You are on page 1of 7

‫قضاء القاضي بعلمه‬

‫‪:‬أوال ً‪ :‬تصوير المسألة‬


‫المق ِّر‬
‫اطلع على واقعة من الوقائع‪ ،‬بسماع ألفاظ ُ‬
‫إذا علم القاضي بحقيقة الحادثة وأسبابها؛ بأن َّ‬
‫خارج مجلس القضاء‪ ،‬أو سمع ألفاظ الطالق في مكان وقوعه‪ ،‬أو رأى الجريمة عند وقوعها‪ ،‬ثم‬
‫رفعت الدعوى لدى القاضي للنظر فيها‪ ،‬والحكم بمضمونها‪ ،‬فهل يحكم القاضي بنا ًء على علمه‬
‫السابق‪ ،‬دون بينة أو إقرار‪ ،‬ويع ُّد علمه السابق طري ًقا من طرق اإلثبات‪ ،‬أم ال ب َّد من الشهادة‬
‫وغيرها من وسائل اإلثبات؟‬

‫ثان ًيا‪ :‬تحرير محل النزاع‬


‫اتفق الفقهاء على أن القاضي ال يقضي بخالف علمه‪ ،‬فإذا قامت البينة على ما ُيخالف علمه‪ ،‬فال‬
‫ليتم تحويلها إلى قاض‬
‫َّ‬ ‫قطعا‪ ،‬ويجب عليه أن َيعتذر عن النظر بالقضية‪،‬‬
‫ً‬ ‫َيجوز له القضاء بالبينة‬
‫‪.‬آخر؛ لينظر فيها عن طريق االنتداب والتفويض‬

‫اتفق الفقهاء على أن القاضي‪ ،‬يقضي بعلمه في التعديل والتجريح‪ ،‬فإذا علم حال الشهود‬
‫عدالة أو فسادًا‪ ،‬فيقبل شهادة العدل‪ ،‬ويرد شهادة المجروح‪ ،‬إال إذا بين المجرح شيئًا جديدًا لم‬
‫يطلع عليه القاضي‪ ،‬فيقدم الجرح بالبينة‪ ،‬وخالف في ذلك الحنابلة في رواية عندهم‪ ،‬خشية‬
‫‪.‬التهمة عليه‬

‫يقضي القاضي بعلمه‪ ،‬فيما يحدث في مجلس القضاء أثناء النظر في الدعوى‪ ،‬وله حق تأديب‬
‫‪.‬من يسيء إلى هيبة القضاء‪ ،‬أثناء المحاكمة‪ ،‬وللقاضي سلطة تقديرية محددة في ذلك‬

‫ً‬
‫حسبة‪ ،‬كأن يسمع القاضي الطالق البائن من الزوج‪،‬‬ ‫يقضي القاضي بعلمه في حق هللا تعالى‬
‫تمس النظام‬
‫ُّ‬ ‫المط َلق بناء على علمه؛ ألنَّ الطالق مِ ن القضايا التي‬
‫فالقاضي يح ِّرك الدعوى ضد ُ‬
‫‪.‬الشرعي العام‬
‫يقضي القاضي بعلمه عند وزن البينات والتَّرجيح بينها‪ ،‬وهذه السلطة التقديرية مقيدة؛ ألن‬
‫القاضي يجب عليه أن يعلل ويبين السبب في م حضر جلسات المحاكمة‪ ،‬وهذا من أجل دفع‬
‫‪.‬التهمة عن القاضي‪ ،‬وتحقي ًقا للعدالة والنَّزاهة في القضاء‬

‫اختلف الفقهاء في قضاء القاضي بعلمه في المدعى به‪ ،‬سواء علمه قبل تولية القضاء‪ ،‬أو بعده‪،‬‬
‫‪.‬قبل الشروع في المحاكمة‪ ،‬أو بعد الشروع وفي جميع القضايا الشخصية أو المدنية أو الجزائية‬

‫‪:‬ثال ًثا‪ :‬منشأ الخالف‬


‫يرجع الخالف في هذه المسألة إلى األمور التالية‬
‫األدلة الواردة في هذه المسالة أدلة ظنية‪ ،‬يتط َّرق إليها االحتمال‪ ،‬والدليل الذي يتط َّرق إليه‬
‫‪.‬االحتمال‪ ،‬يتَّسع للرأي والرأي اآلخر‬

‫االختالف في مدى تطبيق قاعدة الذرائع؛ ألن العلماء وكما يقول الشاطبي‪ :‬اتفقوا في الجملة على‬
‫العمل بقاعدة الذرائع لكنهم اختلفوا في مدى تطبيقها\‪ ،‬فمن رأى أن مناط قاعدة الذرائع‬
‫متحقق في قضاء القاضي بعلمه‪ ،‬ذهب إلى عدم الجواز حتى ال يتخذ بعض قضاة السوء ذلك‬
‫طري ًقا للظلم والكيد من الخصوم واالنتقام منهم‪ ،‬ولهذا ال يقضي القاضي بعلمه ً‬
‫منعا من‬
‫‪.‬الوصول إلى مثل هذا المآل المح َّرم‬

‫عموما في‬
‫ً‬ ‫التأثر بالبيئة‪ ،‬ولهذا أفتى المتأخِّرون بعدم العمل بعلم القاضي؛ لفساد أحوال القضاة‬
‫زماننا‬

‫رابعا‪ :‬رأي الفقهاء في هذه المسألة‬


‫ً‬
‫‪:‬اختلف الفقهاء في قضاء القاضي بعلمه‪ ،‬إلى عدَّة آراء‪،‬هي‬
‫رأي المانعين؛ حيث ذهب بعض العلماء إلى منع قضاء القاضي بعلمه مطل ًقا‪ ،‬وينسب هذا‬
‫الرأي إلى اإلمام مالك واإلمام الشافعي‪ ،‬وهو قول مشهور لإلمام أحمد‪ ،‬ورأي المتأخرين من‬
‫الحنفية‬
‫واستدلوا على رأيهم هذا بما يلي‬
‫‪:‬قال تعالى‬
‫ج ِل ُدوه ُْم ثَ َمانِينَ َ‬
‫ج ْل َد ًة ﴾‬ ‫َات ثُ َّم لَ ْم َيأْتُوا بِأ َ ْربَ َع ِة ُ‬
‫ش َهدَا َء َفا ْ‬ ‫﴿ َوالَّذِينَ َي ْر ُمونَ ا ْل ُم ْ‬
‫ح َصن ِ‬

‫‪:‬وجه االستدالل بهذه اآليات الكريمات‬


‫لم ير ْد في هذه اآليات ذِكر لقضاء القاضي بعلمه؛ ألن الحكم ترتَّب عند عدم البينة‪ ،‬وهو الجلد‪،‬‬
‫‪.‬ولو كان قضاء القاضي بعلمه جائ ًزا‪ ،‬لذِكر مقرونًا بالشهادة‪ ،‬وعدم ذكره دليل على عدم جوازِه‬

‫عن أم سلمة رضي هللا عنها أنَّ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪(( :‬إنكم تختصمون إل َّ‬
‫ي‪،‬‬
‫ُ‬
‫قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله‪ ،‬فإنما أقطع له‬ ‫فمن‬
‫ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض‪َ ،‬‬
‫ً‬
‫قطعة من النار))‬

‫‪:‬وجه االستدالل بهذا الحديث‬


‫ُيفيد الحديث بوضوح أن القضاء يكون بحسب المسموع ال بحسب المعلوم؛ ألنَّ الرسول صلى‬
‫االطالع على أعيان القضايا ُمفصال ً‪ ،‬لكنه لم يفعل‬
‫هللا عليه وسلم قضى بذلك‪ ،‬وكان يمكنه ِّ‬
‫ذلك‪ ،‬وهذا دليل عدم الجواز‬

‫ورد في قصة المتالعنَين أن رجال ً قال البن عباس في المجلس‪ :‬هي التي قال النبي صلى هللا‬
‫رجمت هذه؟)) فقال‪ :‬ال‪ ،‬تلك امرأة‪ ،‬كانت تُظهر في‬
‫ُ‬ ‫عليه وسلم‪(( :‬لو رجمت أحدًا بغير بينة‪،‬‬
‫اإلسالم السوء‬

‫‪:‬وجه االستدالل بهذا الحديث‬


‫فدل ذلك على عدم‬
‫َّ‬ ‫يرجمها بدون بينة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أنَّ النبي صلى هللا عليه وسلم علم بزنا المرأة‪ ،‬لكنه لم‬
‫‪.‬جواز قضاء القاضي بعلمه‬

‫عن عائشة رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم بعث أبا جهم ابن حذيفة مصد ًِّقا‬
‫ل في صدقته‪ ،‬فضربه أبو جهم فشجه‪ ،‬فأتوا النبي صلى هللا عليه وسلم فقالوا‪ :‬القود َفال َّ‬
‫جه‬ ‫رج ٌ‬
‫يا رسول هللا‪ ،‬فقال‪(( :‬لكم كذا وكذا))‪ ،‬فلم يرضوا‪ ،‬فقال‪(( :‬لكم كذا وكذا))‪ ،‬فلم يرضوا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫((لكم كذا وكذا))‪ ،‬فرضوا‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬إني خاطب العشية على الناس‬
‫ُ‬
‫فعرضت‬ ‫ومخبرهم برضاكم))‪ ،‬فقالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فخطب‪ ،‬فقال‪ :‬إن هؤالء الذين أتوني يريدون القود‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فهم المهاجرون بهم‪ ،‬فأمرهم رسول هللا صلى هللا‬ ‫َّ‬ ‫عليهم كذا وكذا فرضوا‪ ،‬أ َ َف َر ِ‬
‫ضيت ُْم؟ قالوا‪ :‬ال‪،‬‬
‫‪.‬عليه وسلم أن يك ُّفوا عنهم‪ ،‬فكفوا‪ ،‬ثم دعاهم فزادهم‬

‫‪:‬وجه االستدالل بالحديث‬


‫إن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يؤاخذهم بعلمه فيهم‪ ،‬ولم يحكم عليهم برضاهم أول مرة‪،‬‬
‫‪.‬وقد علم رضاهم‪ ،‬وهذا دليل على أنَّ القاضي ال يَحكم بعلمه‬

‫القضاء بعلم القاضي يجعل القاضي في موضع التهمة‪ ،‬ويثير الشبهة في قضائه‪ ،‬ويفتح الباب‬
‫لقضاة السوء إلى إنزا ل األحكام الجائرة بأعدائهم وخصومهم‪ ،‬وحتى ال يتخذ قضاة السوء ذلك‬
‫مطية للظلم؛ لذا ال يجوز أن يقضي القاضي بعلمه؛ ألنه يؤدي إلى مآل محظور وهو الظلم‪ ،‬عمال ً‬
‫بقاعدة الذارئع‪ ،‬والتي تقضي بمنع الوسائل المباحة‪ ،‬إذا أدت إلى مآل محظور؛ ألن النظر في‬
‫شرعا‪ ،‬كما ق َّرر ذلك اإلمام الشاطبي ‪ -‬رحمه هللا‬
‫ً‬ ‫‪.‬مآالت األفعال معتبر مقصود‬

‫المجيزون؛ يرى بعض الفقهاء أن القضاء بعلم القاضي جائز مطل ًقا‪ ،‬ويُ َ‬
‫نسب هذا الرأي إلى‬
‫الشافعية في المشهور عندهم‪ ،‬واإلمام أحمد في رواية عنه‪ ،‬وابن حزم‪ ،‬والصاح َبين من الحنفية‬

‫‪:‬واستدلوا على ذلك‪ ،‬بما يلي‬


‫ش َهدَا َء لِلَّ ِه َولَ ْو َع َلى أَنْ ُف ِ‬
‫سك ُْم ﴾ [النساء‪: :‬قال تعالى‬ ‫ط ُ‬
‫ِس ِ‬ ‫﴿ يَا أَيُّ َها الَّذِينَ َ‬
‫آمنُوا كُونُوا َق َّوامِ ينَ بِا ْلق ْ‬
‫‪ ]135.‬اآلية‬

‫‪:‬وجه االستدالل باآلية الكريمة‬


‫أن هللا سبحانه وتعالى َ‬
‫أم َر بإقامة العدل‪ ،‬ومِ ن إقامة العدل أن يقضي القاضي بعلمه‪ ،‬وعدم‬
‫شرعا‪ ،‬عمال ً بنص اآلية الكريمة‬
‫ً‬ ‫‪[12].‬ذلك يؤدِّي أن يترك الظالم على ظلمه‪ ،‬وهذا ال يجوز‬
‫عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬دخلت هند بنت عتبة‪ ،‬امرأة أبي سفيان‪ ،‬على رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول هللا! إن أبا سفيان رجل شحيح‪ ،‬ال يعطيني من النفقة ما‬
‫علي في ذلك من جناح؟ فقال‬
‫َّ‬ ‫بني‪ ،‬إال ما أخذت من ماله بغير علمه‪ ،‬فهل‬
‫َّ‬ ‫يكفيني‪ ،‬ويكفي‬
‫‪.‬رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬خذي من ماله بالمعروف‪ ،‬ما يكفيك ويكفي بنيك))‬

‫‪:‬وجه االستدالل بالحديث‬


‫أنَّ النبي صلى هللا عليه وسلم حكم لهند بنا ًء على علمه؛ ألنه لم يطلب منها ب ِّينة‪ ،‬وهذا دليل‬
‫‪.‬واضح على جواز الحكم بعلم القاضي‬

‫عن سعيد بن األطول أنَّ أخاه مات وترك ثالثمائة درهم‪ ،‬وترك عياال ً‪ ،‬قال‪ :‬فأردت أن أنفق على‬
‫فاقض عنه))‪ ،‬قلت‪ :‬يا‬
‫ِ‬ ‫عياله فقال لي النبي صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬إن أخاك محبوس بدينه‪،‬‬
‫رسول هللا‪ ،‬قد قضيت عنه إال دينا َرين ادَّعتْهما امرأة‪ ،‬وليست لها بينة‪ ،‬قال‪ :‬أعطها فإنها‬
‫مح َّقةٌ))‪ ،‬وفي ٍ‬
‫لفظ‪ :‬صادقة‬

‫‪:‬وجه االستدالل بالحديث‬


‫يفيد الحديث بوضوح أن النبي صلى هللا عليه وسلم قضى بعلمه في هذه القضية؛ ألن المدعية‬
‫لم تقدم بينة في ذلك لعدم وجود البينة‪ ،‬وال يوجد إقرار في ذلك؛ وهذا دليل واضح على جواز‬
‫القضاء بعلم القاضي‬

‫((من رأى منكم منك ًرا‪ ،‬فل ُيغ ِّيره بيده‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم‪َ :‬‬
‫لم يستطع فبقلبه))‬

‫‪:‬وجه االستدالل بالحديث‬


‫أن من األمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يقضي القاضي بعلمه؛ ألنه ليس من العدل‬
‫‪.‬والمعروف أن يسمع القاضي رجال ً ُيطلِّق امرأته‪ ،‬ويقره على ذلك‬
‫القاضي يقضي بنا ًء على الشهادة وهي تفيد الظن‪ ،‬فمن باب أولى أن يقضي القاضي بعلمه؛ ـ‬
‫‪.‬ألن علمه يفيد اليقين‬

‫أن عدم القول بقضاء القاضي بعلمه‪ ،‬يؤدي إلى أحد أمرين؛ وهما‪ :‬تعطيل األحكام أو فسق‬
‫منعا لهذا المآل المح َّرم‬
‫شرعا؛ فثبت القول بقضاء القاضي بعلمه؛ ً‬
‫ً‬ ‫‪.‬الحكام‪ ،‬وكالهما ال يجوز‬

‫خامسا ‪ -‬المناقشة والتَّرجيح‬


‫ً‬ ‫‪:‬‬
‫‪:‬مناقشة أدلة المانعين‬
‫االستدالل باآليات الكريمة استدالل غير صحيح؛ ألنَّ اآليات الكريمة تتحدَّث عن البينة‬
‫الشخصية‪ ،‬والحكم بنا ًء عليها‪ ،‬وهذا أمر صحيح ومتَّفق عليه بين الفقهاء؛ ولكن اآليات الكريمة‬
‫لم تُش ْر إلى قضاء القاضي بعلمه‪ ،‬ال بالنفي وال باإلثبات؛ ولهذا تكون اآليات الكريمة في غير محل‬
‫النزاع‬

‫حديث‪(( :‬إنكم تَختصمون إل َّ‬


‫ي ‪ ،))..‬يتحدث عن حرمة تضليل العدالة‪ ،‬وهو أمر متَّفق عليه بين‬
‫الفقهاء‪ ،‬وهو خارج محل النزاع‪ ،‬والحديث لم يش ْر لقضاء القاضي بعلمه‪ ،‬ال بالنفي وال باإلثبات‪،‬‬
‫يصح االحتجاج به في هذه المسألة‬
‫ُّ‬ ‫‪.‬ولهذا ال‬

‫األدلة األخرى أدلة صحيحة وقوية في داللتها على منع القاضي من القضاء بعلمه‪ ،‬وخاصة‬
‫تصح شهادة الوالد لولده‪ ،‬والزوج لزوجه‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫المعقول منها؛ ألن القضاء تؤثر فيه التهمة؛ ولهذا ال‬
‫والعدو على عدوه؛ للتُّهمة‪ ،‬والتهمة متح ِّققة في قضاء القاضي بعلمه خاصة في زماننا لفساد‬
‫القضاة‬

‫‪:‬مناقشة أدلة المجيزين ‪-‬‬


‫محل النزاع؛ ألن ‪:‬اآلية الكريمة‬
‫ِّ‬ ‫ش َه َدا َء لِلَّ ِه ﴾ [النساء‪ ،]135 :‬في غير‬
‫ط ُ‬ ‫﴿ كُونُوا َق َّوامِ ينَ بِا ْلق ْ‬
‫ِس ِ‬
‫اآلية تشير إلى العدالة‪ ،‬وبريدها الب ِّينة الصحيحة‪ ،‬والحكم ُيبنى على بينة صحيحة ال تضليل فيها‪،‬‬
‫‪.‬ويكون معلال ً ومبينًا سببه‪ ،‬وهذا أمر متفق عليه بين الفقهاء‬
‫االستدالل بحديث هند بنت عتبة استدالل في غير محله؛ ألنَّ هند لم ترفع دعوى في حق زوجها‪،‬‬
‫ولم تُخاصم زوجها‪ ،‬وإنما سألت الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهذا استفتاء محض‪ ،‬والفتيا‬
‫‪.‬غير القضاء؛ ولهذا يكون الحديث خارج محل النزاع‬

‫االستدالل بقوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬من رأى منكم منك ًرا)) غير صحيح؛ ألن الحديث يوجب‬
‫المنكَر‪ ،‬دون أن تتط َّرق التهمة في تغييره‪ ،‬والتهمة متح ِّققة في قضاء القاضي بعلمه‪ ،‬وله‬
‫تغيير ُ‬
‫‪.‬أن يكون شاهدً ا لدى حاكم آخر‪ ،‬ينظر الدعوى‪ ،‬وبهذا يغ ِّير المنكر‪ ،‬ويدفع التُّهمة عن نفسه‬

‫وأما األدلة األخرى‪ ،‬فإنها جميعها يتط َّرق إليها االحتمال‪ ،‬ومن ذلك عدم ُّ‬
‫توفر أركان الدعوى فيها‪،‬‬
‫ولذا تكون من باب الفتيا وليس من باب القضاء‪ ،‬وقد تكون من باب خصوصيات الرسول صلى‬
‫‪.‬هللا عليه وسلم؛ ألن التهمة ُمنتفية في حق الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

You might also like