You are on page 1of 15

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة زيان عاشور الجلفة‬

‫كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‬


‫قسم العلوم اإلجتماعية‬

‫الفوج‪07 :‬‬ ‫السنة‪ :‬ثالثة ليسانس علم إجتماع‬


‫المقياس‪:‬‬
‫بحث حول‪:‬‬
‫مقاربة التكيف االجتماعي للهجرة‬

‫تحت إشراف‬ ‫من إعداد ‪:‬‬

‫* محمد رزوق‬ ‫* الطيب رقيق‬

‫السنة الجامعية ‪2023/2022‬‬


‫مقدمة‬

‫تعد ظاهرة الهجرة أحد أهم الظواهر التي ارتبطت بدايتها األولى بوجود اإلنسان على‬
‫األرض‪ ،‬وكان ذلك ألسباب مختلفة أهمها الكوارث الطبيعية والبيئية الزالزل‪ ،‬الجفاف‪،‬‬
‫األوبئة‪ ...‬إلخ‪ ،‬وقد ساعدت الهجرات األولى على انتشار الجنس البشري في أرجاء‬
‫األرض‪ ،‬ومن خالل هذا االنتشار تشكلت المجتمعات والثقافات اإلنسانية المختلفة‪،‬‬
‫لذا كانت الهجرة وما زالت مجاال خصبا للدراسات اإلنسانية واالجتماعية المختلفة‬
‫التي تستدعي الراسة والبحث‪ .‬حيث تمثل إشكالية الهجرة اليوم أحد إشكاالت العصر‪،‬‬
‫وكذلك موضوع انشغال ونقاش‪ ،‬بل ومصد ار مثي ار للجدل لدى مختلف الدارسين‬
‫المنتمين لعدة قطاعات وتيارات‪ ،‬نذكر منهم علماء الجغرافيا البشرية‪ ،‬واالقتصاد‬
‫والسياسة والتاريخ وعلماء النفس واإلحصائيين‪ ،‬أما علم االجتماع فقد سعى من خالل‬
‫تبنيه لسيسيولوجيا الهجرة إلى بلورة نظرية معينة أي بناء مفاهيمي منظم يسمح‬
‫بتشخيص المحددات والحوافز المتحكمة في الحركات الهجرية‪ ،‬ومن أهم المفاهيم‬
‫التي طرحت وشكلت رصيدا سيسيولوجيا عن الهجرة ‪ ،‬فما هي أهم المفاهيم النظرية‬
‫السيسيولوجية للهجرة التي عالجت الهجرة ؟ وما هي النظريات المقاربة المحددة‬
‫للهجرة؟‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المقاربات النظرية المفسرة للهجرة‬

‫أوال‪ /‬مفهوم مقاربة التكيف االجتماعي للهجرة‬

‫‪ /1‬المقاربة لغة واصطالحا‬

‫أ‪ /‬لغة‬

‫مصدر َق َار َب‪.‬‬

‫يه‪ ،‬تَ ْحلِيُل ُه لِ َم ْع ِرَف ِة أ َْو ُج ِه ِه‪.‬‬


‫ظر ِف ِ‬ ‫مَق َارَب ُة َن ٍّ‬
‫ص ‪َّ :‬‬
‫الن َ ُ‬ ‫ُ‬
‫أفعال المقاربة‪( :‬النحو والصرف) أفعال تدل على قرب وقوع الخبر‪ ،‬أشهرها كاد‬
‫وأوشك‪ ،‬ويلحق بها أفعال الشروع وأفعال الرجاء‪ ،‬يرفع بعدها المبتدأ‪ ،‬وال يكون الخبر‬
‫إال جملة فعلية فعلها مضارع‪.1‬‬

‫ب‪ /‬اصطالحا‬

‫ورد في معجم علوم التربية أنها‪" :‬كيفية دراسة المشكل أو معالجة أو بلوغ غاية‬
‫وترتبط بنظرة الدارس إلى العالم الفكري الذي يحبذه‪ ،‬وترتبط كل مقاربة باستراتيجية‬
‫للعمل"‪.2‬‬

‫ويقصد بها الكيفية العامة‪ ،‬أو الخطة المستعملة لنشاط ما (مرتبطة بأهداف معينة)‪،‬‬
‫والتي يراد منها دراسة وضعية‪ ،‬أو مسألة‪ ،‬أوحل مشكلة‪ ،‬أو بلوغ غاية معينة‪ ،‬أو‬
‫االنطالق في مشروع ما‪ ،‬وقد استخدمت في هذا السياق كمفهوم تقني للداللة على‬
‫التقارب الذي يقع بين مكونات العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬التي ترتبط فيما بينها عن‬
‫طريق عالقة منطقية‪ ،‬لتتآزر فيما بينها من أجل تحقيق غاية تعلمية‪ ،‬وفق‬
‫استراتيجية تربوية‪ ،‬وبيداغوجية واضحة‪.3‬‬

‫‪ 1‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬معجم المعاني الجامع‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬مادة ق ا ر ب‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد الكريم غريب وآخرون‪ ،‬معجم علوم التربية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الخطابي للطباعة والﻨﺸﺮ‪ ،‬المحمدية‪-‬المغرب‪ ،1994 ،‬ص‬
‫‪.25‬‬
‫شيخ عبد الحميد ابن باديس‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪ 3‬هني خير الدين‪ ،‬مقاربة التدريس بالكفاءات‪ ،‬ط ‪ ،1‬مطبعة ال ّ‬

‫‪2‬‬
‫‪ /2‬مفهوم التكيف‬

‫أ‪ /‬لغة‬

‫َّف يتكيَّف ‪ ،‬تكيًُّفا ‪ ،‬فهو ُمتكيِف‪ ،‬مصدر تَ َكي َ‬


‫َّف‪.‬‬ ‫تكي َ‬
‫الرصاص حسب القالب‬
‫ُ‬ ‫وصَف ٍّة ُمعيَّنة‪ ،‬تكيَّف‬ ‫الشيء‪ :‬صار على ٍّ‬
‫حالة ِ‬
‫ُ‬
‫تكيَّف َّ‬

‫خص‪ :‬انسجم وتوافق مع الظروف‪ ،‬أو جعل ميله أو سلوكه أو طبعه على‬ ‫َّ‬
‫تكيَّف الش ُ‬
‫غرار شيء‪.‬‬

‫تكيف الشيء‪َّ :‬‬


‫(تنقصه)‪.‬‬ ‫َ‬
‫تكيُّف التَّعليم‪ :‬مالءمته حاجات الطالب ومقدرته‪.‬‬

‫الخارجي‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الجو‬ ‫كيف؛ ِ‬
‫لتالئم َّ‬ ‫تكيَّف الهواء‪ :‬تغيرت درجة ح اررته بواسطة م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تَ َكيُّف‪( :‬اسم)‪.‬‬

‫ط َد َر َج ِة َحرَارِتها‪.‬‬
‫ض ْب ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫القاعة ُمالئماً ‪َ :‬‬
‫ُّف َ‬ ‫كان تَ َكي ُ‬
‫َ‬
‫ناخ الِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن َّ‬
‫ف‪ ،‬التَّوا ُف َق‪.‬‬
‫الحارِة ‪ :‬التَّآلُ َ‬
‫َّ‬ ‫الد‬ ‫الص ْع ِب َعَل ْيه التَّ َكي ُ‬
‫ُّف َم َع ُم ِ‬

‫(األحياء) تغير في بناء الكائن الحي أو في وظيفته‪ ،‬يجعله أكثر قدرة على المحافظة‬
‫على حياته أو بقاء جنسه‪.1‬‬

‫ب‪ /‬اصطالحا‬

‫التكيف هو العملية الديناميكية المستمرة التي يهدف بها الشخص إلى تغيير سلوكه‬
‫ليحدث عالقة أكثر توافقا بينه وبين بيئته‪ .‬ويعرف أيضا بأنه‪ :‬قدرة افرد على إحداث‬
‫التغيير المناسب في فكره‪ ،‬وسلوكه استجابة لمتطلبات البيئة االجتماعية والثقافية التي‬
‫يعيش فيها ويتفاعل معها‪.2‬‬

‫‪ 1‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬معجم المعاني الجامع‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬مادة ت ك ي ف‪.‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬هشام أحمد غراب‪ ،‬الصحة النفسية للطفل‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪ ،2014 ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ /3‬مفهوم الهجرة‬

‫تعرف الهجرة على أنها عملية انتقال أو تغير دائم أو شبه دائم في مكان إقامة فرد‬
‫أو جماعة من مجتمع أو منطقة اعتادوا على اإلقامة فيها‪ ،‬والتي تعرف بمجتمع أو‬
‫بمنطقة المنشأ إلى مجتمع أو منطقة أخرى تعرف بمنطقة أو مجتمع المقصد‪ .‬إذا‬
‫كانت منطقتا المنشأ والمقصد داخل حدود نفس الدولة فتعرف الهجرة في هذه الحالة‬
‫بالهجرة الداخلية‪ .‬أما إذا كانت منطقتا المنشأ والمقصد في دولتين مختلفتين فتعرف‬
‫الهجرة في هذه الحالة بالهجرة الخارجية أو الدولية‪.1‬‬

‫كما تعرف منظمة الهجرة الدولية ‪ IMO‬ظاهرة الهجرة على أنها عملية التحرك سواء‬
‫عبر الحدود الدولية أو داخل الدولة الواحدة‪ ،‬فهي حركة انتقال سكانية تشمل أي نوع‬
‫من حركات األفراد أي كان طولها أو تكوينها أو أسبابها وتشمل هجرة الباحثين‪،‬‬

‫األشخاص المشردين‪ ،‬المهاجرون االقتصاديون‪.2‬‬

‫ثانيا‪ /‬المقاربات النظرية المفسرة للهجرة‬

‫‪ /1‬أسباب المقاربات النظرية المفسرة للهجرة‬

‫لعل مجمل النظريات المفسرة لظاهرة الهجرة تنطلق من األسباب المسببة للهجرة‬
‫والنتائج المترتبة عنها‪ ،‬إذ ترى المدرسة االقتصادية في شقيها النظرية النيوكالسيكية‬
‫ونظرية التبعية أن الهجرة مرتبطة بضرورة البحث عن العمل‪ ،‬إذ أن الظروف‬
‫االقتصادية السيئة هي الدافع الرئيسي وعامل الطرد المحوري لألفراد‪ ،‬كما يتسبب‬
‫التطور الصناعي في الدول الغنية إلى إحداث عملية الجذب‪ .3‬فتزايد االهتمام‬
‫األكاديمي بظاهرة الهجرة في السنوات األخيرة في محاولة لسد الفجوة والنقص النظري‬
‫لهذه الظاهرة‪ ،‬حيث أنه من الصعب الحديث عن نظرية للهجرة طالما أن آليات‬

‫‪ 1‬د‪ .‬سيد علي‪ ،‬د‪.‬ستي حميد‪ ،‬ظاهرة الهجرة ادولية محاولة نمذجة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪،‬‬
‫جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪-‬الجزائر‪ ،‬مجلة شعاع للدراسات االقتصادية‪ - ،‬ع ‪ ،01‬مارس ‪ ،2017‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬ينظر‪ :‬سامية يوسف‪ ،‬زياني بن حجاز‪ ،‬التجربة الكندية‪ :‬بناء الدولة والهجرة‪ ،‬ط ‪ ،1‬العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2019 ،‬ص‬
‫‪.253‬‬

‫‪4‬‬
‫تنفيذها معقدة وفردية‪ ،‬إضافة إلى تمايز األبعاد القائمة وفقا للظروف التاريخية‬
‫والسياسية واالقتصادية‪.1‬‬

‫‪ /2‬ماهية المقاربات المفسرة للهجرة‬

‫أ‪ /‬النظرية االقتصادية‪ :‬تعددت النظريات االقتصادية التي تتطرق إلى تفسير ظاهرة‬
‫الهجرة بالعوامل المرتبطة بالعمل‪ ،‬ويعد (‪ )Arnist Raffinistine‬أول من صاغ‬
‫نظرية لتفسير ظاهرة الهجرة سنة ‪ 1885‬وذلك خالل وضعه لقوانين الهجر عبر‬
‫مقال قدمه بعنوان" قوانين الهجرة "حيث خلص من خالل تحليله لبيانات تعداد‬
‫السكان أن الهجرة محكومة بعوامل الدفع والجذب‪ ،‬حيث تدفع الظروف االقتصادية‬
‫السيئة والفقر األف ارد إلى ترك أوطانهم واالنتقال إلى مناطق أكثر جاذبية‪.2‬‬

‫وقد سار العديد من المنظرين على نهج رافنتين مع بعض االختالفات الجزئية حيث‬
‫أعاد "أفريت لي" "‪ "Ivrit leé‬سنة ‪ 1966‬صياغة نظرية رافنتين مع التركيز بشكل‬
‫أساسي على عناصر الدفع‪ .‬وقد أشار إلى وجود أربع (‪ )04‬عوامل أساسية تحدد‬
‫الهجرة يرتبط أول العامليين بالوضع في دول المنشأ ودول المقصد مع إعطاء أهمية‬
‫كبيرة لعوامل المسافة والعوائق السياسية وكذا العوامل الشخصية المرتبطة بتعليم‬
‫المهاجرين والمعرفة بالبالد المستقبلة للهجرة‪ ،‬أما النظرية النيوكالسيكية حسب تورادو‬
‫‪ 1969‬فقد فسرت الهجرة في إطار عالقة العرض والطلب للسوق مع وضع عالقة‬
‫متبادلة بين تطور هجرة العمل والتطور االقتصادي‪ ،‬حيث تدفع الفوارق في األجور‬
‫إلى انتقال المهاجرين من المناطق ذات األجور المتدنية نحو المناطق ذات األجور‬
‫المرتفعة وذلك بهدف زيادة الدخل‪.3‬‬

‫ومن جانب آخر تناولت ساسكيا ساسن ‪ ( Saskia Sacin ) 1988‬في تفسيرها‬
‫لظاهرة الهجرة الدولية أن هذه األخيرة هي نتاج للنظام الرأسمالي وأن نماذج الهجرة‬

‫‪ 1‬سامية يوسف‪ ،‬زياني بن حجاز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.253‬‬


‫‪ 2‬عبد الرحيم رحموني‪ ،‬األمن الجزائري والفضاء اإلقليمي‪ ،‬د ط‪ ،‬مركز الكتاب االكاديمي‪ ،‬عمان‪-‬األردن‪ ،2019 ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪5‬‬
‫تميل إلى تأكيد تقسيم العالم إلى مركز الدول الغنية ومحيط الدول الفقيرة‪ ،‬كما يتسبب‬
‫التطور الصناعي في الدول الغنية إلى إحداث مشكالت هيكلية في اقتصادات الدول‬
‫النامية مما يشجع على الهجرة وفي هذا السياق تعد الهجرة ليس فقط نتيجة لإلنتاج‬
‫القوي ولطلب العمل في الدول الصناعية ولكن بشكل عام أعم لهياكل السوق‬
‫العالمي‪.1‬‬

‫ب‪ /‬النظرية السوسيووجية‪ :‬ترى هذه النظرية أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ترتبط‬
‫باألبعاد التالية‪:‬‬

‫‪ ‬ضغوط البيئة وما يرافقها من تفكك في قواعد الضبط االجتماعي والروابط‬


‫ميدانيا في معيشة المهاجرين غير الشرعيين في‬
‫ً‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وهو ما ينعكس‬
‫بيئات اجتماعية منخفضة المستوى االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬اخـتالل التـوازن بـين الوسـائل واألهـداف المتاحـة بـالطرق المشـروعة يـؤدي في‬
‫حـاالت عديـدة إلى حـدوث االضـطرابات في ا تمـع ممـا يؤدي إلضعاف‬
‫التماسك االجتماعي‪.‬‬
‫وعليه يمكن تصنيف الهجرة وفق نظرية" دوركايم " إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -‬الهجرة السرية كانتحار أناني‪ :‬وينتج هذا السلوك بسبب النزعة الفردية‬
‫المتطرفة وانفصال الفرد عن الثقافة التي يعيش فيها‪ ،‬وكذا ضعف‬
‫درجة التضامن االجتماعي داخل ا تمع‪ ،‬حيث ال يجد المهاجر السري من‬
‫يسانده عندما يتعرض لمشكلة ما وبذلك تصبح الهجرة السرية‬
‫استراتيجية حيوية يحددها لنفسه‪.‬‬
‫‪ -‬الهجرة السرية كانتحار إيثاري‪ :‬وتكون نتيجة ارتباط دالفر ارتبا ً‬
‫طا وثيقا‬
‫بجماعات أو أشخاص متشبعين بفكرة الهجرة غير الشرعية‪.2‬‬
‫‪ -‬الهجرة السرية كانتحار أنومي‪ :‬تحدث الهجرة السرية في هذه الحالة‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم رحموني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬سيد علي‪ ،‬د‪.‬ستي حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪6‬‬
‫عندما‪ :‬تنحل النظم االجتماعية والثقافية واألخالقية في المجتتمع و تضـطرب‬
‫الحيـاة السياسـية و االقتصـادية ‪.‬فيـه ممـا يـؤدي لحصـول هـوة ثقافيـة تفصـل‬
‫بـين األهـداف و الوسـائل و بـين الطمـوح الشخصـي والواقع‪.1‬‬

‫جـ‪ /‬نظرية الشبكات أو دوام الهجرة‪ :‬إن البعد المتعلق بشبكات الهجرة مهم للغاية‬
‫ألنه يفسر استمرار ظاهرة الهجرة عن طريق إقامة الروابط االجتماعية بين‬
‫المهاجرين وغير المهاجرين ‪ ،‬تلك الروابط التي تربط أكثر دول المنشأ‬
‫ودول المقصد‪ ،‬ففي الواقع يقدم كل مهاجر فرصا لألشخاص من محيطه أفرادا‬
‫من عائلته أو عشيرته أو حتى جيرانه لحثهم ومساعدتهم على الهجرة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق فإن قرار الهجرة ال يقوم بشكل أساسي على حساب اقتصادي‬
‫وعقالني بحت على النحو الذي تدعو إليه النظرية النيوكالسيكية‪ ،‬ولكن على‬
‫المعلومات التي تم جمعها عن مدى توفر األشخاص الذين يستطيعون دعم‬
‫المهاجر ماديا ونفسيا خالل جميع م ارحل انتقاله‪ ،‬كما أن شبكات الهجرة تسمح‬
‫من خالل تأثيراتها في تقليل المخاطر والتكاليف عن المهاجرين المستقبليين‬
‫باالستمرار الذاتي لعملية الهجرة‪ ،‬أيضا تعمل هذه الشبكات كمقدمة لخدمات‬
‫تعمل على التقليل من تكلفة الهجرة ويكون ذلك باألخذ في االعتبار بوجود‬
‫مخزون من تعداد المهاجرين المشتتين في عدة مدن وبلدان والذي هو أحد‬
‫المعايير الهامة التي تتدخل في قرار الهجرة‪ ،‬وهكذا كلما كانت شبكة الهجرة‬
‫متطورة كلما انخفضت التكاليف وزادت الهجرة تطو ار ويلعب رأس المال‬
‫االجتماعي للمهاجر دو ار أكثر أهمية من رأس المال النقدي‪.2‬‬

‫د‪ /‬نظرية الطرد والجذب‪ :‬تعد نظرية الطرد والجذب من أبرز النظريات المفسرة‬
‫للهجرة‪ ،‬وقد حددت األسباب األساسية للهجرة في عاملين هما االتصال وتعدد‬
‫العالقات القائمة بين البلدان المرسلة والمستقبلة للمهاجرين‪ .‬وقد اعتبر بوج أن‬

‫‪ 1‬د‪ .‬سيد علي‪ ،‬د‪.‬ستي حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ 2‬آسيا بلبال‪ ،‬فاطمة قراري‪ ،‬بنى طلة‪ ،‬األسباب المؤدية إلى الهجرة غير الشرعية لدى طلبة الجامعة‪ :‬دراسة ميدانية بجامعة محمد‬
‫بوضياف والية المسيلة‪ ،‬كلية العلوم االنسانية و االجتماعية‪ ،‬قسم علم النفس‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،2021-2020 ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪7‬‬
‫سمتي الطرد والجذب التي تتميز بهما البلدان األصلية للمهاجرين أو البلدان التي‬
‫يهاجر إليها الناس متغيرات تساعد في اختيار جماعات معينة كي تهاجر من‬
‫مكان آخر‪ ،‬وتتمثل عوامل الطرد البسيطة في الفقر واالضطهاد والعزلة‬
‫االجتماعية‪ ،‬أما عوامل الطرد القوية فتتجلى في المجاعات والحروب والكوارث‬
‫الطبيعية‪ ،‬كما يمكن أن تكون عوامل الطرد عوامل بنائية كالنمو السكاني السريع‬
‫وأثره على الغذاء والموارد األخرى‪ ،‬والعامل السكاني يكون أكثر وضوحا في الدول‬
‫الفقيرة التي تناضل فعال في مواجهة مشكالت غذاء كبرى ويتمثل العمل البنائي‬
‫اآلخر في الهوة المرتبطة بالرفاهية بين الشمال والجنوب أو الحرب كعامل من‬
‫عوامل الطرد بين األمم أو داخلها‪ ،‬أما عوامل الجذب فتتمثل في الزيادة المطردة‬
‫على العمل في بعض القطاعات والمهن فأسواق اعمل تستورد مهاجرين‪.1‬‬

‫هـ‪ /‬نظرية تخطي الحدود الدولية‪ :‬تعرف هذه النظرية أيضا بنظرية عابري الحدود‬
‫القومية إذ تتحدد الهجرة بموجب هذه النظرية بصفتها عملية اجتماعية‪ ،‬حيث يتخطى‬
‫المهاجرون الحدود الجغرافية والسياسية والثقافية‪ ،‬وتأكد على أهمية تضييق المسافة‬
‫االجتماعية بين مجتمعات الطرد والجذب من خالل تحسين وسائل المواصالت من‬
‫أجل تسهيل تحركات السكان وكذلك تحسين وسائل االتصال الحديثة‪ ،‬حيث يتم نقل‬
‫األفكار والتصورات كما أن تحسين وسائل المواصالت واالتصاالت السريعة‬
‫والرخيصة يؤدي إلى حب الناس لالنتقال من األقطار الفقيرة إلى األقطار الغنية‪.2‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬محددات الهجرة ونظريتها‬

‫سنحاول من خالل هذا الجزء التطرق إلى مساهمة مختلف النظريات في ضبط‬
‫محددات الهجرة وهذا انطالقا من النظريات التقليدية وصوال للنظريات الحديثة‪.‬‬

‫أوال‪ /‬النظـريـات التقليـديـة‪ :‬وتضم العديد من النظريات نذكر منها‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم رحموني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.57-56‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.57‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ /1‬كانت مساهمة رواد المدرسة النيوكالسيكية ‪ Torado‬و ‪ Harris‬سنة ‪ 1969‬أول‬
‫مساهمة للنظرية التقليدية في ضبط محددات الهجرة‪ ،‬ومضمونها أن الهجرة تعتمد‬
‫بالدرجة األولى على الفروق في األجور بين كل من البلدان األصلية والبلدان‬
‫المستقبلة‪.‬‬

‫‪ /2‬نظـريـة رأس المـال البشـري‪ :‬نذكر من رواد هذه النظرية ‪ Schulis‬و ‪Becker‬‬
‫ومضمونها ال يختلف كثي ار عن مضمون النظرية السابقة‪ ،‬وتعتبر أن الهجرة استثمار‬
‫في الرأس المال البشري وبالتالي فقرار الهجرة يعتمد على العائد‪ .‬هذا العائد يرتبط‬
‫بالفرق في األجور بين الدول األصلية والدول المستقبلة‪ ،‬كما يعتمد على عمر‬
‫المهاجر‪ ،‬حيث كلما كان المهاجر أصغر سنا كلما كان عائده من الهجرة أكبر‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك فالهجرة تعتمد على المستوى التعليمي والتأهيلي للمهاجر‪.‬‬

‫‪ / 3‬نظـريـة النظـام العالمـي‪ :‬تعتبر هذه النظرية ظاهرة الهجرة الدولية كنتيجة لكل من‬
‫النظام الرأسمالي والعولمة الذين ترتبت عنهما فجوة بين االقتصاديات المتقدمة ودول‬
‫العالم الثالث‪ ،‬حيث تعتمد هذه األخيرة على الزراعة وتصدير المواد األولية والذين ال‬
‫يوفران المداخيل الكافية‪ ،‬وهو ما ترتب عنه تدفق المهاجرين من هذه الدول إلى‬
‫الدول المتقدمة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ /‬النظرية الحديثة‪ :‬وتضم بدورها العديد من النظريات نذكر منها‪:‬‬

‫‪ /1‬نظـريـة االختيـار الذاتـي‪ :‬من روادها ‪ Borjas‬والذي توصل من خالل دراسة‬


‫أجراها أن حجم الهجرة يتزايد بارتفاع الدخل في البلدان المستقبلة للهجرة‪.‬‬

‫‪ /2‬نظـريـة ميـزة تكاليـف الهجـرة‪ :‬يزيد حجم الهجرة نحو الدول التي تقل بها تكاليف‬
‫الهجرة‪ ،‬تضم هذه األخيرة التكاليف المادية المتعلقة بالتنقل إلى الدول المستقبلة‪،‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬سيد علي‪ ،‬د‪.‬ستي حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪9‬‬
‫المعيشة في هذه الدول‪ .‬إضافة إلى التكاليف الحدودية وتكاليف غياب الشبكات‬
‫االجتماعية‪.1‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬سيد علي‪ ،‬د‪.‬ستي حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17-16‬‬

‫‪10‬‬
‫الخاتمة‬

‫إن ظاهرة الهجرة تعد من أكثر الظواهر اإلنسانية تعقيدا نظ ار لتنوعها وتعدد دوافعها‬
‫واختالف اتجاهاتها‪ ،‬وتنوع مجاالت تأثيرها خاصة مع التزايد المضطرد في أعداد‬
‫المهاجرين عبر العالم‪ ،‬ومن خالل ذلك تتحدد اتجاهات الهجرة اليوم فالظروف‬
‫المتحكمة بالهجرة هي من تحدد اتجاهاتها‪ ،‬وهذا ما أدى إلى تعدد مقاربتها ونظرياتها‬
‫‪ ،‬وبالتالي فإنه ال توجد نظرية متكاملة في تفسير أسباب ومحـددات الهجـرة‪ ،‬حيـث أن‬
‫هنـاك نظريـات ترجــع أسـباب الهجـرة إلى المفاضـلة بـين التكـاليف الـتي سـوف‬
‫يتحملهـا المهـاجر والعائـد الـذي سـوف يحصـل عليـه مـن عمليـة الهجـرة‪ ،‬ونظريـات‬
‫أخـرى ترجــع أسـباب الهجـرة إلى تطــورات المجتمعـات‪ ،‬حيـث أن الــدول الـتي تعـرف‬
‫تطــورات قـد تغـير مــن الوضـع االجتمــاعي للمهاجر‪ ،‬كما هنـاك نظريـات ترجـع‬
‫أسـباب الهجـرة إلى الفجـوة الموجـودة بـين الـدول المصـدرة للهجـرة والـدول المسـتقبلة‬
‫لهـا‪ .‬باإلضـافة إلى نظريات تربط ظاهرة الهجرة بعوامل الطرد في دول المنشأ‬
‫وعوامل الجذب في دول المصب‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال المعاجم‬

‫‪ -1‬عبد الكريم غريب وآخرون‪ ،‬معجم علوم التربية‪.‬‬


‫‪ -2‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬معجم المعاني الجامع‪.‬‬

‫ثانيا‪ /‬المراجع‬

‫‪ -1‬سامية عبد الرحيم رحموني‪ ،‬األمن الجزائري والفضاء اإلقليمي‪.‬‬


‫‪ -2‬هشام أحمد غراب‪ ،‬الصحة النفسية للطفل‪.‬‬
‫‪ -3‬هني خير الدين‪ ،‬مقاربة التدريس بالكفاءات‪.‬‬
‫‪ -4‬يوسف‪ ،‬زياني بن حجاز‪ ،‬التجربة الكندية‪ :‬بناء الدولة والهجرة‪.‬‬

‫ثالثا‪ /‬صحف ومجالت ومذكرات تخرج‬

‫‪ -1‬آسيا بلبال‪ ،‬فاطمة قراري‪ ،‬بنى طلة‪ ،‬األسباب المؤدية إلى الهجرة غير‬
‫الشرعية لدى طلبة الجامعة‪ :‬دراسة ميدانية بجامعة محمد بوضياف والية‬
‫المسيلة‪ ،‬كلية العلوم االنسانية و االجتماعية‪ ،‬قسم علم النفس‪ ،‬جامعة‬
‫المسيلة‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬سيد علي‪ ،‬د‪.‬ستي حميد‪ ،‬ظاهرة الهجرة الدولية محاولة نمذجة الجزائر‪،‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪،‬‬
‫تيارت‪-‬الجزائر‪ ،‬مجلة شعاع للدراسات االقتصادية‪ - ،‬ع ‪ ،01‬مارس‬
‫‪.2017‬‬

‫‪12‬‬
‫خطة البحث‬

‫مقدمة ‪01.......................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المقاربات النظرية المفسرة للهجرة‪08-02........................‬‬

‫أوال‪ /‬مفهوم مقاربة التكيف االجتماعي للهجرة‪04-02............................‬‬

‫‪ /1‬المقاربة لغة واصطالحا‪02....................................................‬‬

‫‪ /2‬مفهوم التكيف لغة واصطالحا ‪03.............................................‬‬

‫‪ /3‬مفهوم الهجرة ‪04..............................................................‬‬

‫ثانيا‪ /‬ماهية المقاربات المفسرة للهجرة‪08-04...................................‬‬

‫أوال‪ /‬أسباب المقاربات النظرية المفسرة للهجرة‪05-04..............................‬‬

‫‪ /2‬ماهية المقاربات المفسرة للهجرة‪08-05.......................................‬‬

‫أ‪ /‬النظرية االقتصادية ‪06-05....................................................‬‬

‫ب‪ /‬النظرية السوسيووجية‪07-06................................................‬‬

‫جـ‪ /‬نظرية الشبكات أو دوام الهجرة‪08-07........................................‬‬

‫نظرية تخطي الحدود الدولية‪08...................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬محددات الهجرة ونظريتها‪10-08................................‬‬

‫أوال‪ /‬النظـريـات التقليـديـة ‪09-08..................................................‬‬

‫المدرسة النيوكالسيكية‪08........................................................‬‬

‫نظـريـة رأس المـال البشـري‪08.....................................................‬‬

‫نظـريـة النظـام العالمـي ‪09-08....................................................‬‬

‫‪13‬‬
‫ثانيا‪ /‬النظرية الحديثة ‪10-09....................................................‬‬

‫‪ /1‬نظـريـة االختيـار الذاتـي ‪09...................................................‬‬

‫‪ /2‬نظـريـة ميـزة تكاليـف الهجـرة ‪10-09...........................................‬‬

‫الخاتمة ‪11......................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪12......................................................‬‬

‫خطة البحث‪14-13.............................................................‬‬

‫‪14‬‬

You might also like