You are on page 1of 2

‫مهندسون مدنيون غاضبون ومختصون يحذرون‬

‫مشروع' قانون التعمير هل يعيد سالمة المباني إلى ما قبل زلزال ‪2003‬؟‬

‫خلف مشروع قانون التهيئة والتعمير‪ ،‬جدال واسعا' بين الخبراء والمختصين‪ ،‬بسبب نقائص قيل أنه‬
‫تضمنها‪ ،‬تستدعي حسبهم فتح نقاش معمق بين أهل االختصاص والسلطات' المعنية‪ ،‬قبل اعتماده قانونا‬
‫إلثرائه وضبط قواعد التحكم في البناء والتوسع' العمراني‪ ،‬والتخلص من "فوضى'" العمران ومظهر'‬
‫البناءات غير المكتلة والفوضوية‪ ،‬وتعزيز سالمة وأمن المنشآت السكنية وحمايتها من الكوارث والمخاطر'‬
‫الطبيعية والصناعية التي تهدد الجزائر‪.‬‬

‫تقول المهندسة علوان زكية‪ ،‬نائب رئيس نقابة المهندسين المدنيين والمكلفة باإلعالم واالتصال والرقمنة‬
‫إن "سياسات التهيئة والتعمير' في الجزائر' مرت بع ّدة مراحل حاولت من خاللها الحكومات المتعاقبة ومنذ‬
‫االستقالل التحكم في قواعد البناء والتّوسع' العمراني‪ ،‬لكن لم تغير كثيرا ولم تتمكن ميدانيا من التحكم في‬
‫هذا المجال" لذلك يستلزم' الوضع "تحيين جميع القوانين والتشريعات على ضوء المستجدات و الظروف‬
‫الراهنة"‪.‬‬

‫واعتبرت علوان التهيئة والتعمير "أقوى' الخدمات" المحلية التصاقا' وتأثيرا في حياة السكان‪ ،‬لما لها من‬
‫مردود' فاعل في توفير' الخدمات والمرافق والمنشآت‪ ،‬التي تضمن ترقية إطار المعيشة‪ ،‬وتحسين لرفاهية‬
‫البيئة الحضارية‪ ،‬مشيرة إلى أن الدولة أسندت األدوار' األولى للبلديات في رسم خيارات وتوجيهات التهيئة‬
‫و التعمير‪ ،‬في إطار إستراتيجية حددتها' وبتحكيم مشترك‪ ،‬من خالل أدوات التهيئة والتعمير و الموازنة‬
‫بين وظيفة السكن والفالحة والصناعة والمناظر' الطبيعة من جهة ومن جهة أخرى مالئمة البنايات لما‬
‫تحتمله الطبيعة من انعراجات تؤثر سلبا على االستقرار' واألمن من جهة أخرى ‪.‬‬

‫وحسب المتحدثة‪ ،‬تستند منظومة التخطيط' المجالي والحضري على قاعدة واسعة في األدوات و الكيانات‬
‫التخطيطية التي تتصدى لمهام وأهداف غير متشابهة‪ ،‬تبدأ بمخططات' شغل األراضي (‪ )pos‬و‬
‫المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير (‪ ،)PDAU‬وهي األدوات األساسية المرتبطة بتخطيط المدن تعلوها‬
‫مستويات' فوقية‪ ،‬تتشكل على المستوى' الوالئي من مخطط تهيئة الوالية (‪ )paw‬وعلى المستوى' الجهوي‬
‫التصميم' الجهوي للتهيئة العمرانية ‪ srat‬وفي' القمة يأتي التصميم الوطني' للتهيئة العمرانية ‪ snat‬وتعتبر‬
‫هذه األدوات الفوقية القاعدة المرجعية األساسية‪ ،‬التي تستوحي' منها أدوات التهيئة والتعمير' معظم‬
‫توجهاتها' ومبادئها' وأهدافها‪ ،‬حيث ينص التشريع على إلزامية االستئناس' بهذه األدوات اإلستراتيجية للتكفل‬
‫ببرامج الدولة والجماعات اإلقليمية من المؤسسات و المصالح العمومية ‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬تقول علوان "يجب أن يكون منطلق' إنتاج أي مشروع' جديد يمس التهيئة والتعمير' هذه‬
‫األدوات اإلستراتيجية وخاصة المخطط الوطني' للتهيئة العمرانية" التي ترى ضرورة تحيينه قبل الشروع‬
‫في تعديل قانون التهيئة والتعمير‪ ،‬حيث يعتبر حسبها الما ّدة األساسية والخام المش ّكلة لهذا القانون‪ ،‬حيث‬
‫يجسّد االختيارات المحددة بخصوص تهيئة المجال الوطني' وتنظيمه على المدى الطويل وذلك في آفاق‬
‫‪ ،25-20 ،20-10‬اعتبارا أن المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم والتنمية المستدامة جاءت بموجب القانون‬
‫رقم' ‪ 01/20‬المؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪ ،2001‬بغرض العمل على االستعمال األمثل للمجال الوطني من‬
‫خالل التوزيع' المحكم و المالئم لسكان ولألنشطة االقتصادية والهياكل' األساسية في إطار التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬وذلك بواسطة المخطط' الوطني الذي عليه إعادة االعتبار لإلقليم ووضع' الخطوط العريضة من‬
‫خالل سياسة إقليمية تتضمن تصحيحات من أجل نموذج لتنمية وتهيئة الجزائر في آفاق سنة ‪ .2030‬إال‬
‫أننا وعلى مشارف' نهاية هذه الحقبة ومع التزايد السكاني المعتبر و التغير الجغرافي والمناخي' وزيادة نمو‬
‫المدن والمتفاقمة في الفوضى والعشوائية‪...‬كان من الواجب إعداد ورشات من أجل وضع مشروع جديد‬
‫لهذه األدوات الفوقية من أجل رسم مخطط حديث يستطيع المشرع أن يحذو حذوه في إعداد مشروع' التهيئة‬
‫والتعمير' الذي يكون عبارة عن تنفيذ للخطة الوطنية الحديثة قبل أن ينتهي مفعوله مع أول خمس سنوات‬
‫المقبلة‪.‬‬

‫وبخصوص ما تضمنه‪ ،‬مشروع' قانون التهيئة والتعمير‪ ،‬أوضحت أنه حمل عدة سلبيات على مستويات‬
‫عدة ذكرت منها إلغاء القانون ‪ 05-04‬وما يحتويه من تعديل لقانون التهيئة التعمير ‪ ،29-90‬حذف‬
‫مصطلح التهيئة من المشروع ليبقى مشروع قانون التعمير‪ ،‬بينما كل ما جاء هو استنساخ للقانون القديم مع‬
‫بعض الروتوشات وهو يشمل بالضرورة كل آليات التهيئة والتعمير' ولكن بحذف للتعديالت و بإلغاء‬
‫للتطور' الذي أقدم عليه المشرع بعد سنة ‪ 1990‬في عدة محطات هامة‪ ،‬إلغاء دور جميع المتدخلين في هذا‬
‫القطاع و االستفراد للمهندس المعماري' في كل شيء يخص التهيئة والتعمير' فقط ألن المشرفون على‬
‫اإلعداد هم مهندسون معماريون وهذا غريب على دولة تريد أن تطور نفسها من خالل تطوير' التشريع فال‬
‫تتجه إلى رجال القانون والخبراء في هذا المجال بل تمنح هذا المشروع' لمجموعة من المعماريين وهم‬
‫بدورهم' رسموا خطة للعمل على مقاس اختصاصهم' متجاهلين جميع المتدخلين في هذا المجال الواسع و‬
‫المتنوع ‪.‬‬

‫واعتبرت علوان أن أخطر ما جاء به هذا المشروع هو ما يتعلق برخص البناء‪ ،‬حيث يتم دفع ملف‬
‫رخصة البناء من طرف المهندس المعماري وتمنح الرخصة بناءا على المشروع التمهيدي‪ ،‬بينما كانت‬
‫تمنح عند اكتمال الدراسة و التي تحتوى' على كل ملفات الهندسة المعمارية و الهندسة المدنية وقطع‬
‫األشغال الثانوية‪ .‬و رغم ذلك كانت خزينة الدولة مثقلة بتراكم األشغال اإلضافية بسبب تقديم المشروع‬
‫التمهيدي' في عملية اإلنجاز على الملف الكامل لرخصة البناء‪ ،‬وبالتالي' فان نتيجة هذا المشروع األعرج‬
‫سوف' يفاقم ملفات األشغال الضافية ويثقل كاهل الخزينة العمومية ويفتح أبوابا واسعة للفساد في الصفقات‬
‫العمومية ‪.‬‬

You might also like