You are on page 1of 4

‫ماستر حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني‬

‫عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية‬

‫تأطير‬ ‫من إعداد الطالبة‬


‫د‪ .‬أحمد التهامي‬ ‫لطيفة ايت الطالب احماد‬
‫مقدمة‬
‫تعتبر العالقة بين مجلس األمن والمحكمة الجنائية الدولية عالقة ذات أهمية خاصة‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب اختالف طبيعة كل منهما‪ ،‬فمجلس األمن هو جهاز سياسي تابع لهيئة األمم المتحدة‬
‫وعلى عكسه المحكمة هيئة قضائية مستقلة بموجب نظامها األساسي‪ ،‬فالمادة ‪ 13‬من هذا‬
‫األخير حددت صالحية مجلس االمن ‪،‬وذلك باحالة حاالت الى المحكمة‪ ،‬تأجيل او توقيف‬
‫نظر المحكمة في قضية ما ‪،‬ربط اختصاص المحكمة بالنظر في جريمة العدوان‪ ،‬وكذا‬
‫صالحية تدعيم وفرض تعاون الدول مع المحكمة‪ ،‬والسبب في منح هذه الصالحيات‬
‫للمجلس ‪،‬يتمثل في الدور الذي يلعبه هذا األخير في الحفاظ على السلم واألمن‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالغرض من منح مجلس األمن سلطة اإلحالة إلى المحكمة هو إعطاء هيئة سياسية سلطة‬
‫مراقبة أعمال هيئة قضائية‪.‬‬
‫واالشكال الذي يطرح بهذا الصدد هو ما مدى تأثير صالحيات مجلس األمن على‬
‫استقاللية المحكمة الجنائية الدولية ؟ وما مدى تأثيره على أدائها لعملها ؟‬
‫هذا ما سنحاول مقاربته من خالل هذا الموضوع والذي سوف نقسمه كاألتي المطلب‬
‫األول سنتطرق لسلطة مجلس األمن بإحالة حاالت إلى المحكمة الجنائية الدولية ثم‬
‫سنتطرق في المطلب الثاني لسلطة مجلس األمن في تعليق نشاط المحكمة والمطلب‬
‫الثالث سنتطرق لسلطة مجلس األمن في فرض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬
‫المطلب األول سلطة مجلس األمن باحالة حاالت الى المحكمة الجنائية الدولية‬
‫بناء على المادة ‪ 13‬من نظام روما األساسي‪ ،‬يمكن لمجلس األمن أن يحيل حالة إلى‬
‫المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‬
‫بشرط أن تتضمن هذه االخيرة تهديدا للسلم واألمن الدوليين‪ ،‬وبالتالي فإن هذا اإلجراء‬
‫ينبع أساسه من التزامات مجلس األمن في إقامة المسؤولية الجنائية الدولية و المعاقبة‬
‫على الجرائم الدولية األشد خطورة في العالم غير أنه يطرح تساؤل محوري بخصوص‬
‫فرضية االحالة من قبل مجلس األمن لحالة تتضمن جرائم حرب‪ ،‬أوجرائم ضد اإلنسانية‬
‫في حالة ما إذا شكلت عدوان‪ ،‬هل بإمكان المدعي العام أن يقوم كذلك بفتح تحقيق حول‬
‫هذه الجرائم عندما تتعلق هذه الحالة بدولة ليست طرف أو دولة طرف في حالة أنها لم‬
‫تقبل باختصاص المحكمة الجنائية الدولية؟ هذا التساؤل لم يجد جوابا صريحا إلى غاية‬
‫اليوم على الرغم من وقوع حاالت مماثلة في بعض الدول كالجرائم التي ارتكبتها‬
‫إسرائيل في قطاع غزة والواليات المتحدة األمريكية في العراق‪ ،‬حيث يبدو بأن مجلس‬
‫األمن يحتفظ بحق تقرير متى يكون هناك عدوان أم ال‪.‬‬
‫بالتالي يترتب على قرارات مجلس األمن المتعلقة باإلحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية‬
‫آثار قانونية تنعكس على مبدأ استقاللية المدعي العام‪ ،‬حيث يظهر هذا من خالل أنه‬
‫على الرغم من أن المادة ‪ 13‬فقرة "ب" من نظام روما األساسي لم تبين بشكل صريح‬
‫مدى إلزامية قرار اإلحالة الذي يصدره مجلس األمن بالنسبة للمدعي العام للمحكمة‬
‫الجنائية الدولية‪ ،‬إال أن المادة ‪ 53‬في الفقرة ‪ 2‬من النظام أجابت بشكل كاف عن هذه‬
‫النقطة‪ ،‬حيث أن للمدعي العام حرية التصرف بالنظر فيه وال يتقيد بشكل تام بهذا‬
‫القرار‪،‬حيث يقوم المدعي العام مباشرة بعدما يحيل إليه مجلس األمن قرار اإلحالة‬
‫بدراسة المعلومات والمستندات المرفقة بالقرار‪ ،‬وبالتالي إما الشروع في التحقيق إذا‬
‫كانت المعلومات المتاحة له تأكد بأن هناك جريمة قد ارتكبت أو يجري ارتكابها وبالتالي‬
‫مقبولية القضية من عدمها‪ ،‬أو عدم الشروع في التحقيق إذا كان هناك انعدام أساس‬
‫قانوني أو أن المقاضاة فيها لن تخدم مصالح العدالة‪.‬‬
‫المطلب الثاني سلطة مجلس األمن في تعليق نشاط المحكمة‬
‫يتميز مجلس االمن ايضا بسلطة إرجاء التحقيق والمقاضاة وذلك وفق شروط محددة‬
‫‪،‬تتمثل في أن يصدر القرار بطلب منه حيث يتوجه بطلب الى المحكمة‪ ،‬وهذا ما بينته‬
‫المادة ‪ 16‬من نظام روما األساسي‪ ،‬بالتالي مجلس األمن يظهر أن له سلطة سياسية في‬
‫إطار حق التدخل المباشر من أجل المحافظة على السلم واألمن الدوليين ‪،‬حيث هو من‬
‫يملك سلطة تقدير ما إذا كان هناك تهديد للسلم أم ال‪ ،‬كما والبد أن تكون مدة إرجاء‬
‫التحقيق والمقاضاة محددة باثني عشرة شهرا ‪،‬هذا التحديد يحظى بأهمية خاصة حيث ال‬
‫يمكن تأجيل تحقيق العدالة لوقت غير معلوم‪ ،‬بالتالي وفي نفس الوقت ال يمكن االنكار ان‬
‫هناك قضايا بقيت أمام مجلس األمن لمدة غير محددة ‪،‬على سبيل المثال القضية‬
‫الفلسطينية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬سلطة مجلس األمن في فرض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية‬
‫ان اشكالية المحكمة الجنائية الدولية تتمثل في عدم وجود قوات تضمن تنفيذ قراراتها في‬
‫مواجهة الدول‪ ،‬ألن إجراءاتها متوقفة على إرادتهم وبالتالي تعاون الدول عامل أساسي و‬
‫حاسم في مالحقة المشتبه بهم‪ ،‬وقد أشارت المادة ‪ 87‬في الفقرة ‪ 7‬من نظام روما‬
‫األساسي إلى أن عدم امتثال دولة طرف بالتعاون مع المحكمة يمكن لهذه األخيرة احالتها‬
‫الى الجمعية الدول االطراف او الى مجلس االمن اذا كان هو من أحال القضية إلى‬
‫المحكمة من قبل ‪،‬ففي هذه الحالة المجلس يصدر قرارا يذكر فيه الدولة الطرف بالتزاماتها‬
‫الناشئة عن النظام االساسي ‪،‬فان استجابت الدولة غير المتعاونة يتوجب عليها بعد ذلك‬
‫تطبيق مواد النظام األساسي المتعلقة بالتعاون الدولي مثال كتسليم األشخاص للمحكمة‬
‫‪،‬بالتالي مجلس األمن يقوم بتدابير ملزمة إلجبار الدولة الطرف بالتعاون مع المحكمة‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫يستنتج مما سبق ان مجلس االمن تربطه عالقة خاصة بالمحكمة الجنائية الدولية وذلك‬
‫عبر إحالة المجلس للقضايا بموجب المادة ‪ 13‬والمادة ‪ 16‬من حيث سلطة إرجاء التحقيق‬
‫والمقاضاة وذلك وفق الشروط المحددة كما بينا كذلك سلطة مجلس األمن في فرض‬
‫التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية إلجبار دولة طرف للتعاون مع المحكمة‪.‬‬

You might also like