You are on page 1of 19

‫اململكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم‬
‫جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‬
‫كلية الشريعة ابلرايض‬
‫قسم الفقه‬

‫عموم املشرتك‬
‫حبث مقدم ضمن سلسلة األحباث املقررة ملقرر أصول الفقه يف السنة املنهجية ملرحلة املاجستري‬

‫إعداد الطالبة‬
‫خولة بنت عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان‬

‫إشراف فضيلة الشيخ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد هللا بن سعد آل مغرية‬
‫األستاذ يف قسم أصول الفقه بكلية الشريعة جبامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬

‫العام اجلامعي‬
‫‪1441‬ه‬
‫(‪)2‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫• املسألة األوىل‪ :‬املشرتك يف اللغة واالصطالح‪.‬‬


‫‪ -‬املشرتك يف اللغة‪ :‬اسم مفعول من الفعل‪( :‬اشرتك) والشني والراء والكاف أصالن‪ ،‬أحدمها يدل‬
‫على مقارنة وخالف انفراد‪ ،‬واآلخر يدل على امتداد واستقامة(‪.)1‬‬
‫فمن األول‪ ،‬وهو املراد هنا‪ ،‬الشركة‪ ،‬وهو أن يكون الشيء بني اثنني ال ينفرد به أحدمها‪ .‬ويقال‪:‬‬
‫شاركت فالان يف الشيء‪ ،‬إذا صرت شريكه‪ .‬وأشركت فالان‪ ،‬إذا جعلته شريكا لك(‪ .)2‬قال هللا جل‬
‫﴿وأَ ْش ِرْكهُ ِيف أ َْم ِري﴾(‪ ،)3‬أي‪ :‬اجعله شريكي يف أمر الرسالة(‪.)4‬‬
‫ثناؤه يف قصة موسى‪َ :‬‬
‫‪ -‬املشرتك يف االصطالح‪:‬‬
‫عرف بتعريفات كثرية‪ ،‬ولعل من أجودها ما ذكره اإلمام الرازي‪ ،‬حيث عرفه بقوله‪ ":‬هو اللفظ‬
‫املوضوع حلقيقتني خمتلفتني أو أكثر وضعا أوالا"(‪.)5‬‬
‫شرح التعريف وبيان حمرتزاته‪:‬‬
‫قوله‪" :‬املوضوع حلقيقتني"‪ :‬خرج به اللفظ الواحد املوضوع ملعىن واحد‪ ،‬كاأللفاظ املتباينة واملتواطئة‪،‬‬
‫واملشككة‪ ،‬حيث مل توضع ملعنيني‪ ،‬بل ملعىن واحد(‪.)6‬‬
‫قوله‪":‬أو أكثر"‪ :‬ليدخل اللفظ الذي وضع ملعنيني فأكثر(‪،)7‬مثل اسم العني فإنه للناظر ولعني املاء‬
‫وللشمس وللميزان وللنقد من املال(‪.)8‬‬
‫قوله‪":‬وضع ا أوالا"‪ :‬خرج به األلفاظ املنقولة أو اجملازية‪ ،‬فإهنا وإن كانت موضوعة لعدة معان‪ ،‬إال‬
‫أهنا ليست موضوعة وضع ا أوالا(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬مقاييس اللغة البن فارس (‪.)265 /3‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مقاييس اللغة البن فارس (‪ ،)265 /3‬وانظر‪:‬اتج العروس للزبيدي‪)223/27(:‬مادة‪(:‬شرك)‪.‬‬
‫(‪ )3‬اآلية رقم‪ )32(:‬من سورة‪( :‬طه)‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تفسري أيب السعود‪ ،)13/6(:‬تيسري الكرمي الرمحن للسعدي‪(:‬ص‪.)504‬‬
‫(‪ )5‬احملصول للرازي (‪)261 /1‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬احملصول للرازي (‪،)261 /1‬املهذب يف علم أصول الفقه(‪)1093/3‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬احملصول للرازي (‪ ،)261 /1‬املهذب يف علم أصول الفقه(‪)1093/3‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬أصول السرخسي (‪)126 /1‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬احملصول للرازي (‪ ،)261 /1‬املهذب يف علم أصول الفقه(‪)1093/3‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫• املسألة الثانية‪ :‬إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك‪.‬‬


‫صورة املسألة‪ :‬إذا أراد املتكلم ابللفظ املشرتك مجيع معانيه دفعة واحدة‪ ،‬حبيث أنه صدر من متكلم‬
‫واحد‪ ،‬يف زمن واحد‪ ،‬ومل تكن الفائدة يف مجيع املعاين واحدة‪ ،‬فهل جيوز لالفظ أن يريد ابللفظ املشرتك‬
‫مجيع معانيه أم ال؟‬
‫كأن يقول‪( :‬رأيت عينا) ويريد بلفظه العني الباصرة‪ ،‬واجلاسوس‪ ،‬والشمس‪ ،‬وغري ذلك من املعاين‪،‬‬
‫فهل جيوز له أن يلفظ ابلعني يريد هبا املعاين كلها أم ال جيوز؟‬
‫حترير حمل النزاع‪:‬‬
‫فال جيوز إرادة اجلميع بال‬ ‫(‪)2‬‬
‫والنقيضني‬ ‫(‪)1‬‬
‫أوالً‪ :‬إذا امتنع اجلمع بني معاين املشرتك كالضدين‬
‫خالف(‪.)4()3‬‬
‫اثنياً‪ :‬إذا أمكن اجلمع بني معاين املشرتك‪ ،‬وصدر اللفظ عن متكلم واحد‪ ،‬يف أوقات متفرقة‪ ،‬جاز‬
‫أن يريد يف كل مرة غري ما أراده يف اآلخر بال خالف(‪.)5‬‬
‫اثلثاً‪ :‬إذا أمكن اجلمع بني معاين املشرتك‪ ،‬وصدر اللفظ عن متكلم واحد‪ ،‬يف وقت واحد من غري‬
‫تكرار‪ ،‬ومل تكن الفائدة فيهما واحدة‪ ،‬فهل جيوز أن يريد به املتكلم مجيع معانيه أم ال؟(‪ )6‬وقع اخلالف‬
‫يف ذلك على مخسة أقوال‪:‬‬

‫(‪ )1‬مثال الضدين‪:‬صيغة‪":‬افعل" عند من جيعلها حقيقة يف الطلب والتهديد‪ ،‬فإهنا مشرتكة بني معنني متضادين ال ميكن اجلمع‬
‫بينهما‪ .‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)384 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)255 /1‬‬
‫(‪ )2‬مثال النقيضني‪ :‬لفظة‪" :‬إىل" على رأي من يزعم أهنا مشرتكة بني إدخال الغاية وعدمه‪.‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه‬
‫(‪ ،)384/2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)255 /1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)384/2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)255 /1‬‬
‫(‪ )4‬قال الزركشي يف البحر احمليط(‪ ":)384/2‬لكن حكى صاحب الكربيت األمحر عن أيب احلسن األشعري أنه جيوز أن يراد به‬
‫معنياه‪ ،‬وإن كان بينهما منافاة وهو غريب"‪.‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)385 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)334 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪/1‬‬
‫‪.)258-257‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪،)385 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج‬
‫(‪)255 /1‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫األقوال يف املسألة‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬جواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك‪ .‬وهو مذهب مجهور‬
‫املالكية(‪،)1‬ومذهب الشافعي(‪،)2‬وكثري من أصحابه(‪،)3‬وأكثر احلنابلة(‪)4‬ونقله إمام احلرمني عن مذاهب‬
‫احملققني(‪ ،)5‬ومجاهري الفقهاء(‪،)6‬وحكاه القاضي عبد الوهاب عن مجهور أهل العلم(‪،)7‬وحكي عن أيب‬
‫يوسف(‪ )8‬وحممد بن احلسن من احلنفية(‪)9‬وبه قال القاضي أبو بكر الباقالين(‪ ،)10‬ومجاعة من املعتزلة‬
‫كأيب علي اجلبائي(‪ )11‬والقاضي عبد اجلبار بن أمحد(‪.)13()12‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬احملصول البن العريب (ص‪،)77 :‬نشر البنود على مراقي السعود (‪.)125 /1‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)385 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)330 /2‬املستصفى (ص ‪ ،)240‬اإلحكام‬
‫يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬احملصول للرازي (‪ ،)268 /1‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)255 /1‬كشف األسرار شرح‬
‫أصول البزدوي (‪.)40 /1‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ :‬احلاوي الكبري (‪،)402 /13‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬الغيث اهلامع شرح مجع اجلوامع (ص‪:‬‬
‫‪.)166‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬خمتصر التحرير شرح الكوكب املنري (‪ ،)189 /3‬املختصر يف أصول الفقه (ص‪ ،)110 :‬التحبري شرح التحرير (‪/5‬‬
‫‪.)2401‬‬
‫(‪)5‬انظر‪:‬التلخيص‪ ،)232/1(:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)385 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)330 /2‬خمتصر‬
‫التحرير شرح الكوكب املنري (‪.)189 /3‬‬
‫(‪)6‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪)7‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪.)386 /2‬‬
‫(‪)8‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)386 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪.)330 /2‬‬
‫(‪)9‬انظر‪:‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪)10‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)385 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)330 /2‬اإلحكام يف أصول األحكام‬
‫لآلمدي (‪ ،)242 /2‬احملصول للرازي (‪ ،)268 /1‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)255 /1‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي‬
‫(‪. )40/1‬‬
‫(‪)11‬انظر‪ :‬قواطع األدلة يف األصول (‪ ،)277 /1‬احملصول للرازي (‪ ،)269 /1‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)255 /1‬كشف األسرار‬
‫شرح أصول البزدوي (‪،)40 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)386 /2‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬الفوائد‬
‫السنية يف شرح األلفية (‪.)330 /2‬‬
‫(‪)12‬انظر‪:‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )13‬بشرط أن ال ميتنع اجلمع بني معاين املشرتك‪ ،‬وذلك كاستعمال صيغة (افعل) يف األمر ابلشيء والتهديد عليه‪ ،‬غري أن مذهب‬
‫الشافعي أنه مهما جترد ذلك اللفظ عن القرينة الصارفة له إىل أحد معنييه وجب محله على املعنيني‪ ،‬وليس كذلك عند من جوز ذلك‬
‫من املعتزلة‪ .‬انظر‪ :‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)255 /1‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫واختلف اجملوزون يف استعمال اللفظ على هذا الوجه يف اجلميع‪ ،‬هل هو بطريق احلقيقة أو‬
‫اجملاز‪ ،‬على مذهبني‪:‬‬
‫املذهب األول‪ :‬جواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك بطريق احلقيقة‪ .‬وبه قال‬
‫(‪)4‬‬
‫الشافعي(‪،)1‬وأكثر احلنابلة(‪)2‬والقاضي أبو بكر الباقالين(‪ ، )3‬وحكي عن القاضي عبد اجلبار بن أمحد‬
‫وأيب علي اجلبائي(‪.)5‬‬
‫املذهب الثاين‪ :‬جواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك بطريق اجملاز‪ ،‬وهو مذهب مجهور‬
‫املالكية(‪ )6‬وإليه مال إمام احلرمني(‪ ،)7‬وحكي عن ابن احلاجب(‪.)8‬‬
‫القول الثاين‪ :‬منع إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك مطلقا‪ .‬وهو حمكي عن أيب حنيفة(‪،)9‬وبه‬
‫قال مجع من أصحابه(‪ ،)10‬وهو قول بعض الشافعية(‪،)11‬كالغزايل(‪ ،)12‬والرازي (‪،)13‬وابن الصباغ(‪)14‬وقول‬

‫(‪)1‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)386 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)331 /2‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي‬
‫(‪)40 /1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أصول الفقه البن مفلح(‪،)814/2‬التحبري شرح التحرير (‪)2402 /5‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ :‬التقريب واإلرشاد(الصغري)(‪،)424/1‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪،)40 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪/2‬‬
‫‪ ،)386‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪.)331/2‬‬
‫(‪)4‬انظر‪ :‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)255 /1‬نشر البنود على مراقي السعود (‪)125 /1‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬نشر البنود على مراقي السعود (‪)125 /1‬‬
‫(‪)7‬انظر‪ :‬الربهان يف أصول الفقه (‪،)122 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)387 /2‬‬
‫(‪)8‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪.)387 /2‬‬
‫(‪)9‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ، )388 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)331 /2‬قواطع األدلة يف األصول (‪/1‬‬
‫‪)277‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪ ،)40 /1‬شرح التلويح على التوضيح (‪،)128 /1‬الفوائد السنية يف شرح األلفية‬
‫(‪)331 /2‬‬
‫(‪)11‬انظر‪ :‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪)40 /1‬‬
‫(‪)12‬انظر‪ :‬املستصفى (ص ‪)240‬‬
‫(‪)13‬انظر‪ :‬احملصول للرازي (‪،)268 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)387 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪،)331 /2‬‬
‫اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)256 /1‬‬
‫(‪)14‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)387 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪)331 /2‬‬
‫(‪)6‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫بعض احلنابلة كالقاضي(‪ )1‬وأيب اخلطاب(‪ ،)2‬ومجاعة من املعتزلة كأيب هاشم اجلبائي(‪ ،)3‬وأيب عبدهللا‬
‫البصري(‪.)4‬‬
‫القول الثالث‪ :‬جواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك يف النفي دون اإلثبات‪ .‬حكاه بعض‬
‫األصوليني(‪ ،)5‬وحكاه املاوردي وجها للشافعية فيما نقله عنه مجاعة من األصوليني(‪.)6‬‬
‫القول الرابع‪ :‬جواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك يف اجلمع دون اإلفراد‪ .‬كقوله‪" :‬اعتدي‬
‫ابألقراء"‪ .‬حكاه املاوردي عن بعض الشافعية فيما نقله عنه مجاعة من األصوليني (‪.)8()7‬‬
‫القول اخلامس‪ :‬الوقف‪ ،‬واختاره اآلمدي(‪.)9‬‬
‫األدلة‪:‬‬
‫أدلة القول األول‪:‬‬
‫استدل أصحاب القول األول القائلون بـجواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك مبا يلي‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬الوقوع‪:‬‬
‫اَّللَ َوَمالئِ َكتَهُ يُ َ ُّ‬
‫أوالً‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿:‬إِ َّن َّ‬
‫صلو َن َعلَى النِ ِِ‬
‫َّب ﴾[األحزاب‪.]56 :‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ :‬خمتصر التحرير شرح الكوكب املنري (‪ ،)189 /3‬التحبري شرح التحرير (‪)2406 /5‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬خمتصر التحرير شرح الكوكب املنري (‪ ،)189 /3‬التحبري شرح التحرير (‪)2406 /5‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)387 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)331 /2‬احملصول للرازي (‪،)269 /1‬‬
‫اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)255 /1‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪)40 /1‬‬
‫(‪)4‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)387 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)331 /2‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي‬
‫(‪)40 /1‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)389 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪.)332 /2‬‬
‫(‪)6‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)389 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)332 /2‬التحبري شرح التحرير (‪)2405 /5‬‬
‫ومل أجده يف كتابه‪-‬فيما اطلعت عليه‪.-‬‬
‫(‪)7‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)390 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)332 /2‬التحبري شرح التحرير (‪)2405 /5‬‬
‫ومل أجده‪-‬فيما اطلعت عليه‪.-‬‬
‫(‪ )8‬قال الربماوي يف الفوائد السنية (‪":)333 /2‬قال ابن احلاجب‪( :‬واألكثر أن مجعه ابعتبار معنييه مبين عليه) أي‪ :‬على اخلالف‬
‫يف املفرد‪ ،‬إن جاز‪ ،‬ساغ وإال فال‪ .‬ووجه البناء أن التثنية واجلمع اتبعان ملا يسوغ استعمال املفرد فيه"‪.‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬اإلحكام يف أص ـ ــول األحكام لآلمدي (‪،)242 /2‬البحر احمليط يف أص ـ ــول الفقه (‪ ،)390 /2‬الفوائد الس ـ ــنية يف ش ـ ــرح‬
‫األلفية (‪ ،)333 /2‬ومل يصرح ابلوقف ‪-‬فيما وقفت عليه‪ -‬لكنه انقش أدلة الفريقني بال ترجيح‪.‬‬
‫(‪)7‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن لفظ الصالة يف اآلية لفظ مشرتك أريد به معنيان متغايران‪ ،‬فالصالة من هللا‬
‫ﷻ رمحة ومغفرة‪ ،‬ومن املالئكة دعاء واستغفار‪ ،‬فيكون إطالق اللفظ مع إرادة مجيع معانيه واقع مسعا‪،‬‬
‫والوقوع دليل اجلواز(‪.)1‬‬
‫ونوقش من وجهني‪:‬‬
‫صلُّو َن﴾ فيه ضمريان‪ ،‬أحدمها عائد إىل هللا ﷻ‪ ،‬واآلخر عائد إىل‬‫أحدمها‪ :‬أبن قوله تعاىل‪﴿:‬يُ َ‬
‫املالئكة‪ ،‬وتعدد الضمائر مبنزلة تعدد األفعال‪ ،‬فكأنه قال‪ (:‬إن هللا يصلي واملالئكة يصلون)‪ ،‬فيكون‬
‫بذلك مستعمالا لفظني يف معنيني‪ ،‬وهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬وعليه فإنه ال داللة يف النص املذكور على‬
‫حمل النزاع(‪.)2‬‬
‫وأجيب‪ :‬ابلقطع أبن الفعل مل يتعدد يف اللفظ‪ ،‬وإمنا تعدد يف معناه‪ ،‬فاللفظ واحد واملعىن متعدد‬
‫وهذا هو عني حمل النزاع(‪.)3‬‬
‫اثنيهما‪ :‬أن لفظ الصالة يف اآلية أريد به القدر املشرتك بني املغفرة والرمحة والدعاء واالستغفار‪،‬‬
‫وهو العناية ابلشيء وإظهار شرفه وحرمته‪ ،‬فيكون املراد من الصالة على النب ﷺ هو العناية أبمره‬
‫إظهارا لشرفه‪ ،‬فالعناية من هللا له تكون ابملغفرة والرمحة‪ ،‬ومن املالئكة ابالستغفار‪ ،‬والدعاء‪ ،‬فهو لفظ‬
‫متواطئ ال مشرتك فال داللة فيه (‪.)4‬‬
‫وأجيب‪ :‬أبن إطالق الصالة على العناية أبمر الشيء جماز؛ لعدم تبادر الذهن إليه‪ ،‬واألصل عدم‬
‫اجملاز(‪.)5‬‬
‫اَّللُ أَنَّهُ ال إِلَهَ إِال ُه َو َوالْ َمالئِ َكةُ َوأُولُو الْعِْل ِم﴾[آل عمران‪.]18 :‬‬
‫اثنياً‪ :‬قوله تعاىل‪َ ﴿:‬ش ِه َد َّ‬

‫(‪)1‬انظر‪ :‬املستصفى (ص‪ ،)241‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)243 /2‬احملصول للرازي (‪ ،)270 /1‬اإلهباج يف شرح‬
‫املنهاج (‪ ،)258 /1‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪ )40 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)385 /2‬الفوائد السنية يف‬
‫شرح األلفية (‪. )330 /2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)258 /1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)258 /1‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬املستصفى (ص‪ ،)241‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)244 /2‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪)41 /1‬‬
‫اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)258 /1‬‬
‫(‪)5‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)260 /1‬‬
‫(‪)8‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن لفظ الشهادة يف اآلية لفظ مشرتك أريد به معنيان متغايران‪ ،‬فشهادته ﷻ‬
‫علمه‪ ،‬وشهادة غريه من املالئكة وأويل العلم إقرارهم أبنه ال إله إال هو ﷻ‪ ،‬فإطالق اللفظ مع إرادة‬
‫مجيع معانيه واقع مسع ا‪ ،‬والوقوع دليل اجلواز(‪.)1‬‬
‫السماو ِ‬
‫ات َوَمن ِيف ْاأل َْر ِ‬
‫س َوالْ َق َم ُر‬
‫َّم ُ‬
‫ض َوالش ْ‬ ‫اَّللَ يَ ْس ُج ُد لَهُ َمن ِيف َّ َ َ‬
‫َن َّ‬‫اثلثاً‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿ :‬أ َملْ تَـَر أ َّ‬
‫َّاس﴾ [احلج‪]18 :‬‬ ‫اب َوَكثِريٌ ِِم َن الن ِ‬ ‫َّو ُّ‬
‫َّج ُر َوالد َ‬ ‫اجلِبَ ُ‬
‫ال َوالش َ‬ ‫وم َو ْ‬
‫ُّج ُ‬
‫َوالن ُ‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أن لفظ السجود يف اآلية لفظ مشرتك أريد به معنيان متغايران‪ ،‬فسجود الناس‬
‫وهو وضع اجلبهة على األرض غري سجود الشجر‪ ،‬والدواب وهو اخلشوع‪ ،‬فثبت هبذا أن إطالق اللفظ‬
‫مع إرادة مجيع معانيه واقع مسع ا‪ ،‬والوقوع دليل اجلواز (‪.)2‬‬
‫ونوقش من وجهني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أبن املراد من السجود هو املعىن املشرتك بني مجيع املذكورات وهو اخلشوع واالنقياد‪ ،‬وهو‬
‫يعم اجلميع فال خيتلف املعىن‪ ،‬فال يكون بذلك لفظا مشرتكا‪ ،‬فال داللة فيه(‪.)3‬‬
‫اثنيهما‪ :‬أبن حرف العطف يف قوله تعاىل‪(:‬يسجد له)‪ ،‬هو مبثابة تكرار العامل‪ ،‬فيكون التقدير‪(:‬أن‬
‫هللا يسجد له من يف السموات ويسجد له من يف األرض‪ ،)...‬وهذا فيه استعمال للفظني يف معنيني‪،‬‬
‫وليس يف اآلية ما يدل على إرادة مجيع معاين اللفظ الواحد (‪.)4‬‬
‫وأجيب‪ :‬بعدم التسليم أبن حرف العطف مبثابة العامل بل هو موجب ملساواة الثاين ابألول يف‬
‫وحكما على الصحيح عند النحويني(‪.)5‬‬
‫ا‬ ‫مقتضى العامل إعر اااب‬

‫(‪ )1‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)386 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪)330 /2‬‬
‫(‪)2‬انظر‪:‬املستصفى (ص‪ ،)241‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)243 /2‬احملصول للرازي (‪ ،)272-270 /1‬اإلهباج‬
‫يف شرح املنهاج (‪ ،)261 /1‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪)40 /1‬‬
‫(‪)3‬انظر‪:‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪ ،)41 /1‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪)244 /2‬‬
‫(‪)4‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)262 /1‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪:‬التقريب واإلرشاد (الصغري) (‪)149 /1‬‬
‫(‪)9‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫الدليل الثاين‪ :‬إن إطالق اللفظ املشرتك وإرادة مجيع معانيه‪ ،‬جائز وواقع يف كالم العرب‪ ،‬يدل عليه‬
‫قول سيبويه‪" :‬قول القائل لغريه‪ :‬الويل لك خرب ودعاء"(‪ ،)1‬فقد جعل اللفظ املشرتك داالا على معنيني‬
‫متغايرين يف آن واحد‪ ،‬وهذا دليل اجلواز(‪.)2‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬أن املتكلم لو ذكر اللفظ املشرتك مرتني‪ ،‬وأراد به يف كل مرة معىن آخر‪ ،‬جاز بال‬
‫خالف‪ ،‬فكذلك لو اقتصر على مرة واحدة‪ ،‬وأراد به مجيع املعاين جاز‪ ،‬لصالح اللفظ للكل(‪.)3‬‬
‫أدلة القول الثاين‬
‫استدل أصحاب القول الثاين القائلون بـمنع إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك مطلق ا مبا يلي‪:‬‬
‫الدليل األول‪:‬أنه ال يصح من حيث اللغة أن يريد املتكلم ابللفظ املشرتك مجيع معانيه ال بطريق‬
‫احلقيقة وال اجملاز‪ ،‬ألن كونه مريدا للمعىن األول يقتضي عدم إرادته للمعىن الثاين‪ ،‬وكونه مريدا للمعىن‬
‫الثاين فإنه ال يكون مريدا للمعىن األول‪ ،‬فيجتمع النقيضان وهو حمال (‪.)4‬‬
‫ونوقش‪ :‬بعدم التسليم‪ ،‬إذ ال استحالة يف إرادة الالفظ العني الباصرة والشمس يف قوله‪(:‬رأيت‬
‫عين ا)‪،‬وال يفضي ذلك إىل حمال‪ ،‬فمنعه حتكم(‪.)5‬‬
‫الدليل الثاين‪ :‬أن واضع اللغة ملا وضع اللفظ املشرتك ألحد أمرين فأكثر أراد به وضعه على سبيل‬
‫البدل‪ ،‬ال على اجلميع‪ ،‬وإطالق اللفظ املشرتك وإرادة مجيع معانيه استعمال للفظ يف غري ما وضع له‪،‬‬
‫وهو غري جائز (‪.)6‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ :‬احملصول للرازي (‪،)272 /1‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪)243 /2‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪)3‬انظر‪:‬املستصفى (ص ‪)240‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬احملصول للرازي (‪،)269 /1‬املستصفى (ص‪،)241‬شرح تنقيح الفصول (ص‪ ،)117‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي‬
‫(‪،)41-40 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)388/2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)256 /1‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪/2‬‬
‫‪.)331-332‬‬
‫(‪)5‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)388 /2‬‬
‫(‪)6‬انظر‪:‬احملصول للرازي (‪،)271-270 /1‬املستصفى (ص‪،)241‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪،)244-243 /2‬‬
‫كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪،)41-40 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)389 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪-256 /1‬‬
‫‪،)257‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪.)331-332 /2‬‬
‫(‪)10‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫ونوقش‪ :‬أبن الوضع لكل واحد من تلك املعاين ٍ‬


‫كاف إلرادة اجلميع ابللفظ الواحد‪ ،‬ألن كل واحد‬
‫من تلك املعاين قد وضع له ذلك اللفظ‪ ،‬وال يلزم من استعماله يف اجملموع اشرتاط الوضع للمجموع‪،‬‬
‫وإذا ثبت هذا‪ ،‬جاز أن يراد ابللفظ املشرتك مجيع معانيه(‪.)1‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬أن اللفظ مبنزلة الكسوة للمعاين‪ ،‬والكسوة الواحدة ال جيوز أن يستعملها بكماهلا‬
‫اثنان فأكثر يف وقت واحد‪ ،‬وكذا ال جيوز أن يراد ابللفظ املشرتك مجيع معانيه إذا صدر مرة واحدة من‬
‫متكلم واحد يف زمن واحد(‪.)2‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبنه قياس مع الفارق؛ إذ اللفظ املشرتك يدل بكماله على أكثر من معىن‪ ،‬كما سبق يف‬
‫تعريفه‪ ،‬خبالف الكسوة فإنه ال ميكن أن ينتفع هبا اثنان بكماهلا يف وقت واحد(‪.)3‬‬
‫دليل القول الثالث‪:‬‬
‫استدل أصحاب القول الثالث القائلون جبواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك يف النفي دون‬
‫اإلثبات مبا يلي‪:‬‬
‫أن وقوع اللفظ يف سياق النفي سبيل من سبل العموم‪ ،‬إذ النكرة يف سياق النفي تعم‪ ،‬وإذا كان‬
‫كذلك فإنه جيوز أن يراد ابللفظ مجيع مدلوالته املختلفة إذا كان اللفظ واقعا يف سياق النفي(‪.)4‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن النفي ال يفيد إال رفع مقتضى اإلثبات؛ فإن كان مقتضى اإلثبات مجيع مدلوالت‬
‫اللفظ فكذلك النفي‪ ،‬وإن كان مقتضاه أحد املدلوالت املختلفة فقط فكذلك النفي‪ ،‬وعليه فإنه إذا مل‬
‫يفد اللفظ يف جانب اإلثبات إال أمرا واحدا مل يرتفع عند حرف النفي إال املعىن الواحد (‪.)5‬‬
‫دليل القول الرابع‪:‬‬
‫استدل أصحاب القول الرابع القائلون جبواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ املشرتك يف اجلمع دون‬
‫اإلفراد مبا يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)263 /1‬‬


‫(‪)2‬انظر‪ :‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪)41-40 /1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬عموم املشرتك وأثره يف االختالف الفقهي(ص‪.)105‬‬
‫(‪)4‬انظر‪ :‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬احملصول للرازي (‪،)273 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪،)389 /2‬‬
‫الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)332 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)263 /1‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬احملصول للرازي (‪ ،)274 /1‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي (‪/1‬‬
‫‪،)41‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)389 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)332 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)263 /1‬‬
‫(‪)11‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫أن اجلمع يف حكم تعدد األلفاظ‪ ،‬فقول القائل‪(:‬ثالثة عيون)‪ ،‬هو يف قوة قوله‪(:‬عني‪ ،‬وعني‪ ،‬وعني)‬
‫وكما أنه جيوز أن يريد ابلعني األوىل العني اجلارية‪ ،‬وابلثانية الباصرة‪ ،‬وابلثالثة عني الشمس‪ ،‬فكذا جيوز‬
‫مثل ذلك يف اجلمع‪ ،‬وال فرق(‪.)1‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن مجع االسم يفيد مجع ما اقتضاه االسم‪ ،‬فإن كان االسم متناوالا جلميع معانيه كان‬
‫اجلمع كذلك‪ ،‬وإن كان ال يفيد إال أحد املعاين فكذلك أيضا مجعه(‪.)2‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫الراجح وهللا أعلم هو رأي أصحاب القول األول القائلني جبواز إرادة الالفظ مجيع معاين اللفظ‬
‫املشرتك‪ ،‬وذلك لقوة أدلتهم ولإلجابة عما ورد عليها من اعرتاضات‪ ،‬ولوقوع اللفظ املشرتك مسعا‪،‬‬
‫والوقوع دليل اجلواز‪.‬‬

‫***‬

‫(‪ )1‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)263 /1‬احملصول للرازي (‪،)273 /1‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪،)242 /2‬‬
‫البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)390 /2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪:‬احملصول للرازي (‪)273 /1‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)263 /1‬‬
‫(‪)12‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫• املسألة الثالثة‪ :‬محل املشرتك على مجيع معانيه‪.‬‬


‫صورة املسألة‪ :‬إذا مسع شخص اللفظ املشرتك‪ ،‬فهل جيب عليه أن حيمله على مجيع معانيه إذا‬
‫جترد اللفظ عن قرينة صارفة‪ ،‬كما لو مسع شخص ا يقول ‪(:‬العني خملوقة) ومل يكن مثة قرينة تعني مراد‬
‫الالفظ‪ ،‬فهل حيمل السامع اللفظ على مجيع معانيه كالعني الباصرة‪ ،‬واجلاسوس‪ ،‬ونبع املاء‪ ،‬والشمس‪،‬‬
‫والذهب وغري ذلك‪ ،‬أم ال(‪)1‬؟‬
‫حترير حمل النزاع‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إذا امتنع اجلمع بني معاين املشرتك كالضدين(‪ )2‬والنقيضني(‪ )3‬فال جيوز محل اللفظ على مجيع‬
‫املعاين بال خالف(‪.)4‬‬
‫اثنياً‪ :‬إذا أمكن اجلمع بني معاين املشرتك‪ ،‬وصدر اللفظ عن متكلم واحد‪ ،‬يف أوقات متفرقة‪ ،‬جاز‬
‫أن حيمل يف كل مرة على معىن غري اآلخر بال خالف(‪.)5‬‬
‫اثلثاً‪ :‬إذا أمكن اجلمع بني معاين املشرتك ودلت قرينة على تعيني مراد الالفظ محل اللفظ على ما‬
‫دلت عليه القرينة بال خالف(‪.)6‬‬
‫رابعاً‪ :‬إذا أمكن اجلمع بني معاين املشرتك‪ ،‬وصدر اللفظ عن متكلم واحد‪ ،‬يف وقت واحد من غري‬
‫تكرار‪ ،‬ومل تكن الفائدة فيهما واحدة‪ ،‬ومل يكن مثة قرينة تعني مراد الالفظ فهل جيب على املستمع محل‬
‫اللفظ على مجيع معانيه أم ال؟‬

‫(‪ )1‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)264 /1‬‬


‫(‪ )2‬مثال الضدين‪:‬صيغة‪":‬افعل" عند من جيعلها حقيقة يف الطلب والتهديد‪ ،‬فإهنا مشرتكة بني معنني متضادين ال ميكن اجلمع‬
‫بينهما‪ .‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)384 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)255 /1‬‬
‫(‪ )3‬مثال النقيضني‪ :‬لفظة‪" :‬إىل" على رأي من يزعم أهنا مشرتكة بني إدخال الغاية وعدمه‪.‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه‬
‫(‪ ،)384/2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)255 /1‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)384/2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)255 /1‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)392 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪.)335 /2‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪)13‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫األقوال يف املسألة‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬وجوب محل اللفظ على مجيع املعاين‪ .‬وهو قول الشافعي(‪،)1‬وأكثر الشافعية(‪،)2‬‬
‫واحلنابلة(‪)3‬وحكي عن القاضي أيب بكر الباقالين(‪)4‬والبيضاوي(‪)5‬وبعض املعتزلة كالقاضي عبد اجلبار بن‬
‫أمحد(‪.)6‬‬
‫القول الثاين‪ :‬منع محل اللفظ على مجيع املعاين‪ .‬وهو مذهب احلنفية(‪،)7‬وبعض الشافعية كالرازي(‪،)8‬‬
‫وبعض احلنابلة كالقاضي أيب يعلى(‪،)9‬ونقل عن أكثر األصوليني(‪.)10‬‬
‫القول الثالث‪ :‬وجوب محل اللفظ على مجيع املعاين يف اجلمع دون اإلفراد وهو حمكي عن القاضي‬
‫من احلنابلة(‪.)11‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ :‬املستصفى (ص ‪ ،)240‬احملصول للرازي (‪،)274 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬الفوائد السنية يف شرح‬
‫األلفية (‪ ،)335 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ .)264 /1‬ويف نسبة القول للشافعي وأيب بكر الباقالين قال القرطب‪ ":‬احلق أن يف‬
‫النقل عنهما يف هذا خلال"‪.‬وقال أبو العباس بن تيمية‪( :‬ليس للشافعي فيه نص صريح‪ ،‬بل مستنبط من قوله فيما لو أوصى ملواليه‬
‫وله موال من أعلى وموال من أسفل أو وقف واألمر كذلك‪ :‬إنه يصرف للجميع‪ .‬ولكن جيوز أن يكون ذلك لكون املوىل عنده لفظا‬
‫متواطئا؛ ملا بينهما من القدر املشرتك وهو املواالة واملناصرة) انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬الفوائد السنية يف شرح‬
‫األلفية (‪.)335 /2‬‬
‫(‪)2‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪)335 /2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪:‬املختصر يف أصول الفقه (ص‪ ،)110 :‬التحبري شرح التحرير (‪)2124 /5‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)335 /2‬املستصفى (ص ‪ ،)240‬احملصول‬
‫للرازي (‪ ،)274 /1‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)264 /1‬وقال الربماوي يف الفوائد السنية(‪ ":)336 /2‬والنقل عن القاضي أيضا‬
‫غري سديد؛ ألن من أصله الوقف يف صيغ العموم وأنه ال حيملها على االستغراق‪ ،‬فكيف جيزم يف املشرتك ابحلمل على معانيه؟!‪،‬‬
‫والذي يف كتبه أن املشرتك ال حقيقة له‪ ،‬وإمنا هو متواطئ ابعتبار معىن مشرتك بني األفراد"‪ ،‬مث قال‪ ":‬نعم‪ ،‬أجاب األبيارى والقرايف‬
‫عن القاضي أبنه إمنا ينكر وضعها‪ ،‬ال االستعمال‪ ،‬والكالم فيه‪ ،‬واحلمل فرع عنه"‪.‬‬
‫(‪)5‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)335 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)264 /1‬‬
‫(‪)6‬انظر‪:‬املستصفى (ص ‪ ،)240‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)335 /2‬اإلهباج يف‬
‫شرح املنهاج (‪)264 /1‬‬
‫(‪)7‬انظر‪:‬أصول السرخسي (‪،)125 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪.)337 /2‬‬
‫(‪)8‬انظر‪:‬احملصول للرازي (‪،)268 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)392 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪)337 /2‬‬
‫(‪)9‬انظر‪:‬العدة يف أصول الفقه (‪)188 /1‬‬
‫(‪)10‬انظر‪:‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪)337 /2‬‬
‫(‪)11‬انظر‪:‬التحبري شرح التحرير (‪،)2411 /5‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)392 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪)337 /2‬‬
‫(‪)14‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫القول الرابع‪ :‬الوقف‪ ،‬فال حيمل على شيء إال بدليل ويصري جممال‪ .‬حكاه الزركشي عن الواقفية‬
‫يف صيغ العموم(‪ ،)1‬وابن القشريي(‪.)2‬‬

‫األدلة‪:‬‬
‫أدلة القول األول‪:‬‬
‫استدل أصحاب القول األول القائلون بـوجوب محل اللفظ على مجيع املعاين مبا يلي‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬أن احلمل على مجيع املعاين لو مل جيب؛ فهو إما أال حيمل على شيء‪ ،‬فيلزم منه‬
‫تعطيل النص‪ ،‬وهو ال جيوز؛ ألن العمل ابلدليل واجب ما أمكن‪ ،‬وإما أن حيمل على واحد من تلك‬
‫املعاين‪ ،‬وهو ترجيح من غري مرجح فلم جيز؛ وإذا كان كذلك وجب على السامع محل اللفظ على مجيع‬
‫معانيه(‪.)3‬‬
‫الدليل الثاين‪ :‬أنه ليس من عادة العرب التكشيف عن املراد ابللفظ املشرتك إذا مل يكن مثة قرينة‪،‬‬
‫وإذا انتفت القرينة املخصصة ملراد الالفظ صار انتفاؤها دليالا على تعميم اللفظ يف مجيع معانيه‪ ،‬وعليه‬
‫فإنه جيب محل اللفظ املشرتك على مجيع معانيه (‪.)4‬‬

‫أدلة القول الثاين‪:‬‬


‫استدل أصحاب القول الثاين القائلون بـمنع محل اللفظ على مجيع املعاين مبا يلي‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬أن اللفظ املشرتك مل يوضع جلميع املعاين دفعة واحدة‪ ،‬فالعرب ما وضعت هذه‬
‫األلفاظ وضعا يستعمل يف مسمياهتا إال على سبيل البدل‪ ،‬أما على سبيل اجلمع فال‪ ،‬وإذا كان كذلك‬
‫فإنه مينع أن حيمل السامع اللفظ املشرتك على مجيع معانيه(‪.)5‬‬

‫(‪)1‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪. )392 /2‬‬


‫(‪)2‬انظر‪:‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪)3‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)264 /1‬‬
‫(‪)4‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)391 /2‬‬
‫(‪)5‬انظر‪:‬املستصفى (ص ‪)240‬‬
‫(‪)15‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫ونوقش من وجهني‪:‬‬
‫كاف لوجوب محل السامع مجيع معاين‬‫أحدمها مبا سبق(‪ :)1‬أبن الوضع لكل واحد من تلك املعاين ٍ‬
‫اللفظ املشرتك عليه‪ ،‬ألن كل واحد من تلك املعاين قد وضع له ذلك اللفظ‪ ،‬وال يلزم من محله على‬
‫اجملموع اشرتاط الوضع للمجموع‪ ،‬وإذا ثبت هذا‪ ،‬وجب أن حيمل اللفظ املشرتك على مجيع معانيه(‪.)2‬‬
‫اثنيهما‪ :‬أن ذلك مردود ابجملاز؛ فإن اللفظ حيمل على املعىن اجملازي إذا دلت عليه القرينة‪ ،‬مع عدم‬
‫الوضع للمجاز‪ ،‬وإذا جاز ذلك يف اجملاز‪ ،‬جاز يف اللفظ املشرتك أن حيمل على مجيع معانيه وال فرق(‪)3‬؛‬
‫إذ أن جترد اللفظ املشرتك عن القرينة اليت تبني مراد الالفظ قرينة على التعميم(‪.)4‬‬
‫الدليل الثاين‪ :‬أن اللفظ املشرتك إن كان موضوع ا جملموع معانيه‪ ،‬فإنه موضوع أيض ا لكل واحد‬
‫من أفراد تلك املعاين‪ ،‬واللفظ مرتدد بني إفادة كل واحد من الفردين وبني اجملموع‪ ،‬واجلزم إبفادة اللفظ‬
‫للمجموع دون كل واحد من األفراد‪ ،‬ترجيح من غري مرجح‪ ،‬وهو ال جيوز؛ ألن كالا منهما جائز؛ وإذا‬
‫كان كذلك فإنه مينع أن حيمل السامع اللفظ املشرتك على مجيع معانيه(‪.)5‬‬
‫وميكن أن يناقش ابلدليل األول للقول األول‪ :‬أبنه يلزم منه تعطيل النص‪ ،‬وهو غري جائز؛ ألن‬
‫العمل ابلدليل واجب ما أمكن‪ ،‬وقد أمكن العمل به هنا‪ ،‬وذلك حبمل السامع مجيع معاين اللفظ‬
‫املشرتك عليه‪ ،‬ألن محله على أحد تلك املعاين ترجيح من غري مرجح وهو ال جيوز‪ ،‬وإذا ثبت هذا وجب‬
‫محل اللفظ على مجيع معانيه(‪.)6‬‬
‫دليل القول الثالث‪:‬‬
‫استدل أصحاب القول الثالث القائلون بوجوب محل اللفظ على مجيع املعاين يف اجلمع دون اإلفراد‬
‫مبا يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬ص (‪ )10‬من هذا البحث‬


‫(‪ )2‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)263 /1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬عموم املشرتك وأثره يف االختالف(ص‪.)106‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)391 /2‬‬
‫(‪)5‬انظر‪:‬احملصول للرازي (‪)274 /1‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)264 /1‬‬
‫(‪)16‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫أن اجلمع يف حكم تعدد األلفاظ‪ ،‬فيحمل على عمومه(‪ ،)1‬إذ قول القائل‪(:‬ثالثة عيون)‪ ،‬هو يف‬
‫قوة قوله‪(:‬عني‪ ،‬وعني‪ ،‬وعني) وكما أنه جيوز أن حتمل العني يف األوىل على العني اجلارية‪ ،‬ويف الثانية‬
‫على الباصرة‪ ،‬ويف الثالثة على عني الشمس‪ ،‬فكذا جيوز ذلك يف اجلمع‪ ،‬وال فرق‪.‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن مجع االسم يفيد مجع ما اقتضاه االسم‪ ،‬فإن كان االسم متناوال جلميع معانيه كان‬
‫اجلمع كذلك‪ ،‬وإن كان ال يفيد إال أحد املعاين فكذلك أيضا مجعه(‪.)2‬‬
‫دليل القول الرابع‪:‬‬
‫استدل أصحاب القول الرابع القائلون ابلوقف مبا يلي‪:‬‬
‫أن اللفظ املشرتك ليس موضوعا جلميع معانيه دفعة واحدة‪ ،‬بل آلحاد مسميات على البدل‪ ،‬وادعاء‬
‫إشعار اللفظ املشرتك جبميع املعاين‪ ،‬بعيد‪ ،‬وإذا كان كذلك فإنه ال حيمل على شيء إال بدليل ويصري‬
‫جممالا(‪.)3‬‬
‫ونوقش من وجهني‪:‬‬
‫كاف لوجوب محل السامع مجيع معاين‬‫أحدمها مبا سبق(‪ :)4‬أبن الوضع لكل واحد من تلك املعاين ٍ‬
‫اللفظ املشرتك عليه‪ ،‬ألن كل واحد من تلك املعاين قد وضع له ذلك اللفظ‪ ،‬وال يلزم من محله على‬
‫اجملموع اشرتاط الوضع للمجموع‪ ،‬وإذا ثبت هذا‪ ،‬وجب أن حيمل اللفظ املشرتك على مجيع معانيه(‪.)5‬‬
‫اثنيهما‪ :‬أبن غاية قوهلم مطالبة ابلدليل وقد جاء يف أدلة القول األول ما يثبت وجوب محل اللفظ‬
‫على مجيع معانيه‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫• الراجح وهللا أعلم هو رأي أصحاب القول األول املوجبني حلمل اللفظ املشرتك على مجيع‬
‫معانيه‪ ،‬وذلك لقوة أدلتهم وضعف أدلة املخالفني‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬احملصول للرازي (‪،)273 /1‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪،)263 /1‬‬
‫البحر احمليط يف أصول الفقه (‪،)390 /2‬عموم املشرتك وأثره يف االختالف الفقهي(ص‪.)106‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪:‬احملصول للرازي (‪)273 /1‬اإلحكام يف أصول األحكام لآلمدي (‪ ،)242 /2‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪.)263 /1‬‬
‫(‪)3‬انظر‪:‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)391 /2‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬ص (‪ )10‬من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪:‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)263 /1‬‬
‫(‪)17‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫• نوع اخلالف ومثرته‪:‬‬


‫اخلالف معنوي ومن مثراته‪:‬‬
‫‪ .1‬لو أوصى رجل بثلث ماله ملواليه‪ ،‬وله موال أعتقوه‪ ،‬وموال أعتقهم‪ ،‬فهل تصح الوصية أم‬
‫ال(‪)1‬؟‬
‫فعلى قول من أوجب احلمل فإن‪ :‬الوصية تصح‪ ،‬ومتضى‪.‬‬
‫وعلى قول من منعه فإن‪ :‬الوصية ال تصح؛ ألن االسم مشرتك حيتمل أن يكون املراد به املوىل‬
‫األعلى وحيتمل أن يراد به املوىل األسفل‪ ،‬ويف املعىن تغاير‪ ،‬حيث إن الوصية للموىل األعلى تكون‬
‫للمجازاة وشكرهم على إنعامهم‪ ،‬والوصية لألسفل تكون للزايدة يف اإلنعام عليه‪ ،‬وال ينتظم اللفظني‬
‫جمهوال فال تصح الوصية‪.‬‬
‫املعنيني مجيعا للمغايرة بينهما‪ ،‬فبقي املوصى له ا‬
‫‪ .2‬لو طلق الرجل امرأته مكرها‪ ،‬فهل يقع طالقه أم ال؟‬
‫ذهب الشافعية بناءً على القول بوجوب احلمل‪ :‬إىل أن طالقه ال يقع؛ احتجاجا بقوله ‪ -‬ﷺ‪-‬‬
‫‪(:‬ال طالق وال عتاق يف إغالق)(‪ ،)2‬محال للفظ على معنييه ومها اجلنون واإلكراه‪.‬‬
‫وذهب احلنفية بناءً على القول ابملنع‪ :‬إىل أن اللفظ مشرتك‪ ،‬فال حيمل على معنييه‪ ،‬وال على‬
‫أحدمها إال بقرينة‪ ،‬وهلذا ذهبوا إىل وقوع طالق املكره(‪.)3‬‬

‫***‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬أصول السرخسي (‪،)126 /1‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)391 /2‬التقريب واإلرشاد (الصغري) (‪.)157 /1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه احلاكم يف "مستدركه" (‪ )198 / 2‬برقم)‪) ( 2818:‬كتاب الطالق ‪ ،‬ال طالق وال عتاق يف إغالق )‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التقريب واإلرشاد (الصغري) (‪)156 /1‬‬
‫(‪)18‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫• املسألة الرابعة‪ :‬القائلون بوجوب محل اللفظ املشرتك على معانيه اختلفوا‪ :‬هل هو‬
‫لالحتياط أو من ابب العموم؟‬
‫املذهب األول‪ :‬أن محل اللفظ املشرتك على مجيع معانيه هو من ابب العموم‪ .‬وإليه ذهب‬
‫الشافعي(‪،)1‬وإمام احلرمني(‪،)2‬واملرداوي(‪،)3‬وحكي عن القاضي أبو بكر الباقالين(‪،)4‬وابن القشريي(‪)5‬وابن‬
‫احلاجب(‪.)6‬‬
‫املذهب الثاين‪ :‬أن محل اللفظ املشرتك على مجيع معانيه هو من ابب االحتياط‪ .‬وهو قول ابن‬
‫السبكي(‪.)7‬‬
‫دليل املذهب األول‪ :‬أن نسبة املشرتك إىل معانيه كنسبة العام إىل أفراده من حيث استغراقه‬
‫ملدلوالته‪ ،‬جبامع صدق اللفظ ابلوضع على كل فرد‪ ،‬واللفظ العام إذا جترد عن القرائن وجب محله على‬
‫اجلميع بطريق احلقيقة‪ ،‬فكذا اللفظ املشرتك(‪.)8‬‬
‫دليل املذهب الثاين‪ :‬أن حال السامع للفظ املشرتك اجملرد عن القرينة ال خيلو من ثالث حاالت‪:‬‬
‫إما أن يتوقف فيلزم منه تعطيل النص وهو ال جيوز‪ ،‬وإما أن حيمل أحدمها دون اآلخر‪ ،‬فيلزم منه الرتجيح‬
‫بال مرجح وهو ال جيوز‪ ،‬فلم يبق إال احلمل على جمموع املعاين‪ ،‬ال ألنه مقتضى اللفظ وضعا‪ ،‬بل ألن‬
‫اللفظ دل على أحدمها ومل يتعني‪ ،‬وال خيرج عن عهدته إال ابجلميع‪ ،‬فاحلمل على اجلميع أحوط الشتماله‬
‫على مدلوالت اللفظ أبسرها (‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)265 /1‬الغيث اهلامع شرح مجع اجلوامع (ص‪)166 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الربهان يف أصـ ـ ــول الفقه (‪ ،)122 /1‬البحر احمليط يف أصـ ـ ــول الفقه (‪ ،)397 /2‬الفوائد السـ ـ ــنية يف شـ ـ ــرح األلفية (‪/2‬‬
‫‪ ،)338‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)265 /1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التحبري شرح التحرير (‪)2411 /5‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪ ،)265 /1‬التحبري شرح التحرير (‪،)2411 /5‬جاء يف الفوائد السنية (‪ )338 /2‬أنه قال‬
‫ابلقول الثاين أيضا وانظر‪ :‬الغيث اهلامع شرح مجع اجلوامع (ص‪)166 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)397 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)338 /2‬التحبري شرح التحرير (‪)2411 /5‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪:‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬اإلهباج يف شرح املنهاج (‪)265 /1‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪ ،)397 /2‬الفوائد السنية يف شرح األلفية (‪ ،)338 /2‬التحبري شرح التحرير (‪/5‬‬
‫‪.)2412‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬البحر احمليط يف أصول الفقه (‪)398 /2‬‬
‫(‪)19‬‬ ‫عموم املشرتك‬

‫وميكن أن يناقش‪ :‬بعدم التسليم أبن اللفظ دل على إرادة أحد املعاين ومل يعينه‪ ،‬بل إن اللفظ جاء‬
‫مطلقا عرايا عن القرائن‪ ،‬فيكون كالعام إذا جترد عن القرائن‪ ،‬فإنه حيمل على العموم‪ ،‬وكذا اللفظ املشرتك‬
‫يعمم لفظه على مجيع املعاين‪.‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر أن محل املشرتك على مجيع معانيه هو من ابب العموم‪ ،‬وذلك لقوة أدلتهم وسالمتها‬
‫من االعرتاض‪.‬‬
‫***‬

You might also like