You are on page 1of 21

‫مقرر‬

‫التعددية الثقافية‬

‫الفصل األول‬

‫إعدإد‬
‫د‪ .‬إسالم رمضان إبراهيم‬

‫مدرس الصحة النفسية واإلرشاد النفسي‬

‫‪1‬‬
‫املوضوع ا ألول‪ :‬مدخل إيل التعددية الثقافية‬
‫َّ‬
‫معىن التعددية الثقافية‪ :‬تقدير أويل‪.‬‬

‫معينة والتقدير والتفاهم والقبول‬


‫التنوع في وجهات النظر والمواقف حول نهج أو فكرة ّ‬
‫التعددية إلى ّ‬
‫ُتشير ّ‬
‫معا لبناء مجتمعات موحدة‪ .‬فهي النظام االكثر عدالً‬
‫واالحترام المتبادل للثقاقات المختلفة والمشاركة للعمل ً‬
‫بحيث يسمح للناس بأن تعبر بحرية عن حقيقة من هم داخل المجتمع‪.‬‬

‫أن هناك تعددية سياسية‪،‬‬


‫ويدخل مفهوم التعددية في مختلف المجاالت ولها أقسام عديدة‪ ،‬حيث نجد ّ‬
‫كل من التعددية السياسية واالقتصادية عن وجود أكثر‬
‫تعبر ّ‬
‫تعددية اقتصادية‪ ،‬تعددية دينية وتعددية ثقافية‪ .‬و ّ‬
‫عدة توجهات دينية‬
‫تعبر التعددية الدينية عن وجود ّ‬
‫من نظام سياسي أو اقتصادي في البلد الواحد‪ .‬في حين ّ‬
‫في المجتمع الواحد مع ت ّقبلها وتشجيع التعايش السلمي بينها‪.‬‬

‫ويشير مفهوم الثقافة إلي الكل المركب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات والفن واألخالق والقانون وكل القدرات‬
‫عضوا في المجتمع‪.‬‬
‫ً‬ ‫والعادات األخرى التي يكتسبها اإلنسان بوصفه‬

‫بهوياتها الثقافية‪،‬‬
‫وتعبر التعددية الثقافية عن الجماعات الصغيرة التي تعيش ضمن مجتمع أكبر وتحتفظ ّ‬
‫أن‬
‫يتم تقبل هذه الممارسات والقيم من قبل الثقافة السائدة مع األخذ بعين االعتبار ّ‬
‫وقيمها وممارساتها حيث ّ‬
‫ثقافة األقلية ال تتعارض مع قانون الدولة ونظامها‪.‬‬

‫وقد عرفت اليونسكو التعددية الثقافية بأنها‪ :‬وجود تفاعل عادل بين الثقافات المتنوعة مع إمكانية خلق تعبيرات‬
‫ثقافية مشتركة من خالل الحوار واالحترام المتبادل على المستوى المحلي‪ ،‬واإلقليمي‪ ،‬والدولي‪.‬‬

‫أيضا لتعني القبول اإليجابي للتنوع السائد بما يتضمنه ذلك من المحافظة علي االختالفات بين‬
‫ويتم تعريفها ً‬
‫الثقافات المتنوعة‪ ،‬وحماية حقوق وخصوصيات الجماعات الثقافية المختلفة مع دعم المساواة والتسامح واالحترام‬
‫لهذا التنوع الثقافي‪.‬‬

‫وتعتبر الهند والواليات المتحدة من األمثلة القوية على المجتمع التعددي‪ .‬ففي الهند نجد تعددية دينية ال مثيل‬
‫لها‪ ،‬مواطنو الهند يتّبعون ديانات مختلفة مثل الهندوسية‪ ،‬المسيحية‪ ،‬اإلسالم‪ ،‬السيخية‪ ،‬اليانية‪ ،‬البوذية‪ ،‬وغيرها‬

‫‪2‬‬
‫ويتقبلون بعضهم البعض‪ .‬كذلك الحال في الواليات المتحدة‬
‫معا في دولة واحدة ّ‬‫إالّ أنهم مع ذلك يتعايشون ً‬
‫أناسا من أصول عرقية وثقافية متنوعة يعيشون ً‬
‫معا بتناغم‪.‬‬ ‫األمريكية التي تحتضن ً‬

‫وتتلخص مفاهيم التعددية الثقافية في اهتمامها بـالتنوع في إطـار الوحدة‪ ،‬وتـستلزم التمـسك اإليجـابي بـالتنوع‬
‫بـين الجماعـات القـائم عـلى حـق الجماعات الثقافية المختلفة في االعـتراف و االحترام‪ ،‬وفي هـذا اإلطـار تقـر‬
‫التعدديـة الثقافيـة بأهميـة المعتقـدات والقـيم وطـرق الحيـاة في خلـق اإلحساس بالقيمة الذاتية للفرد والجماعة على‬
‫حد سواء‪ ،‬وهكذا تستحق الثقافات المتمايزة أن تتمتع بالحماية والدعم مع تجنـب الهيمنـة أو االنصهار ضمن‬
‫ثقافة سائدة معينة‪ ،‬وهي تضفي الشرعية على اإلنتماء الثقافي المختلف وتمنح االعتراف بالخصائص الثقافية‬
‫المتمايزة‪.‬‬

‫وسنالحظ مما سبق أن التعددية الثقافية تشير إلي عقليات البشر المختلفة وعاداتهم ومعتقداتهم‬
‫وسلوكهم‪ ،‬فبعض المجتمعات تتألف من نسيج ثقافي واحد وبعضها من نسيج ثقافي متعدد سواء كانت الفوارق‬
‫الثقافية بين الجماعات التي يتكون منها المجتمع ثانوية أم أساسية‪ .‬وبعض المجتمعات أسهمت ظروف نشأتها‬

‫التاريخية بأن تكون متعددة ً‬


‫ثقافيا‪ ،‬فتكونت من جماعات ثقافية مختلفة كالواليات المتحدة األمريكية مثالً‪.‬‬

‫إذن ال مجال للدهشة في أن يشير المعنى السائد الذي اكتسبته «التعددية الثقافية» بحلول الثمانينيات والتسعينيات‬
‫من القرن العشرين — كما جاء في قاموس هاربركولينز لعلم االجتماع عام ‪ ،۱۹۹۱‬على سبيل المثال —‬
‫إلى‪ :‬إدراك التعدد الثقافي وتعزيزه … فالتعددية الثقافية تحتفي بالتنوع الثقافي وتسعى إلى تعزيزه‪.‬‬

‫على سبيل المثال‪ :‬تشجيع لغات األقليات‪ .‬وهي ترِّّكز في الوقت ذاته على العالقة غير المتكافئة بين األقلية‬
‫والثقافات السائدة‪ .‬فمسائل التعددية الثقافية ترتبط كذلك باالحتفاء بالتنوع والتعدد الثقافيَّين‪ ،‬وبمعالجة أوجه عدم‬
‫المساواة بين األغلبيات واألقليات‪.‬‬

‫ومن ثم يتضح من ذلك أن التعددية الثقافية تستخدم كمفهوم وصفي لتدل على الواقع االجتماعي‬
‫للثقافات الموجودة والمتنوعة‪ ،‬وكمفهوم نظري معياري لتعني القبول اإليجابي للتنوع السائد بما يتضمنه ذلك من‬
‫المحافظة على االختالفات بين الثقافات المتنوعة‪ ،‬وحماية حقوق وخصوصيات الجماعات الثقافية المختلفة‪،‬‬
‫مع دعم المساواة والتسامح واالحترام لهذا التنوع الثقافي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫نشأة التعددية الثقافية‪.‬‬

‫أخير في عملية التطور‬


‫مر العالم الغربي بفترات مختلفة من الصراعات والحروب واألزمات‪ ،‬ووصل ًا‬
‫طبيعيا لمسيرة المطالبة بحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ً‬ ‫الديمقراطي للحديث عن نظرية التعددية الثقافية‪ ،‬التي تعد تطو ار‬
‫وظهرت «التعددية الثقافية» في الخطابات العامة في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين‪،‬‬
‫عندما بدأت كل من أستراليا وكندا في التصريح بتأييدها لها‪.‬‬

‫تلك هي الفترة التي كانت فيها أستراليا وكندا قد شرعتا في السماح بهجرة جديدة راحت حينها «تضفي‬
‫تطبق سياسة ِّ‬
‫تقصر الهجرة على‬ ‫الصبغة اآلسيوية» على هاتين األمتين‪ ،‬فحتى ذلك الحين‪ ،‬كانت أستراليا ِّّ‬
‫البيض طبًقا لنص قانون تقييد الهجرة لعام ‪ ،۱۹۰۱‬واعتُِّبر اآلسيويون واليهود على حد السواء غير قابلين‬
‫لالستيعاب‪ .‬وفي عام ‪ ۱۹۷۱‬كان ثمة اعتراف رسمي بالحاجة إلى المساعدة في تكوين مجتمع «متعدد‬
‫الثقافات»‪ ،‬مما َم َّهد الطريق أمام إلغاء تام للشروط «العنصرية» عام ‪.۱۹۷۳‬‬

‫بدال من مطالبتهم بالخضوع لالستيعاب؛ أي إنهم أصبح في‬‫وقد ُح َّث المهاجرون على «االندماج» ً‬
‫مهما‬ ‫مقدورهم االحتفاظ ببعض مكونات «ثقافتهم الوطنية»‪ ،‬واعتُِّبرت جمعيات الجاليات العرقية وسي ً‬
‫طا ًّ‬
‫لالندماج‪.‬‬

‫تأكيدا على أن التعددية الثقافية لم‬


‫وقد سلط الضوء على عنصر االندماج في إطار التعددية الثقافية‪ً ،‬‬
‫تضمنت تشكيل كيانات يشارك فيها المهاجرون واألقليات العرقية‬
‫تتعلق قط بالتشجيع على الفصل والعزل‪ ،‬وإنما َّ‬
‫مشارك ًة منصفة مع اإلقرار بمعقولية رغبتهم في االحتفاظ بجوانب من ثقافاتهم‪ ،‬وبأن التنوع الثقافي أمر مستحسن‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬كما سنرى — جانب‬
‫ً‬ ‫في حد ذاته ويعود بالنفع على األمة من نوا ٍح عدة‪ .‬وللتعددية الثقافية —‬
‫غالبا ما تغفله النقاشات المتعلقة بمعنى التعددية الثقافية‬
‫يدعو إلى تكافؤ الفرص ومناهضة التمييز‪ ،‬الذي ً‬
‫وفاعليتها‪.‬‬

‫أما في كندا‪ ،‬فقد بدأ النقاش بالعالقات المضطربة بين اإلقليمين الناطقين باإلنجليزية والفرنسية في‬
‫ستينيات القرن العشرين‪ ،‬فأوصت لجنة َمَلكية معنية بثنائية اللغة وثنائية الثقافة بضرورة اعتبار اإلنجليزية‬

‫والفرنسية لغتين رسميتين‪ ،‬إال أن قانون ثنائية الثقافة وثنائية اللغة لعام ‪ ۱۹٦٩‬أثار ً‬
‫أيضا مسألة األقليات‬

‫‪4‬‬
‫األخرى في كندا‪ ،‬واعتُ ِّمدت التوصية األخرى للجنة الملكية إلى ضرورة توسيع نطاق التعددية الثقافية في الهوية‬
‫الكندية كسياسة رسمية‪.‬‬

‫فإن وصول السكان المهاجرين من الهند وباكستان وبنجالديش وجزر البحر الكاريبي إلى‬ ‫ِ‬
‫وبالمثل‪َّ ،‬‬
‫بريطانيا‪ ،‬إضاف ًة إلى األعداد المتزايدة من العمال المهاجرين من شمال أفريقيا إلى فرنسا وبقاع أخرى من أوروبا‬
‫ضع مسائل «التعددية الثقافية» على جدول األعمال العام لتلك البقاع؛ إذ‬ ‫الغربية بعد الحرب العالمية الثانية‪َ ،‬و َ‬
‫دائما أو شبه دائم‪.‬‬
‫وجودا ً‬ ‫ً‬ ‫بدأت جاليات المهاجرين تش ِّّكل‬

‫الج ُدد اعت ارًفا رسميًّا‪ ،‬إال أن بيان‬


‫وفي حين رفضت فرنسا بصفة خاصة أي سياسة تمنح المهاجرين ُ‬
‫عاما لتضمين جاليات‬ ‫إطار ًّ‬‫آنئذ — عام ‪ ۱۹٦٦‬وضع فيه ًا‬ ‫ألقاه روي جنكينز — وزير الداخلية البريطاني ٍ‬

‫المهاجرين الجدد‪ ،‬ودمجهم في الثقافة والتكوين السياسي القومي لبريطانيا‪.‬‬

‫وبالرغم من الصيغة التي جاء عليها بيان روي جنكينز‪ ،‬فمن الضروري التنويه إلى أن رد الفعل تجاه‬
‫فضال عن أستراليا وكندا‪ ،‬كان النظر بصفة عامة إلى‬
‫ً‬ ‫السكان الوافدين إلى جميع أنحاء أوروبا الغربية‪،‬‬
‫المهاجرين على أنهم مختلفون «عرقيًّا» عن أغلبية السكان البيض‪ ،‬على الرغم من أنه حينئذ كانت مشروعية‬
‫فكرة ِّ‬
‫«العرق» قد أصبحت فعليًّا محل اعتراض جاد‪ .‬وقد اتسمت قضية التعددية الثقافية بالصبغة «العرقية»‬
‫منذ نشأتها‪ .‬وتستمد التعددية الثقافية جذورها — إلى حد بعيد — من االستجابة للشعوب التي أقامت سابًقا في‬
‫مستعمرات أوروبا التي جرت العادة على النظر إليها على أنها أعراق ُدنيا بطبيعتها ‪.‬‬

‫وقد تناولت إلى اآلن األقليات «المهاجرة» في المقام األول — التي تتضمن جماعات مثل األتراك في‬
‫ألمانيا‪ ،‬والجنوب آسيويين والكاريبيين األفارقة في المملكة المتحدة — إضاف ًة إلى ما يطلق عليها «أقلية قومية‬
‫دون مستوى الدولة» مثل األمريكيون األفارقة‪ ،‬وهم ليسوا أقلية قومية دون مستوى الدولة‪ ،‬وإنما فئة سكانية‬
‫متفرقة تتسم بصبغة عرقية عاصرت بالفعل مولد الدولة القومية األمريكية‪ ،‬ولذا فأصولها تختلف إلى حد بعيد‬
‫عن المهاجرين إلى أوروبا الغربية أو أمريكا الشمالية‪.‬‬

‫تحولت معركة األمريكيين األفارقة ضد التفرقة العنصرية إلى نضال ثقافي‬


‫وفي الواليات المتحدة‪َّ ،‬‬
‫جسدهما شعار «األسود‬ ‫أيضا‪ ،‬بإصرارهم على إضفاء سمة ثقافية على السواد ِّّ‬
‫وحس احترام للذات ممي ََّزين َّ‬ ‫ً‬

‫‪5‬‬
‫جميل»‪ .‬وسرعان ما طالب كذلك األمريكيون من أصل مكسيكي وغيرهم من «األمريكيين من أصل إسباني»‪،‬‬
‫والسكان األصليون من الهنود األمريكيين الذين طال قهرهم (الذين ُس ُّموا بذلك خطأً ًّ‬
‫ظنا من كولومبوس أنه قد‬
‫مميزة منفصلة عن المزيج األنجلو‬
‫معلنا بوصفهم جاليات َّ‬ ‫وصل إلى الجزر الهندية) بمنحهم اعت ارًفا ثقافيًّا ً‬
‫أوروبي األبيض السائد الذي بات يحدد الهوية األمريكية‪.‬‬

‫ولم تدخل التعددية الثقافية قاموس المفردات العام إال في تسعينيات القرن العشرين مصحوب ًة بمطالبات‬
‫هذه الجماعات العرقية غير البيضاء باالعتراف الثقافي بها في مناهج المدارس والجامعات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد احتلت‬
‫أحيانا المركز األكثر أهمية — في النقاشات الدائرة بالواليات المتحدة حول‬
‫مهما — و ً‬
‫مركز ًّ‬
‫ًا‬ ‫القضايا العرقية‬
‫التعددية الثقافية ‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق يمكن القول‪ :‬إن التعددية الثقافية نشأت في ظروف خاصة تمثلت في الواقع‬
‫السياسي واالقتصادي واالجتماعي في الدول الغربية‪ ،‬الذي تخلله نضال طويل للحصول على الحقوق التي‬
‫كانت مهدرة في الماضي‪ ،‬هذا األمر قد يختلف باختالف الواقع الذي تعيشه كل دولة‪ ،‬وبمرور الوقت أصبح‬
‫باإلمكان تلمس سياسات موحدة في المنظمات العالمية واألممية على األقل في مستوى التقنين النظري للحقوق‬
‫كثيفا وما زالت تتعرض للنقد‬
‫الثقافية لألفراد واألقليات‪ ،‬ونستطيع القول‪ :‬إننا أمام نظرية ما زال الجدل حولها ً‬
‫في بعض جوانبها وذلك لطبيعة موضوعها وتشعبه من خالل ارتباطه بالحقوق الفردية والجماعية‪ ،‬ودور الدولة‬
‫تجاه األقليات من المواطنين األصليين الذين يمثلون أقليات‪ ،‬وكذا تجاه المهاجرين من دول أخرى لتلك الدول‪،‬‬
‫تشابكا‪ .‬وعلى الرغم من اعتقاد البعض رسوخ‬
‫ً‬ ‫تعقيدا و‬
‫والرتباطها كذلك بموضوع الثقافة وهو من أكثر المواضيع ً‬
‫التجربة الديمقراطية في المجتمعات الليبرالية والمحاوالت الجادة لتلك الدول في عملية اإلدماج الثقافي‪ ،‬واستعمال‬
‫اآللة اإلعالمية القوية في الترويج لذلك‪ ،‬إال أن التعددية الثقافية ما زالت تجابه بانتقادات جادة وحقيقية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مستويات التعددية الثقافية‪.‬‬

‫ومن خالل العرض السابق لمفاهيم ونشأة التعددية الثقافية‪ ،‬نستنتج وجود مـستويين للتعددية الثقافية وهما تعددية‬
‫ثقافية داخلية وتعدديـة ثقافية خارجية‪.‬‬

‫‪ .1‬التعددية الثقافية الداخلية‪.‬‬

‫هـو التنـوع الثقافي بين الثقافات الفرعية األصلية للمجتمع من فئاته وأفراده‪ ،‬وما يجمعهم وما يميزهم‪ ،‬والثقافات‬
‫دور داخل المجتمع الواحد‪ .‬نذكر منها على سـبيل‬ ‫الوافدة والتـي جـاءت للمجتمـع األصلي لتنـدمج فيه وتأخـذ ًا‬
‫المثال المسلمون والهندوس والسيخ فهي ثقافات مختلفـة داخـل الدولة القومية (الهند) فكل طائفة مـنهم لهـا‬
‫عاداتها وتقاليدها التي تميزها عـن غيرهـا ولكن يجمعهم وطن واحد ودولة قومية واحدة‪ .‬وكذلك في أمريكـا حيـث‬
‫كال له ثقافتـه المميزة ولكن يجمعهم وطن واحـد ودولـة قومية واحـدة‬
‫الهنـود الحمـر والبيض والزنوج واآلسيويين ً‬
‫وهـي الواليـات المتحـدة األمريكية‪.‬‬

‫‪ .2‬التعددية الثقافية الخارجية‪.‬‬

‫وهي التي تعني التعدد الثقافي ما بين ثقافـات مجتمعـات وغيرهـا مـن المجتمعات األخرى‪ .‬ويحدث هذا من‬
‫خـالل انخراط أفراد أحد المجتمعات داخل مجتمع آخر بغرض العمل أو التعليم أو اكتساب مهارات خاصـة‪.‬‬
‫مما ينتج عنـه تعـدد ثقافي في المجتمـع الوافد إليه األفراد ولكـن بـال أدنـى صراعات مع ثقافة االفراد القادمين‬
‫إليه‪ ،‬ال من حيث التماسك أو تغير أنماط وعادات الحياة‪ .‬ونذكر علـى سـبيل المثـال البلدان العربية واستقبالها‬
‫ألفراد مـن بلـدان أخــرى كاســتقبالهم للهنــود والباكستانيين وغيرهم من أجل العمل أو التعليم مما ال يؤثر على‬
‫المجتمع ذاته‪.‬‬

‫ويتضح من ذلك أن مصطلح التعددية الثقافية يستخدم "كمصطلح شامل يغطي مساحة واسعة من‬
‫السياسات التي تستهدف توفير مستوى معين من االعتراف العام والمساندة للمجموعات العرقية الثقافية غير‬
‫المسيطرة سواء كانت هذه الجماعات أقليات جديدة كالمهاجرين والالجئين أو أقليات قديمة كاألقليات المستقرة‬
‫يخيا والسكان األصليين‪.‬‬
‫تار ً‬

‫‪7‬‬
‫صعوبات التعددية الثقافية‪.‬‬

‫واعتُِّبرت « التعددية الثقافية » صعبة — وإن لم تكن مستحيلة — لثالثة أسباب‪ :‬الخصوصية العرقية‬

‫المفترضة‪ ،‬التي تعلقت في الواقع باختالفات فسيولوجية سطحية مثل لون البشرة‪ ،‬لكنها بدت ِّّ‬
‫معبرة عن حاجز‬

‫بيولوجي وثقافي يستحيل تخطيه‪ ،‬وإن اختُرِّق فسينتهي به األمر إلى تغيير الشخصية الوطنية بالكامل‪ً .‬‬
‫وثانيا‪:‬‬
‫أخير‪ :‬عدم استعداد جاليات‬
‫«الملونين»‪ .‬و ًا‬
‫َّ‬ ‫العداء الواضح الذي أبداه السكان «البيض» المضيفون إزاء‬
‫المهاجرين ذاتها للتخلي ببساطة عن جميع أوجه خصوصيتها الثقافية — على سبيل المثال‪ :‬اللغة والدين‬
‫— ومضاهاة الشعوب المضيفة بطريقة أو بأخرى في جميع النواحي الثقافية‪.‬‬

‫سلبيات التعددية الثقافية‪.‬‬

‫أن األمر ال يخلو من بعض السلبيات التي‬


‫على الرغم من فوائد التنوع الثقافي في منا ٍح كثيرة من الحياة‪ّ ،‬إال ّ‬
‫يجب وضعها في االعتبار‪ ،‬ومن بعض هذه السلبيات ما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬خلق حواجز اللغة‪ :‬أحد السلبيات الرئيسية للتعددية الثقافية هو خلقه حواجز لغوية بين األفراد‪ ،‬ويحدث‬
‫هذا الفصل االجتماعي عادة عندما يعيش أشخاص يتحدثون لغات مختلفة في مكان واحد‪.‬‬
‫‪ .2‬التسبب في التوتر االجتماعي‪ :‬يحدث التوتر االجتماعي نتيجة لالختالفات الثقافية واللغوية والدينية‪،‬‬
‫ويعزى ذلك إلى عدم القدرة على تحديد القيم بين الثقافات المختلفة والتعايش معها بسهولة‪.‬‬
‫‪ .3‬التسبب بمشكالت في مكان العمل‪ :‬قد تنشأ بسبب التعددية الثقافية والعرقية الكثير من قضايا التمييز‬
‫االجتماعي في مكان العمل‪ ،‬وغالبا ما يكون ذلك بسبب االختالفات الثقافية‪.‬‬

‫أنواع التعددية الثقافية‪.‬‬

‫في الواقع أن المسارات التي سلكتها التعددية الثقافية في البلدان المختلفة تباينت للعديد من األسباب‪ ،‬وقد أجري‬
‫مفيدا في تحديد درجة اعتبار البلدان "متعددة الثقافات"‪ ،‬أي ما مدي تبنيها لسياسات‬
‫حصر ً‬‫ًا‬ ‫"كيمليكا وآخرون"‬
‫التعددية الثقافية‪.‬‬

‫وقد َّ‬
‫تشكلت تلك القائمة على أساس أن سياسات التعددية الثقافية تتضمن مبدأين رئيسيين؛ أوًال‪ :‬ينبغي أن تكون‬
‫شروط الدخول إليها محايدة عرقٍّيا‪ ،‬بحيث يتزايد مجيء المهاجرين إلى البلدان المناصرة للتعددية الثقافية من‬

‫‪8‬‬
‫وثانيا‪ :‬يكون‬
‫وحتما من بلدان أغلبيتها مسلمة‪ً .‬‬
‫ً‬ ‫بلدان غير أوروبية ومن بلدان غير مسيحية في أغلب األحيان‪،‬‬

‫للمهاجرين أن يحتفظوا بهوياتهم العرقية وأن ِّّ‬


‫يعبروا عنها‪ ،‬ومن ثَ َّم تلتزم المؤسسات العامة مثل الشرطة والمدارس‬
‫إجماال‪ ،‬بمراعاة تلك‬
‫ً‬ ‫ووسائل اإلعالم والمتاحف والمستشفيات وخدمات الرعاية االجتماعية والسلطات المحلية‬
‫الهويات العرقية‪.‬‬

‫اعت ِم َدت بدرجات متفاوتة في البلدان المختلفة‪:‬‬


‫وقد أفرزت هذه المبادئ "ثماني سياسات للتعددية الثقافية" ُ‬

‫‪ .1‬التأكيد الدستوري أو التشريعي أو البرلماني على التعددية الثقافية على المستويين المركزي واإلقليمي‪،‬‬
‫أو أيهما‪ ،‬وعلى مستوى البلديات‪.‬‬

‫‪ِّّ .2‬‬
‫تبني التعددية الثقافية في المنهج المدرسي‪.‬‬
‫‪ .3‬تمثيل األقليات العرقية ومراعاتها في إطار وسائل اإلعالم العامة‪.‬‬
‫بدال من القبعات‬
‫‪ .4‬اإلعفاء من قواعد الملبس — على سبيل المثال‪ :‬السماح للسيخ بارتداء العمامات ً‬
‫المدرسية‪.‬‬
‫‪ .5‬السماح بازدواجية الجنسية‪.‬‬
‫‪ .٦‬تمويل الجماعات العرقية من أجل تشجيع األنشطة الثقافية‪.‬‬
‫‪ .7‬تمويل التعليم ثنائي اللغة أو التعليم باللغة األم‪.‬‬
‫‪ .8‬اتخاذ إجراءات إيجابية لمصلحة الجماعات المحرومة‪.‬‬

‫ِّ‬
‫باألخص تسمية البند األخير بمسمى أصوب‪ :‬صياغة‬ ‫ليست هذه القائمة محل اتفاق من الجميع‪ ،‬وينبغي‬
‫تشريعات مناهضة للعنصرية‪ ،‬مثل سلسلة القوانين البريطانية المسماة قوانين العالقات العنصرية التي َج َّرمت‬
‫على نحو متزايد التمييز ضد األقليات في التوظيف واإلسكان ودخول الحانات والمطاعم‪ ،‬والحصول على غير‬
‫ذلك من الموارد وسبل الراحة والترفيه‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬تتيح القائمة مقارنة معقولة بين البلدان المختلفة من حيث قوة التزامها بسياسات التعددية‬
‫الثقافية‪ ،‬وعلى هذا األساس‪ ،‬يذهب كيمليكا وآخرون إلى أنه ينبغي تصنيف أولئك الذين يتبنون ‪ ٦‬من‬
‫السياسات الثمانية ضمن التبني "القوي" للتعددية الثقافية‪ ،‬في حين ُيعتََبر الذين يحققون ما بين ‪ ۳‬و ‪٥٫٥‬‬
‫تطبيقا أكثر صورية) ضمن التبني "المتوسط"‬
‫ً‬ ‫درجة (تشير نصف الدرجة إلى تبني السياسات وتطبيقها‬

‫‪9‬‬
‫لسياسات التعددية الثقافية‪ .‬والذين ُّ‬
‫يقلون عن ‪ ۳‬درجات ضمن التبني "الضعيف" وينبثق من هذا التصنيف‬
‫الترتيب اآلتي‪:‬‬

‫قوي‪ :‬أستراليا وكندا‪.‬‬

‫متوسط‪ :‬بلجيكا وهولندا ونيوزيلندا والسويد والمملكة المتحدة والواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫ضعيف‪ :‬النمسا والدنمارك وفنلندا وألمانيا واليونان وأيرلندا وإيطاليا والنرويج والبرتغال وإسبانيا وسويس ار‬

‫العوامل التي دعت إىل االهتمام بالتعددية الثقافية وااللتزام بها عامليا ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬الهجرة‪.‬‬

‫أمنا ظاهرة‬
‫تشكل حركة الهجرة إلى أمريكا الشمالية أو أوروبا بحثًا عن فرص عمل أو حياة أكثر ً‬
‫عالمية‪ ،‬وقضية الهجرة مرتبطة بقضايا أخرى كالفقر‪ ،‬والحروب والنزاعات المسلحة‪ ،‬وانحسار مستوي الحريات‬
‫أخر العولمة‬
‫أخير وليس ًا‬
‫العامة‪ ،‬واألوضاع السياسية واالقتصادية المتردية في الكثير من بلدان العالم الثالث‪ ،‬و ًا‬
‫وما أفرزته من متغيرات علمية وتكنولوجية جمة‪ ،‬رمت بظاللها على مجتمعات العالم كافة"‪.‬‬

‫كبير في مجريات الحياة العامة في دول الهدف‪ ،‬إذ تنافس على فرص‬
‫تأثير ًا‬
‫وتؤثر الجماعات المهاجرة ًا‬
‫العمل المتاحة‪ ،‬وتساهم في التأثير على الهوية القومية لتلك الدول‪ ،‬من خالل ما يفرضه الواقع من التعاطي‬
‫مع تلك الهوية‪ ،‬كما أن انغالق بعض الجماعات حول نفسها خلق مشكلة دفعت حكومات تلك الدول إلى تبني‬
‫سياسات دمج داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪ .2‬الواقع السياسي واالجتماعي‪.‬‬

‫ُيحتم الواقع السياسي واالجتماعي في بعض الدول على تشجيع تبني سياسة التعددية الثقافية‪ ،‬إذ أن‬
‫تنوعا يضع الحكومات بين خيارين‪ :‬إما القبول بها كلها‪ ،‬وإما‬
‫المكونات األساسية للمجتمع فيها متنوع ً‬
‫حيا لما يمكن أن يفعله‬
‫مثاال ً‬
‫المواجهة والصراع بين تلك الفئات المتباينة‪ .‬وقد كان انهيار االتحاد السوفيتي ً‬
‫التنوع من انقسامات كبيرة على مستوى بناء الدولة‪ ،‬فقد تفكك االتحاد إلى دول قومية متباينة‪ ،‬كالسالف‬
‫والبلطيق واألتراك والقوقاز‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ .3‬حقوق اإلنسان واألقليات‪.‬‬

‫تناولت كل الدساتير الحديثة‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬وصاغتها صياغات مختلفة وفًقا للظرف والمصلحة‬
‫القائمة‪ ،‬وصوًال إلى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر في ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،1٩48‬والذي تضمن نصه‬
‫ثالثين مادة‪ ،‬تتمحور حول تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية‪ ،‬وإيجاد التفاهم والتسامح والمساواة‬
‫بين األفراد باختالف أصولهم الدينية والعرقية واللغوية‪ ،‬كما تقر حق األفراد في المشاركة الفاعلة في المجتمع‪.‬‬

‫وقد تضمن اإلعالن السابق حق األفراد في االنضمام إلى الجماعات‪ ،‬وممارسة كافة خصوصياتها‬
‫الثقافية‪ ،‬ودعا إلى االعتراف بثقافات تلك الجماعات وتأثيرها ومساهمتها في التقدم المعرفي‪ ،‬وهو ما دعا إليه‬
‫إعالن اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي‪.‬‬

‫‪ .4‬حتمية التنوع واالختالف والتمايز‪.‬‬

‫وقد فرض هذا األمر على الدول رفض سياسات التمييز العنصري‪ ،‬ونشر قيم التسامح وتقبل اآلخر‪،‬‬
‫كما أسهمت منظمة اليونسكو في النضال ضد التمييز ومكافحته من خالل مشروع‪ :‬مناهضة العنصرية والتمييز‬
‫أيضا إلى تبني‬
‫وكراهية األجانب‪ .‬إن إدراك تلك الدول والمؤسسات لحتمية التنوع واالختالف هو ما دفعها ً‬
‫سياسات واضحة للتعددية الثقافية بكافة أشكالها االجتماعية والثقافية والسياسية‪ ،‬ويتجلى شيء من ذلك في‬
‫النظم والسياسات المتبعة في كل من كندا وسويس ار على سبيل المثال‪.‬‬

‫‪ .٥‬التعايش السلمي‪.‬‬

‫شق مصطلح التعايش السلمي طريقه إلى مجموعة مصطلحات التاريخ المعاصر والعالقات الدولية‬
‫سنة ‪ 1٩4٦‬في أثر الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وارتبط المصطلح فترة طويلة باألفكار المتعلقة بالعالقة بين قطبي‬
‫الصراع في أواخر القرن العشرين‪ ،‬االتحاد السوفيتي والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬بأنه‪ :‬اتفاق دولتين أو أكثر‬

‫على االمتناع عن الحرب لتفادي أخطارها‪ ،‬وبحث إمكانية التعاون االقتصادي والثقافي والعلمي بينها" ُ‬
‫ويقصد‬
‫دينا أو ثقافة‪ ،‬في محيط واحد‪ ،‬دون أن يلغي‬‫عموما‪ :‬تعايش الجماعات والفئات المختلفة لوناً أو عرًقا أو ً‬
‫ً‬ ‫به‬
‫أحدهم اآلخر‪ ،‬ودون اإلضرار به‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وقد أكدت منظمة اليونسكو على ضرورة تعايش أجيال الشعوب الحاضرة مع أجيال المستقبل‪ ،‬في ظل‬
‫أجواء يسودها السالم واألمان واحترام حقوق اإلنسان‪ ،‬وأن على األجيال الحاضرة إبعاد أجيال المستقبل عن‬
‫المعاناة الناجمة من الحروب‪ ،‬من خالل الحيلولة دون تعرضهم لألضرار الناجمة عن النزاعات‪ ،‬المسلحة‪،‬‬
‫ووضع الصيغ المناسبة التي تحد من استخدام األسلحة ضد المبادئ اإلنسانية وفي ضوء هذه الحركات‬
‫والمفاهيم حديثة النشأة‪ ،‬ظهرت التعددية الثقافية كرد فعل لحركات وطلبات األقليات المختلفة بحقوقهم‪ ،‬وكمفهوم‬
‫اجتماعيا في النصف األخير من القرن العشرين‪.‬‬
‫ً‬ ‫سياسيا و‬
‫ً‬ ‫نظري موجه‬

‫املبادئ التي تقوم إليها التعددية الثقافية يف الغرب‬

‫‪ .1‬نسبية احلقيقية‪.‬‬

‫تستند معظم الدراسات الفلسفية الغربية الحديثة في نظرتها للحقيقة علي أنها " ال توجد حقيقة مطلقة يمكن‬
‫أن ُيحكم بها علي صحة أو بطالن اآلراء‪ ،‬بل كل الحقائق نسبية حسب الظروف التي تنسب إليها"‪ .‬فهي مرتبطة‬
‫تصور لألشياء‪ ،‬بل تصور جزئي عنها"‪.‬‬
‫ًا‬ ‫بالظروف‪ ،‬وتتعدد بتعددها‪ ،‬كما أنها ليست‬

‫أيضا حيث يقرون أن "مقياس صحة األفكار يتوقف علي نتائجها‪ ،‬فهو بذلك‬
‫ويذهب البرجماتيون إلي ذلك ً‬
‫يجعل الحقيقة نسبية غير ثابتة‪ ،‬أي تتغير وفًقا للظروف وأحوال األفراد والمجتمعات‪.‬‬

‫وهذه النظرة ليست وليدة الفكر المعاصر بل هي موغلة في الفكر الفلسفي اليوناني عند السوفسطائيين‪ ،‬ويلخص‬
‫جميعا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫بروتاغورس كبير السوفسطائيين هذه النظرة في قوله "إن اإلنسان معيار أو مقياس االشياء‬

‫‪ .2‬احلرية‪.‬‬

‫قديما وحديثًا‪ ،‬واالنشغال بهذا الموضوع‬


‫كان موضوع الحرية أحد المواضيع التي شغلت المفكرين الغرب ً‬
‫يمتد جذوره من الفلسفة اليونانية‪ ،‬وشامل لجوانب عدة‪ ،‬سياسية واقتصادية ودينية وغيرها‪.‬‬

‫وتعبر الحرية عن إمكانية الفرد دون أي جبر أو شرط أو ضغط خارجي على اتخاذ قرار أو تحديد خيار‬
‫قيودا‬
‫من عدة إمكانيات موجودة‪ .‬والحرية هي التحرر من القيود التي تكبل طاقات اإلنسان وإنتاجه سواء كانت ً‬
‫قيودا معنوية‪ ،‬فهي تشمل التخلص من العبودية لشخص أو جماعة أو للذات‪ ،‬والتخلص من الضغوط‬
‫مادية أو ً‬
‫المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض ما‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫والحرية البشرية ينبغي أن تتضمن حرية الضمير والفكر والحرية المطلقة لل أري‪ ،‬وكذلك حرية السعي خلف‬
‫االهداف والرغبات التي تتناسب مع الطباع‪ ،‬وكذلك حرية العمل وحرية اجتماع األفراد ببعضهم ببعض‪.‬‬

‫‪ .3‬العدالة‪.‬‬

‫اء ارتكزت هذه القواعد على اإلجماع البشري أو على‬‫العدالة هي العمل وفقاً لمتطلبات القانون‪ ،‬سو ً‬
‫المعايير االجتماعية‪ .‬والعدالة مفهوم واسع تُنادي به جميع الشعوب وتطمح لتحقيقها نظ اًر ألهميتها في خلق‬
‫تصور إنساني ُيركز على تحقيق التوازن‬
‫نوع من المساواة بين مختلف أفراد العالم‪ .‬أما المفهوم العام للعدالة فهي ُّ‬
‫التصور أنظمة وقوانين يتعاون في وضعها أكثر من‬
‫ُّ‬ ‫ويحكم هذا‬
‫ُ‬ ‫المجتمع من حيث الحقوق‪،‬‬
‫بين جميع أفراد ُ‬
‫شخص بطريقة ُحرة دون أي ُّ‬
‫تحكم أو ُّ‬
‫تدخل‪ ،‬وهذا حتى تضمن العدالة تحقيق المساواة بين جميع األشخاص‪.‬‬

‫وينبغي ا إلقرار بأن هذا المبدأ المتعلق بالمساواة والعدالة بين البشر جديد بحق‪ ،‬ففي عام ‪ ،1٩1٩‬حين‬
‫حاولت اليابان إدخال عبارة تتعلق بالمساواة بين البشر في عهد عصبة األمم‪ ،‬رفضته الدول الغربية علي الفور‪.‬‬

‫وليس في ذلك ما يثير للدهشة‪ ،‬فقد كان األوروبيون علي أي حال‪ ،‬ضالعين في حماية إمبراطوريات تحتل اجز ً‬
‫اءا‬
‫علنا علي مبادئ عنصرية تعتبر البيض متفوقين علي األعراق األخري‪.‬‬
‫كبير من آسيا وأفريقيا ترتكز ً‬
‫ًا‬

‫كبير في األيدولوجيات العنصرية‬ ‫ويعتبر أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان عام ‪ 1٩48‬مثل ًا‬
‫تغير رمزًيا ًا‬
‫عالميا للحركات المناصرة للسياسات العنصرية‪ .‬إال أن تهيئة مناخ ثقافي دولي متعاطف مع حقوق‬‫ً‬ ‫سياسيا‬
‫ً‬ ‫وصدا‬
‫ً‬
‫اإلنسان والمساواة بين البشر لم تتحقق إال َع ِّقب معارك مستمرة قادتها مختلف الجماعات الخاضعة‪ ،‬بما فيها سكان‬
‫المستعمرات االوروبية‪.‬‬

‫أهمية العدالة‪.‬‬

‫‪ .1‬تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع‪ ،‬وهذا بغض النظر عن مركز الشخص أو جنسه أو دينه‪ ،‬وبهذا سوف‬

‫يتحقق األمن واألمان للجميع وسيكونون قادرين على العيش والقيام بأعمالهم دون الشعور بالخوف من ال ُ‬
‫ظلم ‪.‬‬
‫المجتمع‬
‫‪ .2‬نشر المحبة واألُلفة بين جميع أفراد ُ‬
‫‪ .3‬الشعور باإلنصاف والرضا بين أفراد المجتمع‪ ،‬على عكس ما يمكن أن ُيخّلفه الظلم‪ ،‬فتُنتزع صفات الحقد‬
‫والكراهية لتحل محلها صفات االحترام الود‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫رابعا ‪ :‬النظريات املفسرة التعددية الثقافية‪.‬‬

‫توصلت علوم الثقافة واالجتماع إلـى مجموعة من المفاهيم التي تـشكل نظريـات يمكن بها تفسير التعددية الثقافية‬
‫ومـن تلـك النظريات ‪:‬‬

‫‪ .1‬نظرية التعددية اجلماهرية‪-:‬‬

‫إن نظرية التعددية الجماهرية هـي الضامنة لتحقيق رغبات أغلبية األفراد وهي ناتج لصناعة الثقافة حيث‬
‫تعتمد الثقافة علـى النزعة التجارية من خالل إنتـاج الخـدمات الثقافيــة واســتهالكها لتحقيــق المكاســب واألرباح‬
‫القصوى فأسلوب الحيـاة الثقافيـة المعاصرة تعتمـد علـى بعـض المفـاهيم األساسية كالرفاهية والتسلية وغيرهـا ممـا‬
‫يحقق رغبات الشعب‪ .‬إال أن تلـك النظريـة باتت في خدمة أصحاب الـسلطة والثـروة ونتج عنه تزعزع في المعـايير‬
‫األخالقيـة والسلوكية ورافقها امتهان للشخصية اإلنسانية‪ .‬وبذلك تكون نظرية التعددية الجماهرية مـا هي إال همجية‬
‫وانفالت أخالقي‪.‬‬

‫‪ .2‬نظرية بوتقة االنصهار‪:‬‬


‫‪ o‬وتقوم هذه النظرية علي مبدأ أن المجموعات المختلفة للمهاجرين تميل بطبعها إلي اإلنصهار واإلندماج‬
‫فيما بينها‪ ،‬وميلها إلي التخلي عن ثقافتها الفردية‪.‬‬
‫‪ o‬والمقصود بتلك النظرية هي صـهر جميـع الثقافات الوافدة إلى الدولة القومية داخل ثقافة واحدة وهي‬
‫الثقافة المسيطرة للدولة‪.‬‬
‫‪ o‬وتستخدم بمعنـى آخر وهو إلغاء جميع الثقافات األخـرى وخلـق ثقافة جديدة صاحبة سمات متشابهة‪.‬‬
‫مثل صهر كل من عنصري الحديد والكربون لتكوين معدن آخر تكون قوته أكبر‪.‬‬

‫‪ .3‬نظرية القولبة‪:‬‬

‫وهي نظرية المقصود بهـا تـصنيف األفراد إلى مجموعـات حـسب عالمـات االنتماء الخارجي من لباس‬
‫أيضا تحتاج إلى تعديل ألن بهذا‬
‫وهيئة أو حـسب مميزات داخلية من تصرفات وسـلوك‪ .‬ونجد هنا أن تلـك النظريـة ً‬
‫الشكل قـد توجهنا بشكل أو بآخر نحو العنصرية وليس التعددية ألنه تم التركيز في تلك النظرية على الحاجز‬
‫البيولوجي من شكل ولباس ولهجـة مما يؤدي إلي وجود تعميم بين أفراد المجتمـع الواحد وتُوضح تلك الفروق علـى‬
‫أسـاس وجود أقليات وليس وجود أناس تجمعهم حاجات مشتركة في مجتمع واحد‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ .4‬نظرية وعاء السلطة‪.‬‬

‫تقوم هذه النظرية علي أن السلطة عبارة عن مجتمع غير متجانس يتفاعل فيه الناس من الثقافات المختلفة‬
‫فيما بينهم‪ ،‬وبالرغم من هذا يمكنهم االحتفاظ بخصائص الثقافة التقليدية الخاصة بهم‪ ،‬ومن أبرز االمثلة علي هذه‬
‫النظرية مدينة نيويورك حيث أنها تجمع بين عدد من المجتمعات علي أرضها مثل الحي الصيني والحي العربي‬

‫‪ .5‬نظرية رأس املال االجتماعي‪:‬‬

‫رأس المال االجتماعي ( ‪ )Social Capital‬هو مصطلح اجتماعي يدل على قيمة وفعالية العالقات‬
‫االجتماعية ودور التعاون والثقة في تحقيق األهداف المرجوة‪ .‬وبمفهوم عام‪ ،‬فإن الرأس مال االجتماعي هو الركيزة‬
‫األساسية للعالقات االجتماعية ويتكون من مجموع الفوائد التي يمكن تحقيقها من خالل التعاون ما بين أفراد‬
‫وجماعات مجتمع ما وتفاضلية التعامل معه‪.‬‬

‫ومن ثم فإن ارتفــاع مــستوى رأس المــال االجتماعي يتيح للمشاركين فـي الـشبكات االجتماعية المزدحمة أن‬
‫يثق بعضهم ببعض وأن يتضافروا في تتبع األهداف المـشتركة وتحقيقها‪ .‬وهناك تمييز قـائم مـا بـين رأس المال‬
‫االجتماعي الترابطي وهو يتعلق بخلق تالحم داخل مجتمعات محددة فهو يجمع بين أشخاص يشبه بعضهم‬
‫البعض سـواء مـن الطبقة أو العرق أو النوع أو العمر‪ .‬أما رأس المال التواصلي فيمثل جـزًء مـن عمليـة تكوين‬
‫بعضا لـذا كـان‬
‫شبكات مجتمعية متداخلة لمجتمعـات بعينها بحيث يجمع بين األشخاص الـذين ال يشبه بعضهم ً‬
‫رأس المـال التواصلي هو عنصر حيوي يمكن به تحقيق ترابط اجتماعي على نطاق واسع‪.‬‬

‫ما هي أهمية التعددية ؟‬

‫تنبع أهمية المفهوم من أنه ال توجد أساليب سلوك تنطبق على البشر كافة فى كل مكان وكل زمان‪ ،‬وتعتبر‬
‫األفرد بإطار محدد من القيم األخالقية والدينية واالقتصادية واالجتماعية التى تكون‬
‫ا‬ ‫الثقافة هي األداة التى تمد‬
‫بمثابة الموجه للسلوك للتعامل مع البيئة المحيطة‪.‬‬

‫لكل فرد‪ .‬ورّبما‬


‫وتسهم التعددية بأشكالها التي سبق أن ذكرناها في خلق تجربة مميزة وفريدة من نوعها ّ‬
‫أي درجة هناك تعددية من حولنا؟ وهل هناك‬
‫علينا التوقف للحظة والنظر بتمعن في المجتمع من حولنا… إلى ّ‬
‫أن المجتمعات التعددية قد تواجه بعض‬
‫تعددية في مدارسنا‪ ،‬وبيئة عملنا وحياتنا بشكل عام؟ على الرغم من ّ‬

‫‪15‬‬
‫أحيانا لالنعزال عن بعضها البعض‬
‫ً‬ ‫التحديات فيما يتعّلق بتنظيم الفئات المختلفة التي تش ّكل المجتمع‪ ،‬والتي قد تميل‬
‫ّ‬
‫لتش ّكل وحدات صغيرة بعقليات جامدة ترفض التغيير والتعايش مع الوحدات األخرى‪ ،‬إالّ أن أهمية التعددية وإيجابياتها‬
‫شك عن سلبياتها‪.‬‬
‫تطغى بال ّ‬

‫وإليك فيما يلي أمور تؤكد على أهمية وجود التعددية بأشكاهلا يف اجملتمعات‪:‬‬

‫‪ .1‬زيادة اإلنتاجية والقدرة علي حل املشكالت‪.‬‬

‫متعددة وتجارب مختلفة‪ ،‬سيصبح باإلمكان خلق أفكار أو‬


‫عندما تتواجد مع أشخاص من خلفيات ّ‬

‫وجهات نظر قد ال يستطيع اآلخرون التفكير فيها‪ّ .‬‬


‫لكل شخص طريقته الخاصة في التعامل مع مشكلة ما‪،‬‬
‫يتم‬
‫شك أن ّ‬ ‫مبنية على تجاربه الشخصية وموروثه الثقافي والديني واالجتماعي‪ .‬سيكون من األفضل بال ّ‬
‫اء في العمل أو المدرسة) من وجهات نظر متعددة بدالً من محاولة حلها من قبل‬
‫استعراض هذه المشكلة (سو ً‬
‫أشخاص يتشاركون نفس التجارب واألفكار‪ .‬األمر الذي سيسهم بشكل ّ‬
‫فعال في رفع اإلنتاجية وخلق المزيد من‬
‫الحلول اإلبداعية لمختلف المشكالت‪ .‬ولهذا السبب بالذات تسعى كبرى الشركات مثل جوجل أو مايكروسوفت إلى تقديم‬

‫تقبل اآلخرين والتفكير خارج الصندوق‪.‬‬


‫لتعزز لدى موظيفها شعور ّ‬
‫فرص التدريب (‪ )Internships‬في مختلف مدن العالم ّ‬

‫‪ .2‬نشر مفهوم املواطنة العاملية‪.‬‬

‫ستتعرض بشكل يومي ألشخاص‪ ،‬ثقافات‪ ،‬تقاليد وممارسات‬


‫ّ‬ ‫عندما تختبر التعددية في حياتك اليومية‪،‬‬
‫وعما تملكه‪ .‬وستدهشك آثار هذا التفاعل‪ .‬حيث ستتعلم مهارات التعامل مع‬
‫كل االختالف عنك ّ‬ ‫تختلف ّ‬
‫تعددية لن يسهم في تطويرك‬
‫مجتمعات ومفاهيم غريبة عنك وستكتسب وجهات نظر عالمية‪ .‬العيش في بيئة ّ‬
‫اء كنت ستسافر‬
‫ويهيؤك لتصبح جزًءا من مجتمع عالمي سو ً‬
‫اجتماعيا وحسب‪ ،‬لكنه سيزيد من فهمك للعالم‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫تضم موظفين أجانب‪ .‬أو حتى في حال قرأت عن أحداث‬
‫ّ‬ ‫إلى دولة أخرى‪ ،‬أو ستعمل في مؤسسات عالمية‬

‫أثّرت في شعوب أخرى مختلفة عن ثقافتك‪ .‬وهنا يأتي دور المؤتمرات العالمية والفعاليات ّ‬
‫متعددة الثقافات في‬
‫التعرف على أشخاص جدد من مختلف أنحاء العالم ومعرفة المزيد عن ثقافاتهم وعاداتهم‬
‫ّ‬ ‫مساعدتك على‬
‫وبالتالي تعزيز مفهوم المواطنة العالمية في داخلك‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ّ‬
‫‪ .3‬خلق منظور جديد عندما تتعرف على جتارب الغري‪.‬‬

‫جديدا‪ .‬عندما‬
‫منظور ً‬
‫ًا‬ ‫تماما عن حياتك‪ ،‬األمر الذي يمنحك‬
‫فإنك بذلك تسّلط الضوء على حياة مختلفة ً‬
‫تقارن صراعاتك‪ ،‬أولوياتك وقيمك مع اآلخر‪ ،‬ستبدأ في فهم وجهات نظر الغير وتصرفاتهم وردود أفعالهم‪.‬‬
‫تفه ًما‬ ‫التحدث مع اآلخرين ذووي الخلفيات الثقافية المختلفة قد ّ‬
‫يغير من عقليتك أو على األقل سيجعلك أكثر ّ‬ ‫ّ‬
‫لوجهات نظر الغير ودوافعهم والصعوبات التي تواجههم‪.‬‬

‫‪ .4‬تقبل اآلخر والتقليل من العنصرية‪.‬‬

‫أن هنالك‬
‫كل فرد ّ‬
‫تماما‪ .‬سيكتشف ّ‬
‫لتقبله ً‬
‫تعتبر التعددية الخطوة األولى ليس فقط للتسامح مع اآلخر وإنما ّ‬
‫مما كان يتوقع‪ .‬وفي أحيان أخرى قد يكتشف أن‬
‫الكثير من النقاط المشتركة بينه وبين اآلخرين‪ ،‬ربما أكثر ّ‬
‫يعرض الفرد لوجهات نظر‬
‫كبير وال مشكلة في ذلك إطالًقا‪ .‬التكيف مع هذه االختالفات ّ‬
‫االختالف ال يزال ًا‬
‫ويصحح الكثير من المفاهيم الخاطئة‬
‫ّ‬ ‫مختلفة كما سبق أن ذكرنا‪ ،‬األمر الذي يقّلل من إطالق األحكام المسبقة‬
‫التي تغ ّذي العنصرية‪.‬‬

‫‪ .5‬خلق جتربة ممتعة‪.‬‬

‫لونا على المجتمع الذي نعيش فيه‪ .‬ماذا لو‬


‫تماما… التعددية تضفي ً‬
‫يقال‪" :‬التعددية ملونة!" وهذا صحيح ً‬
‫كل شيء؟… ستكون الحياة ممّلة بال ّ‬
‫شك‪ ،‬إننا بحاجة ألفكار جديدة‬ ‫كل من يحيط بك هو نسخة عنك في ّ‬ ‫كان ّ‬
‫ووجهات نظر مختلفة وأشخاص مختلفين نتعّلم من تجاربهم ونستلهم منهم حلوالً لمشاكلنا الخاصة‪.‬‬

‫وكل‬
‫البد من أن نأتي على ذكر فرص اإلقامات الفنية والرياضية والبحثية التي تتيح للطالب والباحثين ّ‬
‫وهنا ّ‬
‫من يهتم بالسفر الفرصة لإلقامة في بلد آخر والمشاركة في نشاطاته الثقافية المختلفة‪ ،‬األمر الذي يخلق تجربة‬
‫ممتعة تجمع بين التعلم والتسلية في نفس الوقت‪.‬‬

‫أن التبادالت الثقافية وفرص التطوع تسهم وبشكل كبير في خلق هذا المنظور‪ .‬فضالً‬
‫ومن الجدير بالذكر ّ‬
‫تقدم فرصة للسفر وااللتقاء بأشخاص جدد وحتى العمل وكسب المال‪ ،‬فهي تتيح للشباب اإلطالّع‬
‫عن ّأنها ّ‬

‫على عوالم أخرى مختلفة ً‬


‫تماما عن عالمهم وتوسيع آفاقهم ومنظورهم للحياة من حولهم‪ .‬ويعتبر التنوع الثقافي‬

‫‪17‬‬
‫مصدر خصب إلثراء الثقافة البشرية؛ فإن ثقافة أي جماعة يثريها أكثر التواصل ليس مع جماعات ثقافية‬
‫جماعية متطابقة‪ ،‬وإنما مع ثقافات جماعية مغايرة لها‪ ،‬وهو ما ال يتحقق إال في ظل التنوع الثقافي‪.‬‬

‫فعاالً في هذا المجال‪ ،‬فأن تلتزم بالدراسة لسنة‬


‫دور ّ‬
‫أن المنح الدراسية في الخارج تلعب ًا‬
‫شك فيه ّ‬
‫ومما ال ّ‬
‫ّ‬
‫تماما عن بلدك‪ ،‬وتتعامل خالل هذه الفترة مع جنسيات وثقافات مختلفة سيدفعك في‬ ‫أو أكثر في بلد مختلف ً‬
‫بعيدا عن إطالق األحكام المسبقة أو‬
‫لتقبل جميع البشر على اختالفهم والتعامل معهم بحيادية ً‬
‫نهاية المطاف ّ‬
‫العنصرية‪.‬‬

‫‪ .6‬استقطاب أفضل املواهب‪.‬‬

‫يتيح االعتماد على مجموعة عمل متنوعة ثقافياً إلى جذب أفضل المواهب؛ فاالعتماد في التوظيف على‬
‫مجموعة متنوعة من الثقافات؛ يتيح جذب المواهب المتميزة واالستفادة منها ومن خبراتها في مختلف المجاالت‪.‬‬
‫حاليا مصر والسعودية واإلمارات‪.‬‬
‫وأكبر مثال علي ذلك ً‬

‫‪ .7‬إمناء الثقة والتفاعل بني األفراد‪.‬‬

‫إن اختالط األفراد مع أشخاص آخرين من ثقافات متنوعة سيمنحهم المزيد من الثقة في التعامل مع أشخاص‬
‫خارج نطاقهم المعتاد‪ ،‬وسيزيد من التفاعل مع غيرهم من األشخاص الذين لديهم ممارسات ومعتقدات وخبرات‬
‫حياة وثقافة مختلفة‪ ،‬وهذا يعزز الشعور بالتعاطف‪ ،‬إذ ال يمكن للشخص فهم األشخاص وثقافاتهم بشكل كامل‬
‫دون التفاعل معهم‪ ،‬واالنخراط معهم‪ ،‬وهو ما سينجم عنه التعاطف على األغلب‪.‬‬

‫التعدديــة الثقافيــة يف اجملال التعليمي والبحث العلمي ومظاهرها‪:‬‬


‫نجد أن هناك العديد من أوجه التعددية الثقافية في المجال التعليمي والبحث العلمـي سواء أكان في المدارس أو‬
‫الجامعات وذلك من خالل ما يلي‪:‬‬
‫• عمل بروتوكوالت داخل الجامعات المصرية لبعض المشروعات البحثية بالتعاون مع بعض الجامعات‬
‫العالمية‪.‬‬
‫• إيفاد أعضاء ھيئة التدريس كمدربين ومستشارين في البالد المختلفة حيث يساعد هؤالء األعضاء فـي‬
‫توصـيل صورة مجتمعاتهم للدول المضيفة كـسفراء ألقطارهم واالستفادة من خبرات الدول االجنبية‬
‫وتطبيقها في البلدان العربية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫• إيفاد بعثات للمدرسين للخارج من قبل و ازرة التربية والتعليم‪.‬‬
‫• التبادل العلمي ألعضاء ھيئة التدريس بالخارج‪.‬‬
‫• استضافة الجامعات المصرية لبعض االحتفاالت والمھرجانات الكبيرة‪.‬‬
‫• إرسال بعض الطالب المصريين للتعليم في الخارج أو إيفاد بعض الطـالب مـن البلـد المضيف إلى مـصر‬
‫فـي إطـار التعـاون المتبادل المشترك‪.‬‬
‫أكبر مثال علي ذلك الهيئة األلمانية للتبادل العلمي الـ (‪)Deutscher Akademischer Austauschdienst‬‬
‫أختصار الـ (‪.)DAAD‬‬
‫ًا‬ ‫ويرمز لها‬

‫كيف ميكننا تعزيز التعددية؟‬

‫توضحت لنا أهمية التعددية وآثارها اإليجابية على الفرد والمجتمع‪ ،‬ال ّبد لنا من دعمها والعمل على‬
‫بعد أن ّ‬
‫اء كان ذلك في العمل أو في بيئة الدراسة أو غيرها‪ ،‬فما الذي بوسعك فعله كفرد لتدعم‬
‫تعزيزها من حولنا‪ ،‬سو ً‬
‫التعددية في مجتمعك؟‬

‫‪ -1‬اعمل على زيادة فهمك لثقافات اآلخرين من خالل التعامل مع أشخاص من ثقافات أخرى غير ثقافتك‬
‫بشكل مستمر‪ ،‬فال يمكن للعالقات أن تتطور من دون التفاهم‪.‬‬
‫الخاصة على اآلخرين والتي قد ال تتوافق مع ثقافاتهم ومعتقداتهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تجنب محاولة فرض قيمك وآرائك‬
‫‪ّ -2‬‬
‫‪ -3‬عندما تتواصل مع أشخاص آخرين ال يتقنون لغتك‪ ،‬ال تعتبر أن جهلهم بلغتك يعكس مستواهم الثقافي‬
‫أو التعليمي‪.‬‬
‫أن المفاهيم ذات العالقة بالعمل والعائلة واألمور الروحانية تختلف من‬
‫دائما في عين االعتبار ّ‬
‫‪ -4‬ضع ً‬
‫ثقافة ألخرى وتؤثر بشكل كبير على السلوك‪.‬‬
‫‪ -5‬احرص على استخدام أدوات ومواد (محسوسة أو مكتوبة أو غيرها) تتناسب مع مختلف الثقافات‬
‫ووجهات النظر والخلفيات االجتماعية‪ .‬سواء كان ذلك في العمل أو في مكان الدراسة أو األماكن العامة‪.‬‬
‫أن اآلخرين يظهرون ً‬
‫سلوكا ال يحترم التعددية أو يتسم بالتعصب‬ ‫تدخل بطريقة مالئمة في حال الحظت ّ‬
‫‪ّ -٦‬‬
‫التحيز‪.‬‬
‫و ّ‬
‫أخيرا‪،‬‬
‫وتقبلها والترحيب بها‪ .‬و ً‬
‫مبادر في االستماع لألفكار الجديدة المختلفة عن أفكارك الخاصة‪ّ ،‬‬
‫ًا‬ ‫‪ -7‬كن‬
‫قوي وجميل‪ ،‬وفي هذا الزمن الذي يشهد الكثير من العنف‬
‫اختالفاتنا تسهم في بناء مجتمع عالمي ّ‬
‫بجد أكبر للتعريف بأهمية التعددية ونشر‬
‫البد من العمل ّ‬
‫والتعصب والتمييز في أجزاء واسعة من العالم‪ّ ،‬‬
‫بالحب واالحتفال باالختالف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرد على هذا العنف‬
‫فكر التسامح والتعايش و ّ‬

‫‪19‬‬
‫مصطلحات مهمة‬

‫كراهية األجانب ‪ : Xenophobia‬الخوف أو العداء القوي تجاه االشخاص من أعراق أو خلفيات ثقافية‬
‫مختلفة خوًفا من تأثير الثقافات االخري علي ثقافتك أو علي ثقافة أبناءك‪.‬‬
‫النزعة العرقية ‪ : Ethno-Centrism‬هي اعتقادك بأن عرفك أو ثقافتك متفوقة على ثقافات اآلخرين‬

‫ويستخدم هذا لتبرير استبعاد الثقافات األخرى من المجتمع‪ ،‬أو الرغبة في إيقاف المهاججرين ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫ثقافته أو ِّ‬
‫لونه‬ ‫ِّ‬ ‫مفهوم العنصرية ‪ :Raxism‬مشاعر أو أفعال سلبية تجاه شخص ما‪ ،‬بناءا على عر ِّ‬
‫قه أو‬ ‫ً‬
‫ويمكن أن تكون العنصرية ضمنية أو صريحة‪.‬‬
‫التنافر املعريف ‪.cognitive dissonance‬‬
‫هو حالة من التوتر أو اإلجهاد العقلي أو عدم الراحة التي يعاني منها الفرد الذي يحمل اثنين أو أكثر من‬
‫المعتقدات أو األفكار أو القيم المتناقضة في نفس الوقت‪ ،‬أو يقوم بسلوك يتعارض مع معتقداته وأفكاره وقيمه‪،‬‬
‫اجه بمعلومات جديدة تتعارض مع المعتقدات واألفكار والقيم الموجودة لديه‪.‬‬
‫أو يو َ‬
‫التحيز اجلنسي أو التمييز على أساس اجلنس ‪Sexism‬‬
‫بناء على جنس الشخص‪ ،‬وعلى الرغم من أن الكلمة قد تدل على التمييز ضد‬ ‫هو التحيز أو التمييز ً‬
‫شيوعا‪ .‬في اللغة العربية التحيز‬
‫ً‬ ‫أي من الجنسين ولكنها في العادة تعبر عن التمييز ضد المرأة بأعتباره األكثر‬
‫تحديدا يطلق علية الذكورية‪.‬‬
‫ً‬ ‫الجنسي الموجه ضد المرأة‬
‫ويحدد التحيز الجنسي ما يستطيع الرجال والنساء وما ينبغي عليهم فعله‪ ،‬علي سبيل المثال‪-:‬‬
‫المرجع أن تواجه النساء فجوة في األجور مقارنة بالرجال علي الرغم من قيامهم بنفس‬ ‫الوظيفة ‪ :Occupational‬من ُ‬ ‫▪‬
‫الدور‪ ،‬وقد يصل األمر إلي تحديد أعمال معينة للمرأة للقيام بها "النساء مكانهم األساسي المطبخ"‪.‬‬
‫األعمال المنزلية ‪ُ :Domwstic‬ينظر للرجال علي أنهم ليسوا جيدين باألعمال المنزلية مقارنة باإلناث "األعمال المنزلية‬ ‫▪‬
‫هي واجب علي المرأة فقط حتي ولو كانت تعمل مثلها مثل الرجل"‪.‬‬
‫الجوانب اإلنفعالية ‪ :Emotional‬من المتوقع من الرجال أن يتحكموا في عواطفهم وانفعاالتهم بشكل أكبر‪ ،‬وأن يكونوا‬ ‫▪‬
‫ِّ‬
‫ضعفهم"‪.‬‬ ‫أقوياء طوال الوقت "ال يجب علي الرجال أن يظهروا‬

‫‪20‬‬
‫التحيز العمري أو التمييز على أساس السن ‪Sexism‬‬
‫إن التمييز على أساس السن يعني أنك ال تحصل على نفس الفرص مثل اآلخرين‪ ،‬لمجرد أنك أصغر‬
‫أو أكبر من اآلخرين ممن هم في نفس الموقف‪ .‬ويمكن أن يحدث هذا النوع من التمييز في مرافق التعليم‪ ،‬أو‬
‫في العمل‪ ،‬أو في المستشفيات‪ ،‬أو في المكتبات أو غيرها من األماكن حيث يشارك الناس من مختلف األعمار‬
‫في نفس النشاط سواء الشباب أو كبار السن‪ .‬وتٌعد الفئة األكثر معاناة من هذا النع من التمييز هم كبار السن‪.‬‬
‫وتشمل األحكام المسبقة الشائعة عنهم ما يلي‪:‬‬
‫يفتقر كبار السن إلى المهارات في مجال التكنولوجيا الحديثة‪.‬‬ ‫•‬
‫كبار السن عبء اقتصادي على المجتمع‪.‬‬ ‫•‬
‫يعاني كبار السن من تدهور الصحة ويكونون أكثر عرضة للضعف والمرض‪.‬‬ ‫•‬

‫الفجوة بني األجيال ‪.Generation gap‬‬

‫الهَّوة الفاصلة بين أفكار ومعتقدات جيلين أو أكثر‪ .‬وتشمل االختالف أو التفاوت في المعتقدات‬
‫هي ُ‬
‫الدينية والسياسية والفكرية‪ ،‬والقيم واألفعال واألذواق‪ ،‬وغيرها‪ .‬ويستخدم مصطلح الفجوة الجيلية ليشير إلى‬
‫الفجوة المحسوسة بين الشباب وآبائهم أو أجدادهم‪.‬‬

‫الفصل العنصري ‪Apartheid‬‬


‫«أعمال غير إنسانية ارتكبت لغرض إنشاء وإدامة هيمنة فئة عنصرية من األشخاص على أية مجموعة‬
‫عرقية أخرى أو أشخاص وقمعهم بشكل منهجي»‪ .‬أكبر مثال علي ذلك السياسة العنصرية التي اتبعتها حكومة‬
‫األقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من عام ‪ 1٩48‬حتى عام ‪ .1٩٩0‬استندت هذه السياسة على مباديء الفصل‬
‫العنصري بين المستوطنين البيض الحاكمين وبين السكان السود أصحاب األرض األصليين‪ ،‬وتفضيل اإلنسان‬
‫األبيض على اإلنسان األسود في جميع المجاالت‪.‬‬
‫التطهري العرقي ‪Ethnic cleansing‬‬
‫اإلزالة الممنهجة القسرية لمجموعات إثنية أو ِّعرقية من منطقة معينة‪ ،‬وذلك ِّمن قبل مجموعة عرقية‬

‫بنية جعل المنطقة متجانسة عرقياً‪ ،‬وتتنوع أساليب القوى ُ‬


‫المطبقة لتحقيق ذلك‪ ،‬كأشكال‬ ‫أخرى أقوى منها‪ ،‬غالباً ّ‬
‫التهجير القسري (مثل الترحيل أو إعادة التوطين)‪ ،‬والترهيب‪ ،‬باإلضافة إلى اإلبادة الجماعية‪ ،‬ويترافق التطهير‬
‫المستهدفة‪ ،‬من خالل تدمير‬
‫َ‬ ‫العرقي عادة مع جهود مبذولة إلزالة الدالئل المادية والثقافية على وجود المجموعة‬
‫وبناها التحتية‪ ،‬وكذلك بتدنيس آثارها‪ ،‬ومقابرها ودور عبادتها‪.‬‬
‫منازلها‪ ،‬ومراكزها االجتماعية‪ ،‬ومزارعها‪ُ ،‬‬

‫‪21‬‬

You might also like