You are on page 1of 22

‫فوائد وفرائد من العذب الفائض (‪:)٢‬‬

‫قبول وعدم قبول القاضي لشهادة الشهود أن فالنا وارث‬

‫في مبحث شروط االرث‪ ،‬أشار صاحب العذب رحمه هللا أن شروط االرث ثالثة‪:‬‬

‫(‪ )١‬موت ُم َو ِّرث‬

‫(‪ )٢‬حياة وارث‬

‫(‪ )٣‬عل ُم قاض جهة التوارث‬

‫وبيت المنظومة‪:‬‬

‫و ِّعل ُم قاض جهةَ التوارث‬


‫ث‬
‫والقرب بينَ َم ِّيت ووار ِّ‬
‫َ‬

‫وعند شرح الشرط الثالث‪ ،‬قال ‪ (:‬ويلزم القاضي العلم بالجهة المقتضية لإلرث من زوجية أو‬
‫والء أو قرابة وتعين جهة القرابة من بنوة وأبوة وأمومة وأخوة وعمومة‪ ،‬والعلم بالدرجة التي‬
‫اجتمع الميت والوارث فيها)‬

‫ثم موضع الشاهد الذي أريد ابرازه وعقب عليه صاحب العذب أنه" قول أكثر الفرضيين"‬

‫قوله‪(( :‬فال يقبل القاضي الشهادة مطلقة بأن يشهد الشاهد أنه وارثه‪ ،‬الختالف العلماء في تقديم‬
‫بعض الورثة على بعض كما في الجدات وفي الجد واالخوة‪ ،‬وفي ذوي االرحام‪ ،‬فربما ظن‬
‫الشاهد َمن ليس بوارث وارثا‪ ،‬هذا ما يقتضيه كالم المصنف رحمه هللا‬
‫(يقصد الشيخ صالح البهوتي صاحب منظومة عمدة كل فارض)‬
‫اخوتي الكرام‪ :‬من عادة صاحب العذب رحمه هللا أن يشير ويخصص فيقول وهذا عند الحنفية أو‬
‫المالكية او الشافعية‬

‫فلذلك قوله " وهو قول أكثر الفرضيين " مطلقا دون قيد تحتمل الفرضيين من كل المذاهب‬
‫ألن القضية فرضية وهم أهل االختصاص فيها‬
‫وهذا واضح من قوله (فربما ظن الشاهد من ليس بوارث وارثا) وهذه ال تغيب عن السادة‬
‫الفرضيين‬

‫ثم اخوتي الكرام انتبهوا حفظكم الباري ألمر‬


‫هذه مسألة فيها‪:‬‬

‫(‪ُ )١‬م َّد ِّعي أنه وارث‬


‫(‪ )٢‬شاهدان يشهدان أن هذا ال ُمدعي وارث‬
‫(‪ )٣‬والقاضي الذي سيقضي بإرث هذا ال ُمدعي أو ال بناء على شهادة الشا ِّه َدين‬

‫ثم أعود لشرح صاحب العذب‪:‬‬

‫وعقب بقوله‪( :‬أما نصوص فقهائنا فليست كذلك قال في المنتهى في كتاب الشهادات)‬

‫وهنا وقفتان‪:‬‬

‫(‪ )١‬يقصد ب "فقهائنا " هنا السادة الحنابلة رحمهم هللا ألن صاحب العذب رحمه هللا حنبلي‬
‫و ب "فليست كذلك" أي بخالف "قول أكثر الفرضيين" الذي سبق‬

‫ثم أورد قول السادة الحنابلة من كتاب المنتهى‬

‫(‪ )٢‬كتاب المنتهى هو ( منتهى االرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات)‬

‫لمؤلفه الشيخ تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الحنبلي ( ت ‪٢٧٢‬هـ) رحمه هللا‬

‫وقد جمع في كتابه بين كتابين جليلين من كتب المذهب الحنبلي‪ ،‬وهما كتابا " المقنع" للعالمة عبد‬
‫هللا بن أحمد بن قدامة رحمه هللا‪،‬‬
‫و"التنقيح" للعالمة علي بن سليمان المرداوي رحمه هللا‬
‫المهم‬

‫أعود الى النص الذي أورده صاحب العذب نقال عن المنتهى في كتاب الشهادات‪:‬‬
‫غيرهُ"‪ ،‬أو قاال‪" :‬في هذا البلد" سواء كانا‬
‫((ومن ادعى إرث َميِّت فشهدا‪ " :‬أنه وارثه ال يعلمان َ‬
‫س ِّل َم إليه بغير كفيل ‪ ،‬وبه ان شهدا بإرثه فقط))انتهى‬
‫من أهل الخبرة الباطنة أو ال ُ‬
‫وعقب بقوله‪( :‬ولعل ما قاله المصنف رحمه هللا ‪ :‬فيما اذا كان المدعي مع وارث ُم َحقَق‬

‫وهنا اخوتي الكرام وقفات جوهرية‪:‬‬

‫(‪ )١‬قوله " نصوص فقهائنا ليست كذلك" ثم إيراده هذا النص يوحي ان هذا قول السادة فقهاء‬
‫الحنابلة‬
‫والحقيقة وهللا أعلم غير ذلك‬

‫فهذا النص هو بعض نص مقتطع من نص أورده االمام أبو الخطاب الكلوذاني رحمه هللا واحتمل‬
‫عدم قبوله اذا جاء ِّم َمن ليسوا من أهل الخبرة الباطنة ‪ ،‬ورده ان جاءت بالقيد المذكور "في هذا‬
‫البلد"‬
‫ورده االمام ابن قدامة رحمه هللا في المغني‬
‫كما سيتضح بعد قليل عندما أُور ُد نص المغني‬

‫(‪ )٢‬ويُفهم من النص أنه عند فقهاء الحنابلة رحمهم هللا أن القاضي يسلم ل ُمدعي االرث إرثه لو‬
‫كان الشاهدان من غير أهل الخبرة الباطنة‬
‫س ِّل َم إليه بغير كفيل"‬
‫"سواء كانا من أهل الخبرة أو ال ُ‬
‫سلم االرث للمدعي بغير كفيل‬‫أي ُ‬

‫وقوله (وبه ان شهدا بإرثه فقط)‬


‫أي وسلم القاضي لل ُمدعي إرثه بكفيل ان شهد الشاهدان أنه وارث (دون القيد ال يعلمان غيره)‬
‫ألنه حينئذ قد يكون هناك وارثا آخر فلَ ِّزم كفيل‬

‫يرد اشكال كيفية تسليم القاضي االرث لل ُمدعي بدون كفيل بشهادة َمن هما ليسا من أهل‬
‫وهنا ِّ‬
‫الخبرة‬
‫وستتضح هذه النقطة مع السابقة عند ايراد نص المغني‬

‫(‪ )٣‬وقول صاحب العذب (ولعل ما قاله المصنف رحمه هللا ‪ :‬فيما اذا كان المدعي مع وارث‬
‫محقق)‬
‫يشير الى ان القاضي ال يقبل الشهادة مطلقا وهو أكثر الفرضيين محمول على انه هناك وارث‬
‫محقق مقابل ذلك المدعي‬

‫وقبل االنتقال الى المغني‬


‫وكما ذكرت لحضراتكم‬
‫الكلمة تأتي بكلمة‬
‫والكلمة تأتي بأسطر‬
‫والسطر ينقلك من كتاب لكتب‬

‫*المهم هنا وقفة سريعة مع التعبير‬


‫" الخبرة الباطنة"‬

‫ألنه جوهري في وصف الشاهدين‬

‫هذا اللفظ موجود عند السادة المالكية والشافعية والحنابلة‬


‫ولم أجده عند السادة الحنفية ولعل عندهم لفظ يشبهه او يقاربه‬

‫وله معاني كلها متقاربة‪:‬‬


‫(‪ )١‬ممن تقدمت صحبته وطالت معرفته ‪ -‬الكافي البن قدامة ‪ (٤/٢٣١‬العزو والنقول من‬
‫الصفحات كلها مرفقة)‬

‫(‪َ )٢‬من عاشر الميت حضرا وسفرا‪ ،‬أو سرا وعلنا‪ ،‬وكانا ممن يطلع على باطن حاله اذا نكح أو‬
‫تسرى‪ -‬نهاية المطلب في دراية المذهب لإلمام الجويني ‪٧/١٣٣‬‬

‫والخبرة الباطنة في ثالث شهادات‪:‬‬


‫(‪ )١‬كونه وارثا‬
‫(‪ )٢‬الشهادة على العدالة‬
‫(‪ )٣‬الشهادة على اإلعدام (الفقر المعدوم‪ ،‬االعسار)‬
‫بعد هذه الوقفات‬

‫وبعد أن استشكلتُ أن النص الذي أورده صاحب العذب ونسبه للمنتهى وتسليم المدعي ارثه ولو‬
‫كان الشاهدان من غير أهل الخبرة الباطنة‬
‫وكان ال بد لي من مزيد بحث‬
‫فذهبت الى البحر‬
‫الى المغني وابن قدامة رحمه هللا‬

‫والمسألة موجودة في كتاب الشهادات الجزء ‪١٢‬‬


‫الصفحة ‪٢٢‬‬
‫سأوردها كاملة ألهميتها وهي في صميم بحثنا وترفع اشكاالت كثيرة‬
‫وتفاديا للتكرار‬

‫سأورد النص داخل أقواس‬

‫وبعض تعليق للعبد الفقير أعتذر عنه مسبقا ( هو فهمي راجيا من الجميع التعقيب والتصويب)‬

‫االن الى المغني‪:‬‬

‫فصل (وإذا شهد عدالن ان فالنا مات وخلف من الورثة فالنا وفالنا ال نعلم له وارثا غيرهما‬
‫قبلت شهادتهما وبهذا قال ابو حنيفة ومالك والشافعي والعنبري)‬
‫اذن هو قول الفقهاء االربعة رحمهما هللا بقبول شهادة العدلين ان ال وارثا غيرهما‬

‫(وقال ابن ابي ليلى ال تقبل حتى يبينا أنه ال وارث له سواهما‪ ،‬ولنا) لنا هو قول ابن قدامة أي‬
‫الراجح عندنا الحنابلة (أن هذا ال يمكن علمه فيكفي الظاهر مع شهادة االصل بعدم وارث آخر)‬

‫ثم يأتي ابن قدامة بقول ابي الخطاب الكلوذاني من كتابه الهداية‬
‫(قال ابو الخطاب سواء كانا من أهل الخبرة الباطنة أو لم يكونا ويحتمل) كأنه يرد الذين من غير‬
‫أهل الخبرة( ان ال تقبل اال من أهل الخبرة الباطنة الن عدم علمهم بوارث اخر ليس بدليل على‬
‫عدمه بخالف اهل الخبرة الباطنة فان الظاهر انه لو كان له وارث اخر لم يخف عليهم وهذا قول‬
‫الشافعي)‬
‫ثم ينتقل الى نقطة أخرى وهي لو أن الشاهدان أضافا قيدا الى كالمهما‬
‫فقاال‪ :‬ال نعلم له وارثا بهذه البلدة او بأرض كذا‬

‫بهذه الصيغة لم يقبلها االمام ابو الخطاب‬

‫⁃‬ ‫وكذلك لم يقبلها ابن قدامة في تعقيبه على ابو الخطاب‪-‬‬

‫وبذلك يتضح عدم دقة ما ورد في كتاب المنتهى للفتوحي وأورده صاحب العذب وقال (وأما‬
‫نصوص فقهائنا فليست كذلك في المنتهى)‬

‫فيفهم من هذا أن هذا ليس المعتمد في المذهب الحنبلي ورده ابن قدامة‬

‫وهذا نص المغني وهو تكملة قول ابي الخطاب‬


‫(فأما ان قاال ال نعلم له وارثا بهذه البلدة او بأرض كذا وكذا" لم تقبل"‪ ،‬وبهذا قال مالك والشافعي‬
‫وابو يوسف‪.‬‬
‫وقال ابو حنيفة يقضى به كما لو قاال ال نعلم له وارثا وذكر ذلك مذهبا ألحمد‬
‫ولنا ‪ /‬الكالم البن قدامة وترجيحه‪ /‬ان هذا ليس بدليل على عدم الوارث النهما قد يعلمان انه ال‬
‫وارث له في تلك االرض ويعلمان له وارثا في غيرها فلم تقبل شهادتهما كما لو قاال ال نعلم له‬
‫وارثا في هذا البيت)‬

‫وبهذا النص من االمام ابن قدامة رحمه تتضح الصورة أكثر وهللا أعلم‬

‫اخوتي الكرام أطلت عليكم ولم أتعمد هذا‬


‫ولكن طبيعة البحث وأهميته‬
‫وجهد المقل وبضاعتي المزجاة‬
‫وأهمية عزو كل قول الى صاحبه وكتابه‬

‫ملخص ما سبق في قبول القاضي لشهادة شاهدان ان فالنا وارث ال نعرف غيره‪:‬‬

‫(‪ )١‬قول أكثر الفرضيين ان القاضي ال يقبل الشهادة مطلقا الن الشاهد قد يظن من ليس بوارث‬
‫وارثا ( ألنه ليس متخصصا في علم الفرائض)‬
‫وهذا شرح صاحب العذب وأنه مقتضى كالم المصنف صاحب المنظومة‬
‫(‪ )٢‬ما أورده صاحب العذب من المنتهى ليس هو بقول المذهب الحنبلي فقد رده ابن قدامة في‬
‫المغني‪ .‬هذا إذا افترضنا ان قوله (واما نصوص فقهائنا فليست كذلك) عنى بها فقهاء المذهب‬
‫الحنبلي وهو لم يقيد‬

‫(‪ )٣‬رد االمام ابو الخطاب واالمام ابن قدامة شهادة الشاهدان ان قيدا قولهما ال نعلم وارثا غيره‬
‫ب (في هذا البلد او في أرض كذا)‬

‫(‪ )٤‬رجح االمام ابو الخطاب عدم قبول شهادة الشاهدان ان كانا من غير أهل الخبرة الباطنة الن‬
‫اهل الخبرة الباطنة ال يخفى عليهم ان كان للميت وارث اخر‬
‫وقال‪ :‬هذا قول الشافعي‬
‫وهذا الرأي من أبي الخطاب الحنبلي والشافعي رحمهما هللا قريب من قول " أكثر الفرضيين"‬

‫(‪ )٥‬صدر االمام ابن قدامة المسألة بقبول شهادة العدلين ان فالنا فالنا وارثين ال نعلم له وارثا‬
‫غيرهما ونسبه أيضا الى أبي حنيفة ومالك والشافعي‬

‫اخوتي الكرام‬
‫ما سبق جهد المقل وفهم القاصر‬

‫لطفا وتكرما القراءة بهدوء وتمعن‬


‫والتعقيب والتعليق والتصويب والتصحيح‬

‫مرفق مع الرسالة‪:‬‬
‫(‪ )١‬نص الفائدة من العذب الفائض‬
‫(‪ )٢‬نص المسألة في المغني البن قدامة‬
‫(‪ )٣‬نص المنتهى لإلمام الفتوحي‬
‫(‪ )٤‬نص المسألة وتعريف اهل الخبرة الباطنة ومواضع ورودها في نهاية المطلب في دراية‬
‫المطلب لإلمام الجويني‬
‫(‪ )٥‬نص االمام أبي الخطاب في الهداية‬
‫(‪ )٢‬تعريف الخبرة الباطنة في الكافي البن قدامة‬
‫وأخيرا‬

‫قد أكون أوردت اسم االمام او العالم دون ترحم او ترضي عليه رضي هللا عنهم جميعا ورحمهم‬
‫هللا وهذا من الغفلة أثناء الطباعة فمعذرة‬

‫وكذلك أعتذر عن االخطاء في االمالء والنحو‬

‫وأعتذر عن االطالة‬
‫فالبالغة االيجاز‬
‫وأنَّى البالغة البن معروف‬

‫وبرضو‬
‫دمتم للمواريث محبين‬

‫أحمد معروف‬
‫‪٧/٢/٢٢٢٢‬‬
‫أعاله نص المسألة والفائدة من العذب الفائض‬
‫أعاله النص في المنتهى لإلمام الفتوحي والذي أورده صاحب العذب‬
‫أعاله نص المسألة في المغني البن قدامة‬
‫أعاله المسألة في نهاية المطلب لإلمام الجويني وتعريف أهل الخبرة الباطنة ومواضعها‬
‫أعاله نص المسألة في الهداية ألبي خطاب‬
‫أعاله تعريف أهل الخبرة الباطنة في الكافي البن قدامة‬

You might also like