You are on page 1of 39

‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫وحدة‪:‬‬ ‫ماستر‪:‬‬
‫القانوني المدني المعمق‬ ‫ماستر القانون المدني االقتصادي‬ ‫‪‬‬
‫ماستر القانون والعمليات البنوك‬ ‫‪‬‬
‫ماستر العقار والتعمير‬ ‫‪‬‬
‫ماستر القانون والمقاولة‬ ‫‪‬‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫أثر االلتزامات المستحدثة على‬


‫النظرية العامة للعقد‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬


‫المعزوز البكاي‬
‫من إعداد الطلبة‪:‬‬
‫منصف الغفولي‬
‫عزيز أرضي‬
‫فاطمة الزهراء لعكابي‬
‫عدال محمد‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪0‬‬
‫‪2022-2023‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫بسم الله الرحمان الرحيم‬

‫"يَا أَيٌّ َها اَلَّذ َ‬


‫ِين آ َمنُوا أ ُ ْوفُوا ِبالعُقُود"‬
‫سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪"ِ1‬‬

‫‪1‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يتميز القانون المدني عن غيره من فروع القانون الخاص بأنه يمثل الشريعة العامة لباقي‬
‫القوانين التي تفرعت عنه فهو بمثابة العمود الفقري لها‪ ،‬لكونه يشمل في عمقه على النظرية‬
‫العامة لاللتزامات‪ ،‬صالحة لتطبيق كلما كان هناك فراغ أو نقص في جانب من الجوانب‬
‫القانونية التي تهم الفروع المنتفة عن القانون المدني القانون االجتماعي والتجاري والعقاري‪.1‬‬

‫وقد تم وضع القانون المدني بالمغرب في فترة الحماية الفرنسية بتاريخ ‪ 21‬غشت في‬
‫عهد السلطان موالي يوسف‪ ،‬وقد بقي هذا القانون مطبقا الى اليوم برغم ما يناهز القرن من‬
‫الزمن على وضعه‪ ،‬بحيث لم يطله التعديل والتغيير خالل هذه الفترة اال في حاالت نادره جدا‪.‬‬
‫وجاء في الخطاب الملكي الذي ارتجل بمناسبه استقبال اللجنة المكلفة بتعريب ظهير‬
‫االلتزامات والعقود حيث قال جالله المغفور له الحسن الثاني ان هذا االخير‪":‬ككل شيء شيء‬
‫يضعه البشر في في إطار االستعمار يجب اعاده النظر فيه ويجب تكميله ويجب تقويمه ان‬
‫وجد فيه اعوجاج ويجب اوال طبعه بالروح اإلسالمية التي يجب ان تهيمن على هذا البلد‬
‫‪2‬‬
‫االمين‪".‬‬

‫وقد تميز القرن العشرين بتحوالت كبيره في الميدان القانوني تمثلت باألساس في تحديث‬
‫مبادئ النظرية العامة للعقد‪ ،‬عبر اصدار مجموعه من القوانين سواء من داخل بنية قانون‬
‫االلتزامات والعقود او من خارجها بهدف ضمان توازن حقيقي بين مصالح أطراف العالقة‬
‫التعاقدية أخدا بالظرفية االجتماعية واالقتصادية التي تستدعي تدخل الدولة في مختلف‬
‫الميادين‪ ،‬وال خالف على ان موضوع تأثير االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد‬
‫يكتسي اهمية بالغة على المستويين النظري والعملي ‪.‬‬

‫فأهمية موضوع تأثير االلتزامات المستحدثة على مستوى النظري تتجلى في كونه يرتبط‬
‫اساسا بالمجال التعاقدي الذي ظل طويال بمبادئه الصلبة من مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬ومبدأ القوة‬

‫عبد القادر العرعاري‪ .‬مصارد االلتزام‪ .‬الكتاب االول ( نظرية العقد ) الطبعة الثالثة ‪ .1122‬مطبعة األمنية الرباط‪ .‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.5‬‬
‫أحمد دريوش‪ .‬مناهج القانون المدني المعمق‪ .‬الطبعه االولى ‪ .1121‬منشورات سلسله المعرفه القانونيه‪ .‬الصفحه ‪.212‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫الملزمة للعقد ونسبية العقد ليخرق لنا هذه المبادئ بمجموعة من االلتزامات المستحدثة التي‬
‫جاءت على صعيدين‪:‬‬

‫‪-‬الصعيد االول يظهر في التقليص من حدة مبادئ النظرية العامة للعقد‪.‬‬

‫‪-‬والصعيد الثاني يتجلى في خلق نوع من التوازن العقدي‪.‬‬

‫أما األهمية العملية للموضوع فتتجلى في ظهور مجموعة من القوانين‪ 3‬بعضها من داخل‬
‫قانون التزامات والعقود‪ ،‬وبعضها من خارجه بدءا بالقانون رقم ‪22.13‬المتعلق بتدابير حماية‬
‫‪ 52.15‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية والقانون‬ ‫المستهلك ‪،‬والقانون‬
‫‪ 21,421‬المتعلق بحرية االسعار والمنافسة والقانون رقم‪ 11.22‬المتعلق بمجلس المنافسة‬
‫والقانون رقم ‪ 1,.1.‬المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات والقانون رقم ‪217.21‬المتتمم‬
‫للقانون رقم ‪ ,,.11‬المتعلق ببيع العقار في طور االنجاز وغيرها من القوانين الترميمية التي‬
‫كان لها اثر عملي مباشر على المبادئ العامة للعقد‪.‬‬

‫‪ 3‬ظهير شريف رقم ‪ 2.22.12‬صادر في ‪ 2,‬من ربيع االول ‪23( 2,21‬فبراير‪ )1122‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 22.13‬القاضي‬
‫بتحديد تدابير حماية المستهلك‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5.21‬بتاريخ جمادى األولى ‪7(2,21‬ابريل ‪،)1122‬‬
‫ص‪2171‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 12.32.213‬صادر في ‪ 1.‬محرم ‪5( 2,15‬اكتوبر‪ )2.35‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 22.32‬المتعلق بالزجر‬
‫عن الغش في ال بضائع صدر بالجريدة الرسمية عددؤ‪2777‬ؤبتاريخ جمادى ‪ )53.2.11( 1‬ص‪2.5.‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 2.2,.221‬صادر في ‪ 1‬رمضان ‪ 21( 2,25‬يونيو ‪ )112,‬بتنفيذ قانون رقم ‪ 21,.21‬المتعلق بحرية‬
‫األسعار والمنافسة‪.‬‬

‫القانون رقم ‪ 217.21‬بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ ,,.11‬بشأن بيع العقار في طور اإلنجاز الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 2.21.15‬بتاريخ‪ 12‬ربيع االخر(‪2‬فبراير ‪ ،)1121‬الجريدة الرسمية عدد‪ 1,,1‬بتاريخ ‪ 23‬فبرار ‪ 1121‬ص‪..21 :‬‬

‫القانون رقم ‪ 17..5‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 2.5.227‬بتاريخ ‪ 22‬من ربيع االول ‪ 22( 2,21‬أغسطس‬
‫‪ )2..5‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ,212‬بتاريخ ‪ 21‬ربيع االول (‪ 1‬سبتمبر ‪)2..5‬‬

‫القانون رقم ‪ 52.15‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 2.17.21.‬صادر‬
‫في ‪ 2.‬من ذي القعدة ‪ 21( 2,13‬نوفمبر ‪.)1117‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 21 2.22.2,1‬رمضان ‪ 27(2,21‬أغسطس ‪ )1122‬الصادر بتنفيذ القانون رقم ‪ 1,.1.‬المتعلق‬
‫بسالمة المنتوجات والخدمات وتتميم قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،5.31‬بتاريخ ‪ 11‬شتنبر ‪ ،1122‬ص‪,173 :‬‬

‫‪3‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫وسيتم االقتصار على بعض من هذه القوانين الترميمية وبعض االلتزامات المستحدثة‬
‫التي تضمنتها واثارها على البعض من المبادئ العامة للنظرية العامة وبالخصوص االلتزام‬
‫باإلعالم وااللتزام بالنصيحة والتحذير وضمان السالمة و تعامل القضاء مع العالقة التعاقدية‬
‫بين التدخل والتفسير والتعديل‪.‬‬

‫بناءا على ما سبق فالموضوع يطرح أكثر من اشكالية ألهميته العملية والنظرية يمكن‬
‫اختزالها في إشكالية محورية والتي هي مدى تأثير االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة‬
‫للعقد كما يثير أسئلة فرعية ال تقل أهمية عن األولى وتتمثل في‪:‬‬

‫ما هي أهم االلتزامات المستحدثة؟‬

‫وأين يتمظهر أثر االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد؟‬

‫وسيتم االعتماد في سبيل مقاربة الموضوع على تناوله كما يلي‪:‬‬

‫المطلب االول‪ :‬السياق القانوني واالقتصادي لبروز بعض االلتزامات المستحدثة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تأثير التزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد‬

‫وقد بررت لنا شساعة الموضوع وارتباطه بكثير من الميادين اقتصار النظر اليه من‬
‫أبرز االلتزامات المستحدثة ومدى تأثيرها على بعض من مبادئ النظرية العامة للعقد‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫المطلب األول السياق القانوني واالقتصادي لبروز بعض االلتزامات المستحدثة‬


‫لقد تحكمت عدة عوامل في ظهور االلتزامات المستحدثة والتي أثرت بشكل مباشر على النظرية‬

‫العامة للعقد وتوجيهه وقبل التعرض لبعض االلتزامات المستحدثة كان لزاما علينا بيان سياقهاالقانوني‬

‫واالقتصادي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬السياق القانوني واالقتصادي لبروز االلتزامات المستحدثة في الميدان‬


‫التعاقدي‬

‫لقد كان ملجموعة من المسوغات األثر في بروز االلتزامات المستحدثة أهمها مسوغات ذات بعد‬

‫قانوني وأخرى ذات بعد اقتصادي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السياق القانوني‬


‫يرتبط السياق القانوني لبروز االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد أساسا‬
‫بالمجال التشريعي والقضائي على وجه الخصوص‪ ،‬و يعتبر القضاء الفرنسي باعتباره نموذجا‬
‫تاريخيا للنظام الالتيني بنفوذ تاريخي في الكثير من بلدان العالم ‪،‬فبقي موردا للكثير من أحكامها‬
‫عل ى مدار قرنين من الزمان‪ ،‬غير أن الكثير من نصوصه التي وضعت قبل أكثر من مائتي عام‬
‫منذ صدوره عام ‪ 231,‬قد باتت غير قادرة على مواكبة واقع جديد تقاطعت فيه قواعد القانون‬
‫مع االقتصاد والتجارة والتكنولوجيا‪ ،‬فضال عما فرضته قواعد حماية المستهلك نفسها على كثير‬
‫من المسلمات القانونية ولقد وضعت هذه اإلصالحات بمقتضى المرسوم رقم ‪1121/222‬‬
‫بتاريخ ‪21‬فبراير ‪ 1122‬مستهدفة تحديث النصوص محل االصالح وتقنين ما جرت به أحكام‬
‫القضاء بشأن العديد من الحلول والمسائل في نطاق العقد و االلتزام بوجه عام‪.4‬‬
‫وبالنسبة للمغرب فبعد حصوله على االستقالل على االستقالل سنة ‪ 2.51‬استشعر‬
‫المهتمون بالمنظومة التشريعية الوطنية بأن الوقت قد حان لمراجعة النصوص المتوارثة عن‬
‫سلطات الحماية على أساس أنها أصبحت غير مناسبة لفترة ما بعد االستقالل وأنه كان يتعين أن‬
‫تنتهي بإنهاء عهد الحماية‪ ،‬وعند صدور قانون المغربة والتوحيد وتعريب القضاء سنة‬

‫‪ 4‬شرف جابر‪ :‬اإلصالح التشريعي الفرنسي لنظرية العقد صنيعة قضائية وصياغة تشريعية‪-‬لمحات في بعض‬
‫المستحدثات‪ ،‬ملحق خاص‪ ،‬العدد‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،112‬ص‪.131 :‬‬

‫‪5‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫‪ ،15/12/2.15‬واعتقد الجميع بأن عهدا تشريعيا جديدا قد بدأ‪ .5‬ويمكننا القول إنه عندما يصدر‬
‫تشريع معين لتنظيم مجتمع ما فالمفروض أنه يشكل التعبير عن إرادة هذا المجتمع فهو يجسد‬
‫عالقاته وتقاليده والواقع الذي يعيشه ولذلك سرعان ما يصبح هذا التشريع عرضة للنقد بمجرد‬
‫ما تتغير تلك الظروف االجتماعية واالقتصادية وتغدو للمجتمع الجديد قيم وتقاليد أخرى تختلف‬
‫عن تلك التي كانت قائمة وقت صدوره‪،6‬وهذه المتغيرات التشريعية وعدم مالءمة التشريع‬
‫العقدي للحرية التعاقدية وظهور طائفة جديدة من العقود تسمى عقود اإلذعان استغل فيها‬
‫الطرف القوي‪/‬المهني ‪/‬المنتج‪ /‬مبادئ النظرية العامة للعقد ليضيف باسمها شروطا تعسفية في‬
‫بنود العقد وظهرت االلتزامات المستحدثة كآليات حمائية للمتعاقدين على حد سواء باإلضافة الى‬
‫بعض المسوغات االقتصادية التي استدعت تحديث الترسانة التعاقدية لمالءمة‬
‫رغبات المتعاقدين‬
‫ثانيا‪ :‬السياق االقتصادي‬
‫أما على المستوى االقتصادي فمرور ازيد من قرن على تشريعها وتغير المجتمع من‬
‫المجتمع غير الصناعي الذي تحكمه عالقات اقتصادية واجتماعية بسيطة ومباشرة "اقتصاد‬
‫السويقة" إلى مجتمع اقتصادي عالمي تتحكم فيه الشركات العالمية والشركات الكبرى وتسوده‬
‫العالقات التجارية المركبة وغير المباشرة "اقتصاد السوق" جعل مبدأ سلطان االرادة ونتائجه‬
‫مجرد شعار ال يقوى على تحقيق التوازن العقدي وحماية الطرف الضعيف في العقد أمام‬
‫الشروط التعسفية والمجحفة التي يضعها الطرف القوي المحترف‪ ،‬فكان تقرير هذا المبدأ الذي‬
‫يعطي الحرية المطلقة للعقود‪،7‬والمجال االقتصادي أساسا يحكمه عقد البيع والذي يعرف بدوره‬
‫على غرار باقي العقود تطورا ملحوظا فيما يخص اآلليات المعتمدة للتعاقد ولن نبالغ إذا قلتا أن‬
‫عقد البيع بدأ يفقد تدريجيا مسحته وبساطته التقليدية وفي هذا اإلطار يتجه الفقه إلى القول أن‬
‫العقود االستهالكية لم تعد عقودا تفاوضية نتيجة التفوق االقتصادي والتقني للصناع والمنتجين‬
‫حيث التعسف في استعمال القوة االقتصادية‪.8‬‬

‫‪ 5‬ع بد القادر العرعاري‪ :‬وجهة نظر في مادة القانون المعمق بين الفقه والقضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1121‬مكتبة دار‬
‫األمان بالرباط‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫‪ 6‬عبد القادر قرموش‪ :‬قراءة ميتودولوجية في مبررات التعديل ومنهجية االصالح‪ ،‬مجلة القضاء المدني‪ ،‬العدد ‪-11/12‬‬
‫‪1111‬‬
‫‪ 7‬عبد القادر قرموش‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪: 34‬‬
‫‪ 8‬المعزوز البكاي‪ :‬بعض مظاهر اضطراب النظرية العامة للعقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪: 13‬‬

‫‪6‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫إن كل هذه التطورات على المستويين القانوني واالقتصادي خاصة أظهرت ضرورة خلق‬
‫التزامات مستحدثة لضمان مرور العالقة التعاقدية من مرحلة التكوين إلى مرحلة التنفيذ بدون‬
‫اإلضرار بأطراف هذه العالقة وحماية الطرف الضعيف في هذه العالقة‪ .‬وأمام هذه التطورات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والتقنية المتنامية والسريعة أصبحت معها النظرية الكالسيكية التي يقوم‬
‫عليها العقد قاصرة عن توفير حماية متكافئة لألطراف المتعاقدة في ظل مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫وخاصة بالنسبة للطرف الضعيف سواء خالل مرحلة تكوين العقد أو خالل تنفيذه أو إنهائه‪،9‬‬
‫وهناك مجموعة من االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد من التزام باإلعالم والتزام‬
‫بالمطابقة والتزام بالنصيحة والتزام بالتحذير والتزام بضمان السالمة والتزام بالتبصير وحق‬
‫للرجوع الى غيرها من االليات الحمائية و سنقتصر في المطلب الموالي على البعض‬
‫من هذه االلتزامات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬بعض االلتزامات المستحدثة في الميدان التعاقدي المغربي‬
‫إن التطور الكبير الذي عرفه التعامل االقتصادي أدى إلى تعميق االختالل في توازن‬
‫العالقات العقدية حيث برز بشكل كبير على مستوى المعرفة التقنية منها أو الفنية وأمام خطورة‬
‫هذ ه الوضعية حاولت مختلف التشريعات ومعها التوجهات الفقهية والقضائية وضع بعض‬
‫القواعد التي يكون من شأنها تدعيم إرادة الطرف الضعيف في هذه الحالقة التعاقدية بما فيه‬
‫المستهلك وذلك لمنع استغالله بواسطة األساليب التي يستعملها المتعاقد اآلخر للتغرير به ودفعه‬
‫إلى التعاقد معه‪ ،‬حيت ظهرت نتيجة ذلك مجموعة من االلتزامات الجديدة والمستحدثة لخدمة‬
‫الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية بحيث نجد من ضمنها "االلتزام باإلعالم وااللتزام‬
‫بالنصيحة"( أوال) على أن نتناول في (ثانيا) االلتزام بالتحذير وااللتزام بضمان السالمة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االلتزام باإلعالم وااللتزام بالنصيحة‬
‫‪ -1‬االلتزام باإلعالم‬
‫يعتبر االلتزام باإلعالم من أهم الحقوق التي أصبح يتمتع بها المستهلك في المنظومة‬
‫القانونية العالمية الجديدة‪ ،‬ذلك أن هذا الحق ينبع من مبدأ قانوني يتمثل في مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫أو ما يطلق عليه بالحرية التعاقدية‪ ،‬ذلك أن المستهلك يجب أن يكون محاطا بكل البيانات‬

‫‪9‬عبد القادر قرموش‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪7‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫الضرورية عن الشيء المراد استهالكه‪ ،‬والمستهلك له االختيار في إبرام عقد االستهالك من‬
‫عدمه‪ ،10‬وقد جاءت مجموعة من القوانين الخاصة باإلضافة إلى القواعد العامة لتأطير هدا‬
‫الحق وحمايته‪.‬‬
‫وقبل التطرق لمفهوم االلتزام باإلعالم وبيان أساسه القانوني كان البد من الوقوف على‬
‫مجموعة من المفاهيم ذات الصلة بالموضوع من قبيل‪:‬‬
‫مفهوم المستهلك وفق قانون ‪ 1,.1.‬بقانون سالمة المنتوجات والخدمات اذ نجد المادة ‪ 2‬منه‬
‫عرفته بكونه‪ ":‬كل شخص ذاتي أو معنوي يقتني أو يستعمل ل لتلبية حاجياته غير المهنية‬
‫منتوجات أو خدمات معدة الستعماله الشخصي أو العائلي‪.‬‬
‫تعريف المنتج عرفته نفس المادة ‪ 2‬بكونه" صانع منتوج كامل الصنع أو منتج مادة أولية أو‬
‫صانع جزء يدخل في تكوين المنتوج أو وكيله المقيم بالمغرب أو كل شخص يتقدم على أنه‬
‫صانع بوضع اسمه أو عالمته التجارية أو أية عالمة مميزة أخرى على المنتوج أو الشخص‬
‫الذي يقوم تحويل المنتوج أو إعادة توضيبه‬
‫تعريف الموزع حسب نفس المادة "كل شخص ذاتي أو معنوي يتدخل في سلسلة تسويق‬
‫منتوج ما ليس لنشاطه أي تأثير على مميزات سالمة المنتوج‪".‬‬
‫تعريف المستورد " هو كل شخص ذاتي أو معنوي مسؤول عن إدخال منتوج ما إلى التراب‬
‫الوطني‪.‬‬
‫وبعد التطرق لكل هده المفاهيم سنعرج على معالجة االلتزام باإلعالم من خالل التطرق‬
‫لتعريفه ثم أساسه القانوني‪.‬‬
‫أ‪-‬مفهوم االلتزام باإلعالم‬
‫يعد االلتزام باإلعالم من بين أهم اإلجراءات الحمائية المقررة لفائدة المستهلك والتي عمل‬
‫المشرع المغربي على سنها لحمايته‪ ،‬وهو ما لم يكن قائما في ظل القواعد العامة لقانون‬
‫االلتزامات والعقود الذي لم يجعل ذلك التزاما إال إذا مورس في شكل تدليس كما هو منظم في‬
‫المدنية ‪51‬و‪ 52‬منه‪ ،‬وبالتالي لم يكن هناك مجال لمساءلة الشخص الذي يخفي معلومات معينة‬
‫إال إذا كان ذلك بقصد خداع الطرف اآلخر‪.‬‬

‫‪ 10‬األست اذ المصطفى الغشام الشعيبي ‪،‬آليات حماية المستهلك‪ :‬اإللتزام باإلعالم دراسة على ضوء قانون ‪22.13‬القضي‬
‫بتحديد تدابير حماية المستهلك مقال منشور بمجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية ‪،‬العدد ‪، 1121 ،1‬ص‪21‬‬

‫‪8‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫وبالرجوع لقانون حماية المستهلك ‪11 22.13‬لم نجد المشرع كذلك يعرف االلتزام بإعالم‬
‫المستهلك إال ما جاء في المادة األولى والثالثة حيت نصت المادة ‪ 2‬على أن هذا القانون يهدف‬
‫إلى "إعالم المستهلك اعالما مالئما وواضحا بالمنتوجات أو السلع أو الخدمات التي يقتنيها أو‬
‫يستعملها" أما في المادة ‪ 2‬فقد نص المشرع على أنه" يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك‬
‫من معرفة المميزات األساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر المنتوج أو السلعة‬
‫وتاريخ الصالحية إن اقتضى الحال‪ ،‬وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته على‬
‫القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته إمكانياته"‪..‬‬

‫لم يتطرق المشرع المغربي أو باقي التشريعات المقارنة على تعريف دقيق لمفهوم االلتزام‬
‫باإلعالم ‪ ،‬وعلى اعتبار أن التعريفات ليست من اختصاص المشرع فقد حاول كل من القضاء‬
‫والفقه على محاولة اعطاء تعريف واضح ومحدد لاللتزام باإلعالم‪:‬‬
‫بالنسبة للقضاء المغربي‬
‫فقد تعرض بشكل عابر لإلعالم في قرار للمحكمة االستئناف بالدار البيضاء صرحت‬
‫الغرفة الجنحية ‪":‬وحيث إن ال عقد المصادق على التوقيعات فيه من طرف المصلحة المختصة‬
‫بتاريخ ‪5‬يناير ‪ 2.3,‬المبرم بين المتهم والمشتكي ‪،‬ال يفيد أن األول أخبر الثاني بأن العقار‬
‫موضوع البيع يوجد على الشياع بينه وبين باقي الورثة ‪،‬وانه يبيعه إليه على هذه الصفة ‪،‬وحيث‬
‫أن المتهم استعمل وسائل احتيالية ضد المشتكى به ‪،‬بإخفائه عنه وقائع صحيحة فدفعه إلى أعمال‬
‫مست مصالحه المالية حصل منها على كسب غير مشروع "‪ ،12‬بذلك يظهر هدا القرار لم‬
‫يرتكز على مصطلح االعالم وانما على الوقائع بالنسبة للفقه‪ .‬فقد عرفه الفقه عامة بأن االلتزام‬
‫باإلعالم "بأنه تنبيه أو إعالم طالب التعاقد بصورة من شأنها إلقاء الضوء على واقع ما أو‬
‫عنصر من عناصر التعاقد المزمع إقامته حتى يكون الطالب على بينة من أمره‪ ،‬بحيث يتخذ‬
‫‪13‬‬
‫القرار الذي يراه مناسبا على ضوء حاجته وهدفه من إبرام العقد "‬

‫‪ 11‬ظهير شريف رقم ‪ 2.22.12‬صادر في ‪ 2,‬من ربيع االول ‪23( 2,21‬فبراير‪ )1122‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 22.13‬القاضي‬
‫بتحديد تدابير حماية المستهلك‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5.21‬بتاريخ جمادى األولى ‪7(2,21‬ابريل ‪،)1122‬‬
‫ص‪2171‬‬
‫‪ 12‬قرار لمحكمة االستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬غير منشور‪ ،‬مؤرخ في ‪ 11‬يونيو ‪ 2.3,‬عدد ‪ ،52,7‬قضية عدد‪ ،211.‬ذكره‬
‫االستاذ محمد العروصي في كتاب عقد البيع مع اذخال قانون ‪22.13‬و‪،1,.1.‬ص‪11‬‬
‫‪ 13‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزام‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬الطبعة ‪ ،1122، 2‬ص‪231‬‬

‫‪9‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫ب‪ :‬األساس القانوني لاللتزام باإلعالم‬


‫بالرجوع إلى القواعد العامة نجد أن المشرع المغربي تعرض لاللتزام باإلعالم من خالل‬
‫أحكام البيع بشكل غير مباشر من خالل الفصل ‪ 551‬ق ل ع الدي نص على أنه " إدا كان‬
‫البائع يعلم عيوب المبيع أو يعلم خلوه من الصفات التي وعد بها أو لم يصرح بأنه يبيع بغير‬
‫ضمان ويفترض هدا العلم موجودا دائما ادا كان البائع تاجرا أو صانعا وباع منتجات الحرفة‬
‫التي يباشرها"‪ 14‬وفي نفس القانون نجد المادة ‪ 31‬منه نصت " من يعط عن حسن نية ومن غير‬
‫خطأ جسيم أو تهور بالغ من جانبه ‪،‬بيانات وهو يجهل عدم صحتها ال يتحمل أية مسؤولية اتجاه‬
‫الشخص الذي اعطيت له"‬
‫لئن كانت مقتضيات القانون المدني غير كفيلة بحماية المستهلك فإن المشرع المغربي جاء‬
‫بمجموعة من القوانين الخاصة التي تناولت هدا االلتزام بشكل صريح ودقيق‪ ،‬اذ نجد من بينها‬
‫قانون حرية األسعار والمنافسة‪ 15‬وذلك من خالل الفصول ‪ ,7‬و‪ 51‬منه صراحة وبشكل مباشر‬
‫على االلتزام باإلعالم المستهلك‪.‬‬
‫ولم يقف المشرع المغربي عند هذا الحد وإنما قام بالنص على هدا االلتزام داخل القانون‬
‫‪ 22.13‬في القسم الثاني والثالث منه‪ ،‬حيت من خالله يكون الطرف األكثر خبرة واالوفر علما‬
‫(المورد ) وهو مجبر وملزم على إمداد وإعالم الطرف اآلخر (المستهلك) سواء قبل أو أثناء‬
‫إبرام العقد بالمعلومات وكل البيانات المرتبطة بهذا العقد وكذا باألثمان واسعار المنتوجات بما‬
‫فيها الضريبة على القيمة المضافة حسب منطوق المادتين ‪2‬و‪ ,‬من قانون ‪ 22.13‬باإلضافة‬
‫بإعالمه بآجال التسليم حسب المادة ‪ 21‬من نفس القانون‪.‬‬

‫يتضح من كل ما سبق أن االلتزام بإعالم المستهلك بكل ما يتعلق بالمنتوج المراد التعاقد‬
‫بشأنه إنما جاء ليكون تكملة لعيوب الرضى وضمان المساواة في العلم بين المتعاقدين فضال‬
‫عن تحقيق التوازن العقدي وذلك نتيجة ظهور عقود استهالكية جديدة قامت معها ظاهرة‬
‫الشروط التعسفية ‪ ،‬وأمام تنافي وقصور القواعد العامة في تقرير الحماية الالزمة للمستهلك‬
‫‪،‬جعل المشرع المغربي في اقرار هدا االلتزام في إطار القوانين الخاصة ‪ ،‬لكن هده الحماية‬

‫‪ 14‬ظهير الشريف صادر في‪ .‬رمضان ‪ 21(2222‬أغسطس ‪ )2.22‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود‬
‫‪ 15‬ظهير شريف رقم ‪ 2.2,.221‬صادر في ‪ 1‬رمضان ‪ 21(2,25‬يونيو ‪ )112,‬يتنفيذ القانون رقم ‪ 21,.21‬المتعلق‬
‫بحرية األسعار والمنافسة‪ ،‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 1171‬الصادر ‪ 11‬رمضان ‪1,(2,25‬يوليو‪ ،)112,‬ص‪1177‬‬

‫‪10‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫المقررة للمستهلك ال تكمن فقط في هدا االلتزام وانما توجد التزامات اخرى اكثر قوة تلقى على‬
‫عاتق المهني اتجاه المستهلك الدي يعتبر الحلقة الضعيفة في هذه العالقة وهو ما يصطلح‬
‫عليه بااللتزام‪ ،‬هذا ما سنتطرق له في ثانيا‪.‬‬

‫‪ -2‬االلتزام بالنصيحة‬
‫يعد االلتزام بالنصيحة من االلتزامات التي بدأت تستأثر باالهتمام ضمن بعض العقود‪.‬‬
‫وإذا كان هذا االلتزام لم يشكل معه بعد مضوعا لدراسة عامة‪ .‬فانه مع ذلك لم يصبح اقل‬
‫مألوف في اللغة القانونية‪.16‬‬
‫أ ‪-‬مفهوم االلتزام بالنصيحة‬
‫االلتزام بالنصح يعني ان يتدخل المدين بالتوجيه تدخال إيجابيا من شانه ان يحمل‬
‫المستهلك على إتيان امر معين او يحمله على االمتناع عنه‪ .17‬من خالل التعريف المقدم أعاله‬
‫يتضح ان االلتزام بالنصيحة يكون من خالله الطراف المدين ملزم بتنوير وتقديم النصح‬
‫للمستهلك‪ .‬حيث مان هذا للمتصفح ان يدفعه للقيام بفعل معين او االمتناع عن اتيانه كما ان‬
‫هناك توجهات فقهية حاولت إعطاء تعريف لاللتزام بالنصيحة من منظورات مختلفة‪.‬‬
‫إذ نجد من بين هذه االتجاهات االتجاه الموضوعي الذي يعتبر ان االلتزام ال يشمل أي‬
‫حث او تحريض على فعل شيء معين او االمتناع عن اتيانه‪ .‬فهو ينظر الى لاللتزامات الثالثة‬
‫وهي تحذير اخبار والنصيحة كجزء ال يتجزأ فهو اتجاه ينكر ذاتيه االلتزام بالنصيح عن‬
‫االلتزامين االخرين ويعتبر انها مترادفات لها نفس المعنى‪ .‬اذ حسب هذا االتجاه تعتبر‬
‫النصيحة انها عنصر المعرفة المقدم من االطراف العالقة العقدية بالتقابل‪ .‬يفرض تحقيق هدف‬
‫عام يخدم الموائمة بين مصلحه الجميع‪.‬‬
‫االتجاه الشخصي يعتبر االلتزام بالنصيح هو حث المتعاقد االخر على فعل شيء او‬
‫االمتناع عن اقامته ومن رواد هذا االتجاه نذكر الباحث ساطيه حسب هذا االتجاه تتطلب من‬
‫المدين بها فهما لما من تدخل االيجابي في شؤون الدائن وتحريضه على االقدام على فعل امر‬
‫معين او االمتناع او االحجام عنه‬

‫‪16‬الدكتور محمد العروصي‪ :‬المختصر في بعض العقود المسماة ص‪231.‬‬


‫‪17‬الدكتور محمد العروصي‪ :‬االلتزام باإلعالم خالل مرحلة تكوين عقد البيع‪ .‬ص‪,1.‬‬

‫‪11‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫ما يالحظ على المفاهيم الفقهية التي حاولت اعطاء تعريف بالنصيحة انها استعملت‬
‫مفاهيم ومصطلحات مختلفة بما ادت الى اختالف بالمعنى لكن اجماال يمكن اعطاء تعريف‬
‫مبسط انطالقا مما سبق حيث يمكن تعريف االلتزام بالنصيحة على عتيق الصانع او البائع‬
‫باعتباره هو الملزم او المدين بالنصيحة‪ .‬بما يفيد ان البائع ملزم بتقديم النصح حول المنتوج‬
‫حيث يبين طريقه استعماله والمعلومات المتعلقة بذلك اما بحفته بالقيم بعمل او االمتناع عليه‬
‫ب‪ -‬األساس القانوني اللتزام بالنصيحة‬
‫بالرجوع الى قانون االلتزامات والعقود المغربي نجد المشرع ينطلق االلتزام بالنصيحة‬
‫بشكل عاجز من خالل الفصل ‪ 32‬من قانون التزامات والعقود التي جاء فيه مجرد النصيحة‬
‫والتوصية ال تترتب عليها مسؤوليه صاحبها اال في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف اآلخر؛‬

‫‪ -‬إذا كان سبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته‪ ،‬قد ارتكب خطأ جسيما أي خطأ ما‬
‫ينبغي ان يرتكبه شخص في مركزه ونتج عن هذا الخطأ ضرر للطرف اآلخر؛‬ ‫كان‬

‫‪ -‬إذا ضمن نتيجة المعاملة‬

‫انما يصيب الدائن من جراء النصيحة او التوصية التي اسداها له المدين من األضرار‬
‫ترتب مسؤوليه هذا االخير في الحاالت المنصوص عليها في المادة ‪ 32‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود وهي واردة على سبيل الحصر ال المثال‪ .‬وفي غير هذه الحاالت ال تترتب مسؤوليه‬
‫المدين بها‪ .‬وهذا ما يعاب على هذا النص حيث يمكن للمدين ان يقدم النصيحة في بعض‬
‫الحاالت وال ترتب مسؤوليه حتى ولو كان قد أخطأ في اعطائها‪ .‬كما يعاب على هذه المادة‬
‫ايضا ألنها لم تجعل االلتزام بالنصيحة ملزم للمدين بها‪.‬‬
‫نظرا لعدم دقه االلتزام بالنصيحة في ظل القانون المدني المغربي سيتم البحث عنه في‬
‫‪.18‬‬
‫إطار بعض القوانين الخاصة ادماجه من بينها قانون الزجر الغش في البضائع رقم ‪22.32‬‬

‫إذ نص فصله االول ان البائع يعد مرتكبا للغش إذا استعما الخداع والتزييف وانصب‬
‫‪19‬‬
‫على العناصر األساسية والجوهرية للبضاعة او على نوعها‬

‫‪18‬ظهير شريف رقم ‪ 12.32.213‬صادر في ‪ 1.‬محرم ‪5( 2,15‬اكتوبر‪ )2.35‬بتنفيد القانون رقم ‪ 22.32‬المتعلق‬
‫بالزجر عن الغش في البضائع ‪ ،‬صدر بالجريدة الرسمية عددؤ‪2777‬ؤبتاريخ جمادى ‪ )53.2.11( 1‬ص‪2.5.‬‬

‫‪12‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫وفي إطار اخر وضمان حماية أكثر للمشترين من المخاطر المنتجات الصانع بأداء‬
‫باإلدالء بالبيانات المتعلقة بالشيء المبيع وكذا بيان كيفية استعماله ‪.20‬‬
‫وايضا نجد القانون المتعلق بحريه األسعار والمنافسة ‪ 21‬الذي ينص في المادة ‪ ,7‬على‬
‫ما يلي يجب على كل من يبيع المنتوجات او يقدم خدمات ان يعلم المستهلك عن طريق وضع‬
‫عالمة او ملحق او اعالن او باي طريقه مناسبه اخرى باألسعار والشروط الخاصة للبيع او‬
‫االنجاز الخدمة والبين من هذه المادة ان المشرع الزم كل من يبيع منتجات او يقدم خدمات ان‬
‫يعلم المستهلك عن طريقه وضع عالمه او ملصقه واعالن او باي طريقه مناسبه أخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االلتزام بالتحذير وااللتزام بضمان السالمة‬
‫‪ -1‬االلتزام بالتحذير‬
‫أ‪-‬ماهية االلتزام بالتحذير‪:‬‬
‫‪ ‬مفهومه‪:‬‬
‫التحذير لغة‪ :‬مصدر الفعل حذر‪ ،‬يقال حذره أي نبهه وحرزه‪ ،‬أو خوفه‪ ،‬ويقال ايضا ً على‬
‫حذر من‪ ،‬اي على احتراس من‪ ،‬وكونوا على حذر اي كونوا علـى احتـراس‪ ،‬والمحـذور هو ما‬
‫يحتـرس منـه‪ ،‬ويقـال التحـذير اي التنبيـه والتخويف‪.‬‬
‫أما المعنى االصطالحي أو القانوني لاللتزام بالتحذير فقد آثار نقاشا ً وتباينا ً في اآلراء بين‬
‫الفقهاء ويرجع هذا التباين اساسا ً الى تعدد األلفاظ والمسميات الفقهية التي تم استخدامها من قبل‬
‫فقهاء القانون للداللة على ما يقدمه أحد المتعاقدين لآلخر من معلومات‪ ،‬فتارة يتم استخدام لفظ‬
‫اإلخبار‪ ،‬وتارة لفظ اإلفصاح وت ارة النصيحة وبالتالي أدى هذا التعدد في المسميات الى وجود‬
‫خالف فقهي‪ ،‬فظهر من ينادي بوحدة هذه االلفاظ وانها تعبر عن التزام واحد حيث ان‬
‫االلتزامات بالتحذير واإلخبار واإلفصاح والنصيحة تعتبر من وجهة نظر هذا االتجاه الفقهي كل‬
‫ال يتجزأ وبالتالي إنكار ذاتية هذه االلتزامات والنظر إليها على انها مترادفات لها نفس المعنى‬
‫وصعوبة وضع حدود فاصلة ويقينية بين كل التزام من هذه االلتزامات فهي ترتبط برابط‬

‫‪19‬الفصل الرابع من قانون زجر الغش ف البضاعة‬


‫‪20‬الفصل ‪ 21‬من قانون زجر الغش في البضاىع‬
‫‪21‬ظهير شريف رقم ‪ 2.2,.221‬صادر في ‪ 1‬رمضان ‪ 21( 2,25‬يونيو ‪ )112,‬بتنفيد قانون رقم ‪ 21,.21‬المتعلق بحرية‬
‫األسعار و المنافسة‬

‫‪13‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫مشترك وهدفها هو حماية الدائن سواء كان ذلك عن طريق التحذير أو االفصاح او االخبار أو‬
‫النصيحة‪.22‬‬
‫أما االتجاه الفقهي اآلخر ‪-‬وهو ما نؤيده‪ -‬فقد ذهب الى ان كتابات الفقها لحديثة قد أثبتت‬
‫ذاتية واستقاللية هذه االلتزامات عن بعضها البعض وإن هذه االلتزامات تتدرج تنازليا ً من حيث‬
‫الشدة بحسب التدخلية و الحيادية‪ ،‬فالنصيحة هي االكثر شدة أو تدخلية ثم يليها التحذير ثم‬
‫االخبار الذي يعد أقلها شدة‪ ،‬وان هذا االلتزامات على الرغم من وحدة هدفها وهو حماية‬
‫المشتري إ ال انها التزامات متعددة لها ذاتيتها وعناصرها المستقلة وبالتالي فإن هناك درجات‬
‫متفاوتة للمعلومات التي يلتزم بها البائع في عقد البيع تتحدد وفقا ً لمضمونها وتكون متدرجة‬
‫وتصلح كل درجة منها ان تكون محالً اللتزام مستقل‪ ،‬فقط تكون تارة اخبار او مجرد اعالم‬
‫بسيط وتارة اخرى تحذير وقد تتضمن نصيحة‪ ،‬األمر الذي يؤدي الى ضرورة عدم الخلط بينها‬
‫فااللتزام بالتحذير يمثل خطورة ابعد من مجرد االخبار أو االعالم ‪ ،‬اذ انه يفترض مخاطر‬
‫معينة تكتنف استعمال المبيع ويجب التحذير منها ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بااللتزام بالنصيحة فهو التزام مستقبل وأشد من االلتزام بالتحذير وإنه قد‬
‫يشكل الموضوع الرئيس في العقد بحيث يكون الغرض من العقد هو تقديم النصيحة من جانب‬
‫أ حد أطراف العقد كما هو الحال في تقديم االستشارات وعلية يتضح لنا من خالل ما تقدم بأن‬
‫الخطر هو مناط االلتزام بالتحذير وال بد من تنبيه المتعاقد اآلخر إزاء هذه المخاطر وحاطته‬
‫علما ً بها‪ .‬وكذلك يتضح لدينا ان االلتزام بالنصيحة هو التزام مشدد بالتحذير اي ان النصيحة‬
‫تستغرق كل من التحذير واالختبار وأن التحذير يستغرق االخبار فقط‪ .‬وعليه فان االلتزام‬
‫بالتحذير هو التزام وسط بين االخبار والنصيحة‪.23‬‬
‫الطبيعة القانونية لاللتزام بالتحذير‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫شكلت الطبيعة القانونية لاللتزام بالتحذير مرتع نقاش بين من اعتبره التزاما دو طبيعة‬
‫عقدية وبين من اعتبره سابق عن التعاقد حيت نجد موقفا ثالثا أقر بالطبيعة المختلطة لهذا‬
‫االلتزام‪.‬‬

‫‪ 22‬إبراهيم عنتر فتحي الحياني‪" .‬االلتزام بالتحذير من مخاطر المبيع في عقد البيع"‪ ،‬مجلة جامعة تكريت القانونية‪ ،‬السنة ‪،7‬‬
‫العدد ‪ 15‬مارس ‪ ،1125‬ص ‪.,.‬‬
‫‪ 23‬إبراهيم عنتر فتحي الحياني‪ .‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.51‬‬

‫‪14‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫االلتزام بالتحذير ذو طبيعة عقدية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫ويعد هو الراي الغالب من الفقه إذ يعتبر أن االلتزام بالتحذير‪ ،‬أنه التزام ناشئ عن العقد‬
‫المبرم والمرتبط به‪ ،‬وبالتالي فإن المنتج يجب ان يدلي بكافة البيانات المتعلقة بالتحذير‪ ،‬سيما‬
‫تلك البيانات التي تساهم بشكل كبير في تسيير االنتفاع بالمبيع‪.24‬‬
‫االلتزام بالتحذير سابق على التعاقد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يعتبر هذا االتجاه الفقهي أن االلتزام أعاله هو التزام مستقل وضروري لضمان توازن العقد‬
‫وسالمة إرادة المشتري‪ ،‬كون البائع يعلم علما يقينا بالمخاطر الناتجة عن الشيء المبيع بحكم‬
‫تأهيله المهني وتجربته‪ ،‬وبالتالي يقع عليه عبئ تحذير المشتري قبل إبرام العقد‪ ،‬معززا قوله‬
‫بالحجج التالية‪:‬‬
‫أنه يجب على المنتج أو الصانع باعتباره أول المدينين بهذا االلتزام‪ ،‬قبل طرح المنتجات في‬
‫السوق‪ ،‬أن يقوم بتبصير وتحذير وتنبيه المستهلكين قبل اإلقدام عن إبرام العقد وذلك عن طريق‬
‫كتابة البيانات المتعلقة بخطورة هذه المنتجات وخير مثال على ذلك "بيع األدوية"‪.‬‬
‫يعتبر هذا االلتزام قانونيا حيث يجد أساسه في المبادئ العامة كمبدأ حسن النية الذي يفرض‬
‫على المتعاقد الذي يحوز معلومات بخصوص العقد‪ ،‬إعالم الطرف اآلخر طالما يتعذر عليه‬
‫العلم واالستعالم من تلقاء نفسه‪.25‬‬
‫االلتزام بالتحذير التزام مختلط‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫هذا الموقف الثالث واألخير الذي حاول الجمع بين الموقفين معا‪ ،‬معتبرا أن االلتزام‬
‫بالتحذير ينبغي ان يشمل مرحلة تكوين العقد ومرحلة تنفيذه على حد سواء‪ ،‬ففي المرحلة السابقة‬
‫على العقد ال يمكن إنكار الدور الفعال الذي يلعبه االلتزام بالتحذير في مخاطر الشيء في تنوير‬
‫وتبصير المشتري‪ ،‬كما يمكن اعتباره من العناصر المكملة إلرضاء المشتري وسيلة إليجاد‬
‫رضاء حر وسليم لديه‪ ،‬لذلك فإن دور االلتزام في هذه المرحلة هو حماية الرضا‪.26‬‬
‫أما بالنسبة لمرحلة تنفيذ العقد فإن فرض هذا االلتزام من شأنه أن يحقق حماية للمتعاقد في‬
‫جسمه وفي ماله ولكل من يستعمل هذا الشيء أي أن التحذيرات هنا يكون هدفها حسن انتفاع‬

‫‪ 24‬محمد العروصي‪" ،‬االلتزام باإلعالم في مرحلة تكوين العقد"‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬مطبعة مرجان‪ .‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 25‬نفسه‪ ،‬ص ‪.,.‬‬
‫‪ 26‬نفسه‪ ،‬ص ‪.,.‬‬

‫‪15‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫الشيء وخطورته لذلك أوجب القضاء أن تكون التحذيرات من جهة ولصيقة بالشيء المبيع من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق يتبين لنا أن هذا الرأي هو الراجح واألقرب إلى الصواب إذ يكون من‬
‫األنسب الجمع بين الموقفين أعاله وبالتالي اإلقرار بالطبيعة المختلطة االلتزام بالتحذير‪ ،‬ألنه‬
‫يساهم من جهة في حماية رضا المشتري أثناء إبرام العقد‪ ،‬ويضمن من جهة أخرى حسن‬
‫انتفاعه بالشيء المبيع وتجنيب مخاطره أثناء مرحلة التنفيذ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مظاهر االلتزام بالتحذير في القانون رقم ‪ 81.13‬و‪:20.12‬‬
‫‪ ‬مظاهر االلتزام بالتحذير في القانون ‪81.13‬‬
‫لقد نص المشرع على هذا االلتزام المستحدث في القانون رقم ‪ 22.13‬المتعلق بتدابير حماية‬
‫المستهلك من خالل اإلشارة اليه في المادة ‪ "2‬يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك بأي‬
‫وسيلة مالئمة من معرفة المميزات األساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر المنتوج‬
‫أو السلعة وتاريخ الصالحية إن اقتضى الحال‪ ،‬وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته‬
‫‪27‬‬
‫على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته‪"...‬‬
‫من نفس القانون التي نصت على ضرورة بيان التركيبة المنتوج‬ ‫‪28‬‬
‫وأيضا في المادة ‪12‬‬
‫ومميزاته األساسية ومحتواه من العناصر ونوعها ومنشأها وكميتها وطريقة وتاريخ صنعها‬
‫وخصائصها وسعرها أو تعريفتها وشروط بيعها وشروط استخدامها ونتائج استخدامها وأساليب‬
‫أو أسباب البيع وتقديم الخدمات ونطاق التزام المعلن وهوية الصانع‪.‬‬

‫‪ 27‬المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 22.13‬القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪2.22.12‬‬
‫الصادر في ‪ 2,‬من ربيع األول ‪ 23( 2,21‬فبراير ‪ )1122‬والتي تنص على" يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك بأي‬
‫وسيلة مالئمة من معرفة المميزات األساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر المنتوج أو السلعة وتاريخ الصالحية إن‬
‫اقتضى الحال‪ ،‬وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته‪.‬‬
‫ولهذه الغاية‪ ،‬يجب على كل مورد أن يعلم المستهلك بوجه خاص عن طريق وضع العالمة أو العنونة أو اإلعالن أو بأي‬
‫طريقة مناسبة أخرى بأسعار المنتوجات والسلع وبتعريفات الخدمات وطريقة االستخدام أو دليل االستعمال ومدة الضمان‬
‫وشروطه والشروط الخاصة بالبيع أو تقديم الخدمة‪ ،‬وعند االقتضاء‪ ،‬القيود المحتملة للمسؤولية التعاقدية‪.‬‬
‫تحدد إجراءات اإلعالم بنص تنظيمي"‬
‫‪ 22.13 28‬نفس القانون المادة ‪ " 12‬دون المساس بمقتضيات المادتين ‪ 1‬و‪ 17‬من القانون رقم ‪ 77.12‬المتعلق باالتصال‬
‫السمعي البصري‪ ،‬يمنع كل إشهار يتضمن‪ ،‬بأي شكل من األشكال‪ ،‬ادعاء أو بيانا أو عرضا كاذبا‪.‬‬
‫كما يمنع كل إشهار من شأنه أن يوقع في الغلط بأي وجه من الوجوه‪ ،‬إذا كان ذلك يتعلق بواحد أو أكثر من العناصر التالية‪:‬‬
‫حقيقة وجود السلع أو المنتوجات أو الخدمات محل اإلشهار وطبيعتها وتركيبتها ومميزاتها األساسية ومحتواها من العناصر‬
‫المفيدة ونوعها ومنشأها وكميتها وطريقة وتاريخ صنعها وخصائصها وسعرها أو تعريفتها وشروط بيعها وكذا شروط أو نتائج‬
‫استخدامها وأسباب أو أساليب البيع أو تقديم الخدمات ونطاق التزامات المعلن وهوية الصناع والباعة والمنعشين ومقدمي‬
‫الخدمات أو صفتهم أو مؤهالتهم‪".‬‬

‫‪16‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫‪ ‬مظاهر االلتزام بالتحذير في القانون ‪20.12‬‬


‫يعتبر هذا االلتزام قانونيا حيث يجد أساسه في المبادئ العامة كمبدأ حسن النية الذي يفرض‬
‫على المتعاقد الذي يحوز معلومات بخصوص العقد‪ ،‬إعالم الطرف اآلخر طالما يتعذر عليه‬
‫العلم واالستعالم من تلقاء نفسه‪.‬‬
‫إن االلتزام بالتحذير نابع من عدم الغش‪ ،‬حيث الصدق يعد من أساسيات التعاقد‪ .‬وااللتزام‬
‫ينشأ حسب المادة ‪ 17‬من قانون‪ 291,.1.‬السالف الذكر في البداية على عاتق المنتج ثم المورد‬
‫وصوال إلى البائع ما لم يكن منتجا هو اآلخر‪ .‬فالبائع يتعين عليه أن يبدي تحذيره صادقا‪ ،‬كما‬
‫يتعين عليه كذلك أن يبدي تحفظاته مطالب المستهلك‪ ،‬وذلك في المسائل التي ال تمثل خطورة‬
‫محددة‪ .‬وأخيرا تحذيره بالنتائج السلبية التي تنتظر في حالة تنفيذ هذا العقد‪ .‬وبذلك يتضمن‬
‫االلتزام بالتحذير لفت نظر المتعاقد اآلخر المستهلك وتنبيهه إلى المخاطر التي تنجم عن أمر‬
‫معين‪ ،‬بغية رده عن إتيان هذا األمر‪ .‬وهو بهذا المعنى يقتضي من المدين بهذا االلتزام قدرا من‬
‫المثابرة على إعالم الطرف اآلخر وتحذيره‪.30‬‬
‫إن التحذير ال يقتصر على التنبيه بالمخاطر المادية فحسب‪ ،‬وإنما يتصور وجوده كذلك إذا‬
‫كانت هناك مخاطر قانونية‪ ،‬تترتب على تصرفات العميل‪ .‬يتعين على االلتزام بالتحذير يعد‬
‫تشديدا لاللتزام باإلعالم‪ ،‬إال أن عنصرا هاما يربطهما وهو واجب الصدق الذي يمثل محور‬
‫االلتقاء ب ين االلتزامين‪ .‬حيث يفرض الواقع أن ينظر إلى المستهلك من منظور إنساني وأخالقي‪،‬‬

‫‪ 29‬القانون رقم ‪ 1,.1.‬المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات وتتميم قانون االلتزامات والعقود والصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 21 2.22.2,1‬رمضان ‪ 27(2,21‬أغسطس ‪.)1122‬‬
‫‪ 30‬المادة ‪ 17‬من القانون ‪" 1,.1.‬يقدم منتج مستورد منتوجات أو مقدم خدمات إلى المستعمل‪ ،‬المعلومات المفيدة التي‬
‫تمكنه من تقييم األخطار المرتبطة بالخدمة أو بالمنتوج‪ ،‬خالل مدة استعماله العادية‪ ،‬أو المعقول توقعها‪ ،‬والوقاية منها‪،‬‬
‫عندما يتعذر على المستعمل إدراك هذه األخطار في الحال دون تحذير مالئم‪.‬‬
‫ال يعفي وجود مثل هذا التحذير من التقيد بااللتزامات األخرى المنصوص عليها في هذا القسم‪.‬‬
‫يلزم منتج أو مستورد المنتوجات أو مقدم الخدمات‪ ،‬بالنظر إلى مميزات المنتوجات أو الخدمات التي يعرضها في السوق‪،‬‬
‫باتخاذ تدابير تمكنه من معرفة األخطار التي قد تشكلها المنتوجات أو الخدمات المذكورة والقيام باإلجراءات الالزمة للتحكم في‬
‫هذه األخطار بما في ذلك السحب من السوق وتحذير المستعملين بشكل مالئم وفعال واسترجاع المنتوجات المعروضة في‬
‫السوق من المستعملين أو وقف الخدمة‪.‬‬
‫تشمل التدابير المذكورة على سبيل المثال‪:‬‬
‫• إنجاز تجارب عن طريق استطالع الرأي حول المنتوجات التي تم تسويقها؛‬
‫• اإلشارة على المنتوج أو على تلفيفه إلى هوية المسؤول عن عرض المنتوج في‬
‫السوق وعنوانه‪ ،‬وإلى مرجع المنتوج أو مجموع المنتوجات التي ينتمي إليها؛‬
‫• دراسة شكايات المستعملين‪ ،‬وإن اقتضى الحال‪ ،‬مسك سجل للشكايات؛‬
‫• وكذا إخبار الموزعين عن تتبع المنتوجات المذكورة"‬

‫‪17‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫ال من منظور تجاري بحث‪ .‬فإذا أخل البائع أو المنتج بواجب الصدق‪ ،‬إال وتحملوا نتيجة‬
‫اإلضرار التي تترتب عن ذلك استنادا إلى المادة ‪ 211‬من قانون‪.311,.1.‬‬
‫‪ -2‬االلتزام بضمان السالمة‬
‫بالرغم من كون مصطلح اإللتزام بالسالمة من المفاهيم غير المتداولة إال أن مضمونه هو‬
‫الذي يبرز مدى أهميته‪ ،‬خاصة في هاته المرحلة أي مرحلة التطور العلمي المتميز بكثرة‬
‫المخاطر‪ ،‬ويعود أصل السالمة الى السالم‪ ،‬يقال سلم يسلم سالما وسالمة‪ ،‬وتعني في بعض‬
‫المعاجم البراءة من العيوب واآلفات واألمراض‪ ،‬وإدراج هذا اإللتزام ضمن التشريعات العالمية‬
‫لم يتأت إال في منتصف القرن العشرين‪.32‬‬
‫وقبل الحديث عن االلتزام بالسالمة كمستحدث يحمي الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية‬
‫وجب تعريفه أوال وبدءا بالسالمة ‪،‬والتي أمكن تحديد المقصود بها بأنها الحالة التي يكون منها‬
‫الكيان الجسدي والصحي للمتعاقد محفوظا من أي اعتداء يسببه له تنفيذ االلتزامات التعاقدية في‬
‫االتفاق المبرم بين هذا األخير وبين مهني محترف‪ ،‬فالناقل على سبيل المثال يلتزم بتوصيل‬
‫المسافر سالما معافى إلى الجهة التي يقصدها ويشمل هذا االلتزام الوقت من اللحظة التي يركب‬
‫هذا المسافر السيارة أو القطار أو غير ذلك من وسائل النقل على لحظة نزوله منها‪ ،‬والسالمة‬
‫بهذا المعنى مفهوم أحادي ‪ monolithique‬ال يختمل التدرج أو التنوع‪ ،‬وبهذا من اجل الوفاء‬
‫بها يجب أن تغطي السالمة كل مدة تنفيذ االلتزامات المتولدة عن العقد الذي أنشأها و أن تكون‬
‫مطلقة ال يشوبها نقص وال تعتريها حادثة‪ ،33‬ولكن قد يطرح التساؤل حول تحديد العقود التي‬
‫تتضمن التزاما بالسالمة‪ ،‬أي بمعنى ماهي العقود التي تتضمن االلتزام بالسالمة‪.‬‬
‫لقد حاول الفقهاء وضع معيار شامل بتحديد العقود التي تتضمن االلتزام بالسالمة فذهب‬
‫البعض إلى أن االلتزام بضمان السالمة يوجد في العقود التي تضع شخص الدائن تحت الحراسة‬
‫المؤقتة للمدين بااللتزام الرئيسي الناشئ عن العقد‪ ،‬في حين اعتد البعض األخر في تحديد معيار‬
‫االلتزام بضمان السالمة في كل حالة ينفذ المدين التزامه الرئيسي في مكان أو بأداة تخضع‬
‫لسيطرته‪ ،‬و واالتجاه ال الثالث – وهو السائد في الفقه‪ -‬إلى أن معيار االلتزام بضمان السالمة‬

‫‪ 31‬محمد العروصي‪ ،‬م س‪ .‬ص ‪.52‬‬


‫‪32‬محمد العروصي‪ ،‬المختصر في العقود المسماة‪ ،‬مرجع سابق الصفحة‪235 :‬‬
‫‪ 33‬عبد القادر أقصاصي‪ ،‬االلتزام بضمان السالمة في العقود‪ _-‬نحو نظرية عامة__ الكبعة األولى ‪ ،1121‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬ص‪.122-121‬‬

‫‪18‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫يتظمن ثالث عناصر وتعد بمثابة شروط لوجود هذا االلتزام وهي وجود خطر يهدد السالمة‬
‫الجسدية ألحد المتعاقدين وأن يعهد أحد المتعاقدين بنفسه إلى المتعاقد االخر و أخيرا أن يكون‬
‫المتعاقد المدين بااللتزام بالضمان بالسالمة مهنيا‪.34‬‬
‫ويمكن تصنيف العقود التي أدرج فيها الضمان بالسالمة إلى طائفتين‪ :‬العقود الواردة على‬
‫الخدمات والعقود الواردة على المنتجات‪ ،‬وسنقتصر على االلتزام بضمان السالمة في عقد‬
‫النقل‪.‬‬
‫االلتزام بضمان السالمة في عقود الخدمات‪:‬‬
‫االلتزام بضمان السالمة في عقود الخدمات يتضمن باألساس ضمان السالمة في عقد نقل‬
‫األشخاص وااللتزام بضمان السالمة في المجال الطبي‪ ،‬وسنقتصر على االلتزام بضمان‬
‫السالمة في عقد النقل خاصة عقد نقل األشخاص دون البضائع‪.‬‬
‫إن مقتضى االلتزام بضمان السالمة هو التزام الناقل بإيصال الراكب أو المسافر إلى مكانه‬
‫المقصود سالما معافى دون أن تلحقه أية إصابة أثناء النقل وذلك تحت طائلة اثارة مسؤوليته‬
‫العقدية وهي مسؤولية مفترضة ال يجوز له بأي حال من األحوال دفعها بفعل كل ما هو‬
‫ضروري لتجنب الضرر الالحق بالراكب وأنه لم يصدر منه أي تقصير بل عليه أن يثبت القوة‬
‫القاهرة أو خطأ الضحية‪ ،‬وهذا هو الطرح الذي تبناه المشرع المغربي‪ 35‬في الفصل ‪ ,3536‬من‬
‫‪.‬‬
‫القانون التجاري‬
‫وقد عرف المشرع المصري عقد النقل بانه" اتفاق يلتزم بمقتضاه الناقل بأن يقوم بوسائله‬
‫الخاصة بنقل شخص أو شيء إلى مكان معين مقابل أجرة"‬
‫أما المشرع الجزائري فقد عرفه في القانون لتجاري" بأنه اتفاق يلتزم بمقتضاه متعهد النقل‬
‫مقابل ثمن بأن يتولى بنفسه نقل شخص أو شيء إلى مكان معين‪ ،‬فالعنصر األساسي في النقل‬
‫هو تغير المكان ‪ déplacement‬حيث تكون نقطة الوصول ‪ Arrivée‬مختلفة عن نقطة القيام‬
‫‪ Départ‬فالنقل ال يتحقق إال بإيصال الشخص من مكان الى مكان اخر‪.37‬‬

‫‪34‬عبد القادر أقصاصي‪ :‬االلتزام بضمان السالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122:‬‬


‫‪35‬البكاي المعزوز‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في مجال نقل األشخاص‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬عدد‪،7‬‬
‫‪1‬يونيو ‪ ،1111‬ص‪.7:‬‬
‫‪36‬المادة ‪ " ,35‬يسأل الناقل عن األضرار الالحقة بشخص المسافر خالل النقل‪ .‬وال يمكن إعفاؤه من هذه المسؤولية إال‬
‫بإثبات حالة القوة القاهرة أو خطأ المتضرر"‬
‫‪37‬عبد القادر أقصاصي‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في العقود‪ ،‬مرجع سابق‪: ،‬ص‪.2‬‬

‫‪19‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫وااللتزام بضمان السالمة كالتزام رئيس للناقل في طبيعته اختلف الفقه فيه هل هو التزام‬
‫ببذل عناية أو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬فتوجه فقهي يرى أن محل االلتزام بضمان السالمة هو‬
‫مجرد بذل عناية أساسه اتخاذ جميع التدابير الالزمة لتفادي الحوادث التي تصيب المسافرين‬
‫خالل النقل وبالتالي يقع على عاتق الركاب إثبات قصور الناقل أو خطأه إن أراد الحصول على‬
‫تعويض‪ ،‬والفقه الفرنسي انتقد هذا الموقف مؤكدا أن عقد نقل األشخاص يفرض على الناقل‬
‫التزاما بإيصال المسافر سالما معافى إلى وجهته المقصودة أي أن محل التزام الناقل هنا هو‬
‫التزام بتحقيق نتيجة و بالتالي متى أصيب الراكب بضرر أثناء السفر يكون الناقل قد أخل‬
‫بالتزامه العقدي و يلتزم بال تعويض و ال يمكنه دفع المسؤولية عنه إال بأثبات خطأ السبب‬
‫األجنبي الذي ال يد له فيه وهو نفس الموقف الذي سلكه القضاء الفرنسي‪.38‬‬
‫وبالتالي كان توجه القضاء الفرنسي إلى اعتبار االلتزام بضمان السالمة في عقد النقل هو‬
‫التزام بتحقيق نتيجة وليس التزام ببذل عناية‪.‬‬
‫وفي المغرب يالحظ أن المادة ‪ ,35‬من القانون التجاري لم تفصح بشكل دقيق (عن طبيعة‬
‫التزام الناقل ورغم ذلك يمكن تحديد طبيعة التزام الناقل من خالل نفس المادة والقول بأن التزام‬
‫الناقل هو التزام بتحقيق نتيجة ألن المادة المذكورة لم تفرض على الراكب عبئ إثبات خطأ‬
‫النا قل غذ أن مسؤولية هذا األخير مفترضة وال يمكنه التخلص منها أال بإثبات القوة القاهرة أو‬
‫خطأ المضرور وتبعا لذلك يلزم الناقل بإيصال المسافر إلى مكانه المقصود سالما معافى دون‬
‫أية إصابة‪.39‬‬
‫وهنا أيضا تجدر االشارة إلى أنه قد تقوم وكالة سياحية بالنقل فتكون ناقال إذا تم النقل‬
‫بوسائل نقل مملوكة لها أو تم النقل بوسائل نقل مستأجرة من قبلها وكان لها حق اإلشراف‬
‫والرقابة على وسيلة النقل وحتى يكون للوكالة وصف ناقل بالتطبيق لنظرية األوضاع الظاهرة‬
‫فإنه ي لزم أن تتوافر شروط تطبيق هذه النظرية وأولها أن يكون لدى العميل الذي يتمسك بالزاهر‬

‫‪38‬البكاي المعزوز‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في مجال نقل األشخاص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪..:‬‬
‫‪ 39‬البكاي المعزوز‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في مجال نقل األشخاص‪ ،‬مرجع سابق ص‪.21:‬‬
‫ولقد أكد المجلس األعلى في احدى قراراته حيث قضى " أن المحكمة وهي تطبق مقتضيات الفصل ‪ 211‬من القانون‬
‫التجاري لم تكن ملزمة أن تذكر األخطاء المرتكبة من طرف الناقل ذلك أن مسؤولية هذا األخير مفترضة حسب الفصل‬
‫المذكور‪ ،‬ومن جهة أخرى حيث إن المحكمة عندما حملت الضحية جزءا من المسؤولية بعلة أنها لم تتخذ االحتياطات الالزمة‬
‫دون أن توضح المحكمة ماهي االحتياطات الالزمة تكون بصنيعها قد اضرت بمصالح الضحية ال بمصالح الطاعن"‬
‫وفي نفس اإلطار قضت محكمة االستئناف أن الناقل ملزم باتخاذ كل االحتياطات الضرورية لضمان سالمة ركابه وال يمكن‬
‫أن يعفى من المسؤولية إال إذا اثبت وجود حدث فجائي أو قوة قاهرة"‪ :‬المعزوز البكاي‪ :‬نفس المرجع أعاله‪ ،‬ص‪.22:‬‬

‫‪20‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫حسن النية أن يعتقد بحن النية أن والوكالة السياحية ناقل ويقع عليه إثبات حسن نيته ويكتفي منه‬
‫إلثبات حسن نيته إثبات المظهر الخارجي المنسوب إلى وكالة السياحة وأن المظهر الخارجي‬
‫للوكالة دفع العميل إلى االعتقاد بأن الوكالة ناقل‪.40‬‬

‫‪ 40‬عبد القادر أقصاصي‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في العقود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، 21‬وفي هذا اإلطار قضت محكمة‬
‫النقض الفرنسية بذلك بمناسبة تحطم طائرة تابعة لشركة جنوب فرنسا مونبلييه في أثناء رحلتها من باريس إلى كازا بالنكا‬
‫بالمغرب وتبين أن تذكرة أحد المسافرين قد سلمت له من قبل إحدى الوكاالت السياحية فطالب ورثة المسافر الحكم لهم‬
‫بمسؤولية الوكالة المذكورة وقد استجابت محكمة الدرجة األولى والثانية إلى طلبهم استنادا لنظرية األوضاع الظاهرة ألن‬
‫ا لوكالة تركت لدى المدعي اعتقادا جازما بأنها الناقل الحقيقي حيث سلمته تذكرة نقل وظهر اسمها بالمكان المخصص السم‬
‫الناقل وقد أيدت محكمة النقض هذا الحكم في دعوى النقض‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تأثير االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد‪.‬‬


‫يتجلى تأثير االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد في خرق المبادئ التي تؤطر‬
‫العالقة التعاقدية وقد اقتصرنا في الحديث عن هذا التأثير على مبدأ سلطان اإلرادة (الفقرة‬
‫األولى) و مبينين التدخل القضائي في توجيه العالقة التعاقدية ( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تراجع مبدأ ســـــــلطان اإلرادة‬
‫يقصد بمبدأ سلطان اإلرادة أن الفرد حر في التعاقد أو عدم التعاقد وإذا قيد نفسه بالموافقة‬
‫على العقد فهذا يكون عن اقتناع واختيار تامين‪ ،‬وفي بعض الحاالت يتم استغالل قواعد هذا‬
‫المبدأ بما فيه الحرية التعاقدية والقوة الملزمة للعقد وهو ما سنتطرق اليه في النقط الموالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التأثير على الحرية التعاقدية‪.‬‬
‫وسنقتصر على ذكر بعض مظاهر تقييد الحرية التعاقدية‪.‬‬
‫‪ :1‬االلتزام باإلعالم في العقود االستهالكية‬
‫لئ ن كان االصل في العالقات التعاقدية هو الحرية في التعاقد‪ ،‬على اعتبار ان العقد شريعة‬
‫متعاقدين‪ ،‬بما يعني االكتفاء في ابراز الرضائية في العقود ‪،‬حيث يعتبر العقد تام بمجرد تراضي‬
‫طرفيه‪ ،‬لكن امام التطور الحاصل في المجال التعاقدي اصبح هذا المبدأ غير كفيل في اضفاء‬
‫الحماية القانونية بالخصوص على الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية وامام تنامي نوع جديد‬
‫من العقود من قبيل عقود االذعان بما اصبح معه هذا االمر يشكل خطرا بالخصوص على‬
‫الطرف الضعيف في هذه العالقة والذي غالبا ما يكون هو المستهلك وامام القصور قانون‬
‫االلتزامات والعقود على اعطاء الحماية الكافية لهذا الطرف برزت معه مجموعه من قوانين‬
‫الحديثة‪ ،‬وجاءت بالتزامات مستحدثه تلقى على عاتق المهني باعتباره الطرف القوي في هذه‬
‫الحلقة اد نجد من بينها االلتزام باإلعالم في العقود االستهالكية التي حاولت باألساس تحقيق نوع‬
‫من التوازن العقدي بين المهني والمستهلك‪ ،‬اذ نجد مجموعه من القوانين الحديثة لتحقيق هذا‬
‫الهدف من بينها ‪ 22.13‬المتعلق بحمايه المستهلك القسم الثان ينجد انه الزم المورد بالقيام بإعالم‬
‫المستهلك بكافه المعلومات المتعلقة بالمنتوج او السلعة او الخدمة وكذا مصدر المنتوج او السلعة‬
‫وتاريخ صالحيه ان اقتضى الحال وهذا ما يصطلح عليه بااللتزام العام باإلعالم‪ .41‬حيث يلتزم‬

‫‪ 41‬راجع احكام الباب الثاني من القسم الثاني من القانون رقم ‪ 22.13‬القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك حيث يتناول في‬
‫الباب المذكور االلتزام العام باإلعالم‬

‫‪22‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫المورد باإلدالء بالمعلومات المتعلقة بكل المميزات األساسية المنتوج او السلعة والخدمة محل‬
‫العقد وكذا مصدر هذا المنتوج او السلعة ثم تاريخ الصالحية‪ 42‬باإلضافة الى إلزام المورد بان‬
‫يسلم الفاتورة او المخالصة او تذكره صندوق او اي وثيقة اخرى تقوم مقامها‪ 43‬وكذلك االعالم‬
‫عن االسعار والتعريفات‪ 44‬كما الزمه بإعالم المستهلك بخصوص اجل التسليم وذلك في المواد‬
‫‪ 2, 22 21‬من قانون ح ماية المستهلك وامام هذا االلزام فقد أقرنه المشرع بجزاء قانوني في‬
‫حالة االخالل به سواء في القواعد العامة او في القواعد الخاصة‬
‫باإلضافة الى تنظيم االلتزام باإلعالم في القانون‪ 22.13‬نجد ايضا بعض القوانين الخاصة‬
‫االخرى قامت بتنظيمه من قبيل القانون‪ 22..1‬المتعلق بالنظام االساسي لوكاالت األسفار‬
‫‪ 45‬حيث من االكيد ان ضرورة انارة الطريق المستهلك ودعم مركزه التفاوضي يجعله في حاجة‬
‫ماسه الى كل المعلومات الضرورية التي تمد ازره وتساعده على اتخاذ القرار السليم فيما يريد‬
‫ان يقدم عليه وال يتأثر له ذلك في نظرنا اال بالزام المحترفين بتزويده بكافه المعلومات الالزمة‬
‫و الكفيلة بجعله يتعاقد وهو على بينة من امره وتجعله في وضعيه تسمح له بتقدير مدى مالئمه‬
‫العقد الذي يريد الدخول فيه ‪.46‬‬
‫هذا ما يبرز دور االلتزام باإلعالم باعتباره التزام مستحدث يقع على عاتق المهني‪ ،‬الذي‬
‫يعتبر ملم بكل المعل ومات المتعلقة بالعقد وعلى درأيه بمضمونها وغاياتها‪ ،‬حيث يكون ملزم‬
‫بإعالم المستهلك بها بحسن النية وذلك تحت طائلة الجزاء‪.‬‬
‫‪ :2‬التعبير عن إلرادة في التعاقد االلكتروني‬
‫ان المشرع المغربي واقتناعا منه باألهمية التي أصبح يحتلها التبادل االلكتروني للمعطيات‪،‬‬
‫ومواكبة منه لمختلف التحوالت التي يعرفها هذا المجال‪ ،‬بادر على اصدار القانون ‪52.1547‬‬
‫الذي ينظم تبادل المعطيات بشكل الكتروني‪.48‬‬

‫‪ 42‬المادة ‪ 2‬من مدونة الحقوق العينية‬


‫‪ 43‬المادة ‪ ,‬من مدونة الحقوق العينة‬
‫‪ 44‬المادة ‪,5‬من مدونة الحقوق العينة‬
‫‪ 45‬القانون رقم ‪ .1.22‬متعلق بالنظام االساسي لوكالة االسفار‪ .‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم بتاريخ ‪ ,‬شوال‬
‫‪21(2,27‬فبراير ‪)2.27‬‬
‫‪ 46‬بوبكر مهم‪" .‬التزام وكالت االسفار بإعالم المستهلك"‪ ،‬قراءة في القانون رقم ‪ 22..1‬المتعلق بالنظام األساسي لوكاالت‬
‫االسفار‪ .‬مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ .‬عدد ‪ 1123.12‬ص‪.22.‬‬
‫‪47‬القانون رقم ‪ 52.15‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪2.17.21.‬‬
‫صادر في ‪ 2.‬من ذي القعدة ‪ 21( 2,13‬نوفمبر ‪.)1117‬‬
‫‪48‬عبد العالي دقوقي‪ ،‬الوجيز في القانون المدني‪ .‬ط االولى ‪ .1127‬ص ‪.31‬‬

‫‪23‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫يعتبر العقد المبرم على الطريقة اإللكترونية من النماذج العقدية التي يتم فيها تسخير‬
‫التكنولوجيا الحديثة إلبرام الصفقات والعقود على نحو أسرع وأضمن لمصالح األطراف‬
‫المستعملة لهذه التقنية الجديدة لتبادل المعطيات بشكل إلكتروني‪ ،‬وهذا النموذج العقدي ما هو في‬
‫الواقع إال صورة من صور التعاقد بين غائبين عن مجلس العقد باستعمال وسائل حديثة لم تكن‬
‫معروفة من قبل‪ ،‬لذلك يمكن القول بأن العقد المبرم بشكل إلكتروني هو الذي يتم فيه استغالل‬
‫التقنيات المتطورة في ميدان التواصل المعرفي بدءا بالمفاوضات التمهيدية إلى طرح العـرض‬
‫بشكل جدي على الجهة التي ينوي العارض التعاقد معها‪ ،49‬ولذلك يطرح السؤال حول مظاهر‬
‫تأثر النظرية العامة للعقد بمقتضيات القانون رقم ‪.52.15‬‬
‫أول ما يمكن تسجيله بهذا الخصوص هو أن المشرع قد بادر منذ البداية الى االعتراف‬
‫بالمحررات المحمولة على دعامة الكترونية كوسيلة لإلثبات مقبولة إلثبات الحقوق وااللتزامات‬
‫شأنها في ذلك شأن المحررات العرفية غير أن هذا االعتراف مشروط بضرورة التعرف على‬
‫هوية الجهة التي ساهمت في إصداره والتوقيع عليه‪.50‬‬

‫اضافة الى ذلك فانه بنظر لطبيعة هذا النوع من التعاقد فقد أصبح معها تطبيق المقتضيات‬
‫العامة لإلجاب و قبول غير قابلية الستيعاب التقنيات الحديثة للتعاقد لذا نص المشرع لذا نص‬
‫صراحة في الفصل ‪ 15-1‬من قانون االلتزامات والعقود كما تم تتميمه على استبعادها وعدم‬
‫تطبيقها على العقد المبرم بشكل الكتروني أو الموجه بطريقة الكترونية الشيء الذي دفعه إلى‬
‫وضع قواعد خاصه تنظم اإليجاب والقبول في التعاقد اإللكترونية‪.51‬‬

‫اضافة الى ذلك فإنه بنظر لطبيعة هذا النوع من التعاقد فقد أصبح معها تطبيق المقتضيات‬
‫العامة لإلجاب و قبول غير قابلية الستيعاب التقنيات الحديثة للتعاقد لذا نص المشرع صراحة في‬
‫الفصل ‪ 15-1‬من قانون االلتزامات والعقود كما تم تتميمه على استبعادها وعدم تطبيقها على‬
‫العقد المبرم بشكل الكتروني أو الموجه بطريقة الكترونية الشيء الذي دفعه إلى وضع قواعد‬
‫خاصه تنظم اإليجاب والقبول في التعاقد اإللكتروني‪.‬‬

‫‪49‬عبد القادر العرعاري‪ .‬مصادر االلتزام الكتاب االول نظرية العقد‪ .‬ط ‪ .1122‬ص ‪.211 215‬‬
‫‪50‬عبد القادر العرعاري‪ .‬م س‪.‬ص‪22,‬‬
‫‪51‬يونس غالمي‪ .‬أثر التحوالت االقتصادية على العقد في التشريع المغربي‪ .‬رسالة لنيل دبلوم الماستر قانون المنازعات‪.‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية بمكناس‪ .‬س ‪ .112.‬ص ‪.2.‬‬

‫‪24‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫خالصة القول أن توافق اإلرادتين في العقود المبرمة إلكترونيا تعد من التجارب الجديدة التي‬
‫اقتحم بها العنصر البشري سوق المعامالت التجارية والمدنية على حد سواء‪ ،‬مستعمال في ذلك‬
‫أحدث المستجدات التي عرفها نظام التواصل التكنولوجي وهذا النموذج التعاقدي ما هو إال‬
‫النموذج البارز لصور التعاقد عن بعد‪ ،‬يتقاطع مع قانون االلتزامات والعقود في الكثير من‬
‫المحطات المشتركة بينهما‪ ،‬إال أنه في مقابل ذلك يمتاز بعدة خصائص ذاتية تباعد بينه وبين ما‬
‫هو منصوص عليه في هذه المدونة‪ ،‬األمر الذي دفع بالمشرع إلى تعطيل العمل بجملة من‬
‫الفصول التي لم تعد مناسبة لهذا النمط التعاقدي الجديد المنظم بمقتضى القانون (‪.52)52.15‬‬
‫‪ :8‬الشكلية في التصرفات العقارية‬
‫إ ن المعامالت العقارية بكل انواعها من بيع او شراء او غير ذلك فهي من المعامالت التي‬
‫تلعب دورا اساسيا ومن األ همية بمكان في حياه االفراد والجماعات فهي تعمل على نقل االموال‬
‫والحقوق بين االفراد داخل المجتمع واعتبارا لهذه األهمية ظهرت الحاجة الى قواعد واحكام‬
‫قانونيه تعمل على ضبط انتقالها في جو تسوده الثقة واالمان تحقيقا للتوازن االقتصادي‬
‫واالجتماعي واالصل في المبادئ العامة لنظرية العقد ان توافق ارادتين يرتب اثرا قانونيا‬

‫لكن استثناء لهذا تدخل المشرع في الفصل ‪ ,3.‬من قانون االلتزامات والعقود الى ضرورة‬
‫الكتابة في البيوعات العقارية اذا كان المبيع عقارا او حقوقا عقاريه او اشياء اخرى يمكن رهنها‬
‫رهن رس ميا وجب ان يجري البيع كتابه في محرر ثابت التاريخ وليكون له اثر في مواجهه‬
‫الغير اال اذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون لكن هذا الفصل لم يشرط نوعا محددا‬
‫للكتابة والذي يمكن تقديمه لألثبات في مواجهه الكافة االمر الذي جعل مجموعة من االشكاالت‬
‫العملية تطفو على السطح ومنها انتشار العقود العرفية المعيبة الى غيرها من االشكاالت والتي‬
‫والتي جاءت لتوحد‬ ‫‪53‬‬
‫تداركها بإصدار القانون رقم ‪ 2..13‬المتعلق بمدونه الحقوق العينية‬
‫االجتهاد القضائي في باب المعامالت العقارية والتي نصت المادة الرابعة يجب ان تحرر تحت‬
‫طائلة البطالن جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية او بإنشاء الحقوق العينية االخرى او‬
‫نقل ها او تعديلها او اسقاطها بموجب محرر رسمي او بمحرر ثابت تاريخ يتم تحريرها من‬
‫طرف محامي مقبول للترافع امام محكمة النقض ما لم ينص القانون على خالف ذلك‬

‫‪52‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬م س ص‪225.‬‬


‫‪53‬القانون رقم‪ 22.13‬مدونة الحقوق العينية المنفذ بظهير ‪11‬نونبر ‪1122‬‬

‫‪25‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫وكذلك القانون رقم ‪ 217.21‬والمتمم والمغير للقانون رقم ‪ ,,.11‬المتعلق ببيع العقارات‬
‫في طور اإلنجاز‪ 54‬الذي سار على نفس منهج القانون ‪ ,,.11‬واشترط الطابع الشكلي في المادة‬
‫‪2/123‬منها عقد التخصيص وهو عقد اختياري مدته ال تتجاوز ‪ 1‬أشهر غير قابلة للتجديد‬
‫وكرر المشرع الفصل ‪ 123‬ثالث مرات ليستوعب مضامين المستجدات المتعلقة بهذا اإلطار‬
‫األولي لمشروع ما قبل التعاقد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التأثير على مستوى القوة الملزمة للعقد‪:‬‬
‫لم يقتصر التأثير القانوني على مبدأ الحرية التعاقدية فقط ‪،‬بل استمر إلى المبادئ األصيلة‬
‫للنظرية العامة للعقد‪ ،‬ومبدأ القوة الملزمة للعقد مبدأ أصيل في هده النظرية ‪،‬حيث ينص الفصل‬
‫‪ 121‬من قانون االلتزامات والعقود على " االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم‬
‫مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ‪ ،‬وال يجوز إلغائها إال برضاهما معا أو في الحاالت‬
‫المنصوص عليها في القانو ن " فالعقد شريعة المتعاقدين فال يجوز نقضه أو تعديله إال باتفاق‬
‫الطرفين أو لألسباب التي يقررها القانون ‪،‬وهذا ما يقضي به مبدأ سلطان اإلرادة‪.55‬‬
‫وأدخلت تعديالت قانونية كثيرة سواء من داخل بنية قانون االلتزامات والعقود أو من‬
‫خارجها‪ ،‬والتي حملت التزامات كانت استثناء على القواعد العامة للعقد‪ ،‬منها مبدأ القوة الملزمة‬
‫للعقد وهذه القوانين هي‪:‬‬
‫* القانون رقم ‪ 22.13‬القاضي بتدابير حماية المستهلك الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 12.22.2‬بتاريخ ‪ 3‬فبراير ‪.1122‬‬
‫* والقانون رقم ‪ 15...‬المتعلق بمدونة الشغل المنفذ بظهير ‪ 22‬سبتمبر ‪.1112‬‬
‫* ظهير ‪ 21‬يونيو ‪ 112,‬الصادر بتنفيذه القانون رقم ‪ 11.22‬المتعلق بمجلس المنافسة‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بالقانون رقم ‪ 22.13‬المتعلق بتدابير حماية المستهلك‪ ،‬فمبدأ القوة الملزمة للعقد‬
‫يعد أولى ال عقبات التي تواجه المستهلك والتي بمقتضاها ال يجوز له أن يستقل بإنهاء العقد أو‬
‫تعديل أحكامه إال في حدود ما يسمح به االتفاق أو نص القانون‪ ،‬وبما أن المستهلك ضعيف في‬

‫‪54‬قانون رقم ‪ ,,.11‬بشأن بيع العقارات في طور االنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصدر في ‪.‬‬
‫رمضان‪ 21(22221‬اغسطس ‪ )2.22‬بمثابة قانون االلتزامات العقود كما تم تغيير بالقانون رقم ‪ 2( 217.21‬فبراير ‪)1121‬‬
‫‪ 55‬المعزوز البكاي‪ :‬اضطراب نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21:‬‬

‫‪26‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫عقد االستهالك تنقصه الخبرة القانونية والفنية في هذا المجال في مقابل طرف قوي يستطيع‬
‫‪56‬‬
‫تطويع مفاصل العقد خدمة لمصالحه الخاصة ولو كان ذلك على حساب المستهلك‬
‫تظهر الحماية المقررة للمستهلك في االلتزامات المقررة للمستهلك ‪ ،‬أولها الحق في‬
‫التراجع ‪ ،‬فصحيح أن لهذا الحق مساس ببعض المبادئ الراسخة والتي لها من الثقل القانوني ما‬
‫ال ينبغي معه إهمالها أو التقليل من قيمتها كالعقد شريعة المتعاقدين والقوة الملزمة للعقد والحق‬
‫المكتسب ‪،‬واستقرار المعامالت وغيرها ‪ ،‬ولقد جاء في ديباجة القانون ‪ 22.13‬المتعلق بحماية‬
‫المستهلك باعتبار هذا القانون إطارا مكمال للمنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك ‪ ،‬وقد‬
‫عرف لنا البعض الحق في ال تراجع بأنه إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد‬
‫ّ‬
‫ويكون بأن يرد المستهلك المنتوج الذي تم تسليمه إليه ما دام أن ثمة مبررات معقولة فهو سلطة‬
‫أحد المتعاقدين باالنفراد بنقض العقد والتحلل منه دون توقف ذلك على إرادة الطرف اآلخر‬
‫وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 21‬من قانون حماية المستهلك‪.57‬‬
‫وذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف اإلرجاع إن اقتضى‬
‫الحال وتسري اآلجال المشار إليها في الفقرة السابقة ابتداء من تاريخ تسلم السلعة وقبول‬
‫العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات‪ ،‬والمشرع في قانون حماية المستهلك جعل جميع أحكامه من‬
‫النظام العام وجعلها قواعد آمرة‪.‬‬
‫أما بخصوص مدونة الشغل فقد جاءت بخرق للمبدأ القاضي بالقوة الملزمة للعقد‬
‫بدورها‪ ،‬وذلك على وجه الخصوص في نطاق المادتين ‪ 2,7‬و‪ 11‬من هذه المدونة‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 2,7‬بأنه " يؤدى لألجير عن المدة التي يقضيها في مكان الشغل‪ ،‬في حالة ضياع‬
‫الوقت لسبب خارج عن إرادته‪....‬أجر يحتسب بناءا على نفس األسس التي يحسب عليها األجر‬
‫العادي"‬
‫ويستفاد من ذلك أن المشرع ميز بخصوص تأثير االنقطاع المؤقت للشغل عن األجرة‬
‫المحددة بالوحدة الزمنية (مثل اليوم أو الساعة) بين مجالين‪:‬‬
‫* األول في المجال الصناعي‪ :‬يستحق العامل أجره العادي حتى عن الوقت الضائع‬
‫الذي قضاه في أماكن العمل‪ ،‬دون أن يستطيع االشتغال وذلك ألسباب خارجة عن إرادته‪.‬‬

‫‪ 56‬عبد الرزاق العمري‪ ،‬مدى تأثير القانون على النظرية العامة للعقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪..5‬‬
‫‪ 57‬عبد الرزاق العمري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪21,‬‬

‫‪27‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫* الثاني في المجال الفالحي‪ :‬إذا استعصى على رب العمل تمكين األجير من مزاولة‬
‫عمله بسبب ظروف مناخية استثنائية (جراد كاسح‪ ،‬أمطار غير معتادة‪ ،‬حرارة شديدة جدا‪.‬‬
‫فإن أجرة هدا األخير تح ُ‬
‫ط بحسب حالتين‪ :‬األولى‪ ،‬تخول له نصف األجرة اليومية عند‬
‫تعطله اليوم بكامله‪ ،‬والثانية تخول له ثلتي األجرة اليومية إذا استمر عاطال خالل نصف اليوم‬
‫فقط‪.58‬‬
‫*‪-‬إنهاء عقود الشغل ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية‪:‬‬
‫يحق لصاحب المؤسسة أن يفصل أحد عماله أو بعضهم إذا اضطر لذلك نظرا لتعرض‬
‫السير العادي لمؤسسته لظروف اقتصادية خانقة تتعلق مثال بعوامل الكساد‪ ،‬ارتفاع فاحش لسعر‬
‫المواد األولي ة أو مواد الطاقة‪ ،‬أو لظروف تقنية ملحة تهم التغيرات التي تلحق وسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫لكن يتعين أن يحصل إنهاء عقود الشغل كال أو بعضا وفق اإلجراءات والشروط المنصوص في‬
‫مدونة الشغل‪.‬‬
‫فبموجب المادة ‪ 11‬من هذه المدونة‪( :‬يجب على المشغل في المقاوالت التجارية‪ ،‬أو‬
‫الصناعية‪ ،‬أو في االستغالليات الفالحية أو الغابوية وتوابعها‪ ،‬أو في مقاوالت الصناعة التقليدية‬
‫الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر‪ ،‬والذي يعتزم يعتزم فصل االجراء كال أو بعضا‬
‫ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها أو ألسباب اقتصادية‬
‫وتجذر اإلشارة إلى أن المشرع أخذ بنظرية الظروف الطارئة في المجال الفالحي لتقليص‬
‫أجرة العامل في الميدان الفالحي احتراما لخصوصياته ولم يأخد بها في المجال الصناعي‬
‫متمسك بالقوة الملزمة للعقد وموجبات حماية األجراء ‪ ،‬وأيضا في القانون ‪ 21,.21‬المتعلق‬
‫بحرية األسعار والمنافسة ‪ ،‬فاألصل أنه يعين المتابعين الثمن في البيع بالمفاوضة فيما بينهم ‪،‬‬
‫كما يتفاوضان بشأن باقي شروط العقد ‪ ،‬ولكن على سبيل االستثناء تستطيع اإلدارة بعد أخذ رأي‬
‫مجلس المنافسة أن تتصدى مؤقتا لظاهرة األسعار أو انخفاضا بصورة فاحشة نظرا لظروف‬
‫استثنائية غير متوقعة ‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ ,‬من هذا القانون ‪ ":‬ال تحول أحكام المادتين ‪1‬و‪2‬‬
‫أعاله دون إمكانية قيام اإلدارة بعد استشارة مجلس المنافسة ‪ ،‬اتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أو‬
‫انخفاض فاحش في األسعار ‪،‬تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية‬

‫‪ 58‬عبد الحق الصافي‪ :‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1111‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪-1.1 :‬‬
‫‪.1.2‬‬

‫‪28‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫‪،‬بشكل واضح في السوق بقطاع معين ‪ ،‬وال يجوز أن تزيد مدة تطبيق التدابير المذكورة على‬
‫‪59‬‬
‫ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة من طرف اإلدارة"‬
‫وهذا الفصل يظهر اإلمكانية المتاحة لإلدارة بإمكانية خرق القوة الملزمة للعقد التي تفرض‬
‫أن طرفا العقد هما المعنيان بتعديل بنوده ولكن نظرا ً لظروف محددة تتدخل اإلدارة في تعديل‬
‫هذه الشروط‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التوجيهية القضائية للعالقة التعاقدية‬
‫إلى جانب الدور الذي يلعبه التشريع من خالل تدخله في العقد لحماية المتعاقد الضعيف‪،‬‬
‫يوجد متدخل آخر ال يقل أهمية عن األول‪ ،‬الحديث هنا عن دور القضاء في إعادة التوازن‬
‫العقدي‪ ،‬فكما ال يخفى على الجميع الدور األساسي الذي يلعبه االجتهاد القضائي في تطوير‬
‫والمشرع منح القاضي آليات إلعادة التوازن‬ ‫‪60‬‬
‫قواعد التشريع وسد ما لهذا األخير من نقص‪.‬‬
‫العقدي من خالل أوال‪(:‬تفسير العبارات المبهمة) وثانيا (سلطة القاضي في تعديل التعويض‬
‫االتفاقي ومنح مهلة الميسرة)‬
‫أوال‪ :‬تفسير العبارات المبهمة‪:‬‬
‫وقبل استعراض الحاالت التي يتخل فيها القاضي لتفسير العقد يجب تعريف التفسير‬
‫‪ -1‬تعريف التفسير‪:‬‬
‫يقصد بالتفسير تلك العملية الذهنية التي يقوم بها القاضي من اجل الوقوف على االرادة‬
‫الحقيقية للمتعاقدين‪ ،‬وله الحق في ان يستعمل كل األساليب القانونية التي من شأنها ان تساعده‬
‫على معرفة قصد المتعاقدين وال يكون للتفسير موجب من الناحية العملية اال إذا كانت ألفاظ‬
‫العقد غامضة أو مبهمة تحتمل أكثر من معنى اال ان ذلك ال يمنع من تفسير بعض العقود حتى‬
‫ولو كانت العبارات المستعملة واضحة متى تطلب األمر ذلك‪.61‬‬

‫‪ -2‬التفسير القضائي للعقود المبهمة بين قانون ق‪.‬ل‪.‬ع وقانون رقم ‪81.13‬‬

‫‪ 59‬عبد الحق الصافي‪ ،‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬م س‪،‬ص ‪221:‬‬


‫‪ 60‬يونس غالمي‪" :‬أثر التحوالت االقتصادية على العقد في التشريع المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون‬
‫المنازعات‪ ،‬بمكناس ‪ ،112./1123،‬ص‪3,‬‬
‫‪ 61‬عبد القادر العرعاري‪ .‬م س‪ .‬ص ‪212‬‬

‫‪29‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫ولقد نظم المشرع المغربي مسألة التدخل القضائي لتفسير العقد من خالل الفصول من ‪,12‬‬
‫إلى ‪ ,72‬وباستقراء هذه الفصول يتبين أن القاضي في تفسيره للعقد يبقى رهين ببنوده‬
‫وعباراته‪ .‬إال أنه في ظل التحوالت االقتصادية واالجتماعية التي عرفها العالم‪ ،‬وما ترتب ذلك‬
‫التعاقدية‪ ،‬إذ أصبح لزاما على القضاء من أجل تطوير القواعد التقليدية التي تحكم العقود تطور‬
‫المجتمع‪ .‬إذ نجد المشرع المغربي أعطى صالحية واسعة للقضاء للتخفيف من حدة الشروط‬
‫التعسفية من خالل تفسير مضمون العقد من جهة والتوافق بين حقوق المورد والمستهلك من‬
‫جهة ثانية‪ ،‬ومن هنا فسلطة القاضي تختلف في مواجهة الشروط التعسفية تحت ستار التفسير‬
‫بحسب ما إذا كانت شروط العقد غامضة أو واضحة‪.62‬‬
‫وفي هذا الصدد نصت المادة ‪.‬من القانون ‪ " 22.13‬فيما يتعلق بالعقود التي يحرر جميع‬
‫أو بعض شروطها المقترحة على المستهلك كتابة‪ ،‬يجب تقديم هذه الشروط وتحريرها بصورة‬
‫واضحة ومفهومة‪ .‬وفي حالة الشك حول مدلول أحد الشروط‪ ،‬يرجح التأويل األكثر فائدة بالنسبة‬
‫إلى المستهلك‪ ".‬والتي اشترطت على القاضي في تفسيره للعقد ان يرجح الكفة دائما لفائدة‬
‫المستهلك‪.‬‬
‫كما أن المادة ‪ 21‬من نفس القانون قد نصت على ما يلي‪" :‬دون اإلخالل بقواعد التأويل‬
‫المنصوص عليها في الفصول من ‪ ,12‬إلى ‪ ...... ,72‬ويقدر كذلك بالنظر إلى الشروط الواردة‬
‫في عقد آخر عندما يكون إبرام أو تنفيذ العقدين المذكورين مرتبطين بعضهما ببعض من الوجهة‬
‫القانونية"‪ ،‬والتي يتضح منها توسع نطاق التفسير العقد من طرف القاضي في العقود‬
‫االستهالكية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سلطة القاضي في تعديل التعويض االتفاقي وفي منح مهلة الميسرة‪:‬‬
‫‪ -1‬سلطة القاضي في تعديل التعويض االتفاقي‪:‬‬
‫جاء في إطار الفصل ‪ 11,‬من قانون االلتزامات والعقود بأنه‪ ":‬يجوز للمتعاقدين أن‬
‫يتفقا على التعويض عن األضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بااللتزام األصلي‬
‫كليا أو جزئيا أو التأخير عن تنفيذه " والقضاء عرف التعويض االتفاقي من خالل عدة اجتهادات‬
‫قضائية صادرة عن المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) إذ جاء في قرار لها أن ' الشرط‬

‫‪ 62‬عبد الرزاق العمري‪ .‬م س‪ .‬ص ‪.35‬‬

‫‪30‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫الجزائي هو اتفاق مسبق للتعويض عن األضرار التي قد تلحق الدائن من جرائم عدم الوفاء‬
‫بااللتزام األصلي كليا أو جزئيا أو عن التأخير عن تنفيذه‪.63‬‬
‫والتعويض االتفاقي هو التزام جزئي تابع لاللتزام الرئيسي ويقضي بتعويض مقدر في‬
‫حالة عدم الوفاء كليا أو جزئيا بمضامين العقد‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق يالحظ إن المشرع المغربي ومن خالل تبنيه للقانون رقم ‪17..5‬‬
‫وذهب إلى تأييد االتجاه القضائي المؤيد لمراجعة الشروط التعسفية‬ ‫‪64‬‬
‫المتمم للفصل ‪.11,‬‬
‫الجزائية‪ ،‬اعتقادا منه إلى أن ذلك يصب في تحقيق التوازن العقدي والحد من الشروط‪.‬‬
‫هكذا فالقاضي له الصالحية للتدخل لتخفيض التعويض إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من‬
‫قيمته إذا كان زهيدا‪.‬‬
‫‪ -2‬سلطة القاضي في منح مهلة الميسرة‬
‫في الكثير من األحيان قد يصبح االلتزام مراهقا للمدين ومؤدية به إلى خسارة فادحة‬
‫فيتدخل القاضي بما له من سلطة لمنح المدين أجال أو مهلة استرحامية يستطيع من خاللها الوفاء‬
‫بالتزامه‪ ،‬وهذه السلطة الممنوحة والمخولة للقاضي تشكل استثناء وخروجا عن مبدأ سلطان‬
‫‪65‬‬
‫اإلرادة والقوة الملزمة للعقد‪.‬‬
‫وبالتالي فهي " إعفاء المدين من الوفاء بااللتزام في األجل المضروب للوفاء ومنحه أجال‬
‫جديدا آخر يسدد فيه الدين إن اقتضت ظروفه ذلك ولم يلحق الدائن ضررا من جراء هذا‬
‫التأجيل"‬
‫وجاء في الفصل ‪ 1,2‬من قانون االلتزامات والعقود ما يلي‪ ..." :‬ومع ذلك يسوغ‬
‫للقضاة‪ ،‬مراعاة منهم لمركز المدين ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق أن يمنحوه آجاال‬
‫معتدلة للوفاء‪ ،‬وأن يوقفوا إجراءات المطالبة مع إبقاء األشياء على حالها"‪.66‬‬
‫وهذا يعني بأن القاضي له سلطة في أن يمنح مهلة استرحامية للمدين لكي يفي بالتزاماته‪،‬‬
‫ولكن هذه السلطة مقيدة بمجموعة من الشروط وهي خمسة شروط‪:‬‬

‫‪ 63‬يونس غالمي‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية على العقد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ 64‬أضيفت مقتضيات في الفقرة الثانية والثالثة إلى الفصل (‪ )11,‬أعاله بمقتضى القانون رقم ‪ 17..5‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 2.5.227‬بتاريخ ‪ 22‬من ربيع االول ‪ 22( 2,21‬أغسطس ‪ )2..5‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ,212‬بتاريخ ‪21‬‬
‫ربيع االول (‪ 1‬سبتمبر ‪)2..5‬‬
‫‪ 65‬يونس غالمي‪" ،‬أثر التحوالت االقتصادية على العقد في التشريع المغربي “‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪212 :‬‬
‫‪ 66‬ظهير ‪ 23‬مارس ‪ ،2.27‬المعدل والمتمم لظهير االلتزامات والعقود المغربي‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫‪-1 -‬أال يصيب الدائنين بسبب منح مهلة الميسرة ضرر جسيم‪.‬‬
‫‪-2 -‬حسن نية المدين‪.‬‬
‫‪- 8 -‬أن تستدعي حالة المدين منحه مهلة الميسرة‪.‬‬
‫‪-0 -‬عدم وجود نص قانوني يمنع من منح نظرة الميسرة‪.‬‬
‫‪- 5 -‬أن يكون األجل معقوال‪.‬‬
‫وبا لتالي فالقاضي له سلطة تقديرية وعليه مراعاة الشروط السالفة في منح المدين‬
‫مهلة الميسرة ألداء ما بدمته وبالوفاء بما عليه تجاه الدائن الذي يفترض عدم تضرره من هذه‬
‫المهلة‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫وختاما يمكن القول بأنه في صدد مقاربة موضوع العرض تأثير االلتزامات المستحدثة على‬
‫النظرية العامة للعقد و محاولة اإلجابة عن كل اإلشكاليات الفرعية التي سبق طرحها‪ ،‬بأنه وأمام‬
‫هذا التغير الذي حدث في مختلف مشارب الحياة االقتصادية منها واالجتماعية تولدت عنها‬
‫مشاكل أدت إلى توسيع الهوة بين القانون واإلرادة‪ ،‬وزاد معه االختالل في التوازن بين‬
‫األطراف المتعاقدة‪ .‬وأن مجموع القوانين الترميمية التي استهدفت النظرية العامة للعقد من داخل‬
‫بنية قانون االلتزامات والعقود المغربي أو من خارجه جاءت كمكمل لهذه المبادئ لتكون في‬
‫مستوى تطلعات المتعاقد الحديث بما يتناسب مع العصر وهذه القوانين الخاصة جاءت بضمانات‬
‫قانونية لصالح المتعاقدين حناية لهم كااللتزام باإلعالم وااللتزام بالنصيحة وااللتزام بالتحذير‬
‫وااللتزام بضمان السالمة‪.‬‬
‫وهكذا إذن أظهرت أحكام هذه االلتزامات أنها صمام أمان في العالقات التعاقدية ولم تقف‬
‫عند هذا الحد بل خرقت المبادئ العامة للعقد فاشترطت شروطا شكلية ضربت مبدأ الحرية‬
‫التعاقدية واعتبرت استثناءا على مبدأ القوة الملزمة للعقد سواء في العقود االستهالكية أو في‬
‫العقود االجتماعية حتى وصل األمر الى تدخل قضائي الختالل التوازن العقدي وتوجيه العقد‬
‫من خالل الوقوف الى جانب الطرف الضعيف في العقد بتفسير الشروط الغامضة لصالحه في‬
‫العقد اإلستهالكي أو بالتدخل في تعديل بنود العقد لحمايته فشملت حماية العالقة التعاقدية ما قبل‬
‫التعاقد ومرحلة التعاقد و مرحلة تنفيذه وما بعدها‪ .‬وهذا ال يمتع من اإلفصاح عن أن هذه‬
‫الضمانات عرفت انتشارا واسعا في العقود وتوسع التعامل بها ومعه تحولت في كثير من‬
‫األحيان إلى وسيلة لالثراء بال سبب‪.‬‬

‫الئحة منابع العرض ‪:‬‬


‫‪33‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫المصادر‪:‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 2.22.12‬صادر في ‪ 2,‬من ربيع االول ‪23( 2,21‬فبراير‪ )1122‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 22.13‬القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5.21‬بتاريخ جمادى األولى ‪7(2,21‬ابريل ‪ ،)1122‬ص‪2171‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 12.32.213‬صادر في ‪ 1.‬محرم ‪5( 2,15‬اكتوبر‪ )2.35‬بتنفيذ‬


‫القانون رقم ‪ 22.32‬المتعلق بالزجر عن الغش في ال بضائع صدر بالجريدة الرسمية‬
‫عددؤ‪2777‬ؤبتاريخ جمادى ‪ )53.2.11( 1‬ص‪2.5.‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 2.2,.221‬صادر في ‪ 1‬رمضان ‪ 21( 2,25‬يونيو ‪ )112,‬بتنفيذ قانون‬


‫رقم ‪ 21,.21‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪.‬‬

‫القانون رقم ‪ 217.21‬بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ ,,.11‬بشأن بيع العقار في طور اإلنجاز‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 2.21.15‬بتاريخ‪ 12‬ربيع االخر(‪2‬فبراير ‪،)1121‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد‪ 1,,1‬بتاريخ ‪ 23‬فبرار ‪ 1121‬ص‪..21 :‬‬

‫القانون رقم ‪ 17..5‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 2.5.227‬بتاريخ ‪ 22‬من ربيع‬
‫االول ‪ 22( 2,21‬أغسطس ‪ )2..5‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ,212‬بتاريخ ‪ 21‬ربيع االول (‪1‬‬
‫سبتمبر ‪)2..5‬‬

‫القانون رقم ‪ 52.15‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 2.17.21.‬صادر في ‪ 2.‬من ذي القعدة ‪ 21( 2,13‬نوفمبر ‪.)1117‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 21 2.22.2,1‬رمضان ‪ 27(2,21‬أغسطس ‪ )1122‬الصادر بتنفيذ‬


‫القانون رقم ‪ 1,.1.‬المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات وتتميم قانون االلتزامات والعقود‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ ،5.31‬بتاريخ ‪ 11‬شتنبر ‪ ،1122‬ص‪,173 :‬‬

‫ظهير شريف رقم ص‪2.11.111‬الصادر في ‪ 21‬من رمضان ‪ 22( 2,1,‬نونبر ‪)1112‬‬


‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 11‬المتعلق باإليجار المفضي الى تملك العقار‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫عبد القادر العرعاري‪ .‬مصادر االلتزام‪ .‬الكتاب االول (نظرية العقد) الطبعة الثالثة ‪.1122‬‬
‫مطبعة األمنية الرباط‪.‬‬

‫أحمد ادريوش‪ .‬مناهج القانون المدني المعمق‪ .‬الطبعة االولى ‪ .1121‬منشورات سلسله‬
‫المعرفة القانونية‬

‫عبد القادر العرعاري‪ :‬وجهة نظر في مادة القانون المعمق بين الفقه والقضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،1121‬مكتبة دار األمان بالرباط‪.‬‬

‫محمد العروصي‪" ،‬االلتزام باإلعالم في مرحلة تكوين العقد"‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬مطبعة‬
‫مرجان‪ .‬السنة ‪،1121‬‬
‫تحدد إجراءات اإلعالم بنص تنظيمي"‬

‫عبد القادر أقصاصي‪ ،‬االلتزام بضمان السالمة في العقود نحو نظرية عامة‪ -‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،1121‬دار الفكر العربي‪،‬‬

‫عبد العالي دقوقي‪ .‬الوجيز في القانون المدني‪ .‬ط االولى ‪،1127‬‬

‫عبد الحق صافي|‪ ،‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1111‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫أبحاث جامعية‪:‬‬

‫يونس غالمي ‪ .‬أثر التحوالت االقتصادية على العقد في التشريع المغربي‪ .‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في قانون المنازاعات‪ .‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة موالي‬
‫إسماعيل مكناس‪.112..‬‬

‫مقاالت‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫البكاي المعزوز‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في مجال نقل األشخاص‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬عدد ‪.1111 ،7‬‬

‫المعزوز البكاي‪.،‬بعض مظاهر اضطراب النظرية العامة للعقد‪ .‬مجلة القانون المدني‪ .‬العدد‬
‫الثالث‪ .‬س ‪.1121‬‬

‫شرف جابر‪ :‬اإلصالح التشريعي الفرنسي لنظرية العقد صنيعة قضائية وصياغة تشريعية‪-‬‬
‫لمحات في بعض المستحدثات‪ ،‬ملحق خاص‪ ،‬منشورات المؤتمر السنوي الرابع‪" ،‬القانون أداة‬
‫لإلصالح والتطوير" العدد ‪ ،1‬مصر‪ ،‬الجزء الثاني ‪.1127‬‬

‫عبد القادر قرموش‪ ،‬قراءة ميتودولوجية في مبررات التعديل ومنهجية االصالح‪ ،‬مجلة‬
‫القضاء المدني‪ ،‬العدد ‪1111-11/12‬‬

‫بوبكر مهم‪" .‬التزام وكالت االسفار بإعالم المستهلك"‪ ،‬قراءة في القانون رقم ‪22..1‬‬
‫المتعلق بالنظام األساسي لوكاالت االسفار‪ .‬مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية‬
‫واإلدارية‪ .‬عدد ‪.1123.12‬‬

‫األستاذ المصطفى الغشام الشعيبي‪ ،‬آليات حماية المستهلك‪ :‬اإللتزام باإلعالم دراسة على‬
‫ضوء قانون ‪ 22.13‬القاض ي بتحديد تدابير حماية المستهلك مقال منشور بمجلة المتوسط‬
‫للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪.1121 ،1‬‬

‫إبراهيم عنتر فتحي الحياني‪" .‬االلتزام بالتحذير من مخاطر المبيع في عقد البيع"‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة تكريت القانونية‪ ،‬السنة ‪ ،7‬العدد ‪ 15‬مارس ‪.1125‬‬

‫إبراهيم عنتر فتحي الحياني‪" .‬االلتزام بالتحذير من مخاطر المبيع في عقد البيع"‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة تكريت القانونية‪ ،‬السنة ‪ ،7‬العدد ‪ 15‬مارس ‪.1125‬‬

‫‪36‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫الفهرس‪:‬‬
‫مقدمة‪2 ................................ ................................ ................................ ................................ ................................ ................................ :‬‬

‫المطلب األول بعض االلتزامات المستحدثة في الميدان التعاقدي وسياقها القانوني واالقتصادي ‪5 ..............................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬السياق القانوني واالقتصادي لبروز االلتزامات المستحدثة في الميدان التعاقدي ‪5 ................. ................................‬‬

‫أوال‪ :‬السياق القانوني ‪5 .......................................... ................................ ................................ ................................ ................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬السياق االقتصادي ‪6 ................................... ................................ ................................ ................................ ................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بعض االلتزامات المستحدثة في الميدان التعاقدي المغربي ‪7 ................... ................................ ................................‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام باإلعالم وااللتزام بالنصيحة ‪7 .......................................... ................................ ................................ ................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االلتزام بالتحذير وااللتزام بضمان السالمة ‪13 .......................... ................................ ................................ ................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تأثير االلتزامات المستحدثة على النظرية العامة للعقد‪22 ..................... ................................ ................................ .‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تراجع مبدأ س ـ ــلطان اإلرادة ‪22 ...................................... ................................ ................................ ................................‬‬

‫أوال‪ :‬التأثير على الحرية التعاقدية‪22 .................. ................................ ................................ ................................ ................................ .‬‬

‫ثانيا‪ :‬التأثير على مستوى القوة الملزمة للعقد‪26 .............................. ................................ ................................ ................................ :‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التوجيهية القضائية للعالقة التعاقدية ‪29 ................. ................................ ................................ ................................‬‬

‫أوال‪ :‬تفسير العبارات المبهمة‪29 .......................... ................................ ................................ ................................ ................................ :‬‬

‫ثانيا‪ :‬سلطة القاض ي في تعديل التعويض االتفاقي وفي منح مهلة الميسرة‪30 .................... ................................ ................................ :‬‬

‫الخاتمة‪32 ............................ ................................ ................................ ................................ ................................ ................................ :‬‬

‫الئحة منابع العرض ‪33 ...................................... ................................ ................................ ................................ ................................ :‬‬

‫‪37‬‬
‫أثر االلتزامات المستحدثة على نظرية العقد‬

‫‪38‬‬

You might also like