Professional Documents
Culture Documents
تلخيص الفصل الأول والثاني من قانون الأحداث رقم 111 لسنة 2015م
تلخيص الفصل الأول والثاني من قانون الأحداث رقم 111 لسنة 2015م
1
الفصل ألاول
لقد أورد المشرع الكويتي أحكام خاصة باألحداث ،والعلة في ذلك أن األحداث الذين لم يبلغوا الثماني عشرة
سنة يشكلون طائفة خاصة من المجرمين ،وذلك بالنظر إلى أهلية األسناد ،حيث إنهم ليس مسؤولين
مسؤولية كاملة كالبالغين ،وال هم غير مسؤولين على اإلطالق ،حيث تتفاوت مسؤوليتهم الجزائية وفقا
النعدام أو تدرج اإلدراك والتمييز لديهم.
وقد كانت الشريعة اإلسالمية سباقة في تدرج المسؤولية الجزائية للصغير علي حسب الفئة العمرية لسنه،
حيث ميزت بين الصغير المميز ،وغير المميز والبالغ ،ووضعت قواعد خاصة منظمة لمسؤوليتهم حسب
المراحل التي يمرون بها ،فشرعت عقوبات خاصة بهم حماية للنظام العام ومراعاة لشخص الحدث وتتفق
معظم التشريعات الجزائية ومنها قانون الجزاء وقانون األحداث الكويتي على انعدام مسؤولية الحدث الذي
لم يبلغ السابعة من عمره ،فهو غير مميز ،ثم تتدرج التشريعات في تخفيف المسؤولية الجزائية على حسب
المراحل العمرية للحدث ،فمن كان دون السابعة فهو غير مميز وتنعدم مسؤوليته الجزائية ،أما من بلغها
دون عارض ينال ملكاته الذهنية فهو مميز ،أما من بلغ سن السابعة ولم يبلغ الخامسة عشرة ،فإن هللا يعد
سببا لتخفيف مسؤوليته الجزائية.
ومن ثم ،فإن قانون األحداث قد قسم المسؤولية الجزائية لألحداث على حسب المرحلة العمرية إلى ثالثة
مراحل نتناولها بالتفصيل على النحو التالي:
المبحث األول
هذه المرحلة العمرية من من الحدث ،تبدأ منذ الميالد ،وحتی يبلغ السابعة من عمره ،ويطلق الفقهاء على
الصغير في هذه المرحلة الصبي غير المميز ويطلق بعضهم على هذه المرحلة مرحلة انعدام اإلدراك
والتمييز.
االتجاه الغالب في النظم التشريعية هو تحديد سن لعدم تمييز الحدث تبدأ من الميالد وتنتهي في سن السابعة
أو الثامنة على اختالف هذه التشريعات يفترض فيها عدم تمييز الحدث مطلقا وإن كان غير ذلك من الناحية
الفعلية ومن ثم عدم إخضاعه للمسؤولية الجزائية وعدم تطبيق التدابير والعقوبات عليه.
وقد نصت المادة الثانية من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112على أنه" :ال يسأل جزائيا الحدث الذي لم يبلغ
من العمر سبع سنوات كاملة وقت ارتكابه أي واقعة تشكل جريمة يعاقب عليها القانون".
2
المطلب األول
إنه يشترط لقيام الجريمة ،تحقق ركنيها المادي والمعنوي معا ،حيث يمثل الركن المادي ،السلوك المادي
الذي يحظره القانون ،ويمثل الركن المعنوي اإلرادة اآلثمة التي توجه هذا السلوك .فهو يمثل العالقة
الشخصية النفسية بين الفعل اإلجرامي ومرتكبه ،حتى يمكن إسناد الخطأ إليه ،ولكي يمكن إسناد الجريمة
إلى الفاعل البد من توافر اإلدراك والتمييز واإلرادة عند مرتكب الفعل فإن تخلف أحدهما انتفى الركن
المعنوي ومن ثم انتفت األهلية الجنائية.
لذلك يمكن القول بأن المسؤولية الجنائية تنتفي إذا لم يتوفر أحد الشرطين إما اإلدراك أو التمييز ،وبالتالي
عدم القدرة على االختيار ،فيطلق على األسباب التي تجعل الفرد غير قادر على االختيار (موانع المسؤولية
الجنائية) ألن أثر هذه األسباب إذا توفرت يتمثل في عدم اعداد القانون بارادة من صدرت عنه ماديات
الجريمة ومن ثم عدم مساءلته جنائيا عن األفعال التي ارتكبها.
واإلدراك ،وهو معرفة اإلنسان ما يفعل خير أو شرا ،ووجود اإلرادة منه ،وهي توجيه الطاقة النفسية لفعل
شيء أو االمتناع عن فعلها.
ويقصد باإلرادة قدرة الشخص على التحكم فيما يباشره من فعل أو امتناع ،أي سلوكه اإليجابي أو السلبي،
فيجب أن تتوافر اإلرادة الحرة للجاني ،بحيث يكون مسيطرا على تصرفاته ،فهي حجر الزاوية للمسؤولية
الجزائية ،سواء أكانت الجريمة عمدية أو ناتجة عن خطأ غير عمدي .
فاإلرادة تعبر عن قوة داخلية نفسية ومعنوية يعبر عنها اإلنسان في سلوكه الخارجي ،وحرية اإلنسان في
التصرف ليست مطلقة ،ألنها تحكمها رغبات ونزعات ومؤثرات مختلفة داخلية وخارجية ،إال أن هذه
العوامل ال يجوز أن تقلل من سيطرته عليها .
المطلب الثاني
إذا كان مناط المسؤولية الجزائية واإلدراك والتمييز ،فإن المسؤولية الجزائية تنعدم في حق اإلنسان
بالسنوات األولى من عمره ،وذلك النعدام التمييز لديه ،ويسمى في هذه المرحلة بالصبي غير المميز ،فقد
اعتبر المشرع الكويتي كل من لم يبلغ السابعة من عمره عديم التمييز ،ومن ثم منعدم المسؤولية الجزائية
بصورة مطلقة.
ومعنى عدم التمييز عند الصبي غير المميز ،هو انعدام قدرته على فهم ماهية العمل اإلجرامي الذي يقوم به
والنتائج المترتبة على عمله ،ومن ثم ال يجوز تحريك الدعوى الجزائية ضده إذا ارتكب فال يعتبره القانون
جريمة.
3
فقد نصت المادة 5من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112على أنه" :ال يسأل جزائيا الحدث الذي لم يبلغ من
العمر سبع سنوات كاملة وقت ارتكاب أي واقعة تشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
ويتضح من هذا النص أنه تضمن قرينة غير قابلة إلثبات العكس ،فقد افترض المشرع أن الحدث الذي لم
يبلغ السبع سنوات تنعدم لديه كل من التمييز واإلدراك منال اإلرادة.
وعلى ذلك ،فإن القانون قد وضع لهذه المرحلة السنية قرينة قاطعة غير قابلة إلثبات العكس ،وهي افتراض
عدم التمييز إطالقا .لذلك ال يقبل من المحكمة أن تقيم الدليل على إدراك الحدث في هذه السن ،حتى وإن رأت
أنه قادر على التمييز.
وال يمكن للمحكمة أن تطبق على الحدث الذي لم يتم السابعة من عمره أي عقوبة جزائية أو تدبير ،إال تدبير
التسليم أو اإليداع في إحدى المستشفيات العالجية والمؤسسات االجتماعية المتخصصة بحسب الحالة،
وهو ما نصت عليه المادة ( )2فقرة ( )5من قانون األحدات رقم 111لسنة .5112
المبحث الثاني
في هذه المرحلة ،يحمل المشرع الحدث نوعا من المسؤولية الجزائية ،إال أنها مسؤولية مخففة ،وعلة ذلك.
أن الحدث في هذا السن أصبح قادرا على التمييز واالختيار ،إال أنه رغم ذلك لم يبلغ حد كمال اإلدراك
والتمييز بين ماينفع وما يضر ،وقد وضع المشرع في هذه المرحلة العمرية مجموعة من التدابير
اإلصالحية التي تقوم إعوجاج سلوكيات الحدث ،وترك للقاضي حرية االختيار من هذه التدابير بما يتناسب
مع من الحدث ودرجة إدراكه وحالته البدنية والخلفية والباعث على الجريمة والظروف التي يعيش فيها.
وتتأسس هذه المسؤولية على اعتبار أن الحدث قد أصبح يستجيب إلى حد ما لشرط اإلرادة واألهلية
للمساءلة الجزائية مع أن قدرات اإلدراك واإلرادة لم تكتمل لديه بشكل كاف ،ما جعل الفقه يشكك في طبيعة
مسؤوليته في هذه المرحلة ويصفها بالمسؤولية االجتماعية انطالقا من أن المجتمع هو المسؤول عن
انحراف األحداث في هذه السن.،
فقد عامل المشرع الكويتي الحدث ،الذي أتم السابعة ولم يكمل الخامسة عشرة من عمره وفق خطة تنطوي
على محاولة تهذيبه وتأهيله لحياة شريفة عن طريق اتخاذ بعض التدابير ،حيث إن العقوبات المقررة في
قانون الجزاء عن الجرائم المرتكبة ال تصلح عادة في عالج األحداث في هذه السن ،بل قد ترسخ نزعة
اإلجرام في نفوسهم بدال من انتزاعها منهم.
4
المطلب األول
إن إخضاع الحدث في سن المسؤولية االجتماعية للتدابير اإلصالحية إنما يهدف إلى إصالحه وتقويمه
وتأهيله وإعادة صقل نفسه المنحرفة لتعود إلى فطرتها الطبيعية ،وهذا الهدف تتركز فيه أغراض التدابير
في مواجهة الخطورة الكامنة في شخص المنحرف القضاء عليها قبل أن تتأصل وتصعب مواجهتها،
وتقتضي المواجهة أال يترك الحدث المنحرف أو المعرض لالنحراف دون توجيه وتقويم بل تقتضي
إخضاعه ألساليب التربية والتهذيب التي تمكنه من الرجوع إلى النماذج السلوكية التي توافق قيم المجتمع.
فالتركيز على التأهيل واإلصالح كغرض أساسي للتدابير اإلصالحية بشان األحداث برز على إثر الشكوك
التي أثيرت حول نظام العقوبة ومدى قدرتها على تحقيق هذه األغراض والتي أفضت في النهاية إلى
استبعادها من محيط األحداث السيما المهددين بخطر االنحراف منهم والتعويل على التدابير اإلصالحية
والتقويمية كبدائل للعقوبة الجزائية بشأنهم خاصة فيما دون السن التي تؤهلهم للمسؤولية الجزائية المخففة.
ولقد نصت المادة 2من قانون األحداث رفم 111لسنة 5112على التدابير اإلصالحية المقررة لألحداث الذين
أتموا السابعة ولم يبلغوا الخامسة عشرة من عمرهم بقولها " :إذا ارتكب الحدث الذي أتم السابعة ولم يكمل
الخامسة عشرة من العمر جريمة يحكم عليه باحد التدابير األتية:
التسليم.
االختبار القضائي.
وال يحكم على هذا الحدث بأية عقوبة أو تدبير منصوص عليه في قانون آخر ،فإذا لم يبلغ السابعة من عمره
فال يتخذ في شأنه إال تدبير التسليم أو اإليداع في إحدى المستشفيات العالجية والمؤسسات االجتماعية
المتخصصة بحسب الحالة.
5
الفرع األول
التسليم
يقصد بالتسليم :تسليم الحدث إلى ولي أمره ،فإذا لم تتوافر فيه الصالحية للقيام بتربيته ،سلم إلى من يكون
أهال لذلك من أقاربه أو أي شخص أخر مؤتمن يتعهد بتربيته وضمان حسن سيره ،أو إلى أسرة موثوق بها
يتعهد ربها بذلك.
وإذا كان الحدث ذا مال أو كان له من يلزم باإلتفاق عليه قانونا وطلب من حکم بتسليمه إليه تقرير نفقة له
عين القاضي المبلغ الذي يؤخذ من مال الحدث أو يلزم به المسؤول عن النفقة .وهو ما نصت عليه المادة 6
من قانون األحداث رقم 111لسنة .5112
وعلى ذلك ،فإن المشرع رتب األشخاص الذين يتم التسليم ألحدهم على الوجه سالف الذكر ،بمعنى أنه ال
يجوز التسليم إلى واحد منهم إال عند عدم صالحية المتقدمين عليه في ذلك الترتيب ،ومرجع هذا الترتيب
هو مصلحة الصبي فتكون األولوية لمن تهمهم مصلحة الصبي ثم من يليه وهكذا ،على أن يكون التسليم
ألحد األبوين ،أو وليه أو وصيه أو ألحد أقربائه الموثوق فيهم ،أو أسرة بديلة ،وذلك لإلشراف الدقيق على
سلوكه ،ويكون المستلم ملتزم بذلك طبقا للنظام والقانون.
حيث إن الغرض من هذا اإلجراء التقويمي تهذيب الحدث وتربيته وإصالحه واالهتمام به ورعايته
ومراقبته مراقية جدية ومنعه من ارتكاب أفعال مخالفة القانون ،وهو ما يكون متمثال في والدي الحدث.
ومع كل ما جاء من تدابير إصالحية في القانون ضد الحدث المنحرف فالقانون وضع القواعد التي يجب
أن تتوفر بالمتسلم سواء كان أحد الوالدين أو الولي ،لتطبيق اإلجراءات اإلصالحية والتهذيبية.
الفرع الثاني
يقصد باإللحاق بالتدريب المهني أن يوضع الحدث باحد المراكز أو المعاهد المتخصصة أو أحد المصانع
أو المتاجر أو المزارع المختصة بذلك التي تقبل تدريبه وبما يتناسب مع ظروف الحدث وبما ال يعيق انتظام
الحدث في التعليم األساسي وتحدد المحكمة في حكمها مدة لهذا التدبير ال تجاوز ثالث سنوات.
وتكمن أهمية هذا التدبير في أنه يعتبر من الناحية التقويمية ذات طبيعة مزدوجة .إذ تلجأ إليه المحكمة كتدبير
وقائي تحمي به الحدث المتعطل ،أو المشرد من الوقوع في هوة اإلجرام أو التعرض لالنحراف ،كما قد
تلجأ إليه المحكمة كتدبير عالجي يتبع مع الحدث فيما إذا كان قد ارتكب جريمة بالفعل ،أو خالف المعايير
السلوكية المتعارف عليها بين الناس.
6
وتتمتع محكمة األحداث بسلطة تقديرية أثناء الحكم بهذا التدابير على أن يكون الحكم الصادر من قبلها
مالئما ،وحالة اإلنحراف التي يتعرض لها الحدث وال يحکم به إال إذا وجد الحدث في حالة تسول أو تشرد
أو عدم وجود من يرعاه أو من يتولى اإلنفاق عليه ،ويتعين على المحكمة قبل الحكم بهذا التدبير أن تتحرى
من مكان التدريب خاصة المراكز غير المتخصصة ،ويجب التفرقة بين المراكز التابعة للدولة ،وكذا
المراكز التابعة لجهات خاصة.
ومدة التدبير على العمل تختلف من حدث آلخر ،ونوع العمل الذي يتدرب عليه الحدث ،أيضا تختلف المدة
الالزمة إلتقانه من عمل آلخر ،وهذا يتطلب أال تحدد المحكمة مدة لهذا التدبير ،لكن المشرع وضع حد
أقصى للتدبير تقرر أنه ال يجوز أن تزيد مدة بقاء الحدث في جهة التدريب على ثالث سنوات.
أما شروط اإللتحاق بالتدريب المهني فيشترط في المدارس ،والمراكز التي تقوم بهذه المهمة أن تكون على
درجة من اإلدارة والتنظيم واالنضباط والجدية كما يجب أن تكون هذه الصفات ،والخصائص متوافرة
أيضا في العاملين بها بحيث يكونوا على درجة كبيرة من األخالق الحميدة والسلوك الحسن ،ويشترط كذلك
في التدريب الذي يجري للحدث أن يكون تدريبا على أعمال ،أو حرف أو مهن ،مفيدة ،ومطلوبة حسب
احتياجات سوق العمل السائدة في البالد إذ ال يجوز تدريب الحدث على مهن لم يعد المجتمع في حاجة إليها.
الفرع الثالث
يعتبر من التدابير التي أقرتها معظم التشريعات العربية ،فقد أقر المشرع الكويتي هذا التدبير حيث نصت
المادة 9من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112على أنه ":يكون الحكم بإلزام الحدث بأحد الواجبات التالية أو
جميعها على أن تحدد مدة لذلك:
-4يحظر على الحدث التردد على األماكن التي يشاهد فيها أفالم العنف أو أفالم إباحية أو ما شابه ذلك التي
تؤدي إلى انحرافه أو إلى تقليد تلك األفالم مما فيها من أثار سلبية ضارة ،على أن ال تقل مدة اإللزام عن ستة
أشهر وال تزيد على ثالث سنوات...
7
الفرع الرابع
االختبار القضائي
إن هذا التدبير نظام عقابي قوامه معاملة تستهدف التأهيل أساسا ،وتفترض تقييد الحرية عن طريق فرض
التزامات والخضوع إلشراف شخصي ،فإن ثبت فشلها استبدل بها سلب الحرية.
وقد بين المشرع في المادة 11من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112المقصود باالختبار القضائي والذي هو:
وضع الحدث في بيئته الطبيعية تحت إشراف وتربية وتوجيه مراقب السلوك وذلك بأمر من محكمة
األحداث يحدد فيه الشروط الواجب مراعاتها ومدة االختبار على أال تتجاوز السنتين ،وعلى أن تتم
إجراءاته بمكتب المراقبة االجتماعية.
وعلى ذلك ،فإن االختبار القضائي كتدبير وقائي وعالجي في مجال األحداث المنحرفين بمقتضاه يظل
الحدث المنحرف في بيئته الطبيعية مستمتع بحريته تحت رعاية من تسلمه ،وتحت مالحظة شخصية من
أحد المتخصصين في الخدمة االجتماعية (مراقبه السلوك) لفترة يحيطه فيها بالنصح والتوجيه والمساعدة
ابتغاء تقويم الحدث وإصالحه ،فاالختبار القضائي كما قال الفقيه جون بول هو "إصالحية بدون جدران".
وإذا فشل الحدث في االختبار القضائي عرض األمر على المحكمة مرة أخرى لتتخذ ما تراه مناسبا من
التدابير األخرى المناسبة والمقررة في المادة ( )2من قانون األخداث رقم 111لسنة .5112
الفرع الخامس
إن اإليداع يتحقق عندما تأمر محكمة األحداث بإيداع الحدث في إحدى مؤسسات الرعاية االجتماعية التابعة
لوزارة الشؤون االجتماعية والعمل لفرض إيواء ورعاية األحداث المنحرفين واألحداث المعرضين
لالنحراف ،فإذا كان الحدث ذو عاهة يكون اإليداع في مؤسسة مناسبة لتأهيله.
ويفترض هذا التدبير إخضاع الحدث لعالج تقويمي متكامل يتسع لكل جوانب حياته ،بغية إعادته للتكيف
االجتماعي وجعله عنصرا مفيدا في مجتمعه بعد خروجه من المؤسسة.
ومؤسسات الرعاية االجتماعية لألحداث قد تكون تابعة لوزارة الشؤون االجتماعية أو لجهات أخرى
معترف بها ،ويجب أن يتم وضع الحدث في المؤسسات التي تتناسب وقدراته ودرجة تهذيبه ويعتمد كل
ذلك على اإلدارة التي تقوم عليها وطريقة العمل فيها واألنظمة التي تحدد دور المؤسسات وعالقتها بالحدث
من وقت إرساله إليها حتى ذلك اليوم الذي يترك فيه الحدث هذه المؤسسة ،وقد تستمر هذه العالقة حتى بعد
خروجه من المؤسسة واندماجه في المجتمع.
8
الفرع السادس
إذا تبين لمحكمة األحداث أن الحالة الصحية للحدث المنحرف أو المعرض لالنحراف تستدعي الرعاية أو
العالج الطبي فقد أجازت المادة 15من القانون رقم 111لسنة 5112المحكمة أن تقرر إيداعه مؤسسة صحية
مناسبة لهذا الغرض للمدة التي تستدعي حالته الصحية البقاء فيها تحت اإلشراف الطبي المطلوب وفقا
للتقارير الطبية واإلجتماعية على أن يعاد النظر في أمر هذا التدبير اذا تعين للمحكمة أن حالته الصحية
أصبحت تسمح بذلك.
فالمشرع الكويتي أجاز للمحكمة أن تودع الحدث في مأوى عالجي إذا وجدت أن حالته الصحية تستدعي
الرعاية أو العالج الطبي ،ومن ثم ،فإنه من حق القاضي أن يستعين في فحص حالة الحدث ،برأي أهل
الخبرة من األطباء العقليين واألخصائيين النفسيين ،قبل إيداعه في مأوی عالجي لتلقي العناية التي تدعو
إليها حالته ،وللقاضي تقدير التقرير الطبي فله أن يأخذ به أو يطرحه.
و المشرع الكويتي لم يحدد مدة العالج في المؤسسة العالجية ،وإنما المؤسسة العالجية هي التي تقرر إنهاء
حجز الحدث في المؤسسة عندما يتماثل للشفاء من السبب الذي دعا إلى إيداعه بها ،وذلك بمراقبة المحكمة
لحالة الحدث ،وفي جميع األحوال ال يجوز بقاء الحدث في هذه المؤسسات إذا بلغ الحادية والعشرين ،فإذا
استدعت حالته االستمرار في العالج ،فإنه ينقل إلى المستشفيات المخصصة للكبار.
المطلب الثاني
األصل أن يكون التدبير االحترازي غير محدد المدة ،والعلة في ذلك أن الهدف األساسي من التدبير
االحترازی هدف وقائي ،حيث إنه يهدف إلى مواجهة الخطورة اإلجرامية واالجتماعية الكامنة في
شخصية الحدث ،لمنع إقدامه على ارتكاب الجريمة في المستقبل ،ومن ثم فإن وجوب فرض التدبير
االحترازی يکون متناسب مع الخطورة اإلجرامية وجودا وعدما۔
وعلى ذلك ،فإن التدابير التي تفرض على األحداث في سن معين ال يحدد القاضي مدتها مسبقا أي حين
النطق بها ،وإنما يكون زوال فرض التدبير مرتبطا بزوال الخطورة اإلجرامية للحدث ،ويترك أمر تقدير
ذللك للسلطة المختصة حين يثبت أن التدبير قد حقق هدفه في تهذيب الحدث وإصالحه.
وتختلف التشريعات حول ضرورة تحديد مدة اإليداع في إحدى المؤسسات التربوية التي تمر بها المحكمة
في حكمها على الحدث ،فهناك تشريعات تلزم المحكمة بضرورة تحديد مثل هذه المدة شأنها في ذلك شأن
العقوبات الجنائية التي تتضمن مثل هذا التحديد ،كما أن هنالك تشريعات أخرى ترى عدم جدوى هذا التحديد
في الحكم ،وذلك ألن أمر الحدث مرهون بزوال حالته الخطرة وهذه الحالة هي كالمرض .بمعنى أن مدد
التدابير تخضع لقواعد خاصة.
9
موقف المشرع الكويتي:
اعتبر المشرع الكويتي الحد األقصى للتدبير ثالث سنوات بالنسبة لتسليم الحدث إلى غير الملزم باإلنفاق،
وكذلك بالنسبة لتدبير اإللحاق بالتدريب المهني ،وتدبير اإللزام بواجبات معينة ،أما تدبير اإليداع في
المأوى العالجي فلم يضع المشرع حد أقصى لإليداع وإنما قرر إنه إذا بلغ الحدث الحادية والعشرين ينقل
إلى المستشفيات المخصصة لرعاية الكبار.
أما الحد األدنى للتدبير فقد قرره المشرع في حالة واحدة فقط وهي حالة اإللزام بواجبات معينة وجعل الحد
األدنى ستة شهور.
وقد حرص المشرع على إخضاع الحدث لالختبار القضائي مدة ال تزيد على سنتين حيث نصت المادة ()11
من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112على أن ":يتم االختبار القضائي بوضع الحدث في بيئته الطبيعية تحت
التوجيه واإلشراف مع قيامه بالواجبات التي تحددها المحكمة والتي يقترحها مراقب السلوك وذلك لمدة ال
تزيد على سنتين.
يجوز لمحكمة األحداث وفقا للمادة ( )51من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112الحكم بإطالة مدة التدبير بما
ال يجاوز نصف الحد األقصى المقرر للتدبير أو أن تستبدل التدبير بتدبير آخر يتفق مع حالة الحدث الذي
يخالف أحكام التدبير المفروض عليه في أحد البنود (- 3االلتزام بواجبات معينة) و( -4االختبار القضائي) و(2
-اإلبداع في إحدى مؤسسات الرعاية االجتماعية) و( - 6اإليداع في إحدى المستشفيات العالجية
المتخصصة) من المادة رقم ( )2من قانون األحداث وهذا كله بعد سماع أقوال الحدث المخالف .
وتنتهي تدابير األحداث عموما ببلوغ الحدث المحكوم عليه الحادية والعشرين ،وذلك حماية للحريات
الفردية بضمان أال يبقى الشخص معتقال مدى حياته ،وهذا ما نصت عليه المادة ()14۔
قررت المادة ( )13على أنه " إذا ارتكب الحدث الذي لم تبلغ سنه خمس عشرة سنة عدة جرائم الغرض واحد
بحيث ارتبطت بعضها ببعض ارتباطا ال يقبل التجزئة أو إذا كون الفعل الذي ارتكب جرائم متعددة وجب
الحكم بتدبير واحد مناسب ،کمايتبع ذلك إذا ظهر بعد الحكم بالتدبير أن الحدث ارتكب جريمة أخرى سابقة
أو الحقة على ذلك الحکم".
فنرى أن المشرع قد قرر للحدث الذي لم يبلغ سن الخامسة عشرة من عمره في المادة ( )13على وجوب الحكم
بتدبير واحد مناسب ،فتعرضت المادة في شقها األول إلى حالة االرتباط الذي ال يقبل التجزئة بارتكاب
(الجرائم التعدد المادي) وحالة التعدد المعنوي بمعنى أن يرتكب الحدث فعال واحدا ولكنه يشكل عدة جرائم،
11
أما الشق الثاني من المادة فتطرقت الحالة غريبة وهي حالة إذا ظهر بعد الحكم بالتدبير ارتكاب الحدث
جريمة أخرى سابقة أو الحقة على ذلك الحكم ،فوفقا لهذا النص وحتى عند عدم وجود ارتباط بين الجريمة
التي صدر بها الحكم والجريمة األخرى فإنه يجب على المحكمة أن تصدر عليه حكما واحدا.
تقادم التدبير:
لقد قرر المشرع في المادة ( )21من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112مدة القادم العقوبة حيث نصت على
أنه ":ال ينفذ أي تدبير أغفل تنفيذه لمدة سنة كاملة من يوم النطق به إال بقرار جديد يصدر من المحكمة بناء
علی جلب نيابة األحداث بعد أخذ رأي مراقب السلوك".
وعلى ذلك ،إن القانون وضع أسسا للعقوبات وجعل العقوبة ال تدوم إلى األبد بل عمل المشرع على إسقاط
العقوبة بعد مضي مدة "التقادم" ،ويكون للمحكمة أن تقرر سقوط العقوبة بالتقادم من تلقاء نفسها حتى لو لم
يطلب المتهم ذلك الحق العتباره من النظام العام ،والتقادم ال يبدأ إال من تاريخ النطق بالحكم.
المبحث الثالث
حيث تجمع التشريعات على استبعاد العقوبة المتناهية في الشدة من التطبيق في محيط األحداث المنحرفين
كاإلعدام واألشغال الشاقة والسجن المؤبد تأسيسا على أن هذه العقوبات ال تالئم حالة الحدث في شيء،
فعقوبة اإلعدام
فقد اعتبر المشرع أن من بلغ الخامسة عشرة ولم يبلغ الثامنة عشرة مسؤوال جزائيا ،إال أن هذه المسؤولية
هي مسؤولية مخففة ،حيث استبدل عقويات مخففة على الحدث محل العقوبات المقررة للجريمة في حالة
المسؤولية الجزائية الكاملة .فبدل الحبس المؤيد قرر الحبس مدة ال تزيد على خمس عشرة سنة ،على أن
يجري تنفيذها في مؤسسات عقابية خاصة باألحداث .كما قرر المشرع في حالة ارتكاب الحدث لجريمة
عقوبتها الحبس المؤقت أن يطبق عليه القاصي نصت الحد األقصى المقرر لهذه الجريمة ،وقرر المشرع
أيضا أال يعاقب الحدث بالغرامة سواء اقترنت هذه العقوبة بالحبس أو لم تقترن.
وقد أجاز المشرع أيضا للقاضي تطبيق بعض التدابير التقويمية (االختبار القضائي -اإليداع في إحدى
مؤسسات الرعاية االجتماعية -اإليداع في إحدى المستشفيات العالجية المتخصصة) بدال من تطبيق
العقوبات المقررة للجريمة فيما عدا الجرائم التي تكون عقوبتها اإلعدام أو الحبس المؤبد ،على أن ينتهي
التدبير المحكوم به على الحدث بلوغه سن الحادية والعشرين من عمره.
11
المطلب األول
المسؤولية العقابية
نصت المادة 12من قانون األحداث رقم 116لسنة 5112والمعدل بالقانون رقم 1لسنة 5112على أن" :ال يحكم
باإلعدام وال بالحبس المؤبد على الحدث ،وإذا ارتكب الحدث الذي أكمل الخامسة عشرة ولم يجاوز الثامنة
عشرة من العمر جناية عقوبتها اإلعدام أو الحبس المؤيد .يحكم عليه بالحبس مدة ال تزيد على خمس عشرة
سنة.
وإذا ارتكب الحدث جريمة عقوبتها الحبس المؤقت يحكم عليه بالحبس مدة ال تجاوز نصف الحد األقصى
المقرر قانونا للجريمة.
وال يعاقب الحدث بالغرامة سواء اقترنت هذه العقوبة بالحبس أو لم تقترن .وال تخل األحكام السابقة بسلطة
المحكمة في تطبيق أحكام المواد ( ،)11و( )15و ( )13من قانون الجزاء في الحدود المسموح بتطبيقها قانونا
على الجريمة التي وقعت من الحدث.
ويتضح من هذا النص أن الحدث في هذه السن إذا ارتكب جريمة عقوبتها اإلعدام أو الحبس المؤبد ،فإن هذه
العقوبة تصبح بالنسبة له الحبس الذي ال تزيد مدته عن خمس عشرة سنة ،فقد رفع المشرع الحد األقصى
للعقوبة في القانون رقم 111لسنة 5112حيث كانت في القانون رقم 3لسنة 1913الحجم مدة ال تزيد على عشر
سنوات.
أما إذا ارتكب الحدث جريمة عقوبتها الحبس المؤقت فللقاضي أن يحكم على الحدث بالحبس مدة ال تجاوز
نصف الحد األقصى للعقوبة المقررة للجريمة المسندة إلى الحدث.
كذلك قرر المشرع في قانون األحداث رقم 111لسنة 5112عدم جواز الحكم علي الحدث بعقوبة الغرامة
سواء اقترنت بالحبس أو لم تقترن ،فقد كانت في القانون رقم 3لسنة 1913:ال يعاقب الحدث بغرامة سواء
اقترنت هذه العقوبة بالحبس أو لم تقترن إال بما ال يجاوز نصف الحد األقصى للغرامة المقرر للجريمة التي
ارتكبها الحدث".
فبالتالي ،ومادام المشرع الكويتي قد أغفل النص على هذه المسالة ،فإن عذر القصر الجزائي بوجهة نظرنا
هو سبب شخصي يبقي للجرم طبيعته األصلية فال يغير طبيعة الجريمة ،فال تصبح الجناية جنحة ،فتظل
الجناية جناية ولو حكمت المحكمة بعقوية تدخل في نطاق العقوبات المقررة للجنح .فالعبرة هي بالرجوع
إلى مقدار المقوية المنصوص عليها للجريمة بغض النظر عن العذر القانوني المقرر للحدث.
12
المطلب الثاني
تنص المادة 16من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112على أنه " :يجوز لمحكمة األحداث فيما عدا الجرائم
التي تكون عضويتها اإلعدام أو الحبس المؤبد بدال من توقيع العقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة
وفي الجرائم التي يجوز فيها الحب أن تحكم على الحدث بأحد التدابير المنصوص عليها في البنود (،)2( ،)4
( )6من المادة ( )2من هذا القانون".
ويتضح من النص أن للقاضي حرية الخيار بين أن يحكم على الحدث بعقوبة الجريمة المقررة أصال وفقا
لنص المادة 12من قانون األحداث ،أو أن يتخذ في شأنه تدبيرا وقائيا ،إن رأى فيه ما يحقق الهدف منه في
تهذيب وإصالح الحدث ،وسلطة قاضي األحداث في ذلك هي سلطة مطلقة ،إال أن هذه السلطة ال تشمل
الجرائم المعاقب عليها باإلعدام أو الحبس المؤبد لصراحة نص المادة 16سالفة الذكر.
فالمبدأ في معاملة الحدث في هذه المرحلة هو تطبيق التدابير اإلصالحية ومع ذلك أجاز المشرع للقاضي
تطبيق العقوبة المخففة مراعاة لمصلحة الحدث فمكنه بذلك من االختيار بين العقوبة المخففة وأحد التدابير
اإلصالحية عند المحاكمة ومن التحول ما بين العضوية والتدبير خالل مرحلة تنفيذ الحكم.
قد قرر المشرع سلطة تقديرية لقاضي األحداث في االختيار بين العقوبة المخففة وأحد التدابير اإلصالحية
عند تقرير الجزاء المالئم لالنحراف يوم المحاكمة تقديرا منه أن هدف حماية الحدث إصالحه ،وهذا قد
يستدعي توقيع العقوبة المخففة كما قد يستدعي توقيع أحد التدابير اإلصالحية ،لذلك ترك للقاضي سلطة
االختيار بينهما حسبما تنتهي إليه قناعته بعد مناقشة الدعوى أمام بصره ومسمعه يوم المحاكمة.
13
الفصل الثاني
إن الدعوى الجزائية تمر بمرحلتين ،أولهما :مرحلة التحقيق االبتدائي الذي يتم قيل رفع الدعوى إلى
المحكمة ،واألخرى :مرحلة التحقيق النهائي وهو الذي يجرى أمام جهة المحاكمة.
وتختص نيابة األحداث أساسا بالتحقيق االبتدائي مع األحداث المنحرفين ،إال أن ذلك يسبقه عدة إجراءات
مثل االستدالل والتي يقوم بها رجال شرطة األحداث الذين خولهم المشرع القيام بهذه المهمة.
المبحث األول
تنص المادة 42من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112على أن" :تتولى شرطة حماية األحداث عرض الحدث
المنحرف المتهم بارتكاب جناية أو جنحة على نيابة األحداث والتي تختص وحدها بمباشرة الدعوى
الجزائية والتحقيق و التصرف واالدعاء فيها.
ويتضح من هذا النص أن المشرع قد خول شرطة األحداث سلطة القيام بالتحقيق االجتماعي
المطلب األول
شرطة األحداث هي شرطة متخصصة تقوم بمنع ومكافحة جرائم األحداث وإجراء البحث والتحري عن
هذه الجرائم وجمع االستدالالت عنها وضبطها وتنفيذ األحكام والقرارات المتعلقة باألحداث وحراسة
مؤسسات الرعاية االجتماعية.
وشرطة األحداث تابعة للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية ،وهم مكلفون بالتحقيق األولي في الجرائم التي
يرتكبها األحداث .فحينما يقبض رجل الشرطة على الحدث المتهم بانتهاك النظام االجتماعي يقوده إلى
مراكز االستقبال في الوحدات االجتماعية حيث يقوم األخصائيون االجتماعيون بتحويله إلى شرطة
األحداث التي تقوم بدورها بالتحري والبحث االجتماعي في قضيته.
14
ويحتل دور شرطة األحداث في مكافحة انحراف األحداث مركز بالغ األهمية فرجل الشرطة هو أول من
يتصل بالحدث ،وهذا يعود ببالغ األثر على اإلجراءات التي تتخذ في شأن األحداث ،وقد امتد االهتمام بدور
رجل الشرطة في المؤتمرات وحلقات الدراسة الدراسة اإلقليمية لمكافحة الجريمة والوقاية من االنحراف.
نظرا للدور اإليجابي الذي تقوم به شرطة األحداث في مساعدة المؤسسات االجتماعية في تهذيب شخصية
الحدث ،وإعادة إدماجه في المجتمع ليصيح عنصرا فاعال فيه ،فإنه يجب أن يتم تشكيل شرطة األحداث من
عناصر منتقاة وعلى مستوى معين من الكفاءة والخبرة ومن التدريب ،بحيث يكون رجل شرطة األحداث
مدركا بشكل تام لظاهرة انحراف األحداث واألسس الفلسفية لرعايتهم وتقويمهم ،فالبد من تلقي شرطة
األحداث لمناهج تشتمل على مبادئ علم النفس وعلم االجتماع لالستعانة بها في فهم شخصية الحدث الذي
سوف يتعامل معه في المستقبل.
المطلب الثاني
مما الشك فيه ،أن التعامل مع األحداث المنحرفين يستلزم فهما دقيقا لطبيعة التكوين النفسي لهؤالء،
وعوامل البيئة التي تحيط بهم ،وأسباب انحرافهم ،والوسائل العلمية لمعالجة هذا االنحراف ،وهو ما يستلزم
أن يكون لرجال الشرطة المختصين برعاية األحداث مؤهالت خاصة وصالحيات قانونية مالئمة ،تمكنهم
من النجاح في أداء واجباتهم في التعامل مع األحداث.
ومن أهم الصفات والمؤهالت التي ينبغي توافرها في رجال شرطة األحداث ما يأتي:
-3قوة الشخصية وما تطلبه من ذكاء ،واتزان نفسي ،واتخاذ القرارات الصائبة بدون تردد.
-2استيعاب أهمية دور الشباب في المجتمع وخطورة انحراف األحداث فيه وأسباب هذا االنحراف وطرق
ووسائل معالجته.
-6القناعة بوجوب التعاون مع جميع المؤسسات ذات الصلة بشؤون األحداث وخاصة محاكم األحداث
ومؤسسات الرعاية االجتماعية واالصالحية.
15
المطلب الثالث
حتى تستطيع شرطة األحداث القيام بواجباتها المنوطة بها بشكل صحيح البد لها من توافر إمكانيات مادية
وقانونية ،وتتمثل اإلمكانيات المادية في األبنية والمعدات ووسائل االتصال إلى جانب العدد الكافي من
العناصر البشرية المؤهلة سواء كانت من الضباط أو مساعديهم.
أما الصالحيات القانونية فإنها تختلف من بلد آلخر ،وذلك في ضوء أحكام القوانين النافذة في كل بلد ،فكلما
اتسع نطاق المؤسسات االجتماعية المعنية بمكافحة التسول والتشرد وحماية األطفال ورعاية األحداث
انحسر دور الشرطة ،والعكس صحيح.
عرف قانون اإلجراءات الجزائية الشرطة وحدد وظيفتها حيث نصت المادة 39من قانون اإلجراءات
الجزائية على أن " :الشرطة هي الجهة اإلدارية المكلفة بحفظ
النظام ومنع الجرائم ،وتتولى إلى جانب ذلك ،وطبقا لهذا القانون ،المهمات اآلتية:
أوال -إجراء التحريات الالزمة للكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها وجمع كل ما يتعلق بها من معلومات
الزمة .
ثالثا -تولي من ثبت له من رجال الشرطة صفة المحقق للتحقيق في األحوال التي ينص فيها القانون على
ذلك.
بصفة عامة ،فإن مهمة منع وقوع الجرائم مهمة خطيرة جدا ،وتقع على عاتق رجال الشرطة بمختلف
رتبهم ،فهي مهمة مانعة ،تأتي قبل ارتكاب الجريمة .فإذا لم تنجح التدابير اإلدارية الوقائية ،في منع ارتكاب
الجريمة ،انتقل عبء البحث عنها وعن مرتكبها وعن أدلتها إلى رجال الضبطية القضائية.
-1مكافحة ومنع النشاط الشبابي المعادي للمجتمع ،ومحاولة السيطرة على األحداث الذين يملكون سلوكا
انعزاليا معاديا للمجتمع ،وعلى الظروف التي تهيئ لذلك .
16
-5إيجاد وسائل صحيحة لمعالجة األحداث من األفعال التي يرتكبونها ،بقصد منع تكرارها.
-3التعاون مع الهيئات االجتماعية والبيئية المعنية بمنع الجريمة ،وذلك لتخطيط وتنظيم البيئة المناسبة وسد
االحتياجات األساسية للشباب ،وذلك بهدف منع الجريمة.
المبحث الثاني
يعرف التحقيق االبتدائي بأنه" :مجموعة اإلجراءات التي تباشرها سلطة التحقيق (المحقق) قبل بدء مرحلة
المحاكمة بهدف البحث والتنقيب عن األدلة في شأن جريمة ارتكبت وتجميعها ثم تمحيصها للتحقق من مدى
كفايتها إلحالة المتهم على المحاكمة ،وفق االختصاص الذي أعطاه له المشرع بغية استظهار الحقيقة في
الواقعة الجزائية المثارة أمامه وجمع أدلتها وفق تلك اإلجراءات.
وتعتني التشريعات الجزائية بحماية الحدث سواء كان منحرف أو في خطر معنوي ،فاعال أو ضحية،
وامتدت هذه الحماية إلى الحماية اإلجرائية للحدث وخصته بقواعد إجرائية مميزة في كافة مراحل الدعوى
مع الرجوع إلى القواعد العامة في حالة عدم وجود نص خاص.
المطلب األول
نيابة األحداث
لقد خول المشرع الكويتي نيابة األحداث االختصاص بالتحقيق االبتدائي مع األحداث المنحرفين في جميع
الجرائم -جنح وجنايات ،-فهي تجمع بين سلطتي االتهام والتحقيق.
حيث إنه بصدور قانون األحداث رقم 3لسنة 1913صدر قرار النائب العام بإنشاء نيابة األحداث
التخصصية ،ومن ثم صدر تعميم النائب العام رقم 1لسنة 1913بتنظيم عمل نيابة األحداث.
وبإصدار القانون رقم 111لسنة 5112بشأن األحداث المعدل بالقانون رقم 1لسنة - 5112والذي ترتب عليه
إلغاء قانون األحداث رقم 3لسنة – 1913صدر تعميم النائب العام رقم 12لسنة 5112بشأن قانون األحداث،
والتعميم رقم 5لسنة 5112بشأن التعديل عليه ،ويحتوي التعميمان على القواعد واإلجراءات الموضوعية
التي استحدثها هذا القانون.
وقد عرفت الفقرة ( )2من المادة األولى من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112نيابة األحداث بأنها " :نيابة
متخصصة مكلفة بالتحقيق والتصرف واالدعاء في قضايا الجنايات والجنح التي يرتكبها األحداث وغيرها
من االختصاصات المبينة في هذا القانون".
17
ويتضح من هذا النص أن نياية األحداث ليست مختصة بالتحقيق والتصرف واالدعاء بجرائم األحداث
فقط ،بل هي مكلفة بنظر ودراسة إنهاء التدابير وتعديلها وإبدالها وإنهائها ،وتختص بدراسة اإلفراج تحت
شرط والتفتيش على مختلف مؤسسات الرعاية االجتماعية التي تنفذ فيها مختلف أحكام األحداث ،وكذلك
بنظر الطعن باالستئناف على جميع األحكام الصادرة من محكمة األحداث ،وأخيرا دراسة ونظر الزيارات
لألحداث المودعين دور الرعاية االجتماعية ومراقبة صحة وشروط مواعيدها.
المطلب الثاني
لقد منح المشرع الكويتي للحدث المنحرف عدة ضمانات عند التحقيق معه من قبل نيابة األحداث ،وذلك
لحمايته ،وهذه الضمانات هي على النحو التالي:
أوال :عالنية التحقيق بالنسبة للخصوم ،تنص المادة 22من قانون اإلجراءات الجزائية على أن " :للمتهم
وللمجني عليه الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق اإلبتدائي ،ولكل منهما أن يصحب محاميه في
جميع األحوال".مما الشك فيه أن عالنية التحقيقات تحد من أهم الضمانات التي ينبغي أن تتسم بها ،فالحدث
له الحق في العلم بما يتم من اإلجراءات ،والذي يمنحه الثقة والطمأنينة إلى سالمتها ،بعكس التي تتخذ في
الخفاء مهما طابقت الحقيقة والواقع ،فالسرية تولد الشك إذا توهم بالخضوع لإليحاء والتأثير.
وقد أخذ المشرع بقاعدة عالنية إجراءات التحقيق األبتدائي ،على أن هذا ال يعني أن تجرى التحقيقات في
مكان يصح ألي فرد من الجمهور أن يدخله إذ قد يفسد هذا على المحقق سبيل إظهار الحقيقة ،وإنما يقصد
بالعالنية نسبيتها أي عالنيتها بالنسبة إلى كل من يتناوله التحقيق فقط دون الجمهور عامة .ولهذه العالنية
النسبية أثر من نظام التنقيب والتحري في اإلجراءات الجزائية .
ثانيا :سرية التحقيق بالنسبة للجمهور ،المقصود بجعل التحقيق سرية أن جمهور الناس ال يصرح لهم
بالدخول في المكان الذي يجري فيه ،وال تعرض محاضر التحقيق الطالع الناس ،وال يجوز للصحف
وغيرها من وسائل اإلعالم إذاعتها ،وال يجوز لكاتب الجلسة أن يقضي بمعلومات في المسائل التي
بطبيعتها سرية.
والعلة في جعل التحقيق سريا بالنسبة للجمهور إنه من المحتمل أن يكون الحدث المنحرف بريئا مما نسب
إليه حفاظا على سمعته وسمعة أسرته ،وحفاظا على نفسية الحدث.
ثالثا :االستعانة بمحام أمام نيابة األحداث ،إن حق االستعانة بمحام للدفاع من الحقوق الدستورية المكفولة
لجميع المواطنين ،ويطلق عايه " حق الدفاع" ،وبالنسبة للحدث المنحرف سواء في الجناية أو الجنحة فإن
قانون األحداث الكويتي الجديد قرر وجوب تمكينه من هذا الحق ،وهو توجه تشريعي منطقي على اعتبار
أن القانون يوجب تمثيل الحدث بمحام حتى وإن لم يعبر عن نيته اإلجرامية كما لو تواجد في إحدي حاالت
18
التعرض لالنحراف ،.كما يساعد وجود المحامي بقرب الحادث في توفير ضمانة االستقرار واالتزان
النفسي للحدث ويعينه على تفهم بعض المصطلحات التي قد تبدو غريبة عليه ولم يألفها من قبل ،مثل
الجريمة ،شهود عيان أو نفي.
ولقد اوجب قانون األحداث الكويتي على نيابة اإلحدات ندب محام للحدث للدفاع عنه إذا لم يقم الحدث أو
متولي رعايته بتوكيل محام للقيام بهذه المهمة ،وهذا ما نصت عليه المادة 41من قانون األحداث رقم 111
لسنة 5112بقولها" :للحدث أو لمتولي رعايته الحق في أن يوكل محاميا للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق
والمحاكمة ،وإذا لم يتم توكيل محامي للدفاع عنه وجب على النيابة أو المحكمة أن تنتدب له محاميا يقوم
بهذه المهمة ".
لما كانت التحقيقات اإلبتدائية موضع مناقشة الخصم دائما سواء إبان إتخاذها أو بعد طرح الدعوى على
القضاء ،لذا يجب تدوينها ليستطيع من يشاء أن يحتج بما يجري خاللها وأن يستنبط ما يتراءى له من نتائج.
فهي المرجع لكل من ابتغى االعتماد عليها ،ولم ينص المشرع صراحة على قاعدة تدوين التحقيق إال أنها
تستخلص من بعض مواد قانون اإلجراءات الجزائية مثل المادة 91والخاصة باستجواب المتهم.
وقد تثبت اإلجراءات في محضر واحد أو في محاضر متعددة ،فكل األوراق التي تتضمن إثبات إجراءات
الدعوى تعتبر من محاضر التحقيق ،ولم يوجب القانون في أي من نصوصه إفراد محاضر مستقلة لبعض
اإلجراءات ،واألصل أن يستصحب المحقق ما إذا كان عضونيابة أحد كتاب النيابة العامة أو المحكمة على
حسب األحوال ليقوم بتدوين التحقيق.
واألمر بالحبس االحتياطي أو اإليداع التحفظي هو أقسى أوامر المحقق وأشدها وطأة ،ألنه يضرب
الشخص في حريته ،وهي ثمينة ومقدسة.
واتخاذه متروك لتقدير المحقق نفسه يقرره متى شاء ،إذا وجد أن ضرورة التحقيق تقتضيه ،دون أن يكون
ملزما باتباع تسلسل معين في األوامر .أي أنه يستطيع أن يقرر حبس المتهم احتياطيا ،دون إصدار أمر إليه
بالحضور أو أمر قبض .وأمر الحبس االحتياطي يتضمن حكما باألمر بالقبض.
ونظرا للنتائج الخطيرة التي تترتب عليه ،وجب على المحقق أال يلجأ إليه إال في حاالت الضرورة القصوى.
والمبررات التي من أجلها أجاز المشرع حبس المتهم احتياطيا أساسها مصلحة التحقيق أو مصلحة الحدث.
19
والحبس االحتياطي أو اإليداع التحفظي يعد إجراء آمن وإجراء تحقيق وضمان تنفيذ الحكم ،وكون الحبس
االحتياطي أو اإليداع التحفظي إجراء آمن فيه إرضاء جزئي لشعور المجني عليه وبالتالي المجتمع يخفف
من حدة غضبه ،بل هو حماية للمتهم نفسه من االعتداء عليه ،كما أنه يمنع المتهم من الفرار والمحافظة على
أدلة االتهام من التشويه أو اإلخفاء بمعرفة المتهم ،كما أنه يساهم في منع ارتكاب المتهم لجرائم جديدة مماثلة
خصوصا إذا كانت دوافع الجريمة األولى ال زالت قائمة ،وكونه إجراء تحقيق يبدو في أنه يجعل المتهم
دائما في متناول يد المحقق فيمكنه في أي وقت من استجوابه ومواجهته بمختلف الشهود ،األمر الذي يؤدي
إلى إنجاز اإلجراءات والوصول إلى الحقيقة لمجازاة فاعل الجريمة على ما جنت يداه ،فضال عن إبعاد
تأثيره على مجريات التحقيق .وأخيرا فإنه ضمان لتنفيذ الحكم إذا صدر على المتهم باإلدانة ،أي يعطي
ضمانا لعدم هروب المتهم ،وفي هذه الصورة تغلب مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد ،ويعتبر الحبس
االحتياطي أو اإليداع التحفظي بهذه المثابة المساعد الضروري لإلجراءات الجزائية.
وقد أوجب المشرع الكويتي استجواب المتهم قبل إصدار أمر الحبس االحتياطي أو اإليداع التحفظي،
ومناقشته تفصيال بالتهمة المنسوبة إليه.
تلك هي الشروط الموضوعية والشكلية التي تطلبها القانون لوجود أمر الحبس االحتياطي أو اإليداع
التحفظي ،أي لتكوينه وقيامه بصفة عامة ،وباكتمالها يمكن القول إن هناك أمرا بعد إدراج بيانات معينة فيه
.
وتخضع مدة الحبس االحتياطي أو اإليداع التحفظي للقواعد التالية التي وضعت باعتبارها نوعا من
الضمان لحرية الحدث المتهم .وهي ما نصت عليه المادة 11من قانون األحداث رقم 111لسنة 5112على
الوجه التالي:
-1يسري أمر الحبس أو اإليداع الذي يصدر من نياية األحداث لمدة أسبوع من تاريخ القبض على الحدث،
ولنيابة األحداث أن تحبس المتهم – من باب أولى -مدة أقل من ذلك تطبيقا لقاعدة من يملك األكثر يملك األقل.
-5إذا أوشكت مدة األسبوع على االنقضاء ،ورأت نيابة األحداث تجديد الحبس اإلحتياطي أو اإليداع
التحفظي ،وجب عليها قبل انتهائها عرض األوراق على رئيس محكمة األحداث ليصدر أمره في هذا
الصدد وفقا لتقديره ،فله أن يرفض تجديد الحبس واألمر بتسليم الحدث إلى متولي رعايته للتحفظ عليه
وتقديمه عند كل طلب ،وحينئذ يتعين على نيابة األحداث أن تأمر بإخالء سبيل المتهم فورا إذ إن حبسه ال
سند له من القانون ،وإما أن تأمر محكمة األحداث بالتجديد ،ولرئيس المحكمة تجديد الحبس لمدة ال تزيد
على أسبوع في كل مرة يطلب فيها تجديد الحبس ،وليس هناك حد أدنى ،بمعنى أنه يجوز لرئيس المحكمة
أن يصدر األمر بتجديد الحبس لمدة أقل من أسبوع.
21