Professional Documents
Culture Documents
مقالة - مصر الأخرى - فاضل الربيعي
مقالة - مصر الأخرى - فاضل الربيعي
6
تاريخ
االستشراقية
ّ «مصر األخرى» لفاضل الربيعي :نقد القراءة َ
املصري في محافظة «إب» (ص.)٤٦ وقوع املعركة الشهيرة بني املأتم ()1984 نصور
اآلشوريني واملصريني بقيادة رمسيس
حسن ّ
ت ـ ـف ـ ـتـ ــرض ه ـ ـ ـ ــذه الـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــراءة أن جـ ـن ــوب
الـجــزيــرة الـعــربـيــة ـ ـ ـ الـيـمــن حــالـيــا ـ ـ ـ هو الـثــانــي فــي مــا ي ـعــرف ،ال ـيــوم جغرافيًا، يواصل الباحث العراقي فاضل الربيعي
املنطقي لألحداث واملعارك بني ّ املسرح ب ــرف ــح الـفـلـسـطـيـنـيــة م ــن ض ـم ــن حـمـلــة ( )1952سلسلة إصــداراتــه في ما يمكن
عده تصحيح مكامن الخلل في القراءة ّ
اآلش ــوري ــن وق ـبــائــل االســرائ ـي ـل ـيــن من آشـ ــوريـ ــة ك ـب ـي ــرة ن ـت ــج ع ـن ـهــا أسـ ــر مـلــك
مصري ورد اسمه في النقوش القديمة. ّ االستشراقية ملفاصل هامة من التاريخ
سـكــان ه ــذه املـنـطـقــة ،وكــذلــك األم ــر ،هو
م ـســرح امل ـع ــارك بــن تـلــك الـقـبــائــل فيما يكفي ـ ـ بحسب الربيعي ـ ـ مـقــارنــة منت الـقــديــم ،ونـعـنــي تــاريــخ ال ـشــرق األدن ــى،
ّ
تقاطع الـ ـت ــوراة م ــع ن ـقــوش مـصــريــة وآش ــوري ــة ال س ـي ـم ــا ف ـي ـم ــا ي ــتـ ـص ــل ب ــال ـت ــأس ـي ــس
بـيـنـهــا لـلـسـيـطــرة ع ـلــى طـ ــرق ال ـت ـجــارة
َ قديمة لبناء منظور مغاير أكثر تماسكًا ال ـت ــاري ـخ ـ ّـي ل ـ ـ «إس ــرائـ ـي ــل» ف ــي ج ـنــوب
الـبـحــريــة وعـلــى مـنــتــج الـبـخــور الثمني،
حــاجــة امل ـعــابــد اآلش ــوري ــة .مـمــالــك بني
مع ع ـ ــن مـ ـع ــرك ــة ق ـ ـ ـ ــادش ب ـ ــن اآلش ـ ــوري ـ ــن الشام .نعني فلسطني.
إسرائيل ،ال ــوارد ذكرهم في النصوص كمال واملـ ـص ــري ــن فـ ــوق بـ ـ ّـر ف ـل ـس ـطــن ال ـي ــوم. محور إصداره الجديد «مصر األخرى»
(رياض الريس) ـ ـ الذي يندرج في إطار
ال ـق ــدي ـم ــة ،ه ــم أن ـف ـس ـهــم ،ق ـبــائــل يمينة الصليبي، بنتيجة املقارنة ،ليست «قــدس\ قدش»
(ال ـس ــن وال ـش ــن ت ـت ـب ــادالن األدوار في أبـحــاث سابقة ،منها مجلدا «فلسطني
اع ـت ـن ـقــت ال ـي ـه ــودي ــة ،والـ ـص ــراع ــات بني وتحديدًا اللغة العبرية) املذكورة في التوراة هي امل ـت ـخـ ّـي ـلــة :أرض ال ـ ـتـ ــوراة ف ــي ال ـتــاريــخ
ممالك الجنوب والشمال ـ ونعني يهوذا ال ـ ـقـ ــديـ ــم» ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ي ـ ـهـ ــدف إلـ ـ ــى كـ ـش ــف ث ـغ ــرة
والسامرة ـ ـ في حقبة االنقسام بعد موت مؤلفه املــوضــع امل ـقــدس الشهير فــي فلسطني،
«مصر» الواردة في النصوص القديمة:
العربي اليوم ،كما درجت على ذلك ّ البلد
سليمان ،قد وقعت بني ممالك حميرية «التوراة ّ
القراءة االستشراقية .نتحدث عن جبل الـ ـ ـنـ ـ ـص ـ ــوص اآلشـ ـ ـ ــوريـ ـ ـ ــة وال ـ ـس ـ ـجـ ــات
من الجنوب وسبئية من شمال اليمن.
وبــالـنـتـيـجــة ،يـصـ ّـحــح الــربـيـعــي الخلط
جاءت ّ
اليمنية قدس /قدش في منطقة الجوف املـ ـص ــري ــة الـ ـق ــديـ ـم ــة ،ون ـ ـقـ ــوش م ـمــالــك
ّ
السبئية اليمن القديم ،ونعني النقوش
ال ـش ــائ ــع ب ــن ال ـي ـه ــود وب ـن ــي إس ــرائ ـي ــل. من في مملكة «معني –مصرن» ،التي كانت
واملعينية والحميرية.
ه ــدف ــا ل ـح ـم ــات اآلشـ ــوريـ ــن وت ـح ــدي ـدًا
فبني إسرائيل «هم قبيلة عربية يمينة جزيرة «ت ـجــات بــاســر الـثــالــث» فــي مــا يعرف
ـأســس ق ــراءة الــربـيـعــي ،عـمــومــا ،على تـتـ ّ
كفت عــن الــوجــود مثل عــاد وثـمــود .أما
يمني قديم. ّ اليهودية ،فهي دين عربي
العرب» في األوساط األكاديمية بمعركة قادش.
كـشــف املـغــالـطــات ال ـفــادحــة فــي ال ـقــراءة
االسـتـشــراقـيــة لـنــاحـيــة مـطــابـقــة أسـمــاء
ُّ امللك املصري املأسور ليس ،إذن ،ملكًا\
فـلـيــس كـ ــل ي ـه ــودي م ــن ب ـنــي اســرائ ـيــل املناطق والقرى واألشخاص التي وردت
ّ فرعون مصر (رمسيس الثاني) ،بل هو في التوراة ،مع أسماء مناطق وقرى تقع
بــالـضــرورة .وفــي املقابل ،ليس كــل بني ملك هذه اململكة اليمنية القديمة .تقدم
اسرائيل يهودًا». في فلسطني اليوم والشام عمومًا.
لـنــا ه ــذه الـ ـق ــراءة ،ت ـص ـ ّـورًا واض ـحــا عن فــي هــذا الـبـحــثُ ،يـقـيـ ُـم الــربـيـعــي قــراءة
عـمــومــا ،يـبـقــى تــاريــخ مملكة إســرائـيــل ك ــون الـحـمــات اآل ّش ــوري ــة لــم تستهدف
ّ يـعـتـبــرهــا األكـ ـث ــر مـعـقــولـيــة م ــن ضمن
وك ــل مــا يتصل بتلك الـحـقـبــة إشكاليًا البر الشامي ،بل إنها تتوجه في األصل
كونه واقعًا في قلب الصراع الهوياتي ال ـ ـقـ ــراءات ال ـت ــي تـتـصــل بـحـقـبــة مـمــالــك
إلــى جنوب الجزيرة العربية ،واملعارك اإلسرائيليني ،مــن أواخ ــر األل ــف الثاني
الـ ـ ـ ــذي ق ـ ــد «يـ ـ ــؤسـ ـ ــس» لـ ـحـ ـق ــوق س ــوف في األساس كانت في سبيل تطويع تلك ّ ً
تغدو ذرائــع لتبرير كيانات دينية ذات السبئية، قبل امليالد وصوال إلى الحقبة
القبائل الـتــي تستوطن جـبــال وسهول األول قبل امل ـيــاد .قــراءة أواس ــط األل ــف ّ
طابع «ديني /إثني» في منطقة شكلت اليمن الخصيبة. ت ـح ـي ــل إلـ ـ ــى أع ـ ـمـ ــال الـ ـب ــاح ــث وامل ـف ـك ــر
ق ـلــب ال ـع ــال ــم ال ـق ــدي ــم .ع ـلــى أن الـ ـق ــراءة ب ـم ـقــارنــة مـنـهـجـيــة ل ـن ـصــوص ال ـت ــوراة ال ـل ـب ـنــانــي ك ـم ــال ال ـص ـل ـي ـبــي ،وت ـحــدي ـدًا
االسـ ـتـ ـش ــراقـ ـي ــة لـ ـلـ ـت ــوراة هـ ــي ال ـ ـقـ ــراءة وال ـس ـج ــات امل ـصــريــة ال ـقــدي ـمــة (سـجــل م ــؤل ـف ــه ال ـش ـه ـي ــر «ال ـ ـت ـ ــوراة جـ ـ ــاءت مــن
املكرسة أكاديميًا ،بطبيعة الحال .قراءة ال ـك ــرن ــك ال ـش ـه ـي ــر) م ــع نـ ـق ــوش سـبـئـيــة جزيرة العرب» .على أن الربيعي ينحو
ان ــدرج ــت ف ــي س ـي ــاق ط ــوي ــل م ــن سعي ومعينية قديمة ،أمكن ّ
ي ـطــابــق وصـ ــف م ـصــر االق ـل ـي ــم .ك ـمــا أن مـصــر امل ـق ـصــودة فــي ال ـتــاريــخ الرسمي فك ثغرات مهمة مـ ـنـ ـح ـ ًـى ت ـف ـص ـي ـل ـ ّـي ــا ف ـ ــي ض ـ ـ ــوء ب ـعــض
الـ ـ ــدول ال ـغــرب ـيــة الــرئ ـي ـس ـيــة إلـ ــى وضــع مـصــر ال تـقــع فــي أرض جـ ــازان بحسب املـ ـ ـك ـ ــرس مل ـم ـل ـك ــة اسـ ــرائ ـ ـيـ ــل ال ـق ــدي ـم ــة. من ثغرات تلك الحقبة .ونعني االنتباه امل ـع ـط ـي ــات ال ـن ـق ـش ـيــة املـ ـكـ ـش ــوف عـنـهــا
املنطقة العربية والشرق األدنى عمومًا الصيغة الــرابـعــة .فــي املـقــابــل ،وبحسب نص التوراة وبحسب الربيعي ،يتحدث ّ إل ــى ك ــون الـنـقــد االس ـت ـشــراقـ ّـي لـلـتــوراة حديثًا (نقش صخرة واحة تيماء للملك
فــي تـشـكـيـ ٍـل ي ـخــدم ت ـص ــورات املــؤسـســة الــرب ـي ـعــي ،ف ــإن ن ـقــوش املـسـنــد اليمنية ع ــن ورود اسـ ــم م ـصــر وامل ـص ــري ــن في قد أغفل ما يمكن اعتباره شبه تطابق رمـسـيــس الـثــالــث ١١٩٢ق .م١١٦٠ -ق.م
االس ـت ـع ـمــاريــة الـتـقـلـيــديــة .ب ـه ــذا ،تبقى قد أوردت اسم «مصريم» التوراتي في التوراة بأربع صيغ رئيسية« :مصري»، منطقي بني املدونات القديمة (التوراة) ّ ً
مـ ـث ــاال ال ح ـ ـص ـ ـرًا) .ن ـت ـح ــدث ،إذن ،عــن
أب ـح ــاث الــربـيـعــي وم ــن قـبـلــه الصليبي صــورة «مـصــرن» وهــي صيغة تتطابق «م ـص ــري ــم» ،و«م ـش ـف ـحــات ه ــا مـصــريــم» مــن جهة واملـعـطـيــات املـثـيــرة املتضمنة خ ــاص ــات مـثـيــرة تـتـعـلــق بـ ــردم ثـغــرات
ع ـل ــى أه ـم ـي ـت ـهــا ف ــي ح ــاج ــة م ــاس ــة إل ــى مع الصيغة التوراتية (ألن مصريم هو (أي عـشــائــر امل ـصــريــن) و«م ـصــريــم في ف ـ ــي الـ ـنـ ـق ــوش ال ـس ـب ـئ ـي ــة وال ـح ـم ـي ــري ــة تتصل بــأحــداث تاريخية فاصلة ظلت
مؤس ّ تجذير ّ ً ّ
سي وأكاديمي على نطاق اسم النسبة من مصر) ،فضال عن كون أرض ج ـ ـ ـ ــازان» .ك ــل ـه ــا ص ـي ــغ مـخـتـلـفــة، واملعينية القديمة. تفتقد ،برأيه ،إلى قدر من املعقولية.
ّ ٌّ
أوس ــع مــن شــأنــه خــدمــة اإلحـ ــاالت التي «معني-مصرن» هو اسم دال على مملكة وكل منها له مدلول محدد ،فـ «مصري»
يفترض أن تــؤدي إليها إعــادة تأسيس – مجتمع ينتمي إلى مكان يدعى مصر. ال يمكنه أن يكون هــو ذاتــه «مصريم». مصر التوراة قدس\قدش\قادش
ً
حقبة مملكة اسرائيل القديمة. وحـ ـت ــى الـ ـي ــوم ث ـم ــة ق ــري ــة ت ــدع ــى قــريــة كــذلــك ،ف ــإن تعبير عـشــائــر املـصــريــن ال إذن ،مصر اإلقليم العربي اليوم ،ليست م ـث ــاال ال ح ـص ـرًا ،يـنـفــي صــاحــب عـشــاء
مذكرات
مهني :السجن مرآة للتاريخ
الصادق بن ّ
الـطــرودي الصحافة ،فيما ساهم آخــرون عـ ــرف أم ــاك ــن ل ــم ي ـكــن ي ـعــرف ـهــا م ــن قـبــل. من ّالسجن ،فقد كان األمر مختلفًا ،يقول: حبيب الحاج سالم
ّ ّ «ل ـكــن ـنــي ع ـنــدمــا دخ ـل ـنــا مـكـتـبــه وجــدتــه
التونسية لحقوق في تأسيس «الرابطة وداخل السجن عرف بشرًا من كل األعمار
ّ
اإلنسان» وفرع «منظمة العفو الدولية». ّ
وجـهــات الـبــاد والـتــوجـهــات السياسية. «عـجــوزًا» تفشل املساحيق رغــم كثافتها ف ــي ك ـتــابــه «سـ ـ ــارق ال ـط ـمــاطــم أو زادنـ ــي
ّ وحدتها ،ثم رأيت في التخفيف من وجهه ّ ال ـح ـبــس ع ـم ـرًا» ّ(دار سـ ـي ــراس) ،يـغــوص
بـعـيـدًا عــن املــاضــي وتـفــاصـيـلــه ،تختلف لـعــل أب ــرز الــوجــوه الـتــي تـنــاولـهــا املــؤلــف
العادية لهذاّ بداية الكتاب عن البدايات ه ــم حـ ـ ــراس الـ ـسـ ـج ــون ،م ــن ال ـف ـت ــى ال ــذي حركات يديه وقفزه يبغي مغالبة قصره الـصــادق بن مهني في تفاصيل تجربته
ّ داخ ــل س ـجــون ن ـظــام الـحـبـيــب بــورقـيـبــة،
الطراز من الكتب ،إذ انطلق الصادق من ارتمى في حضنه وأخذ يبكي نادمًا على ومكابدته ليظل واقفًا طــوال اللقاء فكاد
قصة الحاضر ،ومن حكاية غيره .تتعلق ّ اختياره هــذه املهنة إلــى العم عمار الذي يغالبني الضحك». واس ـت ــرج ــاع ص ــور شـخـصـ ّـيــاتـهــا ،بعيدًا
ال ـب ــداي ــة ب ـ ّشــاب ج ــاء مل ـنــزل امل ــؤل ــف حتى «ط ـ ّـب ــق مـعــايـيــر ح ـقــوق اإلنـ ـس ــان وإن لم
ّ
ي ـلــخــص ال ــوص ــف ك ــل ال ـح ـكــايــة ،ينتمي
ّ ع ــن ثـنــائـيــة املــائ ـكــة وال ـش ـيــاطــن وبـقـ ّـيــة
ً الثنائيات املنبثقة عنها.
يصلح سخانه ،فيرى كتبًا كثيرة .عرف يعلمه ّإياها أحــد» ،وصــوال إلــى السجني املؤلف إلى جيل تجاوز زعامة «الزعيم»
ب ـعــد اس ـت ـف ـســاره ّأن ـه ــا ت ـبــرعــات مـ ّ
ـوجـهــة امل ـك ـل ــف ب ــإس ـن ــاد ال ـ ـ ُـح ـ ــراس الـ ـ ــذي تـمـنــى وسلطته الشخصية .هو ينتمي إلى جيل في أحد أيام حزيران (يونيو) ،1980أفاق
ً «أن يقضم بما تبقى لــه مــن أسـنــان ّ ّ الـحـبـيــب بــورقـيـبــة فــي ق ـصــره الــرئــاســي،
إل ــى مـكـتـبــات ال ـس ـج ــون ،وت ـك ــون مــدخــا حبة سياسي متعلم ،وإن كــان ابــن سياسات
ّ ّ جـ ّـهــز نـفـســه ث ـ ّـم ج ـلــس ف ــي مـكـتـبــه لـيـبــدأ
ل ـل ـحــديــث ع ــن ت ـع ـ ّـرض ــه ،بـمـحــض صــدفــة طماطم طازجة» فسرق من مؤونة رفاقه نظام بورقيبة ،إال أنــه يعارضه (أليست
ّ ي ــوم ــا آخـ ــر م ــن ال ـع ـم ــل .كـ ــان ل ــه ل ـق ــاء مع
سيئة ،إلــى التعذيب مــن قبل أع ــوان أمن واحدة وأهداها له. األض ـ ــداد م ــن بـعـضـهــا ت ـت ــوال ــد؟) .ت ــروي
ّ مـجـمــوعــة مــن ال ـشـ ّـبــان .وص ــل ُامل ــدع ـ ّـوون،
على امتداد أيــام .الكتاب إذًا ليس وثيقة ف ـ ــي الـ ـسـ ـج ــن أي ـ ـضـ ــا ب ـ ـ ـ ــدأت املـ ــراج ـ ـعـ ــات السيرة ،باألساس ،سنوات سجن املؤلف
ّ ورفــاقــه فــي منظمة «آف ــاق» الـيـسـ ّ كانوا شبابًا يافعني وأنيقني .أعجب بهم
للتأريخ فقط ،بل هو أيضًا بيان سياسي الفكرية .بمرور الوقت ،ابتعدت الجماعة ـاريــة .لم
الرئيس ،سألهم عــن عــدد السنوات التي
موجه للحاضر ،عن جريمة التعذيب التي ّ ّ ّ
ع ــن امل ــارك ـس ــيــة الـلـيـنـيـنــيــة وق ــرب ــت أكـثــر ت ـكــن املـنـظـمــة ب ــال ـق ـ ّـوة ال ـتــي تـمـكـنـهــا من قـضــوهــا فــي الـسـجــن ،واسـتـنـتــج ،ارض ـ ً
ـاء
السجون وأوضاعها، لم تختف بعد ،عن إل ــى ال ـطــروحــات الــديـمـقــراطـيــة والـنـشــاط ّ
لرمزية إسقاط النظام ،لكن ضربها كــان ّ ّ ّ
ّ ومنفيًا ألنــاه ،أن ما قضاه هو مسجونًا
وعن منظومة العدالة املتعثرة. الثقافي .يصف املؤلف هذا املسار« :بدأنا ما تطرحه. يتجاوزها .وبعد تبادل أطــراف الحديث،
يأتي الكتاب استمرارًا لسلسلة مؤلفات نتبدل ،بدأت تشدنا مقوالت شيئًا فشيئًا ّ كـ ــان بــورق ـي ـبــة يـ ــرى امل ـس ــأل ــة شـخـصـ ّـيــة،
ُ ّ انتهى اللقاء بالعفو عنهم ،وترك مسألة
واألف ـكــار الـتــي ب ــدأت تــروج تروي السيرة سنوات سجن أن ي ـن ــادي ش ـبــابــا ب ـش ـعــار «ال ـش ـع ــب هو ّ
كتبت على أيدي أفراد هذه املجموعة من الديمقراطية ّ مولده .كان العفو عن بقية رفاقهم لذكرى ّ
املساجني الــرفــاق .بــدأت السلسلة بكتاب بـ ـخـ ـص ــوص الـ ــن ـ ـضـ ــال مـ ــن أجـ ـ ــل ح ـق ــوق املجاهد األكبر» فتلك إهانة له ،لذلك هو مــن بــن أولـئــك ،الـصــادق بــن مهني ،الــذي
جلبار النقاش «كــريـسـتــال»؛ وفتحي بن اإلنـ ـ ـس ـ ــان ،وأغ ــرمـ ـن ــا ب ـن ـظ ــري ــات الـ ـث ــورة المؤلف ورفاقه في من يعاقب ...ومن يعفو أيضًا .من ذلك ما السجنية هذه. ّ أنهى بهذا املشهد سيرته
الـ ـح ــاج ي ـح ـيــى (ال ـح ـب ــس ك ـ ــذاب وال ـح ـ ّـي ـذريـ ــة ،ث ـ ــورة ال ـع ـق ـلـ ّـيــات،
ال ـع ـم ـي ـقــة وال ـ ـجـ ـ ّ اليسارية منظمة «آفاق» قيل للمؤلف ورفــاقــه« :سـيــادتــه غاضب.
يــــ ّ
ـروح :ورقـ ـ ـ ــات مـ ــن دفـ ــاتـ ــر الـ ـيـ ـس ــار فــي ال ـ ـثـ ــورة ال ـث ـق ــاف ـ ّـي ــة والـ ـفـ ـك ــري ــة» .سـيـثـمــر
ّ ّ ّ
قاسية. علينا أن نهدئه .ستكون األحكام
في استرجاعه للمشهد ،لم ينس الصادق
أن يذكر بما شعر به وأسقطه بيان رئاسة
ّ
ً
البورقيبي)؛ ومحمد صالح فليس ّ الزمن ـوج ــه ع ــدد من ـا ت ـ ّ ه ــذا ال ـت ـح ـ ّـول مـسـتـقـبـ قلب األب الحنون سرعان ما سيستيقظ». ـوريــة حـيـنـهــا .ب ـعــد رب ــع ق ــرن من ال ـج ـم ـهـ ّ
(س ـج ــن ف ــي وط ـن ــي :ص ــور م ــن يــومـيــات املساجني املذكورين في الكتاب إلى آفاق ُوضـ ـ ــع املـ ـع ــارض ــون ف ــي ال ـس ـج ــن .ه ـنــاك الحكم ،وما يقارب خمسة عقود من العمل
ّ
مـعـتـقــل س ـي ــاس ـ ّـي)؛ وأح ـم ــد ك ــرع ــود (مــن جــديــدة .انغمس الـنــوري بــوزيــد أكثر في اكتشف الصادق أن املكان أكثر من مجرد الـسـيــاســي ،كــانــت أج ـهــزة ال ـن ـظــام تجهد
دروس الشيخ خليف بمسجد القيروان صناعة السينما ،ونــور الــديــن بــن خضر ّ
جــدران مغلقة ،وعــاش تجربة حولته بال السـتـبـقــاء «ك ــاري ــزم ــا» الــزع ـيــم وصــورتــه
إلى اليسار املاوي) ف ـ ــي صـ ـن ــاع ــة الـ ـنـ ـش ــر ،مـ ـ ـ ــارس هــاش ـمــي رجعة .في الرحالت الكثيرة بني السجون، املـشــرقــة .أمــا بالنسبة للشاب الـقــادم تـ ّـوًا