Professional Documents
Culture Documents
الطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية-2
الطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية-2
العقاري
الفصل الثامن
السنة الجامعية
2020/2019
مقدمة
إن األهمية التي أصبحت تحتلها الثروة العقارية ال تخفى على أحد ،لذلك يسارع مختلف
المتدخلين إلى ضبط اآلليات الكفيلة للتحكيم في العقار بصفة عامة ،وعيا من الكل بأنه يعتبر
حاليا قطب الرحى في أي عملية استثمارية ،لذلك تسارع الجهات المعنية الخطى لتطهير الرصيد
العقاري ،والحد من ظاهرة االستيالء على أمالك الغير.1
تعتبر التعديالت التي جاء بها القانون 214.07والمتعلق بالتحفيظ العقاري من أنجع
الوسائل التي تضمن استمرارية نجاعة تأمين الملكية العقارية و تعبئتها لتحقيق التنمية
االقتصادية و االجتماعية و تشجيع االستثمار من خالل تسريع و تبسيط اإلجراءات المتعلقة
بالتحفيظ العقاري و توفير حماية قوية لحق الملكية ،و ذلك مع الحفاظ على المبادئ األساسية
للنظام المذكور و على رأسها مبدأ الصفة النهائية للرسم العقاري و مبدأ التوازن بين اإلشهار
الموسع لإلجراءات و مبدأ التطهير القانوني و المادي للعقار ،و مبدأ األثر اإلنشائي و القوة
الثبوتية للتقييدات المنجزة بالرسم العقاري.
إذا كانت هذه التعديالت في مجملها انصبت على اإلجراءات الموضوعية و المسطرية
لحماية حق الملكية فإن جانب هاما من مسطرة التقاضي و اختصاص المحاكم لحقته تعديالت
أساسية همت توزيع االختصاص بين المحاكم االبتدائية و المحاكم اإلدارية.
وهكذا فإن األصل العام -و الذي حافظت عليه تعديالت التحفيظ العقاري -في القرارات
التي يصدرها المحافظ على األمالك العقارية ،سواء في المعيار الموضوعي أو المادي أنها
قرارات إدارية لصدورها عن سلطة إدارية و ارتباطها بتسيير المرفق العام 3الذي يشرف
- 1عبد العالي الدقوقي" :نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق-دراسة في االجتهاد القضائي واالداري ،"-مطبعة النجاح
الجديدة ،2020 ،الدار البيضاء ،ص.9 :
- 2لظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تعديله و تتميمه بالقانون رقم
14.07الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177في 25من ذي الحجة 22( 1432نوفمبر .)2011
- 3ينص الفصل األول من القانون رقم 58.00المحدث للوكالة الوطنية للمحافظ العقارية والمسح العقاري بأن الوكالة مؤسسة
1
عليها ،فالمعيار العضوي يهتم بالجهة التي أصدرت القرار ،و فيما يهتم المعيار المادي بمضمون
القرار و موضوعه ،كما تتوفر فيها خصائص القرار اإلداري باعتبارها قرارات إدارية نافذة في
حد ذاتها و مؤثرة في المراكز القانونية للمعنيين به ،و بالتالي فإن الطعن فيها يكون من حيث
المبدأ عن طريق سلوك دعوى اإللغاء التي تختص بالنظر فيها المحاكم اإلدارية ،باعتبارها
صاحبة الوالية العامة بالبث في جميع طلبات اإللغاء الموجهة ضد القرارات اإلدارية استنادا إلى
مقتضيات المادتين 8و 20من القانون رقم ، 490.41إال ما ارتأى المشرع استثناءه بنص
صريح من خالل جعل بعض القرارات رغم طبيعتها اإلدارية تخرج عن اختصاص القضاء
اإلداري ثم اسند االختصاص بشأنها إلى المحاكم العادية ،ذلك رغبة من المشرع في توحيد
الجهة القضائية التي تختص بالنظر في منازعات التحفيظ العقاري من منطلق أن القاضي العادي
هو القاضي الطبيعي للعقار.
وهكذا اعتبرت محكمة النقض أن المحافظ على الملكية العقارية يعتبر سلطة إدارية و أن
القاعدة العامة هي جواز الطعن في قرارات المحافظ أما القضاء اإلداري و االستثناء هو ما ورد
في الفصل 96من ظهير التحفيظ العقاري.5
ومما ال شك فيه أن ظهير التحفيظ العقاري 14.07على مستوى توزيع االختصاص بين
المحاكم االبتدائية و المحاكم اإلدارية يؤكد أن المشرع حافظ على التوازن في االختصاص بين
الجهتين و إن قام بنقل بعض االختصاصات لجهة على حساب جهة أخرى ،بغية توحيد جهة
االختصاص أصيل في مادة المنازعات اإلدارية بصرف النظر عن محلها ،و اختصاص المحاكم
االبتدائية كاختصاص استثنائي و محصور ،لقد ساهم توزيع االختصاص في تشتيت ذهن
المتقاضين و ترددهم بين القضاء المختص مما أضعف مبدأ األمن القانوني و القضائي ألن أكثر
من نصف الطعون يقضى فيها بعدم االختصاص من كلتا الجهتين.
عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي.
- 4ظهير شريف رقم 1.91.225صادر في 22من ربيع األول 10(1414سبتمبر )1993بتنفيذ القانون رقم 41.90المحدث بموجبه
محاكم إدارية.
- 5قرار بتاريخ 1997/10/09تحت رقم 1424الملف اإلداري عدد 97/1/5/1240منشور بمجلة االشعاع ،العدد 20دجنبر .1999
2
وتزداد أهمية وصعوبة معالجة هذا الموضوع,من خالل تشتت النصوص القانونية
المنظمة للطعون ,وغموض بعض مقتضياتها,وكذلك من خالل تأثيرات واقعية على القرارات
التي يتخذها المحافظ ,وتفاعل القضاء معها.و كذلك من خالل الخصوصيات التي تتميز بها
قراراته ،فعلى الرغم من كونها تعتبر قرارات إدارية ,إال أن المشرع أخضع البعض منها
للطعن أمام القضاء العادي.
لهذا يعالج هذا الموضوع إشكالية محورية مفادها :كيف عالج المشرع المغربي طبيعة
القرارات الصادرة عن المحافظ؟ هل اعتبرها قرارات إدارية أم عادية؟
ما الغاية التي جعلت المشرع يحافظ على ازدواجية االختصاص في الطعن على قرارات -
المحافظة؟
المطلب الثاني :الطعن في قرارات المحافظ العقاري بالتظلم أمام القضاء اإلداري
3
المطلب األول :الطعن في قرارات المحافظ العقاري أمام المحاكم العادية.
يقوم المحافظ العقاري بدور مهم ،سواء على مستوى مسطرة التحفيظ أو على مستوى
التقييدات و التشطيبات التي تهم الحقوق العينية و التقييدات االحتياطية ،فالمحافظ العقاري له
سلطة إدارية مختصة ،لكونه يملك الحرية الكاملة في اتخاذ القرارات بشأن هذه الطلبات فيمكن
له أن يقبل بها أو يرفضها .6باستقرائنا لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري نالحظ أن المحافظ
العقاري قد يصدر قرارات هامة بمناسبة قيامه بالمهام المنوطة به ،و في هذا اإلطار يمكن
للمتضررين ممارسة حق الطعن أمام المحاكم االبتدائية في الحاالت التي تدخل ضمن
اختصاصها .و لهذا سنعرض لمسألة الطعن في أهم القرارات و أكثرها شيوعا في الممارسة
العملية سواء الصادرة أثناء جريان مسطرة التحفيظ (الفقرة األولى) ،أو بعد تأسيس الرسم
العقاري (الفقرة الثانية).
- 6فوزية الغاشي " :قرارات المحافظ على الملكية العقارية بين إمكانية الطعن وحق التعويض" ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون
الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية السويسي بالرباط ،السنة الجامعية ،2011/2010:الصفحة.10.
4
و في الحالة التي يكون فيها تعليل المحافظ على األمالك العقارية برفض مطلب التحفيظ
مبنيا على حكم قضائي ،فإن األمر ال يطرح أية صعوبة في وجهه "أي المحافظ" حيث يكتفي
باإلشارة إلى هذا الحكم ،7و رفض التحفيظ في الحاالت األخرى ينبغي أن يكون معلال و مبنيا
على أساس ،ألنه يخضع للطعن لدى السلطة القضائية المختصة.8
وتجدر اإلشارة أن هذا المقتضى" الفضل 37مكرر" جاء بعبارة جديدة "في جميع
الحاالت" تستغرق جميع حاالت رفض التحفيظ ألي سبب كان ،و التي أصبحت جميعها من
اختصاص المحاكم االبتدائية والتي ال تشاركها فيه بأي وجه من الوجوه المحاكم اإلدارية ،على
خالف المقتضى السابق (الفصل 96في صيغته القديمة و المنسوخة) ،الذي كان يحصر
اختصاص المحاكم االبتدائية على حالتي رفض التحفيظ إما لعدم صحة الطلب أو عدم كفاية
الرسوم ،وتظهر أهمية هذا التعديل في كونه سيساهم في توحيد االختصاص لصالح جهة القضاء
العادي في هذا المجال ،للقضاء على ازدواجية االختصاص لتسهيل عمل المتقاضين بالقاعدة
القانونية المسطرية وضمان وضوحها و رسوخها للحفاظ على األمن القانوني و القضائي.9
كما أن هذا المقتضى يعد من الضمانات المهمة التي جاء بها القانون رقم 14.07المغير
والمتمم لظهير التحفيظ العقاري ،والتي من خاللها تم النص على وجوب تعليل القرار الرفض و
تبليغه لطالب التحفيظ لما لذلك من فوائد ستساهم في تفعيل الشفافية اإلدارية و تحفظ حقوق
الدفاع.
- 7عبد الخالق أحمدون" :نظام التحفيظ العقاري بالمغرب مقتضياته القانونية و إشكاالته الواقعية" طوب بريس ،الرباط ،الطبعة
الثالثة ،2007،ص.74:
- 8محمد خيري " :العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خالل القانون الجديد رقم 14.07المتعلق بالتحفيظ العقاري"،
المساطر اإلدارية و القضائي للتحفيظ ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،طبعة ،2014دار النشر المعرفة ،ص.06:.
- 9من المعلوم أن الفصل 38من ظهير التحفيظ العقاري في صيغته القديمة و المنسوخة كان يشترط أن يكون رفض التحفيظ مبنيا على
عدم كفاية الحجج و أما بمقتضى الحكم الصادر بشأن التعرضات ،ال على أسباب أخرى و هو ما سبق أن ذهب إليه محكمة النقض في عدة
قرارات منها قرار عدد 1424بتاريخ 1997/10/09في الملف اإلداري 97/01/5/1240حينما اعتبر عدم تسجيل جزء من العقار المطلوب
تحفيظه في إطار الفصل 31من ظهير التحفيظ العقاري نظرا لخلوه من التعرضات قرارا إداريا يخضع الختصاص المحاكم اإلدارية.
5
ومن المهم اإلشارة أن إحجام المحافظ على األمالك العقارية عن مواصلة مسطرة التحفيظ
و تأسيس الرسم العقاري لفائدة المتعرض بعدما قضت المحكمة بصحة تعرضه ،يكون خارجا
عن اختصاص المحاكم اإلدارية ،10لكون األحكام الصادرة في التعرضات يكون لها فيما بين
األطراف قوة الشيء المقتضي به طبقا للفصل 38من ظهير التحفيظ العقاري.
وقد جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ " 2009-1-7ليس للمحافظ رفض التعرض
على مطلب التحفيظ المقدم داخل ألجل ،و ليس له أيضا مناقشة األحكام الصادرة بين الطرفين
بشأن التعرضات على مطلب التحفيظ سابق للقول بما إذا كانت تلك األحكام لها مفعول الشيء
المقتضي به من األطراف أم ال ،إذ أن من حق المحكمة وحدها بعد التعرض على المطلب
الجديد".11
الفقرة الثانية :الطعن في قرارات المحافظ الالحقة على تأسيس الرسم العقاري.
لقد أخضع المشرع العقاري بعض القرارات التي يتخذها المحافظ العقاري بشأن الرسوم
العقارية للطعن القضائي منها قرار رفض التقييد أو رفض التشطيب (أوال) ،و كذا قرار رفض
تصحيح األخطاء المادية التي تشوب الرسم العقاري(ثانيا) .باإلضافة إلى قرار رفض تسليم
نظير الرسم العقاري أو الشواهد الخاصة(ثالثا).
- 10حكم المحكمة اإلدارية بالرباط عدد 388صادر بتاريخ 2005/3/3في الملف عدد ،04/7/262غير منشور.
- 11مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات محكمة النقض ،إصدارات محكمة النقض 2009ص.24.
- 12المرزوقي بشرى":الطعن في قرارات المحافظ بين اختصاص المحاكم العادية و المحاكم اإلدارية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية و االجتماعية و االقتصادية وجدة ،السنة الجامعية ،2014/2013ص.28
6
لذا فإن عدم متابعة أطراف العالقة إلجراء تقييد الحق في الرسم العقاري كيفما كان
مصدره سواء تعلق األمر بعقد بيع للعقار كله أو جزء منه أو عقد كراء طويل األمد ،...فإن ذلك
يجعل الحق غير جدير بالحماية في نظر القانون .و المشرع المغربي خول للمحافظ العقاري
صالحية واسعة سواء فيما يتعلق بالتقييدات(أ) ،أو التشطيب على الحق المقيد(ب).
وإذا كانت الحاالت التي تستوجب على المحافظ اتخاذ قرار الرفض ،محصورة سابقا في
عدم صحة الطلب ،و عدم كفاية الحجج المدلى بها من أجل التقييد ،فإن األمر يختلف مع
التعديالت التي أتى بها القانون 14.07حيت أصبحت ال تقتصر عليها فقط ،ومن هنا يمكن القول
أن المشرع وسع مجال اختصاص القضاء العادي في مجال رفض المحافظ تقييد الحقوق
بالرسوم العقارية.
وإذا كان قرار رفض التقييد قابل للطعن أمام القضاء العادي استنادا إلى الفصل ،96كما
أكده القضاء اإلداري في قراره الصادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ
18/11/2012ملف 6/12/5رقم 3011ما يلي "قرار المحافظ رفض تقييد حق عيني يرجع
أمر النظر فيه للمحكمة االبتدائية ،وال تختص فيه المحاكم اإلدارية".
- 13نص الفصل 96من ظهير التحفيظ العقاري على أنه" يجب على المحافظ على األمالك العقارية في جميع الحاالت التي يرفض فيها تقييد
حق عيني أو التشطيب عليه أن يعلل قراره و تبليغه للمعني باألمر.
يكون هذا القرار قابال للطعن أمام المحاكم االبتدائية التي تبت فيه مع الحق في االستئناف .و تكون القرارات اإلستئنافية قابلة للطعن
بالنقض".
7
فالمالحظ أن المشرع المغربي تطرق إلى حالة التي يرفض فيها المحافظ العقاري تقييد
حق عيني أو التشطيب عليه ،لكن في المقابل لم يتطرق إلى الحالة التي يتضرر فيها أحد
األطراف من القرار اإليجابي للمحافظ.
ونرى أن هذه الحالة ممكنة في حالة ما إذا تقدم شخص بطلب من المحافظ من أجل
مراجعة قرار تقييد معين أو تشطيب عليه قام به و كان مصير طلبه الرفض.
عموما يمكن القول أن المشرع المغربي بمقتضى تعديله للفصل 96من ظهير التحفيظ
العقاري ،لم يحصر الحاالت التي تستوجب على المحافظ اتخاذ قرار رفض التقييد ،وهذا التعديل
من شأنه أن يؤثر في مجال االختصاص النوعي للمحاكم 14المرتبط بالطعن في قرر المحافظ،
ذلك أن القضاء يفسر مقتضيات الفصل 96تفسرا ضيقا ،مما يجعلنا نعتقد أن االختصاص في
الطعن ،و النظر في قرارات المحافظ رفض التقييد أصبحت محصورة للقضاء العادي دون
اإلداري.15
ومع ذلك فإن هناك حاالت التي تستوجب تدخل القضاء اإلداري ،منها قرار الرفض الذي
يكون موضوعه نزع الملكية و التي نرى أن االختصاص يعود للمحاكم اإلدارية الرتباطها
بمسطرة نزع الملكية.
وفي جميع الحاالت يجب أن يكون قرار المحافظ برفض التقييد معلال مع تبليغه للمعني
باألمر الذي يمكن له الطعن فيه أمام المحكمة االبتدائية ،مع الحق في االستئناف و الطعن
بالنقض عند االقتضاء ،و ذلك داخل أجل شهر واحد من تاريخ تبليغه ،و ذلك استنادا لما جاء
- 14حسن مرشان "مالحظات حول تطبيق قواعد االختصاص النوعي" ،مقال منشور بمجلة بمناسبة الندوة الجهوية الثالثة اختفاء بالذكرى
الخمسينية لتأسيس المجلس األعلى ،مراكش 21/22مارس ،2007ص.101:
- 15القرار الصادر عن محكمة النقض رقم 244بتاريخ 8غشت 1980جاء فيه ما يلي "حيث أن اختصاص المحكمة االبتدائية المنصوص
عليه في الفصل 96ينحصر في حالتين :و هما حالة ما إذا كان رفض المحافظ مبررا لعدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم ،و ال ينطبق
في باقي األحوال حيث ينبغي الرجوع إلى القاعدة العامة المذكورة في الفصل 353من قانون المسطرة المدنية و هي اختصاص المجلس
األعلى" .أشار إليه األستاذة أمينة جبران في كتابها " الفضاء اإلداري-دعوى القضاء الشامل" ،مطبعة بيماك ،ص.305.
8
في الفصل 10من القرار الوزاري الصادر بتاريخ 1915/6/3المحدد لتفاصيل تطبيق نظام
التحفيظ العقاري بمسطرة خاصة لتقديم هذه الطعون و البت فيها بحيث إذا رفض المحافظ كليا
أو جزئيا ،تقييد حق عيني أو التشطيب عليه من السجالت العقارية ،فإن قراره يجب أن يكون
معلال و يبلغ دون تأخير إلى الطالب ،و يكون هذا القرار قابال للطعن القضائي المنصوص عليه
في الفصل 96من ظهير 1913/08/12داخل شهر واحد من تبليغه.16
وعليه فإن انعقاد االختصاص يعود للمحاكم العادية ،وإن كان رهينا باحترام المحافظ
لإلجراءات المتبعة للتبليغ ،17فإن ذلك ال يسحب البساط عن القضاء العادي في حالة عدم قيامه
بذلك ،ألن القضاء العادي أثناء تقييمه لقرار المحافظ رفض التقييد ،يقوم في نفس الوقت بمراقبة
مشروعية القرار ،وهو بذلك يقوم بنفس الدور الذي يقوم به القضاء اإلداري ،أثناء النظر في
الطعون الموجهة ضد المحافظ العقاري بسبب الشطط في استعمال السلطة.
9
هذا ما أكده القضاء من خالل العديد من األحكام منها الحكم الصادر بتاريخ 22يناير 1998عن
المحكمة اإلدارية بالرباط و التي جاء فيه ما يلي "التشطيب على التقييد ليس من اختصاص
المحاكم اإلدارية .19"...ونفس األمر تم تأكيده في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 30
يونيو 2004و الذي جاء فيه ما يلي" تختص المحكمة االبتدائية وحدها في النظر في رفض
المحافظ على األمالك العقارية تقييد حق عيني أو التشطيب علية" 20.و منه فقرار المحافظ ال
يتمثل دائما في رفض طلب تقييد حق بل يمكن أن يكون في شكل رفض التشطيب على حق
مقيد ،وفي كلتا الحالتين يحق للمعني باألمر الطعن في هذه القرارات بواسطة مقال كتابي يوجه
إلى كتابة الضبط المحكمة االبتدائية يبين فيه طالبه بكيفية مختصرة وقائع النزاع و األسباب
المستند عليها قصد مراجعة القرار المطعون فيه .ويجب أن يتم الطعن في قرار المحافظ خالل
أجل شهر واحد من تبليغ القرار 21.و يجب أن يكون الطعن موجها مباشرة ضد المحافظ دون
غيره و دون إدخال أي طرف آخر و إال سيكون مرفوضا.
وإذا كان الفصل 96من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره أصبح ال يحصر موضوع
قرار الرفض ،فإن التساؤل نطرحه بشأن القرارات اإليجابية التي يتخذها المحافظ في
الموضوع ،فقرارات التشطيب قد تحدث ضررا من حق المتضرر الطعن فيها ،فما هي الجهة
المختصة للبت في الطعون الموجهة ضدها؟
مبدئيا المحافظ العقاري ال يقوم بإجراء التشطيب إال في إطار الفصل 91من ظهير
التحفيظ العقاري و اإلحالة المتعلقة بالتقييد االحتياطي .و بالتالي فقرار التشطيب يجب أن يكون
وفق ما نص عليه القانون .لكن قد يسبب قرار المحافظ ضررا ألحد األطراف المقيدة بالرسم
- 19حكم المحكمة اإلدارية بالرباط صادر بتاريخ 22يناير ،1998تحت رقم 99و المنشور بمجلة اإلشعاع العدد ،17ص.203
- 20قرار محكمة النقض عدد 763صدر بتاريخ 30يونيو 2004منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية بالرباط و التنمية العدد 60
يناير -فبراير ،2005ص.292.
- 21محمد خيري ":العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي" دار النشر المعرفة ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،طبعة
.2018ص.689:
10
العقاري أو لكل ذي مصلحة له ارتباط أو عالقة بالرسم العقاري ،مما يعطي إمكانية الطعن في
قرار المحافظ أمام القضاء اإلداري ،لغياب مقتضيات تخول القضاء العادي النظر فيه.
وفي تصورنا نرى أن قرار المحافظ القاضي بالتشطيب يجب أن يخضع للرقابة أمام
القضاء اإلداري عكس رفض التشطيب الذي يعود االختصاص للطعن فيه أمام المحاكم العادية
بموجب الفصل .96
وخالصة النقاش ،يجب عدم الخلط بين القرار السلبي للمحافظ و المتمثل في رفض
التشطيب الخاضع لمقتضيات الفصل 96من ظهير التحفيظ العقاري و الذي يخول االختصاص
الطعن فيه للقضاء العادي ،و بين القرار اإليجابي أال و هو قرار التشطيب الذي لم ينضم ظهير
التحفيظ العقاري إمكانية الطعن فيه ،ويخول سكوته هذا لكل المتضرر منه اللجوء إلى القضاء
اإلداري للمطالبة بإلغائه.
11
غير أن تصحيح هذه األغالط يكون تحت مسؤولية المحافظ على األمالك العقارية ،وعليه
فأن للمحافظ كامل الصالحية في رفض إجراء أي تصحيح ،إذا لم يقتنع بجدية أو صحة الطلب
المقدم إليه.
وقرار المحافظ هذا جعله الفصل 30من المرسوم المذكور قابل للطعن حيث جاء فيه" :إذا
رفض المحافظ القيام بالتصحيحات المطالب بها ،أو لم يقبل األطراف بالتصحيحات المنجزة فإن
المحكمة تبت في األمر بحكم تصدره بغرفة المشورة ".
المالحظ في هذا الفصل أنه ال يسعف في تحديد الجهة التي يعود إليها االختصاص خاصة
مع إحداث المحاكم اإلدارية بموجب القانون رقم ،2341/90غير أنه انطالقا من كلمة غرفة
المشورة و من السياق الزمني الذي وضع فيه هذا القرار الوزاري يمكن القول أن االختصاص
ينعقد للقضاء العادي مادام أن المحاكم اإلدارية بالمغرب ال تتألف ،و ال تتوفر على غرفة
المشورة حسب المادة الثانية من القانون ،41/90التي جاء فيها تتكون المحكمة اإلدارية من:
-رئيس المحكمة
-كتاب الضبط
و يجوز تقسيم المحاكم اإلدارية إلى عدة أقسام بحسب أنواع القضايا المعروضة عليها.
غير أن بعض الفقه اعتبر أن هذه المسطرة قد تم إلغاؤها بشكل ضمني لفائدة مسطرة اإللغاء ،و
إن كان القضاء المغربي ال يزال متشبث بهذه المسطرة حيث جاء في قرار للغرفة اإلدارية
بالمجلس األعلى عدد 739الصادر بتاريخ 19شتنبر 2015في ملف إداري... ": 24إن الفصل
30من القرار الوزاري أعاله أناط بالمحكمة العادية النظر في مسألة امتناع المحافظ عن
- 23ظهير شريف رقم 1.91.225صادر في 22من ربيع األول 10( 1414سبتمبر )1993بتنفيذ القانون رقم 41.90المحدث بوجبه
محاكم إدارية.
- 24قرار للغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد 739الصادر بتاريخ 19شتنبر 2015في ملف إداري عدد 2005/1/4/2372أورده محمد
الهيني في مقال الطعن في قرارات المحافظ على ضوء العمل القضائي منشور بالموقع االلكتروني http://www.abhtoo.net.ma .
12
مباشرة اإلصالحات المطلوبة ،و هو نص تطبيقي يكشف عن إرادة المشرع إسناد االختصاص
النوعي للمحاكم العادية بالنظر في النزاعات المتعلقة بتصحيح الغلط أو السهو أو الخلل في
الرسم العقاري في إطار الفصل 29من نفس القرار .وليس في قانون المحاكم اإلدارية وال في
غيره ما يصح القول بأن هذه المسطرة ثم إلغائها للفائدة مسطرة اإللغاء ...يبقى ما أثير بأسباب
االستئناف بدون أساس قانوني".
ثالثا -قرارات المحافظ برفض تعويض نظير الرسم العقاري أو الشهادة الخاصة في حالة
خاصة.
عندما يصدر المحافظ على األمالك العقارية قرار بتحفيظ عقار فإنه إلى جانب ذلك السند
الذي يعرف بهوية العقار المحافظ ،يتم تحرير نظير لهذا الرسم العقاري يحتوي على جميع
البيانات الموجودة في هذا األخير 25.و هذه النظائر الشهادات ال تسلمها المحافظات إال مرة
واحدة و ال تسلمها إال ألشخاص محددين بالذات حسب الفصل 2658من القانون رقم .14.07
غير أنه قد يحدث ما من شأنه أن يفقد الشخص هذه الوثيقة كتعرضها للتلف أو للسرقة أو
الضياع ،لذلك نص المشرع المغربي على إمكانية تعويض هذه الوثائق بنسخ تقوم مقامها،
يسلمها المحافظ العقاري بناء على طلب يقدمه المعني باألمر ،طبقا لفصل 101من ظهير
التحفيظ العقاري ،و قد ترك المشرع المغربي للمحافظ على األمالك العقارية السلطة التقديرية،
27
في تعويض هذه الوثائق بحسب اقتناعه بصحة تصريحات طالب النسخة.
- 25ادريس الفاخوري و دنيا مباركة ":نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم ،"14.07الطبعة الثانية ،مطبعة الجسور ،سنة ،2013
ص.19 :
- 26ينص الفصل "58للمالك دون غيره الحق في أخذ نظير من الرسم العقاري و من التصميم الملحق به يشهد المحافظ على األمالك
العقارية بصحتهما ووضع خاتم المحافظة العقارية عليهما في حالة الشياع ال يسلم إال نظير واحد للشريك المفوض له ذلك أما باقي أصحاب
الحقوق العينية فيمكنهم الحصول علة شهادة خاصة بالتقييد".
- 27إبراهيم داحا ":الطعن في قرارات المحافظ على األمالك العقارية " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون المنازعات العمومية بجامعة
سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية بفاس السنة الجامعية ،2015/2014ص.25 .
13
و لضمان عدم تعسف المحافظين و تشددهم في رفض طلبات تعويض الوثائق الضائعة،
أجاز المشرع المغربي أن تكون قرارات المحافظ العقارية قابلة للطعن ،و هو ما يستفاد من
الفصل 103من القانون المذكور سالفا ،و الذي جاء فيه "إذا وقع تعرض على تسليم نظير جديد
للرسم العقاري أو نسخة شهادة التقييد الخاصة المنصوص عليهما في الفصل 101من هذا
القانون ،أو رأى المحافظ على األمالك العقارية أنه ال داعي لتلبية الطلب المقدم إليه فيمكن
للطالب أن يرفع األمر إلى المحكمة االبتدائية التي تبت وفق اإلجراءات المقررة في قانون
المسطرة المدنية".
وهو ما استقر عليه القضاء المغربي ،فكثيرة هي قرارات و أحكام المحاكم اإلدارية التي
دفعت بعدم االختصاص في هذه الدعاوي:
كحكم المحكمة اإلدارية بفاس عدد 94/16بتاريخ 22شتنبر 281994والذي قضت فيه
المحكمة اإلدارية بفاس بعدم االختصاص طبقا للفصل 103من ظهير التحفيظ العقاري الذي
يسند االختصاص صراحة إلى المحكمة االبتدائية.
وقد نظم المشرع مقتضيات خاصة بشهادات العقارية بمقتضى القرار الوزاري الصادر
بتاريخ 3يونيو 1915و بإمكان كل شخص ضاعت منه هذه الشهادات أن يتقدم بطلب إلى
المحافظ العقاري قصد استالم نسخة جديدة ،كما هو الحال بالنسبة لنظير الرسم العقاري ،و لذلك
فإن المقتضيات المتعلقة باستجابة المحافظ و رفضه ،هي نفسها المتعلقة بتسليم النظير العقاري،
حيث تعتبر نفسها المحكمة االبتدائية صاحبة االختصاص للنظر في الدعوى الموجهة ضد قرار
المحافظ في هذا الموضوع ،وذلك عمال بمقتضيات الفصل 103من ظهير التحفيظ العقاري .
والمالحظ أن مقتضيات الفصل 103من ظهير التحفيظ العقاري ،ال تنص صراحة على
إمكانية استئناف الحكم الصادر أو الطعن فيه بالنقض ،و سكوت الفصل 103من ظهير التحفيظ
العقاري ،ال يفهم منه أن المحكمة تصدر حكما ابتدائيا و نهائيا في الموضوع ،ألن األمر لو كان
- 28حكم المحكمة اإلدارية بفاس عدد 94/16بتاريخ 22شتنبر ،1994أورده ابراهيم داحا ،م س ،ص.25:
14
ذلك ،لنص المشرع عليه صراحة ،ولذلك فإن إمكانية االستئناف و النقض تبقى واردة ما لم يتم
التنصيص على هذا المنع قانونا.
استهدف القانون 14.07المتمم والمغير لظهير 9رمضان إدخال تعديالت تروم الدفع
بالعقار وجعله أكثر تباتا ً واستقرارا وذلك ما ينعكس على التنمية واالستثمار بنتيجة إيجابية.
ومن بين التعديالت المدخلة بالقانون السالف الذكر ،التغيير في موازن توزيع االختصاص
للنظر في الطعون المقدمة ضد قرارات المحافظ حيث تم تحديد القرارات تقبل الطعن أمام
المحكمة االبتدائية ،وذلك في الفصل 96و 37وترك القرارات األخرى من نصيب المحكمة
اإلدارية باعتبارها القضاء المتخصص في دعوى اإللغاء ،إال أن هذه التعديالت حملت بعض
المستجدات التي تطرح السؤال عن دستوريتها خصوصا ً مع زيادة بعض القرارات المحصنة من
الطعن.
فقرارات المحافظ على األمالك العقارية تعتبر قرارات إدارية بكل ما يحمل هذا المصطلح
من معنى ،كل ما هناك المشرع بعضها بمسطرة خاصة للطعن ،وما عدا ذلك يبقى القضاء
اإلداري هو المختص فيه 29وفيما يلي نستعرض لبعض تطبيقات القضاء اإلداري للقرارات
القابلة للطعن عن طريق دعوى اإللغاء.
إن قرارات المحافظ جميعها أصبحت في مادة التعرضات تخضع الختصاص المحاكم
اإلدارية حصرا ً سواء تعلق األمر برفض تسجيل التعرض أو إلغائه ،إال أنه توجد قرارات تهم
التعرض ال تقبل الطعن القضائي.
- 29سلسلة األنظمة والمنازعات العقارية ،اإلصدار الثاني ،أبريل ، 2818الطبعة األولى.2010 ،
15
لقد أعطى المشرع الحق لكل من لديه حق أو ادعاء يتعلق بالعقار الذي وضع بشأنه
التحفيظ أن يتعرض للمطالبة بحقوقه ،والذي حدد الحاالت التي يمكن فيها التعرض وذلك في
حالة المنازعة في وجود حق الملكية أو في مداه أو حدود العقار ،وكذلك عندما يكون الشخص
لديه حق عيني متعلق بالعقار المراد تحفيظه أو في حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن عنه طبقا ُ
للفصل 84من ظهير التحفيظ العقاري.
وقد حدد المشرع طريقة تقديم التعرض في الفصل 25من التحفيظ العقاري ،والذي يجب
أن يتضمن البيانات والشروط التي حددها المشرع في الفصل السالف الذكر ،ويعمل المحافظ
على تضمين التعرضات بسجل التعرضات 30وبخصوص أجل تقديم التعرضات فهو يبدأ من
تاريخ تقديم مطلب التحفيظ إلى غاية شهرين ابتداء من اإلعالن عن انتهاء التحديد ،ويتم وفق
التعرضات التي تقدم خارج األجل المحدد باستثناء ما هو محدد في الفصل 29من ظهير التحفيظ
العقاري وبالتالي فالتعرض يكن مرفوع خارج األجل المحدد وهذه السلطة أي سلطة البت في
التعرض تبقى من اختصاص المحافظ على األمالك العقارية ،وليست للمحكمة سلطة قبول
التعرضات أو عدم قبولها حسب تقديمها داخل األجل القانوني أو خارجه يدخل في اختصاص
المحافظ على األمالك العقارية الذي يتولى تلقي هذه التعرضات وتهيئتها قبل إحالة الملف على
المحكمة المختصة ،وبالتالي فإن اختصاص المحكمة يبقى محصور بالبت في وجود الحق
المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعة ومشتمالته ونطاقه 31ويبقى االختصاص للبت في الطعن
في قرار المحافظ على األمالك العقارية في إطار التعرض من نصيب المحكمة اإلدارية بصفة
مطلقة بعد أن تشاركها فيه المحكمة االبتدائية.
خص المشرع لمسطرة التحفيظ مجموعة من اآلليات اإلشهارية التي ينبغي من ورائها
إعالم جميع أو كل من له حق متعلق بالعقار المراد تحفيظه لكي يتقدم بتعرض من أجل الحفاظ
-انظر الفصل 25من ظهير التحفيظ العقاري. 30
16
على حقه ،ولكن هذه اإلمكانية فتح لها أجل محدد ،يجب أن يمارس فيها التعرض ،وإال سقط
الحق في ذلك ،والتي تحدد من فترة تقديم مطلب التحفيظ إلى غاية شهرين بعد نشر اإلعالن عن
انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية ،غير أنه حدد أجل استثنائيا ً طبقا ً للفصل 29من نفس الظهير،
سمح فيه بتقديم التعرض رغم فوات األجل القانوني لكنه ربطه بشرط عدم توجيه المحافظ الملف
للمحكمة االبتدائية.
وحصر المشرع الجهات التي لها التعرض االستثنائي في المحافظ على األمالك العقارية،
ويالحظ أنه تم تقليص هذه الجهات بصدور قانون 14.07المتمم والمغير لظهير .التحفيظ
العقاري ،مما يؤثر سلبا ً على مبدأ األمن العقاري وبالتالي على األمن القانوني ككل
وصدر في هذا اإلطار قرار لمحكمة النقض جاء فيه :أن المحكمة االبتدائية المؤيد حكمها
بالقرار المطعون فيه الحظت وهي تنظر في التعرض المحال عليها بعد فتح أجل جديد له من
طرف المحافظ في إطار الفصل 29الحظت أن هذا النص إنما يخول للمحافظ فتح أجل جديد
للتعرض من طرف المحافظ وقع بعد إحالة الملف على المحكمة وخروجه من يده وانتهاء
المرحلة القضائية وإعادته إليه التخاذ ما يراه في شأن طلب التحفيظ.32
ويجب أن يقدم المتعرض داخل األجل االستثنائي الوثائق المبنية لألسباب التي منعته من
تقديم تعرضه داخل األجل وكذلك العقود المرافقة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
وبالعودة للفقرة األخيرة من الفصل 29من ظهير التحفيظ العقاري يالحظ أن المشرع جعل قرار
رفض التعرض االستثنائي غير قابل للطعن القضائي.
فهل يقصد المشرع فقط المنع من الطعن أمام المحاكم االبتدائية أم التحصين من الطعن
نهائيا ؟
- 32مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات محكمة النقض ،إصدارات محكمة النقض، 2009 ،ص ،90ورد في مستجدات
التحفيظ العقاري ،مرجع سابق ،ص .97
17
أن القاعدة العامة والمستقر عليها فقها ً وقضاء هي عدم تحصين أي قرار إداري من الطعن
القضائي ،واذا كان المشرع يقصد التحصين بصفة مطلقة فهذا يتعارض مع أسمى قانون في
البالد والذي أقر في مادته 118حق التقاضي وجعله حقا ً دستوريا ً ،ونحن نعلم قيمة القواعد
الدستورية حيث تلزم باقي القواعد األخرى األقل درجة منها في إطار احترام مبدأ هرمية
القواعد القانونية 33وكذلك يأتي هذا المقتضى مخالفا ً لما نصت عليه نفس المادة من الدستور،
والتي اعتبرت جميع القرارات اإلدارية سواء الفردية منها أو التنظيمية قابلة للطعن فيها أمام
الهيئة القضائية المختصة.
وجاء في حكم المحكمة اإلدارية بأكادير صادر بتاريخ " ،1995/07/20تعتبر دعوى
اإللغاء بمثابة دعوى القانون العام إللغاء القرارات اإلدارية عموماً ،أي يمكن أن توجه ضد أي
قرار إداري دونما حاجة إلى نص قانوني صريح ،وحيث إنه ال يقبل وفقا ً لروح قانون 90.41
تحصين أي قرار من مراقبة قاضي المشروعية وحرمان المواطن في دولة الحق والقانون
ضمانا ً لحقوقه وحرياته من مراقبة أعمال اإلدارة عن طريق دعوى اإللغاء التي تمارسها هيئة
مستقلة عن اإلدارة وتتكون من قضاء تابعين للسلطة القضائية وال يخضعون للتسلسل الرئاسي
34
أو ألي نوع من الوصاية ،ويستعملون اختصاصاتهم من أجل حماية المواطن واإلدارة معا ً".
ومن هنا يمكن القول أن الفقرة األخيرة من الفصل 29من ظهير التحفيظ العقاري غير
دستورية وبالتالي يمتنع على المحاكم اإلدارية تطبيقها ،واعتبار المنع المقصود ينصرف للقضاء
العادي فقط.35
وقد كانت المحاكم اإلدارية بالمرصاد ضد هذا التحصين الغير دستوري كما يبدو حسب
مقتضيات الدستور الجديد ،حيث صدرت أحكام ترفض تحصين القرارات اإلدارية من الطعن
- - 33سلسلة "األنظمة والمنازعات العقارية" ،منشورات مجلة الحقوق ،ص .65
- - 34المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد 27ص 255ورد في مستجدات التحفيظ العقاري ،مرجع سابق ص .29
- - 35نفس المرجع ،ص .99
18
باإللغاء من بينها المحكمة اإلدارية بالرباط في حكم أصدره بتاريخ 21مارس ،362013يقضي
بأن حضر الطعن في قرار رفض التعرض يضل قاصرا في جميع األحوال على الطعن العادي
أمام المحاكم العادية وال يشمل الطعن باإللغاء أمام القضاء اإلداري الغير قابل للتحصين مطلقا ً
طبقا ً للفصل 118من الدستور.
منح المشرع الحق لكل من يدعي حقا ً على عقار قدم بشأنه مطلب تحفيظ ،أن يتقدم
بتعرضه للمحافظة على حقوقه ،لكي ال تشملها قاعدة التطهير ،ويجب أن يكون هذا التعرض
مدعما ً بالحجج والمستندات التي تقويه وتدعمه وتجعله جدياً ،وكذلك أداء الرسوم القضائية ،التي
تترتب عليه حقوق المرافعة ،ويجب أن يقوم بذلك قبل انصرام الشهر الموالي النتهاء أجل
التعرض وإال اتخذ المحافظ على األمالك العقارية قرارا باإللغاء حسب ما تم ،التنصيص عليه
في الفصل 32من ظهير التحفيظ العقاري.
وتجدر اإلشارة إلى أن الفصل 32في صيغته المنسوخة كان يعطي االختصاص للمحكمة
االبتدائية بالنظر في قرارات رفض التعرض أو إلغائه بسبب عدم تقديم المتعرضين للوثائق أو
عدم كفاية الرسوم ،والرفض لغير هذه األسباب كان يخضع للطعن أمام المحكمة اإلدارية ،لكن
هذا التمييز لم يحافظ عليه المشرع الجديد مما جعل االختصاص يرجع فيما يخص القرارات
الصادرة في التعرض خاضع للمحكمة اإلدارية المطلقة.
تشمل القرارات اإليجابية الصادرة عن المحافظ على األمالك العقارية والمتعلقة بالتشطيب
كل من التشطيب على حق عيني ثم التقييد االحتياطي.
- - 36صادر في الملف رقم 2010/5/147غير منشور ،ورد في سلسلة "األنظمة والمنازعات العقارية" ،مرجع سابق ،ص .66
19
بالرجوع للفصل 6من ظهير التحفيظ العقاري ،نجده حصر الطعن أمام المحاكم االبتدائية،
في القرارات التي يرفض فيها المحافظ على األمالك العقارية تقييد حق عيني أو التشطيب عليه،
وبالتالي فما عدا هذه القرارات التي ال تختص فيها المحاكم المذكورة ،بل يرجع أمر البت فيه
للمحاكم اإلدارية ،باعتبارها صاحبة الوالية في دعوى اإللغاء الموجهة ضمن القرارات
اإلدارية ،وذلك حسب قانون 41.90المحدث بموجبه المحاكم اإلدارية ،حيث يمكن لكل طرف
في مواجهة قرار بالتشطيب على حقه العيني ،وإذا كان متأكد من صحة حقه أن يطعن في ذلك
القرار أمام المحكمة اإلدارية المختصة بموجب المادة 8من قانون إحداثها.
وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ " ،1998/12/03التشطيب على حق
37
عيني مسجل بالرسم العقاري يعتبر قرارا ً إداريا ً يطعن فيه أمام المحكمة اإلدارية المختصة".
أعطى المشرع الحق لكل شخص يدعي حقا ً على عقار محفظ أن يطلب تقييده احتياطياً،
في حالة ما إذا تعذر على صاحبه تقييده نهائياً ،وذلك من أجل الحفاظ على المؤقت على رتبة
حقه في الزمن إلى حين استكمال الشروط القانونية من أجل التقييد التلقائي ،وقد حدد المشرع
الحاالت التي تجيز التقييد االحتياطي بناء على :
سند يثبت حق على عقار ويتعذر (على المحافظ تقييده على حاله).
أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها.
نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
أيضا ً هناك بعض الحاالت الخاصة التي تجيز التقييد االحتياطي نظرا لوجود مصلحة
38
معينة ،رأى المشرع حاجتها إلى الحماية.
- 37مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات محكمة النقض ،إصدارات محكمة النقض ، 2009ص ،130ورد في مستجدات
التحفيظ العقاري مرجع سابق ،ص .101
- 38من هذه الحاالت الخاصة مثال :التقييد االحتياطي للعقد االبتدائي لبيع العقار في طور اإلنجاز ،التقييد االحتياطي للرهن المؤجل.
20
ويدخل قرار التشطيب على التقييد االحتياطي ،ضمن القرارات اإلدارية التي تخضع
39
لمراقبة القضاء اإلداري.
فالمحافظ ال يحق له التشطيب على التقييد االحتياطي المبني على تقديم نسخة مقال افتتاحي
لدعوى تتعلق باالستحقاق وبطالن التحفيظ وذلك قبل صدور حكم نهائي في الدعوى المعروضة.
الفقرة الثالثة :قرار رفض إرجاع نظير الرسم العقاري وقرار رفض تغيير اسم العقار المحافظ
أوال :قرار رفع إرجاع نظير الرسم العقاري رغم انتهاء التقييدات
بعد انتهاء التقييدات يقوم المحافظ بإرجاع نظير الرسم العقار لصاحبه ،وامتناع المحافظ
عن ذلك يجعل قراره مشوبا ً بشطط في استعمال السلطة ،يجوز الطعن فيه باإللغاء أمام المحكمة
اإلدارية ،وهذا ما جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 1995/04/06إن امتناع
المحافظ من إرجاع رسم عقاري ألصحابه رغم انتهاء التسجيالت التي كانت سبب وضع الرسم
العقاري لدى المحافظ هو قرار إداري يتسم بالشطط في استعمال السلطة وقابل للطعن باإللغاء
لعدم وجود دعوى موازية أمام القضاء الشامل.40
وتجدر اإلشارة إن هذه الحالة تتعلق فقط برفض المحافظ إرجاع نظير الرسم العقاري ،أما
الرفض الذي يكون مصدره األطراف فيجب الرجوع بخصوصه إلى الفصل 89من ظهير
التحفيظ العقاري والذي نظم هذه الحالة(حالة رفض اإلدالء بنظير الرسم العقاري( ،وبالتالي ففي
حالة عدم اإلدالء بالنظير رفقة الطلب وكان يتعلق بحق يقتضي إنشاؤه موافقة المالك والحائز
لنظير الرسم العقاري ،فهنا يجب على المحافظ أن يمتنع عن تقييد الحق موضوع الطلب إلى أن
يتم اإلدالء بالنظير.
- 40أمينة ناعمي ،محمد الهيني" ،القواعد الموضوعية للرهن الرسمي اإلجباري فقها ً وقضاء" ،دار القلم الرباط ،منشورات مركز قانون
االلتزامات والعقود ،كلية الحقوق بفاس ،الطبعة األولى ،2010 ،ورد في مستجدات التحفيظ العقاري مرجع سابق ص .104
21
أما في الحاالت األخرى فالمحافظ ينجز التقييد ويبلغه للحائز مع إنذاره بتقديم النظير داخل
أجل 20يوماً.
ويمكن للمحافظ أن ينجز المطابقة كلما أتيحت له الفرصة في ذلك ،وإذا لم يقم الحائز
للنظير بإيداعه داخل األجل الذي حدده المحافظ في اإلنذار ،يبقى هذا النظير بدون قيمة إلى أن
يتم المطابقة بينه وبين الرسم العقاري ،ويعمل المحافظ على إبالغ العموم بهذه الوضعية عن
طريق إعالن مختصر يغلق في المحافظة العقارية وبكل الوسائل المتاحة.
ويبقى لألطراف المعنية بالتقييد ،الحق في اللجوء إلى المحكمة االبتدائية من أجل الحكم
بإيداع النظير بالمحافظة العقارية.
بالرجوع للفصل 52مكرر من ظهير التحفيظ العقاري ،نجده يجيز لمالك العقار أن يتقد
بطلب لتغيير اسم العقار المحفظ والذي جاء فيه "يمكن للمالك المقيد تغيير اسم العقار المحفظ
وفي حالة الشياع تكون الموافقة الصريحة لكافة الشركاء المقيدين ضرورية.
ينشر الطلب بالجريدة الرسمية ويقيد في سجل اإليداع بعد انصرام خمسة عشر يوما ً ،من
تاريخ هذا النشر ويضمن االسم الجديد بالرسم العقاري وبنظيره ،ويشار إليه الحقا ً في التقييدات
والوثائق".
وبالتالي فما يستكشف من هذا الفصل أن المشرع أعطى الحرية لمالك العقار لكي يتقدم
بطلب لتعيير اسم عقاره دون أن يربط ذلك بشرط معين ،وتعتبر هذه النقطة األخيرة من بين
المستجدات التي جاء القانون 14.07المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري ،ولذلك فرفض
المحافظ على األمالك العقارية تغيير اسم العقار بعد االنحراف في السلطة ،وبالتالي يجوز
41
للمعني باألمر الطعن في قرار المحافظ أمام المحكمة اإلدارية ،ألن االنحراف في السلطة
- 41نص المشرع على الحاالت التي يؤسس عليها الطاعن طلبه باإللغاء والتي جاءت حصرا ً وذلك في الفصل 20من قانون 41.90
22
يشكل أحد األسباب التي يمكن لطالب الطعن أن يؤسس عليه طلبه الرامي إلى إلغاء قرار
المحافظ المتعلق برفض تغيير اسم العقار.
الفقرة الرابعة :رفض تنفيذ األحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به ورفض إحالة مطلب
التحفيظ على المحكمة
يقصد باألحكام هي تلك القرارات الصادرة من المحاكم المشكلة تشكيال قانونيا ً في
النزاعات التي تطرح عليها .واألحكام التي يجب تسجيلها هي األحكام التي اكتسبت قوة الشيء
المقتضى به ،أي تلك األحكام النهائية التي أصبحت ال تقبل أي طريق من طرق الطعن المادية
وهي االستئناف و التعرض ،ويستوي في ذلك أن يكون الحكم نهائيا ً لصدوره في مرحلة
االستئناف ،أو بفوات ميعاد الطعن فيه بهذا الطريق دون أن يطعن فيه في المرحلة االبتدائية.42
وينص الفصل 65من ظهير التحفيظ العقاري " 14.07يجب أن تشهر بواسطة التقييد في
الرسم العقاري ،جميع الوقائع والتصرفات واالتفاقات الناشئة بين األحياء مجانية كانت أم
بعوض ،وجميع المحاضر واألوامر المتعلقة بالحجز العقاري ،وجميع األحكام التي اكتسبت قوة
الشيء المقضي به".
كذلك الفصل 65مكرر "يحدد أجل إنجاز التقييد المنصوص عليه في الفصل 65في ثالث
أشهر ويسري هذا األجل بالنسبة للقرارات القضائية ابتداء من تاريخ حيازتها لقوة الشيء
المقضي به".
ويتبين من ذلك أن األحكام التي تكون صادرة عن المحاكم واكتسبت قوة الشيء المقضي
به ،تفرض على المحافظ أن يقوم بتقييد تلك الحقوق التي تم اكتسابها عن طريق ذلك الحكم.
المحدث بموجبه المحاكم اإلدارية والتي تتجلى في كل من العيب في الشكل أو االنحراف في السلطة أو النعدام التعليل أو مخالفة القانون
فهذه كلها أسباب تجيز طلب الطعن باإللغاء.
- 42محمد خيري " ،العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي" ،ص .125
23
وهذا ما قررته المحاكم اإلدارية في بعض قراراتها.
وقد استقر اجتهاد الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض على أنه "يعتبر شططا ً في استعمال
السلطة امتناع المحافظ العقاري عن تقييد حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به".
وحيث أنه من المستقر عليه فقها ً وقضاء أن األحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به هي
األحكام التي ال تقبل التعرض ال االستئناف ،أي التي ال تقبل طريق من طرق الطعن ،ال ينزع
هذه األحكام صفة اإلنتهائية وقوة الشيء المقضي به.
وحيث أنه بالنسبة للفصل 361من قانون المسطرة المدنية فإنه وكما استقر اجتهاد محكمة
النقض الغرفة اإلدارية في عدة قرارات فإن المقصود بعبارة التحفيظ العقاري مجموع
اإلجراءات المتعلقة بإنشاء رسم عقاري ال يزال في طور التحفيظ.
أما العقارات المحفظة فلها نظام خاص يتبع من الرسوم العقارية ولذلك فإنه ال تدخل ضمن
مقتضيات المصطلح المذكور مما يكون معه قرار المحافظ القاضي برفض تقييد الحكم النهائي
43
الحائز لقوة الشيء المقضي به المستدل بالشطط في استعمال السلطة.
ويتبين من ذلك أنه المحافظ الذي يرفض تقييد الحكم النهائي في مادة التقييد الحائز لقوة
الشيء المقضي به صدر في محكمة االستئناف ولو مع صيرورته قابال للطعن بالنقض ،يعتبر
مشتطا ً في استعمال سلطته ،وقراره مشوب بعيب مخالفة القانون واجب اإللغاء ،ألن الطعن
بالنقض يوقف التنفيذ في قضايا التحفيظ العقاري باعتبارها مجموع اإلجراءات المتعلقة بإنشاء
عقاري ال يزال في طور التنفيذ.
إن جميع قرارات المحافظ ذات الصلة برفض تنفيذ حكم قضائي راجعة الختصاص
المحاكم اإلدارية كيفما كان سببها سواء تعلق بالتقييد أو التشطيب.
- 43قرار عدد 2001/06/28الدليل العملي لالجتهاد القضائي في المادة اإلدارية ،منشور في المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
الجزء الثالث ،ص .393
24
ثانيا :رفض إحالة مطلب التحفيظ على المحكمة
إن مسطرة التحفيظ من بدايتها تعتبر في األصل مسطرة إدارية إال أنه قد تتخللها المر حلة
القضائية في حالة وجود تعرضات على مطلب التحفيظ ،وأن عدم التوصل إلى صلح يرضي
األطراف أو عدم رفع التعرض أو قبوله من طرف طالب التحفيظ يفيد تشبت كل طرف بمطالبه
ويقتضي األمر إحالة ملف التحفيظ على المحكمة المختصة للبت فيه.و
بالتالي فذلك يفرض على المحافظ إحالة المطلب على المحكمة المختصة ،وإذا رفض ذلك
فقراره هذا يكون معرضا ً للطعن أمام القضاء اإلداري وهذا ما درج عليه القضاء اإلداري حيث
جاء في حكم للمحكمة اإلدارية بالرباط صادر بتاريخ 23مارس " 2000أن قرار المحافظ على
األمالك الرافض لطلب إحالة ملفي مطلبي التحفيظ على المحكمة المختصة للبت فيه على اعتبار
أن مطلب التحفيظ الثاني هو بمثابة التعرض على المطلب األول يعتبر قرارا ً إداريا ً قابال للطعن
فيه عن طريق دعوى اإللغاء أما المحكمة اإلدارية".44
الفقرة الخامسة :قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري بين القابلية للطعن وغير القابلية
للطعن
إن ما تعلق بقرار المحافظ بخصوص تحفيظ العقار وإنشاء الرسم العقاري هناك من ينادي
بعدم قابلية الطعن وذلك استنادا إلى مقتضيات الدستور ،وبين من ينادي بعدم قابلية الطعن وذلك
وفق الفصل 62من قانون التحفيظ العقاري.
- 44حكم عدد 3الدليل العلمي لالجتهاد في المادة اإلدارية ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية الجزء الثالث ،رقم
،16مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة ، 2004،ص .110
25
أوال :قابلية قرار المحافظ بخصوص تحفيظ نشاء الرسم العقاري للطعن
لقد استند مؤيدو هذا اإلتجاه إلى مقتضيات الفصل 118من دستور 2011بأن "حق
التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه ومصالحه التي يحميها القانون.
كل قرار اتخذ في المجال اإلداري سواء كان إداريا ً أو فرديا ً يمكن الطعن فيه أمام الهئية
القضائية المختصة".
ويستنتج من هذا النص أن جميع القرارات التي تكون إدارية وصادرة عن مؤسسة إدارية
تكون قابلة للطعن أمام الهيئة القضائية وال يمكن له اإلفالت من الرقابة ،وهذا ما ينطبق على
قرارات المحافظ فهي وفق القواعد الدستورية تكون قابلة للطعن حتى ولو كانت محصنة بنص
تشريعي ،45ويدعمون بمجموعة من القرارات التي صدرت بهذا الشأن.
وفي هذا اإلطار أصدرت المحكمة اإلدارية بفاس حكما ً يحمل رقم 97/1027في الملف
اإلداري رقم 97/10قضت فيه باختصاصها للنظر في القرار الصادر عن السيد المحافظ على
األمالك العقارية عن انتهاء التحديد لتأسيسه على إجراء باطل وبإلغائه ،رغم انتهاء الرسم
العقاري المبني على هذا القرار ،وقد تم تأييد هذا الحكم بمقتضى قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس
األعلى تحت رقم 736بتاريخ 1998/07/16في الملف اإلداري عدد 44و.461998/01/15
ويعتبر هذا الطعن هو الراجح ويستندون في ذلك على مقتضيات الفصل 62من قانون
14.07الذي ينص على أن الرسم العقاري نهائي وال يقبل الطعن ،ويعتبر نقطة االنطالق
الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية المتربة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من
الحقوق غير المقيدة.
- - 45عبد الرزاق عريش ،مقال بمجلة األمالك السنة ،2013-2012ص .95
- 46مقال للدكتور محمد النجاري رئيس المحكمة اإلدارية بوجدة ،حكم عدد ،70منشورات مجلة الحقوق المغربية ،سلسلة العمل القضائي،
عدد 1مارس .2009
26
إن قرار المحافظ بشأن تحفيظ العقار وتأسيس الرسم العقاري يعتبر من أخطر القرارات
التي يتخذها المحافظ وذلك بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطالن
ما عداه من الرسوم ،وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به ،وهو قرار نهائي
غير قابل ألي وجه من أوجه الطعن. 47
أما إذا وقع ضرر بالغير جراء قرار التحفيظ ،فإنه حسب الفصل 64من قانون 14.07ال
يمكنه المطالبة باستحقاق العقار عينا ً وإنما يبقى له الحق في التعويض فقط إذا كان يختل عملية
التحفيظ تدليس.
وقد كرس االجتهاد القضائي هذا المبدأ النهائي وعدم القابلية للطعن من خالل عدة قرارات
صدرت .
كما في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 1998/04/01ال يمكن قانونا ً التشطيب على
الرسم العقاري وإعادة إجراء مسطرة التحفيظ ألن رسم الملك الناتج عن التحفيظ له صفة نهائية
وال يقبل الطعن وال اإللغاء ولو في حالة التدليس طبقا ً لما هو منصوص عليه بالفصل 64من
قانون التحفيظ. 48
وعن قرار آخر صادر عن المجلس األعلى سابقا ً القرار الصادر بتاريخ 21أبريل 1972
7111في الملف اإلداري رقم 18271الذي جاء فيه "أن إقامة الرسم العقاري له صفة نهائية
وال يقبل الطعن ويحسم كل نزاع بالعقار".49
ومن خالل ما سبق يتبين أن الرأي الثاني هو السائد ألنه يؤدي إلى حماية الملكية ويحافظ
على القاعدة التي يؤسسها التحفيظ وهي قاعدة التطهير.
- - 47محمد الهيني" :الطعن في قرارات المحافظ العقاري" ،م.س ،ص.84 :
- - 48مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات محكمة النقض ،إصدارات محكمة النقض ، 2009ص .88
- - 49قرار عدد 18271صادر عن المجلس األعلى سابقا ً 27أبريل .1972
27
الفقرة السادسة :الطعن في قرار التحديد اإلداري والطعن في المسؤولية المرفق عن األضرار
الناتجة عن عملية التسجيل
تعتبر عملية التحديد من أهم مراحل التحفيظ ،بل وأخطرها أحيانا ً ألنها هي المنطلق الذي
يثبت حالة العقار ماديا ً وقانونياً .ذا كان هذا التحديد يهدف إلى تحديد العقار من الناحية المادية
والقانونية فإنه يهدف أيضا ً إلى ربط العقار موضوع التحديد من الناحية الهندسية بالخريطة
العامة للمنطقة ،50وأن هذه العملية رغم ما يمكنه أن تساهم به من إعطاء قيمة للعقار وتحديده
ضرار إما لطالب التحفيظ أو أحد المتعرضين أو للغير،
ً يمكن أن يلحقها خلل أو عيب قد يسبب
فهي بالتالي تكون محل للطعن أمام القضاء اإلداري من قبل المتضررين .
وقد صدرت عدة قرارات قضائية بهذا الشأن نذكر منها القرار الصادر على المجلس
األعلى حين حمل المسؤولية للمحافظ في عدم احترام اإلجراءات المقررة إلنجاز عملية التحديد
ورد فيه ما يلي" :إذا كان المشرع لم ينظم طريقة الطعن في مقرر اإلعالن عن انتهاء التحديد
لفسح المجال أمام الشروع في المرحلة اإلدارية الالحقة ،فإنه اختصاص المحافظ على الملكية
العقارية وبالتالي فإنه قرار إداري يكون قابال للطعن باإللغاء ،وأن المحكمة اإلدارية كانت
مختصة للنظر في طلب إلغائه ،وأنه يمكن الطعن في جميع اإلجراءات المتخذة عن طريق
المحافظ والسابقة على إنشاء الرسم العقاري ما دام من شأنها أن تؤثر على مركز الطاعنين".51
وهناك أيضا ً حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط 2007/01/16والذي استجابت فيه
لطلب إلغاء قرار المحافظ العقاري القاضي برفض إلغاء عملية التحديد المؤقت التي تمت في
غيبة المتعرض الطاعن لعدم استدعاءه رغم إعالن تعرضه على مطلب التحفيظ مما يعد خرقا ً
لمقتضيات الفصل 19من ظهير التحفيظ العقاري.
28
ثانيا :مسؤولية المرفق عن األضرار الناتجة عن عملية التسجيل أو التشطيب
إن جميع القرارات التي تكون صادرة عن المحافظ في إطار أدائه لمهام إدارية بخصوص
ما يتعلق بالتقييد أو التسجيل يمكن أن تتسبب في أضرار إما لطالب التقييد أو صاحب الرسم
العقاري وذلك إما ناتج عن تطبيق المقتضيات القانونية أو من خطأ أو تدليس ،ونتيجة لهذا
الضرر الذي يلحق باألفراد يتسبب إحداث خلل في حقوق األفراد ولمعالجة األمر يسمح األفراد
بالمطالبة بالتعويض الذي أصابهم نتيجة ذلك التقييد أو التشطيب.
إن هذا اإلشكال قد حسمت فيه المحكمة ،وذلك بمنح االختصاص للمحكمة االبتدائية للنظر
في دعاوى المسؤولية الشخصية عموما ً والمسؤولية الشخصية للمحافظ على وجه الخصوص،
فقد جاء في قرارها وهي بصدد تحديد جهة االختصاص للنظر في قضايا المسؤولية الشخصية،
حيث أن دعوى التعويض المقامة حاليا ً مبنية على المسؤولية الشخصية للمحافظ مما تكون معه
المحكمة االبتدائية المختصة للنظر في الطلب وليست المحكمة اإلدارية التي يضل اختصاصها
محصورا في المنازعات المتعلقة بالمسؤولية اإلدارية الناتجة عن األضرار الحاصلة بسبب
أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام طبقا ً لمقتضيات الفصل 8من قانون 10.41المحدث
52
للمحاكم اإلدارية.
وكذلك هناك قرار صادر عن محكمة النقض بخصوص منح االختصاص للمحاكم اإلدارية
بما يتعلق بالخطأ المصلحي بتاريخ 2005/10/12والذي جاء في حيثياته حيث أن الدعوى
الموجهة ضد الدولة والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية من أجل التعويض عن الضرر يتمسك
المدعي بأنها نتجت عن خطأ مصلحي ،كما أن المحافظ على األمالك العقارية أشار لرفع
- 52قرار عدد 1046المؤرخ في 2008/07/06ملف إداري عدد 100/1/4/527منشور بمجلة المحاكم المغربية ،العدد ، 92ص .128
29
المسؤولية الشخصية أن رفضه إيداع العمليات الهندسية التي تهم الرسم العقاري المعني مبني
على أساس قانوني.
خاتمة
في ظل السير البطيء لفض النزاعات الطارئة بشأن التحفيظ الذي يشكل عرقلة في حد
ذاته أمام تطبيق نظام التحفيظ العقاري يتحتم تدخل المشرع من أجل خلق مسطرة ناجعة لفض
المنازعات وذلك بالعمل على خلق محاكم عقارية تتوفر على قضاة متخصصين يتمتعون
بالكفاءة القانونية في هذا المجال تكون مهمتها تصفية النزاعات وإخراجها من حالة الجمود
الذي تتسم به والسهر باستمرار على تنفيذ المقتضيات القانونية المتعلقة بالتحفيظ العقاري.
- - 53قرار عدد 724المؤرخ في 2005/10/12منشور بمجلة األمالك ،مقال لألستاذ لمحمد الهيني.
30
الئحة المراجع
الكتب
عبد العالي الدقوقي" :نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق-دراسة في االجتهاد
القضائي واالداري ،"-مطبعة النجاح الجديدة ،2020 ،الدار البيضاء.
عبد الخالق أحمدون" :نظام التحفيظ العقاري بالمغرب مقتضياته القانونية و إشكاالته الواقعية"
طوب بريس ،الرباط ،الطبعة الثالثة.2007،
31
محمد خيري " :العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خالل القانون الجديد رقم
14.07المتعلق بالتحفيظ العقاري" ،المساطر اإلدارية و القضائي للتحفيظ ،مطبعة المعارف
الجديدة ،الرباط ،طبعة ،2014دار النشر المعرفة.
حسن البكوري " :إشكاالت قانونية في التبليغ من خالل العمل القضائي ،جمع وعرض ألهم األحكام
الصادرة عن المحاكم المغربية" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء الطبعة األولى.2003 ،
محمد خيري ":العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي" دار النشر المعرفة ،مطبعة
المعارف الجديدة الرباط ،طبعة .2018
ادريس الفاخوري و دنيا مباركة ":نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم ،"14.07الطبعة
الثانية ،مطبعة الجسور ،سنة .2013
أمينة ناعمي ،محمد الهيني" ،القواعد الموضوعية للرهن الرسمي اإلجباري فقها ً وقضاء" ،دار
القلم الرباط ،الطبعة األولى.2010 ،
الرسائل
فوزية الغاشي " :قرارات المحافظ على الملكية العقارية بين إمكانية الطعن وحق التعويض"،
رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية السويسي بالرباط ،السنة الجامعية .2011/2010
المرزوقي بشرى":الطعن في قرارات المحافظ بين اختصاص المحاكم العادية و المحاكم اإلدارية"،
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية و
االجتماعية و االقتصادية وجدة ،السنة الجامعية .2014/2013
إبراهيم داحا ":الطعن في قرارات المحافظ على األمالك العقارية " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
قانون المنازعات العمومية بجامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
واالجتماعية بفاس السنة الجامعية .2015/2014
المقاالت
32
حسن مرشان "مالحظات حول تطبيق قواعد االختصاص النوعي" ،مقال منشور بمجلة بمناسبة
الندوة الجهوية الثالثة اختفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس األعلى ،مراكش 21/22مارس
.2007
محمد النجاري رئيس المحكمة اإلدارية بوجدة ،حكم عدد ،70منشورات مجلة الحقوق المغربية،
سلسلة العمل القضائي ،عدد 1مارس .2009
مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات محكمة النقض ،إصدارات محكمة النقض
. 2009
الموقع اإللكتروني:
http://www.abhtoo.net.ma
الظهائر والقوانين
لظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913المتعلق بالتحفيظ العقاري
كما وقع تعديله و تتميمه بالقانون رقم 14.07الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177
في 25من ذي الحجة 22( 1432نوفمبر .)2011
ظهير شريف رقم 1.91.225صادر في 22من ربيع األول 10(1414سبتمبر )1993بتنفيذ
القانون رقم 41.90المحدث بموجبه محاكم إدارية.
القانون رقم 58.00المحدث للوكالة الوطنية للمحافظ العقارية والمسح العقاري بأن الوكالة
مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي.
المجالت
سلسلة األنظمة والمنازعات العقارية ،اإلصدار الثاني ،أبريل، 2018 ،الطبعة األولى.2010 ،
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،الجزء الثالث ،رقم ،16مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط
الطبعة.2004 ،
33
الفهرس
مقدمة .............................................................................................................
01 ...................
34
المطلب األول :الطعن في قرارات المحافظ العقاري أمام المحاكم
العادية04 ...................................
حالة
خاصة............................................................................................................ .
13 ............
35
الفقرة األولى :قرارات رفض التعرض أو
قبولها16 ......................................................................
الفقرة الثالثة :قرار رفض إرجاع نظير الرسم العقاري وقرار رفض تغيير اسم العقار المحافظ
......
.................................................................................................................... .
22 .....................
36
ثانيا :قرار رفض تغيير اسم العقار
المحفظ23 ...............................................................................
الفقرة الرابعة :رفض تنفيذ األحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به ورفض إحالة مطلب
التحفيظ على
المحكمة ...........................................................................................................
24 ..................
الفقرة الخامسة :قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري بين القابلية للطعن وغير القابلية
للطعن..............................................................................................................
26 ..................
الفقرة السادسة :الطعن في قرار التحديد اإلداري والطعن في المسؤولية المرفق عن األضرار
الناتجة عن عملية
التسجيل...........................................................................................................
29 .....
37
أوال :الطعن في قرار التحديد
اإلداري29 ..................................................................................
خاتمة ..............................................................................................................
32 ....................
الئحة
المراجع...........................................................................................................
33 ............
الفهرس ...........................................................................................................
36 ...................
38