العلوم المعرفية 2

You might also like

You are on page 1of 8

‫‪1‬‬

‫شعبة الفلسفة‬

‫الفصل السادس‬

‫وحدة العلوم المعرفية‬

‫المحاضرة الثانية‬

‫فتحت مشاريع دعاوى الذكاء الصناعي آفاقا جديدة في مختلف المجاﻻت‪ ،‬حيث دفعت فﻼﺳﻔﺔ‬
‫وباحثين من حقول مختلﻔﺔ مثل علم النﻔس المعرفي‪ ،‬وعلوم اﻷعصاب واللﺳانيات‪ ،‬واللغويات‪،‬‬
‫والمنطق ‪ ،‬والﻔلﺳﻔﺔ وعلوم اﻷحياء واﻷنتربلوجيا‪ ،‬وعلم اﻻجتماع‪ ،‬وغيرها من المجاﻻت اﻷخرى‬
‫الهادفﺔ إلى دراﺳﺔ مختلف اﻷنﺳاق الطبيعيﺔ والصناعيﺔ‪ .‬بحيث تﺳعى العلوم المعرفيﺔ إلى اﺳتكشاف‬
‫مختلف الﺳيرورات المتعلقﺔ بالوظائف المعرفيﺔ من خﻼل أنﺳاق وأنظمﺔ ماديﺔ وعقليﺔ‪ ،‬وكذلك‬
‫دراﺳﺔ اﻵليات المعرفيﺔ الﻔاعلﺔ على مﺳتوى الدماغ‪ .‬وتﻔﺳير نشاطات الدماغ وفق أدوات مﻔاهيميﺔ‬
‫وإجرائيﺔ تﺳمح بتقﺳيم اﻹشكاليات المتعلقﺔ باﻹنﺳان بحﺳب الحقول المعرفيﺔ‪.‬‬

‫وفي هذا المقام‪ ،‬فقد كان التقاء هذه العلوم في منتصف الخمﺳينات عندما بدأ الدارﺳون في مختلف‬
‫المجاﻻت بتطوير نظريات العقل القائمﺔ على تمثيﻼت معقدة وإجراءات الحﺳاب والخوازميات ؛‬
‫لتنتقل اﻹنﺳانيﺔ بذلك إلى عصر آخر يتمثل فيما ﺳمي بالثورة المعرفيﺔ‪) ،‬تعابير "الثورة المعرفيﺔ"‬
‫أو "عصر المعرفﺔ"؛ حيث تقاطعت حقول علميﺔ عدة حول موضوع مشترك‪ .‬وهكذا يمكن أن‬
‫يقتصر القول بأن العلوم المعرفيﺔ بالكيﻔيﺔ يهتم التي يمكن بها لﻺنﺳان‪ ،‬والحيوانات‪ ،‬واﻵﻻت أن‬
‫تكتﺳب المعارف‪ ،‬وكيف تتعامل معها وتعالجها ‪،‬وذلك بهدف فهم وظائف العقل‪ .‬فهي تﺳتهدف‬
‫دراﺳﺔ مختلف وجوه النشاط المعرفي و البنيات الوظيﻔيﺔ للدماغ ‪ ،‬وبصﻔﺔ خاصﺔ وظائف الذكاء‬
‫والذاكرة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬الﺳعي إلى فهم وظيﻔﺔ العقل البشري بﻔهم العمل الذي تقوم به مختلف وظائف‬
‫اﻹدراك‪ ،‬والتمثل‪ ،‬والﻔهم ‪،‬والتعلم‪ ،‬والتذكر‪ ،‬وغيرها من الخصائص العقليﺔ)الذهنيﺔ(‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬الذكاء الصناعي‬

‫ظهرت في اﻷربعينيات من القرن الماضي الﺳيبرنتيقا التي تحاول الجمع في نطاق واحد نظري‬
‫دراﺳﺔ اﻷنﺳاق الطبيعيﺔ والصناعيﺔ اهتمت العديد من اﻷبحاث بالذاكرة وطرق تخزين المعلومات‬
‫واﺳتخدامها وعقدها وحلها واﺳتردادها‪ .‬في هذا المقام‪ ،‬اعتبرت الﺳيبرنتيقا الممهدة لظهور الذكاء‬
‫الصناعي‪ ،‬وهو ما ظهر في منتصف القرن الماضي لما نشر آﻻن تورينغ ورقﺔ بحثيﺔ تتضمن‬
‫خﻼلها على أنه ﺳيأتي الوقت الذي لن نﺳتطيع أن نُم ِيز فيه بين أداء اﻹنﺳان وأداء اﻵﻻت‪ ،‬ليﻔتح منذ‬
‫ذلك الوقت آفاقا تنظيرا وتطبيقا‪ .‬على هذا اﻷﺳاس‪ ،‬ح َدد بعض الدارﺳين موضوع "المعرفيﺔ" بكونه‬
‫فرع من المعلوميات‪ ،‬موضوعه ‪ :‬التعلم والتمثَل الصوري للمعارف بهدف محاكاتها بالحاﺳوب؛‬
‫ومادام الحاﺳوب ليس ﺳوى آلﺔ ﻻ تحتوي إﻻ على مبادئ رياضيﺔ و خوارزميات‪ ،‬فقد ش َكل‬
‫الحاﺳوب كأداة للمحاكاة والتأويل الرمزي أهم الخصائص اﻷﺳاﺳيﺔ التي بنت عليها العلوم المعرفيﺔ‬
‫أبحاثها‪ .‬من هذا المنطلق ﺳيعمل ماكرتي على تنظيم لقاء لمدة شهر في‪Dartmouth College‬‬
‫ﻹثارة انتباه الباحثين إلى أهميﺔ البحث في مجال الذكاء الصناعي‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن مﻔهوم‬
‫الذكاء الصناعي يعود إلى محاضرة ماكرتي في هذا المؤتمر لتعيين برنامج يﺳعى إلى صنع آلﺔ‬
‫ذكيﺔ‪ .‬وعليه‪ ،‬إن جوهر الذَكاء الصناعي ُمتم ِثل حﺳبه في‪ :‬اﻻهتمام ببرمجﺔ أجهزة الحاﺳوب ِ‬
‫لحل‬
‫المشاكل التي تتطلب درجﺔ عاليﺔ من الذكاء عند اﻹنﺳان‪ .‬ومن ثم‪ ،‬عرفه على أنه عبارة عن برامج‬
‫معلوماتيﺔ تﺳتهدف القدرة على أداء نﻔس المهام التي يقوم بها اﻹنﺳان‪ .‬ش َكلت محاضرة ماكرتي‬
‫صت على إنشاء مراكز للبحث في هذا المجال‪ ،‬كما‬
‫أرضيﺔ خصبﺔ لمناقشات كثيرة‪ ،‬خاصﺔ وقد ن َ‬
‫كانت هاته المحاضرة مدعاة انطﻼقﺔ للعديد من المطارحات التي ه َمت قدرة الحواﺳب‪ .‬ليتبلور‬
‫الﺳؤال المتعلق بما إذا كان الذكاء الصناعي هو مجموعﺔ من اﻹجراءات التي تﺳعى إلى إعادة‬
‫إنتاج الﺳلوك اﻹنﺳاني‪ ،‬أم محاولﺔ لنمذجﺔ الﺳلوك اﻹنﺳاني؟ وما إذا كان مﻔهوم الذكاء يحيل فقط‬
‫على أداء الوظائف المعقدة؟ كما ُ‬
‫طرح الﺳؤال بخصوص أوجه التشابه واﻻختﻼف والﻔوارق بين‬
‫الذكاء الطبيعي والذكاء الصناعي فيعاد طرح الﺳؤال في إطار فلﺳﻔﺔ العقل حيث ﺳتظهر عبر‬
‫مقاربات مختلﻔﺔ خاصﺔ المقاربتين الثنائيﺔ والواحديﺔ التي ﺳتتناول بعض ﺳماته اﻷﺳاﺳيﺔ كالوعي‬
‫والقصديﺔ باعتبارهما من بين أهم مشكﻼتها‪.‬‬

‫يﺳتﻔاد من هذا‪ ،‬الذكاء الصناعي أحدث تطورات تحوﻻت عميقﺔ في منظوماتها المعرفيﺔ القائمﺔ‪،‬‬
‫ﺳواء من الوجهﺔ الوظيﻔيﺔ أو اﻹجرائيﺔ‪ ،‬والتي من شأنها أن تتيح فهما مختلﻔا ومغايرا لطرق‬
‫اشتغال العقل البشري في ﺳعيه إلى اكتﺳاب معارف جديدة‪ ،‬أو إعادة اﺳتثمار معارف مخزونﺔ‪.‬‬
‫وبموجب أعمال ﺳعى العديد من الباحثين إلى بناء آلﺔ ذكيﺔ تحاكي اﻹنﺳان؛ فبدأ النقاش حو‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫إمكانات تحقيق برامج معلوماتيﺔ قادرة على "أن تتصرف" أو باﻷحرى "تﻔكر" بشكل ذكي‪ ،‬وقد‬
‫حدد ترينغ هدف بوصف من أجل محاكاة ذكاء اﻹنﺳان‪ ،‬وفي أحﺳن اﻷحوال إعادة إنتاجه في‬
‫آلﺔ‪.‬‬

‫لنﻔهم القوى المعرفيﺔ اﻹنﺳانيﺔ علينا أن نكتشف البرامج التي تنﻔذها الكائنات اﻹنﺳانيﺔ عندما‬
‫يﺳتعملون قواهم المعرفيﺔ‪ .‬هذه هي الﻔرضيﺔ التي انطلق منها العديد من الدارﺳين في محاولﺔ فهم‬
‫اﻷﺳس المعرفيﺔ عند اﻹنﺳان‪ ،‬بل ﺳعوا كذلك إلى ابتكار آلﺔ قادرة على محاكاة ما يقوم به اﻹنﺳان‬
‫ﺳلوكا وفكرا؛ إنها الرغبﺔ في خلق آلﺔ تعمل بشكل ذكي‪ .‬وقد اﺳتطاعوا من خﻼل المقارنات بين‬
‫عمل الدماغ وعمل اﻵلﺔ فهم العديد من المﺳائل المتعلقﺔ بالكيﻔيﺔ التي يﻔكر بها اﻹنﺳان وطرق‬
‫اﺳتخدامه لقدراته المعرفيﺔ‪ .‬كما تمكنوا من فهم الطرق التي ينهجها عقل اﻹنﺳان عندما يﺳتخدم‬
‫القدرات المعرفيﺔ‪ ،‬كالذكاء والذاكرة‪ ،‬وغيرهما‪ .‬وهو ما أفضى بهم إلى القول بقدرتهم على صناعﺔ‬
‫آلﺔ قادرة على محاكاة العمليات المعرفيﺔ عند اﻹنﺳان‪ .‬ذلك أن العقل كحاﺳوب رقمي‪ ،‬فهو يشبه ألﺔ‬
‫ترينغ التي تنﻔذ عمليات حﺳابيﺔ بتطبيق برامج‪ .‬لنﻔترض أن الدماغ اﻹنﺳاني ألﺔ ترينغ‪ ،‬فيمكننا‬
‫دراﺳﺔ العقل الذي هو بمثابﺔ برنامج أو مجموعﺔ من البرامج التي ينﻔذها الدماغ‪.‬‬

‫‪-‬علوم اﻷعصاب‬

‫توجهت علوم اﻷعصاب أﺳاﺳا إلى البحث في تركيبﺔ وبنيﺔ الدماغ والكشف عما يطرأ في أجزاء‬
‫الدماغ عندما يقوم اﻹنﺳان بوظائف ذهنيﺔ‪ ،‬هي محاولﺔ لتطوير النظريات الرياضيﺔ والمعلوماتيﺔ‬
‫ونماذج البنيات ومﺳلﺳﻼت دماغ اﻹنﺳان والحيوان‪ .‬لقد لجأ علماء اﻷعصاب إلى إجراء تجارب‬
‫تتعلق بﻔحص تركيب الدماغ‪ .‬حيث اﺳتخدموا تقنيات عدة لمعرفﺔ ما يحدث في مختلف أجزاء‬
‫الدماغ عندما يقوم الﻔرد بمهام ذهنيﺔ مختلﻔﺔ‪ ،‬واﻵثار التي تحدث عندما يتعرض جزء معين من‬
‫الدماغ لضرر ما‪ ،‬مثﻼ تعرض الجزء الخاص باللغﺔ إلى ضرر ما قد يؤدي إلى عدم القدرة على‬
‫التعبير عن جمل‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬تﺳتعين في بحوثها بعلوم اﻷحياء‪ ،‬و علم النﻔس‪ ،‬والمعلوميات‪،‬‬
‫والكيمياء‪ ،‬والﻔيزياء‪ ،‬وﻻ يجب أن ننﺳى الﻔلﺳﻔﺔ)فلﺳﻔﺔ العقل(‪ ،‬التي لها أثر واضح في مناقشﺔ‬
‫الكيﻔيﺔ التي تتناول علوم اﻷعصاب العديد من القضايا مثل هل يمكن لحادث في الدماغ أن يغير‬
‫من هويﺔ الشخص‪ .‬وماهي العﻼقﺔ الموجودة بين الدماغ والذهن )عﻼقﺔ العقل بالجﺳد(‪ ،‬باﻹضافﺔ‬
‫إلى أﺳئلﺔ من قبيل العﻼقﺔ بين المقاربات للعقل ‪ ،‬كيف يمكن أن ندرس العقل؟ بأيﺔ كيﻔيﺔ يعمل‬
‫العقل؟ كيف يﻔكر اﻹنﺳان؟ ما طبيعﺔ الﻔكر؟ ماهو الوعي؟ كيف نﺳتخدم اللغﺔ؟ وغيرها من‬
‫الظواهر المتعلقﺔ بآليات التﻔكير‪ ،‬مثل اللغﺔ واﻻﺳتدﻻل واﻹرادة والوعي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫‪-‬علم النفس المعرفي‬

‫ظهر علم النﻔس المعرفي في خمﺳينيات القرن الماضي بتزامن مع الذكاء الصناعي؛ وكان الهدف‬
‫هو دراﺳﺔ محتوى "العلبﺔ الﺳوداء"‪ ،‬بما تطلب من تطوير تصورات قادرة على وصف ما يحدث‬
‫بداخلها‪ .‬وقد ﺳاعد ظهور المعلوميات على تزويدها بآليات تﺳمح بمعالجﺔ القدرات المعرفيﺔ؛ حيث‬
‫لعبت النمذجﺔ المعلوماتيﺔ دورا أﺳاﺳيا‪ .‬التوجه المعرفي في علم النﻔس يركز على دراﺳﺔ ما هو‬
‫ذهني‪ ،‬وليس اﻻقتصار على الﺳلوك الخارجي القابل للمﻼحظﺔ فقط؛ فهو ﻻيرى وعلى عكس‬
‫التوجهات أن اﻻﺳتبطان هو طريق للولوج لتﻔﺳير مناﺳب للذهن‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ركز على دراﺳﺔ‬
‫الوظائف الكبرى عند اﻹنﺳان مثل اللغﺔ ‪،‬وحل المشاكل‪ ،‬واﻹدراك أو الذاكرة‪ ،‬وحﻔظ المعارف‬
‫واﺳترجاعها؛ لهذا‪ ،‬يهتم بالكيﻔيﺔ التي يﻔكر بها الناس ويتذكرون وكيف ينظمون ويﺳتخدمون‬
‫معارفهم‪ ،‬وكيف يتخذون قراراتهم ويتوصلون إلى حل المشاكل التي تعترضهم‪ ،‬والطرق التي‬
‫يقدمون بها اﻷخبار والمعلومات‪ ،‬وكيف يتﻔاعلون مع أي خبر أو معلومﺔ جديدة‪ .‬بالجملﺔ‪ ،‬اهتمت‬
‫العلوم المعرفيﺔ بآليات التﻔكير‪ ،‬والعﻼقات التي يربطها العقل بالﺳيرورات الذهنيﺔ التي تﺳمح بتعلم‬
‫المعارف‪.‬‬

‫يﺳتﻔاد من هذا‪ ،‬أن كلمﺔ معرفﺔ تجد تﻔﺳيرها من كونها تتضمن إحالﺔ على مختف اﻷنشطﺔ التي يقوم‬
‫بها الﻔرد‪ ،‬ﺳواء حين يﺳعى إلى اكتﺳاب معارف جديدة أو تمثلها أو تخزينها أو تذكرها قصد‬
‫اﺳتثمارها؛ إنها مجموعﺔ من اﻷنشطﺔ التي يقوم بها الﻔرد بهدف تنميﺔ معارفه والحﻔاظ عليها بغايﺔ‬
‫إعادة اﺳتعمالها؛ وكلها أنشطﺔ تتﻔاعل فيما بينها‪ .‬لهذا‪ ،‬أعتبر علم النﻔس‪ ،‬خاصﺔ علم النﻔس‬
‫المعرفي‪ ،‬مبحثا يحتل وضعا خاصا ضمن مختلف العلوم المعرفيﺔ‪ ،‬ﺳواء من حيث المهام أو‬
‫اﻷهداف التي رﺳمت له والتي تﺳتهدف فحص ﺳلوكيات اﻹنﺳان عندما يتعامل مع محيطه‪ .‬لقد عمل‬
‫علماء النﻔس المعرفي على تنظير النمذجﺔ وتنظير الحﺳاب‪.‬‬

‫‪-‬السانيون وفﻼسفة اللﻐة‬

‫منذ أواخر الخمﺳينات ظهر اﻻتجاه المعرفي في علم النﻔس‪ .‬فﻔي هذه الﻔترة بدأت تظهر نواقص‬
‫في معالجات المدرﺳﺔ الﺳلوكيﺔ‪ .‬فرغم تمكنها من تﻔﺳير الﺳلوك اﻵلي واﻷشكال الدنيا من التﻔكير‪،‬‬
‫فقد فشلت لما تعلق اﻷمر بتﻔﺳير اﻷشكال اﻷكثر تعقيدا من الﺳلوك‪ ،‬مثل التﻔكير المجرد واﻹبداع‬
‫والقدرة على حل المشاكل المعقدة‪ .‬فﻼ يمكن اﻻقتصار على مجرد المؤثر والمﺳتجيب لتﻔﺳير مثل‬
‫هذه الوظائف‪ .‬فقد أدت عوامل أخرى مثل ظهور وأعمال تشومﺳكي في اللﺳانيات إلى بلورة‬
‫نموذج مختلف هو النموذج المعرفي لﻺنﺳان‪ .‬فقد رفض من خﻼل نقده لكتاب " الﺳلوك اللﻔظي"‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫لـﺳكينر وإثباته عدم إمكان اكتﺳاب اللغﺔ اعتمادا على مبادئ التعزيز والعقاب؛ وقد أدى هذا إلى‬
‫الشك في كون العقل آلﺔ صماء تتعلم بالمحاولﺔ والخطإ إلى اعتبار العقل كيانا حركيا قادرا على‬
‫توليد قواعد اللغﺔ وتصيح القواعد وإلغاؤها متى ثبت فشلها‪.‬‬

‫لعبت أبحاث لﺳانيين مثل تشومﺳكي دورا أﺳاﺳيا في تطور العلوم المعرفيﺔ‪ .‬فقد انطلق منذ‬
‫‪) 1957‬نموذج البنى التركيبيﺔ( في بناء أنحاء صوريﺔ ضمن ما يﺳمى بمدرﺳﺔ النحو التوليدي‪،‬‬
‫فقد حدد هدفه منذ اﻷول في بناء اﻷنحاء اﺳتناد إلى أﺳاس رياضي يجعلها تبتعد عن المقاربﺔ‬
‫الكﻼﺳيكيﺔ القائمﺔ على التصورات الﺳلوكيﺔ والبنيويﺔ‪ ،‬والتي اعتمدت على اﻻﺳتقراء في‬
‫اﺳتخراج قواعد اللغﺔ‪ .‬وبذلك عاد إلى ديكارت والتوجه العقﻼني ليﺳتعين بمبادئه قصد تﻔﺳير‬
‫الظواهر اللغويﺔ المعرفيﺔ المﺳؤولﺔ عن القدرة اللغويﺔ عند اﻹنﺳان‪ .‬حيث يرى أن القدرة ناتجﺔ‬
‫عن معرفﺔ قبليﺔ لنحو كلي‪ .‬يولد البشر ولديهم معرفﺔ فطريﺔ بالمبادئ‪ ،‬يﺳميها "القواعد الكليﺔ"‬
‫والمشتركﺔ‪ ،‬كما في ﺳائر لغات البشر‪ .‬لذا‪ ،‬جعل من مهمﺔ النحو تمييز الجمل النحويﺔ عن الجمل‬
‫غير النحويﺔ‪ ،‬ليصبح بذلك آلﺔ توليديﺔ‪ .‬وبالجملﺔ‪ ،‬رفض فكرة تصور اللغﺔ كعادة نتعلمها‬
‫بالمﻼحظﺔ؛ ليبني نحوا صوريا يتبنى فرضيﺔ هذه القدرة ناتجﺔ عن معرفﺔ قبليﺔ لنحو كلي‪ ،‬كما‬
‫اعترض على تصور المحاكاة مؤكدا أن الكﻔايﺔ ناتجﺔ عن معرفﺔ فطريﺔ لنحو كلي‪ .‬لقد تطورت‬
‫هذه اﻷفكار خارج مبحث اللﺳانيات من قبل جورج فدور في دعوته الخاصﺔ بنمذجﺔ العقل‪.‬‬

‫كما ظهرت في هذه الﻔترة اﻷبحاث في إطار فلﺳﻔﺔ اللغﺔ مع دراﺳين من قبيل كوين‪ ،‬وتارﺳكي‪،‬‬
‫ودفدﺳين‪ ،‬بارهيﻼل‪،‬و مونتيغيو‪ ،‬إلخ‪ .‬حيث هذا اﻷخير التي قام بها مونتيغيو الذي تبنى تصور‬
‫التأويل المﻔهومي للغﺔ الطبيعيﺔ‪ ،‬ليؤﺳس نظريﺔ قائمﺔ على أﺳاس رياضي ‪،‬تتمثل في النحو المقولي‪.‬‬
‫حيث نتمكن بذلك من نقل تعابير اللﺳان الطبيعي إلى عبارات تخضع للتأويل المﻔهومي‪ ،‬بشكل‬
‫يﺳمح لنا بأن نﺳند لعبارة طبيعيﺔ واحدة صيغا محموليﺔ متعددة‪ .‬كما أدى اكتشاف الحاﺳوب إلى‬
‫الحديث عن إمكان التخزين واﺳتقبال وتشﻔير واﺳترجاع المعلومات في الذاكرة‪ .‬وفي نﻔس الﻔترة‬
‫اهتم بارهيﻼل باﻹشاريات وبالترجمﺔ‪) ،‬بتوﺳط الحاﺳوب( فبين اﺳتحالﺔ القيام بترجمﺔ آليﺔ متى لم‬
‫نتوفر على بنك للمعطيات كبير تهم المعطيات التي تخص العناصر خارج ‪-‬لﺳانيﺔ‪ .‬فالترجمﺔ تتطلب‬
‫معارف خارجيﺔ عن النص الذي ننوي ترجمته‪ ،‬أما فيما تعلق فيرى اﻹشاريات أن مبدأ اﻹشاريﺔ‬
‫ﺳيجعل معنى قضيﺔ ما يتعلق ليس فقط بﺳياقه اللﺳاني بل أﺳاﺳا بمجموع معارف المتكلم‪ .‬كان هناك‬
‫تأثير متبادل بين الذكاء الصناعي واللغﺔ‪ ،‬حيث يﺳعى الذكاء الصناعي إلى بناء لغات للبرمجﺔ‬
‫وجعل اﻵلﺔ تﻔهم العديد من الكلمات التي قد تبدو غامضﺔ‪ ،‬كما ﺳعت اللﺳانيات إلى تطوير اﻷبحاث‬
‫في العديد من المجاﻻت مثل تحليل المعجم والترجمﺔ اﻵليﺔ والمقاربﺔ اﻵليﺔ للغﺔ‪ ،‬إلخ‪ .‬في ظل هذه‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫الشروط اهتم الذكاء الصناعي في بداياته باللغﺔ وفهمها‪ ،‬كما اللغات الصوريﺔ التي تﺳمح ببرمجﺔ‬
‫الحاﺳوب تشكل فرضيات تخص اللغﺔ اﻹنﺳانيﺔ)الطبيعيﺔ(‪ .‬وهو ما جعل الباحثين في مجال‬
‫التطبيقات يعمدون إلى تطوير لغات برمجﺔ قادرة على معالجﺔ الرموز‪ .‬وهناك لغتين جاري بهما‬
‫العمل في هذا المجال‪ ،‬هما‪ :‬ليﺳب‪ Lisp‬وهي اﻷولى المﺳتخدمﺔ في الذكاء الصناعي أوجدها‬
‫الباحث "ماكرتي" في نهايﺔ الخمﺳينات‪ ،‬لتصبح من أهم لغات البرمجﺔ‪ ،‬ويعتمد على عﻼقات‬
‫منطقيﺔ تتمثل في أن الحجﺔ تأخذ صادق إذا كانت ذرة وكاذب متى ليﺳت كذلك‪ ،‬كما يعتمد على‬
‫العﻼقات الحﺳابيﺔ‪ Prolog ،‬التي تهدف إلى محاكاة الطريقﺔ المنطقيﺔ في تﻔكير اﻹنﺳان‪ ،‬تعمل‬
‫بنظام اﻻﺳتنباط واﻻﺳتنتاج؛ باﻹضافﺔ ‪، C++ C‬إلخ‪.‬‬

‫ابتداء من الﺳتينيات ﺳتظهر مقاربات ذات توجهات مختلﻔﺔ منها المقاربﺔ المعرفيﺔ‬
‫والﺳﺳيو‪ -‬لﺳانيات‪ ،‬وتحليل الخطاب و فلﺳﻔﺔ اللغﺔ العاديﺔ والتداوليات والحجاج واﻻنتربلوجيا‬
‫الثقافيﺔ والتﻔكير النقدي‪ .‬كما تطورت اللﺳانيات التطبيقيﺔ التي اهتمت من جهﺔ باللﺳانيات‬
‫التطبيقيﺔ‪ ،‬ومن جهﺔ أخرى التناول اﻵلي للغات خاصﺔ الترجمﺔ اﻵليﺔ‪ ،‬ثم اللﺳانيات المطبقﺔ على‬
‫تبلوجيا اللغﺔ‪ .‬كما ظهرت عدة اتجاهات مختلﻔﺔ ﺳعت إلى دراﺳﺔ اللغﺔ باعتبارها فعاليﺔ )نشاطا‪،‬‬
‫ردا على الﺳلوكيﺔ(‪ .‬وكان غرضها توضيح كيف يعمل العقل خﻼل عمليﺔ التﻔكير وكيف يكتﺳب‬
‫المعارف ومن ضمنها اللغﺔ‪ .‬أي‪ ،‬كيف يعمل الدماغ في اﺳتقبال وإخراج ومعالجﺔ المعلومات‪.‬‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬البحث في القدرات العقليﺔ في اكتﺳاب المعرفﺔ‪ ،‬خاصﺔ ما يتعلق بملكﺔ التعلم‪ .‬لقد‬
‫اﺳتهدفت مجمل اﻷبحاث اللغويﺔ التي ﺳارت دراﺳﺔ مختلف وجوه النشاط المعرفي‪ ،‬مثل تحديد‬
‫الكليات اللغويﺔ و المبادئ العامﺔ التي تتحكم في الﺳلوك اللغوي‪ .‬في مقابل هذه المقاربات التي‬
‫يمكن أن نﺳميها الطبيعيﺔ‪ ،‬العقليﺔ أو الوظيﻔيﺔ ظهرت مقاربﺔ أخرى تقول بوجوب اﻷخذ بالبعد‬
‫الثقافي بقولها بوجوب اﺳتحضار تنوع الثقافات‪ ،‬وهو ما ﺳيؤدي إلى تعديل للمعرفيﺔ اللغويﺔ نحو‬
‫نوع من البنائيﺔ الناتجﺔ عن العلوم اﻻجتماعيﺔ‪ ،‬فالﺳﺳيولوجيا واﻻنتربولوجيا والﺳيكولوجيا في‬
‫بعدها المعرفي هي التي فتحت الباب منذ التﺳعينيات في المجال المعرفي اﻻجتماعي والثقافي‪ .‬لقد‬
‫تم إغناء وتعديل لﺳانيات الخطاب ولﺳانيات النص بواﺳطﺔ المعطيات المعرفيﺔ اﻻجتماعيﺔ‬
‫والثقافيﺔ‪ .‬ليتم التخلي بموجب ذلك عن ثنائيﺔ العقل والجﺳد‪ ،‬الداخل والخارج لصالح فرضيات‬
‫معرفيﺔ‪ .‬وقد أعطى هذه اﻷبحاث اﻻنطﻼقﺔ لمجالين‪:‬‬

‫أ‪ -‬المعرفيﺔ الثقافيﺔ‪ :‬فتحت آفاقا لنشاطات إنﺳانيﺔ مرتبطﺔ بالتذواتي‪ .‬فظهرت أبحاث تخص الثقافﺔ‬
‫والمعرفﺔ‪ ،‬وكان الغرض هو دراﺳﺔ التﻔاعﻼت بين العقل والثقافات‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫ب‪ -‬المعرفيﺔ اﻻجتماعيﺔ‪ :‬تﺳمح بربط آليات إنتاج الخطاب بمعطيات خارجيﺔ‪.‬‬

‫‪-‬فلسفة العقل‬

‫يمكن القول بأنه إذا كانت الظواهر العقليﺔ أو النﻔﺳيﺔ قد ارتبطت في بدايﺔ التﻔكير اﻹنﺳاني بالطابع‬
‫الخرافي والﺳحري‪ ،‬لتصبح بعد ذلك وبظهور الﻔلﺳﻔﺔ جزءا من البحث الﻔلﺳﻔي في إطار ما ﺳمى‬
‫بنظريﺔ المعرفﺔ‪ ،‬ولتظل على هذا الحال حتى العصر الحاضر؛ حيث بدأت علوم أخرى مثل علم‬
‫النﻔس وعلوم اﻷعصاب بعد اكتشاف اﻷﺳس البيلوجيﺔ للعمليات النﻔﺳيﺔ والعقليﺔ تزاحم الﻔلﺳﻔﺔ في‬
‫دراﺳﺔ ﺳبل اكتﺳاب المعرفﺔ واﺳتثمارها‪ .‬ولتكاثف مجموعﺔ من المباحث في ﺳعيها إلى فهم‬
‫مختلف الظواهر المتعلقﺔ بآليات التﻔكير عند اﻹنﺳان والحيوان‪ ،‬بل حتى اﻵلﺔ؛ ومع ذلك فالﻔلﺳﻔﺔ‬
‫تﺳاهم في هذا المشروع في تناولها باﻷﺳاس أﺳئلﺔ تهم فلﺳﻔﺔ العقل مثل عﻼقﺔ العقل بالجﺳد‪،‬‬
‫وكيف يﻔكر اﻹنﺳان وفهم التﻔكير اﻹنﺳاني وعﻼقﺔ الﻔكر باللغﺔ‪.‬‬

‫إشكاليﺔ تحديد مﻔهوم فلﺳﻔﺔ العقل في اللغﺔ العربيﺔ واﻷجنبيﺔ‪ ،‬فقد نعني به الذهن أو العقل أو النﻔس‬
‫أو الروح‪ ،‬وأحيانا يتم خلطه بالدماغ والمخ‪ ،‬وربطه أحيانا بالﻔهم واللغﺔ؛ كما هو حال الجﺳد‬
‫والجﺳم والبدن‪ .‬فالتعبير "فلﺳﻔﺔ العقل" ‪ mind‬يجعل هذه الكلمﺔ تأخذ هنا معنى ثقافيا أكثر منه‬
‫روحيا‪ ،‬فالعقل نشاط ذهني‪ .‬بﺳبب إيماءاته الدينيﺔ‪ ،‬تﻼفى الﻔﻼﺳﻔﺔ اﺳتخدام كلمات أخرى مثل‬
‫"الروح" أو هناك من تﻼفى حتى اﺳتخدام كلمﺔ "عقل" ليﺳتخدموا حاﻻت ذهنيﺔ أو الذهن أو‬
‫الوعي‪.‬‬

‫انطلقت فلﺳﻔﺔ العقل من أﺳئلﺔ منها هو من أنا؟ ما هو الﺳبل التي أﺳلكها لﻔهم ذاتي وفهم العالم‬
‫والتكيف معه؟ كيف تنﺳجم الظواهر العقليﺔ مع العالم المادي؟ ما عﻼقﺔ الذات بالموضوع؟ هل‬
‫الحاﻻت الذهنيﺔ تماثل الحاﻻت التجربيﺔ‪ ،‬خاصﺔ الجﺳديﺔ؟ هل يمكن لعقلين أن يتقاﺳما نﻔس‬
‫الحالﺔ الذهنيﺔ؟ هل العقل ميزة خاصﺔ بالكائن اﻹنﺳاني دون غيره؟ هل للحيوانات عقول؟ هل لها‬
‫عقول تختلف جذريا عن العقل اﻹنﺳاني؟ هل يمكن للعقل أن يتصرف بحريﺔ في عالم محدد‬
‫ماديا؟ ما الذي يوحد بين مختلف الظواهر الذهنيﺔ من الحﺳاﺳيات الجﺳديﺔ البﺳيطﺔ إلى اﻷفكار‬
‫التصوريﺔ المعقدة؟ هل هناك تطابق بين الوعي ومضمونه المباشر في التجربﺔ؟ ما عﻼقﺔ الوعي‬
‫والملكات الذهنيﺔ بالجهاز العصبي؟ هل هناك وعي ووعي بالذات؟ كيف يمكن حل إشكال بين‬
‫زمنيﺔ الوعي وﻻمكانيﺔ الذهن؟ كيف يمكن لتجربتي عن اﻷلم أن توجد في عالم مادي‪ ،‬وكيف‬
‫يمكن لبعض الجﺳيمات الماديﺔ المﻔروضﺔ أنها موجودة في الدماغ أن تﺳبب تجارب ذهنيﺔ؟ هل‬
‫كل الظواهر الذهنيﺔ قصديﺔ؟ كيف يمكن للقصد الذي هو ﻻمادي أن يﺳبب تحريكي لذراعي‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫)مشكل الﺳببيﺔ العقليﺔ(؟ ماذا يقع عندما ندرك شيئا ما‪ ،‬عندما نلمﺳه أو نشاهده أو نﺳمعه؟ هل‬
‫نحن عندما نكون في حالﺔ مشاهدة شيء ما فهل ندركه مباشرة أو تتشكل لدينا صور ذهنيﺔ‬
‫نﺳتخدمها لتمثل الشيء؟إلخ‪.‬‬

‫كل هذا يقودنا إلى الﺳؤال المحور المتعلق بتحديد العﻼقات بين الحاﻻت الذهنيﺔ واﻷحداث‬
‫الواقعيﺔ‪ ،‬أو بمعنى آخر إلى تحديد العﻼقات بين العقل والجﺳد‪ .‬لقد غيرت هذه اﻷﺳئلﺔ ومثيﻼتها‬
‫مركز اﻻهتمام في النصف الثاني من القرن العشرين بعد أن تحول اﻻهتمام من فلﺳﻔﺔ اللغﺔ ‪ ،‬إلى‬
‫فلﺳﻔﺔ العقل؛ إلى فلﺳﻔﺔ الﻔعل‪ ،‬أو بمعنى آخر من التمثل اللغوي إلى التمثل العقلي‪ ،‬ومن التمثل‬
‫الذهني إلى الﻔعل‪ .‬تحول مرده أﺳاﺳا إلى تحول اﻻهتمام من قصديﺔ اللغﺔ إلى قصديﺔ العقل ثم‬
‫قصديﺔ الﻔعل‪ .‬حيث يرى العديد من المشتغلين بﻔلﺳﻔﺔ اللغﺔ أن معظم اﻷﺳئلﺔ التي طرحت في هذا‬
‫الحقل تعد حاﻻت خاصﺔ تتعلق بطبيعﺔ العقل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬اقتنع العديد من المهتمين بأن حل العديد‬
‫من المﺳائل المطروحﺔ على مﺳتوى اللغﺔ يتوقف على البدء بحلها على مﺳتوى فلﺳﻔﺔ العقل‪ ،‬ثم‬
‫فلﺳﻔﺔ الﻔعل؛ فلن نتمكن من فهم اللغﺔ ووظائﻔها متى لم نبدأ بﻔهم قدراتنا العقليﺔ‪ .‬وذلك ﻷن اﺳتعمال‬
‫اللغﺔ ليس ﺳوى انعكاﺳا لقدراتنا العقليﺔ‪.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like