Professional Documents
Culture Documents
الاجتهاد المقاصدي عند عبدالله بن بية
الاجتهاد المقاصدي عند عبدالله بن بية
الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه
"رؤية معرفية منهجية"
فاطمة بوعى
ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﺑﻦ ﺑﻴﻪ :ﺭؤﻳﺔ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ:
ﻣﻨﻬﺠﻴﺔاملقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر الذي ينتهجه الشيخ عبد هللا بن ّبيه
على الاجتهاد تقديم :تروم هذه الدراسة الوقوف
ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ
التجديد .وقد جاء هذا البحث للوقوف على هذه معالجة فساد املجتمع ،إذ بدأ في تحديد مجاالت إلاصالح ومسالك
ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
في
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ:
العلمية التي قدمها الشيخ ابن بيه لألمة املنهجية العلمية في إلاصالح ،التي يمكن معاينتها بوضوح من خالل الجهود
ﻣؤﺳﺴﺔ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺤﺴﻦ -ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ:
إلاسالمية ،ممثلة عصارة فكره الناصع وطرحه املتميز وتنظيره املنه ي ،ومداوالته العلمية العملية ،وتفاعله إلايجابي مع
ﺑﻮﻋﻰ ،ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ:
الحركة العلمية الراهنة.
ﻉ10 ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ/ﺍﻟﻌﺪﺩ:
العالمة بن ّبيه قدم قراءاتﻧﻌﻢكثيرة للمنظومة املقاصدية ،ولم تخلو بحوثه ومؤلفاته ومحاضراته من إلاشارة للدرس إن
ﻣﺤﻜﻤﺔ:
قدم رؤيته العلمية والعملية لضبط الاستنباط املقاصدي ،وذلك باعتبار املقاصد ليست 2018 واستثماره ،وفي املقابل املقاصدي
ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ: ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ
ﺧﺮﻳﻒمع العلة؛ بل باعتبارها أداة ضابطة لبوصلة التفكير وتوليد ألاحكام وصانعة للمفاهيم
فقط تتبادل الوظيفة العملية أداة
ﺍﻟﺸﻬﺮ:
َ
وكذا باعتباره أداة حاكمة ومرجحة عند التنازع ،واملرجع في حل الاختالف إذا انعدمت
الواقع66 -،
بناء على التداخل مع 80 الكلية
ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ:
قبول املرجحات ألاخرى ،فيكون املقصد بثقله الكلي والجزئي أداة فاعلة وفاصلة :MDالترجيح ،واختلفت ألانظار في
967758 وسائل
ﺭﻗﻢ
ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ:ذو الانصاف .ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ
وحاسمة عند ي ﻧﻮﻉ
Arabicعبد هللا بن ّبيه في مجال الاصالح والتجديد باعتبارها من أفضل املناهج العلمية ﺍﻟﻠﻐﺔ:
لذلك كان اختيارنا ألطروحة العالمة
EduSearch,والوظيفي بين آليات وبرامج الدرس ألاصولي وبين تقنيات العصر
IslamicInfoالتكامل املنه ي
املعاصرة التي أشارت إلى ضرورة التجديدية
ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ: ﻗﻮﺍﻋﺪ
وحاجياته.
ﺍﻹﺳﻼﻣﻰ، الواقع
ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦضرورات
ﻋﺒﺪﺍﷲ، ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،ضوء
ﺍﻹﺻﻼﺣﻰ والجزئي في
الواصب بين الكلي تناغمية ،بغية الربط
ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻯ ،ﺍﻟﻔﻜﺮ وأدواته؛ بعملية توازنية وشراكة ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ
ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ:
ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ
انطالقا مما تقدم سوف تحاول هذه الورقة إلاجابة على إلاشكالية التالية :إلى أي حد تمكن الشيخ عبد هللا بن ّبيه من
http://search.mandumah.com/Record/967758 ﺭﺍﺑﻂ:
توظيف املقاصد في اجتهاده وتنزيلها في الواقع تنزيال يمكن أن يحل إلاشكال ويكون بمثابة الرافعة الفكرية والشرعية
لفكر ألامة؟
واللتماس إلاجابة على هذا السؤال ،واستنطاق رؤية الشيخ عبد هللا بن ّبيه للفكر املقاصدي وتنزيله على الواقع بإشكاالته
الجمة ،سوف نحاول أن نحصر حديثنا في هذا املقال في ثالث محاور أساسية :نتعرض في ألاول منهما إلاطار املفاهيمي
للدراسة ،وفي ثانيهما إلى العالمة عبد هللا بن ّبيه ومشروعه التجديدي إلاصالحي .لنختم أخيرا في محور ثالث بجوانب
الاستنجاد باملقاصد واستثمارها في الفكر إلاصالحي عند العالمة عبد هللا بن ّبيه.
.0إلاطار املفاهيمي للدراسة:
.0.0مفهوم الاجتهاد املقاصدي
أ .الاجتهاد لغة واصطالحا :الاجتهاد لغة :هو استفراغ الوسع واملجهود في طلب أمر ما ،قال الراغب ألاصفهاني" 1:الاجتهاد أخذ
النفس ببذل الطاقة ،وتحمل املشقة ،يقال جهدت رأي وأجهدته وأتعبته بالفكر ،ومنه قوله تعالى" :وأقسموا باهلل جهد
أيمانهم" ،2أي حلفوا واجتهدوا في الحلف أن يأتوا على أبلغ ما في وسعهم".
الاجتهاد اصطالحا :هناك تعريفات عدة لالجتهاد اصطلح عليها ،فقد :عرفه الغزالي (ت 515ه)" :بأنه بذل املجتهد وسعه في
© 2021ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
4 ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ 3
طلب العلم بأحكام الشريعة" .كما عرفه القاض ي البيضاوي (ت 865ه)" :بأنه استفراغ الجهد في درك ألاحكام الشرعية"
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 66
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه
"رؤية معرفية منهجية"
فاطمة بوعى
تقديم :تروم هذه الدراسة الوقوف على الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر الذي ينتهجه الشيخ عبد هللا بن ّبيه
في معالجة فساد املجتمع ،إذ بدأ في تحديد مجاالت إلاصالح ومسالك التجديد .وقد جاء هذا البحث للوقوف على هذه
املنهجية العلمية في إلاصالح ،التي يمكن معاينتها بوضوح من خالل الجهود العلمية التي قدمها الشيخ ابن بيه لألمة
إلاسالمية ،ممثلة عصارة فكره الناصع وطرحه املتميز وتنظيره املنه ي ،ومداوالته العلمية العملية ،وتفاعله إلايجابي مع
الحركة العلمية الراهنة.
إن العالمة بن ّبيه قدم قراءات كثيرة للمنظومة املقاصدية ،ولم تخلو بحوثه ومؤلفاته ومحاضراته من إلاشارة للدرس
املقاصدي واستثماره ،وفي املقابل قدم رؤيته العلمية والعملية لضبط الاستنباط املقاصدي ،وذلك باعتبار املقاصد ليست
أداة فقط تتبادل الوظيفة العملية مع العلة؛ بل باعتبارها أداة ضابطة لبوصلة التفكير وتوليد ألاحكام وصانعة للمفاهيم
َ
واملرجع في حل الاختالف إذا انعدمت الكلية بناء على التداخل مع الواقع ،وكذا باعتباره أداة حاكمة ومرجحة عند التنازع،
وسائل الترجيح ،واختلفت ألانظار في قبول املرجحات ألاخرى ،فيكون املقصد بثقله الكلي والجزئي أداة فاعلة وفاصلة
وحاسمة عند ذوي الانصاف.
لذلك كان اختيارنا ألطروحة العالمة عبد هللا بن ّبيه في مجال الاصالح والتجديد باعتبارها من أفضل املناهج العلمية
التجديدية املعاصرة التي أشارت إلى ضرورة التكامل املنه ي والوظيفي بين آليات وبرامج الدرس ألاصولي وبين تقنيات العصر
وأدواته؛ بعملية توازنية وشراكة تناغمية ،بغية الربط الواصب بين الكلي والجزئي في ضوء ضرورات الواقع وحاجياته.
انطالقا مما تقدم سوف تحاول هذه الورقة إلاجابة على إلاشكالية التالية :إلى أي حد تمكن الشيخ عبد هللا بن ّبيه من
توظيف املقاصد في اجتهاده وتنزيلها في الواقع تنزيال يمكن أن يحل إلاشكال ويكون بمثابة الرافعة الفكرية والشرعية
لفكر ألامة؟
واللتماس إلاجابة على هذا السؤال ،واستنطاق رؤية الشيخ عبد هللا بن ّبيه للفكر املقاصدي وتنزيله على الواقع بإشكاالته
الجمة ،سوف نحاول أن نحصر حديثنا في هذا املقال في ثالث محاور أساسية :نتعرض في ألاول منهما إلاطار املفاهيمي
للدراسة ،وفي ثانيهما إلى العالمة عبد هللا بن ّبيه ومشروعه التجديدي إلاصالحي .لنختم أخيرا في محور ثالث بجوانب
الاستنجاد باملقاصد واستثمارها في الفكر إلاصالحي عند العالمة عبد هللا بن ّبيه.
.0إلاطار املفاهيمي للدراسة:
.0.0مفهوم الاجتهاد املقاصدي
أ .الاجتهاد لغة واصطالحا :الاجتهاد لغة :هو استفراغ الوسع واملجهود في طلب أمر ما ،قال الراغب ألاصفهاني" 1:الاجتهاد أخذ
النفس ببذل الطاقة ،وتحمل املشقة ،يقال جهدت رأي وأجهدته وأتعبته بالفكر ،ومنه قوله تعالى" :وأقسموا باهلل جهد
أيمانهم" ،2أي حلفوا واجتهدوا في الحلف أن يأتوا على أبلغ ما في وسعهم".
الاجتهاد اصطالحا :هناك تعريفات عدة لالجتهاد اصطلح عليها ،فقد :عرفه الغزالي (ت 515ه)" :بأنه بذل املجتهد وسعه في
4
طلب العلم بأحكام الشريعة" 3.كما عرفه القاض ي البيضاوي (ت 865ه)" :بأنه استفراغ الجهد في درك ألاحكام الشرعية"
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 66
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
وعرفه الشوكاني(ت0051هـ)" :بأنه استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي" 5.وعرفته وهبة الزحيلي" :بأنه عملية
6
استنباط ألاحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية".
ويمكن أن نستشف من هذه التعاريف بأن الاجتهاد :هو عملية استخراج ألاحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية التي هي
نصوص الكتاب والسنة ذات العالقة املباشرة باملسألة وما يقوم عليهما من أدلة كالقياس ونحوه.
ب ـ املقاصد لغة واصطالحا :املقاصد لغة :جمع مقصد ،واملقصد مأخوذ من الفعل(قصد) ،يقال :قصد يقصد قصدا
ومقصدا 7فالقصد واملقصد بمعنى واحد .ويأتي القصد في اللغة على أربعة معان:
َ َ
املعنى ألاول :الاعتماد ،وألام ،وإتيان الش يء ،والتوجه ،تقول :قصده ،وقصد له ،وقصد إليه إذا أمه ،ومنه أيضا :أقصده
8
السهم إذا أصابه فقتل مكانه .وكأنه قيل ذلك ألنه لم يجد عنه.
9
املعنى الثاني :استقامة الطريق.
10
املعنى الثالث :العدل ،والتوسط وعدم إلافراط.
11
املعنى الرابع :الكسر في أي وجه كان ،تقول قصدت العود قصدا كسرته.
املقاصد اصطالحا" :إن الكثير من علماء أصول الفقه و من الذين خاضوا في علم املقاصد من القدامى ،لم يحددوا تعريفا
واضحا لها ،حيث يرى بعض الباحثين أن سبب عدم تعريفهم للمقاصد عائد إلى وضوح معناها في أذهانهم ،فهي حاضرة في
ذهن كل فقيه عند اجتهاده الفقهي" :12نرى ذلك عند شيخ املقاصد أبا إاحاق الشاطبي(ت231هـ) ،حيث لم يحرص على
إعطاء حد و تعريف للمقاصد الشرعية ،ألنه اعتبر ذلك واضحاـ ،و ألنه ذكر في كتابه (املوافقات) أنه كتب ذلك للعلماء
الرااخين في علوم الشريعة ،حيث يقول ":وال يسمح للناظر في ذلك الكتاب أن ينظر فيه نظر مفيد أو مستفيد ،حتى يكون
13
ّربانا في علم الشريعة و أصولها و فروعها ،منقولها و معقولها ،غير مخلد إلى التقليد و التعصب للمذهب".
فاملعنى الاصطالحي لم نجده إال بعد الشاطبي ،عند بعض ألائمة كابن عاشور وعالل الفاس ي وابن بية والريسوني وغيرهم.
قال ابن عاشور في تعريف مقاصد الشريعة" :مقاصد الشريعة العامة هي :املعاني والحكم امللحوظة للشارع في جميع أحوال
التشريع أو معظمها 14"...وقال في موضع آخر" :املقصد العام من التشريع هو :حفظ نظام ألامة واستدامة صالحه بصالح
املهيمن عليه وهو نوع إلانسان" ،15فهذان التعريفان ملس فيهما الشيخ املقصد ألاساس ي من التشريع الذي هو حفظ نظام
العالم وال يتحقق ذلك إال بصالح إلانسان.
ومن جانبه ألاستاذ عالل الفاس ي فقد عرفها بقوله ":املراد بحقائق الشريعة ،الغاية منها ،وألاسرار التي وضعها الشارع عند
كل حكم من أحكامها" ،16فهذا التعريف يشمل املقاصد العامة والجزئية فاألولى عبر عنها بقوله" الغاية" والثانية عبر عنها
17
بقوله "ألاسرار".
أما العالمة عبد هللا ابن ّبيه فقد عرف املقاصد الشرعية بأنها "املعاني الجزئية أو الكلية املفهومة من خطاب الشارع ابتداء،
أصلية أو تابعة ،وكذلك املرامي واملرامز والحكم والغايات املستنبطة من الخطاب ،وما في معناه من مسكوت بمختلف دالالته
ً
مدركة للعقول البشرية متضمنة ملصالح العباد معلومة بالتفصيل أو في الجملة .وهذا التعريف الذي يدمج القصود الابتدائية
ً
أجناسا مختلفة ،ويراعي املعاني التي أشار إليها الشاطبي جنسا واحدا وليساملنشأة بالقصود الثانية الناشئة؛ ليكون املحدود ً
متفرقة من إبراز املصلحة كفصل من فصول الحد وإدراك العقل الذي يتناول املعاني ألاولى والثانية ،وبذلك نستوعب مختلف
18 ً ً
العناصر املكون في تعريف املقصد جنسا ونوعا وفصال وخاصة".
كما عرفها ألاستاذ الريسوني بــأنها" :هي الغايات التي وضعت الشريعة ألجل تحقيقها ملصلحة العباد" 19.فهذا التعريف شامل
ملقاصد الشريعة الثالثة ،العامة منها والخاصة والجزئية ،بيد أنه انتقد فيه الريسوني .ولكن مجمل القول ،أن العلماء عرفوا
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 67
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
املقاصد في الاصطالح ،ونستطيع أن نقول بأن مقاصد الشريعة هي :ألاهداف والنتائج التي قصد الشارع تحقيقها ،انطالقا
من الخطاب الشرعي.
ج .مفهوم الاجتهاد املقاصدي :بعد تعريف كل من "الاجتهاد" و "املقاصد" يمكن أن نقول أن الاجتهاد املقاصدي هو استفراغ
الوسع وبذل الجهد في تبين مقاصد الشارع في كل النصوص وألاحكام و مراعاتها عند كل اجتهاد ،أو هو بكل إيجاز و اختصار"
العمل بمقاصد الشريعة والالتفات إليها ،و الاعتداد بها في عميلة الاجتهاد الفقهي" 20:إذ يتناول الاجتهاد املقاصدي قضية
بالغة ألاهمية في املنظومة ألاصولية الفقهية ،و هي قضية "مقاصد الشريعة إلاسالمية" التي وإن كانت مبحثا من مباحث
أصول الفقه ،فإنها تعد علما شرعيا معتبرا" ،له أهميته و مكانته على صعيد الدراسة املعرفية و ألاكاديمية ،و له فوائده
21
وآثاره على مستوى الواقع إلانساني ،ومشكالته و أحواله و مستجداته".
فاالجتهاد املقاصدي اجتهاد موظف للقصد بالنظر إلى مآالت ألامور من أجل توسيع الشريعة وتنزيل أحكامها على الواقع
املتجدد ،وهو وإن كان نظريا لم يتبلور إال مع إلامام الشاطبي أخذا عمن سبقه من ألاصوليين ،فإنه تطبيقيا كان قائما عند
كل الفقهاء وألاصوليين.
.8.0مفهوم الفكر إلاصالحي
تردد القلب في الش يء ،يقال تفكر إذا ردد قلبه معتبرا ورجل فكير .0.8.0مفهوم الفكر :الفكر لغة :إن "الفاء والكاف والراء ُّ
كثير الفكر"22.والفكر :إعمال الخاطر في الش يء والتأمل فيه ،وقد فكر في الش يء وأفكر فيه وتفكر بمعنى 23...والفكر املقلوب
عن الفرك وهو لألمور الحسية كما تفرك القمح أو الذرة ونحوها والفكر هو لألمور املعنوية 24ومجازا يقال ":ال فكر لي في هذا
إذا لم تحتج إليه ولم تبال به ،وما دار حوله فكري ،وتقول لفالن فكر كلها فقر ،و مازالت فكرتك مغاص الدرر" 25.وعلى هذا
فالفكر في اللغة إعمال الخاطر في الش يء و التأمل فيه و الاعتبار فيه و هو لألمور املعنوية.
الفكر اصطالحا :والفكر في الاصطالح يدور حول معنى إعمال العقل وحركة الذهن في ألاشياء للوصول إلى معرفتها ،وقد
استعمل هذا املعنى كل من ابن سينا و الغزالي و ابن خلدون و قال الغزالي" :أعلم أن معنى الفكر هو إحضار معرفتين في القلب
ليستثمر منهما معرفة ثالثة ،ومثاله أن من مال إلى العاجلة واثر الحياة الدنيا وأراد أن يعرف أن آلاخرة أولى باإليثار من
العاجلة فله طريقان :أحدهما أن يسمع من غيره أن آلاخرة أولى باإليثار من الدنيا فيقلده ويصدقه من غير بصيرة بحقيقة
ألامر فيميل بعمله إلى إيثار آلاخرة اعتمادا على مجرد قوله ما يسمى تقليدا وال يسمى معرفة.
والطريق الثاني أن يعرف أن ألابقى أولى باإليثار ثم يعرف أن آلاخرة أبقى فيحصل له من هاتين املعرفتين معرفة ثالثة ،وهو
أن آلاخرة أولى باإليثار وال يمكن تحقق املعرفة بأن آلاخرة أولى باإليثار إال باملعرفتين السابقتين ،فإحضار املعرفتين السابقتين
26
في القلب للتوصل إلى املعرفة الثالثة يسمى تفكرا واعتبارا وتذكرا ونظرا وتأمال وتدبرا".
.8.8.0مفهوم إلاصالح :إلاصالح لغة :إلاصالح لغة نقيض إلافساد ،27والصالح ضد الفساد ،يقال رجل صالح في نفسه من
قوم صلحاء ،ومصلح في أعماله وأموره ،ويقول الراغب 28في املفردات (الصلح يختص بإزالة النفار بين الناس ،وإصالح هللا
تعالى إلانسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا ،وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده ،وتارة يكون بالحكم له بالصالح).
ْ َ َ 29 َ َ َُْ ُ
رض َب ْع َد ِإصال ِحها﴾ ؛ إلاصالح اصطالحا :أما إلاصالح اصطالحا فقد ورد بعدة معان منها ما يقابل الفساد؛﴿وال تف ِسدوا ِفي ألا َ ِ
﴿يا أ ُّي َها َّالذ َ ََ ُ ََ ً َ ً َ َ
ين َآم ُنوا َّات ُقوا ِ
الصالحات َ
يق هللا لعباده لعمل َّ آخ َر َس ّي ًئا﴾30؛ وتوف َ
ِ ومنها ما يقابل السيئة ﴿خلطوا عمال ص ِالحا و
َ َ َ ْ َ ُ ْ ّ َ ُ ْ َ ً َّ ْ َ ُ ْ َ َ َُ ُ َْ ً َ ً ُ ْ َُ َ َُ
املتخاصمين ﴿:وال تجعلوا الله عرضة ِأليما ِنكم أن ِ ص ِل ْح لك ْم أ ْع َمالك ْم ﴾ ؛ ومحو التباغض بين
31
هللا وقولوا قوال س ِديدا ي
ٌ َ ٌ 32 َ ُ َ َ ُّ ْ َ َ َّ ُ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ َّ َ ّ
اس والله س ِميع ع ِليم﴾.
تبروا وتتقوا وتص ِلحوا بين الن ِ
والتعريف الذي نرجحه ملفهوم إلاصالح منظورا إليه من زاوية منهجيه معينة ،هو تعريفه بأنه :تغيير تدري ي جزئي سلمي .ومن
ً
أدلة إلاصالح (كتغيير تدري ي جزئي سلمي) قوله صلى هللا عليه وسلم "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع ،فإن
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 68
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف إلايمان ،ليس بعد ذلك من إلايمان ش يء" 33.ويأخذ إلاصالح كنمط
للتغيير أشكاال عده أهمها التقويم الذي عبر عنه أبو بكر الصديق (رض ي هللا عنه) بقوله :إني قد وليت عليكم ولست بخيركم،
فإن أحسنت فأعينوني ،وإن أسأت فقوموني .والتقويم يعبر عن موقف يتجاوز كل من موقفي الرفض املطلق والقبول املطلق
إلى موقف نقدي قائم على أخذ وقبول الصواب ،ورد ورفض الخطأ ،فهو نقد للسلطة لتقويمها أي بهدف الكشف عن أوجه
قصورها عن أداء دورها .ومن أشكال إلاصالح النصح لقوله (صلى هللا عليه وسلم)"الدين النصيحة ،قيل :ملن يا رسول هللا
!؟ قال :هلل ولكتابه ولرسوله ،وألئمة املسلمين وعامتهم".
.3.8.0الفكر إلاصالحي :إن مفهوم الفكر إلاصالحي ال يزال يكتنفه الغموض وذلك لتداخله مع العديد من املفاهيم ،إال أنه
ولغايات هذه الورقة يمكن استخدام التعريف التالي ملفهوم الفكر إلاصالحي" :التغيير والتعديل نحو ألافضل لوضع شاذ أو
س يء ،وال سيما في ممارسات وسلوكيات مؤسسات فاسدة ،أو متسلطة ،أو مجتمعات متخلفة ،أو إزالة ظلم ،أو تصحيح خطإ
ً
أو تصويب اعوجاج" .إن هذا التعريف يثير تساؤال فيما إذا كان إلاصالح يقود بالضرورة إلى وضع أفضل من الوضع السابق؟
والحقيقة أن إلاجابة على مثل هذا التساؤل تتأثر باالرتباط إلايديولوجي للمعنى باإلجابة ،إذ يرى دعاة وأنصار الفكر املاركس ي
ً
أن كل إلاصالحات والتغييرات التي يمكن أن تحدث في الفكر الرأسمالي ال جدوى أو قيمة لها ألنها عاجزة كليا عن حل
تناقضات النظام الرأسمالي البشع ،وهي ال تهدف إال إلى استمرار سيطرة الطبقة البرجوازية على الطبقة العاملة واستغاللها،
وبالتالي فان وظيفتها ألاساسية هي تأخير قيام ثورة الطبقة لكادحة على النظام الرأسمالي .فالثورة هي الحل الوحيد للمشاكل
السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها النظام الرأسمالي.
وكذلك يرى الكثير من إلاسالميين في العالم العربي أن كافة إلاصالحات والتغييرات التي تتبناها ألانظمة العربية العلمانية لن
تفلح في حل املشكالت وألازمات املختلفة التي تعاني منها هذه ألانظمة ألن إلاسالم هو الحل فقط.
وثمة تساؤل آخر في هذا املجال هو :ما هو املدى أو الحجم الحقيقي للتغيرات املطلوبة بحيث يمكن أن تندرج تحت مفهوم
ً
إلاصالح؟ فأحيانا يمكن إحداث تغييرات رمزية أو صورية أو تجميلية في مؤسسة معينة أو سياسة ما ،ذلك أن مثل هذه
التغيرات الهامشية البسيطة أو الشكلية ذات قيمة ومغزى ملن يقف وراءها ،فاإلصالحات الجزئية والشكلية الانتقائية التي
تقوم بها بعض ألانظمة العربية ،مثل إجراء انتخابات صورية أو إجراء حوار مع بعض جماعات املعارضة أو رفع شعارات مثل
الشفافية واملساءلة أو التنمية السياسية.... ،الخ هي إصالحات مبتورة بال جدوى أو مضمون ،وبالتالي ال تندرج تحت مفهوم
ً
إلاصالح أو التغيير ،إن أي تغيير حقيقي يعني الانتقال من وضع إلى وضع مغاير كليا ،وبالتالي فان التغييرات املحدودة أو
الشكلية ذات ألاثر املحدود ال يمكن أن تدخل نطاق مفهوم إلاصالح ،ألنه يتطلب إحداث تغييرات جذرية عميقة شاملة
ومستديمة.
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 69
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
رئاسة مصلحة الشريعة في وزارة العدل ثم نائبا لرئيس محكمة الاستئناف ثم نائبا لرئيس املحكمة العليا ورئيسا لقسم
الشريعة إلاسالمية بهذه املحكمة.
أ .شيوخه :ال شك أن الشيخ عبد هللا قد استفاد من الكثير من العلماء ،لكن العلماء الذين درس عليهم وكانوا شيوخا له في
َّ ُّ
محمد السالم بن الش ْين ،وكذلك العالم والقاض ي َب َّيه بن فترة طويلة هم :والده الشيخ املحفوظ ،والعالم اللغوي الكبير
السالك.
والده الشيخ املحفوظ :هو الشيخ املحفوظ بن محمد محمود بن بيه فقيه متميز ومؤرخ من قبيلة مسومة (ولد حدود
35
0661م ،بالقرب من محله أزواز وهي املسماة آلان باقليك 34أهل بيه.
محمد السالم بن الشين ،كما درس عليه العديد ُّ درس الشيخ املحفوظ على العديد من العلماء كالشيخ الجليل والحبر الكبير
36
من العلماء ،ويعد من أعالم الطريقة الغظفية.
وهذه هي سنة هللا في موريتانيا ،وهي أنه كلما نشأت أسرة علمية بجانب أسرة أميرية تنشأ عن ذلك روح جديدة تتميز بالجمع
بين املروءة والعلم؛ ألنه ال تالزم بين العلم واملروءة؛ إذ قد يوجد عالم بال مروءة كما قد توجد مروءة بغير علم ،لكن التزاوج
بينهما غالبا ما ينشأ عن مخالطة أسرة أميرية ألسرة الزوايا .وقد كان الشيخ املحفوظ قاضيا قبل استقالل موريتانيا ،وعرف
بقوته في قول الحق .وله آثار منها :رسالة في أنساب قبيلة مشظوف ورسالة في أنساب قبيلة مسومة ،كما أن له فتاوى
37
فقهية.
توفي الشيخ املحفوظ رحمه هللا تعالى (0434ه املوافق 0324م)38وبوفاته فقدت ألامة املوريتانية عاملها وقاضيها وأحد
املسهمين في إنشاء دولتها.
ب .مصنفاته :صنف الشيخ العديد من الكتب في عدة مجاالت:
في ألاصول واملقاصد :مشاهد من املقاصد -أمالي الدالالت ومجالي الاختالفات -عالقة مقاصد الشريعة بأصول الفقه -إثارات
تجديدية في حقول ألاصول.
في الفقه وإلافتاء :مقاصد املعامالت ومراصد الواقعات-صناعة الفتوى وفقه ألاقليات-إعمال املصلحة في الوقف-سد
الذرائع وتطبيقاته في مجال املعامالت -توضيح أوجه اختالف ألاقوال في مسائل من معامالت ألاموال.
في الفكر والعقيدة :البرهان -فتاوى فكرية.
العلوم السياسية ،وألامنية :حوار عن بعد حول حقوق إلانسان في إلاسالم -إلارهاب التشخيص والحلول -خطاب ألامن في
إلاسالم وثقافة التسامح والوئام.
وال يقتصر إلانتاج العلمي للشيخ على هذه الكتب ،بل هناك الكثير من الفتاوى ،املثبت منها في موقعه الرسمي يزيد على ،011
كما أن هناك بحوثا ،املثبت منها في موقعه أكثر من 51بحثا ،بعضها قدمت للمجامع الفقهية ،والبعض منها نشر في بعض
39
املجالت املختصة ،وأغلبها مضمن في كتبه .كما أن له مقاالت وحوارات كثيرة جدا.
.8.8العالمة عبد هللا بن ّبيه ومشروعه التجديدي إلاصالحي :يعتبر مشروع تجديد أصول الفقه من املشاريع التي حظيت
مهدت لذلك الحديث ألاطروحات التي دعت إلى التجديد في باهتمام العلماء والباحثين من ألاكاديميين وأهل الفكر ،وقد َّ
العلوم إلاسالمية في بداية عصر النهضة الحديثة كدعوة رفاعة الطهطاوي ،ومحمد إقبال ،ومحمد الطاهر بن عاشور،
ودعوات إلاصالح إلاحيائية التي سبقت في هذا املضمار كدعوات ألافغاني ،ومحمد عبده ،والكواكبي ،ومحمد الحجوي
الثعالبي ،والشيخ محمد مصطفى املراغي ،إلى أن انتهى ذلك إلى الاهتمام بقضية التجديد وإلالحاح عليها ،وبشكل خاص
التجديد في أصول الفقه الذي كثرت الاجتهادات فيه لكنها تراوحت بين الدوافع الفكرية والاجتماعية والسياسية ،والدوافع
املنهجية وألاكاديمية وربما املذهبية مع مالحظة التداخل الذي يمكن أن يحدث بين مثل هذه التجارب أحيانا.
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 71
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
وفي كل ألاحوال وبعيدا عن اختالف ألاذواق في مناهج التجديد فإن الاهتمام بمبدأ تجديد أصول الفقه يمثل في حد ذاته
خطوة محمودة في مسيرة العلوم إلاسالمية العتبارين :أولهما :أن أصول الفقه تمثل منهجية استنباط ألاحكام الشرعية
وضبطها ،ومحل جريان القضايا التي تعرض للناس في حياتهم ،وهي قضايا كثيرة ومتشعبة ومتداخلة وبخاصة إذا وضعنا في
اعتبارنا التطورات الكثيرة التي غزت الحياة املعاصرة والتمازج بين ألامم والتداخل بين الثقافات واملؤسسية في التعامل،
وصراع املصالح وكل ذلك يتوجب التجديد والتطوير الالزم في ألادوات املنهجية للحفاظ على شخصية املسلمين وعدم ذوبانهم
في غيرهم عن طريق محافظتهم على أصولهم وفي الوقت ذاته معايشتهم لعصورهم.
ً ً ً
ثانيهما :أن أصول الفقه كان منذ أن نشأ منهجا دقيقا وفاعال ألهم فقهاء املسلمين مواجهة املشكالت التي تعتري حياتهم،
وتدور في مجتمعاتهم ،وقد ساعده في الوفاء بمهمته التجديد املستمر فيه هو نفسه بدءا باإلمام الشافعي الذي دونه ومن ثم
تعدد املدارس وكثرة املؤلفات فيه ،فضال عن ظهور أعالم نابغين فيه كإمام الحرمين الجويني ،والغزالي ،والعز بن عبدالسالم،
وشيخ إلاسالم بن تيمية ،وابن القيم الجوزية ،وأبو إاحاق الشاطبي ،والقرافي ،ولم يتوقف التجديد فيه إال بعد استحكام
التقليد في الفقه الذي غدا الفقهاء معه يدورون في دائرة الاجتهاد املقيد عن طريق التعليل والتخريج والترجيح املذهبي إلى أن
ً
آل الفقه نفسه في القرن السابع الهجري إلى ضعف كبير ،فانعكس ذلك على أصول الفقه أيضا.
وفي القرن الثالث عشر الهجري ومع بدايات عصر النهضة الفقهية الحديثة بدأ الاهتمام بتجديد العلوم إلاسالمية ومن بينها
أصول الفقه الذي حظي بنصيب ألاسد في الفترة ألاخيرة كما سلفت إلاشارة.
ومن بين الدراسات في تجديد أصول الفقه هذه الدراسة املستفيضة للعالمة الشيخ عبد هللا بن بيه التي تتميز على كثير من
الدراسات في هذا الصدد باآلتي:
ً ً ً
أ .معرفته العالية بأصول الفقه الذي أفنى زمنا طويال من عمره في تدريسه وتعليمه والبحث فيه ،ولعل هذا يبدو واضحا
وبشكل ِّبين من خالل محاضرته التي تتجاوز املسطور من ألاصول إلى فهم لبه والتعمق فيه وإدراك أسراره وروحه ،وغايته
َّ
باملستوى الذي مكنه من الربط بين أجزائه والجمع بين أطرافه ،مع الفهم وإلادراك الكامل لوظيفة كل جزء من تلك ألاجزاء.
ب .هدوء حركته وهو يلج قضية التجديد وحساب خطواته وحرصه على وضع الضوابط الالزمة ليكون بالفعل تجديدا وليس
مطلق البحث عن الجديد.
ج .تركيزه على التجديد في الجانب العلمي وهو ألاصل -بال شك -في تجديد أصول الفقه باعتباره علما من العلوم مع عدم
إغفاله الاستفادة من املعطيات املعاصرة في ذلك التجديد.
ح .أحسن العالمة حين تجاوز الدخول في تجديد املصادر الشرعية ألن املصادر تعني ألاصول التي استقي منها أصول الفقه:
القرآن والسنة وفتاوى الصحابة واجتهاداتهم واللغة والعقل ،أما اللغة والعقل فيتناول التجديد فيهما من خالل مباحث
الداللة (اللغة) ومن خالل مباحث الرأي والاجتهاد (العقل) وقد اقترح هو استخدام مكانة العقل ليكون بديال ملصطلح
التحسين والتقبيح العقليين.
د .اقترح العالمة للتجديد في الدالالت ووضع مقدمة في اللغة من حيث اشتقاقها ومجازها وكناياتها وسائر جمالياتها وهذا
حسن ألن الدراسة الكلية العميقة في هذا إلاطار تساعد في فهم مضامين الدالالت وتفاصيل أحكامها.
ً
س .دعا العالمة أيضا إلى إضافة املعارف البشرية في اللسانيات عموما للتعمق في فهم العالقة بين اللفظ واملعنى وهذا حسن
أيضا فإن متابعة املفاهيم املتطورة في هذا إلاطار ضرورية لسعة وحساسية ودقة العالقة بين اللفظ واملعنى كما اقترح في
الرأي والتعليل وضع مقدمة عن ألاقيسة الثالثة الشمولي والاستقرائي والجزئي تكون بمثابة التأصيل للتعليل وهذا جميل
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 70
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
أيضا ألن فتح هذه املفاهيم على بعضها ودمجها واملقارنة بينها أرجى إلى فهمها أكثر ،وأملك في التفاعل معها ،وأدعى لفهم
الرأي واتجاهاته في التشريع إلاسالمي.
وقد أضيف إلى اقتراحه اقتراحا آخر يعني بالربط بين أجزاء الرأي والاجتهاد عن طريق مقدمة تصل بين القياس املحكوم
بالوصف الظاهر املنضبط ،وبين الرأي املصلحي الذي يضم املصالح وسد الذرائع ومآالت ألافعال والاستحسان وأن يتم ذلك
عن طريق املقارنة بين هذه ألاقسام مع إبراز أوجه التوافق أو الاختالف بينها.
ع .اقترح ابن بيه أن يستعان بعلم الاجتماع وعلم النفس في تحقيق املناط وأضيف إليها هنا أن منابع الخبرة والتجارب
والحكم إلانسانية كلها مطلوب توفرها في هذا إلاطار كما أقترح باإلضافة إلى ما ذكره وضع مبحث عن العالقة بين النقل
والعقل أو النص والاجتهاد يتناول جوهر العالقة بين هاتين القضيتين الكبيرتين الوحي الحاكم على العقل ،والعقل املتطور
املتصرف في إطار النقل.
ن .أفلح الشيخ في تركيزه – فيما يخص الاجتهاد واملجتهدين – أن يكون ذلك من خالل مجامع الفقه إلاسالمي مع ضرورة
تمتع أولئك املجتهدين بسالمة النفوس ،وسعة الصدور ،والوضوح واملوضوعية ودقة التقدير وأن تتمتع تلك املجامع
باملؤسسية العالية من حيث املرونة والتنظيم ووسائل الانضباط فيما عدا ذلك قد يدعو التجديد في أصول الفقه إلى وضع
برامج لتجديد الفقه في فروعه وقواعده ومعامالته واقتصاده وعالقاته الدولية وإلانسانية وإعطاء تصورات منتزعة من
40
الواقع فإن من شأن التوسع في الدراسات في هذه القضايا إعانة التجديد في أصول الفقه.
.3جوانب الاسسنجاد باملقاصد واسسثمارها في الفكر إلاصالحي عند العالمة عبد هللا بن ّبيه :لقد قدمت أطروحة
شيخنا بن ّبيه جملة من املناحي التي يمكن من خاللها استثمار الدرس املقاصدي لتفعيل الدرس ألاصولي في عملية مبدعة
تتمثل في توسيعه وتعديله وضبطه ،فكل واحدة من املرتكزات العملية تشير إلى منحى عملي تطويري؛ بحيث يقوم بتتويج
املباحث السابقة من مظاهر التعاضد املنه ي والوظيفي ،لتقف على رأسها مجاالت التوظيفات العملية ،للعمل املشترك لبناء
صروح توليد ألاحكام وتوسيع أوعية الاستنباط.
فنحن يمكن أن نحيل جوانب التجديد في أطروحة شيخنا بن بيه (حفظه هللا تعالى) من خالل التفاعل والتعاضد املنه ي
والوظيفي بين الدرسين ألاصولي واملقاصدي بثالثة محطات رئيسة يتم من خالل اكتمال النضج املعرفي والتالقح الوظيفي
والعملي ،وهي:
محطة التوسيع :ويتم من خالل توسيع أوعية الاستنباط بقصد الوصول لعملية توليد ألاحكام ،وقد آن ألاوان لتبيين
وظيفتهما ،ويمكن حصرها بجانبين .ألاول :توسيع أوعية الاستنباط :فإن التالقح بين الحقلين املعرفين ألاصولي واملقاصدي
املتمثل في املناحي الثالثين 41كان الغرض منهما تحصيل أمرين :أ .القيام بعملية البيان بوجود تعاضد منه ي ووظيفي بين
الدرسين ألاصولي واملقاصدي ،وإقامة البرهان على ذلك من خالل الشواهد ،للوصول إلى الغاية .ب .اقتراح العنوان :وهو ضم
ً
هذه املناحي جميعا تحت ألقاب يتم من خاللها توسيع أوعية الاستنباط ،ولذلك يرى املطلع على تلك املناحى أنه يوجد بينها
نوع من التقارب املنه ي والوظيفي ،وهذا للداللة على أنها تندرج تحت إحدى ألاوعية العملية لعملية الاستنباط .وإن هذه
املرتبة :تكون بمثابة السبر والتقسيم ،وذلك ألنها تقوم بحصر ألاوصاف املالئمة واملناسبة من تلك املناحي ،وتقوم بربطها
ً
بإحدى ألاوعية التي تمثل أصال يضمها وكلي يعمها ،فهي عبارة عن تصور ،واملرتبة الثانية عبارة عن تصديق ،فهما عمليتان
ال يمكن الاستغناء عنهما الكتمال املشروع ونضوجه.
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 71
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
الثاني :عملية توليد ألاحكام :فقد قدمت مناحي التعاضد املنه ي والوظيفي جملة من ألالقاب العملية التي تساهم في عملية
توليد ألاحكام ،وذلك باعتبارها أوعية تأصيلية جامعة ملا تفرقت أجزائه ،وتعددت وظائفه ،وتنوعت مداخله ومخارجه،
فتقوم ألاوعية بربط ألاجزاء املفرقة تحت راية تعمها ،وبأصل يضبط وظائفها ،ويحد من تنوع مداخلها ومخارجها.
محطة التعديل :وهي عملية املراجعة للكليات لتنسجم مع جزئيات الواقع ومقتضيات الوقائع وما ال بد من وقوعه ،فيقوم
الدرس املقاصدي بعملية جادة بتعديل الكليات وترميمها لتضم الفروع املستحدثة تحت كلي يعمها ،تحت رقابة ألاوعية
العملية لالستنباط.
محطة الضبط :وهو محاولة مراقبة منهجية التوسيع والتوليد والتعديل بمدى انضباطها والتزامها بمسطرة الضبط
والانضباط ،وهي فلسفة أصول الفقه بوضع جملة من القواعد املنهجية الضابطة والحاكمة على أي نوع من توليد ألاحكام
ً
أو تعديل منهجية رعاية ملصحة أو تحقيقا ملقصد شرعي.
فهذه املحطة تمثل الجهة الرقابية داخل منظومة الدرس املقاصدي ،للنظر في مدى سير عملية توليد ألاحكام والتعديل في
منظومتها ،حسب القوانين الضابطة واللوائح املنضبطة ،التي تهدف إلى تحقيق املصالح ودرء املفاسد.
وبالتالي فإن عملية توليد ألاحكام والتعديل في منظومة الاستنباط تمثالن الجانب العملي ،وتمثل جهة الانضباط العملية
النظرية ،التي يتم من خاللها ضبط التوليد والنظر في مدى تحقيق املصالح ودرء املفاسد ،فإذا كانت عملية التوليد تسير
ً
نحو الغاية ،أضاء لها الضوء ألاخضر إلكمال عمليتها ،فإذا تقدمت شكوى أو ملحت جهة املراقبة نوعا من عدم فاعلية عملية
ُ
التوليد وذلك ألنها ال تقديم املصالح وتدرأ املفاسد ،أتيح للمحطة الاضافية :التي تمثل دروعا إسنادية أو طاقة بديلة تل ِجأ
إليها الضرورات والحاجات للعدول عن املحطة ألاولى الستثمار املحطة الثانية؛ ريثما تقوم جهات الصيانة العلمية والعملية
ً
بالتجديد إلصالح ما تصدع من الوظائف إلعادتها إلى مسطرة الاستنباط ترميما.
وإن جانب التعديل ْ
وإن وضعناه في املرتبة الثانية فهذا ال يعني أنها عملية استثنائية ،وإنما هي نوع من أنواع توليد ألاحكام، ّ
وإنما أفردت بقسم مستقل ألن بعض أدواتها مختلفة؛ إذ صنعتها أدوات الواقع ،وبالتالي فهما يمثالن عملية توليد ألاحكام
بنفس الدرجة ،لكن املعيار في التقديم هو تحقيق مقاصد الشرع ،وقدمت أدوات التوليد ألاولى لتحقق مقصود الشارع فيها
وتحقق املناسبة ولتعاطي التوليد معها ابتداء ليس ألجل ضرورات ألجأت وحاجات انفرضت.
ً
فعملية التعديل صعبة جدا وهي القيام بالتفاعل مع الواقع وما ينتجه ،بحيث تقوم الجهات الضابطة بعملية صياغة كليات
تتناسب مع إشكاليات الواقع.
ً
وأخيرا :فيمكن لنا استثمار هذه القاعدة وتوظيفها في الواقع املعاصر والقيام بمراجعة كثير من الفتاوى على هذا ألاساس،
بتقديم ألاقوال الضعيفة التي قام موجبها في هذا العصر وجرى العمل بها ،الحتواء الواقع وتفعيل الشريعة ،ولتجديد الفقه
إلاسالمي :كما يمكننا التعديل في الفتاوى من خالل الواقع :وتلك عملية ميدانية يتم من خاللها النزول للواقع والدخول في
دهاليز إشكالياته ،ملحاولة إنتاج كليات تتوافق مع مجريات الواقع ،ويوضح شيخنا بن ّبيه هذه املنهجية التفعيلية ألدوات
الدرس املقاصدي بقوله" :تفعيل النظرية املقاصدية في مختلف القضايا الكبرى التي تشغل إلانسان وشغلته منذ القدم في
الكون والنظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتفسير مختلف الظواهر إلانسانية ومظاهر العالقات وتقديم قوانين
عامة تنطلق من ثنائية الوحي والعقل .وهي فلسفة تبدأ بإرساء املنهج وتحرير املفردات وعقد املقارنات ووضع الكليات بعد
استقراء الجزئيات ودراسة التجارب البشرية واملقوالت املتنوعة بغض النظر عن الاتفاق والاختالف معها آخذة في الاعتبار
42
ضرورات الحياة وحاجاتها في كل زمان ومكان".
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 73
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
ً ً ً ً
فالشروط ثالثة :ألاول :أال يكون القول املعمول به ضعيفا جدا .الثاني :أن تثبت نسبته إلى قائل يقتدى به علما وورعا.
43
الثالث :أن تكون الضرورة محققة.
ُ
املالكية فإنهم َّ
أصلوا لقاعدة ويصف شيخنا املعيار الرئيس في قاعدة جريان العمل وهو الحضور املقاصدي فيقول" :أما
ُ
عمل يختلف فيه عن عمل القطر لكل ُقطر ٌ َ
مذهب مالك على ضوئها في بالد الغرب إلاسالمي ،فكان ّ جريان العمل فر ُ
اجعوا
ٍ ِ
ترجحت املصالح ُ ُ
وأهملوا راجحها إذا َّ ُ
وماسوا مع رياح املقاصد فاس وقرطبة وتونس ،فأعملوا ضعيف ألاقوال املجاور كعمل ٍ
44
مفسدة".
ٍ مصلحة أو درء
ٍ الغوادي والروائح ،وحكموا بتقديم الضعيف على القول الصحيح لعروض ٍ
سبب من جلب
من خالل هذا النص التوصيفي لقاعدة جريان العمل فإنا نجد أن هذه القاعدة ذات بعد انفتاحي متميز ،فإن علماء املالكية
وإن اعتبروها قاعدة معيارية فإنهم أجروا هذه القاعدة لكل قطر على حدة ،فلكل قطر اجتهاداته الخاصة التي يتم من
ً
خاللها توظيف قاعدة جريان العمل من خاللها ،وهذا يعطي بعدا انفتاحيا في توسيع أوعية الاستنباط ،واملراجعة لكثير من
الفتاوى حسب ما يقرره أهل العلم.
ً ّ
ويبين العالمة السجلماس ي سبب عدول العلماء عن ألاقوال املشهورة وتعديلها استثمارا لآلراء الضعيفة بقوله" :إن أصل
العمل بالشاذ وترك املشهور؛ الاستناد الختبارات شيوخ املذهب املتأخرين لبعض الروايات وألاقوال ملوجب ذلك ،كما بسطه
ابن الناظم في شرح تحفة والده ،ومن املوجبات :تبدل العرف ،أو عروض جلب املصلحة أو درء املفسدة ،فيرتبط العمل
45 ً ً
باملوجب وجودا وعدما؛ وألجل ذلك يختلف باختالف البلدان ويتبدل في البلد الواحد بتبدل ألازمان".
وقد تمركزت الرؤية التجديدية لشيخنا بن ّبيه في قاعدة "جريان العمل" بثالثة جوانب :الجانب ألاول :التقعيد ملجال العمل:
فقد أشار شيخنا إلى جانب تقعيدي لقاعدة جريان العمل لم يلتفت له العلماء املالكية وهم يضعون هذه القاعدة ،فلم
يشيروا إلى مسألة املستند الذي يستند إليه القول الضعيف في مقابل مستند القول الراجح فيقول" :وما أشار إليه من تغير
ً
العمل استنادا الختيارات الشيوخ يدل على أن العمل قد ينشأ عن اجتهاد ترجيحي؛ بمعنى أن الشيوخ قد يالحظون ضعف
ً ً
مستند القول املشهور في املذهب ،فيعتمدون قوال ضعيفا قوي مستنده ،وهي مسألة لم يعرج عليها كثير ممن اهتموا بالعمل
46 ً ً
قديما وحديثا."...
ً
الجانب الثاني :مجاالت توظيف العمل :إن عمل شيخنا بن ّبيه لم يكن مقتصرا على بيان أن "قاعدة جريان العمل" قاعدة
ً ً ً
تأصيلية يمكن أن تعد مرجعا لتوليد ألاحكام ،ويمكن توظيفها فحسب ،بل أضاف لذلك بعدا توظيفيا؛ أي أنه استثمرها في
الفتوى لفقه ألاقليات.
ويصف شيخنا واقع ألاقليات املسلمة بقوله" :فاألقليات تواجه تحديات عنيدة على مستوى الفرد الذي يعيش وسط بيئة لها
فلسفتها املادية التي ال مجال فيها للوازع الديني وعلى مستوى ألاسرة التي تحاول التماسك في خضم مجتمع تفككت فيه
الروابط ألاسرية واستحالت فيه العالقة الزوجية بين الزوجين وألابوية بين ألابناء وألابوين عالقة غير قائمة على أسس من
47
القوامة إلايجابية".
ويشير الشيخ إلى جملة من املناهج الاستنباطية التي ال بد من استثمارها في الاجتهاد لفقه ألاقليات وذلك لظروفهم الخاصة،
ً
ومن بين تلك القواعد (جريان العمل) فيقول" :أما النوع الثالث فهو اجتهاد ترجيحي وهو اختيار قول قد يكون مرجوحا في
وقت من ألاوقات إما لضعف املستند -وليس النعدامه -فيختاره العلماء ملصلحة اقتضت ذلك وهذا ما يسمى عند املالكية
48
جريان العمل".
الجانب الثالث :بيان إشكالية تقديم القول الضعيف على القول الراجح فيما لم يجر به العمل .إن هذه املسألة هي املعيار
الحاكم لقاعدة جريان العمل ،فما هي شروط تقديم الضعيف من ألاقوال على الراجح منها ،في عملية توليد ألاحكام؟
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 74
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 75
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
تعديال في مدرسة الحنفية :إن عصر املذاهب الفقهية هو عصر التقعيد والتطوير ،فبه وضحت معالم طرق ً
تفعيل املقاصد
الاستنباط ،ومن خالله استقرت مناهج النظر والاستدالل ،وأصبحت لكل مدرسة خططها التشريعية ،ونظرتها الواقعية وقد
تركوا لنا مدونات علمية زاخرة بتلك الاجتهادات الواقعية التي راعت ظروف الواقع الزمانية ،وتأثيراتها املكانية على الفتوى.
وقد أشار الحنفية إلى مخالفة تالمذة إلامام أبي حنيفة له كأبي يوسف ومحمد وبن أبي ليلى51؛ وكان سبب الاختالف هو
اختالف عصر وزمان وتبدل عادة ال اختالف حجة وبرهان 52.ونستشهد بشهادة أخرى لربيعة بن عبد الرحمن 53بعد عودته
من العراق ،وبيان أثر الواقع املكاني على الفتوى ،حيث قيل له" :كيف رأيت العراق وأهلها؟ فقال :رأيت حاللنا حرامهم،
54
وحرامنا حاللهم".
وأشار العالمة الزرقا55إلى تعامل املدرسة الحنفية في تعديل الفتوى رعاية للمصلحة الشرعية حيث يقول" :وقد اشتهر أبو
حنيفة وأتباعه من فقهاء مدرسته بطريقة الاستحسان وبناء ألاحكام عليهاَ ،وب َرعوا في الاستنباط الاستحساني براعة عدلوا
ّ ً
غلو القياس الظاهر عندما يؤدي إلى مشكلة في املصلحة التطبيقية" 56فقد عدل الحنفية عن كثير من املسائل،فيها كثيرا من ِ
ً ً
وخالفوا بها مشهور املذهب نزوال عند مقتضيات الزمان وإكراهات املكان ،تعديال للفتوى لعموم البلوى ،والحديث يطول فب
هذا ولو سطر فيه ما سطر.
ومن ألامثلة التي يمكن أن نستعرضها في هذا السياق أن :ألاصل في املذهب الحنفي أن الزوجة إذا قبضت معجل مهرها تلتزم
ً
بمتابعة زوجها حيث شاء 57.ويشير العالمة الزرقا إلى فتوى التعديل عند املتأخرين تفعيال واستثمارها للدرس املقاصدي
ً
فيقول":ولكن املتأخرين لحظوا انقالب ألاخالق وغلبة الجور ،وأن كثيرا من الرجال يسافرون بزوجاتهم إلى بالد نائية ليس
لهن فيها أهل وال نصير ،فيسيئون معاملتهن ويجورون عليهن ،فأفتى املتأخرون بأن املرأة ولو قبضت معجل مهرها ،ال تجبر
ً
على متابعة زوجها إلى مكان؛ إال إذا كان وطنا لها ،وقد جرى فيه عقد الزواج بينهما ،وذلك لفساد الزمان وأخالق الناس،
58
وعلى هذا استقرت الفتوى والقضاء في املذهب".
ً ً
تفعيل املقاصد تعديال في املدرسة املالكية :إن املالكية كذلك قد عملوا بقاعدة التعديل استثمارا للدرس املقاصدي ،وكانوا
ً
أوسع مجاال في التوظيف من املدرسة الحنفية ،من خالل الاستحسان ،وقاعدة جريان العمل ،وقد تحدثنا عن أداة
الاستحسان بما يكفي ،لذلك سنشير إلى قاعدة "جريان العمل".
ً
ويضع شيخنا تعريفا لقاعدة جريان العمل فيقول" :ألاخذ بقول ضعيف في القضاء والفتوى ،من عالم يوثق به في زمن من
59
ألازمان ،ومكان من ألامكنة ،لتحقيق مصلحة ،أو لدرء مفسدة".
خالصة :إن الاجتهاد التحليلي ملحاور هذه الورقة يكشف أن موضوع "الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي عند الشيخ عبد
هللا بن ّبيه" تتجاذبه محاور أصولية وفقهية وفكرية تتفاعل فيما بينها لتؤسس إشكالية معرفية شرعية تتطلب املزيد من
الاجتهاد العلمي ،والبحث املعرفي املستمر نحو ذكر ما لم يذكر ،وتبين ما لم يبين ،وتخصيص ما عمم ،وإطالق ما قيد،
وتوضيح ما غمض ،وتنقيح ما اختلط ...ولذا يبقى املوضوع مفتوحا للتوجيه وإلاضافة والتصويب والتسديد حتى يحقق
مقصده العلمي.
بناء على ما أنجز في هذه الورقة ،تحددت نتائج ،وبانت آفاق تضاعف من قوة الاهتمام الشرعي والحضاري باالجتهاد
املقاصدي ،وتكشف أن ثماره غير منحصرة على الاجتهاد الفقهي بل تتعداه إلى الاجتهاد الحضاري الشامل الدافع إلى النظر
املصلحي الذي ال تنقض ي فوائده وال يمل العقل من التدبر فيه ،تفسيرا وتأويال ،تعليال واستقراء.
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 76
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
وقد كانت أطروحة العالمة عبد هللا بن ّبيه من أفضل املناهج العلمية التجديدية املعاصرة ،التي أشارت إلى ضرورة التكامل
املنه ي والوظيفي بين آليات وبرامج الدرس ألاصولي وبين تقنيات العصر وأدواته؛ بعملية توازنية وشراكة فاعلة ،بغية الربط
الواصب بين الكلي والجزئي في ضوء ضرورات الواقع وحاجياته.
وقد أشارت الورقة البحثية لعدة مسائل تتعلق بتجديد الدرس ألاصولي من خالل فقه الواقع ،ويمكن اختصارها بالنقاط
التالية:
الواقع شريك في إنتاج ألاحكام الشرعية. .0
ضرورة الاستعانة بمعارف العصر لتوضيح بيئة تحقيق املناط. .0
ضرورة إدراج مسائل الواقع ومعرفاته وآلياته إلى مادة الدرس ألاصولي. .4
ضرورة الاستعانة بالتخصصات املساندة للفقهاء ،وذلك ألهمية دورهم في بيان الواقع. .3
الئحة املراجع
.0القرآن الكريم.
.0إبراهيم بن موس ى اللخمي الشاطبي (ت231ه) (تحقيق :عبد هللا دراز) :املوافقات (القاهرة :دار الحديث.)0118 ،
.4ابن عاشور :مقاصد الشريعة إلاسالمية (دار السالم ،ط.)5
.3أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكرياء (ت435هـ) (تحقيق :عبد السالم محمد هارون) :معجم مقاييس اللغة (بيروت :دار
الفكر0323 ،م).
.5أبو حامد محمد بن محمد الغزالي :املستصفى من علم ألاصول (املكتبة العصرية ،0116،ط .)0
.8أبي حامد محمد بن محمد الغزالي :إحياء علوم الدين (بيروت :دار الكتب العلمية).
.2الاجتهاد املقاصدي :حجيته ،ضوابطه ،مجاالته (كتاب ألامة ،عدد 0303 ،88/85هـ.).
.6أحمد الريسوني :نظرية املقاصد عند إلامام الشاطبي (فيرجينيا :املعهد العالمي للفكر الاسالمي0335 ،م ،ط .)3
.3إيهاب محمد اللمعي" ،ألاراء التجديدية ألاصولية عند الشيخ عبد هللا بن بية" ،أطروحة مقدمة إلى مجلس كلية إلامام
ألاعظم الجامعة0105 ،م0348/هـ.
.01جمال الدين عبد الرحيم الاسنوي (ت220هـ) :نهاية السول شرح منهاج الوصول (بيروت :دار الكتب العلمية0333 ،م،
ط .)0
.00الحجوي :الفكر السامي في تاريخ الفقه إلاسالمي (فاس :مطبعة الرباط 0431هـ0435 ،ه ـ).
.00الراغب ألاصفهاني :املفردات في غريب القران (مكتبة نزار مصطفى الباز).
.04سميح عبد الوهاب الجندي :أهمية املقاصد في الشريعة إلاسالمية وأثرها في فهم النص واستنباط الحكم (دمشق:
مؤسسة الرسالة ناشرون0116 ،م ،ط.)0
.03عبد هللا بن الشيخ املحفوظ بن بية :مشاهد من املقاصد (الرياض :دار وجوه للنشر والتوزيع ،الرياض0344 ،هـ-
0100م ،ط.)0
.05عالل الفاس ي :مقاصد الشريعة ومكارمها (مكتبة الوحدة العربية).
.08فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي :تبين الحقائق شرح كنز الدقائق (القاهرة :دار الكتب إلاسالمي0404 ،هـ).
.02محمد بن علي الشوكاني (ت0051هـ) (تحقيق :أبي مصعب محمد سعيد البدوي) :إرشاد الفحول إلى تحقيق علم
ألاصول (بيروت :مؤسسة الكتب الثقافية0332 ،م ،ط.)2
.06محمد بن مكرم بن منظور ألافريقي املصري (ت 200هـ) :لسان العرب (القاهرة :دار الحديث0114 ،م).
.03مصطفى أحمد الزرقا :املدخل الفقهي العام (دمشق :دار القلم0113 ،م0305/هـ ،ط.)0
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 77
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
طالبة باحثة ،كلية آلاداب والعلوم إلانسانية جامعة السلطان موالي سليمان بني مالل.
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 78
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
35عبد هللا بن حمود :جمع وتحقيق فتاوى العالمة الشيخ املحفوظ بن بيه (رسالة تخرج من العهد العالي للدراسات والبحوث إلاسالمية لنيل
شهادة املاستر ،املوسم الجامعي ،)36-32ص .3
36هي مزيج من الطريقتين القادرية والشاذلية وتنسب إلى الشيخ محمد ألاغضف الداودي وقد شغلت املستعمر الفرنس ي ،وتتميز بخصائص منها- :
أنها شنقيطية املنشأ ،أن سيدي ولد موالي الزين قاتل القائد الفرنس ي كابوالني ينتمي إليها - ،أنها نظمت هجرة جماعية حيث هاجرت منها 51
أسرة واستقر بهم املقام في ألاناضول بعد أن استقبلهم السلطان عبد الحميد .انظر :بالد شنقيط املنارة والرباط ،ص .003
37املجموعة الكبرى. ،ج ،.0ص .00
38من أبرز علماء بالد شنقيط ،ص .38
39انظر :املوقع الرسمي للشيخ (املؤلفات ،ألابحاث ،أرشيف الفتاوى ،الحوارات ،املقاالت).
40إيهاب محمد اللمعي" ،ألاراء التجديدية ألاصولية عند الشيخ عبد هللا بن بية" ،أطروحة مقدمة إلى مجلس كلية إلامام ألاعظم الجامعة،
0105م0348/هـ.
41جاء عن فضيلة الشيخ عبد هللا بن بية ،في كتابه" :عالقة مقاصد الشريعة بأصول الفقه" عما أسماه" :محائر أو مدارك أو أكنسة املقاصد"،
منحى من مسائل ألاصول يمكن أن وهي مناحي الاستفادة من املقاصد والاستنجاد بها ،حيث قال" :إنه يستنجد باملقاصد في أكثر من عشرين ً
نستعير لها كلمة املحائر وألاكنسة؛ ألنها مكامن لؤلؤ الحكم ،ومكانس ظباء املقاصد ،وجذور أرومتها ،وأقناس أجناسها".
ً وفضيلة الشيخ بن بيه ذكر في كتابه ثالثين ً
منحى من مناحي الاستفادة والاستنجاد بمقاصد الشريعة نذكرها فيما يلي ،أوال :حيث ال نص
ثانيا :حيث يوجد عموم تمس الحاجة إلى إخراج بخصوص املسألة محل الاجتهاد مع وجوده في نظيرها فتقاس عليها لوجود وصف جامع هو العلةً ،
ضربا من ضروب بعض مشموالته من دائرة العموم دون ظهور مخصص من نص أو قياس ،وهذا النوع من التخصيص باملقاصد يعتبر ً
مخالفا ألصل أو قاعدة علمت من نصوص أخرى ،ر ً ً ثالثا :حيث يوجد نص ،لكن تطبيقه قد يكون ً
ابعا :حيث يحتاج املجمل إلى بيان، الاستحسان،
ً ً
فيلجأ إلى القرينة املقصدية لبيانه ،خامسا :يعدل عن الظاهر بداللة املقصد؛ ليكون املقصد أساس التأويل ،سادسا :الترجيح بين النصوص على
ً
سابعا :في تمييز عمل أهل املدينة خاصا ،أو يعتضد نص بقياس على ما يخالفه، ًّ عاما يرى أنه ألصق باملقصد ويرد ضوء املقاصد ليقدم املجتهد ًّ
تاسعا :في إحداث حكم حيث ال نص وال ً ثامنا :لتمييز قول الصحابي الذي يحمل الرأي من قوله الذي يحمل على الرفع، التوقيفي من غيرهً ،
عاشرا :يحتاج للمقاصد في الحماية والذرائع ً مناسبة معينة؛ أي في انعدام املناسب املعتبر بنوعيه ،ومراعاة املقصد هنا تسمى باملصلحة املرسلة،
واملآالت ،وقد يعبر عن هذا الدليل بسد الذرائع ،وبالنظر في املآالت.
الحادي عشر :تقرير درجة ونوع الحكم مناط ألامر أو النهي أو املدح أو الذم ،فنعني بالنوع :هل هو تحريم أو كراهة أو مندوب؟ وبالدرجة نعني:
تفاوت ما بين الواجبات في نفسها ،فهناك واجب لذاته أو لغيره ،وحرام كذلك ،الثاني عشر :خصوصية الحكم به ـ عليه الصالة والسالم ـ أو
عمومه لغيره ،الثالث عشر :مفهوم املخالفة ،الرابع عشر :مفهوم املوافقة ،الخامس عشر :تقييد املطلق ،السادس عشر :وضع ألاسباب وقصد
املسببات ،السابع عشر :الاستصحاب ،الثامن عشر :الاستحسان ،التاسع عشر :الفرق بين املصلحة املعتبرة واملصلحة امللغاة ،العشرون :الجمع
بين ألادلة عند التعارض ،الحادي والعشرون :الترجيح بين ألادلة عند التعارض ،الثاني والعشرون :تنزيل ألاخبار املثبتة أو املنفية منزلة ألاوامر
والنواهي ،الثالث والعشرون :بين التعبد ومعقولية املعنى ،الرابع والعشرون :الاختالف في طبيعة املقصد املؤثر في الحكم ،الخامس والعشرون:
تعدد املقاصد والاقتصار على مقصد واحد مما يؤثر في الحكم ،السادس والعشرون :اختصاص بعض الناس دون بعض بحكم ،السابع
ً
والعشرون :أفعال املقتدى به مما ليس تفصيال ألمر ،الثامن والعشرون :السكوت الدال على العفو ،التاسع والعشرون :إشارة النبي صلى هللا عليه
وسلم إلفهام املشاهد ،املنحى الثالثون :مراعاة قصود العقود في التصحيح وإلابطال والشروط .
42مشاهد من املقاصد ،ص .033
43انظر :نثر الورود.565/0 ،
44مشاهد من املقاصد ،ص .063
ً
45شرح نظم العمل املطلق ،2/0 ،مخطوط .نقال عن :صناعة الفتوى وفقه ألاقليات ،ص .088
46صناعة الفتوى وفقه ألاقليات ،ص .088
47صناعة الفتوى وفقه ألاقليات ،ص .041
48صناعة الفتوى وفقه ألاقليات ،ص .003
49انظر :املوافقات )432 ،438/0( ،؛ مشاهد من املقاصد.064 ،
50مشاهد من املقاصد ،ص .063-064
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 79
فاطمة بوعي الاجتهاد املقاصدي في الفكر إلاصالحي املعاصر عند الشيخ عبد هللا بن ّبيه العدد 01
51عبد الرحمن بن أبي ليلى ،أبو محمد ،من أبناء الانصار ،ولد في خالفة الصديق أو قبل ذلك .وحدث عن عمر ،وعلي ،وأبي ذر ،وابن مسعود،
وبالل ،وأبي بن كعب ،وصهيب ،وقيس بن سعد ،واملقداد ،وأبي أيوب ،ووالده ،ومعاذ بن جبل ،سير أعالم النبالء.)084/3( ،
52تبين الحقائق شرح كنز الدقائق ،فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي ،دار الكتب إلاسالمي القاهرة0404( .هـ.)041/4( ،).
53ربيعة الرأي ( 048ه) ربيعة بن فروخ التيمي بالوالء ،املدني ،أبو عثمان :الفقيه العلم مولى املنكدر مفتي أهل املدينة وشيخهم يعرف بربيعة
الرأي ،إمام حافظ فقيه مجتهد ،كان بصيرا بالرأي فلقب (ربيعة الرأي) وكان من الاجواد .الوافي بالوفيات)332/3( ،؛ ألاعالم.)02/4( ،
54الحجوي :الفكر السامي في تاريخ الفقه الاسالمي.)461/0( ،
55مصطفى أحمد الزرقا ( 0313ـ 0333م) ،جمع العلم الشرعي التقليدي ،في حلقات العلم بحلب ،وعمل بالتدريس وعضو في العديد من املجامع
اللغوية والفقهية في البالد العربية .انظر :مجد مكي :مقدمة كتاب الفتاوى.
56مصطفى أحمد الزرقا :املدخل الفقهي العام (دمشق :دار القلم (0305هـ0113/م) ،ط. )38 ، 35/0( ،)0
57انظر :تبين الحقائق شرح كنز الدقائق.)058/0( ،
58املدخل الفقهي العام.)332 ،338/0( ،
59صناعة الفتوى وفقه ألاقليات.)083( ،
صيف /خريف © 8102منشورات مؤسسة خالد الحسن مركز الدراسات وألابحاث 81