You are on page 1of 2

‫‪:‬المرجئة طائفتان‬

‫الطائفة األولى‪ :‬المرجئة المحضة أو الغالة‪ ،‬وهم الجهمية‪ ،‬وزعيمهم الجهم بن صفوان‪ ،‬فإن الجهم بن‬
‫‪:‬صفوان اشتهر بأربع عقائد بدعية هي‬
‫‪.‬عقيدة نفي الصفات وأخذها عنه الجهمية ‪1 -‬‬
‫‪.‬عقيدة اإلرجاء وأخذها عنه المرجئة ‪2 -‬‬
‫‪.‬عقيدة الجبر ‪-‬أي أن العبد مجبو ٌ‪2‬ر على أعماله‪ -‬وأخذها عنه الجبرية ‪3 -‬‬
‫‪.‬عقيدة القول بفناء الجنة والنار ‪4 -‬‬
‫فهذه أربع عقائد خبيثة اشتهر بها الجهم‬
‫والمرجئة المحضة‪ :‬عقيدتهم في اإليمان أنه مجرد المعرفة‪ ،‬أي مجرد معرفة الرب بالقلب‪ ،‬فمن عرف‬
‫ربه بقلبه فهو مؤمن‪ ،‬وال يكون الكفر إال إذا جهل ربّه بقلبه‪ ،‬وبهذا ألزمهم العلماء بأن إبليس مؤمن؛ ألنه‬
‫ون}‪ ،‬ويكون فرعون أيضا ً مؤمن‬ ‫يعرف ربّه قال هللا تعالى عن إبليس‪َ { :‬قا َل َربِّ َفَأ ْنظِ رْ نِي ِإلَى َي ْو ِم ُيب َْع ُث َ‬
‫ظرْ‬ ‫{و َج َح ُدوا ِب َها َواسْ َت ْي َق َن ْت َها َأ ْنفُ ُس ُه ْم ُ‬
‫ظ ْلما ً َو ُعلُوّ اً َفا ْن ُ‬ ‫أل ّنه يعرف ربّه بقلبه‪ ،‬قال تعالى عنه وعن قومه‪َ :‬‬
‫ان َعاقِ َب ُة ْال ُم ْفسِ د َ‬
‫ِين}‬ ‫ْف َك َ‬
‫‪َ .‬كي َ‬
‫شافية فصالً طويالً في بيان معتقد المرجئة المحضة‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫وذكر‪ 2‬ابن القيم رحمه هللا تعالى في الكافية ال ّ‬
‫"إ ّنه أخفى هذا م ّدة ث ّم أظهره"‪ ،‬وبيّن أن عقيدتهم مجرد معرفة الربّ بالقلب‪ ،‬وأنه لو فعل األعمال الكفرية‬
‫مع ذلك فال ّ‬
‫تؤثر في إيمانه!! فلو سبَّ هللا أو سبَّ الرسول‪ 2‬صلى هللا عليه وسلم‪ 2‬أو سبَّ دين اإلسالم وقتل‬
‫األنبياء والمصلحين وهدم المساجد وفعل جميع المنكرات فال يك ّفر ما دام يعرف ربّه بقلبه!! وهذا هو‬
‫‪.‬أفسد قول قيل في تعريف اإليمان‪ ،‬وهو قول أبي الحسين الصالحي من القدرية‬
‫ويليه في الفساد قول الكرّ امية القائلين‪ :‬بأنّ اإليمان هو ال ّنطق باللّسان فقط‪ ،‬فمن شهد أن ال إله إال هللا‬
‫مكذبا ً بقلبه‪ ،‬ويسمّونه مؤمنا ً كامل اإليمان‪ ،‬وإن كان ّ‬
‫مكذبا ً بقلبه فهو‬ ‫بلسانه فإ ّنه يكون مؤمنا ً ولو كان ّ‬
‫مخلد في ال ّنار فيلزمهم‪ 2‬على هذا أنّ المؤمن الكامل اإليمان مخل ٌد في النار وهذا من أعظم الفساد وهو يلي‬
‫‪.‬قول الجهم في الفساد‬
‫‪:‬الطائفة الثانية‬
‫مرجئة الفقهاء‪ ،‬وهم أهل الكوفة كأبي حنيفة ‪-‬رحمه هللا‪ -‬وأصحابه‪ ،‬وأوّ ل من قال بأن األعمال غير‬
‫داخلة في مسمّى اإليمان هو حمّاد بن أبي سليمان شيخ اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬وأبو حنيفة له روايتان في حد‬
‫‪:‬اإليمان‬
‫‪.‬األولى‪ :‬أ ّنه تصديق‪ 2‬القلب وقول‪ 2‬اللسان‪ ،‬وهذه الرواية عليها أكثر أصحابه‬
‫ّ‬
‫والثانية‪ :‬أنّ اإليمان هو تصديق القلب فقط‪ ،‬وأما قول اللّسان فهو ركن زائد خارج عن مسمّى اإليمان‪،‬‬
‫‪.‬وعلى هذه الرواية يوافق‪ 2‬قول الماتريدية أنّ اإليمان هو تصديق القلب فقط‬
‫ّ‬
‫والزكاة والصّوم والح ّج فالواجبات‪ 2‬واجبات والمحرّمات‪2‬‬ ‫ولكنّ األعمال مطلوبة عندهم كالصّالة‬
‫ّ‪2‬‬
‫يستحق العقوبة ويقام عليه‬ ‫الثواب والمدح ومن فعل الكبائر فإنه‬‫يستحق ّ‬
‫ّ‬ ‫مح ّرمات‪ ،‬ومن فعل الواجب فإ ّنه‬
‫الح ّد‪ ،‬ولكن ال يسمّونه إيماناً‪ ،‬يقولون‪ :‬اإلنسان عليه واجبان‪ :‬واجب اإليمان‪ ،‬وواجب العمل‪ ،‬وال يدخل‬
‫أحدهما في مسمّى اآلخر‪ .‬وجمهور أهل ال ّس ّنة يقولون‪ :‬العمل من اإليمان وهو جزء منه فاألعمال واجبة‬
‫وهي من اإليمان‪ ،‬ومرجئة الفقهاء يقولون‪" :‬األعمال واجبة وليست من اإليمان"‪ ،‬ولهذا قال من قال بأنّ‬
‫الخالف بينهم وبين جمهور‪ 2‬أهل السّنة خالف لفظي‪ ،‬وقال بهذا شارح ّ‬
‫الطحاوية والصّواب أ ّنه ليس‬
‫‪.‬لفظيا ً‬

‫وآخر ما نختم به هو أنّ اإليمان ما وقر‪ 2‬في القلب وص ّدقه القول والعمل وليس العمل فقط‪ ،‬حيث إنّ معتقد‬
‫أهل الس ّنة في اإليمان هو أنّ اإليمان قو ٌل وفع ٌل واعتقاد‪ ،‬وال يت ّم إاّل بمجموع ّ‬
‫الثالثة‪ ،‬وهذا ما أشار إليه‬
‫‪.‬القرآن الكريم‪ ،‬وس ّنة الرّسول صلّى هللا عليه وسلّم‪ ،‬وأقوال‪ 2‬أئمّة السّلف الصّالح‬

You might also like