبون دائما بتحرير الشهادة‬
‫وتقديمها لقاضي التوثيق من أجل الخطاب عليها وختمها بطابع الرسمية ‪,‬‬
‫فإن ذلك قد يشكل خطورة على المتعاقدين ويؤدي إلى االعتقاد بأن الوثائق‬
‫كتبت بغير رضاهم ‪.‬‬
‫من أجل ذلك ‪ ,‬قرر المشرع المغربي ضمانات للمشهود عليهم ‪ ,‬من أهمها‬
‫ضرورة االستعانة بترجمان عند صعوبة التلقي ‪ ,‬إذ نصت المادة ‪ 30‬من‬
‫قانون ‪ 16.03‬على هذه الضمانة كما يلي ‪ ":‬يستعين العدل بترجمان مقبول‬
‫لدى المحاكم عند وجود صعوبة في التلقي مباشرة من المشهود عليهم ‪.‬‬

‫يستعان في حالة انعدام الترجمان بكل شخص يراه العدل أهال للقيام بهذه‬
‫المهمة بعد قبول المشهود عليه له‪.‬‬

‫يشترط في الترجمان أو الشخص المستعان به أن ال تكون له مصلحة في‬


‫الشهادة‪.‬‬

‫تكتب الشهادة وجوبا باللغة العربية ‪ ,‬وينص فيها على اللغة األجنبية أو‬
‫اللهجة التي تم بها التلقي إذا تعلق األمر بغير لغة الكتابة "‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض الفقه ‪ 20‬إلى " أن العدل ال يتلقى الشهادة من المشهود عليه‬
‫بغير العربية إال بواسطة ترجمان ‪ ,‬ولو كان هذا العدل يعرف اللغة التي‬
‫يتكلم بها ذلك المشهود عليه "‪.‬‬

‫وقد اعترض عليه بعض الباحثين ‪ 21‬بأن "هذا االستنتاج ال يستند إلى أي‬
‫أساس ‪ ,‬ألن عبارة الفصل المذكور تنص على االستعانة بترجمان عند وجود‬
‫صعوبة في التلقي مباشرة باللغة العربية من المشهود عليهم ‪ ,‬والمفهوم‬
‫المخالف لعبارة " عند وجود صعوبة " أنه إذا لم توجد صعوبة في‬

‫ابن معجوز ‪ ,‬وسائل االثبات م‪,‬س ص ‪361‬‬


‫‪20‬‬

‫‪21‬‬
‫عبد السالم العسري ‪ ,‬شهادة الشهود ‪ ,‬م‪.‬س‪ ,‬ج‪ , 2‬ص‪667‬‬
‫‪18‬‬
‫فهم مراد المشهود عليه بأن كان العدل يعرف لغة المشهود عليه ‪ ,‬فال يحتاج‬
‫إلى االستعانة بالترجمان ‪ ,‬بل العدل يترجم لنفسه‪ ,‬ألن الشاهد العدل ال يكتب‬
‫في شهادته ألفاظ المشهود عليه ‪ ,‬وإنما يكتب في الغالب مضمنها ومعناها ‪,‬‬
‫وإن كانت تلك األلفاظ باللغة العربية ‪.‬‬

‫ومن المتفق عليه أن الذي ينقل بلفظه هو القرآن الكريم ‪ ,‬أما غيره من أنواع‬
‫الكالم ال يلزن نقله بلفظه ‪ ,‬فحتى الحديث النبوي الشريف أجاز كثير من‬
‫العلماء روايته بالمعنى "‪.‬‬

‫وعليه فإن الرأي الراجح هو الفهم الذي يوجب " على العدلين االستعانة‬
‫بترجمان ‪ ,‬عندما يجدان صعوبة في التلقي مباشرة باللغة العربية من‬
‫المشهود عليهم ‪ ,‬كأن يكون أحد األطراف أو كلهم ال يتكلمون اللغد العربية‬
‫الفصحى أو العامية ‪ ,‬أو لهجد من للهجات والعدالن ال يفهمان ذلك ؛ فإن لم‬
‫يجدا صعوبة في تلقي اإلشهاد بلغة المشهود عليهم ‪ ,‬فيجوز لهم التلقي‬
‫مباشرة باللغة األجنبية دون االستعانة بترجمان محلف او غيره‪.....‬‬

‫غير أن هذا الرأي الراجح في نظرنا قد يدحض من قبل مخالفيه " بما جاء‬
‫في المادة ‪ 30‬من المرسوم التطبيقي لقانون المهنة ‪ ...‬فلو كان من حق‬
‫العدلين تلقي الشهادة وسماعها بلغة أجنبية؛ لما أوجبت المادة تعريب هذه‬
‫المستندات وإضافة نص تعريبها إلى الشهادة ‪ ,‬ولكتفي بقراءة وفهم العدلين‬
‫لها دون اللجوء إلى تعريبها ‪."22‬‬

‫ومن أجل فهم هذه المادة يقتضي األمر أن نميز بين مفهوم المستندات‬
‫الواردة فيها وذلك الوارد في المادة ‪ 21‬من قانون ‪ 16.03‬المتعلق بخطة‬
‫العدالة التي تنص على واجب ملقى على العدول يتعلق بإحداث نظام لحفظ‬
‫الوثائق بموجبه ينشئ العدل الذي أدرجت الشهادة بمذكرته ملفا خاصا لكل‬
‫شهادة يضم المستندات اإلدارية الالزم حفظها بمكتبه‪.‬‬
‫والمقصود بالمستندات اإلدارية الوارد بالمادة ‪ 21‬كل مستند يتوقف تلقي‬
‫الشهادة عليه ‪ ,‬فهي " مستندات إدارية أساسية يتوقف أمر إقامة الشهادة‬
‫‪22‬‬
‫أنظر الحراق ‪ ,‬التوثيق ‪,‬م‪.‬س ‪ ,‬ص ‪346 / 1‬‬
‫‪19‬‬
‫عليها بحيث إذ لم يتوفر عليها العدالن ابتداء لم يجز لهما تلقي الشهادة من‬
‫أصلها‪ , 23‬فهذه المستندات اإلدارية ال ترفق بالوثيقة بعد تحريرها‬
‫وال تسلم ألصحابها ‪.‬‬
‫من أمثلة هذه المستندات في مجال التصرفات العقارية ‪ ,‬شهادة الملكية‬
‫الصادرة عن المحافظة العقارية ‪ ,‬واإلذن بالتقسيم ‪ ,‬والسليم المؤقت‬
‫الواردين في القانون ‪ 90.25‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات‬
‫السكنية وتقسيم العقارات واإلذن بالترخيص االستثنائي الوارد في القانون‬
‫رقم ‪ 34.94‬المتعلق بالحد من تقسيم األراضي الفالحية غير المسقية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬المحل والسبب‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬المحل‬
‫محل االلتزام في التصرفات العقارية ‪ ,‬هو الحق العيني العقاري ‪ ,‬ويخضع هذا‬
‫المحل للشروط الواجب توفرها في محل االلتزام بوجه عام ‪ ,‬أن يكون موجودا‬
‫وقابال للتعامل ‪ ,‬ومعينا أو قابال للتعيين ؛ وال سبيل إلى التصرف في هذا المحل‬
‫إال أن تكون ملكيته ثابتة لصاحبه ؛ كما أن المحل في التصرفات العقارية يطرح‬
‫‪ .‬إشكاال يتعلق بمدى اختصاص العدول في التوثيق المتعلق بالمادة العقارية‬
‫فعندنا إذن مسألتان سنعالجها تباعا ‪ ,‬تتعلقان بثبوت ملكية المحل ( أوال ) ‪ ,‬ثم‬
‫حدود اختصاص العدول الموضوعي في محل التصرفات العقارية ( ثانيا )‬
‫أوال – ثبوت ملكية المحل‬
‫‪ :‬وهنا سنفرق بين ثالث فرضيات ؛ ملكية تامة ‪ ,‬وملكية ناقصة ‪ ,‬وملكية مقيدة‬

‫أ ‪ -‬فرضية الملكية التامة‬


‫الملكية التامة هي المستوفية لعناصرها الثالثة ‪ :‬االستعمال واالستغالل و‬
‫التصرف ‪ 24‬بال قيد أو نوع أو ادعاء استحقاق من الغير ‪ ,‬باستثناء ما‬
‫تضعه القوانين من ضوابط وإجراءات لتنظيم ممارسة هذا الحق ‪ .‬فمتى‬

‫‪23‬‬
‫الحراق ‪ ,‬التوثيق ‪ , ...‬م‪.‬س ‪49 /2 ,‬‬
‫‪24‬‬
‫ابن معجوز ‪ ,‬م‪.‬س ‪ ,‬ص ‪62-61‬‬
‫‪20‬‬
‫اكتسب الشخص ملكية عقار‪...‬بسبب من األسباب التي تكتسب بها الملكية‬
‫شرعا ‪ ...‬بال شرط وال رهن فإنه يغدو المالك الشرعي وعناصر الملكية‬
‫تنتقل إلى ذمته ‪ ,‬وعند ذلك له أن يستعمل وأن يستغل وأن يتصرف في‬
‫ملكه بمختلف أنواع التصرف ‪ .‬متى وكيف شاء ‪ .‬فلو باع أو وهب أو‬
‫تصدق بما سبق أن تملكه شرعا لكان بيعه أو هبته أو صدقته صحيحا ‪.‬‬
‫والمشتري أو الموهوب له أو المتصدق عليه يصير خلفه الخاص ‪ ,‬ينتقل‬
‫‪ 25.‬إليه حق الملكية بعناصره الثالثة كذلك ‪ ,‬مالم يتفقوا على خالفه‬

‫ب فرضية الملكية الناقصة‬

‫يقصد ( بالملك الناقص ) أن تتجزأ عناصر الملكية بين عدد من‬


‫األشخاص ‪ ,‬بحيث يكون لشخص أو أشخاص حق ملكية الرقبة دون الحق‬
‫في االنتفاع بها ‪ .‬أو يملك شخص حق السكنى في محل دون أن يكون مالكا‬
‫لرقبته ‪ .‬أو يكون اإلنسان مالكا لألشجار و األبنية التي على األرض بينما‬
‫تكون تلك األرض لغيره ‪ ,‬وهكذا ‪ ,‬أو يكون عقاران متجاورين ويكون‬
‫أحدهما محمال بحق المرور عليه إلى العقار الثاني ‪ ,‬أو ملزما بتلقي الماء‬
‫‪ .‬المتسرب منه ‪ ,‬إلى غير ذلك من الحقوق التي تتفرع عن الملكية التامة‬

‫وتسمى هذه الحقوق بالملكية الناقصة ‪ ,‬نظرا إلى أن عناصر الملكية ال‬
‫تكون بمجموعة في يد شخص واحد ‪ ,‬وإنما تتفرق بين عدد من المالكين ‪.‬‬
‫فيكون حق االنتفاع لشخص ‪ ,‬وحق االستعمال لشخص آخر‪ ,‬وقد يكون حق‬
‫‪ 26 .‬التصرف اآلخر أيضا‬

‫وعليه فإن أنواع الملك الناقص هي كل الحقوق العينية األصلية ماعدا حق‬
‫الملكية ‪ ,‬ألنه ينصرف إلى الملكية التامة ‪ .‬وهذه الحقوق هي ‪ :‬حق‬
‫االرتفاق والتحمالت العقارية ‪ ,‬وحق االنتفاع ‪ ,‬وحق العمرى ‪ ,‬وحق‬
‫االستعمال ‪ ,‬وحق السطحية ‪ ,‬وحق الكراء طويل األمد ‪ ,‬وحق الحبس ‪,‬‬
‫‪ .‬وحق الزينة ‪ ,‬وحق الهواء والتعلية ‪ ,‬ثم الحقوق العرفية اإلسالمية‬
‫‪25‬‬
‫بلعكيد ‪ ,‬الهبة ‪ ,‬م‪.‬س ‪ ,‬ص ‪161‬‬
‫‪26‬‬
‫ابن معجوز ‪ ,‬م‪.‬س ‪ ,‬ص‪351‬‬
‫‪21‬‬
‫ت – فرضية الملكية المقيدة‬

‫والملكية مرة أخرى ال تكون تامة ‪ ,‬إذا كانت مقيدة ‪ .‬وقيود الملكية‬
‫نوعان ‪ ...‬قيود اتفاقية ‪ ,‬وقيود قانونية ‪ .‬فاألولى بالتراضي ‪ ,‬كما هو الشأن‬
‫في القيود المانعة من التصرف خالل مدة معقولة ولباعث مشروع ‪ .‬وقيود‬
‫الرهن ؛ والثانية بنص القانون ‪ ,‬واألمثلة عليه كثيرة‬

‫ثانيا ‪ :‬حدود االختصاص الموضوعي للعدول في التصرفات‬


‫العقارية‬

‫لم تكن مهام العدول محصورة في قضايا معينة وإنما كانوا يشهدون على‬
‫بمقتضى المادة ‪37‬من قانون التطبيقي لخطة العدالة فلئن وزير العدل يكلف‬
‫بمقتضى مقرر قاضيا أو أكثر بشؤن التوثيق في دائرة كل محكمة ابتدائية‬
‫كل القضايا والمسائل الشرعية ؛ لكن مع مرور الزمن أخذت القضايا‬
‫والمسائل التي يشهد فيها العدول تتناقص تدريجيا ‪ ,‬وكان من المفترض أن‬
‫تزيد الشهادات التي يكتبها العدول من حيث الكيف ومن حيث الكم ‪ ,‬ألن‬
‫‪ .‬أقضين الناس ومعامالتهم ال تنتهي‬

‫وحاال فإن العدل يمكن أن يشهد على مجموعة من القضايا مادام هذا‬
‫اإلشهاد ال يخرج عن دائرة التعامل ‪ 27‬وما دام يتقيد بالشروط الواردة‬
‫‪ .‬في قانون ‪ 16.03‬والنصوص الخاصة‬

‫وفي مجال التصرفات العقارية خاصة ‪ ,‬فالعدل يمكنه أن يشهد على أكثر‬
‫العقود والتصرفات العقارية ‪ ,‬سواء تعلقت بالعقار المحفض أو العقار في‬
‫طور التحفيظ ‪ ,‬أو العقار غير المحفض ‪ .‬وال يمنعه من ذلك إال تلك‬
‫‪ .‬التقييدات أو الشروط الواردة في النصوص القانونية‬

‫‪27‬‬
‫‪ ".‬تنص المادة ‪ 32‬من قانون ‪ 16.03‬على مايلي ‪ ":‬يمنع تلقي الشهادة التي يكون موضوعها خارجا عن دائرة التعامل‬
‫‪22‬‬
‫لكن من الناحية العلمية لم يعد العدول في مجال التصرفات العقارية بصفة‬
‫خاصة يتلقون إال قدرا يسيرا من الشواهد المتعلقة بالعقار ‪ ,‬ومعظم هذه‬
‫الشهادات ترجع إلى البيع أو الهبة أو الصدقة ‪ ,‬كما أن أكثر الشهادات‬
‫‪ .‬العدلية تنصب على العقارات المحفظة‬

‫ومن أسباب نقصان الشهادات التي يحررها العدول في المجال العقاري‬


‫وفي غيره من المجاالت ‪ ,‬ما ذهب إليه المشرع من منع العدول من تلقي‬
‫صنف من عقود الملكية المشتركة ‪ ,‬وهو ذلك المتعلق بعقود السكن‬
‫‪ .28‬االجتماعي الذي قصر المشرع تحريره على الموثق دون غيره‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬السبب‬


‫يعد السبب في القوانين الوضعية ركنا من األركان العامة للتعاقد ‪ ,‬ألن‬
‫االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأنه لم‬
‫‪.‬يكن‬
‫وفي التشريع المغربي نظم المشرع نظرية السبب في الفصول من ‪62‬‬
‫إلى ‪ 65‬من قانون االلتزامات ‪ .‬ومن خالل استقراء الفصول المذكورة‬
‫يتبين أن المشرع اشترط في السبب ثالثة شروط ‪ :‬الوجود والتحقيق‬
‫‪ .‬والمشروعية‬

‫ومعنى ذلك أن المشرع المغربي أخذ بالنظرية التقليدية في السبب ‪,‬‬


‫وانصرف عن النظرية الحديثة ؛ التي تقوم على أن السبب هو الباعث‬
‫‪ .‬الدافع إلى التعاقد‬

‫وعليه سنعالج صورية السبب ( أوال ) ثم نتبعها بالحديث عم مشروعية‬


‫السبب (ثانيا )‬

‫أوال – صورية السبب‬

‫‪28‬‬
‫بلعكيد ‪ ,‬الهبة ‪ ,‬م‪.‬س ‪ ,‬ص‪165‬‬
‫‪23‬‬
‫اشترط المشرع المغربي في السبب أن يكون حقيقيا ‪ ,‬وقرر أن السبب‬
‫‪ .29‬المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يثبت العكس‬

‫وقد يثبت العكس عند وجود واقعة الصورية ‪ ,‬التي اعتد بها المشرع‬
‫المغربي في إثبات عدم تحقق السبب ‪ ,‬من خالل النص على أنه " إذا ثبت‬
‫أن السبب المذكور غير حقيقي ‪....‬كان على من يدعي أن االلتزام سببا‬
‫‪ ".30‬آخر ‪ ....‬أن يقيم الدليل عليه‬

‫فقد أجاز المشرع المغربي الدفع بالصورية إلثبات السبب الحقيقي الخفي‬
‫ونفي السبب غير الحقيقي الظاهر ‪ 31‬الذي قد يقصد منه التدليس والخداع‬
‫‪ ,‬وسهل إثبات الصورية بأن جعلها تثبت بمختلف الوسائل ألنها مجرد‬
‫‪ .‬واقعة مادية‬

‫ورتب المشرع على السبب الخفي آثار السبب الحقيقي بالنسبة لبعض‬
‫التصرفات إذا اتصلت بمرض الموت ‪ .‬ولتطبيق األحكام الخاصة بمرض‬
‫الموت ‪ ,‬البد بداية من تحقيق شرطين أساسين الزمين لرد كل تصرف‬
‫‪ :‬كيفما كانت طبيعته وهما‬
‫أن يبرم التصرف في مرض الموت – ‪1‬‬
‫أن يتوفى المتصرف من المرض الذي أبرم التصرف خالله وهو – ‪2‬‬
‫‪ .32‬مصاب به ‪ ,‬أي أن ينتهي بالموت فعال‬

‫فبخصوص الشرط األول ‪ ,‬الذي يقضي بوجوب إبرام التصرف في مرض‬


‫الموت ‪ ,‬نقول أن جمهور الفقهاء لم تتفق كلمتهم على تعريف مرض‬
‫الموت ‪ ,‬ومع ذلك يمكن القول بأن مرض الموت هو المرض الذي مات‬
‫فيه المقر و الموصي مطلقا ‪ ,‬وال يتعين المرض إن كان مرض موت أو‬

‫‪29‬‬
‫‪ .‬الفصل ‪ 64‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫‪30‬‬
‫‪ .‬الفصل ‪ 65‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫‪31‬‬
‫جاء في الفصل ‪ 22‬من ق‪.‬ل‪.‬ع " االتفاقات السرية المعارضة أو غيرها من التصريحات المكتوبة ال يكون لعا أثر إال‬
‫"‪ .‬فيما المتعاقدين ومن يرثهما‪ ,‬فال يحتج بها على الغير ‪ .....‬ويعتبر الخلف الخاص غيرا بالنسبة ألحكام عذا الفصل‬
‫‪32‬‬
‫محمد الكشبور ‪ ,‬بيع المريض مرض الموت قراءة في قرار المجلس األعلى ‪ ,‬سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة ‪ 4‬و‬
‫مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2002‬ص ‪49-48‬‬
‫‪24‬‬
‫مرض شفاء إال بعد الوفاة ولذلك تبقى عقود المريض وإقراراته صحيحة‬
‫ومعتبرة مادام حيا فال يجوز االحتجاج بالمرض إلبطال تصرفاته إلى بعد‬
‫‪ . 33‬وفاته‬

‫وكثيرا ما يطلق على مرض الموت ‪ ,‬المرض المخوف ‪ ,‬انطالقا من اآلثار‬


‫التي يخلفها في نفسية المريض ‪ ,‬والتي تظهر من خالل تصرفاته‬
‫‪ .‬القانونية ‪ ,‬وهو على تلك الحالة‬

‫وبخصوص الشرط الثاني المتعلق بانتهاء المرض بالموت فعال ‪ ,‬فإن‬


‫اإلجماع الفقهي منعقد على أن المرض ال يعتبر مرتبا ألحكام مرض‬
‫الموت من الناحية الشرعية ‪ ,‬إال إذا انتهى بالموت فعال وحقيقة ‪ ,‬إذ العبرة‬
‫بنتيجة المرض ال بوقت التصرف ‪ ,‬وهكذا فإذا أصيب شخص بمرض‬
‫أقعده عن قضاء مصالحه خارج وداخل بيته حتى أشرف على الهالك ‪,‬‬
‫وغلب عليه خالله خوف شديد جدا من الموت ‪ ,‬فأبرم العديد من التصرفات‬
‫القانونية المشبوهة ‪ ,‬لكنه شفي بعد ذلك من هذا المرض ‪ ,‬فإن جميع‬
‫التصرفات القانونية التي أجراها أثناء مرضه ‪ ,‬وكيفما كانت طبيعتها‬
‫وضررها بالنسبة لورثته المحتملين ‪ ,‬تعتبر في حكم التصرفات التي‬
‫يجريها األصحاء عادة بحيث ال يجوز للورثة مطلقا وللدائنين االعتراض‬
‫‪ 34‬عليها بوجه من الوجوه‬

‫ومادام أن المشرع المغربي في تقريره آلثار السبب الخفي ‪ ,‬قد ركز على‬
‫عقد البيع كنوع من أنواع التصرفات التي يمكن أن تتصل بمرض الموت ‪,‬‬
‫فيستنبط مما ذكره المشرع بخصوص ذلك – مستندا إلى الفقه اإلسالمي –‬
‫أنه ينبغي إضافة شرط خاض إلى الشرطين العامين السابقين ‪ ,‬ويتعلق‬
‫‪ .‬األمر بأن يظهر في البيع قصد المحاباة‬

‫‪33‬‬
‫انظر في ذلك ‪ :‬حسين المؤمن ‪ ,‬نظيرة اإلثبات بالمحررات أو األدلة الكتابة ‪ ,‬مكتبة النهضة ‪ ,‬بيروت ‪ , 1975 ,‬ص‬
‫‪148‬‬
‫‪34‬‬
‫أنظر عبد الرزاق السنهوري ‪ ,‬الوسيط ‪ ,‬م‪.‬س ‪ ,‬ج‪ , 4‬البيع ‪ ,‬ص ‪275‬‬
‫‪25‬‬
‫فالمشرع المغربي لم يعتبر البيع الواقع في مرض الموت بقصد المحاباة‬
‫بيعا وإنما إبراء أو هبة في مرض الموت ؛ والهبة في مرض الوت تجري‬
‫عليها أحكام الوصية التي تقضي بأن الموصي له ال يستحق غير الثلث إذا‬
‫كان غير وارث ‪ ,‬وأنه إذا كان وارثا ال يستحق شيئا وال تصح الوصية له‬
‫‪ . 35‬إال بإجازة باقي الورثة الرشداء‬

‫وهذه القواعد ترجع إلى ما يعرف في الفقه المالكي بالتوليج أو التبرع‬


‫‪ .‬المغلف ‪ ,‬وفي الفقه الوضعي بالبيع الساتر للهبة‬

‫ثانيا ‪ :‬مشروعية السبب‬

‫المشروعية هي الشرط األساسي في السبب – عند أنصار النظرية التقليدية‬


‫_ ؛ وهي الشرط الوحيد في السبب الذي تأخذ به النظرية الحديثة التي‬
‫تقصره على الدافع الباعث الرئيسي ؛ فبحسب هذه النظرية ال يشترط في "‬
‫السبب إال شرط واحد هو أن يكون مشروعا ؛ ومن أجل المشروعية‬
‫‪ ...‬وحدها قامت نظرية السبب أول ما قامت‬

‫والواقع ‪ ..‬أن السبب ‪ ,‬بمعنى الباعث الدافع إلى التعاقد ‪ ,‬يجب استباقه ‪,‬‬
‫على أن ال يستخدم إال لحماية المشروعية في التعاقد ‪ ,‬ذلك أنه وحده الذي‬
‫يستطيع أن يقوم بهذه الحماية في صورة السبب المشروع ‪ ,‬وال يغني عنه‬
‫‪ ... "36‬ركن آخر ‪ ,‬ال ركن المحل وال ركن الرضا‬

‫وعندما أخد المشرع المغربي بشرط المشروعية ‪ ,‬نظر إليه من وجهين ؛‬


‫هما التحديد واإلثبات ؛ فمن جهة التحديد ‪ ,‬اعتبر أن االلتزام المبني على‬
‫سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن ‪ ,‬وأن عدم المشروعية هو المخالفة‬
‫‪ .37‬لألخالق الحميدة أو للنظام العام أو القانون‬

‫‪35‬‬
‫انظر الفصل ‪344‬‬
‫‪36‬‬
‫السنهوري ‪ ,‬م س ‪ ,‬ج‪ , 1‬ص ‪389‬‬
‫‪37‬‬
‫في الفصل ‪ 62‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫‪26‬‬
‫ومن وجه اإلثبات ‪ ,‬اعتبر المشرع االلتزام قائما على سبب مشروع إلى أن‬
‫يثبت العكس ‪ " 38‬فإذا ادعى المدين أن للعقد سببا غير مشروع سمع منه‬
‫ذلك وكل هو بإثباته ‪ .‬وله اإلثبات بجميع الطرق ‪ ,‬بما في ذلك البينة‬
‫‪ ...‬والقرائن‬

‫ويالحظ أنه إذا ادعى المدين أن للعقد سببا غير مشروع وأثبت ذلك ‪ ,‬فعليه‬
‫أيضا أن يثبت علم الدائن بهذا السبب ؛ وله أن يثبته بجميه وسائل اإلثبات ‪,‬‬
‫ويستوي في ذلك أن ال يكون السبب المذكور في العقد أو أن يكون قد ذكر‬
‫يبب صوري وثبت أن السبب الحقيقي غير مشروع ‪ ...‬فإذا ادعى المدين‬
‫أن السبب المذكور في العقد ليس هو السبب الحقيقي ‪ ,‬بل هو سبب صوري‬
‫يستر سببا غير مشروع ‪ ,‬فله أن يتخذ أحد الموقفين ‪ :‬إما أن يقتصر على‬
‫إثبات الصورية ‪ ,‬وفي هذه الحالة ينتقل عبء إثبات السبب الحقيقي‬
‫ومشروعيته إلى الدائن ‪ ,‬وإما أن يثبت رأسا أن السبب الحقيقي للعقد غير‬
‫‪ .‬مشروع‬
‫فإذا أراد أن يثبت صورية السبب ( فاألمر على ما رأيناه في قواعد إثبات‬
‫‪ ...‬الصورية )‬

‫وإذا أراد المدين أن يثبت رأسا عدم مشروعية السبب ‪ ,‬فله أن يثبت ذلك‬
‫بجميع الطرق ومن بينها البينة والقرائن ‪ ...‬مهما بلغت قيمة االلتزام ‪ ,‬ألن‬
‫‪39‬‬
‫إخفاء عدم المشروعية غش ‪ ,‬والغش يجوز إثباته بجميع الطرق ‪".‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬القواعد الخاصة بالتوثيق العدلي‬


‫للتصرفات العقارية‬

‫‪38‬‬
‫وذلك في الفصلين ‪ 63‬و ‪ 65‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫‪39‬‬
‫السنهوري ‪ ,‬م س ‪ ,‬ص‪393-392‬‬
‫‪27‬‬
‫ال تعتبر الوثائق العدلية تامة وذات حجية ‪ ,‬إال إذا قطعت مجموعة من‬
‫المراحل ‪ .‬وهذه المراحل هي التلقي والتحرير (المطلب األول ) والتضمين‬
‫والخطاب (المطلب الثاني )‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التلقي‬


‫أوال ‪ :‬المقتضيات العامة للتلقي‬
‫تتعلق بمسألة التلقي مقتضيات عامة نعالجها تبعا من خالل اقتصار على‬
‫مفهومه وحكمه‬

‫‪.‬أ‬ ‫‪:‬مفهوم التلقي‬


‫التلقي ‪ ...‬في عرف المهتمين اليوم يطلق ويراد به خصوص واقعة سماع الشهادة‬
‫او اإليجاب و القبول وما تعلق بهما من المتعاقدين ؛ مع كتابة ذلك في " مذكرة‬
‫‪"40‬الحفظ‬
‫‪41‬مع تد يلها بتوقيع األطراف او الشهود وبأشكال العدلين المتلقيين لها‬
‫وتلقي ال يبتعد عن تحمل الشهادة في عمقه و أصله‬
‫‪"42‬والمقصود هنا بتحمل الشهادة "اإلحاطة بما سيطلب منه الشهادة به فيه‬
‫اال ان بين تلقي الشهادة وتحملها عموما وخصوصا؛" فكل تلق للشهادة تحمل لها‬
‫وليس كل تحمل تلق لها؛ اذا التلقي ال يتم اال بسماع الشهادة سمعا كافيا ثم كتابة‬
‫ذلك في كتاب على شكل معين‪...‬ام التحمل فيتم بسماع فقط او بإحدى طرق‬
‫‪43‬تحصيل العلم بالشهادة‬

‫‪ 40‬نصت المادة ‪ 28‬من قانون ‪ 03-16‬في فقرتها الثانية على ان تحديد شكل مذكرة الحفظ وادراج الشهادة فيها يتمان بتص تنضيمي‬
‫‪ 41‬تمر الشهادة بمرحلتين‪:‬‬
‫المرحلة التي يتلقى فيها الشاهد شهادته ويحصل له العلم بها‬
‫والمرحلة التي توءدى فيها الشاهد شهادته أمام القاضي‬
‫‪ 42‬أحمد بن محمد الهيتمي تحفة المحتاج في شرح المناهج ‪ ,‬دار احياء الثراث العربي الجزء ‪ 10‬الصفحة ‪276‬‬
‫‪ 43‬الحراق الثوثيق العدلي الجزء ‪ 1‬ص ‪ 329‬هامش ‪725‬‬
‫‪28‬‬
‫كما أنهما يختلفان من حيث الشروط‪ ،‬فالتحمل الشهادة ال يشترط اال شرط واحد‬
‫وهو ان يكون عاقال بينما التلقي ينظر فيه الى انه يعتبر شاهدا و موثقا في ان‬
‫‪.‬واحد‬

‫‪:‬ب‪-‬حكم التلقي‬
‫لما كان التلقي‪ -‬يعد بوجه ما نوعا من التحمل حيث ينبغي في البداية أن نعرف‬
‫‪.‬حكم المحل ‪ ،‬الذي قد يستنبط منه حكم التلقي‬
‫ففي حكم المحل اختلف فقهاء الشريعة اإلسالمية بين قائل بالندب وقائل بأنه‬
‫فرض كفاية ‪ ،‬وهذا هو القول الصحيح الرجع لقوله تعالى "وال يأب الشهداء اذا‬
‫‪"44‬ما دعوا‬
‫ال يتم التلقي حاليا اال بالكتابة في الكناش المخصص لذألك يدعى "مذكرة الحفظ"‬
‫فا بذلك بوجه عام يعد نوعا من التحمل المكتوب للشهادة ‪،‬وقد علمنا ان الراجح‬
‫‪،‬في التحمل فرض على الكفاية‬
‫كل ذلك يجعلنا نتسأل هل يحصل الفرض بتعين أناس وتنصيبهم لمزاولة الخطة‬
‫ثم ينتهي ذلك ؟ أم أنه على هؤالء المعينين المنتصبين أن يتلقوا جميع ما يرد‬
‫على مكاتبهم من الشهادات ‪،‬وأنهم ملزمون بذلك لزوما عينيا؟‬
‫فمن الجهة األولى نجد ان قانون التوثيق العدلي لم يوجب صرحتا على العدلين‬
‫‪.‬تلقي أي شهادة اذا كانت جائزة وتامة األركان والشروط‬
‫ومن الجهة األخرى نجد أن "من بين أهم األهداف األساسية التي قام ألجلها نظام‬
‫الشهود مند نشأته األولى ‪،‬ايجاد فئة من الناس يكون شغلهم الشاغل تلقي الشهادات‬
‫بين الناس في مقابل أجرة يأخدونها عن تفرعهم لهذه المهام ‪،‬وذلك حتى ال تتعطل‬
‫المصالح وتضيع الحقوق‪...‬فالعدول الشهود اذن انما خصوا المهنة وتفرغوا لها‬
‫‪45‬وأعطوا األجرة لكي ال تضيع الحقوق بعدم االشهاد عليها‬
‫وفي اطار الغاية يرى بعض الفقه‪ 46‬أنه ليس في وسع العدل الشاهد أن يمتنع عن‬
‫تلقي الشهادة اذا كان الموضوع مما يجوز تعاما به‪ ،‬وكانت الشروط متوفرة الى‬
‫‪44‬‬

‫سورة البقرة األية ‪282‬‬


‫‪ 45‬الحراق‪،‬التوثيق العدلي ‪،‬ج‪،1‬ص‪330‬‬
‫‪ 46‬م س‪،‬ينفس الموضوع‬
‫‪29‬‬
‫جانب األركان ‪،‬فإن امتناع عن تقديم الشهادات عرضا نفسيهما لمؤخدات‬
‫‪.‬ومتابعات‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحرير‬


‫تأتي مرحلة تحرير الوثيقة مباشرة بعد مرحلة التلقي ‪"،‬وتحرير الشهادة هو‬
‫كتابتها واخراجها من اطار مذكرة الحفظ المدرجة بها‪ ،‬ورسمها بكل جزئيتها في‬
‫وثيقة مكتوبة وفقا للكيفية المعترف عليها فقها وعمال قانونا تمهيدا لتقديمها‬
‫‪".47‬للقاضي المختص‬
‫وبالرجوع الى النصوص القانونية السابقة تظهر لنا بعض المقتضيات المتعلقة‬
‫بالتحرير منها ما هو مستجد ومنها ما هو ملغى ‪ ،‬ومن تلك المقتضيات التزام‬
‫العدلين بالحفاظ على وحدة الوثيقة المحررة(أوال) وعلى بيانات الشهادة المتلقات‬
‫(ثانيا)‬

‫‪:‬أوال ‪ :‬االلتزام بالحفاظ على وحدة الوثيقة‬


‫نصت المادة ‪ 33‬في فقرتها األولى على أن الشهادة "تحرر تحت مسؤولية‬
‫العدلين في الوثيقة واحدة فقط ‪ ،‬ال أن يستقل كل واحد منهما بوثيقته‪...‬األنه قد‬
‫يفهم البعض أنه يكون من الجائز للعدلين تحرير الشهادة في وثيقتين اثنين اذا‬
‫كان تلقيهما لها في وقتين مختلفين فجاء نص المادة صريحا على أن تحرير وثيقة‬
‫‪48‬واحدة قطعها لهذا الفهم الغير سليم‬
‫المقصود بالنص على "كتابة الشهادة في وثيقة واحدة "‪:‬أنه يمنع على العدلين‬
‫تحرير الشهادة في نظير أو عدة نظائر عند اإلقتضاء ‪،‬وذلك‪....‬األن هذا الفهم‬
‫يتناقض مع المقتضيات القانونية الوارد أحكامها بمدونة األسرة ‪،‬التي تنص على‬
‫وجوب تحرير الشهادة في وثيقة ونظير او وثيقة وعدة نظائر و نسخ ـ كعقد‬
‫‪......‬الزواج‪– 49‬الطالق‪ -50‬االرث‬

‫ثانيا ‪ :‬الحفاظ على بيانات الشهادة المتلقات‬


‫‪47‬‬

‫‪ 48‬الحراق الوجيز‪،‬م س‪،‬ص‪106‬‬


‫‪ 49‬تنص المادة ‪ 69‬من مدونة االسرة‪:‬يسلم اصل رسم عقد الزواج لزوجة ‪ ،‬ونظير منه لزوجفور الخطاب عليه‬
‫‪ 50‬الفقرة الثانية من من المادة ‪ 87‬من م أ تنص على مايلي "يقوم القاضي بمجرد خطابه على وثيقة الطالق بتوجيه نسخة منها الى المحكمة"‬
‫‪30‬‬
‫تنص المادة ‪ 25‬من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العادلة في فقرتها الثانية و‬
‫الثالثة على "تشمل الوثيقة في طليعتها على اسمي عدلي التلقي ودائرة انتصابها‬
‫والمكتب المعين به‪ ،‬مع ذكر تاريخ التلقي بالساعة واليوم والشهر والسنة باألرقام‬
‫والحروف ‪ ،‬وفق التقويم الهجري و الميالدي ‪ ،‬وكذلك رقم مذكرة الحفظ‬
‫وصاحبها ‪ ،‬وعدد الشهادة فيها كما تشتمل ايضا الحالة المدنية الكاملة للمشهود‬
‫"‪.‬عليهم وجنسيتهم ومهنتهم وعنوانهم ورقم البطاقة الوطنية لتعريف‬
‫ومضمون هذا النص أن العدلين يلتزمان بتحرير الشهادة مشتملة لبيانات اإللزامية‬
‫‪.‬في اطار التطابق بين الملخص والمحرر ‪ ،‬والمتناع عن اإلصالح واعتدار‬
‫وبخصوص االمتناع على إلصالح والعتذار فإن القانون الجديد ينص في المادة‬
‫‪ 33‬من القانون ‪ 03_16‬كما كان عليه في القانون السابق هو أن تحرير‬
‫الشهادة ‪.....‬يجب ان يكون بالكيفية الصحيحة ال خطأ فيها ؛واذا حصل خطأ‬
‫نحوي او امالئي أثناء كتابتها او‪...‬تعين على العدل المحرر أن يعيد كتاباتها في‬
‫ورقة جديدة ‪ ،‬بحيث ال يجوز له أن يبقي على الخطأ ويصلحه ثم يعتدر عنه وفقا‬
‫‪.‬لما كان عليه العمل سبقا‬

‫المطلب الثاني ‪:‬التضمين والخطاب‬


‫اذا كان كل من تلقي الشهادة وتحريرها مرحلتان تتمان عند العدول‬
‫‪ ،‬فإن الشهادة المكتوبة ال تعد مكتملة في مجال التصرفات العقارية‬
‫اال بوجود مرحلتين وهما التضمين (أوال) والخطاب (ثانيا)‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التضمين‬
‫يعرف التضمين بأنه "هو نسخ محتوى الشهادة من طرف الناسخ بأحد سجالت‬
‫التضمين ؛ وهو اجراء يدخل في اطار حفظ الشهادات وصون الوثائق ‪،‬ون أجل‬
‫تحقيق هذه الغاية فإن التضمين يتم بكيفية معينة ونحن سنتناول كيف يتم‬
‫التضمين (اوال) ثم استخراج الرسوم العدلية (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬كيفية تضمين الشهادة‬

‫‪31‬‬
‫نصت المادة ‪ 32‬من المرسوم التطبيقي لقانون العدالة سنة ‪ 2008‬في فقرتها‬
‫األولى على ان الشهادة تضمن بأكملها طبقا لمقتضيات المادة ‪ 11‬من القانون رقم‬
‫‪ 49:00.51‬المتعلق بتنظيم مهنة النساخة‬
‫وبالرجوع الى المادة المذكورة فإن تضمين الشهادة أضحى من مهام النساخ‬
‫‪.52‬واختصاصاتهم ‪ ،‬بعد ما كان في السابق من مهام العدول‬
‫كما أنه يكون على الناسخ أن يضمن التضمين بخط يده بمداد أسواد غير قابل‬
‫للمحو الشهادة بأكملها طبق أصلها المحرر من طرف العدلين في السجل‬
‫المخصص لها مرعيا تتابع الشهادات حسب أرقام وتواريخ تضمينيها دون‬
‫انقطاع أو اصالح أو الحاق‪ ...‬وذلك خالل أجل ‪ 8‬أيام من تاريخ تسليم الشهادة‬
‫‪53‬اليه‬
‫‪54‬ثم يكتب الناسخ بطرة الشهادة المضمنة بالسجل اسمه الكامل مذيال بتوقيعه‬
‫‪55‬وبعد ذلك يوقع العدالن في سجالت التضمين‬
‫أسفل الشهادة التي تلقياها داخل أجل ‪ 20‬يوما من تاريخ تضمينها ‪ ،‬ثم يخاطب‬
‫القاضي في تلك السجالت داخل أجل شهر من تاريخ تضمين الشهادة المضمنة‬
‫‪56‬بها ؛كل شهادة على حدة‬
‫ولتفادي طول اإلجراءات التضمين‪،‬يجرى العمل في أكثر أقسام التوثيق على أن‬
‫‪.‬يتم الخطاب على الشهادة مباشرة بعد أن يكتب الناسخ بطرتها مراجع تضمينها‬

‫‪:‬ثانيا ‪ :‬استخراج النسخ من الرسوم العدلية المضمنة‬

‫‪ 51‬قانون رقم ‪ 49:00‬المنتعلق بتنظيم مهنة النساخة الصادر بتنفيد الضهير الشريف رقم ‪ 1.01.124‬الصادر ‪ 29‬من ربيع األول ‪22( 1422‬‬
‫يونيو ‪ )2001‬منشور ب‪:‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4918‬ربيع الثاني ‪ 19( 1422‬يوليوز ‪ )2001‬ص ‪.1864‬‬
‫‪ 52‬وذلك بمقتضى المادة ‪ 25‬من قانون رقم ‪..81‬المنظم لخطة العدالة‬
‫‪ 53‬مالم ينص على خالف ذلك (من المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪.49.00‬‬

‫‪54‬‬

‫‪54‬المادة ‪14‬من قانون ‪49:00‬‬


‫‪55‬‬

‫تنص المادة ‪ 31‬من المرسوم التطبيقي على مايلي ‪:‬‬


‫سجل األمالك لتضمين الوثائق المتعلقة الحقوق العينية‬
‫سجل التركات والوصيا‬
‫سجل رسوم الطالق‬
‫سجل باقي الوثائق‪.‬‬
‫‪ 56‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 32‬من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة‬
‫‪32‬‬
‫تعتبر الشهادات المضمنة بسجالت التضمين رسوما تاما ‪ ،‬وهي بذلك تشكل‬
‫األصول التي يأخد منها النسخ اذا ماكانت مذيلة بتوقيع عدليها وخطاب القاضي‬
‫المكلف بالتوثيق بالسجل ‪ ،‬وذلك طبقا لما جاءت به المادة ‪ 38‬من القانون‬
‫‪ 16:03 57‬المتعلق بخطة العدالة‬
‫وفي حالة تخلف الشرطين المذكورين أو أحدهما في الشهادة تعتبر بذلك رسوما‬
‫‪ 58‬غير تامة ؛وكيفية استخراج النسخ من هذه الرسوم حددها النص التطبيقي‬
‫المتمثل في المادة ‪ 35‬من المرسوم التطبيقي ‪ ،‬وبمقتضى هذه المادة ‪":‬فإن‬
‫الشهادات المضمنة بسجالت التضمين الغير تامة ‪ ،‬اما أن تكون غير مخاطب‬
‫عليها من طرف القاضي المكلف بالتوثيق وموقعة من طرف العدول المعنين‬
‫بها ‪.‬فهما اذن حالتان ‪ :‬حالة عدم الخطاب عليها ‪ ،‬وحالة عدم التوقيع عليها من‬
‫‪.‬العدول المتلقين المحررين لها‬
‫كما أنه يخضع استخراج النسخ العدلية لعدة قواعد منها أن المشرع في المادة ‪12‬‬
‫من قانون ‪ 49:00‬فرق بين أصحاب الشهادات وذوي الحقوق هؤالء وبين‬
‫األغيار فلم يشترط على األولين للحصول على نسخ سوى أن يدلو بطلب كتابي‬
‫يؤشر عليه القاضي المكلف بالتوثيق ‪ ،‬بينما اشترط في حق األغيار أن يدلوا الى‬
‫‪.‬الناسخ بطلب كتابي معلل يصدره القاضي المكلف بالتوثيق‬
‫كما أن المشرع المغربي يشترط في النسخة المستخرجة أن تتم اإلشارة في‬
‫‪59‬طليعتها الى الهوية طالبها ومراجع الطلب أو األوامر القاضي‬
‫وبطرتها الى المراجع التضمين والتسجيل ‪ ،‬واسم وتوقيع الناسخ الذي أنجزها‪،‬‬
‫كما أن المشرع المغربي لم يشترط بصفة صريحة ما اشترطه أغلب فقهاء‬
‫والموثقين في النسخة من أن تكون بطريقة التسجيل على القاضي وأن تطلب لغاية‬
‫‪ .‬محددة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الخطاب‬


‫‪ 57‬تنص المادة ‪ 38‬من قانون ‪ 16:03‬المتعلق بخطة العدالة في فقرتها األولى ‪ :‬ال تؤخد النسخ اال من الشهادة المضمنة بسجالت التضمين ‪،‬أل‪ ,‬من‬
‫النضائر المحفوظة بصفة قانونية بكتابة الضبط خالل فترة نظام النظائر من فاتح يوليو ‪ 1983‬الى ‪ 16‬يونيو ‪ 1993‬شريطة أن تكون مذيلة‬
‫بتوقيع عدليها وخطاب القاضي المكلف بالتوثيق‪.‬‬
‫‪ 58‬تنص المادة ‪ 8_3‬من قانون ‪" 16:03‬تحدد كيفية استخراج النسخ في حالة تخلف الشرطين المنصوص عليهما في المادة ‪ 38‬من قانون‬
‫‪ 16:03‬المشار اليه أعاله‪.‬‬
‫‪ 59‬تنص المادة ‪ 13‬من قانون ‪": 49:00‬يشار في طليعة النسخة المستخرجة الى اإلسم العائلي و الشخصي لطالبها وتاريخ ومكان والدته ومحل‬
‫سكناه ورقم وتاريخ البطاقة الوطنية ‪"..‬‬
‫‪33‬‬
‫حرصا من المشرع المغربي على عدم ترك فعالية نظام التوثيق رهينا بنزاهة‬
‫‪60‬وروع القائمين عليه فقط أنط بجهة قضائي وهي مؤسسة قاضي الثوثيق‬
‫‪.‬مسؤولية التثبت من استيفاء الوثيقة العدلية للشروط الواجب توفرها فيها‬
‫ومراقبة تقيد العدول بضوابط التوثيقية الشرعية والقانونية ؛وجعل الخطاب علي‬
‫الوثيقة دليال للوفاء على هذه المهمة‬
‫‪61‬‬

‫ويجرى الخطاب بالكيفية التي حددتها المادة ‪ 38‬من المرسوم التطبيقي لخطة‬
‫العدالة التي أوردت في فقرتها األولى ‪":‬يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على‬
‫‪ .‬الشهادة المنجزة طبقا للقانون بمداد أسواد وغير قابل للمسح‬
‫‪".‬بصيغة "الحمد هلل أعلم بأدائها ومراقبتها‬
‫مع توقيعه مقرونا باسمه ‪ ،‬ووضع الطابع والتنصيص على تاريخ والخطاب وذلك‬
‫‪.62‬في أجل ‪ 6‬أيام من تاريخ التضمين‬
‫وصيغة الخطاب هذه تعد مقتضى جديدا لم يكن منصوصا عليه في قانون خطة‬
‫العدالة وهي تتضمن صيغة اإلعالم باألداء ( أوال) واعالم بالمراقبة (ثانيا)‬

‫أوال ‪ :‬األداء‬
‫سنتناول في هذه الفقرة _األداء من حيث مفهومه وحكمه ثم الحالة التي يتعذر فيها‬
‫األداء‬

‫‪:‬مفهوم األداء وحكمه‬


‫عرفه ابن عرفة "بأنه اعالم الشاهد الحاكم (القاضي) بشهادته بما يحصل له العلم‬
‫‪63‬بما شهد به‬
‫‪ 60‬بمقتضى المادة ‪ 37‬من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة فاءن وزير العدل يكلف بمقتضى مقرر قاضيا أكثر بشؤون التوثيق في دائرة كل‬
‫محكمة ابتدائية‪.‬‬
‫‪61‬‬

‫أنظر"عبد العالي حفيظ‪ ،‬الرقابة القضائية على صحة المحرارات العدلية ‪ ،‬مقال منشور بمجالة القضاء المدني ‪ ،‬العدد الثاني ‪ 2010‬ص ‪, 26‬‬
‫‪ 62‬وردت اإلشارة الضمنية لصيغة الخطاب في الفقرة الألولى من المادة ‪ 35‬من قانون رقم ‪ 16:03‬التي جاء فيها‪:‬يخاطب القاضي المكلف‬
‫بالتوثيق على الشهادات بعد اتمام اإل جراءت الالزمة والتأ كد من من خلوها من النقص ‪،‬وسالمتها من الخلل ‪ ،‬وذلك بالإلعالم ألدنها ومراقبتها ‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫محمد الرصاع االنصاري شرح حدود ابن عرفة‪،‬طبعة وزارة االوقاف والشؤون اإلسالمية المغربية‪1142‬ه ‪، 1992،‬ص‪650‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ :‬وفي كيفية األداء بتحدث الفقه المالكي "عن ثالثة كيفيات األداء الشهادة‬
‫اما أ‪ ،‬يكون دائما باللسان ‪،‬حيث يحضر الشاهد للقاضي ويسرح له ما علمهن تلك‬
‫الشهادة فيتلقى منه القاضي بحسب لفظه ؛ وإما أن يكون بواسطة وثيقة مكتوبة‬
‫تتضمن شهادته بما حوته من الوثيقة واثباث؛مع حضور شاهد لدى القاضي‬
‫وتصريحه أو اشارته لديه بأن الشهادة مكتوبة في هذا الرسم ؛واما أن يكون‬
‫بواسطة وثيقة مكتوبة تتضمن شهادته يبعثها العدل مع زميل له أو أحد العاملين‬
‫‪ ...64‬معه الى القاضي الذي يعتمد في تأكده على معرفة عالمة العدل‬
‫وهذه الكيفية الثالثة هي التي نص عليها المشرع المغربي في المادة ‪ 34‬من‬
‫قانون ‪ 16:03‬التي جاء فيه ‪":‬يؤدي العدالن الشهادة للقاضي المكلف بالتوثيق‬
‫بتقديم وثيقتها اليه وفق المقتضيات المقررة في هذا القانون ‪ ،‬وفق النصوص‬
‫‪.‬التنظيمية المتعلقة بتطبيقه بقصد مراقبتها والخطاب عليها‬
‫لكن هذه الكيفية مراجحة عند جل الفقهاء "‪ :‬انه ال يجوز أن يخاطب على رسوم‬
‫الشهادات اال اذا كان األداء شافهة العدالن بمضمون الرسم ‪،‬وكان الرسم موقعا‬
‫‪.65‬عليه من قبله ‪،‬وال يجوز ان يرسل الرسم مع رسول أو عون‬

‫ثانيا ‪ :‬تعذر األداء‬


‫قد يتلقى العدلين الشهادة ويدرجان ملخصها بمذكرة الحفظ ويضعان عليها‬
‫عالمتيها ‪ ،‬وقد تظل حبيسة في مذكرة الحفظ فال تكتب في الرسم ؛وقد يحررنها‬
‫عدالن في وثيقة ؛ ويضعان عليها عالمتيها ويدفعنها للقاضي لمراقبتها والعمل‬
‫على تضمينها ‪،‬وقبل أن يؤديها الى القاضي _في كل األحوال أي سواء حررت أم‬
‫لم تحرر أصال ‪ ،‬يحصل لهما أو ألحدهما مانع يحول دون ذلك ن فيتعذر معه‬
‫القيام بأدائها على الوجه المطلوب وبالتالي ال يعمل بمقتضاه وال يحتكم اليها ‪،‬اال‬
‫‪.‬بعد اتمامها وكمالها‬
‫و اإلتمام هذه الشهادة وتكميليها ن فإنه ال مانع من أدائها لدى القاضي ؛وذلك‬
‫باعتماد الرفع على الخط وشكل العدلين ان كتبت الشهادة بخط يد أحدهما ؛أو‬
‫‪.‬الرفع على مجرد العالمة العدلية ‪،‬ان كانت مكتوبة بخط غير العدلين‬

‫‪ 64‬الحراق الوجيز ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص‪115‬‬


‫‪ 65‬عبدسالم العسري ‪،‬شهادة المشهود‪ ،‬م س ‪،‬ج‪، 2‬ص ‪690_689‬‬
‫‪35‬‬
‫ومعنى الرفع على الخط وشكل العدلين تعريف بهما تعريفا تاما ‪،‬بأن يشهد عدالن‬
‫اخران عرفان بهما معرفة تامة ‪،‬بأن الخط و العالقة الموضوعتين أسفل الشهادة‬
‫هما العدلين الميتين أو الغائبين او المعزولين‪...‬وتقدم وثيقة التعريف هذه للقاضي‬
‫األدائها والخطاب عليها لتصبح الشهادة بعد ذلك تامة وكاملة فيعمل بموجبها‬
‫ويحكم بمقتضاه ‪ ،‬وكأن العدلين المعرفين يؤديان هذه الشهادة نيابة عن العدلين‬
‫‪.‬المعرف بهما او العدل ل المعرف به‬
‫التعريف بالعدل يطلق ويراد به شخصيا و التعريف بخطة العدالة ‪،‬كما يعبر عن‬
‫ف‪d‬ذلك بالتعريف بالرسم أو التعريف بالشهادة ‪،‬اذا التعريف بالعدل هو التعريف‬
‫‪ .‬بالرسم‪ ‬و التعريف بالرسم هو التعريف بالعدل‬

‫ثانيا ‪ :‬المراقبة‬
‫أناط التقنين بالمغرب للقاضي المكلف بالتوثيق مراقبة إلزامه بها تتعلق بتصفح‬
‫الشهادات والوثائق العدلية وقراءتها وتأملها قبل الخطاب عليها ؛ وهي أهم مهمة‬
‫يتكلف بها هذا القاضي ؛ وقد تام النص عليها في المادة ‪ 35‬من قانون التوثيق‬
‫‪ 66‬العدلي‬
‫‪67‬والمادة ‪ 38‬من مرسوم تطبيقه‬
‫هذه األخيرة أوجبت على القاضي المكلف بالتوثيق أن يتأكد في كل وثيقة قدمت‬
‫اليه بقصد الخطاب عليها بأنها تامة األركان والشروط ومستوفية لجميع‬
‫‪.‬اإلجراءات لالزمة لها وأن يتيقن من خلوها من النقص وسالمتها من الخلل‬
‫ومعنى هذا ان القاضي المكلف بالتوثيق يتحمل كامل المسؤولية الى جانب العدلين‬
‫المحررين طبعا ‪ ،‬عن كل عيب أو خلل يقع في شهادة من الشهادات ‪،‬سواء تعلق‬
‫األمر بشكلها وصيغتها أو مضمونها وجوهرها مما يمكنه من االطالع عليه من‬
‫‪.‬خالل نص الرسم المقدم اليه والخطاب عليه‬

‫‪ 66‬تنص الفقرة األولى من قانون ‪ 16:03‬على مايلي ‪ ":‬يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد اتمام اإلجراءت الالزمة وتأكد من‬
‫خلوها من النقص وسالمتها من الخلل‬
‫‪67‬تنص المادة ‪ 38‬من المرسوم التطبيقي على مايلي ‪:‬يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادة المنجزة طبقا للقانون بمداد أسود غير قابل‬
‫للمحو بصيغة ‪ ":‬الحمد هلل أعلم بأدائها ومراقبتها ؛مع توقيعه مقرونا باسمه ووضع الطابع والتنصيص على تاريخ الخطاب وذلك في أجل ال يتعدى‬
‫‪ 6‬أيام من تاربخ التضمين‬
‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬حجية التوثيق العدلي‬
‫للتصرفات العقارية‬

‫‪37‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬الحجية المرتبطة بشكلية ورسمية‬
‫التوثيق العدلي‬

‫يختلف الرأي حول حجية التوثيق العدلي للتصرفات العقارية ‪ ,‬بين فقهاء القانون‬
‫من حيث مدى اعتبار عنصر الشكلية ركنا خامسا في وثائق التصرفات العقارية ‪,‬‬
‫‪ .‬وأيضا في النظر إلى طبيعة اكتساب الوثائق العدلية العقارية للصفة الرسمية‬

‫المطلب األول ‪ :‬إلزامية الكتابة في التصرفات العقارية‬

‫‪38‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬حجية الكتابة في التقنين الوضعي المغربي‬
‫إن نظام اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود يقوم على اعتبار الكتابة وسيلة‬
‫إثبات ذات قوة مطلقة تصلح إلثبات جميع الوقائع والتصرفات القانونية أيا كانت‬
‫قيمة الحق المراد إثباته ‪ ,‬خالفا للشهادة التي تعتبر طريقة ذات قوة محدودة ال‬
‫تصلح إلثبات التصرفات القانونية إذا زادت قيمتها عن عشرة آالف درهم إلى في‬
‫حاالت استثنائية معينة ‪ ,‬في حين يقوم نظام اإلثبات في الفقه اإلسالمي على‬
‫‪ . 68‬اعتبار شهادة الشهود أهم وسيلة إثبات‬
‫وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل ‪ 417‬من قانون االلتزامات والعقود‪ , 69‬فإن‬
‫األوراق التي تصلح أن تكون دليال كتابيا تنقسم إلى أوراق رسمية وأوراق‬
‫‪.‬عرفية‬
‫والمالحظ أن التقنين المغربي يسير حور فرض الرسمية في كل التصرفات‬
‫العقارية ‪ ,‬مع إعطاء حيز لكتابة األوراق العرفية من طرف بعض المهنيين ‪ ,‬وهم‬
‫‪ .‬حاليا المحامين المقبولين لدى المجلس األعلى‬
‫ولما كانت الورقة العرفية تثير عدة مشاكل من حيث كتابتها من غير المختصين ‪,‬‬
‫فقد بدأ المشرع يتجه إلى إسناد كتابتها في مجال التصرفات العقارية خاصة إلى‬
‫‪ .‬مهنيين مختصين يسمون بوكالء األعمال‬
‫والذى نراه في مسألة الوثائق العرفية العادية أنه ينبغي أن ال تنجز بها العقود‬
‫واإلقرارات التبرعية ألنها تتطلب اإلشهاد ‪ ,‬وكذلك ال ينبغي أن تنجز بها العقود‬
‫و اإلقرارت المتعلقة باألحوال الشخصية ‪ .‬أما فيما سوى ذلك فيمكن كتابة سائر‬
‫االتفاقات و اإلقرارات ولو في العقارات ‪ ,‬إذا ما ضبطت األمور بالحلول التي‬
‫‪ .‬سبق أن قدمت من طرف باحثين في مجال الوثائق العرفية‬
‫فقد اقترح الباحثون من أجل تنظيم هذه المسألة وذلك بطريقة تزيل االحتقان ‪ ,‬أنه‬
‫ينبغي حصر كتابة الوثائق العقارية المتعلقة بالتبرعات و األحوال الشخصية في‬
‫‪ :‬العدول وحدهم ‪ .‬وما سوى ذلك يمكن أن يكتب عرفيا مع مراعات ما يلي‬

‫‪68‬‬

‫‪69‬‬

‫‪39‬‬
‫كل وثيقة عرفية تكتب ال بد أن تعاين وتضفى عليها الصفة الرسمية من – ‪1‬‬
‫طرف العدول ‪ ,‬في العقارات المحفظة وغير المحفظة ‪ ,‬ومن طرف الموثقين في‬
‫‪ .‬العقارات المحفظة‬
‫يمكن إضفاء الرسمية قبل تسجيل العقد ماليا ‪ ,‬وفي هذه الحالة يتكلف العدل – ‪2‬‬
‫أو الموثق بإتمام اإلجراءات ‪ ,‬فإذا ما تم التسجيل يحرر عقد إضفاء الصبغة‬
‫‪ .‬الرسمية‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الكتابة كشكلية الزمة في التصرفات العقارية‬

‫عندما ينشأ التصرف القانوني فإما أن يوضع في شكل معين يفرضه القانون عادة‬
‫أو األطراف في بعض األحيان ‪ ,‬وغالبا ما يكون هذا الشكل هو الكتابة ‪ ,‬وهي‬
‫التي تعنينا هنا ‪ ,‬وإما أن يبقى التصرف على أصله من حيث عدم اشتراط شكل‬

‫‪ .‬معين إلنشائه‬

‫فإذا أنشئ هذا التصرف وفق شكلية الكتابة فهي تشترط فيه كركن في االنعقاد فال‬
‫يقبل التصرف إال بوجودها ؛ أو تشترط فيه من أجل اإلثبات ‪ ,‬فيمتنع إثبات‬
‫‪ .‬التصرف بوسيلة دون الكتابة ‪ ,‬إال في حاالت خاصة يحددها القانون‬
‫ونظرا الختالف المرجع في التصرفات العقارية بين القانون الوضعي والفقه‬
‫اإلسالمي ‪ ,‬فقد طرحت على القضاء قضايا جعلته يختلف بخصوصها بين من‬
‫‪ .‬يغلب طابع الشكلية ومن يغلب طابع الرضائية‬
‫‪ .‬أوال‪ :‬االتجاه الذي يقرر رضائية البيوع العقارية‬
‫ذهبت بعض القرارات القضائية إلى أن عقد البيع في العقارات غير المحفظة‬
‫ال تشترط فيه الكتابة ومن هذه القرارات ما تم االستناد فيه إلى أنه ال يمكن تأويل‬
‫الفصل ‪ 489‬من قانون االلتزامات والعقود بمعزل عن الفصل ‪ 488‬من نفس‬
‫‪40‬‬
‫القانون الذي يقرر رضائية عقد البيع ؛ كما يستفاد من الجمع بين الفصلين أن‬
‫عدم احترام المنصوص عليها في الفصل ‪ 489‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ال يؤدي حتما إلى‬
‫بطالن عقد البيع ‪ ,‬ومما جاء في قرار يسير في هذا االتجاه ‪ " :‬المحكمة عندما‬
‫اشترطت أن يكون البيع محررا في وثيقة رسمية تكون قد خرقت صراحة‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 488‬من ظهير العقود و االلتزامات التي تنص على أن البيع‬
‫يتم بمجرد توافق إرادة الطرفين ‪ ,‬أحدهما بالبيع واالخر بالشراء وعلى المبيع‬
‫والثمن وشروط العقد األخرى كما أنه ال يترتب عن مخالفة الفصل ‪ 489‬من‬
‫الظهير الشريف المذكور إبطال البيع بين البائع والمشترك وإنما يترتب عنه عدم‬
‫مواجهة الغير األجنبي عن العقد بالبيع و الذي يمكنه وحده التمسك بمقتضيات‬
‫الفصل المذكور وبعدم االحتجاج عليه بالبيع المبرم بين المتعاقدين إذا لم يرد البيع‬
‫محرر ثابت التاريخ وبذلك بكون القرار المطعون فيه قد أساء فهم النصوص‬
‫‪ .‬األنفة الذكر وتطبيقها تطبيقا غير صائب‬
‫واعتبرت بعض القرارات أن تحرير البيع ليس شرطا لصنعه بل إنه يدخل ضمن‬
‫اثار عقد البيع بعد قيامه ويصبح إحدى التزامات البائع بضمان نقل المبيع و‬
‫باتخاذ اإلجراءات القانونية الضرورية لذلك وباألخص التقييد في الرسم العقاري‬
‫‪ .‬من أجل اإلشهار‬

‫فمما جاء في حيثيات إحدى القرارات ‪ :‬و حيث أن امتناع البائع من اتخاذ‬
‫اإلجراءات الضرورية لتقييد البيع في الرسم العقاري يكون إخالال بااللتزام‬
‫بضمان نقل الحق المبيع ويوجب على المحاكم أن تجبر البائع على القيام بما يلزم‬
‫به سواء على إثر دعوى اصلية قام بها المشتري أو على إثر طلب أدخال البائع‬
‫‪.‬في دعوى بصفته ضامنا في نطاق الفصل ‪ 117‬من ظهير المسطرة المدنية‬
‫‪ .‬ثانيا‪ :‬االتجاه الذي يقرر شكلية البيوع العقارية‬
‫ذهبت بعض القرارات الصادرة عن المجلس األعلى سابقا إلى القول بشكلية عقد‬
‫البيع العقاري ‪ ،‬معتمدة على عبارات الفصل ‪ 489‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫التي تتطلب لصحة عقد البيع شكليات خاصة ؛ " أن يجري البيع كتابة ‪ ,‬وثبوت‬

‫‪41‬‬
‫التاريخ في محرر ثابت التاريخ ‪ ".‬والتسجيل ‪ " :‬إال غذا سجل في الشكل المحدد‬
‫" ‪ ..‬بمقتضى القانون‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فإن هذه االجتهادات القضائية ارتكزت فيما ذهبت إليه على‬
‫‪ .‬بعض مقتضيات قانون التحفيظ العقاري خاصة الفصلين ‪ 66‬و ‪ 67‬منه‬
‫‪.‬ويستفاد من تلك القرارات أنها أجمعت على تطلب الشكلية في العقارات المحفظة‬
‫وهكذا جاء في إحدى القرارات ؛ " إن قواعد الفقه اإلسالمي ال تطبق على‬
‫"‪ .‬العقارات المحفظة إال في حالة عدم وجود نص في قانون االلتزامات والعقود‬
‫ولذلك استبعدت هذه القرارات مجال اإلثبات لإلقرار ولو كان قضائيا ؛ومما جاء‬
‫في ذلك " المحكمة لما اعتمدت بمجرد إقرار قضائي أمام المحكمة الجنحية‬
‫إلثبات بيع عقار محفظ تكون قد خرقت الفصل ‪ 489‬من قانون االلتزامات‬
‫" ‪ .‬والعقود وعرضت قرارها للنقض‬
‫كما لم تعترف بعقد بيع رضائي توصل فيه البائع بالثمن‪ ،‬جاء في قرار حديث‬
‫منها ‪ " :‬ال يكون بيع العقار منجزا إال إذا أبرم كتابة وبمحرر ثابت التاريخ وإن‬
‫توصل مالك العقار بمبلغ مالي من مدعي الشراء ال يخول هذا األخير سوى‬
‫"‪ .‬استرجاع ما سبق له دفعة ‪ ،‬إللزام المالك بإتمام البيع قضاء‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬رسمية التوثيق العدلي‬


‫‪.‬في التصرفات العقارية‬

‫‪42‬‬
‫لقد عرف الفصل ‪ 418‬من قانون االلتزامات والعقود الورقة الرسمية حيث حاء‬
‫فيه ‪ " :‬الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية‬
‫‪ .‬التوثيق في مكان تحرير العقد ‪ ،‬وذلك في الشكل الذي يحدده القانون‬
‫وحتى تكون الورقة رسمية ينبغي أن تجتمع فيها مجموعة من الشروط ‪ ،‬وهي أن‬
‫تكون صادرة من موظف عمومي وأن يكون لهذا الموظف صالحية التوثيق ‪،‬‬
‫بحيث يكون مختص نوعيا ومكانيا بخصوص الورقة التي حررها ن وأن تكون‬
‫الورقة في الشكل الذي يحدده القانون فإذا تخلف أي شرط من هذه الشروط ‪،‬‬
‫أدى ذلك إلى بطالن الورقة على صفتها الرسمية وإذا ما اجتمعت الشروط‬
‫واعتبرت الورقة رسمية فإنها تكون حجة قاطعة حتى على الغير فقد جاء في‬
‫الفصل ‪ 419‬من قانون االلتزامات والعقود ما يلي ‪" :‬الورقة الرسمية حجة‬
‫قاطعة حتى على الغير في الوقائع واالتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي‬
‫" ‪.‬حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور‬
‫وفي التصرفات العقارية فقد اتجه المشرع المغربي نحو فرض الرسمية في بعض‬
‫التصرفات العقارية وخاصة منها التبرعات ‪ ،‬إال أن ذلك شوش عليه وأنه جعل‬
‫الموثقين والعدول ولو في مجال العقارات الغير المحفظة ‪ ،‬كما أن مجال‬
‫الرسمية آخذ في التراجع بحكم تخويل بعض المهنيين كتابة التصرفات العقارية‬
‫‪ .‬بطريقة عرفية‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مجاالت التوثيق الرسمي في التشريع المغربي‬


‫في المغرب ينعقد االختصاص في تحرير الوثائق الرسمية للعدول و الموثقين ‪,‬‬
‫غير أن بعض الوثائق الرسمية ينحصر فيها االختصاص مبدئيا في العدول‬
‫وحدهم ‪ ,‬وهي بحكم المقتضيات التشريعية الجديدة ‪ ,‬أصبحت منحصرة في‬
‫الوثائق المذكورة بمدونة األسرة و بمدونة األوقاف ‪ 70‬إلى ما تم استثنائه صراحة‬
‫‪.‬بنصوص هاتين المدونتين‬

‫‪70‬‬
‫‪ :.....‬جاء في المادة ‪ 24‬من مدونة األوقاف ما يلي ‪ :‬يشترط لصحة الوقف شرطان‬
‫‪43‬‬
‫كما أن بعض التصرفات تقتصر كتابتها على الموثقين ‪ ,‬ومن بينها كتابة عقود‬
‫السكن االجتماعي ‪ .‬أما مدونة الحقوق العينية فقد وردت فيها بعض النصوص‬
‫التي تشترط الرسمية ولم يرد فيها ما يحضر تلقي بعض التصرفات في اإلشهاد‬
‫‪ .‬العدلي ‪ ,‬ولو تعلق األمر بالعقارات غير المحفظة‬
‫بل إن الوثيقة الرسمية سواء أنجزت عند العدول أو الموثقين ‪ ,‬آخذة في‬
‫االنحصار بفعل الموقف الوسط الذي اتخذه المشرع المغربي الذي يرمي من‬
‫خالله إلى حصر التوثيق العرفي في دائرة ضيقة ‪ ,‬ذلك أن الشكوى من العقود‬
‫العرفية التي يكتبها األطراف بأنفسهم أو يسندون كتابتها إلى الكتاب العموميين ‪,‬‬
‫جعلت المشرع يسند كتابة التصرفات في مجال الحقوق العينية إلى العدول‬
‫والموثقين والمحامين المقبولون لدى محكمة النقض ‪ ,‬وعليه فاألصل أن مدونة‬
‫‪ .‬الحقوق العينية ال تشترط الرسمية في كتابة التصرفات العقارية‬
‫كما اشترطت مدونة الحقوق العينية الرسمية في بعض التصرفات دون أن تقرن‬
‫‪ .‬ذلك بالبطالن إذا ما تخلفت هذه الرسمية‬

‫ثانيا ‪ :‬بداية تحقق الرسمية في الوثائق العدلية‬

‫تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 35‬من قانون ‪ 16.03‬على ما يلي " ‪ ...‬ال تكون‬
‫الوثيقة تامة إال إذا كانت مذيلة بالخطاب ‪ ,‬وتعتبر حينه وثيقة رسمية "‪ .‬ويستفاد‬
‫منها أن الوثيقة العدلية ال تحتسب رسمية إال بعد الخطاب عليها ؛ وهذا الخطاب‬
‫‪ .‬يعتبر بنص المادة السابقة عنصر تام في الوثيقة ال عنصر صحة فيها‬
‫ومعنى ذلك أن تاريخ الخطاب يكشف عن مضمون الوثيقة ‪ ,‬ومنه التاريخ الذي‬
‫سبقه وهو تاريخ التلقي ‪ .‬غير أن ذلك أثار إشكاال من حيث تعدد التواريخ التي‬
‫تتضمنها الوثيقة العدلية وأيهم يجب العمل به ‪ .‬ويرتبط بهذا اإلشكال إشكال آخر‬
‫‪ .‬يرتبط بمدى امكانية االستغناء عن الخطاب في جميع أنواع الشهادات‬

‫‪44‬‬
‫أ ‪ -‬التاريخ المعتد به في الوثيقة العدلية‬
‫ذهب المشرع المغربي إلى وجوب تأريخ الوثيقة بذكر اليوم والشهر و السنة‬
‫بالنسبة لجميع مراحل الوثيقة ‪ ,‬وكذا بإضافة ذكر الساعة بالنسبة لمرحلة التلقي‬
‫خصوصا ‪ ,‬لكنه سكت عن ترتيب جزاء البطالن على الوثيقة التي لم تؤرخ ‪,‬‬
‫‪ .‬ومعنى ذلك أنه يفترض أنه تأثر ولو بصفة نسبية حسب اختالف الفقهاء‬
‫غير أن موقف قضائي للمجلس األعلى سابقا ميز بين حالتين ‪ :‬تتعلق األولى‬
‫منهما بأثر التاريخ في مواجهة أطراف الوثيقة العدلية ‪ ,‬إذ أن تاريخ الذي يتوجب‬
‫االعتداد به في هذه الحالة هو تاريخ تلقي اإلشهاد‪ . 71‬وتتعلق الحالة الثانية‬
‫باالحتجاج بتاريخ الوثيقة في مواجهة الغير ‪ ,‬فإن التاريخ الذي يتوجب األخذ به‬
‫‪ .72‬هو تاريخ تضمين الوثيقة العدلية بسجالت المحكمة‬
‫ب – مدى إمكانية حيازة الرسمية بدون الخطاب على الشهادات العدلية‬
‫يوجد رأي يطالب بأن تحوز الوثيقة العدلية صفتها الرسمية منذ تاريخ التلقي‬
‫بدون أن يدعو إلى إلغاء الخطاب صراحة ‪ ,‬وقد ارتكز على ازدواجية التعامل مع‬
‫الشهادة العدلية ‪ ,‬ألنها قد تعتبر محررا رسميا بمجرد تلقي اإلشهاد كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للمتابعات الجنائية حيث تعتمد النيابة العامة عند تحريك المتابعة على‬
‫‪ .‬تاريخ التلقي وال تستند على تاريخ الخطاب على الوثيقة‬
‫كما أن اإلشهاد على التفويتات بمذكرة الحفظ ال يعرف إن كان ينتج آثاره القانونية‬
‫بمجرد تلقي اإلشهاد عليه أم بعد استكمال باقي اإلجراءات التي تعطي الوثيقة‬
‫الصبغة الرسمية‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن رقابة قاضي التوثيق على الوثيقة العدلية‬
‫ال تمسه عند المتابعة ألنها ليست سوى مرحلة إجرائية شكلية والعدول هم من‬
‫‪ .‬يتحملون كل المسؤولية قبل الخطاب وبعده‬

‫‪7171‬‬
‫قرر المجلس األعلي سابقا قاعدة مفادها أن سريان أمد التقادم بالنسبة لبطالن عقد البيع الذي تم بين الطرفين يبدأ ال من تاريخ‬
‫تدوين المحرر العدلي بسجالت المحكمة‪ ,‬بل من تاريخ اإلشهاد‬
‫أنظر القرار عدد ‪527‬‬
‫‪72‬‬
‫القرار عدد ‪ 54‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬دجنبر ‪ , 1958‬منشور بمجلة القضاء والقانون العدد ‪ 21‬سنة ‪ , 1959‬ص ‪833‬‬
‫‪45‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الحجية من حيث ثبوت التوثيق العدلي‬

‫من المعلوم أن الشهادة والكتابة يعتبران من ضمن وسائل اإلثبات في الوثيقة‬


‫‪ .‬العدلية ‪ ,‬فهي تعتبر وسيلة ثبوتية‬
‫غير أن األمر ال يكون كذلك إال عندما يكون الثبوت تاما وخاليا من الموانع‬
‫‪ .‬والعوارض‬
‫‪ :‬وتبعا لذلك سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين‬
‫المطلب األول ‪ :‬الطبيعة الثبوتية للوثيقة العدلية وموانعها‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬عوارض ثبوت الوثيقة العدلية‬

‫المطلب األول ‪ :‬الطبيعة الثبوتية للوثيقة العدلية وموانعها‬

‫إذا ما تم الخطاب على الشهادة العدلية ‪ ,‬فإنها تصبح بحسب األصل شهادة‬
‫تامة ‪ ,‬ولهذا الثبوت طبيعة خاصة تجعله يختلف عما يشتبه به من أنظمة‬
‫شريطة خلوه من الموانع التي تجعله غير عامل ‪ ,‬وقد يخلو من هذه الموانع‬
‫‪ .‬فتكون الشهادة تامة‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬طبيعة الثبوت في الوثائق العدلية‬

‫‪46‬‬
‫ال تكون الوثيقة أو الشهادة العدلية تامة من الناحية الفقهية والقانونية إال بعد‬
‫أدائها لدى القاضي والخطاب عليها من طرفه ‪ ,‬وبهذا التمام تعتبر الوثيقة‬
‫ثابتة ‪ ,‬وهذا الثبوت يجعلها صالحة لإلثبات بها أمام قضاء الموضوع الذي‬
‫‪ .‬قد يحكم بموجبها إذا كانت صحيحة‬

‫أوال ‪ :‬الفرق بين الثبوت والحكم‬

‫إن تحديد معنى اإلثبات ومفهومه في مجال القانون ال يتأتى إلى معنى كلمة‬
‫إثبات في معجم اللغة العربية ‪ ,‬وهو تأكيد الحق بالدليل ‪ ,‬فيقال أثبت حجته‬
‫أي أقامها وأوضحها ‪ .‬أما في اصطالح فقهاء القانون فإن االثبات هو إقامة‬
‫الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون ‪ ,‬فاإلثبات وفقا لهذا‬
‫التعريف ؛ هو الوسيلة الوحيدة التي يعتد بها القانون لتأكيد وجود الواقعة‬
‫‪ .‬محل النزاع أو عدم وجودها‬
‫ولهذا نجد أن جل فقهاء المذهب المالكي والمذهب الشافعي يذهبون إلى أن‬
‫ثبوت الحجة لدى القاضي وقيام البينة ليس حكما ‪ ,‬وذلك لعدة أسباب ؛ منها‬
‫أن ثبوت الحجة عند القاضي ال يعني أكثر من قيام البينة لديه وتقديم الدليل‬
‫المقبول أمام القضاء ‪ ,‬فليس في الثبوت شيء من الجبر واإللزام ‪ ,‬بينما‬
‫‪ .‬الحكم يتأسس على عنصر اإللزام الذي يقتضي التنفيذ‬
‫كما أن الثبوت ال يحتاج في بعض الحاالت إلى حكم القاضي وال إلى‬
‫التصريح به من طرفه ‪ ,‬كما أن الحكم نفسه قد يوجد بغير ثبوت ؛ كما في‬
‫‪ .‬الحاالت التي يجتهد فيها القاضي بدون حجة ثابتة لديه‬
‫وتأسيسا على ذلك فإن الرسوم العدلية التي يشهد فيها القضاة بثبوتها أو‬
‫صحتها أو استقاللها ال ترقى إلى درجة األحكام الصادرة عنهم ‪ ,‬فهي وإن‬
‫كانت وثائق قضائية وعمل القضاة فيها عمل قضائي ‪ ,‬إال أنها مع ذلك يبقى‬
‫‪ .‬نطاقها محصورا في مجال اإلثبات والثبوت ولس فيها شيء من الحكم‬

‫ثانيا ‪ :‬القوة التنفيذية للوثيقة العدلية‬

‫‪47‬‬
‫بالبناء على ما ذهب إليه فقهاء المالكية من أن الثبوت يختلف عن الحكم ‪,‬‬
‫فإن الحكم يعد قابال للتنفيذ بمقتضاه ‪ ,‬بينما ال تشكل الوثيقة العدلية الثابتة‬
‫‪ .‬سندا يخول لصاحبه التنفيذ بمجرد وجوده دونما حاجة إلى اقترانه بحكم‬

‫غير أن هذه القاعدة قد تعرف بعض االستثناءات التي تجعل من موقف‬


‫المشرع المغربي موقفا وسطا بين من يرى للوثيقة الرسمية حجية تنفيذية‬
‫‪ .‬مطلقة وبين من ال يرى لها تلك الحجية مطلقا‬

‫ولذلك فإن تعامل قضاء الموضوع مع الوثيقة العدلية الثابتة يرجع إلى مدى‬
‫تمتعها بالقوة التنفيذية ‪ .‬فما مدى اعتبار الوثيقة العدلية ضمن السندات‬
‫التنفيذية ؟‬

‫ال تسعنا النصوص القانونية في التشريع المغربي باإلشارة إلى أي مقتضى‬


‫يجعل من الوثيقة الرسمية سندا تنفيذيا بحيث ينفذ به األطراف مباشرة‬
‫‪ .‬دونما حاجة إلى مقرر قضائي‬

‫فبالرجوع إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية ‪ ,‬نجد أن المشرع لم‬


‫يتعرض للتنفيذ الجبري بواسطة محررات الموثقين أو العدول ‪ ,‬لذا فإن‬
‫أصحاب هذه المحررات عليهم اللجوء إلى القضاء ومراجعته الستصدار‬
‫‪ .‬األحكام من أجل التنفيذ‬

‫وبالرغم من ذلك ‪ ,‬فإن الوثائق الرسمية لها أهمية في التنفيذ المعجل ‪ ,‬ذلك‬
‫أن الفصل ‪ 147‬من قانون المسطرة المدنية ينص في فقرته األولى على ما‬
‫يلي " يجب أن يؤمر بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف دون‬
‫كفالة إذا كان هناك سند رسمي أو تعهد معترف به ‪ ,‬أو حكم سابق غير‬
‫‪ ".‬مستأنف‬
‫‪48‬‬
‫ويرجع ما ذهب إليه المشرع المغربي إلى أن المحررات الرسمية لها قوة‬
‫في الثبوت و اإلثبات ‪ ,‬وليست لها قوة في التنفيذ ‪ ,‬فهذه القوة التنفيذية ال‬
‫‪ .‬تتمتع بها من حيث األصل إال األحكام القضائية‬

‫ففي مجال التصرفات العقارية مثال فإنه إذا صدر حكم نهائي يقضي‬
‫باستحقاق شخص لعقار أو لحق عيني واقع عليه فإن هذا الشخص يعتبر‬
‫مكتسبا لذلك العقار أو الحق ‪ .‬ويمكنه أن يتصرف فيه ‪ ,‬كما يمكن أن يطلب‬

‫تحفيظه إن كان غير محفظ ‪ ,‬ويستند في ذلك إلى الحكم النهائي الذي يغني‬
‫‪ .‬عن كل ما يثبت حقه في كل ما حكم له به‬
‫ولما كانت القاعدة تقضي بأن الحكم يعتبر معلنا للحق الذي هو موضوع‬
‫الدعوى ‪ ,‬ال منشأ لذلك الحق ‪ ,‬فإن هذا يعني أن من حكم له بشيء يعتبر‬
‫مالكا لذلك الشيء منذ وقوع السبب الذي اعتمد عليه المحكوم له عند‬
‫‪.73‬المطالبة به ‪ ,‬وأن الحكم إنما أعلن هذه الملكية ولم تنشأ بسببه‬

‫وهذا يعني من جهة أن السبب الذي يستند إليه الحكم هو الذي يفيد الثبوت ‪,‬‬
‫‪ .‬فهذا الثبوت ال تتوفر له القوة التنفيذية‬

‫ويعني من جهة أخرى أن الحكم القضائي النهائي الصادر في موضوع‬


‫الملكية العقارية مثال ال يعد سببا للملك ‪ ,‬بل هو قرينة قاطعة على الملك ال‬
‫‪ .74‬يجوز دحضها بالدليل المعاكس‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬موانع ثبوت الشهادة‬

‫انظر ابن معجوز ‪ ,‬الحقوق العينية ‪ ,‬م‪.‬س ‪ ,‬ص ‪346‬‬


‫‪73‬‬

‫‪7474‬‬
‫ينص الفصل ‪ 453‬من ق‪,‬ل‪,‬ع على ما يلي ‪ ":‬القرينة القانونية تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات وال يقبل أي إثبات‬
‫‪ ".‬يخالف القاعدة القانونية‬
‫‪49‬‬
‫قد تكون الشهادة العدلية تامة األركان من حيث تلقيها ‪ ,‬إال أنه يرد عليها‬
‫بعد ذلك مانع ال يفسدها في ذاتها ‪ ,‬ولكنه يجعلها غير عاملة ‪ ,‬وغالبا ما‬
‫‪ .‬يتجلى هذا المنع في عدم الخطاب على الشهادة‬

‫وقد يكون عدم الخطاب راجعا إلى امتناع القاضي عنه إما عن حق وإما‬
‫عن غلط أو عن شطط ‪ ,‬مما قد يرتب عليه أثر يتجلى في إمكانية الطعن‬
‫‪ .‬في القرار القاضي بعدم الخطاب‬

‫وقد يرجع عدم الخطاب على الشهادة لسبب آخر غير االمتناع ‪ ,‬مثل عدم‬
‫االدالء بها أصال للخطاب لكونها ظلت معلقة لسبب من األسباب بمذكرة‬
‫الحفظ أو بمصلحة التسجيل المالي ؛ مما يرتب أثرا يتجلى في امكانية‬

‫استعمال الورقة العدلية غير المخاطب عليها بصفة أخرى غير صفتها‬
‫‪ .‬الرسمية‬

‫أوال ‪ :‬األثر المترتب عن االمتناع عن الخطاب‬

‫إذا امتنع القاضي من الخطاب على شهادة من الشهادات لعدم اقتناعه‬


‫بجدواها ‪ ,‬فإنه على القول بكونه يمارس عمال قضائيا ال تستطيع اإلدارة‬
‫التدخل في اقتناع اقاضي عمال بمبدأ استقالل القضاء ‪ ,‬وعلى القول بكونه‬
‫يمارس إداريا أو والئيا فإن اإلدارة تستطيع التدخل للخطاب على الرسوم‬
‫التي لم يقتنع القاضي للخطاب عليها ‪ ,‬وذلك على الرغم من أن قاضي‬
‫التوثيق يثبت وال يحكم ‪ ,‬ألن فعل الثبوت وعمل الخطاب على الرسوم‬
‫‪ .75‬العدلية هما أمران راجعان للقاضي بصفته قاضيا‬

‫‪75‬‬
‫الحراق ‪ ,‬التوثيق ‪ ,‬م‪.‬س ‪ ,‬ج‪ , 1‬ص ‪188‬‬
‫‪50‬‬
‫والذي يجري عليه العمل في النوازل القليلة التي عرضت على المحاكم في‬
‫هذه المسألة هو االنطالق من كون الخطاب عمال إداريا ‪ ,‬وأن االمتناع منه‬
‫يتيح لألطراف التوجه إلى المحكمة اإلدارية ‪ ,‬ففي إحدى النوازل رفض‬
‫القاضي المخاطبة على عقود أشرية عقارات أبرمها موروث المدعي مع‬
‫إخوته وأعمامه ‪ ,‬فلجأ الورثة إلى مسطرة التظلم اإلداري و إقامة دعوى‬
‫اإللغاء بسبب تجاوز السلطة ‪ ,‬فاعتبرت المحكمة اإلدارية بمكناس ‪ 76‬أن‬
‫امتناع قاضي التوثيق من الخطاب على الرسوم يعتبر قرارا إداريا قابال‬
‫للطعن باإللغاء ‪ ,‬وأن التوثيق يمارس تحت إشراف وزير العدل وقضاة‬
‫التوثيق التابعين للمحاكم االبتدائية ‪ ....‬وأن اإلدالء بالشهادة اإلدارية من‬
‫السلطة المحلية بكون العقار المشهود عليه جماعيا إجراء ضروري قبل‬
‫تلقي الشهادة من طرف العدلين عمال بظهير‪ 7/7 1914‬في بابه الثاني‬
‫والفصل ‪ 18‬من المرسوم المذكور ‪ ,‬وأن عدم احترام هذا اإلجراء يعطي‬
‫الحق لقاضي التوثيق في االمتناع عن الخطاب مما يجعل قراره سليما‬
‫والطعن فيه غير مرتكز على أساس " ‪ .‬وقد أيدت الغرفة اإلدارية بالمجلس‬
‫األعلى الحكم المستأنف ‪ 77‬بقولها أن " االخالل بمثل هذا اإلجراء يخول‬
‫‪ ".‬قاضي التوثيق االمتناع من الخطاب على الرسوم‬

‫ثانيا ‪ :‬مصير الشهادة العدلية المعلقة‬

‫الشهادة المعلقة هي الشهادة التي تبقى لسبب من األسباب حبيسة مذكرة‬


‫الحفظ أو مصلحة التسجيل المالي ‪ ,‬دون أن تصل إلى قاضي التوثيق‬
‫ليخاطب عليها ‪ ,‬أو هي التي وصلت إلى القاضي لكنه امتنع عن الخطاب‬
‫‪ .‬عليها‬

‫ولم يرد أي نص صريح يبين مصير الشهادة العدلية المعلقة ‪ ,‬لكن يمكن أن‬
‫نستنبط ذلك من الفصل ‪ 423‬من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص‬
‫على أن " الورقة التي ال تصلح لتكون رسمية ‪ ,‬بسبب عدم اختصاص أو‬
‫عدم أهلية الموظف ‪ ,‬أو بسبب عيب في الشكل ‪ ,‬تصلح العتبارها محررا‬

‫‪76‬‬
‫حكم رقم ‪ 79\96\3‬بتاريخ ‪19 12 1996‬‬
‫‪77‬‬
‫قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد ‪ 1295‬بتاريخ ‪21 \ 10 \ 1999‬‬
‫‪51‬‬
‫عرفيا إذا كان موقعا عليها من طرف األطراف الذين يلزم رضاهم لصحة‬
‫الورقة"‪ .‬ويمكن أن نستأنس بالمادة ‪ 49‬من قانون التوثيق الذي يؤكد نفس‬
‫‪ .‬مت نص عليه الفصل ‪ 423‬من قانون االلتزامات والعقود‬

‫وقد ذهب القضاء المغربي إلى تأكيد هذا االتجاه الذي يقضي بتحول الورقة‬
‫الرسمية المعيبة إلى ورقة عرفية في بعض القرارات الصادرة عنه ‪ ,‬ومن‬
‫بينها قرار المجلس األعلى سابقا الذي قرر قاعدة مفادها أن الرسم العدلي‬
‫الذي يفتقد شكلياته القانونية ‪ ,‬يفقد صفة الورقة الرسمية ‪ ,‬بل وال يعتبر‬
‫‪ .‬محررا عرفيا لإلثبات إذا لم يكن موقعا عليه‬

‫إال أن هذا االتجاه الذي يقضي بتحول الورقة الرسمية إال ورقة عرفية طبقا‬
‫لنظرية تحول التصرف مشروط بأن تكون الورقة موقعة من األطراف ‪,‬‬
‫وبأن ال تختل أركان العقد العدلي بحيث يبطل بالمرة ‪ ,‬إال أن يكون به من‬
‫الشروط ما يصح به التزام آخر جرت عليه القواعد المقررة لهذا االلتزام‬
‫األخير ‪ ,‬حسبما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 309‬من قانون االلتزامات‬
‫‪ .‬والعقود‬

‫كما يشترط في ميدان التصرفات العقارية أن ال يكون العقد مما ال يصلح‬


‫‪ .‬النعقاده أو إثباته إال الرسمية‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬عوارض ثبوت الشهادة‬

‫بعكس المانع الذي ال يفسد الشهادة العدلية في ذاتها وإنما يعطلها عن العمل‬
‫مطلقا أو نسبيا ‪ ,‬أو يجعلها تعمل باعتبار آخر غير كونها شهادة رسمية ‪,‬‬
‫فإن العارض ال يتم اكتشافه في العادة إال بعد صيرورة الوثيقة تامة ‪,‬‬
‫فيفسدها ويجعلها في حكم العدم ‪ .‬وعوارض الشهادة هي البطالن والرجوع‬
‫‪ .‬عن الشهادة‬

‫‪52‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬بطالن الشهادة‬

‫سنحاول جمع هذه األسباب في البطالن بسبب تجريح الشهود و البطالن‬


‫بسبب التناقض في الشهادة‬

‫أوال ‪ :‬البطالن بسبب تجريح الشهود‬

‫لقد نص الفصل ‪ 79‬من قانون المسطرة المدنية في فقرته الثانية على أنه‬
‫"يمكن تجريح الشهود لعدم أهليتهم ألداء الشهادة أو للقرابة القريبة أو ألي‬
‫‪ ".‬سبب خطير آخر‬

‫وبذلك يتبين أن أسباب التجريح متعددة وأنها ترتد إلى كل ما يشكل تهمة‬
‫للشاهد تمنع من قبول شهادته ‪ .‬ولذلك سنركز سنركز على أهم سبب‬
‫‪ .‬للتجريح وهو القرابة‬

‫لقد كان من مضى من السلف الصالح يجيزون شهادة الوالد و األخ ألخيه ‪,‬‬
‫ويتأولون في ذلك لقول هللا تعالى في سورة النساء ‪ ,‬فلم يكن أحد يتهم في‬
‫ذلك ن السلف الصالح ‪ ,‬ثم ظهرت من الناس أمور حملت الوالة على‬
‫اتهامهم ‪ ,‬فتركت شهادة من يتهم ‪ ,‬وصار في ذلك ال يجوز في الولد و‬
‫الوالد و األخ و الزوجة ز المرأة ‪ ,‬وعليه أصبح الراجح في شهادة الوالد‬
‫لولده أو العكس أنها ال تقبل ‪ ,‬وذلك ألن القرابة القريبة إذا ما نظر فيها إلى‬
‫‪ .‬المآل فهي غالبا ما تجر نفعا للشاهد أو تدفع عنه ضررا‬

‫أما شهادة الشاهد ألخيه ‪ ,‬فقد ذهب فقهاء المالكية إلى عدم قبولها إال إذا‬
‫‪ .‬كان الشاهد عدال مبرزا وكانت التهمة ضعيفة على القول المشهور‬

‫وقد ذهب المشرع المغربي إلى رد شهادة القريب لقريبه وفق التفصيل‬
‫الذي سطره في الفصل ‪ 75‬من قانون المسطرة المدنية حيث نص على أنه‬
‫" ال تقبل شهادة من كانت بينهم وبين األطراف أو أزواجهم رابطة مباشرة‬
‫‪53‬‬
‫من قرابة أو مصاهرة من األصول أو الفروع أو الحواشي إلى الدرجة‬
‫‪ ".‬الثالثة ‪ ,‬بإدخال الغاية عدا إذا قرر القانون خالف ذلك‬

‫ثانيا ‪ :‬البطالن بسبب التناقض في الشهادة‬

‫قد تكون الشهادة مستوفية لموجبات القبول ‪ ,‬من حيث عدالة شهودها ‪,‬‬
‫وسالمة كيفية تحملها وطريقة أدائها ‪ ,‬وخالية من موانع القبول بانتقاء‬
‫الفسق والتهمة عن شهودها ‪ .‬لكن مع ذلك قد يتسرب الخلل لمحتوى‬
‫الشهادة ‪ ,‬فتكون غير كاملة ‪ ,‬وقد يحصل ذلك بسبب التعارض بين الشهادة‬
‫المدلى بها وشهادة أخرى ‪ ,‬كما يحصل ذلك بسبب عدم مطابقة الشهادة‬
‫لمقال المشهود له ‪ ,‬وتغيير الشهود لشهادتهم بالنقصان منها أو الزيادة‬
‫فيها ‪ ,‬وهو ما يرتب عليه التناقض في الشهادة‬
‫ولقد منح للخصم حق إعالن وتقديم ما يظهر له من الخلل في الشهادة التي‬
‫يحتج بها عليه ‪ ,‬وكشف ما بها من العيوب ‪ ,‬فيعذر له القاضي بأن يسأله‬
‫‪ .‬إن كان له ما يسقط الشهادة المحتج بها عليه‬

‫وقد يكون التناقض كليا كما قد يكون جزئيا‬

‫التناقض الجزئي‬

‫إذا حصل تناقض جزئي بين مقال المشهود له وما صرح به الشهود ‪ ,‬فقد‬
‫يكون ذلك في صورة موافقة الشهادة لبعض مقال المشهود له ‪ ,‬فتكون‬
‫الشهادة ناقصة عن المقال ‪ ,‬وقد يبطل جزء من الشهادة بعد أن كان‬
‫صحيحا ‪ ,‬أو في صورة موافقة المقال لبعض الشهادة فتكون الشهادة فيها‬
‫زيادة عن المقال ‪ ,‬أو يأتي في صورة تردد الشهود في الشهادة فينقصون‬
‫‪ .78‬منها ويزيدون فيها‬
‫التناقض الكلي‬

‫‪78‬‬
‫العسري ‪ ,‬شهادة الشهود ‪ ,‬م‪.‬س ‪2\490‬‬
‫‪54‬‬
‫يحصل التناقض الكلي بين مقال المشهود له وما صرح به الشهود إما‬
‫بالمخالفة التامة بين المقال و الشهادة ‪ ,‬فيكون ما شهد به الشهود شيئا آخر‬
‫غير ما ادعاه المدعي ‪ ,‬وإما باختالف الشهود مع بعضهم ‪ ,‬وإما بواسطة‬
‫إدالء المشهود له بشهادتين منفصلتين قد تتمم إحداهما األخرى في حاالت‬
‫خاصة ضمن ما يعرف بالتلفيق بين الشهادتين للحصول على الشهادة‬
‫‪ .‬الكاملة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الرجوع عن الشهادة‬

‫يعد الرجوع عن الشهادة من موانع قبولها والحكم بمقتضاها ‪ ,‬ومع ذلك فإن‬
‫الرجوع عن الشهادة قد يكون له دوافع مشروعة هدفها إصالح األضرار‬
‫التي قد تترتب عن الشهادة المتراجع فيها‬
‫أوال ‪ :‬أساس الرجوع عن الشهادة‬

‫عرف ابن عرفة الرجوع عن الشهادة بأنه ‪ " :‬انتقال الشاهد بعد أداء‬
‫‪ ".‬شهادته بأمر إلى عدم الجزم به دون نقيضه‬

‫وذكر الحنفية أن معنى الرجوع عن الشهادة هو أن ينفي الشاهد ما أثبته في‬


‫شهادته أوال كأن يقول ‪ :‬كنت مبطال فيما شهدت به ‪ ,‬أو شهدت بزور ‪ ,‬أو‬
‫‪ .‬كذبت فيما شهدت به ‪ ,‬أو يقول رجعت عن شهادتي ونحو ذلك‬

‫وحتى المالكية فقد ورد عنهم في تأصليهم ألحكام الرجوع أنه يشمل‬
‫الصور التي ذكرها الحنفية ‪ ,‬إذ من شرط الرجوع أن يتم التعبير عنه بلفظ‬
‫صريح أو ما يقوم مقامه كتصريح الشاهد بأنه شهد بزور أو كذب في‬
‫‪ .79‬شهادته‬

‫‪79‬‬
‫التسولي ‪ ,‬البهجة ‪ ,‬م‪.‬س ‪174ّ/1 ,‬‬
‫‪55‬‬
‫وذكر الصنهاجي في رجوع شهادة اللفيف ‪ ,‬حيث قال " إذا طولبوا فأنكروا‬
‫شهادتهم فإنه يعد منهم رجوعا ‪ ,‬والرجوع عن الشهادة قبل الحكم‬
‫‪ ....." 80‬يبطلها ‪ .....,‬ومثل إنكار الشهادة ادعاء نسيانها‬

‫وعليه فمن أنكر شهادته أو ادعى نسيانها عند استفساره عنها ‪ ,‬اعتبر كأنه‬
‫تراجع عنها ‪ ,‬وتطبق عليه أحكام الرجوع التي منها تغريمه ما أتلفه بسبب‬
‫‪ .‬شهادته سواء كان اإلتالف قبل أو بعد الحكم‬

‫ثانيا ‪ :‬آثار الرجوع عن الشهادة‬

‫تختلف آثار رجوع الشاهد عن شهادته بحسب الوقت الذي تم فيه الرجوع ‪,‬‬
‫ويفرق في هذه اآلثار بين الرجوع قبل الحكم أو الرجوع بعده ‪ ,‬غير أن‬
‫ذلك إنما يأتي عند الحديث عن الشهادة الشفوية أمام القضاء ‪ ,‬أما الشهادة‬
‫على ماهي معمول بها في التوثيق العدلي –خاصة شهادة اللفيف – فتحتاج‬
‫حكما خاصا في الرجوع ال يميز فيه بين الرجوع قبل الحكم أو بعده ‪ ,‬وإنما‬
‫‪ .‬يميز فيه بمدى لحوق الضرر بالمشهود عليه أم ال‬

‫وسنقصر عن الحديث عن آثار الرجوع بحسب الضرر فنجد أنه من أهم‬


‫اآلثار المترتبة عن رجوع الشاهد تأديبه وتغريمه بسبب ما أتلفه بسبب‬
‫‪ .‬الشهادة المتراجع عنها‬

‫والسبب الذي جعل الفقهاء يربطون الرجوع بأن يكون قبل الحكم أو بعده ‪,‬‬
‫أنهم كانوا في الغالب يتحدثون عن الشهادة الشفوية ‪ ,‬وهذه الشهادة ال‬
‫يترتب عنها أي ضرر أو إتـالف ال في المال وال في غيره ‪ ,‬مادام لم يحكم‬
‫‪ .‬بها ‪ ,‬فتم استصحاب هذا الحكم على كل الشهادات‬

‫وعليه فإن الضابط الذي ينبغي االعتماد عليه في عقوبة الشاهد وتغريمه‬
‫هو حصول االتالف في مال المشهود عليه أو الحاق الضرر به ‪ ,‬أما إذا لم‬
‫يترتب عن شهادته شيء من ذلك فإن الشاهد المتراجع ال يغرم ماال وال‬
‫‪80‬‬
‫الصنهاجي ‪ ,‬مواهب الخالق ‪ ,‬م‪.‬س ‪1/319‬‬
‫‪56‬‬
‫يلزمه شيء ‪ ,‬وال عبرة بعد ذلك أن يكون التراجع تم بعد الحكم أو قبله ‪,‬‬
‫‪ .‬وإنما العبرة بما إذا كان التراجع بعد حصول اإلتالف والضرر أو قبله‬

‫خاتمة‬

‫بعد اجتيازنا لهذه المرحلة القصيرة في موضوع المركز القانوني‬


‫للتصرفات العقارية في الوثائق العدلية وإحاطتنا ألهم المحاور و األفكار‬
‫التي تضمنها هذا البحث من باب توضيح وإعطاء نبذة عن كل ما يخص‬
‫هذا البحث ‪ ,‬فقد حاولنا التطرق ألهم النقط والتركيز على ما هو مهم‬
‫للمناقشة و التحدث عنه ‪ ,‬فموضوع المركز القانوني للتصرفات العقارية‬
‫في الوثائق العدلية يحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث ‪ ,‬إنما نحن حاولنا‬
‫ما في وسعنا أن نضع نظرية عامة لهذا الموضوع ‪ ,‬إذ تحدثنا عن القواعد‬
‫العامة للتوثيق العدلي للتصرفات العقارية كفصل أول ‪ ,‬ثم تطرقنا بعدها‬
‫لإلشارة إلى حجية التوثيق العدلي للتصرفات العقارية كفصل ثاني مع‬
‫‪ .‬توضيح جل وأهم المعلومات التي ستفيد وذلك بشكل مختصر‬

‫ونرجو أن نكون قد تفوقنا وما توفيقنا إلى باهلل ونلتمس العذر عن أي‬
‫تقصير أو أخطاء ‪,‬ونرجو مراعات الظرفية وأيضا قلة المراجع التي‬
‫‪ .‬صعبت علينا التطرق للموضوع من كافة جوانبه‬

‫وفي الختام ال يسعنا إال القول بأن هذا ما قدرنا هللا عليه من جهد وطاقة ‪,‬‬
‫‪ .‬ونتمنى أن يكون هذا البحث في المستوى المطلوب‬

‫‪57‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫الكتب‬
‫عبد الرزاق السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬منشور الحلبي‬
‫الحقوقية ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬طبعة ‪ 2000‬األجزاء ‪8-4-2-1‬‬
‫عبد الرحمان بلعكيد ‪ ,‬وثيقة البيع النظر والعمل ‪ ,‬مطبعة النجاح الجديدة ‪,‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪2001‬‬
‫العلمي الحراق ‪ ,‬الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ‪ ,‬مطبعة كانا‬
‫برينت ‪ ,‬الرباط ‪ ,‬الطبعة األولى ‪2009‬‬
‫العلمي الحراق ‪ ,‬التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته‬
‫في مدونة االسرة ‪ ,‬مكتبة دار السالم ‪ ,‬الرباط ‪ ,‬طبعة ‪2009‬‬
‫‪58‬‬
‫أبو الشتاء الغازي الحسيني الصنهاجي ‪ ,‬التدريب على تحرير الوثائق العدلية ‪,‬‬
‫مطبعة ومكتبة األمنية بالرباط الطبعة الثانية ‪1995‬‬
‫أبو الشتاء الغازي الحسيني الصنهاجي ‪ ,‬مواهب الخالق ‪ ,‬مطبعة االمنية‬
‫بالرباط ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪1955‬‬
‫محمد ابن معجوز ‪ ,‬الحقوق العينية في الفقه االسالمي والتقنين المغربي ‪,‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪1999‬‬
‫التسولي ‪ ,‬البهجه في شرح التحفة ‪ ,‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى ‪1998‬‬

‫األطروحات والرسائل‬
‫عبد السالم العسري ‪ ,‬شهادة الشهود في القضاء اإلسالمي ‪ ,‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه من دار الحديث الحسنية بالرباط ‪ ,‬دار القلم ‪ ,‬الرباط ‪ ,‬الطبعة‬
‫‪.‬األولى ‪ 2007‬بجزئيها‬

‫‪59‬‬

You might also like